‫أبعاد االتصال العمومي(االجتماعي)‪:‬‬

‫نظرا لشساعة ورحابة مجال االتصال العمومي‪،‬إذ يمس كافة مجاالت حياة اإلنسان‬
‫حيث المشاكل واآلفات ذات األبعاد المختلفة اجتماعية كانت أو صحية أو اقتصادية أو‬
‫سياسية‪،‬فكلّها تمثل أبعادا مختلفة ومتنوعة لالتصال العمومي‪.‬‬
‫فإذا كان االتصال العمومي يعرف أنه ك ّل اتصال يهدف للمصلحة العامة بأبعاده‬
‫اآلفات‬ ‫مختلف‬ ‫الصحي‪،‬البيئي‪،‬ومحاربة‬ ‫والمتعددة‪،‬كاالتصال‬ ‫المختلفة‬
‫(المخدرات‪،‬السيدا‪،‬الكحول وغيرها من اآلفات)وكل ما يمكن أن يمس مصلحة المجتمع‪،‬لذلك‬
‫أو المجالس العامة والجهوية في سعيها‬ ‫ما تقوم به الجماعات المحلية كالبلديات‬
‫لترقية المشاريع ومحاولة خلق الشعور بالهوية واالنتماء يدخل أيضا في إطار االتصال‬
‫العمومي‪.‬‬

‫البعد االجتماعي‪:‬‬
‫يرتبط االتصال العمومي ارتباطا وثيقا بالقضايا والمشاكل االجتماعية بحيث أصبح‬
‫من الضروري أن تتم دراسة االتصال العمومي في اإلطار اجتماعي‪،‬لما له دور في عملية‬
‫التغيير االجتماعي‪،‬إلى درجة دفعت الكثير من الباحثين إلى التأكيد أن كل تحليل للسلوك‬
‫االجتماعي البد أن يؤكد على مبادئ وميكانزمات االتصال العمومي‪.‬‬
‫حيث يركز هذا األخير على تعديل السلوك أو تغييره انطالقا من الفهم الكامل للقوى‬
‫النفسية التي تقود السلوك اإلنساني‪،‬بدراسة تكوينه النفسي واالجتماعي محاولة لتدعيم األفكار‬
‫أو تغييرها‪ .‬يبدأ هذا التغيير من التنشئة االجتماعية التي تعتبر الوسيلة التي‬ ‫واالتجاهات‬
‫تتحقق فيها ربط الفرد منذ صغره بمجتمعه عن طريق تعليمه القيم والمعايير االجتماعية‬
‫وإدماجه في جماعته سواء كانت أسرته أو أي جماعة أخرى ينتمي إليها‪.‬‬
‫البعد الصحي‪:‬‬
‫إن البعد الصحي لالتصال العمومي نشاط اتصالي يعتمد على مختلف وسائل اإلعالم‬
‫لتدعيم السلوكيات الصحيحة اإليجابية ومحاولة المنع أو التقليل من السلوكات السلبية‪ ،‬سواء‬
‫كان ذل ك على مستوى األفراد أو الجماعات حيث يتم ذلك من خالل التأثير على المعتقدات‬
‫واالتجاهات والسلوكات‪.‬‬
‫فالتوعية الصحية هي الهدف األساسي لالتصال العمومي ذو البعد الصحي‪،‬إذ يتحقق‬
‫هذا الهدف عن طريق التثقيف الصحي الذي يعتبر تضييق للفجوة بين المعرفة الصحية‬
‫والسلوك الصحي ‪،‬وذلك من خالل تحفيز الفرد على تحسين ما يقدم له من معلومات صحية‬
‫في سلوك يومي ييسر له الحفاظ على الصحة‪.‬‬
‫كما أن البعد الصحي لالتصال العمومي يركز أكثر على الجانب الوقائي أكثر من‬
‫الجانب العالجي ‪ ،‬إذ لم يعد تحقيق مفهوم الصحة العامة للمواطنين من خالل معالجتهم من‬
‫األمراض المختلفة بل أصبح التركيز على الوقاية من األمراض المزمنة والمعدية ‪ ،‬هذا‬
‫بسبب تغير بعض العادات والسلوكات الصحية اإليجابية لدى الفرد‪.‬‬
‫البعد التعليمي التربوي‬
‫يؤدي االتصال العمومي ذو البعد التعليمي دورا هاما في العملية التعليمية‪.‬فاالتصال‬
‫يشكل وسطا تربويا تكميليا للمدرسة ويؤدي دوره من خالل استخدام الوسائل االتصالية في‬
‫عملية التعليم المدرسي‪ ،‬بحيث يتاح لألفراد إمكانية تجديد معارفهم ومهاراتهم‪.‬لذلك أهمية‬
‫االتصال العمومي التربوي تزداد يوما بعد يوم لما يلعبه من دور ال يقل أهمية عن دور‬
‫المؤسسات التربوية نفسها‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة أن عملية التربية أشمل من التعليم‪،‬فالتعليم نشاط مخطط يعالج‬
‫مجموعة من النشاطات تؤدي إلى تغيير سلوك المتعلم في االتجاه المرغوب فيه‪.‬أما التربية‬
‫فهي عملية مخططة كذلك ترمي مساعدة الفرد على النمو السوي المتكامل من النواحي‬
‫الجسمية والعقلية واالجتماعية ليصبح قادرا على التكيف فيستجيب لشروط محيطه‪.‬‬
‫البعد السياسي‪:‬‬
‫إن أول مظهر ظهر به االتصال العمومي كان ذا بعد سياسي‪،‬وذلك بعد أن استعان‬
‫الرئيس األمريكي إيزنهاور بشركة إشهارية لتمويل حملته االنتخابية سنة ‪ 1952‬ليتحدى‬
‫بذلك خصومه‪.‬حيث كانت مبادرته تلك أول إعالن إشهاري لفائدة المصلحة العامة تستخدم‬
‫في المجال السياسي‪.‬وتبين منذ ذلك التاريخ بإمكان استخدام اإلشهار في مجال المصلحة‬
‫العامة‪.‬‬
‫وبذلك االتصال العمومي ذو البعد السياسي ممكن ينطلق من السلطة إلى المواطنين‬
‫‪،‬أو يكون في شكل إعالم واتصال من الدولة إلى المواطنين‪.‬كما أن األزمات والمشاكل‬
‫كالمظاهرات واإلضرابات هي كلّها أمثلة يمكن تفاديها عن طريق االتصال‬
‫العمومي‪.‬فاالتصال العمومي ذو البعد السياسي يرمي إلى إرساء الديمقراطية والحوار‬
‫لمقاومة األزمات المختلفة‪.‬‬

‫البعد االقتصادي‪:‬‬
‫يعالج البعد االقتصادي لالتصال العمومي قضايا مثل البطالة وسبل مكافحتها‪،‬محاربة‬
‫آفة التبذير‪،‬الحث على ادخار الطاقة من خالل التقليل من السرعة‪،‬حماية المستهلك بحثه على‬
‫اقتناء وشراء األجود بتكلفة أقل‪....‬وغيرها من القضايا التي تهم االتصال العمومي في بعده‬
‫االقتصادي‪.‬‬
‫إن البعد االقتصادي لالتصال العمومي أعطى نتائج مرضية في الحياة‬
‫االجتماعية‪.‬فالسلوك االقتصادي عند الناس والعادات االستهالكية وكيفية توجيه الناس‬
‫اجتماعيا ببعد اقتصادي يرشد االستهالك ويحسن السلوك االستهالكي نحو األفضل مما يحقق‬
‫أو الجماعات أو المجتمع أو الدولة ككل‪.‬‬ ‫وفرات اقتصادية سواء لألفراد‬
‫البعد البيئي‪:‬‬
‫لقد شاع الحديث عن االتصال البيئي لما آلت إليه الطبيعة من تدمير وخراب بسبب‬
‫اإلنسان ناهيك عن المؤتمرات والملتقيات المنظمة في هذا المجال‪،‬واالتصال العمومي أيضا‬
‫يهتم بالسلوكات الحضارية التي تحافظ على البيئة‪.‬إذ تنادي المنظمات الوطنية والدولية و‬
‫األحزاب والجمعيات المعاصرة بالمحافظة على الغابات وبحماية البيئة من التلوث‪.‬ففساد‬
‫البيئة واستنزافها أصبح يهدد العالم بأسره‪،‬حيث قال بعض الباحثين‪:‬لو كان للبيئة لسان ينطق‬
‫وصوت تسمع لصكت أسماعنا صرخات الغابات االستوائية التي تحترق في األمازون وأنين‬
‫المياه التي تخنقها بقع الزيت في الخلجان والبحار والهواء الذي يختنق بغازات المصانع‬
‫والسيارات‪.‬‬
‫لقد انتشر مفهوم رعاية البيئة أكثر من مفهوم حماية البيئة‪.‬كما يقال رعاية‬
‫األمومة‪،‬رعاية األسرة‪،‬نقول أيضا رعاية البيئة‪.‬ألن كلمة حماية تقتضي المحافظة على البيئة‬
‫أو يضرها أو يلوثها‪.‬أما كلمة رعاية تقتضي المحافظة على البيئة‬ ‫من كل ما يفسدها‬
‫من جهة الوجود ومن جهة العدم‪،‬بعبارة أخرى من جهة اإليجاب و من جهة السلب‪.‬فمن جهة‬
‫اإليجاب أو الوجود ينبغي العناية بالبيئة من جهة وما يرقى بها وما يصلحها وينميها‪،‬ومن‬
‫جهة السلب أو العدم ينبغي حمايتها من ك ّل ما يعود عليها بالضرر والتلوث والفساد وكل هذا‬
‫يدخل تحت مفهوم العناية‪.‬‬