‫مدخل مفاهيمي لألسواق المالية‬

‫أصبح موضوع األسواق املالية حيظى باهتمام بالغ وذلك ملا تقوم به من دور يف جلب املدخرات وتوجيهها‬
‫حنو قطاعات ومؤسسات استثمارية تعمل على خلق الثروة‪ ،‬وحتقيق الرفاهية للمجتمع خاصة إذا حتقق هبا شرط‬
‫الكفاءة‪ ،‬من هذا املنطلق‪ ،‬يهدف هذا الفصل إىل اإلحاطة مبختلف اجلوانب املتعلقة باألسواق املالية بداية من‬
‫مفهومها ومكوناهتا‪ ،‬أمهيتها ووظائفها‪ ،‬أركاهنا‪ ،‬آليات تنظيمها ومنط تشغيلها‪ ،‬مؤشراهتا‪ ،‬وكفاءاهتا‪.‬‬
‫‪.1‬مفهوم السوق المالية‪:‬‬
‫اصطالحا يعين تعامل أو‬
‫ً‬ ‫يتكون مصطلح السوق املالية من شقني األول السوق والثاين املال‪ ،‬فالسوق‬
‫صفقات بني متعاملني ولكي يكون هناك سوق البد من توفر ثالث مكونات أساسية هي‪ :‬الطرفني‪ ،‬موضع البيع‬
‫أو الشيء املراد بيعه‪ ،‬والثمن أو السعر أو وحدة التبادل‪ .‬أما املال فيعين كل ما ميلكه الفرد‪ ،‬ميكن أن ينتفع به من‬
‫خالل عرضه يف السوق وحتديد مثنه‪.1‬‬
‫أما مصطلح السوق املالية قد وردت له عدة تعاريف أمهها‪:‬‬
‫‪ -‬تعرف السوق املالية على أهنا أداة هامة لتوفري وتقدمي األنشطة املختلفة‪ ،‬وذلك من خالل الدور األساسي لكل‬
‫املؤسسات املالية واليت تتلخص وظائفها األساسية يف شقني األول تعبئة املدخرات‪ ،‬والثاين توجيه هذه املدخرات أو‬
‫‪2‬‬
‫املوارد لتلبية احتياجات األنشطة املختلفة‪.‬‬
‫‪-‬كما عرف السوق املالية على أنه "نظام يتم مبوجبه اجلمع بني البائعني واملشرتين ألصل ما‪ ،‬حيث ميكن املتعاملني‬
‫‪3‬‬
‫من بيع وشراء عدد من األسهم والسندات داخل السوق سواء عن طريق السماسرة أو الشركات العاملة أم غريها"‪.‬‬
‫‪-‬السوق املالية هو" سوق منظم يقام يف مكان ثابت ويتوىل إدارته واإلشراف عليه هيئة هلا نظامها اخلاص‪ ،‬حتكمه‬
‫لوائح وقوانني وأعراف وتقاليد‪ ،‬يضم املتعاملون يف األوراق املالية من الراغبني يف االستثمار لالستفادة من تقلبات‬
‫األسعار‪ ،‬تنعقد جلسته يف أوقات حمددة‪ ،‬حيث يقوم الوسطاء املاليون بتنفيذ أوامر البائعني واملشرتين اخلاصة بالبيع‬
‫‪4‬‬
‫والشراء"‬

‫ص‪1‬‬ ‫علي بن الضب‪ ،‬حممد شيخي( ‪ ،)2017‬االقتصاد القياسي املايل وتطبيقاته يف األسواق املالية‪ ،‬دار احلامد للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫‪.36‬‬
‫عبد الغفار حنفي‪ ،‬درسيه قريقاص(‪ ،)2001‬السوق واملؤسسات ملالية‪ ،‬جامعة اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬ص‪2 .213‬‬

‫ص‪3.18‬‬ ‫عصام حسني (‪ ،)2010‬أسواق األوراق املالية‪ ،‬دار أسامة‪ ،‬األردن‪،‬‬

‫حسني بين هاين(‪ ،)2002‬األسواق املالية‪ ،‬طبيعتها تنظيمها‪ ،‬أدواهتا املشتقة‪ ،‬دار املكتبة الوطنية‪ ،‬األردن‪ ،‬ص‪4.3‬‬
 ‫‪ -‬السوق املالية هي وسيلة (تنفي فيها شرط املكان)‪ ،‬يلتقي خالهلا املشرتون والبائعون والوسطاء واملتعاملون‬
‫واآلخرون واإلداريون وتعامل هذه السوق يف األصول واألدوات املالية قصرية األجل كاألوراق التجارية وأذونات‬
‫اخلزينة‪ ،‬وطويلة األجل كاألسهم والسندات‪ ،‬تعد سوق النقد وسوق رأس املال الرافدين األساسني هلذه السوق‪،‬‬
‫دورا بالغ األمهية يف إحداث التوازن املايل واالقتصادي‬
‫ومتارس هذه السوق من خالل بعض مؤسساهتا القائدة ً‬
‫واحلفاظ على االستقرار النقدي‪ .‬فضالً عن كوهنا آلية مهمة يف تعبئة وإستقطاب املدخرات وحتريك رؤوس األموال‬
‫‪5‬‬
‫من القطاعات ذات الطاقة التمويلية الفائضة إىل القطاعات ذات العجز يف املوارد املالية"‬

‫‪ .2‬أهمية ووظائف السوق المالية‪:‬‬

‫‪6‬‬
‫على العموم فإن األسواق املالية تؤدي وظيفتني أساسيتني‬
‫‪ ..1.2‬الوظيفة االقتصادية‪:‬‬
‫عائدا‬
‫وتتلخص يف تسهيل إنتقال املوارد االقتصادية احلقيقية من املقرض إىل املقرتض‪ ،‬حيث حيقق املقرضون ً‬
‫عائدا على هذا اجلزء املدخر من خالل‬
‫من أعماهلم ويدخرون جزءًا منه إلستخدامه يف املستقبل‪ ،‬ويستطيعون حتقيق ً‬
‫إقراضه‪ ،‬أي إقراض جزء من قوهتم الشرائية إىل أشخاص آخرين يرغبون يف احلصول على موارد حقيقية من خالل‬
‫شرائهم للمعدات واآلالت واالستفادة من خدمات القوى العاملة واألراضي‪ ....‬إخل‪ ،‬مما حيقق تدفق املوارد احلقيقية‬
‫وبعيدا عن املقرضني‪ .‬كما أن املقرضني سيحصلون على دخل أكرب ومستوى إستهالكي أكرب‬
‫إىل املقرتضني ً‬
‫إذا رغبوا يف ذلك عندما حيني ميعاد استحقاق أمواهلم اليت قدموها إىل املقرتضني‪.‬‬
‫على العموم‪ ،‬فإن األسواق املالية تتيح لرجال األعمال فرصة احلصول على األموال الالزمة لتنفيذ مشروعاهتم‬
‫لتقدمي السلع واخلدمات اليت يرغب فيها املواطنون‪ ،‬مما يزيد مستوى رفاهيتهم‪.‬‬
‫‪ ..2.2‬الوظيفة التمويلية‪:‬‬
‫ميكن تلخص الوظيفة التمويلية لألسواق املالية يف النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬تسهيل إنتقال األموال من وحدات الفائض إىل وحدات العجز؛‬
‫‪ -‬توفري السيولة حلملة األوراق املالية؛‬
‫‪ -‬تسعري األوراق املالية؛‬
‫‪ -‬التنبؤ بالنشاط االقتصادي خالل الفرتات القادمة؛‬

‫ص‪5.10‬‬ ‫عيساوي سهام(‪ ،)2017‬األدوات املالية املشتقة‪ ،‬أمهيتها‪ ،‬أنواعها وإسرتاتيجيتها –بورصة‪ ،-‬دار احلامد‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫حممد أمحد عبد النيب(‪ ،)2009‬األسواق املالية‪ ،‬األصول العلمية والتحليل األساسي‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬زمزم ناشرون وموزعون‪ ،‬األردن‪ ،‬ص‪6.25‬‬
 ‫‪ -‬التوزيع األمثل للموارد املالية بني القطاعات االقتصادية املختلفة؛‬
‫‪ -‬إجياد قنوات لتجميع املدخرات وتوجيهها حنو اإلنتاج؛‬
‫‪ -‬املساعدة على توجيه أوجه االستثمار للمستثمرين؛‬
‫‪ -‬املساعدة على ختصيص املوارد االقتصادية بشكل أفضل؛‬
‫‪ -‬متكني البنوك من إستثمار مواردها واستخدام إيراد االستثمارات يف زيادة االئتمان؛‬
‫‪ -‬زيادة الوعي لدى املستثمرين‪.‬‬
‫‪ .3.2‬أهمية السوق المالية‪:‬‬
‫تتسم األسواق املالية يف جتمع املدخرات وتوجيهها حنو املشاريع ذات اجلدوى االقتصادية املرتفعة‪ ،‬أي‬
‫استخدام األموال يف األنشطة الراحبة اليت حتقق أعلى عائد وأعلى قيمة مضافة‪ ،‬وللسوق املالية أمهية أخرى كوهنا‬
‫‪7‬‬
‫تساهم بفاعلية يف متويل االستثمارات اليت تؤدي إىل زيادة حجم تراكم رأس املال الثابت على مستوى االقتصاد‪.‬‬
‫الشكل املوايل يوضح دور السوق املالية وأمهيته يف حتويل األموال بني القطاعات االقتصادية املختلفة‪ ،‬إذ يساهم يف‬
‫التمويل املباشر وغري املباشر للشركات واألفراد واحلكومات وتغطية الفجوة املالية هلذه القطاعات واستغالل الفائض‬
‫النقدي هلا‪.‬‬
‫الشكل رقم (‪ :)6-2‬دور السوق المالية في انتقال األموال‬

‫المصدر‪ :‬دريد كامل آل شبيب (‪ ،)2012‬األسواق المالية والنقدية‪ ،‬دار المسيرة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬األردن‪ ،‬ص‪37‬‬

‫‪.3‬أركان األسواق المالية‪:‬‬

‫ص‪736‬‬ ‫دريد كمال آل شبيب(‪ ،)2012‬األسواق املالية والنقدية‪ ،‬دار املسرية‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬االردن‪،‬‬
 ‫‪8‬‬
‫تنقسم أركان السوق املالية إىل أربعة فئات وهي‪:‬‬

‫‪.1.3‬فئة المقرضين أو المستثمرين‪:‬‬

‫وهي متثل مصدر األموال يف السوق املالية‪ ،‬وتشتمل هذه الفئة على األفراد واملؤسسات اليت تزيد دخوهلا‬
‫النقدية عن إحتياجاهتا االستهالكية‪ ،‬فرتغب يف توظيف مدخراهتا يف السوق املالية‪ .‬وذلك عن طريق اإلقراض املباشر‬
‫أو يف املتاجرة باألوراق املالية‪ ،‬ويهتم املستثمر مبجموعة من العوامل وهي معدل العائد املتوقع‪ ،‬عامل األمان‪ ،‬عامل‬
‫السيولة‪ ،‬وتاريخ االستحقاق‪.‬‬
‫‪ .2.3‬فئة المقترضين أو المصدرين‪:‬‬
‫وهي متثل فئة األفراد ومؤسسات اليت تقل دخوهلم النقدية عن إحتياجاهتم من األموال الالزمة ألغراض‬
‫االستهالك أو ألغراض التوسع‪.‬‬
‫وميكن احلصول على األموال يف األسواق املالية إما بطريقة اإلقراض املباشر‪ ،‬أو عن طريق إصدار األوراق‬
‫املالية‪ ،‬وجيب أن يتم إثبات يف العقد املربم بني املقرض واملقرتض مجيع الشروط األساسية للقرض كقيمته اإلمسية‪،‬‬
‫ومدته‪ ،‬وسعر الفائدة‪ ،‬وتواريخ دفع أقساط الفائدة‪ ،‬وتاريخ إستحقاق سداد القرض‪ ،‬وميكن أن نذكر بإجياز عن‬
‫عمليات إصدار األوراق املالية باعتبارها املصدر الرئيسي للتمويل يف األسواق املالية‪ ،‬وميكن أن تتخذ إلصدار يف‬
‫هذه احلاالت وهي اإلصدار من قبل جهات حكومية (سندات اخلزينة أو أذونات اخلزينة)‪ ،‬أو يكون املصدر شركة‬
‫و يتخذ اإلصدار شكل إما سندات أو أسهم عادية أو أسهم ممتازة‪.‬‬
‫‪ .3.3‬فئة الوسطاء الماليون‪:‬‬
‫وهم الشركات املرخصة لتقدمي خدمة السمسرة‪ ،‬واملقصود هبذه اخلدمة التوسط بني البائع واملشرتي‪ ،‬حيث‬
‫يقوم السماسرة بعمليات البيع والشراء نيابة عن املستثمرين مقابل حصوهلم على عموالت معينة‪ .‬ويف بعض األحيان‬
‫يق وم بعض الوسطاء بالتخصص يف التعامل بورقة مالية معينة أو أكثر‪ ،‬ويرتكز على هذه الورقة يف التداول‪ .‬ومبوافقة‬
‫أيضا يرخص للوسيط بأن ميارس البيع‬
‫جملس إدارة السوق‪ ،‬ويطلق على الوسيط لقب املتخصص ويف بعض األحيان ً‬
‫والشراء حلساب حمفظته اخلاصة‪ ،‬مما يؤدي إىل خلق سوق للتبادل يف الورقة املالية اليت يتخصص هبا يف حاالت‬
‫وجود ركود أو عدم توازن بني العرض والطلب‪ .‬لذلك يقال بأنه صانع السوق‪.9‬‬

‫ص‪8.40‬‬ ‫وليد صايف‪ ،‬أنس البكري (‪ ،)2009‬األسواق املالية والدولية‪ ،‬دار املستقبل‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫دميا وليد حنا الربضي (‪ ،)2015‬األسواق املالية‪ ،‬تركيبتها‪ ،‬كفاءهتا‪ ،‬سيولتها‪ ،‬والتجربة العربية‪ ،‬جامعة الدول العربية‪ ،‬مصر‪ ،‬ص‪9.13‬‬
 ‫‪ .4.3‬المشرعون والمنظمون‪:‬‬
‫وهي اجلهات اليت تضع التشريعات الالزمة لتنظيم عمل البورصة وتراقب سري عمليات التداول‪ ،‬كما تتأكد‬
‫من التزام الشركات بالتشريعات األساسية والقوانني مثل شروط اإلدراج وقوانني اإلفصاح‪.‬‬