Professional Documents
Culture Documents
بحث حول الحقيقة والمجاز
بحث حول الحقيقة والمجاز
كتبه Ayoub
منذ 4أعوام
3kمشاهدة 0تنزيالت
فيسبوك
تويتر
23
Shares
ص ُه و ُك ْن ُه ُه وعناصره ّ
الذاتيّة .وحقيقة األمر :ما كان من شأنه يقينا. شيء الثابت يقيناً .وحقيقة الشيء :خال ُ الحقيقة ً
لغة :ال ّ
وحقيقة الرَّ ج ُِل :ما ْيل َزمُه حفظه والدّفاع عنه ،يقالُ :فالنٌ يحمي الحقيقة.
ُ
صحّت وثب َت ْ
ت ْ الحقيقةَ “ :فعِلية” من ح َّقت الفكرةُ أو الكلم ُة أو القض ّي ُة أو ْالم ُْد َر َك ُة ّ
الذهنيّة أو نحو ذلك َتح ُِّق حقا ً و ُحقُوقا ً إذا
وصدقت واستقرت ،فهي على هذا بمعنى “فاعله” أي :ثابتة مستقرة صادقة.
اصطالح به التخاطب.
ٍ الحقيقة اصطالحاً :اللّفظ المس َتعْ َمل فيما وُ ضِ ع له في
والمراد من الوضع َتعْ ِيينُ اللّفظ في أصل االصطالح للدّاللة بنفسه على معنىً ما ،دون الحاجة إلى قرينة.
از” يقال لغة :جاز المسافر ونحوه الطريق ،وجاز به َج ْوزاً وجوازاً ومجازاً ،إذا سار فيه حتى
“ج َ
المجاز لغة :مصدر فِعْ ِل َ
قطعه.
ويطلق لفظ “المجاز” على المكان الذي اجتازه من سار فيه حتى قطعه.
فالقرين ُة هي الصارفة عن الحقيقة إلى المجاز ،إ ِذ اللّفظ ال َي ُد ُّل على المعنى المجازيّ بنفسه دون قرينة.
إذا استعمل اللّفظ في مجاالت Vاالستعماالت اللّغوية العامة بمعناه الذي وضع له في اللّغة ،كان حقيقة لُ َغوية.وإذا استعمل في
هذه المجاالت في غير معناه الذي وُ ضِ ع له في اللّغة ،لعالقة من عالقات Vالمجاز ،كان مجازاً لغو ّياً.
أمثلة:
* لفظ “أسد” إذا استعمل في المجاالت المذكورة لل ّد اللة على الحيوان المفترس المعروف فهو حقيقة لغوية.
وإذا استعمل للداللة به على الرجل الشجاع فهو مجاز لغويّ ،وعالقته المشابهة ،فهو من نوع المجاز باالستعارة.
لفظ “ال َّنهْر” إذا اسْ ُتعمل في ال ِّشق من األرض الذي يجري فيه الماء ،فهو حقيقة لغويّة.
وإذا استعمل للداللة به على الماء الجاري فيه ،فهو مجاز لغويّ ،وعالقته غير المشابهة V،وهي هنا “المحليَّة” فهو من نوع
المجاز المرسل.
إذا استعمل اللفظ في مجاالت Vاستعمال األلفاظ الشرعية بمعناه االصطالحيّ الشرعيّ كان حقيقة شرعيّة.وإذا استعمل
للداللة به على معنىً آخر ولو كان معناه اللغوي األصلي كان بالنسبة إلى المفهوم االصطالحي الشرعيّ مجازاً شرع ّياً.
أمثلة:
* لفظ “الصالة” إذا اسْ ُتعْ ِم ل في مجاالت الدراسة الشرعية للداللة به على الركن الثاني من أركان اِإلسالم والنوافل الّتي
على شاكلته ،فهو حقيقة شرعيّة.
وإذا استعمل بمعنى الدعاء الذي هو الحقيقة اللّغوية ،كان مجازاً شرع ّياً.
إذا اسْ ُتعْ مِل اللّفظ في مجاالت Vالعرف العا ّم بمعناه الذي جرى عليه هذا العرف كان حقيقة عرفيّة عامّة.
وإذا استعمل للداللة به على معنىً آخر ولو كان معناه اللّغوي األصلي ،كان بالنسبة إلى هذا العرف مجازاً عرف ّيا ً عا ّماً.
مثل :لفظ “الدّابة” جرى إطالقه في العرف العا ّم على ما يمشي من الحيوانات على أربع ،فإطالق هذا اللّفظ ضمن العرف
العام بهذا المعنى حقيقة عرفي ٌّة عامّة.
وإطالقة ضمن أهل العرف العا ّم بمعنىً آخر ولو كان معناه اللّغوي األصليّ ،وهو ك ّل ما يدبّ على األرض من ذي حياة
فهو مجاز في العرف العا ّم.
وكذلك إذا أطلق على ما يدبّ على األرض من آل ٍة غير ذات حياة ،ومثل هذا اِإلطالق يكون مجازاً في العرف العا ّم
ومجازاً لغو ّياً.
مثل ألفاظ“ :الفاعل – المفعول به – الضمير – الحال – التمييز – البدل – وغيرها” في علم النحو.
فإذا استعملت هذه األلفاظ ضمن علومها على وفق مفاهيمها االصطالحيّة كانت حقيقة في ْالعُرف الخاص.
وإذا استعملت في معاني أخرى ولو كانت معانيها اللّغوية األصلية كانت مجازاً في العرف الخاص.
القسم الثاني :المجاز العقلي ،وهو المجاز الذي يكون في اِإلسناد بين مُسْ َن ٍد ومُسْ ن ٍد إليه.
* إسناد بناء الجسور ودوائر الحكومة ومنشآتها Vفي الدولة إلى ملك البالد ،نظراً إلى كونه اآلم َِر ببنائها.
القسم األول“ :المجاز في المفرد” وهو اللّفظ المفرد المستعمل في غير ما وضع له ،كاألسد في الرجل الشجاع ،وكاليد
بمعنى اِإلنعام.
القسم الثاني“ :المجاز في المركب” وهو اللفظ المر ّكب المستعمل بهيئته المركبة في غير المعنى الذي وضع له ،لعالقة ما،
مع قرينة صارفة عن إرادة المعنى األصلي ،مثل:
* أراك تقدّم رجالً وتؤ ّخر أخرى ،أي :حالك كحال المتردّد.
القسم الثالث“ :المجاز في اِإلسناد” وهو المجاز العقلي الذي يُسْ َند فيه الفعل أو ما في معناه إلى غير ما هو له في اعتقاد
المتكلم ،مثل:
* سا َل الوادي ،بإسناد السيالن إلى الوادي ،مع أنّ الذي سال هو الماء فيه ،والعالقة Vالمجاورة.
القسم الرابع“ :المجاز القائم على التوسّع في اللّغة دون ضابط معين” وهو المجاز الذي يكون التوسُّع اللُغويُّ فيه بوجوه
مختلفة ال يجمعها ضابط معين ،كالزيادة أو الحذف في بعض الكالم ،وكإطالق الماضي على المستقبل والعكس ،مثل:
* حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه ،نحو :اسأل القرية ،أي :اسأل أهل القرية.
* زيادة حروف في ضمن الكالم للتأكيد أو للتزيين ،نحو :لفظ “ما” بعد “إذا“.
ينقسم المجاز اللغوي بالنظر إلى وجود عالقة بين المعنى األصلي والمعنى المجازي ،أو بين االستعمال األصلي
واالستعمال المجازي ،أو عدم مالحظة عالقة ما ،بل هو مجرّ د توسّع لغوي ،إلى قسمين:
القسم األول“ :االستعارة” وهي المجاز الذي تكون عالقته المشابهة Vبين المعنى األصليّ والمعنى المجازي الذي استعمل
اللّفظ للدّاللة به عليه.
وهذه االستعارة تكون في المفرد ،وتكون في المركب كما سيأتي إن شاء هللا.
* نو ٌع توُ َج ُد فيه عالقة غير المشابهة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي الذي استعمل اللّفظ للدّاللة به عليه ،كاستعمال
“اليد” بمعنى النعمة لعالقة كون اليد هي الوسيلة التي تستعمل عادة في عطاء اِإلنعامات ،وكإسناد الفعل أو ما في معناه
لغير ما هو له.
* و َن ْو ٌع ال توجد فيه عالقة فكري ٌَّة ما ،وإ ّنما كان مجرّ د تو ُّسع لغوي ،كالمجاز بالحذف دون مالحظة عالقة فكرية،
وكالمجاز بالزيادة ،وغير ذلك.
ِّي هذا “مجازاً مُرْ َسالً” لكونه مُرْ سالً عن التقييد بعالقة المشابهة ،سواء أكان له عالقة غير المشابهة ،أ ْم لم تكن له
و ُسم َ
عالقة ما.
واستخدام طرُق اِإلبداع البيانيّ في ك ِّل اللّغات ،تدفع إليه الفطرة اِإلنسانيّة المزوّ دة بالقدرة على البيان،المجاز طريق من ُ
ِ
معان ُت ِري ُد ال َّتعْ َ
بير عنها. ٍ ال ِح َيل المختلفة للتعبير عمّا في النفس من
وقد استخدمه الناطق العربيّ في عصوره المختلفة ،في حواضره وبواديه استخداما ً بارعا ً وواسعا ً ج ّداً ،ح َّتى بلغت اللّغة
العربيّة في مجازاتها مبلغا ً مثيراً لِإل عجاب بعبقريّة الناطقين بها في العصور الجاهليّة ،وفي العصور اِإلسالميّة ،وكان
ص َّيدُها إالَّ األذكياء لفحول الشعراء ،وأساطين البلغاء ،من ُك َّتا ٍ
ب وخطباء ،أفانينُ بديعة ،عجيبة ومُعْ ِجبة من المجاز ،ال َي َت َ
والفطناء ،المتم ّرسون بأساليب التعبير غير المباشر عن أغراضهم.
ت اعتباطيّة منْ استعمال كلمة أو عبار ٍة موضوع ٍة لمعنىً ،إلى استعمال الكلمة
ب بالكالم في قفزا ٍ
وليس المجاز م َُجرَّ د تال ُع ٍ
ّ َ
آخر ،ووضع هذه بدل هذه للدّاللة بها على معنى اللفظ المتروكِ لمعنىً أو العبارة بمعنى كلمة أو عبار ٍة أخرى موضوعة
المس َتبْدَ ِل به اللفظ اآلخر.
* و َي ْل مح أن هؤالء الوسطاء سيكونون بمثابة الجسور التي ُت ْب َنى فوق الوادي ،ويكون أحد طرفيها على هذا الجبل،
ّ
المتعذر العبور أو العسير ج ّداً. والطرف اآلخر على الجبل اآلخر ،وعندئ ٍذ ال يحتاج المجتا ُز أن َيعْ ب َُر الوادي السحيق
ُور
حيت تكتمل لديه الصورة على الوجه الذي سبق تفصيله يختصر في التعبير فيقول“ :نقيم بين الفريقين المتعا ِد َييْن ُجس َ
التواصل“.
إ ّنه يستخدم كلمة “جسور” استخداما ً مجاز ّياً ،يدركه المتل ّقي بالتف ّكر ،ألنّ الفئات المتخاصمة Vالمتجافية ال ُتقام بينهما جسو ٌر
ما ّديّة ،بل يقوم الوسطاء بينها بح ّل كثير من المشكالت بينها.
وتد ُّل كلمة “جسور” على صورة ذات عناصر كثيرة ،وك ُّل من هذه العناصر ذو داللة خاصة ،وأبعا ٍد فكريَّة متشعبة.
ك أنَّ صاحب العبارة قد َشبَّه حالة الفريقين المتجافيين بحال مُرْ َتفِ َعي ِ
ْن وال يصعُبُ على من َيعْ َتاد مث َل هذه التعبيرات أن ي ُْد ِر َ
ُّ َ
بمجاز ُيقا ُم بينهما ،وهو الجسْ ُر الذي يمتد فوق الوادي ،ويكونَ ٍ َّ من األرض بينهما فاص ٌل ّ
يتعذر أو يعْ سُر ج ّداً اجتيازه إال
أحد طرفيه على هذا المر َتفع ،والطرف اآلخر على المر َتفع اآلخر.
* ويتك ّرر مثالً على ألسنة الناس استعمال عبارات“ :أهل البلد – أهل القرية – أهل المدينة – أهل الدار” في ُج َمل ال
َيصْ لُح فيها إالَّ إرادة األهل.
داعي لذكر كلمة “أهل” في هذه العبارات وأمثالها ،ألنَّ المتلَ ِّقي ال يختلط عليه األمر ،فيختصرون في
َ ثم يالحظون أ َّنه ال
العبارة فيقولن مثالً:
فيتجوَّ زون في التعبير بداعي االختصار واِإليجاز في الكالم ،مع مالحظة معاني بالغية أخرى ،كاِإلشعار بأنّ ك َّل أهل
المدينة يستح ُّقون المعاقبة ،وك ّل أهل البلد اآلمن يستح ّقون التكريم.
وهكذا يحمل المجاز في العبارة من المعاني الممتدة الواسعة ،ومن اِإلبداع الفني ذي الجمال ْالمُعْ ِجب ،ما ال يؤدّيه البيان
كثير من األحيان.
ٍ الكالمي إذا اسْ ُتعْ مِل على وجه الحقيقة في
وإمتاع لألذهان ،وإرضا ٍء للنفوس ذوات األذواق الرفيعة الّتي تتحسَّن
ٍ اختصار في العبارة وإيجاز،
ٍ مع ما في المجاز من
مواطن الجمال البياني َف َت َتَأ َّث ُر به َت ُّأث َر إعجاب واستحسان.
أوالً :أنّ المجاز في الكالم هو من أساليب التعبير غير المباشر ،الذي يكون في معظم األحيان أوقع في ال ُّنفوس وأكثر
تأثيراً من التعبير المباشر.
ثانياً :يشتمل المجاز غالبا ً على مبالغة في التعبير ال ُتوجد في الحقيقة ،والمبالغة ذات دواعي َبالغيّة متعدّدة ،منها“ :التأكيد
– التوضيح – اِإل متاع بالجمال – الترغيب عن طريق التزيين والتحسين – التنفير عن طريق التشويه والتقبيح “-إلى غير
ذلك.
ثالثاًُ :يتِي ُح استخدام المجاز فرصا ً كثيرة البتكار صورة جمالية بيانيّة ال ُيتِي ُح َها استعمال الحقيقة ،فمعظم أمثلة التصوير
ٌ
مشحونة بالمجاز. الفني الرائع
رابعاً :استخدام المجاز ُي َم ِّكنُ المتكلّم من بالغ اِإليجاز مع الوفاء بالمراد ووفرة إضافيّة من المعاني والصّور البديعة.
خامسا ً :المجاز باالستعارة أبلغ من التشبيه ،فما سبق بيانه في دواعي التشبيه وأغراضه موجود في االستعارة مع أمور
أخرى ال ُت َ
وج ُد في التشبيه.
سادسا ً :المجاز المرسل أبلغ من استعمال الحقيقة في كثير من األحيان إذا كان حا ُل ُم َتلَ ِّقي البيان ممّن يالئمهم استخدام
المجاز ،ويش ُّد انتباههم لتدب ُِّر المضمون وفهمه.