You are on page 1of 3

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم جريمة االستعمال التعسفي ألموال الشركة‬

‫األول‪ :‬تعريف جريمة االستعمال التعسفي ألموال الشركة‬ ‫الفرع‬


‫لم يعرف المشرع الجزائري جريمة إساءة استعمال أموال الشركة سواء في القانون التجاري أو في‬
‫قانون العقوبات‪ ،‬فهي موزعة بين مجموعة من النصوص القانونية غير مترابطة ببعضها البعض‪،‬‬
‫وليست مجموعة في تقنين واحد‪ .‬أما عن قانون العقوبات فهو تشريع ظرفي يكيف النصوص‬
‫باالحتياجات االقتصادية الملحة فيصعب بالتالي تقنينه‪ .‬وبالعودة إلى القانون التجاري نجد أن المشرع‬
‫اكتفى بتحديد المخالفات التي قد تمس بالشخصية المعنوية للشركة ومصلحتها‪ ،‬بحيث نص المشرع على‬
‫جريمة االستعمال التعسفي ألموال الشركة في الباب الثاني المتعلق باألحكام الجزائية للقانون التجاري‬
‫بموجب المواد ‪ 800‬فقرة ‪ 811 ،4‬فقرة ‪ ،3‬و‪ 840‬فقرة ‪ 1‬من القانون التجاري الجزائري‪.‬‬

‫نصت المادة ‪ 800‬فقرة ‪ 4‬على‪" :‬المسيرون الذين استعملوا عن سوء نية أمواال أو قروض للشركة‬
‫تلبية ألغراضهم الشخصية أو لتفضيل شركة أو مؤسسة أخرى لهم فيها مصالح مباشرة أو غير‬
‫مباشرة"‪.‬‬

‫وبموجب هذه المادة يمكننا استنتاج ووضع تعريف لجريمة التعسف في استعمال أموال الشركة على‬
‫أنها‪ " :‬عبارة عن كل تصرف إيجابي أو سلبي صادر من المسير أو القائمون على الشركة بسوء نية‬
‫وبصفة تتعارض مع المصلحة االقتصادية للشركة حتى ولو لم يكن بغاية التملك أو بالضرورة أن يلحق‬
‫ضرر للشركة"‪.‬‬

‫ومن أمثلة جريمة التعسف في استعمال أموال الشركة‪:‬‬

‫التخفيض العمدي لرأس مال الشركة‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫اصدار مؤسسو الشركة أو القائمون عليها أسهما تقل قيمتها األسمية عن الحد األدنى القانوني‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫التوزيع العمدي ألرباح صورية بين الشركاء بدون جرد مغشوش‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫حرمان الشركاء المساهمين أو البعض منهم من حصة واحدة من حقهم في مال الشركة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬خصائص جريمة االستعمال التعسفي ألموال الشركة‬

‫تتمتع جريمة االستعمال التعسفي ألموال الشركة كغيرها من الجرائم التي تقع في الشركات التجارية‬
‫بخصائص كثيرة‪ ،‬ويمكن حصرها وجمعها بصفة عامة في خاصيتين‪( :‬أوال) جريمة االستعمال‬
‫التعسفي ألموال الشركة جريمة نفعية ذات آثار وخيمة‪( ،‬ثانيا) جريمة ذات صفة خاصة وتقنية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬جريمة االستعمال التعسفي ألموال الشركة جريمة نفعية ذات آثار وخيمة‪:‬‬
‫تعد جريمة التعسف في استعمال أموال الشركة من الجرائم النفعية ألنها تهدف إلى تحقيق مكاسب‪،‬‬
‫مصالح وأغراض شخصية على حساب الشركة والمساهمين فيها بطريقة غير شرعية والذين يتأثرون‬
‫بهذه األخيرة بشكل سلبي‪ ،‬سواء ارتكبت أثناء تسيرها أو عند تصفيتها‪ ،‬وحتى وإ ن كانت ال تبدو من‬
‫طبيعة مالية فبمجرد أنها تهدف إلى تحقيق منفعة شخصية غير مشروعة فتعتبر تعسفا في حق الشركة‪.‬‬

‫ويتم تحديد هذه األعمال التي يقوم بها المسير أو القائمون على الشركة ما إن كانت الجريمة تعسفية في‬
‫حق الشركة وأموالها يجب النظر في الظروف التي قامت عليها هذه األعمال‪ ،‬فيمكن أن تكون‬
‫الظروف واألسباب التي دفعت الشخص الستخدام أموال الشركة كان ضروريا إلنقاذ الشركة من‬
‫اإلفالس مثال‪ ،‬وكذلك المكان ما إذ كانت واقعة داخل نطاق الشركة أو خارجها مراعاة للحدود القانونية‬
‫للدولة‪.‬‬

‫وبهذا نقول ونعتبر جريمة التعسف في استعمال أموال الشركة‪ ،‬جريمة ظرفية تستوجب دراسة‬
‫الظروف المحيطة بها وتحليل األدلة المتاحة العتبارها حقا جريمة تعسفية في شأن الشركة والمساهمين‬
‫فيها‪ ،‬ويمكن قول أيضا أن ما يكون ويعتبره المسؤول عن الشركة نافعا في حق هذه األخيرة اليوم وفي‬
‫ظرف معين ومكان معين قد يكون ضارا في وقت الحق‪.‬‬

‫ومن خصائص هذه الجريمة‪ ،‬انها ذات طابع اقتصادي بما أنها واقعة في الشركة‪ ،‬ينظمها القانون‬
‫الجنائي في مجموعة من النصوص القانونية غير مستقلة وغير مقننة كون القانون الجنائي االقتصادي‬
‫سريع الردع فيكيف على حسب الظروف واالحتياجات االقتصادية لمواكبة سرعة تقلبات الظواهر‬
‫االقتصادية‪ ،‬دون االلتزام بالقواعد والمعايير المحددة في القانون الجنائي العام‪ ،‬سواء من حيث األركان‬
‫القانونية التي تتطلبها هذه الجريمة حيث نجد التغيير واضح في مالمح الركن الشرعي مع غموض‬
‫الركن المادي فيها‪.‬‬

‫وباإلضافة إلى ذلك فإن هذه الجريمة يترتب عنها آثار وخيمة وأضرار كبيرة تلحق بالشركة‬
‫والمساهمين وقد تتعدى إلى المساس بالمستثمرين والمتعاملين مع هذه الشركة‪ ،‬حيث قد تؤدي إلى‬
‫تدهور مالي واضح مما يؤدي إلى تقليل األرباح وزيادة الديون وتقليل قدرة الشركة على تحقيق أهدافها‬
‫المالية‪ ،‬وإ فالسها في بعض الحاالت‪ .‬كما يمكن أن تضر بسمعة الشركة وثقة المستثمرين فيها‪ ،‬وانعدام‬
‫المصداقية المالية‪ ،‬وتراجع قدرتها على المنافسة وبذلك خلق المنافسة غير المشروعة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬جريمة االستعمال التعسفي ألموال الشركة جريمة ذات صفة خاصة وتقنية‪:‬‬
‫تعتبر جريمة التعسف وإ ساءة استعمال أموال الشركة ذات صفة خاصة‪ ،‬ذلك للتساهل في اثبات الركن‬
‫المعنوي فيها‪ ،‬ففي القانون المقارن كاد المشرع ان ال يتقيد بأحكام اثبات هذا الركن بنفس ما هو مقرر‬
‫في القانون العام‪ ،‬فسوى القضاء بين العمد واإلهمال كون أن بعض أو باألحرى أغلبية المسيرين‬
‫يرتكبون هذه الجريمة معظمهم يرتكبونها عن غفلة أو سهو وإ همال‪ ،‬ولهذه األسباب مرتكبها ال يحس‬
‫أنه قد ارتكب جريمة‪ ،‬ومعتبرا تصرفه كحق من الحقوق المخولة له بموجب وظيفته وسلطته في تسيير‬
‫الشركة‪.‬‬

‫تتطلب هذه الجريمة معرفة خاصة بالموارد المالية والحسابية للشركة‪ ،‬حيث ترتكب من قبل مسؤولي‬
‫ومسيري هذه الشركة الذين يعتبرون بمثابة محترفون لهم مكانة مرموقة بمناسبة وظيفتهم‪ ،‬فيتم‬
‫التخطيط والتنظيم المسبق لتنفيذ هذا التصرف غير المشروع باستخدام التكنولوجيا واألساليب المالية‬
‫للتالعب بحسابات الشركة مع سهولة التستر عليها وإ خفاءها‪ ،‬وبهذا نعتبرها من الجرائم التقنية‪.‬‬

You might also like