Professional Documents
Culture Documents
أثر جائحة كورونا على تنفيذ العقد - دراسة حالة عقود الأعمال والعقد التجاري الدولي - أنموذجا PDF
أثر جائحة كورونا على تنفيذ العقد - دراسة حالة عقود الأعمال والعقد التجاري الدولي - أنموذجا PDF
زمام جمعة
جامعة التكوين المتواصل – الجزائر
saidzemam@gmail.com
Amelaichaoui2@gmail.com
تاريخ االرسال ،2021/03/30 :تاريخ القبول ،2022/06/01:تاريخ النشر :جوان 2022
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الملخص:
بتاريخ 11مارس 2020صنفت منظمة الصحة العالمية الجائحة » «épidémieبـ :جائحة وبائية
عالمية ذات طبيعة شاملة انعكست تداعياتها الخطيرة وآثارها المدمرة على االقتصاد العالمي ،مما استوجب
على الحكومات والدول اتخاذ اإلجراءات اإلدارية والتدابير االستثنائية التي تعرف في فقه القانون اإلداري بـ
"إجراءات الضبط اإلداري أهمها إجراءات الحجر الصحي لمجابهة جائحة كورونا (كوفيد ،)19-ولكن هذه
الجائحة أثرت على االقتصاد والمؤسسات والعقود .ومن المسائل التي طرحت في قانون العقود إثر تفشي
جائحة كورونا هي شرطي القوة القاهرة والظروف الطارئة وأثرها على تنفيذ العقد .بشأن نظريتي القوة القاهرة
والظروف الطارئة فاألولى تؤدي إلى اضطراب دائم لالقتصاد العقدي بينما الثانية تتمثل في تعديل اقتصادية
العقد » «réajuster l’économie du contratلكونه يجعل تنفيذ العقد أكثر صعوبة وإرهاقا للمدين.
الكلمات المفتاحية :الظروف الطارئة ،القوة القاهرة ،الضبط اإلداري ،االستحالة المؤقتة ،الفسخ بقوة القانون.
Abstract:
”On March 11, 2020, the World Health Organization classified the pandemic “épidemie
as: a global epidemic pandemic of a comprehensive nature whose dangerous repercussions and
devastating effects on the global economy were reflected, which required governments and
countries to take administrative measures and exceptional measures known in the jurisprudence
of administrative law as “administrative control procedures. The most important of them are
quarantine measures to confront the Corona pandemic (Covid-19).
But this pandemic has affected the economy, institutions and contracts. Among the issues
raised in the contract law following the outbreak of the Corona pandemic are the force majeure
and emergency conditions and its impact on contract implementation. The first leads to
permanent disruption of the contractual economy, while the second is represented in the
adjustment of the economy of the contract (réajuster l'économie du contrat), because it makes
the implementation of the contract more difficult and burdensome for the debtor.
Keyword : Emergency circumstances, force majeure, administrative control, temporary
impossibility, annulment by law.
مقدمة:
إن هذه األزمة الصحية التي تعرف باسم جائحة كورونا البد من تكييف اإلجراءات القانونية مع
وميسرة لكل ما ولدته هذه األزمة
األوضاع التي ستنجم عنها بحيث أنها تنطبق عليها بصورة متوافقة معا ّ
الصحية.
وقد ترتبت عن هذه األزمة إجراءات وتدابير استثنائية تمثلت في فرض الحجر الجزئي والحجر الكلي
بحسب طبيعة األزمة ونسبة انتشارها ومدى تهديدها للحريات الفردية وحرية التنقل وحرية التجمع فضال عن
ِّ
حدها من مبدأ حرية االستثمار والتجارة.
ّ
وقد صنفت منظمة الصحة العالمية ()OMCهذه الجائحة في 11مارس 2020باعتبارها "جائحة
مدمرة لالقتصاد العالمي ،كما أنه كان لها بالغ األثر على
ّ وبائية عالمية" كانت لها تداعيات خطيرة وآثار
العقود الجارية » «les contrats en coursحيث أماطت اللثام عن نقائص النظام القانوني على مستوى
النصوص وعلى مستوى الضبط اإلداري » ،«Police administrativeال سيما اإلجراءات المتخذة لمجابهة
جائحة كورونا حفاظا على حياة المواطنين وسالمتهم لكنها عطلت مصالح الناس االقتصادية واالجتماعية
والقانونية.
ويمثل هذا الوباء أزمة صحية لم يسبق للعالم أن شهده من قبل أثر على االقتصاد والمؤسسات والعقود
مما أوجب على السلطة العمومية سن تدابير الضبط اإلداري وظهرت فكرة المشرع بالمعنى الواسع «Le
» législateur lats Sensuبغرض تكييف اإلطار القانوني » «Cadre juridiqueلمجابهة جائحة طورونا
المتعلقة بإجراءات التأجيل والتعليق والتمديد وآجال اإلجراءات واآلجال القانونية ...الخ ،حتى ظهر في
الساحة القانونية مصطلح قانون جائحة » «Le droit coronavirusأو قانون الوباء «Droit de l’épidémie
».ou de la pandémie
ينبغي أن نعتبر المستقبل غير مشابه للماضي ،ومن هنا نطرح السؤال أي قانون ينبغي أن يكون في
المستقبل ،ينبغي أن يكون لنا قانون جديد مطابق للمستقبل وإال فإن علينا تغيير عقليتنا وهل ستغير كورونا
آثارها مثلما تغيرنا نحن؟
صاغ المعهد األوروبي للقانون( )1مبادئ عرفت بـ" المبادئ " " ELIمن أجل جائحة كورونا وهي عبارة
وجهة للحكومات ودول االتحاد األوروبي ،تتضمن القواعد العامة المتعلقة بعديد المسائل
عن مقترحات ُم ّ
الهامة أثيرت بمناسبة " أزمة جائحة كورونا " ،والمتضمنة خمسة عشر ( )15مبدأ بسبب بروز فكرة عدم
اليقين القانوني » « Incertitude Juridiqueوتشمل هذه الوثيقة على نطاق واسع من المسائل المطروحة
الصحية ومن ضمن المبادئ التي صاغها المعهد األوروبي للقانون:
ّ التي أفرزتها الطبيعة الشاملة لألزمة
1
- L’institut européen du droit (European Law Institute) est une organisation internationale indépendante créée en
2011 à l’initiative d’universitaire et de juges partageant la volonté d’approfondie l’intégration juridique
européenne… ainsi que de publier des recommandations et orientations pratique dans le domaine du droit
européen. Voir le site : www.europeanlawinstitute.eu.
القيم األساسية ومبادئ الحريات (مبدأ )1استم اررية العالقات القانونية عن بعد( ،مبدأ ،)10شرط القوة
القاهرة (مبدأ ،)13اإلعفاء من المسؤولية بسبب خطأ غير جسيم (مبدأ .)14
وتشكل هذه المبادئ مصد ار ومرجعية بشأن اإلجراءات المتخذة أثناء األزمة الوبائية أو بعدها من أجل
التحضير على عجل القواعد التي تهدف إلى التنبؤ والتوقع والتخفيف من اآلثار االجتماعية واالقتصادية
الصحية.
ّ المترتبة عن األزمة
وأثيرت مسألة العقود الجارية بسبب جائحة كورونا إن كان على مستوى الداخلي أو الدولي ومصير
هذه العقود وااللتزامات المترتبة عنها أثناء تنفيذها.
لذلك ليس من اإلنصاف إلزام الشخص بما ال يستطيع االلتزام به ،ألن اإلعفاء من االلتزامات المفترضة
يسا لمبدأ اإلنصاف ،تطبيقا " للقانون الطبيعي في القانون الوضعي "(.)1
أثناء إبرام العقد تكر ً
أن اإلنسان يجد من يحكمه في حدث أقوى منه " ال ّ
()2
وفي هذا السياق يرى العميد " "Carbonnier
يلزم أحد بما ال يستطيع ".
القوة القاهرة في إطار الجائحة على خالف مفهومها التقليدي بحكم كونها ما يحتج
وتبدو خصوصية ّ
أيضا في العقد التجاري الدولي قياسا على العقود
به ليس بالضرورة ملزما تعاقديا ،كما تبرز الخصوصية ً
الداخلية ،لذلك يطرح تساؤل مفاده هل جائحة كورونا قوة قاهرة أم من الظروف الطارئة؟
المبررة ()I
القوة القاهرة ّ
ارتأينا تقسيم الخطة إلى قسمين أولهما نعالج فيها جائحة كورونا المستجدّ :
وثانيهما اندراج جائحة كورونا ضمن الظروف الطارئة (.)II
المبررة :
القوة القاهرة ّ
-)Iجائحة كورونا ّ :
القوة القاهرة في ظل ظهور جائحة كورونا من الصعب حصرها في " نظريات ومفاهيم
يبدو أن شرط ّ
" بحكم كونها مرتبطة بالواقع وأضحت حقيقة معقدة في العالقات التعاقدية فهي في حالة تطور دائم بحكم
كون المفهوم التقليدي العام للقوة القاهرة يعتبر ال إلزام بمستحيل وال نطالب المدين ال بااللتزام وال
بالتعويض(.)3
لذلك سنعالج الشروط المستوجبة أو باألحرى معايير تكييف القوة القاهرة (أوال) لكونها تترتب عنها آثار
جديدا هو تعليق العقد بدالً من
دور ًتتنوع بين وجود استحالة دائمة أو مؤقتة وفي بعض الحاالت تؤدي ًا
ّ
انقضائه (ثانيا).
2
-Voir: J. Carbonnier, Droit Civil, Les Obligations, Thémis droit, Press universitaire de France, 14 -ème Edition,
1990, P : 298.
-3أنظر ألفة المنصوري ،اإلستحالة النظرية العامة للعقد ،أطروحة دكتوراه في القانون الخاص ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،تونس،
ص.374 .
1
-Ali Bencheneb, le droit Algérien des contrats « Données Fondamental »es, Edition Ajed, 2011, p. 336.
2
- A. Weill , François Terré, Droit Civil, Les Obligations, Précis Dalloz, 2 eme Edition, Dalloz, 1975, P : 482.
3
- LA Lois N : 03-85 DU Mars 2003. Voir Aussi : la lois N : 2021-12 règlementant les conventions minière et
Approuvent la convention minière type, 15 juin 2012.
وكان قانون 07-05المؤرخ في 28أبريل سنة 2005والمتعلق بالمحروقات ينص على تعريف دقيق للقوة القاهرة في المادة 05منه
إال أن هذا القانون ألغى وحل محله قانون رقم 13-9الموافق 11ديسمبر سنة 2019ينظم نشاطات المحروقات -العدد .-79
4
- Ali Bencheneb, op.cit., p. 335.
5
- L’Article 31 de la Convention Type Mentionnée « les faits de guerre ou conditions imputables a la guerre,
déclarée ou nom, insurrection, troubles civils, blocus, embargos, acte de terrorisme, épidémies, acte e la nature,
tremblement de terre, inondations et autres intempéries extrêmes, explosions, incendies et foudre ».
6
- F. Chabas, Force Majeur, Répertoire Civ. Dalloz, Février 1997, P : 02.
المتمثل في الوباء قد خرج عن المراقبة أمام متعاقد بسيط .ومن ثمة فشرط الخارجية الواجب توافره في إطار
جائحة كورنا متقارب مع شرط الخارجية بمفهومه التقليدي وهو خروجه عن سلطة المدين «Le Pouvoir
الصحية هو أوسع نطاقا من الخارجية قياسا
ّ » .)1( du débiteurبينما عنصر الخارجية في مجال األزمة
أن األول يتعلق بإرادة المدين ،ونص المادة 176من القانون
على ما هو سائد في فقه القانون المدني حيث ّ
المدني كان واضحا بشأن شرط الخارجية » «L’extérioritéفي عالقته بالمدين بينما الثاني يكمن في
رجية ( .)2ويبدو
الطبيعة الموضوعية ،وهذا ما يعرف لدى الفقه بالتصور الذاتي والموضوعي لعنصر الخا ّ
عنصر خارجية الحدث هو في الحقيقة مسألة واقعية تستوجب على القاضي سلوك نوع من المرونة في
تقديره (.)3
-2حدث غير متوقع أثناء إبرام العقد:
القوة القاهرة حادث غير ممكن التوّقع ومستحيل الدفع يحول دون تنفيذه االلتزام ( ،)4والتوقع وعدم التوقع
نسبية تختلف من شخص إلى أخر ،ترتبط في عالقتها بالظروف المتزامنة في تنفيذ أثناء إبرام العقد مسألة ّ
العقد أو ما يصطلح على تسميته بــ" معيار عدم التوقع المطلق " ( )5بحيث يعفى المدين من التزاماته إذا لم
يكن في استطاعته عند إبرام العقد أن يتوقع الحدث وآثاره على تنفيذ العقد بشكل معقول
».«Raisonnablement
بشأن األزمة الصحية هذا الشرط يمكن اعتباره متوف ار إذا ابرم العقد قبل نهاية جائحة كورونا ،ثمة
مؤشرات عديدة تؤكد على تكييف هذه الجائحة باعتبارها حدث غير متوقع ،يتعلق األمر بمرض جديد
مجهول لدى اإلنسان ،فضال عن انتشاره بحجم رهيب على المستوى العالمي بصورة غير متوقعة على وجه
اإلطالق.
وتساءل البعض عن إمكانية التفكير في فرضية تفاقم الخطر بسبب إجراءات الضبط اإلداري ،أو
إمكانية فسخ العقد بطريقة مسبقة أو إعادة التفاوض ،والحالة هذه يمكن تطبيق شرط القوة القاهرة بمعايير
ومكيفة » « Souple et Adaptéeمع استبعاد شرط عدم التوقع – بمعنى استبعاد المفهوم التقليدي
ّ مرنة
1
-Voir : Ali Bencheneb, Op.cit., P: 339.
« …il S’agit de savoir si le débiteur était ou n’était pas en situations de Maitriser L’événement ».
2
-Voir : Ali Bencheneb, Op.cit., P: 339.
« …il S’agit de savoir si le débiteur était ou n’était pas en situations de Maitriser L’événement ».
3
- Ibid, P : 339.
4
- Ali Bencheneb, Op.cit, PP: 336 et 337.
أنظر أيضا :ألفة المنصوري ،الرسالة السابقة ،ص.09 .
-5ولقد تبنت إتفاقية فيينا األمم المتحدة للبيع الدولي للبضائع سنة 1980على ضوء المادة 1/79بأنه " :ال يسأل المتعاقد عن عدم
تنفيذ أي من إلتزاماته إذا حيث أن عدم التنفيذ يرجع إلى حدث مستقل عن إرادته وأنه ليس من المعقول أن نطلب منه أن يأخذه في
إعتباره وقت إبرام العقد ".
للقوة القاهرة -واللجوء إلى تضمين شرط إعادة التفاوض( « Clause de Renégociation » )1أو "شرط حسب
ّ
المقاس" » « Clause sur mesureيرتبط بموضوع العقد وسياقه ،ومن ثمة وجوب تبني خصوصية معينة
الصحية ألن صياغة تعريف لمفهوم معين يمكن أن يؤدي أحيانا
ّ بشأن شرط عدم التوقع تتماشى مع األزمة
إلى " تجميد مفاهيم متطورة قد يفضي إلى تشويهها"(.)2
-3حدث ال يمكن دفعه بإجراءات مالئمة:
المبدأ هو أن االلتزام التعاقدي يجب أن ينفذ ،إال إذا كان عدم التنفيذ يرجع إلى حادث ال يمكن للمدين
()3
القوة الملزمة للعقد (المادة 106من ق.م) مما
دفعه أو التغلب عليه وأساس هذا الشرط يكمن في مبدأ ّ
يوحي بوجوب تقدير هذا الشرط بطريقة صارمة من القضاء بسبب ارتباط شرط عدم الدفع بمانع مطلق (،)4
لكي يؤدي إلى استحالة التنفيذ (المادة 176من ق.م) يكون هذا األخير مرادفا لشرط " عدم إمكانية الدفع
()5
القوة القاهرة يمكن أن تتضمن عنصر استحالة
إن ّ" وفي هذا المعنى اعتبرت محكمة النقض الفرنسية ّ .
للقوة القاهرة.
الدفع فقط على أساس أن االستحالة هي السمة المميزة والحاسمة والدائمة ّ
وإذا كان المرض الذي أصاب المدين فإن الشرط يكون قد تحقق ُ
ويبرر عدم تنفيذه اللتزامه ،وفي إطار
جائحة كورونا تكون الق اررات الصادرة من السلطة اإلدارية من شأنها أن تعيق التنفيذ (عن طريق القرار أو
المرسوم أو إلغاء تنظيم التظاهرات ،أو المنع من السفر لبعض البلدان أو إجراءات الحجر اإللزامي
لألشخاص والبضائع...إلخ) وفي وضعيات أخرى يجب دراستها حالة بحالة على حسب السياق
متوقعا فعلى سبيل المثال
ً » « Contexteورد فعل المدين في مواجهة الحدث السيما عندما يغدو التنفيذ
إلغاء التظاهرات يمكن تجنب نتائجها باتخاذ إجراءات مالئمة عن طريق تمكين فرص أخرى بمبادرة من
السلطة اإلدارية ،وكذلك الشأن بالنسبة للبضائع التي تعذر على المدين إنتاجها أو تسليمها للدائن ،هل يمكن
حلول منتج آخر محله أي محل المدين إذا كانت هناك إمكانية مادية تساعده على ذلك ؟
تفهما بتبني التقدير النسبي بشأن " شرط عدم الدفع "
يبدو أن القاضي في هذه الحالة يجب أن يبدي ً
كما فعل ذلك في شرط عدم التوقع وشرط االستحالة على خالف ما هو عليه الحال بالنسبة لشرط عدم
الدفع بمفهومه التقليدي المتميز بالصفة المطلقة (.)6
1
-Voir : Brigitte-Fallon et Anne-Marie Simon, Droit des affaires, 20 éditions, Sirey, 2017. P. 343. Vois aussi:
Brigiette-Fallon et Anne-Marie Simon, Droit civil, 9 éditions, Sirey, 2007, p. 240, 241 et 252.
-2أنظر :ألفة المنصوري ،الرسالة السابقة ،ص.05 .
3
- Ali Bencheneb, Op.cit, P: 337.
4
-Voir : Ali Bencheneb, Op.cit, P: 462.
5
- Com, 1 : 6 Novembre 2002, Bull, CIV 1, N : 259.
-6لمزيد من التفصيل :أنظر :علي علي سليمان ،نظرات قانونية مختلفة ،السبب األجنبي في القضاء الفرنسي وفي القانون الجزائري،
ديوان المطبوعات الجامعية ،ص 99 :وما بعدها.
-4استحالة التنفيذ:
القوة القاهرة ويجعل التنفيذ مستحيالً بشأن الحدث الناتج عن الظرف الطارئ
يميز ّ
هذا الشرط هو الذي ّ
والذي يؤدي به إلى أن يكون االلتزام أكثر صعوبة وإرهاقا للمدين.
القوة القاهرة في الجانب المالي » «Financièreال وجود له بالنسبة للمدين بدفع
ولهذا السبب نالحظ ّ
مبلغ مالي وهذا ما صرحت به محكمة النقض الفرنسية (" )1إن المدين بالتزام تعاقدي بمبلغ مالي ال يمكن
القوة القاهرة ".
إعفاؤه من هذا االلتزام بحجة حالة ّ
أن يكون عائقا من تسديد مبلغ مالي مع تعليق ()2
في الفرضية المتعلقة بجائحة كورونا يمكن للمرض
ويمكن المدين من إعفائه من الشرط الجزائي او غرامة التأخير .إذا كانت آثار
دفعه »ّ «effet Suspensif
جائحة كورونا تجعل تنفيذ االلتزام أصعب ماليا أو ماديا في هذه الحالة ال تندرج ضمن القوة القاهرة ويجب
" وجوب أن تكون ()3
الرجوع إلى "الشروط التعاقدية" المدرجة في العقد وفي هذا السياق يرى البعض
فعلية " لكون الصعوبات العادية أو البسيطة ال تحول دون تنفيذ التزام المدين " ،ومن ثمة يمكن
االستحالة " ّ
جهدا كبيرا.
تحديد االستحالة حسب " الحاالت الواقعية " وتختلف االستحالة عن الصعوبة لكونها تستوجب ً
()4
للقوة القاهرة فهو
وفي هذا المعنى يطالعنا رأي في الفقه يدعو إلى التأكيد على " الدور الوظيفي " ّ
معذور " اتجاه
ًا متغير حسب الحدث ونظام المسؤولية ويستوجب حكما على سلوك المدين فيما إذا كان "
القوة القاهرة (.)5
االستحالة الناجمة عن ّ
متطور السيما "الدور الخالّق" الذي يؤديه القضاء لدى
ًا مفهوما
ً إن مفهوم االستحالة يجب أن يكون
مستجدة أفرزتها جائحة كورونا المستجد.
ّ تطبيقه للقانون على حاالت
القوة القاهرة التي تجعل تنفيذ االلتزام مستحيالً بحيث أن
وعلى العكس من ذلك يمكن أن يتحقق شرط ّ
الصحي ،أو حدوث اضطراب على مستوى ّ المدين نفسه يصاب بجائحة كورونا أو يتأثر بإجراءات الحجر
اإلنتاج ،تجعل تنفيذ المدين اللتزامه مستحيالً السيما إذا كان هذا األخير التزم اتجاه زبائنه بتسليم البضاعة
أو السلع المتفق عليها في العقد ألنه يستحيل على المدين أن بعض من التنفيذ لمجرد صدور قرار إداري
من السلطة العمومية بمنع التنقل من منطقة ألخرى ...إلخ.
1
-Con. 16 Sept 2014, N : 13-20, 306, Bull. Civ ; IV
2
-Voir : « le rejet de la qualification de force majeure pour une maladies cardiaque invoquée par un débiteur
pour justifier le fait qu’il ne s’était pas présenté pur réitérer une vents immobilière devant Notaire ».
Voir : Con. Civ 3 eme, 19 septembre 2019, N: 18-18.921, AJDI, 2019. 819.
أنظر أيضا :ألفة المنصوري ،الرسالة السابقة ،ص .236
3
- P. Jourdain ,Recherche sur L’imputabilité en Matière de responsabilité civil et Pénal », Th. Paris II, 182,
P : 562.
4
-PH Antommatei, La Force Majeure, Jurisclasseur périodique, « La Semaine juridique », J.C.P, 1996, Ed. G
3907, n : 07.
أنظر أيضا :ألفة المنصوري ،الرسالة السابقة ،ص.240 .
5
-Voir : Le Doyen J. Carbonnier, Op.cit., P : 397.
« Il s’agit toujours d’une formule un peu Vague, D’un cadre Vide Beaucoup plus que d’une définition précise ».
حيز
-المرسوم التنفيذي رقم 69-20المؤرخ في 21مارس 2020المتعلق بتدابير الوقاية من إنتشار وباء كورونا ومكافحته .ودخل ّ
1
والتي تخلق استحالة أن هذه التدابير يمكن تسميتها في فقه القانون المدني بـ" :فعل آمير"
()1
ويبدو ّ
قانونية على مستوى تنفيذ العقد وهي نفس اآلثار التي ترتبها حالة ّ
القوة القاهرة .ألن الجائحة رغم خطرها
ليست قوة قاهرة في حد ذاتها ،بل فيما نجم عن التدابير اإلدارية المتخذة بسببها.
القوة القاهرة بين عقود األعمال وعقد التجاري الدولي:
خصوصية ّ
ّ -6
تنص المادة ( 95مرسوم رئاسي " )2( )247-15يجب أن تشير كل صفقة عمومية إلى التشريع
والتنظيم المعمول بهما في هذا المرسوم ويجب أن تتضمن على الخصوص البيانات اإللزامية والتكميلية
القوة القاهرة ".
ومن ضمنها كيفيات تطبيق حاالت ّ
أن " :زيادة على الفسخ من جانب واحد المذكور في
كما تنص المادة 151من نفس المرسوم على ّ
المادة 149و 150أعاله يمكن القيام بالفسخ التعاقدي للصفقة العمومية ،عندما يكون ًا
مبرر بظروف خارجة
عن إرادة المتعامل المتعاقد ."...
يبدو على ضوء هذين النصين أن المشرع اشترط تضمين في عقد الصفقات العمومية " كيفيات تطبيق
القوة القاهرة " (المادة ،)95والفسخ التعاقدي (المادة ،)151وهنا يطرح تساؤل مفاده كيف تتعامل
حاالت ّ
السلطة العمومية بشأن تنفيذ الصفقات العمومية مع وضعية جائحة كورونا؟
القوة القاهرة بحيث أنه ليس
اسعا في آليات كيفية تطبيق حاالت ّ
أن المادة 95تركت المجال و ً
يبدو ّ
بالضرورة أن يؤدي إلى انقضاء الصفقة العمومية ،وفي هذا المعنى اعتبرت السلطة اإلدارية في فرنسا
()3
السيما في مادة " الصفقات العمومية التي أبرمتها الدولة القوة القاهرة
جائحة كورونا حالة من حاالت ّ
حيث أصدرت تعليمات في هذا الشأن تتضمن إعفاء " المتعامل المتعاقد " من غرامة التأخير «Retard
» de Pénalitéفي حالة التأخر في تسليم إنجاز األشغال أو المشروعات.
وضعية استحالة التنفيذ،
ّ ويمكن تصور فرضية أخرى ّ
أن جائحة كورونا قد تجعل المتعامل المتعاقد في
في هذه الحالة يتم تطبيق المادة 151المذكورة أعاله.
في المادة (135من قانون )13-19إلى وجوب " ()4
كما أشار المشرع في مجال عقود المحروقات
القوة القاهرة ".
ضمان االمتياز استم اررية خدمة النقل بواسطة األنابيب ماعدا في حالة ّ
والهدف من إيراد " حالة الوباء " وغيرها من الحاالت األخرى التي ذكرتها االتفاقية النموذجية في المادة
31منه حتى تكون العقود المنجمية المبرمة مع المستثمرين أكثر حماية وأمنا وهذا ما يصطلح على تسميته
بـ " األمن التعاقدي " أو " األمن القانوني ".
الصحية الناجمة عن جائحة كورونا من ضمن قوانين الشرطة واألمن
ّ كما طرحت إمكانية اعتبار األزمة
» «Les lois de police et de suretéوفي هذا المعنى تنص المادة 5من القانون المدني الجزائري ":يخضع
كل سكان القطر الجزائري لقوانين الشرطة واألمن ".
إن منهج قوانين الشرطة واألمن هي آلية تدخل " النظام العام " في المجال الدولي ويطلق عليه أيضا
ّ
قوانين ذات التطبيق المباشر أو القانون الواجب التطبيق الضروري .
()2 ()1
باعتبار أن "قوانين الشرطة واألمن" يخضع للقانون الوطني وال يمكن إلرادة األطراف استبعاد مضمونها،
مستبعدا منهجية تنازع القوانين ».)3( «La Méthode des Conflits de lois
ً حيث تطبق القواعد مباشرة
تغيير "قوانين الشرطة واألمن" "قانونا هيكليا" تتضمن جميع القوانين من أجل المحافظة على التنظيم السياسي
إن الهدف الذي يتوخاه إليه أطراف العقد هو تكييف مفهوم القوة القاهرة بـ " قانون عبر وطني ّ
للقوة ّ
القاهرة "( )6تأسيسا على قاعدة معروفة في تطبيق األعراف الدولية " Lex Mercatoriaوإمكانية عدم ربط
العقد لقانون دولة معينة تتبنى أعراف التجارة الدولية وقواعد اإلنصاف والمبادئ العامة (.)7
1
-Les Lois D’Application immédiate.
2
-Les Lois D’Application Nécessaire.
Voir : Jean Batiste Racine, Droit du Commerce International, 2 eme Ed, Dalloz 2011, P : 123.
3
-Voir ; Ibid., P : 123 « L’article 9 du règlement Rome (1) dans les contrats internationaux les lois de police sont
ne limité a la liberté de choisir le droit application …une loi de police s’applique, sens être désignée par une règle
de conflit…’.
4
-Voir : Ordonnance N : 2020-427 du Avril 2020 portent divers dispositions en matière de délais pour faire face
a l’épidémie de Covid 19- Site Légifrance-
5
- Rapport du président de la république a Ordonnance N : 2020-427 du Avril 2020 portent divers dispositions
en matière de délais pour faire face a l’épidémie de Covid 19- Site Légifrance-
6
» » - « Un droit transnational de l Force Majeur
7
-Voir : Jean Batiste Racine, Op.cit., P : 185.
« ….La Tendance existe -t- elle a concevoir le conditions de la force Majeur de la manière moins Stricte que dans
» les droits nationaux
1
- Ali Bencheneb, Op.cit, P : 339.
-2يمكن اإلستناد على نص المادة 1/107من قانون المدني الجزائري بضرورة تنفيذ بحسن النية.
-1أنظر :بلعور عبد الكريم ،نظرية الفسخ في القانون المدني الجزائري ،المؤسسة الوطنية للكتاب ،2001 ،ص 343 :وما بعدها.
2
-Ali Bencheneb, Op.cit, P : .340
3
- P. Jaurdain, Thèse Précité, P : 562.
-4يرى األستاذ زهدى يكن " :أن من ضمن المعايير في تقدير إستحالة التنفيذ هي المقاومة التي يبديه الرجل العادي واليمكن أن يتغلب
عليها (شرح قانون الموجبات والعقد) الجزء الخامس ،الطبعة السادسة ،منشورات المكتبة العصرية ،بيروت.
-5راجع القانون رقم 06-99المؤرخ في 4أفريل سنة 1999يحدد القواعد التي تحكم نشاط وكالة والسياحة واألسفار .والمالحظ أنه
في إطار المادة 14منه نص على وجوب تضمين في عقد السياحة واألسفار بنود تتعلق بـ :مراجعة األسعار المحتملة ...وفسخ العقد.
أما في المادة 17فنصت على أن مراجعة السعر يتوقف على وجود بند وارد في العقد.
-6راجع :محمد محفوظ ،دروس في العقد ،مركز النفس الجامعي ،2004 ،ص.65 :
Voir Aussi : Christophe Lâchiez, Droit des Contrats, 3 eme Edition, elliyses 2012, P : 198.
من الممكن ان توجد المساواة عند إبرام العقد ولكنها تختفي في مرحلة تنفيذه عندما تحدث تغيرات
اقتصادية ،وهذا ما حدث عند تفشي جائحة كورونا حيث أصبح تنفيذ المدين اللتزامه أكثر إرهاقا وصعوبة.
وتعد نظرية الظروف الطارئة إستثناءا عن مبدأ القوة الملزمة للعقد (المادة 106من القانون المدني)
ومن أجل تبرير هذا االستثناء استوجب المشرع شروطا تتعلق بـ" :الحادث" l’événementومدى تأثيره على
االلتزامات العقدية ،بشأن الطابع االستثنائي للحادث فهو شرط ليس له أهمية أكثر من أنه ُيحيل إلى شرط
عدم التوقع الحادث ويشير على القاضي بوجوب الصرامة في تقدير هذا الشرط ( .)1أما شرط العمومية فهو
شرط مت وافر بشأن األزمة الصحية وهذا ما ذهبت إليه منظمة الصحة العالمية كما سبق بيانه على أنها "
جائحة وبائية عالمية ".
ولعله من المستوجب القول إن فلسفة العقد تقوم على مبادئ هي بـ ":الحرية " والتوقع و "االستقرار"(.)2
ألن هناك تغيرات غير متوقعة للظروف فهذا الشرط الجوهري من شأنه أن يحقق للعقد الفعالية والواقعية.
و ّ
وقد تؤدي عدم توقعية الحادث الطارئ إلى أن يصبح االلتزام أكثر صعوبة وإرهاقا للمدين (أوال) ويكون
من الضروري استدعاء مبدأ اإلنصاف إلنقاذ ذلك التنفيذ غير المنصف الذي وقع بسبب جائحة كورونا من
أجل رد االلتزام المرهق إلى الحد المعقول (ثانيا).
أوال :ضمان مستقبل االلتزام بين عدم التوقع والتنفيذ المرهق
يقوم تعديل العقد عند تغير الظروف على فكرة " البعد االقتصادي في قانون العقود "كون ّ
أن مناط
نظرية الظروف الطارئة يستند على "ديمومة االلتزام"( ،)1كما تؤسس على المصلحة المشتركة للمتعاقدين
على مواجهة الصعوبات التي تحيط بالعقد عند تنفيذه(.)2
-1-1تغير الظروف غير المتوقعة:
إن شرط عدم التوقع أثناء تكوين العقد في نظرية الظروف الطارئة هو نفسه في القوة القاهرة ( )3وبشأن
ّ
التغيرات في الظروف التي قد تكون سياسة واقتصادية وحتى قانونية ،وكل اآلثار المتعلقة بجائحة كورونا
تعتبر أحداثا طارئة وظروف غير متوقعة ّأدت إلى تغيير الظروف االقتصادية وحدوث االختالل الفادح
والمرهق للتوازن العقدي.
إن إبراز طبيعة الحادث غير المتوقع يجب أن يكون عند إبرام العقد ،ويعتبر " عدم التوقع الصفة ّ
مميزة للحياة االقتصادية وهو األمر المفيد في تحديده ،رغم أنه من غير الممكن تكييفه كماال يكفي تأسيسه
ال ّ
" (.)4
-3أنظر :لحلو خيار غنيمة نظرية العقد ،بيت األفكار ،طبعة ،2018ص.172 :
-4أنظر :زمام جمعة ،العدالة العقدية في القانون الجزائري ،أطروحة دكتوراه في القانون الخاص ،طلية الحقوق ،جامعة الجزائر،2014 ،
ص.393 :
وتندرج جائحة كورونا ضمن تغيرات مفاجئة وغير مألوفة من شأنها أن يؤدي إلى تنفيذ االلتزام المرهق
المضر بمصالحه المشروعة (المادة 3/107من القانون المدني) .وال يمكن إسناد " عدم التوقع
للمدين و ُ
إلى بعض الحوادث المعدودة بشكل محدود ،ألنه ال يوجد أي شيء في العالم غير متوقع بشكل مطلق "
(.)1
ويبدو أن المتضرر من جائحة كورونا يمكن أن يحتج بالحادث غير المتوقع حتى ولو لم ينص عليها
بحكم كون العقد عند إبرامه يجب أن يأخذ ()2
في العقد فهي ليست كسائر الشروط األخرى الواردة في العقد
بعين االعتبار الظروف االقتصادية والتطورات غير المتوقعة (.)3
-1الرسالة نفسها ،ص ص 394-393 :ويرى األستاذ الفياللي في هذا المعنى " :وجوب إعتماد معيار موضوعي يكون أكثر انسجاماً
مع نظرية الظروف الطارئة ،فتحديد درجة مهم توقع الحادث في ضوء الظروف المحيطة بالعملية يجب أن يكون بالنظر للرجل العادي
وليس من وجهة نظر المتعاقدين الشخصية " .أنظر :كتابه " ،اإللتزامات " ،ص..375 :
2
-Ali, Bencheneb, Op.cit, P :248 et 249.
3
-Voir :Christophe Lachiéze, Op.cit, P. 181.
» « le Contrat est élaboré en considération des circonstances économiques du moment et des évolutions prévisible
4
-Voir l’ordonnance n° 2016-131 portant réforme du droit des contrats, du régime générale et de la preuve des
obligations, voir sur le thèse : Eva Fischer – Achourd, La vigneur de la consécration de la théorie de l’imprévision
en droit Allemand et en droit privé Français, Revue internationale de droit comparé, n° 03 – 2019, p. 624.
5
- « Il Faut préciser que, même en l’Absence de clause l’excluant, l’Article 1195 n’est pas Applicable en matière
» d’obligations résultant d’Operations sur les titres et les contrats financières
-6أنظر :لحلو خيار غنيمة ،المرجع السابق ،ص.174 :
-7أنظر :زمام جمعة ،الرسالة السابقة ،ص.395 :
فإذا كانت جائحة كورونا باعتبارها حادثا غير متوقع لم يؤثر على تنفيذ العقد ولم يؤد إلى التنفيذ المرهق
فإن المتعاقد ال يستفيد من نظرية الظروف الطارئة بحكم كون هذا األخير يجب توافر شرط اإلرهاق
( )l’onérositéالذي يؤدي إلى خسارة فادحة تقع على عاتق المدين عند تنفيذ العقد.
ثانيا :الوظيفة التصحيحية للقاضي في رد االلتزام من المرهق إلى المعقول:
جاء في المبادئ التي نشرها المعهد األوروبي للقانون ( )ELI( )1بمناسبة تفشي جائحة كورونا وخاصة
المبدأ ( )10بعنوان "استم اررية العالقات القانونية عن بعد" على الدول والحكومات أن تحرص على عملية
أن هذا الظرف (أي الجائحة) ال يمنع من تنفيذ العقود وعالقات تعاقدية أخرى ولو كان التنفيذ
إبرام العقود و ّ
عن بعد " » ،«Exécution à distanceلذلك متى توافرت الشروط المطلوبة في الظرف الطارئ يستوجب
تدخل القاضي لرد االلتزام المرهق إلى المعقول.
وفي هذا المعنى يرى العميد " " :)2(" Carbonnierأن تعديل العقد غالبا ما يكون الضامن الوحيد
لتنفيذه( .)1وتبرر المراجعة القضائية في حالة تغير الظروف االقتصادية بسبب الجائحة على أساس مبدأ
حسن النية في تنفيذ العقد ( .)2كما يمكن تبرير المراجعة على أساس التضامن ( )3إال انه يمكن اللجوء
إلى الفسخ (.)4
-1المراجعة :استدعاء لواجب اإلنصاف لعقد غير متوازن:
يبدو أن نظرية الظروف الطارئة في البداية كانت مرتبطة بفكرة "بقاء األشياء على حالها" أو "بشرط
القوة القاهرة" ،حيث كان الجزاء المترتب عن ذلك حل الرابطة العقدية لتستقل بعدها عن باقي المفاهيم
األخرى حيث كان الجزاء إما بالفسخ أو المراجعة بعدها ارتبطت بمبدأ سلطان اإلرادة وترتبت عن ذلك
اعتبار الفسخ أكثر تعاقدية ( )Plus Contractuelleمن المراجعة .ليظهر اتجاه بذلك إلى اعتبارية "اإلرادية"
مساسا بنظرية الظروف الطارئة مما جعلها مرتبطة باقتصاد العقد وأضحت المراجعة هي الجزاء األكثر
فاعلية ومالئمة.
واشترطت المادة 3/107من القانون المدني على القاضي الممنوح له سلطة المراجعة من أجل رد
()3
أولهما " مراعاة القاضي للظروف المحيطة " وثانيهما على القاضي " مراعاة االلتزام إلى الحد المعقول
مصلحة الطرفين " يعتمد على فكرة توزيع األعباء الطارئة وثالثهما اعتماد القاضي مبدأ اإلنصاف كمعيار
لرد االلتزام إلى الحد المعقول.
يبدو أن متطلبات األزمة الصحية وانعكاساتها على قانون العقود يفرض تكريس مبدأ توزيع التبعات
» «Risquesعلى المتعاقدين على أساس مبدأ األنصاف وهو في نفس الوقت يستجيب التحليل االقتصادي
للقانون (.)4
1
- Voir les principes ELI pour la crise du covid-19, par l’European Law institute. (Voir le site ELI).
2
-Voir :J. Carbonnier, Op.cit, P : 69.
-3أنظر :لحلو خيار غنيمة ،المرجع السابق ،ص 175 :وما يليها .وأنظر أيضا :زمام جمعة ،الرسالة السابقة ،هي 397و ص.398 :
4
- Eva Fischer – Achoura, Article précitée, p. 632.
بحكم كون إجراءات الحجر الصحي تتطلب من القضاة ضرورة تبني آليات جديدة مرنة ّ
وفعالة تستجيب
لمتطلبات األزمة الصحية.
1
-Voir :J. Carbonnier, Op.cit, P : 61.
2
-Voir :Hervé Lecuyer, Le Contrat acte de prévision, Mélange a F. Terré, P : 643. Voir aussi les principes ELI
pour la crise du covid-19 par l’European Law Institute. (Voir le site ELI).
حيث يرى األستاذ " "Lecuyerأن " مبدأ حسن النية من النظائر المنافسة لنظرية الظروف الطارئة "
هذا االتجاه الجديد ينّم على وجوب ان يتسم قانون العقود بالطابع اإلنساني والواقعي ،لكون المدين ال
يلتزم إال في حدود ما ينتظره الدائن من المقابل ،هذا األخير يجب ان يكون توقعه معقوالً ()Raisonnable
وهذا ما يعرف في فقه القانون المدني بـ "التوقع المشروع للدائن" («L’attente légitime du Créancier». )1
- )4إمكانية الفسخ في إطار نظرية الظروف الطارئة:
من وجهة نظر " المصلحة االقتصادية" لبلد ما هل مقبولية لطلب الفسخ في إطار نظرية الظروف
الطارئة؟
يبدو أن أمن مناخ األعمال ،ومبدأ استقرار العقود يطرحان المراجعة القضائية لكونها تعتبر بمثابة منح
ألن المصلحة االقتصادية لبلد ما بصفة عامة ترتبط بتنفيذ
فرصة للتنفيذ يضفي العقود المرونة المطلوبة ّ
العقود أكثر من عدم تنفيذها (.)2
إن المعادلة بين المراجعة والفسخ هو في تنازع مستمر ال سيما في إطار تطبيق الظروف الطارئة على
العقود الجارية في ظل تفشي جائحة كورونا.
لكن ولو أن المادة 3/107من القانون المدني منحت للقاضي سلطة المراجعة دون إمكانية الفسخ
()3
ِّ
ورده إلى المعقولية وجب تطبيق القواعد العامة في
إذا امتنع المدين عن تنفيذ االلتزام المرهق رغم تعديله ّ
الفسخ.
يبدو أنه على المشرع والقضاء أن ينصب اهتمامهما على مستقبل االلتزام وتكريس "البعد االقتصادي
للعقد" وتجنيب العقود من الفسخ واالنحالل ( ،)4لذلك نرى أن الجزاء الوحيد المترتب عن نظرية الظروف
الطارئة هو المراجعة الدائمة والتعديل المتزامن معها.
خاتمة:
نخلص مما تقدم أن الوباء أو األزمة الصحية أو فيما يعرف بجائحة كورونا (كوفيد )19-نجمت عند
آثار سلبية عديدة في األثر البالع على الحياة التجارية واالقتصادية وانعكست تداعياتها على االقتصاد
العالمي ،حيث اعتبرت منظمة الصحة العالمية وباء كورونا أزمة صحية ذات تداعيات دولية خطيرة على
مستوى الحكومات والدول اتخذت الق اررات واإلجراءات والتدابير التي عرفت بإجراءات الضبط اإلداري وأهمها
إجراءات الحجر الصحي الذي أثر بشكل خاص على العقود الجارية ( )les contrats en coursوأثير في
هذا السياق مصير هذه العقود وااللتزامات المترتبة عنها أثناء تنفيذها ،وعالج القضاء والممارسات العقدية
( ) pratique contractuelleمسألتين هامتين :أولهما تتعلق بالقوة القاهرة وأثرها على تنفيذ العقد وتم عرض
معايير تكيف القوة القاهرة على ضوء جائحة كورونا ،وخلصنا أن ثمة مقاربتين األولى :اعتماد مقاربة مضيقة
1
-Voir :J. Carbonnier, Op.cit, P : 35.
2
- Voir Eva Fischer – Achoura, Article précitée, p. 628 : « … le juge a-t-il les compétences économique et
? techniques nécessaires pour réviser le contrat de façon équitable
-3أنظر :لحلو خيار غنيمة ،المرجع السابق ،ص.178 :
4
-Voir Eva Fischer – Achoura, Article précitée, p. 628 : « … la révision judiciaire est une immixtion bien plus
forte dans la relations des cocontractants, que la simple résolutions.
بشأن مدى توافر الشروط الواجب توافرها في القوة القاهرة مثل عنصر خارجية الحدث عن المدين وحدث
غير متوقع عند إبرام العقد وحدث ال يمكن دفعه والثانية :مقاربة موسعة تعتمد على خصوصية القوة القاهرة
في مجال العقود التجارية الدولية وتستند على مفهوم اتفاقي ،مرن ،واقعي يستجيب لمتطلبات التجارة الدولية.
كما تم معالجة آليات الضبط اإلداري وفيما إذا كانت هذه األخيرة يمكن أن تشكل "قوة قاهرة" بذاتها
لكونها تعتمد على "إدارة األزمة الصحية" وهي تعتبر من قبيل "فعل امير" ».«Fait de prince
أما من حيث النتائج المترتبة عن القوة القاهرة فقد تم عرضها تبعا لخصوصيات جائحة كورونا وأن
توافر عنصر استحالة التنفيذ ال تعني عدم التنفيذ ،بل تعني االستحالة المؤقتة التي ال تعفى المدين من
التزامه وإنما توحي إلى تعليق العقد ،وقد تكومن االستحالة الدائمة ،وفي هذه الحالة يتم فسخ العقد بقوة
القانون.
ثانيهما :تتعلق بمدى اعتبار جائحة كورونا ضمن نظرية الظروف الطارئة حيث أضحى التزام المدين
في ظل الجائحة أكثر إرهاقا وصعوبة بحكم كون العقد قائما على مبدأ التوقع ( ،)Prévisibleفإذا كانت
الجائحة حادثا غير متوقع » «Imprévisibleتحقق أهم شروط الظروف الطارئة فضال عن شرطي العمومية
واالستثنائية ويتعلق األمر كذلك بأثر "الحادث" على التزام المدين.
ومتى توفرت الشروط المطلوبة في الظروف الطارئة يتعين تدخل القاضي لمراجعة العقد ورد االلتزام
إلى المعقولية معتمدا في ذلك على مبادئ االنصاف ،وحسن النية والتضامن والمصلحة المشتركة للمتعاقدين
في مواجهة الصعوبات التي تحيط بأحدهما عند تنفيذ العقد ،بسبب جائحة كورونا ،ولذلك إذا تعلق األمر
بوجود "العقود الجارية" ( ،)les contrats existantsوالحقوق المكتسبة فسواء أتم اعتماد آلية القوة القاهرة او
آلية الظروف الطارئة فيجب أن تطبق بفعالية وأن تقدم حلول معقولة.
العــالم مــا بعــد كورونــا :أي قــانون وأي قض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاء يمكن أن يكون فيمــا بعــد جــائحــة كورونــا ألن آثــارهــا
انعكست على قانون العقود ألن عالم ما قبل كورونا يختلف عن عالم ما بعد كورونا!
أوال -المصادر:
-1القوانين:
-القانون 07-05المؤرخ في 28أبريل سنة 2005والمتعلق بالمحروقات إال أن هذا القانون ألغى وحل
محله قانون رقم 13-9الموافق 11ديسمبر سنة 2019ينظم نشاطات المحروقات -العدد .-79
-القانون رقم 13-19الموافق 11ديسمبر سنة 2019ينظم نشاطات المحروقات ،عدد ،الجريدة الرسمية
رقم .79
-القانون رقم 06-99المؤرخ في 4أفريل 1999يحدد القواعد التي تحكم نشاط وكالة السياحة واألسفار.
-2المراسيم:
-المرسوم الرئاسي رقم 247-15المؤرخ في 16سبتمبر سنة 2015يتضمن تنظيم الصفقات العمومية
وتفويضات المرفق العام رقم الجريدة الرسمية .50
-المرسوم التنفيذي رقم 69-20المؤرخ في 21مارس 2020المتعلق بتدابير الوقاية من إنتشار وباء
حيز التنفيذ إبتداء من يوم األحد 22مارس .2020
كورونا ومكافحته .ودخل ّ
ثانيا :المراجع:
-بلعور عبد الكريم ،نظرية الفسخ في القانون المدني الجزائري ،المؤسسة الوطنية للكتاب.2001 ،
-زهدى يكن " أن من ضمن المعايير في تقدير إستحالة التنفيذ هي المقاومة التي يبديه الرجل العادي
واليمكن أن يتغلب عليها (شرح قانون الموجبات والعقد) الجزء الخامس ،الطبعة السادسة ،منشورات
المكتبة العصرية ،بيروت.
-علي علي سليمان ،نظرات قانونية مختلفة ،السبب األجنبي في القضاء الفرنسي وفي القانون
الجزائري ،ديوان المطبوعات الجامعية.
الرسائل الجامعية:
-ألفة المنصوري ،اإلستحالة النظرية العامة للعقد ،أطروحة دكتوراه في القانون الخاص ،كلية الحقوق
والعلوم السياسية ،تونس.2009 ،
-زمام جمعة ،العدالة العقدية في القانون الجزائري ،أطروحة دكتوراه في القانون الخاص ،طلية الحقوق،
جامعة الجزائر.2014 ،
- Ali Bencheneb, le droit Algérien des contrats « Données Fondamental »es, Edition
Ajed, 2011.
- 433 -