Professional Documents
Culture Documents
مسائل مهمة في أحكام الأضحية
مسائل مهمة في أحكام الأضحية
أحكام األضحية
المقدمة
احلمد هلل محدا كثريا طيبا مباركا فيه والصالة والسالم على عبده ومصطفاه وعلى آله وصحبه
وسلم.
وبعد:
فهذه مسائل مهمة تتعلق باألضحية وغالبها إجابة ألسئلة وردت إىل العبد الفقري .فأسأل اهلل أن
ينفع هبا عباده وأن يكتب يل أجرها عنده.
2
المسألة األولى:
يشرتط يف األضحية أن تبلغ السن املعترب شرعا وهو يف اإلبل بتماﻡ الﺨامسة ويف البقر واملعز
بتماﻡ الثاﻧية والضأن بتماﻡ السنة هذا ﺇﻥ لم يﺠذﻉ ﻗبلها ﺃﻱ سقﻂ سنه ﻭﺇﻻ كفى كما فﻲ ﺧبر ﺃحمد
ﻭغيره ﻭيكوﻥ ﺫلﻚ بمنزلة البلوﻍ باﻻحتالﻡ.
وجرى كالم حول ما يوجد من البقر يف بعض البلدان من صغر اجلثة حىت تكاد أن تكون البقرة
يف حﺠم الشاة فهل جتزئ يف األضحية أم ﻻ؟
الثاني :هل جتزئ هذه عن سبعة أشﺨاص ألهنا بقرة؟ أم جتزئ عن واحد فقﻂ ألهنا يف حﺠم
الشاة اعتبارا حبﺠمها؟
أما األول فالظاهر صحة التضحية هبا ألن الشارع مل يأت مبقدار حﺠم ما يضحﻲ به املكلف
وإمنا ورد مبقدار سنه كما سبق.
وصغر حﺠم ما ذكر ليس عيبا فيها حىت يقال :ﻻ جتزئ من هذه احليثية وإمنا هﻲ ساللة وﻧوع
منه.
وأما الثاني فهل جتزئ هذه البقرة من هذا النوع عن سبعة أم عن واحد فقﻂ ألهنا يف حﺠم
الشاة؟
األﻗرب إجزاؤها عن سبع ألن الشارع ورد بإجزاء البقرة عن سبع ومل يتعرض حﺠمها وكون هذه
صغرية احلﺠم فإﻧه ﻻ مينع من إجزائها عن سبع ألمور منها:
أوال :أن لفظ البقر عام فيشمل ما ذكر وإن كان ذلﻚ ﻧادرا ألن الصحيح أن الصورة النادرة
تدﺧل يف العموم وهذه مسألة أصولية.
3
ثانيا :أن النادر أحلق جبنسه يف كثري من الفروع وهذا ينبغﻲ أن يكون منها فيلحق جبنس البقر يف
اإلجزاء عن سبع وتتبع أفراد البقر ليحكم عليها هل تكفﻲ سبعة أم دون السبعة لكون حﺠمها صغريا
مما يشق وﻻ ضابﻂ لصغر اجلثة لريجع إليه فﺠعلنا مسمى البقرة مع بلوغها السن املعترب هو الضابﻂ يف
اإلجزاء عن السبع ﻻ احلﺠم .وهذه ﻗاعدة فقهية.
ثالثا :لو اعتربﻧا صغر اجلثة وكربها يف اإلجزاء لكاﻧت الشاة كبرية اجلثة اليت تقرب من البقر جتزئ
عن سبع.
فاحلاصل إجزاء البقر املذكور يف التضحية وإجزاؤه عن سبعة أشﺨاص .واهلل أعلم.
4
المسألة الثانية:
ﻻ جتزئ التضحية باحلامل ألﻥ الحمل ينقﺺ لحمها كما علله النووي يف اجملموع وغريه وكثري
من الناس ﻻ يستطيب أكل احلامل بل ﻗد يضرهم فدﺧل يف املعىن املقصود من احلديث الذي رواه
الترمذﻱ ﻭصححه "ﺃﺭبع ﻻ تﺠزﺉ فﻲ األضاحﻲ :العوﺭاء البين عوﺭها ﻭالمريضة البين مرضها
ﻭالعرجاء البين عرجها ﻭالعﺠفاء التﻲ ﻻ تنقﻲ" فإن املعىن املاﻧع من اإلجراء ما حصل بسببه ﻧقﺺ يف
اللحم أو فساد.
وﺧالف اإلمام ابن الرفعة فصحح إجزاء التضحية باحلامل وعلل ذلﻚ بأﻥ ما حصل بها من
ﻧقﺺ اللحم ينﺠبر بالﺠنين فهو كالﺨصﻲ حيث جيزئ وإن فات باخلصاء جزء مأكول ألن يف اخلصاء
زيادة مسن.
ﻭﺭﺩوا هذا القياس من وجهني:
األول :أن الﺠنين ﻗد ﻻ يبلغ حد األكل كالمضغة.
الثاني :ﺯياﺩﺓ اللحم ﻻ تﺠبر عيبا حاصال يف الشاة بدليل أن العرجاء السمينة ﻻ جتزئ وﻻ
يقال :إن مسنها جرب عرجها.
فإن ﻗيل :يف باب الزكاة جعلوا احلمل صفة كمال ولذا ﻻ جيوز أﺧذ حامل إﻻ برضا املالﻚ فلم
كان احلمل يف األضحية عيبا؟
فاجلواب كما يف البﺠريمﻲ أهنم عدﻭها كاملة فﻲ الزكاﺓ ألﻥ القصد فيها النسل ﺩﻭﻥ طيب
اللحم الذي هو مقصود من األضحية فافرتﻗا يف احلكم.
ﻭﺃلحق الزﺭكشﻲ بالحامل ﻗريبة العهد بالوﻻﺩﺓ لنقﺺ لحمها ﻭالمرضع ﻭﺭﺩه ابن حﺠر ﻭفرﻕ
بأﻥ الحمل يفسد الﺠوﻑ ﻭيصير اللحم ﺭﺩيئا كما صرحوا به ﻭبالوﻻﺩﺓ زال هذا المحذﻭﺭ.
واهلل أعلم.
5
المسألة الثالثة:
إذا تعددت األضاحﻲ من الشﺨﺺ فمىت تزول كراهة حلق الشعر والظفر؟
يكره ملن أراد التضحية أن يأﺧذ شيئا من شعره أو بشرته أو أظفاره حىت يضحﻲ ملا رواه مسلم
عن ﺃﻡ سلمة رضﻲ اهلل عنهاﺃﻥ النبﻲ صلى الله عليه ﻭسلم ﻗاﻝ :ﺇﺫا ﺩﺧلت العشر ،ﻭﺃﺭاﺩ ﺃحدكم ﺃﻥ
يضحﻲ ،فال يمس من شعره ﻭبشره شيئا.
فلو أراد أن يذبح أكثر من أضحية فهل تزول الكراهة باإلضحية األوىل أم تستمر حىت يذبح
مجيع ضحاياه؟ استوجه يف التحفة أن الكراهة تنتفﻲ باألضحية األوىل وﻻ تستمر إىل الفراغ من ذبح
مجيع ضحاياه.
ﻭلو ﺃﺭاﺩ التضحية بعدﺩ ﺯالت الكراهة بأﻭلها كما جزﻡ به بعضهم ﻭهو المعتمد.
وهذه املسألة الفقهية مبنية على مسألة أصولية وهﻲ ﺃﻥ الحكم المعلق على معنى كلﻲ يكفﻲ
فيه ﺃﺩﻧى المراتب لتحقيق المسمى فيه على األصح وﻗيل :جيب أعلى املراتب احتياطا.
وﻗد بناها على هذه املسألة ابن حﺠر يف التحفة وسبقه اإلسنوي يف التمهيد وعبارته :فلو ﺃﺭاﺩ
التضحية بأعداﺩ من النعم فهل يبقى النهﻲ ﺇلى ﺁﺧرها ﺃﻡ يزﻭﻝ بذبح األﻭﻝ يتﺠه تﺨريﺠه على هذه
القاعدﺓ .أهـ.
ولكن األفضل ﺃﻥ ﻻ يفعل شيئا من تقليم الظفر وحلق الشعر حىت يذبح مجيع ضحاياه كما
ذكره اخلطيب الشربيين يف املغين.
6
المسألة الرابعة:
فإن كاﻧت منذورة معينة – وﻗد تكلم الفقهاء رمحهم اهلل عن ضالل املنذورة – كأن ﻗال :ﻧذرت
هلل أن أضحﻲ هبذه أو علﻲ هلل أن أضحﻲ هبذه فهنا صارت هذه الشاة املعينة ﻧذرا ولزمه ذحبها يف أيام
التشريق فإن هربت أو سرﻗت ووجدها بعد أيام التشريق لزمه ذحبها وتكون ﻗضاء ﻗال يف أسىن املطالب:
ﻭصرفها مصرﻑ الضحية ،ﻭﻻ يلزمه الصبر ﺇلى ﻗابل بل ﻻ يﺠوﺯ له فيلزمه الذبح فﻲ الحاﻝ كما
صرﺡ به الماﻭﺭﺩﻱ ﻭغيره أهـ.
ﻭجيب عليه طلب هذه الشاة الضالة إﻻ ﺇﻥ كاﻥ طلبها بمﺆﻧة وكلفة فال يﺠب فإن مل ترجع إليه
فال شﻲء عليه وﻻيلزمه ذبح بدهلا ﻗال يف الروضة واجملموع:
ﺇﺫا ﻗاﻝ :جعلت هذه البدﻧة ،ﺃﻭ هذه الشاﺓ ،ضحية ،ﺃﻭ ﻧذﺭ ﺃﻥ يضحﻲ ببدﻧة ﺃﻭ شاﺓ عينها،
فماتت ﻗبل يوﻡ النحر ،ﺃﻭ سرﻗت ﻗبل تمكنه من ﺫبحها يوﻡ النحر ،فال شﻲء عليه.أهـ.
ﻭﺇﻥ ﻗصر يف حفظها حتى ضلت طلبها ﻭجوبا ،ﻭلو بمﺆﻧة ﻭيلزمه ﺫبح بدلها ﻭجوبا ﻗبل
ﺧرﻭﺝ الوﻗت ﺇﻥ علم ﺃﻧه ﻻ يﺠدها ﺇﻻ بعده ،ﺛم ﺇﺫا ﻭجدها يذبحها ﻭجوبا ﺃيضا ألﻧها األصل.
وإن ﻧذر أن يذبح شاة أضحية غري معينة مث عني شاة عن اليت ﻧذرها يف ذمته مث ضلت هذه
املعينة فذبح غيرها ﺃجزﺃته فإﻥ ﻭجدها لم يلزمه ﺫبحها بل يتملكها كما يف شرح روض الطالب.
وإن كان األضحية تطوعا مل ينذرها مث ضلت وذهبت ﻗبل ذحبها ومل تظهر إﻻ بعد أيام التشريق
فواضح أﻧه ﻻ يلزمه ذحبها بل لو مل يذحبها يف أيام التشريق مع ﻗدرته على الذبح ﻻ شﻲء عليه ألهنا
تطوع غري واجبة عليه.
7
المسألة الخامسة:
محل التضحية موضع المضحﻲ سواء كاﻥ بلده ﺃﻭ موضعه من السفر كما ﻗاله يف اجملموع.
فال جيوز ﻧقل األضحية من بلد املضحﻲ إىل بلد آﺧر وسواء األضحية المندﻭبة ﻭالواجبة وهﻲ
اليت ﻧذرها املضحﻲ.
ﻭاألضحية المندﻭبة جيب عليه التصدق بشﻲء منها فهذا هو الذي ﻻ جيوز ﻧقله وما عدا ذلﻚ
جيوز ﻧقله.
ومنع ﻧقل األضحية مبين على منع ﻧقل الزكاة فإن منعناه كما هو املذهب فاألضحية كذلﻚ وإن
جوزﻧاه فيﺠوز ﻧقلها وﻗد صحح اإلسنوي رمحه اهلل جواز ﻧقلها وﻗال :ﻗد صححوا فﻲ ﻗسم الصدﻗاﺕ
جواﺯ ﻧقل المنذﻭﺭﺓ ،ﻭاألضحية فرﺩ من ﺃفراﺩها.
ﻭضعفه ابن العماﺩ ﻭفرﻕ بأﻥ األضحية تمتد ﺇليها ﺃطماﻉ الفقراء ،ألﻧها مﺆﻗتة بوﻗت كالزكاﺓ،
بﺨالﻑ المنذﻭﺭﺓ ﻭالكفاﺭاﺕ ،ﻻ شعوﺭ للفقراء بها حتى تمتد ﺃطماعهم ﺇليها.
هذا بالنسبة لنقل حلمها ﻭﺃما ﻧقل املبلغ املايل من بلد ﺇلى بلد ﺃﺧرﻯ ليشترﻱ بها ﺃضحية فيها
فهو جائز وﻗد ﻧقل صاحب إعاﻧة الطالبني فتوى مفيت الشافعية يف زماﻧه أمحد زيين دحالن عن فتوى
اإلمام الكردي جواز ﻧقل ذلﻚ املبلغ واستدل له الكردي بأن النيب عليه الصالﺓ ﻭالسالﻡ كان يبعث
الهدﻱ من المدينة يذبح له بمكة ففﻲ الصحيحين :ﻗالت عائشة ﺭضﻲ الله عنها :ﺃﻧا فتلت ﻗالئد
هدﻱ ﺭسوﻝ الله صلى الله عليه ﻭسلم بيدﻱ ،ﺛم ﻗلدها النبﻲ صلى الله عليه ﻭسلم بيده ،ﺛم بعث بها
مع ﺃبﻲ بكر ﺭضﻲ الله عنه.
فاحلاصل جواز ﻧقل املبالغ إىل بلدة أﺧرى لشراء أضاحﻲ وذحبها.
واهلل أعلم.
8
المسألة السادسة:
يندب ملن أراد األضحية أن ﻻ حيلق شعره وﻻ يقلم ظفره يف عشر ذي احلﺠة حىت يضحﻲ ملا
رواه مسلم عن أم سلمة أن النيب صلى اهلل عليه وسلم ﻗال :من كان عنده ذبح يريد أن يذحبه فرأى
هالل ذي احلﺠة فال ميس من شعره وﻻ من أظفاره حىت يضحﻲ.
واملراد بالنهﻲ عن احللق والقلم املنع من إزالة الظفر بقلم أو كسر أو غريه واملنع من إزالة الشعر
حبلق أو تقصري أو ﻧتف أو إحراق أو بنورة وغري ذلﻚ وسواء شعر العاﻧة واإلبﻂ والشارب وغري ذلﻚ.
وإمنا مل حيرم ذلﻚ ملا رواه الشيﺨان عن عائشة أهنا ﻗالت :كنت أفتل ﻗالئد هدى رسول اهلل
صلى اهلل عليه وسلم مث يقلده ويبعث به وﻻ حيرم عليه شﻲء أحله اهلل له حىت ينحر هديه.
ﻗال الشافعﻲ :البعث باهلدي أكثر من إرادة التضحية فدل على أﻧه ﻻ حيرم ذلﻚ.
9
المسألة السابعة:
ﻗد يوكل شﺨصا يف ذبح أضحيته وذلﻚ ظاهر ولكن هل يراعﻲ يف الذبح بالد املوكل أم بالد
الذبح فيما لو اﺧتلف التوﻗيت كأن وكل من باملشرق شﺨصا باملغرب مث غربت مشس آﺧر يوم يف
املشرق ومل تغرب بعد يف املغرب؟
ﻧﺺ احلنفية على أن اﻻعتبار باملكان الذي وجد فيه الذبح أي بالد الوكيل الذي ذبح كما يف
اجلوهرة النرية.
ومل اطلع فيما وﻗفت عليه على ﻧﺺ يف املذهب يف املسألة ولكن يﺆيد كون اﻻعتبار مبكان الذبح
من الفروع أﻧه لو وكله يف تفرﻗة زكاته فإن اﻻعتبار بالبلد الذي يوجد فيه املال ﻻ ببلد املالﻚ فيقاس عليه
حكم التضحية املذكور جبامع أن كال منهما حق مايل جاز فيه التوكيل.
وعليه فلو ﺧرج وﻗت التضحية يف بالد املوكل كأن غربت مشسه من آﺧر يوم من التشريق ومل
تغرب يف بالد الوكيل فيﺠوز أن يضحﻲ عن موكله لبقاء وﻗت التضحية.
ويﺆيد هذا أيضا ﻗوهلم :ﺃحكاﻡ العقد تتعلق بالوكيل ﺩﻭﻥ الموكل فيعتبر فﻲ الرﺅية ﻭلزﻭﻡ العقد
بمفاﺭﻗة المﺠلس ﻭالتقابض فﻲ المﺠلس حيث يشترﻁ الوكيل ﺩﻭﻥ الموكل.
10
المسألة الثامنة:
لو ذبح شاة وﻧوى هبا األضحية والعقيقة:
ذهب ابن حﺠر يف التحفة إىل أﻧه ﻻ حيصل واحدة منهما ﻻ أضحية وﻻ عقيقة وﻗال :إﻧه ظاهر
كالﻡ املنهاج ﻭاألصحاﺏ.
واستدل هلذا القول بأوجه:
األول :ﻗال يف التحفة ::ألﻥ كال منهما سنة مقصوﺩﺓ.
الثاني :ﻗال يف التحفة أيضا :القصد باألضحية الضيافة العامة ﻭمن العقيقة الضيافة الﺨاصة.
الثالث :ﻗال فيها أيضا :ألﻧهما يﺨتلفاﻥ فﻲ مسائل كما يأتﻲ.
الرابع :ﻗد يقاﻝ :ﻭﺃيضا كل منهما ﻻ يحصل بأﻗل من شاﺓ ﻭيلزﻡ من حصولهما بواحدﺓ حصوﻝ كل
منهما بدﻭﻧها أهـ سم .واستوجه هذا القول الحلبﻲ ﻭالشوبرﻱ.
وذهب اإلمام الرملﻲ يف النهاية وغريه إىل حصولهما ﻗياسا على غسل الﺠمعة ﻭالﺠنابة فإﻧه لو
اغتسل غسال واحدا وﻧوى به اجلنابة واجلمعة حصال.
وجياب عن هذا بوجهني:
األول :األضحية والعقيقة سنتان خبالف اجلنابة واجلمعة فاألول فرض والثا ي سنة.
الثاني :ﻗال يف التحفة :صرحوا بأﻥ مبنى الطهاﺭاﺕ على التداﺧل فال يقاﺱ بها غيرها أهـ.
وﻗد ﻧظم هذا اخلالف العالمة باكثري فقال:
أج ـ ـ ـ ـازه ال ـرملﻲ ب ـشاة م ـﺠـ ـزئ ـة اجل ـم ـع فـ ـﻲ ع ـق ـي ـقـ ـة وأضحـي ـة
ي ـ ـﺠـ ـزئ ل ـ ـما مـ ـنـ ـع الـ ـتـ ـداﺧ ـال وﺧالف ابن حـ ـﺠـ ـر وﻗـ ـ ـال ﻻ
واألﻗرب هو القول األول وهو عدم احلصول فيذبح شاة لألضحية وأﺧرى عن العقيقة واهلل أعلم.
11
المسألة التاسعة:
إذا ﻗال الشﺨﺺ :هلل علﻲ أن أضحية هبذه أو ﻧذرت أن أضحﻲ هبذه فواضح أﻧه يلزمه أن
يضحﻲ مبا عينه وﺧرجت عن ملكه بالتعيني.
لكن لو ﻗال :هذه أضحييت أو جعلتها أضحية ،ﺃﻭ هذه ﺃضحية ،ﺃﻭ علﻲ ﺃﻥ ﺃضحﻲ بها ،ﻭلو
لم يقل لله تعالى.
الصحيح يف املذهب ﻧعم وتكون واجبة كما يعتق العبد بقوﻝ سيده :هذا حر ﻗال ابن حﺠر يف
التحفة :ﻧظير هذا حر ﺃﻭ مبيع منﻚ بألف فكما ﺃﻥ كال من هذين صريح فﻲ بابه فكذلﻚ ﺫاﻙ.أهـ
ويف فتاوى الرملﻲ سئل عن ﺭجل ملﻚ شاﺓ ،ﻭﻗاﻝ هذه ﺃضحية ﺃﻭ جعلتها ﺃضحية ﻭلو عند
الذبح هل تصير بذلﻚ ﻭاجبة ،ﻭيحرﻡ ﺃكله منها ،ﻭﺇﻥ ﻧوﻯ به التطوﻉ لتلفظه بذلﻚ ﺃﻡ ﻻ؟ ﻭهل يحرﻡ
األكل من األضحية الواجبة بالنذﺭ ابتداء ﺃﻡ ﻻ؟
فأجاﺏ بأﻥ الشاﺓ المذكوﺭﺓ تصير بلفظه المذكوﺭ ﺃضحية ،ﻭﻗد ﺯاﻝ ملكه عنها فيحرﻡ عليه
ﺃكله من األضحية الواجبة.أهـ.
وﻗال يف خمتصر املز ي :ﻗاﻝ الشافعﻲ :ﻭﺇﺫا ﺃﻭجبها ﺃضحية ﻭهو ﺃﻥ يقوﻝ هذه ﺃضحية ﻭليس
شراﺅها ﻭالنية ﺃﻥ يضحﻲ بها ﺇيﺠابا لها.أهـ.
ﻭحينئذ فما يقع فيه كثير من العامة ﺃﻧهم يشترﻭﻥ ﺃضحيتهم من ﺃﻭائل السنة ﻭكل من سألهم
عنها يقولوﻥ :هذه ﺃضحية جاهلين بما يترتب على ﺫلﻚ بل ﻭﻗاصدين
اإلﺧباﺭ عما ﺃضمرﻭه ﻭظاهر كالمهم ﺃﻧهم مع ﺫلﻚ تترتب عليهم تلﻚ األحكاﻡ مشكل.أهـ
12
والقول بأهنا تلزم األضحية وتصري واجبة عليه بقوله :هذه أضحية من غري ﻧية ألﻧه صريح يف بابه
يف هذا القول حرج شديد كما ﻗال بعضهم ﻭتأبى عنه محاسن الشرﻉ الشريف ﻭلذلﻚ ماﻝ ابن ﻗاسم
ﻭﺃفتى السيد عمر البصري بﺨالفه كما سيأيت.
ﻭكالﻡ األﺫﺭعﻲ يف التوسﻂ يفهم ﻗبوﻝ ﺇﺭاﺩته ﺃﻧه سيتطوﻉ باألضحية بها.
ينبغﻲ ﺃﻥ يكوﻥ محله ما لم يقصد اإلﺧباﺭ فإﻥ ﻗصده ﺃﻱ هذه الشاﺓ التﻲ ﺃﺭيد التضحية بها
فال تعيين.أهـ.
وﻗد أجاب السيد عمر البصري فﻲ ﻧاﺯلة ﺭفعت له ﻭهﻲ ﺃﻥ شﺨصا اشترﻯ شاﺓ للتضحية فلقيه
شﺨﺺ فقاﻝ :ما هذه؟ فقاﻝ :ﺃضحيتﻲ.
فاحلاصل أﻧه إن ﻗصد بقوله :هذه أضحية أو أضحييت أﻧه سيضحﻲ هبا مستقبال فال زالت على
ملكه ومل خترج عنه ملكه وﻻ جيب عليه أن يضحﻲ هبا.
وإن ﻗصد إﻧشاء أهنا أضحية فإهنا خترج عن ملكه هبذا اللفظ كما لو ﻗال :هذا صدﻗة هلل.
واهلل أعلم
13
المسألة العاشرة:
النية واجبة يف الذبح لألضحية وغريها من أﻧواع القربات لقوله صلى اهلل عليه وسلم" :إمنا
األعمال بالنيات".
واألصل أن النية تكون على املوكل ﻻ الوكيل (الذابح) فلو ﻧوى املوكل أهنا أضحية مثال ولو كان
هذا عندما دفع الشاة للوكيل فتكفﻲ هذه النية فال حاجة ﺇلى ﻧية الوكيل بل لو لم يعلم ﺃﻧه مضح لم
يضر كما يف أسىن املطالب فمن باب أوىل ﻻ يضر ترك التلفظ بالنية من الوكيل وأن هذه أضحية فالن.
لكن للموكل أن يفوض ﻧية الذبح إىل الوكيل فينوي الوكيل عند الذبح أن هذه أضحية فالن وﻻ
يشرتط أن يتلفظ بذلﻚ وأن يذكر امسه.
واسـ ـت ـث ـنـيـ ـن م ـهما ت ـ ـقـ ـارن فـ ـعـ ـ ـ ـ ـال وما ك ـ ـفى الـ ـتوكـ ـيل فـ ـيها أصـ ـال
واهلل أعلم.
14
المسألة الحادية عشرة:
إذا كاﻧت األضحية تطوعا فالمستحب ﺃﻥ يأكل منه لما ﺭﻭﻯ مسلم عن جابر رضﻲ اهلل عنه
ﺃﻥ النبﻲ صلى الله عليه ﻭسلم ﻧحر ﺛالﺛا ﻭستين بدﻧة ﺛم ﺃعطى عليا ﺭضى الله عنه فنحر ما غبر
ﻭاشركه فﻲ هديه ﻭأمر من كل بدﻧة ببضعة فﺠعلها فﻲ ﻗدﺭ فطبﺨت فأكل من لحمها ﻭشرﺏ من
مرﻗها.
واملستحب أن يأكل الثلث ﻭيهدﻱ الثلث ﻭيتصدﻕ بالثلث لقوله عز ﻭجل "فكلوا منها
ﻭاطعموا القاﻧع ﻭالمعتر".
وجيب أن يتصدق منها مبا يسمى صدﻗة واألفضل كما سبق الثلث ألﻥ القصد منها القربة فإﺫا
أكل الﺠميع لم تحصل القربة له.
وإن كاﻧت األضحية منذورة كأن ﻗال :ﻧذرت هلل أن أضحﻲ أو ﻧذرت هذه الشاة أضحية فيﺠب
أن يتصدق جبميعها.
واهلل أعلم.
15
المسألة الثانية عشرة:
يبدأ ترك األﺧذ من الشعر و الظفر و سائر أجزاء البدن عند إرادة التضحية حىت لو عزم عليها
يف اليوم السابع فمن هنا ميسﻚ عن األﺧذ حلديث ﺃﻡ سلمة ﺭضﻲ الله عنها ﻗالت :ﻗاﻝ ﺭسوﻝ الله
صلى الله عليه ﻭسلم :ﺇﺫا ﺩﺧلت العشر ﻭﺃﺭاﺩ ﺃحدكم ﺃﻥ يضحﻲ فال يمس من شعره شيئا.
ﻭفﻲ ﺭﻭاية :ﺇﺫا ﺩﺧل العشر ﻭعند ﺃحدكم ﺃضحية يريد ﺃﻥ يضحﻲ فال يأﺧذﻥ شعرا ﻭﻻ
يقلمن ظفرا ﻭفﻲ ﺭﻭاية ﺇﺫا ﺭﺃيتم هالﻝ ﺫﻱ الحﺠة ﻭﺃﺭاﺩ ﺃحدكم ﺃﻥ يضحﻲ فليمسﻚ من شعره
ﻭﺃظفاﺭه ﺭﻭاه مسلم.
وأما إذا كان عازما من ﻗبل على التضحية فيبدأ وﻗت اإلمساك عن األﺧذ من الشعور من غروب
مشس آﺧر يوم من ذي القعدة لرواية مسلم السابقة "إذا رأيتم هالل ذي احلﺠة."..
وأما اجلماع فيﺠوز ألﻧه ليس مبحرم وإمنا جاء املنع فقﻂ يف الشعر والظفر والبشرة فيﺠوز له
اجلماع واستعمال الطيب على أن مذهب مجهور العلماء عدم حترمي أﺧذ شﻲء من الشعر والظفر
للمضحﻲ وإمنا هو مكروه عند الشافعية حلديث عائشة رضﻲ اهلل عنها فﻲ الصحيحين ﻗالت :كنت
ﺃفتل ﻗالئد هدﻱ النبﻲ صلى الله عليه ﻭسلم ﺛم يقلدها هو بيده ،ﺛم يبعث بها فال يحرﻡ عليه شﻲء
ﺃحله الله تعالى حتى ينحر الهدﻱ.
واهلل أعلم.
16
المسألة الثالثة عشرة:
هذه املسألة من ﺧبايا زوايا الروضة حيث ذكرها اإلمام النووي يف الوصايا كما ﻗال الزركشﻲ.
ومعتمد املذهب عدم جواز التضحية عن امليت إن مل يوص .لقوله تعالى" :ﻭﺃﻥ ليس لإلﻧساﻥ
ﺇﻻ ما سعى" وألﻧها عباﺩﺓ ﻭاألصل منعها عن الغير ﺇﻻ لدليل.
فإﻥ ﺃﻭصى بها جاﺯ ففﻲ سنن ﺃبﻲ ﺩاﻭﺩ والرتمذي ﻭالبيهقﻲ ﻭالحاكم ﺃﻥ علﻲ بن ﺃبﻲ طالب
كاﻥ يضحﻲ بكبشين عن ﻧفسه ﻭكبشين عن النبﻲ صلى الله عليه ﻭسلم ﻭﻗاﻝ :ﺇﻥ ﺭسوﻝ الله صلى
الله عليه ﻭسلم ﺃمرﻧﻲ ﺃﻥ ﺃضحﻲ عنه فأﻧا ﺃضحﻲ عنه ﺃبدا".
ﻗاﻝ البيهقﻲ:تفرﺩ به شريﻚ بن عبد الله بإسناﺩه ،ﻭهو ﻭﺇﻥ ﺛبت يدﻝ على جواﺯ األضحية
عمن ﺧرﺝ من ﺩاﺭ الدﻧيا من المسلمين .ﻭضعفه عبد الحق.
ﻭﻗيل :تصح التضحية عن الميت ﻭﺇﻥ لم يوﺹ بها وهو مذهب اجلمهور ألﻧها ضرﺏ من
الصدﻗة ﻭهﻲ تصح عن الميت ﻭتنفعه.
ورد يف التحفة هذا القياس بالفرق بينهما ﻭبين الصدﻗة بأﻧها تشبه الفداء عن النفس فتوﻗفت
على اإلﺫﻥ بﺨالﻑ الصدﻗة.
17