You are on page 1of 28

1

‫وصية رسول اهلل‬


‫إلى المجاهدين في سبيل اهلل‬

‫كتبه األخ المجاهد‬


‫أبو حسن علي العرجاني الكويتي‬
‫‪-‬حفظه اهلل‪-‬‬

‫ربيع األول ‪ - 3416‬يناير ‪1035‬‬

‫‪2‬‬
‫اعلم رمحك اهلل أن وصايا الرسول ﷺ تكون يف كل ما شرعه من أوامر ونواهي وسنن وما رغب فيه من السلوك‬
‫واألخالق واآلداب وقد كان الصحابة رضي اهلل عنهم عندما يسألون عم أوصى به رسول اهلل ﷺ قالوا‪( :‬أوصى‬
‫بكتاب اهلل)‪.‬‬

‫وقالت أم املؤمنني عائشة رضي اهلل عنها ‪-‬يف الرسول ﷺ ‪ -‬كان خلقه القرآن ‪.‬‬

‫ومن هذا املنطلق لفهم معىن وصايا الرسول ﷺ سوف ننقل من األحاديث الصحيحة ما يستفيد منها اجملاهد يف سبيل‬
‫اهلل عز وجل يف حياته اليومية ويتمثل فيها للشرع وينتهي عما هني عنه ويتخلق باآلداب الشرعية حىت يكون قدوة‬
‫وسرية عطرة تشاهدها الشعوب املسلمة ليقودهم إىل الشريعة‪.‬‬

‫فعوام الناس ومجاهريها ينظرون للفرد والقائد اجملاهد واجلماعة اجملاهدة على أهنم مثال حي ملن حيمل رسالة اإلسالم‬
‫وأحكام الشريعة فال بُد علينا أن نكون يف املستوى املطلوب وأن نعرف قيمة املنزلة اليت أكرمنا اهلل عز وجل فيها يف‬
‫هذا العصر وما حيمله الشخص من شرف اجلهاد يف سبيل اهلل تعاىل لتكون كلمة اهلل هي العليا‪.‬‬

‫فاجلهاد يف سبيل اهلل قتال ودعوة أخالق ورمحة وتربية وسلوك حىت نصل إىل مكارم األخالق وندخلها بيوت املسلمني‬
‫متبعني يف ذلك سيد املرسلني ورمحة العاملني حممد صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫باب‪ :‬أي اإلسالم أفضل؟‬

‫عن أيب موسى رضي اهلل عنه قال‪ :‬قالوا‪ ( :‬يا رسول اهلل أي اإلسالم أفضل ؟ قال‪ :‬من سلم المسلمون من لسانه‬
‫ويده )‬

‫عن عبداهلل بن عمرو رضي اهلل عنهما‪ ( :‬أن رجالا سأل النيب ﷺ ‪ :‬أي اإلسالم خري ؟ قال ‪ :‬تطعم الطعام وتقرأ‬
‫السالم على من عرفت ومن لم تعرف)‪.‬‬

‫الفائدة‪ :‬أن أفضل اإلسالم من مل يعتدي على املسلمني باألذى سواء بيده أو لسانه وهذه منزلة تليق مبن خرج جماهدا‬
‫يف سبيل اهلل ودفاعا عن املسلمني فيكون صادقا فيما خرج من أجله ومؤثرا يف حميطه على الناس‪.‬‬

‫واخلري أن تطعم الطعام وتقرأ السالم على من عرفت ومن مل تعرف سواء كان من اجملاهدين يف مجاعتك أو ّمن‬
‫تفضلهم أو ال تفضلهم وتلقي السالم على املسلمني عامةا حىت ال تكون فيك ذرة من كرب وتعايل عليهم‪ ،‬وإن أكرمكم‬
‫عند اهلل أتقاكم‪.‬‬

‫باب‪ :‬الدين يسر‬

‫قول النيب ﷺ ‪ ( :‬أحب الدين إلى اهلل الحنفية السمحة )‪.‬‬

‫وعن النيب ﷺ قال‪ ( :‬إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحدا إل غلبه فسددوا وقاربوا وابشروا واستعينوا بالغدوة‬
‫والروحة وشيء من الدلجة )‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫وعن عائشة رضي اهلل عنها‪ ( :‬أن النيب ﷺ دخل عليها وعندها امرأة قال‪ :‬من هذه؟ قالت ‪ :‬فالنة تذكر من صالهتا‬
‫قال ‪ :‬مه عليكم بما تطيقون فو اهلل ل يمل اهلل حتى تملوا وكان أحب الدين إليه ما داوم عليه صاحبه)‪.‬‬

‫قال ﷺ‪( :‬إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)‪.‬‬

‫عن عائشة رضي اهلل عنها قالت‪ :‬مسعت من رسول اهلل ﷺ يقول يف بييت هذا (اللهم من ولى من أمر أمتي شيئا‬
‫فرفق بهم فارفق به ومن ولى من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه)‪.‬‬

‫فصل‪ :‬التيسير وترك التنفير‬

‫عن أيب موسى قال‪( :‬كان رسول اهلل ﷺ إذا بعث أحدا من أصحابه يف بعض أمره قال ‪ :‬بشروا ول تنفروا ويسروا‬
‫ول تعسروا)‪.‬‬

‫الفائدة‪ :‬إن دين اهلل عز وجل يسر مسح "وما كان الرفق يف شيء إال زانه وال نزع من شيء إال شانه " وأن اهلل عز‬
‫وجل "رفيق حيب الرفق يف األمر كله " ومن شدد على نفسه غلبه الدين وإّنا أمرنا مبا نطيق وأحب األعمال أدومها‬
‫وإن قل واتباع يف سنة خري من عمل كثري يف بدعة وهلكة!‬

‫وأمرنا أن نأيت من األعمال ما كان باالستطاعة وأن نقارب ونسدد ونستعني باهلل عز وجل ونستبشر ونبشر ونيسر وال‬
‫نعسر‪.‬‬

‫وليحذر اجملاهد الذي ويل أمرا على املسلمني أن تصيبه دعوة الرسول ﷺ فيشق اهلل عليه وليسعى أن ينال دعوته أن‬
‫يرفق اهلل عز وجل به كما رفق باملسلمني‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫باب‪ :‬أخوة اإلسالم وحقوقها‬

‫قال رسول اهلل ﷺ‪( :‬المسلم أخو المسلم ل يظلمه ول يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان اهلل في حاجته ومن‬
‫فرج عن مسلم كربة فرج اهلل عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره اهلل يوم القيامة )‪.‬‬

‫قال رسول اهلل ﷺ‪( :‬انصر أخاك ظالما أو مظلوما ) قالوا ‪ :‬يا رسول اهلل هذا ننصره مظلوما فيكف ننصره ظاملا ؟‬
‫قال ‪ ( :‬تأخذ فوق يده )‪.‬‬

‫قال ﷺ‪( :‬مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر‬
‫الجسد بالسهر والحمى)‪.‬‬

‫قال ﷺ (المؤمنون كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا)‪.‬‬

‫قال ﷺ‪( :‬حق المسلم على المسلم خمس رد السالم وتشميت العاطس وإجابة الدعوة وعيادة المريض واتباع‬
‫الجنائز)‪.‬‬

‫قال ﷺ‪( :‬ل يدخل الجنة من ل يأمن جاره بوائقه)‪.‬‬

‫فصل‪ :‬من خصال اإليمان أن يحب للمسلم ما يحب لنفسه‬

‫قال ﷺ‪( :‬ل يؤمن أحدكم حتى يحب ألخيه (أو قال‪ :‬لجاره ) ما يحب لنفسه)‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫الفائدة‪ :‬أخوة اإلسالم وحقوقها معقودة بني كل املسلمني ولو اختلفت مجاعاهتم ودوهلم وعروقهم وأنساهبم وأهنم‬
‫كاجلسد الواحد والبنيان املرصوص وإذا عمل اجملاهدون على هذا فاليبشروا بالنصر والقوة وإعادة أهل اإلسالم على‬
‫منهاج النبوة‪.‬‬

‫باب‪ :‬النهي عن الفرقة والتحزب والتعصب‬

‫قال ﷺ‪( :‬إن اهلل يرضى لكم ثالثا ويكره لكم ثالثا فيرضى لكم أن تعبدوه ول تشركوا به شيئا وأن تعتصموا‬
‫بحبل اهلل جميعا ول تفرقوا‪)..‬‬

‫وعن أيب ثعلبة اخلشين رضي اهلل عنه قال‪ :‬كان الناس إذا نزلوا تفرقوا يف الشعاب واألودية؛ فقال رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪( :‬إن تفرقكم في الشعاب واألودية‪ ،‬إنما ذلكم من الشيطان)‪ .‬فلم ينزلوا بعد ذلك منزال إال انضم‬
‫بعضهم إىل بعض‪.‬‬

‫قال ﷺ‪( :‬من قاتل تحت راية عمية يدعو إلى عصبية أو يغضب لعصبية فقتلته جاهلية)‪.‬‬

‫الفائدة‪ :‬أن الفرقة والتحزب بني املسلمني من الشيطان وال يفلح قوم سلكوا طريق عدوهم وتنازعوا فيما بينهم ومن‬
‫كان هذا حاله فهو إىل اهلزمية واالنكسار والزوال أقرب من الفالح والنصر‪.‬‬

‫باب‪ :‬النهى أن يحقر المسلم أو يخذله‬

‫قال ﷺ‪( :‬المسلم أخو المسلم ل يظلمه ول يخذله ول يحقره التقوى ههنا) ويشري إىل صدره ثالث مرات‪:‬‬
‫(بحسب امرىء من الشر أن يحقر أخاه المسلم ‪.)..‬‬

‫‪7‬‬
‫الفائدة‪ :‬كفى باملرء شرا أن حيقر أخاه املسلم وهذا سبب لضعف الوالء والقيام بالواجبات الشرعية املنعقدة يف إخوة‬
‫اإلسالم فال ينبغي للمجاهد التقي أن يتخلق هبذا اخللق وإن كان أخوه املسلم أقل منه إميانا وتقوى‪.‬‬

‫باب‪ :‬النهى عن التباغض والتحاسد‬

‫قال ﷺ‪( :‬ل تباغضوا ول تحاسدا ول تدابروا وكونوا عباد اهلل إخوانا ول يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثالث‬
‫أيام)‪.‬‬

‫فصل‪ :‬النهى عن الظن والتجسس والتنافس والتناجس والتدابر‬

‫قال ﷺ‪( :‬إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ول تحسسوا ول تجسسوا ول تنافسوا ول تحاسدوا ول‬
‫تباغضوا ول تدابروا وكونوا عباد اهلل إخوانا)‪.‬‬

‫الفائدة‪ :‬أمرنا باألخوة اإلسالمية وهنينا عن الظن والتجسس وتتبع عورات املسلمني والتحاسد فيما بيننا والتباغض‬
‫والتدابر فإن أسباب هذا كله حظوظ األنفس ّما ينتج عنه صراع يف الدنيا على األهواء والظنون الكاذبة ّما يذهب ريح‬
‫املسلمني ويضعف قوهتم ويسلط عليهم أعدائهم‪.‬‬

‫باب‪ :‬النهى عن الغيبة والنميمية‪.‬‬

‫قال ﷺ‪( :‬ل يدخل الجنة نمام)‪.‬‬

‫وقال ﷺ‪( :‬تجد من شرار الناس يوم القيامة عند اهلل ذا الوجهين الذي يأتي هؤلء بوجه وهؤلء بوجه)‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫قوال ﷺ‪( :‬ول يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا اهلل إن اهلل تواب‬
‫رحيم)‪.‬‬

‫الفائدة‪ :‬الغيبة والتميمية من أمراض األمم وأسباب فشلها ووقوع العداوة بني األخوة وبني األب وابنه وبني األم وابنتها‬
‫علما أهنم جتمعهم دماء ورحم فيكف بغريهم! وقد كان الرسول ﷺ يكره أن ينقل له شيء عن أصحابه ويعلل بقوله‪:‬‬
‫فإن أحب أن أخرج إليهم وأنا سليم الصدر‪.‬‬

‫وقد جاء يف احلديث أن فساد ذات البني حتلق الدين فاحلذر احلذر أخي اجملاهد أن تكون سببا يف هذا وتفسد‬
‫جهادك!‬

‫وقد ذكر شيخ اإلسالم ابن تيمية أن اجلهاد سبب إلجتماع أهل اإلسالم فالنحقق جبهادنا اجتماع املسلمني على‬
‫عدوهم‪.‬‬

‫باب‪ :‬النهي عن قبح الكالم وسيئة‬

‫عن عبد اهلل بن عمرو رضى اهلل عنهما قال‪( :‬إن رسول اهلل ﷺ مل يكن فاحشا وال متفحشا وكان يقول‪ :‬خياركم‬
‫أحاسنكم أخالقا)‪.‬‬

‫وقال ﷺ‪( :‬ليس المؤمن بالطَّعَّان ول اللَّعَّان ول الفاحش ول البذي)‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫فصل‪ :‬النهى عن سباب المسلم‬

‫قال ﷺ‪( :‬سباب المسلم فسوق وقتاله كفر)‪.‬‬

‫الفائدة‪ :‬إن من أفضل الناس اجملاهد يف سبيل اهلل تعاىل كما ثبت هذا بالنص وال ينبغي أن يكون أفاضل الناس‬
‫متفحشا فاحشا بالقول وال بذي وال طعان فيخالف صفة املدح فيه فتسقط مصداقيته وتفشل دعوته!‬

‫باب‪ :‬في ذم األلد الخصم‬

‫قال ﷺ‪( :‬إن أبغض الرجال إلى اهلل األلد الخصم)‪.‬‬


‫األلد‪ :‬شديد اخلصومة واخلصم‪ :‬مبالغة من اخلصومة‪.‬‬

‫الفائدة‪ :‬ال ينبغي على اجملاهد أن يبالغ يف خصومته وخاصه يف صغائر األمور ويقيم الدنيا ويقعدها وال أن يكون‬
‫شديد اخلصومة مع إخوانه واعلم أن من صفات املنافقني الفجور يف اخلصومة‪.‬‬
‫وقد شهدنا يف عصرنا من بالغ يف خصومته وشدد حىت أنه حلق بأهل البدع أو ترك اجلهاد وطعن باجملاهدين يف سبيل‬
‫اهلل‬
‫فهؤالء من أبغض الناس إىل اهلل عز وجل مبا وقع فيه‪.‬‬

‫باب‪ :‬النهي عن الغش‬

‫قال ﷺ‪( :‬من حمل علينا السالح فليس منا ومن غشنا فليس منا)‪.‬‬

‫وقال ﷺ‪( :‬ما من عبد يسترعيه اهلل رعيه يموت يوم يموت وهو غاش لهم لرعيته إل حرم اهلل عليه الجنة)‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫الفائدة‪ :‬الغش حمرم ا لذاته فإنه ليس من أخالق املسلمني وال طريقهم يف ذلك والغاش للمسلمني فيه نوع من َ‬
‫الشبه‬
‫بأعداء املسلمني‪.‬‬

‫باب‪ :‬النهي عن الغدر‬

‫قال ﷺ‪( :‬لكل غادر لواء يوم القيامة قال أحدهما‪ :‬ينصب وقال اآلخر‪ :‬يرى يوم القيامة يعرف به)‪.‬‬

‫وعن بريدة بن احلصيب رضي اهلل عنه قال‪ :‬كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم إذا أمر أمريا على جيش أو سرية‬
‫أوصاه يف خاصته بتقوى اهلل ومن معه من املسلمني خريا‪ ،‬مث قال‪( :‬اغزوا باسم اهلل في سبيل اهلل‪ ،‬قاتلوا من كفر‬
‫باهلل‪ ،‬اغزوا‪ ،‬ول تغلوا ول تغدروا ول تمثلوا ول تقتلوا وليدا‪.)...‬‬

‫وعن ابن عمر رضي اهلل عنهما‪ ،‬عن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال‪( :‬إذا جمع اهلل األولين واآلخرين يوم القيامة‬
‫يرفع لكل غادر لواء فقيل‪ :‬هذه غدرة فالن بن فالن)‪.‬‬

‫الفائدة‪ :‬الغدر حمرم لذاته وال حيوز منه شيء وحياسب اهلل عز وجل الغادر يوم القيامة ويفضحه على أعني الناس‬
‫وينصب له لواء الغدر وليس يف الغدر أمر حممود وال هو طريق للنصر وليس من خدعة احلرب‪.‬‬

‫باب‪ :‬الوفاء بالعهود‬

‫قال ﷺ‪( :‬من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما)‪.‬‬

‫وقال أنس‪ :‬ما خطبنا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم إال قال‪( :‬ل إيمان لمن ل أمانة له‪ ،‬ول دين لمن ل عهد له)‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫الفائدة‪ :‬الوفاء بالعهود مأمور به شرعا وهو من الدين وال جيوز نقضها بعد توثيقها وقوله ﷺ ال دين ملن ال عهد له ال‬
‫يعد خروجه من اإلسالم وإّنا وقع بالنقص يف دينه بسبب عدم وفاءه بالعهود وهذا مياثل قوله ﷺ ال إميان ملن ال أمانة‬
‫له‪ ،‬ويف احلديث ذم شديد ملن نقض العهد‪.‬‬

‫باب‪ :‬حسن الخلق والصحبة‬

‫عن ابن عمر رضي اهلل عنهما قال‪ :‬كنت مع رسول اهلل ﷺ فجاءه رجل من األنصار فسلم على النيب ﷺ مث قال‪ :‬يا‬
‫رسول اهلل أي املؤمنني أفضل؟ قال‪( :‬أحسنهم خلقا)‪ ،‬قال‪ :‬فأي املؤمنني أكياس؟ قال‪( :‬أكثرهم للموت ذكرا‬
‫وأحسنهم لما بعده استعدادا أولئك األكياس)‪.‬‬

‫وقال ﷺ‪( :‬أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا)‪.‬‬

‫وقال ﷺ‪( :‬ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق وإن اهلل يبغض الفاحش البذي)‪.‬‬

‫وقال ﷺ‪( :‬خير األصحاب عند اهلل خيرهم لصاحبه وخير الجيران عند اهلل خيرهم لجاره)‪.‬‬

‫فصل‪ :‬طالقة الوجه عند اللقاء‬

‫عن أيب ذر قال‪ :‬قال يل النيب ﷺ‪( :‬ل تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق)‪.‬‬

‫الفائدة‪ :‬لقد بعث الرسول ﷺ ليتمم مكارم األخالق وكان خلقه القرآن وأمرنا باإلحسان يف كل شيء وإن أكمل‬
‫املؤمنني إميانا أحسنهم خلقا وأن حسن اخللق من أثقل األعمال يف امليزان فيكف ملن خرج من بيته يبتغي رضى اهلل عز‬

‫‪12‬‬
‫وجل والدار اآلخرة أن يفرط يف حسن اخللق! وكيف لصاحب دعوة يريدها أن تنتشر وتقبل عند الناس وهو سيء‬
‫الطباع واللسان! فإن القلوب جبلت على حب من أحسن إليها‪.‬‬

‫باب‪ :‬أفضل الناس مخموم القلب صدوق اللسان‬

‫سئل الرسول ﷺ أي الناس أفضل؟ فقال ﷺ‪( :‬كل مخموم القلب صدوق اللسان)‪ ،‬قالوا‪ :‬صدوق اللسان نعرفه‬
‫فما خمموم القلب فقال‪( :‬هو التقي النقي ل إثم فيه ول بغي ول غل ول حسد)‪.‬‬

‫الفائدة‪ :‬اجملاهد ال يكون باغي وال يف قلبه حسد وغل وقد سئل الرسول ﷺ من أفضل الناس قال‪ :‬جماهد يف سبيل‬
‫اهلل واعلم أن يف اجلسد مضغة إذا صلحت صلح احلسد كله وإذا فسدت فسد اجلسد كله أال وهي القلب‪.‬‬

‫باب‪ :‬العفو والتواضع‬

‫قال ﷺ‪ ..( :‬وما زاد اهلل عبدا بعفو إل عزا وما تواضع أحد هلل إل رفعه اهلل)‪.‬‬

‫فائدة‪ :‬من كان يلتمس العزة والرفعة فيجدها باتباع ما أمر اهلل عز وجل وليست بالبطش وفتل العضالت واالنتماء‬
‫للجماعات إّنا تلتمس يف طاعة اهلل واتباع سنة نبيه فالعزة هلل مجيعا‪.‬‬

‫باب‪ :‬احترام الكبار والعلماء‬

‫قال ﷺ‪( :‬إن من إجالل اهلل إكرام ذي الشيبة المسلم)‪.‬‬

‫وقال ﷺ‪( :‬إن جبريل أمرني أن أكبر)‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫جل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه)‪.‬‬
‫وقال ﷺ‪( :‬ليس من أمتي من لم ي َّ‬

‫صلى زيد بن ثابت رضى اهلل عنه يوما على جنازة فقربت إليه بغلته لريكبها فجاء ابن عباس رضي اهلل عنهما فأخذ‬
‫بركاهبا فقال زيد ‪ :‬خل عنه يا ابن عم رسول اهلل ﷺ فقال ابن عباس ‪ :‬هكذا أمرنا أن نفعل بالعلماء والكرباء ‪.‬‬

‫فائدة‪ :‬البد للمجاهد أن يسلك سنة حممد ﷺ يف احرتام كبار السن والعلماء وينزهلم منزلتهم ويقتدي بفهم الصحابة‬
‫يف التعامل مع العلماء‪.‬‬

‫باب‪ :‬النهي عن الرياء والسمعة والكبر‬

‫قال النيب ﷺ‪( :‬من سمع سمع اهلل به ومن يرائي يرائي اهلل به)‪.‬‬

‫وقال ﷺ (إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك األصغر)‪ .‬قال‪ :‬وما الشرك األصغر يا رسول اهلل؟ قال‪( :‬الرياء)‪.‬‬

‫وقال ﷺ‪( :‬ل يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر)‪.‬‬

‫وقال ﷺ‪( :‬أل أخبركم بأهل الجنة؟ كل ضعيف متضاعف لو أقسم على اهلل ألبره أل أخبركم بأهل النار؟ كل‬
‫عتل جواظ مستكبر)‪.‬‬

‫الفائدة‪ :‬فاليحذر اجملاهد من الرياء يف األعمال وخاصه أنه يف موطن يشار إليه فيه وترتقبه األنظار وحيذر أن يدخل‬
‫عليه الكرب ألنه قائد أو جماهد أو ينتمي جلماعة معينه فإن الرياء من الشرك اخلفي الذي قد يدخل على األعمال‬
‫فيحبطها والتكرب حيرم املرء من اجلنة ومن صفات أهل النار املتكربين وهم حيشرون يوم القيامة كأمثال الذر!‬

‫‪14‬‬
‫باب‪ :‬النهى عن الظلم‬

‫عن النيب ﷺ قال‪( :‬الظلم ظلمات يوم القيامة)‪.‬‬

‫وقال ﷺ‪( :‬من ظلم من األرض شيئا طوقه اهلل من سبع أراضي)‪.‬‬

‫ويف رواية‪( :‬من أخذ شيئا من األرض بغير حقه خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين)‪.‬‬

‫عن النيب ﷺ فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال‪( :‬يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما‬
‫فال تظالموا‪.)..‬‬

‫فصل‪ :‬اتقاء دعوة المظلوم‬

‫عن ابن عباس رضي اهلل عنهما‪ :‬أن النيب ﷺ بعث معاذا إىل اليمن فقال‪( :‬اتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين‬
‫اهلل حجاب)‪.‬‬

‫الفائدة‪ :‬الظلم حمرم لذاته وهو ّما ال يغفر للشهيد ويقتص منه يوم القيامة وأن دعوة املظلوم ليس بينها وبني اهلل عز‬
‫وجل حجاب فاليحذر العبد من الظلم بالناس‪.‬‬

‫باب‪ :‬حق الطريق‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫عن سهل بن معاذ عن ابيه رضي اهلل عنه قال‪ :‬غزونا مع النيب ﷺ فضيق الناس املنازل وقطعوا الطريق فبعث نيب اهلل‬
‫ﷺ مناديا يف الناس (أن من ضيق منزل أو قطع طريقا فال جهاد له)‪.‬‬

‫وقال رسول اهلل ﷺ‪( :‬من ضيق منزل أو قطع طريقا أو آذى مؤمنا فال جهاد له)‪.‬‬

‫وقال ﷺ‪( :‬إياكم والجلوس في الطرقات)‪ ،‬قالوا‪ :‬مالنا بد إّنا هي جمالسنا نتحدث فيها قال‪( :‬فإذا أبيتم إل‬
‫الجلوس فأعطوا الطريق حقها)‪ ،‬قالوا‪ :‬وما حق الطريق؟ قال‪( :‬غض البصر وكف األذى ورد السالم وأمر‬
‫بالمعروف ونهي عن المنكر)‪.‬‬

‫فصل‪ :‬إزالة األذى عن الطريق‬

‫عن أيب برزة قال‪ :‬قلت‪ :‬يا نيب اهلل علمين شيئا أنتفع به قال‪( :‬اعزل األذى عن طريق المسلمين)‪.‬‬

‫الفائدة‪ :‬فاليحذر اجملاهد أن يبطل جهاده بإيذاء املؤمنني أو قطع الطريق على الناس أو تضيق منزال وأن للطرقات‬
‫حقها ومن هذه احلقوق‪ :‬غض البصر وكف األذى ورد السالم وأمر مبعروف وهنى عن منكر وأن من األعمال اليت‬
‫ينتفع هبا عزل األذى عن طريق املسلمني وهذا من اإلميان‪.‬‬

‫باب‪ :‬حرمة دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم‬

‫قال ﷺ‪( :‬أي يوم هذا) فسكتنا حىت ظننا أنه سيسميه سوى امسه قال‪( :‬أليس يوم النحر)‪ ،‬قلنا‪ :‬بلى قال‪( :‬فأي‬
‫شهر هذا؟)‪ ،‬فسكتنا حىت ظننا أنه سيسميه بغري امسه فقال‪( :‬أليس بذي الحجة؟)‪ ،‬قلنا‪ :‬بلى قال‪( :‬فإن دماءكم‬
‫وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ليبلغ الشاهد الغائب فإن‬
‫الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعى له منه)‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫وقال ﷺ‪( :‬ل يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما)‪.‬‬

‫وقال ﷺ‪( :‬كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله)‪.‬‬

‫وقال ﷺ‪( :‬لزوال الدنيا أهون على اهلل من قتل رجل مسلم)‪.‬‬

‫فصل‪ :‬حرمة أعراض المسلمين والمجاهدين‬

‫قال ﷺ‪( :‬كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله)‪.‬‬

‫عن أيب الدرداء عن الرسول ﷺ‪( :‬من ذكر امرءا بشيء فيه ليعيبه به حبسه اهلل في نار جهنم حتى يأتي بنفاذ ما‬
‫قال فيه)‪.‬‬

‫وقال ﷺ‪( :‬من قال في مؤمن ما ليس فيه اسكنه اهلل ردغة الخبال حتى يخرج مما قال)‪.‬‬

‫ويف حديث املنام أن النيب ﷺ‪ :‬مر بقوم خيدشون أجسامهم ويأكلون حلومهم فسأل النيب ﷺ جربائيل فقال‪ :‬هؤالء‬
‫الذين يأكلون حلوم الناس ويقعون يف أعراضهم‪.‬‬

‫قال ﷺ‪( :‬حرمة نساء المجاهدين على القاعدين كحرمة أمهاتهم‪)..‬‬


‫قال بعض العلماء فهذه حرمة نسائهم فيكف حبرمة اجملاهد نفسه‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫الفائدة‪ :‬جاء الوعيد الشديد يف حرمة دماء املسلمني ومن باب أوىل دماء اجملاهدين فاليحذر حامل السالح أن‬
‫يصيب منها شيئا دون حق واعلم أن كل مسلم رفع سالحه لقتال النصريية فهو من اجملاهدين وقد جاء الوعيد الشديد‬
‫ملن تعرض حلرمة نسائهم فيكف حبرمته ومن قال يف مسلم قوال ليس فيه حبس يف نار جهنم حىت يأيت باملخرج ّما قال‬
‫ولن يأيت باملخرج وكل املسلم على املسلم حرام سواء كان من مجاعتك أو مجاعة أخرى أقل من مجاعتك‪.‬‬

‫باب‪ :‬الجهاد لتكون كلمة اهلل هي العليا‬

‫عن أيب موسى األشعري رضي اهلل عنه قال‪( :‬قال أعرايب للنيب صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬الرجل يقاتل للمغنم‪ ،‬والرجل‬
‫يقاتل ليذكر‪ ،‬ويقاتل لريى مكانه‪ ،‬من يف سبيل اهلل؟ فقال‪ :‬من قاتل لتكون كلمة اهلل هي العليا فهو في سبيل اهلل)‪.‬‬

‫عن أيب موسى قال‪ :‬جاء رجل إىل النيب صلى اهلل عليه وسلم فقال‪ :‬الرجل يقاتل محية‪ ،‬ويقاتل شجاعة‪ ،‬ويقاتل رياء‪،‬‬
‫فأي ذلك يف سبيل اهلل؟ قال‪( :‬من قاتل لتكون كلمة اهلل هي العليا فهو في سبيل اهلل)‪.‬‬

‫الفائدة‪ :‬أن اجلهاد يف سبيل اهلل هو ما كان إلعالء كلمته وليس إلعالء كلمة اجلماعات والشخصيات وأن من قاتل‬
‫حلمية أو عصبية أو رياء فهذا ليس من سبيل اهلل وعلينا أن نسلك سبيل اهلل مبفهوم الشرع الذي مل يفرق بني املسلمني‬
‫يف جهادهم الذي ينطلق من منظور اإلسالم وليس العنصري أو التحزيب‪.‬‬

‫باب‪ :‬فضل الرباط في سبيل اهلل‬

‫قال ﷺ‪( :‬رباط يوم في سبيل اهلل خير من الدنيا وما عليها‪.)..‬‬

‫وقال ﷺ (رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه‪ ،‬وإن مات فيه جرى عليه عمله الذي كان يعمل وأجري‬
‫عليه رزقه وأمن من الفتان)‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫وقال ﷺ‪( :‬كل ميت يختم على عمله إل المرابط في سبيل اهلل فإنه ينمي له عمله إلى يوم القيامة‪ ،‬ويؤمن من‬
‫فتنة القبر)‪.‬‬

‫وقال ﷺ‪( :‬رباط شهر خير من صيام دهر‪ ،‬ومن مات مرابطا في سبيل اهلل أمن الفزع األكبر وغدي عليه وريح‬
‫برزقه من الجنة‪ ،‬ويجري عليه أجر المرابط حتى يبعثه اهلل عز وجل)‪.‬‬

‫فصل‪ :‬فضل الحراسة في سبيل اهلل‬

‫قال ﷺ‪( :‬حرس ليلة في سبيل اهلل أفضل من ألف ليلة يقام ليلها ويصام نهارها)‪.‬‬

‫الفائدة‪ :‬على الفرد اجملاهد أن ال يغفل عن فضل الرباط ودرجته وأن يتسابق على الرباط كما يتسابق على القتال‬
‫واالقتحام‪ ،‬فإن يف الرباط من الفضل العظيم والدرجة العالية ما ال يناهلا أي شخص آخر‪.‬‬

‫باب‪ :‬فضل النغماس في األعداء‬

‫قال النيب ﷺ‪" ( :‬عجب ربنا من رجلين‪:‬‬


‫رجل ثار عن وطائه من بين حيه أهله إلى صالته‪ .‬فيقول اهلل عز وجل لمالئكته‪( :‬انظروا إلى عبدي‪ ،‬ثار من‬
‫فراشه ووطائه ومن أهله وحيه إلى صالته‪ ،‬رغبة فيما عندي وشفقا مما عندي)‪.‬‬
‫ورجل غزا في سبيل اهلل عز وجل‪ ،‬فانهزم مع أصحابه‪ ،‬فعلم ما عليه في اإلنهزام وما له في الرجوع‪ ،‬فرجع حتى‬
‫أهريق دمه‪ .‬فيقول اهلل لمالئكته‪ :‬انظروا إلى عبدي رجع رغبة فيما عندي وشفقا مما عندي حتى أهريق دمه")‬

‫‪19‬‬
‫وعن عبد اهلل بن حبشي أن النيب ﷺ سئل أي العمل أفضل؟ قال‪( :‬طول القيام)‪.‬‬
‫قيل‪ :‬أي الصدقة أفضل؟ قال (جهد المقل)‪.‬‬
‫قيل‪ :‬فأي اهلجرة أفضل؟ قال‪( :‬من هجر ما حرم اهلل عليه)‪.‬‬
‫قيل‪ :‬فأي اجلهاد أفضل؟ قال‪( :‬من جاهد المشركين بنفسه وماله)‪.‬‬
‫قيل‪ :‬فأي القتل أشرف؟ قال‪( :‬من أهريق دمه‪ ،‬وعقر جواده)‪.‬‬

‫ويف احلديث أن عوف بن احلارث قال لرسول اهلل ما يضحك الرب عن عبده؟ قال‪( :‬غمسه يده في سبيل اهلل‬
‫حاسرا)‪.‬‬

‫الفائدة‪ :‬يف االنغماس يف العدو منزلة عالية ودرجة رفيعة ويقني يف اهلل عز وجل ورجاء للمنزلة اليت شرفها اهلل هبا وأن‬
‫صاحبها متيز عن بقية اجملاهدين مبا عمله وثبت فيه ضحك الرب من عمله فما أعظمه من عمل قام به العبد‪.‬‬

‫باب‪ :‬فضل الصبر عند لقاء األعداء‬

‫عن أيب الدرداء رضي اهلل عنه أن النيب ﷺ قال‪( :‬ثالثة يحبهم اهلل ويضحك إليهم ويستبشر بهم الذي إذا‬
‫انكشفت فئة قاتل وراءها بنفسه هلل عز وجل‪ ،‬فإما أن يقتل وإما أن ينصره اهلل‪ ،‬ويكفيه‪ ،‬فيقول‪ :‬انظروا إلى‬
‫عبدي هذا كيف صبر لي بنفسه‪ ،‬والذي له امرأة حسنة‪ ،‬وفراش لين حسن فيقوم من الليل‪ ،‬فيقول‪ :‬يذر شهوته‬
‫فيذكرني ولو شاء رقد‪ ،‬والذي إذا كان في سفر‪ ،‬وكان معه ركب فسهروا ثم هجعوا‪ ،‬فقام من السحر في سراء‬
‫وضراء)‪.‬‬

‫الفائدة‪ :‬نيل حب اهلل عز وجل وضحكه إليهم ويباهي هبم مالئكته يكون ملن صرب نفسه هلل عز وجل يف لقاء األعداء‬
‫إما الشهادة وإما النصر‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫باب‪ :‬فضل القتال‬

‫وعن أيب موسى رضي اهلل عنه‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ﷺ‪( :‬إن أبواب الجنة تحت ظالل السيوف)‪ .‬فقام رجل رث‬
‫اهليئة فقال‪ :‬يا أبا موسى! أنت مسعت رسول اهلل ﷺ يقول هذا؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬فرجع إىل أصحابه‪ ،‬فقال‪ :‬أقرأ عليكم‬
‫السالم‪ ،‬مث كسر جفن سيفه‪ ،‬فألقاه‪ ،‬مث مشى بسيفه إىل العدو فضرب به حىت قتل‪.‬‬

‫يف احلديث "فأي اجلهاد أفضل؟ قال‪( :‬من جاهد المشركين بنفسه وماله)"‪.‬‬

‫الفائدة‪ :‬حيل مكان السيوف يف هذا العصر أنواع األسلحة األخرى اليت يقاتل هبا اجملاهد األعداء وإذا تعني اجلهاد ال‬
‫يغين عن مباشرة القتال بالنفس شيء‪.‬‬

‫باب‪ :‬فضل الرمي في سبيل اهلل‬

‫عبيد عن سلمة بن األكوع رضي اهلل عنه قال مر النيب ﷺ على نفر من أسلم ينتضلون فقال رسول اهلل ﷺ‪( :‬ارموا‬
‫بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا ارموا وأنا مع بني فالن)‪ .‬قال فأمسك أحد الفريقني بأيديهم فقال رسول اهلل‬
‫ﷺ‪( :‬ما لكم ل ترمون)‪ .‬فقالوا يا رسول اهلل نرمي وأنت معهم قال‪( :‬ارموا وأنا معكم كلكم)‪.‬‬

‫َع ُّدوا لَهم َما استَطَعتم ِمن ق َّوة ﴾ أل إن‬


‫عن عقبة بن عامر قال‪ :‬مسعت رسول اهلل ﷺ وهو على املنرب يقول‪ ﴿ ( :‬وأ ِ‬
‫َ‬
‫القوة الرمي أل إن القوة الرمي أل إن القوة الرمي)‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫وعن أيب جنيح السلمي رضي اهلل عنه قال‪ :‬حاصرنا مع نيب اهلل ﷺ حصن الطائف فسمعت رسول اهلل ﷺ يقول‪( :‬من‬
‫بلغ بسهم فله درجة في الجنة)‪ .‬قال‪ :‬فبلغت يومئذ ستة عشر سهما‪ ،‬فسمعت رسول اهلل ﷺ يقول‪( :‬من رمي‬
‫بسهم في سبيل اهلل عز وجل فهو عدل محرر)‪.‬‬

‫الفوائد‪ :‬لقد بني الرسول صلى اهلل عليه وسلم فضل الرمي وتعلمه وأنه القوة وهذا ظاهر حاليا يف احلروب وما‬
‫للصواريخ أثر كبري يف ترجيح الغلبة وال خيفى على املقاتلني ما يف سالح اهلاون من نكاية بالعدو وكذلك يف القنص‬
‫ودور القناصني يف املعارك فعلينا العناية مبا أوصانا الرسول وأشار عليه أال أن القوة الرمي ثالثا وأيضا حنذر من الوعيد‬
‫يف ترك الرمي بعد تعلمه‪.‬‬

‫باب‪ :‬الترغيب بالشهادة في سبيل اهلل‬

‫قال رسول اهلل ﷺ‪( :‬للشهيد عند اهلل ست خصال‪ :‬يغفر له في أول دفعة‪ ،‬ويرى مقعده في الجنة‪ ،‬ويجار من‬
‫عذاب القبر‪ ،‬ويأمن الفزع األكبر‪ ،‬ويوضع على رأسه تاج الوقار‪ ،‬الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها‪ ،‬ويزوج‬
‫ثنتين وسبعين زوجة من الحور العين‪ ،‬ويشفع في سبعين من أقربائه)‪.‬‬

‫عن راشد بن سعد‪ ،‬عن رجل من أصحاب رسول اهلل ﷺ‪ ،‬أن رجال قال‪ :‬يا رسول اهلل! ما بال املؤمنني يفتنون يف‬
‫قبورهم إال الشهيد؟ قال‪( :‬كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة)‪.‬‬

‫وعن كعب بن مالك رضي اهلل أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪( :‬أرواح الشهداء في صور طير خضر معلقة‬
‫في قناديل الجنة حتى يرجعها اهلل يوم القيامة)‪.‬‬

‫وقال ﷺ‪( :‬أرواح الشهداء في أجواف طير خضر تعلق من ثمر الجنة أو شجر الجنة)‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫وقال ﷺ‪( :‬أرواحهم في جوف طير خير لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوى إلى‬
‫تلك القناديل)‪.‬‬

‫الفائدة‪ :‬الشهادة اصطفاء من اهلل عز وجل لعباده الصادقني وهم أحياء عند رهبم يرزقون فرحني مبا آتاهم رهبم معلقني‬
‫يف عرش الرمحن ويسرحون يف اجلنة يأكلون من مثارها ويشربون من أهنارها وقد أعطاهم اهلل عز وجل ست خصال ال‬
‫تكون إال للشهيد‪.‬‬

‫باب‪ :‬حرمة الفرار من القتال‬

‫يف "الصحيحني" عن النيب ﷺ أنه عد الكبائر وذكر‪( :‬الفرار من الزحف في الصفين)‪.‬‬

‫الفائدة‪ :‬من كبائر احملرمات الفرار من العدو خوفا منه وقد ذهب ابن حزم على حرمة الفرار من العدو خوفا ولو كنت‬
‫وحدك وال بد من التفرقة بني اهلروب خوفا وجبنا وبني اإلحنياز لفئة والتكتيك العسكري فهذا جائز وذاك حمرم‪.‬‬

‫باب‪ :‬الغزو في سبيل اهلل‬

‫الغزو باسم اهلل‪:‬‬

‫عن بريدة قال‪ :‬كان رسول اهلل ﷺ إذا أمر أمريا على جيش أو سرية أوصاه بتقوى اهلل ومن معه من املسلمني خريا‪،‬‬
‫فقال‪( :‬اغزوا باسم اهلل‪ ،‬في سبيل اهلل قاتلوا من كفر باهلل‪ ،‬اغزوا ول تغلوا‪ ،‬ول تغدروا‪ ،‬ول تمثلوا‪ ،‬ول تقتلوا‬
‫وليدا‪ ،‬وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثالث خصال أو خالل فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم‪،‬‬
‫وكف عنهم‪ ،‬ثم ادعهم إلى اإلسالم‪ ،‬فإن أجابوك فاقبل منهم‪ ،‬ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار‬
‫المهاجرين‪ ،‬وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين‪ ،‬وعليهم ما على المهاجرين‪ ،‬فإن أبوا أن يتحولوا‬

‫‪23‬‬
‫منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين‪ ،‬يجري عليهم حكم اهلل تعالى‪ ،‬ول يكون لهم في الغنيمة والفيء‬
‫شيء إل أن يجاهدوا مع المسلمين‪ ،‬فإن هم أبوا فاسألهم الجزية‪ ،‬فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم‪ ،‬فإن‬
‫هم أبو فاستعن باهلل وقاتلهم‪ ،‬وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة اهلل وذمة نبيه فال تجعل لهم‬
‫ذمة اهلل وذمة نبيه ‪ ،‬ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك‪ ،‬فإنكم إن تخفروا ذممكم وذمة أصحابكم أهون‬
‫من أن تخفروا ذمة اهلل وذمة نبيه‪ ،‬وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم اهلل فال تنزلهم‪ ،‬ولكن‬
‫أنزلهم على حكمك‪ ،‬فإنك ل تدري أتصيب فيهم حكم اهلل أم ل؟ )‬

‫الغزو غزوان‪:‬‬

‫عن معاذ بن جبل رضي اهلل عنه عن رسول اهلل ﷺ أنه قال‪( :‬الغزو غزوان فأما من ابتغى وجه اهلل وأطاع اإلمام‬
‫وأنفق الكريمة وياسر الشريك واجتنب الفساد فإن نومه ونبهه أجر كله وأما من غزا فخرا ورياء وسمعة وعصى‬
‫اإلمام وأفسد في األرض فإنه لم يرجع بالكفاف)‪.‬‬

‫فصل‪ :‬الشركة في الطعام بالغزو‬

‫عن أيب موسى قال‪ :‬قال النيب ﷺ‪( :‬إن األشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان‬
‫عندهم في ثوب واحد بالسوية فهم مني وأنا منهم)‪.‬‬

‫الفائدة‪ :‬يف أحاديث هذا الباب أحكام ومسائل وفوائد كثرية نذكر منها باختصار‪:‬‬
‫‪ .3‬على األمراء تقوى اهلل عز وجل واحلرص والعناية باجملاهدين‪.‬‬
‫‪ .1‬على األمراء تذكري أفرادهم باهلل عز وجل قبل الغزو‪.‬‬
‫‪ .1‬أن يستعينوا باهلل قبل املعركة وأن تكون نيتهم وأعماهلم هلل‪.‬‬
‫‪ .4‬النهي عن الغلول من الغنائم‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫‪ .5‬النهي عن الغدر إذا أعطو أمانا أو عهدا أو وعدا لألعداء عليهم االلتزام به‪.‬‬
‫‪ .6‬النهي عن التمثيل جبثث األعداء إال أن تكون معاملة باملثل‪.‬‬
‫‪ .7‬النهي عن قتل األطفال‪.‬‬
‫‪ .8‬يكون يف جهاد الطلب قبل بدأ القتال دعوة الكفار إىل ثالثة (اإلسالم أو اجلزية أو القتال)‪.‬‬
‫‪ .9‬إذا طلب األعداء أن جتعل هلم ذمة اهلل وذمة نبيه فال جتعل ذلك واجعل هلم ذمتك وذمة أصحابك حىت ال‬
‫ختفر ذمة اهلل وأن تنزهلم على حكمك يف االجتهاد فيهم مبا ثبت شرعا فإنك ال تعلم ما حقيقة ما يستحقونه‬
‫من حكم اهلل فيهم‪.‬‬
‫‪ .30‬الغزو املأجور عليه صاحبه من خرج يبتغي وجه اهلل عز وجل وأطاع أمريه يف املعروف وأنفق من ماله وكان لني‬
‫اجلانب مع أصحابه واجتنب الفساد فهذا نومه ونبهه كله أجر‪.‬‬
‫‪ .33‬هناك من خيرج للغزو وال يرجع باألجر بل وقد حيمل معه األمث وهو من خرج رياء ومسعه وعصى األمري وأفسد‬
‫يف األرض‪.‬‬
‫‪ .31‬حسن العشرة والبذل والعطاء واإلجتماع لو كان يف الطعام ّمدوح شرعا وجاء يف مدحه قول الرسول هو مين‬
‫وأنا منه‪.‬‬

‫باب‪ :‬السمع والطاعة‬

‫السمع والطاعة ملن ارتضينا أمرته علينا‪:‬‬

‫عن أيب هريرة أن النيب ﷺ قال‪( :‬من أطاعني فقد أطاع اهلل‪ ،‬ومن عصاني فقد عصى اهلل‪ ،‬ومن يطع األمير فقد‬
‫أطاعني‪ ،‬ومن يعص األمير فقد عصاني)‪.‬‬

‫وقال ﷺ‪( :‬اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة)‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫السمع والطاعة يف غري معصية اهلل عز وجل‪:‬‬

‫وعن علي رضي اهلل عنه قال‪ :‬بعث رسول اهلل ﷺ سرية واستعمل عليهم رجال من األنصار وأمرهم أن يسمعوا له‬
‫ويطيعوا فعصوه يف شيء‪ :‬قال‪ :‬امجعوا يل حطبا فجمعوا‪ ،‬مث قال‪ :‬أوقدوا نارا فأوقدوا‪ ،‬مث قال‪ :‬أمل يأمركم رسول اهلل ﷺ‬
‫أن تسمعوا وتطيعوا؟ قالوا‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪ :‬فادخلوها‪ ،‬فنظر بعضهم إىل بعض وقالوا‪ :‬إّنا فررنا إىل رسول اهلل ﷺ من النار‪،‬‬
‫فكانوا كذلك حىت سكن غضبه وطفئت النار‪ ،‬فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول اهلل ﷺ‪ ،‬فقال‪ :‬لو دخلوها مل خيرجوا‬
‫منها أبدا ‪ -‬وقال‪( :‬ل طاعة في معصية اهلل ‪ ،‬إنما الطاعة في المعروف)‪.‬‬

‫وقال ﷺ‪( :‬السمع الطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فال سمع ول‬
‫طاعة)‪.‬‬

‫الفائدة‪ :‬إن الطاعة ملن تأمر علينا يف املعروف من الدين وفيه اتباع للكتاب والسنة وقوة وعزة وتعد الطاعة باملعروف‬
‫من أسباب النصر ويعد العصيان من أسباب اهلزمية ويف عدم الطاعة من فرقة الصف والفوضى ما يضعف اجليوش وحيل‬
‫باملسلمني اهلزمية‪.‬‬

‫باب‪ :‬اإلمارة (كلكم راع ومسؤول عن رعيته)‬

‫األمري العادل‪:‬‬

‫قال ﷺ‪( :‬سبعة يظلهم اهلل في ظله يوم ل ظل إل ظله‪ :‬اإلمام العادل‪)..‬‬

‫الرفق بالناس واللني‪:‬‬

‫‪26‬‬
‫عن عائشة رضي اهلل عنها قالت‪ :‬قال رسول اهلل ﷺ‪( :‬اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به‪ ،‬اللهم‬
‫من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه)‪.‬‬

‫الغاش لرعيته‪:‬‬

‫عن معقل بن يسار رضي اهلل عنه قال‪ :‬مسعت رسول اهلل ﷺ يقول‪( :‬ما من عبد يسترعيه اهلل رعية‪ ،‬يموت يوم‬
‫يموت‪ ،‬وهو غاش لرعيته إل حرم اهلل عليه الجنة)‪.‬‬

‫وقال ﷺ‪( :‬ما من أمير يلي أمور المسلمين‪ ،‬ثم ل يجهد لهم‪ ،‬وينصح لهم‪ ،‬إل لم يدخل معهم الجنة)‪.‬‬

‫ويف احلديث‪( :‬من قلد رجال عمال من عصابة وهو يجد في تلك العصابة من هو أرضى هلل منه فقد خان اهلل‬
‫ورسوله والمؤمنين)‪.‬‬

‫قال أمري املؤمنني عمر بن اخلطاب ‪-‬رضي اهلل عنه‪( :-‬من ويل من أمر املسلمني شيئا فوىل رجال ملودة أو قرابة بينهما‬
‫فقد خان اهلل ورسوله واملسلمني)‪.‬‬

‫باب‪ :‬من سأل اإلمارة وكل إليها‬

‫قال ﷺ‪( :‬يا عبدالرحمن بن سمرة ل تسأل اإلمارة فإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أعطيتها عن غير‬
‫مسألة أعنت عليها‪.)..‬‬

‫‪27‬‬
‫الفائدة‪ :‬أن كل راع مسؤول عن رعيته واألمري العادل يظله اهلل بظله يوم القيامة ومن رفق بالناس رفق اهلل به ومن شق‬
‫عليهم شق اهلل عليه ومن غش رعيته ومل ينصح هلم وجيهد نفسه يف مصاحلهم حرم اجلنة ومن قلد أمريا ويوجد من هو‬
‫أفضل منه وقدم غريه ملودة أو قرابة أو لكسب الوالء فهو خائن غاش لرعيته‪.‬‬

‫ومن هنا فاليحذر كل من تأمر أن يناله الوعيد مبا فرط وأن إمرته يوم القيامة خزي وندامة إال من أدى حقها وما عليه‬
‫فيها وال جيوز تأمري من طلب اإلمارة وال تصح إمارة الضعيف وال املفضول طاملا وجد األفضل واألقدر‪.‬‬

‫وختاما‪ :‬اللهم أصلح أحوال اجملاهدين وهذب أخالقهم وأعنهم على طاعتك وانصرهم على عدوك وعدوهم واحلمد هلل‬
‫رب العاملني‪.‬‬

‫‪28‬‬

You might also like