Professional Documents
Culture Documents
"أقسام الواجب"
المقدمة
احلمدهلل حنمده ونستعينه ونعوذبه من شرور أنفسنا ومنه سيئات أعمالنا من يهده اهلل فال مضل له
ومن يضلله فال هدى له أشهد ان ال إله إال اهلل وأشهد أن حممد عبده ورسوله وعلى اله وصحبه
.ومن دعا وإىل يوم الدين
إن املوضوع< هلذه املادة "أصول الفقه" هي "أقسام الواجب" ،فيجب علينا أن يلخص كل األنشطة
والعمل الدراسية هبذه املادة السياحية .شكرا إىل أصدقاء األعزاء وكل من ساعدونا يف إعداد
وتقدمي البحث وإىل الذين أشهروا ليلهم واجهدوا هنارهم يف احلب اخلري وبذل النصيحة وإىل
.الطلبة العلم وحمي اخلري
:أقسام الواجب
من الكتاب "علم أصول الفقه وخالصة تاريخ التشريع اإلسالمي" الذي كان يتأليف عبد
:الوهاب خالف ينقسم الواجب إىل أربع تقسيمات باعتبارات خمتلفة
الواجب املطلق
هو ما طلب فعله حتما ومل يعني وقتا ألدائه مثل كالكفارة الواجبة على من حلف ميينا وحنث،
فليس لفعل هذا وقت معني ،فإن شأ احلانث كفر بعد احلنث مباشرة وإن شأ كفر بعد ذلك،
.وكاحلج واجب على استطاع وليس ألداء هذا الواجب عام معني
الواجب املؤقت
والواجب املؤقت إذا فعله املكلف يف وقت كامال مستوفيا أركانه وشرائطه مسى فعله أداء ،وإذا
فعله يف وقته غري كامل مث أعاده يف الوقت كامال مسى فعله إعادة .وإذا فعله بعد وقته مسى فعله
قضاء .مثل كالصالة فرض كوقت صالة الظهر مثال ،فهو وقت موسع يسع أداء الظهر وأداء أى
.صالة أخرى ،وللمكلف أن يؤدي الظهر يف أي جزء منه
الواجب العيين
ما هو طلب الشارع فعله من فرد من كل أفرد املكلفني ،وال جيزئ قيام مكلف به عن آخر
كالصالة والزكاة واحلج ،والوفاء بالعقود واجتناب اخلمر وامليسر( .فرض عني)
الواجب الكفائى<
هو ما طلب الشارع فعله من جمموع املكلفني ،ال من كل فرد منهم ،حبيث إذا قام به بعض
املكلفني فقد أدى الواجب وسقط اإلمث واحلرج عن الباقني .وإذا مل يقم به أى فرد من أفرد
املكلفني أمثوا مجيعا بإمهال هذا الواجب <.كالصالة على املتوىف وبناء املستشفيات ،وإنقاد الغريق،
.وإطفاء احلريق
الواجب احملدد
هو ما عني له الشارع مقدارا معلوما ،حبيث ال تربأ ذمة املكلف من هذا الواجب إال إذا أداه على
ما عني الشارع كالزكاة والديون< املالية <.زكاة كل املال واجبة فيه الزكاة مشغولة هبا ذمة املكلف
حىت تؤدي مبقدرها يف مصرفها .معدل دفع الزكاة الذي مت حتديده وقفا لدخل الشخص أو
.ممتلكاته
هو ما مل يعني الشارع مقداره بل طلبه من املكلف بغري حتديد ،مثل كاإلنفاق يف سبيل اهلل،
والتعاون< على الرب ،والتصديق< على الفقراء إذا واجب بالنذر .ال يوجد مبلغ أو مبلغ ثابت يف
.اهلدية أو الصدقة
التقسيم الرابع ( :جهة عدم تعينه )
الواجب معني
هو ما طلبه الشارع بعينه كالصالة ،والصيام <،ومثن املشرتى ،وأجر املستأجر ،ورد املغضوب< وال
.تربأ ذمة املكلف إال بأدائه بعينه .قرار إلزامي ال ميكن ألحدهم أن خيتاره .جيب تنفيذ كل شيء
الواجب املخري
ما طلبه الشارع واحدا من أمور معينة ،كأحد خصال الكفارة فأن اهلل أوجب على من حنث يف
ميينه أن يطعم عشرة مساكني ،أو يكسوهم ،أو يعتق رقبة ،فالواجب أى واحد من هذه األمور
.الثالثة ،واخليار للمكلف يف ختصيص واحد بالفعل ،وتربأ ذمته من الواجب بأداء أى واحد
من الكتاب "الوضيح في أصول الفقه للمبتدئين مع أسئلة للمناقشة وتمرنات" الذي كان
:يتأليف محمد سليمان عبد اهلل األشقر ينقسم إىل أربعة قاعدة
قد يكون< الوقت املقدر للواجب قد يكون الوقت املق ّدر للواجب يسعه ويسع من جنسه مقداراً
آخر ،فيقال له حينذ الواجب املوسع .ومن ذلك الصالة ،فإ ّن وقت الظهر مثالً من زوال الشمس
إىل صريورة ظل الشيء مثله .وهذا الوقت يسع صالة الظهر وصلوات أخرى .وآخر الواجب<
املوسع قد يكون< حمدداً كما يف الصالة <،وقد يكون< هناية العمر ،كاحلج والزكاة عند من قال بأهنما
ال جيبان على الفور .والواجب املضيق كالصوم فإن وقته ما بني طلوع الفجر وغروب الشمس
.وذلك الوقت< ال يتسع إال لصيام واحد
ويتضيق الواجب املوسع مبرور الوقت ،إذا مل يبق من الوقت إال ما يسع الفرض ال غري ،أو بغري
مروره كمن ُحكم عليه باإلعدام يف منتصف الوقت أو من غلب على ظنها ظهور احليض كذلك.
وهناك بعض الواجبات مل يُقدَّر هلا وقت بالكلية ،بل تفعل حبسب احلاجة ،فتسمى الواجبات
.املطلقة كرب الوالدين وصلة األرحام ،واألمر باملعروف والنهي عن املنكر
حبد ،حمدود ،كفريضة صالة الصبح مثالً ،فإهنا ركعتان وكفريضة من الواجبات ما هو مق ّدر ٍ
الزكاة فإهنا يف الذهب والفضة ربع العشر ،ويف اإلبل والغنم والبقر والزروع مقدرة مبقادير حمددة
.من قبل الشرع
ومن الواجبات ما ليس له تقدير وارد يف الشرع كنفقة القريب ،إمنا يُطلب هبا سد احلاجة ال غري.
وإذا رفع األمر إىل القضاء ،فحكم بقد ٍر معني من النفقة <،فإنه يتقدر بذلك ،وكذا إن حصل
الرتاضي من املنفق واملنفق عليه على قدر معلوم ،فإنه يتقدر به وكصلة الرحم ،فليس هلا تقدير بـ
.حيد معلوم
والواجب املقدر يرتتب< يف الذمة إذا فات ومل يؤد يف وقته كالصالة والزكاة أما الواجب غري املقدر
فال يرتتب يف الذمة كاإلنفاق على املضطرين ،وإنقاذ الغرقى ،ونفقة القريب قبل تقدير القاضي
.هلا ،أو الرتاضي< عليها
.األكثر يف الواجبات التعيني .ولكن قد يكون< الواجب مبهماً بني أشياء ،كما يف كفارة اليمني
الصالة والصوم< وبر الوالدين ،والصدق كلها واجبة على املسلمني املكلفني فرداً فرداً ،فهي واجبة
على األعيان <،أو كما هو التعبري املشهور لدى األصوليني والفقهاء واجبات عينية <.وهكذا كثري
.من الواجبات الشرعية
شرعا ثانيًا ،بعد سبق األداء ،وعرفه ابن احلاجب بأنه" ما فعل
وهو فعل الواجب< يف وقته احملدد له ً
.يف وقت األداء ثانيًا خللل ،وقيل لعذر")٣(
القضاء
أما القضاء فال بد له أصولياً من أمر جديد مثله مثل األداء ،أي :من ترك صالة الظهر عمداً
متعمداً مفرطاً فليس عليه القضاء ،وإذا أذن املؤذن للعصر فال يقضي هذه الصالة <،وإن قضاها
فهي ليست حمسوبة له ،ألن القضاء ال بد له من دليل كما أن األداء ال بد له من دليل.
ودليل ذلك :أن اهلل أمر بأوامر جيب على املرء أن يؤديها ،ومل يأمر بقضائها ،وجيلي لنا ذلك قول
عائشة رضي اهلل عنها وأرضاها عندما سألتها املرأة -كما يف الصحيحني -فقالت( :أنقضي
الصالة؟! فقالت :أحرورية أنت ،كنا نفعل ذلك على عهد النيب صلى اهلل عليه وسلم) أي :كنا ال
نصوم وال نصلي إذا حاضت املرأة ،فنقضي< الصوم وال نقضي الصالة <،والصوم جاء بأمر جديد
من النيب صلى اهلل عليه وسلم ،وهو الذي أمرهم بذلك ،ولذلك قالت عائشة( :كنا نؤمر) وهذا
أمر جديد ،أي :أمرنا جمدداً بقضاء الصيام ،ومل نؤمر جمدداً بقضاء الصالة <.ولذلك قعد علماء
الفقه قاعدة فقهية تقول :دليل األداء ليس دليالً للقضاء.
والدليل على ذلك أيضاً :قول النيب صلى اهلل عليه وسلم( :من نام عن صالة أو نسيها فليصلها
حني يذكرها) ،فالنوم والنسيان عذر ،ولذلك كل األحاديث( :إال من عذر) لكن املفرط ليس له
دليل ،فجاءنا الدليل على النائم والناسي <،ومل يأتنا< الدليل على املتعمد ،فاملتعمد ال قضاء عليه،
لكن ينصح بكثرة النوافل؛< لقول النيب صلى اهلل عليه وسلم كما يف سنن أيب داود بسند صحيح
من حديث أيب هريرة :أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال( :أول ما حياسب عليه املرء
الصالة؛ فإن كانت ناقصة قال اهلل للمالئكة :يا مالئكيت! انظروا إىل عبدي أله من النوافل؟! فإن
كانت أمت هبا صالته) فالذي يرتك فرضاً عمداً يكثر من النوافل.
وهذا احلكم ينطبق أيضاً على السنن الرواتب ،فلو أن رجالً ليس عنده شيء ،وكان جالساً ميزح
مع أخيه أو يتسامر معه ،ومل يصل سنة الظهر حىت أقام اإلمام صالة الظهر ،فهذا ليس عليه قضاء،
وال يقضي سنة الظهر ،ألنه ليس لديه دليل على أنه يقضي هذه السنة.
الواجب له أمور تتعلق به منها :أوالً :أن الواجب< يطلق عليه أيضاً الفرض ،لكن اختلف العلماء يف
الواجب والفرض ،فجمهور أهل العلم من املالكية والشافعية< واحلنابلة على أن الواجب هو
الفرض ،وال فرق بينهما.
وأما األحناف فغايروا بني الواجب والفرض ،وقالوا :الفرض ما ثبت بدليل قطعي ،وأما الواجب
فهو ما ثبت بدليل ظين.
الصال َة}
يموا َّوالدليل القطعي :املتواتر ،مثل :القرآن ،فهو فرض عندهم ،كقول اهلل تعاىلِ :
{وَأق ُ
َ
[البقرة ،]٤٣:فهذا فرض وليس بواجب.
أيضاً أمر اهلل تعاىل بالزكاة ،فهذا فرض وليس بواجب؛ ألنه ثبت بدليل قطعي .وأما الذي يثبت<
عندهم بدليل ظين فهو واجب ،مثل :الوتر ،فهو عندهم واجب وليس بفرض؛ ألنه ثبت يف السنة
بقول النيب صلى اهلل عليه وسلم( :اجعلوا آخر صالتكم بالليل وتراً) ،وهذا فعل أمر ،والقاعدة :أن
ظاهر األمر يقتضي< الوجوب ما مل تأت قرينة تصرفه من الوجوب إىل االستحباب ،لكنه هنا
واجب وليس بفرض؛ ألنه ثبت بدليل ظين وهو :حديث اآلحاد وليس مبتواتر.
وإذا دققت النظر رأيت أن األحناف يتفقون< مع مجهور أهل العلم يف أن الذي ثبت بالدليل الظين
جيب العمل به ،أي :جيب أن تعمل هبذا األمر الذي ائتمرت به ،سواء كان الدليل قطعياً أو ظنياً،
الصال َة) فال بد أن تصلي.
يموا َّفلو جاءك مثالً قول اهلل تعاىلِ :
(وَأق ُ
َ
وإذا جاءك قول النيب صلى اهلل عليه وسلم( :اجعلوا آخر صالتكم بالليل وتراً) فعند األحناف
جيب ،ويسن عند اجلمهور أن جتعل آخر الصالة وتراً ،فهم يتفقون على لزوم العمل مبا ثبت ظنياً
أو قطعياً ،فأصبح اخلالف خالفاً لفظياً وليس له أثر إال من ناحية االعتقاد ،أي :أن أثر اخلالف
بني األحناف واجلمهور بالدليل القطعي والدليل الظين ليس له حمل يف الفقه ،لكن أثره يف االعتقاد
فقط.
ونبني ذلك باآليت :منكر القرآن حكمه كافر ،واجلميع يتفق على هذا ،أما الذي ينكر حديثاً يف
صحيح البخاري فإن كان متواتراً فيكفر بذلك ،وإن كان آحاداً فاختلف العلماء فيه ،والراجح ما
قاله اجلمهور :أنه ال يكفر ،فاخلالف هنا ليس خالفاً فقهياً بني األحناف واجلمهور ،وليس له مثة
أثر يف املسائل الفقهية<.
قال ابن القيم رمحه اهلل( :ويستفاد الوجوب :باألمر تارة ،وبالتصريح باإلجياب ،والفرض،
وال َكْتب <،ولفظة على ،ولفظة حق على العباد ،وعلى املؤمن ،وترتيب الذم والعقاب على الرتك،
وإحباط العمل بالرتك ،وغري ذلك)
وتسمى هذه القاعدة مقدمة الواجب ،قال الشيخ السعدي رمحه اهلل( :الوسائل هلا أحكام املقاصد،
فما ال يتم الواجب إال به فهو واجب ،وما ال يتم املسنون< إال به فهو مسنون <،وطرق احلرام
أمرا به ومبا ال يتم إال
واملكروه تابعة هلا ،ووسيلة املباح مباح ...فإذا أمر اهلل ورسوله بشيء كان ً
أمرا جبميع شروطه الشرعية والعادية واملعنوية< واحلسية ،فإن الذي شرع األحكام عليم به ،وكان ً
حكيم ،يعلم ما يرتتب على ما حكم به على عباده من لوازم وشروط ومتممات).
املراجع
علم أصول الفقه وخالصة تاريخ التشريع االءسالمي ،يتأليف عبد الوهاب خالف
الوضيح يف أصول الفقه للمبتدئني مع أسئلة للمناقشة ومترنات ،حممد سليمان عبد اهلل
األشقر
كتاب تيسري أصول الفقه للمبتدئني ،حممد حسن عبد الغفار