You are on page 1of 3

‫المحاضرة الثانية‪ :‬املصطلحات العروضية‬

‫إن لكل علم من العلوم* مفرداته ومصطلحاته اليت تضبط مسائله وموضوعاته وحتدد قواعده‪ ،‬وال ميكن معرفة هذا‬
‫العلم واستيعاب أسسه ومواضيعه إال مبعرفة هذه املصطلحات‪ .‬لذلك ينبغي أن نقدم بعض املصطلحات األساسية الضرورية‬
‫ملعرفة هذا العلم وفهم قواعده وأصوله‪ ،‬على أن نعاجل مصطلحات أخرى يف حينها‪ .‬وأهم هذه املصطلحات‪:‬‬

‫الشعر أو فن الشعر‪:‬‬

‫عرف الدارسون والنقاد القدماء فن الشعـر تعريـفـات خمتلفة تبـرز عناصـره ومقوماتـه وخصائـصـه الفنية‪ .‬ومن بني هذه‬
‫ّ‬
‫التعريفات قول قدامة بن جعفر الناقد العباسي يف كتابه "نقد الشعر"‪ ،‬حيث يقول‪" :‬الشعر قول موزون مقفى يدل على معىن"‪،‬‬
‫كما عرفه ابن خلدون بقوله "الشعر هو الكالم البليغ املبين على االستعارة واألوصاف‪ ،‬املفصل بأجزاء متفقة يف الوزن‬
‫والروي‪ ،‬مستقل كل جزء منها يف غرضه ومقصده* عما قبله وبعده‪ ،‬اجلاري على أساليب العرب املخصوصة به"‪.‬‬
‫وإذا كان تعريف قدامة موجزا حمصورا يف املعىن واجلانب املوسيقي‪ ،‬وهو ما يتطلبه التعريف العروضي‪ ،‬فإن تعريف ابن خلدون‬
‫قد مجع بني التعريف العروضي والتعريف الفين حيث أضاف االستعارة‪ ،‬وهي من الصور اخليالية والصفات الفنية األخرى اليت‬
‫ينطوي عليها الشعر‪ ،‬مما جيعل تعريفه عروضيا وفنيا يف آن واحد‪.‬‬
‫القصيدة‪:‬‬

‫يرى اللغويون* أن األصل اللغوي ملفردة قصيدة مأخوذ من "القصد"‪ .‬والقصد من الشعر هو ما مت شطر أبياته‪ .‬وقيل‬
‫مسي الشعر قصيدا‪ ،‬ألن قائله يهتم به وينقحه ويهذبه باللفظ الشيق واملعىن املختار‪.‬‬
‫ويرى ابن رشيق القريواين يف كتاب "العمدة" أن أصل التسمية يعود إىل الغرض الذي يقصده الشاعر من إنشاء القصيدة‪ ،‬كأن‬
‫يكون غرضا ذاتيا أو سياسيا أو اجتماعيا أو غري ذلك من الدوافع اليت تدفعه إىل اإلبداع‪.‬‬
‫أما من الناحية االصطالحية العروضية‪ ،‬فالقصيدة عبارة عن جمموعة من األبيات الشعرية ترتاوح بني سبعة أبيات فما فوق‪ ،‬وقد‬
‫تبلغ مئات من األبيات مثل املعلقات والنقائض والقصائد املدحية ويسميها بعض النقاد باملطوالت‪.‬‬
‫ومييز النقاد والعروضيون* بني أمناط من القصائد طبقا لألغراض اليت تتضمنها‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫أ‪ -‬القصيدة المركبة‪ :‬وهي القصيدة اليت ترتكـب من أكثر مـن غـرض‪ ،‬خاصة إذا ترتبت األغـراض يف نـظـام متشاكـل وتأليف‬
‫مالئم‪ ،‬فذلك مما حيقق التجاوب والتأثري بكل ما هو منسجم العناصر أو متسق التأليف‪ .‬ومن أمثلة هذه القصائد ما ذكرناه آنفا‬
‫من املعلقات والقصائد املدحية واملطوالت بصفة عامة‪.‬‬
‫ب‪ -‬القصيدة البسيطة‪ :‬وهي اليت تكون مستقلة املوضوع‪ ،‬أي تعاجل موضوعا واحدا أو غرضا واحدا‪ ،‬كأن يكون مدحا صرفا‬
‫أو رثاء حمضا أو غزال أو غري ذلك من املوضوعات واألغراض‪ ،‬وهذا بغض النظر عن حجمها وطوهلا‪ ،‬فقد تطول أو تقصر‬
‫طبقا للتجربة الشعرية واإلمكانيات التعبريية والفنية للشعراء‪.‬‬
‫ج‪ -‬القطعة أو المقطوعة‪ :‬هي عبارة عن مجلة من األبيات ترتاوح بني أربعة وستة‪ ،‬وهذا احلجم خيتلف باختالف آراء النقاد‬
‫والعروضيني‪ ،‬لكنهم يتفقون على احلد األدىن واألقصى للمقطوعة وهو أربعة أبيات‪.‬‬
‫د‪ -‬النتفة‪ :‬هي أقل من أربعة أبيات‪ ،‬وقد حددها العروضيون ببيتني أو ثالثة أبيات‪ ،‬يتناول فيها الشاعر خاطرة راودته أو يعرب‬
‫عن شعور حاد يف حلظة من اللحظات أو معىن جال خباطره فاقتنصه دون أن يتوسع فيه‪ .‬ومن أمثلة ذلك قول العباس بن‬
‫األحنف يف الغزل‪:‬‬
‫أتـأذنـون لـصـب فـي زيـارتـك ـ ـ ــم‬
‫فعندكم شهوات السمع والبصر‬
‫ال يضمر السوء إن طال اجللوس به‬
‫عف الضمري ولكن فاسق النظر‬
‫وقول بشار بن برد يف الدعابة مع جاريته‪:‬‬
‫ربـابـة ربـة البـيـت‬
‫تصب اخلل يف الزيت‬
‫هلـا عشر دجاجـات‬
‫وديـك حـسن الصـوت‬
‫ويقول العباس بن األحنف‬
‫ملك الثالث اآلنسات عناين‬
‫وحللن من قليب بكـل مكان‬
‫ما يل تطاوعين الربية كلها‬
‫وأطيعهن وهن يف عصياين‬
‫مـا ذاك إال أن سلطان اهلوى‬
‫وبه عززن أعز من سلطاين‬
‫ه‪ -‬البيت المفرد‪ :‬البيت هو الوحدة األساسية اليت تبىن عليها القصيدة العربية‪ .‬والبيت املفرد املستقل نادر الوجود يف دواوين‬
‫الشعراء القدامى‪ ،‬وخاصة لدى الشعراء العباسيني‪ .‬وهذا راجع إىل رغبة الشعراء يف توسيع دائرة القول الشعري إىل مستوى‬
‫القطعة أو القصيدة‪ ،‬حىت يتم توضيح املراد بالتأثري يف القارئ أو املتلقي‪.‬‬
‫وسنتعرض الحقا إىل األشكال املختلفة للبيت املفرد من حيث متامه أو جتزئته أوشطره اخل‪.‬‬
‫ويتألف البيت التام من قسمني أو شطرين متساويني يسمى األول منهما صدرا‪ ،‬والثاين عجزا‪.‬‬
‫مثال ذلك قول أيب العالء املعري ‪:‬‬
‫غري جمد يف مليت واعتقادي‬
‫صدر البيت‬
‫نوح باك وال ترمن شادي‬
‫عجزالبيت‬
‫و‪ -‬العروض‪:‬هي التفعيلة األخرية من صدر البيت‪.‬‬
‫ز‪ -‬الضرب‪:‬هو التفعيلة األخرية من عجز البيت‪.‬‬
‫ح‪ -‬الحشو‪:‬هو كل ما سوى العروض والضرب من صدر البيت وعجزه‪.‬‬
‫مثال ذلك قول أيب الطيب املتنيب معاتبا سيف الدولة‪:‬‬
‫يا أعدل الناس إال يف معامليت‬
‫فيك اخلصام وأنت اخلصم واحلكم‬
‫يا اعد لن ناس ال ال يف م عا مليت‬
‫مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن‬
‫حشو حشو حشو عروض‬
‫يف كل خ صا م وان تلخصم* ول حكمو‬
‫مستفعلن فعلن مستفعلن فعلن‬
‫حشو حشو حشو ضرب‬
‫ط‪ -‬الوزن‪ :‬هو النظام املوسيقي القائم على اختيار مقاطع صوتية معينة تدعى التفعيالت‪ ،‬فيحدث هذا االختيار نغما خاصا‬
‫منيز به بني شعر وآخر‪ .‬والبيت الشعري أو القصيدة الشعرية تتكون من تفعيالت معينة تتكرر وفق نظام معني‪.‬‬
‫ك‪ -‬البحر‪ :‬ويسمى الوزن حبرا أيضا‪ ،‬تشبيها له بالبحر‪ ،‬ألن الشاعر يستطيع أن ينظم على الوزن الواحد حبرا من القصائد أو‬
‫عددا ال حيصى منها‪.‬‬
‫ل‪ -‬القافية‪ :‬هي عبارة عن مقطع صويت يلتزمه الشاعر يف آخر كل بيت من القصيدة‪ ،‬فيكسبها نغمة مجيلة ال نشعر هبا لوال‬
‫التزام ذلك املقطع‪ .‬أو بتعبري آخر هي آخر مقطع صويت يف القصيدة يبىن على حرف هجائي معني يلتزمه الشاعر‪ ،‬فينشأ عن‬
‫التزامه أو تكراره نغم موسيقي تطرب له األذن‪ ،‬ويسمى هذا احلرف األخري رويا‪.‬‬
‫وميكن أن نعرف القافية تعريفا تقنيا فنقول‪ :‬تتكون القافية من آخر ساكن يف البيت‪ ،‬إىل أول ساكن يليه مع املتحرك‬
‫الذي قبله‪ .‬وعلى هذا ال بد من اإلشارة إىل أن القصيدة تتوحد يف الوزن أو البحر ويف العروض والضرب والقافية والروي‪ ،‬أي‬
‫أن القصيدة* تبىن على وزن واحد وعروض واحدة وضرب واحد وقافية واحدة وروي واحد‪.‬‬
‫وميكن أن منثل على ذلك بالقصيدة* امليمية أليب الطيب املتنيب واليت مطلعها‪:‬‬
‫على قدر أهل العزم تأيت العزائم‬
‫وتأيت على قدر الكرام املكارم‪.‬‬
‫وتعظم يف عني الصغري صغارها‬
‫وتصغر يف عني العظيم العظائم‬
‫فالقافية هنا حرف امليم‬

You might also like