You are on page 1of 37

‫مج ‪ ،14‬ع‪( 1‬يناير) ‪2022‬‬ ‫( االنسانيات والعلوم االجتماعية)‬ ‫مجلة كلية اآلداب جامعة الفيوم‬

‫العنصرية والعبودية في المجتمع األمريكي في ضوء القانون وحقوق اإلنسان‪:‬‬


‫قراءة في فمسفة ديفيد ليونز السياسية‬

‫‪‬‬
‫أشرف محمود أمين حسان‬
‫‪ama40@fayoum.edu.eg‬‬
‫ممخص‬
‫يدور ىذا البحث حول موقف ديفيد ليونز من العنصرية والعبودية في المجتمع األمريكي‬
‫إنسانا‬
‫ً‬ ‫موضحا مدي تعارض ذلك مع القانون وحقوق اإلنسان‪ ،‬تمك الحقوق التي تثبت كونو‬
‫ً‬
‫بصرف النظر عن المون والجنس والدين‪ ،‬كالمساواة والعدالة والديمقراطية والممكية والحرية‬
‫فضبل‬
‫ً‬ ‫والحق في التعميم والعبلج والعمل وحرية االنتقال واإلقامة والجنسية واحترام الصصوصية‬
‫أصبلقيا؛ أي يمكن الدفاع عنيا‬
‫ً‬ ‫عن الحق في الزواج وبناء األسرة؛ فيي حقوق قانونية ومبررة‬
‫مؤكدا عمى دور‬
‫ً‬ ‫أصبلقيا وبالتالي ال صحة لآلراء التي تفصل تمك الحقوق عن األصبلق‪،‬‬
‫ً‬
‫القانون في الحفاظ عمى تمك الحقوق مع االلتزام بالقانون العادل الذي يحقق وظائفو من جية‬
‫معا‪ ،‬ويمنح الحق لمشعب في العصيان المدني لمقانون في حالة غياب‬
‫الحاكم والمحكوم ً‬
‫مناديا بإلغاء العنصرية وعدم التفرقة بين الجنس األمريكي بسبب المون والجنس أو‬
‫ً‬ ‫العدالة‪،‬‬
‫الدين‪ ،‬كاشفًا عن صمو اإلدارة األمريكية من العدالة في ىذا الجانب وافبلسيا األصبلقي‪.‬‬
‫الكممات المفتاحية‪ :‬العنصرية‪ ،‬العبودية‪ ،‬القانون‪ ،‬حقوق اإلنسان‪ ،‬العدالة‪ ،‬الهنود الحمر‪،‬‬
‫االستعمار‪.‬‬

‫‪ ‬أستاذ الفلسفت السياسيت المساعد – كليت اآلداب – جامعت الفيوم‬

‫(العىصريت والعبوديت في المجتمع األمريكي‪ )....‬د‪ .‬أشرف محمود أميه حسان‪.‬‬


‫‪2352‬‬
‫مج ‪ ،14‬ع‪( 1‬يناير) ‪2022‬‬ ‫( االنسانيات والعلوم االجتماعية)‬ ‫مجلة كلية اآلداب جامعة الفيوم‬

‫مقدمة‬
‫كان الرق في الواليات المتحدة بمثابة مؤسسة ُمقننة وذلك صبلل القرنين الثامن عشر‬
‫والتاسع عشر الميبلديين‪ ،‬وكان يتم استجبلب الرقيق من ببلد أفريقيا الستصداميم في‬
‫المستعمرات اإلنجميزية وصاصة في مجال الزراعة‪ ،‬وكانت فرجينيا أول مستعمرة‬
‫إنجميزية استقدمت العبيد ألمريكا الشمالية سنة (‪6467‬م)‪ ،‬وكان نظام العبودية ىذا‬
‫يقوم عمى التميز العنصري حسب تفوق الجنس األبيض (وىم اإلنجميز األوربيون‬
‫المستعمرون ألراضي الينود الحمر) عمى الجنس األسود (وىم الرقيق األفارقة) وعمى‬
‫الينود الحمر (وىم السكان األصميون)‪ ،‬وقد تم إلغاء الرق عمى إثر الحروب األىمية‬
‫بالواليات المتحدة [‪6643 – 6646‬م] بموجب تعديبلت دستورية في عيد الرئيس‬
‫لنكولن؛ مما أدى لقيام عدد كبير من الواليات الجنوبية لتكوين حكومة فيدرالية من أجل‬
‫االنفصال عن حكومة الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬وانتيت الحرب بينيما بفوز الواليات‬
‫المتحدة عمى االتحاد الكونفدرالي؛ مما أدى بالمجالس التشريعية بالواليات الجنوبية التي‬
‫ُيييمن عمييا الديمقراطيون لسن قوانين لمفصل العنصري والتصديق عمييا في نياية‬
‫القرن التاسع عشر؛ أي عقب تحرير العبيد ومنحيم الجنسية األمريكية إثر الحروب‬
‫األىمية [‪ ]6643 - 6646‬واعادة اإلعمار [‪6655 – 6643‬م]‪ ،‬وأطمق عمى ىذه‬
‫القوانين اسم‪ :‬قوانين جيم كرو‪( Jim Crow-‬نسبة السم جاء في أغنية ضد الجنس‬
‫األسود)‪ ،‬وكانت تمك القوانين تيدف لمفصل العنصري لمجنس األمريكي األسود عن‬
‫الجنس األبيض؛ في كافة المرافق العامة كالمدارس والمستشفيات والمواصبلت‬
‫والمتنزىات واألماكن الترفييية كالمسارح والمطاعم وأماكن السكن حتى في المراحيض‬
‫والمقابر‪ ،‬عبلوة عمى فرض شروط تعجيزية مقابل مشاركتيم في العمميات االنتصابية‬
‫تماما‪ ،‬ومن يرفض تمك القوانين‬
‫ً‬ ‫كفرض ضريبة أو محو أمية لكي يتم استبعادىم‬
‫يتعرض لمضرب أو السجن أو اإلعدام صارج القانون‪ ،‬وعمى الرغم من صدور قوانين‬

‫(العىصريت والعبوديت في المجتمع األمريكي‪ )....‬د‪ .‬أشرف محمود أميه حسان‪.‬‬


‫‪2355‬‬
‫مج ‪ ،14‬ع‪( 1‬يناير) ‪2022‬‬ ‫( االنسانيات والعلوم االجتماعية)‬ ‫مجلة كلية اآلداب جامعة الفيوم‬

‫تنص عمى عدم تمك التفرقة العنصرية عام ‪6734‬م تحت تأثير مظاىرة السود السممية‬
‫المتكررة وصاصة مع مارتن لوثر‪ ،‬والتي تيدف لمقضاء عمى العبودية والفصل العنصري‬
‫لتحقيق المساواة والعدالة بين الجميع بصرف النظر عن الدين والجنس والمغة والمون‪،‬‬
‫فضبل عن تحيز الشرطة‬
‫ً‬ ‫إال أن المجتمع األمريكي ما زال يمارس تمك التفرقة العنصرية‬
‫والقضاء لمجنس األبيض ضد الجنس األسود؛ فعمى الرغم من حظر التميز العنصري‬
‫اجتماعيا إال أن العنصرية ما زالت‬
‫ً‬ ‫أصبلقيا و‬
‫ً‬ ‫في منتصف القرن العشرين لعدم قبولو‬
‫موجودة ومعايشة بشكل فج عمى أرض الواقع‪ ،‬وىذا يدل عمى وجود صمل رىيب في‬
‫سياسة الواليات المتحدة األمريكية وتناقض بين المقوالت النظرية المنادية بحقوق‬
‫اإلنسان وبين الممارسات العممية التي تتعمق بتمك التفرقة العنصرية؛ فأمريكا ما زالت‬
‫غارقة في الصراعات العرقية ىذه‪ ،‬رغم كل ذلك التقدم التي أحرزتو بين دول العالم في‬
‫كافة المجاالت ورغم دورىا الكبير في اتصاذ كافة الق اررات التي تصص دول العالم‬
‫وصاصة في جانب الحرب والسبلم وحقوق اإلنسان‪ ،‬ولم يقتصر ظمم الواليات المتحدة‬
‫أيضا منذ استعمارىا لتمك األراضي إثر‬
‫لمجنس األمريكي األسود (األفارقة)‪ ،‬بل مارست ً‬
‫اكتشاف كريستوفر كولمبس ليا عام (‪6276‬م) أبشع صور التعذيب واإلبادة ضد‬
‫الينود الحمر (السكان األصميين) المياجرين من أوراسيا إلى تمك األراضي منذ أكثر‬
‫من ستة عشر ألف عام‪ ،‬وقد أجبرت الواليات المتحدة ما تبقى منيم عمى العيش في‬
‫محميات طبيعية مستقمة عن المدن والواليات األمريكية‪ ،‬وسط الفقر واألمراض المنتشرة‬
‫بينيم؛ فما زالوا يعيشون بثقافتيم وعقائدىم المستقمة منعزلين عن العالم الصارجي‪،‬‬
‫عاممين بالزراعة والصيد والتعدين‪ ،‬وال يتجاوز عددىم األربعة مبليين نسمة‪ ،‬وبالتالي‬
‫فالواليات المتحدة تفتقر لمتوزيع العادل لحقوق اإلنسان األساسية؛ تمك الحقوق التي‬
‫إنسانا بصرف النظر عن المون والجنس والدين‪ ،‬وىذه الحقوق قد تكون‬
‫ً‬ ‫تثبت كونو‬
‫فردية مثل‪ :‬المساواة والعدالة والديمقراطية والممكية والحرية والحق في التعميم والعبلج‬

‫(العىصريت والعبوديت في المجتمع األمريكي‪ )....‬د‪ .‬أشرف محمود أميه حسان‪.‬‬


‫‪2352‬‬
‫مج ‪ ،14‬ع‪( 1‬يناير) ‪2022‬‬ ‫( االنسانيات والعلوم االجتماعية)‬ ‫مجلة كلية اآلداب جامعة الفيوم‬

‫فضبل عن الحق في‬


‫ً‬ ‫والعمل وحرية االنتقال واإلقامة والجنسية واحترام الصصوصية‬
‫الزواج وبناء األسرة‪ ،‬وقد تكون حقوقًا جماعية صاصة باألسرة أو الجماعة أو الشعب‬
‫بأكممو‪ :‬كحق تقرير المصير واالستقبلل االقتصادي والحق في التنمية والسبلم‬
‫ضبل عن الحق في بيئة صحية نظيفة ومعاممة‬
‫والمساواة‪ ،‬وتكوين األحزاب السياسية؛ ف ً‬
‫(‪)6‬‬
‫استعمار‬ ‫إنسانية ومحاكمات عادلة‪ ،‬وانطبلقًا من ىذه الحقوق رفض ديفيد ليونز‬
‫األوربيين لؤلمريكتين وتعذيب وابادة سكانيا األصميين من الينود الحمر باعتبار ذلك‬
‫منافيا لحق تقرير المصير واغتصاب الممكيات وكذلك رفض العنصرية من الجنس‬
‫ً‬
‫منافيا‬
‫ً‬ ‫المستعمر) ضد الجنس األسود األفريقي‪ ،‬باعتبار أن ذلك‬
‫األبيض األمريكي ( ُ‬
‫لكافة الحقوق الفردية والجماعية كما سوف نرى؛ لذلك أكد ديفيد ليونز عمى دور‬
‫مدنيا في حالة عدم‬
‫عصيانا ً‬
‫ً‬ ‫مناديا بعصيان القانون‬
‫ً‬ ‫القانون لمحفاظ عمى تمك الحقوق‬
‫تحقيق العدالة وتفعيل حقوق اإلنسان أو عند إساءة استصدام السمطة حين تضرب‬
‫مؤكدا عمى رفض‬
‫ً‬ ‫بالقوانين عرض الحائط‪ ،‬أو تسن قوانين تتنافي مع تمك الحقوق‪،‬‬
‫السمطة القضائية والجنود (الجيش) لطاعة أوامر أصحاب السمطة التنفيذية (الحاكم)‬
‫عندما تكون ظالمة أو مناىضة لحقوق اإلنسان أو عندما تيدف تمك األوامر لئلبادة‬
‫الجماعية‪ ،‬كإعطائيا األوامر لمجيش لقتل العصاة المدنيين‪ ،‬أو الحكم عمييم باإلعدام‬
‫أو السجن من جانب القضاة‪ ،‬وىو ما يسمى باالستنكاف الضميري‪ ،‬ومن ىنا دارت‬
‫إشكالية البحث حول التساؤل اآلتي‪ :‬إلى أي حد تتجاوز السمطة األمريكية والجنس‬
‫األبيض بالمجتمع األمريكي حقوق اإلنسان وتطبيق القانون في التعامل مع الينود‬
‫الحمر (السكان األصميين) واألمريكان األفارقة (الجنس األسود) فيما ُيسمى بظاىرة‬
‫العبودية والعنصرية؛ لذلك سنتناول مفيوم حقوق اإلنسان ودور القانون في ذلك لمعرفة‬
‫إلى أي حد تتنافى العبودية والعنصرية في أمريكا مع تمك الحقوق وتجاوز القانون في‬
‫تحقيق العدالة‪ ،‬وقد تم اصتيار ىذا الموضوع لبيان التناقض الصارخ التي تقع فيو‬

‫(العىصريت والعبوديت في المجتمع األمريكي‪ )....‬د‪ .‬أشرف محمود أميه حسان‪.‬‬


‫‪2353‬‬
‫مج ‪ ،14‬ع‪( 1‬يناير) ‪2022‬‬ ‫( االنسانيات والعلوم االجتماعية)‬ ‫مجلة كلية اآلداب جامعة الفيوم‬

‫اإلدارة السياسية لمواليات المتحدة األمريكية وجنسيا األبيض بين آرائيم النظرية حول‬
‫تطبيق القانون والحفاظ عمى حقوق اإلنسان وبين ممارستيم الفعمية الوحشية وغير‬
‫أصبلقيا تجاه الجنس األمريكي األسود (األفارقة) والينود الحمر (السكان‬
‫ً‬ ‫المبررة‬
‫األصميين)‪ ،‬وال سيما أن يكون ديفيد ليونز وىو الفيمسوف األمريكي التابع لمجنس‬
‫األبيض ىو الذي يياجم تمك السياسة ويكشف عن زيفيا وظمميا وصموىا من العدالة‪،‬‬
‫اما لمقانون‬
‫مناديا بالقضاء عمى الفصل العنصري بين كافة الشعب األمريكي احتر ً‬
‫ً‬
‫وحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫ولمعالجة ىذه اإلشكالية قمنا بتقسيم البحث إلى مقدمة ومبحثين وصاتمة‪ ،‬تناولنا في‬
‫المقدمة‪ - :‬أىمية الموضوع ومباحثو والمنيج المستصدم‬
‫المبحث األول‪ :‬حقوق اإلنسان في ضوء القانون‬
‫المبحث الثاني‪ :‬موقف ليونز النقدي من العبودية والعنصرية في المجتمع األمريكي‬
‫أما الخاتمة فجاءت متضمنة أىم النتائج والتوصيات‪.‬‬
‫فضبل عن المنيج التاريصي‬
‫ً‬ ‫وقد استصدمنا في دراستنا ىذه المنيج التحميمي النقدي‬
‫المقارن‪.‬‬
‫واهلل ولي التوفيق‬

‫(العىصريت والعبوديت في المجتمع األمريكي‪ )....‬د‪ .‬أشرف محمود أميه حسان‪.‬‬


‫‪2354‬‬
‫مج ‪ ،14‬ع‪( 1‬يناير) ‪2022‬‬ ‫( االنسانيات والعلوم االجتماعية)‬ ‫مجلة كلية اآلداب جامعة الفيوم‬

‫المبحث األول‪ :‬حقوق اإلنسان في ضوء القانون‪:‬‬


‫يذىب ديفيد ليونز إلى أن حقوق اإلنسان كالحياة والحرية والممكية والمساواة‬
‫وتقرير المصير حقوق يجب احتراميا وتفعيل المؤسسات السياسية ليا والدفاع عنيا‬
‫باعتبارىا حقوًقا مطمقة؛ فيي ليست حقوًقا قانونية فقط بل أصبلقية كذلك وسابقة‬
‫عمى وضع القوانين‪ ،‬بل ىي مصدر رئيسي لمتشريع القانوني الصاص بحقوق‬
‫أصبلقيا وبالتالي‬
‫ً‬ ‫أصبلقيا؛ أي يمكن الدفاع عنيا‬
‫ً‬ ‫اإلنسان؛ فيي حقوق قانونية ومبررة‬
‫ال صحة لآلراء التي تفصل تمك الحقوق عن األصبلق(‪ ،)2‬بل أي فعل ينتيك تمك‬
‫أصبلقيا(‪)5‬؛ فبل يجوز حرمان‬
‫ً‬ ‫الحقوق فيو بمثابة فعل غير أصبلقي أي غير مبرر‬
‫أي شصص من حقوقو وبصاصة حق الممكية والحرية والحياة إال بإجراءات قانونية‬
‫عادلة‪ ،‬ويشير ليونز إلى نقطة ىامة أال وىي‪ :‬عدم توقف معظم تمك الحقوق عمى‬
‫تماما‬
‫واجبات يؤدييا الشصص تجاه الدولة لكي يحصل عمى حقوقو‪ ،‬بل ىي مستقمة ً‬
‫يأصذىا اإلنسان بصرف النظر عن أداء واجباتو‪ ،‬حيث إن ىذه الحقوق تمنحو‬
‫الطمأنينة في العيش وسط الجماعة؛ فالشصص (أ) لو حق العبلج عند مرضو‬
‫والشصص (ب) لو حق الحياة والحرية‪ ،‬والشصص (جـ) لو الحق في الممكية والعمل‪،‬‬
‫والشصص (د) ليا الحق في الطبلق من الزوج المسيء ليا‪ ،‬إلى آصر ىذه الحقوق؛‬
‫فيي حقوق يأصذىا اإلنسان دون التزامات مفروضة عميو من جية الدولة؛ فيي‬
‫حقوق إنسانية مجردة وغير متوقفة عمى أداء واجبات من جانب أصحابيا(‪)2‬؛ حقوق‬
‫جميعا مستقمة بذاتيا عن المون والجنس والدين؛ حقوق مطمقة غير‬
‫ً‬ ‫نتمتع بيا‬
‫مشروطة؛ ال تقتصر عمى جنس دون آصر أو شعب دون شعب أو أصحاب ديانة‬
‫دون غيرىا‪ ،‬بل ىي حقوق بشرية مجردة من كل ذلك التصنيف‪ ،‬يجب أن يتساوى‬
‫فييا الناس في جميع أنحاء العالم(‪ ،)3‬وبالتالي من التضميل القول بأن تمك الحقوق‬

‫(العىصريت والعبوديت في المجتمع األمريكي‪ )....‬د‪ .‬أشرف محمود أميه حسان‪.‬‬


‫‪2355‬‬
‫مج ‪ ،14‬ع‪( 1‬يناير) ‪2022‬‬ ‫( االنسانيات والعلوم االجتماعية)‬ ‫مجلة كلية اآلداب جامعة الفيوم‬

‫مثبل لحرية‬
‫البد أن يتقدميا واجبات من اإلنسان قبل أن يحصل عمييا؛ فكيف ً‬
‫التعبير – وىي عمى رأس الحريات‪ -‬أن ترتبط بأي شكل من أشكال الواجبات!‬
‫فممفرد حق حرية التعبير عن رأيو عبلنية في األمور السياسية وحريتو في الكبلم‬
‫والتجمعات والتصويت وحرية الفكر والوجدان والتممك والتحرر من االعتقاالت‬
‫(‪)4‬‬
‫فالحرية وما شابييا من التعميم والصحة والعمل والسكن‪....‬‬ ‫والمصدرات التعسفية‬
‫إلخ حقوق ال تنطوي عمى واجبات(‪.)5‬‬
‫وال ينكر ديفيد ليونز أن ىناك بعض الحقوق مرتبطة بأداء الواجبات وىي قميمة‬
‫بالنسبة لمحقوق المجردة من؛ وذلك مثل الحصول عمى البضائع والسمع المادية بكل‬
‫أشكاليا؛ فتمك يتم توزيعيا بالطبع من صبلل التزامات يقوم بيا األفراد تجاه‬
‫المؤسسات العامة أو الصاصة؛ ألن ىذه الواجبات يتولد عنيا حقوق لمفرد والجماعة‪،‬‬
‫وىذا ما يسمى بعدالة التوزيع بالنسبة لممنافع واألعباء(‪)6‬؛ لذا ينتيي ليونز إلى أنو‬
‫عمى كافة المؤسسات حماية واحترام حقوق اإلنسان(‪ ،)7‬وأن تضع كل الدول في‬
‫حسبانيا حقوق الجميع دون تمييز من أجل إضفاء الشرعية عمى أفعاليا باعتبار أن‬
‫تحقيق قيم العدالة من أىم وظائفيا(‪.)60‬‬
‫لذلك يؤكد ليونز عمى دور القانون في الحفاظ عمى تمك الحقوق؛ فبل أحد‬
‫يستطيع أن ينكر أىمية القانون في استقرار المجتمع وحمايتو‪ ،‬فيو الذي ينظم‬
‫(‪)66‬‬
‫من صبلل تنظيم العقود والضرائب‬ ‫السموك اإلنساني ويوجيو ويتحكم فيو‬
‫والتراصيص والتحكيم والمفاوضة الجماعية والزواج والعائبلت وبرامج الرعاية‬
‫فضبل عن تنظيمو لسموك السمطة‬
‫ً‬ ‫االجتماعية وتسوية المنازعات‪ ،‬وعقاب الجناة‪،‬‬
‫التنفيذية والقضائية والتشريعية لمعرفة ما ليم من واجبات وما عمييم من حقوق؛‬
‫فالقانون يتحدث عن الحقوق والمسئوليات‪ ،‬الواجبات وااللتزامات‪ ،‬اإلنصاف‬

‫(العىصريت والعبوديت في المجتمع األمريكي‪ )....‬د‪ .‬أشرف محمود أميه حسان‪.‬‬


‫‪2356‬‬
‫مج ‪ ،14‬ع‪( 1‬يناير) ‪2022‬‬ ‫( االنسانيات والعلوم االجتماعية)‬ ‫مجلة كلية اآلداب جامعة الفيوم‬

‫والعدالة‪ ،‬توفير األمن وتعزيز الحرية(‪)62‬؛ فالحياة بدون قانون سوف تكون بغيضة‬
‫ووحشية وقصيرة وىمجية‪ ،‬كما يقول ديفيد ليونز(‪.)65‬‬
‫وبتمك الوظائف المنوط بيا القانون تتحقق العدالة ورفاىية اإلنسان والحفاظ عمى‬
‫عالميا‪ ،‬وبذلك يُصبح لمقانون بُعد أصبلقي وصاصة في عقابو‬
‫ً‬ ‫حقوقو المعترف بيا‬
‫لممدانين‪ ،‬حيث إنو يدور حول كثير من الحقوق والمسئوليات األصبلقية(‪)62‬؛ ومن‬
‫ُ‬
‫ىنا كان رفض ديفيد لوينز لموقف الوضعية القانونية في فصميا بين القانون‬
‫واألصبلق واصتزاليا لمقانون في كونو مجرد انعكاس لموقائع االجتماعية؛ فالقيم‬
‫األصبلقية برأي لوينز تؤثر عمى التقييم األصبلقي وبصاصة أن القانون غير معصوم‬
‫من الصطأ األصبلقي(‪ ،)63‬ومع ذلك فمتطمبات القانون واألصبلق ليست متكافئة؛‬
‫وتطمبا من تمك التي ُينص عمييا القانون؛ فقد‬
‫ً‬ ‫فالمعايير األصبلقية أكثر شموًال‬
‫تتطمب األصبلق الكرم والرحمة والصدقة والعفو‪ ..‬إلى آصر تمك القيم التي قد تقع‬
‫المدانين(‪.)64‬‬
‫أحيانا صارج نطاق المتطمبات القانونية في حالة عقاب ُ‬
‫ً‬
‫وال يعني ذلك رفض ليونز لدور المجتمع كمصدر لمتشريعات؛ فالقانون الوضعي‬
‫–كما يقول‪ُ -‬متجذر في تاريخ البشرية؛ فكافة المؤسسات ونظميا تتشكل من صبلل‬
‫األفعال والق اررات البشرية وتصضع لسيطرة ىؤالء البشر؛ فوفقًا لممفيوم االجتماعي‬
‫لمقانون يتم تحديد وجوده ومضمونو من صبلل الحقائق االجتماعية‪ ،‬ولكن البد أن‬
‫مثبل لم يمكن بأي حال من األحوال قبول القوانين التي‬
‫يكون ىناك قيود أصبلقية؛ ف ً‬
‫تفرض العبودية والعنصرية لتعارضيا مع الحقوق األصبلقية لئلنسان‪ ،‬وحتى لو قبميا‬
‫العبيد أو غمفيا رجال السمطة بمفاىيم أصبلقية(‪.)65‬‬
‫محكوما؛ فيناك التزام أصبلقي عمى‬
‫ً‬ ‫حاكما كان أو‬
‫ً‬ ‫وعمى الجميع االلتزام بالقانون‬
‫قائما عمى الصوف العقبلني‬
‫اما ً‬ ‫الجميع –الحاكم والمحكوم‪ -‬بطاعة القانون وليس التز ً‬

‫(العىصريت والعبوديت في المجتمع األمريكي‪ )....‬د‪ .‬أشرف محمود أميه حسان‪.‬‬


‫‪2357‬‬
‫مج ‪ ،14‬ع‪( 1‬يناير) ‪2022‬‬ ‫( االنسانيات والعلوم االجتماعية)‬ ‫مجلة كلية اآلداب جامعة الفيوم‬

‫من العقوبات القانونية‪ ،‬بل االلتزام بو لفضائمو في المجتمع؛ فااللتزام ىنا التزام‬
‫أصبلقيا‬
‫ً‬ ‫داصمي في المقام األول(‪)66‬؛ فالمسئولون السياسيون مثل الشعب ممزمون‬
‫بطاعة القانون واإلصبلص لو؛ ألن االلتزام بالقانون من جانب الرعية ينطمق من‬
‫التزام رجال السمطة بعقدىا االجتماعي مع الرعية؛ ذلك العقد المتمثل في التزاميا‬
‫ٍ‬
‫وعندئذ يجب عمى الدولة في مثل ىذه‬ ‫بمبادئ الدستور والقانون وتحقيق العدالة(‪،)67‬‬
‫ظا عمى‬
‫عادال – وتنفيذه بالقوة من أجل تعزيزه حفا ً‬
‫ً‬ ‫الحالة حماية القانون طالما كان‬
‫المصمحة العامة ورفاىية المواطنين والتنظيم االجتماعي(‪)20‬؛ فااللتزام يطمب من‬
‫الفرد أو يحظر عميو القيام بشيء ما مع التيديد بالعقوبات في حالة عدم االمتثال؛‬
‫فااللتزامات التي يفرضيا القانون البد أن ُيعاقب عمييا في حالة عدم تنفيذىا؛ فعمى‬
‫حتما عمى أذى ولكن صيرىا يفوق ضررىا‪،‬‬‫الرغم من أن العقوبات القانونية تنطوي ً‬
‫حيث إن العقوبات تمنع من إيذاء البعض لمبعض اآلصر وبالتالي تحقق االستقرار‬
‫المجتمعي؛ فيي بمثابة رسالة تقول‪ :‬إن انتياك القانون غير مربح لممنتيك(‪.)26‬‬
‫اجبا عمـى الحـاكم والمحكـوم‬
‫واذا كان االلتزام بالقانون العادل الذي يحقق وظائفو و ً‬
‫معا؛ فعمى الجانـب اآلصـر إذا جنحـت السـمطة نحـو الظمـم بشـكل أو بـخصر أو جـردت‬ ‫ً‬
‫امــا حينئـ ٍـذ عمــى الشــعب عصــيان تمــك الق ـوانين ورفــض‬
‫القــانون مــن وظيفتــو؛ فكــان لز ً‬
‫أوامــر رجــال الســمطة‪ ،‬ونــود اإلشــارة ىنــا إلــى أن ىــذا ال ـرفض قــد يتمثــل فــي أشــكال‬
‫متنوعـة‪ :‬األول‪ :‬العصيييان الرييوري‪ :‬ويتمثـل فــي اســتصدام العنـف لرفــع الظمــم والحفــاظ‬
‫عمى الحريات والقوى المدنية‪ ،‬كما ىي الحال فـي المظـاىرات العامـة ومـا ينـتج عنيـا‬
‫من تصريب وقتل وتعطيل المرور وسد الطرقات(‪ .)22‬الراني‪ :‬العصيان المدني‪ :‬وىـو‬
‫صــرق القــانون وع ــدم االمتثــال ل ــو ولكــن بش ــكل ســممي‪ ،‬دون المج ــوء ألي درجــة م ــن‬
‫فضــا لقوانينيــا‬
‫درجــات العنــف؛ فيــو مقاومــة ســمبية‪ :‬كاالمتنــاع عــن دفــع الض ـرائب ر ً‬

‫(العىصريت والعبوديت في المجتمع األمريكي‪ )....‬د‪ .‬أشرف محمود أميه حسان‪.‬‬


‫‪2320‬‬
‫مج ‪ ،14‬ع‪( 1‬يناير) ‪2022‬‬ ‫( االنسانيات والعلوم االجتماعية)‬ ‫مجلة كلية اآلداب جامعة الفيوم‬

‫عندما تكـون مجحفـة كـي تسـتجيب السـمطة وتقـوم بتغييرىـا لصـالح الجماعـة وتحقيـق‬
‫التوازن داصل المجتمـع(‪ .)25‬والرالث‪ :‬االسيتنكاف الضيميري‪ :‬ويتمثـل فـي عـدم امتثـال‬
‫الف ــرد المس ــتنكف ض ــميرًيا ل ــبعض القـ ـوانين الت ــي ق ــد تتع ــارض م ــع المب ــادئ والق ــيم‬
‫اما لقدسية‬
‫فضا لمقتال واسالة الدماء‪ ،‬واحتر ً‬
‫واألصبلق؛ كرفض التجنيد داصل الجيش ر ً‬
‫الحياة‪ ،‬أو رفض الطبيـب لعمميـات القتـل الـرحيم أو عمميـات اإلجيـاض غيـر المبـررة‬
‫موقفـا مـن اليقظـة الضـميرية‬
‫أصبلقيـا لكـل شـصص أن يتبنـى ً‬
‫ً‬ ‫أصبلقيا(‪)22‬؛ فمن الجائز‬
‫ً‬
‫التي تتمثل في االستنكاف الضميري(‪.)23‬‬
‫والس ـؤال ىنــا‪ :‬م ـإذا تبنــى ديفيــد ليــونز مــن تمــك األشــكال المصتمفــة لمعصــيان؟ أقــر‬
‫لوينز النوعين األصيرين فقط من العصيان‪ :‬االستنكاف الضميري والعصيان المدني؛‬
‫فقــد رفــض ليــونز العصــيان الثــوري صوفًــا مــن عواقبــو التــي قــد تــدمر المجتمــع عنــد‬
‫حــدوث المواجيــة بــين الث ـوار والدولــة‪ ،‬ويقــر فقــط باالســتنكاف الضــميري والعصــيان‬
‫المـدني المــذين ىمــا رفــض لبللتـزام السياســي وعــدم االمتثــال لتمــك القـوانين الظالمــة أو‬
‫الحياد عـن تنفيـذ القـوانين التـي ال تكـون عادلـة؛ حيـث يـرى ىـؤالء العصـاة أن النظـام‬
‫فــي حاجــة إلــى إصــبلح‪ ،‬والقــانون فــي حاجــة إلــى تعــديل؛ ف ـبعض الق ـوانين قــد تكــون‬
‫فاس ــدة م ــن الناحي ــة األصبلقي ــة(‪)24‬؛ في ــأتي االس ــتنكاف الض ــميري والعص ــيان الم ــدني‬
‫لمضغط عمى المسئولين لتحقيق األمن والعدالة واإلصبلح بكافة أنواعـو والتحـرر مـن‬
‫الصــوف وزيــادة الحريــات؛ فحرمــان األف ـراد مــن حريــاتيم بالتيديــد والســجون وحرمــانيم‬
‫حتمــا إلــى عصــيان‬
‫مــن م ـوارد الحيــاة األساســية التــي قــد تســبب فــي رفــاىيتيم يــؤدي ً‬
‫القــانون بــل يمغــي مبــررات شــرعية الدولــة(‪ .)25‬والمبلحــظ عمــى ىــذا التقســيم بالنســبة‬
‫ألنواع العصيان أن العصيان المدني والثوري صاصان بالمجموع داصل الدولة‪ ،‬حيـث‬
‫يعــم الظمــم جميــع المـواطنين‪ ،‬أمــا االســتنكاف الضــميري فيــو حالــة فرديــة‪ ،‬قــد تصــص‬
‫ُ‬

‫(العىصريت والعبوديت في المجتمع األمريكي‪ )....‬د‪ .‬أشرف محمود أميه حسان‪.‬‬


‫‪2326‬‬
‫مج ‪ ،14‬ع‪( 1‬يناير) ‪2022‬‬ ‫( االنسانيات والعلوم االجتماعية)‬ ‫مجلة كلية اآلداب جامعة الفيوم‬

‫ـردا أو أكثــر مــن بــين أف ـراد المجتمــع؛ وذلــك حســب الوظيفــة والزمــان والمكــان‪ ،‬أو‬
‫فـ ً‬
‫حسب ما يتمقاه مـن أوامـر مـن جيـة السـمطة؛ فاالحتجـاج ميمـا كـان شـكمو فيـو نـداء‬
‫موجو لمسمطة بتغيير سموكيا أو تنقيح قوانينيا أو إلغائيا إذا لزم األمر‪ ،‬وعمى الدولة‬
‫أن تســتجيب؛ ألن العص ــيان بك ــل صــوره ي ــؤدي إل ــى تعطيــل األم ــور داص ــل الدول ــة‪،‬‬
‫ـر‬
‫دائمــا مــا يرحبــون باســتيقاف الســمطات ليــم؛ ألن ىــذا يعــد منبـ ًا‬
‫وأصــحاب العصــيان ً‬
‫لتحدي القـانون سـواء كـان ىـذا المنبـر مـن صـبلل األقنيـة‪ $‬القانونيـة أو محكمـة الـرأي‬
‫العام(‪.)26‬‬
‫وىــذا العصــيان الــذي ىــو صـ ٍ‬
‫ـال مــن العنــف يعنــي احتـرام الشــعب لمســمطة القانونيــة‬
‫واالعتـراف بيـا مــن حيـث المبـدأ؛ فينــاك التـزام أصبلقــي بطاعـة القـوانين ومــن ثـم البــد‬
‫مــن وجــود مبــررات أصبلقيــة لعصــيانيا مــن جانــب المــدنيين(‪)27‬؛ فعمــى المــرء طاعــة‬
‫مقدسـا‬ ‫القوانين وااللتزام بيا ما دام ال يوجد مبرر ٍ‬
‫كاف لعصـيانيا(‪)50‬؛ فالقـانون لـيس‬
‫ً‬
‫لدرجة عدم عصيانو؛ فقـد تكـون قـوانين ىشـة كالجثـث اليامـدة‪ ،‬وقـد تكـون فـي صدمـة‬
‫القمع السياسي لتبرير ممارسات الييمنة العرقية والجنسية؛ فكمـا أن القـانون موضـوع‬
‫لصدمــة العدالــة فكــذلك قــد يــتم االنحـراف بــو لصدمــة الظمــم(‪)56‬؛ لــذا فالعصـاة المــدنيون‬
‫أصبلقيا بطاعة القـوانين الظالمـة وال طاعـة أصـحاب السـمطة وأنصـارىم‬
‫ً‬ ‫ليسوا ممزمين‬
‫المقــاومين لمعدالــة النتفــاعيم مــن تمــك األوضــاع الظالمــة؛ ممــا يــدفعيم لمــدفاع عنيــا‬
‫أحيانـا السـتصدام أسـاليب غيـر مشـروعة ضـد ىـؤالء‬
‫ً‬ ‫ضد ىؤالء العصاة‪ ،‬بل ويدفعيم‬
‫وغالبا ما يشوه ىؤالء حركة العصيان ىذه في نظر الجماىير واصفين إياىا‬
‫ً‬ ‫العصاة‪،‬‬
‫بالحركات التصريبيـة واإلرىابيـة وقمـب نظـام الحكـم‪ ،‬واصـفين أصـحابيا بعمـبلء الـدول‬
‫الصارجيــة لمقضــاء عم ــى اســتقرار الدولــة وانتي ــاك ســيادتيا؛ لــذا فقم ــع الحكومــة لي ــذا‬

‫(العىصريت والعبوديت في المجتمع األمريكي‪ )....‬د‪ .‬أشرف محمود أميه حسان‪.‬‬


‫‪2322‬‬
‫مج ‪ ،14‬ع‪( 1‬يناير) ‪2022‬‬ ‫( االنسانيات والعلوم االجتماعية)‬ ‫مجلة كلية اآلداب جامعة الفيوم‬

‫العصــيان المشــروع أو تجاىمــو قــد يــؤدي لظيــور العنــف (العصــيان الثــوري) كمرحمــة‬
‫تالية لمعصيان المدني(‪.)52‬‬
‫لذا يحث ليونز المجندين عمى عدم طاعة رجال السمطة في أوامرىم بقتل العصاة‬
‫المدنيين‪ ،‬حيث ال يجب أصبلق ًيا االنصراط في أعمال اإلبادة الجماعية ضد ىؤالء‬
‫المدنيين األبرياء(‪)55‬؛ فمع أن الجندي المتطوع ُممزم بطاعة أوامر رؤسائو إال أنو‬
‫غير ُممزم بطاعة ما يتنافى مع اإلنسانية واألصبلق والضمير‪ ،‬وىكذا الحال بالنسبة‬
‫قضائيا بتنفيذ أوامر المسئولين بإصدار أحكام السجن‬
‫ً‬ ‫مزما‬
‫لمقاضي فيو ليس ُم ً‬
‫والقتل واإلعدام ضد ىؤالء؛ فبل يجب تنفيذ أوامر صاصة باإلبادة الجماعية لتنافييا‬
‫مع االلتزامات األصبلقية – وىذا ما يسمى باالستنكاف الضميري كشكل من أشكال‬
‫العصيان‪ -‬وىذا بمثابة مأزق أصبلقي لمجندي والقاضي؛ ألنو قد يضطر لدفع حياتو‬
‫ثمنا لعدم طاعة رؤسائو‪ ،‬ولكن ىذا أفضل من الناحية األصبلقية من طاعة وتنفيذ‬
‫ً‬
‫األوامر الظالمة(‪)52‬؛ فعمى أصحاب العصيان المدني أن يضعوا في حسبانيم‬
‫وتوقعاتيم أنو البد من وجود ردود أفعال قاسية ضدىم من أصحاب السمطة‬
‫غالبا ما يشن الحاكم المستبد حرًبا دون رحمة وال ىوادة ضد‬
‫ومعاونييم المنتفعين؛ ف ً‬
‫حائبل ضد إدارتو لشئون الدولة حتى لو كان بشكل سممي(‪.)53‬‬
‫من يقف ً‬
‫ومنعا لحدوث ذلك وما قد يترتب عميو من ظيور لحركات العنف يرى ليونز أنو‬
‫ً‬
‫البد أن يكون ىناك التزام سياسي عادل من رجال السمطة تجاه الشعب أوًال‪ ،‬ىذا‬
‫االلتزام الذي يفترض فيو التوزيع العادل لممنافع واألعباء عمى أفراد الشعب دون‬
‫تحيز لفئة دون أصرى‪ ،‬كي يكون ىناك التزام سياسي بطاعة القوانين من األفراد؛‬
‫فالتزام السمطة وعدليا ُمقدم عمى التزام الجماىير؛ فاألول شرط لتحقيق الثاني(‪)54‬؛‬
‫فالعدالة فضيمة اجتماعية كما يقول جون رولز(‪ )55‬حيث تتطمب من المسئولين‬

‫(العىصريت والعبوديت في المجتمع األمريكي‪ )....‬د‪ .‬أشرف محمود أميه حسان‪.‬‬


‫‪2325‬‬
‫مج ‪ ،14‬ع‪( 1‬يناير) ‪2022‬‬ ‫( االنسانيات والعلوم االجتماعية)‬ ‫مجلة كلية اآلداب جامعة الفيوم‬

‫االتساق في الحكم والعمل معا في جميع القضايا المتماثمة عمى ٍ‬


‫حد سواء‪ ،‬وعند‬ ‫ً‬
‫الصروج عنيا في أي وقت من األوقات البد أن يكون ىناك تبرير من جية السمطة‬
‫فقوة القانون تتمثل في عدالتو(‪.)57‬‬ ‫(‪)56‬‬
‫ليذا الصروج‬
‫وىذا يعني أن طاعة القانون ليست صحيحة بشكل مطمق وال العصيان غير‬
‫دائما‪ ،‬بل العصيان ضروري عندما يكون عبء الطاعة عمى الجميور غير‬
‫صحي ً‬
‫ُمحتمل حيث تغيب الحريات والعدالة والمساواة‪ ،‬وبالجممة حين تنحرف السمطة‬
‫قانونا عمى‬
‫ً‬ ‫بالقانون عن وظائفو أو تقوم بسن قوانين جائرة‪ ،‬والقانون الجائر ليس‬
‫العممة المزيفة التي تسبب المشاكل داصل المجتمع‪ ،‬وتصل‬
‫اإلطبلق؛ فمثمو مثل ُ‬
‫(‪)20‬‬
‫سيئا لدرجة أن تكون فكرة اإلنصاف غير‬
‫بحقوق الناس ؛ فيكون القانون حينئذ ً‬
‫مقبولة في ضوئو‪ ،‬حيث يكون أداة لمظمم والقير(‪.)26‬‬
‫فالدول التي تحكم بالقانون ليس بالضروري أن تكون عادلة‪ ،‬بل البد أن تكون‬
‫معيار لمعدالة داصل الدولة؛ فقد يكون القانون‬
‫ًا‬ ‫قوانينيا عادلة؛ فالقانون وحده ليس‬
‫ظالما أو غير أصبلقي(‪)22‬؛ فمعيار العدالة إذن في القانون الصالح فقط كما نص‬
‫ً‬
‫بناء عمى اتجاه القانون؛‬
‫أرسطو من قبل‪ ،‬حيث قسم الحكومات إلى صالحة وفاسدة ً‬
‫فإذا كان القانون يتجو لمصالح العام فتكون حكوماتو صالحة [الممكية‪ ،‬االرستقراطية‪،‬‬
‫الجميورية]‪ ،‬واذا كان القانون يتجو لتحقيق مصالح فئة دون أصرى فتكون حكوماتو‬
‫فاسدة [الطغيان‪ ،‬األوليجاركية‪ ،‬الديماغوجية](‪)25‬؛ فالقانون شيء والعدالة شيء آصر‪،‬‬
‫معيار لعدالة السمطة؛ فقد تتجاوز‬
‫ًا‬ ‫ومن ناحية أصرى فالقانون العادل وحده ليس‬
‫السمطة الظالمة تمك القوانين أثناء اتصاذ اإلجراءات الفعمية؛ فيصبح القانون حينئذ‬
‫مجموعة من الكممات المدونة في األوراق‪ ،‬أو الجثة اليامدة الصالية من الحياة؛‬

‫(العىصريت والعبوديت في المجتمع األمريكي‪ )....‬د‪ .‬أشرف محمود أميه حسان‪.‬‬


‫‪2322‬‬
‫مج ‪ ،14‬ع‪( 1‬يناير) ‪2022‬‬ ‫( االنسانيات والعلوم االجتماعية)‬ ‫مجلة كلية اآلداب جامعة الفيوم‬

‫فالقانون العادل شيء والتطبيق العادل شيء آصر؛ فبلبد من العدالة اإلجرائية عمى‬
‫المستوى العممي بجانب العدالة القانونية عمى المستوى النظري(‪.)22‬‬
‫وبالتالي ال مبرر لآلراء التي تذىب إلى أن أولئك العصاة يتصرفون بشكل غير‬
‫قانوني داصل نظام يحترمونو؛ فالعصيان المدني صرصة احتجاجية بدافع من‬
‫ظا‬
‫الضمير اإلنساني لتنبيو المسئولين من االنزالق تجاه الظمم ومصالفة العدالة حفا ً‬
‫غالبا ما‬
‫عمى الدولة واستقرارىا‪ ،‬وعمى الدولة االلتفات لتمك المطالب وبصاصة أنو ً‬
‫يقوم بالعصيان المصمحون أصحاب الوعي باعتباره مقاومو سممية لمضغوط‬
‫السياسية السائدة في مجتمعاتيم(‪)23‬؛ وعميو ال يوجد أي مسئولية أصبلقية أو صطأ‬
‫أصبلقي لدى ىؤالء العصاة المقاومين لمظمم وانحراف السمطة(‪.)24‬‬

‫المبحث الراني‪ :‬موقف ليونز النقدي من العبودية والعنصرية في المجتمع‬


‫األمريكي‪:‬‬
‫إن عام ‪6467‬م ىو بداية العبودية في الواليات المتحدة األمريكية وذلك في‬
‫فرجينيا أول والية مستعمرة إنجميزية‪ ،‬حيث وصول أول سفينة إلييا محممة بالعبيد‬
‫األفارقة من صبلل تجارة الرقيق المجموب من أفريقيا‪ ،‬حيث كان األوربيون يأصذون‬
‫األفارقة الستعبادىم في األمريكتين‪ ،‬فمم تكن العبودية معروفة فقط في المستعمرات‬
‫اإلنجميزية بأمريكا الشمالية بل كانت موجودة كذلك في المستعمرات اإلسبانية‬
‫(‪)25‬‬
‫حيث كان‬ ‫أيضا من أفريقيا‬
‫والبرتغالية بأمريكا الجنوبية من صبلل جمب الرقيق ً‬
‫عمميم ذا قيمة كبيرة لزراعة القطن والتبغ كمصدر نقدي ىام وأولي ليؤالء‬
‫المستعمرين؛ لذا كانت العمالة مطموبة بشكل رئيسي في كل المستعمرات األمريكية‬
‫لزيادة ثروة المستعمر(‪.)26‬‬

‫(العىصريت والعبوديت في المجتمع األمريكي‪ )....‬د‪ .‬أشرف محمود أميه حسان‪.‬‬


‫‪2323‬‬
‫مج ‪ ،14‬ع‪( 1‬يناير) ‪2022‬‬ ‫( االنسانيات والعلوم االجتماعية)‬ ‫مجلة كلية اآلداب جامعة الفيوم‬

‫فعمل األفارقة في المزارع أدى إلى إثراء األمريكيين األوربيين المستعمرين بشكل‬
‫غير عادل عمى حساب األفارقة وبعض من الينود الحمر (السكان األصميين)(‪)27‬؛‬
‫وعميو فقدت أعداد كبيرة من األفارقة الحرية والوطن واألسرة والعديد من حقوقيم‬
‫اإلنسانية في ظل ظروف مروعة لمتجارة الدولية لمعبيد‪ ،‬حيث تم التعامل معيم ومع‬
‫لممستعبد‪ ،‬يستصدميا حسب‬
‫أوالدىم وأحفادىم عمى مدار الزمن كممتمكات شصصية ُ‬
‫رغبتو ومصالحو؛ فكانت قيمة العبيد االقتصادية ىي الدافع لوحشية العبودية في‬
‫المجتمع األمريكي(‪.)30‬‬
‫ولتقنين تمك األوضاع قام المجمس التشريعي االستعماري صاصة في فرجينيا عام‬
‫‪6433‬م بتنظيم ممارسة االستعباد وتشجيع استيراد العبيد العتماد المستعمرة بشكل‬
‫متزايد عمى العمل بالسصرة‪ ،‬واستمرت ىذه العمميات التشريعية حتى أواصر القرن‬
‫التاسع عشر أي حتى حرب تحرير العبيد عام (‪ ،)36()6643‬وقد وضعت ىذه‬
‫التشريعات حياة ىؤالء العبيد بالكامل في يد مالكيم ىم ونسميم وجعميم صاضعين‬
‫مدى الحياة لعبودية ىذا المستعمر األوروبي‪ ،‬الستصداميم لجميع المقاصد‬
‫واألغراض(‪ ،)32‬حتي الطفل وفق تشريعات فرجينيا (‪6442‬م) يتبع حالة أبويو في‬
‫مستعبدا‪ ،‬بل في عام ‪6447‬م أصدر المجمس التشريعي كذلك أن‬
‫ً‬ ‫العبودية أي يولد‬
‫مذنبا بارتكاب جناية القتل أثناء تأديبو الحد عبيده(‪.)35‬‬
‫مالك العبيد ال يكون ً‬
‫وبالجممة فقد عانى الرقيق األفارقة ظروفًا وحشية مروعة(‪ ،)32‬وبادئ ذي بدء‬
‫رفض ديفيد ليونز من حيث المبدأ الغزو األوروبي إلى األمريكتين باعتبار ذلك‬
‫فضبل‬
‫ً‬ ‫اغتصابا ألراضييم واستعمارىا‬
‫ً‬ ‫ظمما لمسكان األصميين ىناك (الينود الحمر) و‬
‫ً‬
‫عن التعذيب واإلبادة التي ما زالت تُمارس بشكل أو بخصر صارج إطار القانون‪ ،‬وىذه‬
‫حقائق محايدة موضوعية ال ينكرىا التاريخ وال يجب الطعن فييا أو التشكيك بيا –‬

‫(العىصريت والعبوديت في المجتمع األمريكي‪ )....‬د‪ .‬أشرف محمود أميه حسان‪.‬‬


‫‪2324‬‬
‫مج ‪ ،14‬ع‪( 1‬يناير) ‪2022‬‬ ‫( االنسانيات والعلوم االجتماعية)‬ ‫مجلة كلية اآلداب جامعة الفيوم‬

‫كما يقول‪ -‬فبعد اكتشاف كولمبيس لؤلمريكتين عام (‪6276‬م)‪ ،‬قام األوربيون بغزو‬
‫فضبل‬
‫ً‬ ‫األ ارضي األمريكية واستعمارىا وجردوا السكان األصميين من ممتمكاتيم بالقوة‬
‫عن المذابح الجماعية لمنساء والشيوخ واألطفال مما دفع بيم لمفرار واليرب لمجنوب‬
‫المدمر‪ ،‬وقُير الناجون منيم وتم‬
‫سمي فيما بعد باسم درب الدموع ُ‬
‫عبر طريق ُ‬
‫استعبادىم بشكل أو بخصر حتى اليوم‪ ،‬وصاروا محرومين من حقوقيم بجانب‬
‫األوربيين المستعمرين أو األوربيون األمريكيون كما سموا فيما بعد‪ ،‬وىذا التوسع‬
‫االستعماري العدواني الغاشم أدى النتفاضات ىندية في أمريكا دون أي انتصار‬
‫ُيذكر‪ ،‬حيث لم يتمكنوا من صنع جيش وقيادتو؛ فكان البقاء لؤلقوى ومازال؛ لذا‬
‫فاألمر بحاجة‪ -‬كما يقول ليونز‪ -‬إلى جراحة اجتماعية جادة لتصحيح أوضاع‬
‫طارحا سؤ ًاال في غاية األىمية في ىذا المسار‬
‫ً‬ ‫ىؤالء داصل المجتمع األمريكي‪،‬‬
‫التصحيحي أال وىو‪ :‬ىل من الممكن ومن األفضل لمعدالة التصحيحية إعادة‬
‫األراضي المغتصبة لمقبائل اليندية التي كانت تحتفظ بيا قبل ىذا الغزو األوروبي؟‬
‫وال يتحرج وىو األمريكي األوروبي في كشف قناعتو التي تنص عمى إعادة‬
‫األراضي المغتصبة ىذه إلى وضعيا األصمي أي إلى أصحابيا الشرعيين والتي‬
‫اغتصبت منيم بطرق غير شرعية‪ ،‬وىذه اإلعادة بمثابة تصحيح لمظمم وتحقيق‬
‫لمعدالة في ضوء حقوق اإلنسان؛ فالحقوق األصمية لؤلسبلف تكون من حق نسميم‬
‫عبر األجيال المصتمفة عن طريق الميراث؛ فيذه حقوق أصبلقية صاصة بالممكيات ال‬
‫يجب إنكارىا‪ ،‬صاصة أن ىؤالء األحفاد ما زالوا مقيورين بالميراث في حين أن‬
‫(‪)33‬‬
‫فضبل عن إعادة تشكيل أوضاعيم االجتماعية‬
‫ً‬ ‫حقوقيم الموروثة ُحرموا منيا‬
‫وترتيبيا عمى نحو إنساني يحقق العدالة ليم من أجل تشكيل مجتمع كامل ليم يتسم‬
‫بدال من تعرضيم لمتمييز العرقي بشكل ممنيج حتى اآلن‪ ،‬وىذا كمو‬
‫باالستقرار ً‬

‫(العىصريت والعبوديت في المجتمع األمريكي‪ )....‬د‪ .‬أشرف محمود أميه حسان‪.‬‬


‫‪2325‬‬
‫مج ‪ ،14‬ع‪( 1‬يناير) ‪2022‬‬ ‫( االنسانيات والعلوم االجتماعية)‬ ‫مجلة كلية اآلداب جامعة الفيوم‬

‫يحتاج لتشريعات جذرية جديدة من اإلدارة األمريكية إلعادة الحقوق وتعويض‬


‫أصحابيا(‪.)34‬‬
‫أما عن عبودية ىؤالء األوربيين المستعمرين لمرقيق األفارقة أصحاب العرق‬
‫األسود فنجد ديفيد ليونز يرى أن ىذا االستعباد وما تبله من تشريعات لتثبيتو غير‬
‫قانونيا‪ ،‬ولكن بدافع من المصالح االستعمارية غابت تمك المعايير‪،‬‬
‫ً‬ ‫أصبلقيا وال‬
‫ً‬ ‫مبرر‬
‫حيث إن االستعباد يرقى إلى حد الحبس غير المشروع؛ فيو احتجاز ضد اإلرادة‬
‫الحرة‪ ،‬عبلوة عمى تعرض ىؤالء الرقيق لصور شتى من العقوبات الجسدية‬
‫واإلىانات المعنوية؛ لذا فقد شكمت والية فرجينيا –كما يقول ليونز‪ -‬بداية وسابقة‬
‫سيئة النتياك حقوق اإلنسان؛ ذلك االنتياك الذي ميز تمك األنظمة االستعمارية‪.‬‬
‫ومن مظاىر ذلك االنتياك‪ :‬حرمان ىؤالء الرقيق واألمريكيين األفارقة من‬
‫الوظائف والممتمكات وتعمم المين والصناعات المصتمفة أو المشاركة السياسية‪ ،‬بل‬
‫المستعمر عمى‬
‫تم تقييدىم بالعمل الزراعي وصاصة السكر والقطن والتبغ لزيادة ثروة ُ‬
‫حساب ىؤالء األفارقة‪ ،‬ورغم تحريم قوانين الرق والعبودية عام ‪6653‬م عمى أثر‬
‫الحروب األىمية (‪ )6653 -6655‬م حسب التعديبلت الدستورية إال أنو لم يتم‬
‫احترام القانون في ىذا الجانب‪ ،‬وتفاقم ظمم الجنس األبيض األوروبي لمجنس األسود‬
‫األفريقي من صبلل االنحراف الرسمي عن القانون مما أدى لفقد المجتمع األمريكي‬
‫لمضوابط االجتماعية(‪)35‬؛ فالتعامل مع العرق األسود (كما ىو الحال مع السكان‬
‫وقائما عمى العنصرية‪ ،‬واستمر ىذا‬
‫ً‬ ‫ووحشيا‬
‫ً‬ ‫وقمعيا‬
‫ً‬ ‫قاسيا‬
‫األصميين) كان وما زال ً‬
‫التعامل مع الورثة؛ فأصطاء الماضي البعيد استمرت عبر القرون حتى اآلن رغم‬
‫إلغاء العبودية‪ ،‬وقد ظير ىذا بشكل سافر مع تشريعات جيم كرو التي استمرت‬
‫حتى ‪6743‬م أي بعد إلغاء العبودية ‪6643‬م أي بنحو قرن من الزمان(‪)36‬؛ فعمي‬

‫(العىصريت والعبوديت في المجتمع األمريكي‪ )....‬د‪ .‬أشرف محمود أميه حسان‪.‬‬


‫‪2326‬‬
‫مج ‪ ،14‬ع‪( 1‬يناير) ‪2022‬‬ ‫( االنسانيات والعلوم االجتماعية)‬ ‫مجلة كلية اآلداب جامعة الفيوم‬

‫الرغم من إلغاء نظام العبودية ومنح الجميع الجنسية األمريكية إال أن ذلك تم‬
‫استبدالو بتشريعات جيم كرو(‪ ،)37‬وقد كان القانونيون عمى دراية بوحشية تمك‬
‫التشريعات الظالمة ومنافاتيا لمعدالة وحقوق اإلنسان كما يقول ليونز (الحكم‬
‫األلخاقي والىظريت القاووويت ص‪)28‬؛ تمك التشريعات الظالمة التي ُوضعت من‬
‫جانب المجالس التشريعية األمريكية لتقنين الفصل العنصري لمجنس السود حيث‬
‫استبعدت ىؤالء من التصويت االنتصابي والمناصب العامة والوظائف اليامة اإلدارية‬
‫والسياسية‪ ،‬وازالة كل المكاسب السياسية واالقتصادية التي حققيا السود صبلل فترة‬
‫اإلعمار بعد تحرير العبيد عمى أثر الحروب األىمية (‪،)40()6653 – 6655‬‬
‫حقا بقاء العمل بيذه القوانين حتى عام ‪6743‬م؛ أي بعد تحرير‬
‫والبلفت لبلنتباه ً‬
‫ىؤالء السود بقرن من الزمان!‬
‫فما زال ُيمارس الظمم والبلمساواة واإلىانات والقمع االجتماعي عمى األمريكيين‬
‫فضبل عن المذابح (أواصر القرن‬
‫ً‬ ‫السود مع اإلفبلت من العقاب‪ ،‬وتم إعدام اآلالف‬
‫‪ )67‬التي دمرت تمك المجتمعات السوداء التي بدأت في االزدىار بعد إلغاء‬
‫العبودية واعادة اإلعمار عقب الحروب األىمية التي حررت ىؤالء العبيد عام‬
‫‪6643‬م؛ فكميا ممارسات تعبر عبلنية وبشكل سافر عن إىانة عميقة –كما يقول‬
‫ليونز‪ -‬أليديولوجية تفوق العرق األبيض عمى ما سواه‪ ،‬ومن ثم واجو األمريكيون‬
‫ممنيجا في األماكن العامة والمواصبلت والتعميم والصحة‬
‫ً‬ ‫تمييز‬
‫ًا‬ ‫السود األفارقة‬
‫والتوظيف؛ فبل يوجد رعاية طبية ليم مثل األمريكان األوربيين مما أدى الرتفاع‬
‫مستويات الوفيات وصاصة لمرضع‪ ،‬وانصفاض متوسط العمر المتوقع؛ مما دفع‬
‫بالرئيس بيل كمينتون عام ‪6775‬م إلى االعتذار نيابة عن الحكومة األمريكية عما‬
‫فعمتو إزاء الجنس األسود من حيث حرمانيم من العبلج الفعال والمتاح لعبلج‬

‫(العىصريت والعبوديت في المجتمع األمريكي‪ )....‬د‪ .‬أشرف محمود أميه حسان‪.‬‬


‫‪2327‬‬
‫مج ‪ ،14‬ع‪( 1‬يناير) ‪2022‬‬ ‫( االنسانيات والعلوم االجتماعية)‬ ‫مجلة كلية اآلداب جامعة الفيوم‬

‫مرض الزىري الذي انتشر ما بين [‪ ]6752 - 6752‬م‪ ،‬وما يقال عن الصحة يقال‬
‫تماما(‪)46‬؛ فالمرافق العامة وامكان اإلقامة‬
‫كذلك عن المساكن والمدارس المتدنية ً‬
‫تماما بين األمريكيين األفارقة واألمريكيين األوربيين‪ ،‬وقد تم‬
‫وغيرىما غير متكافئة ً‬
‫منع ىؤالء السود من الوصول لموظائف والمين الماىرة‪ ،‬حتى أعماليم اليدوية‬
‫أجور تماثل جيدىم المبذول مما أدى لزيادة معدل‬
‫ًا‬ ‫بالزراعة لم يتقاضوا عمييا‬
‫البطالة بينيم؛ فحدثت فجوة عميقة في امتبلك الثروة بين السود والبيض؛ مما أدى‬
‫الفتقار الجنس األسود وعدم امتبلكيم لممال وموارده‪ ،‬وتركيم بدون أموال عندما‬
‫(‪)42‬‬
‫مع تعرضيم في ذات الوقت لقسوة‬ ‫يواجيون األمراض أو الكوارث الطبيعية‬
‫ضبل عن اإلكراه‬
‫الشرطة وتحيزىا لمجنس األبيض والسجن غير المبرر؛ ف ً‬
‫واالغتصاب والتعذيب والتشويو والقتل؛ فقد تم قتل السود األمريكان بشكل صارج عن‬
‫القانون مع اإلفبلت من العقاب‪ ،‬حتى صار القتل وسيمة لقمعيم لعدم مطالبتيم بأي‬
‫حقوق والسيما إن كانت حقوقًا سياسية كالمشاركة في االنتصابات وغيرىا؛ فقد حرم‬
‫ىؤالء من الحماية في ضوء القانون‪ ،‬وكانوا يفتقرون إلى حقوقيم القانونية في‬
‫الحياة(‪)45‬؛ فكل ىذا –كما يقول ليونز‪ -‬بمثابة انتياك صارخ لحقوق اإلنسان‬
‫ولمواجب األصبلقي الذي يُحتم عمينا احترام اآلصرين في التعامل من صبلل‬
‫االعتبارات اإلنسانية بصرف النظر عن اصتبلفيم أو اتفاقيم معنا أو أي تميز‬
‫عنصري؛ ألن ىذا االنتياك أدى إلى أضرار اقتصادية وجسدية ونفسية تركت آثار‬
‫عميقة عمى األمريكيين األفارقة حتى اليوم(‪ ،)42‬وقد فشل المسئولون في مقاضاة‬
‫مجرمي جرائم القتل واالعتداء واالغتصاب ىذه عندما يكون الضحايا من الجنس‬
‫معا(‪)43‬؛ فسيادة القانون كانت‬
‫السود‪ ،‬وبذلك انتيكت حقوق اإلنسان وسيادة القانون ً‬
‫زائفة في ىذا الجانب حيث ظل ىذا الجنس األسود يُعاني من العنف والتفرقة‬

‫(العىصريت والعبوديت في المجتمع األمريكي‪ )....‬د‪ .‬أشرف محمود أميه حسان‪.‬‬


‫‪2330‬‬
‫مج ‪ ،14‬ع‪( 1‬يناير) ‪2022‬‬ ‫( االنسانيات والعلوم االجتماعية)‬ ‫مجلة كلية اآلداب جامعة الفيوم‬

‫فضبل عن السموك غير المشروع من قبل المسئولين(‪)44‬؛ فاإلدارة‬


‫ً‬ ‫العنصرية‬
‫يعا في سد الفجوة بين السود والبيض في‬
‫فشبل ذر ً‬
‫األمريكية –برأي ليونز‪ -‬فشمت ً‬
‫كافة المجاالت‪ ،‬وعمييا إصبلح ذلك بشكل سريع ألنيا ىي التي ساعدت –أوًال‪ -‬في‬
‫ثانيا‪ -‬في مكافحة الممارسات العنصرية عندما‬
‫دعم العبودية والعنصرية‪ ،‬وفشمت – ً‬
‫الزما عمييا معالجتيا واستفادت ‪-‬ثالثًا‪ -‬من تمك الفئة السوداء في دعم‬
‫ً‬ ‫كان‬
‫االقتصاد وصاصة في مجال الزراعة؛ فعبلج ذلك كمو مطمب أصبلقي عمى حكومة‬
‫الواليات المتحدة تنفيذه إلحبلل العدل وتجنب الظمم الممنيج تجاه تمك الطبقة‬
‫السوداء من األمريكان(‪)45‬؛ فمع أن العبودية تم إلغاؤىا (‪6643‬م) إال أن التبعية‬
‫ار جسيمة‬
‫العرقية استمرت في الحكومات والمؤسسات األمريكية؛ مما سبب أضرًا‬
‫ومعنويا؛ فتمك الحكومات والمؤسسات التي تتبعيا‬
‫ً‬ ‫ماديا‬
‫ً‬ ‫المسترق‬
‫لذلك الجنس ُ‬
‫ومعنويا وتمكينيم من إعادة بناء‬
‫ً‬ ‫ماديا‬
‫مسئولة مسئولية أصبلقية عن تعويضيم ً‬
‫حياتيم دون أدنى عنصرية قمعية من تمك األنظمة المبنية عمى إيديولوجية‬
‫األمريكان البيض األوربيين تجاه األمريكان السود األفارقة(‪)46‬؛ فعمى السمطة أن‬
‫تتحدث بصوت واحد إلى الجميع دون تحيز لفئة دون أصرى(‪.)47‬‬
‫لذا يطالب ليونز اإلدارة األمريكية بتعويضات مالية لمجنس األفريقي عما اقترفو‬
‫األمريكان البيض تجاىيم مع تقديم االعتذارات الرسمية واالعتراف بأصطائيم‬
‫وظمميم الممنيج‪ ،‬مع إعادة بناء حياتيم من صبلل رعاية طبية عامة واسكان الئق‬
‫مع تييئة المدارس والمواصبلت كما ىي الحال عند الجنس األبيض‪ ،‬وتولييم‬
‫الوظائف العامة واليامة والمشاركة السياسية‪ ،‬ولم شمل تمك العائبلت التي تم تفريقيا‬
‫تحت العبودية والعنصرية؛ ألنيم بالفعل ُحرموا من فرصة تطوير حياتيم في ظل‬
‫الحرية(‪)50‬؛ فمن مقتضيات العدالة التصحيحية تعويض ىؤالء السود عما ما حدث‬

‫(العىصريت والعبوديت في المجتمع األمريكي‪ )....‬د‪ .‬أشرف محمود أميه حسان‪.‬‬


‫‪2336‬‬
‫مج ‪ ،14‬ع‪( 1‬يناير) ‪2022‬‬ ‫( االنسانيات والعلوم االجتماعية)‬ ‫مجلة كلية اآلداب جامعة الفيوم‬

‫عقبل إعادة األفارقة المستفيدين إلى ديارىم ىؤالء الذين تم‬


‫ليم‪ ،‬ولما كان ال يمكن ً‬
‫قسر ألمريكا‪ ،‬حيث قد مضى وقت طويل منذ ذلك الحين وأصبح أحفادىم‬
‫إحضارىم ًا‬
‫أعضاء مؤسسين لممجتمع األمريكي؛ لذا فذلك التعويض ال يكون إال بمعالجة‬
‫أوضاعيم الحالية صاصة أنو عندما تم إلغاء العبودية عام (‪ )6643‬لم يتمق العبيد‬
‫السابقون أي تعويضات من أسيادىم عما لحق بيم من ظمم عمى كافة المستويات‬
‫الحياتية؛ فمع أن الواليات المتحدة اتصذت صطوات ىامة نحو اإلصبلح عقب إلغاء‬
‫الرق واعادة اإلعمار إال أن المساواة االجتماعية ما زالت مطمب ىؤالء الرقيق الذي‬
‫وبناء عمى الموقف األمريكي ىذا المعادي لحقوق‬
‫ً‬ ‫تحرر عام (‪6643‬م)(‪.)56‬‬
‫اإلنسان تجاه السكان األصميين من الينود الحمر وتجاه الجنس االفريقي يبرر ديفيد‬
‫لوينز العصيان المدني لتمك الفئات ضد السياسة األمريكية حيث تم استبعادىم من‬
‫المشاركة السياسية وتم عزليم في األماكن العامة وحرمانيم من الحماية المنصوص‬
‫قانونا ضد االغتصاب والصطف والمضايقة والقتل؛ ومن ثم يتساءل ليونز‬
‫ً‬ ‫عمييا‬
‫مستنكر‪ :‬كيف يُطمب من ىؤالء المحرومين من حقوقيم احترام ىذه القوانين غير‬
‫ًا‬
‫أصبلقيا؛ فمن غير المعقول القول بأن العدالة تتطمب احترام القانون‬
‫ً‬ ‫المبررة‬
‫االستعماري الذي ينتيك حقوق أصحاب الببلد األصميين وقانون التفرقة العنصرية‬
‫الذي ينتيك حقوق األمريكان ذات األصل األفريقي لمجرد االصتبلف في العرق أو‬
‫(‪)52‬‬
‫دون تحمميم أي‬ ‫الجنس‪ ،‬ومن ثم يطالب ليونز بعصيانيم المدني لتمك القوانين‬
‫عصيانا ضد‬
‫ً‬ ‫أصبلقيا باعتباره‬
‫ً‬ ‫ذنب أصبلقي أو لوم سياسي ألن عصيانيم ىذا مبرر‬
‫ما يقع ضدىم من إجراءات ظالمة وممنيجة(‪.)55‬‬
‫فديفيد ليونز ىنا يبحث عن إصبلح المجتمع األمريكي في جانب العنصرية من‬
‫صبلل إعادة التوازن وتحقيق المساواة بين العرق األبيض والعرق األسود عمى جميع‬

‫(العىصريت والعبوديت في المجتمع األمريكي‪ )....‬د‪ .‬أشرف محمود أميه حسان‪.‬‬


‫‪2332‬‬
‫مج ‪ ،14‬ع‪( 1‬يناير) ‪2022‬‬ ‫( االنسانيات والعلوم االجتماعية)‬ ‫مجلة كلية اآلداب جامعة الفيوم‬

‫المستويات داصل الييئة االجتماعية‪ ،‬عمى أن يكون التعامل وفق اعتبارات إنسانية‬
‫مع رفع كل مظاىر العنصرية؛ فكل ما يحدث يكشف عن تناقض صارخ في اإلدارة‬
‫األمريكية بين صطابيم عن حقوق اإلنسان وبين ممارستيم ضد الجنس األسود‬
‫األفريقي؛ فيذا عمى أصبلقي كما يقول ديفيد ليونز(‪)52‬؛ فمع أن الدستور األمريكي‬
‫وتأمينا‬
‫ً‬ ‫وتحقيقا لمسبلم الداصمي والصارجي‬
‫ً‬ ‫كماال واقامة لمعدل‬
‫ييدف إلى اتحاد أكثر ً‬
‫لمحريات لؤلجيال الحالية والقادمة مع تعزيز الصالح العام‪ ،‬إال أنو يغض الطرف‬
‫تماما عن فكرة العبودية والعنصرية في المجتمع األمريكي دون اتصاذ صطوات‬ ‫ً‬
‫حازمة تجاه الجنس األبيض في تعاممو مع الجنس األسود؛ لذا يتساءل لوينز‪ :‬أين‬
‫مبادئ الحرية والعدالة االجتماعية لمجميع التي تتشدق بيا الواليات المتحدة من‬
‫صبلل دستورىا! فبلبد أن يؤسس الدستور عمى تحقيق الرفاىية العامة وتوفير‬
‫الحقوق لمجميع من الجنسين؛ ألن تمك الحقوق ممك لئلنسان وال يجب التصرف فييا‬
‫من جية الدولة حسب التقييم العنصري بين األبيض واألسود؛ ألن ىذا بمثابة‬
‫تحقيق لمصالح وسعادة جنس عمى حساب آصر‪ ،‬أو حساب األكثرية (الجنس‬
‫األبيض) عمى حساب األقمية (الجنس األسود)؛ فيذا مبدأ المذىب النفعي الذي‬
‫ينكر الحقوق المعنوية وال ييمو إال المنفعة المادية المحسوسة‪ ،‬والذي يسعى لتحقيق‬
‫أكبر قدر ممكن من السعادة ألكبر عدد ممكن من الناس غير واضع في اعتباره‬
‫سعادة القمة‪ ،‬ومن ثم فحسب حساب النفعية ىذا سوف يتولد صراع بين الصالح‬
‫العام (صالح الجنس األبيض) وبين صالح األقمية وحقوقيا (الجنس السود)(‪)53‬؛ ففي‬
‫مذىب المنفعة العامة تكون التشريعات لصدمة وسعادة األكثرية؛ فالمذىب النفعي‬
‫بناء عمى ما تحققو من رفاىية ألكبر عدد من المواطنين من‬
‫ُيقيم مؤسسات الدولة ً‬
‫صبلل إشباع الرغبات واالىتمامات‪ ،‬ولكن قد تتعارض مصالح األقمية مع مصالح‬

‫(العىصريت والعبوديت في المجتمع األمريكي‪ )....‬د‪ .‬أشرف محمود أميه حسان‪.‬‬


‫‪2335‬‬
‫مج ‪ ،14‬ع‪( 1‬يناير) ‪2022‬‬ ‫( االنسانيات والعلوم االجتماعية)‬ ‫مجلة كلية اآلداب جامعة الفيوم‬

‫األكثرية وبالتالي عمى الحكومة أن تراعي مصمحة الجميع؛ فمن الصطأ أن يقتصر‬
‫دورىا عمى تحقيق مصالح األكثرية وتيميش األقمية‪ ،‬التي قد تصتمف مع األكثرية‬
‫في المون أو الجنس(‪)54‬؛ فبل يجوز التضحية بحقوق األقمية من أجل رفاىية األكثرية‬
‫كما تزعم النفعية‪ ،‬إن مذىب المنفعة بيذا الشكل يكرس ولو بشكل غير مقصود‬
‫لبلستمرار في العبودية والعنصرية لتحقيق المصالح ألصحاب العبيد لزيادة اإلنتاج‬
‫باعتبارىم ىم األكثرية(‪)55‬؛ وبالتالي قد يكون ىناك تناقض بين مذىب المنفعة وبين‬
‫حقوق اإلنسان صاصة حقوق المساواة والحريات‪ ،‬حيث يتم تقييد سموك األقمية من‬
‫أجل سعادة األغمبية؛ فإذا كان الجنس األبيض ىو األغمبية في الواليات المتحدة‬
‫أبدا أن تكون ليم السيادة والسيطرة في التشريع لصالحيم‪ ،‬ضاربين‬
‫فيذا ال يبرر ً‬
‫بمصالح األقمية عرض الحائط؛ لذلك رفض ليونز مبدأ المنفعة العامة ىذا في مجال‬
‫التشريعات السياسية‪ ،‬لتكريسو لسيادة األكثرية وىم ىنا الجنس األبيض عمى حساب‬
‫األقمية وىم ىنا الجنس األسود والينود الحمر؛ حيث قد تتعارض مصالح األقمية مع‬
‫مصالح األكثرية‪ ،‬حتي لو كانت األقمية عمى صواب(‪ ،)56‬والحق أنو ال مانع وفق‬
‫ىذا المذىب النفعي من تسصير األقمية‪ ،‬وال مانع من الكذب والحنث بالوعود وعقاب‬
‫األبرياء وانكار حقوق األقميات إذا اقتضي األمر لتحقيق رفاىية المجموع؛ مما يؤدي‬
‫الصتبلل ميزان العدل(‪ ،)57‬وىذا ما انتبو إليو جون رولز حيث رفض تقييد الحريات‬
‫والمساواة وتيميش األقمية واىدار كافة حقوقيم تحت مبدأ المنفعة العامة(‪)60‬؛ حيث‬
‫قد ُيحرم بعض األفراد من الرفاىية أو من منح أنصبة عادلة في التوزيع كاآلصرين‬
‫(األكثرية) إذا كان ىذا يترتب عميو رفاىية األكثرية؛ فالعدل عند رولز ىو الفضيمة‬
‫األولى في الييكل السياسي لمدولة حيث تتوزع جميع الطيبات من المال والجاه‬
‫والحريات والفرص واحترام الذات وفق قوانين العدالة المعمول بيا في إطار توزيع‬

‫(العىصريت والعبوديت في المجتمع األمريكي‪ )....‬د‪ .‬أشرف محمود أميه حسان‪.‬‬


‫‪2332‬‬
‫مج ‪ ،14‬ع‪( 1‬يناير) ‪2022‬‬ ‫( االنسانيات والعلوم االجتماعية)‬ ‫مجلة كلية اآلداب جامعة الفيوم‬

‫مذىبا يجعمو عرضة لمقير‬


‫ً‬ ‫الحقوق والواجبات لكافة المواطنين؛ فبل يوجد إنسان يقبل‬
‫واالستغبلل من أجل المصمحة العامة كما تزعم النفعية(‪.)66‬‬
‫فالحساب النفعي ىنا –كما يقول لوينز‪ -‬ال يضع القمة في اعتباره‪ ،‬مع أن‬
‫التجارب االجتماعية المعاشة تكشف لنا عن وجود عدد من الفئات االجتماعية‬
‫القميمة العدد والتي قد تكون غير متجانسة مع األكثرية من المجتمع من النواحي‬
‫األصبلقية والثقافية والعممية والمادية ونواحي القوة والضعف إال أن تمك الفئة التي‬
‫تمثل األقمية قد تكون ذات تأثير قوي عمى باقي الجماعة وقد تحقق لممجتمع‬
‫السعادة والمنفعة؛ وبالتالي ليا أن تشارك في النظام السياسي أو تييمن عميو إدارًيا‬
‫حتى لو تعارض ذلك مع قيم األكثرية‪ ،‬وىذا يعني االعتراف القانوني بتمك الفئة‬
‫وقيميا المفروضة في الييكل السياسي بصرف النظر عن االعتراف الجماعي ليا‪،‬‬
‫ما دامت ستحقق أكبر قدر من السعادة والمنفعة لممجموع(‪.)62‬‬
‫وبالتالي فمشكمة العنصرية ىذه في ضوء المذىب النفعي تجعل الجنس األبيض‬
‫متفوًقا عمى الجنس األسود باعتباره صاحب األكثرية في عدد الرؤوس؛ مما يرتب‬
‫عميو تقنين العبودية ودونية الجنس األسود وانتياك لكل حقوقو الطبيعية؛ لذا وجب‬
‫عمى جميع الدول اتصاذ كافة اإلجراءات البلزمة وتفعيميا لبلعتراف الجماعي بيؤالء‬
‫السود واعطائيم كافة حقوقيم باعتبارىا حقوًقا عالمية بصرف النظر عن المون‬
‫(‪)65‬‬
‫العتبارىا‬ ‫والجنس والديانة؛ فيي حقوق مستقمة غير متوقفة عمى تمك العوامل‬
‫حقوًقا معنوية أصبلقية غير مشروطة(‪)62‬؛ فما يحدث في أمريكا تجاه الجنس األسود‬
‫عمى مسمع ومرأى من رجال السمطة أصحاب البشرة البيضاء ىو بمثابة انتياك‬
‫إنكار لعنصر أساسي من‬
‫ًا‬ ‫لمحقوق الطبيعية اإلنسانية بشكل ممنيج مما يُعتبر‬
‫السكان يمثل شريحة ال ُيستيان بيا؛ فالسياسة األمريكية تفتقر لمحقوق السياسية؛‬

‫(العىصريت والعبوديت في المجتمع األمريكي‪ )....‬د‪ .‬أشرف محمود أميه حسان‪.‬‬


‫‪2333‬‬
‫مج ‪ ،14‬ع‪( 1‬يناير) ‪2022‬‬ ‫( االنسانيات والعلوم االجتماعية)‬ ‫مجلة كلية اآلداب جامعة الفيوم‬

‫(‪)63‬‬
‫بسبب معاممة الجنس األسود‬ ‫أصبلقيا في ىذا الجانب‬
‫ً‬ ‫فالمجتمع األمريكي مفمس‬
‫بشكل يتناقض مع المبادئ اإلنسانية من ناحية الحقوق(‪)64‬؛ حيث ليس ليم حقوق‬
‫أشصاصا ذوي قيمة إنسانية مع أن الدستور ينص عمى‬
‫ً‬ ‫الرجل األبيض وكأنيم ليسوا‬
‫شيئا ولكن لم يستطع تأمينو؛ لذا يري لوينز‬
‫احترام جميع المواطنين؛ فالدستور أقر ً‬
‫امتياز وحصانات واضحة مع آليات‬
‫ًا‬ ‫أن عمى الدستور األمريكي أن يعطي ليم‬
‫تأمينو(‪)65‬؛ لذا يؤكد ليونز عمى أنو‪ :‬ىناك مجموعة من المعتقدات العنصرية والقيم‬
‫اليرمية (السياسية واالجتماعية) يجب مناىضتيا ليس فقط عمى المستوى المحمي‬
‫بل العالمي لتحقيق المساواة بين جميع أفراد الجنس البشري دون تمييز فيذا بمثابة‬
‫منح قيم لممجتمع العالمي الكبير(‪.)66‬‬

‫خاتمة‬
‫من صبلل دراستنا لموقف ديفيد ليونز من العنصرية وحقوق اإلنسان في أمريكا‬
‫توصمنا لمنتائج التالية‪:‬‬
‫‪ -6‬وجود تناقض صارخ وسافر في سياسة الواليات المتحدة بين تشدقيا‬
‫بالحريات وحقوق اإلنسان من جانب وتدعيميا لمعنصرية والعبودية من جانب آصر‪.‬‬
‫‪ -2‬من الصطأ فصل القانون عن األصبلق؛ ألن القوانين البد أن تكون مبررة‬
‫ثانيا‪ ،‬ما دام مقصدىا رفاىية‬
‫أصبلقيا أوًال وتحت التقييم األصبلقي بصفة مستمرة ً‬
‫ً‬
‫اإلنسان‪.‬‬
‫‪ -5‬أن مذىب المنفعة العامة ال يصمح في التشريعات السياسية إلىدار حقوق‬
‫األقمية من أجل سعادة األغمبية ورفاىيتيا‪.‬‬
‫‪ -2‬البد من منح تعويضات مادية ومعنوية لمينود الحمر وممارسة حياتيم‬
‫بدال من عزليم بالمحميات الطبيعية‪ ،‬لكي‬
‫الطبيعية داصل المدن والواليات األمريكية ً‬

‫(العىصريت والعبوديت في المجتمع األمريكي‪ )....‬د‪ .‬أشرف محمود أميه حسان‪.‬‬


‫‪2334‬‬
‫مج ‪ ،14‬ع‪( 1‬يناير) ‪2022‬‬ ‫( االنسانيات والعلوم االجتماعية)‬ ‫مجلة كلية اآلداب جامعة الفيوم‬

‫يستفيدوا من منجزات الحضارة العممية والتمتع بالحريات مثميم مثل األمريكان‬


‫البيض‪.‬‬
‫‪ -3‬البد كذلك من تعويضات مادية ومعنوية لؤلمريكان األفارقة عما تعرضوا لو‬
‫من التفرقة العنصرية وممارستيا الوحشية‪ ،‬ومشاركتيم في كل جوانب الحياة‬
‫السياسية وتولي كافة المناصب في الدولة دون تمييز‪.‬‬
‫‪ -4‬سن تشريعات واضحة ومحددة لحماية الينود الحمر واألمريكان األفارقة مع‬
‫تطبيق العقاب الصارم دون أي استثناء عمى كل من ال يمتزم بتمك التشريعات‪.‬‬
‫أصير يوصى الباحث بأن تقوم األمم المتحدة ومنظمات حقوق اإلنسان‬
‫‪ -5‬و ًا‬
‫العالمية بتفعيل المساواة بين كل أفراد الشعب عمى المستوى المحمي والعالمي‪ ،‬ومنح‬
‫دوليا دون النظر لمدين والجنس والمغة‪ ،‬وكذلك‬
‫الجميع حقوقو اإلنسانية المعترف بيا ً‬
‫عمل محكمة دولية صاصة بالحفاظ عمى تمك الحقوق ومعاقبة الدول التي تقف عثرة‬
‫أمام منح ىذه الحقوق‪.‬‬

‫(العىصريت والعبوديت في المجتمع األمريكي‪ )....‬د‪ .‬أشرف محمود أميه حسان‪.‬‬


‫‪2335‬‬
2022 )‫ (يناير‬1‫ ع‬،14 ‫مج‬ )‫( االنسانيات والعلوم االجتماعية‬ ‫مجلة كلية اآلداب جامعة الفيوم‬

‫الهوامش‬

‫ أستاذ‬، ‫) فيمسوف أصبلقي وسياسي وقانوني أمريكي‬ - 6753( ‫) ديفيد بيرى ليونز‬6(
‫ في الفمسفة من جامعة ىارفارد بإشراف جون‬.‫حصل عمى درجة الدكتوراه‬. ‫الفمسفة في جامعة بوسطن‬
‫الجوانب األصبلقية لمنظرية القانونية مقاالت عن‬، ‫ في مصمحة المحكومين‬: ‫ ومن أىم مؤلفاتو‬. ‫راولز‬
‫ حقوق‬، ‫حقوق االنسان والصالح العام‬، ‫ ترابط الحقوق والواجبات‬،‫القانون والعدالة والمسؤلية السياسية‬
،‫الشجاعة والمقاومة لسياسية‬،‫ الحكم األصبلقي والواقع التاريصي والعصيان المدني‬، ‫ضد اإلنسانية‬
‫تعويضات العبودية وجيم كرو‬
(2( Lyons , David. " Utility and Rights," Nomos, Vol. 24, Ethics, Economics,
and the Law (1982), American Society for Political and Legal Philosophy, pp.
113 : 115.
(3( Lyons , David. " Rights against Humanity", pp. 208 : 215.
(4( Lyons, David. "Rights, Claimants, and Beneficiaries" American
Philosophical Quarterly, Vol. 6, No. 3 (Jul., 1969), University of Illino p.
175.
(5( Lyons , David. Rights, Welfare, and Mill's Moral Theory (New York:
Oxford University Press, 1994) .PP. 153, 161. & Lyons , David. " Utility and
Rights", p. 110.
(6( Lyons , David. Ethics and the Rule of Law , Cambridge University Press,
1984, pp. 125, 130.
(7( Lyons , David. "The Correlativity of Rights and Duties," Nôus,Vol. 4,
No.1, (1970), .pp. 45, 47, 54.
(8( Lyons , David. Rights, Welfare, and Mill's Moral Theory, PP. 23, 25. & -
Lyons, David. "Rights, Claimants, and Beneficiaries" pp. 175, 180, 184.
(9( Lyons , David. " Utility as a Possible Ground of Rights," Nôus ,Vol.14,
No.1, (1980), p. 18.
(10( Lyons , David. " Rights against Humanity" The Philosophical Review,
Vol. 85, No. 2 (Apr., 1976), Duke University Press, p. 213.
(11( Lyons , David. In the Interest of the Governed: A Study in Bentham's
Philosophy of Utility and Law ,Oxford University Press, 1973 .p. 57.
(12( Lyons , David. Ethics and the Rule of Law , Cambridge University Press,
1984 .pp. 1, 8, 42.

.‫ أشرف محمود أميه حسان‬.‫) د‬....‫(العىصريت والعبوديت في المجتمع األمريكي‬


2336
2022 )‫ (يناير‬1‫ ع‬،14 ‫مج‬ )‫( االنسانيات والعلوم االجتماعية‬ ‫مجلة كلية اآلداب جامعة الفيوم‬

(13( Lyons , David. " Normal Law, Nearly Just Societies, and Other Myths of
Legal Theory," in Archiv für Rechtsund Sozialphilosophie ,Vol.55 (1993), p.
14.
(14( Lyons , David. Ethics and the Rule of Law , p. 61.
(15(Lyons , David. " Moral Judgment and Legal Theory”, p. 64.
(16( Lyons , David. Ethics and the Rule of Law , p. 70.
(17( Lyons , David. Ethics and the Rule of Law , pp. 64 , 107, 108.
(18 (Lyons , David. " Normal Law, Nearly Just Societies, and Other Myths of
Legal Theory", p. 13 , 14 , 19.
(19( Lyons , David. " Need, Necessity, and Political Obligation" Virginia Law
Review, Vol. 67, No. 1, (Feb., 1981), p. 63.
(20( Lyons , David. "The Utilitarian Justification of the State,” in The Norton
Introduction to Philosophy, ed. Rosen,et al. (New York: W.W. Norton, 2015),
p. 963 , 964.
(21( Lyons , David. In the Interest of the Governed, pp. 48 , 57, 62.
(22) Raz, Joseph. the Authority of Law Raz,: Essays on Law and Morality,
Oxford University Press, 1979.: p. 264.
(23) Raz, Joseph. the Authority of Law: p. 262.
(24) Raz, Joseph. the Morality of Freedom. oxford University, 1986.
p. 111. &: Raz, Joseph.the Authority of Law: pp. 2, 3..
(25) Raz, Joseph. " Authority and Consent", Virginia Law Review. vol. 67,
No. 1 (Feb., 1981,.p. 130.
(26( Lyons, David. "Legal Formalism and Instrumentalism -- A Pathological
Study" Cornell Law Review, Volume 66, Issue 5 June ,1981, Article 2. p.
955.
(27( Lyons , David. "The Utilitarian Justification of the State”, pp. 963 , 964.
‫ العـدد‬،2062 ‫ نـوفمبر‬،‫ عـالم المعرفـة‬،‫ ترجمة أسامة الغزولـي‬،‫ مشروع الديمقراطية‬:‫) ديفيد غريبر‬26(
.‫ وما بعدىا‬223 ‫ ص‬،‫ الكويت‬،266
(29( Lyons, David. " Moral Judgment, Historical Reality, and Civil
Disobedience," Philosophy & Public Affairs ,Vol.27,(1998) ,pp 31-49,Wiley
pp. 32 , 33 .
(30( Lyons , David. " Need, Necessity, and Political Obligation" , p. 67. & -
Lyons , David. "Derivability, Defensibility, and the Justification of Judicial
Decisions," The Monist, Vol. 68, No. 3, The Concept of Law (JULY, 1985),
pp. 335, 341.

.‫ أشرف محمود أميه حسان‬.‫) د‬....‫(العىصريت والعبوديت في المجتمع األمريكي‬


2337
2022 )‫ (يناير‬1‫ ع‬،14 ‫مج‬ )‫( االنسانيات والعلوم االجتماعية‬ ‫مجلة كلية اآلداب جامعة الفيوم‬

(31( Lyons , David. Moral Aspects of Legal Theory: Essays on Law, Justice,
and Political Responsibility (NewYork: Cambridge University Press, 1993)
.pp. x , ix.
(32( Lyons, David. " Moral Judgment, Historical Reality, and Civil
Disobedience," .pp. 46 , 47.
(33( Lyons , David. " Justification and Judicial Responsibility" California
Law Review, .p. 193.
(34( Lyons, David. " Derivability, Defensibility, and the Justification of
Judicial Decisions", pp. 344 , 345. Moral Aspects of Legal
Theory,pp.120,132
(35( Lyons , David. " Normal Law, Nearly Just Societies, and Other Myths of
Legal Theory", p. 18.
(36( Lyons, David. " Moral Judgment, Historical Reality, and Civil
Disobedience," .p. 35.
(37( Lyons , David. " Nature of the Contract Argument," Cornell Law
Review,Vol. 59,issua.6 (1974)Articie.2, p. 1064.
(38( Lyons , David. " Formal Justice, Moral Commitment, and Judicial
Precedent," Journal of Philosophy,Vol . 81 , No.10, (1984), pp. 580, 583.
(39( Lyons , David. " Moral Judgment and Legal Theory”, p. 65.
(40( Lyons, David. "The Internal Morality of Law" Proceedings of the
Aristotelian Society, New Series, Vol. 71 (1970 - 1971), pp. 105, 106.
(41( Lyons , David. " The Connection Between Law and Morality: Comments
on Dworkin," Journal of Legal Education,Vol 36 . No.4 (1986), p. 486.
(42( Lyons, David. "The Internal Morality of Law", pp. 105, 106. & Moral
Aspects of Legal Theory,pp.5-7
‫ ونقمــو إلــى العربيــة أحمــد لطفــي‬،‫ ترجمــو مــن اإلغريقيــة إلــى الفرنســية بــارتممي ســانتممير‬،‫ السياســة‬:‫( أرســطو‬25(
.677،200‫ ص‬.‫م‬2006 ،‫ الييئة المصرية العامة لمكتاب‬،‫ القاىرة‬،‫السيد‬
(44(Lyons, David. "Legal Formalism and Instrumentalism -- A Pathological
Study", p. 961. & Lyons , David. Ethics and the Rule of Law , p. 194. &
Moral Aspects of Legal Theory,p.43
(45( Lyons, David. "Courage and Political Resistance”, Boston University
Law Review,Vol.90, (2010), pp. 1756, 1757.
(46( Lyons , David. Ethics and the Rule of Law , p. 108 .
(47( Lyons, David. “Slavery and the Rule of Law in Early Virginia”, in
Confronting Injustice, Oxford University Press, 2013, pp.1, 6 .

.‫ أشرف محمود أميه حسان‬.‫) د‬....‫(العىصريت والعبوديت في المجتمع األمريكي‬


2340
2022 )‫ (يناير‬1‫ ع‬،14 ‫مج‬ )‫( االنسانيات والعلوم االجتماعية‬ ‫مجلة كلية اآلداب جامعة الفيوم‬

(48( Lyons , David. " Wealth Concentration, Racial Subordination, and


Political Corruption,” Nomos,Vol. 58, American Society for Political and
Legal Philosophy, pp. 4, 5. & Lyons , David. " Violence and Political
Incivility,” Mercer Law Review,Vol. 63 (2012), p. 835.
(49( Lyons, David. "Corrective Justice, Equal Opportunity, and the Legacy of
Slavery and Jim Crow, ”Boston University Law Review,Vol. 84 (2004), p.
1382.
(50( Lyons, David. "Moral Judgment, Historical Reality, and Civil
Disobedience", p. 37.
(51( Lyons, David. “Slavery and the Rule of Law in Early Virginia”, p. 10.
(52( Lyons, David. “Slavery and the Rule of Law in Early Virginia”, pp. 8, 12.
(53( Lyons , David. " Moral Judgment and Legal Theory,” Ius et Lex (2005),
p. 66.
(54( Lyons , David. " Wealth Concentration, Racial Subordination, and
Political Corruption,” p. 4.
(55( Lyons , David. " The New Indian Claims and Original Rights to Land,"
Social Theory and Practice ,Vol.4,No.3 (1977), Florida State University
Department of Philosophy pp. 249, 267. & Lyons , David. " Violence and
Political Incivility,” Mercer Law Review,Vol. 63 (2012), Pp. 835 , 836.
(56( Lyons , David. " The New Indian Claims and Original Rights to Land,
pp. 267, 270.
(57( Lyons, David. “Slavery and the Rule of Law in Early Virginia”, pp. 2, 3,
6.
(58( Lyons , David. " Corrective Justice, Equal Opportunity, and the Legacy
of Slavery and Jim Crow”, pp. 1375, 1377.
(59( Lyons , David. "The Utilitarian Justification of the State”, pp. 965, 966.
(60( Lyons, David. "Courage and Political Resistance”, p. 5.
(61( Lyons, David. "Reparations for Slavery and Jim Crow: Its Assumptions
and Implications" The Oxford Handbook of Philosophy and Race,Edited by
Naomi Zack, Oxford University Press, 2018, pp. 3, 5.
(62( Lyons, David. "Reparations for Slavery and Jim Crow: pp. 3, 4.
(63( Lyons , David. "Rights and Recognition" Social Theory and Practice p.
7.
(64( Lyons, David. "Reparations for Slavery and Jim Crow, pp. 4, 6 . & Lyons
, David. " Violence and Political Incivility”, P. 838.

.‫ أشرف محمود أميه حسان‬.‫) د‬....‫(العىصريت والعبوديت في المجتمع األمريكي‬


2346
2022 )‫ (يناير‬1‫ ع‬،14 ‫مج‬ )‫( االنسانيات والعلوم االجتماعية‬ ‫مجلة كلية اآلداب جامعة الفيوم‬

(65( Lyons, David. “Slavery and the Rule of Law in Early Virginia”, p. 19.
(66( Lyons, David. " Moral Judgment, Historical Reality, and Civil
Disobedience", pp. 38, 39.
(67( Lyons, David. "Reparations for Slavery and Jim Crow, p. 5.
(68( Lyons, David. "Reparations for Slavery and Jim Crow, pp. 1, 2.
(69( Lyons , David. " Reconstructing Legal Theory" Philosophy & Public
Affairs, Vol. 16, No. 4 (Autumn, 1987), p. 309.
(70( Lyons, David. "Reparations for Slavery and Jim Crow, pp. 6, 7.
(71( Lyons , David. " Corrective Justice, Equal Opportunity, and the Legacy
of Slavery and Jim Crow”, pp. 1378 : 1380.
(72(Lyons , David. " Moral Judgment and Legal Theory,” Ius et Lex (2005), p.
82.
(73( Lyons , David. " Moral Limits to Dworkin’s Theory of Law and Legal
Interpretation,” Boston University Law Review,Vol. 90 (2010), pp. 599, 601.
(74( Lyons , David. " Corrective Justice, Equal Opportunity, and the Legacy
of Slavery and Jim Crow”, p. 1403.
(75( Lyons , David . Forms and Limits of Utilitarianism ,Oxford University
Press, 1965. P. 52. & Lyons , David. " Human Rights and the General
Welfare," Philosophy & Public Affairs ,Vol.6.No.2(1977), pp. 113 : 115.
(76( Lyons , David. In the Interest of the Governed, pp. 24, 34, 67, 92.
(77( Lyons , David. Ethics and the Rule of Law , pp. 121, 130.
(78( Lyons, David. " Was Bentham a Utilitarian?. Royal Institute of
Philosophy Lectures " Volume 5 , March 1971, .pp. 200, 210, 212.
.‫ د‬:‫ ترجمة ودراسة‬،‫ أعبلم الفمسفة السياسية المعاصرة‬:‫ كينيث مينوج‬،‫( أنطوني دي كرسنبي‬57)
.665 ،662 ‫ص‬6774 ،‫ الييئة العامة لمكتاب‬،‫ القاىرة‬،‫نصار عبداهلل‬
(80( Lyons , David Barry . "Rawls Versus Utilitarianism" The Journal of
Philosophy, Vol. 69, No. 18, (Oct. 5, 1972), p. 536.
.666 – 662 ‫ ص‬،‫( أعبلم الفمسفة السياسية المعاصرة‬66(
(82( Lyons , David . Forms and Limits of Utilitarianism , .pp. 119, 136. &
Lyons , David. “The Social Dimension of Rights,” Journal of Social
Philosophy, V. 44 (2013), p. 45.
(83( Lyons , David. “The Social Dimension of Rights”, pp. 46, 47, 49,.

.‫ أشرف محمود أميه حسان‬.‫) د‬....‫(العىصريت والعبوديت في المجتمع األمريكي‬


2342
2022 )‫ (يناير‬1‫ ع‬،14 ‫مج‬ )‫( االنسانيات والعلوم االجتماعية‬ ‫مجلة كلية اآلداب جامعة الفيوم‬

(84( Lyons , David. "Rights and Recognition" Social Theory and Practice,
Vol. 32, No. 1 (January 2006), Florida State University Department of
Philosophy .p. 2 .
(85( Lyons , David. " Normal Law, Nearly Just Societies, and Other Myths of
Legal Theory", pp. 23, 26.
(86( Lyons , David. " Justification and Judicial Responsibility" California
Law Review, Vol. 72, No. 2 (Mar., 1984), pp. 195, 196.
(87( Lyons, David. "Basic Rights and Constitutional Interpretation," Social
Theory and Practice ,Vol.16, No.3, (1990), Florida State University
Department of Philosophy pp. 338, 352.& Moral Aspects of Legal
Theory,p.186
(88( Lyons , David. “The Social Dimension of Rights”, pp. 8, 13, 14.

.‫ أشرف محمود أميه حسان‬.‫) د‬....‫(العىصريت والعبوديت في المجتمع األمريكي‬


2345
2022 )‫ (يناير‬1‫ ع‬،14 ‫مج‬ )‫( االنسانيات والعلوم االجتماعية‬ ‫مجلة كلية اآلداب جامعة الفيوم‬

‫المصادر والمراجع‬
)‫ المصادر األجنبية (مؤلفات ديفيد ليونز‬- :‫أوًال‬
Books:
1. Lyons, David Barry. Forms and Limits of Utilitarianism,
Oxford University, 1965.

2. _____. In the Interest of the Governed: A Study in


Bentham's Philosophy of Utility and Law, Oxford University,
1973
3. ____. Ethics and the Rule of Law, Cambridge
University, 1984
4. _____. Moral Aspects of Legal Theory: Essays on Law,
Justice, and Political Responsibility, Cambridge University,
1993
5. ______. Rights, Welfare, and Mill's Moral Theory,
Oxford University, 1994.

Articles:
6. Lyons, David Barry. "Rawls Versus Utilitarianism" The
Journal of Philosophy, Vol. 69, No. 18, (Oct. 5, 1972), pp. 535-
545
7. ______. "Rights and Recognition" Social Theory and
Practice, Vol. 32, No. 1 (January 2006), pp. 1-15, Florida State
University Department of Philosophy.
8. ______. "The Correlativity of Rights and Duties, "
Nôus, Vol. 4, No. 1, (1970), pp. 45-55
9. _
_____. " Was Bentham a Utilitarian?. Royal Institute of
Philosophy Lectures " Volume 5, March 1971, pp 196 -‫؟‬
10. ______. "Justification and Judicial Responsibility"
California Law Review, Vol. 72, No. 2 (Mar., 1984), pp. 178-
11. ______. "Need, Necessity, and Political Obligation"
Virginia Law Review, Vol. 67, No. 1, (Feb., 1981), pp. 63-77
12. ______. "The Internal Morality of Law" Proceedings of
the Aristotelian Society, New Series, Vol. 71 (1970 - 1971), pp.
105-

.‫ أشرف محمود أميه حسان‬.‫) د‬....‫(العىصريت والعبوديت في المجتمع األمريكي‬


2342
2022 )‫ (يناير‬1‫ ع‬،14 ‫مج‬ )‫( االنسانيات والعلوم االجتماعية‬ ‫مجلة كلية اآلداب جامعة الفيوم‬

13. ______. "Reconstructing Legal Theory" Philosophy &


Public Affairs, Vol. 16, No. 4 (Autumn, 1987), pp. 379-393 ‫ة‬

14. ______. "Human Rights and the General Welfare, "


Philosophy & Public Affairs, Vol. 6. No. 2 (1977), pp. 113-129.
Wiley
15. ______. "The New Indian Claims and Original Rights to
Land, " Social Theory and Practice, Vol. 4, No. 3 (1977), pp.
249-272. Florida State University Department of Philosophy
16. ______. "Utility as a Possible Ground of Rights, " Nôus,
Vol. 14, No. 1, (1980), pp. 17-28, Wiley
17. ______. "Rights against Humanity" The Philosophical
Review, Vol. 85, No. 2 (Apr., 1976), pp. 208-215, Duke
University Press
18. _____. "Rights, Claimants, and Beneficiaries" American
filosophical Quarterly, Vol. 6, No. 3 (Jul., 1969), pp. 173-185,
University of Illino
19. ______. "Basic Rights and Constitutional Interpretation,
" Social Theory and Practice, Vol. 16, No. 3, (1990), pp. 337-
357. Florida State University Department of Philosophy
20. _____. “Moral Judgment, Historical Reality, and Civil
Disobedience, " Philosophy & Public Affairs, Vol. 27, (1998),
pp 31-49, Wiley
21. ______. “Corrective Justice, Equal Opportunity, and the
Legacy of Slavery and Jim Crow, ” Boston University Law
Review, Vol. 84 (2004), pp. 1375-1404
22. ______. “Courage and Political Resistance, ” Boston
University Law Review, Vol. 90, (2010), pp. 1755-1769
23. ______. “Violence and Political Incivility, ” Mercer
Law Review, Vol. 63 (2012), pp. 835-844.

24. ____"Utility and Rights, " Nomos, Vol. 24, Ethics,


Economics, and the Law (1982), pp. 107-138, American Society
for Political and Legal Philosophy
25. ______. “Wealth Concentration, Racial Subordination,
and Political Corruption, ” Nomos, Vol. 58, pp. 226-234,
American Society for Political and Legal Philosophy,
26. ______. "Reparations for Slavery and Jim Crow: Its
Assumptions and Implications" The Oxford Handbook of

.‫ أشرف محمود أميه حسان‬.‫) د‬....‫(العىصريت والعبوديت في المجتمع األمريكي‬


2343
2022 )‫ (يناير‬1‫ ع‬،14 ‫مج‬ )‫( االنسانيات والعلوم االجتماعية‬ ‫مجلة كلية اآلداب جامعة الفيوم‬

Philosophy and Race, Edited by Naomi Zack, pp. 1-14, Oxford


University Press, 2018

27. ______. Formal Justice, Moral Commitment, and


Judicial Precedent, " Journal of Philosophy, Vol. 81, No. 10,
(1984), pp. 580-587
28. ____. "The Connection Between Law and Morality:
Comments on Dworkin, " Journal of Legal Education, Vol 36.
No. 4 (1986), pp. 485-487 .
29. ______. " Nature of the Contract Argument, " Cornell
Law Review, Vol. 59, issua. 6 (1974) Articie. 2, pp. 1064 -
1076 .
30. ______. “The Utilitarian Justification of the State, ” in
The Norton Introduction to Philosophy, ed. Rosen, et al. (New
York: W. W. Norton, 2015), pp. 963-970.
31. ______. "Legal Formalism and Instrumentalism -- A
Pathological Study" Cornell Law Review, Volume 66, Issue 5
June, 1981, Article 2. Pp. 949-972
32. ______. "Derivability, Defensibility, and the
Justification of Judicial Decisions, " The Monist, Vol. 68, No. 3,
The Concept of Law (JULY, 1985), pp. 325-346
33. ______. "Normal Law, Nearly Just Societies, and Other
Myths of Legal Theory, " in Archiv für Rechtsund
Sozialphilosophie, Vol. 55 (1993) pp. 13-26
34. ______. “Moral Limits to Dworkin’s Theory of Law and
Legal Interpretation, ” Boston University Law Review, Vol. 90
(2010), pp. 595-602 .
35. ______. “Moral Judgment and Legal Theory, ” Ius et
Lex (2005), pp. 63-83 .
36. ______. “Slavery and the Rule of Law in Early Virginia,
” in Confronting Injustice, Oxford University Press, 2013, pp.
14-28.
37. ______ “The Social Dimension of Rights,” Journal of
Social Philosophy, 44 (2013) 43-50.
‫ المراجع األجنبية‬- :‫ثانيًا‬
1. Raz, Joseph. " Authority and Consent", Virginia Law
Review. vol. 67, No. 1 (Feb., 1981), pp. 103-131.
2. Raz, Joseph. the Morality of Freedom. oxford
University, 1986.

.‫ أشرف محمود أميه حسان‬.‫) د‬....‫(العىصريت والعبوديت في المجتمع األمريكي‬


2344
‫مج ‪ ،14‬ع‪( 1‬يناير) ‪2022‬‬ ‫( االنسانيات والعلوم االجتماعية)‬ ‫مجلة كلية اآلداب جامعة الفيوم‬

‫‪3. Raz, Joseph. the Authority of Law: Essays on Law and‬‬


‫‪Morality, Oxford University Press, 1979.‬‬
‫ثالثًا‪ - :‬المراجع المترجمة‬
‫‪ .1‬ديفيد غريبر‪ :‬مشروع الديمقراطية‪ ،‬ترجمة أسامة الغزولي‪ ،‬عالم المعرفة‪ ،‬نوفمبر‬
‫‪ ،2062‬العدد ‪ ،266‬الكويت‬
‫‪ .8‬أنطوني دي كرسنبي‪ ،‬كينيث مينوج‪ :‬أعبلم الفمسفة السياسية المعاصرة‪ ،‬ترجمة‬
‫ودراسة‪ :‬د‪ .‬نصار عبداهلل‪ ،‬القاىرة‪ ،‬الييئة العامة لمكتاب‪6774 ،‬‬
‫‪ .5‬أرسطو‪ :‬السياسة‪ ،‬ترجمو من اإلغريقية إلى الفرنسية بارتممي سانتممير‪ ،‬ونقمو إلى‬
‫العربية أحمد لطفي السيد‪ ،‬القاىرة‪ ،‬الييئة المصرية العامة لمكتاب‪2006 ،‬م‪.‬‬

‫(العىصريت والعبوديت في المجتمع األمريكي‪ )....‬د‪ .‬أشرف محمود أميه حسان‪.‬‬


‫‪2345‬‬
2022 )‫ (يناير‬1‫ ع‬،14 ‫مج‬ )‫( االنسانيات والعلوم االجتماعية‬ ‫مجلة كلية اآلداب جامعة الفيوم‬

Racism and Slavery in the American Society in the light of


Law and Human Rights: A Reading of David Lyons' Political
Philosophy
Abstract
This research revolves around David Lyons' position on racism
and slavery in American society, explaining the extent to which it
contradicts the law and human rights, those rights that prove
that he is a human being regardless of color, gender and religion,
such as equality, justice, democracy, property, freedom, the right
to education, treatment, work, freedom of movement,
residence, nationality and respect Privacy, as well as the right to
marry and build a family, are legal and morally justified rights,
that is, they can be defended morally, and therefore there is no
validity to the opinions that separate those rights from morals,
stressing the role of the law in preserving those rights while
adhering to the just law that fulfills its functions on the one hand.
The ruler and the ruled together, and grants the people the right
to civil disobedience to the law in the absence of justice, calling
for the abolition of racism and non-discrimination between the
American race because of color, gender or religion, revealing that
the American administration is devoid of justice in this aspect
and its moral bankruptcy
Key words: Racism, slavery, law, human rights, justice,
American Indians, colonialism

.‫ أشرف محمود أميه حسان‬.‫) د‬....‫(العىصريت والعبوديت في المجتمع األمريكي‬


2346

You might also like