‫الفلسفة المعاصرة‬

‫مقدمة‬
‫جاء أصل لفظة فلسفة من اللغة اليونانيّة القديمة فيلوسوفيا “‪ ،”Philosophia‬وقد كانت تعني حب الحكمة وطلبها‪ 5،‬وكان يقصد بها الحكمة نفسها‪ ،‬فالرجل إذا ُوصف‬
‫بأنه فيلسوف فكأنما ُوصف بأنه رج ٌل حكيم‪ ،‬ولكن في وقتنا الحالي أصبحت تدل على كل األفكار‪ 5‬التي نتجت من خالل إعمال العقل واستخدام المنطق في إيجاد علل‬
‫وأسباب لكل ما هو موجود‪ ،‬كما يُقصد بها أيضا ً دراسة طبيعة أو أساس الوجود‪ ،‬سواء الوجود المادي مثل كل ما يوجد في الطبيعة من حولنا‪ ،‬أو الوجود غير الملموس‬
‫أو غير المادي مثل اللغة واألفكار واألخالق وغيرها‪ .‬ويُعتقد أن أهميّة الفلسفة تكمن في أنها أقدم العلوم المعروفة‪ ،‬ومنها تفرعت علوم أخرى على مدى السنين مثل‬
‫الفيزياء والرياضيات‪ 5‬والفلك واألحياء وغيرها‪ ،‬وذلك ألنّ الفلسفة هي عبارة عن بحث وتحليل لحقيقة األشياء‪ ،‬ومع ذلك يصعب الجزم لعدم وجود توثيق مكتوب لتلك‬
‫العلوم القديمة‪ ،‬حيث يعتقد البعض بأن أول العلوم كان علم الفلك ومن ثم جاءت بعده الفلسفة ومن ثم انبثقت منها العلوم األخرى‪ ‬‬
‫مفهوم‪ ‬الفلسفة المعاصرة‬
‫يعود مفهوم الفلسفة المعاصرة إلى الحقبة التاريخية التي كانت مع بداية القرن التاسع عشر‪ ،‬أي مع نشوء الفلسفة التحليلية والقارية‪ ،‬أي أنّه مصطلح يُقصد به فترة‪5‬‬
‫خاصة في تاريخ الفسلفة الغربية‪ ،‬لكن هناك الكثير ممن يخلط بين مصطلح فلسفة الحداثة‪ ،‬ومصطلح فلسفة بعد الحداثة‪ ،‬حيث إنّ الفلسفة المعاصرة استفادت من حدثين‬
‫مهمين‪ ،‬أولهما الثورة العلمية في مجال العلوم الدقيقة مثل البيولوجيا والرياضيات والفيزياء‪ 5،‬وثانيهما العلوم اإلنسانية مثل علم اإلجتماع وعلم النفس واألنثروبولوجيا‪5،‬‬
‫فاهتمت الفلسفة المعاصرة‪ 5‬بدراسة ونقد المعرفة العلمية‪ ،‬باإلضافة إلى اهتمامها في معنى الوجود اإلنساني‪ ،‬ومعالجة قضايا اإلنسان االجتماعية والسياسية‪.‬‬

‫تاريخ الفلسفة المعاصرة‬

‫ترتبط فلسفة أي عصر وزمان بفلسفة العصور واألزمان التي سبقتها‪ ،‬حيث إنها ال تنبثق فجأة من العدم‪ ،‬ولكنها تأتي معتمدة على ما سبقها كما هو حال جميع العلوم‪.‬‬
‫التطور الصناعي واالقتصادي طرح في أذهان الكثير من الفالسفة المعاصرين‪ 5‬مسألة اإلنسانيّة‬
‫ّ‬ ‫كما يرتبط تاريخ الفلسفة المعاصرة بتاريخ الثورة الصناعيّة‪ ،‬حيث إنّ‬
‫وما تعنيه‪ ،‬ومعنى الفرديّة وما يجعل كل إنسان مميّزاً عن غيره من المخلوقات وغيره من البشر‪ ،‬وذلك في عصر يسود فيه التعميم على كل شيء‪ ،‬حتى على البشر‪،‬‬
‫سميّت “فلسفة معاصرة” نسبة إلى ما تعاصره من‬ ‫حيث يصبح كل ما يهم هو األرقام واإلحصاءات‪ ،‬فظهرت هذه الفلسفة كنوع من الدراسة والتحليل لهذا العصر ف ُ‬
‫ظواهر في المجتمعات المختلفة‪.‬‬

‫نشأة الفلسفة المعاصرة‬

‫إنّ تطور الحياة‪ 5‬في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين كان العامل األبرز في ظهور الفلسفة المعاصرة‪ ،‬كما كانت المشكلة الفلسفيّة في العصور القديمة‬
‫ش الكنيسة‬
‫التي افتقرت إلى المعرفة العلمية تَنحصر في اإلنسان وما وراء الطبيعة‪ ،‬ث ّم العالقة بين األفكار والدين في العصور الوسطى األوروبية التي عانت من بَط ِ‬
‫الكاثوليكية‪ ،‬فإنّ النهضة الصناعية في أوروبا الغربية واالكتشافات العلميّة أدّت إلى تطور األفكار الفلسفية‪ِ ،‬لتسود النزعات العقالنية والتجريبية‪ .‬في القرن العشرين‬
‫بشكل كبي ٍر بسبب وسائل االتصال الحديثة‪ ،‬األمر الذي أدّى إلى نشأ ِة العديد من المذاهب الفلسفية التي تبحث في كيفية تطور اإلنسان‪ ،‬واكتشاف‬‫ٍ‬ ‫اتسعت آفاق المعرفة‬
‫ذاته في البيئة التي يَعيش فيها‪.‬‬

‫قضايا اهتمت بها الفلسفة المعاصرة‬

‫الفلسفة واإلنسان‬
‫إنّ اإلنسان في نظر الفلسفة المعاصرة هو كائن يتميز بميزة أساسية هي الحرية‪ ،‬أي أنه يستطيع أن يخلق من نفسه ما يريده في المستقبل‪ ،‬كما أن حريته مرتبطة‬
‫بالمسؤولية‪ ،‬وهي مسؤولية تجاه البشرية كلها وليست تجاه ذاته فقط‪ ،‬وذلك ألن اإلنسان ال يختار الشر بل يختار الخير له ولإلنسان والبشرية جمعاء‪.‬‬
‫الفلسفة والعلم‬
‫إنّ العلم هو معركة من أجل الوصول إلى الحقيقة‪ ،‬والمعرفة العلمية في نظر الفلسفة المعاصرة ليست انعكاسا ً للواقع بل ترجمة له‪ ،‬بحيث تحوله إلى نظريات متغيرة‬
‫قابلة للتكذيب‪ ،‬ويعود ذلك إلى أن النظرية العلمية فانية‪.‬‬
‫الفلسفة والحقيقة‬
‫الحقيقة هي مجموعة من المجازات واالستعارات والتشبيهات باإلنسان‪ ،‬ومع استمرار استخدامها أصبحت تتميز باإلكراه والشرعية والسلطة‪ .‬في العصر الحديث كان‬
‫التقدم العلمي هو المحرك األساسي للفلسفة المعاصرة‪ ،‬وقد رافق ذلك زيادة شعور اإلنسان بفرديته عن اآلخرين‪ ،‬كما صاحبه نزعة التحرر من قيود الكنسية‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى ظهور النزعة الرومانسية التي ترتكز على الشعور والحساسية والعاطفة‪ ،‬وذلك كرد فعل على العفو في النزعة العقلية والتجريبية والعلمية‪ ،‬أما في القرن العشرين‬
‫فيعتبر الجانبان‪ 5‬السياسي والعسكري هما المحركان الرئيسيان إلنجازات الفلسفة والعلم‪ ،‬ولعل أهم ما يميز الفلسفة المعاصرة هو تعدد مصادر معرفة الفالسفة‪ ،‬وإزالة‬
‫الحواجز الفكرية بين الفالسفة‪ ،‬باإلضافة إلى تبادل الخبرات واآلراء‪.‬‬
‫أهم مذاهب الفلسفة المعاصرة‬
‫الوجودية‬
‫هي تتمركز حول اإلنسان حياته ووجوده وموته وعالقاته بغيره‪ ،‬كما أنّها تهتم بالوجود الواقعي لإلنسان‪ ،‬ووجوده هو موضوع الفلسفة‪ ،‬وتعد الحرية عند الوجوديين‬
‫هي أهم الشروط لتحقيق الوجود الحقيقي لإلنسان‪.‬‬
‫البرجماتية‬
‫‪ ‬تقوم على أنّ صحة أي فكرة تعتمد على ما تؤديه من نفع‪ ،‬ويعود أصول ذلك المبدأ إلى الفالسفة اإلغريق‪ ،‬وأهم رواد البرجماتية تشارلز بيريز‪ ،‬وجون ديوي‪ ،‬ووليم‬
‫جيمس‬
‫البنيوية‬
‫هو الكل المؤلف من عدة ظواهر متماسكة يتوقف كل منها على ما عداه‪ ،‬ويتحدد عن طريق عالقته بما عداه‪ ،‬ويمكن أن يشمل بنية الشخصية وبنية المجتمع وبنية‬
‫النص األدبي‪ ،‬وقد نشأت البنيوية في ظل الظروف التي كان المجتمع األوروبي بها يتجه نحو البناء والتطور‪ ،‬كما أنّها اتجهت إلى تطوير العلوم اإلنسانية حتى تلحق‬
‫بموكب العلوم التجريبية‬