You are on page 1of 23

‫نظرية الظروف الطارئة وتطبيقاتيا في العقود الدولية‬

‫نظرية الظروف الطارئة وتطبيقاتيا في العقود الدولية‬


The theory of contingent conditions and its applications in international
contracts

‫زواق نجاة‬
‫جامعة باجي مختار عنابة كلية الحقوق‬
zouaknadjette2@gmail.com
2021/03/01 4‫تاريخ نشر المقال‬.. 0302/30/02 :‫ تاريخ قبول المقال‬0302/30/03 :‫تاريخ إرسال المقال‬
:‫الممخص‬

‫ إذ ال يمكن تعديميا أو نقضيا وفقا لمبدأ العقد شريعة‬،‫األصل في العقود أنيا تتمتع بالقوة اإللزامية‬
‫ إال أنو توجد حاالت استثنائية يمكن الخروج فييا عن القاعدة العامة إذ يتم فييا تعديل العقد‬،‫المتعاقدين‬
‫ وىو ما يسمى بنظرية الظروف الطارئة التي تطبق‬،‫باإلرادة االتفاقية لألطراف متى استدعت الضرورة لذلك‬
.‫من أجل إعادة التوازن االقتصادي بين االلتزامات المتقابمة منيا في أحد مراحل تنفيذ العقد‬
‫يظير اليدف من ىذه الدراسة في إبراز أىمية نظرية الظروف الطارئة وابراز الفائدة العممية والعممية‬
.‫لتطبيقيا خاصة في العقود الدولية التي عادة ما تكون طويمة المدى في تنفيذىا‬

.‫ التوازن االقتصادي‬،‫ إعادة التفاوض‬،‫ القوة القاىرة‬،‫ العقود الدولية‬،‫ الظروف الطارئة‬:‫الكممات المفتاحية‬
Abstract:
The principle in contracts is that they have binding power, as they cannot be modified or revoked
according to the principle of the contract, the Shari'a of the contractors, but there are exceptional
cases in which it is possible to deviate from the general rule in which the contract is amended by
the agreement of the parties when necessary, and this is called the theory of contingencies. That
are applied in order to restore the economic balance between the corresponding obligations
thereof in one of the contract implementation stages .
The aim of this study appears to highlight the importance of the theory of contingencies and the
scientific and practical benefit of its application, especially in international contracts that are
long-term in their implementation. The aim of this study appears to highlight the importance of
the theory of contingencies and the scientific and practical benefit of its application, especially in
international contracts that are long-term in their implementation. The aim of this study appears
to highlight the importance of the theory of contingencies and the scientific and practical benefit
of its application, especially in international contracts that are long-term in their
implementation. .

‫المرسل المؤلف‬ 

7641
‫نظرية الظروف الطارئة وتطبيقاتيا في العقود الدولية‬

‫‪Keywords: Emergency conditions, International contracts, The majeure force, Renegotiate,‬‬


‫‪Economic balance.‬‬

‫المقدمة‪:‬‬
‫األصل في العقود أنيا تتمتع بالقوة اإللزامية‪ ،‬إذ ال يمكن تعديميا أو نقضيا وفقا لمبدأ العقد شريعة‬
‫المتعاقدين‪ ،‬إال أن المشرع وضع حاالت استثنائية يمكن الخروج فييا عن القاعدة العامة‪ ،‬حيث أجاز تعديل‬
‫العقد باتفاق طرفيو بإرادتيما المنفردة متى استدعت الضرورة لذلك‪ ،‬فمراجعة العقد بسبب حوادث استثنائية‬
‫طرأت عميو بعد إبرامو أو ما يسمى بالظروف الطارئة‪ ،‬سواء في العقود الوطنية أو العقود الدولية‪ ،‬جاء من‬
‫أجل إعادة التوازن االقتصادي بين االلتزامات المتقابمة لألطراف في مرحمة تنفيذ العقد‪.‬‬
‫تقوم ىذه النظرية التي تقوم عمى أساس العدالة‪ ،‬ىو رد االلتزام المرىق إلى الحد المعقول بإرادة‬
‫األطراف‪ ،‬أو بتعديل االلتزامات من خالل األحكام القضائية الصادرة من طرف القضاة‪.‬‬
‫لكن يمكن القول أنو تم ترك ىذه النظرية من قبل أطراف العقود الدولية وتم المجوء إلى ما يسمى‬
‫بشرط إعادة التفاوض وذلك من خالل النص عميو في شروطيم التعاقدية وفقا لما يتماشى مع طبيعة‬
‫وواقع ىذه العقود من أجل تدارك تمك الظروف‪.‬‬
‫يظير اليدف من ىذه الدراسة في إبراز أىمية نظرية الظروف الطارئة وابراز الفائدة العممية والعممية‬
‫لتطبيقيا خاصة في العقود الدولية التي عادة ما تكون طويمة المدى في تنفيذىا‪.‬‬
‫فما المقصود بنظرية الظروف الطارئة‪ ،‬وما وسائل االستفادة من ىاتو النظرية بما يفيد حماية األطراف‬
‫والحفاظ عمى استم اررية العالقات التعاقدية ال سيما منيا في العقود الدولية‬
‫نظ ار لطبيعة الدراسة ارتأينا اعتماد المنيج التحميمي الذي يقوم عمى أساس االنطالق من النصوص‬
‫القانونية والتشريعية ومحاولة تحميميا وتطبيقيا لموصول إلى النتائج المطموبة‪.‬‬
‫لمعالجة اإلشكالية المطروحة تناولنا الموضوع من خالل المبحثين التاليين‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مفيوم نظرية الظروف الطارئة‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تطبيقات نظرية الظروف الطارئة في العقود الدولية‬
‫المبحث األول‪ :‬مفيوم نظرية الظروف الطارئة‬
‫تستوجب نظرية الظروف الطارئة أن تكون ىناك عقودا استحال فييا تنفيذ العقد كما كان عميو في‬
‫الحالة األولى‪ ،‬إذ تتغير الظروف عند حمول أجل تنفيذ االلتزام بسبب حادث أو ظرف غير متوقع حدوثو‪،‬‬
‫فيصبح االلتزام صعبا عمى المدين إلى الحد الذي يجعمو ميددا بخسارة فادحة دون أن يبمغ درجة القوة القاىرة‬
‫التي تجعل تنفيذ االلتزام مستحيال‪ ،‬مما يستدعي رفع اإلرىاق عمى المدين‪.‬‬

‫‪7641‬‬
‫نظرية الظروف الطارئة وتطبيقاتيا في العقود الدولية‬

‫لذلك ومن أجل فيم نظرية الظروف الطارئة سنتطرق من خالل ىذا المبحث إلى تعريف نظرية‬
‫الظروف الطارئة في المطمب األول‪ ،‬وبعدىا شروط تطبيق النظرية ومجال تطبيقيا في المطمب الثاني ومن‬
‫ثم نتعدى إلى سمطة القاضي في تطبيق نظرية الظروف الطارئة في المطمب الثالث وذلك عمى كما يمي‪:‬‬

‫المطمب األول‪ :‬تعريف نظرية الظروف الطارئة‬


‫لقد ظيرت نظرية الظروف الطارئة في العصر الحديث نتيجة النتشار األفكار االشتراكية التي دفعت‬
‫المشرع إلى التدخل بالتنظيم في كثير من العقود حماية لممصمحة العامة أو الجانب الضعيف في العقد‪ ،‬كرد‬
‫‪1‬‬
‫فعل عمى مبدأ العقد شريعة المتعاقدين‪ ،‬الذي يعد من نتاج مبدأ سمطان اإلرادة‪.‬‬
‫فنظرية الظروف الطارئة ىي حالة عامة غير مألوفة لم يكن في الوسع توقعيا وال دفعيا‪ ،‬و تجعل‬
‫تنفيذ االلتزام مرىقا لممدين‪ ،‬لذا فإن التزامو بالرغم من حدوث الظرف الطارئ يؤدي إلى وقوع ضرر عميو‬
‫يستحق النظر في رفعو أو تخفيفو عمى األقل‪.2‬‬
‫أوال‪ :‬التعريف القانوني لنظرية الظروف الطارئة‬
‫عرف المشرع الجزائري نظرية الظروف الطارئة من خالل نص المادة ‪ 107‬من القانون المدني‬
‫الجزائري حيث نص عمى‪" :‬يجب تنفيذ العقد طبقا لما استعمل عميو و بحسن نية"‪ ،‬كما نص في الفقرة الثانية‬
‫عمى حدوثيا‬ ‫منو عمى "‪ ...‬غير أنو إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعيا و ترتب‬
‫أن تنفيذ االلتزام التعاقدي‪ ،‬وان لم يصبح مستحيال‪ ،‬صار مرىقا لممدين بحيث ييدده بخسارة فادحة‪ ،‬جاز‬
‫لمقاضي تبعا لمظروف وبعد مراعاة لمصمحة الطرفين أن يرد االلتزام المرىق إلى الحد المعقول‪ ،‬و يقع باطال‬
‫كل اتفاق عمى خالف ذلك"‪.3‬‬
‫من خالل المادة السابقة نالحظ أن المشرع عرف نظرية الظروف الطارئة بأنيا حوادث استثنائية عامة‬
‫إال‬ ‫غير متوقعة الحدوث أثناء إبرام العقد إذ تجعل تنفيذ االلتزام مرىقا لممدين بحيث تيدده بخسارة فادحة‪.‬‬
‫أن المشرع الجزائري لم ينص عمى أمثمة تطبيقية لمحوادث الطارئة كما فعمت بعض القوانين األوروبية‪ ،‬لكن‬
‫بعض الفقياء ذكروا أمثمة عن الحوادث الطارئة‪ ،‬منيا المخاطر الطبيعية التي يكون الظرف الطارئ فييا‬

‫‪1‬‬
‫عمار محسن كزار الزرفي‪ ،‬نظرية الظروف الطارئة و أثرىا عمى إعادة التوازن االقتصادي المختل في العقد‪ ،‬جميورية العراق‪ ،‬و ازرة‬
‫التعميم العالي و البحث العممي‪ ،‬جامعة الكوفة‪ ،‬كمية القانون‪ ،2015 ،‬ص‪.5‬‬
‫‪2‬‬
‫نفس المرجع‪ ،‬ص‪.4‬‬
‫‪3‬‬
‫أنظر المادة ‪ 107‬من األمر ‪75‬ـ‪ 58‬مؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر سنة ‪ 1975‬يتضمن القانون المدني‪ ،‬المعدل و المتمم‪.‬‬
‫‪7641‬‬
‫نظرية الظروف الطارئة وتطبيقاتيا في العقود الدولية‬

‫ناتجا عن اضطراب اقتصادي بسبب ظاىرة من الظواىر الطبيعية كالفيضانات والزالزل والجفاف وانتشار‬
‫األوبئة‪.4‬‬
‫كما ظيرت أنواع جديدة لمحوادث لم تكن موجودة من قبل‪ ،‬نتيجة التطور التكنولوجي كالتموث البيئي‬
‫‪5‬‬
‫وانتشار اإلشعاعات النووية والغازات السامة‪ ،‬وكميا ظروف طارئة تؤثر عمى تنفيذ االلتزامات التعاقدية‪.‬‬
‫مع ذلك فالمشرع الجزائري وضع بعض المعايير الموضوعية التي يستعين بيا القاضي في تحديد ما‬
‫إذا كان الحادث ظرفا استثنائيا يوجب تطبيق نظرية الظروف الطارئة أم ال‪ ،‬فمن خالل نص المادة ‪ 107‬ق‬
‫م ج التي تنص عمى كون الحادث استثنائي عام وغير متوقع فكل حادث توفرت فيو ىذه المواصفات ستطبق‬
‫عميو نظرية الظروف الطارئة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬التعريف االصطالحي لنظرية الظروف الطارئة‬
‫أو‬ ‫إن نظرية الظروف الطارئة تعالج حادث ال يد فيو ألي من المتعاقدين كحرب أو كارثة طبيعية‬
‫صدور قانون يجعل تنفيذ االلتزام مرىقا ألحد الطرفين‪ ،‬أي أنيا تعالج اختالل التوازن عند تنفيذ العقد‪ ،‬حيث‬
‫تكون الظروف االقتصادية قد تغيرت مما يؤدي إلى فقدان التوازن االقتصادي بين االلتزامات الناشئة عن‬
‫العقد في ذمة طرفيو‪ ،‬األمر الذي يسمح لمقاضي التدخل لتوزيع الخسارة عمى الطرفين ويرد االلتزام المرىق‬
‫‪6‬‬
‫إلى الحد المعقول‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬األساس القانوني لمنظرية‬
‫إن المبادئ المقررة في القانون ىي التي تضع األساس القانوني ليذه النظرية من أجل حل مثل ىذه‬
‫النزاعات‪ ،‬وىذا لمحاولة إزالة الظمم أو التعسف الذي قد يمحق أحد طرفي العقد‪ ،‬كما أنيا تتميز عن القوة‬
‫القاىرة في عدد من الشروط كما سنوضحو الحقا‪.‬‬
‫‪ -1‬المبادئ التي تقوم عمييا نظرية الظروف الطارئة‪:‬‬
‫تقوم نظرية الظروف الطارئة عمى مجموعة من المبادئ تتمثل فيما يمي‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫أحمد يوسف عبد الرحمن بحر‪ ،‬نظرية الظروف الطارئة و أثرىا عمى العقد اإلداري في فمسطين (دراسة مقارنة بالشريعة اإلسالمية)‪،‬‬
‫بحث مقدم لمحصول عمى درجة الماجستير في القانون العام‪ ،‬الجامعة اإلسالمية‪ ،‬غزة‪ ،2017 ،‬ص ‪.123‬‬
‫‪5‬‬
‫مصطفى الجمال و رمضان أبو السعود و نبيل إبراىيم سعد‪ ،‬مصادر و أحكام االلتزام‪ ،‬منشورات الحمبي الحقوقية‪ ،‬لبنان‪،2003،‬‬
‫ص‪.199‬‬
‫‪6‬‬
‫بمحاج العربي‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام في القانون المدني الجزائري‪ ،‬الجزء األول‪ :‬التصرف القانوني" العقد و اإلرادة المنفردة"‪ ،‬الطبعة‬
‫الخامسة‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،2004 ،‬ص‪251‬ـ‪.252‬‬
‫‪7611‬‬
‫نظرية الظروف الطارئة وتطبيقاتيا في العقود الدولية‬

‫أ‪ -‬مبدأ العدالة‪ :‬الذي يقوم أساسا عمى القيم األخالقية و اإلنسانية‪ ،‬وىو مبدأ مرن يعتبر كأساس لنظرية‬
‫الظروف الطارئة‪ ،‬ويسعى لتكريس العدالة بين األطراف من خالل تسوية االلتزامات التعاقدية وتحميل كالىما‬
‫‪7‬‬
‫تبعة الظرف االستثنائي الذي جعل من االستثناء مرىقا‪.‬‬

‫ب‪ -‬مبدأ اإلثراء بال سبب‪ :‬اعتمد مبدأ اإلثراء بال سبب كأساس لنظرية الظروف الطارئة تبعا لمقتضيات‬
‫العدالة التي تمنع أي طرف من أطراف العالقة التعاقدية من استغالل الطرف اآلخر‪.‬‬

‫ت‪ -‬مبدأ التعسف في استعمال الحق‪ :‬إن مفاد ىذا المبدأ ىو عدم تعسف الدائن في استعمال حقو‪،‬‬
‫وىذا عن طريق فرضو عمى المدين تنفيذ االلتزام حتى لو كان سيتكبد خسارة فادحة بسبب اإلرىاق الذي لحق‬
‫‪8‬‬
‫االلتزام العقدي األصمي‪.‬‬

‫ث‪ -‬نظرية الغبن الالحق‪ :‬تقوم ىذه الفكرة عمى عدم التوازن في التزامات المتعاقدين المتبادلة المتزامنة‬
‫مع إنشاء العقد‪ ،‬فالغبن يمحق المدين وقت إبرام العقد و نشوئو وليس بعد ذلك‪.‬‬
‫‪ -2‬تمييز نظرية الظروف الطارئة عن القوة القاىرة‪:‬‬
‫إن كل من نظرية الظروف الطارئة و القوة القاىرة تقومان عمى نفس الشروط‪ ،‬إذ يشترط في الحادث‬
‫أن يكون عاما وغير متوقع و ال يستطاع دفعو‪ ،‬إال أن نظرية الظروف الطارئة ىي نظرية قائمة بذاتيا مما‬
‫يستدعي وجوب االختالف والفصل بينيما‪.‬‬
‫كل من النظريتان ترتبان آثار مختمفة عن األخرى‪ ،‬فالقوة القاىرة تجعل تنفيذ االلتزام مستحيال‬
‫فينقضي بذلك التزام المدين‪ ،9‬أما فيما يخص نظرية الظروف الطارئة فإنيا تجعل االلتزام مرىقا فحسب وال‬
‫يترتب عمييا االستحالة‪ ، 10‬كما أن القاضي في القوة القاىرة يقضي بفسخ العقد الستحالة التنفيذ العقدي‪ ،‬بينما‬
‫في نظرية الظروف الطارئة فإنو يقضي بتعديل االلتزام المرىق ورده إلى الحد المعقول‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫محي الدين إبراىيم سميم‪ ،‬نظرية الظروف الطارئة بين القانون و الفقو اإلسالمي‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬مصر ‪،2007‬ص‪.75‬‬
‫‪8‬‬
‫ىدى عبد اهلل‪ ،‬دروس في القانون المدني "العقد"‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬منشورات الحمبي الحقوقية‪ ،‬لبنان ‪ ،2007‬ص‪.343‬‬
‫‪9‬‬
‫عمار محسن كزار الزرفي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.13‬‬
‫‪10‬‬
‫بولحية جميمة‪ ،‬نظرية الظروف الطارئة في القانون المدني(دراسة مقارنة)‪ ،‬مذكرة لنيل شيادة الماجستير‪ ،‬معيد الحقوق و العموم‬
‫اإلدارية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،1983 ،‬ص‪.6‬‬
‫‪7617‬‬
‫نظرية الظروف الطارئة وتطبيقاتيا في العقود الدولية‬

‫المطمب الثاني‪ :‬شروط تطبيق نظرية الظروف الطارئة و مجال تطبيقيا‬


‫حتى يتم تطبيق نظرية الظروف الطارئة ال بد من توفر مجموعة من الشروط‪ ،‬كما أن ىذه النظرية‬
‫تطبق وفقا لمجال محدد وواضح من العقود وذلك كما سيتم توضيحو في الفرعين األول والثاني عمى التوالي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬شروط تطبيق نظرية الظروف الطارئة‬
‫قد تتعمق تمك الشروط بالظرف الطارئ بحد ذاتو كما قد تتعمق بالمتعاقد كما سنوضحو فيما يمي‪:‬‬
‫‪ -1‬الشروط المتعمقة بالظرف الطارئ‪:‬‬

‫تتمثل فــي ثالثـة ظروف يجب توفرىا دون تخمف شرط عـن اآلخر نصت عمييـا المـادة ‪107‬من ق م‬
‫ج‪ ،‬تتمثل ىذه الشروط في‪:‬‬

‫أ‪ -‬أن يكون الظرف الطارئ استثنائيا‪ :‬يراد بالحادث االستثنائي أن يكون الحادث مما ال يتفق مع‬
‫‪11‬‬
‫السير الطبيعي العادي لألمور‪ ،‬أي يكون بعيدا عما ألفو الناس‪.‬‬

‫ب‪ -‬أن يكون الظرف الطارئ عاما‪ :‬يقصد بالحادث العام أن ال يكون خاصا بالمدين فقط كإفالسو أو‬
‫‪12‬‬
‫موتو أو مرضو‪ ،‬بل يجب أن يكون عاما شامال لطائفة من الناس‪.‬‬

‫ت‪ -‬أن يكون الظرف الطارئ فجائي (غير متوقع)‪ :‬يشترط لتطبيق نظرية الظروف الطارئة أال يكون‬
‫أي ال يمكن دفعو أو التحرز منو‪ ،14‬وتجدر‬ ‫‪13‬‬
‫في الوسع توقع الحادث االستثنائي العام عند إبرام العقد‬
‫اإلشارة إل ى أن العبرة في تحديد أن الحادث متوقعا أم غير متوقع يتم عن طريق معيار موضوعي ىو معيار‬
‫‪15‬‬
‫الشخص المعتاد المجرد‪.‬‬

‫ث‪ -‬تجدر اإلشارة إلى أن درجة توقع الظرف الطارئ بحالة التعاقد‪ ،‬تتأثر فيما إذا كان شخصا أو شركة‪،‬‬
‫فميما أوتي المقاول من قدرات وامكانيات فإن إمكانية توقعو لمظرف الطارئ تكون محدودة بخالف‬

‫‪11‬‬
‫عمار محسن كزار الزرفي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.8‬‬
‫‪12‬‬
‫عمار محسن كزار الزرفي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ 9‬مأخوذ عن عصمت مجيد بكر‪ ،‬مجموعة األعمال التحضيرية لمقانون المدني‬
‫المصري ‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫‪13‬‬
‫المرجع نفسو‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫محمود فيد مييدات‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.14‬‬
‫‪15‬‬
‫أنظر اسماعيل غانم‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام ـ مصادر االلتزام‪ ،‬القاىرة‪ ،1966 ،‬ص‪.316‬‬
‫‪7611‬‬
‫نظرية الظروف الطارئة وتطبيقاتيا في العقود الدولية‬

‫‪16‬‬
‫كما أنو ال يجوز إعمال أحكام‬ ‫الشركة وبما تممك من إمكانيات وخبرات في توقع الظرف الطارئ‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫نظرية الظروف الطارئة إذا كان تنفيذ االلتزام إلى ما بعد وقوع الظرف الطارئ راجعا إلى خطأ المدين‪.‬‬
‫أن‬ ‫‪ -2‬الشروط المتعمقة بالمتعاقد‪ :‬تعتبر الشروط المتعمقة بالمتعاقد شروطا الزمة ال يمكن لمنظرية‬
‫تطبق بدونيا وتتمثل في‪:‬‬
‫أ‪ -‬اإلرىاق‪ :‬اإلرىاق ىو الذي ينقل نظرية الظروف الطارئة من الميدان النظري إلى ميدان التطبيق‬
‫‪18‬‬
‫بحيث يؤدي إلى قمب اقتصاديات‬ ‫العممي‪ ،‬وىو أول ما ييتم القاضي بدراستو والتحقق من توفره‪،‬‬
‫العقد رأسا عمى عقب وال يعتبر ىذا الشرط محققا إال إذا كان الضرر الذي لحق بالمتعاقد ضر ار‬
‫معقول‪ ،19‬واذا لم يحصل شرط اإلرىاق فإن ىذا الحدث ال يعتبر ظرفا طارئا ألنو يجب أن ييدد‬
‫المستثمر بخسارة فادحة‪ ،‬وىذه الخسارة الفادحة ىي نوع من االضطراب في اقتصاديات العقد أي درجة‬
‫م عينة من االختالل تصيب التوازن االقتصادي لمعقد وبين مجرد التغيير البسيط أو الطفيف الذي قد‬
‫يط أر عمى اقتصاديات العقد دون أن يجعل التنفيذ مستحيال أو حتى مرىقا بالنسبة لممستثمر أو الدولة‬
‫المضيفة‪.20‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن المشرع الجزائري تجنب تحديد معنى اإلرىاق في نـص المادة ‪ 107‬ق م ج‬
‫وترك أمر تقديره إلى القضاء‪.‬‬
‫حيث أن المشرع لما ترك السمطة التقديرية في ذلك لمقاضي‪ ،‬فإنو بذلك جعل من النص القانوني ىو‬
‫المصدر غير المباشر لاللتزام الذي ينشئو القاضي عند تعديمو لمعقد‪ ،‬أما المصدر المباشر ليذا االلتزام‬
‫‪21‬‬
‫الجديد‪ ،‬فيو قرار القاضي‪.‬‬
‫ب‪ -‬عدم القدرة عمى الدفع‪ :‬يقصد بذلك عدم قدرة المدين عمى دفع ذلك الظرف أو تجنبو وذلك بسبب‬
‫خروجو عن إرادتو‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫عمار كزار الزرفي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫‪17‬‬
‫محمود فيد مييدات‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.15‬‬
‫‪18‬‬
‫عمار كزار الزرفي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪19‬‬
‫محمد أبو بكر المقصود‪ ،‬إعادة التوازن المالي لمعقد اإلداري في ظل األزمة المالية العالمية نظرية الظروف الطارئة‪ ،‬المؤتمر العالمي‬
‫السنوي الثالث عشر‪ ،‬الجوانب القانونية و االقتصادية لألزمة المالية العالمية‪ ،‬كمية الحقوق جامعة المنصورة‪ ،2009 ،‬ص‪.30‬‬
‫‪20‬‬
‫أسيل باقر جاس م‪ ،‬النظام القانوني لشرط إعادة التفاوض( دراسة في عقود التجارة الدولية)‪ ،‬بحث منشور في نقابة المحامين‪،‬‬
‫العدد‪9‬ـ‪ ،10‬أيمول و تشرين أول‪ ،2002 ،‬ص‪124‬و‪.125‬‬
‫‪21‬‬
‫أنظر نفس المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.14‬‬
‫‪7611‬‬
‫نظرية الظروف الطارئة وتطبيقاتيا في العقود الدولية‬

‫عدم اإلرادية‪ :‬أي أن يكون الظرف الطارئ خارج عن إرادة المدين وال يد لو في وقوعو‪ ،‬واال لما‬ ‫ت‪-‬‬
‫اعتبر الظرف طارئا‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مجال تطبيق نظرية الظروف الطارئة‬
‫لم تحدد المادة ‪107‬من الق م ج مجاالت تطبيق نظرية الظروف الطارئة‪ ،‬إال أن الفكرة التي تقوم‬
‫عمييا النظرية تفترض وجود عقد يستحيل تنفيذه عمى الحالة التي أبرم عمييا‪.‬‬
‫إن النطاق الطبيعي لنظرية الظروف الطارئة ىو العقود الطويمة المدى‪ ،‬وىذا راجع إلى أن التنفيذ في‬
‫مثل ىذه العقود يتراخى التنفيذ فييا‪ ،‬مما قد يؤدي إلى ظيور ظروف جديدة استثنائية ال يمكن دفعيا‪ ،‬ويمكن‬
‫‪22‬‬
‫تحديد ىذه العقود في‪:‬‬
‫ـ عقود المدة‪ :‬حيث يعتبر عنصر الزمن جوىريا فييا بحكم طبيعة األمور‪.‬‬
‫ـ العقود المستمرة ( لالنتفاع بالشيء ـ كعقد اإليجار)‬
‫ـ العقود الدورية ( كاتفاق الطرفين عمى إشباع حاجة متكررة لمدة زمنية معينة)‬
‫ىذه ىي العقود التي يمكن إعماليا عمى نظرية الظروف الطارئة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬اآلثار االقتصادية لنظرية الظروف الطارئة‬
‫ىناك مجموعة من اآلثار االقتصادية التي تترتب عمى نظرية الظروف الطارئة‪:‬‬
‫أ‪ -‬حفظ المال والمحافظة عميو‪:‬‬
‫يكون المال متداوال بين أيدي الناس جميعا أو متحركا بأي شكل‪ ،‬وبأي طريقة كاالستثمار‪ ،‬فمن‬
‫وسائل االستثمار المبادالت العقدية بين الناس المتمثمة بعقود المعاوضات‪ ،‬إذ يمكن أن يحدث خمل في تنفيذ‬
‫‪23‬‬
‫تمك العقود‪ ،‬يؤدي إلى إلحاق ضرر يرىق أحد طرفي العقد‪.‬‬

‫لكن حينما يرى المستثمرون أن ىناك نظرية تخفف عنيم عبء التزاماتيم في حال حدوث ظروف‬
‫تؤدي إلى إلحاق خسارة فادحة ال قبل ليم بيا إذا بقيت عقودىم عمى لزوميا‪ ،‬فإن ذلك سيدفعيم إلى تداول‬
‫أمواليم واستثمارىا في األسواق بال خوف‪ ،‬ألنو أصبح لدييم قناعة بأن النظرية ىي بمثابة ائتمان ليم أي‬
‫‪24‬‬
‫تحوط ليم من الخسارة الفادحة التي قد تمحق بيم‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫راجع في ذلك عبد الرزاق السنيوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬نظرية االلتزام بوجو عام‪ ،‬ج‪ ،1‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫مصر‪ ،2003 ،‬ص ‪.166‬‬
‫‪23‬‬
‫محمود فيد مييدات‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫‪24‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬
‫‪7616‬‬
‫نظرية الظروف الطارئة وتطبيقاتيا في العقود الدولية‬

‫المحافظة عمى البنى التحتية و مصالح الدولة العامة‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫تعتبر البنى التحتية المتمثمة في المرافق العامة كالطرق‪ ،‬الجسور‪ ،‬المستشفيات‪ ،‬المدارس‪ ،‬الجامعات‬
‫ونحوىا من أىم مقومات الدولة‪ ،‬لذا يجب المحافظة عمييا حتى تبقى تؤدي دورىا الخدماتي لألفراد‪ ،25‬فنجد‬
‫أنو عادة ما يتم النص في دفتر التعميمات الخاصة المتعمق بمشاريع الصفقات العمومية عمى مادة خاصة‬
‫بحالة القوة القاىرة والظروف الطارئة‪ ،‬طبقا لما جاء بو قانون الصفقات العمومية‪.26‬‬
‫حيث نجد المواد ضمن الصفقات العمومية تنص عمى أن القوة القاىرة" تطبيقا لممادة ‪ 27‬من دفتر‬
‫الشروط اإلدارية العامة الصادر بقرار وزاري مؤرخ في ‪ ":271964/11/21‬يقصد بحاالت القوة القاىرة في‬
‫تنفيذ الصفقة الحالية كل فعل أو حدث طارئ غير قابل لممقاومة أو التذليل و خارج عن إرادة الطرفين فإذا‬
‫تعذر عمى المتعامل المتعاقد تنفيذ كل أو بعض بنود الصفقة بسبب حالة من ىذه الحاالت فإنو يعفى من‬
‫التزاماتو شريطة أن يشعر كتابيا المصمحة المتعاقدة في غضون (‪ )10‬أيام من يوم وقوع الحادث"‪.‬‬
‫وعميو لو أبرمت ا لدولة عقدا مع مقاول عمى أشغال معينة وحدث ظرف طارئ في البالد أدى ذلك إلى‬
‫أضرار مرىقة لو لم يتم تعديل االلتزام‪ ،‬مما سيمحق خسائر كبيرة لممتعاقد الممتزم‪ ،‬وأض ار ار بالبنى التحتية‬
‫وبالتالي تعطيل الكثير من مصالح الدولة‪ ،‬من خالل تطبيق ىذه النظرية سيتقاسم عبء األض ارر الطرفان‪،‬‬
‫ويحقق اإلنصاف بقدر اإلمكان بين الطرفين‪ ،‬وبيذا تحافظ عمى مصمحة المقاولين األكفاء‪ ،‬وبالتالي نحافظ‬
‫‪28‬‬
‫عمى المصالح العامة من التعطيل‪.‬‬
‫المطمب الثالث‪ :‬سمطة القاضي في تطبيق نظرية الظروف الطارئة‬
‫من خالل المادة ‪ 107‬ف‪ 3‬ق م ج‪ ،‬نرى أن القاضي يتدخل لتعديل العقد و إزالة اإلرىاق عمى المدين‬
‫إلى الحد المعقول‪ ،‬إال أن سمطتو تبقى مقيدة بتحقيق الشروط واليدف الذي يبتغيو المشرع‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫نفس المرجع‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫أنظر نص المادة ‪ 95‬من المرسوم الرئاسي ‪15‬ـ‪ 247‬المؤرخ في ‪ 2‬ذي الحجة عام ‪ 1436‬الموافق ‪ 16‬سبتمبر سنة‪ ،2015‬المتضمن‬
‫تنظيم الصفقات العمومية و تفويضات المرفق العام‪.‬‬
‫‪27‬القرار الوزاري المؤرخ في ‪ 1964/11/21‬المتضمن المصادقة عمى دفتر الشروط اإلدارية العامة المطبقة عمى صفقات األشغال‬
‫الخاصة بو ازرة تجديد البناء و األشغال العمومية و النقل‪ ،‬ج ر عدد ‪ 6‬لسنة ‪ 1965‬المؤرخة في ‪ 19‬يناير ‪.1965‬‬
‫‪28‬‬
‫محمود فيد مييدات‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.24‬‬
‫‪7611‬‬
‫نظرية الظروف الطارئة وتطبيقاتيا في العقود الدولية‬

‫إن سمطة القاضي في رد االلتزام المرىق إلى الحد المعقول تشمل الحكم بوقف تنفيذ العقد مؤقتا لحين‬
‫زوال الظرف الطارئ أو زيادة االلتزام المقابل لاللت ازم المرىق‪ ،‬وقد يرى القاضي إنقاص االلتزام المرىق‬
‫‪29‬‬
‫نفسو‪.‬‬
‫كما أن ضرورة اإلبقاء عمى العقد لتحقيق األىداف التي أبرم من أجميا و ضرورة إقامة التوازن بين‬
‫التزامات المتعاقدين‪ ،‬يقتضي إعطاء القاضي سمطة تقديرية واسعة تمكنو من معالجة التوازن االقتصادي‬
‫‪30‬‬
‫المختل واعادة النظر في بعض شروط العقد ومنحو دما جديدا لتحقيق اليدف الذي أبرم من أجمو‪.‬‬
‫إذا توفرت الشروط التي نص عمييا القانون في نظرية الظروف الطارئة عمى العقد‪ ،‬فإنو يعمل عمى‬
‫إعادة التوازن االقتصادي المختل في العقد‪ ،‬وذلك إما عن طريق زيادة أو إنقاص االلتزامات المتقابمة‪ ،‬واما‬
‫عن طريق وقف تنفيذ العقد أو فسخو‪ ،‬فقد يرى القاضي وقف تنفيذ العقد حتى يزول الحادث الطارئ إذا كان‬
‫الحدث وقتيا من الممكن زوالو قريبا‪.31‬‬
‫أوال‪ :‬إعادة التوازن االقتصادي المختل‬
‫إذا اختل التوازن بين االلتزامات المتقابمة لممتعاقدين فيمكن إعادتو إما بإنقاص أو بزيادة االلتزام‬
‫المقابل لاللتزام المرىق‪.‬‬
‫‪ -1‬إنقاص االلتزام المرىق‪:‬‬
‫يجوز لمقاضي أن ينقص التزام المدين إلى المقدار الذي يراه كافيا لرد االلتزام‪ ،32‬فيمجأ القاضي إلى‬
‫أسموب اإلنقاص لرفع اإلرىاق و إعادة التوازن االقتصادي المختل‪ ،‬فقد يتمثل الظرف الطارئ الذي يرىق‬
‫المدين‪ ،‬في صورة زيادة السعر‪ ،‬زيادة تيدده بخسارة فادحة‪ ،‬وفي ىذه الحالة يكون الظرف الطارئ قد جاء في‬
‫‪33‬‬
‫مصمحة الدائن لاللتزام‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫أحمد يوسف عبد الرحمن بحر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.175‬‬
‫‪30‬‬
‫عمار كزار الزرفي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،13‬مأخوذ عن عصمت عبد المجيد بكر‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.67‬‬
‫‪31‬‬
‫أحمد يوسف عبد الرحمن بحر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.176‬‬
‫‪32‬‬
‫أنظر عبد الرزاق السنيوري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.647‬‬
‫‪33‬‬
‫عمار كزار الزرفي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.15‬‬
‫‪7614‬‬
‫نظرية الظروف الطارئة وتطبيقاتيا في العقود الدولية‬

‫‪ -2‬زيادة االلتزام المقابل لاللتزام المرىق‪:‬‬


‫في حالة ارتفاع سعر محل االلتزام‪ ،‬قد يمجأ القاضي إلى زيادة الثمن المحدد في العقد بحيث يتحمل‬
‫الدائن جزءا من الزيادة غير المتوقعة في سعر الشيء محل االلتزام‪ ،‬أما المدين فيتحمل الزيادة المألوفة‬
‫‪34‬‬
‫المتوقعة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬إعادة التوازن بوقف العقد أو فسخو‬
‫إذا اختل التوازن بين االلتزامات المتقابمة‪ ،‬فيمكن إعادتو عن طريق وقف تنفيذ العقد أو فسخو‪.‬‬
‫‪ -1‬وقف تنفيذ العقد‪:‬‬

‫قد يكون الظرف الطارئ وقتيا أي أنو يمكن أن يزول في مدة قصيرة من الزمن‪ ،‬ففي ىذه الحالة‬
‫لمقاضي أن يقضي بوقف تنفيذ العقد مؤقتا حتى يزول الحادث الطارئ‪ ،‬ويبقى المدين ممزما بالتنفيذ عند رجوع‬
‫الظروف إلى حالتيا الطبيعية‪ ،‬وال يعفى إال من التعويض المستحق عميو بسبب التأخر في التنفيذ‪.‬‬
‫‪ -2‬فسخ العقد‪:‬‬
‫إن القاعدة العامة في تطبيق نظرية الظروف الطارئة ال تجيز فسخ العقد‪ ،‬وانما تجيز فقط تعديل‬
‫في‬ ‫العقد إلى الحد المعقول الذي يعيد إليو توازنو و لكنو ال ينقضي‪ ،‬لكن قد تؤدي الظروف االستثنائية‬
‫بعض الحاالت إلى جعل تنفيذ العقد مستحيال وأن تعديمو أو وقفو مؤقتا ال يجدي نفعا‪ ،‬فيكون الحل المناسب‬
‫أو الوحيد أمام ذلك ىو فسخ العقد‪ ،‬فما ىو مصير العقد في ىذه الحالة‬
‫أجازت بعض القوانين الوضعية المجوء إلى فسخ العقد في حالة استحالة تنفيذه بسبب ظرف طارئ أدى‬
‫إلى إرىاق المدين إرىاقا يزيده ضر ار لو استمر في تنفيذ العقد‪ ،‬مثل القانون البولوني والقانون األلماني‬
‫والقانون اإليطالي‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تطبيقات نظرية الظروف الطارئة و القوة القاىرة في العقود الدولية‬
‫غالبا ما يدرج في العقود الدولية إدراج شرط إعادة التفاوض حول العقد‪ ،‬من أجل السير الحسن‬
‫لممفاوضات أو الحفاظ عمى مواصمة تنفيذ العقد عند مواجيتو لظروف طارئة أو قوة قاىرة‪ ،‬و تجنب ما قد‬
‫عمى‬ ‫يصطحب ذلك من مشاكل‪ ،‬و الغاية من ذلك ىو الحفاظ عمى التوازن االقتصادي لمعقد والذي يتكئ‬
‫االلتزامات المتقابمة لألطراف‪ ،‬فالعقود التي تنفذ خالل مدة طويمة تجعل من الممكن تصور حدوث ظروف‬
‫غير متوقعة تخل بيذا التوازن بصورة يصبح معيا تنفيذ التزامات أحد األطراف باىضا ومرىقا‪ ،‬وىنا يشكل‬

‫‪34‬‬
‫المرجع نفسو‪ ،‬ص‪ ،15‬عن عصمت عبد المجيد بكر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.78‬‬
‫‪7611‬‬
‫نظرية الظروف الطارئة وتطبيقاتيا في العقود الدولية‬

‫بند التفاوض طوق نجاة لمطرف المتضرر‪ ،‬فمن خاللو يمكن لألطراف التفاوض عمى التخفيف من االلتزامات‬
‫‪35‬‬
‫المرىقة أو الزيادة في االلتزامات المقابمة‪.‬‬
‫حيث أنو في التجارة الدولية‪ ،‬قد يقع انخفاض في حجم التجارة بسبب مضاعفات األزمة المالية‪ ،36‬التي‬
‫ســاىمت بشــكل طــارئ فــي أزمــات اقتصــادية أثــرت عمــى التجــارة الدوليــة والعقــود المبرمــة بــين األط ـراف‪ ،‬ممــا‬
‫أو قـوة‬ ‫يستدعي النص في تمك العقـود عمـى شـرط إعـادة التفـاوض عمـى العقـد فـي حالـة وقـوع ظـرف طـارئ‬
‫قاىرة عميو‪.‬‬
‫كما أن األمر في ذلك يعتمد عمى الخبراء و المفاوضين‪ ،‬فكمما كان إدراكيم القانوني جيدا‪ ،‬وقدرتيم‬
‫‪37‬‬
‫عمى المفاوضة والمناورة كبي ار كمما كانت المكاسب أقوى‪.‬‬
‫المطمب األول‪ :‬مفيوم شرط إعادة التفاوض‬
‫إن نظرية الظروف الطارئة و القوة القاىرة تطبق عمى مستوى القضاء‪ ،‬لكن المجوء إلى إعادة‬
‫التفاوض بالنسبة لمعقود الدولية في ظل تمك الظروف يعد أفضل من المجوء إلى القضاء والحصول عمى حكم‬
‫قسري بالنسبة ألحد المتعاقدين‪ ،‬وذلك ألن التفاوض يقوم عمى أساس تسوية النزاع بصفة ودية وبذلك يحافظ‬
‫عمى العالقات بين الطرفين‪ ،‬لكن إلى أي مدى يعمل شرط إعادة التفاوض عمى إعادة التوازن لمعقد في ظل‬
‫الظروف الطارئة أو القوة القاىرة‬
‫إن التغيرات في الظروف المحيطة بالعقد ليا أثر واضح عمى المستوى الدولي‪ ،‬نظ ار لما تشيده حركة‬
‫األسواق العالمية من تغير ممحوظ في األسعار والمنتوجات بسبب بعض األحداث والظروف‪ ،‬ال سيما لمدة‬
‫زمنية طويمة نسبيا‪ ،‬مما سيجعمو عرضة لبعض الظروف واألحداث التي قد تؤثر في قدرة األطراف عمى تنفيذ‬
‫‪38‬‬
‫التزاماتيم‪.‬‬
‫وخشية إنياء العقد يضمنون عقدىم شرط مقتضاه إعادة التفاوض بينيما‪ ،‬و من ثم يحق إعادة‬
‫ال‬ ‫التفاوض مرة أخرى بقصد إعادة التوازن العقدي بينيما‪ ،‬فقد يتعرض العقد إلى خمل في توازنو ولكن‬

‫‪35‬‬
‫نبيل اسماعيل الشبالق‪ ،‬الطبيعة القانونية لمسؤولية األطراف في مرحمة ما قبل العقد( دراسة العقود الدولية لنقل التكنولوجيا)‪ ،‬مجمة‬
‫دمشق لمعموم االقتصادية و القانونية ـ مجمد ‪29‬ـ العدد الثاني‪ ،2013‬ص‪.311‬‬
‫‪36‬‬
‫أحمد أبو الوافي‪ ،‬نظام فض المنازعات في منظمة التجارة العالمية‪ ،‬دراسة مسحية تحميمية‪ ،‬مجمة العموم االقتصادية وعموم التسيير‪،‬‬
‫العدد‪ ،11‬سنة ‪ ،2011‬ص ‪.3‬‬
‫‪37‬‬
‫نفس المرجع‪ ،‬ص‪.23‬‬
‫‪38‬‬
‫م‪.‬أسيل باقر جاسم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.115‬‬
‫‪7611‬‬
‫نظرية الظروف الطارئة وتطبيقاتيا في العقود الدولية‬

‫يستدعي إلغاؤه وانما إعادة النظر فيو و التفاوض مجددا بشروطو‪ ،‬وليذا يعمد األطراف في بعض األحيان‬
‫‪39‬‬
‫إلى وضع شروط في عقدىم كالقوة القاىرة‪.‬‬
‫يعتبر شرط إعادة التفاوض من أبرز الشروط في ميدان التجارة الدولية‪ ،‬لمواجية الظروف الطارئة أو‬
‫القوة القاىرة المرافقة لتنفيذ العقد‪ ،‬حيث أن األطراف يحتاطون فيضمنون العقد عادة بشرط لمراجعتو الحقا إذا‬
‫حدث نظ ار لظروف غير متوقعة إخالل جسيم بتوازن الروابط التعاقدية بما يرتب األضرار غير المألوفة بأحد‬
‫‪40‬‬
‫الطرفين‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف شرط إعادة التفاوض‬
‫إن شرط إعادة التفاوض جاء نتيجة لضرورات عممية واقتصادية فرضتيا عقود االستثمار الدولية‪،‬‬
‫وذلك ألن الثابت في الواقع العممي أن تنفيذ ىذه العقود ووفاء كل طرف بتنفيذ التزاماتو التعاقدية يستغرق وقتا‬
‫طويال‪ ،‬وقد يحدث أثناء تنفيذ ىذه االلتزامات وقوع حوادث طارئة أو قوة قاىرة لم تكن متوقعة مما يصيب‬
‫األطراف بضرر كبير مما يؤدي إلى انقالب توازن العقد واختاللو‪.‬‬
‫وقد ورد شرط إعادة التفاوض ضمن المبادئ المتعمقة بعقود التجارة الدولية‪ ،‬ونظمتو القواعد الموحدة‬
‫لمتجارة الدولية الموضوعة من جانب معيد روما سنة ‪ ،1944‬كما تؤكد أحكام التحكيم الصادرة من غرفة‬
‫التجارة الدولية بباريس عمى ىذا الشرط حيث قررت أن "شرط إعادة التفاوض مالئم في الوقت الحاضر لكي‬
‫‪41‬‬
‫يطبق عمى المعامالت التجارية الدولية لكونو يتمقى عدم التوافق في المبادئ القانونية بين الدول"‬
‫ويعرفو البعض بأنو " التزام األطراف بإعادة التفاوض حول العقد لمواجية الظروف الطارئة التي‬
‫حدثت‪ ،‬بيدف تعديل االلتزامات التعاقدية إلى الحد المعقول لرفع الضرر الجسيم الذي تحممو أحد الطرفين‬
‫من جراء تمك الظروف"‪.42‬‬
‫بالتالي يقصد بيذا الشرط‪ " :‬أنو شرط يدرجو األفراد في العقد و يتفقون فيو عمى إعادة التفاوض فيما‬
‫بيني م عندما يقع أحداث من طبيعة معينة يحددىا األطراف في العقد سواء في نفس الشروط الواردة بالعقد أو‬
‫‪43‬‬
‫في اتفاق منفصل"‬

‫‪39‬‬
‫‪ www matcocdroit .com‬تقرير حول أطروحة لنيل درجة دكتوراه في القانون الخاص بعنوان‪ :‬ضمان التوازن االقتصادي‬
‫لضمان العقود‪.‬‬
‫‪40‬‬
‫أح مد السعيد الزرقد‪ ،‬عقود البنية التحتية الستغالل النفط و الطاقة‪ ،‬المؤتمر السنوي الثاني عشر لكمية الحقوق‪ ،‬جامعة المنصورة‪،‬‬
‫ص‪.2‬‬
‫‪41‬‬
‫عبد الكريم محمد محمد السروري‪ ،‬النظام القانوني لنظام الطاقة‪ ،‬المؤتمر السنوي الحادي و العشرون‪ ،‬الطاقة بين القانون و االقتصاد‪،‬‬
‫ص‪.731‬‬
‫‪42‬‬
‫أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬قانون العقد الدولي‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬الطبعة األولى‪2000 ،‬ـ‪ ،2001‬ص‪.67‬‬
‫‪7611‬‬
‫نظرية الظروف الطارئة وتطبيقاتيا في العقود الدولية‬

‫ثانيا‪ :‬خصائص شرط إعادة التفاوض‬


‫يتميز شرط إعادة التفاوض من خالل التعريفات السابقة بما يمي‪:‬‬
‫‪ -1‬شرط إعادة التفاوض ىو شرط اتفاقي‪:‬‬

‫يعتبر شرط إعادة التفاوض شرط اتفاقي‪ ،‬ألن مضمونو يتوقف عمى اتفاق األطراف في العقد‪ ،‬حيث‬
‫ينظمون ىذا الشرط بشكل منفصل و يبينون مفيومو و األحداث التي يواجييا وأثرىا عمى العقد والحمول التي‬
‫يتم المجوء إلييا في حالة وقوع تمك الظروف أو األحداث‪.‬‬
‫إن المفيوم االتفاقي لمشرط يفرض عمى األطراف التحديد الدقيق لمختمف عناصره التي يشيرون إلييا‬
‫‪44‬‬
‫في العقد و تتمثل أبرز ىذه العناصر في‪:‬‬
‫األحداث التي يواجييا الشرط‪ ،‬والتي يؤدي تحققيا إلى إعمال الشرط وتطبيقو‪ ،‬وقد تكون تمك األحداث‬ ‫أ‪-‬‬
‫وطنية أو دولية‪ ،‬كما أنيا قد تكون ذات طبيعة اقتصادية أو سياسية أو مالية‪ ،‬والميم ىو أن تكون تمك‬
‫األحداث خارجة عن إرادة األطراف‪ ،‬غير متوقعة الحصول من قبميم وقت التعاقد‪ ،‬وغير ممكنة الدفع‪.‬‬

‫ب‪ -‬درجة االختالل في توازن العالقة العقدية الناجمة عن الحدث‪ .‬والواقع من األمر‪ ،‬فإن االختالل إنما‬
‫يطال اقتصاديات العقد تحديدا‪.‬‬
‫ث‪ -‬مصير العقد أثناء فترة التفاوض‪ ،‬وما إذا كان األطراف سوف يستمرون في التنفيذ‪ ،‬أم سيعمنون وقف‬
‫تنفيذ العقد في انتظار نتيجة التفاوض وما يتم التوصل إليو بيذا الصدد‪ .‬كما يجب أن يتضمن االتفاق أيضا‬
‫مصير العقد في حالة فشل المفاوضات والحل الذي يجب اتباعو ال سيما في حالة نشوب نزاع أو خالف‬
‫وجيات النظر بشأن مدى تحقق الشرط‪.‬‬

‫‪ -2‬ىو شرط خاص تختمف صوره باختالف العقود و الظروف‪:‬‬

‫يقصد بذلك أن مضمونو ليس واحد في كل العقود‪ ،‬بل أنو يتنوع وفقا لرغبات األطراف و طبيعة‬
‫الظروف المرافقة إلبرام العقد وتنفيذه‪ ،‬فقد يواجو عقد ظروف اقتصادية بينما يواجو في عقد آخر ظروف‬
‫سياسية أو مالية‪ ،‬وقد يتفق األطراف في بعض العقود عمى إجراء التفاوض فيما بينيم‪ ،‬وقد يتفقون في عقود‬
‫أخرى عمى المجوء إلى متخصصين فنيين أو قانونيين أو عمى قضاء التحكيم لإلشراف عمى عممية التفاوض‪،‬‬

‫‪43‬‬
‫عبد الكريم محمد محمد السروري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.731‬‬
‫‪44‬‬
‫أسيل باقر جاسم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪117‬ـ‪.118‬‬
‫‪7611‬‬
‫نظرية الظروف الطارئة وتطبيقاتيا في العقود الدولية‬

‫كما قد يتفق األطراف عمى تطبيق شروط لمجرد حدوث ضرر ألحدىم أيا كان مقدار ذلك الضرر‪ ،‬وقد‬
‫‪45‬‬
‫يشترطون أن يكون الضرر جسيم وغير مألوف لتطبيق الشرط‪.‬‬
‫إن المفيوم االتفاقي لشرط إعادة التفاوض وان كان يقدم مزايا كبيرة لممتعاممين في ميدان التجارة‬
‫الدولية إذ يترك ليم الحرية الكاممة في صياغة الشرط وتحديد كافة عناصره‪ ،‬األمر الذي يخفف من الجمود‬
‫الذي يمكن مواجيتو فيما لو كان الشرط معالجا ضمن نصوص وطنية أو اتفاقية دولية‪ ،‬إال أن ىذا المفيوم‬
‫‪46‬‬
‫يثير بعض الصعوبات عند التطبيق لألسباب التالية‪:‬‬
‫بالنظر لعدم وجود مفيوم قانوني موحد لمشرط‪ ،‬فإن تطبيقو يتطمب اتفاق األطراف عميو صراحة في‬ ‫أ‪-‬‬
‫العقد‪.‬‬

‫إن مجرد إشارة األطراف في العقد إلى مصطمح (إعادة التفاوض) ال تعد كافية لتطبيق الشرط إذ أن‬ ‫ب‪-‬‬
‫إدراج المصطمح أعاله في بنود العقد قد ينصرف إلى أكثر من معنى‪.‬‬
‫عند وجود نقص أو غموض و تعارض في تنظيم األطراف لشرط إعادة التفاوض‪ ،‬ال يكون بإمكان‬ ‫ت‪-‬‬
‫القاضي أو المحكم التصدي لتح ديد مضمون الشرط من تمقاء نفسو‪ ،‬إال أن شرط إعادة التفاوض ال تتيح أثره‬
‫من حيث اإلبقاء عمى العقد قائما برغم تغير الظروف بصورة غير متوقعة أو إعادة التفاوض عميو مرة أخرى‬
‫‪47‬‬
‫إال إذا توافرت شروط معينة‪.‬‬
‫‪ -3‬شرط إعادة التفاوض يحقق إعادة التوازن العقدي‪:‬‬
‫حيث أصبح ىذا الشرط متداوال ومعموال بو في أغمب عقود التجارة الدولية نظ ار لمفائدة العممية التي‬
‫يحققيا في تمك العقود‪ ،‬و ىو ما سنتناولو في المطمب الموالي‪.‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬إعادة التوازن العقدي‬
‫إن الظروف الطارئة تسبب إرىاقا قد يؤدي إلى إعاقة المستثمرين في تنفيذ التزاماتيم التعاقدية‬
‫وخاصة أن عقود االستثمار الدولية من أبرز أنواع العقود تأث ار بالظروف الطارئة‪ ،48‬لذلك يدرج أطراف عقود‬
‫االستثمار الدولي شرط إعادة التفاوض في عقودىم‪ ،‬و ذلك لتخفيف اإلرىاق من خالل إعادة ضبط‬

‫‪45‬‬
‫أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬قانون العقد الدولي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.71‬‬
‫‪46‬‬
‫م أسيل باقر جاسم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪118‬ـ‪.119‬‬
‫‪47‬‬
‫احمد السعيد الزرقد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.4‬‬
‫‪48‬‬
‫عبد اهلل آل جديع‪ ،‬مبدأ شرط المشقة في عقود التجارة الدولية‪ ،‬مقال منشور في جريدة الرياض‪ 11 ،‬ماي ‪ ،2007‬تاريخ االطالع‬
‫‪.2018/03/17‬‬
‫‪7617‬‬
‫نظرية الظروف الطارئة وتطبيقاتيا في العقود الدولية‬

‫االلتزامات في حالة وقوع أحداث غير متوقعة وخارجة عن إرادة أطراف العقد والتي من شأنيا اإلخالل بتوازن‬
‫العقد وذلك عن طريق إعادة التفاوض‪.49‬‬
‫أوال‪ :‬إعادة التوازن في ظل الظروف الطارئة‬
‫أصبح ىذا الشرط مألوفا ومعتادا في عقود التجارة الدولية‪ ،‬وىذا ما أدى إلى القول بأن ىذا الشرط‬
‫أصبح بمثابة إحدى قواعد التجارة الدولية‪ ،‬وأن ىذه القواعد تقتضي وجود ىذا الشرط ضمنيا في عقود التجارة‬
‫‪50‬‬
‫الدولية‪.‬‬
‫فإذا طرأت ظروف غير متوقعة من شأنيا أن تؤثر في التوازن االقتصادي لمعقد فإنو يجوز تعديل العقد‬
‫‪51‬‬
‫أو نقضو باتفاق الطرفين أو لألسباب التي يقررىا القانون‪.‬‬
‫كما أنو يجوز تدخل القاضي إلعادة التوازن العقدي في حال اختالل توازنو نتيجة حادث طارئ أو‬
‫استثنائي‪ ، 52‬وىذا ال يؤدي إلىدار القوة الممزمة لمعقد بل يؤدي إلى إيجاد فرصة إلنقاذه إعماال لفكرة التفاوض‬
‫‪53‬‬
‫عند تغير الظروف‪.‬‬
‫الدور الوقائي لشرط إعادة التفاوض‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫من الصعب حاليا أن نجد عقدا دوليا طويل المدة دون أن يدرج فيو األطراف التفاوض في حالة إذ‬
‫ما تطورت الظروف الطارئة إلى درجة ينقمب معيا التوازن االقتصادي لمعقد الذي تم االتفاق عميو بداية‪ ،‬لذا‬
‫عمينا أن ندرك أن التغير في الظروف أثناء تنفيذ العقد يدعوا األطراف إلى مراجعة العقد‪ ،54‬والظروف‬
‫الطارئة التي قد تحدث أثناء سريان العقد ال تحول دون االستمرار في تنفيذه‪ ،‬لكنيا تعرض المتعاقد إلى‬
‫خسارة جسيمة تعرضو ألعباء مالية وخسارة جسيمة‪ ،‬وينتج عنيا أثر مباشر عمى التوازن االقتصادي لمعقد‪،55‬‬

‫‪49‬‬
‫ىني عبد المطيف‪ ،‬حدود األخذ بفكرة إعادة التفاوض في العقد (دراسة مقارنة)‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة تممسان‪ ،‬كمية الحقوق و العموم‬
‫السياسية‪2015 ،‬ـ‪ ،2016‬ص‪.17‬‬
‫‪50‬‬
‫العربي بمحاج‪ ،‬اإلطار القانوني لممرحمة السابقة عمى إبرام العقد في ضوء القانون المدني الجزائري‪ ،‬دار وائل لمنشر‪ ،2010 ،‬ص‬
‫‪.128‬‬
‫‪51‬‬
‫أنظر المادة ‪ 6‬من القانون المدني الجزائري‪.‬‬
‫‪ 52‬أنظر المادة ‪ 11‬من القانون المدني الجزائري‪.‬‬
‫‪53‬‬
‫العربي بمحاج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.258‬‬
‫‪54‬‬
‫رشا عمي الدين‪ ،‬سمطة المحكم في إعادة التوازن المالي لمعقد في ظل األزمة المالية الراىنة‪ ،‬المؤتمر العممي السنوي الثالث عشر‪،‬‬
‫الجوانب القانونية و االقتصادية لألزمة المالية العالمية‪ ،‬جامعة المنصورة‪ ،‬كمية الحقوق‪ ،2009 ،‬ص ‪.73‬‬
‫‪55‬‬
‫فيصل يحي‪ ،‬إشكالية إعادة التوازن االقتصادي لعقود االستثمار الدولية بسبب تغير الظروف‪ ،‬مجمة القانون و األعمال‪ ،‬جامعة الحسن‬
‫األول‪ ،‬نشر عبر ‪ www.droitetentreprise‬تاريخ النشر مايو‪.2015‬‬
‫‪7611‬‬
‫نظرية الظروف الطارئة وتطبيقاتيا في العقود الدولية‬

‫أو استجد أمر جعل تنفيذ‬ ‫فيقوم المتعاقدان بإعادة التفاوض فيما بينيما عمى شروط العقد كمما ط أر طارئ‪،‬‬
‫عن طريق تعديل التزامات‬ ‫االلتزام مرىقا وذلك تفاديا لموقوع في النزاعات فيما بينيم‪ ،‬واعادة النظر‬
‫العقد بشكل ودي يضمن توازن العقد وازالة الخمل الذي استدركو‪.‬‬
‫يتخذ التعديل في حالة الظروف الطارئة صو ار متعددة حسب اتفاق األطراف عمى كيفية مراجعة العقد‪،‬‬
‫فقد يحصل عن طريق وقف تنفيذ االلتزامات التعاقدية‪ ،‬أو منح المستثمر المرىق ميمة أو مدة إضافية لتفي‬
‫بتنفيذ االلتزام أو تعديمو‪ ،‬أو عن طريق تقسيم األعباء بين الطرفين‪.56‬‬
‫تبعا لما تقدم فإن شرط إعادة التفاوض يعد إحدى الطرق الوقائية لمحد من المنازعات التي يمكن‬
‫أن تثيرىا الظروف الطارئة والتي ينتج عنيا عرقمة األطراف في تنفيذ التزاماتيم التعاقدية إلى جانب عرقمة‬
‫عجمة النمو‪ ،‬مما يستوجب إعادة التفاوض وذلك إلعادة النظر في االلتزامات‪ ،‬وىذا حفاظا عمى مصمحة‬
‫الطرفين مما ينتج عنيا بعث الثقة واالطمئنان لممستثمر مما يتيح الفرصة لتعاممو مع الدولة المضيفة‬
‫‪57‬‬
‫مستقبال‪.‬‬
‫إن الغاية األساسية من ارتباط شرط إعادة التفاوض بالظروف الطارئة تتمثل في محاولة أطراف العقود‬
‫التجارية الدولية في تخطي الظروف الطارئة االستثنائية المؤقتة‪ ،‬وذلك من أجل استمرار العقد والمحافظة‬
‫عميو‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬إعادة التوازن في ظل القوة القاىرة‬
‫أحيانا قد يتحول الظرف الطارئ في مرحمة الحقة إلى قوة قاىرة يستحيل معيا مواصمة تنفيذ العقد‪،‬‬
‫وال حتى إعادة التوازن إليو‪ ،‬مما يستحيل معو االستمرار في العالقة التعاقدية‪ ،‬وىو ما يستدعي محاولة إعادة‬
‫التوازن لمعقد في ظل القوة القاىرة‪.‬‬
‫إن شرط إ عادة التفاوض يمكن أن يمعب دو ار محوريا في تخيف مخاطر القوة القاىرة‪ ،‬مما دفع بأطراف‬
‫العقود الدولية إلى إدراج ىذا الشرط في عقودىم‪ ،‬وىذا يعتبر حل يضمن لممتعاقدين المحافظة عمى توازن‬
‫العقد‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫فيصل يحي‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪57‬‬
‫محمد فيد مييدات‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.3‬‬
‫‪7611‬‬
‫نظرية الظروف الطارئة وتطبيقاتيا في العقود الدولية‬

‫‪ -1‬مفيوم القوة القاىرة‪:‬‬

‫أو‬ ‫القوة القاىرة "ىي ظروف غير متوقعة تحول دون تنفيذ االلتزامات المترتبة عن أحد الطرفين‬
‫كالىما كما ىو متفق عميو في العقد وقت إبرامو وقد تؤدي ىذه الظروف إلى استحالة تنفيذ االلتزامات بصورة‬
‫‪58‬‬
‫نيائية أو بصورة مؤقتة"‪.‬‬
‫تقضي القواعد العامة بأن القوة القاىرة من شأنيا أن تسبب انقضاء االلتزام وعدم تحمل المدين تبعية‬
‫عدم تنفيذ ىذا االلتزام‪ ،‬مما أدى ببعض الفقياء إلى تعريف القوة القاىرة بمفيوميا التقميدي عمى أنيا حدث أو‬
‫عن سمطان‬ ‫مجموعة أحداث لم يكن في وسع المدين توقعيا عند إبرام العقد وال تداركيا وىي خارجة‬
‫إرادتو ويترتب عمى وقوعيا انقضاء االلتزام الستحالة تنفيذه‪ ،59‬وحسب ىذا التعريف عندما يصبح تنفيذ العقد‬
‫أو المفاجئ والغير‬ ‫مستحيال لسبب ما نكون أمام القوة القاىرة التي تسمى كذلك بالحادث الجبري‬
‫ال دخل إلرادة طرفي‬ ‫متوقع الذي يخرج عن إرادة الشخص وال يمكن مقاومتو ألنو حدث لسبب أجنبي‬
‫العالقة التعاقدية فيو‪.‬‬
‫أن‬ ‫أما التعريف الحديث لمقوة القاىرة‪ ،‬فإن الواقع العممي لمعقود الدولية‪ ،‬والدراسات الفقيية قد أثبتت‬
‫القوة القاىرة تختمف من حيث مفيوميا عن القوة القاىرة حسب القواعد العامة‪ ،‬حيث يجوز ليم صياغتيا‬
‫بشكل يتالءم مع مقتضيات وطبيعة ىذه العقود‪ ،‬وذلك حتى يتحقق ليم النتائج التي تم إنشاء العقد من أجميا‬
‫وذلك ألنيم يفضمون الحفاظ عمى الرابطة العقدية بصرف النظر عمى حدث القوة القاىرة‪.60‬‬
‫‪ -2‬الدور العالجي لشرط إعادة التفاوض‪:‬‬

‫إن ما يميز ال نظام القانوني لمقوة القاىرة بمفيوميا الحديث ىو أنو يوفر لطرفي عقد االستثمار الدولي‬
‫إمكانية تعميق التنفيذ خالل الفترة التي يبدو فييا التنفيذ مستحيال بصفة مؤقتة‪ ،‬وىذه القاعدة توجب عمى‬
‫األطراف التصرف بجدية وبحسن نية لمحفاظ عمى العقد وبقائو مدة أطول من أجل مواصمة تنفيذ التزاماتيم‬
‫‪61‬‬
‫وتحقيق النتائج التي تم من أجميا التعاقد‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫عبد القادر الفار‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬مصادر الحق الشخصي في القانون المدني‪(،‬ط‪ ،)1‬الدار العالمية الدولية ودار الثقافة لمنشر‪،‬‬
‫عمان‪ ،‬األردن‪ ،2001 ،‬ص ‪93‬ـ‪.94‬‬
‫‪59‬‬
‫عبد الرزاق السنيوري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.645‬‬
‫‪60‬‬
‫أحمد مروك‪ ،‬شرط إعادة التفاوض في عقود التجارة الدولية‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬كمية الحقوق‪2014 ،‬ـ‪ ،2015‬ص ‪.151‬‬
‫‪61‬‬
‫شرط القوة القاىرة في العقود الدولية‪ http://qawaneen.blogspot.com/2010/06/blog-post 4023 . htm l،‬االطالع‬
‫‪. 2018/03/17‬‬
‫‪7616‬‬
‫نظرية الظروف الطارئة وتطبيقاتيا في العقود الدولية‬

‫لكن بعد استئناف الوقت وسريان العقد فإنو في حالة القوة القاىرة سوف يتم تنفيذ االلتزامات‪ ،‬كما تم‬
‫االتفاق عمييا عند إبرام العقد‪ ،‬و نجد في معظم األحيان ىذه القوة القاىرة قد تسبب مخاطر تؤدي الختالل‬
‫التزامات العقد‪ ،‬وىذا ما يؤدي باألطراف بإدراج شرط إعادة التفاوض مع شرط القوة القاىرة‪ ،‬فيذا األخير يتم‬
‫من خاللو تعريف األحداث التي تعتبر قوة قاىرة‪ ،‬أما شرط إعادة التفاوض فيو يعمل عمى إعادة التوازن في‬
‫ظل ىذه األحداث‪.‬‬
‫‪ -3‬ارتباط شرط إعادة التفاوض بالقوة القاىرة‪:‬‬

‫يمكن تشخيص أنواع متعددة من الشروط التي اقترن فييا شرط إعادة التفاوض بالقوة القاىرة والتي‬
‫تختمف في صرامتيا تبعا لطبيعتيا العقدية وما تتطمبو من مرونة‪ ،‬اليدف منيا الحفاظ عمى الرابطة العقدية‬
‫‪62‬‬
‫مستمرة لممتعاقدين في عقود االستثمار الدولية‪.‬‬
‫تتجمى مظاىر االقتراب بين شرط إعادة التفاوض وشرط القوة القاىرة من حيث الشروط الواجب توفرىا‬
‫في الحدث المؤدي إلعمال كل منيما عند تغير ظروف تنفيذ العقد‪ ،‬و كذلك من حيث اآلثار التي يرتبيا كل‬
‫شرط عند إعمالو في ظل إعادة التوازن‪ ،‬كما أن كل منيما يؤدي إلى وقف تنفيذ العقد‪ ،‬لكن وجو االختالف‬
‫يكمن في أن شرط إعادة التفاوض ييدف إلى تعديل التزامات العقد بعد الفترة التي تعقب الوقف‪ ،‬بينما في‬
‫القوة القاىرة يعقب الوقف التنفيذ بنفس الشروط‪.‬‬
‫مع ذلك يمكن إعمال شرط إعادة التفاوض إلى جانب شرط القوة القاىرة في العقود الدولية‪ ،‬وذلك عند‬
‫وقوع قوة قاىرة تؤدي إلى اختالل توازن العالقة العقدية بشكل يؤدي إلى إلحاق الضرر بأحد الطرفين يستحيل‬
‫معو التنفيذ حسب ما تم االتفاق عميو‪ ،‬فيمجأ األطراف إلى إعمال شرط إعادة التفاوض إلعادة التوازن العقدي‬
‫من خالل مراجعة وتعديل التزامات األطراف‪ ،‬وألجل الخروج بحل كفيل بتجاوز الصعوبات التي أدت إلى‬
‫اختالل توازن العقد‪.‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫من‬ ‫تعتبر نظرية الظروف الطارئة ذات أىمية كبيرة في الواقع العممي‪ ،‬حيث أنيا تمثل قيدا يحد‬
‫القوة الممزمة لمعقد وفقا لقواعد العدالة‪ ،‬واستثناء عمى مبدأ العقد شريعة المتعاقدين‪ ،‬فيكون ليا الدور الفعال‬
‫في تخفيف الكثير من اآلثار الضارة التي قد تمحق بطرفي العقد نتيجة لتغير الظروف‪ ،‬وىو ما يدل عمى‬
‫أىميتيا القانونية البالغة سواء في العقود الوطنية أو العقود الدولية‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫عبد الخالق الدحماني‪ ،‬ضمان التوازن االقتصادي لعقود االستثمار في إطار التحكيم الدولي‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة محمد األول وجدة‪،‬‬
‫كمية العموم االقتصادية و االجتماعية‪.2013 ،‬‬
‫‪7611‬‬
‫نظرية الظروف الطارئة وتطبيقاتيا في العقود الدولية‬

‫فقد أصبحت نظرية الظروف الطارئة أو القوة القاىرة بمثابة أداة ائتمان بالنسبة لممستثمرين‪ ،‬وأسموب‬
‫من أساليب تحقيق العدالة بينيم من خالل تخفيفيا لعبء الخسارة التي قد تصيبيم في حالة وقوع ظروف‬
‫طارئة أو قوة قاىرة‪ ،‬فضال عن إعادة التوازن لالختالل العقدي‪.‬‬
‫كما أن تطبيق ىاتو النظرية عمى مستوى العقود الدولية يتجسد من خالل الدور الوظيفي لشرط إعادة‬
‫التفاوض المتمثل في الحد من النزاعات التي يمكن أن تحدث بسبب تغير الظروف الطارئة‪ ،‬ودوره العالجي‬
‫المتمثل في تخفيف حدة التوتر‪ ،‬مما يؤدي إلى تحقيق االطمئنان بين المتعاقدين الدوليين والمستثمرين عمى‬
‫مصير العقد و ضمان حقوقيم عند وقوع نزاع بينيم‪.‬‬
‫لكن بالرغم من تنامي االىتمام الذي لقيو شرط إعادة التفاوض عمى الصعيد الدولي‪ ،‬إال أنو لم يجد‬
‫االىتمام المناسب من قبل الدول النامية‪ ،‬ومن بينيم المشرع الجزائري الذي لم ينص عمى ىذا الشرط إطالقا‪،‬‬
‫وىو ما يستدعي تقديم التوصيات التالية‪:‬‬
‫ـ ضرورة إدراج نصوص قانونية تتضمن شرط إعادة التفاوض‪ ،‬ودراستو والكشف عنو بشكل يخدم العقد‬
‫الدولي و يحقق االتزان عند وقوع ظروف طارئة عمى العقد‪ ،‬حتى يرتب ىذا األخير آثاره ويحقق االستقرار‬
‫في المجال‬ ‫في المعامالت التجارية واالستثمارية الدولية‪ ،‬وكذلك من أجل مواكبة التطور الحاصل‬
‫التجاري الدولي‪ ،‬وتحسين المناخ االستثماري‪.‬‬
‫ـ ضرورة النص في العقود التجارية الدولية عمى شرط إعادة التفاوض عمى العقد في حالة ورود ظرف‬
‫عمى إبرام‬ ‫طارئ أو قاىر يخل بتوازنو االقتصادي‪ ،‬حتى يتحقق عنصر االلتزام عمى المفاوضات الالحقة‬
‫العقد‪.‬‬
‫ـ ضرورة إنشاء ىيئة خاصة تتضمن خبراء في التجارة الدولية واالقتصادية‪ ،‬لمقيام بإجراء التفاوض عمى‬
‫العقود بشكل سميم‪ ،‬وخاصة العقود طويمة المدى التي تكون عرضة لوقوع ظروف طارئة خالل ىذه الفترة‪،‬‬
‫ذلك حتى يكون القائم بإبراميا عمى دراية وخبرة كافية لإلحاطة بجميع الجوانب التي تمس بسير العقد وتنفيذه‬
‫بشكل سميم وحتى ال يؤدي إلى خسائر غير متوقعة‪ ،‬فمن تقنيات التفاوض وابرام العقود االختيار المناسب‬
‫لمطرف القائم عمى إبرام ىاتو العقود والسير عمى تنفيذىا‪ ،‬خاصة عندما يط أر عمييا ظروف طارئة أو قاىرة‬
‫تجعل من العقد غير محقق ليدفو أو يخل بتوازنو االقتصادي‪.‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬
‫أوال‪ :‬النصوص القانونية‬
‫األمر ‪75‬ـ‪ 58‬مؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر سنة ‪ 1975‬يتضمن القانون المدني‪ ،‬المعدل و المتمم‪.‬‬

‫‪7614‬‬
‫نظرية الظروف الطارئة وتطبيقاتيا في العقود الدولية‬

‫المرسوم الرئاسي ‪15‬ـ‪ 247‬المؤرخ في ‪ 2‬ذي الحجة عام ‪ 1436‬الموافق ‪ 16‬سبتمبر سنة‪ ،2015‬المتضمن‬
‫تنظيم الصفقات العمومية و تفويضات المرفق العام‪.‬‬
‫القرار الوزاري المؤرخ في ‪ 1964/11/21‬المتضمن المصادقة عمى دفتر الشروط اإلدارية العامة المطبقة‬
‫عمى صفقات األشغال الخاصة بو ازرة تجديد البناء و األشغال العمومية و النقل‪ ،‬ج ر عدد ‪ 6‬لسنة ‪1965‬‬
‫المؤرخة في ‪ 19‬يناير ‪.1965‬‬
‫ثانيا‪ :‬الكتب‬
‫الجمال مصطفى و أبو السعود رمضان و سعد نبيل إبراىيم ‪ ،‬مصادر و أحكام االلتزام‪ ،‬منشورات الحمبي‬
‫الحقوقية‪ ،‬لبنان‪.2003 ،‬‬
‫السنيوري عبد الرزاق ‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬نظرية االلتزام بوجو عام‪ ،‬ج‪ ،1‬منشأة المعارف‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.2003 ،‬‬
‫الفار عبد القادر ‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬مصادر الحق الشخصي في القانون المدني‪(،‬ط‪ ،)1‬الدار العالمية الدوليـة‬
‫ودار الثقافة لمنشر‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.2001 ،‬‬
‫بمحاج العربي‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام في القانون المدني الجزائري‪ ،‬الجزء األول‪ :‬التصرف القانوني" العقد‬
‫واإلرادة المنفردة"‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.2004 ،‬‬
‫عبد الكريم سالمة أحمد‪ ،‬قانون العقد الدولي‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬الطبعة األولى‪2000 ،‬ـ‪.2001‬‬
‫عبد اهلل ىدى ‪ ،‬دروس في القانون المدني "العقد"‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬منشورات الحمبي الحقوقية‪ ،‬لبنان ‪.2007‬‬
‫غانم اسماعيل ‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام ـ مصادر االلتزام‪ ،‬القاىرة‪.1966 ،‬‬
‫محي الدين إبراىيم سميم‪ ،‬نظرية الظروف الطارئة بين القانون والفقو اإلسالمي‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫مصر‪.2007 ،‬‬
‫مييدات محمود فيد ‪ ،‬القواعد الفقيية وأثرىا في المعامالت المالية "نظرية الظروف الطارئة"‪ ،‬دائرة اإلفتاء‬
‫العام‪ ،‬األردن‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الرسائل والمذكرات‬
‫الدحماني عبد الخالق ‪ ،‬ضمان التوازن االقتصادي لعقود االستثمار في إطار التحكيم الدولي‪ ،‬رسالة دكتوراه‪،‬‬
‫جامعة محمد األول وجدة‪ ،‬كمية العموم االقتصادية واالجتماعية‪.2013 ،‬‬
‫في‬ ‫الزرفي عمار محسن كزار ‪ ،‬نظرية الظروف الطارئة وأثرىا عمى إعادة التوازن االقتصادي المختل‬
‫العقد‪ ،‬جميورية العراق‪ ،‬و ازرة التعميم العالي والبحث العممي‪ ،‬جامعة الكوفة‪ ،‬كمية القانون‪.2015،‬‬

‫‪7611‬‬
‫نظرية الظروف الطارئة وتطبيقاتيا في العقود الدولية‬

‫بحر أحمد يوسف عبد الرحمن ‪ ،‬نظرية الظروف الطارئة وأثرىا عمى العقد اإلداري في فمسطين (دراسة‬
‫مقارنة بالشريعة اإلسالمية)‪ ،‬بحث مقدم لمحصول عمى درجة الماجستير في القانون العام‪ ،‬الجامعة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬غزة‪.2017،‬‬
‫بولحية جميمة‪ ،‬نظرية الظروف الطارئة في القانون المدني(دراسة مقارنة)‪ ،‬مذكرة انيل شيادة الماجستير‪،‬‬
‫معيد الحقوق و العموم اإلدارية‪ ،‬جامعة الجزائر‪.1983،‬‬
‫مروك أحمد ‪ ،‬شرط إعادة التفاوض في عقود التجارة الدولية‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬كمية الحقوق‪،‬‬
‫‪2014‬ـ‪.201‬‬
‫ىني عبد المطيف‪ ،‬حدود األخذ بفكرة إعادة التفاوض في العقد (دراسة مقارنة)‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة‬
‫تممسان‪ ،‬كمية الحقوق و العموم السياسية‪2015 ،‬ـ‪.2016‬‬
‫رابعا‪ :‬المقاالت‬
‫أبو الوافي أحمد ‪ ،‬نظام فض المنازعات في منظمة التجارة العالمية‪ ،‬دراسة مسحية تحميمية‪ ،‬مجمة العموم‬
‫االقتصادية و عموم التسيير‪ ،‬العدد‪ ،11‬سنة ‪.2011‬‬
‫الشبالق نبيل اسماعيل ‪ ،‬الطبيعة القانونية لمسؤولية األطراف في مرحمة ما قبل العقد( دراسة العقود الدولية‬
‫لنقل التكنولوجيا)‪ ،‬مجمة دمشق لمعموم االقتصادية و القانونية ـ مجمد ‪29‬ـ العدد الثاني‪.2013‬‬
‫منصور محمد خالد ‪ ،‬تغير قيمة النقود و تأثر ذلك بنظرية الظروف الطارئة في الفقو اإلسالمي المقارن‪،‬‬
‫مجمة دراسات عموم الشريعة و القانون‪ ،‬الجامعة األردنية‪ ،‬المجمد(‪ ،)1‬العدد‪.1،1988‬‬
‫خامسا‪ :‬أشغال الممتقيات‬
‫الزرقد أحمد السعيد ‪ ،‬عقود البنية التحتية الستغالل النفط والطاقة‪ ،‬المؤتمر السنوي الثاني عشر لكمية‬
‫الحقوق‪ ،‬جامعة المنصورة‪.‬‬
‫السروري عبد الكريم محمد محمد ‪ ،‬النظام القانوني لنظام الطاقة‪ ،‬المؤتمر السنوي الحادي و العشرون‪،‬‬
‫الطاقة بين القانون و االقتصاد‪.‬‬
‫المقصود محمد أبو بكر ‪ ،‬إعادة التوازن المالي لمعقد اإلداري في ظل األزمة المالية العالمية نظرية الظروف‬
‫الطارئة‪ ،‬المؤتمر العالمي السنوي الثالث عشر‪ ،‬الجوانب القانونية و االقتصادية لألزمة المالية العالمية‪ ،‬كمية‬
‫الحقوق جامعة المنصورة‪.2009 ،‬‬
‫جاسم أسيل باقر ‪ ،‬النظام القانوني لشرط إعادة التفاوض( دراسة في عقود التجارة الدولية)‪ ،‬بحث منشور في‬
‫نقابة المحامين‪ ،‬العدد‪9‬ـ‪ ،10‬أيمول و تشرين أول‪.2002 ،‬‬

‫‪7611‬‬
‫نظرية الظروف الطارئة وتطبيقاتيا في العقود الدولية‬

‫عمي الدين رشا ‪ ،‬سمطة المحكم في إعادة التوازن المالي لمعقد في ظل األزمة المالية الراىنة‪ ،‬المؤتمر العممي‬
‫السنوي الثالث عشر‪ ،‬الجوانب القانونية واالقتصادية لألزمة المالية العالمية‪ ،‬جامعة المنصورة‪ ،‬كمية الحقوق‪،‬‬
‫‪.2009‬‬
‫سادسا‪ :‬المواقع اإللكترونية‬
‫تقرير حول أطروحة لنيل درجة دكتوراه في القانون الخاص بعنوان‪ :‬ضمان التوازن االقتصادي لضمان‬
‫العقود‪ www matcocdroit .com.‬تاريخ االطالع‪.2018/02/22‬‬
‫عبد اهلل آل جديع‪ ،‬مبدأ شرط المشقة في عقود التجارة الدولية‪ ،‬مقال منشور في جريدة الرياض‪ 11 ،‬ماي‬
‫‪ ،2007‬تاريخ االطالع ‪.2018/03/17‬‬
‫فيصل يحي‪ ،‬إشكالية إعادة التوازن االقتصادي لعقود االستثمار الدولية بسبب تغير الظروف‪ ،‬مجمة القانون‬
‫واألعمال‪ ،‬جامع الحسن األول‪ ،‬تاريخ النشر مايو‪ ، www.droitetentreprise 2015‬تاريخ االطالع‬
‫‪.2019/01/08‬‬

‫الموقع‬ ‫عمى‬ ‫‪4023 .‬‬ ‫‪htm‬‬ ‫الدولية‪l،‬‬ ‫العقود‬ ‫في‬ ‫القاىرة‬ ‫القوة‬ ‫شرط‬
‫‪ http://qawaneen.blogspot.com/2010/06/blog-post‬تاريخ االطالع ‪.2012/03/11‬‬

‫‪7611‬‬

You might also like