Professional Documents
Culture Documents
عنــــوان المذكــــــــرة
مذكرة مكملة لنٌل شهادة الماستر فً اللعة و االدب العربً –تخصص أدب قدٌم –
2012-2011م
1
كثير يجمو عن القمب العمى وسبحانو بعدد خمقو وما كفى ،سوى البشر
حمدا هلل ًا
ً
محمدا صمى اهلل عميو وسمم نبيا خير
ً وجميع ما في الكون يرى ،ثم تعالى وسما ،وبعث فينا
من أحب واصطفى وبعد أىدي ىذا العمل إلى:
أروع مخموق في الوجود إلى التي عطاؤىا بال حدود " أمي الحبيبة" ما أحالىا من كممة وما
أجمميا من حدوث ،لو انسكبت مياه الزىور وعطورىا وفي أفواىنا لما كان من لفظ " أمي".
إلى الذي وىبني ماء الحياة ،وأضاء لي دربي وزرع اإليمان في قمبي إليك من أعماق قمبي
ووجدان فؤادي "أبي الغالي".
إلى من رافقتني طيمة مشواري الدراسي فكانت األخت قبل أن تكون زميمتي إلى فضيمة
شوال.
إلى أعز وأغمى الناس إخي "شوقي".
إلى أخواتي "كميمية ،نوال".
وكبير إلى من تقاسمت معين تذاكر رحمتي الجامعية وكن خير
ًا صغير
ًا وكل أفراد العائمة
أنيسات لي في حياتي إلى صديقاتي ورفيقاتي " :كنزة ،مميكة".
أىدي ىذا العمل إلى كل من أخاء بعممو عقل غيره وأىدي بالجواب حيرة سائميو فأظير
سماحتو وتواضع العمماء ومرجانية سماحة العارفين.
األستاذة :راضية عداد المشرفة عمى بحثنا.
إلى رئيس قسم األدب العربي دكدوك.
والى جميع أساتذة قسم المغة واألدب العربي.
2
مقدمح :
َٔزٛغخ نزنك ظٓش رٛبس َمذ٘ ؽذٚش ئَجُٗ ػهٗ سؤٚخ عذٚذح نهُض األدث ٙفًٛب ػشف فٙ
انؼبنى انؼشث ٙرؾذ اعى انُمذ انفَُ ْٕٔ ٙمذ ٔئٌ كبٌ نى ُٚفظم ػٍ انُظشٚخ انغًبنٛخ ئال أَّ
أخز ف ٙرشكٛض اْزًبيّ ػهٗ انُض ٔ ،كبٌ يٍ انطجٛؼ ٙأٌ َشٛش ُْب ئنٗ عٕٓد انشكالٌَ٘ٙ
انشٔط انز ٙرؼزجش سفذا نّ أْى لظٕٖ ف ٙرطٕس انُظشٚخ انجُبئٛخ ف ٙانغشد انزٔ ٍٚػؼٕا
خطبؽبد رغشٚذٚخ كجشٖ نهُظٕص انغشدٚخ اػزًبدا ػهٗ انغٕٓد انغبثمخ ف ٙؽمم انشكالَٛخ
( ذىماذشفسكي ،فالد مير تروب) َزكش يُٓى رواله تارخ ،ترينىه و غريناس.
ٔعُالؽع أَُب اػزجشَب ػهى انذالنخ انجُبئ ٙيٍ انُظشٚخ انجُبئٛخ نهذساعخ – ػُذ غريناس-
ثبنخظٕص ألَّ نى ُٚزمم ئنٗ يب ْٕ خبسط انُض ٔ كبٌ ْذفّ ْٕ رغبٔص انًغزٕٖ انشكهٙ
نهُض ئنٗ انجؾش ف ٙاٜنٛبد انز ٙرزؾكى ف ٔ ّٛرمبثهٓب فًٛب ثُٓٛب ٔلذ اخزشَب يإنفب يٍ يإنفبد
انًؼش٘ انز ٙرؼزجش ػًال فشٚذا يٍ َٕػٓب " سعبنخ انغفشاٌ" نزطجٛك انًُٓظ انغشًٚبعٙ
ػهٓٛب ئعبثخ ػهٗ اإلشكبنٛخ انزبنٛخ :
- 1كٛف رشكم انًؼُٗ ف ٙانشعبنخ ْٔم ًٚكُُب رطجٛك يُٓغب َمذٚب ؽذٚضب ػهٗ َض رشاصٙ
يضم سعبنخ انغفشاٌ؟.
ٔيب دفؼُب ئنٗ اخزٛبس ْزا انًٕػٕع " ثُٛخ انخطبة انمظظ ٙف ٙسعبنخ انغفشاٌ "ًْب
دافؼ :ٍٛاألٔل ٚزًضم ف ٙئػغبثُب ثبنشعبنخ ثبػزجبسْب لظخ خٛبنٛخ ٔ ئٌ كبَذ ف ٙظبْشْب
سعبنخ ٔانذافغ انضبَ ْٕ ٙيؾبٔنخ اعزٓبد ف ٙدساعخ ثُٛٛخ انخبؽت انمظظٔ ٙفك انًُبْظ
انؾذٚضخ ٔنؼم ثؾضُب ْزا ٚذٔس ؽٕل ئشكبنٛخ ال ركًٍ ف ٙيؼشفخ يمٕل انمٕل ٔئًَب رًكٍ فٙ
كٛفٛخ لشاءح انُض؟ ٔ la façon de lire un texteدساعخ ثُٛبرّ انًخزهفخ.
3
ٔعُؾبٔل اإلعبثخ ػهٗ ْبرّ اإلشكبنٛخ يٍ خالل ثؾضُب انًزٕاػغ انز٘ ارجؼُب ف ّٛانًُٓظ
انغشًٚبع -ٙانغًٛٛبئ -ٙانمبئى ػهٗ انٕطف ٔ انزؾهٛم أيال يُب ف ٙأَّ ٚمٕدَب ئنٗ انغبٚخ
انًٕعٕدح ٔانطجٛؼخ انًذسٔعخ انز ٙرؾذد انًُٓظ ؽٛش ٚشركض انًُٓظ انٕطف ٙف ٙانغبَت
انُظش٘ فًٛب ٚشركض انًُٓظ انزؾهٛه ٙف ٙانغضء انزطجٛم.ٙ
ٔلذ رى رمغٛى انجؾش ؽغت يب رمزؼ ّٛانذساعخ ئنٗ يذخم ٔ صالصخ فظٕل أٔعضَب فٙ
انًذخم ثزمذٚى َشأح انمظخ ثبػزجبس أٌ انشعبنخ لظخ خٛبنٛخ صى اَزمهُب ف ٙانفظم األٔل ئنٗ
رمذٚى يفبْٛى كال يٍ انخطبة ٔانمظخ ٔ أْى انًُبْظ ف ٙرؾهٛم انمظخ كًُٓظ ثشٔة
وترينىه و جيرار جنيد ،غريناس أيب انفظم انضبَ ْٕ ٙعضء خبص ثبنشعبنخ رطشلُب فّٛ
ئنٗ عجت رأنٛف انشعبنخ ٔيظبدسْب ٔ أعهٕثٓب.
ٚأر ٙانفظم انضبنش لًُب ف ّٛثزطجٛك يُٓظ يٍ انًُبْظ انًزكٕسح ف ٙانفظم األٔل ٔ ْٕ
انًُٓظ انغشًٚبع ( ٙفبػهٛخ انُظبو انؼبيه، ٙانجشَبيظ انغشد٘ ،انًشثغ انغًٛٛبئ) ٙ
ٔخزًُب انجؾش كهّ ثخبرًخ عًؼذ أْى انُزبئظ انًزٕطم ئنٓٛب خالل ْبرّ انذساعخ نزهًهى
ػرساد ْزا انجُبء ٔ رظُؼّ أيبو انًزهم ٙيؼزًذ ٍٚف ّٛػهٗ ػذح يظبدس ٔ يشاعغ كهٓب رظت
ف ٙلبنت انًٕػٕع يُٓب ػًش ػٛالٌ " ف ٙيُبْظ رؾهٛم انخطبة انغشد٘" ٔ ؽًٛذ
نؾًٛذاَ " ٙثُٛخ انُض انغشد٘"
كهٓب َبثؼخ يٍ أطٕل انُمذ انؼشث ٙثبإلػبفخ ئنٗ يشاعؼخ أخشٖ يُٓب فٍ انمض فٙ
انُظشٚخ ٔ انزطجٛك "نُجٛهخ ئثشاْٛى" " ،رهم ٙانجُٕٚٛخ ف ٙانُمذ انؼشثٔ "ٙائم انغٛذ ػجذ.
انشؽٛى.
ٔلذ كبٌ صادَب أٚؼب يغًٕػخ يٍ انًشاعغ انًزشعًخ :عٛشانذ ثشاَظ " انًظطهؼ
انغشد٘" رشعًخ ػبثذ خضَذاس ٔ انغًٛٛبئٛخ أطٕنٓب ٔ لٕاػذْب رشعًخ سشٛذ ثٍ يبنك ئنٗ
غٛش رنك يٍ انًشاعغ انز ٙأَبسد نُب انغجٛم خالل ئَغبصَب نٓزا انجؾش.
َٔغأل هللا انزٕفٛك ف ٙيغؼبَب ْزا ف ٙاإلنًبو ٔ اإلؽبؽخ ثغٕاَت ْزِ اإلشكبنٛخ فُغزفٛذ
ٔ َفٛذ غٛشَب يٍ انجبؽض ٍٛف ٙانًٕػٕع رارّ.
4
ٔال ٚفٕرُب فْ ٙزا انًمبو أٌ َزٕعّ ثجبنغ انشكش ٔ انؼشفبٌ نألعزبرح انفبػهخ " ساػٛخ
ػذاد" انز ٙنى رجخم ػهُٛب ثًغبػذرٓب َٔظبئؾٓب ٔانز ٙسعًذ نُب ؽشٚك انؾٛبح انؼهًٛخ ٔ
ػهًزُب أٌ انجذاٚخ عذ ٔ كفبػ ٔ انُٓبٚخ َظش ٔ َغبػ.
5
م قدمة.
مدخل إلى فن القصة.
-نشؤة فن القصة.
-عند الؽرب.
-عند العرب '' رسالة الؽفران ''.
الفصل األول :الخطاب والقصة فً النقد البنٌوي.
-مفهوم الخطاب.
-مفهوم القصة.
-التحلٌل البنٌوي للقصة.
-مناهج تحلٌل القصة:
-منهج بروب.
-منهج كلود برٌمون.
-منهج روالن بارت.
-منهج جٌرار جٌنٌت.
-منهج ؼرٌماس.
الفصل الثاني :رسالة الؽفران.
-مضمون الرسالة.
-السبب والؽاٌة من تدوٌن الرسالة.
-مصادر الرسالة.
-أسلوب القصة.
الفصل الثالث :تطبيق المنهج الغريماسي
-داللة العنوان.
-داللة المكان.
-الجنة.
-المحشر.
6
-النار.
-البنٌة السردٌة:
-فاعلٌة النظام العاملً.
-البرنامج السردي.
-المنظور اإلستبدالً (المربع السٌمٌابً).
-خاتمة
-الممحق :أبو العبلء المعري.
7
عند الغرب
عند العرب '' رسالة الغفران ''
8
- 1نشؤة فن القصة:
لقد تؤخر ظهور الفن القصصً فً اآلداب العالمٌة عن الملحمة والمسرحٌة ،فالقصة
آخر األجناس األدبٌة وجودا فً تلك اآلداب وكانت أقلها خضوعا للقواعد ،وأكثرها تحررا
من قٌود النقد األدبً ،وكانت تلك الحرٌة سببا فً نموها السرٌع فً العصور الحدٌثة فسبقت
تلك األجناس األدبٌة األخرى فً أداء رسالة آلداب اإلنسانٌة وأصبحت فً اآلداب الكبرى
تفوق المسرحٌة وحلت مكانها اجتماعٌا وفنٌا ال ٌفصلها فٌها جنس أدبً آخر.
وإذا كانت بداٌة بزوغ النثر القصصً مع الؽرب مع ما كان ٌعرؾ بالمبلمح القصصٌة
فإن ذلك ال ٌنفً وجود نقطة تبلقً تارٌخٌة بٌن أدبنا العربً واآلداب الؽربٌة،و مما ٌندرج
فً الجنس القصصً فً أدبنا القدٌم "رسالة الؽفران" للشاعر األدبً أبً العالء المعري.
ولكن قبل التطرق لمعرفة ومعالجة هاته القصة ،دعنا أوال نتعرؾ على كٌفٌة نشؤتها عند
الؽرب و عند العرب.عند الؽرب:
تعد المبلحم الٌونانٌة القدٌمة تمهٌدا لظهور النثر القصصً الؽربً فٌما بعد ،نظرا
لما تضمنته من عناصر قصصٌة ،وقد تم أول ظهور للنثر القصصً فً األدب الٌونانً فً
القرن الثانً بعد المٌبلد وكانت القصة آنذاك ذات طابع ملحمً ،فكانت حافلة بالمؽامرات
الؽٌبٌة وبالسحر وباألمور الخارقة ،وٌتمثل النموذج العام لؤلحداث قصص ذلك العهد فً
افتراق حبٌبٌن ،تقوم األخطار المروعة والعقبات المإنسة حدا فاصبل بٌنهما وٌفلتان منها
بطرق تفوق المؤلوؾ ،ثم تختتم القصة ختاما سعٌدا بالتقاء الحبٌبٌن (.)1
ومن أشهر القصص الٌونانٌة لذلك العهد قصة ""théagenes and chakilea
"نٌاجٌنس" و"خاركلٌا" وهً من تؤلٌؾ "هٌلودور الفٌنٌقً" فً القرن الثالث بعد المٌبلد(.)2
ي ،فقد ظهرت القصة فً أواخر القرن األول بعد المٌبلد على وأما فً األدب البلتٌن
نحو مخالؾ للقصة الٌونانٌة فً بادئ األمر كما فً قصة " ساتٌرٌكون" التً ألفها
"بترونٌوس" وهً هجابٌة ،تصور مؽامرات شابنة لصعلوكٌن وخادمهما ،وتكشؾ عن حال
( -)1هبلل محمد غنٌمً" ،األدب المقارن"( ،د،ط)دار النهضة للطباعة والنشر والتوزٌع ،مصر،سنة 1928ص.164
( -)2المرجع نفسه ،ص.164
9
الطبقات الفقٌرة فً عهد "نٌرون"( ،)1وتصؾ العادات والتقالٌد فً سخرٌة مرة ،كما تحكً
البلتٌنً بالقصة الٌونانٌة ،وأشهر قصة
ة كثٌرا من حٌل السحرة واللصوص ،ثم تؤثرت القصة
ٌمثل بها قصة "المسح" أو "الحمار الذهبً" ألفها
" apliusأبولٌوس" فً النصؾ الثانً للقرن الثانً بعد المٌبلد ،ولها أصل ٌونانً مجهول
المإلؾ( ،)2وفً هذا كله كانت القصة قرٌبة من أصلها الملحمً ،فالقاص ٌنتهج منهج
الشاعر فً نزعته إلى الواقع والقاص والشاعر كبلهما كان ٌتخٌل وٌصؾ ما ٌتخٌل ،أكثر
مما ٌصؾ الواقع وٌواجهه ،وكانت الجماهٌر فً عصور اإلنسانٌة األولى تهتم باألحداث
العجٌبة ،وباألخطار الخٌالٌة ،على حٌن ال تعبؤ بالواقع وال تحفل به وبذلك سبقت القصة
الخٌالٌة إلى وجود القصة الواقعٌة ،كما سبق الشعر النثر الفنً وإن كان كل منهما ٌنطلق
من مورد واحد.
"الفابلٌو" إلى وفً العصور الوسطى األوربٌة وجدت قصص ذات طابع شعبً هً
أن ال تندرج فً القصة فً معناها الفنً ،ولم تساعد فً تطور مفهوم القصة بعامة ،وأهم ما
نعنً بذكره هنا من قصص العصور الوسطى وشطرا من عصر النهضة.
أما فً القرن السادس عشر والسابع عشر فً أوروبا وجد جنس جدٌد من القصص،
خطا بالقصة خطوات نحو الواقعٌ ،طلق علٌه قصص الشطار ،ووجد أول ما وجد فً
أسبانٌا ،وهو قصص العادات والتقالٌد للطبقات الدنٌا فً المجتمع ،وتسمى فً األسبانٌة
" ،"picarescaوتختص بؤن المؽامرات فٌها ٌحكٌها المإلؾ على لسانه ،كؤنها حدثت له،
وهً ذات صبؽة هجابٌة للمجتمع ومن فٌه ،وٌسافر فٌها البطل (المإلؾ) على ؼٌر منهج
( -)1
المرجع نفسه،الصفحة نفسها.
( -)2
المرجع السابق ،ص.165-164
10
فً سفره ،وحٌاته فقٌرة بابسة ٌحٌٌاه ا على هامش المجتمع ،وٌضل ٌنتقل بٌن طبقاته لٌكسب
قوته وهو ٌحكم على المجتمع من وجهة نظره هو حكما تظهر فٌه األثرة واالنطواء على
النفس ،وقصر النظر فً اعتبار األشٌاء من الناحٌة الؽرٌزٌة النفعٌة ،فكل ما ٌعارضه فهو
خبٌث ،ومن ٌمنحه اإلحسان فهو خٌر ،وأول قصة من هذا الجنس القصصً فً األدب
اإلسبانً هً قصة عنوانها " السارٌودي تورمس وحظوظه ومحنه" وهً قصة شبع من
واقع الحٌاة فً الطبقات الدنٌا ،وتصفها كما ٌملٌها منطق الؽرابز الصرٌح ،وهً معارضة
لقصص الرعاة السالفة الذكر وتسٌر على نقٌضها ،ألنها تصؾ وقابع مثالٌة ،بٌنما هً
تصؾ واقعا ال مثالٌة فٌه وال أمل(.)1
وفً أواخر القرن الثامن عشر نهضت القصة فً اآلداب الكبرى األوروبٌة،
فتطورت قصص العادات والتقالٌد السابقة الذكر ،فنتج عنها ما ٌسمى القصص ذات القضاٌا
االجتماعٌة وبذلك سبقت القصة المسرحٌات فً مجال الثورة االجتماعٌة ،فؤصبح وصؾ
التقالٌد وسٌلة إلجبلء الحقابق ،و الكشؾ عن النواحً النفسٌة فً الفرد ،ثم النواحً
االجتماعٌة فً مختلؾ الفبات بؽٌة إنصافهم فً المجتمع وصارت القصص بذلك ذات
صبؽة دٌمقراطٌة فً عبلج مشكبلت الشعب ،وقامت بؤخطر دور فً لؤلدب فً الحضارة
الحدٌثة(.)2
وفً العصر الرومانتٌكً ساعدت العاطفة أو الفلسفة العاطفٌة على الدعوة إلى حقوق
الفرد فً المجتمع على لسان شخصٌات القصة فً األدب الفرنسً واإلنجلٌزي ،وكانت هذه
الدعوة هً جوهر الرومانتٌكٌة فً ناحٌتها االجتماعٌة ،وفٌها وضح اتجاهان كانا ٌتبلقٌان
آخر األمر ،هما الكشؾ عن حالة الفرد فً حقوقه المهضومة التً تتطلب تؽٌٌر النظم
القابمة فً ذلك الحٌن ،ثم ما تستلزمه سعادة الفرد بعد ذلك من تعاون اجتماعً ثم نوع
جدٌد ،وتشابهت هذه القضاٌا فً اآلداب المختلفة فً العصر الرومانتٌكً وكانت تدور حول
( -)1
المرجع السابق ،ص.173
( -)2
المرجع السابق ،ص.175
11
إثارة الرحمة بالبابسٌن ،واالعتداد بحقوق الفرد فً وجه المجتمع ،ثم الحد من حقوق
الطبقات األرستقراطٌة(.)1
- 1- 1عند العرب:
أما فً األدب العربً فلم ٌكن فً قدٌمه للقصة شؤن ٌذكر وكان لها مفهوم خاص لم
ٌنهض بها ولم ٌجعلها ذات رسالة اجتماعٌة وإنسانٌة ،على أن القصة فً األدب العربً ،لم
تكن من جوهر األدب كالشعر والخطابة والرسابل مثبل ،بل كان ٌتخلى علٌها كبار األدباء
لؽٌرهم من الوعاظ وكتاب السٌر والوصاٌاٌ ،رٌدونها شواهد قصٌرة على وصاٌاهم وما
ٌسوقون من حكم ،وقد ٌكون لذلك صلة بنبوغ كثٌر من مسلمً إٌران فً القصص
والمواعظ العربٌة مما كانوا ٌجٌدون اللؽتٌن :العربٌة والفارسٌة على ما ٌروي الجاحظ مثل
الخطباء القصاصٌن من أسرة الرقاشً ومثل موسى األسواري وكان هإالء ٌفٌدون عن
إطرابهم على قصص الشهنامه(.)2
ومن عٌون األدب العربً قدٌما مما ٌمت بصلة للقصة والمقامات ورسالة التوابع
والزوابع ،قصة حً بن ٌقضان ورسالة الؽفران(.)3
أما ألؾ لٌلة ولٌلة فهً مدونة فً عصور مختلفة والمقطوع به أن الكتاب فً أصله
كان معروفا لدى المسلمٌن قبل منتصؾ القرن 10م وٌشهد المسعودي وابن الندٌم أن الكتاب
فً أصله مترجم عن الفارسٌة ولكن المسعودي ٌقرر أن األدباء فً عهده تناولو ا هذه
الحكاٌات بالتنمًق والتهذٌب وصنفوا فً معناها ما سٌهمهم فؤصل الكتاب كان مدونا ثم نزل
األدب الشعبً "الفلكلوري" وؼٌر منه وزٌد فٌه (.)4
وقد تنوعت األعمال القصصٌة التً تشٌر إلى االتجاه المحافظ وتستلهم التراث و ما
فٌه من ألوان قصصٌة مثل المقامات فً العصر العباسً وبواكٌر الفن القصصً فً هذا
العصر تعود إلى "رسالة الؽفران" التً ألفها أبو العبلء المعري عام 424ه فً معرة
و هً رسالة كتبها صاحبها جوابا على رسالة وجهها إلٌه احد معاصرٌه فً حلب
ٌدعى على بن منصور بن طالب الملقب بدوخلة قال عنه من شاهده ببؽداد كان شٌخا من
شٌوخ األدب "رواٌة األخٌار" وحافظا لقطعة كبٌرة من اللؽة واألشعار ،قوما بالنحو وقد
درس ابن القارح على شٌوخ اللؽة فً الشام وبؽداد ،وٌكسب بالتعلٌم فً الشام ومصر(،)2
سؤل فٌها أبا العبلء عن الزندقة والزنادقة فؤجابه المعري برسالة أٌضا ضمنها مهارته فً
تقلٌب الكبلم وأظهر فٌها معارفه الواسعة ما ٌعجب والرسالة قسمان (:)3
رواٌة الؽفران.
الرد على ابن القارح.
أما رواٌة الؽفران هً رسالة فً شكل قصة ٌحلى فٌها أبو العبلء عن ابن القارح فقد
تخٌل أنه ؼفر له ٌوم القٌامة فؤدخل الجنة فراح ٌطوق فً جنابنها وٌنعم بطٌباتها وٌجتمع
بطابفة من شعراء الجاهلٌة واإلسبلم وٌسؤلهم كٌؾ نالوا الؽفران ومن ذلك اسم الرسالة
وٌعقد معهم المجالس األدبٌة ثم ٌنقل إلى جنة العفارٌت ،فإلى الجحٌم ومن الجحٌم ٌعود إلى
الجنة.
وأما الرد على ابن القارح فٌتضمن تحلٌبل لبدع العصر ومذاهبه بحثا فً األشخاص
الذٌن جاء ابن القارح على ذكرهم فً حملة الزنادقة والملحدٌن فٌوافقه أبو العبلء فً
بعضهم وٌدافع عن بعضهم اآلخر كل ذلك فً أسلوب مرسل خال من السجع بخبلؾ
األسلوب المسجع الذي اعتمده الكاتب فً القسم األول من الرسالة(.)4
فرسالة الؽفران مزٌج من قصص ووصؾ ونقد وعلم وفلسفة وتارٌخ ودٌن وأما
القصص فطرٌق حافل بالحوار ولكنه ممل وأما الوصؾ فؤؼرقه فً التخٌل واإلعراب وأما
( -)1جورج ؼرٌب" ،من التراث العربً" ،دار الثقافة للنشر و التوزٌع ،لبنان ،ط1972 ،1م ،ص.145
( ٌ -)2اقوت الحموي" ،معجم األدباء" ،دار الكتاب العلمٌة ،بٌروت ،مج 1991 ،4م ،ص.331
( -)3سحر الخلٌل" ،مختارات من النثر العربً" ،دار البداٌة للنشر ،ط2011 ،1م ،ص.88
( -)4المرجع السابق ،ص.88
13
النقد فشامل لؤلدب والدٌن والتقالٌد واألحوال االجتماعٌة وهو الذع ،حافل بالتهكم والسخرٌة
وهو فً أمور األدب ٌمتدح باالبتكار واالتزان وتبكر الؽلو وتنافر األلفا ظ وصور القوافً
وما إلى ذلك وأما للعلم والفلسفة والتارٌخ فرسالة الؽفران بحر واسع وأبو العبلء موسوعة
كبرى ال ٌنصب لها معٌن وال ٌبلػ لها ؼور (.)1
وبالتالً لم تكن الؽاٌة من القصة المسجعة تحلٌل وضع معقد وال تقوٌم سلوك ملتق،
وإنما كانت مجرد وسٌلة إلظهار سعة المعرفة فً شإون اللؽة أو سببل إلى إثبات القدرة
على التصرؾ بفنون الكبلم.
15
.1مفهوم الخطاب :discours
« الخطاب وحدة متجانسة مع األهداؾ التً من أجلها وجد ،وله الدور الكبٌر فً تمٌز
الكبلم وحضوره مع المتلقً الذي ٌشارك فً صناعته ،وخدمة أهدافه ومرامٌه ،مع
مقتضٌات السرد ومتطلباته»(.)1
والخطاب حٌن ٌقرأ قراءة تداولٌةٌ ،تجه فً معناه إلى ":تحرٌر المقاصد التً ٌهدؾ
العمل األدبً إلى تكرٌسها فً ذهن من ٌتوجه إلى مخاطبته...وأٌضا توظٌؾ القوانٌن التً
تجعل من النص حامبل شفرات جمالٌةٌ...نطوي علٌها مفهوم النص األدبً (الخطاب)(.)2
وهل ٌمكننا بعد ذلك كله قبول رأي " طه حسٌن" فٌما ٌسمٌه قدٌما بالكبلم على أنه
الخطاب الذي ٌنقسم إلى نظم ونثر ،لكل مقاٌٌسه وأبجدٌاته وأحكامهٌ ،قول «:فتقسٌم
الكبلم(الخطاب) إلى شعر ونثر لٌس ٌكفً ،بل ٌجب أن ٌنقسم الكبلم(النص) إلى شعر
وخطابة وكتابة ،وهً التً تعوّ دنا أن نعبر عنها أحٌانا بالنثر الفنً فً الكتب والرسابل».
وقد عرؾ مصطلح "خطاب" تداوال كبٌرا فً مختلؾ المجاالت نظرا لمدلوالته
المتداخلة والمتقاربة وهو ٌعنً:
-الكبلم بمفهوم دو سوسٌر "de soussureوحدة مساوٌة للجملة أو أكبر منها فهو
تسلسل ٌحمل رسالة لها بداٌة ولها نهاٌة وهو ما ٌوافق الملفوظ بل لٌس إال مرادفا
له"(.)3
" -مفهوم باعتبار الم آل الذي تمارس فٌه اإلنتاجٌة ،وهذا الم آل هو الطابع السٌاقً
...عبر الموقع الذي ٌحدد قٌما جدٌدة لوحدات اللسان"(.)4
تشترك هذه التعارٌؾ فً تحدٌدها للخطاب كظاهرة لؽوٌة ،وبإمكاننا أن نقول إن
الخطاب انطبلقا مما سبق-هو ظاهرة لؽوٌة تواصلٌة ٌفرض موضوعه ببنٌتها إذ ٌنقسم
( -)1مجلة كلٌة األدب والعلوم اإلنسانٌة ،باتنة -الجزابر ،محمد زرمان ،ص.165
( -)2ناظم عودة"،نقص الصورة (تؤوٌل ببلؼة السرد)" ،المإسسة العربٌة للدراسات والنشر ،بٌروت ،دار الفارس ،عمان
األردن ،ص.13
( -)3طه حسٌن" ،الشعر والنثر" ،دار المعارؾ ،مصر ،ط( 12د-س) ،ص.42-41
( -)4سعٌد ٌقطٌن ،تحلٌل الخطاب الروابً -الزمن -السرد -النثر ،المركز الثقافً العربً للطباعة والنشر ،بٌروت ،لبنان،
ط ،1993،2ص.23-22
16
إلى خطاب أدبً و ؼٌر أدبً -وٌتعٌن مفهوم الخطاب لدى ؼرٌماس Aj.Greimesعلى
أنه مرادؾ للنص()1ومن الباحثٌن الذٌن ربطو هذٌن المصطلحٌن بول رٌكور حٌث
ٌطلق كلمة نص على كل خطاب تم تثبٌته بواسطة الكتابة (.)2
.2القصة:
ٌتفرع النص السردي إلى أنواع حسب األنواع األدبٌة ،ومن أكثرها شٌوعا الخطاب
السردي القصصً الذي ٌطرح بدوره إشكاال على مستوى تقسٌم التحلٌل فٌقسمه بعض
المحللٌن إلى ثنابٌة شكل /مضمون وٌقسمه بعضهم إلى ثبلثٌة قصة /حكاٌة /سرد.
«وإذا كانت الحكاٌة هً أحداث مرتبة فً زمن متوال فإن القصة (الحسٌة لدقة) لن
تكون سوى نقل شفوي لهذه الحكاٌة وللخطاب السردي:
فالقصة = الحكاٌة.
القصة = الخطاب السردي.
وبالتالً فالقصة(فعل لؽوي بالطبع) وخطاب ولٌست نصا فقط» ( ).
3
تحلٌل القصة بوصفها طرٌقة لتمثٌل الحكاٌات ٌفترض أن ٌكون التمٌز مقبوال وهو أمر
نجده متطابقا تحت تحت صٌاؼة متفرقة قلٌبل بٌن األحداث المروٌة والخطاب الذي ٌروٌها:
( -)1عبد الواسع الحمٌري" ،الخطاب والنص" ،المإسسة الجامعٌة للدراسات ،لبنان ،ط ،2008 ،1ص.92
( -)2صبلح فضل" ،ببلؼة الخطاب وعلم النص" ،مطابع السٌاسة ،الكوٌت1992 ،م ،ص.237
( -)3أوروا لد دٌكور ،جان ماري سطاٌم" ،القاموس الموسوعً الجدٌد لعلوم اللسان" ،ترجمة منذر عٌاشً ،المركز
الثقافً العربً ،لبنان ،ط2003 ،1م ،ص.210-209
( -)4المرجع نفسه ،ص211 .
17
_3البنٌوٌة:
ٌطلق مصطلح البنٌوٌة على مجموعة من الدراسات اللسانٌة التً قام بها علماء اللؽة
فً بداٌة القرن 20وهً دراسات قد جعلت من اللسانٌات علما موضوعه اللسان واللؽات
الطبٌعٌة.
وقد تطلق اللسانٌات البنٌوٌة على اللسانٌات األمرٌكٌة البلومفٌدي ()1هً مد مباشر من
األلسنٌة "علم اللؽة" langusticوٌقؾ السوٌسري دي سوسٌر على صدارة هذا التوجه
النقدي وذلك منذ اخذ بتعرٌؾ اللؽة على أنها نظام من اإلشارات ) ( signsوهذه اإلشارات
هً أصوات تصدر من اإلنسان وال تكون بذات قٌمة إال إذا كان صدورها للتعبٌر عن فكرة
أو لتوصٌلها وهذا جعل سوسٌر ٌركز على البحث فً طبٌعة اإلشارة من حٌث هوٌتها ومن
حٌث وظٌفتها( ).
2
( -)1نور الهدى لوشن " ،مباحث فً علم اللؽة ومناهج البحث اللؽوي" ،المكتبة الجامعٌة ،اإلسكندرٌة ،ط،2000 ،1
ص_)2( .302عبد هللا الؽدامً"الخطٌبة و التكفٌر من البنٌوٌة إلى التشرٌحٌة "المركز الثقافً العربً،المؽرب ط، 6
2006ص30
18
الكلمات بل هو تمظهر خطابً لمجموعة من األنظمة العبلمٌة المتناسقة ضمن البنٌة
اللسانٌة والبنٌة الثقافٌة(.)1
من خصابص الدراسة البنٌوٌة أن ٌعتمد عالم اللؽة على التحلٌل المحاٌث والمحاثٌة من
أهم السمات البنٌوٌة ومعناها فً عرؾ المدارس البنٌوٌة أن النص-أو الملفوظ -ال ٌحلل إال
انطبلقا من خواصه الداخلٌة معنى ذلك أن الملفوظ ال ٌمكن وهدفه انطبلقا من الدوافع
النفسٌة أو االجتماعٌة أو السٌاسٌة التً دفعت بالمتكلم إلى إنتاج هذا الملفوظ ،وال انطبلقا
من الظروؾ والسٌاقات التً حقت به(.)2
ومن خصابصها أٌضا أن الظاهرة ال تكون ظاهرة لسانٌة حتى تكون وحدة عمادها
ركنان البد ألحدهما من األخر وهما الدال والمدلول وأن تكون العبلقة اعتباطٌة كما حددها
دي سوسٌر أو عبلقة موجبة.
أن ٌنبنً علم اللؽة على دراسة الملفوظات المحققة وهو ما ٌسمى بالمدونة وفق منهج
تحلٌل شكلً(.)3
.3مناهج تحلٌل القصة:
أ -منهج بروب :v.propp
كان لدراسة "فبلدمٌر بروب" للخرافة الروسٌة مورفولوجٌة الخرافة morphologie
du conteأثر كبٌر فً مناهج تحلٌل الخطاب القصصً حٌث استندت دراسته إلى تحلٌل
بنٌة الخرافة الشكلٌة وفقا لمثال وظابفً ٌتضمن واحدة وثبلثٌن وظٌفة ،وٌعنً بالوظٌفة
"عمل الفاعل من حٌث معناه فً مجرى القصة" ( ،)4وٌقوم التحلٌل على مبدأ الثبات والتؽٌٌر
حٌث تتؽٌر أسماء الشخصٌات فً حٌن تبقى وظابفها قارة ،وهً بنٌة تنطبق على كل
الخرافات ،والجدٌر بالذكر أن هذه البنٌة الشكلٌة تشبه إلى حد كبٌر سنة القصة القرآنٌة
الخارجٌة.
( -)1عمر عٌبلن" ،فً مناهج تحلٌل الخطاب السردي" ،سلسلة الدراسات( ،2008 ،)2ص.27
( -)2نور الهدى لوشن " ،مباحث فً علم اللؽة ومناهج البحث اللؽوي" ،المكتبة الجامعٌة ،اإلسكندرٌة ،ط،2000 ،1
ص.304
( -)3المرجع نفسه ،ص.303
_)(4
V lachimier propp: morphologie du cont, trad, m.Derrical et T.todorr, C.kalma, edition du
seuil, paris, 1970, p 30.
نقبل عن عمر عٌبلن "فً مناهج تحلٌل الخطاب السردي "ص 52
19
وتستمد دراسة بروب " "Proppأهمٌتها من تطوٌر ؼرٌماس " "Greimasلها ،إذ قلص
عدد الوظابؾ إلى ستة عناصر وفقا لنظام الفواعل و تتمثل فً "فاعل ،موضوع ،مرسل،
مرسل إلٌه ،مساعد (مساند) ،مضاد" وقد قدم ؼرٌماس نقده لمثال بروب فً جملة من
مإلفاته منها مقدمته لمدخل إلى السٌمٌابٌة السردٌة والخطابٌة ل"جوزٌؾ كورتٌس" حٌث
بٌن ثؽرات المنهج الوظابفً ،وقد قدم بدٌله المتمثل فً المبادئ األساسٌة لنظرٌته فً تحلٌل
الخطاب السردي القصصً علما أن ؼرٌماس " "Greimasلٌس الوحٌد من انتقد هذا المنهج.
ب_منهج كلود برٌمون :Cloude Bremond
ٌلجؤ كلود برٌمون فً تحلٌله للقصة إلى تقسٌمها قسمٌن تحلٌل تقنٌات السرد أوال
والبحث عن القوانٌن التً تحكم هذا العالم المحكمً ثانٌا.
ٌوضح برٌمون اقتراحه انطبلقا من تقدٌم تصور خاص للمتتالٌة الحكابٌة البسٌطة
وللقانون الذي ٌحكمها فكل متتالٌة متحققة فً الحكً البد أن تمر بثبلث مراحل (:)1
- 1وضعٌة تفتح إمكانٌة سلوك ما أو حدث ما.
- 2االنتقال إلى بداٌة الفعل بالنسبة لتلك اإلمكانٌة وٌتجلً ذلك فً شكل سلوك ٌستجٌب
للتحرٌض الذي تتضمنه الوضعٌة األولى.
- 3نهاٌة الحدث الذي ٌؽلق مسار المتتالٌة إما بالنجاح أو الفشل.
والواقع أن كل مرحلة لها احتمبلن اثنان:
نفتح إمكانٌة حصول الفعل. المرحلة األولى
أو ال نفتح إمكانٌة حصول الفعل.
تحقق اإلمكانٌة. المرحلة الثانٌة
أو ال تتحقق اإلمكانٌة.
تحقق النتٌجة. المرحلة الثالثة
أو ال تتحقق النتٌجة.
( -)1حمٌد لحمٌدانً" ،بنٌة النص السردي من منظور النقد األدبً" ،المركز الثقافً العربً للطباعة والنشر والتوزٌع،
ط2000 3م ،ص.174
20
فؤحداث الحكً فً نظربرٌمون ٌمكنها أن ترتب وفق نمطٌن أساسٌٌن وذلك بالنظر إلى
كونها تهٌا الشروط المبلبمة لتحقق الشًء أو تعمل على معاكسة هذا التحقق وهذان
النمطان هما نمط التحسٌن Améliorationونمط االنحطاط Dégradationوتوزع
اإلمكانات علٌهما وفق الشكل التالً(:)1
ٌستخدم برٌمون مصطلحات كثٌرة وؼٌر ثابتة لتحدٌد األدوار األساسٌة فً الحكً،
وفً كتابه منطقً الحكً ٌستخدم ستة مصطلحات تتعلق باألدوار الربٌسٌة ،تستطٌع أن
تقارنها مع مقاببلتها عنذ ؼرٌماس وعند بروب ،ألن برٌمون ال ٌخرج كثٌرا عن
التحدٌدات التً سبق إلٌها بقدر ما نراه ٌبحث عن مصطلحات أخرى مقاربة (.)2
عند برٌمون :منفعل ( ،)patientفاعل ( ،)agentمحرض ( ،)influenceurحامً
( ،)protecteurمحبط ( ،)frustrateurمحصل اإلستحقاق (.)acquéreur
ج -منهج روالن بارت:
عمل "روالن بارت" على فتح المجال النصً على القراءة الجدٌدة التً تإسس
المنظورات تمنح الحرٌة للقارئ فً كشؾ وسبر أؼوار النصوص اإلبداعٌة المختلفة،
وفق مسار منتظم ومإطر بآلٌة البحث عن نسق ناظم.
فقد حاول "روالن بارت" التوجه إلى البنٌوٌة من أجل الحصول على إجابات
ألسبلته خاصة فً ظل ما كشفت عنه من وجود مبلمح مشتركة بٌن القصص المتعددة
( -)1وابل السٌد عبد الرحٌم سلٌمان " ،تلقً البنٌوٌة فً النقد العربً نقد السردٌات نموذجا (دراسة نظرٌة تطبٌقٌة)" ،دار
العلم واإلٌمان للنشر ،ط2008 ،1م ،ص.106
( -)2حمٌد لحمٌداتً" ،بنٌة النص السردي من منظور النقد األدبً" ،ص.23
( -)3روالن بارت" ،مدخل إلى التحلٌل البنٌوي للقصص" ،ترجمة منذر عٌاش ،مركز اإلنماء الحضاري ،الرباط،1993 ،
ص.39
( -)4عمر عٌبلن" ،فً مناهج تحلٌل الخطاب السردي" ،ص.66
22
اآلخرىٌ ،جب على العكس من هذا اإلنتقال إلى مستوى آخر ،وٌنتج عن هذا طبقتان
كبٌرتان من طبقات الوظابؾ ،بعضها توزٌعً واآلخرى اندماجٌة » (.)1
فبنٌة القصة من خبلل الوظابؾ من منظور بارت بنٌة متداخلة ولٌست بنٌة متتالً
ب_مستوى األفعال:
وهو المستوى الذي تتحدد من خبلله مجموع األعمال المنجزة فً النص السردي والتً
ٌتم تحدٌد الفاعلٌن فٌها والمفعول بهم تماما مثلما هو محدد بالعبلقات النحوٌة فً الدراسات
اللؽوٌة(.)2
فبارت ٌهتم بتحلٌل أفعال هذه الشخصٌات أي ما تإدٌه فً نص القصة فؽرٌماس ٌرى
بؤن سبب تسمٌة الشخصٌة بؤنها فاعل هو التعامل معها من خبلل ما تقوم به من أفعال فً
داخل البنٌة القصصٌة ولٌس من خبلل ما تتمٌز به من صفات إنسانٌة (.)3
والمقصود بمستوى األفعال ال ٌجب أن ٌإخذ فً مستوى الشخصٌات من خبلل
األحداث بل من خبلل إدراج هذه األحداث وعبلقتها بالشخصٌات ،ضمن محاور عملٌة هذه
المحاور هً :محور الرؼبة ،محور التواصل ،ومحور الصراع (.)4
ج_ مستوى السرد:
ٌتعلق مستوى الخطاب بالجانب اإلنجازي للؽة داخل النص السردي وبمجموع الرموز
والعبلقات اللؽوٌة القابمة التً تربط بٌن السارد المرسل ،والمتلقً فً النص ،وال ٌمكن
إقامة سرد دون وجود سارد ،ودون متلقً أٌضا ،فالراوي والمروي له ٌمثبلن حضورا
أساسٌا فً النص السردي(.)5
إن القصة فً النهاٌة هً نص موزع بٌن " مرسل" و"مستقبل" وكل منهما ٌقتضً
اآلخر وٌعترضه(.)6
()7
وٌشٌر "بارت" إلى أن هناك مفاهٌم تقسم الساردٌن أو الرواة إلى ثبلثة أنواع:
(-)1روالن بارت" ،مدخل إلى التحلٌل البنٌوي للقصص" ،ترجمة منذر عٌاش ،مركز اإلنماء الحضاري ،الرباط،1993 ،
ص.39
(-)2عمر عٌبلن" ،فً مناهج تحلٌل الخطاب السردي" ،ص.69
(-)3حمٌد لحمٌداتً" ،بنٌة النص السردي من منظور النقد األدبً" ،ص.34
( -)4المرجع نفسه ،ص.37-36
( -)5المرجع نفسه ،ص.39
(-)6وابل السٌد عبد الرحٌم سلٌمان " ،تلقً البنٌوٌة" ،ص.112
(-)7عمر عٌبلن" ،فً مناهج تحلٌل الخطاب السردي" ،ص.71-70
23
النوع األول :فٌكون مشخصا ،معروفا محددا أي المإلؾ الذي ٌتبادل مواقؾ الشخصٌات
من حٌث تولً دورها السردي.
النوع الثانً :فهو ٌمثل السارد البلشخصً الذي ٌتماشى مع نوع من الوعً المتعالً
الكلً ،وهذا السارد ٌعرؾ الشخصٌات فً مستواها الخارجً والداخلً.
النوع الثالث :فٌمثل السارد الذي ٌحدد سرده فً مستوى ما تعرفه وتراه الشخصٌات فقط،
فتتحول العملٌة السردٌة إلى شكل تداول السرد.
إال أن األنواع الثبلثة السابقة تشكل عابقا أمام التحلٌل ،ألنها تعامل الراوي أو السارد
والشخصٌات ،على أنها شخصٌات واقعٌة فً حٌن أن كبل من السارد والشخصٌات هً
كابنات من ورق.
والراوي الفعلً ال ٌمكن أن ٌكون هو المإلؾ ألن الذي ٌتكلم فً السرد لٌس هو الذي
ٌكتب فً الواقع والحٌاة(.)1
ج -منهج جٌرار جنٌت :G.Genette
سنقؾ عند منهج جٌرار جنٌت وقفة تسمح لنا بتتبع معظم الخطوات التً ٌتبعها فً
تحلٌله النص السردي ،وٌنطلق فٌها من خبلل العبلقات الرابطة بٌن المفاهٌم التً قدمناها
سابقا ،وٌدرس العبلقات بٌن:
أ -القصة والحكاٌة.
ب-القصة والسرد.
ج-الحكاٌة والسرد.
وٌعتمد فً هذا التحلٌل على التقسٌم الذي قدمه تودروؾ Todorovسنة 1966فً
"أنواع القصة األدبٌة" فً عدد مواصبلت حٌث جمع مشاكل التحلٌل فً ثبلث نقاط:
الزمن :وتبرز فٌه العبلقة بٌن زمن الحكاٌة وزمن الخطاب (.)2
الزمــــــــن
24
التواتر المــدة الترتٌب
) -)1وابل السٌد عبد الرحٌم سلٌمان "تلقً البنٌوٌة " ،ص.121
) -)2المرجع نفسه ،ص.122
_()3
Gérard Genette, "Discours du récit", in figure III Edition du seuil, paris, 1972, p123.
نقبل عن عمر عٌبلن فً مناهج تحلٌل الخطاب السردي ص 61
( )_Gérard Genette, "Discours du récit", in figure III Edition du seuil, paris, 1972, p128 .
4
30
أقدم ؼرٌماس ومعه رواد مدرسة بارٌس نظرٌة سمٌابٌة خاصة بالسرد فؤمام
موضوعات المختلفة والمتداخلة ( نصوص حكاٌات )...تحدد ت السمٌاء السردٌة .
ه
وقد تجاوز تحلٌل الخطاب القصصً مع ؼرٌماس المستوى الشكلً للنص فانه ٌمٌز بٌن
مستويين:
أفاد ؼرٌماس من تحلٌل بروب أكثر مما أفاد ؼٌره ،وحاول أن ٌصوؼه صٌاؼة جدٌدة
فً اتجاه البنٌوٌة فتحلٌل ؼرٌماس نابع من تحلٌل بروب ،كما ٌعد تطوٌرا له كما ٌساٌر
ي ستراوس البنٌوي الذي ٌسمٌه اصطبلحا "المنطق االجتماعً اإلنسانً" وٌسمٌه
منهج لؾ
ؼرٌماس "البنٌة األولٌة للمعنى" وعلٌه تتركز نظرٌاته فً علم الداللة وتتمثل البنٌة ( )1فٌما
ٌلً:
- 1المربع السٌمٌائً:
ٌعد ؼرٌماس ألجٌرداس هو الذي صاغ المربع السٌمٌابً وجعله وسٌلة لتحلٌل المفاهٌم
السمٌابٌة ٌتضمن إحدى التقنٌات التحلٌلٌة التً تسعى إلى إظهار التقاببلت ونقاط التقاطع
بٌنهما فً النصوص والممارسات االجتماعٌة فٌضع ؼرٌماس خارطة للوصل والفصل بٌن
السمات الداللٌة فً النص والمربع السمٌابً نسخة معدلة من المربع المنطقً (.)2
ٌقوم مربع ؼرٌماس على أساس التعارض المثبت أو المنقى بٌن ثنابٌتٌن متعارضتٌن
فإذا كانت| أ| تمثل الظبلم وتعارض |ب |التً هً النور فإن العبلقة بٌن أ.ب عبلقة
تعارض اٌجابً كما أن هذه العبلقة تساوي عبلقة النفً بٌن |–أ|-|.ب| ال ظبلم وال نور
وفً هذه الحالة تنشؤ عبلقات متبادلة أخرى بٌن |أ|-|.ب| أي بٌن الظبلم والبلنور وبٌن |–
أ|-|.ب| أي بٌن النور والبلظبلم وٌرسم المربع على النحو التالً (:)3
التضاد
ب أ
( -)1نبٌلة إبراهٌم" ،فن القص فً النظرٌة والتطبٌق" ،سلسلة الدراسات النقدٌة ،دار قباء للطباعة ،ص.42
( -)2دانٌال نشاندٌر ،ترجمة هبلل" ،أسس السمٌابٌة" مركز دراسات الوحدة العربٌة ،بٌروت ،ط ،2008 ،1ص.86
( -)3المرجع السابق ،ص.86
31
-ب -أ
لٌس المهم –كما ٌقول ؼرٌماس -أن أكتشؾ العبلقة الضدٌة بٌن الظبلم والنور ألنها
واضحة وصرٌحة ،بل المهم أن أكتشؾ العبلقة الؽٌر محدودة بٌن البلظبلم والبلنور (.)1
- 2العوامل:
استفاد حرٌماس فً بناء تصوره للنموذج العاملً من مفهزم العوامل فً اللسانٌات
بحٌث تعتبر الوظابؾ بمثابة أدوار تقوم بها الكلمات داخل الجملة تكون فٌها الذات فاعبل
والموضوع مفعوال وتصبح الجملة-وفق هذا التصور -عبارة عن مشهد وٌستخلص بذلك
عاملٌن أساسٌن ٌقوم علٌهما الملفوظ البسٌط ٌضعهما فً شكل متعارض:
الذات = الموضوع
()2
المرسل= المرسل إلٌه
وٌطور "ؼرٌماس" نموذجه فً ضوء األبحاث الشكبلنٌة التً تناولت "الحكاٌات
العجٌبة" خاصة أبحاث "فبلدمٌر بروب" فقد صاغ "ؼرٌماس" وحدات بروب وفقا لمنهجه
البنٌوي األكثر تجرٌدا ،فإذا كان بروب قد استخلص شخوص الحكاٌة الخرافٌة وحددها كما
هً على المستوى األفقً وهً "الشخصٌة الشرٌرة ،الشخصٌة المانحة ،الشخصٌة
المساعدة ،الشخصٌة التً ٌبحث عنها وٌسعى إلٌها ،الشخصٌة المبعدة ،شخصٌة البطل،
البطل المزٌؾ(.)3
ؼرٌماس ٌختزل هذه الشخوص فً العبلقة بٌن الفواعل بوضعها المثال بوصفه نظاما
مركزا وٌتحدد فً الشكل اآلتً(:)4
المرسل إلٌه الموضوع المرسل
المضاد الفاعل المساعد
(-)1نبٌلة
إبراهٌم ،المرجع السابق ،ص .42
(-)2حمٌد لحمٌداتً" ،بنٌة النص السردي من منظور النقد األدبً" ،ص.32
(-)3
نبٌلة إبراهٌم ،المرجع السابق ،ص .43
(-)4السٌد عبد الرحٌم سلٌمان " ،تلقً البنٌوٌة" ،ص.104
32
ٌعمق ؼرٌماس داللة هذه المجموعات البنٌوٌة بربطها بدوافع تعد محركة للقص ،وقد
وضع فً هذا اإلطار نموذجا للتحلٌل ٌقوم على ستة عوامل تؤلفت فً ثبلث عبلقات (.)1
أ -عالقة الرؼبة:
فعبلقة الذات بالموضوع ٌحكمها دافع الرؼبة فً امتبلك شًء أو الحصول على الشًء
ومن ثم فإن التوتر ٌحكم عبلقة الذات بالموضوع.
ب-عالقة االنفصال واالتصال:
وهً تحكم عبلقة المرسل والمستقبل (المرسل إلٌه) وهً وحدة قد تكرر فً القص إما
باالتصال أو االنفصال.
ج -الوحدة الثالثة:
التً تضم المساعد فً مقابل المضاد فدافعها صراع البطل فً سبٌل تحقٌق الرؼبة وال
تقتصر دالالت الوحدات على هذه العبلقات ،إذ ٌعمقها ثبلث موضوعات ربٌسٌة تعد
اختزاال للوحدات الوظٌفٌة عند بروب وهً :2
الموضوع التعاقدي:
ٌشمل حركة القص التً تعبر عن عقد ٌتم بٌن البطل ونفسه أو بٌنه وبٌن مجتمعه.
الموضوع األدائً:
ٌشمل أفعال البطل فً سبٌل وضع هذا العقد موضوع التنفٌذ.
ج -الموضوع االنفصال واالتصال.
وخبلصة القول أن تحلٌل الخطاب القصصً ٌستدعً مناهج تحلٌل القصة التً تعمد
بدورها إلى وصؾ وتحلٌل المكونات التً تسهم فً تحقٌق الخطاب السردي ،وقد
عرفت هذه المناهج تنوعا عن البحث فً الحكاٌة والقصة وإن كنا نرى أن من واكب
مسار بروب هو الباحث فً السٌمٌابٌة الداللٌة ،الناقد الجٌردانً جولٌان ؼرٌماس الذي
اتخذ مسارا شبٌها بمسار بروب والمتؤثر بالمفاهٌم اللسانٌة والبنابٌة التً شكلت فً
مجموعها قٌما بارزة فً معالجة القصة من منظور النقد الجدٌد.
تحتل رسالة الؽفران مكانة هامة فً تارٌخ النثر الفنً العربً لما فٌها من خصابص اإلبداع
فً الطرٌقة وما نمٌز به فً طبٌعة الخٌال فهو نص شدٌد الثراء تتنازعه مجاالت عدة مثل
تارٌخ األفكار وعلوم اللؽة والمذاهب الفلسفٌة والمعتقدات الدٌنٌة وتارٌخ الشعر وؼٌرها من
المجاالت المتشابكة التً حضٌت ببعض اهتمامات الدارسٌن من قبل من خبلل الحوار مع
35
تجلٌاتها فً رسالة الؽفران لكنه أٌضا نص ٌنتمً إلى تارٌخ الفن القصصً الذي أسهم أبو
العبلء بنصٌب وافر فً تطوٌره من خبلل نص الؽفران.
) -)1محمد زؼلول سبلم" ،األدب فً العصر الفاطمً"الكتابة والكتاب ،منشؤة المعارؾ للنشر ،اإلسكندرٌة(،د.ط)( ،د.س)،
ص.262
)*)-غبؽٔ :اعغ يجغٕؽ.
)*) -راد إَٔاؽ :شغشح كبَذ رؼجذ ف ٙانغبْهٛخ.
36
وفً تلك السطور كم كثٌر ،كله عند الباري -تقدس أثٌر ،فقد ؼرس لموالي الشٌخ
الجلٌل -إن شاء هللا -بذلك الثناء ،شجر فً الجنة لذٌذ اجتناء ،كل شجرة منه تؤخذ مابٌن
المشرق والمؽرب بظل ؼاط)*) لٌست فً األعٌن كذات أنواط(*)».
وٌعرض مشاهد متخٌلة من جنة الخلد بما فٌها من أنهار لبن وعسل وما فٌها من
أوانً الذهب وفراش اإلستبرق وما شبهه من فاخر الشًء الذي ال ٌشبهه متاع الدنٌا (.)1
«ثم إنه أدام هللا تمكٌنه ٌخطر له حدٌث شًء كان وٌعرج به إلى مشهد آخر فٌقول:
ٌسمى النزهة فً الدار الفانٌة ،فٌركب نجٌبا من نجب الجنة خلق من ٌاقوت ودر فً سجسج
بعد عن الحر والقر ومعه إناء فٌهج ،فٌسٌر فً الجنة على ؼٌر منهج ،ومعه شًء من طعام
الخلود ،فخر لوالد سعد أو مولود ،فإذا رأى نجٌبه ٌملع (*) بٌن كثبان العنبر ،وضٌمران وصل
بصعبر)*) ،وقع صوته متمثبل فً قول البكري:
قة نحو العذٌب فالضٌون تخب نبا النا
ّ لٌت شعري متى
وحباقا ،وقطعة من نون محقا ذكرة ،وخبر رقاق
ٌعنً بالحباق جرزة النقل ،فٌهتؾ هاتؾ :أتشعر أبها العبد المؽفور له لمن هذا
الشعر؟
فٌقول الشٌخ :نعم حدثنا أهل ثقتنا عن أهل ثقتهمٌ ،توارثون ذلك كابرا عن كابر،
حتى ٌصلوه بؤبً عمرو بن العبلء ،فٌروٌه له عن أشٌاخ العرب ،حرشة الضباب فً الببلد
الكلدات)*) ،وجناة الكمؤة فً مؽانً البداة .الذٌن لم ٌؤكل شٌراز ،األلبان ،ولم ٌجعلوا الثمر فً
الثبان)*) ،أن هذا الشعر لمٌمون بن قٌس بن جندل أخً بن ربٌعة ضبٌعة بن قٌس بن ثعلبة
بن عكابة بن علً بن بكر بن وابل.»...
فقالٌ :ا علً بادره فؤنظر ما حرمته؟ فجاءنً علً بن أبً طالب صلوات هللا علٌه.
وأنا أعتل كً ألقى فً ال ّدرك األسفل من النار فزجرهم عنً وقال :ما حرمتك؟ فقلت أنا
القابل:
فإنّ لها فً أهل ٌثرب موعدا أال أٌهذا السائلً أٌن أممت
وال من ح ّفى ،حتى تالقً ّ
محمدا فآلٌت ،ال أرثً لها من كاللة
تراحى ،وتلقً من فواضله ندى متى ما تناخى عند باب أبن هشام
بنً اإلله حٌن أوصى وأشهد
ّ أجدّك لم تسمع وصاة محمد
تزودا
وأبصرت بعد الموت من قد ّ إذا أنت لم ترحل بزا ٍد من التقى
وأ ّنك لم ترصد لما كان أرصدا ندمت على أن ال تكون كمثله
وال تؤخذن سهما حدٌدا لتقصرا فإٌاك والمٌتات ال تقرب ّنها
علٌك حرام فانكحن أو التؤ ّبدا سرها
وال تقربنّ جارة إنّ َّ
أغار لعمري فً البالد وأنجدا بنً ٌرى ما ال ٌرون ،وذكره
و هو .أكمل هللا زٌنة المحافل بحضورهٌ .عرؾ األقوال فً هذا البٌت وإنما ذكرها
ألنه قد ٌجوز أن ٌقرأ هذا الهذٌان ناشا لم ٌبلؽه حكً الف ّراء وحده أؼار بمعنى ؼار ،إذا
أتى الؽور .وإذا ص ّح هذا البٌت لؤلعشى .فلم ٌرد باإلؼارة إال ضد اإلنجاد ،وروى عن
38
عدوا شدٌ ًدا .وأنشد فً كتاب
األصمعً رواٌتان :إحداهما أن أؼار فً معنى عدا ً
«األجناس».
()1
بناحٌة إذا زجرت تؽٌر فع ّد طالبها وتسل ّ عنها
وٌقول األعشى :قلت لعلً .وقد كنت أإمن باهلل ،وبالحساب ،وأص ّدق بالبعث وأنا فً جاهلٌة
الجهبلء فمن ذلك قولً:
بناه وصلّت فٌه وصارا أٌبلى على هٌكل
ٌّ فما
جإارا
ً وطورا
ً طورا سجودًا
ً ٌراوح من صلوات المليك
إذا ال ّنسمات نفضن الؽبارا بؤعظم منك تقى فً الحساب
فذهب علًّ إلى النبً صلى هللا علٌه وسلم .فقالٌ :ا رسول هللا هذا أعشى قٌس قد
روى مدحه فٌك وشهد أنك نبًّ مرسل ،فقال :هبل جاءنً فً الدار السابقة؟ فقال علً :قد
جاء ولكن ص ّدته قرٌش وحبّه للخمر ،فشفع لً ،فؤدخلت الجنة على أن أشرب فٌها خمرا،
فقرّت عٌناي بذلك ،وإنّ لً منادح فً العسل وماء الحٌوان .وكذلك من لم ٌتب من الخمر
فً الدار الساخرة لم ٌُسقها فً اآلخرة.
وٌنظر الشٌخ فً رٌاض الجنة فٌرى قصرٌن منفٌٌن ،فٌقول فً نفسه ألبلؽنّ هذٌن
القصرٌن فؤسؤل لمن هما؟ فإذا قُرب إلٌهما رأى على أحدهما مكتوبا :هذا القصر لزهٌر أبن
أبً سُلمّى المزنً وعلى األخر :هذا القصر لعبٌد بن األبرص األسدى ،فٌعجب من ذلك
وٌقول :هذان ماتا فً الجاهلٌة ولكنّ رحمة ربنا وسعت كل شًء ،وسوؾ ألتمس لقاء هذٌن
الرجلٌن فؤسؤلهما بما ؼفر لهما .فٌبتدئ بزهٌر فٌجده شابا كالزهرة الجنٌة ،قد وهب له قصر
من ونٌة(*) ،كؤنه ما لبس جلباب هرم وال تؤفؾ من البرّم وكؤنه لم ٌقل فً المٌمٌة (:)2
ثمانٌن ً
حوال .ال أبالكٌ ،سؤم سئمت تكالٌؾ الحٌاة ومن ٌعش
قول :جٌر ،جٌرا! أأنت أبو كعب وبجٌر؟فٌقول نعم فٌقول -أدام هللا :بم ؼفر لك ،وقد
كنت فً زمان الفترة .والناس همل ،ال ٌحسن منهم العمل؟ فٌقول :كانت نفسً من الباطل
نفورا ،فصادفت ملك ؼفورا ،وكنت مإمنا باهلل العظٌم ،ورأٌت فٌما ٌرى النابم ً
حببل نزل
من السماء ،فمن تعلق به من سكان األرض سلم ،فعلمت أنه أمر من أمر هللا .فؤوحٌت بنًّ
وقلت لهم عند الموت :إن قام قابم « ٌدعوكم إلى عبادة هللا فؤطٌعوه ،ولو أدركت محم ًدا
لكنت أول المإمنٌن ،وقلت فً المٌمة ،والجاهلٌة على السكٌنة ،والسفه ضارب بالجران:
لٌخفى .ومهما ٌكتم هللا ٌعلم فال تكتمن هللا ما فً نفوسكم
لٌوم الحساب اوٌعجل .فٌنقم ٌإخر فٌوضع فً كتا ٍ
ب فٌدخره
43
وٌظل فً حوار مع الشٌخ الجنٌ ،ورد أبو العبلء خبلله من صنعه وٌلتزم ما ٌلتزم
فً القافٌة على صورة دٌوان لزوم ماال ٌلزم أو اللزومٌات(.)1
وٌنقل من ناحٌة إلى أخرى فً هذا المكان بٌن الجنة والنارٌ ،لقً فٌه بعض الشعراء
كالحطٌبه والخنساء ،وفً لقابه مع الخنساء(ٌ )2قول...« :فإذا هو بامرأة فً أقصى الجنة
قرٌبة من المطلع إلى النار فٌقول :من أنت؟ فتقول :أنا الخنساء السّلمٌة ،أحببتا أن انظر إلى
صخر ،فؤطلعت فرأٌته كالجبل الشامخ ،والنار تضطرم فً رأسه فقال لً :لقد صح مزعمك
فًّ ٌ ،عنى قولً:
كؤنه علم فً رأسه نار صخرا لتؤتم الهداة به
ً وأن
فٌطلع فٌرى إبلٌس .لعنه هللا .وهو ٌضطرب فً األؼبلل والسبلسل ومقامع الحدٌد
تؤخذه من أٌدى الزبانٌة ،فٌقول :الحمد هلل الذي أمكن ٌا ع ّدو أولٌابه ،لقد أهلكت من بنً آدم
طوابؾ ال ٌعلم عددها إال هللا فٌقول :من الرّجل؟
فٌقول :أنا فبلن من أهل «حلب» كانت صناعتً األدب ،أتقرب به إلى الملوك،
فٌقول :ببس الصناعة ،إنها تهبُ ؼفّة من العٌش ال ٌتسع لها العٌال ،وإنها لمزلّة بالقدم ،وكم
أهلكت مثلك ،فهنٌبا لك إذا نجوت ،فؤولى ،وإنّ لً إلٌك لحاجة ،فإن قضٌتها شكرتك ٌد
المنون.
فٌقول :إنً ال أقدر لك على نفع ،فإن اآلٌة سبقت فً أهل النار أعنى قوله تعالى:
حرمها
« ونادى أصحاب الجنة أن أفٌضوا علٌنا من الماء أو مما رزقكم هللا ،قالوا إن هللا ّ
على الكافرٌن».
فٌقول :إنً ال أسؤلك فً شًء من ذلك .ولكنى أسؤلك عن خبر تخبرٌنه:
لقد قال الحق ،ولم ٌزل قابله من الممقوتٌن ،فبل ٌسكت من كبلمه .إال ورج ٌل فً
أصناؾ العذابٌ .ؽمض عٌنٌه حتى ال ٌنظر إلى ما نزل به من النقم ،فٌفتحها الزبانٌة
بكبللٌب من نار ،وإذا هو بشار بن برد ،قد أعطى عٌنٌن بعد الكمه.
لٌنظر إلى ما نزل له من النكال فٌقول له.أعلى هللا درجتهٌ.ا أبا معاذ،لقد أحسنت فً
مقالك و أسؤت فً معتقدك و لقد كنت فً الدار العاجلة أذكر بعض قولك فؤترحّم علٌك .ط ّنا
أن التوبة ستلحقك مثل قولك:
45
س ْبد» فً بعض قوافٌها .فإن كنت
اآلن وقع منك الٌؤس،وقلت فً هذه القصٌدة «ال ُّد
أردت جمع سّبدٍ ،وهو طابر ،فإنّ فعبلً ال ٌجمع على ذلك ،وإن كنت سكنت الباء فقد أسؤت.
ألن سكبت الفرحة ؼٌر معروؾ ،وال حجة لك فً قول األخطل:
ٌراجع ما قد فاته بردا ٍد وما كل مؽبون إذا سلؾ صفقة
وال فً قول اآلخر :
أبى من تراب خلقه هللا آدما ترابى فقلت:صدقتم
ُّد وقالو:
لؤلن هذه شواد .فؤما قول جمٌل.
محجل
ّ صر ٌدد
جمٌع بذات الرضم َ وصاح ٌبٌن من ٌثبته و ال ّنوى
فإن من أنشده بضم الصاد مخطا ،ألنه ٌذهب إلى أنه أراد الصّرد .فسكن الراء
وإنما صرْ ٌد .أي خالص .من قولهم :أحبك حبا ّ صُرْ ًدا»
و ٌلتقً فً النار بعد ذلك جماعة آخرٌن من الشعراء كامرئ القٌس و طرفة و
عمرو بن كلثوم ٌقؾ مع كل واح ًد منهم وقفة كالتً وقفها مع بشار ،وهو فً النار ٌعود
()1
أدراجه إلى الجنة وٌختم حدٌثه فً العود بحدٌث حٌات الجنة وما دار بٌنه وبٌنها
من حوار و حدٌث ذي شجون ٌجوالن فٌه فً كل وا ٍد من أودٌة الشعر واللؽة على
عادة أبً العبلء دابما إذا ٌؤتً بالشعر فٌقؾ عند ؼربٌة من لؽ ٍة فٌفصّل و ٌبحر من معلومة
إلى أخرى معتمدا على فٌض ثرثار من علمه الج ّم...و ٌنهى المطاق برإٌة و العجاج من
أهل الرجز(.)2
ثم ٌقول «...وٌذكر.أذكره هللا بالصالحات .ما كان ٌلحق أخا الندام من فتور فً
الجسد من المدام،فٌحتار أن ٌعرض له ذلك من ؼٌر أن ٌنزؾ له لبّ وال ٌتؽٌر علٌه
خبّ ،فإذا هو ٌخال فً العظام الناعمة دبٌب نمل،أسرى فً المقمرة على رمل .
فٌترنم ٌقول «إٌاس بن األرت»
ٌ ّطل لكل أنملة دبٌب أعاذل لو شربت الخمرح ّتى
لما أتلفت من مالى مصٌب إذا لعذرتنى و علمت أنى
47
ٌعرض الى ما ادل به اٌن القارح من حججه الخمس فٌقول :
«وكانً عماعم الحجٌج ٌرفعون التلبٌة بالعجٌج ،وهو ٌفكر فً تلبٌات العرب ،وانها
جائت على ثالث انواع ،مسجوع ال وزن له ومنهوك ،ومشطور »
هو – إذن – ال تؤخذه رهبة الموقؾ ن ولٌس للخشوع ما كان فً قلبه و إنما هو مشؽول
بؤمر األوزان التً جاءت علٌها تلبٌات العرب وٌمضً ابو العبلء فٌورد قطعا من الشعر
ٌرى ان ابن القارح البد ان ٌذكرها وهو ٌإدي مناسكها ،فمن ذلك قول الشاعر (:)1
بمكة ،والقلوب لها وجٌب ذكرتك والحجٌج له عجٌج
به هلل أخلصت القلوب فقلت ،ونحن فً بلد حرام
حنٌت فقد تطاهرت الذنوب أتوب الٌك ٌا رباه مما
زٌاتها فانً ال أتوب فؤما من هوا لٌلى وحبً
وعجٌب أمر هذا الحاج الذي ٌتشبث بلٌبلء فً موقؾ من المفروض فٌه أن ٌنسى كل
أمور دنٌاه وراء اسم لٌلى ضع كل ما ترد من أهواء ورؼابب – بعد – أن ٌختار أبو العبلء
أبٌاته هذه من شعر المجنون وفً ذلك ما فٌه من ؼمر .
وعن دعوى ابن القارح إقبلع عن الكؤس والخمر فان أبو العبلء ٌلقفها وٌمطر الشٌخ
2
بسخرٌاته ،فٌصوره وقد اعد مهه خنجرا كخنجر ابن الرومً ،فإذا جلس فً مجلسه
«فٌكون هذا الخنجر منه فإذا قضً أن ٌمر بباب الكهل المرقل ( الزق الجلدي ) وثب الٌه
وثبة تمر متخلفة من وقٌر أمر فوجؤة بذلك الخنجر وجؤة فانبعث بمثل الدم الخالص
الخالص من العندم»
وكان ابن القارح قد ذرك فً رسالته أن بعض الناس عرض علٌه كاس خمر فامتنع
عنها وقال :خلونًٌ والمطبوخ على مذهب الشٌخ االوزاعً وٌقؾ أبو العبلء عند هذا
القول فٌعبث بالشٌخ ساخرا وٌعرض به قاببل « :والتوبة اذا لم تكن نصوحا لم ٌلقا خلقها
منصوحا ،وكان فً بلدنا رجل مؽرم بالقهوة ن فلما كبر رؼب فً المطبوخ ،وكان ٌحض
( -)1فوزي محمد أمٌن" ،فً النثر العباسً القرن الرابع وما بعده" ،دار المعرفة الجامعٌة( ،د.ط)2003 ،م ،ص.96
) -)2المرجع نفسه ،ص.97
48
م هندامه وبٌن ٌدٌه خردازي فٌه مطبخة ،وعندهم قدح واحد فاذا جاء القدح الٌه لٌشرب
عسله من اثر الخمر »...
وٌدور أبو العبلء بابن القارح دورة أخرى فٌسن له إنما ٌشكوه من الضعؾ والوهن
بٌع السبعٌن ال ٌدل إال على ضٌق بالعجز ال ضٌق بالحٌاة ولعله لو أحس نبض العافٌة لعاد
إلى دنٌا لهواه ،وعالم لذابذه(.)1
وٌقتن أبو العبلء فً فضح الشٌخ وتعرٌته فٌحكى له خبر أبً عمر بن العبلء وقد كان
ٌداري شبٌه بالخضاب«:ماشتكى فً بعض األٌام ،فعادة بعض أصحابه فقال :تقول إن شاء
هللا من علتك فقال ،ما آمل بعد ست وثمانٌن وعاد إلٌه وقد تماثل فقال :ال تحدث بما قلت
لك».
وٌمعن أبو العبلء فً العبث بالشٌخ فٌلوح له بؤنه ما زال مهوى أفبدة النساء وبخاصة
العجز والمكتهبلت(:)2
«ولعله لو نشط لهذه المارٌة ،لتنافست فٌه العجز والمكتهالت وعلت خطبه ،المكتهالت،
الن العاقلة ذات اإلحصاؾ تجنب إلى معاشرة حلٌؾ اإلنصاؾ »
وتسنح الفرصة للتعرٌض بحٌاة ابن القارح فً مصر وبؤنه ما زال متعلقا بسبب ،وان
تظاهر بؤنه ال ٌنبؽً من المرأة إال معٌنا على الكبر «.وال شك انه قد استخدم فً مصر
أصناؾ حوار ،وهن من مآرب موار ،ولوال إن أخ الكبرة ٌفتقر إلى معٌن ،لكانت الحزامة
ان ٌقتنع بورد المعٌن »
أما عن البخل والشح وانعدام المرإة والنخوة فقد قدم ابن القارح صٌدا سهبل ن حٌث
عن بنت أخت سرقت منه ثبلث وثمانٌن دٌنارا ،وشكاها للسلطان «وهللا لو علمت أن األمر
ٌجري كذا كنت قتلته »
ولعل أبو العبلء تعجب كثٌرا لهذا المسلك ،إذ كٌؾ ال ٌشكو اإلنسان إلى السلطان
اقرب الناس إلٌه ،ولعله تساءل عن هذه المسكٌنة لو كانت لقٌت من خالها عطفا وبرا،
أكانت تلجا إلى السرقة؟ وأي حرص على الدنٌا اشد من إن ٌكون المال أحب إلى رجل من
قرابته وأولى رحمه(.)3
) -)1فوزي محمد أمٌن" ،فً النثر العباسً القرن الرابع وما بعده" ،دار المعرفة الجامعٌة( ،د.ط)2003 ،م ،ص.83
) –(2عابشة عبد الرحمان" ،قراءة جدٌدة فً رسالة الؽفران" ،نص مسرحً من القرن الخامس هجري ،معهد البحوث
والدراسات العربٌة ،القاهرة ،ط ،1979 ،1ص.46
50
كما انه أراد أن ٌزكى نفسه لدى حكٌم المعرة وأدٌب حلب وعالم الشام ،فٌطٌل فً
سرد محفوظه من اللؽة و األخبار والشعر واإلعبلن عن براعته ،والتعرٌؾ بحٌاته ورحبلته
وشٌوخه.
تقول بنت الشاطا «ٌ ...جارٌه أبو العبلء فٌبهره بؤمالٌه اللؽوٌة واألدبٌة وٌستدرك
الرد علٌه ،ما فاته فٌما عرض له فً رسالته إلى أبً العبلء من قضاٌا تارٌخٌة ونقدٌة
وأدبٌه»(.)1
وال نذكر فٌما قرانا لؤلبً العبلء ،على طول صحبتنا له فً أثاره ما ٌشٌر إلى ابن
القارح من قرٌب أو بعٌد ،وإنما ٌؤتً ذكره لؤلول مرة على لسان أبً العبلء ،فٌما نقل ابن
القارح نفسه فً رسالته حٌث(ٌ )2قول « :بلؽتنً عن موالي الشٌخ أدام هللا تؤٌٌده انه قال
وقد ذكرت له -أعرفه خٌرا -هذا الذي هجا أبا القاسم بن الحسٌن المؽربً ،فذلك منه -أدام
هللا عزه -رائع لً – خوفا من ان ٌستشٌر طبعً ،وان ٌنصرنً بصورة من ٌضع الكفر
موضع الشكر»(.)3
ومنها تعلم ابن القارح جاء ذكره فً مجلس أبً العبلء مما زاد على أن قال:
«اعرفه خٌرا – إي سماعا – هذا الذي هجا أبا القاسم بن علً ابن الحسٌن المؽربً»
()4
()5
وهذه العبارة التً اختارها أبو العبلء تعنً بإٌجار الشر و الحقوق و العذر و النفاق"
إذن ٌتضح مقصد ' ابن القارح ' فً الرسالة إنه التعرٌض بؤبً العبلء المعري و
الؽمز فً معتقده وأبو العبلء إذ ذاك مستهدؾ لمثل هذه األلوان من التعرٌض بما اثارته
إشعاره و كتاباته و التزامه بمسلك ؼرٌب فً الحٌاة و إال فما شان أبً العبلء بالزنادقة
بحشدهم له ابن القارح فً رسالته و بكرم على سمعه إخبارهم لو لم ٌكن بعرض به وٌعده
واحد منهم(ٌ )6قول طه حسٌن « :ولسنا نشك فً ان علٌا أبا منصور بن القارح الذي كتبت
)–(3
عابشة عبد الرحمان" ،رسالة الؽفران ألبً العبلء ،سلسله تراث واإلنسانٌة ،مج ،2ص.42
) -)4المرجع نفسه ،الصفحة نفسها
) ) -عابشة عبد الرحمان" ،قراءة جدٌدة فً رسالة الؽفران" ،ص.45
5
وسحبة ذلك كله كان رد أبً العبلء المعري متلطفا فً السخرٌة بابن القارح بعدما
وصلت رسالته تنضح نفاقا و خبثا و زادت أبا العبلء علما بكاتبها الذي أؼال فً نهش جثة
أبً القاسم المؽربً مٌتا وتنكر لمن كانوا أولٌاء نعمته ( آل المؽربً ) وأفحش فً سبهم و
هجابهم فكانت مقدمة الؽفران رمزا لشخصٌته فً وجدان أبً العبلء (.)3
- 3مصادر الرسالة:
إن فكرة البعث و النشور و نعٌم الفردوس و تعذٌب األشقٌاء فً الجحٌم لٌس من األفكار
الطاربة التً تسببتها رسالة ابن القارح و لكنها فكرة متؤصلة فً قرارة نفسه ،نبتت ونمت
وتوشجت أصولها ونضج ثمرها فً قلبه نحو نصؾ قرن.
ولعل أول محاولة له فً اكتناه البعث والتردد فً قبول الرواٌات واألخبار قوله فً
مستهل حٌاته األدبٌة وهو فً الرابعة عشرة من عمره فً نونٌته التً رثاها أباه و التً
ٌقول فٌها(.)4
إذا صار أحد القٌامة كالعهن فٌا لٌت شعري هل ٌخؾ وقاره
مع الناس أم ٌؤتً الزحام فٌستؤنى وهل ٌرٌد الحوض الروي مبادرا
والخٌال الذي ألهمه المعري فصور "الؽفران" فً رسالته على نحو الذي عرفناه
هو نفسه "المالئكة" و فً هذه الرسالة أٌضا ٌتجلى خٌال المعري فٌطوؾ بالجنة و النار
ٌقرع أبوابها و ٌخرج مع الخزنة و الحراس و المبلبكة محاورا.
فرسالة المبلبكة قد مهدت لرسالته فً الؽفران أوان الفكرة األولى قد نضجت فؤٌنعت
فكانت ثمرة جنٌه فً "الؽفران" كانت حشو مادتها رأٌه فً الرواة الذٌن صحفوا فً الشعر
القدٌم و فً الشعراء الذٌن نجو من عذاب هللا(.)1
) -)1طه حسٌن" ،تجدٌد ذكرى أبً العبلء" ،ص.212
) -)2شوقً ضٌؾ" ،الفن ومذاهبه فً النثر العربً" ،دار المعارؾ ،مصر ،ط( ،9د.س) ،ص.127
) -(3عابشة عبد الرحمان" ،قراءة جدٌدة فً رسالة الؽفران" ،ص.47
) -)4أبو العبلء المعري" ،اللزومٌات" ،دار بٌروت للطباعة والنشر ،ج ،1ص.132
52
و قد ذهب محمد مندور إلى أن فكرت الرحلة إلى العالم األخر لدى أبً العبلء لٌست
شٌبا مما ابتكره المعري وإنما فكرة قدٌمة عرفتها اآلداب القدٌمة ،وهو بهذا ٌرد على العقاد
الذي ذهب إلى إن فكرة الرحلة إلى العالم اآلخر شًء لم ٌسبق المعري فٌه إلى لوسٌان
الٌونانً فً محاورته األولمب و الهاوٌة ٌقول محمد منذور .... " :وفكرة الرحلة إلى العالم
اآلخر قدٌمة قدم اإلنسانٌة ،عرفها الٌونان قبل لوسٌان ،وعرفها العرب قبل أبً العبلء
والكل ٌعلم ما فً أساطٌر الٌونان من وصؾ هومٌروس لنزول اورفٌوس إلى العالم اآلخر،
و فً شعر فٌرجٌلوس كثٌرا من هذا الرابعة "الجمٌلة" وصنؾ الحارث بن أسد المحاسبً
()2
فً "التوهم" الذي نشره المستشرق اربري و صدر له أحمد أمٌن »
) -)1منٌر سلطان" ،التضمٌن والتناص""وصؾ رسالة الؽفران للعالم األخر نموذجا" ،منشؤة المعارؾ ،اإلسكندرٌة ،ط،1
،2004ص.90
) -)2محمد مندور" ،فً المٌزان الجدٌد" ،نهضة مصر للطباعة والنشر ،القاهرة ،1997 ،ص.32
) -)3سورة فاطر ،اآلٌة .10
) -)4سورة إبراهٌم ،اآلٌة .5-4
)-)5ابوالعالء المعري رسالة الغفران تج :بنت الشاطئ دار المعرفة القاهرة 1969 ،م ،ص . 152
53
األبد ،ما قدر له عارض موم و ال لبس ثواب المحموم .وذلك كله بدلٌل قوله تعالىَ «:م َثلْ
ٌن وأ ْن َهاُر مِنْ َل َب ٍن َل ْم ٌَ َت َؽ ٌَّ ُر ُط ْع َم ُه وأَ ْن َها ُر الج َّنة التًِ ُو ِع َد ال ُم َّتقونَ فٌِ َها أَ ْن َها ُر مِنْ َم ٍ
اء آسِ ٍ ْ
ص ّف َى ولَ ٌده ْم فٌِ َها مِنْ ُك ِل ال َث َم ّرات » (.})1
()2
ار ِبٌنَ وأَ ْن َها ُر مِنْ َع َ
س ٍل ُم َ ش ِمِنْ َخ ْم ٍر لَ ّذ ًة لل َ
ُور ِه ْم من
صد ِكما ٌقول أٌضا { :إن األعداد قد تحولو إلى أصدقاء « :و َن َز َع َنا ما فً ُ
ب وما هم منها ب ُم ْخرجٌن »(.)4(})3 س ْر ٍر ٌدم َت َقابلٌن ،ال َتم ُّد
س ُهم فٌها َن َ
ص ُ ِؼل ِّد إخوا ًنا ،على ٌد
وتابعه بنً جعدة الشاعر شؽلته حٌاته فً الجنة على أن ٌذكر أشعاره {:وال مبلمة
ظالل على
ٍ ِهون ،هم وأَ ْز َوا ُجهم فً
ش ُؽل َفاك ُ إذا نسٌت ذلك « إنَ أَ ْ
ص َحاب ال ُجنة ال ٌَ ْو َم فً ُ
األرائِك ُم ْت ِك ُئون ،لهم منها فاكهة ولهم ما ٌدِّدعون »(.)6(})5
واألعشى شراب الخمر دخل الجنة مؽفورا له « :قُلْ ٌَا ِع َبادي الذٌن أسرفوا على
أَ ْنفُسه ْم ال َت ْقنطو مِنْ رحمة هللا ،إن هللا ٌَ ْؽف ُر ال ٌّذ ُنوب جمٌ ًعا ،إ ّن ُه هو ال َؽفُور َّ
الرحٌم »(.)7
وأهوال القٌامة أذهلت الناس { أما سمعت اآلٌةْ ٌَ « :و َم َت َر ْونها َت ْذهل ُكل ُ ٌدم ْرضِ عة
سكارى وما هم ِبسكارى ،و َلكنْ ض ُع ُكل ُ َذا ِ
ت َح ْم ٍل َح ْم َلها وترى ال َّناس ُ عما أَ ْر َ
ض َع ْت ،و َت َ
َع َذ َ
اب هللا َ
شدٌِ ٌدد»(.)9(})8
فؤبو العبلء قد رسم لنفسه أن تكون جنته هً ما ورد وصفها فً القرآن الكرٌم ،وكذا
النار فالقرآن حجة لمن ٌدخل الجنة وعلى من ٌدخل النار ولم ٌخطر ببال أبو العبلء أن
ٌخرج عن هذا اإلطار ،إطاره واضح ،وحركته مرسومة ،وخٌاله مقٌد.
ومن البدٌهً أن وصؾ العالم األخر لٌس هدفا فً ذاته ،وإنما هم مسرح الذي
ٌتحرك علٌه األبطال ،لؽرض فنً فً نفس أبً العبلء وقصة اإلسراء والمعراج تقؾ
شامخة فً عقل وخٌال كل مسلم ،سواء عرفها بالتفصٌل أو باإلجمال ،والمحرك األساس
س ْب َحانَ الّذي أَ َ
سرى ِب َع ْبدِه لٌالً مِنَ لها ما حدث فعبل لمصطفى صلوات هللا وسبلمه علٌهُ «:
) -)1عمر فروخ" ،تارٌخ األدب العربً" ،األدب فً المغرب واألندلس إلى أخر عصر ملوك الطوائف( ،د.ط) ،دار العلم
للمالٌٌن ،بٌروت ،ج( ،9د.س) ،ص.253
) -)2أبو الحسن سالم " ،الظاهرة الدرامٌة والملحمٌة فً رسالة الغفران" ،ص.76
) -)3زكً مبارك" ،النثر الفنً فً القرن 4هـ" ،دار الجٌل ،بٌروت( ،د.ط)( ،د.س) ،ص.62
57
فحٌن نجد رأي د.ضٌؾ أن التوابع والزوابع محاكاة لرسالة الؽفران وأن ابن شهٌد
كان ٌقلد أبً العبلء ألنه أدرك عصره وألن شهرة أبً العبلء كانت ضابعة فً المشرق
والمؽرب.
وعلٌه فإن اختلفت الواحدة عن األخرى نجد شًء جوهرٌا هو ان المعري قد قصد
الفردوس والجحٌم فً رحلته الخٌالٌة فً حٌن كان أبن شهٌد قد توجه إلى وادي الجن فً
الحٌاة الدنٌا على أن المادة األدبٌة واللؽوٌة تجري فً نحو مختلؾ فً هذه الرسالة عن
األخر
- 4أسلوب الرسالة:
تعتبر رسالة الؽفران من أهم أثار أبً العبلء وأؼناها ,رأى فٌها القدماء دلٌبل على تمكن
أبً العبلء من األدب واطبلعه وقال الصفدي فً الؽٌث المعجم « ومن وقؾ على كبلم أبً
العبلء المعري فً رسالة الؽفران فً ذٌنك البٌتٌن للنمر بن تولب:
خٌال طارق من أم حصن ألم بصحبتً وه ّم هجوع
وحوارى سمن
متى شاءت ّ لها ما تشتهً عسل مص ّفى
وكٌؾ ؼٌر القوافً منها ،ونزلها على سابر حروؾ المعجم ،خبل حرؾ الطاء –علم تمكن
أبً العبلء من األدب وإطبلعه»(.)1
حتى أولبك الذٌن تحاملوا على أبً العبلء ورموه بسوء المعتقد ورأوا فٌما صوره
من رحلة الؽفران مزدكة واستخفافا ،لم ٌكتموا إعجابهم بما توما إلٌه من مقدرة أبً العبلء
األدبٌةٌ ،قول الذهبً وهو واحد من أولبك المتحاملٌن.
« له (رسالة الؽفران) فً مجلد ،قد احتوت على مزدكة واستحقاق وفٌها أدب كثٌر »(.)2
وأبو العبلء عاش حٌاته مع اللؽة العربٌة حتى تحولت الكلمات لدٌه إلى كابنات حٌة،
تمر أمام ذاكرته فً ومضة كلما استدعاها كل كابن حً أو كل كلمة معروفة أصلها،
وتطوراتها وأشكالها التً اتخذتها واستعماالتها المختلفة ،رجل مثل هذا حٌن ٌنشا رسالة
تتزاحم علٌه الكابنات ،كلمات وعبارات وأشعار وأمثاال ،وقرآنا وحدٌثا شرٌفا ،ثم تنطلق فً
سبلسة إلى حٌن تصٌب المعنى الذي ٌرٌده ،والسجع الذي نراه لٌس مقصودا لذاته ،بل
) -)1طه حسٌن" ،تجدٌد ذكرى أبً العبلء" ،دار المعارؾ ،القاهرة ،ط ،6ص.485
) -)2المرجع نفسه ،ص.189
58
لقدرته على الوفاء بالمعنى ،وؼرابة األلفاظ مسؤلة نسبٌة مرتبطة بدوران الكلمة على األلسن
أو هجرانها أمكانها(.)1
(: )2 ٌقول فً مطلع الرسالة
« قد علم الجبر الذي نسب إلٌه جبرائٌل ،وهو فً كل الخٌرات سبٌل أن فً مسكنى
حماطة ما كانت قط أفافٌة وال الناكرة بها ؼانٌة تثمر من مودة موالي الشٌخ
الجلٌل...،وأن فً طمري لخصبنا وكل بؤذاتً ،لو نطق لذكر شذاتً ما هو ساكن فً
مر بجبل وال خٌ ٍ
ؾ.» ... الشقاب وال بمتشرؾ على النقاب ما ظهر فً شتاء والصٌؾ ،وال ّ
« بحرها بالحكم مسجور ،ومن قرأها مؤجور ،إذ وٌقول قد وصلت (الرسالة) التً
كانت تؤمر بقبل للشرع ،وتؽٌب من ترك أصال إلى فرع ،وؼرقت فً أمواج بدعها
الزاخرة ،وعجبت من ا ّتساق عقودها الفاخرة ،ومثلها شفع ونفعّ ،
وقرب ،عند هللا ورفع،
وألفٌتها مفسحة بتمجٌد ،صدر عن بلٌػ مجٌد »(.)3
فاللؽة هنا تستجٌب للمواقؾ المتباٌنة ،ولكنها ترتقً درجة عن اللؽة األدبٌة السهلة،
مثلما نجد لدى ابن المقفع والجاحظ بل ،ما نجده عند إبن الشهٌد فً " التوابع والزوابع" هً
لٌست هدفا ،بل وعاء لتراث امتد أربعة قرون قبل أبً العبلء كما هً وسٌلة أبً العبلء فً
أن ٌحٌا حٌاته بالطرٌقة التً ٌهواها ،فهً مملكته ومالكته وهو حاكمها وأسٌرها (.)4
كما أنه ٌعتمد فً الرسالة تارة على الخبر وطورا على اإلنشاء ،وقد أكثر من
استعمال االستفهام اإلنكاري ،ومن مثل قول إبلٌس للزبانٌة « :أال تسمعون هذا المتكلم بما
ال ٌعنٌه ،قد شؽلكم وشؽل ؼٌركم عن ما هو فٌه ،فلو أن فٌكم صاحب ذي خبرة قوٌة لوثب
وثبة حتى ٌلحق به فٌجذبه إلى سقر .)5( »...
ٌقول كمال البازجً ... «:هذا الجانب (األسلوب) إنه ٌمثل مرحلة طوٌلة من
مراحل األدب العربً ،وٌجمع ثروة طابلة من ؼرٌب مفردات اللؽة وعجٌب صورها
) -)1كمال الٌازجً" ،األسالٌب األدبٌة فً النثر العربً" ،من عصر على بن أبً طالب إلى عصر ابن خلدون ،دار الجٌل،
لبنان ،ط1986 ،1م ،ص.119
) -)2أبو الحسن سالم" ،الظاهرة الدرامٌة والملحمٌة فً رسالة الغفران" ،دار الوفاء لدنٌا الطباعة والنشر2003 ،م،
(د.ط) ،ص.9
60
األحداث ومبدأ التسلسل وقانون العلٌة ولٌنفتح باب البلمعقول على مصراعٌه ،فٌصٌر كل
شًء معقوال ومقبوال.
فهو اقل إؼراقا من القصاصٌن والوعاظ فبطل الؽفران قد ؼرس له -إن شاء هللا-
بذلك الثناء شجر فً الجنة ،لذٌذ اختباء ،كل شجرة منه تؤخذ ما بٌن المشرق الى المؽرب
بظل ؼاط»(.)1
حمٌد بن ثور العبللً ( من عوران قٌس ) ،صار بصره حدٌدا ٌ ،قول للسابل « :إنً
ألكون فً مؽارب الجنة ،فلمحت صدٌق من أصدقابً ،وهو بمشارقها وبٌنً وبٌنه
مسٌرة ألوؾ أعوام للشمس التً عرفت مسٌرها فً العاجلة ،فتعالى هللا على كل بدٌع» (.)2
وتخٌل أٌضا إوزة فً حجم البختً «فٌم ّنها بعض القوم شواء فتمثل على خوان من الزمرد،
( )3
فإذا قضٌت منها للحاجة عادت بإذن هللا إلى هٌؤت ذوات الجفاح »
ٌقول إحسان عباس « :ولقد رأى أن المقارنة بٌن خٌال المعري وما حفلت به من
أساطٌر سٌطلعنا على أن أبا العبلء لم ٌبتكر شٌبا جدٌدا فً نظرته إلى الجنة وأننا نجد
طبٌعة خٌاله من التضخٌم والقلب والتولد .)4(»...
معتمدا أٌضا أسلوب الحوار الذي شد القارئ إلى متابعة الحكاٌة إلى نهاٌتها ،ككبلمه
عن بٌت فً أقصى الجنة وفٌه رجل لٌس علٌه نور سكان الجنة وأكثر أبو العبلء من
استعمال الحوار سواء فً كبلمه عن الجنة ،أو الجحٌم ،أو فً جنة العفارٌت ،أو فً
جزٌرة الرجز .
أبو العبلء ال ٌعطً نفسه لقاربه بسهولة ،وإنما على القارئ أن ٌخترق إلٌه حججا
عدٌدة لعل أسٌرها حجاب ؼرٌب اللؽة أما ما وراء ذلك فؤلوان من التموٌه والتخفً،
وصرؾ القارئ بالظاهر عن الباطن ،والتلفٌق الذي قد ٌصل القارئ فً ؼما لٌله وما سار
به.
ولعل اخفً ما واجهنا فً الؽفران هو تلوٌح أبو العبلء ببٌت ٌذكره من قصٌدة إلى بٌت أو
أبٌات منها وإلى القصٌدة برمتها ،وٌورد أبو العبلء ما ٌذكره ملفقا برأي نقدي ،أو ٌجعله
65
4هـ ،إذ تمكن المعري من اقتحام تعد رسالة الؽفران قمة النبوغ الفكري فً القرن
عالم العجابب العقلٌة والعلمٌة بفضل الرابعة األدبٌة التً قدمها للقارئ ،فلقد حوت رسالته
على نجم كبٌر من األنواع األدبٌة وجاءت فً أسلوب متفرد وحاكها بشكل متمٌز جعل منها
مبلذا للباحثٌن ٌلهثون وراء اكتشاؾ سر هذا اإلرث األدبً.
( -)1محمد فكري الجزار "العنوان وسمٌوطٌقا اإلتصال األدبً" الهٌبة المصرٌة العامة للكتاب ،سلسلة دراسات أدبٌة،
القاهرة (د.ط) 1998ص.19
(-(2
،1 علً آٌت أدشان" :السٌاق والنص الشعري من البنٌة إلى القراءة" دار الثقافة للنشر والتوزٌع .الدار البٌضاء .ط
2000ص.142
66
" اللهم اؼفر لنا مؽفرة وؼفرانا وإنك أنت الؽفور الؽفار ٌا أهل المؽفرة وأصل الؽفر
التؽطٌة والستر ،ؼفر هللا ذنوبه أي سترها(.)1
فقد اشتق الؽفران من الفعل الثبلثً (غ.ؾ.ر) الذي جاء على وزن فعبلن مثل
"قرآن" أو "فرقان".
والؽفر ،الؽفران :قال ؼفرانك ،الؽفران مصدر وهو منصوب بإظمار وفً تخصٌص
ذلك قوالن :أحدهما التوبة من تقصٌره فً شكر النعم التً أنعم بها علٌه بإطعامه وهضمه
وتسهٌل مخرجه فلجؤ إلى اإلستؽفار ،فلقد ارتبطت المؽفرة والؽفران بالتوبة.
وٌؽفر ،ؼفران :ستره وكل شًء سترته فقد ؼفرانه والؽفران إٌمحاء المعصٌة وتحدٌد
الصلة باهلل بعد التوبة( .)2فعنوان الرسالة هنا داال على المؽفرة والتوبة وتحدٌد صلة العبد
بربه ولقد اتصل الؽفران أٌضا بالشفاعة التً أوكلت للرسول (ص) هو شفٌع األمة ٌوم
الحشر مثلما جاء فً صٌؽة نداء:
( -)1ابن منظور :لسان العرب مادة (غ.ؾ.ر) المطبعة األمٌرٌة ط1ص.646
( -)2المصدر نفسه مادة (غ.ؾ.ر)الصفحة نفسها .
( -)3رسالة الؽفران ص.44
( -)4رسالة الؽفران ،ص.43
( -)5المصدر نفسه ص.70
( -)6المصدر السابق ،ص.46
67
نبلحظ أن الؽفران ٌقع على الفاعل فٌكون مؽفورا له وٌقوم به الفاعل فٌكون ؼفارا
وؼفورا لذا ٌتخذ الؽفران سمة (اٌجابٌة-أدبٌة) بإعتبار أن القٌمة مؤخوذة فً مظهرها
االصطبلحً هً دون شك وحدة أو عنصر داللً إذ ذكرت فً التنزٌل الحكٌم وهً صفة
()2
هللا له سلطان قبولها قوله تعالً "وهللا ٌدعو إلى الجنة والمؽفرة بإذنه"
وقد دلت لفظة الؽفران على القدرة اإللهٌة وهً النقطة والؽاٌة التً ٌود ذوات النعٌم
ابن قارح على وجه الخصوص تحقٌقها حتى ٌتمكن من ولوج الجنة وهو ما حدث بالفعل،
نبلحظ أٌضا أن لفظة "ؼفر" تجسدت فً سإال ابن القارح الذي ٌستفسر من خبللها عن
سبب دخول أهل الجنة ،الجنة وهذا ما دلت علٌه األسبلة التً كان ٌطرحها على كل
شخصٌة كما سبق وذكرناها "بم ؼفر لك؟"
ٌعتبر هذا السإال مفتاحا ٌطرق به أؼوار الذوات فً خباٌا قصصهم وما أمكنهم من
تحقٌق برنامجهم السردي القاعدي هو دخول الجنة والفردوس وكذا الؽفران الذي لقوه من
رب العالمٌن فؤمكنهم من موضوعهم القٌمً وكما سبق وأشرنا أن مصدر ؼفران على وزن
قرآن وهذا ما ٌجعل اختٌار المعري لهذه اللفظة دون سإالها مقصودا ( )3ألنه استنبط من
القرآن تصوٌر الفضاء ٌن الجنة والنار واتصال المؽفرة باهلل وخضوع المبلبكة لؤلوامر
لذلك كان العنوان وظٌفٌا تعٌٌنٌنا ( ،)4ألنه ٌعٌن النص فنعطٌه عبلمة دالة علٌه بالنسبة
لؤلشخاص فهو العبلمة األولى التً تصادؾ القارئ لؽوٌا واصفا( .)5ألنه ٌمكن من تجلٌة
العبلقة الضدٌة بٌنة من النص.
وقد تشاكل العنوان مع الؽفران فهو ٌدل على ؼفران هللا لعباده متمثبل فً النص من
خبلل الشخصٌات التً ولجت الجنة.
ونحن نتصفح العنوان نستشؾ حثا على المؽفرة ألنها عبارة عن رسالة تنم عن
التواصل بٌن المتلقً والباث .وقد أدت القراءة المعجمٌة للعنوان والتً تستكٌن إلى مكوناته
اللؽوٌة التً نضعها فً صلب القاموس وذلك ما ٌجعل "فعل القراءة فعل منحصر فً بنٌة
مؽلقة تحدد العبلقة بٌن الدال والمدلول فً حرقبة المعنى" الهدؾ منه هو تقرٌب المعنى
ومعرفة صلة العنوان بالنص وقد جعل اإلهتمام بالعناوٌن وداللتها إلى بروز دراسة تهتم بها
فً مجال السٌمٌابٌات وهو ما ٌعرؾ بـ سٌمٌابٌة العنوان.
إن المكان (الفضاء) هو الحٌز الذي ٌشؽله الفعل المنظور ( )1وقد انطلق جٌرار جٌنات
إلى موضوع المكان باعتباره الداللة التً ٌنتجها أو أفضٌة النصوص فهً تعتمد اللؽة
لتشكٌل السٌاقات التعبٌرٌة لها ارتداد فً المعنى فقد ٌكون هذا المعنى أساسٌا حقٌقٌا أو
مجازٌا وبالتالً فإن اإلستباق المجازي تنتج صورا ذهنٌة تشكل الفضاء الداللً للنص
والصور هً فً الوقت نفسه الشكل الذي ٌتخذه الفضاء وهً الشكل الذي تهب اللؽة نفسها
له ،بل أنهار من فضابٌة اللؽة األدبٌة فً عبلقتها مع المعنً" (.)2
vision de l'espaceإذ ٌرى أما ؼرٌماس فٌحدد مفهوم المكان من منطق الرإٌة
أنه الفضاء النصً حسب اقتراحه موضوع مهٌكل ٌحتوي عناصر منقطعة ؼٌر مستمرة
لكنها متمددة عبر امتداده وفق نظام هندسً ممٌز ٌساهم فً تصوٌر التحوالت والعبلقات
المحركة المحسوسة بٌن الذات الفاعلة داخل الخطاب السردي(.)3
فالمكان فً رسالة الؽفران ثابت األحداث ومكون أدبً باعتباره اإلطار الذي بسط
علٌه المعري أحداثه حٌث استوعب فٌه حركة الشخصٌات فلم ٌعرض المكان دفعة واحدة
وإنما جزأ فضاءاته بحسب حركة البطل وتنقبلته ،فبل ٌستطٌع القارئ اكتشاؾ أطراؾ الجنة
إال عندما ٌجتازها ابن القارح وال إلى مشموالتها إال عند زٌارته لهاٌ ،عد هذا التواشح بٌن
مكونات البنٌة القصصٌة دلٌبل على نبوغ القاص فً نسج عالمه الفنً فالمكان عبر فضاءاته
الثبلثٌة ٌعبر عن مواقؾ المعري وآرابه لذا سٌنحصرإلى ثبلثٌة (الجنة ،المحشر ،النار) ولو
أن المحشر هو الحد الفاصل بٌن الثنابٌة المكانٌة (جنة ،نار) إذ ٌمكن اعتباره البلمكان
لمحدودٌة سعته ونسبة عذابه على عكس الجنة وفً النعٌم األبدي والنار هً العذاب
السرمدي وأول فضاء نستعمل به هو:
-1-2فضاء الجنة:
إن الجنة فضاء ٌحس المعري كؤنها مكان من أمكنة الدنٌا فهً محدودة بمشارؾ
ومؽارب وهذه ذات نقاط قرٌبة وأخرى بعٌدة وفٌها علو وسفول ،وفٌها عتمة واشراق
وكؤنها نسبٌة ،ولٌست مطلقة ،فالجنة فً علو والنار فً سفول وهذا أمر طبٌعً فً الوجدان
( -(1عبد الحمٌد هٌمنة" :عبلمات فً اإلبداع الجزابري" دراسات نقدٌة رابطة اهل القلم ،الجزابر ط .2006 2ص.114
(2(-
http// www.symosemio.com/greimas calantiel.asp
( -)3رسالة الؽفران ص.26
( -)4كمال أبو دٌب :جدلٌة الخفاء والتجلً دراسات بنٌوٌة فً اشعر ،دار العلم للمبلٌٌن بٌروت-لبنان ط 1979 ،1ص.46
( -)5المرجع نفسه ،ص.47
70
وذلك ما توضحه الملفوظات السردٌة اآلتٌة " ومن شرب منها النبؽة (الجرعة) فال موت
()1
بدأ من هنالك القوت"
إن الصور الواردة فً الملفوظات أعبله تنم عن وجود لحٌاة فً اآلخرة ٌجري بها
العبد الخٌر نكال أفعاله الصالحة ولقد أظهر المعري من خبللها التحام الوحدات المعجمٌة
لها فً اٌضاح وتجلٌة التواصل الحً للحٌاة وقد كان لوصؾ األشٌاء مكانا هاما حٌث
وصفت أبارٌق الخمرة وصفا جلٌا تزٌد من جلب القارئ واإلنسان قصد التقرب من هللا
والفوز بالجنة ،وصورة األبارٌق تبرز روعة مشموالت النعٌم وتباٌنها عن محتوٌات الدنٌا
وذلك من خبلل:
()2
وأبارٌق خلقت من الزبرجد
"ولو رأى تلك األبارٌق ،أبو زٌد لعلم أنه كالعبد الماهن (".)3
"وأبارٌق مثل أعناق الطٌر"
()4
هناك تدقٌق فً الوصؾ لجؤ إلٌه المعري لٌرؼب فً الجنة وٌرهب من النار نبلحظ
أن صورة اإلبرٌق من خبلل الملفوظات السردٌة أعبله جاءت فً شكل شًء مادي ملموس
هو وصؾ لشكلها ومادة صنعها وحسن صورتها وعلٌه فلقد ارتبطت هنا بالشكل المادي أما
إذا تتبعنا اقتفاء الصورة فً النص نبلحظ تجلٌها من خبلل مسارات أخرى وهً تدل
وتتصل بمضمون آخر لٌس شٌبا جامدا وهذا من خبلل الملفوظات التالٌة " :تحملها
أبارٌق"( .)5واألبارٌق هنا بمعنى جارٌة إبرٌق إذا كانت تبرق من حسنها وجمالها ٌقول
الشاعر:
()6
جنً النخل ممزوجا بصهباء تاجر وؼٌداء إبرٌق كؤن رضابها
استعملت صورة إبرٌق فً سٌاقٌن متتالٌٌن ،دل السٌاق األول على اإلبرٌق باعتباره
شٌبا مادٌا ملموسا وجامدا أما السٌاق الثانً ٌدل على اإلبرٌق باعتباره شٌبا مادٌا ملموسا
حٌا وٌتمثل فً المرأة ولقد استعار المعري بالفعل (تحملها) للداللة على أنها إنسان ٌحمل
تلك األبارٌق وألن االستعارة مبنٌة على المشابه فإن المعري شبه النساء باألبارٌق وذلك فً
الحسن والجمال ولذلك فإن الناظر إلٌها تجذبه األبارٌق التً ٌفرغ منها الخمر فً قٌمة
إن فضاء أي نص ٌنم عن سعة السارد الخٌالٌة ،حٌث إن األحداث انتشرت بٌن
ثناٌاها وفً هذا ٌصبح ابن القارح باعتباره المتلقً للخطاب ولقصص اآلخرٌن ،فً هذا
الموضع هو الباث لقصته وفٌها ٌتم رصد جمٌع الصور المدرجة تحته ولقد الخوؾ نتٌجة
حتمٌة لهول المقام واشتداد الظمؤ.
فالمحشر ٌتوسط الجنة والنار وٌمثل بذلك العذاب تحت مؽنم الخوؾ والضعؾ فابن
القارح باعتباره الشخصٌة المهٌمنة والمتواجدة بكثافة عبر أحداث الرحلة الؽفرانٌة فقد تمٌز
بالسلبٌة فهو ٌتسم بصفة الضعؾ وذلك ما نلمسه من افرازه الصرٌح لذلك" :وأنا رجل
مهٌاؾ"( )3أي بمعنى سرٌع العطش لشدة الظمؤ ٌوم الحشر.
ولقد كان لشخوص النص صفة الجبن والحماقة والخوؾ وألن الشخصٌة "مورفٌم
فارغ فهً بذلك بٌاض داللً"( )4تحٌل إال على نفسها فكما أن المعنً لٌس معطى ال فً
بداٌة النص وال فً نهاٌته ٌقول روالن بارت " فإن الشخصٌة ال تكتمل مالمحها إال مع
( -)1فلٌب هامون :سٌمولوجٌة الشخصٌات الروابٌة تر سعٌد نبكراد :عبد الفتاح كلٌطو د.ط الرباط 1990ص.9
(-)2
المصدر نفسه ص.39
( -)3رسالة الؽفران ،ص.55
( -)4المصدر نفسه الصفحة نفسها.
73
()1
"أتكلمنً بمثل هذا الكالم فاخلٌع بن صنٌعة وقدمت كافرا"
وهذا اعتداء من النابؽة على األعشى فً جدالهما وكذا البٌت الشعري ألبً هدرش حٌن
قال:
()2
من بعد ما عشت بالعصٌان مشهورا ثم اتعضت وصارت توبتً مثال
إن العصٌان عدم الطاعة وهو الكفر بعٌنه ،فالعصٌان معنم للصورة النواتٌة كفر وقد اقتفٌنا
تنامً هذه الصور فً النص ومصٌر الكفر هو العذاب.
وفً هذا المقام فإن ذكر فضاء النار هو ذكر للشٌطان ولشعراء الجاهلٌة الذٌن أصلوا
نارا توقد أفبدتهم جزاء لهم على سوء أفعالهم.
وآرابه النقدٌة فٌها ٌرتبها حسب درجة علمها وفقهها بالشعر ووصؾ المكان فً
النص العبلبً فسنجده ٌشؽل نصؾ الرحلة بالنسبة للجنة بٌنما ٌؤخذ الجحٌم جزءا بسٌطا
مقارنة بالنعٌم وذلك ما ٌفسر اتجاه المعري النقدي من مسؤلة الجزاء والعقاب لذا كان
وصؾ المكان لم ٌرد اعتباطٌا ،فكل تصور له هو ولٌد رإٌا خاصة (.)3
وتتجلى داللة المكان "النار" فً صور العذاب من ذلك نجد ما ٌصفه السارد من
شدة العذاب "فؤطلعت فرأٌته كالجبل الشامخ والنار تصطدم فً رأسه الصخرا"
()4
كؤنه علم فً رأسه نار" وإن صخرا لتؤثم الهداة به
تصطدم النار فً رأس صخر فرؼم شموخة والنار تحرق ،وقد اشتعلت فً الرأس
الذي ٌعد مركز التفكٌر ،فآل مصٌر صخر إلى هذا الحد ٌتعذب وٌشقى وٌستهتر ابن القارح
فً جولته لفضاء النار فٌطلع إلى إبلٌس الذي لعنه وجعله منتشرا فً األرض بشره ملعونا
إلى ٌوم ٌبعث الناس وٌتجلى ذلك من خبلل الملفوظ السردي " فٌرى إبلٌس لعنه هللا وهو
فٌطلع ٌضطرب فً األؼالل والسالسل( ")5واألؼبلل والسبلسل تدل على القٌد واالرتباط
باللعنة والنار وهما عنصران سلبٌان ٌتصفان بهما إبلٌس كما اتصؾ بالعداء والعداوة فً
قول ابن قارح "الحمد هلل الذي أمكن منك ٌا عدو هللا وعدو أولٌائه" ( )6إبلٌس إذن هو
صورة للحقارة والذل والخبث والشر والعصٌان ولقد تمكنت القراءة من تبٌان ذلك ولقد جمع
(-)1
المصدر نفسه ص52
( -)2المصدرنفسه الصفحة نفسها .
( -)3سمٌر المرزوقً وجمٌل شاكر "مدخل إلى نظرٌة القصة" دٌوان المطبوعات الجامعٌة ،الجزابر د.ط 1995 ،ص.65
( -)4رسالة الؽفران ص.54
(-)5
المصدر نفسه ص.53
(-)6
المصدر نفسه ص.54
74
إبلٌس جل المساوئ والمنكرات وأضرم فً النار خالدا فٌها أبدا وال ٌختلؾ شؤن إبلٌس من
شؤن بشار الذي فضل الشٌطان على آدم علٌه السبلم
وعلٌه فالصور فً النار لها معنى داللً على عكس صور الجنة فنجد العذاب
والكفرو الدناسة ،الرذابل القلق والحزن على عكس مما نجد فً الجنة :النعٌم ،الخٌر،
اإلٌمان ،الطهارة ،الصدق.
كلها ثنابٌات ضدٌة فبل ٌقول السارد شٌبا إال وأوتً نقٌضه فالنص مبنً على الخبلفٌة فً
معناها العام بدلٌل تواتر المعالم المشكلة له فً عبلقات تقابلٌة وهو ما ٌشكل البنٌة النصٌة
والتمفصل الداللً له ٌتجلى على النحو اآلتً:
حدد السارد معالم وتعٌٌنات لفضاء الجنة ؼٌر أنه لم ٌحدد المعالم لفضاء النار،فصور
الجنة حددها باالتساع فً حٌن صور النار بالضٌؾ وهو ما ٌوضحه المخطط الذي ٌوضح
فضابً الجنة والنار حسب ما أورده السارد على النحو اآلتً:
المكانٌــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
األبعاد ال أبعاد (ال معالم)
(المعالم)
جنة نار
الجانبٌة الحجم المساحة
هول كبٌر
ثنابٌة العامل الفاعل والعامل موضوع القٌمة :وهً ثنابٌة تخضع لعبلقة الرؼبة التً
ٌسعى وراءها إلمتبلك موضوع القٌمة.
ثنابٌة العامل المرسل والعامل المرسل إلٌه :وهً ثنابٌة تتحكم لعبلقة تواصل وتبلٌػ،
حٌث ٌكون المرسل فً البداٌة محركا للمرسل إلٌه الذي ؼالبا ما ٌكون هو نفسه
الفاعل ،ثم سرعان ما ٌؽدو فً نهاٌة المطاؾ مرسبل مقوما له ومقٌما لؤلفعال
واألعمال التً أنجزها.
ثنابٌة العامل المساعد والعامل العارض :هً ثنابٌة قابمة أساسا على عبلقة صراع،
حٌث ٌعتبر المساعد قوة مإٌدة للفاعل فٌما ٌكون المعارض قوة مناوبة له (.)1
بهذا التحلٌل النظري ،نستطٌع أن نتبٌن مظاهر فاعلٌة النظام العاملً فً الخطاب القصصً
المتناول والذي مبلحظ فٌه أن العامل الفاعل هو ابن القارح ألنه رؼب فً امتبلك موضوع
القٌمة وهو "دخول الجنة" باؼته الوحٌد والمعبر عنه سٌمٌابٌا بالمرسل هو "الموقؾ (الومد،
األمد ،الظمؤ) على أن هذا المرسل المجردٌ ،جد له مرسبل إلٌه هو نفسه الفاعل أي ابن
القارح أما عن المساعد متمثل فً مجموعة هً "الرسول (ص) ،فاطمة ،الجارٌة ،ابراهٌم،
علً رضً هللا عنه ،حمزة" وفً عامل معارض ٌمثله "رضوان" و"زفر".
(-)1
مجلة المعنً للسعٌد بوطاجٌن دار األمل للطباعة العدد األول جوان 2008ص.67
76
وٌتجلى لنا هذا التحلٌل فً الرسم البٌانً للنموذج العاملً اآلتً:
ابن قارح دخول الجنة الموقؾ
(الومد .األمد .الظمؤ)
رضوان زفر ابن قارح الرسول (ص)
فاطمة،الجارٌة،إبراهٌم،علً،حمزة
تمثل الترسٌمٌة العاملٌة الشكل العام لمسار الذات فً سعٌها لتحقٌق موضوعها
القٌمًٌ .لقى الفاعل ابن القارح المساعدة من الرسول (ص) باعتباره شفٌعا له وذلك بثبوت
توبته كما القى المساعدة من فاطمة التً أرسلته إلى أبٌها مع أخٌها إبراهٌم فهو ٌمثل الناقل
له أما الجارٌة فهً التً أجازته من الصراط وخدمته بعد أن أودعه حمزة عم الرسول
(ص) إلى علً (رضً هللا عنه) التً سمعت دواوٌنه كاملة فؤبى له السماح بدخول الجنة
فبلقى العنزة الذٌن كلموا فاطمة فً أمره كل هإالء ساهموا فً ادماج البرنامج السردي
لبلبن القارح باعتباره السٌد ولو لم ٌسمحوا له بالدخول فقط أعانوه على ذلك فً سٌرورة
طالت به إلى ذلك أن وصل إلى الرسول (ص) أما المعارضة التً لقٌها فكانت من خارنً
النار رضوان و زفر فهما لم ٌعارضاه إال أنهما ٌمثبلن الطاعة والخضوع وال قوة لهما فً
الشفع لذلك وٌعتبر المعارضة هنا لٌست معارضة بمحظ اإلرادة الذاتٌة بل داللة قاطعة على
وجوب طاعة أوامر هللا والخضوع للقدرة اإللهٌة أما الذات فكانت المستفٌدة من البرنامج
المحقق ألنها تمكنت من دخول الجنة لموضوع قٌمً وهذا الدخول ٌتعارض مع هول
الموقؾ الذي عانته فً المحشر فإذا كانت الجنة هً عالم الراحة والسعادة فإن المحشر هو
عالم التوتر والحزن والجحٌم وهذا ما دفع (ابن القارح) إلى تحقٌق الموضوع القٌمً.
77
-2-3البرنامج السردي:
ٌتعلق البرنامج السردي بحركٌة العوامل حٌث ٌعرؾ بمجموع الحاالت والتحوٌبلت الطاربة
على عبلقة الفاعل بموضوع القٌمة هً إما عبلقة إتصال ما ٌعنً امتبلكه له أو عبلقة
انفصال بفقدانه عنه واستبلبه منه(.)1
ٌقوم نص الؽفران على عبلقة انفصال /VS/اتصال فاالنفصال عن الموضوع قابم بٌن
الذات وموضوعها وهً تحاول عبر البرنامج السردي القاعدي اإلتصال له بالحاح واصرار
شدٌدٌن.
فإذا كانت الذات فً عبلقة اتصالٌة بموضوعها فهً ال بد أن ترؼب فً اإلنفصال عنه
وإذا كانت الذات فً عبلقة انفصالٌة بموضوعها فهً ال بد أن ترؼب فً اإلتصال بهذا
الموضوع(.)2
أما عبلقة الفصل والوصل نمت بصورة مخالفة من ذوات النص األخرى ألنها كانت
متصلة بالموضوع فمثبل بعد ما كانت منفصلة عنهم فً الدنٌا أصبحت متصلة بهم فً
اآلخرة ولقد ورد ظهورها لذكر سبب ولوجها النعٌم وعلٌه نمثل لها بـالمخطط التالً:
اتصال انفصال
اآلخرة الدنٌا
إنبنى المشروع السردي للذات الفاعلٌة على حالتً اإلنفصال واإلتصال فهً سعً
إلى اإلنفصال عن الجحٌم واإلتصال بالنعٌم وذلك ما ٌجعلنا ندرج المشروع السردي لها فً
صورة هً دخول الجنة المعبر عنها بـ :التمتع باللذابذ +الحٌاة األبدٌة.
وتهتدي الذات إلى استعمال الحٌلة فً سبٌل تحقٌق برنامجها السردي وذلك بنظم
الشعر مقلدة فً ذلك وزن لشعراء األوزان.
فهً تحاول أن تظهر الود لؤلهل الجنة من الخزنة (رضوان ،وزفر) (حمزة وعلً)
()3
وذلك بمدحهم بما ال تقره نفسها الموسومة بالكذب زٌنت لً النفس الكاذبة بؤن أنظم شعرا
وهذا ما ٌجعلنا نضع الذات فً خانة الكذب فٌما تظهره عكس ما تخفٌه فالذات تنطوي على
قٌمة أخبلقٌة سلبٌة هً الكذب نافٌة عنها قٌمة أخبلقٌة أخرى هً الصدق.
( -)1مجلة أدبٌة محكمة "المعنً" محمد لخوش ربٌس التحرٌر السعٌد بوطاجٌن ،دار األمل للطباعة والنشر العدد األول
جوان ،2008ص.67
( -)2المرجع نفسه ص.69
( -)3رسالة الؽفران ص226
78
تحاول الذات اثبات قٌمة االتصال بالموضوع وذلك بنظم الشعر والتقرب من أهل
النعٌم وهو ما ٌدل على رؼبة شدٌدة وملحة من قبل الذوات لدخول الجنة ولقد وجد ابن
القارح الجنة (رضوان وزفر) وإلى حمزة وعلً بالشعر حٌث مازح فٌه المدح بالرثاء
عندما مدح حمزة ببٌت من الرثاء قاله كعب بن مالك فً حمزة والمفارقة التامة هً التقرب
من الممدوح بالرثاء الذي ٌعد نوعا حسنا من الشعر ٌختلؾ عن المدح
()1
وبكً التاء على حمزة صفٌة قومً وال تعجزي
فالتعبٌر ٌنوط على سعً الذات لبلنفصال عن الجحٌم واالتصال بالنعٌم والثبات ٌنوط
باستقرار الذوات األخرى فً الجنة أو النار فهً قد حققت برنامجها السردي مسبقا
وورودها فً النص هو سبب ذكر ؼفرانها الذي ؼالبا ما كان الشعر سبب ولوجها الجنة،
ٌجمع بٌن الذات وموضوعها عبلقة االنفصال فً البداٌة لتتحول إلى عبلقة اتصال بعد
تحقٌق البرنامج السردي لها فً محور داللة هو الرؼبة ،وقد القت مساعدة من قبل حمزة،
وعلً والعنزة وفاطمة وهً عوامل مساعدة فً الموضوع وفً المقابل القت معارضة من
قبل الملكان رضوان ،زفر حقق محور داللً قابم على الصراع "."le conflit
فمحور الرؼبة "ٌ "le désirتجسد فً الذات "ابن القارح" وموضوعها القٌمً للجنة.
مدار الحكً هنا تحقٌق الذات لرؼبتها فً الموضوع (أو عن الموضوع) فاألمر
ٌحتاج إلى مساعدة لرؼبة الذات وأخرى معارضة لتلك الرؼبة ومن ثم ٌرتسم محور ثان
هو "محور الصراع" الذي ٌتضمن عبلقة تقابلٌة بٌن عاملٌن آخرٌن "المساعد "adjuvant
والمعارض " "opposantفاألول ٌقوم على مساعدة الذات فً تحقٌق رؼبتها والثانً ٌضع
الحواجز دون تحقٌق هذه الرؼبة(.)2
وكانت العوامل المساعدة للذوات األخرى هً نفسها المساعدة البن القارح فً
دخوله الجنة (الرسول (ص) ،حمزة ،فاطمة ،علً) الذي القى معارضة من نفس الملكان
رضوان ،زفر (نفس معارضة الذوات) تحقق بذلك محور الصراع.
(-)1
المصدر السابق ص 226
( -)2عبد الواحد الرابط "السمٌاء العامة وسٌمٌاء الداللة" الدار العربٌة للعلوم –بٌروت ط 2010 ،1ص.156
79
أما المحور الثالث فهو "محور التواصل" وهو ٌقوم على تعالٌق عاملٌن هما
فالمرسل هو الباعث على الفعل ()1
المرسل " "destinateurوالمرسل إلٌه ""destinataire
(الموقؾ –الظمؤ ،الومد )-هو الذي ٌدفع الذات إلى أن تكون لها رؼبة فً الموضوع (رؼبة
ابن القارح فً دخول الجنة) ؼٌر أن هذٌن العاملٌن (المرسل والمرسل إلٌه) ال ٌدركان إال
فً المستوى الذهنً للفعل فهما ٌتحددان ،كما أشار إلى ذلك سعٌد بنكراد من خبلل موقعهما
فً البداٌة والنهاٌة ،بصفتهما مكونٌن سردٌٌن ٌإطران مجموع التحوالت المسجلة داخل
النص(.)2
ؼٌر أن العامل " "actantلٌس هو الشخصٌة ،وإنما هو مقولة مجردة تجد تجسٌدها
فً السرد من خبلل ممثل " "acteurأو أكثر والممثل بدوره قد ٌكون شخصٌة أو أي شًء
آخر ٌإدي وظٌفة عاملٌة معٌنة داخل البرنامج السردي (.)3
" "acteurفهو ٌقوم بدور موضوعاتً ٌسعى علٌه منذ ٌعتبر ابن القارح ممثبل
البداٌة والموضوع القٌمً المتمثل فً دخول الجنة .نسق الوسابل والسبل ولقد أبهر "ابن
القارح" نفسه كثٌرا بؽٌة تحقٌق هدفه فنظم شعرا على وزن ما جاء به األولون حتى ٌرضى
خازنً الجنة رضوان وزفر فٌم أحدهما أسعد نظم على قافٌة شعراء المعلقات (امرئ
()4
القٌس) فً :قفا نبك من ذكرى التً أرددها "ابن القارح" قفا نبك ذكرى حبٌب وعرفان
وقد اختار عرفان لتؤتً على وزن رضوان الذي لم ٌؤبه له ولكن ابن القارح لم ٌٌؤس وذلك
ما ٌبرزه المردود السردي اآلتً" :فلم أزل أتتبع األوزان التً ٌمكن أن ترسم لها رضوان
حتى أفنٌتها" ٌتسم ابن القارح باإلصرار واإللحاح لٌس لؽرض سوى الخبلص من هول
المقام الذي لم ٌصبر عنه كالباقٌن بل تعجل الفوز لخوؾ فً نفسه.
وبالتالً ٌدل ذلك على تحقق البرنامج السردي الذي نرمز له بالصٌؽة النهابٌة:
(-)1
المرجع السابق ص.157
( -)2المرجع السابق ،الصفحة نفسها.
(-)3عبد الواحد الرابط "السمٌاء العامة وسٌمٌاء الداللة" الدار العربٌة للعلوم –بٌروت ط 2010 ،1ص.158
( -)4رسالة الؽفران ص223.
80
ٌتوزع( )1السرد وفقا لعملٌات أو تحوالت تقضً من نقطة إلى نقٌضها وذلك ٌتجلى من
خبلل الؽفران الذي بنى على هذا التقابل الذي ٌتمفصل داللٌا وفق المربع السٌمٌابً الذي
ٌعتبر كمثال أصولً لشكلنة المعنً( )2أي أنه هٌكلة للتمفصل الداللً المبنً على عبلقات
باعتباره شكبل ٌضع عبلقات التضاد les contrairesوالتناقض les contradictions
وعلٌه فهو ٌكتسً بذلك طابعا شكلٌا.
ٌقول مارسٌلو داسكالٌ" :سلم جرٌماس بالطابع المستقل للدالالت وٌسٌر إلى علم
الداللة مهمة بنٌة عالم الدالالت المحاٌث وٌنظم هذا العالم الداللً – حسب ؼرٌماس -فً
بنٌات التعارض التً تستقل نمط وجودها عن نمط حضوره فً األفعال التواصلٌة وهً
بنٌات مستقلة عن اللسان ،ولهذا ٌعتبر علم الداللة نفسه صراحة محاولة لوصؾ عالم
الصفات المحسوسة بعبارة أدق جزء من أجزاء علم الداللة العام أي السٌمٌوطٌقا التً تهتم
مباشرة بدراسة مجموعة المقوالت واألصناؾ الموضوعة التً ٌمكن مبلمستها على
مستوى اإلدراك(.)3
ومن هنا ٌمٌز ؼرٌماس نمطٌن من الوحدات الداللٌة األكثر تعقٌدا وذلك اعتمادا على
التقاببلت الموجودة بٌن الوحدات المدلولٌة.
ٌشرح أنور المرتجً مضٌفا "إن منظمة البنٌة البسٌطة للمعنً والتً توجد على
مستوى البٌنة العمٌقة ،تؤخذ عند قراءتنا للنص اسم المربع السٌمٌابً carré semiotique
ألن السٌمٌابً كما ٌقول ؼرٌماس ال تكتفً بعملٌة المزاوجة بٌن المفاهٌم والقٌام بإٌجاد
التعارضات اإلستبدالٌة بل ٌجب علٌه أن ٌقدم نموذجا ٌسعى إلى الكشؾ عن منظومة
المعنى وهذا هو دور المربع السٌمٌابً ،أما الهدؾ من مشروع الداللة البنٌوٌة عند
ؼرٌماس فهو البحث عن الشروط التً بواسطتها نتلقى المعنى" (.)4
(-)1
2003 جٌرالد برنس المصطلح السردي تر عابد حزندار ،وتفا محمد بربري المجلس األعلى للثقافة د.ط القاهرة
ص.7
(-)2
جمٌل شاكر وجمٌل المرزوقً مدخل إلى نظرٌة القصة تحلٌبل وتطبٌقا" ص.123
(-)3
مٌشال أرٌفٌة و آخرون "السٌمٌابٌة األصول .القواعد ،التارٌخ"تر :رشٌد عبد المالك ،م:عز الدٌن المناصرة ،دار
مجدالوي للنشر األردن ط 2008 -1ص.47
( -)4أنور المرتجً سٌمٌابٌة النص األدبً منشورات ادم لقٌا ،الدار البٌضاء ،د.ط 1987ص.52
81
األرسطٌة حٌث ٌتخذ عناصر دنٌا من المصطلحات المحددة عبر عبلقات الفصل والوصل
وتقوم هذه العبلقات بٌن أقطاب المربع السٌمٌابً.
وكل معنى ال ٌقوم على تعارضات ثنابٌة فقط وإنما على تعارضات رباعٌة ألن
منظمة "المربع السٌمٌابً ذات طبٌعة منطقٌة داللٌة وٌجب أن ٌنظر إلٌها باعتبارها سابقة
عن كل استعمال ( )1فالمربع فً الوقت نفسه شبكة عبلقات ومتتالٌة افتراضٌة من العملٌات
المنظمة ٌمنحنا بذلك الشروط الدنٌا للخطاب".
ولعل أول تمفصل داللً فً نص الؽفران هو المقولة الوجودٌة حٌاة – موت التً
إنبنى علٌها نص المعري بشكل عام والتً تمفصلت داللٌا وبالتالً ٌمكننا تجسٌد هذه القطبٌة
فً المربع السٌمٌابً الذي ٌوضح العبلقات القابمة بٌن أقطابه والتً تعد هٌكلة هندسٌة
للمعنً ٌتصؾ باستحالة رإٌة جدٌة ٌتواجدان معا ،فهو ٌتماشى جٌدا مع اإلشتراط البنٌوي
السوسٌري بؤنه ال ٌكون فً اللسان ،أو فً نظام الداللة ،مهما كان صؽٌرا ،سوى
اإلختبلفات فً الحدود األربعة هً تقاطعات ونهاٌات عبلقات (.)2
نجد اإلختبلؾ واضح بٌن القطبٌن حٌاة – موت ٌجمع بٌنهما عبلقات تناقض
والتضاد وهو ما ٌعنٌه المحدثون من وجود لفظٌن ٌختلفان نطق وٌتضادان معنى كالقصٌر
مقابل الطوٌل والجمٌل مقابل القبٌح ( )3ونص الؽفران ثري بالمتقاببلت الضدٌة التً أفرزتها
المعاٌنة والمحاٌثة للنص فلم تكن بٌن ثنابٌة الموت والحٌاة عبلقة تناقض وتضاد فهناك
عبلقات أخرى ضدٌة الدنٌا VSاآلخرة .جنة VSنار .األمل VSالٌؤس .كذب VSصدق
وؼٌرها من الثنابٌات الضدٌة التً أفرزها نص الؽفران.
وما ٌهمنا هنا هو الثنابٌة الضدٌة موت – حٌاة التً ٌمكننا تجسٌدها فً المربع السٌمٌابً
الذي هو البناء الكامل للنص حٌث تتٌح لنا القراءة العنكبوتٌة له ،وذلك بإقامة العبلقات
الحاصلة بٌن أقطابه:
نار جنة
محشـر
عملٌات عبلقات
مفاوضات تضاد
تؤكٌد تناقض
استلزام
ال
نبلحظ أن لفظ المحشر ٌتوسط الحٌاة ،الموت و اثرنا وصعه فً هده الخانة الن فصاء
المحشر هو الفضاء الدي ٌشهد حساب الناس فٌجبون فٌه بعد الموت لٌحاسبوا على ما
اقترفوا ،فٌكون اإلنسان فٌه بٌن الحٌاة و الموت و فٌه ٌتحدد مآل،فإن كان فعله خٌرا نال
الثواب و إن كان ش ّرا نال الثوابالعقاب و لدلك فإن المحشر هو الموت .
لقد دخلت الحٌاة فً النص من خبلل الصور الدالة علٌها مثل المشروبات ممثلة
فً :السوابل كالعسل ،اللبن ،الخمرة ،المؤكوالت وهذه األشٌاء ملموسة ٌدركها اإلنسان بٌده
وٌتحسسها ومعنوٌة تحت معنم الحٌاة :اإلٌمان ،الصدؾ ،الطهارة ،الشعر ،األمل ،الراحة.
وأما الموت فقد تجلى فً :صور األصفاد ،األؼبلل ،السبلسل الدالة على القٌد
وهً أشٌاء ملموسة والمعنوٌة :الكذب ،النفاق ،الخوؾ ،الٌؤس ،القلق ،نبلحظ لفظ المحشر
ٌتوسط ال حٌاة ،ال موت ولقد أشرنا إلٌه فً الخانة ألن فضاء المحشر هو الفضاء الذي
ٌشهد حساب الناس فٌفٌقون فٌه بعد الموت لٌحاسبوا على ما اقترفوه فٌكون اإلنسان فٌه بٌن
83
الحٌاة والموت وفٌه ٌتقرر مآله ،فإن كان فعله خٌرا نال الثواب ،وإن كان شرا نال العقاب
ولذلك فإن المحشر هو ال موت وال حٌاة للعبد الذي ٌحصد عرصاته.
84
85
خاذنح :
ٔؽجؼب نهكم ثذاٚخ َٓبٚخ ثؼٌٕ هللا ٔ ؽًذِ ٔطهُب ػهٗ خزبو ْزا انجؾش ئٌ نى َمم خزبو انجؾش
رًبيب فًب انًٕػٕع انز٘ ؽشلُبِ فْ ٙزِ انًزكشح يب ْٕ ئال ثذاٚخ ألثؾبس ٔ دساعبد عذٚذح ٔ
لذ رٕطهُب ئنٗ انُزبئظ انزبنٛخ:
-أٔال ٔ لجم كم شٙء لذ أفهؼ انكبرت ف ٙرشكٛم ٔالدح ػًم أدث ٙعذٚذ ًٚضم ؽفشح ف ٙاألدة
انؼجبع ٙثخبطخ ٔ األدة انؼشث ٙثؼبيخ ٚزًضم ف ٙػًم لظظٚ ٙغٕة ف ّٛأثٕ انؼالء ػبنى
اٜخش ( انؼبنى انغٛج )ٙيزغغًب سؽهخ أدثٛخ يٍ أعًم يب ػشف ادثُب انؼشث ٔ ٙفَ ّٛغٛظ
غٛش يغجٕق ٔفكشح عذٚذح ؽطًذ كم أشكبل انُضش انجغٛؾ انًزًضم ف ٙانخطجخ ٔ انٕطٛخ .
-ئٌ ئشكبنٛخ ػجؾ انًظطهؼ نٛغذ ئشكبنٛخ ثًؼُبْب انؾمٛم ٙفارا كبَذ ربسح ٚطهك ػهٓٛب اعى
انشعبنخ ٔ أخشٖ يمبيخ ٔصالس سؽهخ ئنٗ انؼبنى اٜخش فاٌ رنك ساعغ ئنٗ اخزالف ٔعٓبد
َظش انُمبد ٔ انذاسع ٍٛؽٛبل ْزا انُزبط األدث ٔ ٙانًٓى ُْب اٌ انشعبنخ انًذسٔعخ ألشة ئنٗ
عُظ انمظخ يُٓب ئنٗ فٍ انشعبئم.
-ئٌ سعبنخ أثٕ انؼالء انز ٙعبءد ػهٗ شكم لظخ كبٌ انٓذف ٔساء رأنٛفٓب شخظٛب ثبنذسعخ
األٔنٗ ٚشي ٙطبؽجٓب ئنٗ انشد ػهٗ اثٍ انمبسػ.
-كًب أكضش انًؼش٘ ف ٙانشعبنخ يٍ اعزؼًبل غشٚت انهفع ف ٙانُض انًذسٔط يًب طؼت
لشاءرّ كَّٕ أساد رجٛبٌ لذسارّ انهغٕٚخ ٔ انفكشٚخ انزٚ ٙزغهٗ ثٓب َٔجٕغّ ف ٙانفٍ ٔ انشؼش
يٍ خالل اعزشٓذارّ.
ٚ -زظف أعهٕة انًؼش٘ ثبنزؼمٛذ ٔاخزالل انُظى فٕٓ يب ٚكبد ُٚزٓ ٙيٍ فكشح ؽزٗ َغذِ
ٚزُبٔل فكشح أخشٖ لجم اَمؼبئّ انفكشح األٔنٗ يًب ٚخم ثخبطٛخ انُض ٔ رنك نكضشح
اعزطشاد ٔ ششٔػ.
-رأصش انًؼش٘ ثمظخ اإلعشاء ٔ انًؼشاط ؽٛش الزجظ يُٓب انظؼٕد ئنٗ انؼبنى انؼهٕ٘ سافذا
يٍ األسع اثٍ لبسػ نٛغٕل ػجش يخٛهزّ ف ٙفؼبء انُؼٛى ٚغأل أْهٓب ػٍ عجت غفشآَى
ٔنمذ عًغ انًإنف ْزا كهّ ف ٙلبنت انغخشٚخ ٔ ػشة ػشع انؾبئؾ انمٛى اإلَغبَٛخ ثؼذيب
أشبس ئنٗ انغُظ ث ٍٛأْم انغُخ.
-نى ٚكٍ ٔطف انًؼش٘ نفؼبئ ٙانغُخ ٔانُبس ثُفظ انذسعخ يٍ انغؼخ فهمذ أخزد انغُخ
انًكبٌ األكجش ْٔ ٙثزنك رأخز كم انُض .
86
-خشق انًؼش٘ كم انًُطهك ثزأخٛشِ فؼبء انًؾشش ػٍ انغُخ ٔ األطم أٌ ٚأر ٙلجم انغُخ
ٔ انُبس.
ٔ -نمذ أٔػؼ ػاللخ انزاد ثبنًٕػٕع انم ٔ ًٙٛعؼٓٛب انًهؼ نزؾمٛك ثشَبيغٓب انغشد٘
انمبػذ٘ ْٕٔ دخٕل انغُخ
-عبػذ كم انزٔاد ئنٗ انًغفشح ٔ ْزا يب ٚذل ئنٗ طهخ انؼُٕاٌ ثبنُض ٔػاللزّ ثبنًزٍ ألٌ
انؼُٕاٌ َض يغجك ٔنمذ رشكم يغ انُض يٍ خالل انغفشاٌ .
ٔف ٙاالخٛش َأيم أٌ َكٌٕ لذ ٔفمُب ف ٙػًهُب ٔنٕ ثمذس ٚغٛش آيه ٍٛأٌ ٚكٌٕ ثؾضُب ْزا
دسة كم ثبؽش ٚشي ٙئنٗ يب سيُٛب َؾٍ ئنٗ رؾمٛمّ ٔ انٕطٕل ئن ٔ ّٛسثًب ؽٕسِ أكضش ٔ
رُبٔنّ ٔفك سؤٖ ٔ يُبْظ ٔ أفبق عذٚذح .
ٔػهٗ أٚخ ؽبل فؼهٗ انشغى يًب ػشػُب يٍ عٕٓد ف ٙدساعخ انُضش انفُ ٙانؼجبع ٙغطذ
عٕاَت ػذٚذح يُّ فاٌ انًغبل ال ٚضال خظجب ف ٙؽبعخ ئنٗ عٕٓد اخشٖ رٓزى ثمشاءح
َظٕطّ ف ٙظم يذاخم َمذٚخ يزؼذدح ٔ يزؼبفشح يًب ًُٚؼ انزؾهٛم ثكًبنٛبرّ انًُشٕدح .
87
88
أبو العالء المعري363 :ه – 449ه (973م1058-م).
تارٌخه:
طفولة معذبة وسعً وراء العلم :أحمد بن عبد هللا بن سلٌمان بن داود بن المطهر بن
زٌاد بن الحارث ابن األرقم بن أنور بن أسحم بن عثمان التنوخً المعروؾ بؤبً العبلء
المعري ولد سنة 363ه973/م فً معرة النعمان من حمص وحلب ونسب إلٌها ،أصٌب فً
طفولته بداء الجدري وفقد بصره( )1ولكن ذلك لم ٌحل دون تحصٌله للثقافة الواسعة ،فؤخذ
عن أبٌه مبادئ العلوم ثم راح ٌطوؾ فً البلدان من معرة النعمان إلى حلب إلى انطاكٌة إلى
البلذكٌة إلى طرابلس ،الشام ،باحثا ،منقبا ،نظم الشعر منذ حداثته وانقادت له القوافً لما
()2
انقادت إلٌه اللؽة وعلومها.
فً بؽداد:
توفً والد أبً العبلء المعري نحو سنة 1005م وفً سنة 1007م توجه أبو العبلء
إلى بؽداد طلبا للشهرة والمال وسكن حٌا قدٌما ٌدعى سوٌقة ابن ؼالب ،عاشر كبار الرجال
وأرباب الثقافة وكان له فً عاصمة الخبلفة أثر ضخم آثار إعجاب المدحٌٌن وحسد
الحاسدٌن ،ومن ذلك ماجرى فً مجلس الشرٌؾ المرتضى حٌن هوجم المسنى فهب أبو
العبلء للدفاع عنه(.)3
رهٌن المحبسٌن:
لزم المعري بٌته فً المعرة وسمى نفسه رهٌن المحبسٌن ٌعنً البٌت والعمى ،تؤثر
لفلسفة براهمة الهند واكب على المطالعة ونظم الشعر فوضع" رسالة الؽفران "ونظم دٌوان
فلسفً الذي سماه "اللزومٌات" وفً سنة 1058م توفً المعري وضجت لوفاته الببلد(.)4
أدبه :تزٌد مإلفات أبً العبلء على السبعٌن مابٌن منظوم ومنشور وقد فقد بعضها وطبع
البعض اآلخر وأشهر المطبوع منها:
- 1سقط الزند :دٌوان شعر نظمه فً شبابه.
- 2لزوم ماال لزوم :أو اللزومٌات.
- 3رسالة الؽفران :وضعها سنة 1032وضمنها نقدا لبعض اآلراء والمعتقدات.
ومإلفات أخرى منها" :الدرعٌات" دٌوان معتبر ٌشتمل على أشعار وصفت فٌها الدرع:
-رسالة المالئكة.
-رسالة الهناء.
-ملقى السٌل.
-رسالة التذكرة.
( -)1خلٌل شرؾ الدٌن" ،أبو العبلء المعري" ،دار مكتبة هبلل بٌروت ،1989ص.49
( -)2حنا الفخوري" ،الجامع فً تارٌخ األدب العربً" ،دار جٌل ،ط ،1بٌروت ،ص.844
( -)3مجد الدٌن الفٌروزبادي ،الببلغة فً تارٌخ أبمة اللؽة ،ط2001 ،1م ،ص.328
( -)4طه حسٌن" ،أبو العبلء المعري المجموعة الكاملة لمإلفات الدكتورة ،دار الكتاب اللبنانً ،ط ،1بٌروت،1974 ،
ص.129
89
-زجر النابح.
إلى جانب الفصول والؽاٌات كتاب القائؾ وهو كتاب ألفه على معنى كلٌلة ودمنة (.)1
-فضاء الجنة62-60......................................................................
-فضاء المحشر63.......................................................................
-فضاء النار66-64.....................................................................
92
البنٌة السردٌة67...........................................................
فاعلٌة النظام العاملً68-67 ....................................................
البرنامج السردي71-69.........................................................
المنظور االستداللً75-72.......................................................
خاتمة67-66......................................................................
ملحق71-70......................................................................
93
ملخص المذكرة :
لم تكن الؽاٌة من القصة المس جعة تحلٌل وضع معقد و ال تقوٌم سلوك ملتو ،و إنها كانت
مجرد وسٌلة لئلظهار ستة المعرفة فً شإون اللؽة ،أو وسٌبل إلى إثبات العذر على
التصرؾ بقول الكبلم و ضروب الصٌػ اللفظٌة لذلك جاء العنصر الروابً فٌها ؼثا باردا ،
ال ٌتخلله من تشابك األحداث ،و تضارب اآلراء ما ٌثٌر الخواطر و ٌحبس األنفاس وألوال
ما أودعها المنشا أحٌانا من ظرفه و كٌاسته لما استطاعت أن نشد القارئ إلٌها كثٌرا و ال
قلٌبل ،لذلك حكم الدهر علٌها بالخمول و السقوط .
و عذرنا فً إببلء هذا األسلوب هذا الجانب من االهتمام إن ٌمثل مرحلة طوٌلة من مراحل
األدب العربً ،و ٌجمع ثروة طابلة من ؼرٌب مفردات اللؽة و عجٌب صورها و تعابٌرها
،فهو و الحالة هذه ،أقرب إلى األدب التعلٌمً منه إلى األدب القصصً ،و خٌر ما ٌمثله فً
أدب العصر الحكاٌة اإللهٌة المعروفة بـ"رسالة الؽفران "ألبً لعبل ء المعري الرواٌة
اإللهٌة "
أنشؤ أبو العبل ء المعري هذه الرسالة صوابا عن رسالة وردت علٌه من صدٌقه ابن القارح
و الذي ٌظن لؤلول و حمله أن أبا العبلء ألهم مخطط هذه الحكاٌة بمجرد وقوفه على
مضمون الرسالة لكن الواقؾ على بعض آثاره األخرى ٌبدو له أنه ربما توصل إلى إجراء
أحداث حكاٌته على المسرح "السماء " بعد معاناة مراحل مهدت لذلك ،فبٌن الرسابل التً
أنشاها رسالتان قصٌرتان هما رسالة الهناء ،رسالة المبلبكة و هما من طبٌعة رسالة
الؽفران األولى تعرض لمعجزات األشٌاء و تنسج على منوالها خوارق ال تقل عتها
إعجازا ،و الثانٌة جولة فً عالم األرواح ،أبطالها من المبلبكة و مسرحها أشبه بالبرزخ
الذي ٌصل من األرض و السماء ،بحٌث ٌصح اعتبار رسالة الؽفران منهما بمثابة نهاٌة
المطاؾ ،أما الرباط بٌن حلقات هذه السلسة فالعنصر اإللهً و ظاهرة الخوارق ،و الروح
التهكمً المضمر فً ثناٌاها و استكماله لهذا االعتبار نذكر بعض الراسبٌن ٌرى ان أبا
العبلء فً اتجاهه هذا ربما استلهم قصة البراق الذي عرج التً علٌه إلى السماء فً رحلة
خٌالٌة خاطؾ أو رسالة التوابع و الزواج التً وضعها ابن سؤهبد األندلسً قبل ذلك بقصٌر
من الزمن فخمد أبو العبلء إلى معارضتها برسالة الؽفران .
94
رسالة الؽفران قصة خٌالٌة فً دٌار اآلخرة وضعها أبو العبلء جوابا عن رسالة وردت
علٌه من صدٌقة على بن المنصور الحلً المعروؾ ٌ،ا ابن القارح ٌستقٌه فٌها فً بعض
المسابل اللؽوٌة و القضاٌا األدبٌة فشاء أبو العبلء أن ٌخرج عن المؤلوؾ فً جوابه
فاصطحب ابن القارح فً رحلة خٌالٌة إلى العالم الثانً ضمن به ابن الصراط إلى الجنة و
طاؾ به فً أرجابها أو نادم الشعراء حٌنا أخر ثم انحدر به إلى الجحٌم حٌث شاهر أهلها
ٌقاسون العذاب األلٌم ثم عاد إلى النعٌم بعد زٌارة خاطفة إلى حنة العفارٌت و كان ابن
القارح .حٌثما الملقى شاعر من الشعراء الجنة ٌسال بما ؼفر لك فبذكر أبو العبلء لذلك
سًء سخٌفا على سبٌل التهكم ٌعلله سرعة الرحمة اإللهٌة.تحتل رسالة الؽفران المعري
مكانة هامة فً تارٌخ النثر الفنً العربً .لما فٌهما من خصابص اإلبداع فً الطرٌقة و ما
تتمٌز به فً طبٌعة الخٌال و السخرٌة و قد كانت المصادفة وحدها هً العامل الذي أدى إلى
ظهور هذه الرسالة فً وقت كانت الدراسات التقلٌدٌة تهتم بالسٌاقات الخارجٌة للنص كحٌاة
المإلؾ و بٌبته و ظروؾ معٌشته و نشؤته و إنتاج خطابه فقد ظهر .
95