You are on page 1of 6

‫تعليم اللغة العربية‬

‫اللغة العربية بين الماضي والحاضر ‪:‬‬


‫نزل القرآن الكرمي باللغة العربية‪ ،‬فأحياها‪ ،‬وضمن بقاءها‪ ،‬ونشرها يف كل مكان وصلت إليه‬
‫الدعوة‪ ،‬وأقبل الناس على تعلم اللغة العربية حبماس يف العصور اإلسالمية األوىل‪ ،‬مث احنسر تعليمها‪،‬‬
‫أطل القرن العشرون –وخباصة النصف الثاين منه‪-‬‬ ‫وقل اإلقبال عليها يف العصور املتأخرة‪ ،‬حىت َّ‬
‫َّ‬
‫فعادت العربية سريهتا األوىل‪ ،‬فأصبحت اللغة الثانية‪ ،‬اليت تعلم إجبارياً يف كثري من البالد اإلسالمية‪:‬‬
‫يف إفريقيا‪ ،‬وجنوب شرق آسيا‪ ،‬كما أهنا إحدى اللغات اليت يقبل على تعلمها الكثريون يف أوروبا‬
‫وأمريكا‪.‬‬

‫تعلم اللغة‬
‫يقصد بتعلم اللغة تلك العملية الواعية‪ ،‬املخطط هلا من أطراف عديدة ؛ لتمكني الفرد من‬
‫تعلم اللغة الثانية‪ ،‬أو األجنبية‪ ،‬وتتم هذه العملية‪-‬عادة‪ -‬يف مرحلة متأخرة من العمر‪ ،‬بعد مرحلة‬
‫الطفولة املبكرة‪ .‬ومن أهم ما مييز تعلم اللغة عن اكتساب اللغة ما يلي‪ :‬اختالف الدوافع يف احلالتني ؛‬
‫فالفرد يف حاجة إىل اللغة األم‪ ،‬ألداء وظائف حياته األساسية‪ ،‬أما بالنسبة للغة األجنبية‪ ،‬فالدوافع‬
‫خارجية‪ ،‬فقد تكون ثقافية‪ ، ،‬أو اجتماعية‪ ،‬أو اقتصادية‪ ،‬أو سياسية ‪.‬ومن ناحية أخرى ختتلف البيئة‬
‫يف احلالتني ‪:‬فاكتساب اللغة‪ ،‬يتحقق يف جمتمع اللغة‪ ،‬بشكل طبيعي‪ ،‬حيث يتعرض الطفل بصورة‬
‫مستمرة للغة األم‪ ،‬أما متعلم اللغة‪ ،‬فيتلقاها يف بيئة مصطنعة‪ ،‬ويف فرتة قصرية‪ ،‬ومن معلمني غري‬
‫ناطقني باللغة غالبا ‪.‬وتنعكس تلك االختالفات على الطرائق واألساليب‪ ،‬واملادة التعليمية‪.‬‬
‫أهداف تعليم اللغة وتعلمها‬
‫يسعى متعلم اللغة العربية إىل حتقيق ثالثة أهداف‪ ،‬هي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬الكفاي‪zz‬ة اللغوية ‪ :‬واملقص‪zz‬ود هبا س‪zz‬يطرة املتعلم على النظ‪zz‬ام الص‪zz‬ويت للغ‪zz‬ة العربي‪zz‬ة‪ ،‬متي‪zz‬يزاً وإنتاج ‪z‬اً‪،‬‬
‫ومعرفته برتاكيب اللغ‪z‬ة‪ ،‬وقواع‪z‬دها األساس‪z‬ية ‪ :‬نظري‪z‬اً ووظيفي‪z‬اً؛واإلملام بق‪z‬در مالئم من مف‪z‬ردات‬
‫اللغة‪ ،‬للفهم واالستعمال‪.‬‬
‫ثاني ‪z‬اً‪ :‬الكفاي‪zz‬ة االتص‪zz‬الية ونع‪zz‬ين هبا ق‪zz‬درة املتعلم على اس‪zz‬تخدام اللغ‪zz‬ة العربي‪zz‬ة بص‪zz‬ورة تلقائي‪zz‬ة‪ ،‬والتعب‪zz‬ري‬
‫بطالقة عن أفكاره وخرباته‪ ،‬مع متكنه من استيعاب ما يتلقَّى من اللغة يف يسر وسهولة ‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬الكفاية الثقافية‪ :‬ويقصد هبا فهم ما حتمله اللغة العربية من ثقافة‪ ،‬تعرِّب عن أفكار أصحاهبا‬
‫وجتارهبم وقيمهم وعاداهتم وآداهبم وفنوهنم ‪ .‬وعلى مدرس اللغة العربية تنمية هذه الكفايات‬
‫الثالث‪ ،‬لدى طالبه من بداية برنامج تعليم اللغة العربية إىل هنايته‪ ،‬ويف مجيع املراحل‬
‫واملستويات‪.‬‬
‫تحقيق أهداف متعلم اللغة العربية ‪:‬‬
‫يقوم مدرسو اللغة العربية‪ ،‬ومع ّدو املادة التعليمية‪ ،‬ببذل كل م‪z‬ا ل‪z‬ديهم من مه‪z‬ارات وطاق‪z‬ات‪،‬‬
‫لتمكني املتعلم من إتق ‪zz z‬ان الكفاي‪zz z‬ات الثالث ‪ :‬اللغوي‪zz z‬ة واالتص ‪zz z‬الية والثقافي‪zz z‬ة ‪.‬ومبالحظ ‪zz z‬ة م‪zz z‬ا حيقق ‪zz z‬ه‬
‫الطالب من تعلم‪ ،‬ظهر أن كثريين منهم يقفون عند حدود الكفاية اللغوي‪zz‬ة‪ ،‬ويعج‪zz‬زون عن اس‪zz‬تخدام‬
‫‪z‬ان من الطالب‪ ،‬حيق‪zz‬ق مس‪zz‬توى طيب‪z‬اً من االتص‪zz‬ال باللغ‪zz‬ة‬ ‫اللغ‪zz‬ة العربي‪zz‬ة وس‪zz‬يلة اتص‪zz‬ال ‪ .‬وهن‪zz‬اك فري‪zz‬ق ث‪ٍ z‬‬
‫العربي‪zz‬ة‪ ،‬غ ‪zz‬ري أن ‪zz‬ه ي ‪zz‬رتكب كث‪zz‬رياً من األخط ‪zz‬اء اللغوي‪zz‬ة‪.‬وهن ‪zz‬اك فري ‪zz‬ق ث‪zz‬الث من الطالب يلم بكث‪zz‬ري من‬
‫قواعد اللغة العربية‪ ،‬وميكن‪z‬ه التواص‪z‬ل هبا‪ ،‬غ‪z‬ري أن‪z‬ه جيه‪z‬ل الثقاف‪z‬ة العربي‪z‬ة ‪ .‬وميكن الق‪z‬ول‪ ،‬ب‪z‬أن الطوائ‪z‬ف‬
‫الثالث من الطالب مل تبل‪zz z‬غ الغاي‪zz z‬ة املنش‪zz z‬ودة من تعلم اللغ‪zz z‬ة العربي‪zz z‬ة‪ ،‬وهي إتق‪zz z‬ان الكفاي‪zz z‬ات الثالث‬
‫مبستوى طيب‪ ،‬وبشكل متوازن ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ومدرس اللغة ‪:‬‬
‫بين علم اللغة وتعليم اللغة ‪ ،‬وبين عالم اللغة ِّ‬
‫أص‪zz‬بح واض‪zz‬حاً ل‪zz‬دى الكث‪zz‬ريين ‪ -‬اآلن ‪ -‬أن علم اللغ‪zz‬ة ش‪zz‬يء ‪ ،‬وأن تعليم اللغ‪zz‬ة ش‪zz‬يء آخ‪zz‬ر ‪،‬‬
‫رغم ما بينهم‪z‬ا من ص‪z‬الت وثيق‪zz‬ة ‪ .‬وق‪z‬د أدرك كث‪zz‬ري من اللغ‪zz‬ويني أن مهمتهم األساس‪z‬ية ‪ ،‬هي الوص‪zz‬ف‬
‫العلمي للظ‪zz‬اهرة اللغوي‪zz‬ة ‪ ،‬وحتلي‪zz‬ل بنيته‪zz‬ا ‪ .‬أم‪zz‬ا تعليم اللغ‪zz‬ة فمج‪zz‬ال آخ‪zz‬ر‪ ،‬خيرج عن دائ‪zz‬رة اختصاص‪zz‬هم‪.‬‬
‫( إن ج‪zz‬ل م‪zz‬ا يس‪zz‬تطيع اللغوي‪zz‬ون ‪ ،‬بص‪zz‬فتهم لغ‪zz‬ويني تقدميه لن‪zz‬ا من مس‪zz‬اعدة ‪ ،‬ينحص‪zz‬ر يف وص‪zz‬ف اللغ‪zz‬ة ‪،‬‬
‫ومقارنتها فقط ‪ .‬قلما يكون اللغويون مدربني ‪ ،‬خارج نطاق علم اللغة ‪ ،‬األمر الذي جيع‪zz‬ل اللغ‪zz‬وي يف‬
‫حديث ‪zz‬ه عن ت ‪zz‬دريس اللغ ‪zz‬ة ‪ ،‬أو تعلمه ‪zz‬ا ‪ ،‬ال يعكس أي ‪zz‬ة خ ‪zz‬ربة ‪ ،‬ب ‪zz‬ل رمبا ق ‪zz‬ال ‪ ،‬أو كتب أش ‪zz‬د األم ‪zz‬ور‬
‫س‪zz‬خفا ‪ ،‬وأقله‪zz‬ا واقعي‪zz‬ة ‪ ،‬وه‪zz‬ذا م‪zz‬ا ح‪zz‬دث بالفع‪zz‬ل يف املاض‪zz‬ي ‪ ،‬وس‪zz‬وف يتك‪zz‬رر حدوث‪zz‬ه ‪ ،‬م‪zz‬ا دمن‪zz‬ا حني‪zz‬ط‬
‫اللغويني هبالة من احلكمة الشاملة ) ‪.‬‬
‫ذلك هو علم اللغة تعريفا وموضوعا وجماال ‪ ،‬فإذا انتقلنا إىل موضوع تعليم اللغة وجماالته ‪،‬‬
‫فيجب القول بأن موضوع تعليم اللغة ينحصر يف حماولة الوصول إىل أفضل املناهج والطرائق ‪،‬‬
‫وأحسن األساليب اليت يتم هبا تعليم اللغة ‪ ،‬وهبذا فهو يتناول الكيفية اليت يتعلم هبا اإلنسان اللغة ‪،‬‬
‫سواء أكانت لغة ُّأما أم أجنبية‪ ( .‬تدريس اللغة جهد منظم ‪ ،‬يقوم به املدرس ؛إلحداث تعلم اللغة‬
‫لدى تلميذ ‪ ،‬أو أكثر من الناطقني بلغات أخرى غري اللغة هدف التعلم ‪ . . .‬فإن تدريس اللغة ميكن‬
‫أن يكون كما نريد له حنن‪ ،‬أن يكون على أسس وقواعد خنتارها حنن‪ ،‬ملناسبتها ملوضوعنا‬
‫ومقاصدنا)‪.‬‬
‫يتض‪zz‬ح لن‪zz‬ا مما س‪zz‬بق أن دراس‪zz‬ة اللغ‪zz‬ة غ‪zz‬ري تعليم اللغ‪zz‬ة ‪ ،‬كم‪zz‬ا أن ع‪zz‬امِل اللغ‪zz‬ة خيتل‪zz‬ف عن م‪zz‬درس‬
‫اللغ ‪zz‬ة‪ .‬وإذا ك ‪zz‬ان ع ‪zz‬امِل اللغ ‪zz‬ة يس ‪zz‬تطيع أن يق ‪zz‬وم بعمل ‪zz‬ه ‪ ،‬وه ‪zz‬و مس ‪zz‬تقل متام‪z z‬اً عم ‪zz‬ا حيدث يف جمال تعليم‬
‫‪1‬‬
‫نعليم اللغة العربية لغري الناطقني هبا يف ضوء املناهج احلديثة ‪ ،‬د‪ .‬خمتار الطاهر حسني ص ص ‪116 - 114‬‬
‫اللغة ‪ ،‬فإن مثل هذه االسـتقالل ‪ ،‬ال سبيل إليه بالنسبة ملدرس اللغة ‪ .‬ومن جهة أخرى ‪ ،‬فعامل اللغة له‬
‫جماله اخلاص ‪ ،‬ويتم إع‪z‬داده وف‪z‬ق خط‪z‬ة معين‪z‬ة ‪ .‬وم‪z‬درس اللغ‪z‬ة ه‪z‬و اآلخ‪z‬ر ل‪z‬ه جمال‪z‬ه اخلاص ‪ ،‬ويتم إع‪z‬داده‬
‫وفق خطة معينة ‪ ،‬ختتلف عن اخلطة السابقة ‪ .‬وليس مطلوبا من مدرس اللغ‪z‬ة ‪ ،‬أن يك‪z‬ون عاملا يف اللغ‪z‬ة‬
‫متعمقا يف نظرياهتا ‪ ،‬وإن حدث ه‪z‬ذا ‪ ،‬فق‪z‬د يض‪z‬ر أك‪z‬ثر مما ينف‪z‬ع ‪ .‬إن املطل‪z‬وب من م‪z‬درس اللغ‪z‬ة أن يلم‬
‫بأساس ‪zz‬يات علم اللغ ‪zz‬ة احلديث ‪ ،‬م ‪zz‬ع الرتك ‪zz‬يز على اجلوانب ذات الطبيع ‪zz‬ة الوظيفي ‪zz‬ة من ‪zz‬ه ‪ .‬وال يفهم من‬
‫كالمن‪zz‬ا ه‪zz‬ذا ‪ ،‬أن ع‪zz‬امل اللغ‪zz‬ة حُم ّرم علي‪zz‬ه القي‪zz‬ام بتعليم اللغ‪zz‬ة ‪ ،‬وإمنا ل‪zz‬ه ذل‪zz‬ك ‪ ،‬إذا ت‪zz‬وفرت لدي‪zz‬ه املوهب‪zz‬ة ‪،‬‬
‫وتلقى تدريبا مالئما يف جمال تعليم اللغة‪( .‬وكل هذا يعين أن عامل اللغ‪z‬ة ‪-‬تارخيي‪z‬ا– ك‪zz‬ان ‪ ،‬أو وص‪zz‬فيا ‪،‬‬
‫أو جغرافي‪zz‬ا – ليس بطبيعت‪zz‬ه ذا موهب‪zz‬ة لتعليم اللغ‪zz‬ات املتكلم‪zz‬ة ؛ وإن ك‪zz‬ان يوج‪zz‬د بينهم من حيم‪zz‬ل ه‪zz‬ذه‬
‫املوهبة ‪ .‬إن معلم اللغ‪z‬ة ‪ ،‬ليس يف حاج‪z‬ة إىل أن يك‪z‬ون ع‪zz‬امل لغ‪z‬ة ‪ ،‬ب‪z‬أي مع‪z‬ىن من املع‪z‬اين الثالث‪z‬ة ‪ ،‬وع‪zz‬امل‬
‫اللغة ليس يف حاجة كذلك ‪ ،‬إىل أن يكون معلم لغة ) ‪.‬‬
‫إن جمال تعليم اللغ ‪zz‬ة ش ‪zz‬ديد الص ‪zz‬لة مبج ‪zz‬ال الدراس ‪zz‬ة اللغوي ‪zz‬ة ‪ ،‬وذل ‪zz‬ك ألن اللغ ‪zz‬ة هي املوض ‪zz‬وع‬
‫ال ‪zz‬ذي س‪zz‬نقوم بتعليم ‪zz‬ه ‪ .‬وه ‪zz‬ذا يع ‪zz‬ين ض ‪zz‬رورة معرف ‪zz‬ة م ‪zz‬درس اللغ‪zz‬ة باللغ ‪zz‬ة ‪ :‬حقيقته ‪zz‬ا وطبيعته ‪zz‬ا ‪ .‬وتل ‪zz‬ك‬
‫املعرفة ‪ ،‬إمنا تتحقق عن طريق علم اللغة ‪ ،‬الذي ال ميكن معرف‪zz‬ة اللغ‪z‬ة معرف‪zz‬ة علمي‪z‬ة دون االس‪z‬تعانة ب‪z‬ه ‪.‬‬
‫( تقتض‪zz‬ي عملي‪zz‬ة تعليم اللغ‪zz‬ة ‪ ،‬إملام‪zz‬ا أولي‪zz‬ا بقض‪zz‬ايا اللغ‪zz‬ة ‪ ،‬وذل‪zz‬ك ألن من ي‪zz‬رغب يف أن يعلم اللغ‪zz‬ة ‪ ،‬ال‬
‫يك‪zz‬ون مبق‪zz‬دوره‪ z‬القي‪zz‬ام بعمل‪zz‬ه على حنو فع‪zz‬ال ‪ ،‬م‪zz‬ا مل تكن ل‪zz‬ه اخلربة الكافي‪zz‬ة باللغ‪zz‬ة وبط‪zz‬رق حتليله‪zz‬ا ‪ .‬من‬
‫هذه الزاوية ‪ ،‬بإمكاننا التكلم عن العالقة بني األلسنية ‪ ،‬أو علم اللغة احلديث ‪ ،‬وبني عملية تعليم اللغة‬
‫‪ .‬وه‪zz‬ذه العالق‪zz‬ة تب‪zz‬دو واض‪zz‬حة وطبيعي‪zz‬ة بالنس‪zz‬بة ألس‪zz‬تاذ اللغ‪zz‬ة ‪ ،‬املطل‪zz‬ع على جماالت األلس‪zz‬نية املتنوع‪zz‬ة ‪.‬‬
‫وبطبيعة احلال‪ ،‬ال يدرك أستاذ اللغة‪ ،‬الذي مل يطلع بعد على هذه اجملاالت أمهية هذه العالقة ) ‪.‬‬
‫ال يستطيع مدرس اللغة أداء عمله بشكل صحيح ‪ ،‬إذا مل تكن لديه دراية علمية باللغة ‪ ،‬وإال‬
‫كان عليه أن يعلم شيئا جيهله ‪ .‬ومن ناحية أخ‪zz‬رى ‪ ،‬جيب على م‪zz‬درس اللغ‪zz‬ة االطالع على اجله‪zz‬ود ال‪zz‬يت‬
‫يقوم هبا علماء اللغة ‪ ،‬واالنتفاع هبا يف جمال عمله ‪ ،‬وإال اتسم عمله بالقصور والنقص ‪ .‬وه‪zz‬ذا اجلانب‬
‫اللغ‪zz‬وي أح‪zz‬د اجلوانب الرئيس‪zz‬ة يف إع‪zz‬داد م‪zz‬درس اللغ‪zz‬ة وتأهـيله ‪ ( .‬ولكن معلم اللغ‪zz‬ة ‪ ،‬ال ب‪zz‬د أن يك‪zz‬ون‬
‫م‪zz z z‬ؤهال ‪ ،‬لتلقي إرش‪zz z z‬ادات ع‪zz z z‬امل اللغ‪zz z z‬ة ‪ ،‬وراغب‪zz z z‬ا يف تطبيقه‪zz z z‬ا على ت‪zz z z‬دريس اللـغة ‪ .‬ومهم‪zz z z‬ا ك ‪zz z‬انت‬
‫الـمعلومات ‪ ،‬اليت يقدمها لـه عامل اللغة ‪ ،‬فهي مفيدة يف وظيفته ‪.‬‬
‫ومما ال شك فيه أن معرفة مدرس اللغة باللغة ‪ِّ ،‬‬
‫تشكل الطرائق واألساليب اليت يستخدمها يف‬
‫تعليمها ‪ .‬فالذي ينـظر إىل اللغة نظرة تقليدية ‪ ،‬خيضع طريقته يف تعليم اللغة إىل تصورات تلك النظرة‬
‫التقليدية ‪ ،‬وهكذا … ( وجتدر اإلشارة هنا ‪ ،‬إىل أن فهمك لعناصر اللغة ‪ ،‬سيتحكم بدرجة كبرية‬
‫يف الطريقة اليت تعلّمها هبا ‪ .‬فإذا كنت – على سبيل املثال– تعتقد أن االتصال الشفوي ‪ ،‬ميثل مفتاحا‬
‫للنجاح يف تعلم اللغة الثانية ‪ ،‬فسوف تركز االهتمام على األنظمة الشفوية ‪ .‬وإذا كنت ترى أن اللغة‬
‫ظاهرة يف اإلمكان حتليلها إىل آالف من األجزاء الصغرية ‪ ،‬وأن هذه األجزاء ميكن تعليمها على‬
‫حدة ‪ ،‬فسوف تركز االهتمـام على هذه األجـزاء ‪ ،‬وتقدمها بـطريقة منـفصلة ‪) . . .‬‬
‫‪2‬‬
‫دور علم اللغة في تعليم اللغة ‪:‬‬
‫أخذ علم اللغة يؤدي دوراً مهما يف جمال تعليم اللغات األجنبية ‪ ،‬وبصورة فعالة بعد احلرب‬
‫العاملية الثانية ‪ ،‬وقد اختذ هذا الدور صورا منظمة ‪ ،‬حيث طبق املدرسون كثريا من نتائجه يف ميدان‬
‫عملهم ‪( .‬لقد بدأ األثر الكبري لعلوم اللغة على تعليم اللغات األجنبية ‪ ،‬منذ احلرب العاملية الثانية ‪،‬‬
‫وخباصة يف الواليات املتحدة األمريكية ) ‪.‬‬
‫وإن كان هذا ال ينفي أن عدداً من احلقائق اليت أنتجها هذا العلم ‪ ،‬قد وجدت طريقها إىل‬
‫جمال تعليم اللغات األجنبية قبل ذلك التاريخ ‪ .‬ومن ناحية أخرى ‪ ،‬ميكن القول إن كثريا من‬
‫النتائج ‪ ،‬اليت حققتها الدراسات اللغوية احلديثة ‪ ،‬ال زالت مبنأى عن جماالت تعليم اللغة األجنبية ‪ .‬وملا‬
‫كانت فرتة ازدهار علم اللغة هي منتصف القرن العشرين ‪ ،‬كان من الطبيعي أن تكون تلك الفرتة‬
‫أكثر تأثرياً يف جمال تعليم اللغات األجنبية من غريها ‪ .‬ومما يوضح تأثري علماء اللغة يف جمال تعليم اللغة‬
‫األجنبية‪ ،‬ما حدث يف القرن التاسع عشر ‪ ،‬الذي شهد تطوراً كبرياً يف جمال الدراسة الصوتية ‪… ( .‬‬
‫غري أنه يف العقد التاسع من القرن التاسع عشر ‪ ،‬استطاع بعض علماء اللغة من ذوي النزعة العلمية‬
‫من أمثال هنري سويت يف بريطانيا ‪ ،‬وفلهام فيتور يف أملانيا ‪ ،‬وبول باسـي يف فرنسا ‪ ،‬توفري الريادة‬
‫الفكرية ‪ ،‬اليت منحت أفكار أولئك املصلحني املصداقية والقبول الواسع ‪ .‬لقد قام هؤالء العلماء‬
‫بتجديد علم اللغة ‪ ،‬ونفخوا فيه روحا جديدة ‪ ،‬وأسسوا علم األصوات ‪ ،‬وقدموا آراء ثاقبة عن‬
‫عمليات الكالم ‪ .‬وأكد اللغـويون أن الكالم ‪ ،‬وليست الكتابة ‪ ،‬هو الشكل األساسي للغة ) ‪.‬‬
‫وجه مدرسو اللغة عناية كبرية‬ ‫انعكس ذلك التطور على جمال تعليم اللغة األجنبية ‪ ،‬حيث َّ‬
‫لتقومي النطق وإصالحه يف اللغة األجنبية ‪ ،‬وكان هدفهم يف تلك الفرتة ‪ ،‬الوصول إىل دارس يؤدي‬
‫اللغة األجنبية بطريقة مقاربة ألداء أهل اللغة ‪ ،‬إن مل تكن مطابقة هلا ‪ .‬وهذا التوجه التطبيقي الذي‬
‫حدث ‪ ،‬إمنا كان بتأثري من أفكار علماء اللغة يف تلك الفرتة ‪ .‬واشتد التأثري بصورة عامة خالل القرن‬
‫العشرين ‪ ،‬عندما منت الدراسات اللغوية وتطورت ‪ ،‬ونشأت هلا فروع عديدة ‪ ( .‬أما الدراسات‬
‫اللغوية احلديثة ‪ ،‬فقد أعطت تعليم اللغة أمثن ما يعتز به يف الوقت احلاضر ‪ ،‬من تغلغل النـظرة يف‬
‫املادة ‪ ،‬ومشول النظرة‪ ،‬والكشف عن البنية ‪ ،‬ووضوح األقسام ‪ ،‬ودقة املصطلحات ‪ .‬وقد تبدى كل‬
‫ذلك ألول وهلة يف الدراسات الصوتية ‪ ،‬اليت مل يكن لتعليم اللغة عهد هبا ‪ ،‬مث توالت النتائج الباهرة ‪،‬‬
‫يف فروع الدراسات اللغوية األخرى ) ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫نعليم اللغة العربية لغري الناطقني هبا يف ضوء املناهج احلديثة ‪ ،‬د‪ .‬خمتار الطاهر حسني ص ص ‪117 - 116‬‬
‫خنلص مما تقدم إىل أن مهمة علم اللغة األساسية ‪ ،‬هي أن يزيد معرفتنا بطبيعة اللغة وماهيتها‪،‬‬
‫وهدفه النهائي تقدمي الوصف اللغوي األمثل ‪ ،‬وهو ال يضع يف اعتباره غاية تعليمية ‪ ،‬غري أن الوصف‬
‫اللغوي الذي يطرحه يستفاد منه يف ميدان تعليم اللغة ‪ .‬وهذه املالحظة تعين أن علم اللغة ال يعىن‬
‫بتقدمي املساعدة ملدرسي اللغة األجنبية بشكل مباشر ‪ ،‬كما أن التطورات اليت تصيب علم اللغة ‪ ،‬ال‬
‫تؤدي بالضرورة إىل تطورات مماثلة يف ميدان تعليم اللغة األجنبية ‪ ( .‬ال ترمي دراسة علم اللغة إىل‬
‫أغراض عملية ‪ ،‬فالباحث اللغوي يدرس اللغة لغرض الدراسة نفسها ‪ ،‬فهو يدرسها دراسة‬
‫موضوعية ‪ ،‬تستهدف الكشف عن حقيقتها ‪ ،‬فليس من موضوع دراسته ‪ ،‬أن حيقق أغراضا تربوية‬
‫مثال ‪ ،‬أو أية أغراض عملية أخرى‪ .‬فهو ال يدرسها بغرض االرتقاء هبا مثال‪ ،‬أو تصحيح جوانب منها‬
‫‪ ،‬أو القضاء على عـوج فيها ‪ ،‬فإن عملـه جيب أن يقـتصر على وصفها وحتليلها ‪ ،‬بطريقة‬
‫موضوعية ) ‪.‬‬
‫ينحصر دور علماء اللغة إذن يف دراسة الظاهرة اللغوية ‪ . .‬وصفا وحتليال ‪ ،‬وال يض‪zz‬عون يف‬
‫اعتب‪zz‬ارهم أغراض‪zz‬ا تعليمي‪zz‬ة ‪ .‬ويب‪zz‬دأ دور مدرس‪zz‬ي اللغ‪zz‬ة عن‪zz‬د النقط‪zz‬ة ال‪zz‬يت ينتهي فيه‪zz‬ا دور علم‪zz‬اء اللغ‪zz‬ة ‪.‬‬
‫( أم‪zz‬ا وظيف‪zz‬ة علم اللغ‪zz‬ة الوص‪zz‬في ‪ ،‬فهي أساس‪zz‬ا وض‪zz‬ع األس‪zz‬س واملع‪zz‬ايري ‪ ،‬ال‪zz‬يت تقب‪zz‬ل التط‪zz‬بيق على م‪zz‬ادة‬
‫اللغ‪zz z‬ة كله‪zz z‬ا‪ ،‬وك‪zz z‬ذلك وص‪zz z‬ف اللغ‪zz z‬ات ك‪zz z‬ل على ح‪zz z‬دة بدق‪zz z‬ة ‪ .‬ومن املمكن أن نس‪zz z‬تخلص من ه‪zz z‬ذه‬
‫الدراس‪zz‬ات الوص‪zz‬فية أسس‪zz‬ا مفي‪zz‬دة ‪ ،‬ومن‪zz‬اهج تس‪zz‬اعد يف تعليم اللغ‪zz‬ة وتعلمه‪zz‬ا ‪ ،‬إذا أري‪zz‬د توجي‪zz‬ه األعم‪zz‬ال‬
‫الوص‪zz z‬فية للنف‪zz z‬ع بدق‪zz z‬ة وذك‪zz z‬اء‪ ،‬ولكن مهم‪zz z‬ة ع‪zz z‬امل اللغ‪zz z‬ة تنتهي مبج‪zz z‬رد أن يق‪zz z‬دم لن‪zz z‬ا بك‪zz z‬ل دق‪zz z‬ة أعمال ‪zz‬ه‬
‫حيول ع‪zz‬امل اللغ‪zz‬ة الوص‪zz‬في نفس‪zz‬ه إىل معلـم لغ‪zz‬ة " وه‪zz‬و غالب‪zz‬ا غ‪zz‬ري‬ ‫الوص‪zz‬فية ‪ .‬وفيم‪zz‬ا وراء ذل‪zz‬ك ‪ ،‬فإم‪zz‬ا أن ّ‬
‫مؤهل لذلك " أو أن يرتك امليدان ملعلم اللغة املؤهل ) ‪.‬‬
‫وإذا كان عامل اللغة – كما سبق – يعمل دون أن يضع يف اعتباره ‪ ،‬ما سيقوم به مدرس اللغة من‬
‫عمل ‪ ،‬فإن مدرس اللغة ال يستطيع أداء عمله بفاعلية ‪ ،‬إذا مل يستعن مبا يطرحه عامل اللغة من‬
‫يدرس اللغة ‪ ،‬وهو مبعزل عن هذا العلم ‪ .‬وليس‬ ‫نظريات وآراء‪ .‬ومن الصعب أن نتصور مدرسا ّ‬
‫املطلوب – كما ذكرنا ‪ -‬أن حييط مدرس اللغة هبذا العلم ‪ ،‬وأن يكون خمتصا فيه ‪ ،‬فذلك ميدان له‬
‫رجاله‪ .‬ويكفي مدرس اللغة أن يكون على صلة وثيقة‪ ،‬مبا يقدمه أولئك الرجال‪ … ( .‬ومعلم اللغة‬
‫– أكثر من غريه – حباجة ملثل هذه املعرفة ‪ ،‬حبيث تتكون لديه خلفية قوية من اللغة وطبيعتها ‪ .‬هل‬
‫يستطيع معلمو اللغة األجنبية تدريسها – على سبيل املثال – بطريقة فعالة ‪ ،‬إذا مل يكونوا على دراية‬
‫– ولو عامة – بشيء من العالقة بني اللغة واملعرفة ‪ ،‬وأنظمة الكتابة ‪ ،‬واالتصال غري اللغوي ‪ ،‬وعلم‬
‫اللغة االجتماعي ‪ ،‬واكتساب اللغة األوىل ؟ واملعلمون – على كل حال – ليسوا مطالبني بأن يكونوا‬
‫خرباء متخصصني يف علم اللغة ‪ ،‬ولكنهم ال يستطيعون تدريس جزء ( لغة معينة ) دون أن يكون‬
‫لديـهم تصور واضح عن الكل املتمثل بالظاهرة اللغوية ) ‪.‬‬
‫مهارات اللغة‬
‫للغة أربع مهارات‪ ،‬هي‪ :‬االستماع والكالم والقراءة والكتابة‪ .‬والوسيلة اليت تنقل مهارة‬
‫الكالم هي الصوت عرب االتصال املباشر بني املتكلم واملستمع‪.‬أما مهارتا القراءة والكتابة‪ ،‬فوسيلتهما‬
‫احلرف املكتوب ‪ .‬ويتحقق االتصال هباتني املهارتني‪ ،‬دون قيود الزمان واملكان ‪.‬ومن ناحية أخرى‬
‫يتل ّق ى اإلنسان املعلومات واخلربات‪ ،‬عرب مهاريت االستماع والكالم‪ ،‬ومن هنا تعدان مهاريت استقبال‪،‬‬
‫ويقوم اإلنسان عرب مهاريت الكالم والكتابة ببث رسالته‪ ،‬مبا حتويه من معلومات وخربات‪ ،‬وهلذا‬
‫السبب‪ ،‬مسِّيَتا مهاريت إنتاج ‪ .‬ويالحظ أن اإلنسان حيتاج إىل رصيد لغوي أكرب‪ ،‬وهو ميارس‬
‫االستماع والقراءة‪ ،‬على حني أنه حيتاج إىل رصيد أقل من اللغة‪ ،‬وهو ميارس الكالم والكتابة‪.‬‬
‫اكتساب اللغة‬
‫يقصد باكتساب اللغة العملية غري الشعورية‪ ،‬وغري املقصودة‪ z،‬اليت يتم هبا تعلم اللغة األم‪،‬‬
‫ذلك أن الفرد يكتسب لغته األم‪ ،‬يف مواقف طبيعية‪ ،‬وهو غري واع بذلك‪ ،‬ودون أن يكون هناك‬
‫تعليم خمطط له‪ ،‬وهذا ما حيدث لألطفال‪ ،‬وهم يكتسبون لغتهم األوىل‪ ،‬فهم ال يتلقون دروساً منتظمة‬
‫يف قواعد اللغة‪ ،‬وطرائق استعماهلا‪ ،‬وإمنا يعتمدون على أنفسهم‪ ،‬يف عملية التعلم‪ ،‬مستعينني بتلك‬
‫القدرة‪ ،‬اليت زودهم هبا اهلل تعاىل‪ ،‬واليت متكنهم من اكتساب اللغة يف فرتة قصرية‪ ،‬ومبستوى رفيع ‪.‬‬

You might also like