Professional Documents
Culture Documents
مفهوم الإدارة الإستراتيجية وفوائدها
مفهوم الإدارة الإستراتيجية وفوائدها
لقد تميز اإلنسان منذ بدء البشرية عن غيره من المخلوقات بالعقل ،هذا الجهاز
ال وظيفي ال ذي مكن اإلنس ان من االرتق اء بنفس ه وبطريق ة حيات ه ،فتمي يز اهلل ع ز
وجل لإلنسان بأن جعل له عقال كان من ورائه اختبار مدى قدرة هذا العبد على
تس يير حيات ه واس تخدامه االس تخدام األمث ل ،وق د ك ان من فط رة اإلنس ان أن يح دد
هدفا لحياته ونمط عيشه فال يكون عشوائيا أو غريزيا ،بل منظما بطريقة علمية
ومنهجية .ومن هذا المنطلق بدأ اإلنسان في االهتمام بالتخطيط ،ولو بشكل مبسط،
لكن ه ذه األهمي ة ازدادت ح دتها م ع م رور ال وقت وإ دراك األف راد والجماع ات
لم دى دوره في مختل ف ج وانب حي اتهم ،مم ا أدى بالمنظم ات إلى جع ل التخطي ط
أح د أولوياته ا الوظيفي ة ،ال س يما وأن ه يجنبه ا خط ر الوق وع في مش اكل ع دة ،فل و
تأملنا جميع جوانب الحياة من اجتماعية ،اقتصادية ،سياسية ،وغير ذلك لوجدناها
تعتمد على التخطيط.
ولكن عملية التخطيط بحد ذاتها ال تكون بعشوائيةـ بل تسترعي إتباع نمط علمي
ومس ار منهجي مح دد ،يب دأ بتحدي د اله دف األس مى من وج ود المؤسس ة ،وص وال
إلى عملي ة مراقب ة م ا تم تنفي ذه لمتابع ة الخل ل وتص حيحه .وبالت الي ف إن التخطي ط
يك ون على أس اس اس تراتيجي ،ي راعي حجم وإ مكان ات المؤسس ة ،والمحي ط ال ذي
تعيش فيه.
وهذا يدفعا حتما إلى طرح اإلشكال اآلتي:
م ا هو نظ ام التخطي ط االس تراتيجي؟ وم ا موق ع المؤسس ات االقتص ادية الجزائري ة
من هذا النشاط؟.
وس نعمل في ه ذا الع رض على اإلجاب ة على ه ذا التس اؤل ،مبي نين مفه وم ك ل من
اإلستراتيجية والتخطيط ،ومحاولة الدمج بينهما ،ثم دراسة حالة الجزائر من هذه
1
الوظيف ة ،وكي ف ق امت بتط بيق محت واه ع بر التط ور الت اريخي لمؤسس اتنا
االقتصادية .معتمدين على منهج توثيقي إلى حد بعيد.
حيث أن أهمي ة ه ذا الموض وع تكمن في كون ه وت را حساس ا في الس ير الع ادي
لنش اط المؤسس ة ،فال تض من البق اء واالس تمرار إال في كن ف تخطي ط اس تراتيجي
فعال.
الفصل األول:
مـفاهـيم عـامة
نتناول في هذا الفصل المحاور العامة للدراسة بالوقوف عليها وتحديد ماهيتها،
ونقص د هن ا بالمح اور العام ة للدراس ة كال من مص طلحي التخطي ط واإلس تراتيجية
وهذا بتحديد تعاريفها المختلفة لنخرج بمفهوم شامل وإ جمالي لها ،كما سنبين كال
من األنواع المختلفة لكل من التخطيط واإلستراتيجية ،وهذا كما يلي:
المبحث األول:
ماهـيـة التخطيـط
س نتطرق في ه ذا البحث إلى نظ رة عام ة ح ول التخطي ط ،تعريفات ه المختلف ة،
باإلضافة إلى األنواع المختلفة للتخطيط:
المطلب األول :مفهوم التخطيط
إن السؤال عن غرض التخطيط ومعناه كان وما زال يالقي إلى حد ما أجوبة
متعددة في الحقب الزمنية المختلفة ومن أشخاص مختلفين ،ويذكر أن آينشتاين قال
مرة نفس الشيء عن العلم .وهذا معناه عدم وجود اتفاق بين الباحثين على تعريف
محدد لمفهوم التخطيط ،وإ ن كان هناك شبه إجماع غير مباشر على محتوى هذا
المفه وم في مس توياته ومراحل ه المختلف ة على ال رغم من اختالف الزواي ا ال تي تم
تناول هذا المفهوم منها.
2
التخطي ط ض رورة من ض رورات الحي اة لإلنس ان ،حيث إن اإلنس ان يخ اف
ويحذر مما يخبئه له المستقبل ،لهذا أصبح التخطيط بالمعنى الحديث هو محاولة
توقع الخطر أو المجهول وتجنبه ،أو على األقل الحد من خطورته وعواقبه ،لذلك
لم تعد كلمة التخطيط كلمة غريبة أو غير مألوفة ألسماعنا ،فكثيراً ما نجدها تتردد
في إطار المناقشات أو الحوارات التي قد يثيرها بعض األفراد أو الجماعات فيما
بينهم أو في إطار وسائل وأجهزة األعالم المختلفة.
أ /تعريف التخطيط ككلمة:
*يع رف ق اموس أكس فورد الفع ل الثالثي "خط ط" :بالفع ل ص مم أو نظم مس بقا أو
سلفا.
*كما يعرف قاموس الروس الفرنسي مصطلح التخطيط كما يلي:¹
Planification: n.f. Science qui a pour objet l’établissement de
* .programmes économiqueوهن اك تعري ف آخ ر لنفس المص طلح في
نفس القاموس ولكن بترجمة أخرى كما يلي:
Planning: n.m. Plan de travail détaillé. Fonction ou service de
.préparation du travail
*ت :1يعرفه بنتون Bentonعلى أنه تحضير ذهني للنشاط من أجل العمل أي
بناء خارطة ذهنية ، Mental Mapفهذا التعريف يشمل كل فعل مقصود ،يجب
أن يتص ور ويثبت في الخي ال قب ل أن يأخ ذ مكان ه في الحقيق ة ،وه ذه هي قاع دة
التفكير قبل العمل.¹
3
*ت :2عرف ه فري دمان Friedmannبأن ه طريق ة تفك ير وأس لوب عم ل منظم
لتط بيق أفض ل الوس ائل المعرفي ة من أج ل توجي ه وض بط عملي ة التغي ير الراهن ة
بقصد تحقيق أهداف واضحة ومحددة ومتفق عليها.
*ت :3ع رف م يردال Myrdalالتخطي ط كمفه وم تنم وي بأن ه برن امج يظه ر
إس تراتيجية الدول ة على المس توى الوط ني ،وإ ج راءات ت دخلها إلى ج انب ق وى
السوق من أجل دفع وتطوير النظام االجتماعي.
*ت :4إعت بره واترس ون Watersonمجموع ة جه ود واعي ة ومس تمرة تب ذل من
قبل حكومة ما لزيادة معدالت التقدم االقتصادي واالجتماعي والتغلب على جميع
اإلجراءات المؤسساتية التي من شأنها أن تقف عائقا في وجه تحقيق هذا الهدف.
*ت :5التخطيط من الوظائف القيادية والمهمة في اإلدارة العامة والتي يقع على
ع اتق القي ادة اإلداري ة وج وب النه وض به ا كوظيف ة أساس ية تختص به ا اإلدارة
العلي ا .وال تنتهي ه ذه الوظيف ة إال بتحقي ق اله دف من خالل نش اطات اإلدارة ال تي
تعمل على تنفيذ الخطة.²
*ت :6التخطي ط ه و العملي ة ال تي يتم فيه ا تحدي د الوض ع الح الي للمنظمة
واإلنجازات التي تنوي تحقيقها والوسائل واآلليات التي ستستخدمها للوصول إلى
تلك اإلنجازات. ³
*ت :7التخطيط Planningه و المه ام اإلداري ة ال تي ته دف إلى تحدي د األه داف
المستقبلية للمنظمات و المؤسسات و طرق تحديد هذه األهداف . 4
وعموم ا ف إن التعريف ات المختلف ة للتخطي ط ق د غطت وش ملت ج وانب مختلف ة
وواس عة ولكن دون أن تش ير إلى اتف اق جم اعي مباش ر في ال رأي ،وإ ن ك انت ق د
اتفقت بش كل غ ير مباش ر على مجموع ة من المح اور الرئيس ية ال تي يمكنن ا من
خاللها تحديد تعريف عام للتخطيط وهو كما يلي:
﴿ التخطيط نشاط إنساني وخيار عقالني موجه للعمل المس تقبلي وه ذا في س بيل
حل المشكالت ﴾
4
من خالل تعريفنا للتخطيط من مختلف جوانبه يتضح لنا أنه مجال واسع ومعقد
وهو بالتالي يضم عدة أنواع وتصنيفات حسب معايير مختلفة.
-1د.عثمان محمد غنيم -التخطيط :أسس ومبادئ عامة -دار صفاء للنشر-
عمان-2001-ص.25:
-2د .طالل الشريف -قسم اإلدارة العامة -جامعة الملك عبد العزيز.
-3اس ماعيل الحم راوي :ب احث في الحق ل الجمع وي -مق ال منش ور بت اريخ:
.2006-08-31
هن اك ع دة مع ايير يمكن تص نيف أن واع التخطي ط على ض وئها ،وذل ك على
النحو التالي:
5
بذاتها ،وكلما قصرت المدة الزمنية للخطة كلما كان في إمكان اإلدارة التحكم فيها
وتنفيذها بدقة وذلك لسهولة وضع التصور والشكل الكلي للمستقبل القريب والتنبؤ
به.
-2 التخطيط متوسط األجل :
وهو الذي يغطي فترة تتراوح في معظم األحيان بين ثالث وخمس سنوات،
أم ا الم دى الم ألوف لمث ل ه ذه الخط ط ع ادة فه و التخطي ط لم دة خمس س نوات،
– متوسط األجل – ذلك الذي يغطي أكثر من سنة وحتى ويقصد بالتخطيط
خمس س نوات ،ومن أمثل ة ذل ك :المخط ط العاش ر بفرنس ا للمرحل ة1989 :م-
1992م .¹الخطة الخماسية للمملكة العربية السعودية التي بدأت أولى خططها من
عام 1390هـ إلى 1395هـ.
-3 التخطيط طويل األجل :
يه دف ه ذا الن وع من التخطي ط إلى وض ع خط ط لف ترة زمني ة طويل ة الم دى
وع ادة تس تغرق أك ثر من خمس س نوات إلى عش رين س نة مقبل ة أو أك ثر ،وكلم ا
طالت المدة الزمنية للخطة كلما زادت صعوبة التنبؤ بمشاكل المستقبل وأخ ذها في
الحسبان ،ولكن اإلداري والقائد الفعال هو الذي يصل إلى التنبؤ المعقول والقريب
من الدق ة على أن يجع ل الخط ة تتس م بالمرون ة المطلوب ة للتماش ي م ع متغ يرات
الزمن أثناء التنفيذ.
وللتخطيط طويل األجل فوائد كثيرة منها :
أ – إن النظ رة الطموح ة والمس تقبلية ذات اله دف البعي د تقل ل من ح دة
المصاعب التي تنشأ خالل فترة التنفيذ في المدى القصير .
ب -تجعل التطور يسير في خطى مدروسة ،ويطبق وينفذ بشكل تدريجي.
ج -تسهل على الناس المتأثرين بالتخطيط التطويري عملية التعايش والتأقلم
معه.
6
-1د.شوام بوشامة -مدخل إلى االقتصاد العام -الطبعة الثانية -دار الغرب
للنشر-2000-ص360:
ثانياً :حسب األساس الوظيفي:¹
هنا نقسم التخطيط إلى ثالثة أنواع رئيسية وهي :
-1 التخطيط التطويري :
ويقصد بالتخطيط التطويري وضع الخطط المتعلقة بالتغيير الهادف وإ دخال
التحس ينات في طريق ة س ير العم ل وإ تب اع األس اليب العملي ة الحديث ة في إنج از
المهمة من أجل رفع المستوى اإلنتاجي واألداء الوظيفي للموظفين .
-2 التخطيط التنظيمي :
ويتعلق بوضع الهياكل والخرائط التنظيمية وتحديد طريقة سير العمل وطرق
االتص االت بين أقس ام المنظم ة ووح داتها اإلداري ة ،وك ذلك تحدي د الص الحيات
والسلطات اإلدارية للموظفين بحكم مسميات الوظائف المختلفة.
-3التخطيط البشري:
ويش مل الدراس ة والتحلي ل والتنمي ة الش املة للق وى العامل ة في المنظم ة كم ا
وكيف اً وتنمي ة الق درات الفردي ة ووض ع الج داول النس بية واإلحص ائية لمعرف ة
االحتياج ات المس تقبلية من الق وى البش رية على اختالف مجاالته ا وتخصص اتها
ومستوياتها.
ثالثا :حسب اإلدارة:²
ويشمل هذا المعيار نوعين من التخطيط هما:
التخطيط المركزي: -1
يرتب ط ه ذا الن وع من التخطي ط بالس لطة المركزي ة ال تي غالب ا م ا تك ون في
العاصمة ،وتقوم بإعداد وتنفيذ ومتابعة الخطط التنموية المختلفة من هناك.
التخطيط الالمركزي: -2
7
يتمثل بهيئات التخطيط الرسمية وغير الرسمية على مستوى األقاليم والتجمعات
السكانية ،والتي تقوم بإعداد وتنفيذ الخطط التنموية يشاركها في ذلك غالبا السكان
المحليون وبالتحديد المجموعات المستهدفة.
8
وهو الذي يشمل األهداف والسياسات والخطط الرئيسية ،بمعنى آخر إستراتيجية
المنظمة في مجال نشاطها لتحقيق األهداف المبتغاة ،ويمتاز هذا التخطيط بالثبات
وعدم التغير ،إذ أن قراراته تدوم لفترة طويلة فمثال سمعة المنظمة وحجمها ونوع
نشاطها تمثل إستراتيجية معينة للمنظمة ال تتغير خالل فترة بسيطة.
التخطيط العملياتي: -2
ويسميه البعض بالتخطيط الفني أو التخصصي ،وهو يوضع لمساعدة اإلدارة
على السير في تخطيطها االستراتيجي وتحقيق أهدافه ،لذا فهو يشمل كافة مجاالت
العم ل بالمنظم ة كالتس ويق واإلنت اج وت دبير األم وال واحتياج ات الق وى العامل ة
والتطوير والبحث العلمي...الخ.
وهناك معايير أخرى كثيرة لتقسيم التخطيط ال يتسع المجال لشرحها كلها ،لكن
يمكن اإلشارة إليها باختصار كما يلي:
سادسا :حسب أسلوب العمل :ويضم:
-التخطيط المرن.
-التخطيط اإللزامي.
سابعا :حسب الوظيفة :ونجد فيه:
-التخطيط التصحيحي.
-التخطيط البنيوي.
ثامنا :حسب الغرض أو القطاع :ويشمل:
-التخطيط االقتصادي.
-التخطيط االجتماعي.
-التخطيط الحضري.
-التخطيط التربوي...الخ
-1د.علي عب اس -أساس يات علم اإلدارة -دار المس يرة-عم ان-2004-ص:
.93
9
تاسعا :حسب المستوى المكاني :ويندرج تحته:
-التخطيط القومي أو الوطني.
-التخطيط اإلقليمي.
-التخطيط المحلي.
وما يمكننا مالحظته في نهاية هذا المطلب أن معايير التخطيط ورغم اختالفها
من حيث التس مية ،إال أنه ا تحم ل في طياته ا أنواع ا متش ابهة إلى ن وع م ا من
التخطيط ،فالتخطيط المركزي مثال يشبه ما يكون تخطيطا عاما أو قوميا ،ويبقى
الف رق الوحي د الممكن استخالص ه يكمن في مس تلزمات ك ل ن وع منه ا ،ومراح ل
إعداده واإلشراف عليه.
المبحث الثاني:
ماهـيـة اإلستراتيجية
الغرض من هذا البحث هو تسليط الضوء على ماهية اإلستراتيجية ،وهنا لن
نقف عندها بالتفصيل فنحن بصدد التطرق للمفاهيم العامة فقط ،وبالتالي سنحاول
تحديد كل من مفهوم اإلستراتجية واألنواع المختلفة من اإلستراتيجيات التي تتبعها
المؤسسات االقتصادية الحديثة.
مفهوم اإلستراتيجية المطلب األول:
سنحاول عرض بعض التعريفات المتعلقة باإلستراتيجية كمفهوم ،والمقدمة من
طرف عدة كتاب وأخصائيين .وتتمثل إجماال في ":
حسب " :" Alfred Chandlerيرى أنها تمثل {:إعداد األهداف والغايات
األساسية طويلة األجل للمؤسسة ،واختيار خطط العمل وتخصيص الموارد
الضرورية لبلوغ هذه الغايات}.
10
حس ب " :" Harverd Schoolف ترى أنه ا {:مجموع ة الق رارات المهم ة
لالختي ارات الك برى للمنظم ،المتعلق ة بالمؤسس ة في مجموعه ا ،والرامي ة
أساس ا إلى تك ييف المؤسس ة م ع التغ ير ،وك ذا تحدي د الغاي ات األساس ية،
والحركات من أجل الوصول إليها}.
حس ب " :" Morgenstrenفيق ول أن {:اإلس تراتيجية هي تت ابع حرك ة
العب عقالني تمام ا ،في إط ار ذي منفع ة معين ة خالل لعب ة ذات قواع د
مح ددة ،ه ذا الالعب يع رف توزي ع احتم ال النت ائج بمقي اس دالت ه المنفعي ة،
لكل من االختيارات الممكنة}".¹
-1ناص ر دادي ع دون ،اإلدارة والتخطي ط اإلس تراتيجي ،دي وان المطبوع ات
الجامعية ،الجزائر.ص.10-8:
كما يمكننا في األخير الخروج بتعريف شامل وعام لالستراتيجيو وهو:
11
وهي االس تراتيجيات ال تي تس عى المؤسس ة من خالله ا إلى توس يع مكانته ا في
الس وق ،وبالت الي زي ادة أرباحها ،وض مان بقائها ألكبر ف ترة ممكنة .وندرج تحت
هذا النوع كل من اإلستراتيجيات التالية":
النم و المتمركز :نقص د ب ه الترك يز على منتج وحي د م ريح باعتب اره -1
دعام ة أساس ية للمنظم ة .وأح د األمثل ة المش هورة على ذل ك ه و قي ام
إح دى الش ركات العالمية( )Wrigleyبإنت اج اللب ان وإ تب اع ه ذه
اإلستراتيجية الكلية بنجاح لمدة تزيد عن 90عاما.
تنمي ة الس وق :نع ني به ا إض افة أس واق مترابط ة من خالل التوس ع -2
الجغ رافي أو من خالل عملي ات الف روع ،ويع د حق وق االمتي از م دخال
شائعا لتنمية السوق.
االبتكار :نعني بها تقديم منتجات جديدة ومتفوقة عن المنتجات الحالية -3
المتقادمة .وأفضل األمثلة على ذلك اإلستراتيجية التي تتبعها شركة (
)3Mحيث ك انت أعم ار منتجاته ا أق ل من 5س نوات كم ا أن تق ديم
منتجات مبتكرة كان مطلبا أساسيا لمديريها.
12
التكامل الرأسي :يتم هذا التكامل إما بإنشاء وحدة داخلية لتزويد الشركة -5
بمدخالتها ويسمى ذلك بالتكامل الرأسي الخلفي .أو إنشاء نظام توزيع
داخلي لتق ريب الش ركة من مس تهلكيها النه ائيين ويس مى ذل ك بالتكام ل
الرأسي األمامي .وأحد األمثلة البارزة لكل من التكام ل األفقي والرأسي
هو قيام شركة( )Pepsicoباالستحواذ على(Kentuky fried chiken,
)Pizza Hut, TacoBellمن خالل برن امج االس تحواذ ه ذا ،ض منت
ش ركة بيبس ي لنفس ها ع ددا ه ائال من مناف ذ التجزئة لمش روباتها
الغازي ة(تكام ل رأس ي أم امي) وأيض ا توس عت في نش اط الم أكوالت
والوجبات السريعة (تكامل أفقي).
التنوي ع المترابط :نع ني ب ه دخ ول الش ركة في أنش طة جدي دة ت ون -6
مترابط ة ومتوافق ة م ع النش اط الرئيس ي له ا ،من حيث التكنولوجي ا،
األس واق أو المنتج ات .وأح د األمثل ة على ه ذه اإلس تراتيجية ه و قي ام
Clumbia ش ركة( )Sonnyباالس تحواذ على ش ركة(Motion
.)Pictures and Records
التنوي ع غ ير المترابط :يقص د به ا االس تحواذ أو االن دماج م ع ش ركة -7
أخ رى مختلف ة تمام ا من حيث نوعي ة النش اط .ومث ال ذل ك قي ام ش ركة(
)Exxonالعالمي ة للب ترول ب التنويع في مج االت غ ير مترابط ة
بالنشاطات األصلية لها مثل صناعة المعدات الكهربائية".¹
13
البيع الجزئي :ويقصد بها إغالق بعض وحدات النشاط داخل الشركة. -2
مث ال ذل ك قي ام أح د الش ركات المتنوع ة النش اط ب بيع ش ركة أو وح دة
نشاط ،ويترتب عن ذلك استبعادها عن محفظة أنشطة الشركة.
-1د .نبي ل محم د مرس ى ،اس تراتيجيات اإلدارة العلي ا ،المكتب الج امعي
الحديث ،مصر.2006 ،ص.313-309:
التص فية :ويقص د به ا تص فية الش ركة ألص ولها الملموس ة وإ غالق -3
مص انعها ،واألمثل ة على ه ذه االس تراتيجة كث يرة مث ل تص فية الش ركة
العمالقة ( .)Eastern Airlinesفمرحلة التصفية يمكن أن تتعرض لها
أي شركة سواء كبيرة أو صغيرة¹ ".
الحيلة :تعمل المؤسسة من خالل هذه اإلستراتيجية على إيهام منافسيها -4
بأنه ا تس يير في طري ق ال زوال ،ع بر خط ة عم ل دفاعي ة ،في حين أنه ا
قد تباغتهم في أي لحظة بمنتج جديد.
14
العملي ة اإلداري ة في المؤسس ة االقتص ادية عملي ة معق دة ومتش عبة من المه ام
والوظ ائف ،ال تي تس عى في النهاي ة إلى تجمي ع ،تنس يق ،وتوجي ه ثم مراقب ة
مجهودات أفرادها ،من أجل تحقيق هدف مشترك .وتحقيق هذا الهدف ال يت أتى إال
في ظ ل إدارة حديث ة تعتم د التخطي ط اإلس تراتيجي كوس يلة لرف ع كف اءة المنظم ة
ككل.
قبل التطرق إلى التخطيط اإلستراتيجي علينا الوقوف عند مصطلح مهم وهو
اإلدارة اإلس تراتيجية ،من منطل ق أن التخطي ط ه و أولى الوظ ائف اإلداري ة،
وبالتالي علينا إعطاء مفهوم ولو بسيط لإلدارة اإلستراتيجية.
إن اإلدارة اإلستراتيجية هي ليست عملية تدريجية خالية من اإلشكاالت ،بل
هي عملية تكرارية تعتريها صبغة " البعثرة " ،إلى درجة أنها تقتضي توفر العمل
الجاد من قبل معظم األفراد في المنظمة بهدف االرتقاء بها نحو المستقبل.
ليس مفه وم اإلدارة اإلس تراتيجية جدي دا ،ب ل يرج ع إلى الس بعينات من الق رن
الماضي ،حين قصد به قيام أشخاص معينين بالخروج ببرامج إستراتيجية ومن ثم
محاولة ترويجها إلى صناع القرار.
وفي عق د التس عينات اختلفت فك رة التخطي ط االس تراتيجي عن اإلدارة
و Pfeifferللتخطي ط اإلس تراتيجية ،حيث أن تعري ف GoodsteinوNolan
االس تراتيجي يبتع د عن كون ه مج رد وظيف ة من الوظ ائف العام ة ال تي تق وم به ا
15
الكوادر العاملة ،بل أنه يركز بنا أكثر عن كونه عملية تقتضي من القادة الكبار
للمنظمة أن يحددوا االتجاه االستراتيجي لها.
-1د.ط اهر الغ البي ،إس تراتيجية األعم ال ،م دخل تط بيقي ،دار الثقاف ة،األردن،
.2006ص .17:عن:
)(Federation Report, February 1997
المطلب الثاني :فوائد اإلدارة اإلستراتيجية
عن دما تم ارس المنظم ة اإلدارة اإلس تراتيجية ،يص بح التفك ير ذا ط ابع رؤيوي
أكثر ويتسم بما يلي:¹
التفكير بشأن المستقبل ،بحيث تكون حدود المنظمة أكثر مرونة.
تحوي ل الترك يز من الم دخالت ال تي تس تخدم لتنفي ذ العم ل إلى المخرج ات
والنتائج التي ترغب المنظمة بتحقيقها.
الترك يز على الرف ع من نوعي ة العملي ات واألداء التنظيمي واعتب ار ذل ك
مفتاحا أساسيا إليصال منتجات وخدمات ذات جودة عالية.
التوجه نحو الثقافة التنظيمية التي تتكيف بسهولة للتغيير.
ومن خالل الممارس ة والعم ل الج اد ،ف إن التعلم التنظيمي ال ذي يح دث خالل
تطبيق عملية اإلدارة اإلستراتيجية سوف يجعل المنظمة قادرة على تحقيق أهدافها
ورؤيته ا .وم ع ك ل تح ديث للخط ة اإلس تراتيجية ،س وف يص بح الق ادة الكب ار ذوي
قدرة أفضل على نشر الخطة وإ جراء التغييرات وقياس األداء التنظيمي.
16
بعد عملية تحديد السياسة العامة للمؤسسة وأهدافها ،وبعد التحليل العام للمحيط
وللوض عية الداخلي ة و إمكاناته ا ،تم ر المؤسس ة في عملي ة التخطي ط االس تراتيجي
إلى المرحل ة األق رب من المي دان العملي .فم ا هي اإلج راءات ال تي تم ر به ا ه ذه
العملي ة؟ ثم م ا المراح ل ال تي يش هدها نظ ام التخطي ط االس تراتيجي في تكون ه؟
وأخيرا كيف يمكن تقييم ومراقبة العملية كلها؟.
ف التخطيط االستراتيجي على أنه" :عملية متواصلة ونظامية يقوم فيها لقد ُعٌر َ
األعض اء من الق ادة في المنظم ة باتخ اذ الق رارات المتعلق ة بمس تقبل تل ك المنظم ة
وتطوره ا ،باإلض افة إلى اإلج راءات والعملي ات المطلوب ة لتحقي ق ذل ك المس تقبل
المنشود وتحديد الكيفية التي يتم فيها قياس مستوى النجاح في تحقيقه".²
17
ماذا يالئمنا أن نفعل؟. -1
يقتضي هذا السؤال دراسة المحيط لمعرفة الفرص والتهديدات المناسبة.
ماذا نستطيع أن نفعل؟. -2
واإلجابة تكون بتحديد نقاط القوة والضعف بعد دراسة المؤسسة وطاقاتها.
ماذا نريد أن نفعل؟. -3
يبين هذا السؤال طموحات المسيرين ،والمؤسسة عامة.
ماذا سنفعل؟. -4
وفي هذه المرحلة يتم تحديد االستراتيجيات والخطط العملية.
فعلى ه ذه اإلج راءات أن تتط ابق م ع المنهجي ة العام ة للمؤسس ة ،وهن ا علين ا أن
نع رف أن ه ال توج د منهجي ة متطابق ة ي ك ل زم ان ومك ان ،مم ا يس تدعي على
المؤسسة تكييف هذه اإلجراءات مع هيكلها وتنظيمها بحيث تعطيها طابع المرونة.
18
تتض من ه ذه المرحل ة دراس ة المحي ط من خالل حص ر الف رص ال تي يق دمها
سواء
ً والقيود التي يفرضها على المؤسسة ،حيث أن تشخيص المؤسسة لمحيطها
المباش ر أو الموس ع يس مح له ا بتحدي د وض عيتها تج اه المنافس ين ،وذل ك بط رح
السؤال :كيف يمكن أن نصل إلى الهدف مقارنة مع اآلخرين؟
واله دف من ه ذا ه و اإلطالع على نق اط الق وة والض عف في الج وانب المختلف ة
لنشاط المؤسسة( التسويق ،اإلنتاج ،التموين ،المالية .)...،حتى يتسنى لها بعد ذلك
القيام بتعديالت أو إصالحات للعودة إلى التوازن في نقاط الضعف المسجلة ،وبناء
إستراتيجيتها على أساس طاقاتها الفعلية والمتميزة.
19
تق ييم مجم وع اإلي رادات والمص اريف الناتج ة عن اإلس تراتيجيات المحتف ظ -
بها ،بهدف مراقبة أو اختبار االنسجام في الخطط بين مختلف األقسام.
)5مرحلة الموازنة:
في ه ذه المرحل ة تتم ترجم ة الس نة األولى من الخط ة إلى موازن ة تقديري ة،
مرقم ة ومقيم ة مالي ا ،ت وزع فيه ا الم وارد وتح دد المس ؤوليات .حيث أن إع داد
الموازن ات يتم في الواق ع ض من نظ ام م وازني تح دده السياس ة العام ة للمؤسس ة
وثقافته ا ،وإ س تراتيجيتها وطريق ة اإلدارة المطبق ة فيه ا ،ديكتاتوري ة
ديمقراطي ة...،إلخ .كم ا أن هيك ل المؤسس ة وتنظيمه ا ،ال ذي ينتج ب دوره عن
اإلستراتيجية العامة للمؤسسة ،يحدد النظام الموازني.
هذا النظام عادة ما يتميز بوجود عدد من الموازنات الرئيسية في أعلى الهرم
الهيكلي مثل موازنة المبيعات ،اإلنتاج...،إلخ .تأتي بعدها الموازنات األقل أهمية
واألك ثر جزئي ة مث ل موازن ة أعب اء الورش ات .ويتوق ف ت درج الموازن ات وتع ددها
مع المستويات على التقسيم الذي تأخذه اإلدارة كمقياس لذلك ،فقد تكون الموازن ات
حسب الوظائف أو خطوط اإلنتاج أو حسب المناطق الجغرافية.
وتتجلى أهداف نظام الموازنات فيما يلي:
تحدي د اإلمكان ات والم وارد الض رورية وتوزيعه ا حس ب رزنام ة زمني ة -1
لتنفي ذ األه داف المح ددة في الخط ة العملي ة وقبله ا في الخط ة
اإلس تراتيجية ،وبه ذا فالموازن ة تعت بر وس يلة تنفيذ للخط ط وتنسيق فيم ا
بينها.
توزي ع المس ؤوليات على مختل ف أقس ام المس ؤولية ،والمص الح ،ال تي -2
تح ددها المؤسس ة حس ب هيكله ا التنظيمي وطريق ة إدارته ا .وفي نفس
ال وقت وض ع مختل ف الم وارد المالي ة والبش رية تحت تص رف ه ؤالء
المسئولين وتوجيههم ضمن اإلستراتيجية العامة والسياسات الفرعية.
بالقي ام بدراس ات واطالع ات على الس وق وعلى إمكاني ات المؤسس ة -3
الداخلية عند إعداد الموازنة ،تصبح هذه األخيرة وسيلة لمتابعة حركة
20
المحي ط ال داخلي والخ ارجي للمؤسس ة باس تمرار ،وهي عملي ة تبت دئ
باإلستراتيجية العامة والتحليالت التي تسبقها.
تس مح الموازن ة بإع ادة النظ ر إن ك ان ذل ك ض روريا في األه داف -4
الزمني ة ،وفي توزي ع الم وارد المتعلق ة بالس نة المعني ة ،وذل ك نتيج ة لم ا
تقدمه تحليالت المحيط الداخلي والخارجي للمؤسسة من نتائج جديدة لم
تكن متوقع ة في اإلس تراتيجية العام ة.وه ذا ي دخل ض من متابع ة المحي ط
وتدارك تأثيراته في الوقت والمكان المناسبين.
كما في التنبؤ والتحليل اإلستراتيجي ،فإن أعداد الموازنة تعتبر فرصة -5
في ي د الم ؤولين إلش راك المتع املين ال داخليين فيه ا أساس ا ،خاص ة في
المس تويات ال دنيا حيث المتع املون م ع ال برامج التنفيذي ة والم وارد
المختلف ة في المؤسس ة .ال تي تعت بر كنظ ام سياس ي وتقن و-اقتص ادي في
نفس ال وقت ،مم ا يس توجب األخ ذ بالحس بان الج انب االجتم اعي
والنزاع ات والتحف يز ،وغيره ا من العناص ر ال تي تجع ل من الموازن ات
إما وسيلة لرفع درجة اإلدماج وجمع أكثر للطاقات البشرية وتوجيهها
نحو تحقيق أه دافها ،أو سببا لظهور نزاعات أو اضطرابات قد تؤدي
إلى انفجارها.
كما أن الموازنة تسمح بمتابعة ومراقبة وتقييم األداء في مختلف أجزاء وأقسام
المؤسسة وتحديد المسؤوليات ،واستعمال نظام المكافآت في األخير ،كما أن نتائج
تحقي ق الموازن ات تص بح كعناص ر ت دخل في الموازن ة المقبل ة أو في الخط ة
المستقبلية عن طريق نظام التغذية العكسية(.¹")le feed back
-1ناص ر دادي ع دون ،اإلدارة والتخطي ط اإلس تراتيجي ،دي وان المطبوع ات
الجامعية ،الجزائر.ص:
موقع المؤسسات االقتصادية الجزائرية من الفصل الثالث:
21
التخطيط اإلستراتيجي
22
التخطي ط اإلس تراتيجي ال ذي ذكرن اه س ابقا ،وال ذي يبت دئ من وض ع األه داف
اإلستراتيجية إلى وضع الموازنات ،ومراقبة تنفيذها مرورا بالبرامج والخطط
العملية.
والمؤسسة الجزائرية هنا ،ال تبتعد عن هذا التصور للتخطيط في مجموعه،
ولكن م ع وج ود االختالف في عملي ة التط بيق والتنفي ذ ،حيث عملي ة وض ع
األهداف وتحديد الموارد والوسائل ليست من صالحيات المؤسسة فقط كوحدة
مس تقلة ،ب ل يش ترك فيه ا جه از التخطي ط المرك زي ،حيث تح دد عن طري ق
المبالغ الممكن تخصيصها لكل فرع اقتصادي على المستوى الوطني ،وكذلك
التوجيه ات واأله داف العام ة ،قب ل االنطالق في إع داد الخط ة من ط رف
المؤسسات ،التي تمر عبر ذلك إلى الجهاز المركزي للتخطيط ،الذي يدرسها،
ويق رر رفض ها أو قبوله ا ،م ع تع ديل أو بدون ه .وهن ا تظه ر طاق ات ومه ارات
اإلقناع لدى المديرين ،والمسؤولين في المؤسسة.
-1ناص ر دادي ع دون ،اإلدارة والتخطي ط اإلس تراتيجي ،دي وان المطبوع ات
الجامعية ،الجزائر.ص.149:
وخط ة المؤسس ة ال تتعل ق بالنش اطات االقتص ادية فق ط ،ب ل تعكس أيض ا
إس تراتيجية اجتماعي ة .وأثن اء إع داد المؤسس ة لخطته ا ال تتمت ع بحري ة
واستقاللية القرار ،فهي تخضع للتوجيهات المركزية العامة قبل اإلعداد ،وأثناء
تنفيذها أيضا.
وق د ش هدت المرحل ة الثاني ة للمؤسس ة االقتص ادية نوع ا من التغ ير في
التصور العام للخطة المتعلقة بالمؤسسة العمومية (حسب قوانينها الصادرة في
سنة )1988بإعداد مخططها للتنمية متوسط األجل ،وتصادق عليه في إطار
توجيه ات وأه داف المخط ط الوط ني متوس ط األج ل ومقتض يات التكام ل
االقتصادي الفرعي خاصة .ويهدف هذا المخطط أساسا إلى:
23
وض ع تنمي ة وإ س تراتيجية المؤسس ة ض من المخط ط الوط ني، -1
وضمان انسجامها فيه.
تحدي د واجب ات ك ل من الدول ة والمؤسس ة .في تط بيق ه ذا -2
المخطط.
خدمت ه كإط ار للعالق ات بين الدول ة والمؤسس ات ،وكإط ار -3
مرجعي لمتابعة تقييم نشاطات هذه المؤسسة.
الس ماح بممارس ات فعلي ة الس تقاللية التس يير في المؤسس ات -4
بتحديد اإلطار والشروط.
وهك ذا يتض ح أن مخط ط المؤسس ة العمومي ة االقتص ادية في نهاي ة الثمانين ات
يستجيب أكثر إلى أهداف اقتصادية وطنية ،ورغم استقاللية المؤسسة الشكلية إال
أنه ا تبقى مرتبط ة بالدول ة والمخط ط الوط ني حس ب درج ات متفاوت ة من مؤسس ة
إلى أخرى ،ويصعب فيها تحديد إستراتيجية واضحة.
كما رأينا سابقا مرت المؤسسة العمومية في مجال تنظيمها الداخلي بمرحلتين
مم يزتين ،الفاص ل بينهم ا ه و س نة ،1988أين ب دأت إص الحات االس تقاللية
تخرج إلى الوجود .وسنتعرض هنا إلى الجهات المشاركة أو التي لها دخل في
التخطيط وما يترتب عليه من أعمال في كل من المرحلتين.
24
م ا هي تق ديم توص يات ومراقب ة بعدي ة للنت ائج .أم ا مجلس اإلدارة
فه و الجه ة الفاعل ة في التخطي ط وفي العملي ات اإلداري ة
اإلستراتيجية ،ابتداء من برامج االستثمار ،توسيع النشاطات ،نظام
المس تخدمين ،الهيك ل اإلداري وغيره ا ،وإ لى الحس ابات وعناص ر
النتائج.
ومن هنا نالحظ أنه رغم اتجاه التسيير االشتراكي نظريا إلى
أكثر للعمال في المراقبة ،وتسيير نشاطات المنظمة ،إال أنه إشتراك
ال يعطي ص الحيات حقيقي ة له ؤالء ،خاص ة فيم ا يتعل ق بالتخطي ط
االستراتيجي ،ويترك ذلك لمجلس اإلدارة الذي يوجد فيه ممثلون عنهم.
في ه ذه المرحل ة أخ ذت المؤسس ة العمومي ة )2في المرحل ة الثانية:
الجزائري ة (حس ب ق )88.01:ش كال آخ ر أك ثر وض وحا في م ا
يتعل ق بالج انب الق انوني والعالق ات بين اإلدارة المركزي ة واإلدارة
الداخلي ة فيه ا ،حيث أص بحت تتمت ع باألهلي ة القانوني ة الكامل ة،
فتش ترط وتل تزم وتتعاق د بكيفي ة مس تقلة بواس طة أجهزته ا المؤهل ة
ل ذلك ،بمقتض ى قانونه ا األساس ي ،وطبق ا لقواع د التج ارة واألحك ام
التشريعية المعمول بها في مجال االلتزامات المدنية والتجارية.
ولهذا فالقيام بمختلف أعمال التخطيط االستراتيجي في هذه
المؤسس ة حس ب الق انون التج اري والم دني ال ذي يعطي في ه س لطة ه ذا
النشاط لمجلس اإلدارة وجمعية المساهمين.
إذ يعبر مجلس اإلدارة السلطة العليا في المؤسسة ،والمفكر الرئيسي،
والمس يطر في التحلي ل اإلس تراتيجي ،ووض ع الخط ط العام ة،
والسياسات ،من أجل ضمان السير الجيد للمؤسسة ،واستمرار حياتها.
وه و المجلس ال ذي يرب ط بين الجمعي ة العام ة للمس اهمين في ه ذه
المؤسس ة ،ال تي تعت بر ذات أس هم ،وال تي له ا س لطة الملكي ة وإ دارة
المؤسسة في صورة مديرها الذي يتمتع بسلطة التسيير.
25
إذ يش ترك في عملي ة التخطي ط االس تراتيجي ك ل من مجلس اإلدارة
والجمعية العامة ،والمدير العام ،كل حسب الصالحيات التي يخولها له
القانون.
كم ا تج در المالحظ ة إلى أن مختل ف المؤسس ات ال تي م رت إلى
االستقاللية لم تتمكن من االستفادة بما فيه الكفاية من النصوص الجديدة
آن ذاك في التحض ير والقي ام بوض ع خط ط إس تراتيجية متوس طة الم دى،
وذلك لعدة أسباب منها على األخص:
-المش اكل المتعلق ة بالج انب التأسيس ي ال تي جابهته ا المؤسس ات في
الس نة األولى من تحوله ا إلى االس تقاللية ،وذا ع دم اس تقرار اإلط ار
االقتصادي الوطني مما ال يسمح بوضع وإ عداد خطط عمل منسجمة.
-ظه ور اإلختالالت في المس ؤولية ،وس وء اإلدارة الناتج ة عن الخل ط
الكب ير في العالق ات بين المؤسس ة واإلدارة المركزي ة وغيره ا ،إذ رغم أن
اإلص الحات الخاص ة باالس تقاللية ق د أعطت المؤسس ة اس تقاللية معين ة من خالل
نصوصها ،إال أن هذا لم يسمح لها باالستفادة من إجراءات التخطيط االستراتيجي،
وه ذا لع دم اعتماده ا على التقني ات الحديث ة في اإلدارة ،ابت داء من تقني ات التس يير
الكمية ،ماعدا المحاسبة العامة الشكلية ،إلى مناهج متابعة وتقييم ،وتوجيه الموارد
المختلف ة ،وعلى رأس ها الم وارد البش رية ال تي أهملت بش كل كب ير في ج وانب
تسييرها ،واستغاللها الفعال ،رغم أنها هي التي تتميز بالدور الريادي في أي نشاط
إنساني.
وع دم نج اح المؤسس ة االقتص ادية العمومي ة الجزائري ة في دخ ول التخطي ط
االستراتيجي ،في مرحلة االستقاللية ،باإلضافة إلى كل هذا ،كان له أسباب أخرى
منه ا التراكم ات في نت ائج التس يير ،واإلدارة السلبية ع بر ع دة س نوات ،وبق اء نفس
المؤطرين والمديرين لهذه اإلصالحات ,كما لم تكن صناديق المساهمة إال صورة
أخ رى من ص ور الض غط والت دخل اإلداري ،رغم اآلم ال ال تي ك انت معلق ة عليه ا
لتحس ين أداء المؤسس ات .وه و م ا يس مح ب القول أن ه ذه اإلص الحات لم ت وفر له ا
26
الظ روف الجي دة والحقيقي ة للنج اح في الواق ع ،فه ل س تنجح اإلص الحات ال تي تلته ا
للدخول إلى اقتصاد السوق بشكل واضح وأعمق؟ وهل ستنجح في إدخال التقنيات
الحديثة في إدارتها وعلى رأسها التخطيط االستراتيجي وما يرتبط به من جوانب
متشابكة ومعقدة؟ ،فهذا ما سنحاول اإلجابة عنه في المبحث الموالي.
إن خطة التصحيح بالمؤسسة ما هي في الواقع إال خطة إستراتيجية انتقالية أو
من نوع خاص لهذه الفترة ،فهي تستوجب القيام بكل مراحل التخطيط االستراتيجي
وتحدي د األه داف اإلس تراتيجية ع بر أف ق معين متوس ط ق د يص ل إلى 5س نوات،
تحاول المؤسسة فيه الوصول إلى تحقيق الشروط والعوامل الضرورية للحكم على
نشاطها بعد ذلك .وهذا يعني أيضا توزيع هذه األهداف إلى أهداف قصيرة األجل
وسنوية ،في الزمن وعبر فروع ومستويات المؤسسة.
وإ ذا كانت خطة التصحيح خطة هي خطة إستراتيجية خاصة ،أو انتقالية ،فإن
المؤسس ات الص ناعية العمومي ة ،س واء في ه ذه النقط ة أو غيره ا في المس تقبل،
27
عليها أن تعمل على إتباع الخطوات العامة للخطة اإلستراتيجية ،وفي حالة وضعية
ه ذه المؤسس ات يجب أن يص ب االهتم ام على المش اكل ،والظ روف الخاص ة به ا،
وفي الزمن الذي يتم فيه إعداد الخطة ،وأن تكون لديها النظرة اإلستراتيجية طويل ة
األج ل ،وم ا يرتب ط بحياته ا ومحيطه ا الوط ني وتحركات ه ،وأيض ا المغ اربي
والمتوس طي ،م ع متابع ة عالق ة الجزائ ر بالس وق األوروبي ة المش تركة ومنظم ة
التج ارة الدولي ة .وفي ه ذه الخط ة يتم اتخ اذ الق رارات المتوس طة وقص يرة األج ل
بعيدا عن القرارات االرتجالية التي طالما تميزت بها في مراحل سابقة.
بحيث يجدر اإلشارة إلى أن خطة النجاعة تحوي عناصر من أهمها:
مطاردة التكاليف الزائدة ،وتخفيض العمال ،التنازل عن استثمارات...الخ. -
وس ائل القي ادة :إع ادة التنظيم ،محاس بة تحليلي ة ،نظ ام معلوم ات التس يير -
وغيرها.
التسويق الجديد المختلط -
الثقافة الجديدة الواجب تجذيرها. -
ولكي تكون هذه الخطة مثمرة وذات نجاعة لمؤسساتنا الوطنية يجب تدعيمها
بتقنيات معينة تعمل على الرفع من كفاءة التخطيط وخلق ميزة تنافسية للمؤسسة
في ظل سوق شرس ال يكون البقاء فيه إال لألقوى.
التخطيط االستراتيجي كوسيلة مهمة يشترك فيها مختلف األفراد واألطراف في
المؤسسة ،من أعلى هرم اإلدارة إلى آخر األفراد والعمال المنفذين ،وكل منهم له
دور محدد في إعداد ،وتنفيذ ومراقبة ،نتائج هذا التخطيط بشكل منتظم.
والسؤال الذي يمكن طرحه في موضوع المؤسسة العمومية الجزائرية هو:
كي ف ت رى اإلدارة إلى ه ذه التقني ات ودوره ا في المؤسس ة ،وإ لى أي م دى تس تفيد
منها في التسيير واإلدارة؟.
28
ولإلجابة على هذا السؤال المزدوج ال نبدأ من ما إذا كانت المؤسسات تطبق
هذه التقنيات ،ألنها موجودة بالفعل ومستعملة بشكل أو بآخر ،خاصة مع إجبارية
تطبيق المحاسبة العامة ابتداء من جانفي .1976ثم تطبيق التدقيق الداخلي حسب
ق انون ،88.01ل ذا فالمش كل ال يط رح على وج ود أو تط بيق ه ذه التقني ات في
مجمله ا ،وإ نم ا كيفي ة التط بيق ،أو على األق ل فيم ا يتعل ق باألساس ية منه ا .زهن ا
يكمن أن نستخلص ما يلي حول كيفية تطبيق ومدى االستفادة من هذه التقنيات:
)1المحاس بة العامة :تعت بر من أول التقني ات المس تعملة في المؤسس ات
الص ناعية الجزائري ة س واء فيم ا يتعل ق بمتابع ة وتس جيل ك ل العملي ات
المحاسبية ،أو بإعداد ومراقبة السجالت مثل اليومية ،دفتر األستاذ ،وكذا
إعداد الميزانية المحاسبية ،وجدول حسابات النتائج .إال أن هذه العناصر،
رغم وجوده ا فهي تطب ق بطريق ة غ ير مفي دة كث يرا ،إذا ق د ال يتم الج رد
الدائم للمخزون ،وكذا مشاكل تتعلق بمتابعة إهتالك االستثمارات...الخ.
)2المحاسبة التحليلية :تعتبر ه ذه التقنية ذات اس تعمال داخلي أساسا في ع دة
مجاالت ،منها على الخصوص متابعة التكاليف حسب األقسام والمنتجات،
وعبر الزمن ،وتحديد سعر التكلفة للمنتجات والخدمات ،وسعر بيعها بعد
تطبيق هامش الربح المحقق ،لكنها تبقى غير مستعملة كما يجب في مج ال
التك اليف ب ل تحس ب إم ا بش كل غ ير علمي ،أو تحس ب وال تطب ق على
األس عار ،أي تحدي د ه ذه العناص ر يتم تق ديريا من جه ات علي ا بالنس بة
للوحدات اإلنتاجية أو خارج المؤسسة تماما.
)3تس يير الخزينة :وهي تقني ة التحلي ل الم الي ال تي تس تعمل قواع د النس ب
المالي ة والتوازن ات المالي ة ،وتج د المؤسس ة الجزائري ة نفس ها تع اني كث يرا
في هذا المجال لعدة أسباب منها سوء تحقيق التوازنات المالية ،فيما يتعلق
بمب ادئ التموي ل الثابت ة ،ل تراكم النت ائج الس لبية ،ولس وء التنس يق بين
االس تعماالت الطويل ة األج ل لألم وال ،وه ذا رغم ت وفر بعض الس يولة في
29
الم دى القص ير ،إال أنه ا س ريعا م ا تتبخ ر ،لتبقى المؤسس ة في بحث دائم
عن أموال جديدة.
)4الت دقيق ال داخلي :أو م ا ق د يس مى بالمراجع ة الداخلي ة ،وهي وظيف ة تع نى
بعملية مراقبة وتدقيق مختلف أنشطة المتابعة ،والتنفيذ في المؤسسة .وهي
تتض من إلطالع ومالحظ ة أنظم ة المراقب ة في المؤسس ة ،وتق ديم التحالي ل
واآلراء حولها ،وتقترح أدوات التوجيه والتعديل.
)5التقني ات األخ رى :أم ا مختل ف التقني ات األخ رى من تس يير للمخزون ات،
برمج ة خطي ة ،وغيره ا فهي وإ ن وج دت فهي بنس ب ض عيفة ج دا .وه ذا
يع ني س وء أو ع دم االس تفادة منه ا نهائي ا .وفي ه ذا المج ال يجب التأكي د
على أن المؤسس ات العمومية تتميز بضعف نظام معلومات التسيير ال ذي
من المف روض أن يك ون القاع دة األساس ية ال تي تس تفيد من معطياته ا،
وأدواته ا اإلدارة في إع داد ك ل م ا يجب اتخ اذه من ق رارات وإ ج راءات
تتعلق بالتخطيط االستراتيجي أو مراحل تنفيذه.
30
الخاتمة:
التخطيط علم وفن وإ ذا جاز لنا تحديد موضعه فإنه يحتل نقطة وسط تلتقي فيها
العل وم على اختالف أنواعه ا ،فك ل مج ال من مج االت المعرف ة اإلنس انية يم ارس
فيه ا التخطي ط بش كل أو ب آخر ،ول و حاولن ا تص نيف التخطي ط من حيث الموض وع
لكان من الصعب حصر أنواعه نظرا لكثرتها ،فالتخطيط التقليدي األحادي البعد
لم يع د مقب وال ،وأص بح التخطي ط االس تراتيجي المعاص ر تخطيط ا متع دد األبع اد
والمس تويات المرجعي ة والعلمي ة والمعرفي ة ،ك ذلك لم تع د عملي ة التخطي ط
االس تراتيجي فق ط عملي ة اقتص ادية كم ا ه و متع ارف علي ه تقلي ديا ،ب ل أص بحت
عملية جماعية تمارس من قبل مجموعة أو فريق من المخططين الذين ينتمون إلى
تخصص ات عدي دة ويختل ف ع ددهم وطبيع ة تخصص اتهم ب اختالف ن وع التخطي ط
الممارس.
وخالصة هذه المناقشة حول ماهية التخطيط االستراتيجي يمكننا القول أننا في
حاج ة إلى إس تراتيجية فعال ة للتخطي ط تق وم على مب ادئ وأس س علمي ة ومتين ة
لنضمن لمنظماتنا البقاء واالستمرار و النمو ،فقد أثبتت الدراسات أن نحو %80
من المؤسس ات ال تي يتم تص فيتها وج د أنه ا لم تكن تطب ق التخطي ط العلمي على
أنشطتها.
31
* قائمة المراجع المعتمدة:
أ -المراجع المكتبية (األساسية):
-1د.ش وام بوش امة -م دخل إلى االقتص اد الع ام -الطبع ة الثاني ة -دار الغ رب
للنشر.2000-
-2د.عثم ان محم د غ نيم -التخطي ط :أس س ومب ادئ عام ة -دار ص فاء للنش ر-
عمان.2001-
-3د.علي عباس -أساسيات علم اإلدارة -دار المسيرة-عمان.2004-
-4د .نبي ل محم د مرس ى -اس تراتيجيات اإلدارة العلي ا -المكتب الج امعي
الحديث -مصر.2006 -
-5ناص ر دادي ع دون -اإلدارة والتخطي ط اإلس تراتيجي -دي وان المطبوع ات
الجامعية -الجزائر.2001-
-6د.ط اهر الغ البي -إس تراتيجية األعم ال -م دخل تط بيقي -دار الثقاف ة-
األردن.2006 -
32
-1اسماعيل الحمراوي :باحث في الحقل الجمعوي -مقال منشور بتاريخ-31:
.2006-08
-2د .طالل الشريف -قسم اإلدارة العامة -جامعة الملك عبد العزيز.
ات- بعان -إدارة الدراس د الض -3محم
www.shura.gov.sa/arabicsite/majalah36/qatheya.htm - 102k
.-
ة. ز اإلدارة والتنمي تراتيجية -مرك -4اإلدارة اإلس
http://www.mdcegypt.com/Site-Arabic/Management
-5الموسوعة االلكترونية :ويكييديا.http://ar.wikipedia.org/wiki -
.Dictionnaire : Larousse - 1990 - p : 495 -6
33