You are on page 1of 80

‫مذكرات جندي‬

‫تأليف‬
‫يلع عبد اهلل آل سحيم‬
‫بوافدين منطقة مكة املكرمة‬
‫مذكرات جندي‬

‫‪‬‬

‫والسالم َع َلى‬
‫َّ‬ ‫والصالة‬
‫َّ‬ ‫الحمدَ هللِ‪،‬‬
‫إن َ‬ ‫َّ‬
‫ول اهللِ‪َ ،‬وبعد‪:‬‬
‫رس ِ‬
‫َ ُ‬
‫عض‬ ‫دت فِ��ي كُتيبِي َه� َ‬
‫��ذا َب َ‬ ‫َل��ق��د َ‬
‫أور ُ‬
‫المواقف التي واجهتني يف َعملي طوال‬‫ِ‬

‫فأحببت أن َ‬
‫نتشاركها‬ ‫ُ‬ ‫إحدى وعشرين َعا ًما‪،‬‬
‫اهي‪ ،‬ومِن َْها َما هو‬
‫فمنْها ما هو ف َك ِ‬
‫َ َ‬
‫سويا‪ِ ،‬‬
‫َ ًّ‬
‫َغير  َذ َ‬
‫لك‪.‬‬

‫والسداد ل ِ َما‬
‫التوفيق َّ‬
‫َ‬ ‫وأتمنى لِي َو َل ُكم‬
‫رضاه‪.‬‬
‫اهلل و َي َ‬
‫يح ُّبه ُ‬
‫‪3‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫مشاك ُل َزوَاج السعوديني ِمن أجنبيات‬


‫ِ‬

‫وآخر رح َل ٍة‪ ،‬س َيتِ ُّم إرسا ُلها‬


‫ِ‬ ‫يف ِ‬
‫آخر اللي ِل‬
‫الوافِدين؛‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لصالة المغادرين م � ْن إدارة َ‬
‫ِ‬

‫لرتحي ِل الموقوفين ل ِ �بِ�َل�اَ ِده��م‪ ،‬وكَانت‬


‫ِ‬
‫المختلفة‪ ،‬ولكن‬ ‫ِ‬
‫نسيات‬ ‫الرحل ُة مِن ِ‬
‫الج‬
‫ِ‬
‫المغربية‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الجنسية‬ ‫لفت انت َباهي امرأة مِن‬
‫َ‬
‫فوضعتها خلفي مباشرةً‪ ،‬يف باص الركاب؛‬
‫كَوهنا المرأة الوحيدة فِي َذ َ‬
‫لك الباص‪ ،‬مع‬
‫مغادرين‪ ،‬جميعهم من ال� ِّ�ر َج��ال‪ ،‬ونحن‬
‫‪4‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫ِ‬
‫سبب‬ ‫للمطار‪ ،‬سألتُها ع��ن‬ ‫ِ‬ ‫متوجهون‬
‫ِ‬
‫القبض عليها‪ ،‬الذي جع َلها ُتغادر ُم َّ‬
‫رحلة‬
‫فكان َجوا ُبها ُمؤل ِ ًما‪.‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫لبالدها‪،‬‬

‫تزوجة مِ��ن َرج �لٍ‪،‬‬ ‫تقول‪َ :‬أن��ا ُ‬


‫كنت ُم ِّ‬
‫وأنجبت مِنه ول��دً ا‪،‬‬
‫ُ‬ ‫سعودي الجنسية‪،‬‬
‫تطلقت مِنه‪ ،‬وغ� ُ‬
‫�ادرت لبالدي ‪-‬‬ ‫ُ‬ ‫ولكنني‬
‫واشتقت البني؛ كي أراه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫المغرب ‪، -‬‬
‫وأشم رائِ َحتَه‪ ،‬كون الشوق إليه‬ ‫َّ‬ ‫وأضمه‪،‬‬
‫َّ‬
‫وذهبت‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫تأشيرة عمرة‪،‬‬ ‫أدخل البال َد بِ‬
‫ُ‬ ‫جع َلني‬
‫الباب؛ َحتى‬
‫َ‬ ‫طرقت عليه‬
‫ُ‬ ‫منزل َطليقي‪َ ،‬و‬ ‫لِ ِ‬
‫فوافق َأن َأراه‪ ،‬وأن َأ َ‬
‫مكث َمعه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫أرى ابني‪،‬‬
‫‪5‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫فقال طليقي‪ :‬ل ِ َماذا ال َتستَغلي ال ُفرصةَ‪،‬‬


‫َ‬
‫النبوية‪ ،‬وزي� ِ‬
‫�ارة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المدينة‬ ‫ِ‬
‫لزيارة‬ ‫وتذهبي‬
‫ال��رس��ول ‪ ،‬م��ع اب��ن� ِ‬
‫�ك‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ق�بر‬
‫والس ِ‬
‫ائق؟‬ ‫َّ‬
‫سن ٍ‬
‫نية‪ ،‬و َما أن‬ ‫فوافقت على ُح ِ‬
‫ُ‬ ‫تقول‪:‬‬
‫ٍ‬
‫نقطة بِجدَّ ة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫مركز َتفتيش آخر‬ ‫َوصلنَا إِلى‬
‫ِ‬
‫المنورة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫المدينة‬ ‫و َن��ح� ُن متجهون إِل��ى‬
‫ِ‬
‫النقطة‪َ ،‬وطلبوا‬ ‫فوجئت بِإيقافِنا‪ ،‬مِن َ‬
‫تلك‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫السفر‪،‬‬ ‫فأخرجت َلهم ج� َ‬
‫�واز‬ ‫ُ‬ ‫مِنِّي إث َبايت؛‬
‫والحظ العسكري‪ :‬بِ� َّ‬
‫�أن َتأشيريت ُمنتَهيةٌ‪،‬‬
‫وأنزلونِي‪ ،‬و َقاموا بتسلِيمي‪،‬‬ ‫َ‬ ‫فأخذوين‪،‬‬
‫‪6‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫��وافِ���دي���ن؛ الن��ت��ه��اء ت��أش��ي��ريت‪،‬‬ ‫ِ‬


‫إلدارة ال� َ‬
‫امية‪ ،‬و َلكن المشكلة‬ ‫وإلقامتي َغير الن َظ ِ‬

‫التي اكتشفتُها‪ :‬أن َطليقي َم ْن أ َب َ‬


‫لغ َعنِّي‪،‬‬
‫َان َيمشي بسيارتِه‬ ‫ِ‬
‫التفتيش‪ ،‬كَونه ك َ‬ ‫ِ‬
‫نقطة‬ ‫يف‬
‫ِ‬
‫التفتيش‪،‬‬ ‫ِ‬
‫لنقطة‬ ‫َ‬
‫وصل‬ ‫فلما‬
‫الخاصة أمامنا‪َّ ،‬‬
‫ِ‬
‫األمن‪.‬‬ ‫أب َل َغ ِر َ‬
‫جال‬

‫وكما َتراين‪،‬‬ ‫ُ‬


‫الوكيل‪َ ،‬‬ ‫فحس ُبنا اهلل َونِ ْع َم‬
‫اهبة إِلى بِالدي‪ ،‬وبعيدة عن ابني‪ ،‬ولكن‬ ‫َذ ِ‬

‫دعائي َعلى َطليقي بالهالك‪ ،‬و َما فع َله بِي‪،‬‬


‫وبابني‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫مشاكل الزواج من أجانب‬

‫حزن غير‬‫ٍ‬ ‫المات‬


‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وجهها َع‬ ‫دخلت وفِي‬
‫ْ‬
‫عاملة أبنائِها‬
‫ِ‬ ‫وسألت زميلي َعن ُم‬
‫ْ‬ ‫َعادية‪،‬‬
‫يبلغ مِ َن العمر ا ْثن َْي َع َشر‬
‫الثمانية‪ ،‬أكربهم ُ‬
‫َع��ا ًم��ا وأصغرهم ث�لاث س��ن��وات‪ ،‬وفجأة‬
‫�ول‪ :‬كيف‬ ‫ِ‬
‫البكاء ال� َّ�ش��دي� ِ�د‪ ،‬وت��ق� ُ‬‫��دأت بِ‬
‫ب� ْ‬
‫ون أبنائي إِل��ى ال َيمن‪ ،‬وأن��ا أ ُّمهم‬‫سرتح ُل َ‬
‫ِّ‬
‫رح ُل َ‬ ‫ِ‬
‫ون‪،‬‬ ‫سعودية‪ ،‬وأب��ن��ا ُء السعودية لاَ ُي َّ‬
‫وليست‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫بقسمنا‪،‬‬ ‫َ‬
‫حديث عم ٍل‬ ‫َ‬
‫وكان َزميلي‬
‫فقمت‬
‫ُ‬ ‫َلديه الدراي ُة الكامل ُة بالمعامالت‪،‬‬
‫‪8‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫أنا مِ ْن َمكتبي لتلك المرأة‪ ،‬وسألتُها َع ِن‬


‫األوراق الثبوتية‪ ،‬ألبنائِها ولها‪ ،‬وكانَت‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫بطاقة‬ ‫المفاجأ ُة أنَّها لاَ َتملِ ُك َلها إِال صورة‬
‫الوطنية فقط‪ ،‬وأما إثباتات أبنائِها‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الهوية‬
‫فال َتملِك َلهم أي إثبات‪ ،‬سوى صور مِن‬
‫أعمار‬ ‫ِ‬
‫االجتماعية‪ُ ،‬تبين وتحدد‬ ‫ِ‬
‫الشئون‬
‫َ‬
‫باألسنان؛ لعد ِم وج� ِ‬
‫�ود‬ ‫ِ‬ ‫األب��ن� ِ‬
‫�اء‪ ،‬وكانَت‬
‫شهادات مِيالد؛ كون األم ولدهتم جمي ًعا‬
‫ِ‬
‫المنزل؛ ألهنا متزوجة شخص‪َ ،‬يمني‪،‬‬ ‫فِي‬
‫َمجهول الهوية (غير ن َظامي)‪ ،‬وسألتُها‪:‬‬
‫ِ‬
‫الهوية‬ ‫شخصا مجهول‬ ‫لِ� َ�م��اذا تتزوجين‬
‫ً‬
‫وأنت مواطِنة؟ فقالت –وببكاء‪ : -‬أهلي‬
‫ِ‬
‫‪9‬‬
‫مذكرات جندي‬
‫ٍ‬
‫شيء؛ ألن‬ ‫زوجوين وأنا طفلة‪َ ،‬ما أدري َعن‬
‫شيء لديهم ُ‬
‫المال فقط‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫أهلي أهم‬
‫وسألتُها َع��ن أص � ِل َهويتها‪ ،‬فقالت‪:‬‬
‫ِ‬
‫بالقوة؛ ألنني أري��دُ‬ ‫�ذه��ا مِني إخ��واين‬ ‫َ‬
‫أخ� َ‬
‫الشخص؛ ألنه َي ِ‬
‫ضر ُبني‬ ‫ِ‬ ‫الطالق مِ ْن َهذا‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫المحكمة‪،‬‬ ‫وأقمت َدعوى‪ِ ،‬ضده فِي‬ ‫َثيرا‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ك ً‬
‫وق��ض��ت المحكم ُة بسجنِه‪ ،‬وه��و اآلن‬
‫فأقمت ِضدهم‬
‫ُ‬ ‫َم��س��ج� ٌ‬
‫�ون‪ ،‬وأم��ا أه��ل��ي‪،‬‬
‫ِ‬
‫الثبوتية‪.‬‬ ‫أوراقِي‬ ‫ِ‬
‫لسحب َ‬ ‫دعوى؛‬
‫تتحسر َعلى أهلِها‪ ،‬و َما‬ ‫ُ‬ ‫وتقولها وهي‬
‫ال‪ ،‬فحس ُبنَا اهلل َونِ ْع َم‬‫فعلوه بِها مِن أج ِل الم ِ‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫الوكيل‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫يا اهلل! صباح اخلري‬

‫والناس‬
‫ُ‬ ‫يف ذات َصباحِ َيو ٍم مِ َن األيامِ‪،‬‬
‫وكنت أنا أحدُ ه ِ‬
‫ؤالء‬ ‫ُ‬ ‫ُمتوجهون لدواماهتم‪،‬‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫بسيارة ُمسرعة‪ ،‬تجاوزتني‪،‬‬ ‫فوجئت‬
‫ُ‬ ‫الن ِ‬
‫َّاس‪،‬‬
‫ِ‬
‫الرصيف‪،‬‬ ‫تلك السيار ُة فجأ ًة على‬ ‫ووقفت َ‬
‫ْ‬
‫ونظرت فِي‬
‫ُ‬ ‫مما َس ّبب لِي ارتباكًا‪ ،‬يف قياديت‪،‬‬
‫أيضا خلف‬
‫توقفت ً‬
‫ْ‬ ‫ٍ‬
‫بسيارة‪ ،‬قد‬ ‫ِ‬
‫المرآة؛ فإذا‬
‫ِ‬
‫السيارة التي تجاوزتني‪ ،‬وإذا بِي ألحظ أهنما‬
‫تماسكا باليد‪ ،‬وب��دأت المصارع ُة بينهما‬
‫َ‬
‫�ت َ‬
‫ذلك‬ ‫الريق)‪ ،‬فلما رأي� ُ‬
‫(مصارعة على ِّ‬
‫‪11‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫أفر َق‬ ‫�دت لهم ُم ِ‬


‫سر ًعا؛ حتى ّ‬ ‫تو ّق ُ‬
‫فت‪ ،‬و ُع� ُ‬
‫حمد ُعق َباه‪،‬‬
‫بينهما‪ ،‬حتى ال يحدث ما ال ُي َ‬
‫ٍ‬
‫خص‬ ‫وق َش‬ ‫شخصا معضلاً ‪َ ،‬ف َ‬
‫ً‬ ‫فإذا بي أجدُ‬
‫ٍ‬
‫كمات قوية‪،‬‬ ‫ف‪ ،‬وإذ به ُيسدد له َل‬ ‫نَحيِ ٍ‬

‫احة لكمات‬ ‫اللكمات‪ ،‬وبِصر ٍ‬


‫ِ‬ ‫ليست ككل‬‫ْ‬
‫َ َ‬
‫َّحيف أصا َبه‬
‫الشاب الن َ‬
‫َ‬ ‫الريق‪ ،‬أظ ُّن َّ‬
‫أن‬ ‫َعلى ِّ‬
‫ِ‬
‫اللكمات‪،‬‬ ‫قوة تِ َ‬
‫لك‬ ‫ارتجاج فِي المخ؛ من ِ‬
‫َ ٌ‬
‫ِ‬
‫المصارعة‪ ،‬إال‬ ‫اهدً ا َتفريق تِ َ‬
‫لك‬ ‫وحاولت ج ِ‬
‫ُ َ‬
‫أحدهما‪ ،‬وأنا وحدي‬ ‫لقوة ِ‬
‫أنني َلم أستطع؛ ِ‬
‫ِ‬
‫التفريق‪ ،‬إال أنني‬ ‫ِ‬
‫مهمة‬ ‫َان َيقو ُم بِ‬
‫فقط َم ْن ك َ‬
‫ِ‬
‫للرصيف؛‬ ‫وذهبت‬
‫ُ‬ ‫َل ْم أستطع‪ ،‬فرتكتُهما‪،‬‬
‫‪12‬‬
‫مذكرات جندي‬
‫بعض ال��م� ِ‬
‫�ارة؛ ليساعدين يف‬ ‫�ف َ‬ ‫حتى أوق� َ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الكبيرة التي‬ ‫ِ‬
‫والمشكلة‬ ‫ِ‬
‫الطرفين‪،‬‬ ‫ِ‬
‫تفريق‬
‫واجهتني أهن��م يتصارعون بين سيارتِهم‬
‫�ف‪ ،‬مما يصعب رؤيتهم وهم‬ ‫وال��رص��ي� ِ‬
‫َّ‬
‫يتصارعون من المارة‪ ،‬وبعدَ رب � ِع س ٍ‬
‫اعة‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الناس ووقفوا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تقري ًبا من المضاربة‪ ،‬انتَبه لي ُ‬
‫و َت َّم تفريق الطرفين ‪-‬والحمد هلل‪ ،-‬ولكن‬
‫وخرجت مِنهم الدما ُء‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َبعد َما ُأهنِ ُكوا‪،‬‬

‫َفسه‪:‬‬
‫طرح ن َ‬ ‫ُ‬
‫السؤال الذي َي ُ‬

‫بارا يف ُعقولِنا وتصرفاتِنا‪،‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬


‫لماذا ال نكون ك ً‬
‫بعضنا‪ ،‬حينما‬
‫ادنا‪ ،‬ونتحمل َ‬ ‫مثل كِرب أجس ِ‬
‫َ‬
‫‪13‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫السائقين‬
‫فبعض َّ‬ ‫شخص َعلى ٍ‬
‫آخر؟ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُيخطئ‬
‫مرضى بضعف النظر مثلاً ‪ ،‬أو السكر‪ ،‬أو‪...‬‬
‫ب ألف عذر وعذر لآلخر؛‬
‫أو‪ ...‬أو‪َ ،...‬ه ْ‬
‫المشاكل التي تحدث بسبب‬ ‫َ‬ ‫حتى نتالىف‬
‫والسبب‬
‫ُ‬ ‫آخر‪،‬‬
‫يقتل َ‬ ‫فالبعض ربما ُ‬ ‫ُ‬ ‫قيادتِنا‪،‬‬
‫ِ‬
‫بعاقبة‬ ‫تلك األخطا ُء‪ ،‬التي جعل ْتنَا لم نُفكِر‬‫َ‬
‫ِ‬
‫األمور‪.‬‬ ‫تلك‬‫َ‬
‫(ليس َّ‬
‫الشديد‬ ‫النبي ‪َ :‬‬ ‫َ‬
‫قال ُ‬
‫نفسه ِعند‬ ‫ِ‬
‫الشديدُ الذي َيمل ُك َ‬
‫ِ‬
‫بالصرعة إنما َّ‬
‫ِ‬
‫الغضب)‬
‫‪sss‬‬

‫‪14‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫انتداب ملدينة اجلوف‬

‫وزميل لِي‬
‫ٌ‬ ‫ذهبت أن��ا‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫مهمة عملٍ‪،‬‬ ‫يف‬
‫قر العم ِل‬ ‫ُ ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫التحرك م ْن َم ِّ‬ ‫وكان‬ ‫لمدينة َحائل‪،‬‬
‫ِ‬
‫تذكرة‬ ‫ِ‬
‫موعد‬ ‫ِ‬
‫حسب‬ ‫فجرا‪،‬‬
‫الساعة الثالثة ً‬
‫المطار الساعة الثالثة‬ ‫َ‬ ‫السفر‪ ،‬ووصلنَا‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫الشمالية‪ُ ،‬ث َّم َبعد‬ ‫ِ‬
‫بالصالة‬ ‫والنصف تقري ًبا‪،‬‬
‫�ك َركبنَا ال َّطائِرةَ‪ ،‬متوكلين َعلى اهللِ‪،‬‬ ‫ذل� َ‬
‫الجو‪ ،‬كما َح َ‬ ‫ِ‬
‫فظ‬ ‫وداعين له بأن يحف َظنَا في ِّ‬
‫مد‪.‬‬‫السماء بِال َع ٍ‬
‫َ‬

‫‪15‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫اإلع�ل�ان مِ�� َن الكابتن بإمكان‬


‫ِ‬ ‫وبعد‬
‫ِ‬
‫أحزمة‬ ‫ِ‬
‫الطائرة ورفع‬ ‫الركاب التجول فِي‬
‫ِ‬
‫يجارة‬ ‫لشرب ِس‬
‫ِ‬ ‫�اق زميلي‬ ‫األم� ِ‬
‫��ان‪ ،‬إش��ت� َ‬
‫َ‬
‫وأشعل‬ ‫ٍ‬
‫دخ��ان؛ فقد دخ� َ�ل دور َة المياه‪،‬‬
‫يجار َته‪ ،‬ودخنها‪ ،‬حتى أكم َلها‪ ،‬ورمى‬ ‫ِ‬
‫س َ‬
‫رج‪ ،‬ولم َيكن فِي‬ ‫المرح ِ‬
‫اض‪ُ ،‬ث َّم َخ َ‬ ‫َ‬ ‫بِها يف‬
‫خرج‬ ‫أمره‪ ،‬وما إن‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُحسبانه َبأنه س ُيكتَشف ُ‬
‫ِ‬
‫بالنصيحة له‪،‬‬ ‫َحتى استَقبله أحدُ المضيفين‬
‫َثيرا مِ ْن َهذا‬ ‫ِ‬
‫وقال إن كَابتن الطائرة استَا َء ك ً‬ ‫َ‬
‫خطر‬
‫ٌ‬
‫ِ‬
‫القانون‪ ،‬وأن َهذا‬ ‫األمر؛ لمخالفتِك‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫يهبط‬ ‫�اب‪ ،‬وك��اد أن‬ ‫ِ‬
‫الطائرة‪ ،‬وال��رك� ِ‬ ‫َعلى‬
‫‪16‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫بالطائرة هبو ًطا اضطرار ًّيا؛ لخوفِه َعلى‬ ‫ِ‬


‫ِ‬
‫الطائرة‪ ،‬والمسافرين‪ ،‬وال َت َ‬
‫نس َبأن الكابت َن‬
‫لك؛ لكثرة الحوادث التي‬ ‫الحق فِي َذ َ‬
‫ُّ‬ ‫معه‬
‫األخبار‪ ،‬مِن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َشرات‬ ‫َسمعها كل يو ٍم فِي ن‬ ‫ن َ‬
‫استهداف اإلرهابيين الطائرات وتفجيرها‪.‬‬ ‫ِ‬

‫فقال َصاحبي متأس ًفا‪َ :‬لن يتكرر َهذا‬ ‫َ‬


‫ف أن َهذا‬ ‫األمر َمر ًة أخرى‪ ،‬و َلم أك ْن أع� ِ�ر ُ‬‫ُ‬
‫ْ‬
‫وانقل أسفي‬ ‫خطير لهذه ال��درج� ِ�ة‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫األم� َ�ر‬
‫للكابتن‪.‬‬

‫مدينة َحائِل؛ ألن‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لمطار‬ ‫وعندما َوصلنَا‬
‫طار الم ِ‬ ‫َخط ِ ِ‬
‫لك َعبد ال َعزيز‬ ‫سيرنا ذها ًبا من َم ِ َ‬
‫‪17‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫�وف‪ ،‬ومِ�� ْن َم ِ‬
‫طار‬ ‫مطار ال��ج� ِ‬
‫ِ‬ ‫بِ��ج��دَّ ة‪ ،‬إل��ى‬
‫طار َحائِل‪ ،‬وأما فِي الرجو ِع‬ ‫ِ‬
‫الجوف إِلى َم ِ‬
‫ِ‬
‫الطائرة‬ ‫ِ‬
‫انتظار‬ ‫ِ‬
‫العكس‪ ،‬وأثناء‬ ‫َفخط ِ‬
‫سيرنا بِ‬
‫المتهم‬ ‫ِ‬
‫الطائرة‬ ‫بمطار َحائِل‪ ،‬استدعى كابتن‬‫ِ‬
‫َ‬
‫القضية ‪-‬وهو زميلي‪ -‬وحذره من إعادة‬ ‫ِ‬ ‫فِي‬
‫ِ‬
‫الطائرة‪ ،‬وأنه‬ ‫تكرار شرب الدخان فِي‬
‫ِ‬ ‫أو‬
‫ِ‬
‫الحجز‬ ‫اكسا لإلدارة‪ ،‬لمنعنا من‬‫سيرسل َف ً‬
‫ِ‬
‫الخطوط‬ ‫ٍ‬
‫طائرة َعلى‬ ‫ِ‬
‫والسفر َعلى َمتن أي‬
‫ِ‬
‫المقعد‬ ‫إلي وأنا فِي‬
‫السعودية‪ ،‬فجاء زميلي َّ‬
‫كر لِي زميلي‬ ‫ِ‬
‫السجين حتى ال َيهرب‪ ،‬و َذ َ‬ ‫َمع‬
‫ذلك ال َكال َم‪ ،‬الذي قاله الكابتن‪.‬‬
‫َ‬
‫‪18‬‬
‫مذكرات جندي‬
‫ِ‬
‫المضيف ُمقابلة الكابتن‪،‬‬ ‫فطلبت مِن‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫فسلمت َعلى‬
‫ُ‬ ‫القيادة‪،‬‬ ‫فوافق‪ ،‬وأخذين إِلى ِّ‬
‫مقر‬
‫ِ‬
‫وحسن‬ ‫وتفاهمت معه‪ ،‬بك ِل ٍ‬
‫أدب‬ ‫ُ‬ ‫الكابتن‪،‬‬
‫واستخدمت كل قواي العقلية‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫إنصات له‪،‬‬
‫ِ‬
‫لألعصاب؛‬ ‫ِ‬
‫المهدئة‬ ‫ِ‬
‫العبارات‬ ‫ِ‬
‫استحالب‬ ‫يف‬
‫المتصاص غضب الكابتن؛ حتى ال يضع‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫السفر مرة‬ ‫ِ‬
‫السوداء‪ ،‬وعدم‬ ‫ِ‬
‫القائمة‬ ‫أسماءنَا يف‬
‫أخرى على الخطوط السعودية‪.‬‬

‫�ان الكابتن رج�ل�اً‪ ،‬بكل م��ا َتعنيه‬


‫ف��ك� َ‬
‫فسامح لزميلي‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫أخالق وتسامح‪،‬‬ ‫الكلم ُة مِن‬
‫الخطيئ َة ‪-‬سامحه اهلل يف الدنيا واآلخرة‪.-‬‬
‫‪19‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫األمر أنه أثناء عودتِنا مِ ْن‬


‫ِ‬ ‫والغريب فِي‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫لمطار جدَّ ة‪،‬‬ ‫لمطار َحائِل‪ُ ،‬ث َّم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الجوف‬ ‫َم ِ‬
‫طار‬
‫طار الج ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وف استد َعانَا‬ ‫وتوقف الطائرة في َم ِ َ‬
‫ِ‬
‫الطائرة‬ ‫المضيف‪ ،‬وقال‪ :‬يا شباب‪ :‬كابتن‬
‫ُ‬
‫فقلت‪ :‬أما أنا‬
‫ُ‬ ‫يقول‪َ :‬هل تريدون التدخي َن؟‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫بمولود‪،‬‬ ‫َفال أدخن‪ ،‬وأما َزميلي‪ ،‬فكأنه ُب ِّش َر‬
‫اح ًكا‪ ،‬و َداع ًيا لنَاقِ ِل الخربِ‬
‫فابتسم‪ ،‬وقهقه َض ِ‬

‫الجن َِّة!‬
‫بِ َ‬

‫المضيف‪ :‬هيا َمعي‪ ،‬فأخذه إلى‬


‫ُ‬ ‫َ‬
‫فقال‬
‫ِ‬
‫بالرغم من أنه ال ُيمكن‪،‬‬ ‫ِ‬
‫المطار‪،‬‬ ‫ِ‬
‫صالة‬
‫ِ‬
‫الطائرة‪،‬‬ ‫شخص مِ� َن‬ ‫ويستحيل أن َي َ‬
‫نزل‬
‫ٌ‬
‫‪20‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫ذهب‬ ‫ٍ‬
‫لظرف طارئ‪ ،‬ثم‬ ‫أثناء االنتظار؛ إال‬
‫َ‬
‫وشرب سيجارةً‪َ ،‬مع‬ ‫ِ‬
‫الصالة‪،‬‬ ‫َصاح ُبنَا إِلى‬
‫َ‬
‫وج��ا َء مستبشر الوجه‪،‬‬ ‫ٍ ِ‬
‫كأس من الشاي‪َ ،‬‬
‫مبتسم الشفتين‪.‬‬

‫ولكن َصاحبنا لم تكمل فرحته‪ ،‬وما‬


‫ِ‬
‫الملك َعبد ال َعزيز بِجدَّ ة؛‬ ‫ِ‬
‫لمطار‬ ‫إن وصلنَا‬
‫ِ‬
‫المطار؛‬ ‫ِ‬
‫لمكتب‬ ‫حتى َفقدَ جوا َله‪ ،‬وتوجهنَا‬
‫ُ‬
‫البحث‬ ‫ِ‬
‫لتقديم بالغ فقدان الجوال‪ ،‬و َت َّم‬
‫العثور َعليه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َعنه‪ ،‬ولم َيتم‬

‫ُ‬
‫أق��ول‬ ‫وكلما َت��ذك��رت َه���ذه ال��ح��ادث��ة‬
‫‪21‬‬
‫مذكرات جندي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اهلل َم ْن َصن ََع َهذا البال َء‬‫في نَفسي‪َ :‬قا َت َل ُ‬
‫(ال���دخ���ان)‪ ،‬فهو ل��م َي��ص�نَ��ع‪ ،‬ول��م ُي��ق��دِّ م‬
‫كل َشر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لإلنسان إال َّ‬

‫ِ‬
‫التدخين!‬ ‫فكم يموت سنويا مِن ج ِ‬
‫راء هذا‬ ‫ًّ ْ َ‬
‫يموت َسنو ًّيا خمسة‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اإلحصائيات‪،‬‬ ‫َفحسب‬
‫َماليين شخص من التدخين فقط‪ ،‬فهو ُس ٌّم‬
‫خطورته بعد‪.‬‬
‫َ‬ ‫َخ ٌ‬
‫طير‪ ،‬لم ندرك‬

‫‪sss‬‬

‫‪22‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫ليالي يف معهد التدريب‬


‫(التدحرج يف املاء)‬

‫ِ‬
‫وجبة‬ ‫كُنا َعلى ط��اول� ِ�ة الطعامِ‪ ،‬على‬
‫َ‬
‫وكان النظا ُم‬ ‫ِ‬
‫المعهد‪،‬‬ ‫ِ‬
‫مطعم‬ ‫اإلفطار‪ ،‬فِي‬
‫ِ‬
‫َيقتضي أن ال نَبد َأ فِي األك � ِل َحتى َيأذن‬
‫ِ‬
‫اإلذن‪ ،‬أو‬ ‫بذلك‪ ،‬و َمن َيبد ُأ َق َبل‬ ‫ُ‬ ‫قيب َلنا‬
‫الر ُ‬
‫َّ‬
‫ب‪،‬‬ ‫اس ُ‬‫بجواره‪ ،‬فإنه َس ُي َح َ‬ ‫ِ‬ ‫َحتى َيتكلم َمع َمن‬
‫اموس ال َعسكريين (الجزاء)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وتسمى فِي َق‬
‫�ت أنَ��ا ُأ َم� ِ‬
‫���از ُح َم�� ْن يقابلني َعلى‬ ‫وك��ن� ُ‬
‫بحركات َخفيه؛ حتى ال َي��راين‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الطاولة‪،‬‬
‫‪23‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫�ب أو م��س��اع��دوه‪ ،‬فيجازونني فِي‬ ‫ال��رق��ي� ُ‬


‫أضع أص ُبعي فِي ال َعسلِ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫وكنت‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الميدان‪،‬‬
‫ٍ‬
‫ضحكة لزميلي؛‬ ‫وأصدر ِعبار ٍ‬
‫ات ُم‬ ‫ِ‬ ‫وأتذوقه‪،‬‬
‫ُ َ‬
‫الرقيب‪ ،‬وحلت‬ ‫ُ‬ ‫حتى يبتسم‪ ،‬وفجأة رآنَا‬
‫ابتسم‪،‬‬ ‫احبي؛ ألن��ه‬ ‫الكارثةُ‪ ،‬فسامح ص ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬
‫بالوقوف‬ ‫يفعل شي ًئا‪ ،‬وأما أنا فأ َم َرنِي‬
‫و َل ْم ْ‬
‫أضع َمعلق َة الطعا ِم فِي‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫الكرسي‪ ،‬وأن‬ ‫َعلى‬
‫وظللت َعلى َهذا الوض ِع تقري ًبا عشر‬ ‫ُ‬ ‫َفمي‪،‬‬
‫أضع الصح َن بِ َما فيه‬
‫َ‬ ‫دقائق‪ُ ،‬ث َّم أمرين بِأن‬
‫ِ‬
‫لألمر‬ ‫علت َذ َ‬
‫لك استجاب ًة‬ ‫َعلى َرأسي‪ ،‬و َف ُ‬
‫وظللت َعلى َه��ذا الوضعِ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫العسكري‪،‬‬
‫‪24‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫َحتى انتهى األفرا ُد مِ َن الطعامِ‪ ،‬و َت َّم صر ُفهم‬


‫ِ‬
‫التعليم‪ ،‬وأما أنا‬ ‫ِ‬
‫لحصص‬ ‫ِ‬
‫للراحة‪ ،‬استعدا ًدا‬
‫كمل َجزا َءه‬ ‫ِ‬
‫التدريب؛ ل ُي َ‬ ‫ِ‬
‫لميدان‬ ‫فصر َفني‬
‫َ‬
‫العسكري َعلي‪.‬‬

‫ِ‬
‫األرض‪،‬‬ ‫سكب َما ًء َعلى‬
‫َ‬ ‫وبعدَ َذل� َ‬
‫�ك‪،‬‬
‫سكب َعلى مالبسي‪ ،‬وجسدي‪ ،‬ما ًء‬ ‫َ‬ ‫�م‬‫ُث� َّ‬
‫أمرنِي‬ ‫تبللت َجيدً ا‪ُ ،‬ث َّم َ‬
‫ُ‬ ‫�ار ًدا ِج��دًّ ا‪ ،‬حتى‬ ‫ب� ِ‬
‫المسكوب‪ِ ،‬ذ َها ًبا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الماء‬ ‫بالتدحرجِ فِ��ي‬
‫شر‬ ‫ٍ‬
‫لمدة‪َ ،‬تزيدُ َعن ال َع ِ‬ ‫وتدحرجت‬
‫ُ‬ ‫وإيا ًبا‪،‬‬
‫ِ‬
‫الشمس‬ ‫الوقوف فِي‬
‫ِ‬ ‫أمرنِي بِ‬
‫�م َ‬ ‫َدقائق‪ُ ،‬ث� َّ‬
‫الحركةَ‪ ،‬وهو‬ ‫أستطيع َ‬
‫ُ‬ ‫ار َق ِة‪َ ،‬ثابِتًا‪ ،‬ال‬
‫الح ِ‬ ‫َ‬
‫‪25‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫ُي َراقِ ُبنِي‪ ،‬وإن تحركت‪ ،‬منعني مِن الخروجِ‬


‫ِ‬
‫المعهد‪ ،‬ولكن‬ ‫األسبوعية مِن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلجازة‬ ‫فِي‬
‫لت فِي َن ْف ِسي‪ :‬نأكلها جزاء وبننسى‪ ،‬وال‬
‫ُق ُ‬
‫ُ‬
‫حيث كَانَت هي‬ ‫الحرمان مِ��ن اإلج� ِ‬
‫��ازة؛‬
‫ِ‬
‫العناء‪،‬‬ ‫للطالب كَاف ًة مِن‬
‫ِ‬ ‫المتنفس الوحيدُ‬
‫ُ‬
‫مس الح ِ‬ ‫ِ‬
‫ارقة‪.‬‬ ‫الش ِ َ‬ ‫وحرارة َّ‬
‫وظللت واقِ ًفا ل ِ ِ‬
‫مدة َسا َعة كَاملة تقري ًبا‬ ‫ُ َ‬
‫�ك انتَهى الجزاء‪،‬‬ ‫�م َبعدَ َذل� َ‬ ‫ِ‬
‫َالصليب‪ُ ،‬ث� َّ‬
‫ك‬
‫ِ‬
‫الجزاء‬ ‫َبير‪َ ،‬ولكن آ َث� ِ‬
‫�ار‬ ‫ولكن بعدَ َع ٍ‬
‫ناء ك ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫�م َتنت َِه‪ ،‬فما إن أت��ت ص�لا ُة ال َع ِ‬
‫صر‪ ،‬إلاَّ‬ ‫َل� ْ‬
‫و َداهمتنِي الحمى‪ ،‬التي أدخلتنِي ِشبه‬
‫‪26‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫بك‬ ‫َغيبوبة‪ ،‬وحرارة مرتفعة‪ُ ،‬ربما َلو َت َّم َش ُ‬


‫ِ‬
‫الحرارة‬ ‫كهربائية ألضاءت مِن ِش ِ‬
‫دة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫أجهزة‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫اإلسعاف‪ ،‬و َت َّم‬ ‫فِي َجسدي‪ ،‬و َت َّم استدعا ُء‬
‫ف لِي‬ ‫وص ِر َ‬
‫نَقلي للطوارئ يف المستشفى‪ُ ،‬‬
‫دت بأمر الطبيب‪ ،‬وأنا‬ ‫العالج الالز ُم‪َ ،‬و ُع ُ‬
‫ُ‬
‫أحم ُل اسرتاح ًة مرضي ًة لِمدة ثالثة أيام‪،‬‬‫ِ‬

‫قابلة للتمديد‪ ،‬و َت َّم َتمديدها يومين آخرين‪،‬‬


‫دأت َحا َلتي‪ ،‬و َم ْن َيحمل اسرتاح ًة‬
‫َحتى َه ْ‬
‫قول‬ ‫المعهد؛ في ِ‬
‫حق َل��ه أن َي َ‬ ‫ِ‬ ‫مرضي ًة فِ��ي‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫صاب بِ‬
‫الحسد‬ ‫األذكار التحصينيةَ‪َ ،‬حتى لاَ ُي َ‬
‫َ‬
‫الطالب؛ ألهنم يتمنون اسرتاحةً‪ ،‬ولو‬‫ِ‬ ‫مِن‬
‫ِ‬
‫للراحة واالستجمامِ‪.‬‬ ‫لِيو ٍم و ٍ‬
‫احد‬ ‫َ‬
‫‪27‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫فما‬
‫بسبب أصبع َعسلٍ‪َ ،‬‬‫ِ‬ ‫وكل َهذا كان‬
‫قم ًة كَامِ َلةً!‬
‫أكلت ُل َ‬
‫ُ‬ ‫َبا ُلك َلو‬
‫ِ‬
‫المرات‪َ ،‬أ َك� َ�ل أح��دُ ز َمالئي‬ ‫وم��رة مِن‬
‫وف مِن‬ ‫الخ ِ‬
‫قيب‪ ،‬ومِن َ‬ ‫الر ُ‬ ‫برت َقالةً‪َ ،‬ف��رآه َّ‬
‫الح ِ‬
‫لق‪ ،‬و َل ْم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫استقرت اللقم ُة في َ‬ ‫ْ‬ ‫الجزاء‪،‬‬
‫ِ‬
‫خرج اللقم َة‬
‫قيب أن ُي َ‬ ‫الر ُ‬‫َتنزل للمعدة َوأ َم َر ُه َّ‬
‫او ُل‪ ،‬ولكن‬ ‫لس َصديقي ُي َح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫م ْن حلقه‪َ ،‬ف َج َ‬
‫ال جدوى‪ ،‬وأمره أن يضع أصبعه فِي ح ِ‬
‫لقه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ َ َ َُ‬ ‫َ َ‬
‫وظل ص ِ‬
‫احبي‬ ‫خرج‪َ َّ ،‬‬
‫وأن َيستَفر َغها‪ ،‬حتى َت َ‬
‫ُي ِ‬
‫حاول‪ ،‬و َما نَسمع إال صوت أع‪ .‬أع‪ .‬أع‪،‬‬
‫والم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نظر‪،‬‬ ‫ليستَفر َغ‪ ،‬فضحكنَا م َن الصوت َ‬
‫‪28‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫الك َن ْف َسه‪،‬‬
‫يتم َ‬
‫قيب أن َ‬ ‫ف َل ْم يستَطع َّ‬
‫الر ُ‬
‫فض ِ‬
‫ح َك ضح ًكا شديدً ا‪ ،‬ثم َسا َمحه َبعدَ‬ ‫َ‬
‫َذ َ‬
‫لك‪.‬‬

‫‪sss‬‬

‫‪29‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫عالمة سيارات ميتسوبيشي‬

‫َاها أنا‬ ‫ِ‬


‫الجزاءات التي تلقين َ‬ ‫مِ ْن ِض ْم ِن‬
‫ِ‬
‫رؤوسنا كل يومٍ‪،‬‬ ‫وزميل لِي‪ ،‬أن َيتِ َّم ِحالق ُة‬‫ٌ‬
‫ِ‬
‫الموسي‪،‬‬ ‫�ك بِ‬‫الصفر‪ ،‬وأن يكون َذل� َ‬ ‫ِ‬ ‫َعلى‬
‫الض ُ‬
‫ابط‬ ‫الحالقة‪ ،‬وتعهدنا َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بماكينة‬ ‫وليس‬
‫رؤوس���ن���ا‪ ،‬وإن َو َج���دَ‬‫ِ‬ ‫�ح على‬ ‫ب��أن َي��م��س� َ‬
‫جزنَا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫كالمرآة‪ ،‬سامحنَا‪ ،‬وإال َت َّم َح ُ‬ ‫رؤوسنا‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وحرما ُننَا‪ ،‬م��ن اإلج���ازة األسبوعية‪َ ،‬مع‬
‫واتفقت أنا وزميلي أن‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫المستمر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الجزاء‬
‫أسه‪ ،‬و َيحلِ َق َرأسي‪َ ،‬و َقا َم بِحال َقتِي‬ ‫ِ‬
‫أحل َق َر َ‬
‫‪30‬‬
‫مذكرات جندي‬
‫ِ‬
‫ألحلق‬
‫َ‬ ‫م ْن قبل َصديقي‪ُ ،‬ث َّم َج��ا َء َد ُ‬
‫وره؛‬
‫ميع‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬
‫لقت َج َ‬ ‫وح ُ‬ ‫وبدأت في الحالقة‪َ ،‬‬ ‫أسه‪،‬‬ ‫َر َ‬
‫أس��ه‬ ‫مقدمة ر ِ‬
‫ِ‬ ‫أبقيت فِ��ي‬ ‫ُ‬ ‫شعره‪ ،‬ولكنني‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ربت مِ َن‬ ‫وه ُ‬ ‫يارات ميتسوبيشي‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫َعالم ُة َس‬
‫الحالقة‪ ،‬وظل‬ ‫ِ‬ ‫أدوات‬
‫ُ‬ ‫ان‪ ،‬ومعي‬ ‫الم َك ِ‬

‫عره‪،‬‬ ‫أبقيت مِ ْن َش ِ‬‫ُ‬ ‫أحلق َما‬


‫َ‬ ‫يطاردين؛ َحتى‬
‫وحلقت‬
‫ُ‬ ‫أمس َك بِي‪،‬‬
‫وبعد َساعتين تقري ًبا‪َ ،‬‬
‫َما تبقي مِ ْن َش ِ‬
‫عره‪.‬‬

‫‪sss‬‬

‫‪31‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫دخان حبشوة الربتقال‬

‫معهد‬ ‫ِ‬ ‫ف أن التدخي َن فِ��ي‬ ‫كُلنا َي��ع� ِ�ر ُ‬


‫ِ‬
‫الممنوعات‪ ،‬ويعتربُ‬ ‫التدريب مِ � ْن أك�برِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫المعاهد‬ ‫ات فِي َق ِ‬
‫انون‬ ‫مِن السب ِع الموبِ َق ِ‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬
‫الجنود‬ ‫بعض‬ ‫رية‪ ،‬وك� َ‬
‫��ان َي��ق��و ُم ُ‬ ‫العس َك ِ‬
‫َ‬
‫وأذكر أننا ُكنَّا نتناوب‬ ‫ٍ‬
‫طريقة ما‪،‬‬ ‫بإدخالِه بِ‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫يجارة‬ ‫أشخاص‪َ ،‬على ِس‬
‫ٍ‬ ‫بالدور حتى ِ‬
‫ستة‬ ‫ِ‬
‫أخذ َن َف ًسا فقط‪ ،‬أو‬ ‫ٍ‬
‫شخص َي ُ‬ ‫و ٍ‬
‫احدة‪ ،‬وكل‬ ‫َ‬
‫دوخ‪ ،‬ويذهب‪ ،‬ويأيت الذي‬ ‫َن َف َس ْي ِن‪ ،‬حتى َي َ‬
‫أخذ َن َف ًسا‪ ،‬أو َن َف َس ْي ِن‪ ،‬وهكذا َبعدَ‬
‫َبعدَ ه؛ ل َي ُ‬
‫‪32‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫انقطع‬
‫َ‬ ‫ُك� ِّ�ل َوج��ب� ٍ�ة‪ ،‬وفِ��ي َي��و ٍم مِ � َن األي���امِ‪،‬‬
‫وكنت أ َن��ا َو َزميلي الذي‬ ‫ُ‬ ‫ال��دخ� ُ‬
‫�ان ُه�نَ��ا‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أطراف‬
‫َ‬ ‫بِجواري في حظيرة النَّومِ‪َ ،‬‬
‫نتجا َذ ُب‬
‫الحديث الذي َد َار‬‫ِ‬ ‫من‬‫الحديث‪ ،‬ومِ ْن ِض ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫َطيع‬
‫أكثر وقتنَا هو كَيف نَست ُ‬ ‫َبيننَا‪َ ،‬وأخ� َ�ذ َ‬
‫ِ‬
‫المعهد‪ ،‬و َما أن َت ِص َل‬ ‫َتهريب دخان َداخل‬
‫إِلينَا ُخ َّط ٌة إلدخالِه َمعنَا‪ ،‬ونحن قادمون مِ ْن‬
‫يسيطر َعلينَا؛‬
‫ُ‬ ‫أج َاز ِة األسبوعِ‪ ،‬إال والخوف‬ ‫َ‬
‫الص ِ‬
‫ارمِ‪.‬‬ ‫خشية َتلقينَا ِ‬
‫للع ِ‬
‫قاب َ‬

‫وجدُ‬
‫سمعت أن��ه ُي َ‬
‫ُ‬ ‫��ال لِ��ي َزميلي‪:‬‬
‫و َق� َ‬
‫فقلت ُمندَ ِه ًشا‬
‫ُ‬ ‫مجنَّدون ي ِ‬
‫دخنون بِالربت َق ِ‬
‫ال‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫‪33‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫فقلت‪:‬‬
‫ُ‬ ‫الف ْك َر ِة‪َ ،‬و َف ِر ًحا بأننا َسن َِجدُ َحالً‪،‬‬
‫مِن ِ‬
‫َ‬
‫وكيف َذ َ‬
‫لك؟‬ ‫َ‬

‫رتقال‪ ،‬ونضعه فِي‬ ‫ِ‬ ‫شر ال ُب‬ ‫�ال ن ُ ِ‬


‫َأخذ ق َ‬ ‫َق� َ‬
‫يصبح َيابِ ًسا‪ُ ،‬ث َّم نَقوم بِت ْفتيتِه‪،‬‬
‫َ‬ ‫الش ِ‬
‫مس‪َ ،‬حتى‬ ‫َّ‬
‫رق َدفرتِ‬‫ونَج َعله كالرملِ‪ُ ،‬ثم نَقوم بِل ِّفه فِي َو ِ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫الر ِيق‪َ ،‬حتى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كَالسيجارة ال َعادية َونلص َقه بِ ِّ‬
‫َتكت َِم َل السيجارةُ‪.‬‬

‫ِ‬
‫تهريب‬ ‫رتة ال َغ ِ‬
‫داء‪ ،‬نَقو ُم بِ‬ ‫فقلت َغدً ا فِي َف ِ‬
‫ُ‬
‫ظيرة النَّومِ‪ ،‬ونَقوم بِالع ِ‬
‫ملية‪،‬‬ ‫رتقال إِلى ح ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُب‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫الممنُو َع ِة (قِ ْشر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تهريب ال� َ�م� َ�واد َ‬ ‫َفقمنَا بِ‬
‫‪34‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫الخ َّط ِة‬ ‫رتقال)‪ ،‬و ُقمنَا بِالع ِ‬


‫ملية َحسب ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ال ُب‬
‫الم ِ‬
‫تبعة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫المكان‬ ‫ِ‬
‫��دورة الم َياه‪ ،‬وه��و‬ ‫وذهبنَا لِ�‬
‫َستطيع أن نُدخ َن فِيه‪ ،‬وبعد‬
‫ُ‬ ‫الوحيدُ الذي ن‬
‫ِ‬
‫حشوة‬ ‫السجائِ َر بِ‬ ‫التَّخفي َعن األن َظ ِ‬
‫ار دخنَّا َّ‬
‫دث أ ْم ٌر‪َ ،‬ل ْم نَكن نَتوقعه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫رتقال‪ ،‬ولكن َح َ‬ ‫ال ُب‬
‫ِ‬
‫الحلق‪،‬‬ ‫حاد فِي‬
‫بالتهاب ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫أال وهو إصابتنا‬
‫فقال لنَا‪( :‬أنتم بتستخدموا‬ ‫ِ‬
‫للطبيب‪َ ،‬‬ ‫وذهبنَا‬
‫رف‬
‫وص َ‬ ‫ِ‬
‫االلتهاب‪َ ،‬‬ ‫إيه ؟)‪ ،‬متعج ًبا مِ ْن شدة‬
‫ِ‬
‫للكشف‬ ‫ِ‬
‫اليومية؛‬ ‫العالج َمع مراجعتِه‬ ‫َلنَا‬
‫َ‬
‫الذ ِ‬
‫هبية‪.‬‬ ‫َعلى حن ِ‬
‫َاج ِرنَا َّ‬
‫‪35‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫السجائر المحشو َة‬ ‫ِعلما بأننا َلم نَست ِ‬


‫َخدم‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬
‫ِ‬
‫بمعدل سيجارتين‬ ‫ِ‬
‫الربتقال إال يو ًما واحدً ا‪،‬‬ ‫بِ‬
‫هاب ح ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لِكل َش‬
‫اد‪ ،‬وكأنه‬ ‫خص‪ ،‬و ُأصبنَا بِالت ٍ َ‬ ‫ٍ‬
‫اهلل َيا َص ِديقي‪ ،‬كَادوا‬
‫امحك ُ‬ ‫َ‬ ‫ُمزمِ ٌن َمعنَا‪َ ،‬س‬
‫الذهبية‪ ،‬بِفكرتِك‬‫ناجرنَا َّ‬ ‫َأصلوا َح ِ‬ ‫أن يست ِ‬
‫ال َغ ِ‬
‫بية‪.‬‬

‫‪sss‬‬

‫‪36‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫والعة يف األرجل‬

‫نود‪َ ،‬حتى‬‫الراحة للج ِ‬ ‫ِ‬ ‫قت‬‫ما أن َيأيت َو ُ‬


‫ُ‬
‫يكادوا يه َل ُكوا‪ ،‬وكأنَّهم كَانوا فِي س ِ‬
‫احة‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ار‬‫الح ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬‫رب مِن َّ‬ ‫َح ٍ‬
‫الحارقة‪ ،‬والجو َ‬ ‫مس َ‬
‫ِ‬
‫لحظيرة النَّومِ‪ ،‬و َيروا‬ ‫َذلك‪ ،‬و َما أن َيصلوا‬‫ك َ‬
‫ار ِد‪َ ،‬حتى َيتمدد‬ ‫َأ ِس��ر ِة النَّومِ‪ ،‬واله ِ‬
‫واء ال َب ِ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬
‫ريره‪َ ،‬وكأنَّهم ِسي َقان نَخ ٍل‬ ‫عضهم َعلى َس ِ‬ ‫َب ُ‬
‫أرض َخ ٍ‬
‫الية‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ُمق َّطعة بِ‬

‫ُ‬
‫أحرق‬ ‫وكنت‬
‫ُ‬ ‫ُنت ال أعرف النَّو َم‪،‬‬
‫َوك ُ‬
‫‪37‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫الس ِ‬ ‫ِ‬
‫جائر ُم��ؤخ��ر َة ْأرج���ل َب ِ‬
‫عض‬ ‫بِ��والع��ة َّ‬
‫�رف أهنم ال ي ِ‬
‫حملون‬ ‫ِ‬
‫األصدقاء الذين أع� ُ‬
‫َ‬
‫َحماق ًة َع��ل� َّ�ي‪ ،‬ويتقبلون مِني أي َخطأ‪،‬‬
‫أحمل َعليهم فِي َص� ِ‬
‫�دري‬ ‫وكذلك أنا ال ِ‬

‫َشي ًئا‪ ،‬وأتحمل مِنهم كل َخطأ‪.‬‬

‫الرج ِل أن تحر َقها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫وم � ْن ميزة ُمؤخرة ِّ‬
‫الشخص‪ ،‬إال‬ ‫ٍ‬
‫طويلة‪ ،‬ال َيحس بِ َها‬ ‫ٍ‬
‫لفرتة‬
‫ُ‬
‫احب‬ ‫أنت يا ص ِ‬
‫النار‪ ،‬وتختفي َ َ َ‬ ‫َبعدَ أن تطفئ َ‬
‫دون أن ُتكتَشف‪.‬‬ ‫الج ِ‬
‫ريمة‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الزمالء‪،‬‬ ‫أحرقت ِرج َل ِ‬
‫أحد‬ ‫وذات ٍ‬
‫مرة‪،‬‬
‫ُ ْ‬
‫يقفز فِي‬
‫��ل ُ‬ ‫وأح��رق� ُت��ه َح��ر ًق��ا َش��دي��دً ا‪َ ،‬ظ َّ‬
‫‪38‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫ِ‬
‫األرض‪،‬‬ ‫ضرب بِرجلِ ِه فِي‬ ‫ُ‬
‫الح ِ‬
‫ظيرة‪ ،‬و َي‬ ‫َ‬
‫األلم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ويقفز َحتى َهدأت رج ُله‪ ،‬وانتهى‬ ‫ُ‬
‫وكان كبير الج ِ‬
‫سد‪ ،‬وطويالً‪،‬‬ ‫َ َ َ‬ ‫و َت َّم اكتشايف‪،‬‬
‫ِ‬
‫رقبته َتقري ًبا‪،‬‬ ‫��ل إِل��ى‬‫نحيل‪ ،‬وأص� ُ‬ ‫ٌ‬ ‫وأن��ا‬
‫��دره‪،‬‬ ‫بيديه‪ ،‬وضمني إِل��ى َص ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأمس َكنِي‬
‫دت أن أرى ُز َحل‬ ‫ماء‪ ،‬كِ ُ‬ ‫ورفعنِي إِلى الس ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫وضرب بِي‬ ‫الر ِ‬
‫عب‪،‬‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫الكواكب م َن ُّ‬ ‫وجميع‬
‫َ‬
‫الظهر‪ ،‬وكِالنَا‬
‫ِ‬ ‫رأيت النجو َم فِي‬ ‫أرضا؛ َحتى َ‬ ‫ً‬
‫َيضحك َعلى اآلخ� ِ�ر‪َ ،‬هكذا ُكنَّا أصدقاء‪،‬‬
‫وكَم أتمنَّى أن أجدَ أصدقا ًء‪ ،‬كما وجدهتم‬
‫ِ‬
‫وجزل‬ ‫ِ‬
‫لسالمة ُقلوبِهم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫التدريب‬ ‫ِ‬
‫معهد‬ ‫فِي‬

‫‪39‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫أخ َلهم‪َ ،‬ل ْم تلِده‬


‫بأنك ٌ‬
‫وإحساسك َ‬
‫َ‬ ‫عطائِهم‪،‬‬
‫أمها ُتهم (هكذا َ‬
‫كان شعار صداقتنا)‪.‬‬

‫‪sss‬‬

‫‪40‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫ومن النساء ما فصل‬

‫ألسطر كِ ٍ‬
‫تاب‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫منه ِم ًكا ومتَابِ ًعا‬
‫كنت َ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫باألحداث‬ ‫جذبتني صفحا ُته‪ ،‬المملوء ُة‬
‫الغريبة التي تلتقطها عدس ُة َعيني؛ لتنقلها‬ ‫ِ‬
‫رابة ود ٍ‬
‫هشة‪ ،‬وهو كتاب‬ ‫إِلى َعقلي‪ ،‬بكل َغ ٍ‬
‫َ‬
‫الكتاب‬
‫ُ‬ ‫نس َم��ا َق��ت��ل)‪ ،‬وه��ذا‬ ‫(ومِ��� ْن ِ‬
‫الج ِ‬
‫ٍ‬
‫لشخصيات‬ ‫ِ‬
‫الجنسية‪،‬‬ ‫ُ‬
‫يتحدث َعن الفضائحِ‬
‫ِ‬
‫كقصة‬ ‫ِ‬
‫العالم‪،‬‬ ‫مشهورة‪َ ،‬على مستوى‬ ‫ٍ‬
‫ِ‬
‫الموظفة‬ ‫ِ‬
‫الجنسية َمع‬ ‫فضيحة (بيل كلينتون)‬
‫ِ‬
‫وقصص‬ ‫ِ‬
‫األبيض (مونيكا)‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بالبيت‬ ‫بمكتبه‬
‫‪41‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫وغيرهم مِن‬ ‫ِ‬


‫للنساء‪ِ ،‬‬ ‫وع ِ‬
‫شقه‬ ‫الملك فاروق‪ِ ،‬‬
‫ِ‬

‫الكتاب‪.‬‬
‫ُ‬ ‫كرهم‬ ‫ِ‬
‫المشاهير الذين َذ َ‬
‫ِ‬
‫ضيحة (بيل‬ ‫وما إن انتهيت مِن قِ ِ‬
‫صة َف‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫كلينتون) م��ع (مونيكا)‪ ،‬وكيف أ َّث ْ‬
‫��رت‬
‫ِ‬
‫للواليات‬ ‫ٍ‬
‫َرئيس‬ ‫َهذه القص ُة َعلى َعمله ك‬
‫عب‪،‬‬ ‫الش ِ‬ ‫وانخفضت شعبيتُه لدى َّ‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫المتحدة‪،‬‬
‫تذكرت قِص َة َص ٍ‬
‫ديق َلنَا‪ ،‬حدَّ ثنَا بِ َها‬ ‫َ‬ ‫َحتى‬
‫ِ‬
‫النساء‬ ‫أحدُ زمالئي فِي ال َعم ِل َمع إحدى‬
‫كَانت َسب ًبا فِي َفصلِه مِن َعملِه‪ِ ،‬عندَ ما‬
‫طريق ُمراجعتِها شبه‬‫ِ‬ ‫عرفت َعليه‪َ ،‬عن‬‫ْ‬ ‫َت‬
‫ِ‬
‫إلهن��اء ُمعامالتِها‪،‬‬ ‫ِ‬
‫�وازات؛‬
‫اليومية ل��ل��ج�‬
‫‪42‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫َ‬
‫بذلك‬ ‫أبدت إعجا َبها‬
‫ْ‬ ‫وفِي َيو ٍم مِن األيامِ‪،‬‬
‫ضرت بِكام ِل زينتِها‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫الشخص‪ ،‬و َق��د َح‬
‫ذات كُح ٍل َجميلٍ‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫وعيون َ‬ ‫من ٍ‬
‫عطر َفواحِ ‪،‬‬
‫قم َهاتِفه‬ ‫وكال ٍم مِثل العسل‪ ،‬و َط ْ ِ‬
‫لبت منه َر َ‬ ‫َ‬
‫كان مِنه إال ُموافقته‬‫النَّقال؛ إلعجابِها بِه‪ ،‬وما َ‬
‫وطلبت‬
‫ْ‬ ‫روجهما‪،‬‬‫فاتصلت بِه َبعدَ ُخ ِ‬
‫ْ‬ ‫بِ َ‬
‫ذلك‪،‬‬
‫اء‪ ،‬فِي‬‫مِنه موافقتَه و َتلبية دعوتِها َعلى َع َش ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫والخروجِ مِن‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫البحر‪،‬‬ ‫اع ِم َعلى‬ ‫إحدى الم َط ِ‬
‫َ‬
‫مسية َجمي َل ٍة‪َ ،‬على‬
‫قضاء ُأ ٍ‬‫ومي‪َ ،‬و َ‬ ‫وتين ال َي ِ‬‫الر ِ‬ ‫ُّ‬
‫الجميِلِ‪.‬‬ ‫الش ِ‬
‫اطئ َ‬ ‫َّ‬

‫�دأت العالق ُة تتوطدُ ‪،‬‬ ‫�م َبعدَ َذل� َ‬


‫�ك‪َ ،‬ب� ْ‬ ‫ُث� َّ‬
‫‪43‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫وأص َب َح اللقا ُء شبه َيومي‪ ،‬و َما َظن َُّك ‪-‬أخي‬


‫امرأة فِي‬
‫سيحدث بين رج ٍل و ٍ‬
‫ُ َ َ َ ُ َ‬ ‫القارئ‪َ -‬ما َذا‬
‫وكما َق َال ‪َ -‬عليه‬ ‫خلوة َبعيدً ا َعن الن ِ‬ ‫ٍ‬
‫َّاس‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫«ما َخ اَل‬
‫السالمِ‪َ :-‬‬ ‫الصالة َوأز َك��ى َّ‬ ‫أفضل َّ‬
‫ان َثالِ ُث ُه َما»‪.‬‬ ‫َر ُج ٌل بِ ْام َر َأ ٍة إِ اَّل َو َّ‬
‫الش ْي َط ُ‬

‫وأص َبحت العالق ُة َعاطِفي ًة بي َن الطرفين‪،‬‬


‫اب‬ ‫نت َه َذا َّ‬
‫الش َ‬ ‫وأص َبحت المرأ ُة َبعدَ أن م َّك ْ‬
‫مِ ْن ُح ِّبها‪ ،‬والتَّالعب بِعواطِ ِفه‪ ،‬أن َتستَخد َمه‬
‫ِ‬
‫الحقيقة‬ ‫إلهناء ُمعامالتِها من َطرفِه‪ ،‬وفِي‬‫ِ‬

‫رف‬‫اح ٍد‪ ،‬وهو مِن َط ِ‬ ‫رف و ِ‬‫كان الحب مِن َط ٍ‬


‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُّ ْ‬
‫اب‪ ،‬أما هي فهي عالق ُة مص َلح ٍة‪ُ ،‬ت ِ‬
‫خف َيها‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الش ِ َ‬‫َّ‬
‫‪44‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫الشخص َّي ِة‬


‫حها َّ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لتمرير َمصال َ‬
‫ٍ‬
‫غرامية؛‬ ‫ٍ‬
‫عالقة‬‫بِ‬
‫من َطرفِه‪.‬‬

‫اكتشف‬
‫َ‬ ‫وفِ��ي َي��و ٍم مِن األي��امِ‪َ ،‬بعدَ أن‬
‫صلحة ابتعدَ َعن َْها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫للم‬ ‫َّ‬
‫اب أن عالقتَها َ‬ ‫الش ُ‬
‫َيد َها‪ ،‬فقد‬ ‫ولكنه َلم يس َلم مِن َشر َها وك ِ‬
‫ْ َ ْ ْ ْ ِّ‬
‫ِ‬
‫اطفية‬ ‫امت ِخالل َتعاملِ َها َمعه فِي األيا ِم ال َع‬
‫َق ْ‬
‫اتفية وهي َتستدرجه‪،‬‬ ‫بِتسجي ِل مكالمتِ ِه اله ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الشروط‬ ‫ِ‬
‫مكتملة‬ ‫ٍ‬
‫معامالت ِ‬
‫غير‬ ‫فِي إهناء‬
‫بإنج ِ‬
‫از َها َلها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ومخالفة للقانون‪ ،‬وقد قا َم َ‬
‫ِ‬
‫عها العالقةَ‪،‬‬‫وقامت بتهديده؛ إن َل ْم ُيكمل َم َ‬
‫ْ‬
‫أمره‪ ،‬فأ َبى‬ ‫ِ‬ ‫و ُي ِ‬
‫نهي ُمعامالتها‪ ،‬وإال َستفضح َ‬
‫‪45‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫َان مِن َْها إال أن َفضحتْه‬‫فما ك َ‬


‫لك‪َ ،‬‬‫ورفض َذ َ‬ ‫َ‬
‫َانت َسب ًبا فِي َف ْصلِه َع ْن‬
‫ِعندَ اإل َد َار ِة‪ ،‬وك ْ‬
‫َعملِه‪.‬‬
‫ِ‬
‫اإلدارات‬ ‫َف ِم ْن ُهنَا‪ ،‬أتمنَّى مِ ْن َجميِ ِع‬
‫سم نِ َسائِي‪ُ ،‬متخصص‪،‬‬ ‫ومية‪ ،‬بِوض ِع قِ ِ‬ ‫الح ُك ِ‬
‫ُ‬
‫ؤهلة؛ ألن األقسا َم الن َِّسائي َة‬ ‫�وادر م ٍ‬ ‫وبِ � َك� ِ‬
‫ُ‬
‫للتخصص‪ ،‬و َما‬‫ِ‬ ‫الموجود َة َحال ًيا َتفت َِق ُر‬
‫ِ‬
‫إيصال‬ ‫اعي الب ِ‬
‫ريد‪َ ،‬تقو ُم بِ‬ ‫ات إلاَّ كس ِ‬ ‫الموظ َف ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الموظف ُم َقابل َة‬
‫ُ‬ ‫فيطلب‬ ‫ِ‬
‫للموظف‪،‬‬ ‫األور ِ‬
‫اق‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫َعمل شي ًئا‪،‬‬ ‫عاملة‪ ،‬وكأننا َل ْم ن ْ‬ ‫ِ‬ ‫الم‬ ‫ِ ِ‬
‫َصاحبة ُ‬
‫سم الن َِّسائي‪ ،‬ولكن لو‬ ‫الق ِ‬ ‫و َلم نَستفد مِن ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫‪46‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫صات‪،‬‬ ‫تخص ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الموظفات بِ ِ‬
‫قسم النِّساء ُم ّ‬ ‫أن‬
‫خصيص‬‫ِ‬ ‫البنوك‪ ،‬فِي َت‬
‫ِ‬ ‫علت قِطا َع ُ‬
‫ات‬ ‫كما َف ْ‬
‫ون‬ ‫عاملة النِّس ِ‬
‫اء ُد َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بإهناء ُم‬ ‫َفر ٍع كَامِلٍ‪ ،‬يقوم‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫بإهناء‬ ‫ال‪ ،‬و َقاموا‬‫ابلة المو َّظفين مِن الر َج ِ‬ ‫م َق ِ‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫نسهن‪ ،‬لت ََّمت االستفاد ُة‬ ‫عامالت بنِي ِج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُم‬
‫َ‬
‫القسم الن َِّسائِي‪.‬‬
‫ِ‬ ‫مِن‬

‫‪sss‬‬

‫‪47‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫طموح وكفاح‬
‫قصة ٍ‬

‫ِ‬
‫�زم�لاء مِن‬ ‫أعجبني فِ� ْك� ُ�ر َب ِ‬
‫عض ال�‬ ‫كم َ‬
‫الضباط فِ��ي َعملِي! حينَما َعلِ ْم ُت أهنم‬ ‫ِ‬
‫ٍ‬
‫طريقة‬ ‫كَانوا أف� َ�را ًدا مِث َلنا‪ ،‬ولكنهم َفكروا بِ‬
‫اآلخ��ري��ن‪ ،‬حينما‬ ‫ُأخ���رى َع�� ْن ز َم�لائِ��ه��م َ‬
‫اض ًحا‪ ،‬و َتع ُبوا مِ ْن‬‫رسموا لأَ نفسهم َهد ًفا و ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫الهدف‪ ،‬وحق ُقوا‬ ‫ِ‬ ‫أجلِه‪َ ،‬حتى َوصلوا ل ِ َه َذا‬
‫َّجاح الحقيقي فِي َحياتِهم‪.‬‬
‫الطموح‪ ،‬والن َ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الكفاءة‬ ‫�ان َي ُ‬
‫حمل شهاد َة‬ ‫مِنْهم َم� ْن َك� َ‬
‫المتوسطة‪ ،‬ومِنْهم َم ْن ك َ‬
‫َان َي ُ‬
‫حمل شهاد َة‬ ‫ِ‬
‫‪48‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫واستمر َي ُ‬
‫عمل‬ ‫َ‬ ‫الثانوية أثناء التحاقِه بِالعملِ‪،‬‬
‫ِ‬

‫الليلية‪ ،‬أو‬‫ِ‬ ‫كمل دراستَه‬ ‫فِي وظيفتِه‪ ،‬و ُي ُ‬


‫أكم ُلوا الجامعةَ‪َ ،‬وو َّف َق ُهم‬
‫اب‪َ ،‬حتى َ‬ ‫بِاالنتِ َس ِ‬
‫وح َص ُلوا َعلى َوظائف‬ ‫اهلل َحتى ار َتقوا‪َ ،‬‬‫ُ‬
‫رتبات أ َعلى مِ ْن َو َظائِ ِفهم التي كَانوا‬
‫ٍ‬ ‫َذات ُم‬
‫بِ َها‪.‬‬

‫َتك َّل َم أحمدُ ُمناد ًيا ال َع ِّريف ‪َ -‬من ُْصور‪:-‬‬


‫ِ‬
‫إلهناء‬ ‫�ب إِل��ى ال� َّ�رائِ� ِ�د (ف�لان)؛ ُيريدُ ك‬
‫اذه� ْ‬
‫ِ‬
‫الفالنية‪.‬‬ ‫ِ‬
‫عاملة‬ ‫الم‬
‫ُ‬
‫الرائِدُ ك َ‬
‫َان‬ ‫بحان اهلل‪َ ،‬ه َذا َّ‬
‫ور‪ُ :‬س َ‬ ‫َ‬
‫قال َمن ُْص ُ‬
‫دة سن ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َزمِيالً َلنَا‪ ،‬بِ ِ‬
‫رتبة نَقيِ ٍ‬
‫َوات‪.‬‬ ‫ب‪َ ،‬ق َبل ع َ‬
‫‪49‬‬
‫مذكرات جندي‬
‫ِ‬
‫الجالسين‪ ،‬والحديثي‬ ‫ّتك َّل َم أحدُ الزمالء َ‬
‫تتكلم َيا‬
‫َ‬ ‫الوظيفة‪ :‬ب��اهللِ!؟ مِ� ْن جدٍّ‬
‫ِ‬ ‫َع ٍ‬
‫هد بِ‬
‫َمن ُْصور؟‬

‫َان مِ ْن زمالئِه‪،‬‬
‫الن ك َ‬‫قيب ُف ٌ‬ ‫الر ُ‬ ‫قال‪ :‬نَعم‪َّ ،‬‬ ‫َ‬
‫الرائِدَ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وم ْن خريجي دورة َواح��دة‪ ،‬ولكن َّ‬
‫ِ‬
‫( ُف�ل�ان) أت��م إك��م��ال دراس��تِ��ه الج ِ‬
‫امعية‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫األمنية‪ ،‬وت��خ��رج بِ ِ‬
‫رتبة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالكلية‬ ‫والتحق‬
‫َ‬
‫َّ َ‬
‫ٍ‬
‫فعل َشي ًئا‪ ،‬فهو َما‬ ‫والرقيب َل ْم َي ْ‬ ‫َضابِط‪َّ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫َز َال َعلى ُرت َبته‪َ ،‬ق َال َزمي ُلنا‪َ :‬ما َشا َء ُ‬
‫اهلل! َه َذا‬
‫الطموح واإلرادة وإال َفلاَ ‪.‬‬

‫َثير مِ��ن زملاَ ئِنَا‪،‬‬


‫قلت أن��ا‪ :‬وهكذا ك ٌ‬
‫ُ‬
‫‪50‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫والجامِعية‬
‫َ‬ ‫أكملوا ِد َراستَهم الثانوية‬
‫الذين َ‬
‫أخرى‪،‬‬
‫اب‪ ،‬واآلن ُهم َعلى َوظائف َ‬ ‫بِاالنتِ َس ِ‬
‫اس� َت��ه‪ ،‬واآلن‬ ‫َ ِ‬
‫أكمل د َر َ‬ ‫أحمد‪،‬‬‫مثل َزميلنا َ‬
‫حة‪ ،‬ومثل‬ ‫وزارة الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫عمل مشر ًفا‪ ،‬فِي‬ ‫َي ُ‬
‫ِّ‬
‫ممرض‪ ،‬ومِثل َزميلنا‬ ‫ٌ‬ ‫زميلنا َعابد‪ ،‬اآلن هو‬
‫درس‪.‬‬
‫حمد‪ ،‬هو اآلن ُم ٌ‬
‫ُم َّ‬
‫بالرغم أنني ال أؤيدُ َه َذا‪َ ،‬وألو ُم اإلدار َة‬
‫جعل َه َذا‬ ‫ٍ‬
‫إدارة َت ُ‬ ‫ِ‬
‫للجوازات‪ ،‬أو أي‬ ‫ال َعام َة‬
‫ٍ‬
‫شهادة ُعليا‪،‬‬ ‫حصل َعلى‬‫َ‬ ‫الموظف‪ ،‬الذي‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بِأن َي َ‬
‫فرتض‬ ‫الم‬
‫خرى؛ َبل من ُ‬ ‫نتقل لوظيفة ُأ َ‬
‫َفس َعملِه؛‬ ‫أن ُترقيه إِلى َعم ٍل آخر‪ ،‬فِي ن ِ‬
‫‪51‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫عمق فِي ال َعم ِل‬ ‫أسباب‪ ،‬أهمها‪ :‬أنه َقد َت َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫لعدة‬
‫ِ‬
‫الضعف‬ ‫عرف نِ َ‬
‫قاط‬ ‫َان َيعمله‪ ،‬و َي ِ‬ ‫الذي ك َ‬
‫فه َذا‬ ‫ِ‬ ‫أيضا نِ َ‬ ‫والتقصير‪ ،‬و َي ِ‬
‫ِ‬
‫قاط القوة‪َ ،‬‬ ‫عرف ً‬
‫خصا َله‬ ‫ُ‬
‫يكون َش ً‬ ‫الشخص ِعندَ ما ُيرقى َس‬ ‫ُ‬
‫لك‬ ‫التغيير؛ مما َين َعكِس َذ َ‬ ‫ِ‬ ‫ور َف َّع ٌال فِي‬‫َد ٌ‬
‫ِ‬
‫الوظيفي لألفض ِل وال َش َك‪،‬‬ ‫َعلى األَداء َ‬
‫هيهات‪ ،‬ففعلاً َهؤالء َت ِع ُبوا‪ ،‬ولكنهم‬ ‫َ‬ ‫ولكن‬
‫َوصلوا‪َ ،‬حتى َحق ُقوا ُم َرا َدهم‪.‬‬

‫اع ُر ِحي َن َق َال‪ :‬ك ٌُّل َله َغ ٌ‬


‫رض‪،‬‬ ‫الش ِ‬ ‫َ‬
‫وصدق َّ‬
‫َيس َعى ِ‬
‫ليدركَه‪.‬‬

‫رضا‪.‬‬ ‫َ‬
‫إدراك ال ُعلى َغ ً‬ ‫والح ُّر َي ُ‬
‫جعل‬ ‫ُ‬
‫‪52‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫َ‬
‫أعمل‬ ‫ِ‬
‫ألستاذه‪ :‬طموحي أن‬ ‫ُ‬
‫الطفل‬ ‫َق َال‬
‫ِ‬
‫األرض‪َ -‬ي ُ‬
‫قول‬ ‫ألعظم ق� ٍ‬
‫�وة َعلى‬ ‫ِ‬ ‫ئيسا‬ ‫َر ً‬
‫ِ‬
‫القرية‬ ‫ِ‬
‫الفقيرة وابن‬ ‫ِ‬
‫األرملة‬ ‫َه َذا ‪-‬وهو ابن‬
‫ُ‬
‫والتالميذ‬ ‫درس‬ ‫ِ‬
‫المتواضعة‪َ ،-‬ض َ‬
‫الم ُ‬‫حك ُ‬
‫األقر َبا ُء‪ِ ،‬عندما َس ِم ُعوا‬
‫ِ‬ ‫وحتى‬ ‫ُ‬
‫والجيران‪َ ،‬‬
‫لك الرؤي َة الجريئةَ‪َ ،‬قالوا َله‪ :‬ك ْن َواقِع ًّيا‬‫تِ َ‬
‫الطفل َتجر َأ َع َلى َت ِ‬
‫صور‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الطفل ‪ ..‬لكن‬ ‫أ ُّيها‬
‫األمر المستحي ِل فِي َعقلِه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َوتخي ِل َذ َ‬
‫لك‬
‫لك‬ ‫قق تِ َ‬ ‫استمرار فع ٍل اجتهدَ َحتى َح َ‬ ‫َ‬ ‫وبِ‬
‫الرؤي َة المبكرةَ‪.‬‬
‫ُ‬
‫الطفل؟ إنه َر ُ‬
‫ئيس‬ ‫أتع َلمون َم � ْن َه� َ�ذا‬
‫أمريكا األسبق ‪-‬بيل كلينتون‪.-‬‬
‫‪53‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫يقول ستيفن ك��ويف فِ��ي كِتَابِه ‪-‬إدارة‬


‫ُ‬
‫أثبت‬
‫الواقع َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫القول‪ :‬أن‬ ‫األوليات‪َ :-‬ويمك ُن‬
‫تضع أهدَ ا ًفا‬ ‫ِ‬
‫والمنظمات التي‬ ‫أن األف��را َد‬
‫ُ‬
‫نتائج أفضل‪،‬‬ ‫للوصول إِليها‪ ،‬تحقق َ‬‫ِ‬ ‫َواضح ًة‬
‫ادرين َع َلى‬ ‫أيضا أن ال َق ِ‬‫يثبت ً‬ ‫الواقع ُ‬ ‫وأن‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الوصول‬ ‫ِ‬
‫األهداف‪ ،‬والقادرين َع َلى‬ ‫َوض ِع‬
‫ِ‬
‫بالوصول إليه‪.‬‬ ‫ليها ُيحققون َما َيحلمون‬ ‫إِ َ‬
‫رف َمرومِ‪،‬‬ ‫امرت فِي َش ٍ‬ ‫إذا َغ َ‬
‫دون النجومِ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫قنع بِ َما‬
‫َف�لا َت ْ‬
‫الموت فِي أم� ٍ�ر َح ِ‬
‫قير‬ ‫ِ‬ ‫فطعم‬
‫ُ‬
‫أمر َع ِ‬
‫ظيم‬ ‫الموت فِي ٍ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كطعم‬

‫‪54‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫الفقر ورانا ورانا‬

‫ِ‬
‫إلنجاز‬ ‫��رة‪ ،‬ونح ُن فِ��ي ال َعم ِل‬ ‫ذات م ٍ‬
‫َ َ‬
‫خيم َع َلى‬ ‫والصمت ُي ُ‬ ‫ُ‬ ‫المعامالت وإهنائِها‪،‬‬
‫ِ‬
‫�درت مِن َأ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫حد‬ ‫أجوائنَا‪ ،‬فإذا بآهة‪َ ،‬قد َص� ْ ْ‬
‫فهممت‬
‫ُ‬ ‫فارات إن� ٍ‬
‫�ذار‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الزمالء‪ ،‬وكَأهنا َص‬
‫دث‪،‬‬ ‫أمرا ما َقد َح َ‬ ‫بالهروب؛ ألنني َظننتُه ً‬ ‫ِ‬
‫المة‪،‬‬ ‫دواعي الس ِ‬ ‫القسم ل ِ ِ‬
‫ِ‬ ‫رب مِن‬
‫َّ‬ ‫اله ُ‬‫ويجب َ‬ ‫ُ‬
‫لك‬ ‫صدر تِ َ‬
‫نظرت إِلى َزميلي‪َ ،‬ف��إ َذا هو َم ُ‬ ‫ُ‬ ‫َف‬
‫قف‬ ‫الر َ‬
‫جل َو َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ٍ‬
‫فقلت في نَفسي‪ :‬إن َّ‬ ‫اآلهة‪،‬‬
‫‪55‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫ذكر فِ ِ‬
‫ذكرى ِص َباه‪ ،‬و َت ِ‬ ‫ِ‬
‫راق‬ ‫َع َلى األطالل؛ ل َ‬
‫فخرجت َأ َهتُه‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َمحبو َبتِه؛‬
‫ِ‬
‫األغنية المشهور أل ِّم‬ ‫فقلت َله َم َ‬
‫طلع‬ ‫ُ‬
‫كَلثوم ((األطالل))‪:‬‬

‫‪sss‬‬

‫‪56‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫احلب سكارى‬‫هل رأى ُّ‬


‫سكارى ِم َ‬
‫ثلنا ‪.....‬‬

‫�م‪ ،‬الذي‬ ‫فقال‪ :‬الحب أرح� ِ‬ ‫َ‬


‫�م م��ن ال� َ�ه� ِّ‬
‫ُ‬ ‫ُ ُّ‬
‫ليه‪ :‬ر ُّب َك ُيعين‪ ،‬وكل َما‬ ‫رددت َع ِ‬
‫ُ‬ ‫أنا فِيه‪َ ،‬ف‬
‫اهلل‪.‬‬ ‫اقت ُتفرج ْ‬
‫إن َشا َء ُ‬ ‫َض ْ‬
‫الشخص‬
‫َ‬ ‫هر وكل ال َق ْه ِر أن‬ ‫فقال‪ :‬ال َق ُ‬‫َ‬
‫هر‪ ،‬ولاَ َيستفيدُ مِنه‪،‬‬ ‫ستلم َرات ًبا ُك� َّ�ل َش ٍ‬
‫َي ُ‬
‫الح َّس ِ‬
‫اس‪،‬‬ ‫ضربت َع َلى ِ‬
‫الوتر َ‬ ‫َ‬ ‫فقلت َله‪ٍ :‬آه‪..‬‬
‫ُ‬
‫خص؛ مما َسبب‬ ‫ٍ‬ ‫ال��ذي ُيعاين مِنه ُك��ل َش‬
‫الوسواس القهري واالكتئاب؛ بسبب‬
‫َ‬ ‫َله‬
‫‪57‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫دري‬ ‫ِ‬
‫الشيء‪ ،‬أ َت ِ‬ ‫الرتاكمات النفسية مِن َه َذا‬
‫المدين ولاَ‬ ‫الشخص َ‬
‫َ‬ ‫ف‬ ‫أنِّي ِص� ُ‬
‫�رت أع� ِ�ر ُ‬
‫الميسور َحاله؟‬
‫خص َ‬ ‫ِ‬ ‫يكفيه َراتبه‪ ،‬مِ َن َ‬
‫الش‬

‫الشخص المدي ُن تجده ال َيت َك َّلم إلاَّ‬ ‫ُ‬


‫الصامِت)‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َادرا‪َ ،‬دائ ًما َش َّغال َع َلى (الوضع َّ‬ ‫ن ً‬
‫حسب‬ ‫�س��ه‪ ،‬ج��الِ��س ي ِ‬ ‫وي��ت��ح��دث م��ع َن � ْف� ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عيش َي��و َم��ه‪ ،‬وتجده‬ ‫وكيف َي ُ‬ ‫َ‬ ‫ِح َسا َبا َته‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اتب‪،‬‬ ‫َجال ًسا يعض شفتيه من ال َق ْه ِر َع َلى َّ‬
‫الر ِ‬
‫الذي َل ْم َيست َِفدْ مِنه‪.‬‬

‫الميسور تجده َدائِ ًما ُمبت َِس ًما‬


‫ُ‬ ‫والشخص‬
‫ُ‬
‫وكثير ال��ك�لام‪ ،‬و َث��و ُب��ه ن ٌ‬
‫َظيف وشما ُغه‬ ‫َ‬
‫‪58‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫�وز ُع َراتِ َبه‬


‫الشخص الذي ُي� ِ‬
‫ُ‬ ‫َمكوي‪ ،‬وأما‬
‫�راف‪ ،‬تجد َثوبه‬ ‫َق َبل أن يصرفه مِ��ن ال��ص� ِ‬

‫َصار أص َفر مِ ْن كثرة ال َغسيلِ‪ ،‬وشماغه َع َلى‬


‫ال َك ِ‬
‫تف‪.‬‬

‫قال‪ :‬لِماذا ال نحاول‬ ‫احبي َو َ‬ ‫فضحك ص ِ‬


‫َ َ‬
‫َدرسه ِد َراس � ًة‬ ‫ٍ‬
‫جدية‪ ،‬ون ِ‬ ‫وضوع بِ‬
‫َ‬ ‫الم‬
‫أخذ َ‬
‫��ذه‬‫ُمفصلةً‪ ،‬ونبحث ع��ن ح��ل��ول مِ��� ْن َه َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وحالوة‬ ‫ولذة‬ ‫المأساة‪ ،‬التي حرمتنَا َط َ‬
‫عم‬ ‫َ‬
‫صوت ٍ‬
‫آهة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫واإلحساس بِ َها؟ فإذا بِ‬
‫ِ‬ ‫الح ِ‬
‫ياة‬ ‫َ‬
‫المر َة‬ ‫ِ‬ ‫�ت مِ � َن ال َق ِ‬
‫َخ��رج� ْ‬
‫لب‪َ ،‬ولكن َه��ذه َ‬
‫احبي‪ ،‬وإنما أنا الذي‬ ‫َليس مصدرها ص ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫‪59‬‬
‫مذكرات جندي‬
‫ضية ن ٍ‬
‫َائية‪،‬‬ ‫أصدَ رها‪ ،‬ولو س ِمعها متهم فِي َق ٍ‬
‫َ َ ُ ٌ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫إنجاز‬ ‫لطلب ُسرع َة‬ ‫وحكِم َع ِ‬
‫ليه باإلعدامِ؛‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫يتأوه مِ َثل آهتي؛ رأف ًة‬
‫َق َصاصه؛ َحتى ال َّ‬
‫ِ ِ‬
‫ِ‬
‫الحياة‪.‬‬ ‫حاله مِ ْن َه ِذه‬
‫بِ ِ‬

‫ات‪،‬‬ ‫الوظيفة َع ْشر سنو ٍ‬


‫ِ‬ ‫فقلت‪ :‬لِي فِي‬ ‫ُ‬
‫ُ َ َ‬
‫لة‪ ،‬و َل ْم‬ ‫أبحث َعن ح ٍل لِهذه المشكِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫وأنا‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫الموضوع بِ َق ٍ‬
‫در‬ ‫َ‬ ‫لك؛ ألنني َل ْم ْ‬
‫آخذ‬ ‫أستطع َذ َ‬
‫ْ‬
‫الشهر الذي‬ ‫شهر ُ‬
‫أقول‪:‬‬ ‫ِ‬
‫األهمية‪َ ،‬فكل ٍ‬ ‫مِن‬
‫ُ‬
‫مخالِبِ َها؛‬‫َيليه‪ ،‬حتى تداركتْنِي السني ُن بِ َ‬
‫صور تا ٍم بِ َما َسأجنِي‬ ‫ألنني َل ْم أكن َع َلى َت ٍ‬
‫ِ‬
‫َّسويف‪.‬‬ ‫ِ‬
‫جراء َذ َ‬
‫لك الت‬ ‫مِن‬
‫‪60‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫احبي َقائِ اًل ِع َبار ًة مشهورةً‪:‬‬


‫َفرد ع َلي ص ِ‬
‫َّ َ َّ َ‬

‫الفقر وراءنا وراءنا‪.‬‬


‫ُ‬
‫وأك��م��ل ح��دي � َث��ه َش��اك��ي��ا‪ :‬ك��ل َش� ٍ‬
‫��يء‬ ‫َ‬
‫ًّ‬
‫الما َء الذي نشربه‪،‬‬
‫َطلب َ‬
‫بالفلوس‪َ ،‬حتى ن َ‬
‫والغسيل َصار بالفلوس‪ ،‬وكل ذلك من بعد‪:‬‬
‫نك مِن ِج ٍ‬
‫هة‪.‬‬ ‫ط الب ِ‬
‫ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫ق ْس َ‬
‫المنزل مِن ِج ٍ‬
‫هة‪.‬‬ ‫ِ ْ‬ ‫ِ‬
‫وإيجار‬
‫اليومية مِن ِج ٍ‬
‫هة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫والمص ِ‬
‫اريف‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫والفواتير مِن ِج ٍ‬
‫هة‪.‬‬ ‫ِ ْ‬
‫‪61‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫َ‬
‫آخ��ذ‬ ‫���ررت أن‬
‫ُ‬ ‫����ك‪ ،‬ق�‬ ‫ِ‬
‫ف��م�� ْن َب��ع��د َذل� َ‬
‫أتحرر مِ ْن‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫جدية و َع��زمٍ‪ ،‬وأن‬ ‫الموضوع بِ‬
‫َ‬
‫لليأس‪ ،‬وأن‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّسويف‪ ،‬وألاَّ أستسلم‬ ‫ِ‬
‫قيود الت‬
‫العون مِ َن‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫حلول‪َ ،‬تكون ‪َ -‬بعد‬ ‫أبحث َعن‬‫َ‬
‫ِ‬
‫العيش‪.‬‬ ‫اهللِ‪َ -‬سب ًبا فِي َر َغ ِد‬
‫ِ‬
‫المكتبات؛ ألستعي َن‬ ‫فذهبت إلحدى‬ ‫ُ‬
‫الطريق‪،‬‬
‫َ‬ ‫نير لِ��ي‬ ‫ِ‬
‫الكتب‪ ،‬التي ُت ُ‬ ‫بإحدى‬
‫زيمتِي‬‫وسع لي مدارك َعقلي‪ ،‬و ُتقوي َع َ‬
‫ِ‬
‫و ُت ُ‬
‫ِ‬
‫لكيفية‬ ‫�ار وال��ح��ل� ِ‬
‫�ول‪،‬‬ ‫َع َلى إي��ج� ِ‬
‫�اد األف��ك� ِ‬
‫ِ‬
‫واالستفادة‬ ‫التَّعامل َمع ُمرتبي الشهري‪،‬‬
‫ثمينة فِي‬
‫ٍ‬ ‫�ع نظري َع َلى ك ٍ‬
‫ُتب‬ ‫ِ‬
‫م�نْ��ه‪َ ،‬ف��وق� َ‬
‫‪62‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫�اب‪( :‬كيف‬ ‫ِ‬


‫ُمحتواها‪ ،‬ولكن جذ َبني ك��ت� ُ‬
‫الخ ِ‬
‫اصة؟) للمؤلف‪:‬‬ ‫ُتصبِح َثر ًّيا بِطريقتِك َ‬
‫بريان تراسي‪.‬‬

‫الكتاب؛ ال لكي ُأ َ‬
‫صبح‬ ‫َ‬ ‫واشرتيت َه َذا‬
‫ُ‬
‫أستطيع الت َ‬
‫َّعامل َمع مرتبي‬ ‫َ‬ ‫َثر ًّيا‪َ ،‬بل لِكي‬
‫الشهري‪ ،‬واالستفادة مِنه‪.‬‬

‫استفدت مِ� ْن َه َذا‬


‫ُ‬ ‫وفِ��ي الح ِ‬
‫قيقة أنني‬ ‫َ‬
‫موظف أن‬‫ٍ‬ ‫تاب َقواعدَ ُمهمةً‪ ،‬على كل‬ ‫الكِ ِ‬
‫يتبعها فِي َحياتِه‪ ،‬فلربما َلو طبقتُها َع َلى‬
‫ات َيو ٍم مِن‬‫ألصبحت فِ ْعلاً َذ َ‬
‫ُ‬ ‫الواقِعِ؛‬
‫رض َ‬ ‫َأ ِ‬
‫األثري ِ‬
‫اء‪.‬‬ ‫َِ‬
‫‪63‬‬
‫مذكرات جندي‬
‫عض ال َق ِ‬
‫واعد‪ ،‬التي استفدت َُها‬ ‫وهنَا أسرِ ُد َب َ‬
‫ُ‬
‫وم ْن َغيرِ ِه‪ ،‬لتوفير مرتبك‬
‫الكتاب ِ‬
‫ِ‬ ‫ِم ْن َه َذا‬
‫الشهري‪:‬‬

‫الحساب الذي‬
‫ُ‬ ‫ار (وهو‬ ‫فتح ِح ٍ‬
‫ساب َج ٍ‬ ‫‪ُ -1‬‬
‫يه الراتِب مِن ِج ِ‬
‫هة ال َعملِ)‬ ‫ِ ِ‬
‫ُيو َدع ف َّ ُ ْ‬

‫الصافِي مِن‬
‫ساب هو َّ‬
‫ِ‬
‫جعل َه� َ�ذا الح َ‬ ‫َت َ‬
‫ب َبعدَ استقطا ِع َمبلغ اال ِّد ِ‬
‫خار‪ ،‬و َمبلغ‬ ‫الراتِ ِ‬
‫َّ‬
‫ساب االحتياطي‪،‬‬ ‫االستثمار‪ ،‬ومبلغ ِ‬
‫الح ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ألغراض الم ِ‬
‫نزل َفقط‪،‬‬ ‫ِ َ‬ ‫ويصبح َه َذا َ‬
‫الم ُ‬
‫بلغ‬ ‫ُ‬
‫َان فِ ِ‬
‫يه َف ٌ‬
‫ائض‬ ‫غير ِه أ َبدً ا‪ ،‬وإِذا ك َ‬
‫صرف ل ِ ِ‬
‫وال ُي َ‬
‫‪64‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫الفائض فِي‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الشهر‪ُ ،‬ي��و َدع َه� َ�ذا‬ ‫فِ��ي آخ� ِ�ر‬
‫ساب اال ِّدخاري‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الح ِ‬
‫ساب اد َخ��اري ِ‬ ‫ِ‬
‫(حساب َطويل‬ ‫تح ح ٍ ِّ‬ ‫‪َ  -2‬ف ُ‬
‫ِ ِ‬
‫نسى)‬‫األج ِل الذي ُيودع فيه َمبلغ و ُي َ‬
‫�ال مِ� ْن ِخ ِ‬ ‫أس م� ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ا ْب��دَ ْأ فِي َت‬
‫الل‬ ‫كوين َر ِ َ‬
‫لك‬ ‫نظم‪َ ،‬حتى َلو ك َ‬
‫َان َذ َ‬ ‫الم ِ‬ ‫خار ُ‬ ‫بِرنامجِ اال ِّد ِ‬
‫المبلغ َصغيِ ًرا‪ ،‬ولكنه سينمو َم� َ‬
‫�ع األي��ا ِم‬ ‫ُ‬
‫األحوال‪ ،‬وإذا َتحسنت‬ ‫ُ‬ ‫إذن اهلل‪ ،‬وتتحس ُن‬ ‫بِ ِ‬

‫َفس َك‬ ‫خار‪ ،‬ستجد ن َ‬ ‫بلغ اال ِّد ِ‬ ‫أحوا ُلك‪َ ،‬ف ِز ْد َم َ‬
‫أنك‬ ‫مرور السنين‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫التعاقد َبعدَ‬ ‫َمثلاً ِعندَ‬
‫َ‬
‫كفيك‪.‬‬ ‫َ‬
‫ولديك َما َي‬ ‫ٌ‬
‫مستقل َماد ًّيا‪،‬‬
‫‪65‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫عمه‬
‫جب َد ُ‬ ‫‪َ  -3‬فت ُْح ِح ٍ‬
‫ساب احت َياطي (و َي ُ‬
‫بِمبلغٍ‪ ،‬ولو َخمسة آالف ٍ‬
‫ريال َمبدئ ًّيا‪،‬‬
‫أو أقل مِ ْن َذ َ‬
‫لك)‬

‫�ح��س� ِ‬
‫�اب االح��ت � َي��اط��ي‪ :‬هو‬ ‫�ف ال� ِ‬‫َت��ع��ري� ُ‬
‫لالستالف مِنْه‬
‫ِ‬ ‫اه ِ‬
‫رة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫للظروف ال َق ِ‬ ‫ساب‬‫ح ٌ‬
‫ِ‬

‫الظروف‪َ ،‬حتى ال َتختَل ُمعا َدلة‬ ‫ِ‬ ‫َوقت َه ِذه‬


‫المخطط َل َها وكيفية التعام ِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ح َسا َبات َك ُ‬
‫ساب بِمبل ِغ‬
‫الح ِ‬ ‫معها‪ ،‬ويجب دع��م َه� َ�ذا ِ‬
‫َ ُ َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬
‫االستطاعة َمع‬ ‫ال‪ ،‬أو َح ِ‬
‫سب‬ ‫َخمسة آالف ر َي ٍ‬
‫َ‬
‫ساب َشهر ًّيا‪ ،‬بِمئتي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ريال‪ ،‬أو‬ ‫َتغذية َه َذا الح َ‬
‫ِ‬ ‫َح ِ‬
‫وأنت‬
‫َ‬ ‫سب استطاعت َك؛ فقد َت ُ‬
‫مر األيا ُم‪،‬‬
‫‪66‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫كون َقد‬
‫لك َت ُ‬ ‫الح ِ‬
‫ساب‪َ ،‬‬
‫فبذ َ‬ ‫َلم َتحتاج لِه َذا ِ‬
‫ْ َ‬ ‫ْ‬
‫ال آخر؛ لتستفيدَ مِنْه‪.‬‬
‫َونت رأس م ٍ‬
‫َ‬ ‫ك َ َ‬
‫ٍ‬
‫أسهم‬ ‫اب استثماري (ك َِش ِ‬
‫راء‬ ‫‪َ  -4‬فت ُْح ِح َس ٍ‬
‫َ‬
‫حرمة مثلاً ‪ ،‬ونسياهنا‪ ،‬أو ِش ِ‬
‫راء‬ ‫ٍ‬ ‫َغ ِير ُم‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫أسعاره‪ ،‬و َبيعه أثناء‬ ‫ِ‬
‫نزول‬ ‫هب َوقت‬ ‫َذ ٍ‬
‫ِ‬
‫ارتفاعه وغير َذ َ‬
‫لك)‬
‫الشركات الم ِ‬
‫باحة‬ ‫ِ‬ ‫أسهم فِ��ي‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫كشراء‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫وشركات‬ ‫ِ‬
‫البنوك‪،‬‬ ‫نموا مِثل‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫َشر ًعا‪،‬‬
‫واألكثر ًّ‬
‫وغيرها‪ ،‬ونسياهنا‬ ‫ِ‬ ‫النفط‪ ،‬واالت��ص� ِ‬
‫�االت‪،‬‬ ‫ِ‬

‫�ب ِعندَ‬ ‫عيد‪ ،‬أو ش� ِ‬


‫�راء َذه� ٍ‬ ‫َع َلى المدى الب ِ‬
‫َ‬
‫كذا‪.‬‬‫وه َ‬‫أسعاره‪ ،‬وبيعه ِعندَ االرتفا ِع َ‬‫ِ‬ ‫هبوط‬
‫‪67‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫سيطة؛ لِتوفيرِ‬
‫ٍ‬ ‫دة َب‬‫اع ٍ‬‫إن كنت تَبحث عن َق ِ‬
‫َ‬
‫ك الشهري‪ ،‬فستجدها فِي ك ِ‬
‫َلمات‬ ‫د ِ‬
‫خل َ‬ ‫َ‬
‫بار ِة‬ ‫ِ ِ‬
‫َهذه الع َ‬
‫((أنفق أقل مما َتكسب))‬
‫ْ‬

‫‪sss‬‬

‫‪68‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫بالعمل أ ْول‬
‫ِ‬ ‫االهتما ُم‬

‫سر الم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫لك فهد‬ ‫في أحد األي��امِ‪ ،‬في ج ِ َ‬
‫ِ‬
‫كابينة‬ ‫وكنت فِي‬
‫ُ‬ ‫بالدمام‪ ،‬وأثناء ال َعملِ‪،‬‬
‫للمغادرين ل��دول� ِ�ة البحرين‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫�وازات‬‫ال��ج�‬
‫يد‬‫�ازة ِع ِ‬
‫�ت إج� ِ‬ ‫الز ُ‬
‫مان َوق� َ‬ ‫الش ِ‬
‫قيقة‪ ،‬و َك� َ‬
‫�ان َّ‬ ‫َّ‬
‫الهائِل َة‬
‫ف األعدا َد َ‬ ‫عر ُ‬ ‫الفطر الم ِ‬
‫بارك‪ ،‬وك ُّلنَا َي ِ‬ ‫ِ ُ‬
‫لك‬ ‫الم َسافِرين‪ ،‬الذين َيعربون مِ ْن َع َلى َذ َ‬ ‫من ُ‬
‫ِ‬

‫لصرخ مِ ْن‬
‫َ‬ ‫سر ل ِ ٌ‬
‫سان‬ ‫سر ‪-‬ولو كَان ِ‬
‫للج ِ‬ ‫ِ‬
‫الج ِ‬
‫مر مِ ْن‬ ‫ِ‬
‫والح ُموالت‪ ،‬التي َت ُ‬
‫ُ‬
‫ألم السي ِ‬
‫ارات‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫‪69‬‬
‫مذكرات جندي‬
‫وذات م ٍ‬
‫رة‪،‬‬ ‫لك ِ‬
‫الجسر‪،-‬‬ ‫ليه‪ ،‬مِسكي ٌن َذ َ‬
‫َع ِ‬
‫َ َ‬
‫ُ‬
‫ويقول‪:‬‬ ‫َتخيلتُه وهو َي ُ‬
‫صرخ‬
‫يا ونتي ونت بس على الخط مدعوس‬
‫من يومين ما حد درى به‬
‫ِ‬
‫�ع َيدي‬ ‫أص��ابِ� َ‬
‫لما بِ��أن َ‬ ‫وال أخفي ُكم ع ً‬
‫�رة التَّعام ِل َم��ع َل��وح� ِ�ة الم َفاتِيحِ‬ ‫مِ��ن َك��ث� ِ‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫المعلومات‬ ‫الكمبيوتر؛ إلدخ� ِ‬
‫�ال‬ ‫ِ‬ ‫جه ِ‬
‫از‬ ‫ِ‬
‫ل َ‬
‫ِ‬
‫َالثعبان الذي‬ ‫أصبحت ك‬
‫ْ‬ ‫للمسافِرين‪َ ،‬قد‬ ‫ُ‬
‫وانتفخت بطنُه‪ ،‬و ُك ُّلنا َشاهدنَا‬
‫ْ‬ ‫ضفدع‪،‬‬
‫َ‬ ‫أكل‬ ‫َ‬
‫أيت‬ ‫ِ‬
‫الوثائقية‪ ،‬وأما أنا َر ُ‬ ‫لك فِي األفال ِم‬ ‫َذ َ‬
‫الواقِعِ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أرض َ‬ ‫أصابِعي َع َلى‬ ‫لك في َ‬
‫َذ َ ِ‬

‫‪70‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫الم َغادرين‪ ،‬ال أستطيع أن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫وم � ْن كَثرة ُ‬
‫الشاي‪ ،‬أو الماء‪ ،‬ألنني لو‬ ‫أشرب فِ َ‬
‫نجان َّ‬ ‫َ‬
‫َشربت‪ ،‬وتأخر المسافرون فِي ال َّط ِ‬
‫ابور‬
‫ٍ‬
‫ظاهرات‪،‬‬ ‫الج ْس ُر ‪-‬وكأنه ُم‬‫ألصبح ِ‬ ‫َقليلاً ؛‬
‫َ‬
‫وق��وة أص� ِ‬
‫�وات‬ ‫ِ‬ ‫واحتجاجات‪ ،‬مِ��ن َك��ث� ِ‬
‫�رة‬ ‫ٍ‬
‫بواري السي ِ‬
‫ارات؛ ألن ال ُكل ُيريدُ ((الفلة))‪.‬‬ ‫َّ‬

‫أقر َب‬ ‫َ‬


‫نتظرون َ‬ ‫أما المو َّظ ُفون َفتجدَ هم َي‬
‫ِ‬
‫الظهر‬ ‫للهرب لالستجما ِم (و َطق َط ِ‬
‫قة‬ ‫ِ‬ ‫ُف ٍ‬
‫رصة‬
‫�م‬ ‫�ول ال��ج� ُل� ِ‬‫َوال��رق��ب� ِ�ة) مِ � ْن أث� ِ�ر ط� ِ‬
‫�وس‪َ ،‬ول� ْ‬ ‫َّ‬
‫َتكن َل َك ُفرص ٌة إلاَّ الصالة َفقط‪ ،‬وبِ ِ‬
‫شرط‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫أن َيأتِي أحدُ المو َّظفين م َكانك إلكم ِ‬
‫ال‬ ‫َ‬
‫‪71‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫الء إِ َذا َذهب‬‫عض الزم ِ‬ ‫ال َعملِ‪ .‬والمشكِ َل ُة َب ُ‬


‫َ‬
‫الحرمين‪ُ ،‬يطيِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصالة كَأنه َعابِد َ‬ ‫أل َداء َّ‬
‫ُوع‪ ،‬و ُيطيِل السجو َد‪،‬‬ ‫ِ‬
‫القيا َم‪ ،‬و ُيطيِل الرك َ‬
‫خشو ًعا‪َ ،‬و َلكن‬ ‫��ك َليس َتع ُّبدً ا‪َ ،‬وال ُ‬ ‫َو َذل ِ َ‬
‫وحقي َقة أنني َفرحت‬ ‫احة‪ِ .‬‬ ‫لالستجمامِ‪ ،‬والر ِ‬
‫َ َ َّ‬
‫ارج ال َعم ِل ُيص ِّلي فِي‬ ‫َبأن الذي لاَ ُيص ِّلي َخ ِ‬
‫أمر مِن‬ ‫َاصحٍ َله‪ ،‬أو ٍ‬ ‫العملِ‪ ،‬وب��دون َأي ن ِ‬
‫َ‬
‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نكر‪.‬‬ ‫المعروف َوالنَّهي َعن ُ‬ ‫َهيئة األ ْم ِر بِ َ‬
‫ِ‬
‫الزمالء‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ألحد‬ ‫ار مِنِّي‬ ‫طول انتِ َظ ِ‬
‫ِ‬ ‫َو َبعد‬
‫ِ‬
‫للمسجد َفإ َذا أحد‬ ‫وذهبت‬
‫ُ‬ ‫حضر م َكانِي‪،‬‬ ‫َ‬
‫الم َسافِرين َي��دور َبينَهما‬ ‫ِ‬
‫ال��زم�لاء َوأح��د ُ‬
‫‪72‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫فقمت‬
‫ُ‬ ‫أصوا ُتهما‪،‬‬
‫َ‬ ‫ارتفعت‬
‫ْ‬ ‫اش‪ ،‬و َق��د‬ ‫نِ َق ٌ‬
‫وقمت‬ ‫الونَّان‪،‬‬ ‫وش َّغ ُ‬ ‫ِ‬
‫الشرطة‪َ ،‬‬ ‫أنا بِ ِ‬
‫ُ‬ ‫لت َ‬ ‫دور‬
‫ِ‬
‫والقبض َع َلى المتهمين‪،‬‬ ‫بالتدخ ِل َّ‬
‫السريعِ‪،‬‬
‫وأرجلهما‪،‬‬
‫َ‬ ‫أيديهما‪،‬‬
‫َ‬ ‫ووضعت القيدَ فِي‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الحقيقة‪،‬‬ ‫الخيرزانة‪ ،‬و َلكن فِي‬ ‫ِ‬ ‫هما بِ‬ ‫ِ‬
‫لجلد َ‬
‫ِ‬
‫الصحية‪.‬‬ ‫هما‬‫ِ‬
‫أنني رحمتهما لحالت َ‬

‫فقلت لزميلي‪َ :‬م���اذا َج���رى لتَر َتفع‬ ‫ُ‬


‫أصوا ُتكم لِ� َ�ه��ذه ال��درج� ِ�ة؟ َوزميلي َه� َ�ذا‬
‫َ‬
‫الش ِ‬
‫رقية‪َ ،‬وهي منطق ٌة‬ ‫ِ‬
‫المنطقة َّ‬ ‫هد بِ‬‫ديث َع ٍ‬
‫َح ُ‬
‫ِ‬
‫الشيعة‪.‬‬ ‫أهل السن َِّة َو ُ‬
‫أهل‬ ‫عيش فِ َيها ُ‬ ‫َي ُ‬

‫‪73‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫المسج ِد‪َ ،‬ولكن‬


‫ِ‬ ‫فقال‪َ :‬رأيتُه ُيص ِّلي فِي‬
‫َ‬
‫َصال َته َغريبة‪َ ،‬ل ْم َتكن مِثل َصالتِنا‪َ ،‬فظننتُه‬
‫اهلاً ‪ ،‬وال يعرف كَيفية أداء الص ِ‬
‫الة‪،‬‬ ‫أميا‪ ،‬ج ِ‬
‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫ِّ َّ َ‬
‫قلت َل��ه‪َ :‬صال ُت َك َخطأ‪ ،‬و َطريقت َُك فِي‬ ‫َف ُ‬
‫أنت الذي َصال ُت َك‬ ‫أدائِها َخطأ‪َ ،‬فجاوبنِي‪َ :‬‬
‫فقلت َله‪َ :‬و َما هي‬
‫ُ‬ ‫وعقيد ُت َك َخطأ‪،‬‬‫َخطأ‪ِ ،‬‬
‫الش ِ‬
‫يعة‪،‬‬ ‫فقال‪ :‬نَح ُن أس َيا ُدك مِن ِّ‬
‫َع ِقيد ُت َك؟ َ‬
‫فقلت َل��ه‪َ :‬يعنِي َرافِ��ض��ي‪ ،‬ف��زا َد َغض ُبه‪،‬‬
‫ُ‬
‫ويتكلم بِكالمٍ‪َ ،‬ل ْم‬
‫ُ‬ ‫لي‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫وبدأ َيرف ُع َصوته َع َّ‬
‫فقلت َله‪َ :‬هذه َع ِقيد ُتكم‪َ ،‬ترفضون‬
‫ُ‬ ‫أفهمه‪،‬‬
‫ْ‬
‫ُ‬
‫الشيخ‬ ‫الح َّق‪ ،‬وال تريدون ات َبا َعه‪َ ،‬ص َ‬
‫دق‬ ‫َ‬
‫‪74‬‬
‫مذكرات جندي‬
‫قول َعن الرافِ ِ‬
‫ضة‪:‬‬ ‫َعبدُ ال َعزيز بن َباز َيوم َي ُ‬
‫َّ‬
‫اآلخر‪:‬‬
‫ُ‬ ‫الر ُج ُل‬ ‫الح َّق‪َ ،‬‬
‫فقال َّ‬ ‫فضوا َ‬ ‫إنَّهم َر ُ‬
‫ِ‬
‫أنت والشيخ َعبد ال َعزيز‬ ‫ليك َلعن ُة اهلل‪َ ،‬‬ ‫َع َ‬
‫ِ‬
‫اس َك‬ ‫بن َباز‪َ ،‬ف� َ�زا َد َغضبي‪َ ،‬وكدنَا َأن ن َ‬
‫َتم َ‬
‫بِاأليدي‪َ ،‬و َيحدث أ ْم� ٌ�ر‪ ،‬لاَ ُت َ‬
‫حمد ُعق َباه‪،‬‬
‫ضرت‪ ،‬و َف َ‬
‫رقت َبيننا‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َو َ‬
‫لكنك َح‬

‫أنت الذي َبد َأ بِالخطأِ؛ ألن ََّك‬ ‫فقلت َله‪َ :‬‬


‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ ِ‬
‫كم ُة‬‫َل ْم َتكن ذو حكمة في َدعوت َك؛ َفالح َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫حتاج إِلى ِع ٍ‬
‫فروض‬ ‫لم َوبصيرة‪ ،‬فمن َ‬
‫الم‬ ‫َت ُ‬
‫يس َع َلى‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِحي َن َعلِ َ‬
‫مت َبعقيدَ ته‪ ،‬وأنَّ��ه َل َ‬
‫يس‬ ‫وأنت َل َ‬
‫َ‬ ‫الج َما َع ِة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َمنهجِ أه ِل ُّ‬
‫السنَّة َو َ‬
‫‪75‬‬
‫مذكرات جندي‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َل َ ِ‬
‫األو َل��ى َتركُه‪،‬‬ ‫لم بِعقيدته‪ ،‬فمن ْ‬ ‫ديك ع ٌ‬
‫ألن َغ َير َك َينتَظرك فِي‬ ‫الذهاب لِعملِ َك؛ َّ‬ ‫ُ‬ ‫َو‬
‫ألداء الص ِ‬
‫الة‬ ‫ِ‬ ‫َح َّل َم َكانَه؛ ل َيأتِي‬ ‫ابينة؛ لت ِ‬ ‫ال َك ِ‬
‫َّ‬
‫�ب لعملِه‪،‬‬ ‫ابتسمت‪ ،‬وذه� َ‬ ‫ُ‬ ‫ابتسم‪َ ،‬و‬ ‫َ‬ ‫‪َ ...‬ف‬
‫الة‪ ،‬ومسكي ٌن َم ْن‬ ‫ألداء الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫هبت‬ ‫وأن��ا َذ ُ‬
‫َّ‬
‫ُ‬
‫سأكون‬ ‫‪-‬حتى أنا‪-‬‬ ‫ِ‬
‫هو َحل َمكاني‪ ،‬ألنني َ‬
‫�وع والسجو َد‬ ‫ممن يطي ُلون القيا َم َوال��رك� َ‬
‫الم َسافِرين‪،‬‬ ‫ِ ِ‬
‫للهرب من ُ‬
‫وغفو ًة بعدَ الص ِ‬
‫الة‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫وجهاز الكمبيوتر؛ السرتجا ِع قواي الب ِ‬
‫دنية‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫صرية قليلاً ‪.‬‬‫ِ‬ ‫والن ِ‬
‫َّفسية‪َ ،‬وال َب‬
‫��ذه القص َة إلاَّ‬ ‫والحقيق ُة م��ا ذك��رت َه ِ‬
‫َ‬
‫همة مِن َْها‪:‬‬ ‫ألمور م ٍ‬
‫ٍ ُ‬
‫‪76‬‬
‫مذكرات جندي‬
‫ِ‬
‫المو َّظفين الذين ُي َخالطون الن َ‬
‫َّاس‬ ‫َع َلى ُ‬
‫اختالف َع َقائِدهم‪ ،‬ود َيانَاتِهم‪ ،‬وق َبائِلهم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫بِ‬
‫ِ‬
‫عامالت‬ ‫لك‪ ،‬وأن ِ‬
‫ينجزوا ُم‬ ‫ألاَّ يتدخلوا فِي َذ َ‬
‫ريضة‪ ،‬و ٍ‬
‫وجه‬ ‫ٍ‬ ‫سم ٍة َع‬ ‫َهؤالء‪ ،‬بِ ُخ ٍ‬
‫َ‬ ‫لق َرفيعٍ‪َ ،‬و َب َ‬
‫اجبنا كَمسلِمين‬ ‫ألن َه َذا َو ِ‬
‫لق؛ َّ‬ ‫شوش‪َ ،‬ط ٍ‬‫ٍ‬ ‫َب‬
‫أولاً ‪َ ،‬وك َعامِلين َثان ًيا‪.‬‬
‫الوظيفي لاَ َيتدخل فِي ِ‬
‫أمور‬ ‫أداء العم ِل َ‬
‫َغ ِيره‪ ،‬واالهتمام بِالعم ِل ْأو َلى‪.‬‬

‫‪sss‬‬

‫‪77‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫ُ‬
‫عقوق الوالدين‬

‫اسب اآللي؛ ألُهنِي‬ ‫الح ِ‬


‫سم َ‬ ‫ُنت فِي قِ ِ‬ ‫ك ُ‬
‫امالت التي َتخصني‪َ ،‬و َلكن‬ ‫ِ‬ ‫الم َع‬
‫عض ُ‬ ‫َب َ‬
‫ِ‬
‫عكازه‪،‬‬ ‫فت نَظري َر ُج ٌل ُم ِس ٌّن‪َ ،‬يمشي َع َلى‬ ‫َل َ‬
‫ف؛ َحتى ِ‬
‫ينهي‬ ‫اك المو َّظ ِ‬
‫و َقد وقف َع َلى ُشب ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬
‫إجراءات معاملتِه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫َله‬

‫الر ُج ِل‬ ‫فانتهى َزميلي مِن ِخ ِ‬


‫دمة َذ َ‬
‫لك َّ‬ ‫ْ‬
‫الم ِس ِّن‪َ ،‬‬
‫وقال َله‪َ :‬يا (( َعم)) ليش َما يجيوا‬ ‫ُ‬
‫أنت َتر َتاح؟‬
‫أولاَ َدك َو َ‬
‫‪78‬‬
‫مذكرات جندي‬

‫فما أن انتَهى َزمِيلي مِ ْن كَلِمته‪َ ،‬حتى‬ ‫َ‬


‫ال‪َ ،‬‬
‫وقال‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫صوت َع ٍ‬ ‫الم ِس ُّن َباكِ ًّيا‪ ،‬وبِ‬
‫انفجر ُ‬
‫َ‬
‫وين أولاَ ِدي؟! أنا ما ُأشوفهم‪ ،‬وقام بِالد َع ِ‬
‫اء‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫رج مِن‬‫لك َحتى َخ َ‬ ‫ليهم‪ ،‬و َما َز َال َع َلى َذ َ‬ ‫َع ِ‬
‫الق ِ‬
‫سم‪.‬‬ ‫ِ‬

‫ول َوال قو َة إِلاَّ بِاهللِ‪.‬‬


‫فلاَ َح َ‬

‫أصلِ ْح َلنَا الن َّيةَ‪َ ،‬و ُّ‬


‫الذر َّيةَ‪َ ،‬يا َر ِّب‬ ‫ف َيا َر ِّب ْ‬
‫ال َعا َل ِمين‪.‬‬

‫‪sss‬‬

‫‪79‬‬
‫اإلخراج الفني والتدقيق اللغوي‬
‫مركز اللؤلؤ واملرجان‬

You might also like