Professional Documents
Culture Documents
المناهل الأخلاقية - صفات المؤمن
المناهل الأخلاقية - صفات المؤمن
3
�صفات امل�ؤمن يف مدر�سة �أهل البيت 4
((( أئمة أهل البيت هم عدل القرآن بنص حديث الثقلني الرشيف
واملتواتر عن النبي عند الفريقني «إين تارك فيكم الثقلني كتاب اهلل وعرتيت،
وإهنام لن يفرتقا حتى يردا عيل احلوض» وبداللة هذا احلديث املبارك وغريه
يتبينّ أن مدرسة أهل البيت هي مدرسة اإلسالم بمفاهيمه السامية
وقيمه العالية وتعاليمه احلقة.
بين مفهومي اإليمان واإلسالم في
5
�صفات امل�ؤمن يف مدر�سة �أهل البيت 6
الصادق« :دين اهلل اسمه اإلس�لام ،وهو دين اهلل قبل أن تكونوا
حيث كنتم ،وبعد أن تكونوا ،فمن أقر بدين اهلل فهو مسلم ،ومن عمل
بام أمر اهلل عز وجل به فهو مؤمن»((( .ونكتفي هبذا القدر من األحاديث
الرشيفة((( ،لنستخلص منها األمور التالية:
-1إن اإلسالم تلفظ بالشهادتني وإقرار ظاهري باإلسالم وبذلك
يحُ قن دم املرء ويكون له ما للمسلمني وعليه ما عليهم حيل الزواج منه
وتزوجيه وتُؤكل ذبيحته وتحُ فظ حرمته.
-2اإلي�مان مفهوم أخص من اإلس�لام ،فهو يتعلق باجلوانح
وما انطوت عليه الرسائر وصدقته األعامل الظاهرية مما جيب فعله أو
االنتهاء عنه.
-3اإليامن أسمى رتبة ،وأعىل منزلة من اإلسالم ،ألن اإلسالم
إقرار باللسان فقط ،أما اإليامن فهو جيمع بني اإلقرار والعمل ،ومعلوم
أن العمل أهم من لقلقة اللسان.
ومن هذا نصل لنتيجة واضحة وجلية هي أن االتصاف بصفات
املؤمن احلقة هي الغاية األرف��ع التي ينبغي أن تُنشد .لذا فإن من
((( هنج البالغة – باب املختار من حكم أمري املؤمنني احلكمة رقم (.)337
صفات المؤمن
إن معرفة صفات املؤمن هي وسيلة للتعرف عليه ،وقد وضعت لنا
اآليات القرآنية الكريمة واألحاديث الرشيفة الواردة عن النبي األعظم
والعرتة الطاهرة (صلوات اهلل عليهم أمجعني) ضوابط ومعايري حتدد
هوية املؤمن وتبني مالحمه بام ال يدع جماال للحرية والشك ،لذا سنضع
من هذه ما يساعدنا يف التعرف عىل املؤمن احلقيقي من غريه ،وذلك من
خالل جولتنا الطيبة يف ربوع كلامت نبينا األعظم وآل بيته (صلوات اهلل
عليهم) ألهنا السبيل األوحد للوصول إىل مرضاة اهلل تعاىل ونيل سعادة
الدارين قال تعاىل :ﱫ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ
ﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﱪ(((.
8
9 �صفات امل�ؤمن
َم َث ُل املسيح عيسى بن مريم افرتق قومه ثالث فرق :فرقة مؤمنون
وهم احلواريون ،وفرقة عادوه وهم اليهود ،وفرقة غلوا فيه فخرجوا
عن اإلي�م�ان .وإن أمتي ستفرتق فيك ث�لاث ف��رق :ففرقة شيعتك
وهم املؤمنون ،وفرقة عدوك وهم الشاكون ،وفرقة تغلو فيك وهم
اجلاحدون ،وأنت يف اجلنة يا عيل وشيعتك وحمب شيعتك ،وعدوك
والغايل يف النار»((( ،ومن هذا احلديث وغريه نجد أن علامء مدرسة أهل
البيت يضعون ضابطا للمؤمن يف كتبهم الفقهية بأنه من كان إثني
عرشي ًا(((.
وهذا يعني أن كل من فقد هذه الصفة (كونه إثني عرشي ًا) ال يصح
وصفه باملؤمن ،ولذا ال نستغرب من التشابه الكبري يف الروايات الرشيفة
التي تذكر صفات املؤمنني وصفات الشيعة االثني عرشية؛ ألن صفات
املؤمنني هي عينها صفات الشيعة ((( .وهذه جمموعة من الروايات التي
((( بحار األنوار /ج / 25ص .269
((( يقول السيد اخلوئي يف رشوط املجتهد ( -4اإليامن بمعنى أن يكون اثني
عرشيا) راجع املسائل املنتخبة ص.10
((( قد يتهمنا البعض باملبالغ والتعصب حني يطالع هذا القول ،ونقول حاشا
وكال فام هذا مرادنا وال هذا ما نبغي من تسطري هذه السطور واهلل تعاىل
املطلع عىل حقيقة األمور ،ولكننا نحيل من يتهمنا بذلك إىل دراسة صفات
الشيعة الواردة يف هذه العينة اليسرية من أحاديث العرتة الرشيفة وحيكم عقله
ويستمع لصوت اإلنصاف من داخل وجدانه فإنه بال شك سوف يصل إىل
�صفات امل�ؤمن يف مدر�سة �أهل البيت 10
-5ﱫﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ
ﮝ ﮞﱪ الكهف .30 /
-6ﱫﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﱪ
البينة .7/
وهو ما أكدت عليه روايات املعصومني ونذكر منها:
-1قول رسول اهلل« :اإليامن والعمل أخوان رشيكان يف قرن،
ال يقبل اهلل أحدمها اّإل بصاحب»(((.
-2وعنه« :ال يقبل إيامن بال عمل ،وال عمل بال إيامن»(((.
-3وعنه« :اإليامن قول وعمل ،يزيد وينقص»(((.
-4وعن أمري املؤمنني« :لو كان اإليامن كالم ًا مل ينزل فيه صوم
وال صالة وال حالل وال حرام»(((.
-5وعن اإلمام الصادق« :ملعون ملعون من قال :اإليامن قول
بال عمل»(((.
-6وعنه« :اإلي�مان عمل كله ،والقول بعض ذلك العمل
فائدة:
استوقفتني كلمة اإلمام الصادق« :ملعون ملعون من قال:
اإليامن قول بال عمل» فهل هناك من يعتقد بكون اإليامن جمرد لقلقة
لسان دون ترمجة واقعية مصداقية عىل األرض باألفعال الصاحلة
واألعامل النافعة والسلوك املستقيم؟
نعم هناك طائفة عرفت يف تاريخ املسلمني بـ (ا ُمل ْر ِج َئة) وردت
الروايات الرشيفة بلعنهم بأشد العبارات تعتقد هذا املعتقد الزائف
وتتبناه ،قال رسول اهلل بحقهمُ « :لعنت املرجئة عىل لسان سبعني
نبيا ،الذين يقولون :اإليامن قول بال عمل»(((.
واعلم أن هلذه العقيدة خطر كبري عىل اإلسالم ألهنا تعتقد أنه
ال يرض مع اإليامن معصية ،وال ينفع مع الكفر طاعة .فلذلك سموا
مرجئة العتقادهم أن اهلل تعاىل أرجا تعذيبهم عىل املعايص ،أيّ :
أخره
التوبة .119/
-3ﱫﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ
ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ
ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ
ﯓﯔﯕﯖﯗ
ﯘ ﯙﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﱪ
األحزاب.35/
وقد وردت روايات كثرية ترصح بكون الصدق من أبرز سامت
املؤمنني ،بل هو دعامة اإليامن كام جاء بالروايات ونورد هنا مجلة يسرية
من هذه الروايات والتي وردت يف كتاب غرر احلكم:
-1قال أمري املؤمنني« :الصدق أقوى دعائم اإليامن».
-2وعنه« :الصدق عامد اإلسالم ،ودعامة اإليامن».
-3وعنه« :الصدق رأس اإليامن ،وزين اإلنسان».
-4وعنه« :الصدق مجال اإلنسان ،ودعامة اإليامن».
-5وعنه« :الصدق أمانة اللسان ،وحلية اإليامن».
-6وعنه« :الصدق لباس الدين» (((.
أما الكذب فهو ّ
كل ما يقوله اإلنسان خالف ًا للواقع واحلقيقة وهو
((( غرر احلكم .458 ،1451 ،2120 ،1993 ،1754 ،1579 /
17 �صفات امل�ؤمن
من الكبائر ،وهو خصلة ذميمة واالتصاف هبا منقصة مشينة ،حيكم العقل
املجرد بقبحها ودناءة منتحلها فضال عن الرشع احلنيف،فليس بمؤمن
من كان كذابا كام أكدت ذلك اآليات الكريمة والتي منها قوله تعاىل:
-1ﱫﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﱪ آل عمران61 /
-2ﱫ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﱪ غافر28 /
-3ﱫﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﱪ الزمر3/
-4ﱫﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ
ﭺ ﭻﱪ النحل105/
وم��ن يستقرئ أحاديث املعصومني ال���واردة يف ذم هذه
اخلصلة ليستدل بام ال يقبل الشك عىل قبح الكذب ونفي اإليامن عن
املتصف به .فتأمل -أهيا القارئ الكريم – يف األحاديث اآلتية:
-1قال رسول اهلل« :إياكم والكذب ،فإن الكذب جمانب
لإليامن»(((.
-2وعن أمري املؤمنني« :جانبوا الكذب ،فإنه جمانب لإليامن،
الصادق عىل شفا منجاة وكرامة ،والكاذب عىل رشف مهواة ومهانة»(((.
النفس املتعبة ،وهناك كذبة نيسان التي أضحت تقليد ًا أعمى ال أصل
له عند املترشعة وال عند العقالء .واحلديث يف هذا الباب يطول وخيرج
البحث عن غرضه ،لكننا نكتفي بإيراد هذين احلديثني الرشيفني هبذا
اخلصوص:
األول عن رسول« :إن الكذب ال يصلح منه جد وال هزل،
وال أن يعد الرجل ابنه ثم ال ينجز له ،إن الصدق هيدي إىل الرب ،وإن
الرب هيدي إىل اجلنة ،وإن الكذب هيدي إىل الفجور ،وإن الفجور هيدي
إىل النار»(((.
والثاين عن اإلمام أمري املؤمنني« ال جيد عبد طعم اإليامن حتى
يرتك الكذب هزله وجده»(((.
فوائد:
الفائدة األوىل :موارد جواز الكذب.
قد وردت أحاديث ذكرت موارد جيوز فيها الكذب إذا ترتب عليه
مصلحة تكون فائدهتا أعم من رضر الكذب ،ولكنها مؤطرة بضوابط
وحدود وحاالت خاصة جد ًا:
(((
-3وعنه« :ا ُملصلح ليس بكاذب».
«كل كذب مسؤول عنه صاحبه يوما اًّإل [كذبا] يف
-4وعنهّ :
ثالثة :رجل كائد يف حربه فهو موضوع عنه ،أو رجل أصلح بني اثنني
يلقى هذا بغري ما يلقى به هذا يريد بذلك اإلصالح ما بينهام ،أو رجل
وعد أهله شيئ ًا وهو ال يريد أن يتم هلم».
(((
إن جتويز الكذب يف هذه امل��وارد ناظر إىل ما يرتتب عىل ذلك
من مصلحة عامة ختص األمة مجعاء كام يف مورد احلرب بني املسلمني
والكافرين ،أو مصلحة ختص أفرادا معينني كام يف مورد اإلصالح بني
فريقني أو فردين بينهام قطيعة أو سوء تفاهم أو صد وإعراض وهنا
ُيفضل عىل الساعي بينهام أن ال ينقل ما َيتَحدثه أحدمها عىل اآلخر من
ألمر اهلل والتفويض إىل اهلل تعاىل .فقال علامء حكامء كادوا أن يكونوا
من احلكمة أنبياء ،فإن كنتم صادقني فال تبنوا ما ال تسكنون ،وال جتمعوا
ما ال تأكلون ،واتقوا اهلل الذي إليه تُرجعون»(((.
وعن رسول اهلل « :إن لكل يشء حقيقة ،و ما بلغ عبد حقيقة
اإلي�مان حتى يعلم أن ما أصابه مل يكن ليخطئه وما أخطاه مل يكن
ليصيبه»((( .ولعل تعبري النبي األعظم بلفظة (حتى يعلم) فيها ما
فيها من الدالالت التي تؤكد أن من أصدق مصاديق صفات املؤمن
الوصول إىل درجة اليقني بأن ما أصابه من خري أو رش ما كان ليخطئه
وما أخطأه مل يكن ليصيبه ،فهو تعاىل احلي القيوم املدبر وهو عز اسمه
بيده مقاليد الساموات واألرض.
وملا سئل عن كيفية إذالل املؤمن نفسه ،فقال« :يتعرض ملا
(((
ال يطيق فيذهلا».
((( بحار األنوار /ج / 77ص .172
((( بحار األنوار /ج / 74ص .173
((( الكايف /ج/ 5ص63
((( مشكاة األنوار /ص 245
�صفات امل�ؤمن يف مدر�سة �أهل البيت 28
ويف حديث آخر عنه قال« :ال ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه ،قال
املفضل بن عمر :قلت :بام يذل نفسه ؟ قال :يدخل فيام يعتذر منه»
(((
وهذا من أجىل مصاديق الذلة ،فمن تبوأ مقعدا ليس له بأهل ،أو
دعى بال دليل معتد به عند العقالء ،أو سلك مسلك ًا أكرب من
إدعى ُم ً
طاقته وإمكانيته وقابليته أوقع نفسه يف مأزق هو يف غنى عنه و تعرض
للذلة عن طريق االستهزاء واالستخفاف والسخرية من اآلخرين
فرحم اهلل إمرأ عرف قدر نفسه ﱫ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ
ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ
ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ
ﯾ ﯿ ﰀﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ
ﰍ ﱪلبقرة.286
وحني يطالعنا احلديث النبوي الرشيف عن النبي األعظم:
«من أقر بالذل طائع ًا فليس منا أهل البيت» نستذكر مقولة سيد الشهداء
اإلمام احلسني يف كربالء إذ قال حني عبأ ابن سعد جيشه اجلرار
وأحاط به وبعسكره من كل جانب صدح بقولته التي غدت شعار ًا
لألحرار يف كل زمان ومكان« :أال إن الدعي ابن الدعي قد ركز بني
اثنتني بني السلة والذلة ،وهيهات منا الذلة ،أبى اهلل ذلك ورسوله،
أفراد املجتمع .من أجل ذلك كان صون اللسان عن تلك القوارص
واملباذل ،وتعويده عىل الكلم الطيب واحلديث ّ
املهذب النبيل ،رضورة
حازمة يفرضها أدب الكالم وتقتضيها مصلحة الفرد واملجتمع.
فطيب احلديث ،وحسن املقال ،من سامت النبيل والكامل ،ودواعي
(((
التقدير واالعزاز ،وعوامل الظفر والنجاح.
لذا نجد تأكيد الرشيعة املقدسة عىل صيانة اللسان واستقامته بأشد
العبارات فها هو القران الكريم يقدم القول احلسن عىل إقامة الصالة
التي هي عمود الدين فقال تعاىل ﱫ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ
ﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥ
ﯦ ﯧ ﯨ...ﱪالبقرة83/
ويف وصية قرآنية أخ��رى نلحظ الوصية بالقول السديد تأيت
بعد الوصية بالتقوى مبارشة فيقول اهلل تعاىل :ﱫﭴ ﭵ ﭶ
ﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ
ﮂﱪالنساء ،9 /وكذلك يف قوله عز وجل ﱫ ﮥ ﮦ ﮧ
ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﱪاألحزاب70/
ألجل ذلك كله وردت عن أهل البيت روايات رشيفة يف
احلث عىل صيانة اللسان وتنقيته من قبائح األلفاظ وتعويده عىل الطيب
نفسه ،فإن كان خريا أبداه وإن كان رشا واراه ،وإن املنافق يتكلم بام أتى
(((
عىل لسانه ال يدري ماذا له وماذا عليه».
وللسان حق عىل املرء يعرفنا عليه موالنا اإلمام زين العابدين
يف رسالته العظيمة رسالة احلقوق« :حق اللسان إكرامه عن اخلنا،
وتعويده اخلري ،وترك الفضول التي ال فائدة هلا ،والرب بالناس ،وحسن
القول فيهم».
(((
سبيل (املزاح !!) فليعلم أولئك بأن من ت َُسول له نفسه استساغة هذه
املفردات القذرة قد جانب سبيل املؤمنني وابتعد عن طريق الصاحلني
وعىص رب العاملني وخالف هنج أهل البيت .
وجدهتا ُم ِعينة عىل َحق َأو َذ ِريعة إِليه وال َّل ْه ُو ال َّل ِعب يقال هل َ ْو ُت باليشء
بت به وتَشا َغ ْلت و َغ َف ْل َت به عن غريه ولهَ ِ ُ
يت َأهلُو به لهَ ْو ًا و َت َل َّه ْي ُت به إِذا َل ِع َ
ْت ذكره عن اليشء بالكرس َألهْ َى بالفتح لهُ ِ ّي ًا ولهِ ْيان ًا إِذا َس َل ْو َت عنه وت ََرك َ
وإِذا غفلت عنه واشتغلت وقوله تعاىل ﱫ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﱪقيل
كل ما ُت ُل ِّه َي به لهَ ا َي ْل ُهو لهَ ْو ًا وا ْلتَهى و َأهلاه..اللهو ُّ ُ ال َّل ْه ُو ال ِّط ْبل وقيل
َالهى بذلك واألُلهْ ُ َّو ُة واألُلهْ ِ َّي ُة وال َّت ْل ِهية ما
آالت ال َّل ْهو وقد ت َ ُ وا َمل ِ
الهي
َالهى به ويقال بينهم ُألهْ ِ َّي ٌة كام يقال ُأ ْح ِج َّي ٌة وتقديرها ُأ ْف ُعول ٌة وال َّت ْل ِه َي ُة ت َ
حديث ُي َت َل َّهى به»(((.
اللهو واملالهي ميزة عرصنا احل��ارض ،وسمة جمتمعاتنا العربية
خاصة والرشقية عامة ،فنرى رشحية واسعة من شبابنا وكهولنا ال هم
هلم يف قضاء أوقات الفراغ -وما أكثرها يف جمتمعاتنا االستهالكية غري
املنتجة – إلاّ يف قتلها باللهو واللعب و سفاسف األمور التي ال تغني
وال تسمن من جوع .وكأن اهلل تعاىل مل ينهنا عن اتباع اللهو يف آيات
كثرية من كتابه املجيد كقوله تعاىلﱫ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ
ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﱪاألنعام.70/
وكقوله عز وجل ﱫﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀﮁ
ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎﱪاجلمعة11/
فائدة:
ويف مقابل هذه الروايات الرشيفة نجد روايات أخرى تتحدث
عن أن��واع من اللهو تليق باملؤمنني ممارستها وال تعد من املالهي
املذمومة وهي ناظرة لثمرات إجيابية عىل صعيد الدنيا واآلخرة ،ومفيدة
عىل صعيد الفرد واملجتمع وال شك فهي ممدوحة مرغوب فيها رشع ًا
وعقالً ،ومن تلكم الروايات:
-1عن رسول اهلل« :كل هلو املؤمن باطل اّإل يف ثالث :يف تأديبه
الفرس ،ورميه عن قوسه ،ومالعبته امرأته ،فإهنن حق».
(((
-2و عنه« :خري هلو املؤمن السباحة ،وخري هلو املرأة املغزل».
(((
-3و عنه« :كل يشء ليس من ذكر اهلل هلو ولعب ،اّإل أن يكون
أربعة :مالعبة الرجل امرأته ،وتأديب الرجل فرسه ،وميش الرجل بني
الغرضني ،وتعليم الرجل السباحة».
(((
ﱫﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ
ﮯ ﮰ ﮱ ﯓﱪاألعراف79/
وحيدثنا أيضا عن نصيحة مؤمن آل فرعون ملوسى الكليم إذ
قال :ﱫ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ
ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆﱪالقصص20/
والنصح من صفات املؤمن احل ّقة بل هي غريزة من غرائزه املتأصلة
التي ال حييد عنها كام جاءت به الروايات:
-1قال أمري املؤمنني« :املؤمن غريزته النصح».
(((
وكام يوجد للمؤمنني صفات يتح َّلون هبا كذلك توجد عالمات
ُيعرفون هبا ومت ّيزهم عن غريهم ،وهذه العالمات كثرية نشري هنا إىل
بعضها:
43
�صفات امل�ؤمن يف مدر�سة �أهل البيت 44
بكرامة اإلنسان هذا املخلوق العظيم الذي جعله اهلل تعاىل خليفة له
يف أرضه وفضله عىل كثري من خلقه ﱫ ﮏ ﮐﮑ ﮒ ﮓ ﮔ
ﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞ
ﮟﱪاإلرساء 70/نجد يف واقعنا املزري اليوم أناس يكربون اهلل
تعاىل وهم حيملون سيوف ًا يقطعون فيها رؤوس األبرياء الذين يشهدون
أن ال إله إلاّ اهلل وأن حممد ًا رسول اهلل وحيجون البيت .بل تعدى األمر
إىل أن يقف أحدهم مكرب ًا وهو يقتلع قلب مسلم ميت ويأكله أمام
الكامريات .يف مشهد مقزز تنفر منه الطباع السليمة والفطرة القويمة.
نعم تُكتب هذه األسطر يف وقت تتعاىل فيه األصوات التكفريية
الظالمية منادية بوجوب اجلهاد ضد املسلمني من أتباع أهل البيت.
بني الباطن والظاهر ،فإذا كان الظاهر صاحل ًا كان ذلك داالً عىل صالح
الباطن والعكس صحيح.
نعم خيرج من هذه القاعدة املنافق فهو من أظهر الصالح وأبطن
الفساد.
وقد اختلف علامء اللغة يف أصل النفاق ،فقيل :إن ذلك نسبة إىل
النفق ،وهو الرسب يف األرض؛ ألن املنافق يسرت كفره و ُيغ ِّي ُبه ،فتش ّبه
بالذي يدخل النفق يسترت فيه .قال تعاىل ﱫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ
ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﱪالبقرة .8 /
وبالعودة إىل احلديث الرشيف حمل البحث،نستنتج – واهلل العامل
– إن احلبيب املصطفى أراد أن يبني حقيقة مهمة مفادها أن صالح
القلب وامتالءه بالرمحة عند املؤمن ُيثمر أخالق ًا وصفات حسنة ممدوحة
حمببة عند اخلالق واملخلوق ومن أجىل مصاديقها (الوجه املنبسط،
واللسان اللطيف ،واليد املعطية).
�أ-الوجه املنب�سط:
الدين اإلسالمي دين املودة والرمحة واملحبة والتسامح وال ّلني قال
تعاىل ﱫﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ
ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ
ﭷ ﭸ ﭹ ﭺﱪآل عمران 159/واألدلة عىل ذلك تفوق حد
47 عالمات امل�ؤمن احلقيقية
-2عن أيب عبد اهلل قال« :ثالث من أتى اهلل بواحدة منهن
أوجب اهلل له اجلنة :اإلنفاق من إقتار ،والبرش بجميع العامل ،واإلنصاف
من نفسه».
قال العالمة املجليس يف بيان احلديث« :والبرش بجميع العامل»
هذا إما عىل عمومه ،بأن يكون البرش للمؤمنني اليامهنم وحبه هلم،
وللمنافقني والفساق تقية منهم ومداراة هلم كام قيل :دارهم مادمت يف
دارهم ،وارضهم ما كنت يف أرضهم ،أو خمصوص باملؤمنني كام يعرش
به اخلرب االيت وعىل التقدير البد من ختصيصه بغري الفساق الذين يعلم
من حاهلم أهنم يرتكون املعصية إذا لقيتهم بوجه مكفهر ،وال يرتكوهنا
بغري ذلك ،وال يترضر منهم يف ذلك فان ذلك أحد مراتب النهي عن
املنكر الواجب عىل املؤمنني.
-3عن أيب بصري ،عن أيب جعفر قال :أتى رسول اهلل رجل
فقال :يا رسول اهلل أوصني فكان فيام أوصاه أن قال:إلق أخاك بوجه
منبسط.
قال العالمة املجليس يف بيان احلديث« :التخصيص باألخ لشدة
ِق َ
���راك وأر َم��ـ�� ْت ُ��ه لديك املسالك
ف��ك��ن ب��اس�ما يف وج��ه��ه مته ِّل ً
ال
وق��ل مرحب ًا أه ً
�لا وي��وم مبارك
وق��دِّ م له ما تستطيع من ِ
الق َرى
عجو ً
ال وال تبخل بام هو هالك
ف��ق��د ق��ي��ل ب��ي��ت س��ال��ف متقدِّ م
ت���داول���ه زي���د وع��م��رو وم��ال��ك
53
�صفات امل�ؤمن يف مدر�سة �أهل البيت 54
جهة والعرب تقول هو ُم َث ْي ُل هذا وهم ُأ َم ْيثالهُ م جهة دون ٍساو له يف ٍ ُم ٍ
بمعنًى .والعرب تقول :هو ُم َث ْي ُل هذا ،وامل َث ُل :ما ُيرضب به من األمثال.
((( ِ
اليشء أيض ًا :ص َفتُه». و َم َث ُل
ومن هذا املنطلق فاملامثلة تعني املشاهبة عىل نحو املطابقة الكلية ،و
هناك من فرق بينها وبني املساواة عىل ما تقدم من نقل ابن منظور لكالم
ابن بري ،أما اجلوهري فقد عد َمثل اليشء :صفته ،وهذا هو املراد
من بحثنا هذا .فحني نتعرف عىل َمثل املرء وشبهه بانت واتضحت
صفته،وهذا ما بينته األحاديث الرشيفة.
-1اإلمام الباقر يف قوله تعاىل :ﱫ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ
ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ
ﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪ
ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹ ﯺ
ﯻﱪ فهذا مثل رضبه اهلل للمؤمن ،قال :فاملؤمن يتقلب يف مخسة من
النور ،مدخله نور ،وخمرجه نور ،وعلمه نور ،وكالمه نور ،ومصريه يوم
القيامة إىل اجلنة نور»
-2رسول اهلل« :مثل املؤمن كمثل العطار ،إن جالسته نفعك،
وإن ماشيته نفعك ،وإن شاركته نفعك».
فاملؤمن كله نفع ال رضر معه ،فهو نافع يف جملسه ومشيته
ومشاركته .م َثله كمثل العطار ،قال الليثِ :
«الع ْطر :اسم جامع هلذه َ َ
األشياء التي تعالج للطيب .وبياعه :ال َع ّطارْ ،
وحرفته :العطارة»
(((
«م َثل املؤمن ِم َثل النخلة ،ما أخذت منها من يشء -3عنهَ :
نفعك».
وهذا مثل آخر يف منفعة املؤمن ف ُي ّشبهه النبي األعظم بالنخلة،
وأي يشء يف النخلة غري نافع ؟!! فهكذا ينبغي أن يكون املؤمن.
«م َثل الرجل املسلم ِم ْثل شجرة خرضاء ال يسقط-4عنهَ :
ورقها و ال يتحات ،وهي النخلة».
«م َثل املؤمن ِم ْثل السنبلة ،متيل أحيانا وتقوم أحيانا».
-5عنهَ :
صلب ال تثنيه العاديات وال
ٌ لعل املراد من هذا التشبيه أن املؤمن
تكرسه الصعاب ،فربام ينحني عند اشتداد الظروف ولكنه رسعان ما
58
59 اخلامتة
ِّك إِ ْن َض ِ
ك ولاَ ُمت ََهت ٌ يل األَ َذى لاَ ُمت ََأ ِّف ٌ اء َقلِ ُ
الع ِريك َِة ر ِصني الو َف ِ
ك لمَ ْ ح َ َ ُ َ َ
ِ ِ ِ
اج َعتُه َت َف ُّه ٌم
وم َر َ ب لمَ ْ َينْز َْق ض ْحكُه َت َب ُّس ٌم ْ
واست ْف َه ُامه َت َع ُّل ٌم ُ ي َر ْق وإِ ْن غَض َ خَ ْ
الرحمْ َ ِة لاَ َي ْبخَ ُل ولاَ َي ْع َج ُل ولاَ َي ْض َج ُر ولاَ ِ كَثِري ِع ْلمه عظِ ِ
يم ح ْل ُمه كَث ُري َّ ٌ ُ َ ٌ
الص ْل ِدب م َن َّ
يف فيِ حك ِْمه ولاَ يجَ ور فيِ ِع ْل ِمه َن ْفسه َأص َل ِ
ُ ْ ُ ُ ُ ُ َي ْب َط ُر ولاَ يحَ ِ ُ
ف ولاَ ف ولاَ َصلِ ٌ الش ْه ِد لاَ َج ِش ٌع ولاَ َهلِ ٌع ولاَ َعن ِ ٌ ومكَا َد َحتُه َأ ْحلىَ ِم َن َّ ُ
ب َرفِ ٌيق ِ يل ا ُملنَا َزع ِة ك َِريم ا ُملر ِ
اج َعة َعدْ ٌل إِ ْن غَض َ ُ َ َ َ ف ولاَ ُم َت َع ِّم ٌق جمَ ِ ُُم َت َك ِّل ٌ
ِ ِ ِ
الو ِّد َوث ُيق ال َع ْهد َوفيِ ُّ
َّك ولاَ َيت ََجبرَّ ُ َخال ُص ُ ب لاَ َيت ََه َّو ُر ولاَ َيت ََهت ُ إِ ْن َط َل َ
وج َّل اض َع ِن اهللَ َع َّز َ ول َر ٍ يل ال ُف ُض ِ ُول َقلِ ُ يم خمَ ٌول َحل ٌ
الع ْق ِد َش ِف ٌيق وص ٌ ِ
َ ُ َ
ينَاص لِلدِّ ِ ِ رِ ي ُ ِ
وض فيماَ لاَ َي ْعنيه ن ٌ ف َلهِ َواه لاَ َي ْغ ُل ُظ َعلىَ َم ْن ُدونَه ولاَ خَ ُ مخُ َالِ ٌ
َاء َس ْم َعه ولاَ َينْكِي ال َّط َم ُع ي ِر ُق ال َّثن ُني لاَ خَ ْ ِِ
ف ل ْل ُم ْسلم َ
محُ َا ٍم ع ِن ا ُمل ْؤ ِمنِني كَه ٌ ِ
َ ْ َ
لمِ ف ال َّل ِعب حكْمه ولاَ ي ْطلِع َ ِ ِ َق ْل َبه ولاَ يَصرْ ِ ُ
اجلاه َل ع ْل َمه َق َّو ٌال َعماَّ ٌل َعا ٌ ُ ُ ُ ُ َ
ٍ ِ ول فيِ َغ ِ عن ٍ
ْف َب ُذ ٌ فيِ اش َو ُص ٌ اش ولاَ بِ َط َّي ٍ از ٌم لاَ بِ َف َّح ٍَح ِ
ف ول َغيرْ سرَ َ يرْ ُ
اخل ْل ِق َسا ٍع يف َبشرَ ًا َرفِ ٌيق بِ َ َّال ولاَ بِ َغدَّ ٍار ولاَ َي ْقت َِفي َأ َثر ًا ولاَ يحَ ِ ُ لاَ بِخَ ت ٍ
ف ك ِسترْ ًا ولاَ َيك ِْش ُ وف لاَ يهَ ْ تِ ُ ث لِ ْلم ْله ِ
لضعيف غ َْو ٌ َ ُ
ض عو ٌن لِ َّ ِ ِ
فيِ األَ ْر ِ َ ْ
الشك َْوى إِ ْن َر َأى َخيرْ ًا َذك ََره وإِ ْن َعا َي َن شرَّ ًا َسترَ َ ه يل َّ سرِّ ًا كَثِ ُري ال َب ْل َوى َقلِ ُ
يل ال َع ْث َر َة و َيغ ِْف ُر ال َّز َّل َة لاَ َي َّطلِ ُع َعلىَ ن ُْصحٍ
ب و ُي ِق ُ ب ويحَ ْ َف ُظ ال َغ ْي َ َي ْسترُ ُ ال َع ْي َ
ِ ضيِ ف َفيصلِحه َأ ِمني ر ِص ِ ِ َفي َذره ولاَ يدَ ع ِجنْح حي ٍ
ني تَق ٌّي نَق ٌّي زَك ٌّي َر ٌّ ٌ َ ٌ ُ ْ َ َ َْ َ ُ َ َ
ب َن ْف َسه الذك َْر ويحُ ْ ِس ُن بِالن ِ
َّاس ال َّظ َّن و َيت َِّه ُم َعلىَ ال َع ْي ِ َي ْق َب ُل ال ُع ْذ َر ويجُ ْ ِم ُل ِّ
�صفات امل�ؤمن يف مدر�سة �أهل البيت 60
ي َر ُق بِه َف َر ٌح ولاَ يحُ ِب فيِ اهللَ بِ ِف ْقه ِ
وع ْل ٍم و َي ْق َط ُع فيِ اهللَ بِ َح ْز ٍم و َع ْز ٍم لاَ خَ ْ ُّ
اف ي ُ اه ِل لاَ ُيت ََو َّق ُع َله َبائِ َق ٌة ولاَ خُ َ يش بِه مرح م َذكِّر لِ ْلعالمِ ِ مع ِّلم لِ ْلج ِ
ََ ٌ ُ ٌ َ ُ َ ٌ َ َيطِ ُ
س َأ ْص َل ُح ِعنْدَ ه ِم ْن َله غَائِ َل ٌة ك ُُّل َس ْع ٍي َأ ْخ َل ُص ِعنْدَ ه ِم ْن َس ْعيِه وك ُُّل َن ْف ٍ
ِ ِ ِ ِ
ينيب َوحيدٌ َج ِريدٌ َح ِز ٌ َن ْفسه َعالمِ ٌ بِ َع ْيبِه َشاغ ٌل بِغ َِّمه -لاَ َيث ُق بِ َغيرْ ِ َر ِّبه غ َِر ٌ
اهدُ فيِ اهللَ لِ َي َّتبِ َع ِر َضاه ولاَ َينْت َِق ُم لِنَ ْف ِسه بِنَ ْف ِسه ولاَ ُي َواليِ يحُ ِب فيِ اهللَ ويجُ ِ
َ ُّ
الصدْ ِق ُم َؤ ِاز ٌر ألَ ْه ِل ِ ِ ِ
فيِ َسخَ ط َر ِّبه مجُ َال ٌس ألَ ْه ِل ال َف ْق ِر ُم َصاد ٌق ألَ ْه ِل ِّ
أل ْر َم َل ِة َح ِف ٌّي بِ َأ ْه ِل ا َمل ْس َكن َِة َم ْر ُج ٌّو
يب َأ ٌب لِ ْل َيتِي ِم َب ْع ٌل لِ َاحل ِّق َع ْو ٌن لِ ْل َق ِر َِ
اساس ولاَ بِ َج َّس ٍ اش لاَ بِ َع َّب ٍ اش َب َّش ٌ ول لِك ُِّل ِشدَّ ٍة َه َّش ٌ لِك ُِّل ك َِر َهي ٍة َم ْأ ُم ٌ
احل َذ ِر لاَ يجَ ْ َه ُل وإِ ْن ُج ِه َل َع َل ْيه ِ ِ ِ
يم َ يب َك َّظا ٌم َب َّسا ٌم َدق ُيق النَّ َظ ِر َعظ ُ َصل ٌ
ِ ِ
اس َت ْغنَى َح َياؤُ ه است َْح َيا و َقن َع َف ْ يحَ ْ ُل ُم لاَ َي ْبخَ ُل وإِ ْن ُبخ َل َع َل ْيه َصبرَ َ َع َق َل َف ْ
اب وو ُّده َي ْع ُلو َح َسدَ ه و َع ْف ُوه َي ْع ُلو ِح ْقدَ ه لاَ َينْطِ ُق بِ َغيرْ ِ َص َو ٍ َي ْع ُلو َش ْه َوتَه ُ
اض َعنْه اض ٌع لِ َر ِّبه بِ َطا َعتِه َر ٍ اضع َخ ِ لاِ ِ ِ
ولاَ َي ْل َب ُس إِلاَّ ا ْقت َصاد َم ْش ُيه الت ََّو ُ ُ
فيِ ك ُِّل َحاالتِه نِ َّيتُه َخالِ َص ٌة َأ ْعماَ ُله َل ْي َس فِ َيها ِغ ٌّش ولاَ َخ ِدي َع ٌة َن َظ ُره ِعبرْ َ ٌة
ِ فيِ ِ ِ ِ ِ ِ
ُسكُوتُه فك َْر ٌة و َكلاَ ُمه حك َْم ٌة ُمنَاصح ًا ُم َت َباذالً ُمت ََواخي ًا نَاص ٌح السرِّ ِّ
ف َعلىَ َما َفاتَه ولاَ وال َعلاَ نِ َي ِة لاَ يهَ ْ ُج ُر َأ َخاه ولاَ َي ْغتَا ُبه ولاَ َي ْمك ُُر بِه ولاَ َي ْأ َس ُ
الشدَّ ِة اء ولاَ َي ْف َش ُل فيِ ِّ الر َج ُيحَ ْ ز َُن َعلىَ َما َأ َصا َبه ولاَ َي ْر ُجو َما لاَ يجَ ُ و ُز َله َّ
الصبرْ ِ ت ََراه َب ِعيد ًا ك ََس ُله ِ ِ ِ
الر َخاء َي ْمز ُُج احل ْل َم بِالع ْل ِم وال َع ْق َل بِ َّ ولاَ َي ْب َط ُر فيِ َّ
اشع ًا َق ْل ُبه َذاكِر ًا َر َّبه
ال زَلـ ُله متَو ِّقع ًا ألَجلِه َخ ِ
َ ُ َ َدائِ ًام ن ََشا ُطه َق ِريب ًا َأ َم ُله َقلِي ً
61 اخلامتة
ال َأ ْم ُره َح ِزين ًا لِ َذ ْنبِه َم ِّي َت ًة َش ْه َوتُه َك ُظوم ًا َغ ْي َظه َقانِ َع ًة َن ْف ُسه َمن ِْف ّي ًا َج ْه ُله َس ْه ً
َصافِي ًا ُخ ُل ُقه ِآمن ًا ِمنْه َج ُاره َض ِعيف ًا كِبرْ ُ ه َقانِع ًا بِا َّل ِذي ُقدِّ َر َله َمتِين ًا َصبرْ ُ ه
ت لِ َي ْس َل َم و َي ْس َأ ُل لِ َي ْف َه َم َّاس لِ َي ْع َل َم و َي ْص ُم ُ
يال ُط الن َ
محُ ْ َك ًام َأمره كَثِري ًا ِذكْره خُ َ ِ
ُ ُْ
ت لِ ْلخَ برَ ِ لِ َي ْف ُج َر بِه ولاَ َي َت َك َّل ُم لِ َيت ََجبرَّ َ بِه َعلىَ َم ْن َّج ُر لِ َي ْغن ََم لاَ ُين ِْص ُ
و َيت ِ
ِ ِ ِ َاء والنَّاس ِمنْه فيِ ر ٍ ِسواه َن ْفسه ِمنْه فيِ عن ٍ
احب َن ْف َسه آلخ َرته َف َأ َر َ احة َأ ْت َع ََ َ ُ َ ُ َ
ُون اهللَ ا َّل ِذي َينْ َتصرِ ُ َله ُب ْعدُ ه َّاس ِم ْن َن ْف ِسه إِ ْن ُب ِغ َي َع َل ْيه َصبرَ َ َحتَّى َيك َ الن َ
ورحمْ َ ٌة َل ْي َس َت َبا ُعدُ ه ِ ِ ممِ ِ ممِ
ني َ َاه ٌة و ُدن ُُّوه َّ ْن َدنَا منْه ل ٌ َّ ْن َت َبا َعدَ منْه ُبغ ٌْض و َنز َ
َان َق ْب َله َت َكبرُّ ًا ولاَ َع َظ َم ًة ولاَ ُدن ُُّوه َخ ِدي َع ًة ولاَ ِخلاَ َب ًة َب ْل َي ْقت َِدي بِ َم ْن ك َ
ِ لمِ ِم ْن َأ ْه ِل َ
اح همَ َّ ا ٌم َص ْي َح ًة اخليرْ ِ َف ُه َو إِ َما ٌم َ ْن َب ْعدَ ه م ْن َأ ْه ِل البرِ ِّ َق َال َف َص َ
ْت َأ َخا ُف َها َع َل ْيه ني ع َأ َما واهللَ َل َقدْ ُكن ُ ِِ ِ ِ
ُث َّم َو َق َع َمغْش ّي ًا َع َل ْيه َف َق َال َأم ُري ا ُمل ْؤمن َ
و َق َال َهك ََذا ت َْصن َُع ا َمل ْو ِع َظ ُة ال َبالِ َغ ُة بِ َأ ْهلِ َها َف َق َال َله َق ِائ ٌل َفماَ َبا ُل َك َيا َأ ِم َري
اوزُه َفمه ً ِ وس َبب ًا لاَ يجُ َ ِ ني َف َق َال إِ َّن لِك ٍُّل َأ َج ً ا ُمل ْؤ ِمنِ َ
ال لاَ تُعدْ َفإِ َّنماَ َْ ال لاَ َي ْعدُ وه َ
ان». ك َش ْي َط ٌ ث َعلىَ لِ َسانِ َ َن َف َ
الفهرس
َم ُ
ثل امل�ؤمن 53
58 اخلامتة