You are on page 1of 53

:

:
2020/
1 201:9
‫مقدمة متهيدية‬

‫من كمال الشريعة الغراء‪ ،‬أن مشلت مجيع مظاهر احلياة ابإلرشاد والتوجيه والتنظيم والتدبري واجلزاء‪ ،‬بدءا‬
‫ابلعقيدة والعبادات‪ ،‬اىل اخلالفة‪ ،‬مث أحكام األسرة واملعامالت واحلدود والوصااي والفرائض‪ ،‬ومن كمال مشوليتها‬
‫ورمحتها أن تكلفت ابألفراد يف حياهتم وبعد مماهتم‪ ،‬فتقضي مشيئة هللا أن ‪{ :‬كل نفس ذائقة املوت }‪ ،1‬فاإلنسان‬
‫مهما طال عمره وامتد أجله ميت ال حمالة‪ ،‬يرتك وراءه كل ما مجعه وعدده من أموال‪ ،‬لذلك تكفل هللا سبحانه‬
‫وتعاىل بقسمة مرتوك عبده‪ ،‬حىت ال يتعرض للبطش ومنطق القوة والغلبة واالستيالء ابلقوة‪ ،‬فجعل املال ألقرابء‬
‫امليت ابملقامسة األقرب فاألقرب‪ ،‬كي يطمئن الشخص على مآل ماله اىل من حيب ويبتغي‪ ،.‬قطعا لدابر اخلالف‬
‫والنزاع بني أفراد أسرته‪ ،‬وقد رسم سبحانه لذلك حدودا‪ ،‬منبها وحمدرا من جتاوزها‪ ،‬فقال ‪{ :‬تلك حدود هللا ومن‬
‫يطع هللا ورسوله ندخله جنات جتري من حتتها األهنا ر خالدين فيها وذلك الفوز العظيم‪ ،‬ومن يعص هللا ورسوله ويتعد‬
‫حدوده ندخله انرا خالدا فيها وله عذاب مهني}‪2‬‬

‫وقد اهتمت التشريعات الوضعية بنظام اإلرث‪ ،‬واستقت أحكامه من الشريعة اإلسالمية‪ ،‬كما هو احلال‬
‫ابلنسبة للتشريع املغريب الذي نظمه يف إطار مدونة االسرة‪ ،‬واعتبه من النظام العام‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬تعريف علم املواريث‬

‫يعتب علم املواريث أو علم الفرائض أحد أقسام املعامالت يف علم فروع الفقه‪ ،‬واملواريث مجع مرياث‪،‬‬
‫قال تعاىل ‪{ :‬وهلل مريات السماواث واألرض}‪ ،3‬مبعىن املال املوروث أو الرتكة‪ ،‬وقد مسي كذلك ألنه يبقى بعد‬
‫صاحبه‪.‬‬

‫وأما الفرائض فجمع فريضة وهي مشتقة من الفرض‪ 4‬أقول فرضت الشيء اي قدرته‪ ،‬وتكون مبعىن‬
‫الوجوب‪ ،‬كما يف قوله تعاىل‪ { :‬سورة أنزلناها وفرضناها }‪.‬‬

‫‪ 1‬ــ سوة آل عمران‪ ،‬اآلية ‪185‬‬


‫ــ سورة النساء‪ ،‬اآليتان ‪ 13 :‬و‪14‬‬
‫‪2‬‬

‫ــ سورة آل عمران‪ ،‬آية ‪1803‬‬


‫‪ 4‬ـ انظر المدلوالت اللغوية لذلك‪ ،‬لسان العرب البن منظور‪ ،‬ج ‪ ،7‬ص ‪202‬‬
‫‪2‬‬
‫أما اصطالحا فعلم الفرائض هو العلم الذي يوصل ملعرفة قدر ماجيب لكل ذي حق يف الرتكة ويتضمن‬
‫الرتكات وما يتعلق هبا‪ ،‬وأركان اإلرث وشروطه‪ ،‬وأسبابه‪ ،‬وموانعه‪ ،‬وأنواعه‪ ،‬والفرض والتعصيب‪ ،‬واحلجب‪ ،‬وأعمال‬
‫حساب الفرائض وقسمة الرتكات‪.‬‬

‫اثنيا ‪ :‬أمهية هذا العلم وفائدته‪:‬‬

‫لقد توىل هللا عز وجل قسمة املرياث آبايت تفصيلية‪ ،‬قال تعاىل ‪{ :‬يوصيكم هللا يف أوالدكم للذكر مثل حظ‬
‫األنثيني‪ ،}...‬وقوله تعاىل ‪ { :‬يستفتونك قل هللا يفتيكم يف الكاللة‪.}...‬‬

‫كما أن النيب (ص) تكلف ببيان وتفصيل ما جاء يف آايت الفرائض من كتاب هللا‪ ،‬كما دعا إىل تعلم‬
‫الفرائض وتعليمها‪ ،‬فيما رواه عنه أبو هريرة رضي هللا عنه أنه قال‪ :‬قال رسول هللا (ص)‪ " :‬تعلموا الفرائض وعلموها‬
‫فإهنا نصف العلم‪ ،‬وهو ينسى‪ ،‬وهو أول شيء ينزع من أميت"‪ 5‬مما يستفاد قدر هذا العلم ومكانته يف اإلسالم‪.‬‬

‫وقد بدأ أتسيس علم الفرائض أو الدراسة العلمية املتخصصة له واملستمدة من كتاب هللا وسنة رسوله‬
‫مع أتسيس املدارس الفقهية‪ ،‬حيث اعتمدوا على اجتهادات لبعض الصحابة من أمهها دراسات زيد ابن اثبت‬
‫الذي صاغ أصول التوريث‪ ،‬ابإلضافة اىل اجتهادات أخرى أليب بكر الصديق وعمر ابن اخلطاب وعلي ابن أيب‬
‫طالب وعبد هللا بن مسعود‪ ،‬لكن زيد بن اثبت هو من اختص منهم يف هذا العلم لكونه صاغ أصول التوريث‪،‬‬
‫تبعهم يف ذلك ابقي األئمة خاصة منهم أئمة املذاهب الفقهية‪.‬‬

‫كما ساهم علماء اإلسالم يف كل عصر ومصر يف نشر هذا العلم وتنقيحه وتبويبه مبؤلفات ومصنفات‪،‬‬
‫فالعلماء ابلقرآن الكرمي تناولوا آايت املواريث ابلتفسري والبيان‪ ،‬وكان لرجال احلديث فضل مجع ماثبت عن الرسول‬
‫األكرم (ص) من السن ن املتعلقة بذلك‪ ،‬وكان للفقهاء دور االستفادة‪ ،‬واالستنباط من كل ما وصل إليهم‪ ،‬فأنشؤوا‬
‫بذلك ثروة هائلة من املصنفات‪. 6‬‬

‫ــ أخرجه ابن ماجة والدار قطني‪5‬‬

‫‪ 6‬ـ من هذه المراجع في دائرة المذهب المالكي كتاب الفرائض‪ :‬لعبد الرحمان بن عبد هللا السهيلي‪ ،‬شرح الدرة البيضاء ‪ :‬لسيدي عبد الرحمان األخضري‪،‬‬
‫بهجة البصر في شرح ف رائض المختصر‪ :‬لمحمد بن أحمد بنيس‪ ،‬باب الفرائض ‪ :‬لمحمد الصادق الشطي التونسي‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ومن خالل هذه الدراسة سنتناول يف مبحث أول أحكام عامة للمواريث مث يف كبحث اثن اصناف الورثة‬
‫وعوارض املرياث‬

‫المبحث األول ‪ :‬أحكـ ـ ـام عامة للم ـ ـواريـ ـ ـث‬

‫قبل تناول أصناف الورثة وما يتعلق هبم من أحوال وأحكام إرثية‪ ،‬سنتقدم يف البداية بذكر أحكام الرتكة‪ ،‬تشتمل‬
‫على معىن الرتكة وما يتعلق هبا من حقوق‪ ،‬مث مقومات اإلرث وتضم اسبابه ‪ ،‬وشروطه‪ ،‬وموانعه‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬أحكام التركة‬

‫ملا كانت الرتكة هي موضوع املواريث‪ ،‬حبيث إذا مل تكن هناك تركة ال تكون هناك حاجة لتوزيع اإلرث بني‬
‫الورثة‪ ،‬فسنتناول مفهوم الرتكة واحلقوق املتعلقة هبا‪.‬‬

‫الفقرة األوىل ‪ :‬مفهوم الرتكة‬

‫الرتكة كما تعرفها املادة ‪ 321‬من مدونة األسرة‪ 7‬هي ‪" :‬جمموع ما يرتكه امليت من أموال أو حقوق مالية"‪.‬‬

‫فالرتكة تشمل احلقوق الثابتة للهالك والثابتة عليه‪ ،‬أي ماهلا من حقوق وما عليها من إلتزامات‪ ،‬كالديون‬
‫ونفقات جتهيز امليت وتنفيد وصيته‪ ،‬مث أييت بعد ذلك تقسيم الرتكة‪ ،‬وهو املستوحى من جمموعة من النصوص يف‬
‫مدونة األسرة‪ ،‬منها املادة ‪ 393‬اليت تنص على أنه‪ " :‬يتسلم الورثة بعد تنفيد إلتزامات الرتكة ما بقي منها‪. "...‬‬

‫فاملشرع حدد وقت استحقاق اإلرث من اتريخ الوفاة‪ ،‬لكنه حدد وقت انتقاله إىل الورثة من اتريخ االنتهاء‬
‫من تصفية الرتكة‪ ،‬فالورثة ال يستطيعون معرفة ماينوهبم‪ ،‬إال بعد جرد أموال الرتكة وختليصها من احلقوق العالقة هبا‪.‬‬

‫وقد أخضع املشرع املغريب من خالل الفصل ‪ 18‬من ظهري الوضعية املدنية للفرنسيني واألجانب‪، 8‬‬
‫التوارث يف الرتكة املوجودة يف املغرب للقانون الوطين للمورث‪ ،‬وبناء عليه إذا كان اهلالك مغربيا طبق على تركته‬

‫األسرة‪7.‬‬ ‫ــ ظهير شريف رقم ‪ 1.04.22‬صادر في ‪ 12‬ذي الحجة ‪ 1421‬الموافق ل(‪ 3‬فبراير‪ ،)2004‬بتنفيد القانون رقم ‪ 70.03‬بمثابة مدونة‬
‫‪ 8‬ــالظهير الصادر في ‪ 9‬رمضان ‪ 1331‬الموافق ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬بشان الوضعية المدنية للفرنسيين واألجانب‬
‫ينص الفصل ‪ 18‬من القانون المشار إليه أنه ‪" :‬يخضع توارث المنقوالت واألصول الموجودة داخل منطقة الحماية الفرنسية بالمغرب لقانون الدولة التي‬
‫ينتسب إليها الموروث في ما يعود لتعيين الورثة والترتيب الذي يرثون بمقتضاه‪ ،‬واألنصبة العائدة ألى كل واحد منهم‪ ،‬والمقادير التي يتعين عليهم‬
‫إرجاعها إلى التركة‪ ،‬والمقدار الذي يجوز للموروث ألن يتصرف به على وجه الوصية‪ ،‬والمقدار الذي يجب حفظه للورثة"‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫القا نون املغريب(أي مدونة األسرة)‪ ،‬حىت ولو كان متعدد اجلنسيات‪ ،‬وهو ما أقرته مدونة األسرة يف مادهتا الثانية‬
‫بشكل صريح‪ ،9‬ألن اجلنسية الوطنية تفضل على غريها‪.‬‬

‫وإذا كان أجنبيا مسلما خيضع ألحكام مدونة األسرة‪ ،‬أما إذا كان غري مسلم فيخضع للقانون الوطين‬
‫لبلده‪.10‬‬

‫أما إذا كان الجئا يف املغرب‪ ،‬فإن الفصل ‪ 12‬من اتفاقية جنيف اخلاصة ابلالجئني املؤرخة يف ‪28‬‬
‫يوليوز‪ 11 1951‬تنص على أن األحوال الشخصية لالجئ ـ مبا فيها اإلرث والوصية ــ‪ ،‬ختضع لقانون الدولة اليت‬
‫يوجد فيها موطنه‪ ،‬وإذا مل يكن له فيها موطن فلقانون الدولة اليت يوجد فيها حمل إقامته‪ ،‬وهو ما تبنته املادة الثانية‬
‫من مدونة األسرة كذلك‪ ،‬على أنه إذا كان يهوداي طبق على تركته القانون العبي املغريب‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬احلقوق املتعلقة ابلرتكة‬

‫تتعلق ابلرتكة جمموعة من احلقوق‪ ،‬تندرج يف األسبقية‪ ،‬تناوهلا املشرع يف املادة ‪ 322‬من مدونة األسرة جاء فيها‬
‫‪" :‬تتعلق ابلرتكة حقوق مخسة خترج على الرتتيب التايل‪:‬‬

‫‪1‬ـ ـ احلقوق املتعلقة بعني الرتكة؛‬

‫‪2‬ـ نفقات جتهيز امليت ابملعروف؛‬

‫‪3‬ـ ديون امليت؛‬

‫‪4‬ـالوصية الصحيحة النافدة؛‬

‫‪ 9‬ــ جاء في هذه المادة ما يلي ‪ :‬تسري أحكام هذه المدونة على ‪:‬جميع المغاربة ولو كانوا ح املين لجنسيات أخرى‪ ،‬الالجئين بمن فيهم عديمو الجنسية‪،‬‬
‫طبقا التفاقية جنيف المؤرخة في ‪ 28‬يوليوز لسنة ‪ 1951‬المتعلقة بوضعية الالجئين‪ ،‬العالقات التي يكون فيها أحد الطرفين مغربيا‪ ،‬العالقات التي تكون‬
‫بين مغربيين أحدهما مسلم‪ ،‬أما اليهود المغاربة فتسري عليهم قواعد األحوال الشخصية العبرية المغربية‪".‬‬
‫‪ 10‬ــ وهو التوجه الذي أخدت به محكمة النقض في قرار لها جاء فيه ‪" :‬يترتب على اعتناق الديانة اإلسالمية لزوما تطبيق القواعد الشرعية على مسائل‬
‫األحوال الشخصية والميراث مادام أن ذلك االعتناق وقع بدون تدليس وطبقا للقواعد الشكلية المقررة قانونا"‬
‫قرار صادر بتاريخ ‪ 1974/7/5‬تحت عدد ‪ ، 250‬منشور بالمجلة المغربية للقانون والسياسة واالقتصاد‪ ،‬العدد ‪ ،5‬سنة ‪ ،1977‬ص ‪ ،132‬أشلر إليه‬
‫ــ أشار إلى ذلك‪ ،‬محمد المهدي‪ ،‬نظام اإلرث في ضوء مدونة األسرة والعمل القضائي ــ قواعد وتطبيقات ـ الطبعة الثالثة‪ ،‬دار القلم‪ ،‬الرباط‪ ،‬سنة ‪.2016‬‬

‫‪11.1955‬‬ ‫ـ انضم إليها المغرب بمقتضى ظهير ‪ 8‬غشت‬


‫‪5‬‬
‫‪5‬ـ املواريث حبسب ترتيبها يف هذه املدونة"‬

‫واملالحظ هنا أن املشرع قدم احلقوق املتعلقة بعني الرتكة على نفقات التجهيز والتكفني‪ ،‬وهذا الرتتيب‬
‫هو املشهور يف مذهب املالكية واحلنفية والشافعية‪ ،‬يف حني ذهب احلنابلة إىل تقدمي نفقات جتهيز امليت على سائر‬
‫‪12‬‬
‫احلقوق األخرى‪.‬‬

‫وسنتوىل تباعا تناول هذه احلقوق ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ احلقوق املتعلقة بعني الرتكة ‪:‬‬

‫يعرف احلق العيين أبنه سلطة مباشرة على شيء مادي معني ابلذات يقرها القانون لشخص معني‪ ،‬فاملالك‬
‫مثال هو صاحب حق عيين‪ ،‬ألن له سلطة مباشرة على الشيء الذي ميلكه‪ ،‬يستطيع أن يباشر سلطته عليه دون‬
‫تدخل طرف آخر‪.‬‬

‫ويقصد ابحلقوق املتعلقة بعني الرتكة‪ ،‬ذلك احلق الذي يرتتب للغري على اشياء معينة من أموال اهلالك‪،‬‬
‫منقوالت أو عقارات‪ ،‬ابعتباره ـ أي اهلالك ـ مدينا به حال حياته‪ ،‬سواء كان هذا احلق أصلي كحق امللكية‪،‬كما‬
‫لو أن إجراءات نقل امللكية مل تتم يف حياة اهلالك‪ ،‬وحق السطحية واالنتفاع واالرتفاق‪ ،‬أو احلقوق العينية التبعية‬
‫اليت تكون لضمان تنفيد التزام أصلي عالق ابهلالك‪ ،‬كاالمتيازات أبنواعها والرهون احليازية والرمسية‪ ،13‬ألهنا حقوق‬
‫غري مملوكة للهالك‪ ،‬كان عليه أدائها قيد حياته سواء طوعا أو جبا‪ ،‬لذلك فعلى الورثة أداء هذه الديون اىل‬
‫أصحاهبا‪ ،‬وإذا كانت حمل رهن أو امتياز يؤدوهنا شريطة أداء الدين الرمسي‪.‬‬

‫وإذا تزامحت جمموعة من الديون يراعى األولوية يف هذه الديون‪ ،‬حبيث تؤدى االمتيازات العقارية اليت تقدم‬
‫على أي دين ولو كان مضموان برهن حيازي او رمسي‪ ،‬مث االمتيازات اخلاصة ابملنقوالت‪ ،‬مث االمتيازات العامة‪،‬‬
‫وأخريا الرهون احليازية والرمسية اليت يراعى يف ترتيبها اتريخ التقييد‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ نفقات جتهيز امليت ابملعروف‪:‬‬

‫‪12.107‬‬
‫ــ محمد يوسف موسى‪ ،‬التركة والميراث في اإلسالم‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬دون ذكر السنة‪ ،‬ص‬
‫ــ عبد الرحمان بلعكيد‪ ،‬علم الفرائض‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬سنة ‪ ،2006‬ص ‪4613‬‬
‫‪6‬‬
‫وهي النفقات املتعلقة بتجهيز امليت‪ ،‬كمصاريف غسله وتكفينه ودفنه‪ ،‬واإلجراءات اخلاصة هبا كاحلصول‬
‫على شهادة الوفاة ورخصة الدفن‪ ،‬وما تعارف عليه اجملتمع من إطعام املعزيني دون إسراف قد يضر حبقوق الدائنني‬
‫والورثة القاصرين‪ ،‬كالوالئم اليت تقام يف اليوم الثالث‪ ،‬واليوم األربعني‪ ،‬والذكرى السنوية‪ ،‬فهي بدع يتحمل نفقاهتا‬
‫من أقامها‪ ،‬وال تتعلق بنفقات جتهيز امليت اليت أشارت إليها املدونة‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ ديون امليت املطلقة ‪:‬‬

‫وهي الديون العادية اليت ال تتعلق بعني من أعيان الرتكة‪ ،‬وليست حمل امتياز وال مضمونة برهن‪ ،‬تؤدى بعد‬
‫مصاريف جتهيز امليت‪ ،‬وقد أمجع عليها مجيع الفقهاء إال الظاهرية الذين قدموه على جتهيز امليت‪ ،‬سواء الديون‬
‫العينية أو العادية‪.‬‬

‫والدين يقضى قبل الوصية‪ ،‬ولو أن القرآن ينص على أسبقية الوصية على الدين‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬من بعد‬
‫وصية توصون هبا أو دين}‪.‬‬

‫وتنقسم ديون امليت املطلقة اىل ديون هللا تعاىل مث ديون العباد ‪:‬‬

‫ـ ـ ديون هللا تعاىل ‪ :‬وتعين الزكاة واحلج والكفارة والنذور واحلج؛‬

‫ـ ـ ديون العباد ‪ :‬وهي الديون اليت كانت على رقبة امليت أثناء حياته قبل الغري‪ ،‬والثابتة ثبوات ال ريب فيه‪ ،‬وهي ترد‬
‫‪14‬‬
‫على األموال املنقولة‪ ،‬وتستوىف فيها أوال الديون املمتازة واملرهونة‪.‬‬

‫ومن الديون املمتازة جند الصوائر املرتتبة عن مرض امليت للستة أشهر السابقة على الوفاة (املادة ‪)1248‬‬
‫من ق ل ع‪.‬‬

‫ولإلشارة فإن الديون اليت تكون على املورث ألجل ال حتل مبوته‪ ،‬فهي تبقى حمافظة على األجل القانوين‬
‫احملدد هلا‪ ،‬والدليل على ذلك عدم ذكر موت املدين ضمن احلاالت اليت يفقد فيها املدين مزية األجل املنصوص‬

‫‪14‬‬ ‫ــ محمد رياض‪ ،‬أحكام المواريث بين النظر الفقهي والواقع العملي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪.46 ،1998 ،‬‬
‫‪7‬‬
‫عليه يف الفصل ‪ 139‬من ق ل ع‪ ،‬ويف هذا خمالفة للرأي الراجح يف الفقه اإلسالمي الذي يقضي بسقوط حق‬
‫األجل‪ ،‬وابلتايل حلول الدين بوفاة املدين‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ الوصية الصحيحة النافدة ‪:‬‬

‫الوصية هي تبع جبزء مما سيرتكه املتبع‪ ،‬يلزمه مبوته‪ ،‬وقد عرفتها مدونة أألسرة يف املادة ‪ 277‬أبهنا‪ ":‬عقد‬
‫يوجب حقا يف ثلث عاقده يلزمه مبوته"‪.‬‬

‫ويف القرآن الكرمي الوصية أتيت قبل الدين {من بعد وصية توصون هبا أو دين}‪ ،‬لكن النيب (ص) بدأ ابلدين‬
‫قبل الوصية‪.‬‬

‫ويشرتط فيها أن يصدر هبا إشهاد عديل‪ ،‬أو حيرر هبا عقد رمسي أو خبط يد املوصي وإمضائه‪ ،‬أو أن تثبت‬
‫بشهادة الشهود عند الضرورة‪ ،‬وتكون انفدة إذا مل يرتاجع عنها املوصي ومل يردها املوصى له‪.‬‬

‫وتنحصر الوصية يف حدود الثلث يوم تنفيدها‪ ،‬بعد إخراج احلقوق األخرى‪ ،‬وإذا تضمنت نسبة أكثر من‬
‫ذلك وجب إجازة الورثة الرشداء‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ املواريث ‪:‬‬

‫بعد اسيفاء احلقوق املذكورة يوزع ابقي الرتكة على الورثة‪ ،‬مع انتفاء املانع وحتقق السبب وحتقق شروط‬
‫اإلرث‪.15‬‬

‫وما مييز اإلرث كأحد أسباب نقل امللكية هو أنه عطية من عند هللا تعاىل‪ ،‬ال حيق للوارث أن يرفضه‪ ،‬أو‬
‫يتنازل عنه لغريه فيجعله خلفا عنه يف اإلرث‪ ،‬كما ال حيق ملالك الرتكة أن جيرد أحدا من الورثة قبل الوفاة‪ ،‬فقواعد‬
‫اإلرث وأحكامه املعتبة شرعا من النظام العام ال جيوز االتفاق على خمالفتها‪ ،‬وهو مانصت عليه مدونة األسرة‪،‬‬
‫جاء يف مادهتا ‪ 329‬مايلي‪ " :‬ليس لكل من الوارث أو املوروث إسقاط صفة الوارث أو املوروث وال التنازل عنه‬
‫للغري"‬

‫‪ 15‬ــ وهو مانصت عليه المادة ‪ 393‬من مدونة األسرة جاء فيها‪" :‬يتسلم الورثة بعد تنفيد إلتزامات التركة‪ ،‬ما بقي منها كل بحسب نصيبه الشرعي‪"...‬‬
‫‪8‬‬
‫والورثة يقسمون اىل ‪:‬‬

‫األم ـ اجلدة ـ األخ ألم ـ األخت ألم‬ ‫‪6‬‬ ‫ورثة ابلفرض فقط‬
‫الزوجة ـ الزوج‬
‫اإلبن ـ ابن اإلبن وإن سفل ـ األخ الشقيق ـ األخ ألب ـ‬ ‫ورثة ابلتعصيب فقط ‪8‬‬
‫ابن األخ الشقيق أو ألب وإن سفل ـ العم الشقيق والعم‬
‫ألب وابنهما وإن سفل‬
‫األب ـ اجلد لألب‬ ‫ورثة ابلفرض والتعصيب مجعا ‪2‬‬
‫البنت ـ بنت االبن وإن سفلت ـ األخت الشقيقة ـ األخت‬ ‫ورثة ابلفرض والتعصيب انفرادا ‪4‬‬
‫ألب‬

‫‪ .‬وذوي األرحام وهم ملحقني يف آخر أبواب الفقه اإلسالمي‪ ،‬ويطلق على األقرابء الذين ال يرثون فرضا‬
‫وال تعصيبا‪ ،‬وقد اختلف الفقهاء يف توريثهم من عدمه‪ ،‬فقال بعدم توريثهم زيد بن اثبت واملالكية‪ ،‬وقال بتوريثهم‬
‫عدد من الصحابة واحلنفية‪ ،‬واختلف بشأهنم الشافعية‪ ،‬وحسب مدونة األسرة ال مرياث لديهم ‪ ،‬كما مل يثبت‬
‫مرياثهم يف القرآن الكرمي ابلنص الصريح وال ابلسنة الظاهرة وهم ‪:‬‬

‫اجلد واجلدة ألم والعمة واخلال واخلالة وإبن البنت وبنت البنت وإبن وبنت األخت وإبن األخ ألم والعم ألم‪.‬‬

‫أما الدولة من قبل كانت ترث من ال وارث له‪ ،‬وتعصب بعد استحقاق ذوي الفروض لنصيبهم‪ ،‬لكن بعد‬
‫صدور ظهري أكتوبر ‪ 1962‬وحلول املادة ‪ 349‬من م س أصبحت فقط ترث من ال وارث له‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪:‬مقومات اإلرث‬

‫مقومات اإلرث هي عالماته اليت ال يثبت شرعا إال مبجموعها‪ ،‬وهي اسباب اإلرث اليت يلزم من وجودها‬
‫وجود اإلرث ومن عدمها عدمه‪ ،‬مث شروط اإلرث اليت يلزم من عدمها عدم اإلرث‪ ،‬مث موانع اإلرث اليت يلزم من‬
‫وجودها عدم اإلرث‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬أسباب اإلرث‬

‫لكي يتم التوارث بني شخص وآخر‪ ،‬ال بد من وجود رابطة جتمع بينهما‪ ،‬وهذه الرابطة هي سبب اإلرث‪،‬‬
‫واسباب اإلرث املتفق عليها هي القرابة والزوجية والوالء‪ ،16‬أما مدونة األسرة فحصرهتا يف الزوجية والقرابة‪ ،‬حيث‬
‫نصت املادة ‪ 329‬من املدونة على ما يلي ‪ " :‬أسباب كالزوجية والقرابة‪ ،‬ال تكتسب بعقد وال بوصية"‪ ،‬إذن‬
‫حسب هذه املادة‪ ،‬فليس لكل وارث أو املوروث إسقاط صفة الوارث أو املوروث أو التنازل عنه للغري‪.‬‬

‫السبب األول ‪ :‬القراب ـ ـ ـ ـ ــة ‪:‬‬

‫تعتب من أسباب اإلرث القرابة للميت‪ ،‬وتقوم على رابطة الدم‪ ،‬سواء كانت قرابة والدة‪ ،‬أو قرابة حواشي‬
‫وتشمل ‪:‬‬

‫الس ُد أ‬ ‫أ أ‬ ‫أأ‬
‫س ممَّا تَـ َر َك إأن َكا َن لَهُ َولَد فَأإن َّملْ يَ ُكن لَّهُ‬
‫• األصول ‪ :‬ودليله قوله تعاىل ‪َ { :‬وأألَبَـ َويْه ل ُك أل َواحد م ْنـ ُه َما ُّ ُ‬
‫‪17‬‬
‫س}‬ ‫ث فَأإن َكا َن لَهُ إأ ْخ َوة فَأألأُم أه ُّ‬
‫الس ُد ُ‬ ‫َولَد َوَوأرثَهُ أَبَـ َواهُ فَأألأُم أه الثُّـلُ ُ‬
‫ني‬ ‫أ‬ ‫لذَك أر أمثْل َح أظ ْاألُنثَـيَ ْ أ‬
‫ني فَأإن ُك َّن ن َ‬
‫ساء فَـ ْو َق اثْـنَـتَ ْ أ‬ ‫اّللُ أيف أ َْوَال أد ُك ْم لأ َّ‬
‫وصي ُك ُم َّ‬‫• الفروع ‪ :‬ودليله قوله تعاىل ‪{ :‬ي أ‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫توأ‬
‫ف}‪18‬ويرث منهم من مل يدل أبنثى‪ ،‬كاإلبن ‪ ،‬وابن اإلبن‬ ‫ص ُ‬ ‫اح َدة فَـلَ َها النأ ْ‬ ‫فَـلَ ُه َّن ثـُلُثَا َما تَـ َر َك َوإأن َكانَ ْ َ‬
‫وإن نزلوا من الذكور‪ ،‬والبنت وبنت اإلبن‪ ،‬وال يرث إبن البنت وبنت البنت ‪ ،‬ألهنما أدليا أبنثى‪ ،‬لكنهما‬
‫يستفيدان من الوصية الواجبة‪.‬‬
‫ث َك َاللَة أَ أو‬ ‫• احلواشي ‪ :‬وهم فروع األصول‪ ،‬ودليل استفادهتم من اإلرث قوله تعاىل ‪َ { :‬وإأن َكا َن َر ُجل يُ َ‬
‫ور ُ‬
‫ث أمن‬
‫ك فَـ ُهم ُشرَكاء أيف الثُّـلُ أ‬‫أ َٰ أ‬
‫س فَأإن َكانُوا أَ ْكثَـ َر من ذَل َ ْ َ ُ‬ ‫احد أم ْنـ ُه َما ُّ‬
‫الس ُد ُ‬
‫امرأَة ولَهُ أَخ أَو أُ ْخت فَلأ ُك أل و أ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ َ‬
‫‪19‬‬
‫اّللُ َعلأيم َحلأيم}‬ ‫صيَّة أمن َّأ‬
‫اّلل َو َّ‬ ‫َ‬
‫ضار و أ‬
‫ري ُم َ َ‬ ‫وص َٰى هبَا أ َْو َديْن غَ ْ َ‬
‫بـ ْع أد و أ‬
‫صيَّة يُ َ أ‬
‫َ َ‬

‫ويشمل احلواشي ‪:‬‬

‫‪ 16‬ــالوالء فهو قرابة حكمية أنشأها الشارع من العتق‪ ،‬وهو صلة بين السيد وبين من أعتقه‪ ،‬وتجعل للسيد أو عصبته حق اإلرث ممن أعتقه ‪ ،‬إذا مات وال‬
‫وارث له من قرابته‪ ،‬وأضاف الحنفية لألسباب الثالثة المذكورة والء المواالة‪ ،‬وهو عقد بين اثنين يتوارثان به‪ .‬لكن هذه األنظمة استبعدت باستبعاد الرق‪.‬‬
‫‪ 17‬ــ سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪11‬‬
‫ــ سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪1118‬‬
‫ــ سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪17619‬‬
‫‪10‬‬
‫ـ ـ اإلخوة مطلقا‪ ،‬سواء كانوا ذكورا أو إاناث‪ ،‬أشقاء أو ألب أو ألم‪.‬‬

‫ـ ـ كل ذكر مل يذل أبنثى كابن األخ والعم وابن العم‪ ،‬وال يعتب من الورثة‪ ،‬العمة واخلالة وابن‬
‫األخت وبنت األخت وابن العمة وبنت العمة وهكذا‪.....‬‬

‫السبب الثاين ‪ :‬الزوجية‬

‫اج ُك ْم إأن َّملْ يَ ُكن َّهلُ َّن َولَد‬


‫ف َما تَـ َر َك أَ ْزَو ُ‬ ‫ص ُ‬ ‫الزوجية سبب من أسباب اإلرث‪ ،‬والدليل قوله تعاىل ‪َ { :‬ولَ ُك ْم نأ ْ‬
‫الربُ ُع أممَّا تَـ َرْكتُ ْم إأن َّملْ يَ ُكن لَّ ُك ْم َولَد‬
‫ني أهبَا أ َْو َديْن َوَهلُ َّن ُّ‬ ‫صيَّة ي أ‬
‫وص َ‬ ‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫فَأإن َكا َن َهل َّن ولَد فَـلَ ُكم ُّ أ‬
‫الربُ ُع ممَّا تَـ َرْك َن من بَـ ْعد َو ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫أ ‪20‬‬
‫وصو َن هبَا}‬ ‫فَأإن َكا َن لَ ُكم ولَد فَـلَ ُه َّن الثُّمن أممَّا تَـرْكتُم أمن بـ ْع أد و أ‬
‫صيَّة تُ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُُ َ‬ ‫َْ‬
‫وتنعت ابلقرابة السببية‪ ،‬ويقصد هبا الزوجية الناشئة عن عقد صحيح‪ ،‬فإذا مات أحد الزوجني يف هذا‬
‫النكاح‪ ،‬ورثه أآلخر سواء كان املوت قبل الدخول أو بعده‪ ،‬بشرط أن يكون عقد النكاح عند الوفاة قائما حقيقة‬
‫ببقاء الزوجية بني الطرفني‪ ،‬أو حكما كاملعتدة من طالق رجعي‪ ،‬و يثبت حق التوارث مبجرد انعقاد العقد‪ ،‬وال‬
‫يتوقف على الدخول أو الدعوة اليه‪.‬‬

‫وإذا كان الزواج الذي استوىف كافة أركانه وشروط صحته ينتج مجيع آاثره من احلقوق والواجبات اليت رتبتها‬
‫الشريعة اإلسالمية بني الزوجني‪ ،‬ومن بينها التوارث‪ ،‬كما تنص على ذلك املادة ‪ 51‬من مدونة األسرة‪ ،‬فإن الزواج‬
‫الباطل الختالل أركانه‪ ،‬اليت هي اإلجياب والقبول‪ ،‬أو وجود موانع مؤبدة أو مؤقتة‪ ،‬يرتتب عليه عند وجود حسن‬
‫النية حلوق النسب وحرمة املصاهرة‪ ،‬لكن ال يرتتب عليه التوارث بني الزوجني‪ ،‬أما الزواج الفاسد لعقده أو لصداقه‪،‬‬
‫فإنه يرتب مجيع اآلاثر القانونية‪ ،‬إىل أن يصدر حكم قضائي بفسخه‪ ،‬وبذلك يعتب سببا كافيا لإلرث‪ ،‬إذا تويف‬
‫‪21‬‬
‫أحد الزوجني قبل صدور احلكم القاضي بفسخه‪.‬‬

‫اإلرث والطالق ‪:‬‬

‫ــ سورة النساء اآلية ‪1220‬‬


‫‪21.‬ـ وهو مانصت عليه كذلك المادة ‪ 51‬من مدونة األسرة‪ ،‬حيث اعتبرت من الحقوق والواجبات المتبادلة بين الزوجين حق التوارث بينهماـ‬
‫ــ محمد الشتيوي‪ ،‬اإلجراءات اإلدارية والقضائية لتوثيق الزواج‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية‪ ،‬مراكش‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2004‬ص ‪.25‬‬
‫‪11‬‬
‫يف الطالق الرجعي يثبت املرياث بني الزوجني فيما لو مات أحدمها اثناء العدة‪ ،‬كما يثبت مرياث من طلق‬
‫زوجته طالقا ابئنا بغري رضاها يف مرضه املتصل مبوته‪ ،‬حىت ولو خرجت من عدهتا‪ ،‬ولو تزوجت برجل آخر‪ ،‬معاملة‬
‫له بنقيض القصد‪ ،‬أما ابلنسبة للزوج املطلق طالقا ابئنا يف مرض موته‪ ،‬فإنه ال يرث منها مطلقا‪.‬‬

‫حكم اجتماع أسباب اإلرث‪:‬‬

‫مىت ثبتت القرابة أو الزوجية كانت سببا لإلرث لصاحبها بقوة القانون‪ ،‬لكن يطرح اإلشكال يف حالة اجتماع‬
‫الصفتني معا كالقرابة والزوجية‪ ،‬كاهلالكة اليت ترتك من الورثة فقط زوجها الذي هو يف نفس الوقت ابن عمها‪.‬‬

‫املقرر عند فقهاء الشريعة اإلسالمية أنه يرث هبما معا‪ ،‬لكن مدونة االسرة يف املادة ‪ 337‬جندها قد أدرجت‬
‫الزوج ضمن الورثة الذين يرثون ابلفرض فقط‪ ،‬وهو ما سيطرح إشكاال حول الصفة اليت يرث هبا الوارث‪ ،‬لذلك‬
‫يتطلب األمر من املشرع التدخل إلعادة صياغة املواد املنظمة لإلرث بـإدراج حالة التوارث بوجود سببني لإلرث‬
‫الزوجية والقرابة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬شروط اإلرث‬

‫بعد قيام أسباب اإلرث‪ ،‬يشرتط لثبوت اإلرث توفر ثالث شروط‪ ،‬كما جاء يف املادة ‪ 330‬من م س‬
‫"يشرتط يف استحقاق اإلرث مايلي ‪:‬‬

‫‪1‬ـ حتقق موت املوروث حقيقة أو حكما؛‬

‫‪2‬ـ وجود وارثه عند موته حقيقة أو حكما؛‬

‫‪ 3‬ـ العلم جبهة اإلرث"‪.‬‬

‫الشرط األول ‪ :‬ثبوت موت املورث حقيقة أو حكما‬

‫مبعىن ال ميكن أن ت قسم الرتكة حىت ميوت املورث موات ثبوتيا قطعيا‪ ،‬أو حيكم القاضي مبوته‪ ،‬وهو املراد ابملوت‬
‫حكما‪ ،‬لذلك قرر املشرع يف الفصل ‪ 61‬من ق ل ع عدم جواز التنازل عن تركة إنسان على قيد احلياة ولو‬
‫برضاه‪ ،‬وكل تصرف فيه يقع ابطال بطالان مطلقا‪.‬‬

‫ـ ـ أ ـ املوت احلقيقي ‪:‬‬


‫‪12‬‬
‫املوت احلقيقي هو فقدان احلياة قطعيا‪ ،‬أي عدم قدرة اجلسم على احلركة‪ ،‬مبوت الدماغ وعدم التنفس وعدم‬
‫االستجابة ألي مؤثر‪ ،‬ويثبت بشهادة الشهود‪ ،‬أو عن طريق السماع‪ ،‬أو شهادة الوفاة‪.‬‬

‫ـ ـ ب ‪ :‬املوت احلكمي "املفقود أو الغائب"‪:‬‬

‫املفقود هو الشخص الذي غاب عن أهله وانقطعت أخباره‪ ،‬حبيث مل يعد يعرف أهو حي أم ميت‪ ،‬فيجري‬
‫يف حقه اصطالح املوت احلكمي‪ ،‬الفرتاض وتغليب موته‪ ،‬إما لظروف استثنائية يغلب عليه فيها اهلالك‪ ،‬كاحلروب‬
‫واالضطراابت والفياضاان ت والزالزل واحلرائق واألوبئة وغريها من النكبات‪ ،‬أو يف ظروف عادية تطول فيها غيبته‬
‫اىل ما ال حييا إىل مثله‪.‬‬

‫واملفقود يبقى يف نظر القانون حيا‪ ،‬إىل أن يصدر حكم بتمويته‪ ،‬طبقا للمادة ‪ 326‬من مدونة االسرة‪ ،‬بناء‬
‫على دعوى التصريح بوفاته ترفع من كل ذي مصلحة مشروعة‪ ،‬أو من النيابة العامة للمحكمة االبتدائية حملل آخر‬
‫موطن أو حمل إقامة للغائب‪ ،‬وإال فإىل احملكمة اليت توجد األموال بدائرهتا ‪.‬‬

‫واحملكمة حتكم بتمويته بناء على ما أديل هلا من واثئق ‪،‬كاللفيف العديل الذي يثبت الغيبة‪ ،‬ابإلضافة إىل أن‬
‫احملكمة ال تصرح ابلوفاة إال بعد التحري والبحث عن الغائبني بواسطة النيابة العامة‪ ،‬والقيام ابلنشر يف اجلرائد‬
‫وغريها‪ ،‬ويضرب أجل لذلك‪ ،‬طبقا للمادة ‪ 327‬من مدونة األسرة‪.22‬‬

‫وعند انقضاء األجل يصرح ابلوفاة‪ ،‬وبفتح تركة املفقود‪ ،‬وتنهى مهام املسري القضائي إذا سبق تعيينه‪،‬‬
‫‪23‬‬
‫واليعتد سوى ابلورثة األحياء عند النطق ابحلكم‪ ،‬ومن مات منهم من قبل‪ ،‬ال يعتد به‪.‬‬

‫واملفقود يف ظروف يغلب فيها االعتقاد أبنه هلك‪ ،‬كما يف حالة احلرب والفيضان فإن احملكمة ال حتكم مبوته‪،‬‬
‫إال بعد انقضاء سنة من اتريخ اليأس من الوقوف على خب وفاته‪ ،‬أما إذا فقد يف ظروف عادية‪ ،‬يبقى الصالحية‬
‫للمحكمة يف حتديد املدة اليت تنتظرها بعد اتريخ اليأس‪ ،‬قبل إصدار احلكم مبوته‪.‬‬

‫‪ 22‬ــ تنص هذه المادة على مايلي‪ " :‬يحكم بموت المفقود في حالة استثنائية يغلب عليه فيها الهالك بعد مضي سنة من تاريخ اليأس من الوقوف على خبر‬
‫حياته أو مماته‪.‬‬
‫ـعبد الرحمان بلعكيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪11023‬‬
‫‪13‬‬
‫ويرتتب على احلكم القضائي مبوت املفقود‪ ،‬انتهاء شخصيته القانونية من اتريخ صدور احلكم‪ ،‬ويعامل‬
‫معاملة امليت من ذلك التاريخ‪ ،‬حيث توزع تركته على من كان موجودا من ورثته وقت صدور احلكم بتمويته‪.‬‬

‫✓ حكم ظهور املفقود ‪:‬‬

‫يعتب املفقود مستصحب احلال ابلنسبة ألمواله‪ ،‬أي يعتب حيا استنادا اىل دليل االستصحاب‪ ،‬أي‬
‫استصحاب احلالة اليت كان عليها قبل فقده‪ ،‬لذلك فإن أمواله تبقى موقوفة اىل أن حيكم القاضي بتمويته‪ ،‬وإذا‬
‫ظهر قبل احلكم يضع يده على ماله‪.‬‬

‫لكن يف بعض األحيان قد حتكم احملكمة مبوت املفقود‪ ،‬ويتم توزيع الرتكة على الورثة‪ ،‬ويتم احلكم ابلتطليق‬
‫للغيبة لصاحل الزوجة‪ ،‬مث يظهر هذا املفقود بعد صدور احلكم بتمويته‪ ،‬أو يتبني أن التاريخ احلقيقي لوفاته ليس هو‬
‫القاضي به احلكم‪ ،‬على اعتبار أن احلكم بتمويت املفقود ال يستند إىل دليل قطعي‪ ،‬وإمنا إىل اجتهاد قاضي املوضوع‬
‫فقط‪.‬‬

‫يف الفرضية األوىل على النيابة العامة أو من يعنيه األمر تقدمي طلب اىل احملكمة الستصدار حكم قضائي‬
‫إبثبات كون املفقود ال زال حيا‪ ،‬فيبطل احلكم املصرح ابلوفاة يف مجيع آاثره‪ ،24‬أما إذا مت توزيع أمواله على الورثة‬
‫املفرتضني‪ ،‬فمن حق املفقود استعادهتا إن كانت ابقية‪ ،‬أو تقدمي دعوى من أجل اإلثراء بال سبب‪.25‬‬

‫أما الزوجة فإما أن جيدها بدون زواج فهي له‪ ،‬وإما أن جيدها قد تزوجت ودخل هبا الزوج الثاين فال سبيل‬
‫له إليها‪ ،‬وإما أن جيدها قد تزوجت‪ ،‬لكن مل يدخل هبا الزوج الثاين‪ ،‬فيكون أحق هبا‪ ،‬كما جاء عند اإلمام مالك‪.‬‬

‫أما عند ثبوت التاريخ احلقيقي للوفاة غري الذي صدر احلكم به‪ ،‬يتقدم املعين ابألمر أوالنيابة العامة بطلب‬
‫إصدار حكم جديد إبثبات التاريخ احلقيقي‪ ،‬وبطالن احلكم السابق يف مجيع آاثره املرتتبة عن التاريخ غري الصحيح‬
‫‪26‬‬
‫للوفاة‪ ،‬فقط فيما يتعلق بزواج املرأة‪ ،‬فيبقى انفذا إذا وقع هبا البناء‪.‬‬

‫الشرط الثاين ‪ :‬حتقق حياة وارثه عند موته حقيقة أو حكما ‪:‬‬

‫األسرة‪24‬‬
‫ــ وهو مانصت عليه المادة ‪ 75‬من مدونة‬
‫‪ 25‬ــ المدونة الكبرى لإلمام مالك‪ ،‬ج‪ ،13‬ص ‪ ،58‬ج‪ ،14‬ص ‪.188‬‬
‫‪26‬‬ ‫ـ أنظر في ذلك المادة ‪ 76‬من المدونة‬
‫‪14‬‬
‫ـ أ ـ الوجود احلقيقي للوارث ‪:‬‬

‫يعين الوجود احلقيقي للوارث هو ثبوت كونه حي يرزق عند موت املورث ‪ ،‬أي جيب إثبات أتخر حياة‬
‫الوارث عن موت املورث ولو للحظات‪ ،‬كما يف حالة الوفاة بسبب حوادث السري مثال‪.‬‬

‫ويثبت الوجود الطبيعي للوارث بدفاتر احلالة املدنية‪ ،‬وبطائق اهلوية‪ ،‬وشهادة اللفيف والقرائن القانونية‪ ،‬مبا‬
‫يف ذلك التقارير الطبية املعتمدة للتأكد من ذلك‪ ،‬وابلشهود الذين عاينوا الوفاة ويشهدون يف رسوم اإلرااثت مبعرفة‬
‫الوارث املعرفة الكافية‪ ،‬وأبنه حي أثناء وفاة املورث ولو بلحظات‪ ،‬كأن كان يف حالة احتضار أو كان يف غيبوبة‬
‫اتمة‪ ،‬فتبقى له صفة وارث مادام تويف بعد وفاة املورث‪ ،‬ويلحق به املفقود قبل صدور حكم قضائي مبوته‪ ،‬على‬
‫اعتبار أنه يكون مستصحب احلياة يف هذه احلالة ويعتب حيا‪.‬‬

‫ويف حالة عدم معرفة املتوىف السابق‪ ،‬وجب العمل ابلشك‪ ،‬والشك من موانع اإلرث فال توارث بينهم‪،‬‬
‫لذلك فال توارث بني اجلماعة اليت تتوىف يف وقت واحد‪ ،‬وال يتم معرفة السابق منهم والالحق‪ ،‬كالغرقى واهلدمى‬
‫واحلرقى والقتلى‪.‬‬

‫أما اجلنني فال توزع الرتكة املفرتض نصيبه فيها‪ ،‬اىل أن تتحقق حياته وصفته وعدده عند والدته بصراخ أو‬
‫عطاس أو تنفس أو حترك أو رضاع‪ ،‬وهو ما يعرف بشرط االستهالل‪ ،‬لقول الرسول (ص)‪ {:‬إذا استهل املولود‬
‫ورث}‪.‬‬

‫ويف حالة سقوط اجلنني‪ ،‬ال مرياث له النتفاء شرط االستهالل‪.‬‬

‫ـ ب ـ ـ الوجود احلكمي ‪:‬‬

‫جاء يف املادة ‪ 326‬من مدونة األسرة مايلي ‪:‬‬

‫" املفقود مستصحب احلياة ابلنسبة ملاله‪ ،‬فال يورث وال يقسم بني ورثته إال بعد احلكم بتوريثه‪ ،‬وحمتمل احلياة يف‬
‫حق نفسه وكذلك يف حق غريه فيوقف احلظ املشكوك فيه اىل أن يبت يف أمره"‬

‫‪15‬‬
‫إذن فاملفقود ينصرف عليه الوجود احلكم ي الذي قبل صدور مقرر بوفاته يظل حمتمل احلياة يف حق نفسه‬
‫ويف حق غريه‪ ،‬فلو مات من يرث فيه‪ ،‬لوجب إيقاف حظه املشكوك فيه احتماال لظهوره‪ ،‬إن ظهر قبل احلكم‬
‫بتمويته‪ ،‬لينال حظه املوقوف‪ ،‬وإال رد حظه املوقوف اىل ورثة املتوىف‪ ،‬فال مرياث له بسبب الشك يف حياته‪ ،‬وال‬
‫مرياث مع الشك‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬موانع اإلرث‬

‫قد تتحقق شروط اإلرث ومع ذلك حيرم الوارث من اإلرث‪ ،‬مىت نزل به مانع من املوانع‪ .‬وشروط اإلرث‬
‫شروط واقفة إذا حتققت وجب اإلرث‪ .‬واملوانع شروط فاسخة إذا حتققت وجب اإلرث‪.‬‬

‫واملانع هو صفات إذا وجد واحد منها حرم الشخص من املرياث ولو توفرت أسبابه وشروطه‪ ،‬ويسمى‬
‫الشخص حينئد ممنوعا وحمروما من اإلرث‪ ،‬ويعتب كأنه غري موجود أصال‪ ،‬فال يؤثر على غريه من األشخاص يف‬
‫احلجب‪.‬‬

‫وموانع الشك سبع ة وقد رمزوا هلا بعبارة (عش لك رزقا)‪ ،‬العني لعدم استهالل املولود بصراخ أو رضاع‪،‬‬
‫والشني للشك يف السبب أو الشرط‪ ،‬والالم اللعان‪ ،‬والكاف الكفر واختالف الدين‪ ،‬والراي للرق‪ ،‬والزاي للزىن‪،‬‬
‫والقاف للقتل‪ .‬غري أن مدونة األسرة أوردت من هذه املوانع ستة يف عدد من موادها‪ ،‬حبيث تناولت مانع الشك‬
‫يف ترتيب املوت (املادة ‪ ،)328‬ومانع عدم استهالل املولود بصراخ أو رضاع (املادة ‪ ،)331‬وموانع تضمنتها‬
‫(املادة ‪ ) 332‬وهي ثالث موانع الكفر واللعان والزىن "ال توارث بني مسلم وغري مسلم (الكفر)‪ ،‬وال بني من نفي‬
‫الشرع نسبه (اللعان والزان) ‪ ،‬وما تضمنته (املادة ‪ ) 333‬وهو مانع القتل‪ ،‬أما الرق الذي مل يعد له وجود اليوم‪،‬‬
‫قد استبعدته مدونة األسرة ضمن موانع اإلرث يف موادها‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬عدم استهالل املولود‬

‫‪16‬‬
‫يستفاد هذا املنع من املادة ‪ 331‬من مدونة األسرة اليت جاء فيها مايلي‪" :‬اليستحق اإلرث‪ ،‬إال إذا ثبتت‬
‫حياة املولود بصراخ أو رضاع وحنومها"‪.27‬‬

‫واالستهالل هو كل مايصدر عن املولود‪ ،‬فيدل على ازدايده حيا‪ ،‬فإذا مات شخص وترك يف رحم زوجته‬
‫جنينا‪ ،‬فإذا ولد هذا اجلنني حمقق احلياة ولو بلحظة تستدل بصراخ أو رضاع أو حركة ظاهرة أو عطاس أو ماشابه‪،‬‬
‫فهو يعتب واراث وموراث لتحقق حياته‪ ،‬وإذا مل يستهل فإنه ال يرث وال يورث‪.‬‬

‫اثنيا ‪ :‬مانع الشك‬

‫يعتب الشك‪ 28‬مانع من موانع اإلرث ويتخد عدة صور‪ ،‬كحالة عدم التأكد من حياة الوارث عند وفاة املورث‪،‬‬
‫مثل املوتى مجاعة يف حادث أو اهلدمى أو الغرقى‪ ،‬حبيث ال يعرف السابق منهم والالحق‪ ،‬وهي احلالة الوحيدة اليت‬
‫نصت عليها مدونة األسرة يف املادة ‪.29328‬‬

‫وهناك صور أخرى للشك‪ ،‬من قبيل الشك يف القرابة نفسها‪ ،‬كما إذا عجز الوارث عن اإلدالء حبجة القرابة‬
‫للمورث‪ ،‬كسبب الستفادته من اإلرث‪ ،‬أو الشك يف اسالم وارث كافر‪ ،‬قبل وفاة املورث او بعده‪.‬‬

‫اثلثا ‪:‬مانع انتفاء النسب‬

‫النسب كما جاء يف املادة ‪ 150‬من مدونة األسرة‪ ،‬هي حلمة شرعية بني األب وولده تنتقل من السلف إىل‬
‫اخللف‪ ،‬ويعتب فراش الزوجية الذي يكون بني ستة أشهر من اتريخ العقد وسنة من اتريخ انتهاء العالقة الشرعية‪،‬‬
‫حجة قطعية على ثبوت النسب‪ ،‬فإذا أتى الولد خارج األمد الشرعي‪ ،‬فإنه اليثبت نسبه إىل الزوج أصال‪ ،‬وبذلك‬
‫ال حيتاج إىل رفع دعوى إلثبات النسب‪.‬‬

‫‪ 27‬ــ أصل هذا المنع ما أخرجه النسائي من رواية ابن الزبير عن جابر رضي هللا عنه ان رسول هللا (ص) قال"إذا استهل الصبي ورث وورَّ ث‬
‫وصلى عليه"‬
‫‪ 28‬ـ الشك هو التردد بين أمرين ال مزية ألحدهما على اآلخر‪ ،‬وهو يختلف عن الظن وااوهم واليقين‪ ،‬فالظن إدراك الطرف الراجح‪ ،‬والوهم إدراك الطرف‬
‫المرجوح‪ ،‬واليقين علم الشيء بحقيقته‪.‬‬
‫‪29‬ـــ جاء في المادة ‪ 328‬مايلي ‪ " :‬إذا مات عدة أفراد‪ ،‬وكان بعضهم يرث بعضا‪ ،‬ولم يتوصل إلى معرفة السابق منهم‪ ،‬فال استحقاق ألحدهم في تركة‬
‫اآلخر‪ ،‬سواء كانت الوفاة في حادث واحد أم ال"‬
‫‪17‬‬
‫أما إذا جاء الولد داخل األمد الشرعي وأمكن االتصال‪ ،‬لكن أتكد للزوج أن الولد ليس من صلبه‪ ،‬فإنه‬
‫يكون من حقه نفي نسبه عنه لوحده دون الغري‪ 30،‬إال إذا ازداد بعد وفاته‪ ،‬فهنا حيق للورثة رفع دعوى املطالبة‬
‫بنفي نسب الولد عن مورثهم‪ ،31‬وحسب مقتضيات املادة ‪ 153‬من مدونة األسرة جيوز الطعن يف النسب إما‬
‫بطريق اللعان‪ ،‬أو طلب استصدار أمر قضائي إبجراء خبة جينية‪.‬‬

‫ـ أ ـ ـ اللعان ‪ :‬اللعان‪ 32‬هو أن حيكم القاضي على كل من الزوج أبن حيلف أمياان معينة على مايدعيه من زان‬
‫زوجته‪ ،‬أو نفي محلها أو ولدها الذي ينتسب إليه لوال اللعان‪ ،‬وعلى الزوجة أن حتلف أمياان معينة لتكذيب زوجها‬
‫‪33‬‬
‫فيما اهتمها‪ ،‬لتدرأ احلد الواجب عليها فيما إذا نكلت‪.‬‬

‫فإذا ما العن الزوج زوجته طبق املسطرة الشرعية‪ ،‬إال وسقط حد القذف عن الزوج وحد الزان عن الزوجة‪،‬‬
‫وتنتهي عصمة الزوجية بينهما لألبد‪ ،‬وينقطع سبب اإلرث بينهما‪ ،‬كما ال ينسب إليه الولد وال يتوارث األب‬
‫والولد الذي العن فيه‪.‬‬

‫ودعوى نفي ا لنسب بطريق اللعان ال تقبل إال بشرطني ‪ :‬أن يكون نفي الولد فور العلم به‪ ،‬وأن ال يقر‬
‫الزوج ابلولد‪.‬‬

‫أما إذا كذب املالعن نفسه واعرتف ابلولد الذي نفاه‪ ،‬فإنه حيد حد القذف‪ ،‬ويعود التوارث بينهما لثبوت‬
‫النسب حينئد ابإلقرار‪.‬‬

‫ـ ـ ب ـ اخلبة الطبية‬

‫من املستجدات اليت جاءت هبا مدونة األسرة اعتماد اخلبة القضائية‪ ،‬ابعتبارها وسيلة من وسائل التحقيق‬
‫لنفي النسب‪ ،‬ابإلضافة إىل مسطرة اللعان‪.‬‬

‫عنه"‪30‬‬ ‫ـ جاء في قرار لمحكمة النقض‪ " :‬األصل في دعوى نفي النسب انها ال تسمع إال ممن نسب إليه الولد‪ ،‬وهي حق لألب المطلوب نفي النسب‬
‫القرار الصادر بتاريخ ‪ 2006/1/8‬تحت عدد ‪ ،21‬في الملف الشرعي عدد ‪.2004/1/2/547‬‬

‫‪ 31‬ـ جاء في قرار لمحكمة النقض " النسب الذي ال يمكن الطعن فيه إال من طرف األب هو نسب الولد المزداد في حياته بشروطه‪ ،‬أما نسب الولد المزداد‬
‫بعد وفاته فيجوز الطعن فيه من طرف الورثة"‬
‫قرار تحت عدد ‪ ،326‬بتاريخ ‪ 29‬أبريل ‪ ،2014‬ملف شرعي عدد ‪ ،2007/1/2/154‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى‪ ،‬ص ‪160‬‬
‫ـــ أشار إلى ذلك‪ ،‬محمد المهدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.107‬‬
‫‪ 32‬ـ اللعان لغة‪ ،‬مصدر العن‪ ،‬مأخود من اللعن وهو الطرد واإلبعاد‪ ،‬وشرعا شهادات مؤكدة باأليمان مقرونة باللعن من جهة الزوج وبالغضب من‬
‫جهة الزوجة‪ ،‬وسمي اللعان لقول الزوج في الخ امسة أن لعنة هللا عليه إن كان من الكاذبين‪ ،‬وألن أحدهما كاذب ‪ ،‬فيكون ملعونا‪.‬‬
‫‪ 33‬ــ ابن معجوز‪ ،‬أحكام األسرة في الشريعة اإلسالمية ووفق مدونة األحوال الشخصية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬طبعة ‪ ،1990‬ص ‪258‬‬
‫‪18‬‬
‫وهذه اخلبة هي شبه يقينية يف إثبات النسب عن طريق البصمة الوراثية(‪ ،34)ADN‬اليت حتمل محض معني‬
‫يف جسم اإلنسان‪ ،‬للتعرف على صفاته الوراثية‪ ،‬ومقارنتها إن اقتضى احلال بفاصل جسم آخر‪ ،‬لتقرير مطابقته له‬
‫من عدمه‪ ،‬وأصبحت تستعمل حاليا يف إثبات النسب وفق مستجدات أحكام مدونة األسرة‪.‬‬

‫ويشرتط قصد اال ستجابة ملسطرة اخلبة الطبية قيام دالئل قوية على ادعاء الزوج لنفي النسب‪ ،‬وهو مانصت‬
‫عليه املادة ‪ 153‬من مدونة االسرة‪. 35‬كمثال اإلدالء مبحضر الضابطة القضائية إلثبات اخليانة الزوجة‪ ،‬أوامتهان‬
‫الزوجة للدعارة‪...‬‬

‫وإذا جاءت نتيجة اخلبة أن الولد أو احلمل ليس من االب املزعوم‪ ،‬انتفى النسب عنه من اتريخ صدور‬
‫‪36‬‬
‫احلكم القضائي بذلك‪ ،‬وتبعا لذلك ينتهي حق التوارث بينهما‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬مانع اختالف الدين ‪:‬‬

‫نصت املادة ‪ 332‬من مدونة األسرة على أنه "ال توارث بني املسلم وغري املسلم"‪ ،37‬وهذا يعين أن الكفر‬
‫يعد مانعا من اإلرث مهما كانت العالقة عن طريق النسب أو الزواج‪ ،‬وسواء كان أصليا أو عارضا بسبب اإلرتداد‪،‬‬
‫وسواء اتصف به الوارث أو املورث‪ ،‬فال يرث املسلم غري املسلم‪ ،‬سواء كان هذا كتابيا أم غري كتايب‪ ،‬وهلذا فإن‬
‫الزوجة املسيحية أو اليهودية ال ترث يف زوجها املسلم إذا مات‪ ،‬وابملثل فهو ال يرثها إذا ماتت‪ ،‬ومن جهة أخرى‬
‫فإن أبناء الزوجة غري املسلمة يتبعون آابهم يف الدين‪ ،‬لذلك ال توارث بينها وبينهم‪.‬‬

‫خامسا ‪ :‬الزان‬

‫‪ 34‬ــ وتسمى أيضا ببصمة الحمض النووي‪ ،‬وهي صفات وراثية تنتقل من األ صول إلى الفروع ‪ ،‬والتي من شأنها تحديد شخصية كل فرد عن طريق‬
‫تحليل جزء من حامض ‪ DNA‬المتمركز في كل نواة من خلية داخل خاليا الجسم‪.‬‬
‫ــ أشار إلى ذلك ذ محمد الكشبور‪ ،‬الوسيط في شرح مدونة األسرة‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ص ‪.404‬‬
‫‪35‬‬ ‫ـ جاء في المادة ‪" :153‬يثبت الفراش بماتثبت به الزوجية‪.‬‬
‫يعتبر الفراش بشروطه حجة قاطعة على ثبوت النسب‪ ،‬اليمكن الطع ن فيه إال من الزوج عن طريق اللعان‪ ،‬أو بواسطة خبرة تفيد القطع‪ ،‬بشرطين‪:‬‬
‫ــ إدالء الزوج المعني بدالئل قوية على ادعائه؛‬
‫ــ صدور أمر قضائي بهذه الخبرة‪.‬‬
‫‪ 36‬ــ محمد المهدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪111‬‬
‫‪ 37‬ــ ومستند هذه المادة قول النبي (ص)‪ ":‬ال يرث المسلم الكافر واليرث الكافر المسلم"‪ ،‬وفي قوله أيضا (ص)‪" :‬اليتوارث أهل ملتين"‪.‬‬
‫أشار الى ذلك محمد المهدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.112‬‬
‫‪19‬‬
‫الزان مانع من اإلرث بني ولد الزان والزاين‪ ،‬فال يرث أحدمها اآلخر وال ينسب إليه‪ ،‬فالزاين اليرث يف ابنه‬
‫من الزان وال يف أوالده‪ ،‬كما اليرث إبن الزان يف الزاين وال يف أصوله أو فروعه أو حواشيه‪ ،‬أما الزانية فريث فيها‬
‫‪38‬‬
‫إبنها وترث منه‪ .‬ذلك أن البنوة غري الشرعية تعتب يف حكم العدم يف حق األب‪ ،‬لكن األم يرثها وترثه‪.‬‬

‫والعلة أن الشارع راعى يف استحقاق اإلرث عفة االسرة ومتاسك أصوهلا‪ ،‬واعتد ابلبنوة الشرعية اليت يتبع‬
‫الولد فيها أابه يف الدين والنسب‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬مانع القتل العمد‬

‫قال رسول هللا ص {المرياث لقاتل}‪.39‬‬

‫والعلة يف انتفاء اإلرث يف مواجهة القاتل‪ ،‬هو أنه استعجل اإلرث من مورثه قبل أوانه عن طريق قتله‪ ،‬فيحرم‬
‫منه‪ ،‬عمال ابلقاعدة الفقهية "من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب حبرمانه"‪.‬‬

‫فإذا توفر القصد اإلجرامي إبزهاق الروح‪ ،‬إال وكان القتل عمداي يرتتب عليه احلرمان من اإلرث والدية‬
‫واحلجب‪.‬‬

‫ويشرتط لتحقق املانع أن يكون القاتل راشدا كي يكون كامل املسؤولية‪ ،‬وأن يكون سليم العقل قادر على‬
‫التمييز‪ ،‬كما ال جيب توافر سبب من أسباب التبير‪ ،‬إذا كان القتل قد أوجبه القانون أوفرضته السلطة‪ ،‬أو اضطر‬
‫الفاعل اىل ارتكاب جرميته مكرها‪ ،‬أو استلزمتها ضرورة حالة الدفاع الشرعي‪.‬‬

‫وال يفرتض سبق اإلصرار والرتصد الشرتاط املانع‪ ،‬وإمنا يتطلب فقط نية االعتداء وإزهاق الروح‪.‬كما أن‬
‫القاتل مينع من اإلرث والدية والحيجب‪ ،‬ولو أتى بشبهة كقاتل زوجته اليت وجدها يف حالة تلبس ابلزان‪ ،‬أو الوالد‬
‫الذي ضرب ولده أتديبا له فمات‪ ،‬أما إذا مل يتوافر القصد اجلنائي للجاين فهو يرث‪ ،‬تطبيقا ملقتضيات املادة ‪333‬‬
‫من املدونة جاء فيها ‪ " :‬من قتل موروثه عمدا وإن أتى بشبهة مل يرث من ماله‪ ،‬والديته‪ ،‬وال حيجب واراث‪ ،‬من قتل‬
‫موروثه خطأ ورث من املال دون الدية وحجب‪.‬‬

‫‪38‬ــ وهو مانصت عليه مدونة األسرة في المادة ‪ 144‬جاء فيها‪ " :‬تكون البنوة شرعية بالنسبة لألب في حاالت قيام سبب من أسباب النسب"‬
‫أما المادة ‪ 146‬فتنص على مايلي ‪ " :‬تستوي البنوة لألم في اآلثار التي تترتب عليها سواء كانت ناتجة عن عالقة شرعية أو غير شرعية"‪.‬‬
‫‪ 39‬ــ أخرجه مالك في الموطأ‪ .‬كتاب عقول‬
‫‪20‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬أصناف الورثة وعوارض اإلرث‬
‫بعد تصفية الرتكة يتوىل حتديد عدد الورثة وأبي شكل يرثون‪( ،‬ابلفرض أو التعصيب‪ ،‬ام هبما معا)‪ ،‬ومقدار‬
‫مايرثون‪ ،‬من خالل األنصبة النهائية لكل وارث‪ ،‬مث عوارض اإلرث‪ ،‬اليت إن حتققت إما يسقط الوارث من املرياث‪،‬‬
‫كحجب اإلسقاط أو تنقص حظوظه يف اإلرث‪ ،‬كحجب النقل أو بوجود وصية أو العول‪ ،‬وأخريا بزايدة غري متوقعة‬
‫يف نسبة احلظوظ (الرد)‪ ،‬كوسيلة ملنع رجوع الدولة مبابقي عن ذوي الفروض‪ ،‬وبذلك فسنتناول يف هذا املبحث‪،‬‬
‫اصناف الورثة ومستحقاهتم مث عوارض اإلرث ‪.‬‬

‫املطلب األول ‪ :‬أصناف الورثة‬

‫اإلرث إما ابلفرض أو التعصيب‪ ،‬وإما اجلمع بينهما انفرادا أو مجعا‪ ،‬والفرض لغة هو التقدير‪ 40‬واصطالحا‬
‫هو سهم مقدر شرعا‪ 41‬للوارث يف الرتكة ابلكتاب أو السنة أو اإلمجاع غالبا‪ ،‬ويبدأ يف التوريث أبصحاب الفروض‪،‬‬
‫والتعصيب ال تقدير فيه بداية‪ ،‬قال رسول هللا (ص) ‪ (( :‬أحلقوا الفرائض أبهلها فما بقي فهو ألوىل رجل ذكر))‪،‬‬
‫وهو مانصت عليه كذلك مدونة األسرة يف املادة ‪ 335‬جاءفيها‪" :‬الفرض سهم مقدر للوارث يف الرتكة ويبدأ يف‬
‫التوريث أبصحاب الفروض‪."....‬‬

‫أما التعصيب فهو إرث الباقي من الرتكة بعد أخد أصحاب الفروض فروضهم‪ ،‬وقد حيوز العاصب كل الرتكة‬
‫إذا مل يكن معه ذو فرض‪ ،‬كاإلبن مع عدم الوارث‪ ،‬وقد اليرث العاصب إذا مل يبق له شيء من الرتكة‪.‬‬

‫الفقرة األوىل ‪ :‬الورثة ابلفرض‬

‫حسب املادة ‪ 337‬من م س الورثة ابلفرض فقط هم ‪ :‬الزوج ـ الزوجة ـ األم ـ اجلدة ـ األخ ألم ـ األخت‬
‫ألم‪.‬‬

‫والفروض املقدرة ستة ‪:‬النصف ونصفه الربع‪ ،‬ونصفه الثمن‪ ،‬والثلثني‪ ،‬ونصفه الثلث‪ ،‬ونصف نصفه السدس‪.‬‬

‫‪ 40‬ــ المعجم الوسيط‪.‬‬


‫تركه‪41.‬‬ ‫ــ أما في اصطالح األصوليين والفقهاء غير الفرضيين‪ ،‬فهو بمعنى الواجب الذي يثاب على فعله ويعاقب على‬
‫محمد المهدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪125‬‬
‫‪21‬‬
‫أوال ‪ :‬الوارثون ابلفرض فقط دون احتمال إسقاطهم و يتعلق األمر ابلزوج والزوجة واألم‬

‫‪ 1‬ـ مرياث الزوج ‪:‬‬

‫يرث الزوج زوجته املسلمة بسبب الزوجية‪ ،‬ودليل قوله تعاىل ‪{ :‬ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن مل يكن‬
‫هلن ولد فإن كان هلن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصني هبا أو دين}‬

‫ـ إرثه النصف عند عدم وجود الفرع الوارث ذكر أو أوثى االبن وإن سفل للزوجة‪.‬‬

‫ـ إرثه الربع إذا وجد فرع وارث للزوجة‬

‫‪ 2‬ـ مرياث الزوجة‬

‫ترث الزوجة يف زوجها بسبب الزوجية لقوله تعاىل ‪{:‬وهلن الربع مما تركتم إن مل يكن لكم ولد‪ ،‬فإن كان لكم‬
‫ولد فلهن الربع مما تركتم من بعد وصية توصون هبا أو دين}‬

‫ترث الربع مع انعدام الفرع الوارث والثمن بوجوده‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ مرياث األم ‪:‬‬

‫ترث األم يف ابنها وبنتها بسبب القرابة من نوع األمومة املباشرة ودليل ذلك قوله تعاىل ‪:‬‬

‫{وألبويه لكل واحد منهما السدس إن كان له ولد فإن مل يكن له ولد ووراثه أبواه فألمه الثلث فإن كان له‬
‫إخوة فألمه السدس }‪.‬‬

‫❖ السدس ‪:‬‬

‫ترث األم السدس يف تركة ابنها يف حالتني ‪:‬‬

‫ـ ـ إذا كان لولدها اهلالك فرع ولد‪ ،‬ويشمل اإلبن وابن االبن وإن سفل وبنت اإلبن وإن سفلت‪.‬‬

‫ـ ـ إذا كان للميت متعدد من اإلخوة (إثنني فما فوق)‪ ،‬أشقاء أو ألب أو ألم‪ ،‬ذكورا كانوا أو إاناث‪ ،‬وارثني‬
‫أو حمجوبني‪.‬‬

‫❖ الثلث ‪:‬‬
‫‪22‬‬
‫ترث األم الثلث يف حالة انعدام الولد وإثنني فأكثر من اإلخوة من االشقاء أو ألب أو ألم ولو حجبوا‪.‬‬

‫❖ الثلث الباقي يف "الغراوين" املادة ‪366‬‬

‫ترث االم ثلث الباقي عوض ثلث الرتكة‪ ،‬وذلك يف مسأليت "الغراوين"‪ ،‬ومها من املسائل الشادة يف علم‬
‫الفرائض‪ ،‬من اجتهاد الصحابة‪ ،‬ومسيت كذلك ابلعمرية النتساهبا لعمر بن اخلطاب‪ ،‬ألن األم غرت فيهما إبعطائها‬
‫الثلث لفظا ليس معىن‪ ،‬نقول غره يغُره وغرير خدعه منال منه ما أراد‪.42‬‬

‫واملسألة تقعان يف صورتني اثنتني ليس غريمها ‪:‬‬

‫• الصورة األوىل ‪ :‬هلكت إمرأة وخلفت زوجا وأما وأاب‬

‫‪3/6‬‬ ‫✓ الزوج ‪1/2‬‬

‫‪2/6‬‬ ‫✓ األم ‪1/3‬‬

‫‪1/6‬‬ ‫✓ األب الباقي تعصيبا‬

‫• الصورة الثانية ‪ :‬هلك لرجل وخلف زوجة أو أكثر أما أاب‬

‫يف هذه الصورة للزوجة الربع لعدم وجود الفرع الوارث‪ ،‬ولألم ثلث النعدام الفرع الوارث واإلخوة ولألب‬
‫الباقي تعصيبا‬

‫‪3/12‬‬ ‫✓ زوجة أو أكثر ‪ 1/4‬توحيد الكسرين يف ‪ 12‬كأصغر مقام مشرتك‬

‫✓ األم ‪4/12 1/3‬‬

‫✓ األب له الباقي تعصيبا ‪5/12‬‬

‫وجه املخالفة‬

‫ـ األم يف املسألة األوىل ستأخد ضعف األب وهو خمالف ملبدأ املفاضلة بني الرجل واملرأة‪.‬‬

‫ـ يف املسألة الثانية ال يفارقان سوى بسهم واحد‪.‬‬

‫‪ 42‬ــ معجم الوسيط‪(( ،‬غَر))‬


‫‪23‬‬
‫ذهب مجهور الصحابة كعمر بن اخلطاب وعثمان بن عفان وزيد بن اثبت وعبد هللا بن مسعود اىل أن لألم‬
‫ثلث مابقي‪ ،‬بعد فرض أحد الزوجني‪ ،‬ولألب ثلثا ه إقرارا ملبدأ املفاضلة بني الذكر واألنثى‪ ،‬فتطبق مسألة الغراوين‬
‫كما يلي ‪:‬‬

‫• املسألة األوىل ‪ :‬الزوج‪ ،‬األم‪ ،‬األب‬

‫للزوج النصف لعدم وجود الفرع الوارث‪ ،‬ولألم الثلث مابقي عن فرض الزوج‪ ،‬ولألب الباقي عنهما‪.‬‬

‫توحد الكسرين يف ‪ 6‬كأصغر مقام مشرتك ‪3/6‬‬ ‫✓ الزوج ‪1/2‬‬

‫‪1/6‬‬ ‫ما بقي عن الزوج ‪3/3/6‬‬ ‫✓ األم ‪1/3‬‬

‫املفاضلة بينهما‬ ‫‪2/6‬‬ ‫الباقي عن الزوج واألم‬ ‫✓ األب‬

‫• املسألة الثانية ‪ :‬الزوجة‪ ،‬األم‪ ،‬األب‬

‫زوجة أو أكثر‪ ،‬أب‪ ،‬أم‬

‫للزوجة الربع لعدم وجود الفرع الوارث‪ ،‬ولألم الثلث مابقي عن الزوجة ولألب الباقي تعصيبا‬

‫‪1/4‬‬ ‫‪1/4‬‬ ‫✓ زوجة أو أوأكثر‬

‫‪1/4 3/3/4‬‬ ‫✓ األم مابقي عن الزوج ‪1/3‬‬

‫‪2/4‬‬ ‫✓ األب مابقي عن الزوج واألم‬

‫اثنيا ـ ـ الوارثون ابلفرض فقط مع احتمال إسقاطهم ‪:‬‬

‫يتعلق األمر هنا ابجلدة واألخ ألم واألخت ألم‬

‫‪ 1‬ـ مرياث اجلدة ‪:‬‬

‫يقصد به جداتن اجلدة من جهة األم‪ ،‬وهي أم األم‪ ،‬وأمها وإن علت‪ ،‬وهذه ترث بشرط أن ال يفصل‬
‫بينهما ذكر فأم أيب األم (أم اجلد ألم) وأم أيب أم األم (أم جد ا ألم)‪ ،‬ال تراثن ألن بينهما وبني امليت ذكر‪ ،‬واجلدة‬

‫‪24‬‬
‫من جهة األب وهي أم األب املباشرة وأم أم األب وأم أم أم األب وإن علت‪ ،‬بشرط أن ال يفصل بينها وبني امليت‬
‫ذكر غري األب(فأم أيب األب "أم اجلد من جهة األب"‪ ،‬ال ترث ألنه يفصل بينها وبني اهلالك ذكر غري األب)‪.‬‬

‫مل يثبت مرياث اجلدة يف كتاب هللا‪ ،‬فاآلية ‪ 11‬من سورة النساء تنصرف على األب واألم دون اجلد‬
‫واجلدة‪ ،‬وإمنا صدر يف احلديث ثوريتها السدس إن كانت اجلدة ألم مبنفردها انفردت به‪ ،‬وإن كانت اجلدة لألب‬
‫انفردت به هي كذلك‪ ،‬وإذا اجتمعتا كان هلما مناصفة‪.43‬‬

‫حاالت مرياث اجلدة ‪:‬‬

‫احلالة األوىل ‪:‬السدس انفرادا‬

‫ترث اجلدة ألم أو اجلدة لألب السدس عند االنفراد‪ ،‬أي حينما تكون مبفردها ولو علت من إحدى اجلهتني‪،‬‬
‫فالعبة أوال ابالنفراد‪ ،‬وابحنصار اجلدة اثنيا يف جهة اجلدة لألم وإن علت‪ ،‬فال مرياث إال للجدتني‪.‬‬

‫احلالة الثانية ‪ :‬السدس مناصفة ‪:‬‬

‫يكون السدس مناصفة بني جدتني عند التساوي يف الرتبة‪ ،‬كأن توجد اجلدة لألم واجلدة لألب‪ ،‬فالتساوي‬
‫يف الرتبة اثبت‪ ،‬ألن كل واحدة ال يفصلها عن اهلالك سوى واحد‪.‬‬

‫كذلك يكون التساوي يف الرتبة حمققا ولو علت اجلهة‪ ،‬كأن توجد أم أم أمه‪ ،‬وأم أم أبيه‪ ،‬فالسدس بينهما‬
‫مناصفة‪.‬‬

‫احلالة الثالثة ‪ :‬السدس مناصفة بني جدة قريبة لألب وجدة بعيدة لألم‬

‫إذا اجتمعت جدة قريبة من جهة األ ب مع جدة بعيدة من جهة األم‪ ،‬فإن السدس بينهما يكون مناصفة‪،‬‬
‫حىت ولو انعدم التساوي يف الرتبة‪ ،‬ألن جهة اجلدة لألم أقوى من جهة اجلدة ألب‪ ،‬وهو ما ذهب اليه زيد بن‬

‫‪ 43‬ــ روي عن قبيصة بن ذؤيب‪ ،‬أنه قال"جاءت الجدة إلى أبي بكر الصديق‪ ،‬تسأله ميراثها‪ ،‬فقال لها أبو بكر‪ :‬مالك في كتاب هللا شيئا‪ ،‬وماعلمت لك في‬
‫سنة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فارجعي حتى اسأل الناس‪ ،‬فسأل الناس‪ ،‬فقال المغيرة بن شعبة‪ :‬حضرت رسول هللا ص أعطاها السدس‪ ،‬فقال ابو‬
‫بكر هل معك غيرك؟ فقام محمد بن سلمة األنصاري‪ ،‬فقال مثل ماقال المغيرة‪ ،‬فأنفده لهل أبو بكر الصديق‪ ،‬ثم جاءت الجدة األخرى إلى عمر بن الخطاب‬
‫تسأله ميراثها‪ ،‬فقال لها‪ :‬مالك في كتاب هللا شيء‪ ،‬وما كان القضاء الذي قضى به لغيرك‪ ،‬وما أنا بزا ئد في الفرائض شيئا‪ ،‬ولكنه ذلك السدس‪ ،‬فإن‬
‫اجتمعتما‪ ،‬فهو بينكما‪ ،‬وآيتكما خلت بهن فهو لها"‬
‫ــ أخرجه بن حبان والحاكم‬
‫‪25‬‬
‫اثبت واختلف فيه الصحابة منهم علي إبن أيب طالب‪ ،‬الذي قال بضرورة احتادهم يف الدرجة‪ ،‬ومرجع اخلالف اىل‬
‫عدم النص عليها ال يف القرآن وال يف السنة‪ ،‬وإمنا هو اجتهاد للصحابة‪.‬‬

‫أما املدونة فأخدت برأي اإلمام مالك على عمل أهل املدينة‪ ،‬حبيث نصت يف املادة ‪ 347‬من م س يف‬
‫فقرهتا السادسة‪ ..." :‬اجلدة إذا كانت منفردة سواء كانت ألم أو ألب قسم السدس‪.‬ـ فإن اجتمعت جداتن قسم‬
‫ال سدس بينهما إن كانتا يف رتبة واحدة أو اليت لألم أبعد فإن كانت اليت لألم أقرب اختصت ابلسدس"‪.‬‬

‫حجب اجلدة ‪:‬‬

‫أخدت املدونة يف املادة ‪ 358‬يف حجب اجلدة مبا وقع عليه اإلمجاع‪ ،‬وما وقع فيه خالف أخدت برأي‬
‫اإلمام مالك وعليه ‪:‬‬

‫أ ـ فإن األم حتجب اجلدة لألم واجلدة لألب‪ .‬واجلدة القريبة حتجب اجلدة البعيدة اليت من جهتها‪.‬‬

‫ب ـ األب حيجب اجلدة اليت من جهته أي أمه (اجلدة ألب) فقط‪.‬‬

‫ج ـ اجلدة القرىب من جهة األم حتجب البعدى من جهة األب‪ ،‬وأما العكس فال‪ ،‬فاجلدة القرىب من جهة‬
‫األب ال حتجب البعدى من جهة األم‪ ،‬بل السدس بينهما مناصفة‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ األخ لألم واألخت ألم ‪:‬‬

‫قال تعاىل {‪ ..‬وإن كان رجل يورث كاللة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر‬
‫من ذلك فهم شركاء يف الثلث من بعد وصية يوصي هبا أو دين غري مضار وصية من هللا وهللا عليم حليم}‪.‬‬

‫احلالة األوىل ‪ :‬السدس عند االنفراد ‪:‬‬

‫فكل من األخ ألم واألخت ألم يرث ابلفرض فقط بسبب القرابة من نوع األخوة املباشرة‪ ،‬فهو يرث سدس‬
‫املرتوك بشرط أن يكون واحدا‪ ،‬وال يسهم إن كان ذكرا أو أنثى‪ ،‬وبشرط عدم وجود من حيجبه‪ ،‬وهو اإلبن والبنت‬
‫وإبن اإلبن وبنت اإلبن وإن سفلت‪ ،‬األب واجلد لألب وإن عال‪.‬‬

‫ويرجع سبب حجب هؤالء اىل أن جهة البنوة واألبوة أقوى من جهة األخوة‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫احلالة الثانية ‪ :‬الثلث ابلتساوي عند التعدد ‪:‬‬

‫يرث اإلخوة من األم الثلث ابلتساوي عند التعدد‪ ،‬شريطة انعدام احلاجب الذي ذكر‪ ،‬والثلث يقسمونه‬
‫فيما بينهم ابلتساوي ال فرق بني ذكورهم وإانثهم‪ ،‬وذلك راجع ألهنم ال يدلون بذكر يف صلتهم ابهلالك‪ ،‬وهي‬
‫احلالة الوحيدة اليت يتساوى فيها الذكر ابألنثى‪ ،‬كما أن ذكرهم ال يعصب أنثاهم‪.‬‬

‫احلالة الثالثة ‪ :‬املشرتكة ‪:‬‬

‫طرح املشرتكة‪ :‬إن كان ا إلخوة من األم يقتسمون الثلث بينهم ابلتساوي عند التعدد‪ ،‬فإن اإلخوة األشقاء‬
‫يزامحوهنم فيما يقتسمونه مجيعا ابلتساوي‪ ،‬ال فرق بني ذكورهم وإانثهم‪ ،‬وذلك يف مسألة شادة عرفها علم الفرائض‬
‫يف الصدر األول لإلسالم يف خالفة عمر بن اخلطاب‪.‬‬

‫وصورة ذلك أن هتلك امرأة وترتك زوجا ـ أما أو جدة إخوة ألم ـ إخوة أشقاء‪.‬‬

‫الزوج النصف‪ ،‬األم لوجود تعدد اإلخوة السدس ـ أو اجلدة السدس ـ ‪ ،‬اإلخوة ألم الثلث‪ ،‬املسألة من‬
‫ستة‪ ،‬للزوج ثالثة لألم واحد‪ ،‬واإلخوة ألم إثنان من ستة‪ ،‬واإلخوة األشقاء عصبة مل يبق هلم شيئا‪.‬‬

‫وهبذا قضى عمر بن اخلطاب يف أول عام خلالفته‪ ،‬فاحتج عليه اإلخوة األشقاء بقوهلم إمنا ورث اإلخوة ألم‬
‫الثلث أبمهم وهي أمهم وهي أمنا ولو اختلف األب فهي جتمعنا ؟ فأشرك بينهم يف الثلث‪ ،‬لذلك مسيت املشرتكة‬
‫احلمارية ألن‬
‫الشرتاكهم يف األم‪ ،‬وقيل كذلك أهنا لقبت ابملنبية ألن عمر بن اخلطاب سئل عنها وهو يف املنب‪ ،‬أو َّ‬
‫والده املورث كان محَّارا‪ ،‬وقد كان من املناصرين للمشرتكة زيد بن اثبت وعثمان بن عفان‪ ،‬واملناهضني هلا علي بن‬
‫أيب طالب وتبعه يف ذلك احلنفية‪ ،‬الذين قالوا ابستحقاق اإلخوة ألم الثلث واإلخوة األشقاء هم عصبة مل يتبق هلم‬
‫شيئا‪.‬‬

‫الزوج ‪ 1/2‬األم أو اجلدة ‪ 1/6‬إخوة أشقاء وإخوة ألم شركاء يف ‪ 1/3‬هلم ‪.2/6‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الورثة ابلتعصيب فقط‬

‫‪27‬‬
‫العُصبة يف اللغة من عصب يعصب عصبا وعصااب وعصوبة‪ ،‬مبعىن الشدة والقوة واإلحاطة‪ ،44‬وأصل الكلمة‬
‫مأخود من قوهلم‪ :‬عصب القوم ابلرجل إذا اجتمعوا وأحاطوا به‪ ،‬من أجل احلماية والدفاع‪ ،‬ويقال للجماعة األقوايء‬
‫ب‬
‫َح ُّ‬
‫ف َوأَ ُخوهُ أ َ‬ ‫(عُصبة) مب عىن اجلماعة املتآزرة واملتحالفة‪ ،‬كما جاء يف القرآن الكرمي‪ ،‬لقوله تعاىل " إأ ْذ قَالُوا لَيُ ُ‬
‫وس ُ‬
‫إأ َىل أَبأينَا أمنَّا َوَْحن ُن عُ ْ‬
‫صبَة إأ َّن أ ََاب َان ل أَفي َ‬
‫ضالل ُمبأني "‪.‬‬

‫ويف اصطالح علم املواريث هو كل وارث ليس له سهم مقدر صريح يف الكتاب والسنة‪ ،‬مثل (اإلبن وإبن‬
‫اإلبن‪ ،‬واألخ الشقيق‪ ،‬واألخ ألب‪ ،‬والعم الشقيق‪ ،)...‬وقرابة هؤالء وأمثاهلم قوية‪ ،‬ألهنم يدلون بواسطة األب‪،‬‬
‫دون األم‪ ،‬ألن اإلدالء هبا يضعف القرابة (كاألخ لألم )‪ ،‬فقد أدىل برحم أنثى‪ ،‬وهو اليرث مطلقا‪ ،‬ولقد عرف‬
‫الفرضيون (العصبة) مبايلي‪( :‬كل من أيخد كل املال عند االنفراد‪ ،‬وأيخد الباقي بعد أخد أصحاب الفروض‬
‫فروضهم)‪ ،‬وقد عرفته مدونة األسرة يف املادة ‪ 335‬أبنه "التعصيب أخد الوارث مجيع الرتكة أو ما بقي من ذوي‬
‫الفروض"‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬أنواع العصبة‬

‫العصبة كما جاء يف املادة ‪ 348‬من مدونة األسرة ثالثة أنواع ‪:‬‬

‫ـ ـ عصبة ابلنفس ـ عصبة ابلغري ـ عصبة مع الغري‬

‫ـ ‪1‬ـ ‪ :‬العصبة ابلنفس ‪ :‬العاصب بنفسه هو الوارث الذكر بسبب النسب‪ ،‬األقرب إىل امليت‪ ،‬والذي مل‬
‫يفصل بينه وبني اهلالك أنثى‪ ،‬ويسمى عاصبا بنفسه‪ ،‬ألن تعصيبه ال حيتاج فيه اىل غريه‪ ،‬وهذا النوع من التعصيب‬
‫خاص ابلذكور‪ ،‬ألنه ال تعصيب ابلنفس ألنثى وإمنا بغريها أو مع غريها‪.‬‬

‫واألساس الشرعي يف القرآن الكرمي ويف احلديث الشريف‪ ،‬عن عمر بن عباس عن الرسول ص قال‪" :‬أحلقوا‬
‫الفرائض أبهلها فما بقي فألوىل رجل ذكر"‬

‫أ ـ جهات التعصيب ابلنفس‪:‬‬

‫منظور‪44‬‬ ‫ــ لسان العرب البن‬


‫‪28‬‬
‫ملا كان التعصيب ابلنفس يقوم على األولوية‪ ،‬إال ووجب ترتيب جهات القرابة ابألولوية‪ ،‬وتقدمي بعضها‬
‫على بعض يف اإلرث‪ ،‬وهو ماذكرته مدونة األسرة يف املادة ‪ 349‬يف أن العصبة ابلنفس ست جهات‪ ،‬مقدم بعضها‬
‫على بعض يف اإلرث على الرتتيب التايل‪:‬‬

‫ـ البنوة وتشمل األبناء وأبناءهم وإن سفلوا؛‬

‫ـ األبوة املباشرة وتشمل االب وحده؛‬

‫ـ اجلدودة واألخوة املباشرة فهما يف مرتبة واحدة‪ ،‬وتشمل اجلد العصيب واإلخوة األشقاء أو ألب؛‬

‫ـ بنوة األخوة وتشمل أبناء اإلخوة األشقاء أو ألب وإن نزلوا؛‬

‫ـ العمومة وبنوهتا تشمل أعمام امليت األشقاء وأعمامه لألب وأعمام أبيه وأعمام جده لألب وإن عال‬
‫وابناءهم وإن سفلوا؛‬

‫ـ بيت املال‪ :‬إذا مل توجد أي جهة من اجلهات السابقة‪ ،‬ومل يوجد من يرث ابلفرض‪ ،‬فإن بيت املال يرث‬
‫املرتوك تعصيبا‪.‬‬

‫ب ـ ضوابط الرتجيح بني العصبة ابلنفس عند اإلرث‬

‫إذا مل يكن يف الفريضة إال عاصب بنفسه منفرد حضي ابلرتكة كلها‪ ،‬لكن إذا تعدد العصبة ابلنفس‪ ،‬أبن‬
‫وجد أكثر من واحد‪ ،‬فإن مصري إرثهم يتحدد وفق مجلة من الضوابط هي كالتايل ‪:‬‬

‫➢ ‪ 1‬ـ ضابط الرتجيح ابجلهة ‪:‬‬

‫معىن ذلك أن من ينتمي اىل اجلهة األوىل "البنوة " تكون له األولوية يف اإلرث على من ينتمي للجهة الثانية‪،‬‬
‫ومن ينتمي للجهة الثانية تكون له األولوية على اجلهة الثالثة‪ ،‬فصاحب اجلهة األقرب حيجب من يف اجلهة األبعد‪،‬‬
‫لكن هذا الضابط ليس على إطالقه‪ ،‬فاإلبن مثال ال حيجب األب وال اجلد‪ ،‬كما يستثىن اإلخوة األشقاء او ألب‬

‫‪29‬‬
‫مع اجلد‪ ،‬فجه تهم متأخرة عن جهة األبوة(اجلد) ولكنهم يرثون معه‪ ،‬على الرأي الراجح وهو مذهب (زيد بن‬
‫‪45‬‬
‫اثبت)‪.‬‬

‫ويف حالة احتاد العصبة ابلنفس يف نفس اجلهة‪ ،‬كاجتماع اإلبن مع إبن اإلبن‪ ،‬ألهنما متحدين يف جهة البنوة‪،‬‬
‫ننتقل إىل استعمال ضابط الرتجيح املوايل‪.‬‬

‫➢ ‪ 2‬ـ ضابط الرتجيح ابلدرجة ‪:‬‬

‫مبقتضى هذا الضابط يرجح األقرب درجة يف اإلرث ابلتعصيب على األبعد درجة‪ ،‬فيقدم اإلبن على ابنه‪،‬‬
‫‪46‬‬
‫واألب على اجلد والعم على ابن العم‪.‬‬

‫وهو ما اشارت اليه املدونة يف املادة ‪ 350‬من املدونة يف الفقرة األوىل ‪ ":‬إذا احتدت العصبة ابلنفس يف‬
‫اجلهة كان املستحق لإلرث أقرهبم درجة للميت"‪ ،‬أي أن صاحب الدرجة األوىل حيجب صاحب الدرجة الثانية‪،‬‬
‫كما يف مثال االبن مع ابن اإلبن‪ ،‬فجهتهما واحدة وهي البنوة‪ ،‬لكن درجتهما خمتلفة‪.‬‬

‫➢ ضابط الرتجيح بقوة القرابة ‪ :‬إذا احندر الورثة يف اجلهة والدرجة‪ ،‬كان الرتجيح بقوة (القرابة)‪ ،‬فمن كانت قرابته‬
‫أقوى كان هو العصبة‪ ،‬وتنص املادة ‪ 350‬على أن العصبة ‪ " :‬إذا احتدوا يف اجلهة والدرجة كان التقدمي بقوة‬
‫القرابة‪ ،‬فمن كانت قرابته من األبوين قدم على من كانت قرابته من األب فقط"‪.‬‬

‫وبذلك فقوة القرابة التكون يف البنوة واألبوة‪ ،‬وإمنا فقط يف األخوة وبنوهتا والعمومة وبنوهتا‪.‬‬

‫وإذا حصل ما يستدعي االستغناء عن هذه الضوابط الثالثة‪ ،‬كما يف حالة احتاد الورثة يف اجلهة والدرجة والقوة‪،‬‬
‫فإهنم يرثون مجيعا على السواء‪.‬‬
‫‪47‬‬
‫ـ ‪ 2‬ـ العصبة ابلغري‪ :‬لقوله تعاىل {للذكر مثل حظ األنثيني}‬

‫العاصب بغريه هو تعصيب العاصب ابلنفس من جهة البنوة أو األخوة ألنثى من جهته‪ ،‬للذكر مثل حظ‬
‫األنثيني‪ ،‬فاألبناء يعصبون البنات‪ ،‬وأبناء اإلبن وإن سفلوا يعصبون بنات اإلبن وإن سفلن‪ ،‬واإلخوان يعصبون‬

‫‪ 45‬ـ محمد الصابوني‪ ،‬المواريث في الشريعة األسالمية في ضوء الكتاب والسنة‪ ،‬دار الحديث‪ ،‬سنة ‪ ،2010‬ص‪.69‬‬
‫ـــ ابن العربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪33846‬‬
‫ــ النساء‪ ،‬اآلية ‪47.11‬‬

‫‪30‬‬
‫األخوات ‪،....‬فإذا قيل عاصب بغريه فالغري عاصب‪ ،‬خبالف العاصب مع الغري كما سنرى‪ ،‬فإن الغري ليس‬
‫بعاصب‪.‬‬

‫❖ شروط التعصيب ابلغري ‪:‬‬

‫ترجع هذه الشروط اىل االحتاد يف اجلهة والدرجة وقوة الدرجة‬

‫‪ 1‬ـ االحتاد يف اجلهة ‪:‬ونعين االحتاد يف اجلهة بني العاصب ابلنفس واألنثى املنفردة أو املتعددة‪ ،‬فاإلبن واحد أو‬
‫أكثر يعصب البنت واحدة أو أكثر‪ ،‬واألخ الشقيق أو لألب واحد فأكثر يعصب األخت الشقيقة أو لألب واحدة‬
‫فأكثر‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ االحتاد يف الدرجة‪ :‬بعد االحتاد يف اجلهة لزم االحتاد يف الدرجة‪ ،‬فاإلبن يعصب البنت ألهنا من جهته ودرجته‪،‬‬
‫يف حني ختتل الدرجة بني ابن اإلبن والبنت‪ ،‬وبني ابن ابن االبن وبنت اإلبن‪ ،‬فال تعصيب‪ ،‬ابستثناء فرضية وجود بنت‬
‫االبن مع بنتني‪ ،‬حيث ال ترث السدس تكملة للثلثني الستغراق الثلثني ابلبنتني‪ ،‬مامل يوجد ابن ابن يف درجتها أو أسفل‬
‫منها درجة‪ ،‬حيث تستنجد به‪ ،‬فرتث معه الباقي للذكر مثل حظ األنثيني‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ االحتاد يف قوة الدرجة ‪ :‬وهو الشرط الثالث‪ ،‬فاألخ الشقيق يعصب األخت الشقيقة‪ ،‬واألخ ألب يعصب‬
‫األخت ألب‪ ،‬يف حني ال يقوى األخ ألب على تعصيب األخت الشقيقة‪ ،‬وال تعصيب ابلطبع بني إبن األخ الشقيق أو‬
‫ألب وبنت األخ الشقيق أو ألب‪.‬‬

‫ـ ‪ 3‬ـ العصبة مع الغري‪:‬‬

‫يقصد هبذا النوع من التعصيب‪ ،‬كل أنثى تصري عاصبة مع أنثى أخرى‪ ،‬ويكون بتعصيب البنات وبنات‬
‫اإلبن لألخوات الشقيقات أو ألب‪ ،‬فاألخت الشقيقة أو ألب ال ترث ابلفرض‪ ،‬وإمنا يف الباقي عن البنات وبنات‬
‫اإلبن وإن سفلن ابلتعصيب‪.‬‬

‫وال يشرتط يف ذلك سوى وجود البنت أو بنت االبن وإن سفلت‪ ،‬واحدة فأكثر اىل جانب األخت‬
‫الشقيقة أو ألب واحدة فأكثر‪ ،‬سواء وجد األخ الشقيق أو ألب أو مل يوجد‪ ،‬فالكل يرث يف الباقي عن البنت‬

‫‪31‬‬
‫وبنت االبن وإن سفلت‪ ،‬وذوي الفروض إن وجدوا‪ ،‬واملرياث يكون يف الباقي للذكر مثل حظ األنثيني‪ ،‬قال‬
‫التلمسانية‪:‬‬
‫‪48‬‬
‫إن كان للهالك بنت أو بنات‬ ‫واألخوات قد يصرن عصبات‬

‫واجلدير ابلذكر أن هؤالء يصرن عصبات ينزلن منزلة إخواهنم‪ ،‬وأيخدن أحكامهم ابلنسبة لباقي العصبة‬
‫يف التقدمي ابجلهة والدرجة‪ ،‬حيث تنزل األخت الشقيقة منزلة االخ الشقيق‪ ،‬وحتجب كل من حيجب هذا األخري‪،‬‬
‫واألخت ألب منزلة األخ ألب‪.‬‬

‫اثنيا ‪ :‬الورثة ابلتعصيب فقط‬

‫الورثة ابلتعصيب فقط مثانية‪ ،‬حصرهتم مدونة األسرة يف املادة ‪ ،338‬وهم كاآليت‪:‬‬

‫"اإلبن وإبنه وإن سفل‪ ،‬واألخ الشقيق واألخ ألب وإبنهما وإن سفل‪ ،‬والعم الشقيق والعم لألب وإبنهما‬
‫وإن سفل"‪.‬‬

‫وهؤالء يعتبون ورثة ابلنفس‪ ،‬فقط يستحقون مجيع الرتكة عند انفرادهم هبا دون أصحاب الفروض‪ ،‬أو‬
‫يستحقون ما بقي يف الرتكة‪ ،‬أو يستحق ما يفضل عمن يرث يف املسألة ابلفرض‪ ،‬وإذا مل يبق من الرتكة شيء ال‬
‫يستحقون إراث‪.‬‬

‫اثلثا‪ :‬الورثة ابلفرض والتعصيب مجعا‬

‫حسب املادة ‪ 339‬من من مدونة األسرة فإن الواراثن ابلفرض والتعصيب إثنان مها األب واجلد‪.‬‬

‫‪ :1‬حاالت إرث األب ‪:‬‬

‫األصل يف مرياث األب قوله تعاىل ‪{ :‬وألبويه لكل واحد منهما السدس ‪}....‬‬

‫وللحديث الشريف((أحلقوا الفرائض أبهلها فمابقي فألوىل رجل ذكر))‬

‫وحاالت إرث األب هي ‪:‬‬

‫الرسالة‪48.‬‬ ‫ـ جامع العلوم والحكم‪ ،‬ج‪ ،2‬تحقيق شعيب األرنؤوط ومن معه‪ ،‬مؤسسة‬
‫‪32‬‬
‫❖ ابلفرض فقط ويكون فرضه السدس إن كان معه ابن اهلالك أو إبن إبنه وإن سفل‪ ،‬واحدا أو متعددا‪ ،‬سواء‬
‫كانت معه بنت اهلالك أو بنت إبنه أو مل تكن‪ ،‬ودليل ذلك قوله تعاىل ‪ " :‬وألبويه لكل‪"..‬‬

‫❖ األرث ابلتعصيب فقط إن مل يكن مع فرع وارث‪.‬‬

‫❖ اإلرث ابلفرض والتعصيب مجعا ‪ :‬يرث ابلفرض والتعصيب معا‪ ،‬بوجود بنت اهلالك أو بنت إبنه وإن نزل‪،‬‬
‫حيث يرث السدس فردا والباقي تعصيبا‪ ،‬فإذا مل يفضل شيءا فالتعصيب له‪.‬‬

‫اثنيا ‪ :‬حاالت مرياث اجلد‬

‫يقصد ابجلد هنا اجلد من جهة األب‪ ،‬وهو الذي تسميه املدونة ابجلد العصيب الذي ال تفصل بينه وبني‬
‫اهلالك أنثى‪ ،‬مثل (أب األب) وإن عال‪ ،‬فإن دخل يف نسبته إىل امليت انُثى فهو اليرث‪ ،‬والقاعدة أنه مىت دخل‬
‫بني الذكور أنثى‪ ،‬يصبح اجلد غري صحيح‪ ،‬وأما إذا مل تدخل االنثى فهو جد صحيح‪ ،‬مهما علت درجته‪ ،‬كأب‬
‫أب األب‪ ،‬وأب أب األب‪ ،‬وإن عال‪...‬‬

‫واجلد مل يرد نص قرآين يقضي إبرثه‪ ،‬فاآلية احلادية عشرة من سورة النساء تتحدث عن األب {وألبويه‬
‫لكل واحد منهما السدس ‪ ،}....‬اما اجلد فقد ثبت إرثه ابلسنة واإلمجاع يف جانب‪ ،‬وهو الفرضية اليت ينعدم فيها‬
‫اإلخوة األ شقاء أو ألب‪ ،‬أما اإلخوة ألم فاجلد حيجبهم‪ ،‬حيث ينزل اجلد فيها منزلة األب يف أحواله الثالث‪،‬‬
‫بشروطها وأحكامها ابستثناء الغراوين‪ :‬السدس ابلفرض فقط عند وجود اإلبن وإبن اإلبن وإن سفل‪.‬‬

‫❖ السدس ابلفرض والباقي ابلتعصيب عند وجود البنت وبنت اإلبن وإن سفلت؛‬

‫❖ التعصيب عند عدم الولد وولد اإلبن وإن سفل‪.‬‬

‫ويشرتط إلرثه ـ أن ال يوجد األب‪ ،‬فهناك إمجاع على حجب األب للجد‪.‬وأن ال يوجد معه جد آخر أقرب‬
‫منه درجة فهو حيجبه‪.‬‬

‫أما احلالتان الباقيتان فينفرد هبما عن األب‪ ،‬وقد أفىت هبا الصحابة‪ ،‬وتتعلق بوجوده مع اإلخوة أشقاء كانوا أو‬
‫ألب‪.‬‬

‫❖ أوال ‪ :‬وجود اجلد مع نوع واحد من اإلخوة ‪:‬‬


‫‪33‬‬
‫يف هذه احلالة قد يكون يف النازلة صاحب فرض‪ ،‬وقد اليكون‪ ،‬ولكل وضع من هذين الوضعني أحكامه‪،‬‬
‫وذلك على النحو التايل ‪:‬‬

‫• احلالة األوىل‪ :‬وجود اجلد مع نوع واحد من اإلخوة دون صاحب فرض‬

‫تنص الفقرة األوىل من املادة ‪ 354‬من مدونة األسرة على أنه ‪" :‬إذا اجتمع اجلد العصيب مع اإلخوة‬
‫األشقاء خاصة أو مع اإلخوة ألب كذلك‪ ،‬ذكورا أو إاناث أو خمتلطني‪ ،‬فله األفضل من ثلث مجيع املال أو املقامسة"‪.‬‬

‫إذن ففي حالة وجود اجلد مع اإلخوة أ شقاء أو لألب‪ ،‬فله اخليار بني أخد ثلث املال‪ ،‬أو املقامسة مع‬
‫اإلخوة‪ ،‬فأي السهمني كان أفضل له أيخذه‪ ،‬فإن كانت املقامسة أفضل أخد إرثه ابملقامسة‪ ،‬وإن كان ثلث الرتكة‬
‫أفضل له أخد الثلث‪.‬‬

‫ويكون الثلث مثل املقامسة حينما يوجد مع مثليه أي أخوين‪ ،‬والثلث أفضل له حينما يوجد مع أكثر من‬
‫مثليه (أخوين وأخت‪ ،‬أو أخ وثالث أخوات‪ ،‬أو أربع أخوات‪ ،‬أما إذا كان عدد اإلخوة أقل من مثليه كأخ وأخت‪،‬‬
‫تكون املقامسة أفضل له‪.‬‬

‫• احلالة الثانية‪ :‬وجود اجلد مع نوع واحد من اإلخوة مع صاحب فرض فأكثر‬

‫إذا وجد مع اجلد مع نوع واحد من اإلخوة واألخوات‪ ،‬وصاحب فرض أو أكثر‪ ،‬أيخد اجلد أفضل له من ثالث‪:‬‬

‫✓ إما املقامسة؛‬

‫✓ وإما الثلث الباقي بعد أخد ذوي الفروض فروضهم؛‬

‫✓ وإما سدس مجيع املال‪.‬‬

‫ويشرتط أال ينقص نصيبه عن السدس حبال من األحوال‪ ،‬فلو مل يبق بعد إعطاء أصحاب الفروض إال‬
‫السدس أعطي له السدس‪ ،‬أو بقي أقل من السدس يفرض للجد السدس‪ ،‬وحيرم اإلخوة‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫أما إذا كانت املقامسة بعد أخد أصحاب الفروض فروضهم أفضل للجد‪ ،‬فإنه حيضى ابملقامسة‪ ،‬وإذا كان‬
‫الثلث الباقي افضل له يعطى له‪ ،‬وإال أعطي له السدس مهما بقي من الرتكة‪ ،‬ألنه ال ينزل عن فرضه املقدر‪ ،‬وهو‬
‫‪49‬‬
‫(السدس) حبال من األحوال‪ ،‬وهو مانصت عليه كذلك املادة ‪ 345‬من مدونة األسرة‪.‬‬

‫وجود اجلد مع النوعني من اإلخوة‪ ،‬اليت تندرج يف إطار املسائل الشواذ‪.‬‬ ‫❖‬

‫أطلق عليها الفرضيون إسم املعادة‪ ،‬لوجود الصنفني من اإلخوة األشقاء وألب مع اجلد‪ ،‬حيث يعد اإلخوة‬
‫االشقاء اإلخوة لألب على اجلد‪ ،‬ليمنعوه كثرة املرياث‪.‬‬

‫فاألصل أن اإلخوة األشقاء الذكور حيجبون اإلخوة لألب ذكورا وإاناث‪ ،‬واألخوات الشقيقات ال يرث معهن‬
‫اإلخوة ألب ذكورا وإاناث‪ ،‬إال بعد استكماهلن لفرضهن الشرعي (النصف عند اإلنفراد والثلثني عند التعدد)‪،‬‬
‫فمرياثهم موقوف‪ ،‬يف حني ال يقوى اجلد على حجب أاي من اإلخوة‪ ،‬لذلك فإن اإلخوة األشقاء الذكور واإلانث‬
‫يع َدون اإلخوة لألب ذكورا وإاناث على اجلد ليمنعوه كثرة املرياث‪ ،‬وليس له أن حيتج حبجب اإلخوة لألب أو وقف‬
‫مرياثهم‪ ،‬فاحلجب والوقف من جهة اإلخوة األشقاء واألخوات الشقيقات ال من جهته‪.50‬‬

‫رابعا‪ :‬الورثة ابلفرض والتعصيب انفرادا‬

‫هناك صنف من الورثة جيمع بني اإلرث ابلفرض واإلرث ابلتعصيب‪ ،‬ولكن إذا ورث ابحدمها ال يرث‬
‫ابآلخر‪ ،‬وهو املقصود ابلورثة ابلفرض والتعصيب انفرادا‪ ،‬وهن نسوة يرثن إما ابلفرض أو ابلتعصيب ابلغري أو مع‬
‫الغري‪ ،‬وال جيمعن بينهما يف نفس الرتكة‪ ،‬خالف أصحاب الفرض والتعصيب مجعا كما رأينا سابقا‪.‬‬

‫وهؤالء النسوة أربع‪ :‬البنت وبنت اإلبن وإن سفلت واألخت الشقيقة واألخت ألب‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مرياث البنت‬

‫‪49‬ــ جاء في المادة ‪ 345‬مايلي‪ " :‬إذا اجتمع مع اإلخوة وذوي الفروض فله االفضل من ثالثة‪ :‬سدس جميع المال أوثلث مابقي بعد ذوي الفروض أو‬
‫مقاسمة اإلخوة كذكر منهم‪"....‬‬
‫ــ عبد الرحمان بلعكيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪50.219‬‬

‫‪35‬‬
‫ني‬ ‫أ‬ ‫لذ َك أر أمثْل َح أظ ْاألُنثَـيَ ْ أ‬
‫ني فَأإن ُك َّن ن َ‬
‫ساء فَـ ْو َق اثْـنَـتَ ْ أ‬ ‫اّللُ أيف أ َْوَال أد ُك ْم لأ َّ‬ ‫مرياث البنت اثبت ابلقرآن الكرمي‪{ :‬ي أ‬
‫وصي ُك ُم َّ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫توأ‬
‫ف}‪.‬‬ ‫اح َدة فَـلَ َها النأ ْ‬
‫ص ُ‬ ‫فَـلَ ُه َّن ثـُلُثَا َما تَـ َر َك َوإأن َكانَ ْ َ‬
‫‪51‬‬

‫وقد قررت اآلية الكرمية مرياث البنت أبوضح بيان‪ ،‬وامت تفصيل يف ثالث حاالت ‪:‬‬

‫❖ احلالة األوىل‪ :‬النصف‬

‫ترث البنت النصف من تركة ابيها أو أمها‪ ،‬شرط انفرادها عن ولد الصلب ذكرا أو أنثى‪.‬وقد أوردت مدونة األسرة‬
‫إرث البنت‪ ،‬ضمن اصحاب النصف يف املادة ‪.342‬‬

‫❖ احلالة الثانية‪ :‬الثلثان لإلثنتني فمافوق‬

‫يرث املتعدد من البنتان الثلثان‪ ،‬عند وجود اثنتان فأكثر بشرط انفرادهن عن اإلبن‪.‬‬

‫❖ إرثها ابلتعصيب‪:‬‬

‫ترث البنت ـ سواء واحدة أو متعددة ـ ابلتعصيب‪ ،‬إذا كان للهالك منهما ابن واحد أو أكثر‪ ،‬على أساس‬
‫للذكر مثل حظ األنثيني‪ ،‬لكل إبن سهمان ولكل بنت سهم واحد‪ ،‬فمرياثها يف هذه احلالة ينقص عن مرياثها‬
‫ابلفرض يف احلالتني السابقتني‪ ،‬وهو صورة حلجب النقل من الفرض إىل التعصيب‪.‬‬

‫وتسمى يف هذه احلالة عاصبة ابلغري‪ ،‬املنصوص يها يف املادة ‪ 351‬من املدونة‪.‬‬

‫اثنيا‪ :‬مرياث بنت اإلبن وإن سفلت‬

‫قال ابن رشد‪ :‬وأمجعوا من هذا الباب على أن بين البنني يقومون مقام البنني عند فقد البنني‪ ،‬يرثون كما‬
‫‪52‬‬
‫يرثون وحيجبون كما حيجبون‪.‬‬

‫بناء على ذلك يستمد مرياث بنت اإلبن حكمه من اإلمجاع‪ ،‬فرتث يف ثالث حاالت كما ترث البنت‪،‬‬
‫وهناك حالة ترث فيها السدس مع وجود بنت الصلب تكملة للثلثني‪ ،‬وهذه احلالة األصل فيها السنة‪.‬‬

‫‪ 51‬ــ حدثنا محمد بن الحسين قال‪ ،‬حدثنا أحمد بن مفضل قال‪ ،‬حدثنا أسباط‪ ،‬عن السدي‪ " :‬يوصيكم هللا في أوالدكم للذكر مثل حظ األنثيين "‪ ،‬كان أهل الجاهلية ال‬
‫الصغار من الغلمان‪ ،‬و ال يرث الرجل من ولده إال من أطاق القتال‪ ،‬فمات عبد الرحمن أخو حسان الشاعر‪ ،‬وترك امرأة يقال لها أم كجَّة‪ ،‬وترك‬ ‫َ‬ ‫الجواري وال‬
‫َ‬ ‫يورثون‬ ‫ِّ‬
‫خمس أخواتٍ‪ ،‬فجاء الورثة يأخذون ماله‪ ،‬فشكت أم كجَّة ذلك إلى النبي صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فأنـزل هللا تبارك وتعالى هذه اآلية‪ {:‬إِّن كنَّ نِّسَاء فَوقَ اثنَتَي ِّن فَلَهنَّ ثلثَا َما‬
‫ت ََركَ َو ِّإن كَانَت َواحِّ دَة فَلَ َها النِّصف }‬
‫ــ بداية المجتهد ج‪ 2‬ص‪ .340‬أشار إليه محمد رياض‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪52.147‬‬

‫‪36‬‬
‫❖ النصف عند االنفراد‪ :‬ترث بنت اإلبن وإن سفلت منفردة من تركة جدها أو جدهتا املتوىف عند االنفراد‪،‬‬
‫وعدم وجود ابن للهالك (عمها)‪ ،‬وعدم وجود إبن إبن يف درجتها‪.‬‬

‫فاإلبن حيجبها حجب إسقاط‪ ،‬والبنت حتجبها حجب نقل من النصف إىل السدس تكملة للثلثني‪ ،‬والبنتان‬
‫حتجباهنا حجب إسقاط الستغراقهما الثلثان‪ ،‬مامل يوجد العاصب‪ ،‬وإبن إبن ينقلها من الفرض إىل التعصيب ابلغري‪.‬‬

‫❖ الثلثان‪ :‬لالثنتني فمافوق‬

‫تستحق بنتا اإلبن ولو سفلن وما فوق الثلثني‪ ،‬شريطة عدم وجود من سبقت اإلشارة إليهن‪ ،‬فال خالف‬
‫بني احلالتني سوى يف النصيب‪ ،‬عند االنفراد النصف‪ ،‬وعند التعدد الثلثان‪ ،‬وهو مانصت عليه املادة ‪ 345‬من‬
‫املدونة ‪" :‬أصحاب الثلثني أربعة‪ :‬بنتا اإلبن فأكثر بشرط انفرادمها عن ولد الصلب ذكرا كان أو أنثى وإبن إبن يف‬
‫درجتهما"‪.‬‬
‫❖ السدس تكملة للثلثني‬
‫ترث بنت اإلبن الواحدة أو بنات اإلبن عند التعدد السدس مع بنت الصلب اليت ترث النصف‪ ،‬فيكون‬
‫نصاهبم الثلثني‪ ،‬أما إذا كانت مع بنتني فال شيء هلا على التفصيل السابق‪ ،‬وبشرط أال يكون معها ابن ابن يف‬
‫درجتها يعصبها‪.‬‬
‫وهو مانصت عليه املادة ‪ 347‬من املدونة‪ " :‬أصحاب السدس ‪ ... :‬بنت اإلبن ولو تعددت‪ ،‬بشرط‬
‫كوهنا مع بنت صلب واحدة‪ ،‬وأن ال يكون معها أبن إبن يف درجتها"‪.‬‬
‫❖ اإلرث ابلتعصيب‬
‫ترث بنت اإلبن ابلتعصيب ضمن األوجه التالية‪:‬‬
‫• ترث ابلتعصيب ابلغري‪ ،‬مع ابن االبن املساوي هلا يف الدرجة (أخيها أو إبن عمها)‪ ،‬للذكر مثل حظ‬
‫األنثيني‪.‬‬
‫• ترث بنت اإلبن ايضا ابلتعصيب‪ ،‬مع ابن اإلبن املساوي هلا يف الدرجة مع وجود بنت الصلب‪ ،‬إذ ترث‬
‫النصف وترث بنت اإلبن مع ابن اإلبن يف درجتها الباقي تعصيبا‪ ،‬للذكر مثل حظ األنثيني‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫• ترث بنت اإلبن ابلتعصيب مع أخيها املساوي هلا يف الدرجة‪ ،‬أو مع إبن إبن أسفل منها يف حالة وجودها‬
‫مع بنيت أو بنات الصلب‪ ،‬ألهنا يف هذه احلالة تكون حمجوبة مع تعدد بنات الصلب‪ ،‬نظرا الستيفائهن الثلثني‪،‬‬
‫‪53‬‬
‫وينقدها من هذا احلجب أخوها أو إبن عمها أو إبن إبن أسفل منها درجة‪.‬‬
‫اثلثا‪ :‬مرياث األخت الشقيقة‬

‫س لَهُ َولَد َولَهُ‬ ‫اّللُ يـُ ْفتأي ُك ْم أيف الْ َك َالل أَة إأ أن ْام ُرؤ َهلَ َ‬
‫ك ل َْي َ‬ ‫ك قُ أل َّ‬‫قال تعاىل يف آخر سورة النساء‪{ :‬يَ ْستَـ ْفتُونَ َ‬
‫ان أممَّا تَـ َر َك َوإأن َكانُوا إأ ْخ َوة‬
‫ني فَـلَ ُهما الثُّـلُثَ أ‬
‫ف َما تَـ َر َك َو ُه َو يَ أرثـُ َها إأن َّملْ يَ ُكن َّهلَا َولَد فَأإن َكانَـتَا اثْـنَـتَ ْ أ َ‬‫ص ُ‬ ‫أُ ْخت فَـلَ َها نأ ْ‬
‫اّللُ بأ ُك أل َش ْيء َعلأيم}‪.‬‬
‫ضلُّوا َو َّ‬ ‫اّلل لَ ُكم أَن تَ أ‬
‫ني َُّ ْ‬ ‫لذَك أر أمثْل َح أظ ْاألُنثَـيَ ْ أ‬
‫ني يـُبَأ ُ‬ ‫ُ‬
‫ساء فَلأ َّ‬ ‫أ‬
‫أر َجاال َون َ‬
‫تضمنت اآلية الكرمية حكم مرياث األخت الشقيقة فرتث يف أخيها الشقيق وأختها الشقيقة النصف‬
‫منفردة‪ ،‬وترث الثلثني ابلتعدد‪ ،‬وترث ابلتعصيب مع أخيها أو إخوهتا الذكور‪ ،‬وهناك حالة ترث فيه األخت الشقيقة‬
‫مع البنت ابلتعصيب مع الغري‪ ،‬وهي واردة ابلسنة كما سوف نرى‪ ،‬وهلا حالة مع اجلد ترث مبقتضى للذكر مثل‬
‫حظ األنثيني(األكدرية)‪.54‬‬

‫❖ احلالة األوىل‪ :‬النصف عند االنفراد‬


‫ترث األخت الشقيقة النصف من الرتكة من أخيها ألبوين أو أختها كذلك‪ ،‬بشرط انفرادها وعدم من‬
‫حيجبها كاألب واإلبن وإبن اإلبن ‪ ،‬إذ حيجبوهنا حجب إسقاط‪ ،‬ووجود أخت معها تنقلها إىل فرض الثلثني‪،‬‬
‫ووجود أخ ذكر جيعلها ترث معه للذكر مثل حظ األنثيني‪ ،‬وكوهنا مع بنت وبنت اإلبن‪ ،‬ولو يف حالة تعددهن‪،‬‬
‫ينقلها من فرض النصف إىل التعصيب مع الغري‪.‬‬
‫❖ احلالة الثانية‪ :‬فرض الثلثني‬
‫يتصور هذا الفرض يف حالة شقيقتان فأكثر‪ ،‬بشرط انتفاء األخ الشقيق ومن حيجبهن‪ ،‬أو من ينقلهن إىل‬
‫تعصيب مع الغري كما ذكر فيما سبق‪.‬‬
‫❖ احلالة الثالثة‪ :‬التعصيب ابلغري‬

‫‪ 53‬ــ محمد رياض‪ ،‬مرجع سابق‪.149 ،148 ،‬‬


‫‪ 54‬ــ نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.151‬‬
‫‪38‬‬
‫ترث الشقيقة الواحدة أو األختان الشقيقتان فأكثر‪ ،‬مع وجود أخ شقيق واحد‪ ،‬أو إخوة اشقاء مبقتضى‬
‫للذكر مثل حظ األنثيني‪ ،‬شرط عدم احلجب للجميعن كاإلبن وإن سفل‪ ،‬واألب‪.‬‬
‫❖ احلالة الرابعة ‪ :‬التعصيب مع الغري‬
‫إذا وجدت الشقيقة مع بنت أو أكثر‪ ،‬أو بنت إبن أو أكثر‪ ،‬وتسمى هنا عاصبة مع الغري‪ ،‬ترث ما يفضل‬
‫عن ذوي الفروض‪ ،‬واحلجة يف ذلك أهنا تقدم على إبن األخ الشقيق أو ألب‪ ،‬وهي كسائر من يرث يف هذه احلالة‬
‫ابلتعصيب‪ ،‬قد اليبقى هلا شيء يف بعض مسائل اإلرث‪.‬‬
‫❖ احلالة اخلامسة ‪:‬املقامسة مع اجلد‬
‫يف هذه احلالة ترث مع اجلد مبقتضى التعصيب للذكر مثل حظ االنثيني‪ ،‬سواء كانت األخت الشقيقة هنا‬
‫منفردة أو متعددة‪ ،‬تتم املقامسة على عدد الرؤوس‪.‬‬
‫❖ احلالة السادسة‪ :‬إرث األخت الشقيقة مع اجلد (األكدرية)‬
‫هذه احلالة كما تناولناها يف مسائل اجلد تعتب من احلاالت اخلاصة‪ ،‬إذ ال يفرض لألخت الشقيقة أو ألب‬
‫مع اجلد‪ ،‬وإمنا ترث مبقتضى إما املقامسة أو الثلث‪ ،‬إذا كان هناك أصحاب فروض‪ ،‬كان للجد إما املقامسة او‬
‫الثلث‪ ،‬وإذا كان ذو فرض معهما كان للجد إما املقامسة أو ثلث الباقي أو سدس الكل‪ ،‬ولكن يف مسألة االكدرية‬
‫يفرض هلا وله‪ ،‬وجيمع نصيبهما‪ ،‬مث يقتسم بينهما ابلتفاضل للذكر مثل حظ األنثيني‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬مرياث األخت ألب‬
‫األخت ألب يف مرياثها كاألخت الشقيقة‪ ،‬وذلك اثبت ابإلمجاع املبين على القياس من اآلية الكرمية‪ {:‬أإ أن‬
‫ف َما تَـ َر َك‪ ،}...‬إذ األخت ألب كاألخت الشقيقة عند عدمها‪ ،‬تنفرد‬ ‫س لَهُ َولَد َولَهُ أُ ْخت فَـلَ َها نأ ْ‬
‫ص ُ‬ ‫ك ل َْي َ‬
‫ْام ُرؤ َهلَ َ‬
‫عنها يف أهنا ترث السدس معها تكملة للثلثني‪ ،‬قياسا على بنت اإلبن مع البنت‪.‬‬
‫ونبني بتفصيل هذه احلاالت‪:‬‬
‫❖ احلالة األوىل‪ :‬فرض النصف‬
‫ترث األخت لألب من تركة أخيها أو أختها لألب املتوىف بشروط‪ ،‬وهي أن ال يكون معها أخ ألب فأكثر‪،‬‬
‫وال أخت ألب فأكثر‪ ،‬وال جد‪ ،‬وال أب‪ ،‬وال أخت شقيقة فأكثر‪ ،‬وال أخ شقيق فأكثر‪ ،‬وال إبن وال بنت فأكثر‬
‫وال إبن إبن وأكثر وإن سفل‪ ،‬وال بنت إبن فأكثر وإن سفلت‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫❖ احلالة الثانية‪ :‬فرض الثلثان‬
‫يرثه املتعدد من األخت لألب إثنتان فما فوق‪ ،‬بشرط عدم من يعصب‪ ،‬وعدم من حيجب كما ذكر يف‬
‫حالة النصف‪.‬‬
‫❖ احلالة الثالثة‪ :‬فرض السدس تكملة للثلثني‬
‫ترث األخت لألب واحدة فأكثر يف هذه احلالة (السدس)‪ ،‬مع وجود األخت الشقيقة‪ ،‬اليت هلا النصف‬
‫معها تكملة للثلثني‪ ،‬وهي هنا كحال بنت اإلبن مع البنت‪ ،‬وترث السدس مع األخت الشقيقة‪ ،‬شرط عدم من‬
‫حيجبها كاألخ الشقيق ومن حجبه‪ ،‬أو من يعصبها كاألخ ألب‪ ،‬فإذا وجد ورثت معه للذكر مثل حظ األنثيني‪.‬‬
‫❖ احلالة الرابعة‪ :‬التعصيب ابلغري‬
‫ترث األخت ألب مع البنت أو البنات‪ ،‬أو بنت اإلبن أو بنات اإلبن ابلتعصيب مع الغري‪ ،‬كحال األخت‬
‫الشقيقة مع من ذكرن‪ ،‬شرط عدم وجود األخت الشقيقة‪ ،‬ألهنا أقوى درجة منها‪ ،‬فلو تويف عن بنت‪ ،‬وأخت‬
‫شقيقة‪ ،‬وأخت ألب‪ ،‬لكان للبنت النصف‪ ،‬ولألخت الشقيقة النصف اآلخر ابلتعصيب‪ ،‬وال شيء لألخت لألب‪.‬‬

‫❖ احلالة اخلامسة‪ :‬التعصيب مع الغري‬


‫ترث األخت لألب مع البنت أو البنات‪ ،‬أو بنت اإلبن أو بنات اإلبن ابلتعصيب مع الغري‪ ،‬كحال األخت‬
‫الشقيقة مع من ذكر‪ ،‬شرط عدم وجود األخت الشقيقة‪ ،‬ألهنا أقوى درجة منها‪.‬وهذا ما أشارت إليه املادة ‪345‬‬
‫من املدونة "أصحاب الثلثني‪.....:‬األختان لألب فأكثر‪ ،‬بشرط انفرادمها عن األخ لألب وعمن ذكر يف الشقيقتني"‬
‫❖ احلالة السادسة‪ :‬املقامسة مع اجلد‬
‫حال األخت لألب مثل حال األخت الشقيقة معه‪ ،‬واألخت لألب حني تقاسم اجلد وترث معه ابلتعصيب‪،‬‬
‫يتم ذلك شرط عدم وجود األخت الشقيقة‪ ،‬وإال حصلت املعادة‪.‬‬
‫❖ احلالة السابعة‪ :‬إرث األخت لألب مع اجلد (األكدرية) ـ ـ حالة شادة ـ ـ‬
‫وهي اليت تناولناها فيما خيص إرث األخت الشقيقة‬
‫❖ احلالة الثامنة‪ :‬حالة املعادة مع وجود اجلد ـ حالة شادة ـ ـ‬

‫‪40‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬عوارض اإلرث‬
‫يقصد بعوارض اإلرث كل ما يعرتض الوارث من حجب وعول يف نصيبه ابلنقصان منه‪ ،‬أورد ابلزايدة يف‬
‫هذا النصيب‪ ،‬وقد يتعلق األمر مبسألة من مسائل اإلرث‪ ،‬ما يقتضي معرفة قدر مايستحقه ورثة هالك اثن من‬
‫ورثة اهلالك األول قبل قسمة الرتكة‪ ،‬وهو مايسمى ابملناسخة‪.‬‬
‫كما قد يوصي اهلالك قبل وفاته بوصية إرادية واليت يدخل يف حكمها التنزيل‪ ،‬واليت تستخرج من الرتكة‬
‫قبل توزيع اإلرث‪ ،‬وهو احلال نفسه ابلنسبة للوصية الواجبة‪ ،‬وكل هذه تسمى عوارض اإلرث‪ ،‬اليت تؤثر يف مقدار‬
‫الوارث زايدة أو نقصان‪ ،‬واليت هبا تنتهي الرتكة وأيخد كل وارث نصيبه منها‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬احلجب‬

‫احلجب يف اللغة‪ 55‬مبعىن السرت‪ ،‬واملنع‪ ،‬وكل ما حال بني شيئني‪ ،‬ومنه احلاجب‪ ،‬وهو البواب ألنه مينع من‬
‫الدخول إال إبذن‪.‬‬
‫أما يف االصطالح فهو منع وارث معني من كل املرياث أو بعضه بقريب آخر‪ ،‬وقد عرفته املدونة يف مادهتا‬
‫‪ 355‬أبنه‪":‬احلجب منع وارث معني من كل املرياث أو بعضه بقريب آخر"‪.‬‬
‫لذلك فاملدونة تتحدث عن حجب اإل سقاط أو مايسمى حبجب احلرمان‪ ،‬الذي مينع فيه احملجوب من كل‬
‫املرياث‪ ،‬وحجب النقل‪ ،‬أو مايسمى حبجب النقصان الذي مينع عنه بعض هذا املرياث‪.‬‬

‫أوال‪ :‬حجب النقل‬

‫حجب النقل هو نقل وارث بوجود وارث آخر من حصة يف اإلرث‪ ،‬إىل حصة أقل منها غالبا‪ ،‬وهو ثالثة‬
‫أنواع‪:‬‬
‫احلالة األوىل‪ :‬حجب النقل من فرض إىل فرض أقل منه‬

‫حجب‪55.‬‬ ‫ــ ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪،‬‬


‫‪41‬‬
‫أصحاب هذا النوع يؤثر عليه يف نقله من فرض إىل فرض أقل‪ ،‬وجود الفرع الوارث اإلبن والبنت‪ ،‬وبنت‬
‫اإلبن‪ ،‬ألن الولد أقرب وارث إىل اهلالك‪ ،‬وكذلك وجود بنت اإلبن مع بنت الصلب‪ ،‬واألخت لألب مع وجود‬
‫األخت الشقيقة‪ ،‬ويتعلق األمر خبمس أنواع من الورثة‪:‬‬
‫❖ األم‪ :‬تنتقل من فرض الثلث إىل فرض السدس‪ ،‬بوجود الفرع الوارث (اإلبن والبنت) وإن سفل‪ ،‬واملتعدد‬
‫من اإلخوة‪ ،‬سواء كانوا أشقاء أو ألب أو ألم‪ ،‬وارثني أو حمجوبني؛‬
‫❖ الزوج‪ :‬ينتقل من النصف إىل الربع‪ ،‬بوجود الفرع الوارث؛‬
‫❖ الزوجة‪ :‬تنتقل من الربع إىل الثمن‪ ،‬بوجود الفرع الوارث؛‬
‫❖ بنت اإلبن‪ :‬تنتقل إن كانت واحدة من النصف إىل السدس تكملة للثلثني‪ ،‬بوجود بنت الصلب الواحدة‪،‬‬
‫ونفس احلكم إن تعددت بنت اإلبن‪ ،‬فريثن مع بنت الصلب الواحدة السدس بدل الثلثني‪.‬‬
‫❖ األخت ألب‪ :‬تنتقل إن كانت واحدة من النصف إىل السدس‪ ،‬تكملة للثلثني بوجود األخت الشقيقة‬
‫الواحدة‪ ،‬فإن تعددت األخت لألب فريثن أيضا السدس مع األخت الشقيقة الواحدة بدل الثلثني‪.‬‬
‫احلالة الثانية‪ :‬حجب النقل من الفرض إىل التعصيب‬
‫يندرج حتت هذا النوع عنصر اإلانث مع من يعصبهن إما ابلتعصيب ابلغري‪ ،‬أو مع الغري‪ ،‬بنقلهن من الفرض‬
‫إىل التعصيب من نصيب أكثر إىل نصيب أقل‪ ،‬كالبنت اليت ينقلها اإلبن من النصف منفردة إىل الثلث مع أخيها‪،‬‬
‫ويدخل حتت هذا النوع مايلي‪:‬‬
‫❖ بنت االصلب أو بنات الصلب مع إبن الصلب أو أبناء الصلب‪ ،‬مبقتضى للذكر مثل حظ األنثيني؛‬
‫❖ بنت اإلبن أو بنات اإلبن مع إبن إبن الصلب أو أبناء الصلب‪ ،‬مبقتضى للذكر مثل حظ األنثيني؛‬
‫❖ األخت الشقيقة أو األخوات الشقيقات مع األخ الشقيق أو اإلخوة األشقاء‪ ،‬مبقتضى للذكر مثل‬
‫حظ األنثيني‪ ،‬شرط االنفراد عن الفرع الوارث الذكر واألب؛‬
‫❖ األخت لألب أو األخوات لألب مع األخ لألب أو اإلخوة لألب‪ ،‬مبقتضى للذكر مثل حظ‬
‫األنثيني‪ ،‬شرط عدم وجود اإلخوة االشقاء الذكور‪ ،‬وما ذكر يف األخت الشقيقة؛‬
‫❖ األخت الشقيقة أو ألب ينقلهما اجلد من الفرض إىل التعصيب‪.‬‬
‫احلالة الثالثة‪ :‬النقل من تعصيب إىل فرض‬

‫‪42‬‬
‫يتعلق هذا النوع بعنصرين من الورثة وهم‪:‬‬
‫❖ األب‪ :‬ينقله الفرع الوارث (اإلبن وإبنه) من التعصيب إىل فرض السدس‪ ،‬وفيه تقدمي جلهة البنوة‬
‫على جهة األبوة؛‬
‫❖ اجلد‪ :‬يف حالة عدم وجود األب ينقله الفرع الوارث (اإلبن وإبنه)‪ ،‬من التعصيب إىل فرض السدس‬
‫أيضا‪ ،‬لتقدم البنوة على اجلدودة‪.56‬‬
‫اثنيا‪ :‬حجب اإلسقاط‬

‫حجب االسقاط هو احلجب الذي مينع فيه الوارث واراث آخر من كل املرياث‪ ،‬والعمل فيه ابلقاعدة اليت‬
‫تنبين عليها الفرائض(األقرب فاألقرب)‪ ،‬ألن من يديل للهالك بوارث ال يرث مع وجوده‪ ،‬وينبين حجب اإلسقاط‬
‫على مبدأ القرب من اهلالك‪ ،‬حسب معايري اجلهة والدرجة‪ ،‬والقوة‪ ،‬مما سبق تناوله حول التعصيب ابلنفس‪ ،‬وأصل‬
‫ذلك قوله صلى هللا عليه وسلم‪(( :‬أحلقوا الفرائض أبهلها ومابقي فألوىل رجل ذكر))‪.‬‬
‫وقد راعى املشرع بعض جهات القرابة‪ ،‬ورابطة الزواج ابلنسبة للزوج والزوجة‪ ،‬فلم تشمل هذه اجلهات‬
‫حجب اإلسقاط‪ ،‬وإن كان يسري عليهم حجب النقل‪.‬‬
‫وهذه اجلهات ذكرهتا املادة ‪ 357‬من املدونة‪ ،‬وختص اإلبن والبنت واألب واألم والزوج والزوجة‪ ،‬إال إذا‬
‫حال مانع من موانع اإلرث املارة بنا دون استفادهتم من اإلرث‪.‬‬
‫أما ابقي الورثة فقد يلحقهم حجب اإلسقاط‪ ،‬ويتعلق األمر مبن ذكرهتم املادة ‪ 358‬من مدونة األسرة ب‪:‬‬
‫❖ إبن اإلبن حيجبه اإلبن خاصة‪ ،‬والقريب من ذكور احلفدة حيجبهم البعيد منهم؛‬
‫❖ بنت اإلبن حيجبها اإلبن فوقها مطلقا‪ ،‬اي سواء كان معها إبن إبن أو مل يكن‪ ،‬كماحتجبها‬
‫بنتان فمافوق‪ ،‬إال إذا كان معها إبن إبن يف درجتها أو أسفل منها فيعصبها‪.‬‬
‫❖ اجلد حيجبه األب خاصة‪ ،‬واجلد القريب حيجب اجلد البعيد؛‬
‫❖ األخ الشقيق والشقيقة حيجبهما اإلبن وإبن اإلبن واألب؛‬
‫❖ األخ ألب واألخت ألب حيجبهما الشقيق ومن حجبه‪ ،‬وال حتجبهما الشقيقة؛‬
‫❖ إبن األخ الشقيق حيجبه اجلد واألخ لألب ومن حجبه؛‬

‫‪56.164‬‬ ‫ــ محمد رياض‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬


‫‪43‬‬
‫❖ أبن األخ لألب حيجبه إبن األخ الشقيق ومن حجبه؛‬
‫❖ العم الشقيق حيجبه إبن األخ لألب ومن حجبه؛‬
‫❖ العم ألب حيجبه العم الشقيق ومن حجبه؛‬
‫❖ إبن العم الشقيق حيجبه العم لألب ومن حجبه؛‬
‫❖ إبن العم لألب حيجبه إبن العم الشقيق ومن حجبه؛‬
‫❖ األخ لألم واألخت لألم حيجبهما اإلبن‪ ،‬والبنت وإبن اإلبن وبنت اإلبن وإن سفلن واألب واجلد‪،‬‬
‫وإن عال؛‬
‫❖ اجلدة ألم حتجبها األم خاصة؛‬
‫❖ اجلدة لألب حيجبها األب واألم؛‬
‫❖ القرىب من جهة األم حتجب البعدى من جهة األب‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬العول‬

‫العول يف اللغة مبعىن امليل إىل اجلور‪ ،‬كما يف قواه تعاىل‪َٰ {:‬ذَلأ َ‬
‫ك أَ ْد ََٰىن أ ََّال تَـ ُعولُوا}‪.58‬‬ ‫‪57‬‬

‫ويف اإلصطالح العول هو الزايدة يف عدد األسهم على األصل املرتب للنقصان يف نسب احلظوظ‪ ،‬وهو يقع‬
‫‪59‬‬
‫حينما يتزاحم أرابب الفروض على الفرائض‪ ،‬حيث تزيد االسهم على أصل الفريضة ((املسألة العائلة))‪.‬‬
‫وبذلك فاملسألة العائلة هي اليت يكون فيها جمموع أنصبة الورثة أكب من أصلها‪ ،‬وهو ماال ميكن تصوره يف‬
‫مسألة فيها تعصيب‪ ،‬ومثال ذلك أن متوت زوجة عن زوجها وأختها الشقيقة وجدهتا‪ ،‬فيكون للزوج النصف‪،‬‬
‫ولألخت النصف‪ ،‬وللجدة السدس‪ ،‬أصل املسألة من ستة للزوج نصفها ثالثة‪ ،‬ولألخت نصفها أيضا ثالثة‪،‬‬
‫وللجدة سدسها واحد‪ ،‬فيكون جمموع األنصبة هو سبعة‪ ،‬وهي أكب من ستة‪ ،‬فاملسألة هنا عائلة‪ ،‬وتعول إىل سبعة‪.‬‬

‫((عول))‪57.‬‬ ‫ــ إبن منظور‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬


‫ــ سورة النساء اآلية ‪358‬‬
‫‪ 59‬ــ وقع العول في خالفة عمر بن الخطاب‪ ،‬في أول فريضة عالت في اإلسالم‪ ،‬بعد أن توفيت إمرأة عن زوج وأختين للزوج النصف لعدم الفرع الوارث‪،‬‬
‫ولألختين الثلثان للتعدد وعدم الحاجب والعاصب‪ ،‬قال عمر إن بدأت بالزوج ضيعت األختين‪ ،‬وإن بدأت باألختين ضيعت الزوج‪ ،‬فأشيروا علي‪ ،‬فأشار‬
‫العباس بن عبد المطلب بالعول من ستة إلى سبعة‪ ،‬للزوج ثالثة ولألختين أربعة‪ ،‬وقال‪ :‬أرأيت لو مات رجل وترك ستة دراهم‪ ،‬ولرجل عليه ثالثة‪ ،‬وآلخر‬
‫أربعة‪ ،‬أليس يجعل المال سبعة أجزاء‪ ،‬فأخد به عمر وقال‪ :‬وهللا ما أدري أيمكم قدم هللا وأيكم أخر‪ ،‬فال أجد ما أوسع من أن أقسم عليكم هذا المال بالحصص‪،‬‬
‫فأدخل على كل ذي سهم مادخل عليه من عول‪.‬‬
‫واالصل الذي بني عليه العول هنا كما جاء في كالم سيدنا العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وسيدنا عمر رضي هللا عنهما‬
‫هو االقياس‪ ،‬حيث قيس ضيق اصل الفريضة عن السهام‪ ،‬على حال من أحاط الدين بماله‪ ،‬إذ تقسم ديونه قسمة غرماء على قدر نسبة ديونهم‪.‬‬
‫ــ أشار إلى ذلك عبد الرحمان بلعكيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.259‬‬
‫‪44‬‬
‫وقد ثبت ابالستقراء أن املسائل اليت يلحقها العول ثالثة‪ ،‬مقامها من (‪ ،)6‬أو (‪ ،)12‬أو (‪)24‬؛‬
‫ـ واملسائل اليت تعول أصلها من ستة (‪ )6‬تعول إىل (‪ )7‬و(‪ )8‬و(‪)9‬و(‪ ،)10‬وهو أقصى ماتعول إليه؛‬
‫ـ واليت أصلها من (‪ )12‬تعول إىل (‪)13‬و(‪)15‬و (‪ ،)17‬وهو أقصى ماتعول إليه؛‬
‫ـ واليت أصلها من (‪ )24‬تعول مرة واحدة إىل (‪.)27‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬الرد‬
‫تعريف الرد‪:‬‬
‫الرد يف اللغة الرجوع والصرف‪ ،60‬ويف االصطالح صرف الزائد عن الفروض إىل أصحاب الفروض بنسب‬
‫فروضهم‪ ،‬فالرد جانب إجيايب يلحق الورثة خالف العول‪ ،‬والرد كالعول مل يرد فيه نص يف القرآن أويف السنة‪ ،‬وإمنا‬
‫كان حمل إجتهاد من الصحابة‪،61‬وهو ال يتحقق إال وفق شروط‪:‬‬
‫✓ أن يكون هناك ذو فرض؛‬
‫✓ أن يكون هناك فاضل عن ذوي الفروض؛‬
‫✓ أن ال يكون هناك عاصب أيخد هذا الفضل‪.‬‬
‫مثاهلا‪:‬أن ميوت زوج عن زوجة وأم وبنت‪ ،‬للزوجة الثمن‪ ،‬ولألم السدس‪ ،‬وللبنت النصف‪ ،‬أصلها من أربعة‬
‫وعشرين‪ ،‬للزوجة مثنها ثالثة‪ ،‬ولألم سدسها أربعة‪ ،‬وللبنت نصفها إثناعشر‪ ،‬فإذا مجعنا األنصبة وجدانها‬
‫تسعة عشر‪ ،‬وبذلك فهناك فاضل وهو مخسة‪ ،‬فهذه مسألة انقصة‪ ،‬لتوافرها على الشروط السابقة‪ ،‬ترد‬
‫على ذوي الفروض‪.‬‬
‫طريقة إجراء الرد‬
‫إلجراء الرد يف املسائل الناقصة طريقتان‪:‬‬
‫▪ األوىل تقضي ابستخراج أصل املسألة‪،‬حيث تعرف الفروض املقدرة‪ ،‬والباقي تعاد قسمته على الورثة‬
‫حسب نسب فروضهن‪ ،‬وعيب هذه الطريقة االستغراق والرتكيب‪.‬‬

‫ــ إبن منظور‪ ،‬مرجع سابق‪((،‬ردد))‪60‬‬

‫‪ 61‬ــ كان خالف بين الصحابة حول مسألة الرد‪ ،‬فذهب زيد بن ثابت ألى القول بعدم الرد لعدم وجود النص‪ ،‬في حين ذهب علي بن أبي طالب إلى القول‬
‫به‪ ،‬واستثنى منه الزوجتين‪ ،‬وهو الرأي الذي أخد به أبو حنيفة وأحمد بن حنبل‪ ،‬وذهب عبد هللا بن مسعود إلى القول بالرد كذلك‪ ،‬لكن مع تمديد االستثناء‬
‫ليشمل ليس الزوجين فقط‪ ،‬بل أصحاب الفروض الضعيفة‪ ،‬كبنت اإلبن واألخت لألب في السدس تكملة للثلثين والجدات واإلخوة ألم‪.‬‬
‫ـــ أشلر إلى ذلك‪ ،‬محمد رياض‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.174 :‬‬
‫‪45‬‬
‫▪ الثانية‪ :‬تقضي جبعل جمموع نسب الفروض أصال للمسألة مباشرة‪ ،‬فهذه الطريقة متتاز ابلسهولة‬
‫واإلختصار(وهي املسألة اليت سنستعملها يف دراستنا)‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬الوصااي والتنزيل‬


‫الوصية تعتب من أسباب كسب امللكية وهي من عقود التبع‪ ،‬تصدر إبرادة واحدة من طرف املوصي‪ ،‬وال‬
‫تتوقف على وقبول املوصى له بداية‪ ،‬وإمنا بعد وفاة املوصي حني توزيع الرتكة ميكن للموصى له الراشد رفض‬
‫الوصية(املادة ‪ 289‬من املدونة)‪ ،62،‬ومن مث كان الفرق بينها وبني تصرفات أخرى مشاهبة‪ ،‬كاهلبة والصدقة واحلبس‬
‫والعمرى‪ ،‬اليت حتاز يف حياة املعطي وإال بطلت‪.‬‬
‫وإذا كان األصل يف الوصية أهنا إرادية‪ ،‬ألنه ال وصية بغري إرادة املوصي‪ ،‬فإن مثة إستثناء عرفته القوانني‬
‫الوضعية‪ ،‬ومنها القانون املغريب‪ ،‬جتلى فيما يعرف ابلوصية الواجبة‪ ،‬اليت تكتسب فيها امللكية بقوة القانون‪ ،‬وال‬
‫تتوقف على القبول مثلها مثل املرياث‪ ،‬وهي الوصية الواجبة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الوصية اإلرادية‬
‫الوصية اإلرادية قد تكون يف صورة الوصية العادية‪ ،‬وقد تكون يف صورة التنزيل‪ ،‬على أن ال يتجاوز نصيبهما‬
‫معا الثلث‪ ،‬والتنزيل ينزل املستفيد فيه منزلة الولد‪ ،‬لكن ال يثبت به النسب شرعا‪ ،‬ألن التبين الينتج عنه أثر من‬
‫آاثر الوالدة‪.‬‬
‫وأحكام الوصية هي نفسها اجلارية على التنزيل‪ ،‬ويبقى الفرق يف التحديد واملقدار واالستخراج‪ ،‬ألن الوصية‬
‫معلومة املقدار‪ ،‬وتستخرج قبل املرياث‪ ،‬أما التنزيل فيستخرج مع املرياث‪ ،‬وابلتايل يكون جمهول املقدار‪ ،‬قبل‬
‫تصفية الرتكة وتوزيعها بني الورثة‪.‬‬
‫وسنتناول ابختصار أحكام الوصية والتنزيل‪.‬‬
‫❖ أحكام الوصية‬

‫‪ 62‬ــ محمد رياض‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.197‬‬


‫‪46‬‬
‫الوصية يف اللغة مبعىن وصى‪ ،‬وهو أصل يدل على وصل شيء بشيء‪ ،‬ومسيت كذلك‪ ،‬ألن امليت يصل هبا‬
‫ما كان يف حياته بعد مماته‪ ،‬ويف االصطالح الفقهي عرفها إبن عرفة بقوله‪" :‬عقد يوجب حقا يف ثلث عاقده يوم‬
‫‪63‬‬
‫موته‪ ،‬أو نيابة عنه بعده"‬
‫أما مدونة األسرة‪ ،‬فعرفتها يف املادة ‪ 277‬أبهنا‪ ":‬عقد يوجب حقا يف ثلث عاقده مبوته‪ ،‬أو نيابة عنه بعده"‪.‬‬
‫وقد اثر خالف حول الوصية‪ ،‬بني من اعتبها عقدا ومن اعتبها تصرف إبرادة واحدة‪ ،‬ويرجع أصل اخلالف‬
‫إىل مدى االعتبار يف ركين اإلجياب والقبول‪ ،‬هل يتطلب األمر اإلجياب والقبول معا‪ ،‬أم جمرد اإلجياب‪ ،‬على اعتبار‬
‫أن الوصية تنشأ بداية مبجرد اإلجياب‪ ،‬والقبول ليس بشرط إال بعد الوفاة‪ ،‬واملوصي يبقى مالكا حلق الرجوع يف‬
‫‪64‬‬
‫وصيته مادام حيا‪.‬‬
‫ومدونة األسرة أخدت مبذهب اإلمام مالك واعتبهتا عقدا‪ ،‬عند تعريفها يف املادة ‪ 277‬جاء فيها‪" :‬الوصية‬
‫عقد يوجب حقا يف ثلث مال عاقده يلزم مبوته"‪ ،‬رغم أهنا نصت يف املادة ‪ 284‬على أن الوصية تنعقد إبجياب من‬
‫جانب واحد وهو املوصي‪.‬‬

‫• أركان الوصية‪ :‬أركان الوصية أربعة املوصي واملوصى له والصيغة واملوصى به‬
‫➢ املوصي ‪:‬‬
‫نصت امادة ‪ 279‬من مدونة األسرة على مايلي‪" :‬يشرتط يف املوصي أن يكون راشدا‪.‬تصح الوصية من‬
‫‪65‬‬
‫اجملنون حال إفاقته ومن السفيه واملعتوه"‬
‫إذن يشرتط يف املوصي شرطني ومها الرشد‪ 66‬والعقل‪ ،‬يف حني أن شرط اإلسالم غري وارد‪ ،‬حبيث تصح‬
‫الوصية من املسلم لغري املسلم والعكس صحيح‪ ،‬ووصية األجنيب ختضع لقانونه الوطين‪.‬‬
‫➢ املوصى له‪:‬‬
‫يشرتط يف املوصى له ‪:‬‬

‫ص‪63.83‬‬ ‫ـ توضيح األحكام على تحفة الحكام‪ ،‬ج‪،4‬‬


‫‪ 64‬ــــــــــ ـ هذا الخالف ثار عند المذاهب الفقهية‪ ،‬فالحنفية جعلوا للوصـية ركنا واحدا هو اإليجاب‪ ،‬وأن القبول هو شـرط إلفادة الملك‪ ،‬والشـافعية‬
‫اعتبروها من أعمال التبرع‪ ،‬في حين اعتبرها المالكية عقد‪ ،‬مع أنها ال تتوقف في نشأتها سوى على إرادة واحدة هي إرادة الموصي‪.‬‬
‫‪ 65‬ـ المدونة السابقة اكتفت في الموصي بأن يكون في سن التمييز دون سن الرشد‪ ،‬انسجاما في ذلك مع التوجه الذي يعتبر الوصية من التصرفات النافعة‬
‫للموصي نفعا محضا‪ ،‬ألنها سبيل لألجر والثواب‪ ،‬وال ضرر منها ألنها لما بعد الوفاة‪.‬‬
‫‪66‬ــــ ـ األهلية تكمل ببلو ‪ 18‬سـنة شـمسـية كاملة‪ ،‬حسـب المادة ‪ 209‬من مدونة األسـرة‪ ،‬فكل من بل هذا السـن‪ ،‬ولم يثبت سـبب من أسـباب نقصـان أهليته‬
‫أوانعدامها‪ ،‬يكون كامل األهلية لمباشرة حقوقه وتحمل إلتزاماته‪.‬‬
‫‪47‬‬
‫✓ أن ال يكون واراث‪ :‬الوصية ال جتوز لوارث وقت وفاة املوصي‪ ،‬إال إذا أجازها الورثة الرشداء‪ ،‬كال أو بعضا‬
‫يف حق مجيع املوصى هلم أو البعض منهم‪.‬‬
‫✓ ان يكون موجودا أو منتظر الوجود‪ :‬ووجودية املوصى له تنصرف إىل االشخاص الطبيعيني‬
‫واالعتباريني(املساجد والزوااي واألضرحة)‪ ،‬وإىل جهات الب واإلحسان (اخلريايت واملستشفيات‪ ،)...‬وال يشرتط‬
‫أن يكون املوصى له ابلغا أو عاقال أو مسلما‪ .‬كما ينصرف الوجود احلكمي ملن سيولد عند حتقق حياته ابالستهالل‪،‬‬
‫وإذا مات بعد الوالدة‪ ،‬استحق ورثته مقدار الوصية‪ ،‬كما يعتب موجودا حكما‪ ،‬الوصية للمفقود إذا ظهر بعد ذلك‪،‬‬
‫أو وصية لبناء مسجد أو مؤسسة خريية ينتظر وجودها‪.67‬‬
‫✓ أال يكون قاتال عمدا للموصي‪ :‬وهو الشرط الثالث الذي نصت عليه كذلك املادة ‪ 283‬من مدونة‬
‫األسرة‪ ،‬الشرتاط استحقاق الوصية من طرف املوصى له‪ ،‬والقتل املقصود هو القتل العمد بنية إزهاق‬
‫الروح ظلما وعدواان‪ ،‬سواء كان مسبوقا بسبق اإلصرار والرتصد أم ال‪ ،‬أما القتل اخلطأ فال يسقط‬
‫الوصية‪.‬‬
‫➢ املوصى به‪:‬‬
‫إ شرتطت مدوة األسرة جمموعة من الشروط الالزم حتققها يف املوصى به‪ ،‬منها‪:‬‬
‫أن يكون املوصى به قابل للتملك‪ :‬نصت مدونة االسرة يف املادة ‪ 292‬على مايلي‪" :‬جيب يف‬ ‫✓‬
‫املوصى به أن يكون قابال للتملك يف نفسه"‪.‬‬
‫مبعىن أنه جيب أن يكون شيئا موجودا مثل العقارات أو املنقوالت‪ ،‬أو أن يكون قابال للوجود‪ ،‬مادام أن‬
‫حمل االلتزام يف إطار الفصل ‪ 61‬من ق ل ع‪ ،‬جتيز أن يكون احملل موجود أو قابل للوجود مستقبال (الوصية مثال‬
‫يف مبىن يف طور اإلجناز)‪ ،‬مبعىن أن يكون حمقق الوقوع مستقبال‪ ،‬ومع ذلك الجيوز التنازل عن تركة إنسان وهو قيد‬
‫احلياة‪.‬‬
‫أن يكون املوصى به مشروعا‪ :‬حيث اشرتطت املادة ‪ 278‬مايلي‪" :‬يشرتط يف صحة عقد الوصية‬ ‫✓‬
‫خلوه من التناقض والتخليط مع سالمته مما منع شرعا"‪.‬‬
‫فال جيوز مثال الوصية يف األمالك العامة واحلبسية‪ ،‬ألهنا تدخل يف غري املتملك للموصي والتصرف مبال‬
‫الغري ابطل وعدم‪ ،‬أو الوصية بكمية من اخلمور‪ ،‬فهي تدخل يف احملل غري املشروع‪.‬‬

‫‪ 67‬ـ جاء في المادة ‪ 310‬من المدونة‪ " :‬تصح الوصية لج هة معينة من جهات البر ينتظر وجودها‪ ،‬فإن تعذر وجودها صرفت الوصية إلى‬
‫األقرب مجانس لتلك الجهة"‪.‬‬
‫‪48‬‬
‫أن يكون املال املوصى به ماال مقوما((العني واملنفعة))‪ :‬نصت املادة ‪ 294‬م س على أنه‪" :‬يصح‬ ‫✓‬
‫أن يكون املوصى به عينا‪ ،‬ويصح أن يكون منفعة ملدة حمددة أو أمؤبدة‪ ،‬ويتحمل املنتفع نفقات الصيانة"‪.‬‬
‫تشتمل عناصر امللكية على التصرف أو الرقبة ـ االستعمال ـ االستغالل‪ ،‬والوصية قد تشتمل كامل هذه‬
‫العناصر‪ ،‬فمثال ميكن للموصي أن يوصي بنقل امللكية للموصى له‪ ،‬ليتمكن من التصرف فيها يف مجيع أنواع‬
‫االستغالل والتصرف‪ ،‬بعد وفاته‪ ،‬كما ميكن أن يوصي له ابالستغالل فقط‪( ،‬االنتفاع)‪ ،‬حبيث ميلك حق االنتفاع‬
‫بواسطته أو بواسطة الغري‪ ،‬دون حق التصرف‪ ،‬واملنفعة قد تكون مؤبدة وتنعت ابحلبس‪ ،‬وقد تكون مؤقتة‬
‫(العمرى)‪ ،‬احملددة بعمر املوصى له أو مبدة حمددة‪ ،‬مث تعود املنفعة لورثة املوصي‪.‬‬
‫أن يكون املوصى به غري زائد على الثلث‪ :‬حبيث جيب أن حيدد مقدار الوصية يف الثلث‪ ،‬بعد‬ ‫✓‬
‫إخراج احلقوق املتعلقة ابلرتكة قبل الوصية كما تناولنا سلفا‪ ،‬لكن ميكن للورثة الراشدون إجازة الوصية للوارث كما‬
‫‪68‬‬
‫هلم أن جييزوا مقدار يتجاوز الثلث بعد موته‪ ،‬أو يف مرض املوت‪.‬‬
‫• إثبات الوصية‪:‬‬
‫الوصية تعتب تصرف شكلي‪ ،‬فهي ال تصح إال إبشهاد عدلني أو إشهاد حجة رمسية مكلفة ابلتوثيق‪ ،‬ويف‬
‫حالة ما إذا انصبت على غري نقل ملكية العقارات‪69‬حيررها املوصي خبط يده مع إمضاءه‪ ،‬حسب ماتنص عليه‬
‫املادة ‪ 296‬من مدونة األسرة‪ ،‬على أنه يف هذه احلالة األخرية يتعني حسب مقتضيات املادة ‪ 297‬من نفس‬
‫املدونة‪ ،‬أن يصرح املوصي يف الوصية مبا يفيد اإلذن بتنفيدها‪.‬‬
‫غري أنه إذا حالت الضرورة امللحة دون اإلشهاد عليها‪ ،‬أو كتابتها خبط املوصي‪ ،‬أمكن إثباهتا عن طريق‬
‫االستماع إىل الشهود الذين حضروا الوصية‪ ،‬ولو مل يكونوا عدول منتصبني لإلشهاد‪ ،‬إال إذا تبني للقاضي بناء على‬
‫السلطة التقديرية يف تقييم شهادة الشهود‪ ،‬أن شهادهتم مشكوك فيها‪ ،‬فيمتنع عن اإلذن بتوثيقها‪.‬‬
‫• إبطال الوصية‪:‬‬
‫حسب مقتضيات املادة ‪ 314‬تبطل الوصية مبايلي‪:‬‬
‫ـ ـ مبوت املوصى له قبل املوصي سواء كان املوت حقيقي أو حكمي؛‬

‫‪ 68‬ــ محمد رياض‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪319 ،‬‬


‫‪ 69‬ـ المادة ‪ 4‬من مدونة الحقوق العينية تنص على مايلي‪" :‬يجب أن تحررـ تحت طائلة البطالن ــ جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء‬
‫الحقوق العينية األخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها بموجب محر رسمي‪ ،‬أو بمحرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محام مقبول لدى محكمة‬
‫النقض ما لم ينص القانون على خالف ذلك‪"....‬‬
‫‪49‬‬
‫ـ هبالك املوصى به املعني قبل وفاة املوصي‪ ،‬إذا كان اهلالك كليا تنقضي الوصية‪ ،‬وإذا كان جزئيا تنقضي يف‬
‫اجلزء الذي اعرتاه اهلالك؛‬
‫ـ برجوع املوصي عن الوصية‪ ،‬حىت ولو التزم بعدم الرجوع‪ ،‬وسواء كان يف صحته أو مرضه؛‬
‫ـ برد املوصى له الراشد الوصية بعد وفاة املوصي‪.‬‬
‫والظاهر من مقتضيات هذه املادة أن الوصية تبطل مبقتضيات واردة على سبيل احلصر‪ ،‬ال على سبيل‬
‫‪70‬‬
‫املثال‪.‬‬

‫اثنيا‪ :‬التنزيل‬
‫تعريف التنزيل‪:‬‬
‫عرفت مدونة األسرة يف املادة ‪ 315‬التنزيل كما يلي‪" :‬التنزيل إحلاق شخص غري وارث بوارث وإنزاله يف‬
‫منزلته"‪.71‬‬
‫فالتنزيل هو إنزال شخص منزلة الوارث‪ ،‬كإنزاله منزلة اإلبن أو البنت أو األخ أو األخت‪ ،‬أو يكون له إبن‬
‫إبن قد مات فيقول ورثوه مكان أخيه‪.‬واملنزَّل ال يلحق بنسب أ‬
‫املنزل لعدم توافر شروط االستلحاق‪ ،‬وإمنا يريد‬
‫إنزاله منزلة الولد يف اإلرث فقط‪ ،‬فهو صورة من صور الوصية‪ ،‬وأيخد أحكامها (املادة ‪ 316‬املشار اليها يف‬
‫اهلامش)‪ ،‬سواء يف األركان أو الرجوع أو اإلثبات‪ ،72‬فقد يقصد املنزل الوصية صراحة‪ ،‬كما قد يقصد التنزيل التام‬
‫منزلة الولد‪ ،‬وخيتلفان فقط يف التفاضل‪ ،‬فإذا كان املوصى هلم متعددون وفيهم ذكور وإانث‪ ،‬ومل يبني املوصي كيفية‬
‫املنزل متعدد‪ ،‬وفيهم ذكور وإانث‪ ،‬ومل يبني‬
‫التوزيع‪ ،‬قسم عليهم ابلتساوي‪ ،‬للذكر مثل حظ األنثى‪ ،‬أما إذا كان َّ‬
‫املوصي أ‬
‫(املنزل) كيفية القسمة بينهم‪ ،‬تتم القسمة للذكر مثل حظ األنثيني‪ ،‬مثل املرياث‪.‬‬
‫والتنزيل ال يدخل فيه إال من كان موجودا يوم وفاة أ‬
‫املنزل‪ ،‬دون من يولدون بعد وفاته‪ ،‬فإذا نزل اهلالك‬
‫أوالد إبنه مكان والدهم‪ ،‬فال يدخل ضمنهم من ولد بعد وفاته‪.‬كما ال يشرتط وجود الولد الذي نزل منزلته يوم‬
‫املنزل‪ ،‬فيصح التنزيل ممن نزل منزلة ولد غري موجود‪ ،‬أو مات قبل وفاة أ‬
‫املنزل‪.‬‬ ‫وفاة أ‬

‫ــ محمد رياص‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪70.346‬‬

‫‪71‬ــ كما تنص المادة ‪ 316‬على مايلي‪" :‬ينعقد التنزيل بما تنعقد به الوصية مثل قول المنزل ـ ـكسراـ فالن وارث مع ولدي أو مع أوالدي أو ألحقوه بميراثي‬
‫أو ورثوه في مالي أو يكون له ولد إبن أو ولد بنت فيقول ورثوه مع أوالدي‪ ،‬وهو كالوصية تطبق عليه أحكامها ما عدا التفاضل"‪.‬‬
‫ــ محمد رياض‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪72.234‬‬

‫‪50‬‬
‫• أنواع التنزيل‪:‬‬
‫التنزيل جمهول املقدار قبل توزيع املرتوك‪ ،‬ـ ـ خالف الوصية يف الغالب ـ ـ ‪ ،‬فهو يتنوع ابختالف العبارة أو‬
‫صيغة التنزيل بني‪:‬‬
‫ـ ـ التنزيل ابلتسوية‪ :‬نصت عليه املادة ‪ 317‬من املدونة‪ ،‬وهي احلالة اليت يسوي فيها بني امللحق وامللحق‬
‫به‪ ،‬كأن يقول فالن أوفالنة يف منزلة إبين أو بنيت‪ ،‬يرث مثلما يرث‪ ،‬وطريقة عمل املسألة يف هذه احلالة‪ ،‬هو‬
‫تصحيح املسألة بدون منزل‪ ،‬مث نزيد عليهم املنزل‪ ،‬ونعطيه مثل مرياث الذي نزل منزلته‪ ،‬سواء كان يف املسألة‬
‫أصحاب فرض أم مل يكونوا‪ ،‬وحتسب املسألة بطريقة العول‪ ،‬فيلحق الضرر ابجلميع‪.‬‬
‫ـ التنزيل بعدم التسوية‪ :‬نصت عليه املادة ‪ 317‬من مدونة األسرة‪ ،‬وتعين هذه احلالة أن أ‬
‫املنزل مل يسو‬
‫صراحة بني امللحق وامللحق به‪ ،‬كأن يقول فالن أو فالنة وارث مع ولدي أو أوالدي‪ ،‬أو أحلقوه مبرياثي‪ ،‬فحني‬
‫املنزل الذكر كواحد من ذكورهم واألنثى كواحدة من إانثهم‪ ،‬ويقدر زائدا‪ ،‬فإذا‬
‫ينعدم من يرث ابلفرض ينزل فيها َّ‬
‫املنزل‪،‬‬
‫كان البنون إثنان أصبحوا ثالثة هو اثلثهم‪ ،‬أما إذا كان يف املسألة صاحب فرض‪ ،‬نعاجل املسألة إبدخال َّ‬
‫ليعلم ماينوبه مع الورثة‪ ،‬مث نعيد معاجلتها لكن بدون املنزل‪ ،‬مع جعل ماانب هذا األخري مع الورثة يف املعاجلة األوىل‬
‫وصية له‪ ،‬ونصحح الفريضة بوصيتها‪.‬‬
‫اثلثا‪:‬الوصية الواجبة‪:‬‬
‫الوصية الواجبة هي وصية ال مرياث‪ ،‬اثبتة لألحفاد ـ ذكورا أو إاناث ـ يف تركة جدهم أوجدهتم بتحقق شروط‬
‫معينة‪ ،‬حيث جاء يف املادة ‪ 369‬من مدونة االسرة مايلي‪" :‬من تويف وله أوالد إبن أو أوالد بنت ومات ذلك اإلبن‬
‫أو البنت قبله أو معه وجب ألحفاده هؤالء يف ثلث تركته وصية ال ابملقدار والشروط اآلتية"‪.‬‬
‫واملشرع املغريب استمر بعدم توريث ذوي األرحام‪ ،‬وهو املشهور يف املذهب املالكي‪ ،‬وبعدم توريث األحفاد‬
‫الذين يتوىف والدهم فبل جدهم إذا كان معهم أعمام‪ ،‬إىل حني صدور مدونة األحوال الشخصية سنة ‪،1957‬‬
‫الذي أوجب استفادة أوالد اإلبن دون أوالد البنت من حصة والدهم يف اإلرث وصية واجبة‪ ،‬مث عملت مدونة‬
‫األسرة على توسيع دائرة االستفادة من الوصية الواجبة لفائدة أوالد البنت كذلك‪ ،‬فأصبح املستفيدون من الوصية‬
‫الواجبة أوالد اإلبن وأوالد إبن اإلبن ذكورا وإاناث‪ ،‬وأوالد البنت‪ ،‬حيجب كل أصل فرعه يف اإلرث‪ ،‬فأوالد اإلبن‬
‫حيجبون أوالد إبن اإلبن مثال‪.‬‬

‫شروط الوصية الواجبة‬ ‫❖‬


‫‪51‬‬
‫يشرتط لوجوب الوصية الواجبة وفقا ألحكام املادتني ‪ 369‬و‪ 371‬من املدونة ثالثة شروط‪:‬‬
‫✓ أال يكون أوالد اإلبن أو بناته ورثة‪ :‬أي وارثني يف جدهم بعدم وجود اإلبن احلاجب‪ ،‬فال وصية‬
‫لوارث‪ ،‬فإن كانوا وارثني استفادوا من اإلرث دون الوصية‪ ،‬ولو كان مقدار الوصية الواجبة أفضل‬
‫من اإلرث‪.‬‬
‫✓ أن ال يكون أصلهم املتوىف جدا أو جدة منحهم على وجه التبع ما يساوي على األقل مقدار ما‬
‫جيب هلم مبقتضى الوصية الواجبة‪ ،‬فإن كان ما أعطاهم يقل عما جيب هلم ابلوصية الواجبة‪ ،‬يكمل‬
‫هلم نصيبهم القانوين هبا‪.‬‬
‫✓ مقدار الوصية الواجبة حمدد يف نصيب ال يتجاوز الثلث‪ :‬وهو مانصت عليه املادة ‪ 370‬من مدونة‬
‫األسرة‪ ،‬حيث يستفيد األحفاد من نصيب والدهم أو والدهتم يف إرث جدهم للذكر مثل حظ‬
‫األنثيني‪ ،‬على أن ال يتجاوز مقدار الثلث‪ ،‬كما هو األمر ابلنسبة ملختلف العطااي‪.‬‬

‫‪52‬‬
53

You might also like