You are on page 1of 45

‫‪3‬‬ ‫ُم‬

‫ٍّ‬
‫ب وَأ‬
‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬

‫« ِر َسا َل ٌة إِ َلى ك ُِّل َأ ٍ‬


‫ب َو ُأم»‬

‫َت ْألِيف‬

‫َف ِضي َلة َّ‬


‫الش ْيخ‪:‬‬
‫َأبِي عب ِد الل ِ ل َحا ِ ب ِ حمَد َاامِ‬
‫ْ ُ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬

‫‪َ -‬ر ِح ََ ُه اللُ‪-‬‬


‫ب وَأُم‬
‫ٍّ‬ ‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬ ‫‪4‬‬

‫‪‬‬
‫‪5‬‬ ‫ُم‬
‫ٍّ‬
‫ب وَأ‬
‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬

‫ٍّ(‪)1‬‬
‫رِسَالَةٌ إِلَى كُلِّ أَبٍ وَأُم‬

‫الحمد لله وحده والصلة والسلم على من ل َبهي‬


‫بعده ‪.‬‬

‫أما بعد‪:‬‬

‫فإهلى آب هائنا وأمهاتهنا‪ ،‬وإهخواَهنا وأخواتهنا‪ ،‬وأبن هائنا‬


‫وبناتهنا! أقدم ه هذ هه الن هصيحة الغال هية‪ ،‬والف هائدة الث همينة‪،‬‬
‫والو هصية الهامة؛ فلعلها أن تكون سببا فهي شرحه‬
‫ول‪ ،‬وسببا فهي بهر‬
‫ب المأم ه‬ ‫ور‪ ،‬وإهَار هة العق ه‬
‫ول‪ ،‬وجل ه‬ ‫الصد ه‬

‫ان المح هسن هين‪ ،‬وَشأ هة هجيل يح همل‬


‫البارين‪ ،‬وإهحس ه‬

‫(‪ )1‬محاضر ٌة بهعنوان‪ « :‬هرسال ٌة إهلى كل أب وأم»‪.‬‬


‫ب وَأُم‬
‫ٍّ‬ ‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬ ‫‪6‬‬

‫اس فهي بهقا هع الر ه‬


‫ض‬ ‫اعل الهدى والن ه‬
‫ور إهلى الن ه‬ ‫مش ه‬

‫ض فهي‬
‫أجم هعين‪ ،‬والخي هر والبهر إهلى شتى بهقا هع الر ه‬
‫العال همين‪ ،‬فين هير الل رب العال همين به ههم الظلم ه‬
‫ات‪،‬‬
‫يهم الحاج ه‬
‫ات‪،‬‬ ‫ويق هضي الل رب العال همين على أي هد ه‬

‫وترفع بهإهيماَه ههم وتقواهم ال همحن والبلهيات‪.‬‬

‫أيها اْلباء الفضلء والمهات والفضليات؛ عضوا‬


‫اج هذ‪ ،‬وبثوها فهي المحافه هل‬
‫على ه هذ هه الن هصيح هة بهالنو ه‬
‫والمجال ه ه‬
‫س؛ فـ«الدال على الخير كفاعله»(‪،)1‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه أحمد (‪ )132/38‬عن بريدة السلمي‪ ،‬والترمذي (‪)2670‬‬


‫عن أَس بن مالك‪ ،‬وروي كذلك عن جماعة من الصحابة‪ ،‬وقد‬
‫صححه الشيخ اللباَي بطرقه وشواهده يف «الصحيحة» (‪ ،)1660‬وقد‬
‫اري‪ ،‬قال‪ :‬جاء‬ ‫أخرجه مسلم (‪ )1893‬بلفظ‪ :‬عن أبهي مسعود الَص ه‬

‫رج ٌل إهلى النبهي ‪ ،‬فقال‪ :‬إهَي أب هدع بهي فاح هملنهي‪ ،‬فقال‪« :‬ما‬
‫=‬
‫‪7‬‬ ‫ُم‬
‫ٍّ‬
‫ب وَأ‬
‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬

‫اد إهصلحه يعود علي هه فهي‬ ‫الفس ه‬ ‫ان ه‬‫والمصلهح فهي زم ه‬

‫أهله هه‪ ،‬ومال ه هه‪ ،‬وزماَه هه‪ ،‬ومآل ه هه؛ فإهليكم ج هميعا أقول‪:‬‬

‫ادَا‪ ،‬وَهتاج‬
‫أبناؤَا هم ثمرة أفئهدتهنا‪ ،‬وفهلذة أكب ه‬

‫اجب علينا أن َشملهم به هرعايتهنا‪ ،‬وأن‬ ‫أعمال هنا‪ ،‬والو ه‬

‫َكفلهم به هعنايتهنا‪ ،‬ف هقيامنا فهي هقيامه ههم‪ ،‬وسعادتنا فهي‬


‫سعادته ههم؛ فهم أثمن وأغلى ما َملهك فهي ه هذ هه الحي هاة‬
‫بعد هعباد هة الله وطاعته هه‪.‬‬

‫و اعلموا ‪-‬أيها اْلباء الفضلء وال مهات‬


‫يه‪ ،‬وهو‬‫الفضلي ات‪ -‬أن الولد أماَ ٌة ف هي عن هق أب ه ه‬

‫مستأم ٌن علي هه‪ ،‬والولد ر هعي ٌة‪ ،‬وأ بوه مسؤ ٌ‬


‫ول عنه‪،‬‬
‫=‬
‫عندي»‪ ،‬فقال رج ٌل‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬أَا أدله على من يح همله‪ ،‬فقال رسول‬
‫الله ‪« :‬من دل على خيرٍ فله مثل أجر فاعله»‪.‬‬
‫ب وَأُم‬
‫ٍّ‬ ‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬ ‫‪8‬‬

‫احد م هنا أمهينا‬


‫ف على هرعايت ه هه؛ فليكن ك ل و ه‬
‫ومستخل ٌ‬
‫اهدا‬‫ع لى ول هدهه ل خائهنا‪ ،‬محافهظا علي هه ل مضيعا‪ ،‬متع ه‬

‫ع لى هرعايت ه هه ل مفرطا‪.‬‬

‫اع هد المقرر هة التهي ل تقبل جدل‬ ‫واعلموا أن مهن القو ه‬

‫ول َهقاشا‪ :‬أن الولد َهتاج البهيئ هة التهي تربى فهيها‪ ،‬والسر هة‬
‫ادها‪ ،‬فيخرج إهلى الحي هاة متأثرا بهها‬
‫التهي عاش بين أفر ه‬

‫سلبا أو إهيجابا‪ ،‬طاعة أو هعصياَا‪ ،‬بهرا ووفاء أو جحودا‬


‫وَكراَا؛ فل تظلهموا أبناءكم بهاطل هع ههم على تق هص هيركم‬
‫وإهساءتهكم‪ ،‬وأح هسنوا إهلي ههم بهإهعاَته ههم ومعاينته ههم‬
‫بهإهحساَهكم وطاعتهكم‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﱁ ﱂ ﱃ‬

‫ﱄ ﱅ ﱆﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍﱎ ﱏ ﱐ‬

‫ﱑﱒﱓﱔ﴾ [األعراف‪.]58 :‬‬


‫‪9‬‬ ‫ُم‬
‫ٍّ‬
‫ب وَأ‬
‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬

‫فالولد يتأثر بهالسر هة التهي َشأ فهيها‪ ،‬يتأثر بهأقوال هها‬


‫وأفعال هها وأحوال هها؛ فيخرج َموذجا مماثهل ل ههذا البي ه‬
‫ت‬
‫ال هذي تربى وترعرع فه ه‬
‫يه‪.‬‬

‫واعلموا ‪ -‬هعباد الله‪ -‬أن الولد بهنا ٌء‪ ،‬وكل بهناء له‬
‫ان‪ ،‬و هجهازٌ وأرك ٌ‬
‫ان‪،‬‬ ‫ف وجدر ٌ‬ ‫اس وأع همد ٌة‪ ،‬وسق ٌ‬‫أس ٌ‬
‫فأساس ول هدك إهيماَه وع هقيدته وي هقينه‪ ،‬وأع همدته فر هائض‬
‫ارم التهي َهى الل‬
‫اهي والمح ه‬ ‫هدين ه هه‪ ،‬وسقفه الحدود والنو ه‬
‫ع هن التجر هء عليها‪ ،‬وجدراَه قهيمه ومب ه‬
‫ادئه‪ ،‬وأركاَه آدابه‬
‫وأخلقه؛ فهل أسست ع هقيدة ول هدك؟!!‬

‫ض التهي فرضها الل علي هه؟!!‬


‫وهل أقمته على الفرائه ه‬

‫وهل حلت بينه وبين الوقو هع فهيما حرم الل؟!!‬


‫ب وَأُم‬
‫ٍّ‬ ‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬ ‫‪10‬‬
‫وهل أقمته على هقيم ومب ه‬
‫ادئ ومثل‪ ،‬أم تركته‬
‫هكذا؟!!‬

‫وهل َظرت فهي آدابه هه وأخلقه هه‪ ،‬أم تركته همل بهل‬
‫آداب ول أخلق؟!!‬

‫اعلموا ‪ -‬هعباد الله‪ -‬أن على الوال هدي هن أن يؤسسا‬


‫ان به هه‪،‬‬ ‫اد هه‪ ،‬و ه‬
‫اليم ه‬ ‫أبناءهما على مع هرف هة الحق‪ ،‬واعتهق ه‬

‫ات علي هه‪ ،‬وإهعلَه هه وبث هه بهالدعو هة إهلي هه‪،‬‬


‫والعم هل به هه‪ ،‬والثب ه‬

‫والصب هر على تحم هل مشاق هه وآلمه هه‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬


‫﴿ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ‬

‫ﱌﱍﱎﱏﱐﱑ﴾ [العصر‪.]3-1 :‬‬

‫وح‬ ‫اعلموا ‪ -‬هعباد الله‪ -‬أن بهناء الول هد جسدٌ ظ ه‬


‫اه ٌر‪ ،‬ور ٌ‬
‫يب الرواحه ‪،‬‬‫اد عن ته هذ ه‬
‫باطهن ٌة؛ فل يشغلنكم بهناء الجس ه‬
‫‪11‬‬ ‫ُم‬
‫ٍّ‬
‫ب وَأ‬
‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬

‫ان فهي مقابه هل تض هيي هع الدي ه‬


‫ان؛‬ ‫ول يشغلنكم تعاهد البد ه‬

‫ان‪ ،‬فالمؤمهن الق هوي‬‫ان والخسر ه‬ ‫فإهن هذا هو ط هريق ال ه‬


‫حرم ه‬

‫بهإهيماَه هه خي ٌر مهن المؤمه هن الق هوي بهبدَه هه وجثماَه هه‪ ،‬وخي ٌر‬
‫اليم ه‬
‫ان‬ ‫ين به ه‬ ‫مهنهما من جمع قوة البد هن إهلى قو هة الد ه‬
‫والي هق ه‬
‫ين‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﱷﱸﱹ ﱺﱻﱼﱽ‬

‫ﱾﱿﲀﲁﲂﲃﲄﲅﲆﲇﲈﲉﲊ‬

‫ﲋﲌﲍﲎﲏﲐﲑﲒﲓ﴾ [التوبة‪.]109 :‬‬

‫اعلموا ‪ -‬هعباد الله‪ -‬أن الولد دائهما وأبدا ابن بهيئته هه‪،‬‬
‫ادئه‪ ،‬فعلى‬ ‫مهنها يكت هسب لغته وآدابه‪ ،‬وأخلقه ومب ه‬

‫اب وأخل هق وال هدي هه تكون لغته وآدابه‬ ‫قد هر لغ هة وآد ه‬

‫ون أمهاته ههم ل يعلمون‬


‫وأخلقه؛ فالبناء ين هزلون مهن بط ه‬

‫شيئا‪ ،‬في هصير العربهي عربهيا‪ ،‬والوروبي أوروبيا‪ ،‬ل هكل‬


‫ب وَأُم‬
‫ٍّ‬ ‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬ ‫‪12‬‬

‫وآدابها وأخلقها؛ فل تلوموا‬ ‫احد مهنهم لغة أسرته هه‬


‫و ه‬

‫فهي لغته ههم وأخلقه ههم‪ ،‬ولكهن‬ ‫أبناءكم على تف هريطه ههم‬
‫لوموا أَفسكم؛ فق هديما قالوا‪« :‬من شابه أباه فما‬
‫اربا ف هشيمة أه هل‬ ‫ظلم»(‪ ،)1‬وإهذا كان رب البي ه‬
‫ت بهالدف ض ه‬
‫البي ه‬
‫ت كل ههم الرقص!!‬

‫اعلموا ‪ -‬هعباد الله‪ -‬أن الولد يحتاج إهلى حضن‬


‫يحت هضنه‪ ،‬وقلب ي هميل الولد إهلي هه ويعشقه‪ ،‬وإهلى َفس‬
‫اضلة ز هكية َ هقية تملهكه‪ ،‬فإهذا لم ي هج هد الولد ذل هك فهي أبه هيه‬
‫ف ه‬

‫اض هن‬ ‫وأم هه‪ ،‬وأ هخ هيه وأخته هه؛ سعى إهلى تح هصيله هه فهي المح ه‬
‫مهن حول ه هه؛ فيحت هضنه أصحاب الس ه‬
‫وء‪ ،‬فيحت هضنه‬

‫(‪« )1‬مجمع المثال» للميداَي (‪ ،)300/2‬قال‪« :‬من أشبه أباه فما ظلم‪:‬‬
‫أي لم يضع الشبه يف غير موضعه؛ لَه ليس أحدٌ أولى به منه بأن‬
‫يشبهه»‪.‬‬
‫‪13‬‬ ‫ُم‬
‫ٍّ‬
‫ب وَأ‬
‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬

‫اسد‪ ،‬أو مو هاقع‬


‫ارع الف ه‬
‫احب‪ ،‬أ هو الش ه‬ ‫احب الس ه‬ ‫الص ه‬

‫اسد‪ ،‬أ هو الوهام والخيالت فهي‬


‫التواص هل بهما فهيها مهن مف ه‬
‫ات؛ حيث ي هجد الولد فه ه‬
‫يهم‬ ‫اسق ه‬
‫اس هقين والف ه‬‫س الف ه‬
‫مجال ه ه‬
‫يهم قهيمته؛ فترى فهي ول هدك العقوق‬
‫بغيته‪ ،‬ويستش هعر فه ه‬
‫الساءة والنفور محل الطاع هة والسر ه‬
‫ور‪.‬‬ ‫ب هديل ع هن البهر‪ ،‬و ه‬

‫فاحت هضنوا ‪-‬أيها اْلباء‪ -‬أبناءكم بهشيء مهن اَ هشر ه‬


‫اح‬
‫س فهيما يصدر مهنهم مهن مخالفات‪،‬‬ ‫الصد هر‪ ،‬وهد ه‬
‫وء النف ه‬
‫وما يكون علي ههم مهن مؤاخذات بهم هزيد مهن الصب هر‬
‫ار الكثه هير مهن الود والحب والبشاش هة‪.‬‬
‫والرعاي هة‪ ،‬وإهظه ه‬

‫اعلموا ‪ -‬هعباد الله‪ -‬أن الوال هد ي ه‬


‫جب علي هه أل يعامهل‬
‫الولد بهعقلهيته هه؛ فبين عق هل ول هدك وعقلهك علو ٌم لم‬
‫اث لم يوا هقعها؛‬
‫ارب لم يعا هينها‪ ،‬وأحد ٌ‬ ‫يحصلها‪ ،‬وتج ه‬

‫ال والمناقش هة‪،‬‬ ‫فترفق به هه فهي النصحه والتو هج هيه وال ه‬


‫جد ه‬
‫ب وَأُم‬
‫ٍّ‬ ‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬ ‫‪14‬‬

‫واَ هزل إهلي هه ول تطلب مهنه أن يصعد إهليك؛ فقد كان النبهي‬
‫‪ ‬وهو سيد المرسلهين يخ هفض ظهره‬
‫يد هه وول هد هه؛ حنوا وحبا‬
‫ويحن هي رأسه ل هيكون مطهية ل هح هف ه‬

‫وعطفا وإهحساَا وبهرا واط همئناَا‪ ،‬فأظ ههروا لهم ‪ -‬هعباد الله‪-‬‬
‫ول الله‬
‫عطفكم وبهركم وحبكم وحنوكم‪ ،‬ولكم فهي رس ه‬

‫‪ ‬السوة الحسنة‪.‬‬

‫اعلموا ‪ -‬هعباد الله‪ -‬أن الجسد له هغذاؤه‪ ،‬وأن الروح‬


‫اء ‪-‬إهل من ر هحم الل‪-‬‬ ‫لها هغذاؤها‪ ،‬والكثهير مهن اْلب ه‬

‫ان عن هغذ هاء الرواحه ‪ ،‬فكبرت أبدان‬


‫شغلهم هغذاء البد ه‬

‫أبن هائ ههم‪ ،‬وصغرت عقولهم‪ ،‬وضعفت أرواحهم‪،‬‬


‫وخفت أدياَهم؛ فاتقوا الل ‪-‬أيها اْلباء‪ -‬فهي هغذ هاء‬
‫أرواحه أبن هائكم‪ ،‬فهو مصدر هعز ههم وقوته ههم‪ ،‬وبهر ههم‬
‫وق العاقين‪ ،‬ومع هصي هة‬
‫وطاعته ههم‪ ،‬فما تراه مهن عق ه‬
‫‪15‬‬ ‫ُم‬
‫ٍّ‬
‫ب وَأ‬
‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬

‫اء فهي هذا‬‫ت المنفلهتهين إهل ل هتق هص هير اْلب ه‬


‫اصين‪ ،‬واَ هفل ه‬ ‫الع ه‬

‫يم‪ ،‬فما قامت فهي العال همين‬ ‫ين والص هل العظه ه‬ ‫الرك هن الركه ه‬
‫أم ٌة إهل على قد هم ال هعل هم وساقه هه‪ ،‬فال هعلم هغذاء الروحه ‪ ،‬وهو‬
‫حل ٌو منظره‪ ،‬ج هم ٌيل مذاقه‪.‬‬

‫وصلى الل وسلم على َبهينا محمد ‪.‬‬

‫وأختم رسالتي هذه بهذه الكلمات الموجزة؛‬


‫أقول‪ :‬البناء زر ٌع واْلباء ز هارعون‪ ،‬والبناء َهت ٌ‬
‫اج واْلباء‬
‫صاَهعون‪ ،‬فمن جد وجد‪ ،‬ومن زرع حصد‪ ،‬وليس من‬
‫قام واجتهد كمن َام ورقد؛ فاَظروا ‪-‬أيها اْلباء‪ -‬فهي‬
‫اع هد هصناعتهكم‪ ،‬فأد هركوا ما فاتكم‪،‬‬ ‫ول هزراعتهكم‪ ،‬وقو ه‬ ‫أص ه‬

‫ادق هة‪،‬‬
‫وحصلوا بهال هعل هم النافه هع والعم هل الصال هحه والني هة الص ه‬

‫اشد هة ما حصله من سبقكم‪ ،‬فالمة اليوم‬ ‫والع هزيم هة الر ه‬

‫اع هد أبن هائكم‪ ،‬وقو هة شبابهكم؛‬


‫فهي أشد الحاج هة إهلى سو ه‬
‫ب وَأُم‬
‫ٍّ‬ ‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬ ‫‪16‬‬

‫اعد ول هة‬
‫فهم حراس الع هقيد هة‪ ،‬وحماة الش هريع هة‪ ،‬وهم سو ه‬

‫الم هر‪ ،‬فقوة بهل هدكم فهي قو هة أبن هائكم‪ ،‬وضعفها فهي‬
‫ان‪ ،‬ول‬‫ضع هف ههم‪ ،‬والقوة والضعف هنا ليست بهقو هة البد ه‬

‫ان‪ ،‬وإهَما القوة هاهنا فهي‬


‫ب والج هاه والسلط ه‬
‫بهقو هة المن هص ه‬
‫ك بهالديا هن‪ ،‬وأَتم ‪-‬أيها اْلباء‪ -‬فهي‬
‫قو هة الع هقيد هة والتمس ه‬

‫المنتهى‪ ..‬أَتم المسؤولون عنهم‪ ،‬المربون لهم‪ ،‬فإهن‬


‫أحسنتم فلكم ولنا ولهم‪ ،‬وإهن أسأتم فعليكم وعلي ههم‬
‫وعلينا تدور الدوائهر‪ ،‬وتن هزل النوا هزل‪ ،‬وتشتد ال همحن‪،‬‬
‫وتظهر البليا وال هفتن‪.‬‬
‫فاتقوا الل ‪-‬أيها اْلباء والمهات‪ ،-‬وخذوا بهأسب ه‬
‫اب‬
‫العافهي هة وال هوقاي هة‪ ،‬وادفعوا بهها أسباب ال هفت هن والبليا؛ فإهن‬
‫ار بلهية ومهحنة‪ ،‬ول يكون‬ ‫ون فهتنة وفهي اَتهظ ه‬
‫العالم على أت ه‬

‫يس هجيل يكون على قد هر المسؤول هي هة‪ ،‬ل‬ ‫ذل هك إهل بهتأ هس ه‬
‫‪17‬‬ ‫ُم‬
‫ٍّ‬
‫ب وَأ‬
‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬

‫تدفع تهلك ال هفتن‪ ،‬ول َعافى مهن تهلك البليا وال همح هن إهل‬
‫يس هجيل يكون على قد هر المسؤول هي هة؛ فيرفع الل به هه‬
‫بهتأ هس ه‬
‫البلهية‪ ،‬ويدفع الل به هه الر هزية‪ ،‬ويجعل الل على يدي هه سبل‬
‫ال هوقاي هة والخي هري هة‪.‬‬

‫اجنا وذرياتهنا قرة أعين‪،‬‬


‫فاللهم هب لنا مهن أزو ه‬

‫واجعلنا ل هلمت هقين إهماما‪.‬‬

‫وصلى الل وسلم على َبهينا محمد‪ ،‬وعلى آل ه هه‬


‫وصحبه هه وسلم‪ ،‬وآ هخر دعواَا أ هن الحمد لله رب‬
‫العال همين‪ ،‬وصلى الل وسلم على َبهينا َبهي الميين سي هد‬
‫الول هين واْل هخ هرين‪ ،‬وعلى أصحابه هه المت هقين المطه هرين‪،‬‬
‫وآ هخر دعواَا أ هن الحمد لله رب العال همين‪.‬‬

‫‪  ‬‬


‫ب وَأُم‬
‫ٍّ‬ ‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬ ‫‪18‬‬

‫السِّرُّ َورَاءَ اسْتِقَامَةِ أَبْنَا ِئكَ(‪)1‬‬

‫إن الحمد لهل هه َحمده‪ ،‬وَست هعينه وَستغ هفره‪ ،‬وَعوذ‬


‫ات أعمالهنا‪ ،‬من يه هد هه‬
‫ور أَف هسنا ومهن سيئ ه‬
‫بهاللـه مهن شر ه‬
‫اللـه فل م هضل له‪ ،‬ومن يضلهل فل ه ه‬
‫ادي له‪.‬‬

‫وأشهد أن ل إهله إهل اللـه وحده ل ش هريك له‪،‬‬


‫وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ‪.‬‬

‫أما بعد‪:‬‬

‫يث كهتاب الل هـه‪ ،‬و خير الهد هي‬


‫فإهن أصدق الح هد ه‬

‫هدي م حمد ‪ ،‬وش ر ال م ه‬


‫ور م حدثاتها‪،‬‬

‫(‪ )1‬كلهم ٌة فهي ع هقيقة بهعنوان‪« :‬السر وراء استهقام هة أبنائهك»‪.‬‬


‫‪19‬‬ ‫ُم‬
‫ٍّ‬
‫ب وَأ‬
‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬

‫وكل م حدثة بهدع ٌة‪ ،‬وك ل بهدعة ضلل ٌة‪ ،‬وكل ضللة‬
‫فهي الن ه‬
‫ار‪.‬‬

‫أما بعد‪:‬‬

‫فلم يكن هعند الصحاب هة ‪ ‬ما يسمى به هفق هه‬


‫تربهي هة البن ه‬
‫اء‪ ،‬ول كاَوا يع هرفون مصنفا فهي ه هذ هه‬

‫ات؛ بل كاَوا ل يع هرفون أن هناك ما يسمى به هفق هه‬


‫المصنف ه‬
‫تربهي هة البن ه‬
‫اء‪ ،‬وإهَما كاَوا يع هرفون فهقه تربهي هة الَف ه‬
‫س؛ فقد‬

‫احد مهنهم ينش هغل بهتربهي هة َف هس هه‪ ،‬فلما أصلحوا‬


‫كان الو ه‬

‫َفوسهم؛ أصلح الل رب العال همين َفوس زوجاته ههم‪،‬‬

‫وأصلح الل رب العال همين َفوس أبنائه ههم‪ ،‬وأصلح الل‬

‫رب العال همين َفوس عمال ه ههم‪.‬‬


‫ب وَأُم‬
‫ٍّ‬ ‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬ ‫‪20‬‬

‫«سَ َببُ اخْتِيَارِ َزيْدٍ ‪ ‬الْبَقَاءَ مَعَ النَّبِيِّ‬


‫‪»‬‬

‫َبهينا ‪ ‬كان له غل ٌم وهبته له خ هديجة‬


‫ارثة ‪ ،‬فاَظر إهلي هه لما‬ ‫‪ ،‬وهو زيد بن ح ه‬

‫ات النبهي ‪ ‬و هشياته هه‪ ،‬ورأى مهن‬


‫رأى مهن هصف ه‬

‫هديه هه وأخل هق هه‪ ،‬وكان عبدا‪ ،‬ولم يكن حرا‪ ،‬وكان‬


‫مسترقا‪ ،‬ولم يكن مطلقا إهلى أ هن اهتدى إهلي هه أبوه‪،‬‬
‫فأتى إهلى النبهي ‪ ‬يطلب الولد‪ ،‬ويع هرض‬
‫على النبهي ‪ ‬ما ي هريد‪ ،‬فقال له النبهي‬
‫‪« :‬أو غير ذلك؟»‪.‬‬

‫قال‪« :‬ما هعندك؟»‪.‬‬


‫‪21‬‬ ‫ُم‬
‫ٍّ‬
‫ب وَأ‬
‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬

‫قال‪« :‬نخيره؛ فإن اختاركم فما أنا بالذي يمنعه‬


‫عن والديه‪ ،‬وإن اختارني فما أنا بالذي يرد خيار من‬
‫اختار»(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه الحاكم يف «المستدرك» (‪ ،)4946‬وابن عساكر يف «تاريخه»‬


‫ال ب هن زيد‪ ،‬حدثنهي أبهي‪ ،‬عن‬
‫(‪ )136/10‬من طريق زي هد ب هن أبهي هعق ه‬
‫جد هه الحس هن ب هن أسامة ب هن زيد‪ ،‬عن أبه ه‬
‫يه‪ .‬فذكره مطول‪ .‬وهذا سند ل‬
‫تقوم به حجة‪.‬‬
‫وأخرجه ابن سعد يف «الطبقات»‪ ،)43-40/3( :‬من طريقه‪ :‬الطبري يف‬
‫«تاريخ الرسل»‪ ،)497-495/11( :‬وابن عساكر يف «تاريخ دمشق»‪:‬‬
‫(‪ ،348-346/19‬ترجمة زيد بن حارثة)‪ ،‬وابن الجوزي يف «المنتظم»‪:‬‬
‫(‪ ،)348-347/3‬وأخرجه أيضا‪ :‬الزبير بن بكار يف «أخباره»‪:‬‬
‫ب‬‫(ص‪ ،267-264‬رقم ‪ ،)176‬من طريق‪ :‬ههشا هم ب هن محم هد ب هن السائه ه‬
‫الكلبهي‪ ،‬عن أبه هيه‪ ،‬وعن ج همي هل ب هن مرثد الطائهي وغي هر ههما‪.‬‬
‫يه‪ ،‬عن أبهي صالهح‪ ،‬ع هن اب هن‬
‫يث‪ :‬عن أبه ه‬
‫وقد ذكر ههشام بعض هذا الح هد ه‬
‫عباس رضي الل عنهما‪.‬‬
‫وأخرج البخاري (‪ ،)4782‬ومسلم (‪ )2425‬عن عب هد الله ب هن عمر‬
‫ول الله ‪‬‬ ‫ر هضي الل عنهما‪« :‬أن زيد بن ح ه‬
‫ارثة‪ ،‬مولى رس ه‬
‫=‬
‫ب وَأُم‬
‫ٍّ‬ ‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬ ‫‪22‬‬

‫فاَظر إهلى هذا ال هذي صار إهلى الحري هة بعد الرق‪،‬‬


‫وصار إهلى هالَطهل هق بعد القي هد‪.‬‬

‫ولكهن أَى له أن يترك هديا مصطف هويا‪ ،‬وأن يترك‬


‫خلقا َب هويا‪ ،‬وأن يترك حياة ههي عين الحي هاة!‬

‫فإهذا به هه يرفض أن يعود إهلى أبوي هه‪ ،‬ويبقى عبدا‬


‫مسترقا هعند النبهي ‪!!‬‬

‫ما ال هذي جعل زيدا ‪ ‬يترك الحرية إهلى‬


‫الرق؟!!‬

‫ما ال هذي جعل زيدا ‪ ‬يترك أبوي هه إهلى من‬


‫ليس له بهأب؟!!‬
‫=‬
‫ما كنا َدعوه إهل زيد بن محمد حتى َزل القرآن»‪﴿ ،‬ﲇ ﲈ ﲉ‬
‫ﲊﲋﲌ﴾ [األحزاب‪.]5 :‬‬
‫‪23‬‬ ‫ُم‬
‫ٍّ‬
‫ب وَأ‬
‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬

‫إهَها الخلق‪ ،‬إهَها الصفات والشيات التهي استأثرت‬


‫قلب زيد ‪ ‬وعقله‪ ،‬وهذا ال هذي يتخلف عنه أكثر‬
‫المسله همين‪ ،‬أكثر المسله همين ينسون أن أبناءهم يراقهبوَهم‪،‬‬
‫ينسون أن أبناءهم ينظرون إهلي ههم‪ ،‬ينسون أن أبناءهم‬
‫ال أبه هيه‪ ،‬فإهذا‬
‫يقيدون علي ههم حركاته ههم‪ ،‬فيتأثر الولد بهح ه‬

‫رأى أباه مقبهل على الله رب العال همين غير مدبهر؛ فل يسعه‬
‫إهل أن يقبهل كإهقبال ه هه‪ ،‬وإهن رآه مدبهرا ع هن الله رب العال همين‬
‫ار هه‪.‬‬
‫غير مقبهل؛ فل يسعه إهل أن يكون مدبهرا كإهدب ه‬

‫ك غَايَةُ وَلَ ِدكَ»‬


‫«غَايَ ُت َ‬

‫الناس رجل هن؛ رج ٌل باع َفسه لهدَياه‪ ،‬ورج ٌل باع‬


‫ت‬‫ت الدَيا أمه‪ ،‬ورج ٌل صار ه‬‫َفسه هلخراه‪ ،‬رج ٌل صار ه‬
‫ب وَأُم‬
‫ٍّ‬ ‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬ ‫‪24‬‬

‫اْل هخرة أمه‪ ،‬والولد يتبع فهي المنتهى أمه‪ ،‬وفهي ذل هك‬
‫اض ٌر‪ ،‬واْل هخرة‬
‫يقول علهي ‪« :‬الدَيا عر ٌض ح ه‬
‫ض الح ه‬
‫اض هر‬ ‫وعدٌ ص ه‬
‫اد ٌق ه‬
‫آج ٌل‪ ،‬والناس يرتبهطون بهالعر ه‬
‫أكثر مهما يرتبهطون بهالوع هد اْل هج هل‪ ،‬ول هلدَيا بنون‪،‬‬
‫ول هل هخر هة بنون؛ فكوَوا مهن أبن ه‬
‫اء اْل هخر هة‪ ،‬ول تكوَوا مهن‬
‫أبن ه‬
‫اء الدَيا؛ فإهن كل أم يتبعها بنوها»(‪.)1‬‬

‫على المر هء أن ينظر إهلى أم هه‪ ،‬ينظر إهلى هدفه هه‪ ،‬ينظر‬
‫إهلى غايته هه؛ هلن أمك ست هصير أما ل هول هدك‪ ،‬وغايتك‬
‫ست هصير غاية ل هول هدك‪ ،‬وهدفك سي هصير هدفا ل هول هدك‪ ،‬فإهن‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخاري (‪ )89/8‬معلقا مجزوما به‪ ،‬فقال‪« :‬وقال علهي بن أبهي‬
‫اْلخرة مقبهلة‪ ،‬ولهكل و ه‬
‫احدة‬ ‫ت ه‬ ‫ت الدَيا مدبهرة‪ ،‬وارتحل ه‬‫طالهب‪« :‬ارتحل ه‬
‫اْلخر هة‪ ،‬ول تكوَوا مهن أبن ه‬
‫اء الدَيا‪ ،‬فإهن‬ ‫اء ه‬ ‫مهنهما بنون‪ ،‬فكوَوا مهن أبن ه‬
‫اب ول عم ٌل»‪ ،‬ورواه أحمد يف‬ ‫اليوم عم ٌل ول هحساب‪ ،‬وغدا هحس ٌ‬
‫«الزهد» (‪ ،)693‬وأبو داود يف «الزهد» (‪ )106‬وغيرهما بسند حسن‪.‬‬
‫‪25‬‬ ‫ُم‬
‫ٍّ‬
‫ب وَأ‬
‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬

‫آخرتك‬‫آخرتك أقبل علي هه‪ ،‬وإهن رأى هدفك ه‬


‫رأى أمك ه‬
‫ادقا فهي هسرك وعلَهيتهك‪ ،‬ص ه‬
‫ادقا‬ ‫أقبل علي هه‪ ،‬إهن رآك ص ه‬

‫ادقهين‪.‬‬
‫فهي وع هدك وقول هك؛ فإهَه كذل هك يكون مهن الص ه‬

‫سكَ تَرَبَّى َولَ ُدكَ!»‬


‫«إِنْ رَبَّ ْيتَ نَفْ َ‬

‫اس‪،‬‬‫الصحابة ‪ ‬كاَوا خير أمة أخ هرجت ل هلن ه‬


‫فتعاهدوا َفوسهم‪ ،‬وأقبلوا على رب ههم‪ ،‬وتمسكوا بهسن هة‬
‫َبهي ههم ‪‬؛ فإهلى ماذا آل أمر أبنائه ههم؟‬

‫صاروا خلفهم؛ فخرج عبد الله بن عمرو مهن‬


‫اص‪ ،‬وخرج عبد الله بن الزبي هر مهن‬‫عم هرو ب هن الع ه‬
‫الزبي هر ب هن العوا هم‪ ،‬وخرج عبد الله بن عمر مهن عمر ب هن‬
‫اب‪ ،‬وخرج عبد الله بن عباس مهن العب ه‬
‫اس‪ ،‬هؤل هء‬ ‫الخط ه‬
‫ب وَأُم‬
‫ٍّ‬ ‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬ ‫‪26‬‬

‫السل هم‪ ،‬هؤل هء جذور أم هة النبهي خي هر الَا هم‪،‬‬


‫علماء ه‬

‫ت البناء‪ ،‬ول هو اعوج الب فل‬ ‫آباؤهم استقاموا فاستقام ه‬

‫سبهيل لهلول هد إهل هالع هوجاجه ‪.‬‬

‫فعلى المر هء أل يفكر فهي تربهي هة ول هد هه‪ ،‬ولكهن علي هه أن‬


‫يفكر فهي تربهي هة َف هس هه؛ فإهَه إهن ربى َفسه تربى ولده‪،‬‬
‫يه»‪« ،‬ول‬ ‫حكم هة‪« :‬فاقهد الشي هء ل يعطه ه‬ ‫يقولون فهي ال ه‬

‫يست هقيم الظل والعود أعوج»‪.‬‬

‫ُحكَ ِمْْ أَسْبَابِ صَالحِ َأوْا ِِدكَ»‬


‫«صَال ُ‬

‫الل رب العال همين اصطفى مهن ذري هة آدم أَبهياء‬


‫ومرسلهين‪ ،‬واصطفى الل رب العال همين مهن إهبر ه‬
‫اهيم أَبهياء‬
‫ومرسلهين‪ ،‬واصطفى الل رب العال همين هلم هة النبهي‬
‫‪27‬‬ ‫ُم‬
‫ٍّ‬
‫ب وَأ‬
‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬

‫ين محمدا المهين ‪﴿ ،‬ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ‬


‫المه ه‬
‫ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈﲉ‬

‫ﲊﲋﲌ﴾ [آل عمران‪.]34 -33 :‬‬

‫لو ت هريد الصلح ل هول هدك كن صال هحا!‬

‫لو ت هريد مهن ول هدك أن يكون مصليا كن مصليا!‬

‫لو ت هريد ل هول هدك أن يكون بهك بارا كن أَت بهأبهيك‬


‫بارا!‬

‫ار هه مح هسنا كن أَت‬


‫لو ت هريد مهن ول هدك أن يكون ل هج ه‬

‫ارك مح هسنا!‬
‫ل هج ه‬

‫لو ت هريد مهن ول هدك أن يعف ع هن الحرا هم عف أَت‬

‫ع هن الحرا هم؛ هلَه سينظر إهليك‪ ،‬فإهن وجدك على شاكهلة‬


‫ب وَأُم‬
‫ٍّ‬ ‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬ ‫‪28‬‬

‫كان على تهلك الشاكهل هة‪﴿ ،‬ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ﴾‬

‫[اإلسراء‪.]84 :‬‬

‫ك لِألَوْاِدِ تَقََْ اهلِ ‪»‬‬


‫«خَيْرُ مِريَاثٍ مَتْرُو ٍ‬

‫الل رب العال همين جعل خير ما يتركه الوال هد ل هول هد هه‬


‫تقوى الل ‪ ،‬فقال ‪-‬سبحاَه‪﴿ :-‬ﱤ ﱥ ﱦ‬
‫ه‬

‫ﱧﱨﱩﱪﱫ ﱬﱭﱮﱯ‬

‫ﱰﱱﱲﱳ﴾ [النساء‪.]9 :‬‬

‫ت المة ‪-‬إهل من ر هحم الل‪ -‬عن ه هذ هه اْلي هة‪،‬‬


‫لقد غفل ه‬

‫اصب‬ ‫َترك هلبن هائنا أموال يفسدون بهها‪َ ،‬ترك هلبن هائنا من ه‬

‫يضيعون المة مهن هخلل هها‪َ ،‬علم أبناءَا مهن أج هل أن‬


‫‪29‬‬ ‫ُم‬
‫ٍّ‬
‫ب وَأ‬
‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬

‫ات المسله همين‪،‬‬ ‫اجرون فهي حاج ه‬ ‫يكوَوا مهن هد هسين‪ ،‬فيت ه‬

‫َعلم أبناءَا أن يكوَوا مدر هسين‪ ،‬فيخوَوَنا فهي أبن هائنا‪ ،‬فل‬
‫يربوهم على ال هقي هم والمب ه‬
‫اد هئ والمث هل‪ ،‬إهَما يستن هزفون‬
‫أموالنا مهن هخلل هها‪ ،‬وهذا ال هذي َقدمه هلَف هسنا‪ ،‬ولو أَنا‬
‫اتقينا الل ‪ ‬لوجدَا ما وعدَا الل به هه‪﴿ ،‬ﲊﲋﲌ‬

‫ﲍﲎﲏﲐﲑﲒﲓﲔﲕﲖ﴾ [الطالق‪.]3 -2 :‬‬

‫تقوى الله ‪ ‬خير زاد‪ ،‬خير ما يتركه المرء‬


‫ل هول هد هه تقوى الله ‪.‬‬
‫ك كان مهن أغنى أغن هي ه‬
‫اء بن هي أمية‪،‬‬ ‫ههشام بن عب هد المله ه‬

‫ت الموال تقسم بين‬ ‫ال‪ ،‬وكاَ ه‬


‫وحملت أمواله على البهغ ه‬

‫ت‬‫زوجاته هه بهالمغال ه هيق‪ ،‬كاَت تقسم بهالمغال ه هيق‪ ،‬وكاَ ه‬


‫ه ه‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫ه‬
‫المرأة لها من الضيعات والراضي ما الل بهه عل ٌ‬
‫يم‪،‬‬
‫ب وَأُم‬
‫ٍّ‬ ‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬ ‫‪30‬‬

‫وس أو هدي ٌة غير‬ ‫وكان لها مهن الغنا هم والبق ه‬


‫ار والجام ه‬
‫ال‪ ،‬وكان له أرب ٌع مهن النسو هة؛ فكم يكون َ هصيب‬
‫المو ه‬

‫ول هد هه؟!! النسوة لهن الثمن‪ ،‬فإهذا كان الثمن بههذا القد هر‬
‫فكيف بهسبع هة أثمان؟!!‬

‫واَظر إهلي هه؛ لم يكن لله ت هقيا‪ ،‬خلفه عمر بن عب هد‬


‫الع هز هيز‪ ،‬لما ول هي إهمارة المسله همين و هخلفتهم؛ علهم ما كان‬
‫تم ه‬
‫ال‬ ‫مهن جور فهي بن هي أمية‪ ،‬فرد مال أبه هيه كله إهلى بي ه‬

‫المسله همين‪ ،‬وأقبل على الله ‪ ،‬فلمه الناس على‬


‫ذل هك؛ يا عمر! تترك أبناءك ولك سبعة عشر مهن الول هد؟!!‬

‫حين‪،‬‬ ‫حين فالل يتولى الصال ه ه‬


‫فقال‪« :‬إهن كاَوا صال ه ه‬

‫وإهن كاَوا غير ذل هك فل أترك لهم مال أحاسب أَا علي هه‪،‬‬
‫ويتمتعون هم به هه»‪.‬‬
‫‪31‬‬ ‫ُم‬
‫ٍّ‬
‫ب وَأ‬
‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬

‫مات عمر بن عب هد الع هز هيز ولم يكن له مهن مال إهل‬


‫أربعة عشر هدينارا‪ ،‬قسم ه هذ هه الربعة عشر على سبعة‬
‫احد مهنهم هدينارا‪،‬‬
‫عشر مهن الول هد‪ ،‬ل ي هصل َ هصيب الو ه‬

‫اوي‪« :‬والله! لقد رأيت أبناء ههشا هم ب هن‬ ‫يقول الر ه‬


‫احد مهنهم يتكفف الناس بهلقمة يأكلها‪،‬‬‫عب هد المله هك والو ه‬

‫احد مهنهم يجهز مهن‬


‫ورأيت أبناء عمر ب هن الع هز هيز والو ه‬

‫مال ه هه ثماَهين فرسا فهي سبهي هل الله»(‪.)1‬‬

‫﴿ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬﱭ﴾ [النحل‪ ،]96 :‬ما‬


‫كان لله دام واتصل‪ ،‬وما كان ل هغي هر الله اَقطع واَفصل‪.‬‬
‫إهذا أردت أن تترك ل هول هدك فاترك له تقوى الله‬

‫‪﴿ ،‬ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ﴾‪ ،‬الل مع المت هقين‪ ،‬الل‬

‫(‪َ« )1‬ثر الدر» لبي سعد اْلبي (المتوىف‪421 :‬هـ) (‪ ،)68/7‬قال‪ :‬قال‬
‫أعما رأيت أو ما س همعت؟‬
‫المنصور لعمرو بن عبيد‪ :‬عظني‪ ،‬فقال‪ّ :‬‬
‫فقال‪ :‬بل عظني بهما رأيت‪ ،‬فقال له‪...:‬فذكره‪.‬‬
‫ب وَأُم‬
‫ٍّ‬ ‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬ ‫‪32‬‬

‫ينصر أول هياءه‪﴿ ،‬ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆﱇ‬


‫ﱈﱉ﴾ [البقرة‪.]257 :‬‬

‫حب المت هقين‪ ،‬الل رب العال همين يؤيد المت هقين‪،‬‬


‫الل ي ه‬

‫وأما من لم يكن لله ت هقيا‪ ،‬من لم يكن لله ول هيا فهو‬


‫ول‪ ،‬يجعل الل رب العال همين ولده علي هه حسرة‪،‬‬
‫مخذ ٌ‬

‫ويجعل الل رب العال همين ماله علي هه حسرة‪.‬‬

‫«مَِْ اسْتَقَا َم فِي ُِدنْيَاهُ طَا َبتْ ُِدنْيَاهُ َوأُخْرَاهُ»‬

‫علينا ‪ -‬هعباد الله‪ -‬أن َعلم أَنا َدخل إهلى الدَيا‬


‫وف‪ ،‬فضي ٌ‬
‫ف يخرج مكرما معظما‪،‬‬ ‫وَحن عليها ضي ٌ‬
‫ف يخرج مهنها مهاَا محقرا‪ ،‬لو أن رجل استضاف‬
‫وضي ٌ‬
‫‪33‬‬ ‫ُم‬
‫ٍّ‬
‫ب وَأ‬
‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬

‫رجل فأدخله بيته‪ ،‬فسرق مال ذل هك الض هائ ه‬


‫ف‪ ،‬وتعرض‬
‫ل ه هعر هض هه؛ كيف يخرج مهن البي ه‬
‫ت؟!!‬

‫يخرج مهاَا‪ ،‬يخرج ذل هيل‪ ،‬يخرج ح هقيرا‪.‬‬

‫والرجل ال هذي يدخل البيت فيحفظ َفسه‪ ،‬ول‬


‫ت‪ ،‬ول يأخذ مهن الم ه‬
‫ال إهل ما‬ ‫يتطلع إهلى عور هة أه هل البي ه‬

‫قدم له؛ فإهَه يخرج مكرما معظما‪ ،‬هكذا المرء يدخل‬


‫ف فهيها‪ ،‬وال هذي ضافه فهيها هو الل‬
‫إهلى الدَيا وهو ضي ٌ‬
‫رب العال همين‪ ،‬وقال له‪ :‬خذ هذا‪ ،‬ول تأخذ هذا‪ ،‬افعل‬
‫هذا‪ ،‬ول تفعل هذا‪ ،‬فإه هن استقام طابت علَهيته‪ ،‬وطابت‬
‫آخرته‪ ،‬وإهن اعوج‬‫س هريرته‪ ،‬وطابت دَياه‪ ،‬وطابت ه‬

‫فسدت علي هه س هريرته‪ ،‬وفسدت علي هه علَهيته‪ ،‬وخاب فهي‬


‫آخرته هه‪﴿ ،‬ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥﲦ ﲧ‬
‫دَياه‪ ،‬وخاب فهي ه‬
‫ب وَأُم‬
‫ٍّ‬ ‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬ ‫‪34‬‬

‫ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ﴾ [اإلسراء‪﴿ ،]72 :‬ﳂ ﳃ‬

‫ﳄ ﳅ ﳆ ﳇﳈ ﳉﳊ ﳋﳌ ﳍﳎ‬

‫ﳏﳐﳑﳒﳓﳔﳕﳖﳗ ﱁﱂﱃ‬

‫ﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊ﴾ [طه‪.]126-124 :‬‬

‫«قَُا أَنفُسَكُمْ َوأَهْلِيكُمْ نَارًا»‬

‫الل ‪ ‬قال‪﴿ :‬ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ‬


‫ﲯﲰﲱﲲﲳ﴾ [التحريم‪.]6 :‬‬

‫ار‪ ،‬ال هذي يفعله كثه ٌير‬


‫أمرك أن ت هقي َفسك أول مهن الن ه‬

‫اس اليوم؛ يضيع صلته‪ ،‬يضيع بهره ل هوال هدي هه‪،‬‬ ‫مهن الن ه‬
‫يضيع هصلته هلرحامه هه‪ ،‬يضيع هكتاب رب هه‪ ،‬يهجره؛ مهن‬
‫أج هل ماذا؟!!‬
‫‪35‬‬ ‫ُم‬
‫ٍّ‬
‫ب وَأ‬
‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬

‫مهن أج هل ما يجمع ل هول هد هه‪ ،‬تد هخل َفسك النار مهن‬


‫أج هل أن تن ه‬
‫جيه؟!! والل ‪ ‬يقول لك‪َ :‬ج َفسك‬
‫أول‪﴿ ،‬ﲪﲫﲬﲭﲮﲯ﴾‪.‬‬

‫ب كما تعمل ل هول هدك أن تعمل ل هنف هسك‪،‬‬


‫فأَت مطال ٌ‬
‫أليس لك جن ٌة ت هريد أن تسكنها؟!!‬

‫أليس لك قب ٌر ت هريد أن تنوره‪ ..‬أن تعمره؟!!‬

‫إ هذ ا َورت قبرك أَار ولدك قبره‪ ،‬وإهذا ع مرت‬


‫آ هخرتك ع مر ولدك آ هخرته‪ ،‬وأما إ هذا قصر المرء‬
‫ح ين ئهذ ‪﴿ :‬ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ‬ ‫يه؛ و ه‬
‫فالولد على شاكهل هة أ ب ه ه‬

‫ﳍﳎ ﳏﳐﳑﳒﳓﳔﳕﳖﳗ‬

‫ﳘ ﳙ ﳚ ﳛ﴾ [عبس‪.]37-34 :‬‬
‫ب وَأُم‬
‫ٍّ‬ ‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬ ‫‪36‬‬

‫ت لَهُ أُسْرَتُهُ!»‬ ‫«مَِْ اسْتَقَا َم ْ‬


‫ت لَهُ نَفْسُهُ اسْتَقَا َم ْ‬

‫أَا أَصح َف هسي‪ ،‬وأَصح إهخواَهي‪ ،‬وأَصح آبائهي أن‬


‫َجت ههد فهي هرعاي هة أَف هسنا؛ حتى َؤثر فهيمن حولنا‪.‬‬

‫أتطمَع أن يطيعَك قلَب سَعدى‬


‫وتَزعم أن قلبَك قَد عصَاك(‪)1‬‬

‫أتطمع أن يطهيعك ولدك والبعد عاص ل هرب هه؟!!‬

‫أتطمع أن تطهيعك زوجك وأَت ل تأت همر بهأم هر هه‪ ،‬ول‬

‫تنت ههي بهنهيه هه؟!!‬

‫(‪ )1‬ذكره الماوردي يف «أدب الدَيا والدين» (ص‪ )146‬من غير َسبة‪.‬‬
‫‪37‬‬ ‫ُم‬
‫ٍّ‬
‫ب وَأ‬
‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬

‫الجزاء مهن هجن ه‬


‫س العم هل‪ ،‬إهن أطعت جعل الل رب‬
‫العال همين كل من حولك يطهيعك‪ ،‬وإهن عصى البعد‬
‫جعل الل كل من حوله يع هص ه‬
‫يه‪.‬‬

‫َبهيك ‪ ‬هل رأيته؟‬

‫حبه‪ ،‬ما ال هذي جعل قلوبنا تتعلق‬


‫لم َر َبهينا؛ ولكهننا َ ه‬

‫بهمحبته هه؟‬

‫وديته‪،‬‬‫هخلقته؟!! َسبه؟!! ماله؟!! ل‪ ،‬طاعته‪ ،‬عب ه‬

‫ودي هة‬
‫فاَظر كيف أن النبهي ‪ ‬بهتح هق هيق هه ل هلعب ه‬

‫ل هرب هه علق الل رب العال همين به هه القلوب إهلى هقيا هم الساع هة‪،‬‬
‫المرء يحلم أن يرى النبهي فهي منامه هه‪ ،‬ومن رآه فهي منامه هه‬
‫فيا لها مهن كرامة وَهعمة!!‬

‫ما ال هذي جعل النبهي فهي بههذا القد هر؟‬


‫ب وَأُم‬
‫ٍّ‬ ‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬ ‫‪38‬‬

‫ليس جماله ول ماله‪ ،‬ول حسبه ول َسبه‪ ،‬وإهَما‬


‫وديته ل هرب هه ‪.‬‬
‫عب ه‬

‫ينب هغي على العب هد مهن أج هل أن تست هقيم له أسرته أن‬


‫تست هقيم له َفسه؛ فإهن م هن استقامت له َفسه استقامت له‬
‫أسرته‪ ،‬استقام له ط هريقه‪ ،‬استقام له بدَه‪.‬‬

‫يم أن يجعلنا‬ ‫ش العظه ه‬ ‫فنسأل الل العظهيم رب العر ه‬


‫على وف هق ما ي ه‬
‫حبه الل ويرضاه‪ ،‬وأن يربي بهنا أبناءَا‪.‬‬

‫وصلى الل وسلم على َبهينا محمد‪ ،‬وعلى آل ه هه‬


‫وصحبه هه وسلم‪.‬‬

‫‪  ‬‬


‫‪39‬‬ ‫ُم‬
‫ٍّ‬
‫ب وَأ‬
‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬

‫سَبِيلُ الذُّرِّيَّةِ الصَّا ِلحَةِ(‪)1‬‬

‫الحمد لله وحده والصلة والسلم على من ل َبهي‬


‫بعده ‪.‬‬

‫أما بعد‪:‬‬

‫فلهماذا َترك أولدَا بهل دفع إهلى أن يتعلموا؟!!‬

‫ل بد أن َجعل بهيئة ل ههؤل هء الول هد‪ ..‬ه هذ هه البهيئة‬


‫يح هملون بهها القرآن‪ َ ،‬هريد بهيئة يح هملون فهيها ال هعلم‪.‬‬

‫كما تفرغ ولدك ل هدر هس هه ففرغه ل ه هدين ه هه وش هريعته هه‪،‬‬


‫و هدينه هو أول ما ي هصل إهليك‪ ،‬هدينه‪ ..‬ل هعلمه الدَي هوي؛‬

‫(‪ )1‬مقط ٌع بهعنوان‪« :‬سبهيل الذري هة الصالهح هة»‪.‬‬


‫ب وَأُم‬
‫ٍّ‬ ‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬ ‫‪40‬‬

‫هلَه صار طبهيبا‪ ..‬بعد كم ترى ذل هك؟ بعد ثلث‬


‫و هعش هرين سنة‪ ..‬يعنهي بعد ثلث و هعش هرين سنة تراه‬
‫طبهيبا‪ ..‬أَت ضامه ٌن ت هعيش أم ل؟!!‬

‫لكهن إهن علمته هدينه تراه فهي أقر ه‬


‫ب وقت‪.‬‬

‫ج هد أول هد‬
‫أذكر أَنهي كنت أعلم الصبية فهي مس ه‬

‫غاَهم ‪-‬وهذا منذ ما ي هزيد عن هعش هرين سنة‪ ،-‬فعلمت‬


‫الولد كيف يتعاملون مع آبائه ههم منذ أن يدخلوا‬
‫البيت إهلى أن يناموا‪.‬‬

‫ص السن هة‬
‫آن وقص ه‬ ‫ص القر ه‬‫وكنت أذكر لهم مهن قص ه‬
‫وس‪،‬‬‫ات أه هل ال هعل هم و هحكاياته ههم فهي ه هذ هه الدر ه‬
‫و هرواي ه‬

‫ت المرأة تأتهي تقول‪ :‬جزاك الل خيرا‪..‬‬ ‫والله! كاَ ه‬

‫جزاك الل خيرا‪ ..‬لقد تغير ول هدي‪.‬‬


‫‪41‬‬ ‫ُم‬
‫ٍّ‬
‫ب وَأ‬
‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬

‫بل إهن ولدا فهي يوم مهن اليا هم أصلح بين خالتي هه‪،‬‬
‫حدث بينهما هشق ٌ‬
‫اق‪ ،‬فقال‪ :‬ما هذا الشقاق؟!! تعلمون‬

‫أين سن هصير؟!! سن هصير إهلى القب هر‪ ،‬وإهما أن يكون روضة‬


‫اض الجن هة‪ ،‬أو حفرة مهن حف هر الن ه‬
‫ار‪ ،‬وأخذ يقص‬ ‫مهن هري ه‬

‫ك‪ ،‬فس همعوا ه هذ هه ال هقصة‪ ،‬تأثروا بهها‪،‬‬


‫علي ههم قهصة المله ه‬

‫احدة مهنهما تعاَهق أختها وتبكهي‪.‬‬


‫فأخذت كل و ه‬

‫وهذا الولد كان ص هغيرا‪ ،‬سبحان الله! منذ أيام هذا‬

‫الولد ل هقيته فهي مصلحة مهن المصالهحه ‪ ،‬ذهبت هلدفع‬

‫بعض الرسو هم فوجدته‪ ،‬فلما رآَهي قام ورحب بهي وقال‪:‬‬


‫والله! ل تدفع شيئا‪ ،‬أَا أدفع هذا ال هذي ت هريد أن تدفعه‪،‬‬

‫قلت له‪ :‬جزاك الل خيرا‪ ،‬قال‪ :‬ل والله!‬


‫ب وَأُم‬
‫ٍّ‬ ‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬ ‫‪42‬‬

‫ف هدين الول هد يظهر فهي لحظته هه‪ ،‬وأما هعلمه الدَي هوي‬
‫فقد تحصله أو ل تحصله!‬

‫وصلى الل وسلم على َبهينا محمد‪ ،‬وعلى آل ه هه‬


‫وصحبه هه وسلم‪.‬‬

‫‪  ‬‬


‫‪43‬‬ ‫ُم‬
‫ٍّ‬
‫ب وَأ‬
‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬

‫ماءَ(‪)1‬‬
‫ص َنعْ َْ عُ َل َ‬
‫أُ َّم َهاتٌ َ‬

‫الحمد لله وحده‪ ،‬والصلة والسلم على من ل َبهي‬


‫بعده ‪.‬‬

‫أما بعد‪:‬‬

‫فهذا حال أسرة مهن تهلك الس هر التهي أخرجت‬


‫ل هلعال هم أئهمة؛ إهَها هرسالة اب هن تي همية إهلى أم هه لما غاب‬
‫عنها؛ دعوة و هجهادا و هجلدا‪ ،‬فأرسل يعت هذر لها فهيها عن‬
‫بع هد هه عنها ل همدة مهن الزم هن‪ ،‬وإهقامته هه فهي مهصر ل هبع ه‬
‫ض‬
‫ين وال هعل هم والدعو هة‪ ،‬فلما وصلتها الرسالة؛ ما‬ ‫شؤ ه‬
‫ون الد ه‬
‫ال هذي ردت به هه؟!!‬

‫(‪ )1‬مقط ٌع بهعنوان‪« :‬أمه ٌ‬


‫ات صنعن علماء»‪.‬‬
‫ب وَأُم‬
‫ٍّ‬ ‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬ ‫‪44‬‬

‫اَظر ل هتتعلم!‬

‫اَظر ل هترت هفع ههمتك!‬

‫اَظر ل هتخرج مهن أر هضك وطهيتهك!‬

‫لما وصلتها الرسالة ردت عليه أمه‪ ،‬وقالت‪:‬‬


‫«ول هدي الحبهيب! أحمد بن تي همية‪ ،‬وعليك السلم‬
‫ورحمة الله وبركاته‪ ،‬فإهَه ‪-‬والله‪ -‬ل ه همث هل هذا ربيتك‪،‬‬
‫السل هم والمسله همين َذرتك‪ ،‬وعلى شرائه هع‬ ‫خدم هة ه‬
‫ول ه ه‬

‫ين علمتك‪ ،‬ول تظنن يا ‪-‬ول هدي‪ -‬أن قربك مهني‬ ‫الد ه‬
‫لسلمهك‪ ،‬بل‬‫أحب إهلي مهن قربهك مهن هدين هك و هخدمتهك ه ه‬

‫‪-‬يا ول هدي‪ -‬إهن غاية هرض هائي عليك ل يكون إهل بهقد هر ما‬
‫تقدمه ل ه هدين هك ول هلمسله همين‪ ،‬وإهَي ‪-‬يا ول هدي‪ -‬لن أسألك‬
‫غدا أمام الله عن بع هدك عني؛ هلَي أعلم أين وفهيم أَت‪،‬‬
‫‪45‬‬ ‫ُم‬
‫ٍّ‬
‫ب وَأ‬
‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬

‫اسبك إهن‬‫ولكهن ‪-‬يا أحمد‪ -‬سأسألك أمام الله وأح ه‬


‫ين الله‪ ،‬و هخدم هة أتب ه‬
‫اع هه مهن إهخواَهك‬ ‫قصرت فهي هخدم هة هد ه‬

‫المسله همين‪ ،‬ر هضي الل عنك‪ ،‬وأَار بهالخي هر دربك‪ ،‬وسدد‬
‫خطاك‪ ،‬وجمعن هي الل وإهياك تحت ظهل عر ه‬
‫ش الرحم هن‬
‫يوم ل ظهل إهل ظهله»(‪.)1‬‬

‫هعباد الله! على قد هر البذ هل والجه هد تأتهي العطايا‪،‬‬


‫فابذلوا ‪ -‬هعباد الله‪-‬؛ ابذلوا مهن أموال هكم!‬

‫ابذلوا مهن أوقاتهكم!‬

‫ابذلوا أبناءكم مهن أج هل أن تعلو أوطاَكم‪ ،‬ومهن أج هل‬


‫أن تر هجع إهلى ما كاَت علي هه أمتكم‪ ،‬مهن أج هل أن تسعدوا‬
‫بهأموال هكم‪ ،‬وتسعدوا بهن هس هائكم‪ ،‬وتسعدوا بهأبن هائكم؛ فإهن‬

‫(‪« )1‬مجموع الفتاوى» (‪ )28 /48‬لشيخ السلم‪ :‬ابن تيمية ‪.‬‬


‫ب وَأُم‬
‫ٍّ‬ ‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬ ‫‪46‬‬

‫س العم هل‪ ،‬فمن أحسن أح هسن إهلي هه‪ ،‬ومن‬


‫الجزاء مهن هجن ه‬
‫أساء أ هسيء إهلي هه‪ ،‬من صفى صفي له‪ ،‬ومن كدر كدر علي هه‪،‬‬
‫﴿ﲇﲈﲉﲊﲋ﴾ [الكهف‪.]49 :‬‬

‫فاللهم أ هرَا الحق حقا وارزقنا اتباعه‪ ،‬وأ هرَا الباطهل‬


‫باطهل وارزقنا اجتهنابه‪.‬‬

‫اللهم اجعلنا بهأبن هائنا إهلى المعالهي دافه هعين‪.‬‬

‫وصلى الل وسلم على َبهينا محمد ‪.‬‬

‫‪  ‬‬


‫‪47‬‬ ‫ُم‬
‫ٍّ‬
‫ب وَأ‬
‫ُل َأ ٍ‬
‫رِسَالَ ٌة ِإلَى ك ِّ‬

‫الْفِهْرِسُ‬

‫هرسال ٌة إهلى كل أب وأم ‪5 .................................‬‬

‫السر وراء استهقام هة أبنائهك ‪18 ............................‬‬

‫سبهيل الذري هة الصالهح هة ‪39 ................................‬‬

‫أمه ٌ‬
‫ات صنعن علماء ‪43 .................................‬‬

‫‪  ‬‬

You might also like