You are on page 1of 29

‫مجلة كلية القانون والعلوم السياسية العدد (‪)8‬‬ ‫عقد الوساطة المالية في سوق االوراق المالية‬ ‫الملف القانوني‬

‫عقد الوساطة المالية في سوق االوراق المالية‬


‫بين الرضائية واالذعان‬
‫‪Contract of financial mediation on financial market between‬‬
‫‪consent and obedience‬‬

‫م‪ .‬فيصل عدنان عبد شياع‬


‫اجلامعة املستنصرية‪ /‬كلية االدارة واالقتصاد‬

‫‪165‬‬
‫مجلة كلية القانون والعلوم السياسية العدد (‪)8‬‬ ‫عقد الوساطة المالية في سوق االوراق المالية‬ ‫الملف القانوني‬

‫امللخص‬
‫يعتبــر عقــد الوســاطة فــي ســوق االوراق الماليــة مــن العقــود التــي تمتــاز بطابعهــا‬
‫الخــاص‪ ,‬نظ ـ ار لخصوصيــة المصالــح التــي يمثلهــا هــذا العقــد‪ ,‬اذ يظهــر فيــه تقييــد لمبــدأ‬
‫ســلطان االرادة‪ ,‬مــن خــال فــرض شــروط علــى حريــة التعاقــد بشــكل عــام وتقييــد لحريــة‬
‫العميــل فــي التفــاوض علــى شــروط العقــد‪ .‬فغالبــا مــا تعــرض علــى العميــل طالــب الخدمــة‬
‫عقــودا نموذجيــة تحــدد فيهــا بنــود التعاقــد مســبقا وشــروطه التــي يجــب ان يتقيــد بهــا كال طرفــي‬
‫التعاقــد‪ .‬ان اطــار مهنــة الوســاطة الــذي وصفــه المشــرع لنشــاط الوســيط فــي تعامــات ســوق‬
‫االوراق الماليــة‪ ,‬يضفــي عليهــا بعــض الســمات منهــا انهــا منظمــة‪ ,‬ومقننــة وليســت مهنــة حـرة‪,‬‬
‫وان النشــاط فيها يمارس بشــكل قصري من اشــخاص مهنيين‪ ,‬فضال عن ان المشــرع قيدهم‬
‫بخطــر االعمــال االخــرى االخــرى عنــد ممارســتهم لهــذا النشــاط‪ ,‬اي فــرض عليهــم مبــدأ التفــرغ‬
‫فــي العمــل‪ ,‬باســتثناء المصــارف التــي يمكــن ان تمــارس شــتى العمليــات المصرفيــة‪.‬‬

‫‪Abstract‬‬

‫‪The contract of financial mediation in the stock market is consedered as one‬‬


‫‪of the most important contracts around the negotiation of financial securities, and‬‬
‫‪occupying an outstanding place in the commercial transaction for the specialist‬‬
‫‪interests of exercise in this field. The study aims at analyzing and reasearching into‬‬
‫‪definition of mediation contract within a financial market, important of stockbroker‬‬
‫‪and its lawful nature. The trading operations begin with buisinessmen-agent‬‬
‫‪issuing to the stockbrocker who transmits the order to market for executing it as‬‬
‫‪the buisinessman-agent had wish, he is consedered as an agent of his customer‬‬
‫‪who buys the stocks and the shares when the name of the agent is not mentioned in‬‬
‫‪the contract of buying or selling. The mediator is, therefore a fundamental element‬‬
‫‪to make successful and financial market which motivates investment inside it as‬‬
‫‪a result, therefore the profession of the financial mediation in the stock-exchange‬‬
‫‪has become a speciality requiring a great know ledge and mastery.‬‬

‫‪167‬‬
‫الملف القانوني‬ ‫عقد الوساطة المالية في سوق االوراق المالية‬

‫مقدمة‬
‫الوســاطة فــي تعامــات ســوق االوراق الماليــة (البورصــة)((( تمثــل نشــاط يقــوم علــى‬
‫تقديــم خدمــة لشــخص يرغــب فــي بيــع او ش ـراء ورقــة ماليــة فــي ســوق االوراق الماليــة‪ ,‬مــن‬
‫خــال التقريــب بيــن شــخصين او اكثــر البـرام اتفــاق‪ ,‬ومــن ثــم يكــون الوســيط فــي مركــز وســط‬
‫بيــن العميــل والغيــر‪ .‬وممارســة هــذا النشــاط بشــكل معتــاد يجعــل منــه خاضعــا الحــكام النشــاط‬
‫ويعــد نشــاط الوســاطة او السمسـرة مــن المهــن العريقــة التــي تمتــاز بقيمتهــا الكبيـرة‬
‫االقتصــادي‪ُ .‬‬
‫فــي مختلــف المجتمعــات‪ ,‬اذ يتحمــل الوســيط مشــقة رصــد االســعار المناســبة للســلع بــدال مــن‬
‫عميلــه‪ ,‬عندمــا يتدخــل فــي عمليــة تــداول االوراق الماليــة فــي الســوق لحســاب الغيــر مــن خــال‬
‫عقــد يبرمــه مــع العميــل‪ ,‬تنفيــذا اللت ـزام فرضــه علــى عاتقــه القانــون‪ ,‬باب ـرام الوســطاء عقــود‬
‫تفويــض مــع زبائنهــم‪.‬‬
‫وتُعــد اس ـواق المــال مــن اهــم المجــاالت التــي تســتخدم فــي جمــع المدخ ـرات الماليــة‬
‫والعمــل علــى توجيههــا لتمويــل مشــاريع االســتثمار المتنوعــة‪ ,‬ولهــذه االســوق دو ار كبي ـ ار فــي‬
‫ازدهــار االقتصــاد فــي البلــدان‪ ,‬وان التغيي ـرات التــي مــرت بهــا مــن ابــداع وابتــكار مالــي‬
‫مســتمر‪ ,‬وعولمــة االقتصــاد‪ ,‬ادت الــى الــى ظهــور ادوات ماليــة جديــدة للتعامــل فــي مجــال‬
‫تجميــع المدخـرات وتخصيصهــا الــى الهيئــات االقتصاديــة التــي تهــدف الــى رفــع معــدل نموهــا‬
‫(((‬
‫االقتصــادي بســبب العجــز المالــي الــذي يصيبهــا‪.‬‬
‫اســتثمار االم ـوال فــي ســوق المــال يحتــاج الــى مجموعــة اســس ومعاييــر تســاهم فــي‬
‫اتخــاذ القـرار الســليم ‪ ,‬بعضهــا يتعلــق بالمجــال االقتصــادي وبعضهــا بالمجــال المالــي‪ ,‬وبعضهــا‬
‫تكــون ذا طابــع فنــي‪ ,‬ومــن ثــم فــان التعامــل فــي مجــال التــداول لــاوراق الماليــة فــي الســوق‬
‫يحتمــل الكثيــر مــن المخاطــر‪ .‬وفــي ظــل التعقيــدات التــي ت ارفــق عمليــات البيــع والش ـراء‬
‫واالســتثمار والتوظيــف داخــل ســوق االوراق الماليــة‪ ,‬فقــد زادت اهميــة النشــاط الــذي يمارســه‬
‫وســيط هــذه العمليــات لذلــك اخــذت معظــم التشـريعات علــى عاتقهــا‪ ,‬ومنهــا التشـريع الع ارقــي‪,‬‬
‫وجــوب تدخــل المشــرع لتنظيــم هــذه العمليــات‪ ,‬حتــى ال يتعــرض المســتثمرين الســتغالل‬
‫المضاربيــن المحترفيــن‪ ,‬فاكتســبت الوســاطة اهميــة كبي ـرة خاصــة بعــد زيــادة اعــداد المدخريــن‬
‫مــن االشــخاص والشــركات الســتثمار اموالهــم فــي مجــال االوراق الماليــة‪.‬‬

‫(‪ )1‬كلمــة البورصــة مشــتقة مــن اســم أحــد الصيارفــة فــي مدينــة بــروج ‪ BURGES‬فــي بلجيــكا‪ ,‬اذ كتــب علــى بــاب الفنــدق الــذي‬
‫يملكــه و بعالمــات بــارزة عبــارة ‪ ،bourse‬أي بورصــة األم ـوال‪ ،‬فــكان التجــار يجتمعــون لتبــادل الصفقــات أمــام ذلــك الفنــدق‪ ,‬ثــم‬
‫حصــل تطــور فــي التبــادل التجــاري ليحــل بعــد ذلــك اســم صاحــب الفنــدق‪ ،‬و هكــذا أصبحــت كلمــة البورصــة‪ BOURSE‬هــي‬
‫التســمية التي اطلقت على ســوق تداول األوارق المالية نســبة إليه‪ .‬للتفصيل أنظر‪ :‬صالح ارشــد الحمراني‪ ،‬دور شــركات السمسـرة‬
‫فــي بورصــة األوارق الماليــة وفقــا للقانــون رقــم ‪ 1992/95‬فــي شــأن ســوق رأس المــال‪ ,‬رســالة ماجســتير‪ ,‬كليــة الحقــوق‪ ,‬جامعــة‬
‫القاه ـرة‪ ,2000 ,‬ص‪.16‬‬
‫(‪ )2‬محمــد صالــح الحنــاوي‪ ,‬جــال ابراهيــم العبــد‪ ,‬بورصــة االوراق الماليــة بيــن النظريــة والتطبيــق‪ ,‬الــدار الجامعيــة‪ ,‬االســكندرية‪,‬‬
‫‪ ,2002‬ص‪.19‬‬

‫‪168‬‬
‫عقد الوساطة المالية في سوق االوراق المالية‬ ‫الملف القانوني‬

‫اهمية الدراسة‬
‫مجلة كلية القانون والعلوم السياسية العدد (‪)8‬‬

‫تكمــن اهميــة الموضــوع مــن خــال الــدور المتطــور الــذي اصبحــت تؤديــه ســوق‬
‫االوراق الماليــة فــي الوقــت الحاضــر‪ ,‬فــي ش ـراء وبيــع االوراق الماليــة مــن خــال وســيط‬
‫مالــي معتمــد حصـرا‪ ,‬لذلــك ُعــد مبــدأ الوســاطة مــن اهــم المبــاديء التــي تقــوم عليهــا التعامــات‬
‫الماليــة فــي الســوق‪ .‬ونســعى مــن خاللهــا الــى التعــرف علــى خطــورة التعامــل فــي مجــال تــداول‬
‫االوراق الماليــة‪ ,‬اذ ان القواعــد العامــة التــي تقــوم علــى مبــدأ حريــة التعاقــد فــي اب ـرام العقــود‬
‫وترتيــب اثارهــا ســمحت للوســيط المهنــي المتخصــص باالســتئثار بوضــع بنــود العقــد وامــاء‬
‫شــروطه التــي تخــدم مصالحــه علــى عميلــه‪ ,‬ممــا تســبب بحــدوث اختــال فــي الم اركــز العقديــة‬
‫للطرفيــن‪ .‬فضــا عــن التعــرف علــى اهــم العوامــل التــي تقييــد الحريــة التعاقديــة للعميــل عنــد‬
‫تعاقــده مــع الوســيط المالــي‪.‬‬

‫اشكالية الدراسة‬
‫االوراق الماليــة تمثــل القلــب النابــض لالس ـواق الماليــة فــي معظــم دول العالــم‪ ,‬ولهــا‬
‫دور اساســي فــي انشــاء الشــركات المســاهمة وتطورهــا ومــن ثــم الدفــع باتجــاه نمــو االقتصــاد‬
‫الوطنــي‪ ,‬لذلــك تبــرز اهميــة تأطيرالتعامــات التــي تقــع عليهــا مــن خــال االجابــة علــى‬
‫التســاؤالت االتيــة ‪:‬‬
‫‪1.1‬ما هي طبيعة عقد الوساطة في سوق االوراق المالية ؟‬
‫‪2.2‬ما هي االتجاهات الحديثة في تكييف طبيعة هذه العالقة ؟‬
‫‪3.3‬مــا هــو تأثيــر مبــدأ الرضائيــة فــي عقــد وســاطة االوراق الماليــة بشــكلها المــادي‬
‫وعنــد قيدهــا فــي الحســاب ؟‬
‫‪4.4‬هــل ان عقــد وســاطة االوراق الماليــة هــو عقــد اذعــان ؟ ومــا تأثيــر العوامــل التــي‬
‫تحــد مــن حريــة العميــل فــي عقــد الوســاطة فــي اســباغ صفــة االذعــان عليــه؟‬

‫منهجية الدراسة‬
‫ظاهريـاً يبــدو ان موضــوع التعاقــد فــي ســوق االوراق الماليــة ســهالً بســيطاً‪ ,‬لكنــه فــي‬
‫حقيقــة األمــر يغلــب عليــه التعقيــد‪ ,‬نظ ـ اًر لخصوصيــة الموضــوع بوصــف االوراق الماليــة‬
‫حديثــة العهــد فــي مجــال التعامــات الماليــة فقــد اعتمدنــا فــي طرحــه علــى المنهــج التحليلــي‬
‫للمعلومــة مــن خــال الطــرح العلمــي لهــا وعرضهــا بشــكل يتناســب مــع التطــور الــذي شــهده‬
‫العالــم فــي مجــال االس ـواق الماليــة باالســتعانة بالمصــادر والم ارجــع القانونيــة ومــا متوافــر‬
‫مــن معلومــات علــى شــبكة االنترنــت‪ ,‬ومــا جــرى عليــه القضــاء والفقــه المقــارن‪ ,‬فض ـاً عــن‬
‫المنهــج الوصفــي مــن خــال االحاطــة ببعــض المبــاديء العامــة فــي التعاقــد ومقارنتهــا مــع‬
‫المفاهيــم التــي اختــص بهــا هــذا العقــد وتأثيرهــا علــى مبــدأ حريــة التعاقــد واقت ـراب العقــد مــن‬
‫صفــة االذعــان‪.‬‬

‫‪169‬‬
‫الملف القانوني‬ ‫عقد الوساطة المالية في سوق االوراق المالية‬

‫املبحث االول‬
‫ماهية عقد الوساطة يف سوق االوراق املالية‬
‫يتــم عقــد الوســاطة بيــن طرفيــن احدهمــا يمثــل المســتثمر (البائــع او المشــتري) امــا‬
‫الطــرف الثانــي فــي العقــد فهــو الوســيط((( واالخيــر قــد يكــون شــخصا طبيعيــا او شــخصا‬
‫معنويــا‪ ,‬بحســب التش ـريعات المختلفــة‪ ,‬والشــخص المعنــوي الــذي يتخــذ مهنــة الوســاطة فــي‬
‫الســوق يمــارس اعمالــه فــي تــداول االوراق الماليــة مــن خــال شــخص طبيعــي يمثلــه‪ ,‬وقــد‬
‫اشــترط القانــون ممارســة هــذا النشــاط مــن قبــل اشــخاص حددهــم القانــون علــى ســبيل الحصــر‬
‫بثالثــة‪ ,‬الشــركات التــي تؤســس خصيصــا لممارســة النشــاط الخــاص بتــداول االوراق الماليــة‬
‫واالســتثمارات‪ ,‬المصــارف المخولــة بموجــب قانــون المصــارف‪ ,‬الشــركات التــي تنشــأ وفقــا‬
‫لقانــون الشــركات رقــم ‪ 21‬لســنة ‪ 1997‬وتعديالتــه وتكــون متخصصــة فــي المجــاالت انفــة‬
‫الذكــر‪ (((.‬ومــن اجــل ضبــط عمليــة التــداول داخــل الســوق‪ ,‬فــان التشـريعات المختلفــة‪ ,‬فضــا‬
‫عــن الجهــات صاحبــة االختصــاص فيــه‪ ,‬اعتبــرت ان التــداول ال يكــون صحيحــا اذا جــرى‬
‫خــارج الســوق‪ ,‬او بــدون تدخــل الوســطاء المخوليــن قانونــا بهــذه المهمــة‪ ,‬ومــن ثــم فــان هـؤالء‬
‫يحتكــرون عمليــات الوســاطة‪ ,‬األمــر الــذي يقتضــي التعريــف بهــذا العقــد فــي مطلــب اول ثــم‬
‫بيــان طبيعتــه القانونيــة فــي مطلــب ثانــي‪.‬‬
‫المطلب االول ‪ :‬التعريف بعقد الوساطة في سوق االوراق المالية‬
‫الوســاطة تحمــل اكثــر مــن معنــى‪ ,‬فقــد يكــون المقصــود منهــا ذلــك العمــل الــذي يؤديــه‬
‫الوســيط عندمــا يتوســط بيــن المتنازعيــن‪ ,‬للوصــول الــى حــل ودي بينهمــا‪ ,‬او يكــون وســيطا‬
‫بيــن متعاقديــن مــن اجــل ابـرام العقــد او تنفيــذه‪ (((.‬الوســاطة لغــة مــن الفعــل وســط‪ ,‬وســطاً‪....‬‬
‫وســاطة فهــو واســطة‪ ,‬وســط فيهــم وســاطة اي تدخــل بينهــم بالحــق العــدل‪ ,‬امــا االســم فــي‬
‫الوســاطة فهــو الشــفاعة‪ (((.‬امــا اصطالحــا فــان الوســاطة بيــن التجــار يـراد بهــا المتوســط بيــن‬

‫(‪ )3‬الوســيط هــو شــخص طبيعــي او معنــوي يتخــذ شــكل شــركة او مصــرف‪ ,‬بحســب التشــريعات‪ ,‬يقــوم‬
‫بالتعامــات الخاصــة فــي بيــع اوشــراء االوراق الماليــة وتنفيذهــا لحســاب الغير(العميــل) مقابــل حصولــه‬
‫علــى عمولــة معينــة ‪ ,‬و ال تهــم طبيعــة الوســيط بقــدر اهميــة النشــاط الــذي يزاولــه‪ ,‬فهــو يتوســط بيــن‬
‫البائعيــن والمشــتريين لــاوراق الماليــة فــي الســوق‪ ,‬وذلــك يتطلــب خبــرة ودرايــة فــي هــذ المجــال فضــا‬
‫عــن الترخيــص الــازم‪.‬‬
‫(‪ )4‬م‪ 1 /‬مــن القســم ‪ 5‬القانــون المؤقــت لســوق االوراق الماليــة الصــادر بموجــب أمــر ســلطة االئتــاف‬
‫المؤقتــة المرقــم ‪ 74‬فــي ‪ 19‬نيســان ‪ 2004‬والمنشــور فــي جريــدة الوقائــع العراقيــة العــدد ‪ 3983‬فــي‬
‫حزيــرا ‪ ,2004‬ص‪ .59‬ويهــدف هــذا التعاقــد الــى حســن تنظيــم التعامــل بــاالوراق الماليــة وتجنــب الغــش‬
‫عندمــا يتــرك امــر التعامــل بيــن البائــع والمشــتري بشــكل مباشــر‪ ,‬د‪ .‬طعمــة الشــمري‪ ,‬شــرح قانــون‬
‫الشــركات التجاريــة الكويتــي‪ ,‬مؤسســة دار الكتــب‪ ,‬الكويــت‪ ,1985 ,‬ط‪ ,1‬ص‪.245‬‬
‫(‪ )5‬د‪ .‬عبــد الرحمــن صالــح االطــرم‪ ,‬الوســاطة التجاريــة فــي المعامــات الماليــة‪ ,‬دار اشــبيليا للنشــر‬
‫والتوزيــع‪ ,‬ط‪ ,1‬بيــروت‪ ,1995 ,‬ص‪39‬‬
‫(‪ )6‬الشــيخ االمــام احمــد بــن ابــي بكــر بــن عبــد القــادر الــرازي‪ ,‬مختــار الصحــاح‪ ,‬بيــروت‪ ,‬مكتبــة لبنــان‪,‬‬
‫بــاب الــواو‪ ,2012 ,‬ص‪300‬‬

‫‪170‬‬
‫عقد الوساطة المالية في سوق االوراق المالية‬ ‫الملف القانوني‬

‫البائــع والمشــتري ألمضــاء العقــد‪ ,‬اي المتوســط بيــن المتعاقديــن‪.‬‬


‫(((‬
‫مجلة كلية القانون والعلوم السياسية العدد (‪)8‬‬

‫ويعــرف عقــد الوســاطة بانــه « عقــد معاوضــة يجريــه الوســيط مقابــل عمولــة بيــن‬
‫الطرفين ال نيابة عنهما‪ ,‬اذ يقوم بالتقريب بين شخصان يرغبان بالتعاقد واجراء المفاوضات‬
‫بينهمــا»‪ (((.‬ويعــرف بانــه « عقــد يلتــزم بموجبــه الوســيط بالســعي التمــام صفقــة معينــة لمــن‬
‫وســطه مقابــل أجــر»‪ (((.‬او هو»العقــد الــذي يبرمــه الوســيط فــي ســوق االوراق الماليــة مــع‬
‫المســتثمر مقابــل عمولــة محــددة ومتفــق عليهــا فــي العقــد»‪ ((1(.‬ويمكــن تعريفــه بأنــه « العقــد‬
‫الذي يبرمه الوســيط ‪ ,‬لحســابه الخاص او لحســاب عمالئه‪ ,‬متضمنا تعامالت مالية تخص‬
‫بيــع او ش ـراء اوراق ماليــة مطروحــة للتــداول فــي الســوق الماليــة (البورصــة) فــي مواعيــد‬
‫محــددة‪ ,‬مقابــل عمولــة يتلقاهــا الوســيط مــن عميلــه»‪ .‬وذلــك واضــح مــن نــص المادتيــن (‪4‬‬
‫و‪ )5‬مــن تعليمــات التــداول لســنة ‪ 2007‬الصــادرة عــن ســوق االوراق الماليــة‪.‬‬
‫وممــا ورد اعــاه نســتنتج ان الوســيط يلتــزم بالتصــرف نيابــة عــن المســتثمر الب ـرام‬
‫تعاقــدات لمصلحتــه طبقــا لعقــد يبــرم بينهمــا‪ ,‬يخولــه صالحيــة اتخــاذ القـرار المناســب للتصــرف‬
‫بــاالوراق الماليــة فــي الســوق‪ .‬فينشــأ عقــد الوســاطة فــي ســوق االوراق الماليــة عنــد توافــق‬
‫ارادتــي الوســيط والمســتثمر‪ ,‬فــاذا تلقــى الوســيط أوامــر معينــة مــن المســتثمر‪ ,‬فانــه يلتــزم طبقــا‬
‫لهــذا العقــد ببيــع االوراق الماليــة اوش ـرائها بأســم ولحســاب المســتثمر مقابــل عمولــة محــددة‬
‫ويلتــزم بضمــان تنفيــذ هــذا العقــد‪ ((1(.‬وطبقــا لهــذه الوســاطة يتعاقــد المســتثمر مــع وســيط يقيمــه‬
‫مقــام نفســه فــي عمليــات التــداول فــي ســوق االوراق الماليــة‪ ,‬وقــد حــددت م‪ 4 /‬مــن تعليمــات‬
‫التــداول لســنة ‪ 2007‬مضمــون هــذا العقــد بتحديــد البيانــات التــي يجــب ان يتضمنهــا‪ ,‬اال ان‬
‫احــكام هــذا التعاقــد لــم ينظمهــا القانــون الع ارقــي النافــذ‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬الطبيعة القانونية لعقد الوساطة في سوق االوراق المالية‬
‫لتحديــد الطبيعــة القانونيــة لعقــد الوســاطة فــي ســوق االوراق الماليــة البــد مــن تحديــد‬
‫طبيعــة عمــل الوســيط‪ ,‬اذ تخضــع عالقتــه مــع الســوق النظمــة وقواعــد معينــة مــن ناحيــة‬
‫توافــر شــروط والت ازمــات محــددة‪ ,‬امــا عالقتــه مــع المســتثمر فهــي عالقــة عقديــة باتفــاق الفقــه‬
‫والقضــاء‪ ,‬برغــم تدخــل القانــون فــي تنظيــم جوانــب معينــة لهــا‪ ,‬اال انــه لــم يحددهــا بشــكل‬
‫حاســم‪ .‬ومــن أجــل القــاء الضــوء علــى الطبيعــة القانونيــة لعقــد الوســاطة فــي ســوق االوراق‬
‫الماليــة الــذي يجســد مهمــة تنفيــذ عقــد التــداول فــي البورصــة‪ ,‬نبحــث فــي طبيعــة عمــل الوســيط‬
‫ومــن ثــم فــي تحديــد طبيعــة العالقــة التــي تربطــه بعميلــه والقواعــد القانونيــة التــي تخضــع لهــا‬
‫هــذه العالقــة مــن خــال الفرعيــن اآلتييــن‪-:‬‬

‫(‪ )7‬د‪ .‬عبد الرحمن صالح األ طرم‪ ,‬الوساطة التجارية في المعامالت المالية‪ ,‬مصدر سابق ‪ ,‬ص‪.37‬‬
‫(‪ )8‬د‪ .‬فايــز نعيــم رضـوان‪ ,‬الوجيــز فــي العقــود التجاريــة‪ ,‬دار النهضــة العربيــة‪ ,‬القاهـرة‪ ,1998 ,‬ص‪ ,190‬د‪ .‬عبــد الرحمــن بــن‬
‫صالــح االطــرم‪ ,‬الوســاطة التجاريــة فــي المعامــات الماليــة‪ ,‬مصــدر ســابق‪ ,‬ص‪.37‬‬
‫(‪ )9‬د‪ .‬مراد منير فهيم‪ ,‬القانون التجاري‪ -‬العقود التجارية وعمليات البنوك‪ -‬منشأة المعارف‪ ,‬االسكندرية‪ ,1982 ,‬ص‪.54‬‬
‫(‪ )10‬د‪ .‬عصام احمد البهجي‪ ,‬الموسوعة القانونية لبورصة االوراق المالية في التشريعات العربية‪ ,‬ط‪ ,1‬دار الجامعة الجديدة‪,‬‬
‫القاهرة‪ ,‬ط‪ ,2009 ,1‬ص‪.675‬‬
‫(‪ )11‬حيــدر فاضــل حمــد الدهــان‪ ,‬النظــام القانونــي لعقــد الوســاطة فــي ســوق االوراق الماليــة‪ ,‬رســالة ماجســتير‪ ,‬كليــة القانــون‪,‬‬
‫جامعــة بابــل‪ ,2012 ,‬ص‪.6‬‬

‫‪171‬‬
‫الملف القانوني‬ ‫عقد الوساطة المالية في سوق االوراق المالية‬

‫الفرع االول ‪ :‬موضوع الوساطة في سوق االوراق المالية‬


‫يتميــز مفهــوم نشــاط الوســيط فــي ســوق االوراق الماليــة بكونــه ثنائــي الوصــف‪ ,‬فهــو‬
‫يجمــع بيــن مهنــي محتــرف متخصــص فــي االوراق الماليــة وعميــل يرغــب فــي الحصــول علــى‬
‫اكبــر منفعــة ممكنــة مــن خــال تــداول ســنداته الماليــة‪ .‬وطبقــا للقواعــد العامــة‪ ,‬فــان السمســار‬
‫او الــدالل يقــوم بأعمــال ماديــة تتجســد فــي البحــث عــن شــخص يتعاقــد مــع عميلــه او يقــوم‬
‫باقنــاع شــخص معيــن بــان يقبــل هــذا التعاقــد‪ ,‬ومــن ثــم فــان مهمتــه تنتهــي عنــد تالقــي االيجــاب‬
‫والقبول‪ ((1(.‬اما الوســاطة في ســوق االوراق المالية فانها مغايرة تماما عن ذلك‪ ,‬الن الوســيط‬
‫فيهــا يتلقــى أم ـ ار مــن عميلــه بالبيــع او الش ـراء ويقــوم بــدوره بالبحــث لــدى زمالئــه الوســطاء‬
‫االخريــن عــن عــرض يتوافــق مــع مطلــب عميلــه‪ ,‬فــاذا عثــر علــى رغبــة مناســبة يقــوم بالتعاقــد‬
‫بأســمه الشــخصي‪ ,‬فاذا كانت رغبة عميله شـراء اوراق مالية‪ ,‬فيلتزم بتســليمها اليه‪ ,‬او يســلمه‬
‫الثمــن ان كان مخ ـوال ببيعهــا‪ ((1(.‬فيجــري التعامــل فــي بيــع او ش ـراء االوراق الماليــة لحســاب‬
‫العمــاء مــن خــال الوســطاء المالييــن ووكالئهــم المســجلين بعــد اســتيفائهم للشــروط القانونيــة‬
‫(‪((1‬‬
‫ومنهــا الحصــول علــى اجــازة ممارســة المهنــة‪.‬‬
‫وحيــث ان الوســاطة بشــكل عــام مــن االعمــال التجاريــة اذا كانــت بهــدف تحقيــق الربــح‪,‬‬
‫فان هذا التعامل ُيعد كذلك بالنســبة للوســيط‪ ,‬ويترتب على اكتســابه لصفة التاجر ان يكتســب‬
‫حقوقــه ويلتــزم بالتزاماتــه‪ ,‬علــى غ ـرار مــا يتمتــع بــه مــن حقــوق ومــا يلتــزم بــه مــن الت ازمــات‬
‫اوجبتها قوانين وانظمة وتعليمات الســوق‪ ,‬ومهنة الوســاطة في ســوق االوراق المالية تحتكرها‬
‫(‪((1‬‬
‫شــركات الوســاطة وفقــا للقانــون‪ ,‬ويمكــن للمصــارف ان تمــارس هــذا النشــاط‪.‬‬
‫امــا األوامــر التــي توجــه مــن العميــل الــى الوســيط فانهــا تمثــل اعمــاال مدنيــة اال اذا تمــت‬
‫مــن تاجــر‪ ,‬والشــخص التاجــر قــد يأخــذ صــورة شــخص طبيعــي او شــخص معنــوي‪ ,‬ولــكل واحــد‬
‫منهمــا احكامــه القانونيــة الخاصــة(‪ ((1‬وبذلــك فــان المركــز القانونــي للوســيط فــي ســوق المــال‬
‫هــو تاجــر يخضــع لكافــة الت ازمــات التجــار‪ ,‬واختصــاص المحاكــم التجاريــة‪ ,‬ويشــهر افالســه‪,‬‬
‫ويتمتــع فــي ظــل بعــض التشـريعات‪ ,‬ومنهــا التشـريع الفرنســي‪ ,‬بطبيعــة قانونيــة مزدوجــة‪ ,‬فهــو‬
‫تاجــر فضــا عــن انــه موظــف رســمي تــم تعيينــه وفقــا لتعليمــات الســوق(‪((1‬وقد ذهــب القضــاء‬
‫المصــري فــي احكامــه الــى ان مســألة تحديــد طبيعــة العالقــة بيــن الوســيط والعميــل تتوقــف علــى‬

‫(‪ )12‬ايــات مولــود فاتــح‪ ,‬حمايــة االدخــار المســتثمر فــي القيــم المنقولــة فــي القانــون الج ازئــري‪ ,‬اطروحــة دكتــوراه‪ ,‬كليــة الحقــوق‪,‬‬
‫جامعــة مولــود معمــري‪ -‬تيــزي وزو‪ ,‬الج ازئــر‪ ,2012 ,‬ص‪.200‬‬
‫(‪ )13‬د‪.‬ســيد طــه محمــد بــدوي‪ ,‬بورصــة االوراق الماليــة‪ ,‬عمليــات بورصــة االوراق الماليــة الفوريــة واآلجلــة مــن الوجهــة القانونيــة‪,‬‬
‫اطروحــة دكتــوراه‪ ,‬كليــة الحقــوق‪ ,‬جامعــة القاهـرة‪ ,2000 ,‬ص‪ 193‬فــي معــرض نقلــه لـرأي الفقيــه الفرنســي‪.‬‬
‫‪PACHE (C), Le contrat de commission appliqué en commerce de valeurs mobilières, Thèse de‬‬
‫‪doctorat, Lausanne, 1956, p 14‬‬
‫(‪ )14‬انظــر نــص الفقـرة‪ /‬أ مــن القســم ‪ 3‬مــن القانــون المؤقــت لســوق االوراق الماليــة « تنحصــر كافــة التعامــات فــي ســوق االوراق‬
‫الماليــة للوســطاء المخوليــن مــن قبــل الســوق للتعاطــي بمثــل هــذه التعامــات»‬
‫(‪ )15‬د‪ .‬عبد الباسط كريم مولود‪ ,‬تداول االوراق المالية‪ ,‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ,‬بيروت ‪ ,2007 ,‬ص‪.294‬‬
‫(‪ )16‬انظــر م‪ -7/‬اوال مــن قانــون التجــارة الع ارقــي رقــم ‪ 30‬لســنة ‪ 1984‬التــي جــاء نصهــا « يعتبــر تاجـ ار كل شــخص طبيعــي او‬
‫معنــوي يـزاول بأســمه ولحســابه علــى وجــه االحتـراف عمــا تجاريــا وفــق احــكام هــذا القانــون»‪.‬‬
‫(‪ )17‬رض ـوان ربعيــة‪ ,‬النظــام القانونــي للوســيط فــي عمليــات البورصــة‪ ,‬رســالة ماجســتير‪ ,‬كليــة الحقــوق‪ ,‬جامعــة قاصــدي مربــاح‬
‫ورقلــة‪ ,‬الج ازئــر‪ ,2015 ,‬ص‪.6 ,5‬‬

‫‪172‬‬
‫عقد الوساطة المالية في سوق االوراق المالية‬ ‫الملف القانوني‬

‫التكييــف القانونــي للعقــد المبــرم بينهما(‪((1‬وهــذا مــا ســنتناوله فــي المطلــب التالــي‪.‬‬
‫مجلة كلية القانون والعلوم السياسية العدد (‪)8‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الطبيعة القانونية لعقد الوساطة في سوق االوراق المالية‬


‫للتكييــف القانونــي للعقــد و تحديــد طبيعتــه القانونيــة اهميــة كبيـرة فــي حصــر احكامــه‬
‫الخاصــة بالحقــوق وااللت ازمــات‪ .‬واذا كان األصــل فــي اب ـرام العقــود ان تتــم اصالــة‪ ,‬اال‬
‫ان ذلــك ال يمنــع مــن الوكالــة فــي ابرامهــا‪ ,‬مــع ذلــك فقــد منــع القانــون المســتثمر مــن اب ـرام‬
‫عقــد بيــع اوش ـراء االوراق الماليــة اصآلــة اال مــن خــال وســيط مالــي مجــاز مــن ادارة‬
‫الســوق(‪((1‬فيتصرف الوســيط نيابــة عــن عميلــه مــن خــال تفويــض تحريــري يصــادق عليــه‬
‫مجلــس ادارة الســوق‪ ((2(.‬وفــي ذلــك يتشــابه مفهــوم وعمــل الوســيط مــع مهــن واعمــال اخــرى‪,‬‬
‫كالسمســار والوكيــل العــادي والوكيــل بالعمولــة‪.‬‬
‫وفــي الوقــت الــذي لــم يــرد فــي القانــون الع ارقــي والقوانيــن المقارنــة تحديــد لطبيعــة‬
‫إاللتـزام الملقــى علــى عاتــق الوســيط‪ ،‬فالحــل يكمــن بالرجــوع الــى القواعــد العامــة‪ .‬وال خــاف‬
‫في الفقه على ان االتفاق هو مصدر عالقة الوسيط بالعميل « المستثمر» ‪ ,‬ومن ثم فهي‬
‫عالقــة عقديــة(‪ ((2‬اال ان األختــاف كان حــول تكييــف هــذه العالقــة‪ ,‬وقــد تنازعــت الموضــوع‬
‫عــدة اتجاهــات فقهيــة‪ ,‬ســنبحث فيهــا مــن خــال التفصيــل اآلتــي ‪-:‬‬
‫اوال‪ :‬عقد الوساطة في سوق االوراق المالية عقد سمسرة‬
‫السمس ـرة او الداللــة (‪((2‬حرفــة يســتطيع اي مــن االشــخاص ممارســتها وفقــا للقانــون‬
‫عندمــا تتوفــر لديــه الخبـرة والمعلومــات الكافيــة للعمــل فــي هــذا المجــال‪ ,‬ويفــرض القانــون علــى‬
‫الشــخص ال ارغــب فــي ممارســتها بعــض الضوابــط كاالهليــة مثـاً‪ ,‬وال يوجــد اي الـزام يتعلــق‬
‫بمــكان ممارســتها‪ ,‬ويتدخــل السمســار بشــكل اختيــاري‪ ,‬ويمكــن اب ـرام عقــد السمس ـرة بــدون‬
‫تدخــل مــن السمســار‪ ,‬ويكــون عقــدا صحيحــا‪ ((2(.‬قضــاءا اعتبــرت محمكــة النقــض المصريــة‬
‫(‪((2‬‬
‫السمســار وكيــا‬
‫امــا فقهــا فقــد ذهــب البعــض الــى ان عالقــة وســيط االوراق الماليــة مــع المســتثمر‬
‫(‪((2‬‬

‫(‪ )18‬حكــم محكمــة النقــض المصريــة‪ /‬الدائـرة المدنيــة‪ /‬طعــن رقــم ‪ 107‬لســنة ‪ 37‬قضائيــة‪ /‬جلســة ‪ ,1971/12/28‬مجموعــة‬
‫المكتــب الفنــي‪ /‬الســنة ‪/22‬ص‪/1115‬فقـرة ‪5‬‬
‫(‪ )19‬انظر الفقرة ‪ - 1( /‬أ ) من القسم ‪ 3‬من القانون المؤقت السواق االوراق المالية لسنة ‪ 2004‬والفقرة ‪ 8/‬من القسم ذاته‪.‬‬
‫(‪ )20‬محمد يوسف ياسين‪ ,‬البورصة‪ ,‬ط‪ ,1‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ,‬بيروت‪ ,2004 ,‬ص‪. 173‬‬
‫(‪ )21‬تعــرف السمسـرة بانهــا «عقــد يلتــزم بمقتضاهــا السمســار فــي نظيــر عمولــة يتقاضاهــا مــن عميلــه‪ ,‬امــا بالعثــور علــى شــخص‬
‫يرتضــي التعاقــد مــع العميــل‪ ,‬او باقنــاع شــخص معيــن‪ ,‬مــن خــال التفــاوض بالتعاقــد مــع هــذا العميــل» د‪ .‬علــي البــارودي‪ ,‬العقــود‬
‫التجاريــة وعمليــات البنــوك‪ ,‬الــدار الجامعيــة ‪ ,‬بيــروت‪ ,1986 ,‬ص‪ .85‬بعــض التش ـريعات ومنهــا التش ـريع المصــري اطلقــت‬
‫تســمية «السمســار»على وســيط االوراق الماليــة كمــا جــاء فــي نــص م‪ 88 /‬مــن قانــون تنظيــم ســوق رأس المــال رقــم ‪ 95‬لســنة‬
‫‪.1992‬‬
‫(‪ )22‬كم ـ ــال كامــل عبــد الجـواد الش ـ ـ ــافعي‪ ,‬االطــار التنظيمــي لشــركات الوســاطة فــي فلســطين‪ ,‬رســالة ماجســتير‪ ,‬كليــة الحقــوق‬
‫واالدارة العامــة‪ ,‬جامعــة بيرزيــت‪ ,2008 ,‬ص‪.56‬‬
‫(‪ )23‬طعــن رقــم ‪ 539‬ســنة ‪ 39‬جلســة ‪ 1975/1/7‬ســنة ‪ 26‬ص‪ ,124‬جــاء فــي قرارهــا ان السمســار وكيــل يكلفــه احــد‬
‫المتعاقديــن بالتوســط لــدى العاقــد اآلخرالتمــام صفقــة بينهمــا بأجــر يســتحق لــه بمقتضــى اتفــاق صريــح او اتفــاق ضمنــي يســتفاد‬
‫مــن طبيعــة عملــه عنــد نجــاح وســاطته باب ـرام عقــد الصفقــة علــى يــده‪ .‬اورده د‪ .‬احمــد حســني‪ ,‬قضــاء النقــض التجــاري‪ ,‬منشــأة‬
‫المعــارف‪ ,‬االســكندرية‪ ,1982 ,‬ص‪.221‬‬
‫(‪ )24‬د‪ .‬محمد كامل امين ملش‪ ,‬شرح القانون التجاري التكميلي‪ ,‬دار الكتاب العربي‪ ,‬القاهرة‪ ,1953 ,‬ص‪. 253‬‬
‫(‪ )25‬اســيا العشــي‪ ,‬يمنيــة درقينــي‪ ,‬المركــز القانونــي للوســيط المالــي فــي عمليــات البورصــة‪ ,‬رســالة ماجســتير‪ ,‬كليــة الحقــوق=‬

‫‪173‬‬
‫الملف القانوني‬ ‫عقد الوساطة المالية في سوق االوراق المالية‬

‫تتمثــل بعقــد داللــة (سمسـرة) عاديــة‪ ,‬فيقتصــر دور الوســيط المالــي علــى تقديــم النصيحــة التــي‬
‫تالئــم امكانيــة المســتثمر فــي مجــال اســتثماره لــاوراق الماليــة عندمــا يعتمــد عليــه كمصــدر‬
‫للــرزق‪ ,‬فهــو بذلــك يمــارس عمــا ماديــا برغــم انــه يتصــرف قانونيــا‪.‬‬
‫وعقــد السمس ـرة العاديــة يمكــن ان يــرد علــى جميــع ان ـواع المنق ـوالت‪ ,‬العقــارات‪ ,‬العملــة‬
‫التــي تُعــد مــن المهــن الح ـرة‪ ,‬مالــم ينــص القانــون علــى خــاف ذلــك‪ ,‬بينمــا الوســيط المالــي‬
‫(‪((2‬‬
‫تنحصــر مهمتــه فــي التوســط فــي مجــال التعامــات التــي تجــري فــي ســوق االوراق الماليــة‪.‬‬
‫وهــذا العمــل يكــون لحســاب العميــل ونيابــة عنــه‪ ,‬امــا السمســار فــا يمثــل طرفــا فــي العقــد‬
‫وال نائبــا عــن احــد المتعاقديــن‪ ((2(.‬ويوصــف عقــد السمس ـرة بانــه مــن العقــود االختياريــة التــي‬
‫يكــون اللجــوء اليهــا حــق وليــس التـزام‪ ,‬امــا الوســاطة الماليــة فتكــون اجباريــة فــي اطــار اســتثمار‬
‫االوراق الماليــة‪ ((2(.‬وال يســتطيع ان يمارســها الشــخص اال بحصولــه علــى ترخيــص مــن‬
‫الجهــات المختصــة‪ ,‬كالهيئــاة او الســوق‪ ,‬وال ينعقــد التــداول الخــاص بــاالوراق الماليــة صحيحـاً‬
‫اال اذا تــم مــن خــال الوســطاء المدرجــة اســماؤهم فــي الســوق‪ ,‬وفــي المــكان المخصــص لهــذه‬
‫المهمــة(‪ ((2‬وذلــك يجعــل مــن الوســاطة الماليــة مهنــة مقننــة منظمــة وليســت سمس ـرة ح ـرة‪.‬‬
‫ويمكــن القــول ان الوســاطة فــي ســوق االوراق الماليــة هــي نــوع مــن انـواع السمسـرة‪ ,‬اال‬
‫انهــا تختلــف عنهــا فــي طبيعتهــا ومضمــون التزاماتهــا‪ ,‬فالسمس ـرة فــي القانــون التجــاري هــي‬
‫أصــل الوســاطة فــي االوراق الماليــة‪ ,‬لكــن هــذا ال ينفــي وجــود قواعــد خاصــة تختــص بهــا ســوق‬
‫االوراق الماليــة كضمــان تنفيــذ العقــد علــى ســبيل المثــال‪.‬‬
‫واذا كان عقــد السمسـرة يســمح للعميــل بــان يوجــه أمـ ار بتنفيــذ صفقــة معينــة الكثــر مــن‬
‫سمســار وفقــا لعقــد واحــد‪ ,‬اال ان العميــل فــي وســاطة االوراق الماليــة ال يجــوز لــه ان يعطــي‬
‫اوامــر بيــع او شـراء متعــددة ألكثــر مــن وســيط واحــد لنــوع واحــد مــن االســهم وفــي جلســة تــداول‬
‫معينــة‪ ((3(.‬ويشــمل نشــاط تــداول االوراق الماليــة فــي اغلــب التشـريعات‪ ,‬االشــخاص المعنويــة‬
‫فحسب ويتم استبعاد االشخاص الطبيعية‪.‬‬
‫ونشــير الى ان السمسـرة وان عدها قانون التجارة العراقي النافذ من االعمال التجارية‪,‬‬
‫اال انه لم ينظمها كأحد العقود المســماة لذلك فان تكييف عقد الوســاطة في عمليات االوراق‬
‫الماليــة علــى انــه عقــد سمسـرة ال يفــي بالجــدوى منــه لعــدم وجــود تنظيــم قانونــي واضــح لهــا‪.‬‬

‫=والعلوم السياسية‪ ,‬جامعة عبد الرحمن ميرة – بجاية‪,‬الجزائر‪ ,2017 ,‬ص‪.16‬‬


‫(‪ )26‬قصــي علــي الضمــور‪ ,‬المســؤولية الجزائيــة عــن االعمــال غيــر المشــروعة للوســيط المالــي‪ ,‬رســالة ماجســتير‪ ,‬كليــة الحقــوق‪,‬‬
‫جامعــة الشــرق االوســط للد ارســات العليــا‪ ,‬االردن‪ ,2009 ,‬ص‪15‬و‪.16‬‬
‫(‪ )27‬انظر الفقرة ‪ 1‬من القسم ‪ 3‬من القانون المؤقت السواق االوراق المالية لسنة ‪.2004‬‬
‫(‪ )28‬انظر م‪ 18 /‬من قانون رأس المال المصري رقم ‪ 95‬لسنة ‪.1992‬‬
‫(‪ )29‬انظــر م‪ 22 /‬مــن التعليمــات التنظيميــة للتــداول فــي ســوق الع ـراق لــاوراق الماليــة الصــادرة وفقــا للقانــون رقــم ‪ 74‬لســنة‬
‫‪.2004‬‬
‫(‪ )30‬د‪ .‬فـؤاد محمــد مجمــد العدينــي‪ ,‬تحديــد القواعــد القانونيــة الواجبــة التطبيــق علــى عقــود الوســطاء التجارييــن ذات الطابــع الدولــي‪,‬‬
‫دار النهضة العربية‪ ,‬القاهرة‪ ,2012 ,‬ص‪.14‬‬

‫‪174‬‬
‫عقد الوساطة المالية في سوق االوراق المالية‬ ‫الملف القانوني‬

‫ثانيا‪ :‬عقد الوساطة في سوق االوراق المالية عقد وكالة عادية‬


‫مجلة كلية القانون والعلوم السياسية العدد (‪)8‬‬

‫الوكالــة هــي عقــد يقــوم بموجبــه الوكيــل بتمثيــل المــوكل امــام الغيــر‪ ,‬ويتعاقــد بأســم‬
‫كييــف عالقــة‬‫هــذا المــوكل ويعمــل لحســابه وفقــا للســلطة التــي خولهــا ايــاه‪ .‬بعــض(‪((3‬الفقــه ً‬
‫(‪((3‬‬

‫المســتثمر بالوســيط فــي االوراق الماليــة بانهــا عقــد وكالــة عاديــة‪ .‬علــى اســاس ان‬
‫الوســيط ال تقتصــر مهمتــه علــى تقريــب وجهــات النظــر بيــن البائــع والمشــتري فحســب‪ ,‬بــل‬
‫هــو احيانــا يتعاقــد بأســم ولحســاب المســتثمر ويضمــن تنفيــذ التعامــات وان العالقــة بينهمــا‬
‫تخضــع الحــكام الوكالــة بأجــر‪ ,‬فيكــون نشــاط الوســيط الغالــب فــي عقــد الوكالــة مســتغرقا‬
‫لعقــد الوســاطة فــي االوراق الماليــة(‪ ((3‬اال ان الوكيــل فــي الوكالــة العاديــة يتصــرف نيابــة‬
‫عــن المــوكل للقيــام بتصــرف قانونــي‪ ,‬امــا وســيط االوراق الماليــة فانــه يــؤدي لحســاب عميلــه‬
‫تصرفــات قانونيــة واعمــاال ماديــة مــن خــال التفــاوض علــى االوراق الماليــة فــي الســوق‪ .‬فــاذا‬
‫كان االلتـزام األصلــي الــذي يعمــل الوســيط فــي االوراق الماليــة علــى تأديتــه هــو العثــور علــى‬
‫مــن يقبــل التعاقــد مــع عميلــه‪ ,‬فانــه يمــارس ايضــا نشــاطات اخــرى منهــا تقديــم االستشــارات‬
‫وااللت ـزام باالعــام او االســتعالم‪ ,‬او التفــاوض علــى االوراق الماليــة‪ ,‬وان هــذه االعمــال ال‬
‫تُعــد مــن قبيــل التصرفــات القانونيــة‪ ,‬بــل هــي اعمــاال ماديــة تنصــب علــى اداء ذهنــي وعمــل‬
‫فكــري وفنــي يتعهــد الوســيط القيــام بــه‪ ,‬والوكالــة ال تســري علــى االعمــال الماديــة بــل علــى‬
‫(‪((3‬‬
‫التصرفــات القانونيــة‬
‫ممــا ورد اعــاه‪ ,‬فــان مهمــة الوســيط تتجســد فــي عمــل مــادي يتمثــل بالبحــث عــن‬
‫شــخص يقبــل التعاقــد بالشــروط المحــددة مــن قبــل الشــخص الــذي لجــأ الــى توســيطه لغــرض‬
‫اتمــام صفقــة معينــة دون ان يشــترك فــي ابـرام العقــد‪ ,‬فــي حيــن ان الوكيــل يــؤدي عمــا قانونيــا‬
‫(‪((3‬‬
‫هــو اب ـرام عقــد بأســم المــوكل ولحســابه‪ ,‬فهــو ال يــؤدي اي عمــل مــادي لحســاب عميلــه‪.‬‬
‫مــع ذلــك فــان اشــتراك كل مــن عقــد الوســاطة فــي االوراق الماليــة وعقــد الوكالــة العاديــة‬
‫ببعــض االحــكام‪ ,‬ال اختالفهمــا فــي احــكام اخــرى منهــا ان نطــاق عمــل الوســيط فــي االوراق‬
‫الماليــة يقتصــر علــى االسـواق المخصصــة لتداولهــا‪ ,‬فــي حيــن ان للوكيــل العــادي ان يعمــل‬
‫فــي شــتى المجــاالت التجاريــة‪ .‬وفــي عقــد الوكالــة العاديــة‪ ,‬الوكيــل يبــرم العقــد بأســم ولحســاب‬
‫األصيــل‪ ,‬فــا يظهــر اســم الوكيــل ويلتــزم الوكيــل امــام األصيــل بموجــب عقــد الوكالــة‪ .‬كمــا‬
‫ان احــكام الوكالــة العاديــة تخضــع لقواعــد النيابــة التامــة فــي التعاقــد‪ ,‬فتنصــرف بمقتضاهــا‬
‫(‪ )31‬عــرف المشــرع الع ارقــي الوكالــة فــي م‪ 927/‬مــن القانــون المدنــي الع ارقــي رقــم ‪ 40‬لســنة ‪ 1951‬بانهــا « الوكالــة عقــد يقيــم‬
‫بــه شــخص غيـره مقــام نفســه فــي تصــرف جائــز معلــوم‪ ».‬وعرفهــا المشــرع المصــري فــي م‪ 699 /‬مــن القانــون المدنــي رقــم ‪131‬‬
‫لســنة ‪ 1948‬بانهــا « عقــد بمقتضاهــا يلتــزم الوكيــل بــان يقــوم بعمــل قانونــي لحســاب المــوكل» وعرفهــا المشــرع الفرنســي فــي م‪/‬‬
‫‪ 1948‬مــن القانــون المدنــي رقــم ‪ 24‬لســنة ‪ 1966‬بانهــا « العقــد الــذي بمقتضــاه يعطــي شــخص الخــر ســلطة اب ـرام تصرفــات‬
‫قانونيــة بأســمه ولحســابه»‪.‬‬
‫(‪ )32‬د‪ .‬عصــام حنفــي محمــود‪ ,‬وســطاء االوراق الماليــة‪ ,‬مجلــة كليــة الش ـريعة والقانــون‪ ,‬كليــة الش ـريعة والقانــون ‪ /‬اســيوط‪,‬‬
‫العــدد‪ ,13‬ج‪ ,2001 ,2‬ص‪.162‬‬
‫(‪ )33‬د‪ .‬حسان حسين البراوي‪ ,‬عقد تقديم المشورة‪ ,‬دار النهضة العربية‪ ,1998 ,‬ص‪.109‬‬
‫(‪ )34‬د‪ .‬محمــد حســن الجبــر‪ ,‬العقــود التجاريــة وعمليــات البنــوك فــي المملكــة العربيــة الســعودية‪ ,‬جامعــة الملــك ســعود‪ ,‬الريــاض‪,‬‬
‫‪ ,1995‬ص‪.66-65‬‬
‫(‪ )35‬د‪ .‬محمــد الســيد الفقــي‪ ,‬القانــون التجــاري‪ ,‬اإلفــاس – عمليــات البنــوك ‪ -‬العقــود التجاريــة‪ ,‬منش ـوارت الحلبــي الحقوقيــة‪,‬‬
‫بيــروت‪ ,2010،‬ص‪.229‬‬

‫‪175‬‬
‫الملف القانوني‬ ‫عقد الوساطة المالية في سوق االوراق المالية‬

‫اثــار التصرفــات الــى المــوكل دون ان تمــر بذمــة الوكيــل‪ ,‬مــع االحتفــاظ بحــق الرجــوع لــكل مــن‬
‫المــوكل والمتعاقــد‪ ((3(.‬ويكــون التـزام الوكيــل ببــذل عنايــة‪ ,‬امــا الوســيط فــي بورصــة التعامــات‬
‫الماليــة فــان الت ازمــه وســط بيــن االلتـزام ببــذل عنايــة‪ ,‬وااللتـزام بتحقيــق نتيجــة‪ ,‬فيكــون أكثــر شــدة‬
‫مــن التـزام الوكيــل العــادي‪.‬‬
‫وان مــا يميــز تعامــل الوســطاء فــي البورصــة صفــة االحتـراف‪ ,‬اذ ال تقبــل قائمــة االوراق‬
‫الماليــة اال اذا كانــت صــادرة مــن وســيط تــم اعتمــاده فــي الســوق وفقــا للقانــون‪ ,‬فصحــة التعامــل‬
‫فــي االوراق الماليــة يعتمــد علــى اج ـراءه مــن وســيط الســوق المقيــد فيــه‪ ((3(.‬لذلــك نــرى ان‬
‫تكييــف العالقــة التــي تجمــع الوســيط مــع عميلــه باعتبارهــا عقــد وكالــة عاديــة ُيعــد تكييفــا مبســطا‬
‫ال يرقــى الــى كل النشــاطات التــي يقــوم بهــا الوســيط فــي ســوق االوراق الماليــة‪ ,‬لذلــك ينبغــي‬
‫التفرقــة بيــن هــذه النشــاطات وتكييــف كل منهــا وفقــا لطبيعــة االلت ازمــات والحقــوق الناتجــة‬
‫عنهــا‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬عقد الوساطة في سوق االوراق المالية عقد وكالة بالعمولة‬


‫يعرف عقد الوكالة بالعمولة بانه « عقد يلتزم به الوكيل بان يتعاقد بأســمه الشــخصي‬
‫لحســاب المــوكل اذا كان هــذا الوكيــل قــد احتــرف هــذا النــوع مــن الوكالــة او كان العقــد تجاريــا‬
‫لتبعيتــه للحرفــة التجاريــة او الن موضوعــه عمــل تجاري»‪((3(.‬مقابــل اجــر يدفعــه المــوكل‬
‫يســمى عمولــة(‪ ((3‬والوكيــل بالعمولــة يتعاقــد لحســاب شــخص اخــر ال يظهــر فــي العقــد الــذي‬
‫يبرمــه مــع الغيــر(‪ ((4‬ويكــون مدينــا اتجــاه هــذا الغيــر المتعاقــد معــه ومــن ثــم فهــو يلتــزم شــخصيا‬
‫بتنفيــذه‪ ,‬حتــى لــو علــم الغيــر بشــحص المــوكل‪ ,‬فــا يمكنــه الرجــوع علــى المــوكل‪ ,‬فــي حــال لــم‬
‫يلتــزم الوكيــل بالعمولــة بتنفيــذ العقــد‪ ,‬فضــا عــن ان المــوكل ال يســتطيع مطالبــة الغيــر بتنفيــذ‬
‫االلتـزام المديــن بــه‪ ((4(.‬لكــن هــل يكفــي تعامــل الوكيــل بأســمه الخــاص ليكــون وكيــا بالعمولــة‪,‬‬
‫يــرى جانــب مــن الفقــه عــدم كفايــة ذلــك‪ ,‬بــل البــد مــن ان يحتــرف الوكيــل هــذا النشــاط وان‬
‫يكــون العمــل الــذي يتوســط فيــه عمــا تجاريــا وفقــا الحــكام قانــون التجــارة (‪ ((4‬مــع ذلــك فــان‬
‫(‪ )36‬محمد يوسف ياسين‪ ,‬البورصة‪ ,‬مصدر سابق‪ ,‬ص‪.87‬‬
‫(‪ )37‬د‪ .‬علي البارودي‪ ,‬العقود وعمليات البنوك‪ ,‬مصدر سابق‪ ,‬ص‪ ,46‬لم يورد قانون التجارة العراقي تعريفا للوكالة بالعمولة‬
‫ولــم يضــع المشــرع التجــاري احكامــا لهــا‪ ,‬علــى خــاف بعــض التشـريعات العربيــة واالجنبيــة‪ ,‬فقــد عــرف المشــرع الفرنســي الوكيــل‬
‫بالعمولة في م‪ 1-132 /‬من قانون التجارة لســنة ‪ 2000‬بانه « الشــخص الذي يتصرف بأســمه الخاص او تحت اســم اجتماعي‬
‫نيابــة عــن مفوضيــه نظيــر أجــر»‪ .‬والوكالــة بالعمولــة عرفتهــا م‪ 2-81 /‬مــن قانــون التجــارة المصــري رقــم ‪ 17‬لســنة ‪1999‬بانهــا‬
‫«كل اتفــاق يلتــزم بموجبــه الوكيــل بالعمولــة القيــام بتصــرف قانونــي بأســم ولحســاب موكلــه مقابــل أجــر»‪.‬‬
‫(‪ )38‬د‪ .‬اكــرم ياملكــي‪ ,‬القانــون التجــاري‪ ,‬د ارســة مقارنــة فــي االعمــال التجاريــة والتاجــر والمتجــر والعقــود التجاريــة‪ ,‬دار الثقافــة‪,‬‬
‫عمــان‪ ,2010 ,‬ص‪.279‬‬
‫‪(39) Philippe Malaurie ,Laurent Avens ,pirve – yves Gautire Droite civile ,les contract spesiaux ,‬‬
‫‪Defrenois 2004- .P. 326.‬‬
‫‪(40) F. Leclerc, Droit de contrats spéciaux, 2ème éd, LGDJ, Paris, 2012, p. 567 ,566‬‬
‫(‪ )41‬ايات مولود فاتح‪ ,‬حماية االدخار المستثمر في القيم المنقولة في القانون الجزائري‪ ,‬مصدر سابق‪ ,‬ص‪203‬‬
‫(‪ )42‬د‪ .‬علي جمال الدين عوض‪ ,‬العقود التجارية‪ ,‬دار النهضة العربية‪ ,‬القاهرة‪ ,1982 ,‬ص‪ .127‬و كذلك‬
‫‪Rabut albert , le droit des bourses des valeurs et des agents de change, litec¬ paris, 1983, p. 7‬‬
‫ويعــود تكييــف عقــد الوســاطة فــي عمليــات البورصــة كوكالــة بالعمولــة الــى عــام ‪ 1892‬عندمــا اصــدرت محكمــة النقــض الفرنســية‬
‫قرارهــا الشــهير باعتبــار الوســيط وكيــا بالعمولــة يتعاقــد باســمه الشــخصي وليــس بأســم زبونــه‪ ,‬فيكــون وكيــا بالعمولــة ضامنــا‪,‬‬
‫فھــو ينفــذ اوامــر عميلــه ويضمــن تمــام تنفيــذ الصفقــة‪ ,‬وذلــك مــا مــا كان واضحــا فــي التشـريع الفرنســي القديــم‪ ,‬ال ســيما مرســوم ‪7‬‬

‫‪176‬‬
‫عقد الوساطة المالية في سوق االوراق المالية‬ ‫الملف القانوني‬

‫توافــر هذيــن الشــرطين ال ينفــي عــن العمــل صفــة الوكالــة وال تســتبعد احكامهــا االصليــة فــي‬
‫مجلة كلية القانون والعلوم السياسية العدد (‪)8‬‬

‫(‪((4‬‬
‫القانــون المدنــي‬
‫ورغــم وجــود عالقــة مباشـرة بيــن الوســيط والغيــر لكــن يبقــى مصــدر هــذه العالقــة هــو‬
‫القانــون (‪ ((4‬فــاذا ابــرم الوســيط تصرفــا لحســابه الخــاص‪ ,‬فــان ذلــك ال يجعــل منــه وكيــا‬
‫بالعمولــة‪ ((4(.‬وقــد اعتبــر جانــب مــن الفقــه ان وســيط ســوق االوراق الماليــة ُيعــد وكيــا عاديــا‪,‬‬
‫اذا تــم ذكــر اســم المســتثمر عنــد اج ـراء عمليــة التــداول‪ ,‬ويكــون المتعاقــدون معــه مســؤولون‬
‫ويعــد وكيــا بالعمولــة وتنطبــق عليــه احكامهــا العامــة‪ ,‬اذا لــم‬ ‫(‪((4‬عــض‪ُ ,‬‬
‫بذاتهــم امــام بعضهــم الب‬
‫(‪((4‬‬
‫يذكر اســم المســتثمر‪ .‬ويطلق عليه بعض الفقه اســم الوكالة الناقصة او غير الكاملة‬
‫ويعتبرهــا البعــض اج ـراءا لتمثيــل مصالــح الغيــر‪ ((4(.‬وقــد اعتبــر جانــب مــن الفقــه(‪ ((4‬عقــد‬
‫الوســاطة فــي ســوق االوراق الماليــة الماليــة عقــد وكالــة بالعمولــة‪ ,‬فالوســيط يتعاقــد بأســمه‬
‫الشــخصي ولكــن لحســاب المســتثمر‪ ,‬ويبــدو امــام الغيــر وكانــه المتعاقــد االصلــي‪ ((5(.‬فــاذا‬
‫تلقــى الوســيط أمـ ار بالبيــع مــن المســتثمر‪ ,‬فانــه يكــون بائعــا للمشــتري‪ ,‬واذا تلقــى امـ ار بالشـراء‪,‬‬
‫فانــه يكــون مشــتريا بالنســبة للبائــع‪ ,‬ويلتــزم بضمــان تنفيــذ الصفقــة كالوكيــل بالعمولــة‪ .‬فهــو‬
‫يفــوض بابـرام العقــود بأســمه‪ ,‬فالــذي يبيــع الورقــة الماليــة ال يعــرف شــخص مشــتريها‪ ,‬ويتكفــل‬
‫الوســيط بجميــع العمليــات ويحــل محلهــم فــي تنفيــذ األوامــر الصــادرة منهــم ومــن ثــم فهــو‬
‫(‪((5‬‬
‫يضمــن ســامة التعامــات التــي يجريهــا‪ ,‬فيصبــح فــي مركــز الوكيــل بالعمولــة الضامــن‪.‬‬
‫ومــن ثــم ينقــل الحقــوق التــي يكســبها الــى المــوكل‪ .‬وتتميــز هــذه الوكالــة بخاصيــة االلـزام‪ ,‬متــى‬
‫كانــت اآلوامــر الصــادرة مــن العميــل مســتوفية للشــروط القانونيــة‪ ((5(.‬وعندمــا يكــون الوكيــل‬
‫غيــر ضامــن‪ ,‬فــا تتوقــف العمولــة علــى قيــام الغيــر بتنفيــذ العقــد(‪ ((5‬وحيــث ان الوســيط فــي‬
‫=اكتوبر‪1890‬وتعديالتــه‪ ,‬وقــد تــم التخلــي عنــه بعــد صــدور قانــون ‪ 1988 /1 / 22‬الــذي يتعلــق ببورصــة االوراق الماليــة‪ ,‬اذ‬
‫ان المشــرع الفرنســي تحــول مــن نظــام الفــرد كوســيط الــى وســاطة الشــركة‪ ,‬وبعــد صــدور قانونــى ‪ 2‬تمــوز عــام ‪ 1996‬اقتصــرت‬
‫الوســاطة علــى مقدمــي خدمــات االســتثمار‪ ,‬واالخيــر شــخص معنــوي بالضــرورة‪.‬‬
‫(‪ )43‬د‪ .‬عبد الباسط كريم مولود‪ ,‬تداول االوراق المالية‪ ,‬مصدر سابق‪ ,‬ص‪.199‬‬
‫(‪ )44‬ســميرة بوفامــة‪ ,‬النظــام القانونــي للوســطاء فــي عمليــات البورصــة‪ ,‬اطروحــة دكتــوراه‪ ,‬كليــة الحقــوق‪ ,‬جامعــة االخــوة منتــوري‪-‬‬
‫قسنطينة‪ ,‬الجزائر‪ ,2017 ,‬ص‪.37‬‬
‫(‪ )45‬د‪ .‬محسن شفيق‪ ,‬الوسيط في القانون التجاري المصري‪ ,‬ج‪ ,2‬ط‪ ,2‬مطبعة اتحاد الجامعات‪,‬القاهرة‪ ,1955 ,‬ص‪.27‬‬
‫‪(46) Ph. Le Tourneau, Droit de la responsabilité et des contrats (régimes d’indemnisation), 10‬‬
‫‪ème éd, D, 2014, p. 1240‬‬
‫‪(47) G. Ripert, R. Roblot, Droit Commercial, TRAITE de droit commercial, t.18 ,1ème éd, LGDJ,‬‬
‫‪Paris, 2001, P. 722‬‬
‫(‪ )48‬د‪ .‬محمــود مختــار احمــد البريــري‪ ,‬قانــون المعامــات التجاريــة « االلت ازمــات والعقــود التجاريــة»‪ ,‬دار النهضــة العربيــة‪,‬‬
‫القاهـرة‪ ,2008 ,‬ص‪ .152‬كذلــك د‪ .‬مصطفــى كمــال طــه‪ ,‬القانــون التجــاري المصــري‪ ,‬دار المطبوعــات الجامعيــة‪ ,‬االســكندرية‪,‬‬
‫‪ ,1999‬ص‪.339‬‬
‫‪(49) BOULOC Bernard, Commissionnaire, Rep.Com, T.II, Ed.Dalloz, Paris, 1997, p. 2 et‬‬
‫‪3. Ph. Le Tourneau, Droit de la responsabilité et des, contrats (régimes d’indemnisation),‬‬
‫‪ .1240‬د‪ .‬علي البارودي‪ ,‬العقود وعمليات البنوك التجارية‪ ,‬مصدر سابق‪ ,‬ص‪10ème éd, D, 2014, p. 37‬‬
‫(‪ )50‬د‪ .‬محمود مختار احمد البريري‪ ,‬قانون المعامالت المالية‪ ,‬مصدر سابق‪ ,‬ص‪151‬‬
‫(‪ )51‬د‪ .‬ماهر مصطفى محمود‪ ،‬النظام القانوني الخاص لشــركات السمسـرة في األوارق المالية‪ ،‬رســالة دكتوراه‪ ,‬كلية الحقوق‪,‬‬
‫جامعة حلوان‪ ,‬مصر‪ ,2008 ,‬ص‪.135‬‬
‫(‪ )52‬د‪ .‬علي البارودي‪ ,‬العقود وعمليات البنوك التجارية‪ ,‬مصدر سابق‪ ,‬ص‪.69‬‬
‫(‪ )53‬د‪ .‬عاشــور عبــد الج ـواد‪ ,‬النظــام القانونــي للسمس ـرة فــي االوراق الماليــة ‪ ,‬د ارســة مقارنــة فــي القانــون المصــري والفرنســي‬
‫وبعــض القوانيــن العربيــة‪ ,‬دار النهضــة العربيــة‪ ,‬القاه ـرة‪ ,‬ص‪.67‬‬

‫‪177‬‬
‫الملف القانوني‬ ‫عقد الوساطة المالية في سوق االوراق المالية‬

‫تعامالت ســوق االوراق المالية وكيل بالعمولة ضامن‪ ,‬فانه ال يســتحق عمولة اال بتمام تنفيذ‬
‫العقــد‪ ,‬اي انــه يضمــن للبائــع العميــل الوفــاء بالثمــن‪ ,‬اذا تــم تكليفــه بالبيــع‪ ,‬واذا كلــف بالشـراء‬
‫(‪((5‬‬
‫يضمــن تســليم الســندات الــى العميــل المشــتري‬
‫ويرتبــط الوســيط المالــي شــخصيا بالصفقــة المبرمــة‪ ,‬فــا وجــود لعالقــة بيــن العمــاء‬
‫الذيــن اصــدروا اوامــر التــداول وتختفــي شــخصية كل منهــم عــن االخــر‪ .‬وبســبب غيــاب العالقــة‬
‫المباش ـرة بيــن المــوكل والطــرف االخــر‪ ,‬فــان ب ـراءة ذمــة الوكيــل بالعمولــة تكــون مــن خــال‬
‫انتقــال الحقــوق المكتســبة وذلــك يشــكل ضــرورة جوهريــة‪.‬‬
‫ويعتبــر الوســيط فــي ظــل القانــون الفرنســي وكيــا بالعمولــة ضامــن‪ ,‬فهــو يضمــن تســليم‬
‫ااالوراق الماليــة التــي يشــتريها او تســليم ثمــن تلــك المبيعــة منهــا حمايــة للســوق‪ ,‬وذلــك ممــا‬
‫يميــز النظــام القانونــي الــذي يخضــع لــه الوســيط فــي ســوق االوراق الماليــة الفرنســية‪ ((5(.‬امــا‬
‫فــي ظــل احــكام القانــون الع ارقــي‪ ,‬فــا يوجــد نــص واضــح يؤكــد ضمــان الوســيط لتنفيــذ التعامــل‪,‬‬
‫باســتثناء نــص الفق ـرة ‪ 15/‬مــن القســم‪ 5/‬مــن القانــون رقــم ‪ 74‬لســنة ‪ 2004‬التــي اشــارت‬
‫بشــكل غيــر مباشــر الــى هــذه الخاصيــة‪ ,‬وقــد اكــد ذلــك النظــام الخــاص بااليــداع والتســوية‬
‫والمقاصــة لســنة ‪ 2007‬فــي الم ـواد (‪ )21 ,20 ,19 ,18‬التــي تلــزم الوســيط فتــح حســاب‬
‫تسوية مصرفي خاص به لدى مصرف معين يسمى بمصرف التسوية‪.‬‬
‫وقــد تعــددت االعتبــارات التــي اســتندوا عليهــا فــي هــذا التكييــف‪ ,‬فمنهــا مــا يخــص‬
‫طريقــة مباشـرة الوســيط لعملــه‪ ,‬فهــو يلتــزم بابـرام التصرفــات القانونيــة بأســمه الخــاص لحســاب‬
‫المــوكل مقابــل عمولــة‪ ,‬ومنهــا مــا يتعلــق بمحــل التعاقــد‪ ,‬اذ تُعــد االوراق الماليــة مــن المنقـوالت‬
‫كالبضائــع والســلع االخــرى التــي يتعامــل معهــا الوكيــل بالعمولة(‪((5‬امــا االعتبــار الثالــث الــذي‬
‫كان ســندا فــي هــذا التكييــف‪ ,‬فهــو طبيعــة العمــل المســند للوســيط‪ ,‬فــاذا كان عمــا تجاريــا‪ ,‬فــان‬
‫(‪((5‬‬
‫احتـراف نشــاط الوســاطة فــي االوراق الماليــة يكــون عمــا ذا طبيعــة تجاريــة‪.‬‬
‫وفــي ظــل االحــكام العامــة‪ ,‬يشــترك عقــد الوكالــة بالعمولــة مــع عقــد الوســاطة فــي‬
‫ســوق االوراق الماليــة فــي ان كليهمــا مــن العقــود التجاريــة(‪ ((5‬المســماة ذات الصفــة الرضائيــة‬
‫واالعتبــار الشــخصي ومــن العقــود الملزمــة للجانبيــن ومــن عقــود المعاوضــة‪ ,‬لكــن تبقــى هنــاك‬
‫اختالفــات جوهريــة بينهمــا‪ ,‬اهمهــا حالــة تعاقــد الوســيط باســم ولحســاب العميــل احيانــا‪ ,‬وقــد‬
‫يتعاقــد لحســابه الشــخصي‪ ,‬وذلــك خالفــا لتعاقــد الوكيــل بالعمولــة الــذي يكــون بأســمه الشــخصي‬
‫ولحســاب العميــل‪ ,‬فيكــون اصيــا فــي مواجهــة الغيــر‪ ,‬مــع ذلــك تتميــز الوكالــة بالعمولــة عــن‬
‫(‪ )54‬يمينــة حجــاج‪ ,‬البنــك الوســيط فــي عمليــات البورصــة‪ ,‬اطروحــة دكتــوراه‪ ,‬كليــة الحقــوق والعلــوم السياســية‪ ,‬جامعــة جياللــي‬
‫ليابــس‪ ,‬الج ازئــر‪ ,2019 ,‬ص‪.168‬‬
‫(‪ )55‬د‪ .‬احمــد محمــد لطفــي احمــد‪ ,‬معامــات البورصــة بيــن النظــم الوضعيــة واالحــكام الشــرعية‪ ,‬دار الفكــر الجامعــي‪ ,‬ط‪,1‬‬
‫مصــر‪ ,2011,‬ص‪. 267‬‬
‫(‪ )56‬د‪ .‬محمــود مختــار احمــد البريــري‪ ,‬قانــون المعامــات التجاريــة‪ ,‬مصــدر ســابق‪ ,‬ص‪ .152‬كذلــك د‪ .‬مصطفــى كمــال طــه‪,‬‬
‫القانــون التجــاري المصــري‪ ,‬دار المطبوعــات الجامعيــة‪ ,‬االســكندرية‪ ,1999 ,‬ص‪ .339‬والقانــون الع ارقــي لــم يشــترط االحت ـراف‬
‫فــي ممارســة الوكالــة بالعمولــة‪ ,‬مــع ذلــك ذهــب رأي فــي الفقــه الع ارقــي الــى ضــرورة ممارســة الوكالــة بالعمولــة علــى وجــه االحتـراف‪.‬‬
‫انظــر فــي ذلــك رأي د‪ .‬باســم محمــد صالــح‪ ,‬القانــون التجــاري‪ ,‬القســم االول‪ ,‬مطبعــة جامعــة بغــداد‪ ,1987 ,‬ص‪.228‬‬
‫ﻟﺠﺯ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ‪ ,‬ﺍﻟﻌﻘﻭﺩ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻹﻓﻼﺱ‪ ،‬ﺍﻷﻭﺭﺍﻕ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻴﺔ‪ ،‬ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ‬ ‫(‪ )57‬د‪ .‬محمــود ســمير الش ـرقاوي‪ ,‬ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻱ‪ ،‬ﺍ ﺀ‬
‫البورصــة‪ ,‬ﺩﺍﺭﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺍﺒﻴﺔ‪,‬القاه ـرة‪ ,1984 ,‬ص‪.22‬‬
‫(‪ )58‬د‪ .‬سميحة القليوبي‪ ,‬شرح العقود التجارية‪ ,‬دار النهضة العربية‪ ,‬القاهرة‪ ,1992 ,‬ص‪.66‬‬

‫‪178‬‬
‫عقد الوساطة المالية في سوق االوراق المالية‬ ‫الملف القانوني‬

‫غيرهــا مــن الــوكاالت طبقــا لطبيعــة العمليــة التــي يكلــف بهــا الوكيــل بالعمولــة‪ ,‬فــان كانــت‬
‫مجلة كلية القانون والعلوم السياسية العدد (‪)8‬‬

‫تجاريــة‪ ,‬فانهــا وكالــة بالعمولــة‪ ,‬بغــض النظــر عــن تعاقــد الوكيــل بأســمه الشــخصي او بأســم‬
‫موكلــه(‪ ((5‬فــاذا كلــف الوكيــل بالعمولــة بالبيــع‪ ,‬فــا يضمــن وفــاء الغيــر بالثمــن‪ ,‬واذا كلــف‬
‫بالش ـراء‪ ,‬فــا يكــون ضامنــا لحســن تســليم الغيــر(‪ ((6‬وعــدم ضمــان وفــاء الغيــر المتعاقــد مــع‬
‫الوســيط بالت ازمــه ال يكــون اال اذا جــاء بشــكل صريــح وفقــا للعقــد او نــص القانــون او كان‬
‫العــرف يقضــي بذلــك‪ ((6(.‬فالوكيــل بالعمولــة يمــارس نشــاطه علــى وجــه االســتقالل‪ ,‬وهــو‬
‫صاحــب حرفــة ويقــوم بالعمــل بأســمه الخــاص‪ ,‬ويكــون بذلــك مماثــا لعمــل الوســيط فــي‬
‫عمليــات ســوق االوراق الماليــة الــذي يمــارس عملــه علــى وجــه االســتقالل وال يعتبــر تابعــا‬
‫(‪((6‬‬
‫الي مــن طرفــي العقــد وال يرتبــط معهــم بعقــد عمــل‪.‬‬
‫ومــن الجديــر بالمالحظــة ان نشــاط الوســيط فــي الوقــت الحالــي ال يقتصــر علــى‬
‫عملــه فــي تــداول االوراق الماليــة‪ ,‬بــل يمــارس نشــاطات اخــرى‪ .‬والن اختيــاره يوجــب توافــر‬
‫مواصفــات معينــة وخب ـرة ال يمتلكهــا غي ـره‪ ,‬وان مهامــه ال تتوقــف عنــد تنفيــذ اوامــر العميــل‬
‫بالبيــع او الش ـراء‪ ,‬فقــد يكلــف بتقديــم االستشــارات فضــا عــن التــداول فــان مرك ـزه القانونــي‬
‫فــي العقــد المبــرم مــع المســتثمر يبــدو ذا طبيعــة مزدوجــة تجمــع بيــن احــكام عقــدي الوكالــة‬
‫والمقاولــة‪.‬‬
‫ووفقــا لمــا انتهــى اليــه الفقــه المصــري والفرنســي فــان عقــد الوســاطة فــي ســوق‬
‫(‪((6‬‬

‫االوراق الماليــة يعتبــر عقــد وكالــة بالعمولــة‪ ,‬لكــن هــذا التكييــف ال يتوافــق مــع التش ـريع‬
‫الع ارقــي الســباب منهــا‪ ,‬ان قانــون التجــارة الع ارقــي لــم ينظــم عقــد الوكالــة بالعمولــة‪ .‬وان‬
‫المشــرع الع ارقــي تــرك مســألة تنظيــم الوســاطة فــي ســوق االوراق الماليــة للجنــة تنظيــم‬
‫تعامــات الســوق ومراقبتهــا بمــا لديهــا مــن ســلطة لســن االنظمــة فــي هــذا المجــال‪ .‬وحيــث انــه‬
‫لــم ينظــم عقــد الوكالــة بالعمولــة‪ ,‬وان عمــل الوســيط ال يقتصــر علــى تــداول االوراق الماليــة‬
‫فــي الســوق‪ ,‬فــان هــذا التكييــف ال ينطبــق واحــكام التش ـريع الع ارقــي‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬االتجاه الحديث في تكييف طبيعة عقد الوساطة في سوق االوراق المالية‬
‫يحتــاج المدخــر‪ ,‬الــذي يــروم اســتثمار اموالــه فــي االوراق الماليــة‪ ,‬الــى حمايــة لعــدم‬
‫مهنيتــه وعــدم امتالكــه الخبـرة الكافيــة فــي هــذا المجــال‪ ,‬وتتمثــل هــذه الحمايــة باتخــاذ التدابيــر‬
‫الالزمــة وتوفيــر الضمانــات الالئقــة لتامينــه مــن المخاطــر غيــر التجاريــة التــي يمكــن ان‬
‫يتعــرض لهــا االســتثمار فــي مجــال االوراق الماليــة‪ .‬وعنــد العــودة لإلطــار القانونــي المنظــم‬
‫لمهنــة الوســاطة فــي ســوق االوراق الماليــة‪ ،‬نالحــظ أن دور الوســيط فيهــا يكتســب طابعــا‬
‫(‪ )59‬م‪ 1-176/‬من قانون التجارة المصري‪.‬‬
‫(‪ )60‬ارئــد احمــد خليــل‪ ,‬عقــد الوســاطة التجاريــة (الداللــة)‪ ,‬د ارســة مقارنــة‪ ,‬رســالة ماجســتير‪ ,‬كليــة الحقــوق‪ ,‬جامعــة الموصــل‪,‬‬
‫‪ ,2003‬ص‪.28‬‬
‫(‪ )61‬ســيد طــه محمــد بــدوي‪ ,‬عمليــات بورصــة االوراق الماليــة الفوريــة واآلجلــة مــن الوجهــة القانونيــة‪ ,‬مصــدر ســابق‪ ,‬ص‪193‬‬
‫‪ ,‬وعــن الفقــه الفرنســي‬
‫‪PACHE (C), Le contrat de commission appliqué en commerce de valeurs mobilières, op, cit, p.14‬‬
‫(‪ )62‬د‪ .‬بلعزام مبروك‪ ,‬محاضرات في مقياس نظام البورصة‪ ,‬كلية الحقوق‪ ,‬جامعة سطيف ‪ ,2‬الجزائر‪ ,2020 ,‬ص‪32‬‬
‫(‪ )63‬ايات مولود فاتح‪ ,‬حماية االدخار المستثمر في القيم المنقولة في القانون الجزائري‪ ,‬مصدر سابق‪ ,‬ص‪.202‬‬

‫‪179‬‬
‫الملف القانوني‬ ‫عقد الوساطة المالية في سوق االوراق المالية‬

‫خاصــا‪ ،‬في ارعــى فــي اختيــاره توفــر مواصفــات معينــة وخبـرات ال يمتلكهــا غيـره‪ ,‬فضــا عــن ان‬
‫دوره لــم ُيعــد مقتصـ ار علــى تنفيــذ أوامــر العميــل فــي بيــع او شـراء االوراق الماليــة‪ ,‬بــل اضحــى‬
‫يختلــف تبعــا الختــاف الــدور الــذي يمارســه‪ ,‬فقــد يكلــف الوســيط إلــى جانــب التفــاوض فــي‬
‫الســوق بتقديــم االستشــارة لعميلــه‪ ،‬لذلــك ذهــب رأي فــي الفقــه الــى ان العقــد الــذي يربطــه مــع‬
‫هــذا العميــل يتميــز بطبيعــة مزدوجــة تجمــع بيــن عقــد المقاولــة وعقــد الوكالــة‪ ((6(.‬وذهــب رأي‬
‫اخر الى ان عقد الوســاطة في ســوق االوراق المالية يخضع لنظام قانوني خاص‪ ,‬فال يمكن‬
‫تطبيــق القواعــد العامــة فــي الداللــة (السمس ـرة ) عليــه‪ ,‬بــل انــه يخضــع الــى قواعــد مختلطــة‬
‫تجمــع بيــن احــكام الداللــة والوكالــة بالعمولــة والوكالــة العاديــة‪ ,‬وفقــا لصفــة تدخلــه فــي اب ـرام‬
‫الصفقــة وطبيعــة نشــاطه‪ ((6(.‬وهــذا النظــام يتالئــم مــع مركــز الوســيط فــي الســوق الــذي يختلــف‬
‫عــن مركــز الــدالل او الوكيــل بالعمولــة بســبب خضوعــه للقواعــد المنظمــة للتعامــل فــي ســوق‬
‫االوراق الماليــة‪ ((6(.‬مــع ذلــك فقــد بــرز اتجــاه حديــث فــي الفقــه الفرنســي يــرى ان التعاقــد بيــن‬
‫الوســيط والمســتثمر فــي ســوق االوراق الماليــة يكــون حلقــة وصــل بيــن مــا يبذلــه المســتثمرون‬
‫فــي االوراق الماليــة مــن جهــة وبيــن الجهــة المصــدرة لهــا‪ .‬وفقــا للتفصيــل اآلتــي ‪:‬‬
‫اذا كانــت الخدمــة عبــارة عــن استشــارة اســتثمارية‪ ,‬ال يتمتــع متلقيهــا العميــل‬
‫باالختصــاص‪ ,‬فانهــا يجــب ان تكــون محــل اتفــاق مكتــوب ومــن ثــم فانهــا وفقــا لجانــب مــن هــذا‬
‫الفقــه(‪ ((6‬تُعــد مــن عقــود االنابــة التــي تخضــع للقواعــد العامــة فــي العقــود‪ ,‬فتكــون عبــارة عــن‬
‫ق (‪((6‬‬
‫وكالة او وكالة بالعمولة وفقا ألمر المســتثمر المباشــر او غير المباشــر العضاء الســو ‪.‬‬
‫اذا كانــت الخدمــة تتعلــق بمجــال التفــاوض فــي االوراق الماليــة لحســاب الغيــر‪ ,‬يذهــب‬
‫رأي فــي الفقــه الفرنســي الــى ان الوســاطة الخاصــة بتنفيــذ أوامــر المســتثمر‪ ,‬اذا كانــت خاليــة‬
‫مــن تقديــم األستشــارة‪ ,‬وهــي مــا يطلــق عليهــا بالوســاطة التنفيذيــة‪ ,‬فتكــون عبــارة عــن وكالــة‬
‫عاديــة‪ ,‬امــا اذا كان التفــاوض مقترنــا باالستشــارة‪ ,‬فــان االتفــاق يكــون ذا طبيعــة مزدوجــة يجمــع‬
‫(‪((6‬‬
‫بيــن عقــد المقاولــة وعقــد الوكالــة‬
‫(‪ )64‬د‪ .‬آالء يعقــوب يوســف‪ ,‬مســئولية الوســيط المدنيــة تجــاه المســتثمر فــي ســوق االوراق الماليــة‪ ,‬بحــث منشــور فــي مجلــة‬
‫الحقــوق‪ ,‬كليــة القانــون‪ ,‬جامعــة النهريــن‪ ,‬المجلــد‪ , 8‬العــدد‪ ,2005 ,13‬ص‪.179‬‬
‫‪(65) BOBILLIER Charlie, La liberté contractuelle à l’épreuve du droit des marches financiers, thése‬‬
‫‪de doctorat sous la direction d’Yves Reinhard:université Jean Moulin -Lyon2015 ,3, p.94‬‬
‫(‪ )66‬ونشــير الــى ان المشــرع الفرنســي عــرف االستشــارة فــي مجــال االســتثمار المالــي فــي المــادة (‪ )1-D321‬مــن القانــون‬
‫النقــدي والمالــي «المستشــارون فــي اإلســتثمار المالــي هــم أشــخاص يمارســون اعتياديــا مهنــة النصــح أو اإلرشــاد المتعلقــة بإتمــام‬
‫عمليــة لهــا عالقــة بــاألدوات الماليــة‪ ،‬إتمــام عمليــة بنكيــة أو عمليــة ذات صلــة بهــا‪ ،‬تقديــم خدمــة فــي اإلســتثمار وخدمــة ذات الصلــة‬
‫بــه‪ .»...........‬انظــر رزيقــة تغريبــت‪ ,‬النظــام القانونــي للقيــم المنقولــة‪ ,‬اطروحــة دكتــوراه‪ ,‬كليــة الحقــوق والعلــوم السياســية‪ ,‬جامعــة‬
‫مولــود معمــر – تيــزي وزو‪ ,‬الج ازئــر‪ ,2019 ,‬ص‪.232‬‬
‫‪(67)Julie Biron et Stéphane Rousseau¬Péregrination civilistes autour de la relation entre‬‬
‫‪l’intermediaire de marché et l’investisseur,revue centre de droit des affaires et du commerce intern‬‬
‫‪ational,44R.J.T.261¬Université de Montréal¬CANADA, 2010 , p.279‬‬
‫(‪ )68‬وتجــدر االشــارة الــى ان تســمية «شــركات االســتثمار» ال تعنــي أن هــذه الشــركات تضطلــع باالســتثمار بالمعنــى االقتصــادي‬
‫لهــذه الكلمــة ‪ ،‬إذ ال تقــوم بصفــة مباشـرة بــأي نشــاط إنمائــي لثــروة صناعيــة او زارعيــة او عقاريــة‪ ،‬وانمــا تعنــي كلمــة «اســتثمار»‬
‫توظيــف أالم ـوال لتكويــن محافــظ اوراق ماليــة‪ .‬د‪ .‬حســني المصــري‪ ,‬شــركات االســتثمار‪ ,‬دار النهضــة العربيــة‪ ,‬القاه ـرة‪,1981 ,‬‬
‫ص‪.17‬‬
‫(‪ )69‬احمــد بــن مدانــي‪ ,‬الوســاطة فــي المعامــات الماليــة « السمس ـرة» ‪ ,‬رســالة ماجســتير‪ ,‬كليــة الحقــوق‪ ,‬جامعــة الج ازئــر‪ -‬بــن‬
‫عكنــون‪ ,2002 ,‬ص‪47‬‬

‫‪180‬‬
‫عقد الوساطة المالية في سوق االوراق المالية‬ ‫الملف القانوني‬

‫اذا كانــت الخدمــة مجــرد تقديــم االستشــارة واالرشــاد فــي نطــاق االســتثمار‪ ,‬فــان هكــذا‬
‫مجلة كلية القانون والعلوم السياسية العدد (‪)8‬‬

‫(‪((7‬‬
‫اتفــاق ال يظهــر فيــه انابــة او تمثيــل‪ ,‬ويكييــف علــى انــه عقــد مقاولــة او اجــارة خدمــات‪.‬‬
‫وتمــارس شــركات الوســاطة فــي القانــون الع ارقــي نشــاطات متعــددة تتعلــق بــاالوراق‬
‫الماليــة مــن تــداول وادارة االســتثمارات وتقديــم االستشــارات االســتثمارية‪ ,‬وكل هــذه النشــاطات‬
‫تتعلــق بتعامــات االوراق الماليــة‪ ,‬وهــذه الشــركات تنفــذ مهــام معينــة تتناســب مــع توافــر‬
‫صفــات فنيــة وخب ـرة وكفــاءة ود اريــة فيهــا وفقــا لنصــوص قوانيــن اس ـواق المــال‪ ,‬لذلــك يغلــب‬
‫علــى عقــد الوســاطة فــي ســوق االوراق الماليــة انــه ينصــب علــى خدمــات وأراء كتقديــم‬
‫االستشــارة واالســتعالم‪ ,‬فتكــون المهــارات والخب ـرة الذهنيــة والفنيــة التــي تتمتــع بهــا وتقدمهــا‬
‫لعمالئهــا بمثابــة بيــع مقابــل عمولــة تُعــد ثمنــا لعقــد بيــع الخدمــة‪ ((7(.‬اذ ان كل شــيء لــه قيمــة‬
‫ماليــة يمكــن ان يكــون محــا للبيــع مــن الوجهــة القانونيــة‪ ,‬ومــع ان تعاقدهــا مــع المســتثمر‬
‫بصــدد بيــع االوراق الماليــة لحســابه يمثــل اســاس عالقتهمــا‪ ,‬اال ان هــذا التعاقــد يتميــز‬
‫بطبيعــة قانونيــة خاصــة وفقــا للمهــام التــي يقــوم بهــا الوســيط‪ ,‬وتوفيقــا لــاراء التــي قيلــت انفــا‬
‫فــي تكييــف هــذه العالقــة‪ ,‬ذهــب رأي فــي الفقــه الــى ان جمــع الوســيط بيــن صفتــي الــدالل‬
‫والوكيــل يســبغ علــى عالقتــه مــع المســتثمر طبيعــة مركبــة‪ ,‬فهــو يبــدأ كــدالل اليجــاد ارغــب‬
‫فــي بيــع او شـراء االوراق الماليــة‪ ,‬وينتهــي كوكيــل عنــد تعاقــده نيابــة عــن المســتثمر(‪ ((7‬وذلــك‬
‫يتماشــى مــع نــص م‪ )3/15( /‬مــن قانــون ســوق بغــداد لــاوراق الماليــة (الملغــي) وم‪ 9/‬مــن‬
‫القســم الخامــس مــن القانــون المؤقــت الس ـواق االوراق الماليــة رقــم ‪ 74‬لســنة ‪ 2004‬وم‪/‬‬
‫‪ 229‬مــن الالئحــة التنفيذيــة لقانــون ســوق رأس المــال المصري‪.‬وبالرجــوع الــى نــص ف‪9/‬‬
‫مــن القســم‪ 5/‬مــن امــر ســلطة االئتــاف المؤقتــة رقــم ‪ 74‬لســنة ‪ « 2004‬القانــون المؤقــت‬
‫السـواق االوراق المالية «على الوســيط ان يعمل نيابة عن البائع او المشــتري للســندات وفقا‬
‫لتخويــل تحريــري يتماشــى مــع القواعــد المتخــذة مــن قبــل مجلــس المحافظيــن‪ ,‬تتضمــن هــذه‬
‫القواعــد علــى ســبيل المثــال ال الحصــر لــزوم تقديــم تخويــل مصــدق عــن عالقــة الوســاطة لــكل‬
‫عميــل عــن كل وثائــق فتــح حســاب المالئمــة‪ ,‬ال يجــوز للوســطاء اج ـراء صفقــات للســندات‬
‫للعميــل او التصــرف بامـوال العميــل او الســندات بــدون تخويــل صحيــح مــن ذلــك العميــل‪ .‬اال‬
‫ان العموميــة التــي جــاء بهــا نــص م‪ 18 /‬مــن الفصــل ‪ « 3/‬اج ـراءات وضــع اوامــر البيــع‬
‫والشـراء مــن التعليمــات التنظيميــة‪ ,‬قــد شــمل كافــة النشــاطات التــي يضطلــع بهــا الوســيط فــي‬
‫نطــاق عقــود التفويــض او الوكالــة‪ ,‬دون النظــر الــى االختــاف فــي طبيعــة النشــاط الــذي‬
‫يمارســه الوســيط‪ ,‬والن القانون قد ترك تنظيم عمليات الســوق ومراقبتها للجنة المشــكلة بهذا‬
‫الخصــوص‪ ,‬يمكننــا القــول ان عقــد الوســاطة فــي ســوق االوراق الماليــة يعتبــر عقــداً مســتقال‬
‫تنظمــه احــكام خاصــة‪.‬‬

‫(‪ )70‬د‪ .‬علي فوزي الموسوي‪ ,‬النظام القانوني الدارة محفظة االوراق المالية‪ ,‬دار النهضة العربية‪ ,‬القاهرة‪, 2008 ,‬ص‪.179‬‬
‫(‪ )71‬د‪ .‬اشــرف عبــد العظيــم عبــد القــادر‪ ,‬حمايــة المســتهلك مــن اختــال الت ـوازن العقــدي الناشــيء عــن اســتخدام الشــروط‬
‫النموذجيــة بعقــود االســتهالك‪ ,‬ص‪ ,76‬بحــث منشــور علــى شــبكة االنترنــت ‪ jdi.journals.ekb.eg‬تاريــخ اخــر زيــارة فــي‬
‫‪.2020/5/15‬‬
‫(‪ )72‬د‪ .‬نادر عبد العزيز شافي‪ ,‬عقد الفاكتورينغ‪ ,‬المؤسسة الحديثة للكتاب‪ ,‬طرابلس‪ ,‬لبنان‪ ,2005 ,‬ص‪.43‬‬

‫‪181‬‬
‫الملف القانوني‬ ‫عقد الوساطة المالية في سوق االوراق المالية‬

‫املبحث الثاني‬
‫الرضائية واالذعان يف عقد الوساطة يف سوق االوراق املالية‬

‫يمثــل ســلطان االرادة المبــدأ الــذي تقــوم عليــه النظريــة العامــة للعقــد فــي القانــون المدنــي‪,‬‬
‫ويعنــي ان رضــا المتعاقــد اســاس تعاقــده‪ ,‬فتكــون لــه الحريــة فــي كيفيــة التعاقــد‪ ,‬وفــي اختيــار‬
‫المتعاقــد وفــي تحديــد مضمــون هــذا التعاقــد‪ .‬وفــي هــذا الســياق تمتــاز بعــض العقــود‪ ,‬ومنهــا‬
‫عقــد الوســاطة فــي ســوق االوراق الماليــة‪ ,‬عــن غيرهــا مــن العقــود بخصائــص معينــة‪ ,‬منهــا عــدم‬
‫خضوعهــا لهــذه النظريــة بشــكل تــام‪ ,‬بحكــم الــدور االقتصــادي الــذي تلعبــه فــي تنميــة المـوارد‬
‫الماليــة للدولــة‪ .‬فيلجــأ المشــرع الــى العمــل علــى تقييــد حريــة المتعاقــد فــي التعاقــد‪ ,‬وال يكتفــي‬
‫بســامة الرضــا وخلــوه مــن العيــوب وتوافــر االهليــة الالزمــة للتعاقــد ‪ ,‬بــل يبحــث عــن شــروط‬
‫خاصــة تضفــي صفــة المتعاقــد علــى الشــخص المناســب لهــذه العقــود(‪ ((7‬ولوجــود تفــاوت فــي‬
‫الخبـرات الفنيــة والماليــة وكــون االطـراف المتعاقــدة ليســت علــى قــدم المســاواة‪ ,‬فــان ذلــك جعــل‬
‫الرضائيــة فــي عقــد الوســاطة فــي ســوق االوراق الماليــة بيــن المــد والجــزر للقيــود القانونيــة‬
‫واالتفاقيــة التــي تحيــط بهــا‪ ,‬كالشــكلية التــي يتطلبهــا المشــرع فــي هــذا العقــد‪ .‬وذلــك مــا ســنبحثه‬
‫فــي المطلبيــن االتييــن‪-:‬‬
‫المطلب االول‪ :‬رضائية عقد الوساطة والشكلية الالزمة لتنفيذ أوامر العميل‬
‫األصــل ان يكــون التعاقــد صحيحــا بمجــرد الت ارضــي بيــن طرفيــه‪ ,‬اي ان الرضائيــة هــي‬
‫ويعــد الرضــا عنصـ ار جوهريــا فــي العقــد‪,‬‬ ‫ٌ‬
‫(‪((7‬‬
‫االصــل فــي العقــود‪ ,‬امــا الكتابــة فهــي االســتثناء»‬
‫ومــن ثــم فــان حمايتــه تحقــق التـوازن فــي م اركــز المتعاقديــن‪ .‬امــا الشــكل فانــه غالبــا مــا يكــون‬
‫(‪((7‬‬

‫ضروريــا الثبــات التصــرف القانونــي وليــس الثبــات صحته(‪((7‬وفيمــا يتعلــق بعقــد الوســاطة فــي‬
‫ســوق االوراق الماليــة‪ ,‬فانــه يتــم بمجــرد اتفــاق الطرفيــن المتعاقديــن‪ ،‬وال يحتــاج فــي االصــل‬
‫الــى أي إجـراء شــكلي‪ ،‬فهــو يت ــم بمجــرد تبــادل األيجــاب والقبــول بيــن طرفيــه‪ ,‬وتوافــق ارادتيهمــا‪.‬‬
‫الفرع االول‪ :‬خاصية الرضائية في عقد وساطة االوراق المالية‬
‫الرضــا ركــن اساســي وبديهــي فــي قيــام العقــد‪ ,‬يتبلــور بموجبــه مبــدأ الحريــة التعاقديــة‬
‫وارادة االلت ـزام‪ ((7(.‬والرضائيــة تمثــل األصــل فــي العقــود مــا لــم يشــترط القانــون أو يتفــق‬
‫المتعاقــدان علــى شــكل معيــن‪ ,‬فــاذا كانــت تعنــي تحديــد شــكل العقــد مــن قبــل اط ارفــه فانهــا‬
‫(‪((7‬‬
‫تختلــف عــن الشــكلية التــي يفرضهــا القانــون فــي اتخــاذ شــكل معيــن يقيــد مــن هــذه الحريــة‪.‬‬
‫وهنــاك مــن يــرى ان مبــدأ الرضائيــة ومبــدأ حريــة التعاقــد يمثــان مظه ـران مــن مظاهــر مبــدأ‬
‫ســلطان االرادة اثنــاء عمليــة تكويــن العقــد‪ ,‬اال انهمــا يتمي ـزان باالســتقالل‪ ,‬فــاالول يعبــر عــن‬
‫‪(73) Voir Gérard Légier,droit civil, les obligations, 16ed, Dalloz, 1998, p.18‬‬
‫(‪ )74‬د‪ .‬حسام الدين كامل االهواني‪ ,‬النظرية العامة لاللتزام‪ ,‬ج‪ ,1‬القاهرة‪ ,‬ط‪ ,2000 ,3‬ص‪.74‬‬
‫‪(75) INGRID (B) , L’esprit du code civil à travers le titre III DU LIVRE III , DEA de droit privé en‬‬
‫‪general , Facultè de Nantes , France , 2003 , P.41‬‬
‫‪(76) LASBORDES(V),Les contrats déséquilibrés, Presses universitaires D’Aix–Marseille, 2000,‬‬
‫‪P.152‬‬
‫(‪ )77‬الفقرة‪ 9 /‬من القسم ‪ 5‬من القانون المؤقت السواق االوراق المالية لسنة ‪.2004‬‬
‫(‪ )78‬د‪ .‬علي فياللي‪ ,‬النظرية العامة للعقد « االلتزامات»‪ ,‬المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية‪ ،‬الجزائر‪ ,2010 ,‬ص‪.307‬‬

‫‪182‬‬
‫عقد الوساطة المالية في سوق االوراق المالية‬ ‫الملف القانوني‬

‫شــكل العقــد‪ ,‬بينمــا يعبــر الثانــي عــن موضــوع العقــد‪.‬‬


‫(‪((7‬‬
‫مجلة كلية القانون والعلوم السياسية العدد (‪)8‬‬

‫وبالرجــوع الــى نــص م‪ 18 /‬مــن التعليمــات التنظيميــة لتــداول األوراق الماليــة فــي‬
‫ســوق العـراق لســنة ‪ 2004‬التــي جــاء فيهــا» ال يجــوز للوســيط أو وكيلــه أن يتصــرف ب أريــه‬
‫المطلــق أو أن يفــرض أريــه عندمــا يقــوم بالتعامــل بــاألوراق الماليــة لصالــح المســتثمر مــا لــم‬
‫يكــن مخـوال مــن قبــل المســتثمر بموجــب تفويــض خطــي لممارســة مثــل هــذا التصــرف»‪ .‬نجــد‬
‫ان تدخــل الوســيط فــي عمليــة التفــاوض فــي ســوق االوراق الماليــة يكــون وفقــا لعقــد يتــم اب ارمــه‬
‫مــع العميــل بالت ـزام فرضــه القانــون‪ ,‬وان مصطلــح «التفويــض الخطــي» الــذي اشــار اليــه‬
‫النــص اعــاه‪ ,‬يوجــب علــى الوســيط ان يبــرم عقــد تفويــض مــع عميلــه يمثــل المرحلــة االولــى‬
‫من مراحل عقد التداول في ســوق االوراق المالية‪ ,‬عندما يســعى المســتثمر الســتثمار اوراقه‬
‫الماليــة‪.‬‬
‫ورغــم ايحــاء النــص لهــا‪ ,‬اال ان الكتابــة ال تُعــد شــكال لالنعقــاد‪ .‬الن م ‪ 26 /‬مــن‬
‫التعليمــات ســمحت بالتفويــض الشــفوي مــن المســتثمر للوســيط‪ ,‬فضــا عمــا اوضحتــه م‪/‬‬
‫(‪ -5‬ب) مــن تعليمــات التــداول لســنة ‪ 2007‬التــي جــاء نصهــا» يكــون تفويــض المســتثمر‬
‫خطيــا ويجــوز ان يكــون هاتفيــا أو علــى شــكل رســالة بالفاكــس أو بالبريــد االلكترونــي أو‬
‫أيــة وســيلة أخــرى يتفــق عليهــا المستثم ــر مــع وســيطه علــى أن يتوثــق ذلــك خطيــا الحقــا»‪.‬‬
‫لذلــك تكــون الكتابــة لالثبــات فقــط‪ .‬فيتدخــل الوســيط ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤجــال بأســمه ولحســاب عميلــه‪,‬‬
‫ويتوجــب عليــه ان يبــرم مــع هــذا العميــل عقــد وكالة(‪((8‬يــؤدي ﺇﻟﻰ ﺘﺤﺭﻴﺭ ﺇﺘﻔﺎﻗﻴﺔ ﻓﺘﺢ ﺤﺴﺎﺏ‬
‫ﺒﻴنهمــا‪ .‬مــع ذلــك فــان الكثيــر مــن التشـريعات تضــع شــرط العقــد كتابــة الــذي يصــدر الحقــا‬
‫لألمــر الهاتفــي‪ ,‬حتــى يمكــن االحتجــاج بــه كوســيلة اثبــات بيــن الطرفيــن وفــي مواجهــة الغيــر‪,‬‬
‫ويبقــى العقــد محتفظــا بطابــع الرضائيــة‪ .‬وتبقــى الشــكلية هنــا لالثبــات فــي حالــة حصــول نـزاع‬
‫بيــن الوســيط والمســتثمر باالشــارة الصريحــة الــى التســجيالت االلكترونيــة والكتابــة التــي تبــرم‬
‫بينهمــا‪ ,‬وداللــة غيــر مباشـرة علــى ان يكــون عقــد الوســاطة مكتوبــا‪.‬‬
‫لكــن التعبيــر عــن االرادة اذا كان بشــكل غيــر دقيــق‪ ,‬اوعندمــا يتــم اغفــال بعــض‬
‫التفاصيــل الخاصــة بالتعاقــد‪ ,‬فــان هــذه الرضائيــة كثيـ ار مــا تســبب اســاءة للمتعاقديــن‪ ,‬فينشــأ‬
‫غمــوض فــي مدلــول اتفاقهمــا‪ ,‬قــد يســبب شــكوكا‪ ,‬فيكــون الحــل مــن خــال اللجــوء الــى التأويــل‬
‫(‪((8‬‬
‫لتحديــد مدلــول االتفــاق‬
‫وفي نطاق التعامالت التي تجري في ســوق االوراق المالية‪ ,‬فان حرية التعاقد تكون‬
‫مقيــدة‪ ,‬وان الطــرف الــذي يتــم توجيــه االيجــاب اليــه يجــد نفســه فــي وضــع يقبــل فيــه االنضمــام‬
‫الــى تعاقــد تــم تنظيمــه وفقــا لقواعــد قانونيــة موضوعــة مســبقا دون اعتــداد بإرادتــه‪ .‬فيقبلهــا كمــا‬
‫هي او يرفضها‪ ,‬وذلك ال ُيعد اساســا لعقد اذعان‪ ,‬يكون فيه المتعاقد خاضعا الرادة تمليء‬
‫عليــه مــا تشــاء مــن شــروط‪ .‬لذلــك تكــون الرضائيــة فــي عقــد الوســاطة بيــن الوســيط والعميــل‬
‫متمي ـزة عــن الشــكلية المطلــوب توافرهــا فــي تنفيــذ اوامــر العمــاء الموجهــة للوســطاء‪ ,‬الن‬
‫(‪ )79‬د‪ .‬صوفــي حســن ابــو طالــب‪ ,‬ابحــاث فــي مبــدا ســلطان االرادة فــي القانــون الرومانــي‪ ,‬دار النهضــة العربيــة‪ ,‬القاه ـرة‪,‬‬
‫‪ ,1964‬ص‪.16-9‬‬
‫‪(80) LAPOYADE DES CHAMPS (Christian), Droit des obligations, Ellipse, Paris,1998 ,P. 23‬‬
‫‪(81) LASBORDES (V), Les contrats déséquilibrés, Op, cit , P.155‬‬

‫‪183‬‬
‫الملف القانوني‬ ‫عقد الوساطة المالية في سوق االوراق المالية‬

‫الكتابــة المطلوبــة هــي شــرط لالثبــات وليســت شــرطا لالنعقــاد‪ .‬فضــا عــن ان حريــة التعاقــد‬
‫ومبدأ ســلطان االرادة في عقود الوســيط مع عمالئه تكون نســبية وليســت مطلقة‪ ,‬نظ ار لتدخل‬
‫المشــرع فــي فــرض بعــض االحــكام التــي اوجــب تضمينهــا فــي هــذه العقــود‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الشكلية الالزمة في اصدار اوامر التداول‬


‫الســتيفاء شــروط االنعقــاد‪ ,‬كثيـ ار مــا يســتلزم القانــون شــكلية معينــة الــى جانــب الشــروط‬
‫الموضوعيــة الخاصــة بتكويــن العقــد وصحتــه‪ ,‬بحيــث ال ينتــج التعبيــر عــن االرادة أثــاره‬
‫القانونيــة اال بتحقــق هــذه الشــكلية‪ .‬ونظامــا الشــكلية والرضائيــة عمــا جنبــا الــى جنــب‪ ,‬كفرســي‬
‫رهــان فــي فتـرة العصــور المختلفــة للقانــون الرومانــي‪ ,‬وكانــت الغلبــة للرضائيــة دائمــا‪ ,‬وتحقــق‬
‫لهــا االنتصــار مقابــل ت ارجــع مبــدأ الشــكلية(‪((8‬فكان ينظــر الــى الشــكلية كقيــد علــى الحريــة‬
‫الرضائيــة‪ ,‬ثــم اصبحــت وســيلة لحمايــة الرضــا وتأكيــد اســتنارته فــي بعــض التطبيقــات‪ ,‬حاليــا‬
‫اخــذت الشــكلية تلعــب دو ار هامــا فــي اظهــار الرضــا واســباغ صفــة االلمــام والوعــي علــى اوجــه‬
‫االلت ـزام واهميتــه‪,‬اي انهــا باتــت احــدى وســائل الدفــع التــي تســاعد الشــخص فــي عــدم اب ـرام‬
‫العقــود او التعهــدات اال بعــد تفحــص وتدبــر‪.‬‬
‫والشــكلية هــي التــي يرتــب المشــرع اثــر البطــان علــى مخالفتها امــا اذا‬
‫(‪((8‬‬

‫لــم يترتــب هــذا الج ـزاء فهــي ليســت شــكلية‪ ,‬وهنــاك الشــكلية المباش ـرة التــي تمثــل‬
‫ركنــا فــي التعاقد(‪((8‬وتتصــل مباش ـرة بموضــوع تكويــن التصــرف القانونــي‪ ,‬وبغيابهــا‬
‫يبطــل التصــرف‪ ,‬واخــرى غيــر مباش ـرة ترتــب عــدم فعاليــة الرضــا عنــد مخالفتهــا‪.‬‬
‫وعندمــا يشــترط القانــون شــكال معينــا الرادة طرفــي التعاقــد‪ ,‬يكــون العقــد شــكلياً‪ ((8(.‬والشــكلية‬
‫التعاقديــة التــي تتمثــل فــي الترخيــص والموافقــة تكــون للتحقــق مــن كفــاءة المتعاقــد واهليتــه‬
‫وامكانيتــه فــي الدخــول لممارســة هــذا النشــاط‪ ,‬ومــن ثــم ابـرام التصرفــات التعاقديــة مــع الغيــر‪,‬‬
‫(‪((8‬‬
‫فهنــا الشــكلية ال عالقــة لهــا بمبــدأ الرضائيــة وال تتعلــق بحمايــة رضــا الطــرف المتعاقــد‪.‬‬
‫وغايتهــا فــي القانــون المدنــي كركــن فــي العقــد‪ ,‬لحمايــة المتعاقــد الضعيــف مــن خــال اعالمــه‬
‫وتنبيهــه بانــه يقــدم علــى تصــرف قــد يعرضــه للخطــورة‪ ,‬ومــن ثــم فانهــا تُعــد بالضــد مــن مبــدأ‬
‫الرضائيــة(‪ ((8‬امــا الشــكلية الرســمية التــي تظهــر فــي بعــض العقــود فانهــا تمثــل ركنــا فيهــا‪ ,‬ويتــم‬
‫(‪ )82‬القانــون قــد يحــدد شــكال معينــا لرضــا المتعاقديــن‪ ,‬يكــون فــي الغالــب عبــارة عــن ورقــة رســمية‪ .‬د‪ .‬عبــد المجيــد الحكيــم‪ ,‬د‪.‬‬
‫عبــد الباقــي البكــري‪ ,‬د‪ .‬محمــد طــه البشــير‪ ,‬الوجيــز فــي القانــون المدنــي الع ارقــي‪ ,‬ج‪ ,1‬مصــادر االلتـزام‪ ,‬بغــداد‪ ,1980 ,‬ص‪,23‬‬
‫كذلــك انظــر م‪ )1-90( /‬مــن القانــون المدنــي الع ارقــي « اذا فــرض القانــون شــكال معينــا للعقــد فــا ينعقــد اال باســتيفاء هــذا الشــكل‬
‫مــا لــم يوجــد نــص بخــاف ذلــك‪».‬‬
‫(‪ )83‬احمــد بعجــي‪ ,‬تاثيــر التوجيــه التش ـريعي علــى النظريــة العامــة للعقــد‪ ,‬اطروحــة دكتــوراه‪ ,‬كليــة الحقــوق‪ ,‬جامعــة الج ازئــر‪,1-‬‬
‫‪ ,2019‬ص‪.307‬‬
‫(‪ )84‬د‪ .‬علي فياللي‪ ,‬النظرية العامة للعقد‪ ,‬االلتزامات‪ ,‬مصدر سابق‪ ,‬ص‪.302‬‬
‫‪(85) DURAND Paul, “ La contrainte le`gale dans la formation de bien contractuel”, Revue‬‬
‫‪trimestielle de droit civil, Librairie de recueil, N.02, Avril-Junin 1994, p.79‬‬
‫(‪ )86‬امــر الســوق (البورصــة )هــو توكيــل يعطيــه الزبــون الحــد الوســطاء مــن أجــل ان يبيــع او يشــتري لــه او ارقــا ماليــة معينــة فــي‬
‫ســوق االوراق الماليــة‪ ,‬وال ينشــأ أثــر هــذا األمــر اال اذا تــم اعطــاءه الــى الشــخص المختــص او مــا يســمى بالوســيط‪ ,‬وعرفــه البعــض‬
‫بانــه» عقــد انابــة بيــن الوســيط والزبــون «‬
‫‪LE VASSEUR(M), Droit des affaires, Tome II, les valeurs mobilières, LGDJ, Paris, 1988, p.501‬‬
‫‪(87) C. Lassalas, L’inscription en compte des valeurs: la notion de propriete scripturale, L.G.D.‬‬
‫‪Paris, 1997, p.219.‬‬

‫‪184‬‬
‫عقد الوساطة المالية في سوق االوراق المالية‬ ‫الملف القانوني‬

‫فرضهــا علــى كال الطرفيــن‪ ,‬خالفــا لوضــع الشــكلية حاليــا اذ يتــم فرضــه علــى متعاقــد دون‬
‫مجلة كلية القانون والعلوم السياسية العدد (‪)8‬‬

‫االخــر‪ ,‬كموافقــة االدارة والترخيــص ألحــد المتعاقديــن دون االخــر‪.‬‬


‫وفــي نطــاق عمــل الوســاطة فــي ســوق االوراق الماليــة‪ ,‬فــان الوســيط يكــون فــي وضــع‬
‫الموجــب دائمــا‪ ,‬وان نشــاطه يخضــع لتنظيــم وتدخــل ســلطة الســوق‪ ,‬فضــا عــن ان نشــاطه‬
‫تــم تنظيمــه وفــق احتــكار قانونــي ممــا يجعلــه‪ ,‬باعتبــاره محترفــا‪ ,‬فــي موضــع االيجــاب‪ ,‬فيتــم‬
‫التعاقــد مــع مــن يلتمــس خدماتــه‪ ,‬وال يحــق لــه الت ارجــع عــن ايجابــه‪ ((8(.‬وقــد اشــارالقانون‬
‫المؤقــت الس ـواق االوراق الماليــة رقــم ‪ 74‬لســنة ‪ 2004‬فــي البنــد‪ 9/‬مــن القســم ‪ 5/‬الــى‬
‫وجــوب كتابــة عقــد الوســاطة بيــن الوســيط والمســتثمر‪ ,‬مــن خــال النــص علــى عبــارة «‬
‫تخويــل مصــدق» و» تخويــل معتمــد»‪ .‬وعقــد التفويــض الــذي يبرمــه الوســيط مــع عميلــه يكــون‬
‫مصــد ار البـرام عقــد التــداول كالتـزام يقــع علــى عاتــق الوســيط ويكــون محلــه بيــع او شـراء ورقــة‬
‫ماليــة‪ ,‬فيشــكل عقــد التــداول المرحلــة التنفيذيــة آلمــر التــداول الــذي يصــدره العميــل‪ .‬ويمثــل‬
‫هــذا التفويــض الــذي يصــدره العميــل للوســيط بدايــة المرحلــة التحضيريــة‪ ,‬التــي تمتــاز بدخــول‬
‫الوســيط المالــي فــي تعاقــد مباشــر مــع العميــل‪ ,‬فالوســيط يتلقــى تفويضــا محلــه اب ـرام وتنفيــذ‬
‫عقــد تــداول الورقــة الماليــة مــن العميــل‪ .‬وعندمــا يقــوم الوســيط المالــي بادخــال أمــر البورصــة‬
‫الــذي تلقــاه مــن عميلــه الــى النظــام الخــاص بالتــداول االلكترونــي فــي البورصــة لغــرض تنفيــذه‬
‫تكــون المرحلــة التحضيريــة قــد انتهــت‪ .‬امــا المرحلــة الخاصــة بابـرام عقــد التــداول فتتمثــل فــي‬
‫ســعي الوســيط المالــي للبحــث عــن طــرف مقابــل فــي الســوق ذاتــه‪ ,‬لغــرض اب ـرام عقــد معــه‬
‫ومــن ثــم يصــار الــى تنفيــذه بموجــب التعليمــات الخاصــة بســوق االوراق الماليــة‪ ,‬فيكــون تســليم‬
‫االوراق وتســديد اثمانهــا او دفــع فروقــات اســعارها‪ ,‬نهايــة الصفقــة‪.‬‬
‫ومهمــة الوســيط فــي ســوق االوراق الماليــة تكــون باســتقباله أمــر العميــل او مــا يســمى‬
‫بأمــر الســوق(‪((8‬الخاص بالبيــع او الش ـراء ويقــوم بالتحــري لــدى زمالئــه الوســطاء االخريــن‬
‫عــن امكانيــة وجــود عــرض مطابــق لرغبــة عميلــه‪ ,‬وعنــد العثــور علــى هــذا العــرض يتعاقــد‬
‫معــه بأســمه الشــخصي ويلتــزم بالتنفيــذ تجــاه عميلــه‪ ,‬مــن خــال تســليمه االوراق التــي اشــتراها‬
‫ان كان مشــتريا‪ ,‬او الثمــن الــذي قبضــه ان كان بائع ـاً‪.‬‬

‫الفــرع الثالــث‪ :‬تأثيــر مبــدأ الرضائيــة فــي عقــد وســاطة االوراق الماليــة المقيــدة فــي‬
‫الحســاب‬
‫تدخــل المشــرع الفرنســي مــن أجــل تأجيــل تاريــخ انتقــال ملكيــة االوراق الماليــة بشــكلها‬
‫غيــر المــادي نظـ ار لألثــر المترتــب علــى تطبيــق مبــدأ الرضائيــة فــي التعاقــد‪ ,‬وهــو نقــل ملكيــة‬
‫الورقــة عنــد ابـرام العقــد‪ .‬هــذا األثــر يتوقــف علــى العقــد او االتفــاق بغــض النظــر عــن عمليــة‬
‫القيــد فــي الحســاب‪ ,‬فاالخيـرة ال تؤثــر فــي عمليــة انتقــال ملكيــة الورقــة الماليــة بشــكلها غيــر‬
‫المــادي(‪ ((9‬امــا القضــاء الفرنســي فقــد ذهــب الــى ان النصــوص الخاصــة بالغــاء الشــكل‬
‫‪(88) Cass. Com.22 nov. 1988. Bull. Civ. IV.N322°. cité par : J. Granotier, Le transfert de la propriété‬‬
‫‪des valeurs mobilières, thèse de doctorat, université Panthéon-Assas (Paris 2009 ,)2,p.125‬‬
‫(‪ )89‬يمينة حجاج‪ ,‬البتك الوسيط في عمليات البورصة‪ ,‬مصدر سابق‪ ,‬ص‪112‬‬
‫‪(90) . C. Lassalas, L’inscription en compte des valeurs: la notion de propriete scripturale, op, cit,‬‬
‫‪p. 256‬‬

‫‪185‬‬
‫الملف القانوني‬ ‫عقد الوساطة المالية في سوق االوراق المالية‬

‫المــادي للورقــة الماليــة عنــد غيــاب النصــوص المخالفــة‪ ,‬ال يمكنهــا تعديــل القواعــد المتعلقــة‬
‫بنقــل الملكيــة التــي تكــون نتيجــة البـرام التعاقد(‪((9‬وبنــاء علــى مــا جــاء فــي اعــاه‪ ,‬فــان انتقــال‬
‫ملكيــة الورقــة الماليــة بشــكلها غيــر المــادي يرتــب آثــا ار معينــة اهمهــا‪-:‬‬
‫‪1.1‬ان تاريــخ انتقــال الملكيــة الــى المشــتري هــو تاريــخ التــداول وليــس تاريــخ القيــد فــي‬
‫الحســاب‪.‬‬
‫‪2.2‬يصبــح المالــك الجديــد للورقــة الماليــة هــو مــن انتقلــت اليــه ملكيتهــا‪ ,‬ومــن ثــم يأخــذ‬
‫صفــة «المســاهم « اذا كانــت الورقــة المتداولــة عبــارة عــن اســهم‪ ,‬وصفــة «الدائــن‬
‫المقتــرض» اذا كانــت عبــارة عــن ســندات اســتحقاق‪.‬‬
‫‪3.3‬ان مــن انتقلــت اليــه ملكيــة الورقــة الماليــة يمكنــه التمســك بالحــق فيهــا فــي مواجهــة‬
‫الشــركة والغيــر‪.‬‬
‫(‪((9‬‬
‫‪4.4‬يترتب للمشتري حقا في ممارسة الحقوق المتعلقة بالورقة المالية‪.‬‬
‫ونشــير الــى ان عمليــة قيــد الســندات محــل البيــع فــي ســوق االوراق الماليــة ال تتــم فــي‬
‫اليــوم المحــدد للتــداول‪ ,‬بــل تت ارخــى الــى اج ـراء عمليــة التســوية والتســليم اي بعــد مــدة زمنيــة‬
‫معينــة‪ ,‬عندهــا يترتــب للمالــك الجديــد حــق التمســك بالملكيــة فــي مواجهــة الشــركة او الغيــر‪.‬‬
‫فيبقــى بائعهــا هــو المالــك الحقيقــي لهــا امــام الشــركة والغيــر ولــه ان يمــارس الحقــوق المتصلــة‬
‫بهــا‪ ,‬وال يســتطيع المشــتري ممارســة هــذه الحقــوق‪ ,‬اذا مــا تــم اعتبــاره مالــكا جديــدا وفقــا لمبــدأ‬
‫الت ارضــي‪.‬‬
‫لذلــك يمكننــا القــول ان الغــاء الشــكل المــادي لــاوراق الماليــة المتداولــة منــع تطبيــق مبــدأ‬
‫الرضائيــة المنصــوص عليــه فــي القواعــد العامــة‪ ,‬واصبــح انتقــال ملكيتهــا مشــروطا بقيدهــا فــي‬
‫الحســاب‪ ,‬سـواء كان التصرف بين البائع والمشــتري او الشــركة المصدرة لها او الغير‪ .‬وذلك‬
‫(‪((9‬‬
‫يعــود الــى ان البائــع والمشــتري ال يتعاقــدان مــع شــخص محــدد بــل مــع الســوق‬

‫المطلب الثاني‪ :‬العوامل المقيدة لحرية التعاقد في وساطة االوراق المالية‬


‫عقــود االذعــان هــي « العقــود التــي يســلم فيهــا القابــل بشــروط مقــررة يضعهــا الموجــب‪,‬‬
‫وال يقبــل مناقشــتها وذلــك فيمــا يتعلــق بســلعة او مرفــق ضــروري يكــون محــل احتــكار قانونــي او‬
‫فعلــي‪ ,‬او تكــون المنافســة فيهــا محــدودة النطــاق»‪ ((9(.‬ويتمتــع فيهــا احــد طرفــي التعاقــد بحريــة‬
‫عــرض شــروطه نتيجــة مــا يمتــاز بــه مــن وضــع قانونــي او فعلــي‪ ,‬مقابــل طــرف آخــر ال يجــد‬
‫امامــه اال قبــول العقــد برمتــه او رفضــه دون ان تكــون لــه حريــة المنافســة او التعديــل علــى مــا‬
‫يــرد مــن شــروط‪ ,‬وذلــك يتوافــر عندمــا يحتكــر احــد االطـراف خدمــة معينــة فــي مرفــق معيــن‪ ,‬ال‬

‫(‪ )91‬د‪ .‬صــاح الديــن جمــال الديــن‪ ,‬عقــود نقــل التكنولوجيــا‪ ,‬د ارســة فــي اطــار القانــون الخــاص والقانــون التجــاري الدولــي‪ ,‬دار‬
‫الفكــر الجامعــي‪ ,‬مصــر‪ ,2005 ,‬ص‪.293‬‬
‫(‪ )92‬د ‪ .‬محمــود عبــد الرحمــن محمــد‪ ,‬النظريــة العامــة لاللت ازمــات‪ ,‬مصــادر االلتـزام‪ ,‬ج‪ ,1‬دار النهضــة العربيــة‪ ,‬القاهـرة‪,2011 ,‬‬
‫ص‪.68‬‬
‫(‪ )93‬د‪ .‬ﻋﻠﻲ ﻓﻴﻼلي‪ ،‬ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻌﻘﺪ‪ ،‬االلتزامات‪ ,‬مصدر سابق‪ ,‬ص‪.60-59‬‬
‫(‪ )94‬م‪ ) 2-167( /‬مدنــي ع ارقــي « اذا تــم العقــد بطريــق االذعــان وكان قــد تضمــن شــروطا تعســفية جــاز للمحكمــة ان تعــدل‬
‫هــذه الشــروط او تعفــي الطــرف المذعــن منهــا وذلــك وفقــا لمــا تقتضــي بــه العدالــة ويقــع باطــا كل اتفــاق علــى خــاف ذلــك‪.‬‬

‫‪186‬‬
‫عقد الوساطة المالية في سوق االوراق المالية‬ ‫الملف القانوني‬

‫يمكــن للطــرف اآلخــر ان يســتغني عنهــا(‪ ((9‬ويذعــن احــد االطـراف للشــروط التــي يتــم امآلهــا‬
‫مجلة كلية القانون والعلوم السياسية العدد (‪)8‬‬

‫عليــه مــن الطــرف االخــر‪ ,‬اذعانــا جعــل المشــرع يتدخــل لحمايتــه بنصــوص خاصــة‪ ,‬تعكــس‬
‫تســميتها « االذعــان « جــاء االضطـرار للقبــول‪ ,‬الــذي يمثــل ســمة بــارزة فــي هــذا النــوع مــن‬
‫العقــود‪ ,‬وبذلــك فهــي نقيــض لعقــد المســاومة‪ ,‬الــذي ينتــج عــن رضــاء واختيــار‪ ,‬ويعبــر عــن‬
‫ارادة مشــتركة لــكال المتعاقديــن‪ ,‬ال ارادة احدهمــا الفرديــة‪ ,‬وهــو بذلــك يمثــل النمــوذج التقليــدي‬
‫للعقــود‪ ,‬نظـ ار للحريــة الكاملــة التــي يتمتــع بهــا كال طرفيــه فــي وضــع شــروطه وبنــوده‪ ,‬وامكانية‬
‫مناقشــة العــروض التــي يقدمهــا المتعاقــد الثانــي(‪ ((9‬وخضوعهــا للقواعــد العامــة‪ ,‬ومنهــا قاعــدة‬
‫« العقــد ش ـريعة المتعاقديــن « لذلــك ال يملــك القاضــي تعديــل احــد شــروطها او اعفــاء احــد‬
‫المتعاقديــن منهــا‪ ((9(.‬والشــك فيهــا يــوؤل لمصلحــة المديــن (‪ ((9‬بخــاف عقــود االذعــان التــي‬
‫يــؤول الشــك فيهــا لمصلحــة الطــرف المذعــن(‪ ((9‬وتكــون مجــاال رحبــا للشــروط التعســفية‪ ,‬التــي‬
‫قــد ال تخلــو منهــا بعــض عقــود المســاومة ايضــا‪ .‬وينتــج عنهــا اختــال فــي الت ـوازن بالنظــر‬
‫للمركــز االقتصــادي والقــوة التــي يملكهــا احــد المتعاقديــن‪ ,‬والتــي يســتطيع مــن خاللهــا فــرض‬
‫شــروطه علــى الطــرف االخــر(‪ ((10‬وســنبحث فــي اهــم العوامــل التــي تقيــد مــن حريــة التعاقــد‬
‫فــي عقــد الوســاطة فــي ســوق االوراق الماليــة‪.‬‬

‫الفرع االول‪ :‬أثر التقنين في عقد وساطة االوراق المالية‬


‫وعندما‬ ‫تعتبــر مهنــة الوســاطة فــي ســوق االوراق المالية مــن النشــاطات المقننة‬
‫((‪((10‬‬

‫اصبحــت بهــذا الوصــف وســيطر عليهــا مجموعــة مــن االشــخاص تــم اعتمادهــم بشــكل‬
‫خــاص لهــذا الغــرض‪ ,‬اي يحتكــرون هــذه المهنــة‪ .‬بــرزت مســألة امكانيــة اعتبــار عقــد‬
‫الوســاطة فــي ســوق االوراق الماليــة مــن عقــود االذعان(‪((10‬التــي يحــدد فيهــا المشــرع‬
‫(‪ )95‬م ‪ 166/‬من القانون المدني العراقي‪.‬‬
‫(‪ )96‬م‪ ) 3- 167 ( /‬مدنــي ع ارقــي « وال يجــوز ان يكــون تفســير العبــارات الغامضــة فــي عقــود االذعــان ضــا ار بمصلحــة‬
‫الطــرف المذعــن ولــو كان دائنــا»‪.‬‬
‫(‪ )97‬م‪ )1-167( /‬مدنــي ع ارقــي « القبــول فــي عقــود االذعــان ينحصــر فــي مجــرد التســليم بمشــروع عقــد ذي نظــام مقــرر‬
‫يضعــه الموجــب وال يقبــل فيــه مناقشــة‪.‬‬
‫(‪ )98‬النشــاطات المقننــة هــي تلــك التــي تخضــع للقيــد فــي الســجل التجــاري‪ ,‬والتــي كثيـ ار مــا تعنــى بالم ارفــق ذات الطابــع الخدمــي‪,‬‬
‫كالخدمــات المقدمــة فــي مجــال التعامــات المصرفيــة والماليــة‪ ,‬التأميــن‪ ,‬الصيدلــة‪ ,‬اس ـواق االوراق الماليــة وغيرهــا‪.....‬اذ ان‬
‫طبيعتهــا ومضمونهــا تتطلــب وجــود شــروط خاصــة لممارســتها‪ ,‬وان تصنيفهــا فــي هــذا االطــار يعــود لوجــود مصالــح جوهريــة‬
‫تســتوجب تنظيمــا قانونيــا وتقنيــا مناســبا‪ .‬وتتمتــع العقــود التــي تبــرم فــي هــذا األطــار بنظــام اســتثنائي للحقــوق وااللت ازمــات‪ ,‬عندمــا‬
‫يتدخــل المشــرع والهيئــات المخولــة صالحيــة ضبــط النشــاط‪ ,‬تنظيــم هــذه الحقــوق وعــدم تركهــا الرادة االطـراف المتعاقــدة‪ ,‬لتحقيــق‬
‫مصالــح مشــتركة تتمثــل بالحفــاظ علــى المصلحــة العامــة مــن جهــة وحمايــة مصلحــة العميــل طالــب الخدمــة مــن تعســف مقدمهــا‪,‬‬
‫فضــا عــن اعمــال معيــار الضــرورة االقتصاديــة لتحقيــق العقــد‪ .‬د‪ .‬زاينــة زيــت وازو‪ ,‬المركــز القانونــي للمســتهلك فــي مواجهــة‬
‫قواعــد االنشــطة المقننــة ‪ :‬د ارســة تطبيقيــة فــي المجــال المصرفــي والمالــي‪ .‬بحــث منشــور فــي مجلــة الحقــوق والحريــات‪ ,‬جامعــة‬
‫مولــود معمــري – تيــزي وزو‪ ,‬الجزائر‪,‬العــدد ال اربــع‪ ,‬نيســان ‪ ,2017‬ص‪.656‬‬
‫(‪ )99‬د‪ .‬ابو طالب صالح امين‪ ,‬دور شــركات السمسـرة في بيع االوراق المالية‪ ,‬د ارســة مقارنة في القانون المصري والفرنســي‪,‬‬
‫دار النهضة العربية‪ ,‬القاهرة‪ ,1995 ,‬ص‪.10-9‬‬
‫(‪ )100‬تواتــي نصيــر‪ ,‬المركــز القانونــي للوســيط فــي بورصــة القيــم المنقولــة‪ ,‬المجلــة االكاديميــة للبحــث القانونــي‪ ,‬عــدد خــاص‪,‬‬
‫بجايــة‪ ,‬الج ازئــر‪ ,2017 ,‬ص‪ 116‬و ‪.129‬‬
‫(‪ )101‬فلــة مكــي‪ ,‬حمايــة الطــرف الضعيــف فــي عقــد االســتهالك‪ ,‬اطروحــة دكتــوراه‪ ,‬كليــة الحقــوق‪ ,‬جامعــة الج ازئــر ‪,2016 ,1‬‬
‫ص‪.5‬‬
‫(‪ )102‬احمد بعجي‪ ,‬تأثير التوجيه التشريعي على النظرية العامة للعقد‪ ,‬مصدر سابق‪ ,‬ص‪.324‬‬

‫‪187‬‬
‫الملف القانوني‬ ‫عقد الوساطة المالية في سوق االوراق المالية‬

‫صفــة المتعاقــد المطلــوب فــي العقــد‪ ,‬وهــو الوســيط الــذي اوجــب ان تتمثــل صفتــه فــي‬
‫احــدى الشــركات التــي نــص عليهــا البنــد‪ 1/‬مــن القســم ‪ 5‬مــن القانــون المؤقــت الســواق‬
‫االوراق الماليــة‪ .‬اي ان المشــرع حــدد وحصــر صفــة المتعاقــد في تعامــات االوراق المالية‬
‫المؤهلــة لمزاولــة النشــاط الــذي اســبغ عليــه المشــرع صفــة الوســيط‪ ,‬فتكــون هــذه الصفــة‬
‫هــي التــي يتــم التعاقــد معهــا‪ .‬وهــذه الصفــة ال يمكــن االســتغناء عنهــا‪ ,‬الن اجــراء التعامالت‬
‫الخاصــة بتــداول االوراق الماليــة دون المــرور او االســتعانة بالوســيط مصيرهــا البطــان‪,‬‬
‫(‪((10‬‬
‫نظــرا لمــا تملكــه هــذه الصفــة مــن خبــرة ودرايــة وكفــاءة الزمــة فــي هــذا المجــال‬
‫وعقــد الوســاطة فــي ســوق االوراق الماليــة يخضــع لنظــام قانونــي مــزدوج‪ ,‬اولهمــا‬
‫مــا يتعلــق بتلبيــة المصالــح الخاصــة الطــراف التعاقــد‪ ,‬ويتمثــل بالصفــة الرضائيــة التــي‬
‫يتمتــع بهــا مــن خــال خضوعــه الحــكام القانــون الخــاص (القانــون المدنــي والقانــون‬
‫التجــاري)‪ ,‬وثانيهمــا يتمثــل بقانــون الســوق الــذي يهــدف الــى تحقيــق تــوازن بيــن مصلحــة‬
‫الدولــة والمصالــح االقتصاديــة التــي يهــدف اليهــا التعاقــد‪.‬‬
‫مــن كل مــا ســبق‪ ,‬يظهــر لنــا ان مهنــة الوســاطة فــي ســوق االوراق الماليــة تــم‬
‫تأطيرهــا باطــار قانونــي خــاص تُدخــل المشــرع فــي تنظيمــه بقــوة‪ ,‬فكانــت النصــوص‬
‫القانونيــة التــي تتعلــق باحتــكار المهنــة مــن طــرف الوســطاء وبيان النظــام القانونــي الخاص‬
‫بهــم‪ ,‬وان مــا تبقــى مــن تنظيــم احالــه المشــرع الــى الهيئــات العاملــة فــي الســوق‪ .‬لذلــك فــان‬
‫حريــة اختيــار بنــود العقــد التــي يرغــب فيهــا العميــل عنــد تعاقــده مــع الوســيط تــكاد تكــون‬
‫محــدودة بقــدر كبيــر‪ ,‬ومــن ثــم يقتــرب هــذا العقــد مــن عقــد االذعــان لمصلحــة الوســيط‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أثر المصلحة المالية واالقتصادية في عقد وساطة االوراق المالية‬
‫لقــد اظهــر التقــدم االقتصــادي الــذي شــهده العالــم حالــة عــدم تســاوي فــي المراكــز‬
‫القانونيــة‪ ,‬وقــد بــدت عــدم المســاواة هــذه بشــكل واضح فــي القــوى االقتصاديــة واالجتماعية‬
‫بيــن المتعاقديــن مــن خــال التعاقــدات التــي تبــرم بيــن االشــخاص والشــركات العمالقــة التي‬
‫تحتكــر ســلعة او خدمــة مــا بشــكل واقعــي او قانونــي‪ ,‬عندمــا لجــأت الــى فــرض شــروط‬
‫علــى هــؤالء االشــخاص الراغبيــن بالتعاقــد دون حريــة فــي مناقشــتها‪ ,‬وبذلــك تصــدع مبــدأ‬
‫عــد مــن اهــم مبادئه(‪((10‬واصبحــت التعامــات‬ ‫ســلطان االرادة الــذي جســد حريــة التعاقــد و ُ‬
‫االقتصاديــة خصوصــا مــا يتعلــق منهــا بالمجــاالت الماليــة والمصرفيــة مــن النشــاطات‬
‫المنظمــة والموجهــة مــن حيــث الصفــة التــي يتمتــع بهــا االطــراف‪ ,‬فالمشــرع حــدد التعاقــد‬
‫مــع الشــخص المناســب‪ ,‬فمــن يرغــب بالتعاطــي بــاالوراق الماليــة عليــه ان يتــرك حريتــه‬
‫التعاقديــة جانبــاً‪ ,‬ويلجــأ الــى الصفــة التــي حددهــا المشــرع فــي المصــرف اوالمؤسســة‬
‫الماليــة‪ ((10(.‬فاصبــح للــوزن المالــي واالهميــة االقتصاديــة فــي العقــد دورا مهمــا فــي تحديــد‬
‫المركــز القانونــي للمتعاقــد‪ ,‬فقــوة هذيــن العامليــن تطغــى علــى صفــة الرضائيــة‪ ,‬فتظهــر‬
‫‪(103) Ripert (G) la régle morale dans les obligations civiles,4éd ,LGDJ ,1949 ,n 57 , p 77‬‬
‫(‪ )104‬ليندة شامبي‪ ,‬االئتمان المصرفي‪ ,‬اطروحة دكتوراه‪ ,‬كلية الحقوق‪ ,‬جامعة الجزائر ‪ ,2011 ,1-‬ص‪ 32‬و ‪.43‬‬
‫(‪ )105‬فــي فرنســا وفــي ظــل قانــون ‪ 22‬ك‪ 2‬لســنة ‪ 1988‬احتفــظ المشــرع لشــركات البورصــة باالحتــكار التقليــدي الــذي كان‬
‫لسماس ـرة االوراق الماليــة الرســميون ‪ . Agent de change‬د‪ .‬عصــام احمــد البهجــي‪ ,‬الموســوعة القانونيــة لبورصــة االوراق‬
‫الماليــة فــي التش ـريعات العربيــة‪ ,‬مصــدر ســابق‪ ,‬ص‪.704‬‬

‫‪188‬‬
‫عقد الوساطة المالية في سوق االوراق المالية‬ ‫الملف القانوني‬
‫ارادتــه فــي شــروط التعاقــد‪ ,‬وعندمــا تضعــف يقتــرب العقــد مــن صفــة االذعــان ويشــكل‬
‫مجلة كلية القانون والعلوم السياسية العدد (‪)8‬‬

‫فيــه المتعاقــد الطــرف المذعــن‪.‬‬


‫مــع ذلــك ذهــب االســتاذ ‪ Ripert‬الــى عــدم كفايــة المعيار االقتصــادي لوحــده لتحديد‬
‫فكــرة االذعــان‪ ,‬اذ انــه قائــم فــي كل االزمنــة واالمكنــة‪ ,‬وان التفــاوت فــي الدرجــة فحســب‬
‫(‪((10‬‬
‫هــو مــا يترتــب عليــه‬
‫وبالنظــر الــى تعامــات الســوق الماليــة‪ ,‬فــان اهــم النشــاطات التــي يتدخــل فيهــا‬
‫الوســطاء فــي مجــال تــداول االوراق الماليــة هــي عمليــة التفــاوض عليهــا لحســاب الغيــر‪,‬‬
‫اذ انهــا تلعــب دورا كبيــرا فــي الحيــاة االقتصاديــة‪ ,‬ممــا تطلــب ان يكــون هنــاك حاجــة‬
‫لتنظيمهــا مــن خــال اطــار قانونــي لحمايــة التدخــل الــذي يحصــل مــن الوســطاء بالنيابــة‬
‫عــن اصحــاب هــذه االوراق‪ ,‬بوضــع قواعــد قانونيــة تنظــم هــذا النشــاط‪ .‬فهــذا التدخــل‬
‫يتســبب بالعديــد مــن المخاطــر قــد يتحملهــا هــؤالء الوســطاء او المتعاقديــن معهــم او‬
‫الســوق وحســابات العمــاء الذيــن اودعــوا ســنداتهم ونقودهــم‪.‬‬
‫لذلــك جعــل المشــرع وظيفــة كل مــن المصــرف والمؤسســة الماليــة محــددة مــن‬
‫خــال توجيــه النشــاط شــكال واشــخاصاً‪ ,‬فيقتصــر النشــاط علــى مــن يكتســب صفــة‬
‫المصــرف ويمنــع غيــره مــن القيــام بــه‪ ,‬فضــا عــن المعيــار الموضوعــي فــي مزاولــة‬
‫نشــاط التــداول فــي ســوق االوراق الماليــة‪ ,‬لخدمــة المصلحــة االقتصاديــة العامــة‪ ,‬بحســن‬
‫اختيــار الشــخص او المتعاقــد بمواصفــات قانونيــة تســبغ عليــه صفــة المؤسســة الماليــة او‬
‫(‪((10‬‬
‫المصــرف‪.‬‬
‫ونظــرا للحساســية والتعقيــد التــي يتميــز بهــا نشــاط الوســيط فــي ســوق االوراق‬
‫الماليــة لدقــة وخطــورة هــذا التعامــل‪ ,‬فــان تحديــد ســعر الورقــة الماليــة‪ ,‬علــى ســبيل‬
‫المثــال‪ ,‬يخضــع لصعوبــة فــي تقديــر المخاطــر الشــديدة االحتمــال التــي يمكــن ان تلحــق‬
‫بهــا‪ ,‬لذلــك يكــون االحتــكار امــرا البــد منــه‪ .‬فــا يكــون التوســط فــي تــداول االوراق‬
‫الماليــة اختياريــا بحيــث يشــكل حقــا للمتعامليــن فــي اللجــوء اليــه مــن عدمــه‪ ,‬بــل ان وجــود‬
‫الوســيط فــي الســوق الماليــة يٌعــد أمــرا الزاميــا فرضــه القانــون‪ ,‬فدخــول الوســيط قاعــة‬
‫التــداول يكــون حكــرا علــى هــذه الفئــة‪ ,‬واذا تــم التعاقــد بدونهــم فــان التصــرف يكــون‬
‫(‪((10‬‬
‫مصيــره البطــان‪.‬‬
‫نســتنتج ممــا ورد اعــاه‪ ,‬ان عقــد الوســاطة فــي االوراق الماليــة يتميــز باحــكام‬
‫خاصــة بوصفــه مــن المهــن المقننــة تكــرس التزامــات اســتثنائية‪ ,‬اوجدهــا المشــرع تحقيقــا‬
‫للمصلحــة االقتصاديــة فــي العقــد‪ ,‬ومــن ثــم فــان هــذه االحــكام تشــكل قيــدا ً علــى حريــة‬
‫العميــل فــي التفــاوض علــى شــروط العقــد‪.‬‬

‫(‪ )106‬د‪ .‬محمــد صديــق محمــد عبــد هللا‪ ,‬موضوعيــة االرادة التعاقديــة‪ ,‬د ارســة تحليليــة مقارنــة‪ ,‬دار شــتات للنشــر والبرمجيــات‪,‬‬
‫مصــر‪ -‬االمــارات‪ ,2012 ,‬ص‪ 267‬و ‪.493‬‬
‫‪(107) P. Alain Foriers, Espaces de liberté en droit des contrats , séminaire organise à liége, les‬‬
‫‪espaces de liberté en droit des affaires, la faculté de droit de liége,2007, p 40 et 41‬‬
‫(‪ )108‬شامبي ليندة‪ ,‬االئتمان المصرفي‪ ,‬مصدر سابق‪ ,‬ص‪.289‬‬

‫‪189‬‬
‫الملف القانوني‬ ‫عقد الوساطة المالية في سوق االوراق المالية‬

‫الفــرع الثالــث‪ :‬أثــر العالقــة التنظيميــة واثرهــا فــي الحــد مــن العالقــة العقديــة فــي عقــد‬
‫الوســاطة‬
‫بعــض المهــن تتميــز بطبيعــة خاصــة تمــس النظــام العــام وتحقيــق المصلحــة العامــة‪,‬‬
‫ومــن ثــم فــان األمــر يقتضــي تنظيمهــا مــن المشــرع بصــورة آمــرة بحيــث ال تتــرك حريــة‬
‫واســعة الطــراف العقــد‪ ,‬بــل تقيــد بحــدود معينــة‪ ,‬ومنهــا تلــك التعامــات التــي تجــري‬
‫فــي ســوق االوراق الماليــة وقطــاع التاميــن والنشــاطات التجاريــة الخاصــة باالســتثمار‬
‫والــوكاالت الســياحية وغيرهــا‪ ,‬فالكثيــر مــن هــذه االنشــطة اصبحــت ســوقا رائجة‪ ,‬وشــملتها‬
‫التقنيــة االلكترونيــة فــي االبــرام‪ ,‬فهــي تخضــع مــن حيــث شــروطها والقائميــن عليهــا الــى‬
‫تنظيــم خــاص‪ ,‬ومــن ثــم يُعــد باطــا كل تعامــل يجــري خالفــا لهــذا التنظيــم‪ ,‬تبريــرا لفكــرة‬
‫التضامــن االجتماعــي التــي يحتاجهــا المجتمــع‪ ,‬وتهــدف الــى حمايــة الطــرف الضعيــف فــي‬
‫العقــد‪.‬‬
‫والحريــة فــي اختيــار المتعاقــد تكــون مــن خــال وجــود التــزام قانونــي بالتعاقــد‪,‬‬
‫فيظهــر الوســيط باعتبــاره طرفــا معروفــا فــي العالقــة التعاقديــة‪ ,‬هــذا االلتــزام بالتعاقــد‬
‫مــع اشــخاص محدديــن‪ ,‬يظهــر بصــورة اساســية فــي قطــاع الســوق الماليــة الــذي يخضــع‬
‫للرقابــة والضبــط مــن قبــل الهيئــات المشــكلة فيــه‪ ,‬فيلجــأ المســتثمر او العميــل الــى‬
‫المصــارف والمؤسســات الماليــة التــي تحتكــر عمــل الوســاطة‪ ,‬فيجــد نفســه ملزمــا بالتعاقــد‬
‫علــى شــروط محــددة مســبقا‬
‫والوســائل التــي تســتند اليهــا الســلطات العامــة فــي مجــال فــرض رقابتهــا علــى‬
‫االنشــطة والمجــاالت المختلفــة هــي معيــار صفــة المتعاقــد‪ ,‬النهــا تحمــل فــي طياتهــا‬
‫مؤسســات تحقــق لــادارة اســتيفاء الشــروط الضفــاء صفــة المتعاقــد عليهــا‪ ,‬كمــا هــو حــال‬
‫المصــارف والمؤسســات الماليــة‪.‬‬
‫ونظــرا للمركــز المتميــز الــذي يتمتــع بــه العميــل فــي مجــال ســوق االوراق الماليــة‬
‫نتيجــة خضوعــه لقواعــد قانونيــة خاصــة تدخــل المشــرع فــي تنظيمهــا وتأطيرها‪ ,‬مما اســبغ‬
‫علــى العالقــة بيــن الوســيط وعميلــه نظــام العقــد االســتثنائي‪ ,‬و يالحــظ علــى هــذه العالقــة‬
‫ان الســمة الغالبــة عليهــا هــي تدخــل المشــرع فــي فــرض ارادتــه بحيــث اصبحــت ســائدة‬
‫علــى ارادة االطــراف‪ ,‬مــن خــال الصالحيــات الممنوحــة للهيئــات فــي ســوق االوراق‬
‫الماليــة والتــي قيــدت مــن حريــة العميــل بهــدف حمايــة المصلحــة العامــة للمتعاقديــن‪ ,‬مــع‬
‫ضمــان ســامة الخدمــة التــي يقدمهــا الوســيط فــي هــذا النــوع مــن المرافــق‪ ,‬ومــن ثــم يتحقق‬
‫التــوازن بيــن المصلحــة العامــة المتعلقــة بالجوانــب الماليــة للمرفــق ومصلحــة المتعاقديــن‪.‬‬
‫فالتعامــات التــي تجــري فــي هــذا المجــال تمــس مصلحــة اقتصاديــة جوهريــة للدولــة ومــن‬
‫ثــم تؤثــر فــي النظــام االقتصــادي لهــا‪.‬‬
‫ان كل مــا ورد فــي اعــاه مــن عوامــل تقــرب عقــد الوســاطة فــي ســوق االوراق‬
‫الماليــة مــن عقــد اذعــان‪ ,‬اال ان شــروط تحقــق االخيــر غيرمكتملــة‪ ,‬فشــرط كــون الســلعة‬
‫او الخدمــة ضروريــة للمتعاقــد وليــس لــه امكانيــة االســتغناء عنهــا‪ ,‬فــان هــذه الخدمــة‬
‫االســتثمارية التــي يقدمهــا الوســيط تعتمــد علــى رغبــة الشــخص وقبوله بشــروطها المســبقة‪,‬‬

‫‪190‬‬
‫عقد الوساطة المالية في سوق االوراق المالية‬ ‫الملف القانوني‬
‫وقــد يترتــب عليهــا تحقيــق اربــاح او تكبــد خســائر‪ ,‬ومــن ثــم فــان مــن ال يرغــب فــي‬
‫مجلة كلية القانون والعلوم السياسية العدد (‪)8‬‬

‫مزاولتهــا فانــه يســتطيع ان يبحــث عــن مجــاالت اســتثمار اخــرى‪ ,‬لذلــك تنتفــي صفــة‬
‫االذعــان عــن عقــد الوســاطة فــي االوراق الماليــة‪ ,‬وبذلــك ال ســلطة للقاضــي فــي موضــوع‬
‫تعديــل بنــوده‪.‬‬

‫‪191‬‬
‫الملف القانوني‬ ‫عقد الوساطة المالية في سوق االوراق المالية‬

‫اخلامتة‬
‫ان نشــاط الوســاطة فــي ســوق االوراق الماليــة يمثــل قطاعــا اقتصاديــا هامــا فــي الدولــة‬
‫لــه طبيعــة خاصــة لذلــك لــم يســمح المشــرع باطــاق مبــدا ســلطان االرادة بشــكل تــام‪ ,‬اليجــاد‬
‫ت ـوازن بيــن العالقــة التعاقديــة التــي تربــط المســتثمر بالوســيط فــي عقــود الوســاطة فــي ســوق‬
‫االوراق الماليــة و المصالــح االقتصاديــة التــي تمثلهــا هيئــات الرقابــة والضبــط المخولــة داخــل‬
‫الســوق‪ ,‬لتحقيــق ب ارمــج التنميــة الوطنيــة‪ .‬وبنــاء علــى مــا ورد فــي اعــاه توصلنــا بحمــده وتوفيقــه‬
‫تعالــى الــى النتائــج والتوصيــات االتيــة ‪:‬‬
‫اوال‪ .‬النتائج‪:‬‬
‫‪1.1‬الوســاطة في ســوق االوراق المالية تمثل مهنة تجارية منظمة بشــكل انابة اجبارية‬
‫يمارســها شــخص معنــوي يضمــن تنفيذهــا لمصلحــة عميلــه المســتثمر‪ ,‬يتعاقــد مــن‬
‫خاللهــا الوســيط مــع عميلــه المســتثمر لتفويضــه صالحيــة تنفيــذ المعامــات داخــل‬
‫الســوق‪ ,‬او اتخــاذ ق ـرار للتصــرف بــاالوراق الماليــة او صالحيــة مســك حســاباتها‬
‫وحفظهــا‪.‬‬
‫‪2.2‬ان اختــاف الثقافــات القانونيــة للمتفاوضيــن جعــل عمليــة التفــاوض بحاجــة الــى‬
‫ثقافــات قانونيــة متينــة‪ ,‬واســتدعى تدخــل وســطاء اصحــاب اختصــاص وقــدرات فنيــة‬
‫وخبـرات علميــة تعمــل علــى تذليــل الصعوبــات والتعقيــدات‪ ,‬ومــن ثــم امكانيــة تقديــم‬
‫االستشــارة لــكال طرفــي التعاقــد فــي التعامــات المختلفــة او اج ـراء التفــاوض بيــن‬
‫الطرفيــن فــي عمليــات التعاقــد الضخمــة ذات الطبيعــة المعقــدة‪ ,‬فضــا عــن حمايــة‬
‫المســتثمرين العمــاء مــن اســتغالل المضاربيــن المحترفيــن‪.‬‬
‫‪3.3‬ان المركــز القانونــي للوســيط وفقــا للعقــد المبــرم مــع العميــل‪ ,‬يفــرض عليــه تنفيــذ‬
‫العقــد بــكل امانــة وان يبــذل العنايــة المطلوبــة فــي ذلــك‪ ,‬وان عــدم التنفيــذ قــد يتســبب‬
‫بمخاطــر للعميــل‪ ,‬وذلــك يتطلــب توفيــر الحمايــة القانونيــة لــه‪ ,‬مــن خــال تنظيــم‬
‫العالقــة بيــن الطرفيــن للتعامــات التــي تجــري فــي الســوق‪.‬‬
‫‪4.4‬ﻣﻬﻨﺔ اﻟﻮﺳﺎﻃﺔ ﻋﺎدة مــا تمارســها ﺸﺮكات ﺘﺠﺎرﻳﺔ متخصصــة لهــذا الغــرض‪,‬‬
‫او المصــارف او شــركات اﻟﺘﺄﻣﻴﻦ واﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ اﻷﺧﺮى‪ .‬والمشــرع الع ارقــي‬
‫تــرك مســألة تنظيــم الوســاطة فــي عمليــات ســوق المــال للجنــة تنظيــم العمليــات فيهــا‬
‫ومراقبتهــا بمــا لديهــا مــن ســلطة لســن االنظمــة فــي هــذا المجــال‪ ,‬وذلــك مــن افضــل‬
‫الضمانــات لغــرض تأميــن حمايــة حقــوق االســتثمار‪.‬‬
‫‪5.5‬اختلفــت االراء الفقهيــة فــي تكييــف عقــد الوســاطة فــي ســوق االوراق الماليــة بيــن‬
‫اتجاهــات متعــددة‪ ,‬غلــب عليهــا االتجــاه الــذي اعتبـره عقــد وكالــة بالعمولــة‪ ,‬ثــم ظهــر‬
‫اتجــاه اعتب ـره عقــد يجمــع بيــن عقــد االوكالــة والمقاولــة‪ ,‬وهنــاك فــي الفقــه الفرنســي‬
‫مــن اســبغ عليــه اوصــاف متعــددة طبقــا للمهمــة التــي يقــوم بأدائهــا الوســيط‪.‬‬
‫‪6.6‬يحتــل مبــدأ ســلطان االرادة اهميــة فــي انشــاء العقــود التــي تقــوم علــى اســاس‬
‫الت ارضــي بيــن الطرفيــن‪ ,‬لكــن ظهــور انشــطة يحتكرهــا مهنييــن متخصصييــن‬

‫‪192‬‬
‫عقد الوساطة المالية في سوق االوراق المالية‬ ‫الملف القانوني‬

‫اصحــاب م اركــز ماديــة وماليــة قويــة‪ ,‬فضــا عــن ظهــور العقــود النموذجيــة التــي‬
‫مجلة كلية القانون والعلوم السياسية العدد (‪)8‬‬

‫يمتلكهــا هـؤالء تســبب فــي ت ارجــع تدريجــي لهــذا المبــدأ‪ ,‬ولــم يبقــى امــام المتعامــل‬
‫معهــم اال الرضــوخ لهــا بكاملهــا او رفضهــا جملــة‪.‬‬
‫‪7.7‬تبقــى الرضائيــة فــي عقــود االعمــال واالقتصــاد ومنهــا عقــد الوســاطة الماليــة‬
‫حجــر زاويــة للمصالــح االقتصاديــة التــي تمثلهــا‪ .‬لكــن العقــود النموذجيــة التــي‬
‫تُعــدة مســبقا مــن هيئــاة الســوق والتــي تتضمــن بنــودا اجباريــة‪ ,‬ال يســتطيع العميــل‬
‫مناقشــتها‪ ,‬خالفــت بهــا النظريــة العامــة للعقــد فيمــا يخــص حريــة التعاقــد واختيــار‬
‫المتعاقــد وتحديــد مضمــون العقــد‪.‬‬

‫التوصيات‪:‬‬
‫‪1.1‬نأمــل مــن مشــرعنا الع ارقــي ان يتنــاول عقــد الوســاطة فــي ســوق االوراق الماليــة‬
‫بالتنظيــم القانونــي بــان يضــع لــه تعريفــا شــامال مــع اعــادة صياغــة للعديــد مــن‬
‫الم ـواد فــي تعليمــات التــداول مــن خــال اصــدار قانــون جديــد خــاص بســوق‬
‫االوراق الماليــة يعالــج القصــور الــذي شــاب نصــوص القانــون رقــم ‪ 74‬لســنة‬
‫‪.2004‬‬
‫‪2.2‬اداراج نــص صريــح بخصــوص ضمــان الوســيط للتعامــل المــوكل بــه مــن المتعاقــد‬
‫معه‪.‬‬
‫‪3.3‬توفيــر وعــي اســتثماري لالف ـراد لتعزيــز ثقتهــم بســوق االوراق الماليــة مــن اجــل‬
‫توظيــف اموالهــم فضــا عــن تســهيل اج ـراءات الدخــول الــى الســوق‪.‬‬
‫‪4.4‬تدخــل المشــرع للنــص علــى ابطــال التصرفــات التــي تتــم خالفــا لتعليمــات الســوق‪,‬‬
‫وعــدم تــرك االمــر لســلطة الســوق االداريــة‪.‬‬

‫‪193‬‬

You might also like