Professional Documents
Culture Documents
1
تجدر اإلشارة إلى أن الجزائر قد أبرمت مند سنة 1993 تاريخ أول تشريع ليبرالي
حول االستثمار ماال يقل عن 43 اتفاقا ثنائيا لحماية وتشجيع االستثمارات مع دول
مختلفة نذكر منها االتفاقية المبرمة بين حكومة الجزائر والحكومة الفرنسية بشأن
التشجيع والحماية المتبادلة فيما يخص االستثمارات بتاريخ. 1993 /02 /13
كما يمكن إدراج االتفاقيات التي تبرم بين دولتين من أجل تفادي االزدواج الضريبي|
على غرار تلك االتفاقية التي أبرمت بين الجزائر وفرنسا بتاريخ 17 أكتوبر]7[
1999و االتفاقية المبرمة بين الجزائر ومملكة بلجيكا في 15 ديسمبر، 1991
وتهدف هذه االتفاقيات إلى تنظيم بعض الحاالت الخاصة أين يتحصل مقيم أجنبي في
الجزائر على مدا خيل أو كان يمتلك ثروة تخضع للضريبة في بلده األصلي ،فإنه
وطبقا ألحكام هذه االتفاقيات يتفادى دفع الضرائب| في بلد إقامته أي الجزائر بخصم
ما يتوجب عليه دفعه في الجزائر كلما قام بدفعه في بلده األصلي.
المطلب الثاني : المصادر الداخلية
تتمثل المصادر الداخلية للقانون العام االقتصادي في المصادر األصلية المكتوبة
كالتشريع واللوائح التنظيمية ومصادر احتياطية كآراء الفقه أو االجتهاد القضائي
مثال .يضم التشريع كل من الدستور والتشريع العادي أو الشكلي الصادر عن الهيئة
التشريعية وكذلك اللوائح التنظيمية المتمثلة في المراسيم بنوعيها اإلثنين :الرئاسية
والتنفيذية التي تكمل ما تضمنته التشريعات أو أن تضبط مجاالت تختص بها لوحدها
وهذا بمقتضى تحوالت أدخلها ألول مرة الدستور الفرنسي لسنة 1958 والتي تبنتها
مختلف الدساتير الجزائرية ويتعلق األمر بالمجاالت المخصصة للسلطة التنفيذية التي
تعد بمثابة المصدر األول للقانون العام االقتصادي.وفيما يأتي توضيح هذه المصادر:
الفرع األول : المصدر الدستوري[]8
يعد الدستور التشريع األساسي والتأسيسي للدولة فهو قمة التشريعات فيها المحدد
لهيئات ومؤسسات الدولة واختصاصاتها وعالقتها بعضها البعض ،وبيان الحقوق
والحريات الفردية و العامة . إن المصدر الدستوري للقانون العام االقتصادي يتجسد
في دستور 04/10/1958 وديباجته فيما يخص فرنسا و في
دستور 23 فبراير 1989 المعدل في 28/11/1996فيما يتعلق بالجزائر .عكس
الدساتير القديمة فالحديثة منها تتضمن دائما وبدرجة متفاوتة أحكام تتعلق بمبادئ أو
مؤسسات اقتصادية .فالدستور هو الذي يلمح إلى تصور الدولة في العمل االقتصادي
بتبنيه الخيار الليبرالي| أو اإلشتراكي .لكن لم تكثر األحكام االقتصادية بحكم أن
الدساتير هي قبل كل شيء مواثيق سياسية تنظم العمل السياسي في الدولة أكثر من
أن تكون مفصلة في القضايا االقتصادية .من باب الذكر إن الدستور الجزائري يشير
إلى بعض المبادئ الخاصة باالقتصاد بدءا بالمادة 19 التي تمنح للدولة اختصاص
تنظيم التجارة الخارجية .و من باب الحريات العامة تنص المادة 37 على أن حرية
الصناعة والتجارة مضمونة وتمارس في إطار القانون كما أن المادة 52 تضمن
الملكية الخاصة لألفراد .المادة 64 من جهتها تنص على مبدأ تساوي األفراد في
أداء الضريبة ويجب على كل واحد أن يشارك في تمويل التكاليف العمومية حسب
2
قدرته الضريبية وال يجوز أن تحدث أي ضريبة إال بمقتضى القانون واليمكن أن
تكون بأثر رجعي.
الفرع الثاني : المصدر التشريعي
يقصد بالتشريع ذلك العمل القانوني الصادر عن الهيئة التشريعية والمنبثق عن سيادة
الشعب الذي يعين ممثلين له في هذا الجهاز حتى يقوم بسن القوانين لتنظيم السلوكيات
في المجتمع ويقصد عادة بالتشريع القوانين العادية الضابطة لعالقات األفراد فيما
بينهم أو بينهم وبين الدولة في المجاالت المختلفة للحياة االجتماعية.
عرف دور التشريع كمصدر للقانون تطورا ملحوظا مع الدستور الفرنسي الصادر
فى 4 أكتوبر 1958الذي جاء بما يسمى الجمهورية الخامسة في فرنسا
ويتمثل هذا التطور في مبدأ التمييز بين اختصاص التشريع واختصاصات التنظيم مع
تحديد المجاالت التي يختص بها التشريع في حين أن المجالت األخرى التي لم تحدد
فتكون من اختصاصات التنظيم .بعبارة أخرى تختص السلطة التنفيذية في المجاالت
والمسائل التي لم يسندها الدستور للتشريع.
إن الدستور الجزائري لسنة 1989 المعدل و المتمم قد تبنى نفس التقسيم في
المواد 122 إلى .125 يختص التشريع بحسب المادة 122 في الميادين التي تستوجب
سن قوانين عضوية وكذلك و على وجه الخصوص في المجاالت التي وردت في
التعداد ألحصري و هو يتضمن 30 مجاال أدرجت فيها المجاالت االقتصادية و هي
تتعلق بنظام االلتزامات المدنية و التجارية ،نظام الملكية ،المصادقة على المخطط
الوطني،التصويت| على ميزانية الدولة ،إحداث الضرائب ،الجبايات ،الرسوم و
الحقوق المختلفة ،النظام الجمركي ،نظام إصدار النقود ،النظام العام للمناجم و
المحروقات و النظام العقاري.
إن تحديد هذه المجاالت التي يختص بها التشريع و الذي جاء عاما يوحي أن
البرلمان ال يحدد القواعد التفصيلية و التطبيقية لها بل يترك هذا االختصاص للتنظيم.
الفرع الثالث : المصدر التنظيمي( التشريع الفرعي)
تتجلى أهمية المصدر التنظيمي للقانون العام االقتصادي في انه يشكل المصدر
الرئيسي للقانون العام االقتصادي و يتجسد تحديدا هذا المصدر في التعداد
الحصري للمجاالت المخصصة للتشريع الذي جاءت به المادة 122 من الدستور
بمعنى أن كل ما لم يحدد في هذا التعداد فيكون من اختصاص التنظيم .أراد المشرع
الدستوري أن يختص التنظيم في المسائل االقتصادية بما له من مقدرة في التأقلم مع
األوضاع الميدانية حتى يستجيب وبسرعة لمقتضيات الحياة االقتصادية.
يرسم التشريع المبادئ الكبيرة في حين يفصل ويدقق التنظيم األحكام القانونية
مستعمال أساليب قانونية تسمح له بتنظيم المسائل االقتصادية والتردد كذلك عن هذه
األعمال إذا ما اقتضت الضرورة ذلك .ال يقتصر هذا المصدر التنظيمي على التنظيم
الحكومي فحسب بل ينحدر كذلك من لوائح تنظيمية تصدرها هيئات أخرى.
)1التنظيم الحكومي
3
وهو مختلف الصالحيات و االختصاصات التي يمنحها القانون للهيئات التنظيمية
للدولة و هي نوعان و تتمثل في االختصاص العام لرئيس الجمهورية للتشريع عن
طريق المراسيم الرئاسية في كل المسائل التي لم تدرج ضمن اختصاصات التشريع
في مفهوم المادة 122 من الدستور .من جهة أخرى يتمثل التنظيم الحكومي كذلك في
اللوائح التنظيمية التي تتخذ بهدف تنفيذ القوانين التي تصدر عن الوزير األول وذلك
طبقا ألحكام المادة 125 من الدستور .يتخذ القانون العام االقتصادي منبعا له من
السلطة التنظيمية المستقلة[ ]9المخصصة لرئيس الجمهورية و السلطة التنظيمية
التنفيذية المخصصة للوزير األول بسبب خصوصيات الحياة االقتصادية التي
تستوجب نوعا من السرعة و الليونة في اتخاذ القرارات ،وهذا يتوفر في الهيئة
التنفيذية.
فيما يتعلق باللوائح التنظيمية التي تصدر عن الوزير األول لتنفيذ القوانين فإنها
تعرف استعماال واسعا في عمل الدولة واللجوء المكثف لهذه اللوائح يأتي لفسح
المجال للحكومة أن تكيف النصوص التشريعية بحسب ما تمليه الضرورة|
الميدانية . لكن هذا ال يعني أن السلطة التنظيمية تتعدى صالحيتها بتغيير األحكام
العامة للتشريعات فهذه األخيرة غالبا ما تكتفي برسم الخطوط العريضة للقوانين
وتترك التفصيل للوائح التنظيمية إلثراء أحكام هذه القوانين و مطابقتها مع الواقع مثل
ما هو الحال على سبيل المثال مع قانون التوجيه ألفالحي المؤرخ
في 3 أوت .2008 أما فيما يتعلق بالتشريع التفويضي|[ ]10الذي يختص به رئيس
الجمهورية بين دورات انعقاد البرلمان و يتم عن طريق إصدار أوامر تكون لها قوة
التشريع ،يرجع هذا األخير إلى نظرية في القانون اإلداري تتركز على الظروف
االستثنائية و تتخذ مثل هذه األوامر في فترات عطلة البرلمان وتوقفه عن العمل على
أن تعرض الحقا على المجلس في أول دورة مقبلة.
إن مغزى هذا التشريع التفويضي| يكمن في أن الدستور يفوض لرئيس الجمهورية
سلطة إصدار القوانين في شكل أوامر حتى ال يتعطل عمل الدولة و األمثلة كثيرة في
استعمال هذا األسلوب في القانون الجزائري في المسائل اإلقتصادية و غيرها و
غالبا ما تتخذ القرارات| التحكمية الكبرى في شكل أوامر كالقوانين المالية التكميلية.
)2 التنظيم الوزاري
من حيث المبدأ لم يكن للوزير سلطة تنظيمية يتمتع بها على وجه االستقاللية فله
بحكم مكانته داخل هياكل الدولة سلطة تنظيم و تسيير المرافق الموضوعة تحت
مسؤولياته و ال يمكنه اتخاذ لوائح تنظيمية تفرض أحكاما على كافة المواطنين| .لكن
في الممارسة اإلدارية يمكن للوزير أن يتمتع بسلطة تنظيمية بمقتضى نص قانوني
صريح و بهذا الشرط فقط . و تكون هذه النصوص إما قوانين و إما لوائح
تنظيمية تتكفل بضبط صلب الموضوع و تترك تفصيلها و تكميلها لقرارات وزارية
تتكفل بتنظيم ما يحدد لها من اختصاص بحكم النص القانوني األصلي .وفي بعض
األحيان األخرى إن القوانين تذهب إلى ابعد من هذا بمنحها للوزير إمكانية التشريع و
ليس فقط تفصيل وتكميل نصوص قانونية أعلى و في هذه الحالة نكون أمام ما يسمى
4
في الفقه اإلداري بالسلطة التنظيمية المفوضة[ ]11أو المتخصصة التي يمارسها
الوزير.
5