You are on page 1of 23

‫السلفية‬

‫ّ‬
‫ومناهج التغيير‬
‫مقال كتبه‪:‬‬
‫د‪ .‬ياسر‬
‫بُرهاميي‬
‫بمجلة صوت الدعوة‬
‫إعداد وتنسيق ‪:‬‬
‫براحة الدورات الشرعية‪ :‬والبحوث العلمية‬
‫بمنتدى‪ :‬البراحة‬

‫‪‬‬
‫فرض الله سبحانه وتعالى على المة السلمية أن‬
‫تعلي كلمته في الرض وأن تسعى أن يكون الدين‬
‫و‬
‫ه َ‬‫الظاهر على الرض هو دين الله سبحانه وتعالى ‪ُ ‬‬
‫َ‬
‫ق‬
‫ح ّ‬‫ين ال ْ َ‬‫و ِد ِ‬‫هدَى َ‬ ‫ه بِال ْ ُ‬‫سول َ ُ‬ ‫س َ‬
‫ل َر ُ‬ ‫ذي أ ْر َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫رك ُ َ‬
‫ون‪‬‬ ‫ش ِ‬‫م ْ‬ ‫رهَ ال ْ ُ‬
‫و كَ ِ‬‫ول َ ْ‬ ‫ين كُل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫َ‬
‫ه َرهُ عَلى الدّ ِ‬
‫ْ‬
‫لِيُظ ِ‬
‫السلفية ومناهج التغيير‬
‫د‪ .‬ياسر برهامي‬

‫]التوبة‪ ،[33 :‬وأوجب على كل مسلم أن يكون مؤثرا ً‬


‫فيمن حوله والمجتمع الذي يعيش فيه بالخير‪ ،‬ناهيا ً‬
‫عن الشر‪ ،‬قال رسول الله‪" :‬من رأى منكم‬
‫منكرا ً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه‬
‫فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف‬
‫اليمان"‪.‬‬
‫ول شك أن حياة المسلم بإسلمه ل تكون على الوجه‬
‫الكمل إل في مجتمع مسلم‪ ،‬والحياة بالسلما في‬
‫ض‬
‫مجتمع ل يلتزما بالسلما في أنظمته ومناهجه قب ٌ‬
‫على الجمر ‪-‬وما أقل من يقدر على أن يكون قابضا ً‬
‫على الجمر‪ -‬فإن نظرنا إلى واقع المسلمين اليوما‬
‫نجد النحراف عن دين الله إلى مناهج الباطل‬
‫والضلل ظاهرا ً منتشرا ً في الفراد والمجتمعات‪،‬‬
‫مما يستوجب على كل مسلم غيور على دينه يفهمه‬
‫الفهم الصحيح الشامل أن ل يقف موقف المتفرج‬
‫السلبي الذي يتحسر على وجود الفساد دون أن‬
‫يحرك ساكنا ً لزإالته ولقامة الخير والمعروف مكانه‪،‬‬
‫وهذا الموقف السلبي من الكثيرين من الملتزمين‪:‬‬
‫يدل على نقص اليمان ولبد‪ ،‬لن الجميع يخالط‬
‫المجتمع ويعيش فيه هو وأهله وأبنائه‪ ،‬ويتأثر وهو يرى‬
‫منكراته المختلفة‪ :‬في التعليم والعلما والقضاء‬
‫والتشريع‪ :‬والحكم والحرب والسلما والقتصاد ووضع‬
‫المرأة وسائر أنظمة المجتمع‪ ،‬فمن لم يستشعر‬
‫وجوب تغيير تلك المنكرات ويشارك في تغييرها‪ :‬بكل‬
‫ما يقدر عليه من أنواع القدرة بنفسه أو مع غيره من‬
‫إخوانه المسلمين أو بأمره القادرين وحثهم على‬
‫التعاون على ذلك‪ ،‬فهو كما قال رسول الله‪" :‬فمن‬
‫جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم‬

‫‪www.albraha.com‬‬ ‫‪2‬‬
‫السلفية ومناهج التغيير‬
‫د‪ .‬ياسر برهامي‬

‫بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو‬


‫مؤمن وليس وراء ذلك من اليمان حبة‬
‫خردل" رواه مسلم‪.‬‬
‫ول شك أنه يلزما أهل السنة والجماعة من هذا‬
‫الواجب أكثر مما يلزما غيرهم لنهم الطائفة الظاهرة‬
‫على الحق التي تعلمه وتعمل به وتدعوا إليه‪ ،‬وهم‬
‫المؤهلون‪ :‬لتحقيق التغيير‪ :‬المنشود وإقامة الحق على‬
‫صورته الكاملة‪ ،‬بل لن تكون الخلفة على منهاج‬
‫النبوة التي بشر بها رسول الله‪ ‬بقوله‪" :‬تكون‬
‫النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم تكون‬
‫خلفة على منهاج النبوة ثم تكون ملكا ً عاضا ً‬
‫ثم تكون ملكا ً جبريا ً ثم تكون خلفة على‬
‫منهاج النبوة"‪ ،‬إل من خلل عمل أهل السنة‬
‫والجماعة ومنهجهم ودعوتهم‪ ،‬لذا فإن تقصير بعض‬
‫من ينتسب لهل السنة ومنهج السلف في هذا الباب‬
‫يقدح في صدق انتمائه لهم‪.‬‬
‫وما أكثر ما تتردد السئلة وتتعدد المحاورات حول‬
‫مناهج التغيير‪ :‬ووسائله بين التجاهات السلمية‬
‫المعاصرة‪ ،‬والتي يتبنى كل منها جماعات مختلفة‪ ،‬كل‬
‫منها تؤيد ما تراه بالحجج وبيان اليجابيات‪ ،‬وربما جزما‬
‫البعض أن ل وسيلة ول منهج إل ما يرونه هم‪ ،‬ونحن‬
‫في هذا العدد نطرح بعض التجاهات الساسية في‬
‫التغيير‪ :‬دون بسط في الدلة ونعرض سلبياتها‬
‫وإيجابياتها لينتفع أبناء الصحوة السلمية باليجابيات‬
‫ويحذروا من السلبيات‪ :‬وليكون ذلك خطوة على‬
‫طريق التكامل والتناصح المطلوب بين أبناء الصحوة‬
‫السلمية‪.‬‬

‫‪www.albraha.com‬‬ ‫‪3‬‬
‫السلفية ومناهج التغيير‬
‫د‪ .‬ياسر برهامي‬

‫‪‬‬
‫أولً‪ :‬من يرى التغيير‪ :‬من خلل النتخابات البرلمانية‬
‫ترى كثير من الجماعات السلمية العاملة على‬
‫الساحة أن المشاركة في العمل السياسي بتكوين‬
‫الحزاب في البلد التي يسمح فيها بتكوين أحزاب‬
‫إسلمية أو بمشاركة الفراد التابعين لهذه الجماعات‬
‫في النتخابات البرلمانية‪ ،‬والبعض يجوزإ التحالف مع‬
‫الحزاب الخرى ولو كانت علمانية ليحصل‪ :‬بذلك على‬
‫أصوات في المجالس المسماة بالتشريعية‪ :‬ليدعو إلى‬
‫تطبيق الشريعة من خللها‪ ،‬وليستغل‪ :‬الفرصة المتاحة‬
‫بالسماح للمشاركين في النتخابات بالدعوة إلى‬
‫أنفسهم للدعوة إلى السلما وإلى شرع الله سبحانه‪،‬‬
‫وقبل أن نبين موقفنا من هذا المر نقرر أول ً عدة‬
‫أمور‪:‬‬
‫‪ .1‬التشريع حق خالص من حقوق الله‪ ،‬وهو من أهم‬
‫خصائص الربوبية واللوهية‪ ،‬فالحلل ما أحله الله‬
‫والحراما ما حرمه الله تعالى والدين ما شرعه‬
‫م َر أ َ ّل‬ ‫سبحانه‪ ،‬قال تعالى‪ :‬إِن الْحكْم إ ّل لِل ّ َ‬
‫هأ َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫ك‬‫ر ُ‬
‫ش َِ‬ ‫ول ي ُ ْ‬ ‫عبُدُوا إ ِ ّل إِيّاهُ‪] ‬يوسف‪ ،[40 :‬وقال‪َ : ‬‬ ‫تَ ْ‬
‫في حكْم َ‬
‫حدا ً‪] ‬الكهف‪ ،[26 :‬وقال سبحانه‪ :‬أ ْ‬
‫م‬ ‫هأ َ‬‫ُ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬
‫م يَأذَ ْ‬
‫ن‬ ‫ما ل َ ْ‬‫ين َ‬‫ن الدّ ِ‬ ‫م َ‬
‫م ِ‬ ‫ش َرعُوا ل َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ش َركَاءُ َ‬‫م ُ‬ ‫ه ْ‬‫لَ ُ‬
‫ه‪] ‬الشورى‪.[21 :‬‬ ‫ه الل ّ ُ‬
‫بِ ِ‬
‫‪ .2‬القوانين الوضيعة‪ :‬مخالفة للشريعة‪ :‬السلمية وكل‬
‫م‬ ‫ما يخالف الشريعة فهو باطل‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ث ُ ّ‬
‫ول‬ ‫ر َ‬ ‫من ْ َ‬ ‫اك عَلَى َ‬ ‫علْن َ َ‬
‫ها َ‬ ‫ع َ‬
‫فاتّب ِ ْ‬ ‫م ِ‬
‫ال ْ‬ ‫ة ِ َ‬ ‫ع ٍ‬
‫ري َ‬
‫ش ِ‬ ‫ج َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ون‪] ‬الجاثية‪.[18 :‬‬ ‫م َ‬‫عل َ ُ‬
‫ين ل ي َ ْ‬‫ذ َ‬ ‫واءَ ال ّ ِ‬
‫ه َ‬‫عأ ْ‬‫تَتّب ِ ْ‬

‫‪www.albraha.com‬‬ ‫‪4‬‬
‫السلفية ومناهج التغيير‬
‫د‪ .‬ياسر برهامي‬

‫‪ .3‬الحكم بغير ما أنزل الله سبب يوجب غضب الله‪،‬‬


‫وينزل مقته وعقابه‪ ،‬وفي ذلك يقول شيخ السلما ابن‬
‫تيمية‪) :‬إذا حكم ولة المر بغير ما أنزل الله وقع‬
‫بأسهم بينهم‪ ،‬وهذا من أعظم تغير الدول كما جرى‬
‫قبل هذا مرة بعد مرة في زإماننا وغير زإماننا‪ ,‬ومن‬
‫أراد الله سعادته جعله يعتبر بما أصاب غيره فيسلك‬
‫مسلك من أيده الله ونصره ويجتنب مسلك من خذله‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫ص َر ّ‬ ‫ولَيَن ْ ُ‬ ‫الله وأهانه فإن الله يقول‪َ  :‬‬
‫م‬ ‫مكّنّا ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ين إ ِ ْ‬‫ذ َ‬ ‫يز‪ ،‬ال ّ ِ‬ ‫َز ٌ‬‫ِ‬ ‫يع‬ ‫و ّ‬
‫ِ‬ ‫ه لَ َ‬
‫ق‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ص ُرهُ إ ِ ّ‬ ‫يَن ْ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م ُروا‬‫وأ َ‬‫الزكَاةَ َ‬ ‫وا ّ‬ ‫وآت َ ُ‬ ‫ص َلةَ َ‬ ‫موا ال ّ‬ ‫قا ُ‬ ‫ضأ َ‬ ‫في ال ْر ِ‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫ة‬‫قب َ ُ‬‫ه عَا ِ‬ ‫ولِل ّ ِ‬ ‫ر َ‬ ‫منْك َ ِ‬‫َن ال ْ ُ‬
‫وا ع ِ‬ ‫ه ْ‬‫ون َ َ‬ ‫وف َ‬
‫ِي‬ ‫ع ُر‬ ‫بِال ْ َ‬
‫م ْ‬
‫ور‪] ‬الحج‪ ،[41 ،40 :‬منذ وعد الله بنصر من‬ ‫ْ ُ‬
‫م ِ‬ ‫ال ُ‬
‫ينصره ‪ ,‬ونصره هو نصر كتابه ودينه ورسوله ل بنصر‬
‫من يحكم بغير ما أنزل الله ويتكلم بما ل يعلم( انتهى‪.‬‬
‫‪ .4‬النظاما قسمان‪ :‬إداري وشرعي‪ :‬أما الداري الذي‬
‫يراد به ضبط المور وإتقانها على وجه غير مخالف‬
‫للشرع‪ ،‬فهذا ل مانع منه ول مخالف فيه من الصحابة‬
‫فمن بعدهم‪ ،‬ويدخل في ذلك كتابة أسماء الجند‬
‫والدواوين على وجه ل يخالف الشرع ويحقق‬
‫المصلحة العامة‪ ،‬أما النظاما الشرعي المخالف‬
‫لتشريع خالق السماوات والرض فتحكيمه كفر‪,‬‬
‫يقول شيخ السلما ابن تيمية في مجموع الفتاوى )ج‬
‫‪ 3‬ص ‪) :(267‬والنسان متى حلل الحراما المجمع‬
‫عليه أو حرما الحلل المجمع عليه كان كافرا ً أو مرتدا ً‬
‫باتفاق الفقهاء وفي مثل هذا أنزل قوله تعالى‪:‬‬
‫م‬
‫ه ُ‬
‫ك ُ‬ ‫فأُولَئ ِ َ‬
‫ه َ‬ ‫ما أَن ْ َز َ‬
‫ل الل ّ ُ‬ ‫حك ُ ْ‬
‫م بِ َ‬ ‫ن لَ ْ‬
‫م يَ ْ‬ ‫م ْ‬‫و َ‬‫‪َ ‬‬
‫ف ُرون‪] ‬المائدة‪ ،[44 :‬أي هو المستحل‪ :‬للحكم‬ ‫الْكَا ِ‬
‫بغير ما أنزل الله(‪ ،‬وقال رحمه الله في موضع آخر‪:‬‬

‫‪www.albraha.com‬‬ ‫‪5‬‬
‫السلفية ومناهج التغيير‬
‫د‪ .‬ياسر برهامي‬

‫)هؤلء اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا ً من دون الله‬


‫حيث أطاعوهم‪ :‬في تحليل ما حرما الله وتحريم ما‬
‫أحل الله إذا علموا أنهم بدلوا دين الله فتابعوهم‪ :‬على‬
‫التبديل واعتقدوا تحليل ما حرما الله وتحريم ما أحل‬
‫الله اتباعا ً لرؤسائهم مع علمهم أنهم خالفوا دين‬
‫الرسل فهذا كفر وقد جعله الله ورسوله شركا ً وإن‬
‫لم يكونوا يصلون لهم ويسجدون لهم فكان من اتبع‬
‫غيره في خلف الدين مع علمه أنه خلف الدين‬
‫واعتقد ما قاله ذلك دون ما قاله الله ورسوله مشركا ً‬
‫مثل هؤلء( انتهى‪.‬‬
‫‪ .5‬فارق أساسي وكبير بين الحكم السلمي والحكم‬
‫العلماني الديمقراطي‪ :‬فتشريعات الحكم السلمي‬
‫تبنى على الكتاب والسنة وهو يوجب الحكم بما أنزل‬
‫الله ويرى العدول عن ذلك فسقا ً وظلما ً وكفراً‪ ,‬فل‬
‫يمكن الفصل بين الدين والدولة في نظر السلما‪ ،‬أما‬
‫الحكم العلماني الديمقراطي فمصدر السلطة عنده‬
‫هو الشعب‪ ،‬وتشريعاته تنبني على إرادته وهواه‪،‬‬
‫فلبد للسلطة من الحفاظ على رغبة الشعب‬
‫ومرضاته ول يمكن لها أن تعدل عن إرادة الشعب‪:‬‬
‫وهواه حتى لو أدى ذلك إلى تحليل الزنا واللواط‬
‫والخمر‪ ،‬فالمبادئ والتشريعات‪ :‬كلها عرضة للتغير‪:‬‬
‫والتبديل في الحكم العلماني والديمقراطي حسب ما‬
‫تطلبه الغلبية‪.‬‬
‫‪ .6‬الشورى في السلما تختلف عن الشورى في‬
‫النظاما الديمقراطي‪ ،‬يقول الجصاص‪) :‬والستشارة‬
‫تكون في أمور الدنيا وفي أمور الدين التي ل وحي‬
‫فيها‪ ،‬ويستشار الصالحون القائمون على حدود الله‬
‫المتقون لله من ذوي الخبرة والدراية(‪ ,‬وأين هذا من‬

‫‪www.albraha.com‬‬ ‫‪6‬‬
‫السلفية ومناهج التغيير‬
‫د‪ .‬ياسر برهامي‬

‫استشارة الملحدة المحاربين لدين الله ممن يشرع‬


‫مع الله في النظاما الديمقراطي‪.‬‬
‫‪ .7‬ل يجوزإ شرعا ً عرض الشريعة السلمية على‬
‫فل‬ ‫الفراد ليقولوا أتطبق أما ل تطبق‪ ،‬قال تعالى‪َ  :‬‬
‫ج َر‬ ‫ش َ‬ ‫ما َ‬ ‫في َ‬ ‫وك ِ‬ ‫م َي‬ ‫حك ّ ُ‬ ‫حتّى ي ُ َ‬ ‫ون َ‬‫من ُ َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ك ل يُ ْ‬ ‫و َرب ّ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ما‬ ‫م ّ‬ ‫ح َرجا ً ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫في أن ْ ُ‬ ‫جدُوا ِ‬ ‫م ل يَ ِ‬ ‫م ثُ ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫بَيْن َ ُ‬
‫سلِيما ً‪] ‬النساء‪ ،[65 :‬وقال‬ ‫موا ت َ ْ‬ ‫سل ّ ُ‬ ‫وي ُ َ‬ ‫ت َ‬ ‫ضي ْ َ‬ ‫ق َ‬ ‫َ‬
‫ضى‬ ‫ق َ‬ ‫ة إِذَا َ‬ ‫من َ ٍ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫ول ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ٍ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫ما ك َ َ‬
‫ان ل ِ ُ‬ ‫و َ‬‫سبحانه‪َ  :‬‬
‫م ال ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫خي َ َرةُ ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫ون ل َ ُ‬‫ن يَك ُ َ‬ ‫مرا ً أ ْ‬ ‫هأ ْ‬ ‫سول ُ ُ‬ ‫و َر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫أَ‬
‫ل‬‫ض ّ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ه َ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫و َر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ص الل ّ َ‬ ‫ِ‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫م‬‫َ‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ر‬‫ِ‬ ‫م‬‫ْ‬
‫مبِينا ‪] ‬الحزاب‪ ،[36 :‬وحكى الشافعي‬ ‫ً‬ ‫ضلل ُ‬‫ً‬ ‫َ‬
‫الجماع من الصحابة فمن بعدهم على أنه من‬
‫استبانت له سنة لرسول الله‪ ‬لم يكن له أن يدعها‬
‫لقول أحد من الناس أيا كان‪.‬‬
‫‪ .8‬المجالس التشريعي‪:‬ة التي تسن قوانين مخالفة‬
‫للشرع‪ :‬يلزمون بها العباد‪ ،‬وترى أن للغلبية أن تفرض‬
‫رأيها حتى ولو كان مخالفا ً للشرع‪ :‬مجالس كفرية‬
‫وهؤلء هم الشركاء الذين عناهم رب العزة بقوله‪:‬‬
‫َ‬
‫ما ل َ ْ‬
‫م‬ ‫ين َ‬
‫ن الدّ ِ‬
‫م َ‬
‫م ِ‬
‫ه ْ‬‫ش َرعُوا ل َ ُ‬
‫ش َركَاءُ َ‬ ‫م ُ‬‫ه ْ‬ ‫م لَ ُ‬
‫‪‬أ ْ‬
‫ْ‬
‫ه‪] ‬الشورى‪.[21 :‬‬ ‫ه الل ّ ُ‬‫ن بِ ِ‬‫يَأذَ ْ‬
‫‪ .9‬الحزاب التي تقوما على مبادئ العلمانية‬
‫والديمقراطية والشتراكية والشيوعية‪ :‬وغيرها من‬
‫المبادئ الوضعية التي تخالف أصل اليمان والسلما‬
‫من فصل الدين عن الدولة وأنظمة المجتمع‬
‫والمسأواة بين الملل كلها‪ ،‬واحتراما الكفر والردة‬
‫وقبولها‪ ،‬كتعدد الشرائع ل يفسد للود قضية كما‬
‫يزعمون‪ ،‬كل هذا من العصبية الجاهلية والولء‬

‫‪www.albraha.com‬‬ ‫‪7‬‬
‫السلفية ومناهج التغيير‬
‫د‪ .‬ياسر برهامي‬

‫للكافرين والمنافقين مما يستوجب على كل مسلم‬


‫رده وهجره ومحاربته والتبرؤ منه كما قال تعالى‪:‬‬
‫َ‬
‫م‬‫عت ُ ْ‬
‫م ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ن إِذَا َ‬ ‫اب أ ْ‬ ‫في الْكِت َ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ل عَلَيْك ُ ْ‬ ‫قدْ ن َ ّز َ‬ ‫و َ‬‫‪َ ‬‬
‫ُ‬
‫عدُوا‬ ‫ق ُ‬ ‫فل ت َ ْ‬ ‫ها َ‬ ‫ه َزأ ب ِ َ‬ ‫ست َ ْ‬‫وي ُ ْ‬
‫ها َ‬ ‫ف ُر ب ِ َ‬‫ه يُك ْ َ‬ ‫ات الل ّ ِ‬ ‫آي َ ِ‬
‫م إِذا ً‬ ‫ه إِنّك ُ ْ‬ ‫ر ِ‬
‫غي ْ ِ‬‫يث َ‬ ‫د ٍ‬ ‫ح ِ‬‫في َ‬ ‫ضوا ِ‬ ‫حتّى يَخُو ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع ُ‬‫م َ‬ ‫َ‬
‫ين‬‫ر َ‬ ‫ف ِ‬ ‫والْكَا ِ‬ ‫ين َ‬‫ق َ‬ ‫ف ِ‬ ‫منَا ِ‬ ‫ع ال ْ ُ‬
‫م ُ‬‫جا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫مثْل ُ ُ‬ ‫ِ‬
‫ميعا ً‪] ‬النساء‪.[140 :‬‬ ‫ج ِ‬ ‫م َ‬ ‫هن ّ َ‬ ‫ج َ‬‫في َ‬ ‫ِ‬
‫‪ .10‬هناك فرق بين النوع والمعين‪ ،‬وبين الحكم‬
‫والفتوى‪ ،‬فقد يكون الفعل كفر والقول كفر وفاعله‬
‫وقائله ليس بكافر‪ ،‬وذلك بأن يكون الفاعل أو القائل‬
‫جاهل ً أو متأول ً أو مكرها ً أو حديث عهد بالسلما‪,‬‬
‫وليس لنا أن نكفر الشخص المعين‪ :‬إل بعد قياما الحجة‬
‫الرسالية عليه على يد عالم أو ذي سلطان مطاع‬
‫حتى تنتفي الشبهات وتدرأ المعاذير ويحيى من حي‬
‫عن بينة ويهلك من هلك عن بينة‪.‬‬
‫‪ .11‬العبودية لله وحده‪ ,‬والبراءة من عبادة الطاغوت‬
‫والتحاكم إليه من مقتضى شهادة أن ل إله إل الله‬
‫وحده ل شريك له وأن محمدا ً عبده ورسوله‪.‬‬
‫‪ .12‬المر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة‬
‫عظيمة تتحقق تارة بالدعوة إلى سبيل الله بالحكمة‬
‫والموعظة الحسنة وتارة بالقدوة الصالحة وتارة‬
‫بتغيير‪ :‬المنكر باليد أو اللسان أو القلب تبعا ً‬
‫للستطاعة وبما يحقق المصلحة ويستدفع المضرة‬
‫والمفسدة‪ ,‬ومن المعلوما أن هذا الواجب يسقط‬
‫بالعذر والعجز وعدما الستطاعة وهذا من رحمة الله‪‬‬
‫بهذه المة إذ لم يكلفنا إل ما في طاقتنا وقدرتنا‪ ،‬قال‬
‫ها‪] ‬البقرة‪:‬‬ ‫ع َ‬
‫س َ‬ ‫فسا ً إ ِ ّل ُ‬
‫و ْ‬ ‫ف الل ّ ُ‬
‫ه نَ ْ‬ ‫تعالى‪ :‬ل يُكَل ّ ُ‬

‫‪www.albraha.com‬‬ ‫‪8‬‬
‫السلفية ومناهج التغيير‬
‫د‪ .‬ياسر برهامي‬

‫‪ ،[286‬والقياما بالمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪:‬‬


‫في كل مكان وكل مجال وكل قطاعات المجتمع من‬
‫واجبات المسلمين عموما ً وأهل العلم خصوصاً‪.‬‬
‫وأما عن حكم دخول هذه المجالس والمشاركة فيها‬
‫فإن الحكم يختلف باختلف الداخل والمشارك‪ ،‬وكما‬
‫يقولون الحكم على شيء فرع عن تصوره‪ ,‬ولكل‬
‫صورة حكمها‪:‬‬
‫أولً‪ :‬حكم الداخل والمشارك بغرض تحقيق‬
‫الديمقراطية بإباحة التشريع لغير الله طالما كان‬
‫حكما ً للغلبية‪ ،‬فهذا شرك مناف للتوحيد إل أن يكون‬
‫صاحبه جاهل ً أو متأول ً ولم تبلغه الحجة فل يكفر‬
‫بعينه حتى تقاما عليه الحجة الرسالية‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬الداخل والمشارك بغرض تطبيق الشرع بشرط‬
‫إعلن البراءة من الصل الذي قامت عليه المجالس‬
‫من التشريع لغير الله فهذا من المسائل الجتهادية‬
‫المعاصرة وهو مختلف فيه بين العلماء المعاصرين‬
‫على قولين‪:‬‬
‫القول الول‪ :‬أن المشاركة في ذلك بغرض تطبيق‬
‫الشرع طاعة إذا كانت المصلحة في ذلك‪.‬‬
‫القول الثاني‪ :‬أن المشاركة في ذلك ل تجوزإ‪ ،‬وهذه‬
‫المشاركة من باب الذنوب والمعاصي وليست من‬
‫باب الكفر والردة لن المشارك حقق البراءة اعتقادا‬
‫ولم يطبقها عملً‪.‬‬
‫موقف الدعوة‪ :‬ترى الدعوة عدما المشاركة في‬
‫هذه المجالس المسماة بالتشريعية سواء بالترشيح‬
‫أو النتخاب أو المساعدة لي من التجاهات‬
‫‪www.albraha.com‬‬ ‫‪9‬‬
‫السلفية ومناهج التغيير‬
‫د‪ .‬ياسر برهامي‬

‫المشاركة فيها وذلك لغلبة الظن بحصول مفاسد أكبر‬


‫بناء على الممارسات السابقة وإن كنا نقر أن الخلف‬
‫بين أهل العلم في هذه المسألة خلف معتبر‪ ،‬ولو‬
‫تفاوت بين الطاعة والمعصية‪ ،‬لن كل الفريقين يريد‬
‫خدمة السلما ويقر بالبديهات والمسلمات التي‬
‫ذكرناها في أول كلمنا‪ ،‬وما نراه اليوما في الجزائر‬
‫رأينا مثله بالمس في تركيا وكيف أن الديمقراطية‬
‫مثل صنم العجوة الذي كان يصنعه المشرك فإذا جاع‬
‫أكله‪ ,‬فالحكاما العلمانيون إذا أحسوا بأى خطورة على‬
‫مواقعهم وأن السلميين على مقربة من الحكم‬
‫سيسارعون بحل المجالس النيابية والحزاب ويكون‬
‫الجيش مستعدا ً دائما ً وفورا ً لجهاض هذة‬
‫الديمقراطية التي اخترعوها‪ ،‬لهذا وغيره نرى أن‬
‫الحل البرلماني على ضوء ما طرحناه ليس هو‬
‫الطريق‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ثانياً‪ :‬من يرى حتمية المواجهة العسكرية‪:‬‬


‫يرى فريق آخر أن تغيير الوضع الحاضر للمسلمين ل‬
‫يمكن أن يتم إل من خلل المواجهة العسكرية‪:‬‬
‫المسلحة مع الحكومات المعاصرة ولبد من بث‬
‫روح الجهاد في المسلمين للخروج على الحكاما‬
‫المرتدين وإعداد العدة لهذا المر‪ ،‬ويرى أن هذا هو‬

‫‪www.albraha.com‬‬ ‫‪10‬‬
‫السلفية ومناهج التغيير‬
‫د‪ .‬ياسر برهامي‬

‫أولى أولويات العمل السلمي بل قد يذهب البعض‬


‫إلى الحكم بأن كل ما سواه خيانة للدين ‪ ،‬ونحن‬
‫نحب أن نقرر هنا جملة أمور‪:‬‬
‫‪ .1‬أن حب الجهاد فرض على كل مسلم‪ ،‬ل يفقد‬
‫من قلبه إل بنقص اليمان أو زإواله بالكلية نعوذ بالله‬
‫من ذلك‪ ،‬وتذكير المسلمين به وبدورهم في إعلء‬
‫كلمة الله في الرض كلها ومحاربة الشرك والكفر‬
‫حتى يظهر السلما من أهم المور التي يجب‬
‫العتناء بها في إيقاظ المة فإنها ما ذلت إل بمخالفة‬
‫الشرع ومنه ترك الجهاد في سبيل الله‪.‬‬
‫‪ .2‬الجهاد ماض في هذه المة إلى يوما القيامة‪ ،‬كما‬
‫قال رسول الله‪" :‬ل تزال عصابة من أمتي‬
‫يقاتلون على الحق ظاهرين على من‬
‫ناوأهم إلى يوم القيامة" رواه مسلم‪.‬‬
‫‪ .3‬أن العداد للجهاد والخذ بأسباب القدرة والقوة‬
‫واجب على المة بحسب الستطاعة‪ ،‬خاصة عند‬
‫العجز عنه‪ ،‬مع لزوما تحديث النفس به والحزن على‬
‫َ‬
‫و َ‬
‫ك‬ ‫ما أت َ ْ‬ ‫ين إِذَا َ‬ ‫ذ َ‬ ‫ول عَلَى ال ّ ِ‬ ‫فواته قال تعالى‪َ  :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وا‬ ‫ول ّ ْ‬‫ه تَ َ‬ ‫م عَلَي ْ ِ‬ ‫ملُك ُ ْ‬‫ح ِ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫جد ُ َ‬
‫تلأ ِ‬ ‫قل ْ َ‬‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫مل َ ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫لِت َ ْ‬
‫ما‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫وأ َ‬
‫جدُوا َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫أ‬ ‫نا‬ ‫ز‬
‫َ‬ ‫ح‬‫َ‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫د‬ ‫ال‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫ض‬
‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ف‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ي‬‫ع‬‫ْ‬ ‫َ‬
‫ون‪] ‬التوبة‪ ،[92 :‬وينطبق على العداد ما‬ ‫ق َ‬ ‫ف ُ‬ ‫يُن ْ ِ‬
‫ينطبق على الجهاد من شروط القدرة ومراعاة‬
‫المصلحة‪.‬‬
‫‪ .4‬مراحل تشريع الجهاد‪ :‬في السنة الثانية من‬
‫الهجرة فرض الله القتال و أوجبه بقوله تعالى‪:‬‬
‫َسى‬ ‫وع َ‬
‫م َ‬‫و ك ُ ْرهٌ لَك ُ ْ‬‫ه َ‬‫و ُ‬‫ال َ‬‫قت َ ُ‬‫م ال ْ ِ‬
‫ب عَلَيْك ُ ُ‬ ‫‪‬كُت ِ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫َسى أ ْ‬ ‫وع َ‬ ‫م َ‬‫خي ْ ٌر لَك ُ ْ‬‫و َ‬‫ه َ‬
‫و ُ‬‫شيْئا ً َ‬ ‫هوا َ‬ ‫ن تَك ْ َر ُ‬ ‫أ ْ‬
‫‪www.albraha.com‬‬ ‫‪11‬‬
‫السلفية ومناهج التغيير‬
‫د‪ .‬ياسر برهامي‬
‫شر لَكُم واللّه يعلَم َ‬
‫مل‬
‫وأنْت ُ ْ‬
‫ُ َ ْ ُ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫و َ ّ‬‫ه َ‬ ‫شيْئا ً َ‬
‫و ُ‬ ‫حبّوا َ‬ ‫تُ ِ‬
‫ون‪] ‬البقرة‪ ،[216 :‬وقد مر الجهاد بعدة‬ ‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬‫تَ ْ‬
‫مراحل‪:‬‬
‫الولى‪ :‬الكف والعراض والصبر على الذى مع‬
‫الستمرار في الدعوة‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬إباحة القتال من غير فرضية‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬فرض القتال على المسلمين لمن يقاتلهم‬
‫فقط‪.‬‬
‫الرابعة ‪ :‬قتال الكفار ابتداءً‪.‬‬
‫وقد استقر أمر الجهاد على المرحلة الخيرة التي‬
‫ذكرت في سورة التوبة وهي قتال المشركين حتى‬
‫يسلموا وقتال أهل الكتاب والمجوس حتى يسلموا‬
‫أو يدفعوا الجزية مع الذل والصغار ‪-‬على الخلف‬
‫المشهور في جوازإ قبول الجزية من الكفار غير‬
‫اليهود والنصارى والمجوس‪ -‬وقد فهم البعض القول‬
‫بالنسخ فهما ً غير صحيح فأنكر المرحلية بالكلية‪،‬‬
‫وهذا ما قرره أهل العلم يقول ابن تيمية‪) :‬فمن كان‬
‫من المؤمنين‪ :‬بأرض هو فيها مستضعف‪ :‬أو في وقت‬
‫هو فيه مستضعف فليعمل بآية الصبر والصفح‬
‫والعفو عمن يؤذي الله ورسوله من الذين أوتوا‬
‫الكتاب والمشركين‪ :‬وأما أهل القوة فإنما يعملون‬
‫بآية قتال أئمة الكفر الذين يطعنون في الدين وبآية‬
‫قتال الذين أتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد‬
‫وهم صاغرون(‪ ،‬والنسخ عند السلف يشمل التقييد‬
‫والبيان والتخصيص‪ :‬ول خلف بين العلماء في العمل‬
‫بمراحل الجهاد وإل فالسلف ل يكلفون المستضعف‬
‫من المسلمين الذي حاله مشابهة بحال النبي‪ ‬في‬
‫مكة بالقتال وإنما الواجب عليه أن يجتهد لكي يصل‬

‫‪www.albraha.com‬‬ ‫‪12‬‬
‫السلفية ومناهج التغيير‬
‫د‪ .‬ياسر برهامي‬

‫إلى حال قوة يجاهد فيها الكفار‪ ,‬وكيف يكون الجهاد‬


‫واجبا ً على الناس وهم غير قادرين ول مستطيعين؟‬
‫فالواقع هو الذي يحدد أي الحكاما هو النسب في‬
‫مراحل الجهاد وأن التطبيق بحسب الظروف‬
‫الموجودة فل بد من النظر بعين العتبار لحالة‬
‫المسلمين وماهم عليه من ضعف أو قوة‪.‬‬
‫وقد تكلم العلماء في جوازإ مهادنة الكفار بمال عند‬
‫ضعف المسلمين قال ابن قدامة‪) :‬ل يجوزإ المهادنة‬
‫مطلقا ً من غير تقدير مدة لنه يفضي إلى ترك‬
‫الجهاد بالكلية‪ :‬وتجوزإ مهادنتهم على غير مال لن‬
‫النبي‪ ‬هادنهم يوما الحديبية على غير مال لهم ويجوزإ‬
‫ذلك على مال يأخذه منهم فإنها إذا جازإت على غير‬
‫مال فعلى مال أولى وأما إن صالحهم ببذله لهم فقد‬
‫أطلق أحمد القول بالمنع منه وهو مذهب الشافعي‬
‫لن فيه صغارا ً للمسلمين وهذا محمول على غير‬
‫حالة الضرورة فأما إذا دعت إليه ضرورة وهو أن‬
‫يخاف على المسلمين الهلك أو السر فيجوزإ لنه‬
‫يجوزإ للسير فداء نفسة بالمال فكذا ههنا ولن بذله‬
‫المال وإن كان فيه صغار فإنه يجوزإ تحمله لدفع‬
‫صغار أعظم منه وهو القتل والسر وسبي الذرية‬
‫الذي يفضي سبيهم إلى كفرهم(‪ ،‬وهذا الكلما من‬
‫الئمة العلما رد بليغ على التهور والندفاع المفضي‬
‫إلى الشر والفساد‪.‬‬
‫وقد بين أهل العلم أن العجز كما يشمل العجز‬
‫الحسي كالعذار المنصوص عليها في القرآن من‬
‫المرض والعمى والعرج والضعف وعدما النفقة فإنه‬
‫يشمل كذلك مسألة الضرر والهلك الذي يغلب على‬
‫الظن حصوله لضعف المسلمين ونقص قوتهم عن‬

‫‪www.albraha.com‬‬ ‫‪13‬‬
‫السلفية ومناهج التغيير‬
‫د‪ .‬ياسر برهامي‬

‫ف الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫َف َ‬ ‫نخ ّ‬ ‫ال َ‬ ‫نصف قوة عدوهم قال تعالى‪ْ  :‬‬
‫عفا ً َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫منْك ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن يَك ُ ْ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫ض ْ‬‫م َ‬ ‫فيك ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫مأ ّ‬ ‫عل ِ َ‬‫و َ‬
‫م َ‬ ‫عنْك ُ ْ‬ ‫َ‬
‫منْك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ن ِ‬ ‫ن يَك ُ ْ‬ ‫وإ ِ ْ‬
‫ن َ‬ ‫مائَتَي ْ ِ‬‫غلِبُوا ِ‬ ‫صاب ِ َرةٌ ي َ ْ‬‫ة َ‬ ‫مائ َ ٌ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫أَل ْ‬
‫ع‬
‫م َ‬‫ه َ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫ن بِإِذْ ِ‬‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ف‬‫َ‬ ‫غلِبُوا أل ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ف‬
‫ٌ‬
‫ين‪] ‬النفال‪ ،[66 :‬قال النووي رحمه الله‬ ‫ر َ‬ ‫صاب ِ ِ‬ ‫ال ّ‬
‫)روضة الطالبين ‪) :(248 –10‬إذا زإاد عدد الكفار‬
‫على مثلي المسلمين جازإ النهزاما‪ (...‬وقال‪) :‬وإذا‬
‫جازإ الفرار نظروا إن غلب على ظنهم أنهم إن ثبتوا‬
‫ظفروا استحب الثبات وإن غلب على ظنهم الهلك‬
‫ففي وجوب الفرار وجهان وقال الماما‪ :‬إن كان في‬
‫الثبات الهلك المحض من غير نكاية وجب الفرار‬
‫قطعا ً وإن كان فيه نكاية فوجهان(‪ ،‬وهذا الذي قاله‬
‫الماما النووي هو الحق وأصح الوجهين أنه ل يجب‬
‫أي الفرار ولكن يستحب‪ ،‬ومن هذا يتضح أن الجهاد‬
‫بمفهومه الصحيح في واقعنا اليوما لن يقوما على‬
‫أكتاف أفراد قلئل بل قوة بل إن جهاد المئة‬
‫والمئتين ضرره أكثر من نفعه‪.‬‬
‫هل الجهاد هو الخروج على الحكاما فقط؟‬
‫الجهاد إذا أطلق فالمراد به قتال الكفار لعلء كلمة‬
‫الله تعالى ول ينصرف إلى غير قتال الكفار إل‬
‫بقرينة تدل على المراد ‪ ،‬فهو كما يقول ابن القيم‬
‫أربع مراتب‪) :‬جهاد النفس وجهاد الشيطان وجهاد‬
‫الكفار وجهاد المنافقين فجهاد النفس مقدما على‬
‫جهاد العدو فإن من لم يجاهد نفسه أول ً لتفعل ما‬
‫أمرت به وتترك ما نهيت عنه ويحاربها في الله لم‬
‫يمكنه جهاد عدوه في الخارج فكيف يمكن جهاد‬
‫عدوه والنتصاف منه وعدوه الذي بين جنبيه قاهر له‬
‫متسلط عليه لم يجاهده ولم يحاربه في الله(‪،‬‬

‫‪www.albraha.com‬‬ ‫‪14‬‬
‫السلفية ومناهج التغيير‬
‫د‪ .‬ياسر برهامي‬

‫ويقول الشيخ ابن بازإ‪) :‬الجهاد جهادان جهاد طلب –‬


‫أى طلب الكفار في عقر دارهم– وجهاد دفاع‬
‫والمقصود منهما جميعا هو تبليغ دين الله ودعوة‬
‫الناس إليه وإخراجهم من الظلمات إلى النور وإعلء‬
‫دين الله في أرضه وأن يكون الدين لله وحده(‪،‬‬
‫ومن هنا تكون الدعوة إلى الله جهادا ً شرعيا ً قال‬
‫هادا ً‬ ‫ج َ‬‫ه ِ‬ ‫م بِ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫هد ْ ُ‬
‫جا ِ‬ ‫و َ‬ ‫ين َ‬
‫ر َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ع الْكَا ِ‬ ‫تعالى‪َ  :‬‬
‫فل تُطِ ِ‬
‫كَبِيرا ً‪] ‬الفرقان‪ ،[52 :‬والية مكية وعلينا أن ننظر‬
‫إذا أتى الحاكم ما يستوجب العزل هل عندنا‬
‫الستطاعة على عزله أما ل وهل المصلحة متحققة‬
‫بهذا العزل أما أن هذا المنكر سيزول بمنكر أعظم‪،‬‬
‫فقد نزيل كافر أو نستجلب الشر والبلء على البلد‬
‫والعباد ويتسلط الكفار على رقاب الناس‪ ،‬ومن‬
‫المعلوما أن شرع الله مصلحة كله ولذلك لم يقتل‬
‫النبي‪ ‬ابن سلول –رأس المنافقين– وقال‪" :‬كيف‬
‫إذا تحدث الناس أن محمدا ً قتل أصحابه"‪.‬‬
‫الجهاد له سبيله وصراطه‪:‬‬
‫حاجتنا شديدة لسلوك صراط الله المستقيم حتى‬
‫ننتقل من ضعف إلى قوة ومن ذل إلى نصر ول بد‬
‫في ذلك من اتباع السياسة الشرعية في حال‬
‫الضعف والقوة وهذه السياسة يجب أن تكون ربانية‬
‫وعلى منهج النبياء فالغاية في السلما ل تبرر‬
‫الوسيلة بل الغاية والوسيلة كلهما يجب أن تكون‬
‫مشروعة وليس التمكين في الرض بغاية مقصودة‬
‫لذاتها بل هي من وسائل الدعوة لتحقيق العبودية‬
‫لله في أكمل صورها‪ ،‬وهو في ذات الوقت منة من‬
‫ن‬‫ين إ ِ ْ‬‫ذ َ‬ ‫الله ليس بيد أحد سواه قال تعالى‪ :‬ال ّ ِ‬
‫وا‬‫وآت َ ُ‬
‫صلةَ َ‬ ‫موا ال ّ‬ ‫قا ُ‬‫ض أَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬
‫ْ‬
‫ال َ‬‫في ْ‬ ‫م ِ‬ ‫مكّنّا ُ‬
‫ه ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫منْك َ ِ‬
‫ر‬ ‫َن ال ْ ُ‬‫وا ع ِ‬ ‫ه ْ‬
‫ون َ َ‬‫وف َ‬
‫ِي‬ ‫ع ُر‬
‫م ْ‬ ‫م ُروا بِال ْ َ‬ ‫وأ َ‬ ‫الزكَاةَ َ‬ ‫ّ‬
‫‪www.albraha.com‬‬ ‫‪15‬‬
‫السلفية ومناهج التغيير‬
‫د‪ .‬ياسر برهامي‬

‫ور‪] ‬الحج‪ ،[41 :‬والواجب علينا‬ ‫ة ْ ُ‬ ‫ولِل ّ ِ‬


‫م ِ‬‫ال ُ‬ ‫قب َ ُ‬
‫ه عَا ِ‬ ‫َ‬
‫أن نعيش طاعة الوقت سواء مكن لنا أو لم يمكن‪،‬‬
‫ونحذر البتداع والنحراف‪ ،‬وأول ما بدأ به الرسل‬
‫في دعوتهم الدعوة إلى اليمان والتوحيد يقول‬
‫الشيخ اللباني رحمه الله‪) :‬الواجب هو العمل للهم‬
‫فالهم والهم هنا هو إصلح عقائد المسلمين وتزكية‬
‫النفوس والدعوة على أساس التصفية من البدع‬
‫والتربية على التوحيد(‪.‬‬
‫ولبد لنا أن نتعلم أحكاما الجهاد فلبد من نية وصحة‬
‫أو إخلص ومتابعة وكما أن للصلة شروطا ً يحرص‬
‫المسلم على تحقيقها كالطهارة واستقبال القبلة‬
‫وستر العورة ودخول الوقت فكذلك ل يصح الجهاد‬
‫بغير تحقيق شروطه‪ ،‬والقتال إنما يكون بين‬
‫معسكرين وجيشين وفريقين أحدهما مسلم والخر‬
‫كافر أو مستحقة‪ :‬للقتال‪ ،‬وأما عند الختلط فلبد أن‬
‫تضيع دماء المسلمين وتحدث المفسدة ول تتحقق‬
‫الغاية‪.‬‬
‫لهذه السباب وغيرها بدأ النبي‪ ‬جهاده بالدعوة‬
‫وإعداد المؤمنين إعدادا ً روحيا ً وبدنيا ً لتحمل أعباء‬
‫الجهاد بالسيف‪ ،‬ثم كانت الهجرة حيث بدأ جهاده‬
‫بالسيف وتوالت عليه أحكاما الجهاد‪ ،‬فينبغي علينا أن‬
‫نتعلم سنن الجهاد حتى ل تتحول ديارنا إلى ساحة‬
‫حرب بين المسلمين أنفسهم وحتى ل يكون حماسنا‬
‫وطموحنا على حساب سنن الله في النصر‬
‫والهزيمة‪ ,‬ول يدفعنا التهور إلى الوقوع فيما وقع فيه‬
‫غيرنا وقد نهى النبي‪ ‬عن دخول مكة في السنة‬
‫السادسة عاما الحديبية حفاظا ً على حرمة‬
‫المسلمين الذين كانوا سيقتلون مع من يقتل وتأخر‬

‫‪www.albraha.com‬‬ ‫‪16‬‬
‫السلفية ومناهج التغيير‬
‫د‪ .‬ياسر برهامي‬

‫بذلك الفتح سنتين علما ً بأن مكة يومئذ دار حرب‬


‫والكعبة‪ :‬كانت مليئة‪ :‬بالصناما ولو حدث قتال ‪-‬يوما‬
‫الحديبية– لنتصر المسلمون على المشركين‪ :‬وفي‬
‫ف ُروا‬‫ين ك َ َ‬
‫ذ َ‬ ‫م ال ّ ِ‬‫قاتَلَك ُ ُ‬
‫و َ‬‫ول َ ْ‬
‫ذلك يقول الله تعالى‪َ  :‬‬
‫صيرا ً‪‬‬ ‫لَولّوا ْ َ‬
‫ول ن َ ِ‬ ‫ولِيلا ً َ‬‫ون َ‬
‫جد ُ َ‬ ‫ار ث ُ ّ‬
‫م ل يَ ِ‬ ‫الدْب َ َ‬ ‫َ ُ‬
‫]الفتح‪ ،[22 :‬واليوما نحتاج لدعوة تضيف لمكانات‬
‫العاملين لكي نحبس بها دماء المسلمين وحتى ل‬
‫نخرج من نكبة إلى نكبة ومن فتنة عمياء إلى أخرى‬
‫أشد عمى ونكون كمن يلدغ من نفس الجحر ألف‬
‫مرة فالمنكر يخلفه من المنكرات والثاما والمصائب‬
‫ما يتضاءل أمامه المنكر المزال وبذلك نخرج من‬
‫بلء أقل إلى بلء أعظم وينفر الناس عن الدين الذي‬
‫يرونه وسيلة للفتنة‪ :‬والقتل‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ثالثا‪ :‬من يرى التركيز على العمل الفردي في‬


‫ً‬
‫الدعوة والتربية‬
‫يتبنى هذا المنهج بعض الدعاة الذين يرون أن الدور‬
‫الساسي للدعاة والعلماء هو إصلح أفراد المة ‪-‬مع‬
‫الختلف حول أولويات الصلح‪ -‬فالبعض يراه في‬
‫إصلح العقيدة ونشر العلم والبعض يراه في التربية‬

‫‪www.albraha.com‬‬ ‫‪17‬‬
‫السلفية ومناهج التغيير‬
‫د‪ .‬ياسر برهامي‬

‫على العبادة والذكر وفضائل الأعمال ويرون أن‬


‫انتشار الفراد الصالحين في مجتمع كفيل بإصلحه‬
‫تلقائيا ً ومن بين أصحاب هذا المنهج من ل يرون‬
‫مشروعية‪ :‬العمل الجماعي أو على القل يحصرونه‬
‫في صور محدودة ل يتعداها ويرون أن مضار‬
‫الجماعات السلمية ‪-‬خاصة الحزبية والتعصب‪:‬‬
‫وكونها مستهدفة من الحكومات العلمانية‪ -‬أكثر من‬
‫منافعها‪ ،‬ولقد حقق هذا المنهج بعض اليجابيات‬
‫منها‪ :‬إيجاد أفراد ملتزمين ونشر العلم ومبادئ‬
‫السلما وأحاكمه بين قطاعات من المة‪ ،‬وأيضا‬
‫التركيز على عدد محدود من الفراد يمكن إعدادهم‬
‫إعدادا ً جيدا ً من خلل المعاشرة الطويلة والمتابعة‬
‫المستمرة‪ ،‬وكان للبتعاد عن الحداث السياسية‬
‫المعاصرة حتى بمجرد التعليق‪ :‬أثره الواضح في‬
‫توفير قدر كبير من الحماية ضد ضربات العداء‪،‬‬
‫ويؤخذ على هذا التجاه قصور النظر إلى نوع واحد‬
‫من الواجبات الشرعية وإهمال واجبات أخرى نص‬
‫عليها الكتاب والسنة وأجمع أهل العلم على‬
‫فرضيتها ووجوب السعي إلى إقامتها مع كون الكثير‬
‫من هذه الواجبات يمكن القياما به أو بشيء منه‬
‫على القل إذا اجتمعت الجهود وتضافرت إذ أن‬
‫فروض الكفاية من التعلم والتعليم والحسبة وسد‬
‫حاجات الفقراء والمساكين والرامل وغيرهم وفصل‬
‫الخصومات وفق شرع الله وإيصال الحقوق إلى‬
‫أصحابها والسعي إلى إقامة الخلفة والجهاد وغير‬
‫ذلك من فروض الكفاية المضيعة ‪-‬التي استفاضت‬
‫أدلة كل منها كتابا ً وسنة‪ -‬ل يمكن أن يقاما إل على‬
‫جهة الجتماع والتعاون الملزما وليس المطلوب‬
‫إقامته في جزء صغير من المة بل الواجب شرعا ً‬

‫‪www.albraha.com‬‬ ‫‪18‬‬
‫السلفية ومناهج التغيير‬
‫د‪ .‬ياسر برهامي‬

‫إقامة كل ذلك في كل مكان وزإمان تمكن إقامته‬


‫فيه وفي كل القطاعات من المجتمع وعلى أوسع‬
‫نطاق ممكن في المسجد والمدرسة والجامعة‬
‫والمصنع وأصحاب المهن وغير ذلك‪.‬‬
‫كما يؤخذ على كثير من أصحاب هذا التجاه ترك‬
‫النكار على المنكرات التي تتبناها الحكومات‬
‫وتنشرها بين الناس كقضية‪ :‬الحكم بغير ما أنزل الله‬
‫ومسائل الولء والبراء ونشر الغزو الفكري والتعبية‬
‫للمبادئ الوضعية‪ :‬للغرب‪ ،:‬ول يصح التعلل بتوفير‬
‫الحماية للدعوة فإن الدعوة تفقد هويتها إذا رأت‬
‫الناس يقعون في الضلل بل في الشرك وهي ل‬
‫تحرك ساكنا ً وكأن المر ل يعنيها من قريب أو بعيد‪.‬‬
‫كما يؤخذ على أصحاب هذا المنهج المبالغة في‬
‫تضخيم سيئات الجماعات السلمية والجحاف‬
‫بمنافعها ومحاسنها‪ ،‬فجعلت‪ :‬علج المريض قتله أو‬
‫إيقاف قلبه‪ ،‬إذ أن جماعات الصحوة السلمية هي‬
‫قلب المة النابض بالحياة بعد أن فقد الجسد كله‬
‫مظاهر الحياة‪ ،‬وكم كانت هذه الجماعات السلمية‬
‫سببا ً لهداية الشباب والشيوخ‪ :‬والنساء والطفال‬
‫وعودتهم إلى دينهم‪.‬‬
‫‪‬‬
‫الدعوة السلفية والتغيير‪:‬‬
‫وقبل أن نطرح تصورنا في التغيير نقرر أن واقعنا ل‬
‫يزال أصغر بكثير من منهجنا‪ ،‬وأن حالنا أبعد عما نعلم‬
‫أن يلزمنا أن نكون عليه‪ ،‬ولكن الواجب النصيحة‪،‬‬
‫والمل في أن يكون الجميع على الطريق المستقيم‬
‫‪-‬ولو كان سيره بطيئا ً ل خارجا ً عنه‪ -‬هو الذي يدفعنا‬

‫‪www.albraha.com‬‬ ‫‪19‬‬
‫السلفية ومناهج التغيير‬
‫د‪ .‬ياسر برهامي‬

‫إلى هذا الطرح‪ ،‬فمنهج الدعوة السلفية‪ :‬يمكن‬


‫تلخيصه في التي‪:‬‬
‫أولً‪ :‬الدعوة إلى اليمان بمعانيه وأركانه كلها من‬
‫معرفة الله بأسمائه وصفاته والتعبد‪ :‬له بها وتوحيد‬
‫الربوبية واللوهية‪ :‬والكفر بالطاغوت ومحاربة الشرك‬
‫في كل صوره القديمة والحديثة من شرك القبور‬
‫والخرافات وشرك الحكم والولء وغير ذلك‪ ،‬وكذا‬
‫اليمان بالملئكة والكتب‪ :‬والرسل واليوما الخر‬
‫والقضاء والقدر‪ ،‬وما يتبع ذلك من قضايا العتقاد في‬
‫الصحابة ومسائل اليمان والكفر‪ ،‬وتحقيق التباع‬
‫للسنة ومحاربة البدعة‪ ،‬وتقرير مناهج الستدلل‬
‫وتحقيق التزكية‪ :‬عبادة وخلقا ً ومعاملة والسير في‬
‫طريق الدعوة وإقامة الدين وإعلء كلمة الله في‬
‫الرض‪ ،‬كل هذا على وفق منهج أهل السنة والجماعة‬
‫إجمال ً وتفصيلً‪.‬‬
‫نقرر أن الدعوة إلى اليمان بهذا المفهوما الشامل‬
‫هي أصل دعوة الرسل وهي الطريق الذي سار عليه‬
‫رسول الله‪ ‬وصحابته‪ ،‬فهذا المنهج هو أولى‬
‫الولويات في العمل‪ ،‬والذي ل يتحقق أي واجب بعده‬
‫بدون هذا الواجب الول‪ ،‬وهذا المنهج تجب الدعوة‬
‫إليه بكل الطرق وتربية الناس عليه بالوسائل العامة‬
‫كالخطبة والدرس الجامع والكتاب والنشرات العامة‬
‫وقوافل الدعوة وغير ذلك من الوسائل الخاصة‬
‫كالدرس الخاص والمعاهد العلمية والمجموعات‬
‫التربوية وغيرها‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬إيجاد الطائفة المؤمنة‪:‬‬
‫إن إيجاد الطائفة المؤمنة الملتزمة‪ :‬بالسلما ‪-‬عمل ً‬
‫من أجله‪ -‬المجتمعة على إقامة فروض الكفاية‬

‫‪www.albraha.com‬‬ ‫‪20‬‬
‫السلفية ومناهج التغيير‬
‫د‪ .‬ياسر برهامي‬

‫المضيعة‪ :‬وبكل ما أوتيت من قدرة والساعية في‬


‫نفس الوقت لتحصيل‪ :‬أسباب القدرة فيما تعجز عنه‬
‫في الحال ‪-‬تحديثا ً للنفس به وحبا ً للخير وحرصا ً عليه‬
‫ونصيحة للمسلمين واهتماما بشأنهم‪ -‬نرى أن إيجاد‬
‫هذه الطائفة المؤمنة‪ :‬على منهج أهل السنة والجماعة‬
‫والتي يجتمع عليها باقي أهل السنة هو من أهم‬
‫الواجبات والولويات‪ ،‬وهذه الطائفة تسعى إلى أن‬
‫يكون أفرادها في خاصة أنفسهم يؤدون الواجبات‬
‫العينية‪ :‬عليهم في العقيدة والعبادة والسلوك‬
‫والمعاملة والخلق‪ ،‬ويتركون المحرمات‪ ،‬كما أنهم‬
‫ملتزمون‪ :‬بالتعاون المنضبط على إقامة الفروض التي‬
‫خوطبت بها المة ككل كالتعلم‪ :‬والتعليم قال تعالى‪:‬‬
‫ة‬‫ف ٌ‬ ‫م طَائ ِ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ة ِ‬ ‫ق ٍ‬‫ف ْر َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ن كُ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ف َر ِ‬ ‫و َل ن َ َ‬‫فل َ ْ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م إِذَا‬ ‫ه ْ‬‫م ُ‬ ‫و َ‬‫ق ْ‬‫ذ ُروا َ‬ ‫ولِيُن ْ ِ‬ ‫ين َ‬ ‫في الدّ ِ‬ ‫هوا ِ‬ ‫ق ُ‬‫ف ّ‬ ‫لِيَت َ َ‬
‫ون‪] ‬التوبة‪،[122 :‬‬ ‫حذَ ُر َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬‫عل ّ ُ‬ ‫م لَ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫َ‬
‫عوا إِلي ْ ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫َر َ‬
‫وللعلم منزلة خاصة وأهمية كبرى في دعوتنا إذ عليه‬
‫تقوما وبدونه تفقد هويتها وانتمائها للسلف ولبد أن‬
‫يكون هذا المر على كل المستويات‪ ،‬للصغار والكبار‬
‫للرجال والنساء وفي سائر قطاعات المجتمع‪،‬‬
‫ُ‬
‫ة‬‫م ٌ‬‫مأ ّ‬ ‫منْك ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ولْتَك ُ ْ‬ ‫وكالحسبة والدعوة‪ ،‬قال تعالى‪َ  :‬‬
‫ْ‬
‫وف‬‫ِ‬ ‫ع ُر‬
‫م ْ‬‫ون بِال ْ َ‬ ‫م ُر َ‬ ‫ويَأ ُ‬ ‫ر َ‬ ‫ِ‬ ‫خي ْ‬ ‫ُون إِلَى ال ْ َ‬ ‫يَدْع َ‬
‫ون‪‬‬‫ح َ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫وأُولَئ ِ َ‬ ‫ر َ‬ ‫منْك َ ِ‬ ‫َن ال ْ ُ‬‫نع ِ‬ ‫و َ‬‫ه ْ‬ ‫ويَن ْ َ‬ ‫َ‬
‫]آل عمران‪ ،[104 :‬ولبد في هذا الباب من مراعاة‬
‫المصالح والمفاسد وفق ما تأمر به الشريعة وعلى‬
‫ميزانها‪ ،‬وكالواجبات الجتماعية من سد حاجات‬
‫الفقراء والمساكين ورعاية اليتامى وحث الغنياء‬
‫على الزكاة والصدقة ومعاونتهم في إخراجها على ما‬
‫جاء في الكتاب والسنة‪ ،‬وعيادة المرضى ودعوتهم‬
‫إلى الله‪ ،‬وإحياء الروابط الخوية بين المسلمين من‬

‫‪www.albraha.com‬‬ ‫‪21‬‬
‫السلفية ومناهج التغيير‬
‫د‪ .‬ياسر برهامي‬

‫اتباع الجنائز والتعزية في المصائب وإجابة الدعوات‬


‫والتهنئة‪ :‬في الفراح وغير ذلك‪ ،‬وكالسعي إلى إيجاد‬
‫نظاما المال السلمي لبعاد الناس عن الربا والريبة‬
‫وسائر المعاملت‪ :‬المحرمة‪ ،‬وكذا تربية المة على‬
‫روح الجماعة برد الناس إلى أهل العلم منهم‬
‫وجمعهم عليهم ونهيهم عن التفرقة‪ ،‬وكذا إقامة‬
‫الجهاد في سبيل الله طالما وجدت مقوماته‬
‫وشروطه والسعي إلى أسبابه عند العجز عنه‪ ،‬فما‬
‫تعلمه المسلمون في أفغانستان مثل ً هو من أعظم‬
‫الواجبات والقربات‪ ،‬وكذلك تعليم الناس لزوما‬
‫التحاكم إلى الشرع برد موارد النزاع إلى أهل العلم‬
‫الذين يجب وجودهم والسعي إلى إيجادهم في كل‬
‫مكان لفض الخصومات وفق الكتاب والسنة بعيدا ً‬
‫عن القوانين الوضيعة‪ :‬الطاغوتية‪ ،‬وهذه وغيرها من‬
‫فروض الكفاية كإقامة الجمع والجماعات والعياد‬
‫يمكن للمسلمين إذا اجتمعوا وتعاونوا على إقامتها‬
‫اونُوا عَلَى الْب ِ ّر‬
‫ع َ‬‫وت َ َ‬
‫كما أمرهم ربهم فقال‪َ  :‬‬
‫وى‪] ‬المائدة‪ [2 :‬أن يقوموا بأضعاف ما‬ ‫والت ّ ْ‬
‫ق َ‬ ‫َ‬
‫يقومون به الن من غير مفسدة ول مضرة بإذن الله‪،‬‬
‫وما قاوموا به من الحق كان سببا ً لتمكين الله لهم‬
‫مما عجزوا عنه فإن الطاعة سبب للطاعات‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬كيفية التمكين‪:‬‬
‫وأما نهاية المطاف وكيف تقاما دولة السلما بعد ذلك‬
‫فنحن ل نوجب على الله أمرا معينا ً نعتقد حتميته‬
‫ولزومه وأنه ل سبيل سواه‪ ،‬بل قد قص الله علينا من‬
‫قصص أنبيائه ورسله من آمن قومه كلهم بدعوته‬
‫بالحكمة والبيان‪ ،‬قال تعالى‪َ  :‬‬
‫ة‬ ‫سلْنَاهُ إِلَى ِ‬
‫مئ َ ِ‬ ‫وأ ْر َ‬ ‫َ‬
‫ين‪‬‬ ‫ح‬
‫ِ‬ ‫ى‬ ‫م إِل َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ا‬‫َ‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫وا‬‫ُ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫فآ َ‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ون‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫ز‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫أَلْف أ َ‬
‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬

‫‪www.albraha.com‬‬ ‫‪22‬‬
‫السلفية ومناهج التغيير‬
‫د‪ .‬ياسر برهامي‬

‫]الصافات‪ ،[148 ،147 :‬ومنهم من نصره الله‬


‫بإهلك أعدائه بقارعة من عنده أو بأيدي الرسل‬
‫وأتباعهم‪ ،‬وقد جعل سبحانه وتعالى في سيرة نبينا‪‬‬
‫هذه المور أيضاً‪ ،‬ففتح الله عليه المدينة بالقرآن‪،‬‬
‫وكذا فتح عليه البحرين واليمن وكثيرا من جزيرة‬
‫العرب‪ ،‬كما فتح عليه مكة بالسنان‪ ،‬وفتح على‬
‫أصحابه العراق وما وراءه والشاما ومصر وغيرها‬
‫بالسنان كذلك‪ ،‬وله الحمد سبحانه على كل حال‪،‬‬
‫فالتمكين منة من الله ووعد غايته تحقيق العبودية لله‬
‫‪-‬للفرد وللمة‪ -‬والخذ بالسباب المقدورة لنا واجب‬
‫علينا والنصر من عند الله ل بالسباب‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫َ‬
‫ات‬
‫ح ِ‬ ‫صال ِ َ‬ ‫ملُوا ال ّ‬ ‫ع ِ‬
‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫منْك ُ ْ‬ ‫منُوا ِ‬ ‫ين آ َ‬ ‫ذ َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫عدَ الل ّ ُ‬ ‫و َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫ف ال ّ ِ‬ ‫استَخْل َ َ‬ ‫ْ َ‬
‫ين‬
‫ذ َ‬ ‫ما ْ‬ ‫ض كَ َ‬ ‫في ال ْر ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫فن ّ ُ‬ ‫خل ِ َ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫لَي َ ْ‬
‫ضى‬ ‫ارت َ َ‬ ‫ذي ْ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫م ِدين َ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫مكّن َ ّ‬ ‫ولَي ُ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ِ‬ ‫قبْل ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫عبُدُونَنِي‬ ‫منًا ي َ ْ‬‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫َو ِ‬ ‫دخ ْ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن بَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ولَيُبَدّلَن ّ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫لَ ُ‬
‫ك‬ ‫عدَ ذَل ِ َ‬ ‫ف َر ب َ ْ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫شيْئًا َ‬ ‫ون بِي َ‬ ‫رك ُ َ‬ ‫ش ِ‬ ‫َل ي ُ ْ‬
‫ون‪] ‬النور‪ ،[55 :‬وقال‬ ‫ق َ‬ ‫اس ُ‬‫ف ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫فأُولَئ ِ َ‬ ‫َ‬
‫د الذّك ْ ِ‬
‫ر‬ ‫ع ِ‬ ‫ن بَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ور ِ‬ ‫الزب ُ ِ‬ ‫في ّ‬ ‫قدْ كَتَبْنَا ِ‬ ‫ول َ َ‬ ‫سبحانه‪َ  :‬‬
‫ن ْ َ‬ ‫َ‬
‫ون‪] ‬النبياء‪:‬‬ ‫ح َ‬ ‫صال ِ ُ‬ ‫ي ال ّ‬ ‫عبَا ِد َ‬ ‫ها ِ‬ ‫رث ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ض يَ‬ ‫ال ْر َ‬ ‫أ ّ‬
‫َ‬
‫سول َ ُ‬
‫ه‬ ‫ل َر ُ‬ ‫س َ‬ ‫ذي أ ْر َ‬ ‫و ال ّ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫‪ ،[105‬وقال سبحانه‪ُ  :‬‬
‫ين كُل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ه َرهُ عَلى الدّ ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ق لِيُظ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ين ال ْ َ‬ ‫و ِد ِ‬ ‫هدَى َ‬ ‫بِال ْ ُ‬
‫ون‪] ‬التوبة‪.[33 :‬‬ ‫رك ُ َ‬ ‫ش ِ‬ ‫م ْ‬ ‫رهَ ال ْ ُ‬ ‫و كَ ِ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫َ‬

‫‪www.albraha.com‬‬ ‫‪23‬‬

You might also like