Professional Documents
Culture Documents
العــــدد السابع
صيف 2019
* ما ينشر في المجلة العربية لعلم النفس يعبر عن رأي كاتبه ،وال يعبر بالضرورة عن رأي المجلة.
** ال يحيل ترتيب الدراسات في أعداد المجلة إلى رتبة الباحث أو مكانته العلمية.
2
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
جميع الحقوق محفوظة للمجلة العربية لعلم النفس.
التحرير
افتتاحية
هيئة
الرئيس الشرفي :د .الغالي أحرشاو.
رئيس التحرير :د .محمد المير.
3
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
المحتويات
افتتاحية
افتتاحية العدد
تتمثل رسالة المجلة العربية لعلم النفس في تمكين علماء النفس في العالم العربي من التواصل البناء،
والتفاعل اإليجابي وتبادل التجارب البحثية .فاتساع وتعقيد البحث السيكولوجي صار يفرض التعاون
والتكامل من أجل بناء مشروع سيكولوجي عربي يخدم اإلنسان العربي .وتشمل نقائص علم النفس العربي
إهمال البحث السيكولوجي الذي يعالج مشاكل اجتماعية وحياتية تتعلق باإلنسان العربي ،إضافة إلى غياب
دافع تطبيق المعرفة السيكولوجية المتراكمة لحل االضطرابات التكيفية التي يواجهها األفراد والجماعات.
لذلك فالتحول الحقيقي لعلم النفس في الوطن العربي ينبغي أن يستند إلى رؤية جديدة ألدوار علم النفس
وعالم النفس في المجتمعات العربية .ومن ثم ،لكي يتغلب علم النفس في العالم العربي على اإلخفاقات
البحثية والتطبيقية ،ينبغي أن يركز على ربط البحث والتكوين بحاجات المجتمع .وبذلك يمر انتقال علم
النفس إلى مرحلة االستثمار والتوظيف (الغالي أحرشاو ،في هذا العدد) من االهتمام بمسألة المالءمة بين
التكوين واستغالل واستعمال نتائج األبحاث السيكولوجية .وبدا جليا خالل السنوات األخيرة أن هناك حركة
حثيثة ترمي إلى النهوض بمكانة وأدوار علم النفس في التنمية في الوطن العربي.
وقد أصبحت الضرورة ملحة لتحول علم النفس العربي إلى مبحث أكاديمي فاعل في اقتراح حلول
لجملة من المشاكل التي تشكو منها المجتمعات العربية .ويرتبط هذا التعديل في وظائف علم النفس
األكاديمية والتطبيقية بإقحام مشاكل وانشغاالت المجتمع في البنيات األكاديمية والبحثية لهذا المبحث
العلمي .وأظهرت التجارب السيكولوجية الناجحة في البلدان المتقدمة والنامية أن تطور علم النفس يقاس
بمدى حضوره في مخططات التنمية .كما أن تدفق الموارد والدعم لعلم النفس يتعلق بمستوى وفعالية
إسهامه في فهم واقتراح حلول للتحديات التي تواجه المجتمع .وعلماء النفس العرب يدركون أن مستقبل
علم النفس العلمي يستند إلى انخراط والتزام هذا التخصص العلمي بقضايا المجتمعات العربية .وبناء على
ذلك ينبغي أن ينفتح علم النفس على المحيط االجتماعي واالقتصادي ،لكي يعرض ما يمكن أن يسهم به
في حل المشاكل التكيفية المختلفة .فعلم النفس يجب أن يحركه دافع اإلسهام في التنمية ،ومن ثم ينبغي أن
يفحص ويقترح الحلول للمشاكل التي تواجه المجتمع.
وبغية تسريع التحول التطبيقي لعلم النفس ،ينبغي البدء بحصر الحاجات االجتماعية ،وبلورة برامج
تدخل مناسبة .إضافة إلى تعديل برامج التكوين لكي تتالءم مع التحوالت التي تعرفها المجتمعات العربية.
ويرتبط حضور علم النفس في المجتمع بتسويق علم النفس؛ ومن بين التجارب الناجحة في هذا اإلطار،
تجربة الجمعية األمريكية لعلم النفس APAالتي تتوفر على قسم خاص بالدفاع عن علم النفس
policymakerأمام الفاعلين السياسيين واالقتصاديين من أجل الحصول على الدعم والتمويل لمشاريع
البحث السيكولوجي التي تشرف عليها ال .APAإذ يتكفل هذا القسم بعرض الكيفية التي يمكن أن يساهم
بها علماء النفس في حل مجموعة من المشاكل التي تواجه المجتمعات اإلنسانية المعاصرة كاإلدمان،
وضغط العمل والعنف والتغير المناخي؛ وتصحيح بعض األخطاء عن دور علماء النفس في الرعاية
الصحية .وال ينبغي فقط أن يعرف الجميع الدور الذي يمكن أن يلعبه عالم النفس ،بل أن يعرفوا أن علماء
النفس لديهم أدوات مناسبة للتدخل في مجموعة من الوضعيات.
ويتضمن هذا العدد السابع للمجلة العربية لعلم النفس مجموعة من المقاالت التي تتوزع انشغاالتها بين
ميادين مختلفة .وهي تنقسم بين البحث الميداني والدراسات المطاتحليلية لموضوعات تحظى باهتمام واسع
في علم النفس المعاصر .وبذلك جمع هذا العدد بين الغنى والتنوع؛ إذ عالجت بعض المقاالت مشاكل
وتحديات السيكولوجيا في المغرب؛ ومعدالت السعادة في العالم العربي ،وتقنين الصالبة النفسية في
المجتمع الجزائري .وفحصت مجموعة من األبحاث تأثير الخصوصيات الفونولوجية والمورفولوجية على
األداء القرائي في اللغة العربية؛ واالرتباطات بين العادات الذهنية والمهارات القرائية؛ ودور ممارسة
التربية البدنية في النمو النفسي واالجتماعي؛ وتأثير النمط القيادي للمديرين على الدافعية لإلنجاز؛ ونمو
التفكير األخالقي لدى تالميذ التعليم الثانوي ،إلى جانب االتجاهات النظرية في التربية على القيم .وبحثت
دراسات أخرى في واقع الممارسة النفسية لألخصائي العيادي؛ واألحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات
اإلسرائيلية؛ والتساؤالت المقلقة لدى األطفال المصابين بالسرطان .وتناولت بعض مقاالت هذا العدد
5
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
افتتاحية
تمظهرات الرضا الوظيفي لدى عينة من الموظفين ،والمقاربة النفسية-االجتماعية ألساطير الزواج عند
المرأة المغاربية .وأكدت دراسة أخرى على أهمية أساليب الداللة العملية في ترشيد نتائج وخالصات
البحوث النفسية والتربوية .كما فحص بحث آخر العالقة بين السيكوتيبية واإلبداع ،وتناول المقال األخير
مسألة االحتراق النفسي وصعوبات تشخيصه وعالجه.
وهللا ولي التوفيق.
رئيس التحرير
6
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
تحديات ورهانات، مشاكل:السيكولوجيا في المغرب
الغالي أحرشاو
aharchaou.rhali@gmail.com
المغرب، فاس، جامعة سيدي محمد بن عبد هللا، ظهر المهراز، كلية اآلداب والعلوم اإلن سانية،شعبة علم النفس
ملخص
ما هي مقومات السيكولوجيا المتداولة في المغرب؟ ما هي إكراهاتها الذاتية والموضوعية؟ وإلى أي
حد يسمح النمط السوسيوثقافي السائد بقيام المعرفة السيكولوجية المطابقة واألدوات المعرفية القادرة على
سنحاول اإلجابة على هذه األسئلة المحورية من خالل التطرق.إ نتاجها والمؤسسات الداعمة الستثمارها
. مشكل االستثمار والتوظيف، مشكل اإلبداع واإلنتاج، مشكل التأريخ والهوية:إلى ثالثة مشاكل أساسية
. السيكولوجيا في المغرب؛ مشكل التأريخ والهوية؛ مشكل اإلبداع واإلنتاج:الكلمات المفتاحية
El Rhali Aharchaou
aharchaou.rhali@gmail.com
Department of Psychology, Faculty of Letters and Human Sciences Dhar Mahraz, Sidi Mohamed Ben Abdellah
University, Fes- Morocco
Abstract
What are the characteristics of psychology in Morocco? What are its
subjective and objective constraints? To what extent does the dominant
sociocultural model makes it possible to invest the results of this psychology in
the different sectors? We will try to answer these questions by addressing the
following three fundamental problems: First, the problem of history and
identity, secondly the problem of creativity and production, and finally the
problem of investment and use.
Keywords: psychology in Morocco; problem of history and identity; problem
of production and creativity.
7
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
السيكولوجيا في المغرب :مشاكل ،تحديات ورهانات
مقدمة
ماهي مقومات وخصائص السيكولوجيا المتداولة في المغرب؟ ما هي معوقاتها الذاتية والموضوعية؟
وإلى أي حد يسمح النمط السوسيو ثقافي السائد عندنا بقيام المعرفة السيكولوجية المطابقة واألدوات القادرة
على إنتاجها والمؤسسات القابلة الستثمارها؟ تستوجب اإلجابة على هذه األسئلة المحورية التفصيل في
ثالث إشكاليات كبرى هي التي تترجم من منظورنا الخاص مشاكل وتحديات ورهانات السيكولوجيا
الحالية بالمغرب.
8
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
السيكولوجيا في المغرب :مشاكل ،تحديات ورهانات
جديدة مثل :الوظائف الذهنية العليا وكل ما يحيط بها من سيرورات المعالجة وآليات االشتغال
واستراتيجيات التنفيذ .فالتعلم والذاكرة واللغة والتمثل والوعي والقصدية واتخاذ القرار وحل المشاكل،
كلها موضوعات ومباحث تم تناولها بالبحث والدراسة باعتماد المقاربة المعرفية .وهي األبحاث
والدراسات التي بدأت تعرف طريقها إلى النشر إلمداد القارئ المغربي والعربي عامة بمنتوج سيكولوجي
مغاير لما ألفه من قبل .وبالنظر إلى حداثة نشأتها الفعلية (أربعة عقود) ،يمكن اإلقرار بأن هذه
السيكولوجيا أصبحت تندمج بشكل تدريجي في االهتمامات العامة للسيكولوجيا الحديثة ،رغم افتقارها إلى
التماسك واالنسجام بفعل تنوع المدارس والمنظومات السيكولوجية التي تنهل منها مفاهيمها ونظرياتها
ونماذجها.
9
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
السيكولوجيا في المغرب :مشاكل ،تحديات ورهانات
-الواقع أن اإلنتاج السيكولوجي بالمغرب الذي تتوزع معظم مكوناته (مؤلفات ،أطروحات جامعية،
مقاالت ،ندوات )...بين ما هو سيكوتربوي وما هو سيكواجتماعي وما هو سيكومرضي ،ال يزال في أغلب
مضامينه حبيس رفوف خزانات بعض الباحثين أصحابه وبعض المراكز والمعاهد والكليات .ونعتقد أن
المستجد الذي أضفى مؤخرا على هذا اإلنتاج طابعا خاصا يتحدد في المقاربة المعرفية التي أصبحت منذ
أواسط التسعينيات من القرن الماضي تشكل اإلطار المرجعي لالنتقال بالسيكولوجيا ،تدريسا وبحثا
وممارسة ،من طابعها الكالسيكي إلى طابعها الحديث .وفي هذا اإلطار تندرج بعض التجارب الناجحة
التي عرفتها أنظمة التكوين والبحث في بعض وحدات الدراسات النفسية العليا والتي أصبحنا مؤخرا نجني
ثمارها المتمثلة بالخصوص في إنتاج ونشر جانب من المعرفة السيكولوجية ذات المذاق المعرفي.
وتبعا لهذا التشخيص يبدو أن إنتاجنا السيكولوجي وإن كان ينطوي على درجة من الدينامية والتراكم
النسبي وبالخصوص فيما يتعلق بمقاربة ظواهر أساسية كالطفولة والمراهقة واالنحراف والنمو والتعلم
والذكاء واللغة والذاكرة وبعض السلوكيات الضدإجتماعية واالضطرابات النفسية ،فهو ما يزال يتحرك في
أكثر من اتجاه ويظهر بأكثر من مظهر .وهذا ما يبقيه مجرد تراكم كمي ال يرقى إلى مستوى التراكم
المعرفي الذي من أهم مقوماته إنتاج المعرفة السيكولوجية المطابقة لمعايير المنظومة السيكولوجية
العالمية والقابلة للتوظيف فيما يخدم قضايا اإلنسان وتحديات المجتمع.
10
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
السيكولوجيا في المغرب :مشاكل ،تحديات ورهانات
سيكولوجية محلية ،قوامها المقاربة المباشرة لظواهرنا النفسية التي غالبا ما يُنظر إليها "كتابووات"
tabousمحظورة والمساهمة الفعلية في المنظومة السيكولوجية العالمية.
وعلى هذا األساس نعتقد أن السبيل إلى تجاوز مثل هذه الوضعية المرتبكة يكمن أساسا في العمل على
إعادة صياغة هذه المنظومة السيكولوجية على أسس وقواعد جديدة يؤطرها من جهة منطق التشبع
بخصوصيات الواقع المغربي ومشاكله المختلفة ،ويوجهها من جهة أخرى منطق االنخراط في سيرورة
السيكولوجيا المعاصرة ومظاهر ثورتها المعرفية.
11
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
السيكولوجيا في المغرب :مشاكل ،تحديات ورهانات
المراجع
أحرشاو ،الغالي ( .) 2005العلم والتربية والثقافة :رهانات استراتيجية للتنمية العربية .الدار البيضاء :مطبعة النجاح
الجديدة.
أحرشاو ،الغالي ( .)1998واقع البحث السيكولوجي في المغرب .في العلوم اإلنسانية واالجتماعية .الرباط.
أحرشاو ،الغالي ( .)1988الخصائ ص المعرفية واألبعاد التطبيقية للبحث السيكولوجي في الوطن العربي .شؤون
عربية ،العدد .4
أحرشاو ،الغالي ( .)1994واقع التجربة السيكولوجية في الوطن العربي .بيروت :المركز الثقافي العربي.
مبارك ،ربيع ( .)1998مجاالت علم النفس بالمغرب .في العلوم اإلنسانية واالجتماعية .الرباط.
Bennani, J. ( 2005a). Histoire d’une transmission: La psychanalyse au Maroc. Prologues.
33, 20-30.
Bennani, J. (2005b). Introduction: Psychanalyse au maghreb. Prologues. 33, 6-7.
12
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
معدالت السعادة وعالقتها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من طلبة الجامعة في المغرب
معدالت السعادة وعالقتها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من طلبة الجامعة في المغرب
ملخص
أجرى المشروع العربي لبحث "معدالت السعادة والحياة الطيبة والتدين" على عينات من طالب
وبيان، وهدف هذا المشروع البحثي إلى استكشاف معدالت السعادة،الجامعة في أربع عشرة دولة عربية
فضالً عن،) والرضا، والسعادة، والصحة النفسية،عالقتها بمتغيرات الحياة الطيبة (تقدير الصحة الجسمية
= ) وطالباتها (ن156 = ) من طلبة الجامعة (ن390 = وأجريت هذه الدراسة على عينة (ن.التدين
وكشفت النتائج عن أن معدل السعادة لدى العينة المغربية متوسط بين بقية الدول.) في المغرب234
ولم توجد فروق، ودول أقل، فهناك دول أعلى في معدل السعادة،العربية التي أجري عليها المشروع نفسه
باستثناء التقدير الذاتي للصحة النفسية؛ إذ كان متوسط الرجال،دالة بين الجنسين في مقاييس الدراسة
، وكانت جميع معامالت االرتباط المتبادلة بين المقاييس دالة إحصائيًا وموجبة لدى الجنسين،أعلى
وخلصت هذه الدراسة." "الحياة الطيبة والتدين:واستخرج من تحليل المكونات األساسية مكون واحد سمي
ويمكن االستفادة من هذه، هم أكثر تدينًا،إلى أن من يعدون أنفسهم سعداء وفي صحة جسمية ونفسية جيدة
.النتيجة في المجالين اإلرشادي والعالجي
. السعادة؛ الحياة الطيبة؛ الصحة؛ التدين؛ المغرب:الكلمات األساسية
Happiness rates and its association with well-being and religiosity in a sample
of university students from Morocco
Abstract
The Arabic research project entitled “Happiness rate and its relation to well-
being (WB) and religiosity” was carried out on samples of university students
from 14 Arab countries. The aim of this project was to explore happiness rate
and its relation to WB variables (rating scales of physical health, mental health,
happiness, and satisfaction) as well as religiosity. The present study recruited a
sample of male (n = 156) and female (n = 234) university students from
Morocco. Results indicated the mediocre rate of happiness of the present
sample within the other Arab countries. There were no sex-related differences
except on the self-rating scale of mental health in favor of men. All the Pearson
correlation coefficients between the study scales were statistically significant
and positive in both sexes. Principal components analysis disclosed a high-
loaded component and labeled “Well-being and religiosity”. It was concluded
13
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
معدالت السعادة وعالقتها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من طلبة الجامعة في المغرب
that those who consider themselves as happy and in good physical and mental
health were more religious. Clinicians may use this finding in counseling and
psychotherapy.
Keywords: happiness; well-being; health; religiosity; Morocco.
14
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
معدالت السعادة وعالقتها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من طلبة الجامعة في المغرب
مقدمة
تعد هذه الدراسة ،الحلقة الخامسة عشر في سلسلة البحوث الموسومة" :معدالت السعادة وعالقتها
بالحياة الطيبة والتدين" .وقد أجريت الدراسات السابقة في هذا المشروع البحثي العربي ،على عينات من
طالب الجامعة وطالباتها ،في الدول اآلتية :مصر ،والسعودية ،والكويت ،وسلطنة عمان ،وقطر،
والعراق ،واليمن ،ولبنان ،واألردن ،وفلسطين ،وليبيا ،والجزائر ،وتونس ،والبحرين .وتوصلت هذه
السلسلة من الدراسات ،إلى نتائج مهمة عن :معدالت السعادة ،والفروق بين الجنسين ،والمكونات العاملية
للسعادة والحياة الطيبة والتدين (انظر قائمة المراجع) .واآلن جاء دور المغرب الحبيب ،لعرض نتائج
الدراسة التي أجريت على عينات من طالبها وطالباتها الجامعيين.
ويعد المغرب من بين البلدان العربية التي عرفت حرا ًكا شعبيًا خالل الربيع العربي ،طالب فيه الشعب
المغربي بتخليق الحياة السياسية ،وتحسين الظروف االقتصادية ،وبخاصة توفير فرص الشغل والحياة
الكريمة لكل المواطنين .وقد استجابت السلطة الحاكمة للمطالب االجتماعية ،وجرى تعديل الدستور سنة
، 2011وتمكن المغرب من عبور نفق الربيع العربي ،على عكس كثير من البلدان العربية التي سقطت
أنظمتها ،واندلعت في بعضها حروب أهلية طاحنة.
والحقيقة أن الدستور الجديد ،استجاب لجزء كبير من المطالب التي تظاهر من أجلها الشباب المغربي،
وتلت المصادقة على الدستور الجديد ،انتخابات فاز بها حزب العدالة والتنمية ،الذي شكل أول حكومة ذات
كثيرا في حل
ً مرجعية إسالمية في تاريخ المغرب الحديث .غير أن وصول اإلسالميين إلى الحكم لم يسهم
المشكالت االقتصادية واالجتماعية ،وبخاصة تفشي البطالة في أوساط الشباب ،وضيق األفق -والسيما
خشية المستقبل -بالنسبة لهذه الشريحة المهمة في المجتمع المغربي ،وبذلك لم تكن إنجازات الحكومة
المنتخبة عقب الربيع العربي في مستوى تطلعات الشعب المغربي ،وبخاصة بالنسبة لفئة الشباب ،التي
باتت تخشى المستقبل ،وتنظر بعين الريبة إلى قادم األيام والسنوات.
ويسجل المغرب أعلى نسب هجرة للشباب الحاصل على الشهادات العليا في العالم العربي ،وبخاصة
في التخصصات العلمية والتقنية ،وال يزال نزيف العقول الناتج عن هجرة الشباب متواصالً ،وربما يؤثر
في مشاريع التنمية والنهضة بالمغر ب ،ويعزى ميل الشباب إلى الهجرة ،إلى عقم مشاريع التنمية ،وقلة
فرص الشغل ،وضعف األجور ،وفقدان الثقة في األحزاب والمؤسسات السياسية .وقد تبين من التقرير
األخير للمجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي ( ،)2017أن غالبية الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين
15و 24سنة ،يوجدون على هامش النمو االقتصادي ،ويصل معدل البطالة في صفوف هؤالء إلى
،%26.5ويتجاوز هذا المعدل %40في الوسط الحضري .وحسب هذا التقرير ،تشهد البطالة في صفوف
الشباب تصاعدًا منذ عام 2004؛ ويتجاوز معدل بطالة الشباب في المغرب ،المتوسط العالمي بدرجة
كبيرة؛ إذ يبلغ المتوسط العالمي قرابة ( %13المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي .)2017 ،وأكد هذا
ضا فقدان الثقة ،ومشاعر االستياء ،من السياسات والخدمات الحكومية لدى هذه الفئة .ومن ثم؛ التقرير أي ً
فعلى الرغم من اإلصالحات السياسية الواسعة التي عرفها المغرب بعد الربيع العربي ،فإن الشباب
المغربي ال يزال يتوجس مما يخفيه المستقبل.
ومصداقًا لهذا الوضع غير المريح ،والظروف غير المواتية ،فقد تأخر موقع المغرب في التقرير
العالمي للسعادة الصادر عام ،2018فوصل إلى الترتيب ( )85من ( )156دولة ،وهو موقع غير متقدم
) .(Helliwell, Layard, & Sach, 2018والسؤال المهم هنا هو :لماذا تُدرس معدالت السعادة لدى
عينات من المغرب؟ والسؤال األعم :ما مسوغات بحث السعادة في المجتمع العربي؟
ال ريب في أننا نعيش في عصر علم النفس اإليجابي ،بعد أن مر قرابة قرن وثلث على اهتمام علماء
النفس بالجوانب المرضية ،والتركيز على االضطرابات النفسية ،واألمراض العقلية ،وانحرافات السلوك–
أمرا ضروريًا؛ إذ تتطلب هذه االضطرابات واألمراض واالنحرافات؛ التشخيص والعالج أو وكان هذا ً
التدخل .ولكن علماء النفس – في أواخر القرن العشرين -رأوا ضرورة االهتمام بالجوانب اإليجابية
للشخصية اإلنسانية ،والسمات والفضائل التي تساعد اإلنسان على حسن التكيف للواقع االجتماعي،
والتوافق مع محيطه الذي يعيش فيه ،فأجريت في هذا المجال دراسات كثيرة ،من نماذجها بحوث السعادة،
والحياة الطيبة ،والرضا عن الحياة ،والتفاؤل ،واألمل ،والثقة ،والتدين ،والشجاعة ،والعفو أو التسامح،
15
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
معدالت السعادة وعالقتها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من طلبة الجامعة في المغرب
والصحة النفسية ،والمشاعر اإليجابية ،والحب ،والشخصية اإليجابية ،ومواجهة الضغوط ،ونوعية الحياة،
واألمانة ،والمثابرة ،واالستبصار ،والواقعية ،والحزم ،والفضيلة ،واإلبداع ،والحكمة ،...وغيرها .وقد
انعكس هذا التوجه العالمي صوب علم النفس اإليجابي ،على البحوث النفسية في العالم العربي ،ترجمة
وتأليفًا وبحوثًا (انظر على سبيل المثال :أرجايل1993 ،؛ داينر ،وبزواس-داينر2011 ،؛ سيليجمان،
2005؛ غانم2017 ،؛ لوبيز ،وسنايدر.)2018 ،2013 ،
وفيما يختص بالدول العربية ،فإن غالبية دولها ومواطنيها يعيشون في نقطة فارقة من الزمن ،فقد
تزايدت المشكالت النفسية ،واالجتماعية ،واالقتصادية ،والسياسية ،مقارنة بالعقود السابقة ،كما تعاني
بعض هذه الدول من الحروب األهلية ،والمذهبية ،وتزايد ظاهرة اإلرهاب ،وهنا يأتي دور علماء النفس
العرب ،لتسجيل نتائج أبحاثهم في هذا المجال ،على أساس افتراض عام مفاده أن معدالت السعادة ما هي
ضا لدى عينة من إال انعكاس لهذه الظروف والمشكالت ،فعلى سبيل المثال ،كان معدل السعادة منخف ً
طالب الجامعة في تونس ،بعد الربيع العربي (عبد الخالق ،والمشري ،والشابي ،)2018 ،واتفق ذلك مع
ونظرا للعوامل المتعددة
ً موقع هذه الدولة بالنسبة للتقرير العالمي للسعادة ،فضالً عن تقارير األمم المتحدة.
التي تؤثر في معدل السعادة في أي دولة ،يتبادر إلى الذهن السؤال اآلتي :هل علم النفس هو العلم الوحيد
الذي يهتم بدراسة السعادة؟
لإلجابة عن هذا السؤال ،فإن السعادة موضوع علوم عدة ،منها :علم النفس ،وعلم االجتماع،
مؤخرا -فرع مهم
ً واألنثروبولوجيا ،والطب النفسي ،والسياسة ،واالقتصاد ،وقد تأسس في العلم األخير–
هو اقتصاديات السعادة ( Economics of happinessانظر .)Graham, 2005, 2008 :وهدفت
دراسات كثيرة ،في اقتصاديات السعادة ،إلى اإلجابة عن السؤال :هل يشتري المال السعادة؟ وكشفت
بحوث عدة عن عالقة موجبة قوية ،بين الدخل القومي للدولة ،ومستوى السعادة فيها ).(Deaton, 2007
ويضيف "ديتون" أن الدليل العملي حاسم ،ويكشف عن عالقة موجبة بين دخل الفرد والسعادة (Deaton,
) ،2008فالشعب في الدول الغنية ،له – عامة -درجات مرتفعة في السعادة ،مقارنة باألشخاص في الدول
الفقيرة ،وبمستوى دال إحصائيًا ،والسبب األساسي في ذلك ،هو أن األمم الغنية تمد مواطنيها وتتيح لهم
مستويات المعيشة المادية األعلى ،وعند مقارنة الدول الغنية بالفقيرة ،ظهر أن هناك عالقة قوية (بين
،0,6و ،)0,7بين الثروة القومية ،والمستويات القومية للسعادة ).(Ahuvia, 2002
وفي هذا المجال ،هناك ما يعرف بـ "مفارقة إيسترلن" Easterlin paradox؛ إذ وجد – في الواليات
طا إيجابيًا بالدخل في سنة معينة ،ولكن المستوى القومي للسعادةالمتحدة – أن معدالت السعادة ترتبط ارتبا ً
ال يتغير عبر الزمن ،على الرغم من الزيادة الكبيرة في الدخل القومي ) .(Easterlin, 1974, 1995وقد
خضعت هذه المفارقة لبحوث كثيرة ،منها المؤيد والمعارض (انظرBlanchflower & Oswald, :
.)2004; Stevenson & Wolfers, 2008ومع ذلك -وتبعًا لبحوث علم النفس -فقد اتضح أن المال له
تأثير بسيط في السعادة ،في الدول المتقدمة ).(Diener & Biswas-Diener, 2002
وفي إطار اقتصاديات السعادة ،أجرى "بالنشفالور ،وأوزولد" (Blanchflower & Oswald,
) 2001تحليالت للسالسل الزمنية Time seriesللبيانات الشخصية في الواليات المتحدة وبريطانيا،
وبينا أن السعادة كما يقررها األفراد ،ال ترتبط بالدخل المرتفع والعمل (عدم البطالة) فقط ،بل إنها أي:
السعادة لها درجة أكبر لدى النساء ،واألفراد المتزوجين ،ومن لهم تعليم مرتفع .وهنا يبرز سؤال مهم :هل
بدأت بحوث السعادة مع ظهور علم النفس اإليجابي في أواخر القرن العشرين؟
ترجع البدايات التاريخية لبحوث السعادة ،إلى اهتمام الفالسفة وعلماء النفس – منذ زمن بعيد -بالحياة
مسيطرا يجب اتباعه حتى تتحقق
ً الجيدة Good lifeوبكيفية تحقيقها ،واقترحوا – في أغلب األحوال -مبدأ
السعادة .ومنذ آالف السنين؛ في القرن الرابع قبل الميالد ،قدم "أرستيبوس" 366 – 435( Aristippus
ق.م ).الفيلسوف اليوناني ،مذهب اللذة ،Hedonismوهو تعظيم السرور ،وخفض األلم ،ودافع عن
مذهب اإلشباع الحسي الفوري .ثم فصل "أبيقور" 270-342( Epicurusق.م ).الفيلسوف اليوناني
مفهوم اللذة األخالقية ،التي تعني أن االلتزام األخالقي األساسي ،هو أن نعظم من خبراتنا السارة .وأعلن
الفالسفة المسيحيون األوائل ،أن مبدأ اللذة ال يتفق مع الهدف من تجنب الرذيلة ،ولكن فالسفة عصر
16
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
معدالت السعادة وعالقتها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من طلبة الجامعة في المغرب
17
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
معدالت السعادة وعالقتها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من طلبة الجامعة في المغرب
عام ،على أنها جيدة .واستخدمت "سونيا ليبوميرسكي" ) (Lyubomirsky, 2010مصطلح السعادة
لإلشارة إلى خبرة السرور ،والرضا ،مع شعور بأن الحياة جيدة ،وذات معنى ،وجديرة بأن تعاش .ويرى
"داينر ،وسيليجمان" أن السعادة تعني الجوانب اآلتية :السرور ،والرضا عن الحياة ،واالنفعاالت
اإليجابية ،والحياة ذات المعنى ،والشعور باالطمئنان والقناعة ).(Diener & Seligman, 2004
ويصف "مارتن سيليجمان" ) – (Seligman, 2002في كتابه الموسوم" :السعادة الحقة" ،السعادة
على ضوء ثالثة مستويات تصاعدية على النحو اآلتي :المستوى األول هو "الحياة السارة" – وهي الحياة
الممتعة مع انفعاالت إيجابية ،والمستوى الثاني هو "الحياة الجيدة" -وهي حياة االطمئنان والقناعة،
والنشاط؛ إذ يحصل الفرد على مزيد من اإلشباع ،والمستوى الثالث هو الحياة ذات المعنى ،وهي حياة
االنتماء ،والعالقات مع اآلخرين أو مساعدتهم.
ويرى "داينر ،وبزواس داينر" ( ،2011ص ،)20أن السعادة هي االسم الذي نطلقه على التفكير
ضا على والشعور اإليجابي تجاه الحياة ،ويرتبط ذلك – إلى حد ما -بالظروف الموضوعية ،ويعتمد أي ً
كيفية التفكير والشعور فيما يتعلق بهذه الظروف ،وتشمل السعادة رضا الناس عن حياتهم ،وتقييمهم
للمجاالت المهمة في الحياة ،من مثل :العمل ،والصحة ،والعالقات االجتماعية ،كما يشمل انفعاالتهم من
مثل :الفرح ،والتعلق أو االرتباط ،والغياب النسبي لالنفعاالت غير السارة كالغضب والحزن والخوف.
ومنذ وقت مبكر ،قدم "داينر" نموذ ًجا ثالثيًا للحياة الطيبة ،شمل :الرضا عن الحياة ،والوجدان
اإليجابي ،وانخفاض الوجدان السلبي ) .(Diener, 1984واتفق معه "مايكل أرجايل" وزمالؤه (Argyle,
) ،Martin, & Lu, 1995في أن للسعادة ثالثة مكونات على النحو اآلتي( :أ) االنفعاالت اإليجابية ،و(ب)
الرضا ،و(ج) غياب االنفعاالت السلبية كاالكتئاب ،والقلق ،كما رأى "لوكاس ،وداينر" & (Lucas
) Diener, 2008أن التوازن بين االنفعاالت اإليجابية والسلبية ،يعد محددًا قويًا للسعادة.
وقد وضع "سيليجمان" ) (Seligman, 2002نظرية في السعادة ،تشتمل على ثالثة مكونات محددة
هي :االنفعاالت اإليجابية والسرور ،والتعهد ،engagementووجود المعنى في الحياة .وصنف
"سيليجمان" االنفعاالت اإليجابية إلى ثالث فئات :تلك المرتبطة بالماضي ،وبالحاضر ،وبالمستقبل،
وتشمل االنفعاالت اإليجابية المرتبطة بالمستقبل :التفاؤل ،واألمل ،والثقة ،واإليمان ،وأما االنفعاالت
اإليجابية األساسية المرتبطة بالماضي فهي :الرضا ،والقناعة ،واإلشباع ،والزهو أو الكبرياء ،والصفاء،
وهناك فئتان محددتان لالنفعاالت اإليجابية المتصلة بالحاضر :المتع الحالية ،واإلشباع المستمر ،وتشتمل
المتع على المتع الجسمية والمتع األرقى .وتأتي المتع الجسمية من خالل الحواس ،كالجنس ،والروائح
الجميلة ،والطعوم اللذيذة ،وأما المتع األرقى فتأتي عن طريق المناشط المركبة ،وتشمل مشاعر من مثل:
التنعم ،والطرب ،والراحة ،والنشوة أو الوجد ،وشدة الحماسة.
ويعرف بعض الباحثين السعادة ،بأنها الرضا عن الحياة ،أو أن األخيرة -على األقل -أحد مكونات
السعادة ،ويعرف "داينر" وزمالؤه ) (Diener, Emmons, Larsen, & Griffin, 1985الرضا عن
الحياة Satisfaction with lifeبأنه "عملية معرفية تقييمية ،تعتمد على المقارنة بين أحوال الشخص،
وما يعتقد أنه المستوى المناسب" .وقد بين "سيرجي" ) (Sirgy, 2002أن هناك تداخالً بين مفهوم الرضا
عن الحياة (جانب معرفي) ،والسعادة (جانب وجداني) ،وأنهما يشتركان في تباين مشترك يتراوح بين
،%60-50في حين أن الصحة Healthاتضح أنها المنبئ األساسي بكل من الرضا عن الحياة والسعادة
).(Michalos, Zumbo, & Hubley, 2000
ومن مراجعة البحوث في هذا المجال ،يالحظ أن المصطلحات األساسية التي يشيع استخدامها ثالثة
على األقل ،وهي :السعادة ،والحياة الطيبة ،والرضا عن الحياة ،كما يالحظ أن التداخل كبير بينها ،وأن
كثيرا من الباحثين يستخدم ثالثتها بشكل تبادلي؛ بحيث يحل أحدها محل اآلخر.ً
والعالقة وثيقة بين السعادة والصحة الجسمية ،وقد عرض "باتل" ) (Patil, 2013المحددات
االجتماعية للصحة ،إذ تتحدد بعوامل عدة ،تمتد من البيئة الفيزيقية والنفسية واالجتماعية الحالية للفرد،
إلى المحيط السياسي للمجتمع الذي يعيش فيه ،وعندما ينظر إلى الصحة من خالل النموذج الحيوي الطبي
،Biomedicalفإن األمراض يمكن أن تفسر على أساس مجموعة من التغيرات على المستوى األصغر،
18
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
معدالت السعادة وعالقتها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من طلبة الجامعة في المغرب
الذي يشمل الجوانب الفيزيولوجية ،والبيولوجية الكيميائية في الجسم البشري ،التي تنتج عن البيئة الداخلية
أو الخارجية .وعندما نوسع األفق ،ونضع الصحة في سياق النموذج الطبي االجتماعي Social
،medicineفإن السلسلة الكاملة من مجموعة المحددات الصغرى والكبرى للصحة تأتي في المقدمة،
وتعد المحددات االجتماعية للصحة –عامة -خارج نطاق سيطرة الفرد ،ومنها :السياسية ،والسياسات،
والعملة ،واتفاق التجارة العالمي ،والتجارة المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية ،...وغيرها من العوامل التي
تؤثر في الصحة ،باإلضافة إلى الحروب األهلية ،والطائفية ،واألصولية داخل البالد ،إذ تؤثر جميعها في
الصحة.
ونشر "فينهوفن" ) (Veenhoven, 2008دراسة شاملة عن تأثير السعادة في الصحة الجسمية ،على
أساس تحليل ثالثين دراسة تتبعية ،ومن هذه النتائج ،أن السعادة تنبئ بطول العمر Longevityلدى
األشخاص األصحاء ،ولكن ذلك ال ينطبق على المرضى .ومن ثم فإن السعادة ال تشفي المرض ،ولكنها
ضا .وتأثير السعادة في طول العمر لدى األشخاص أي :السعادة ،تحمي الشخص من أن يصبح مري ً
األصحاء تأثير قوي جدًا ،ويقارن حجم األثر بتأثير عدم التدخين في السعادة مقابل التدخين.
وفيما يختص بالعالقة بين التدريبات البدنية والسعادة ،اتضح أن األشخاص الرياضيين يميلون إلى أن
يكو نوا أسعد إلى حد ما من غير الرياضيين ،ويبدو أن هذا الفرق مستقل عن متغيرات السن ،والحالة
الزواجية ،والصحة البدنية ،وهناك تأثير سببي -بوجه خاص -يوضح تأثير الركض في المزاج.
والمدخنون تدخينًا كثيفًا ،ومن يشربون الخمر بدرجة كثيفة أقل سعادة ،كما درست العالقة بين السعادة
واألكل ،وفي دراسة دنماركية ،اتضح أن األشخاص الذين يتناولون األطعمة السريعة ،يميلون إلى أن
يكونوا أقل سعادة إلى حد ما .وأشارت البحوث المتاحة إلى أن كون الشخص بدينًا بدرجة بسيطة ،ال
يخفض من معدل السعادة ،وأن األشخاص الذين تتراوح معدل كتلة الجسم Body Mass Indexلديهم بين
،25و 30هم األسعد ).(Veenhoven, 2008
ي لكل من: ويعرف مفهوم الحياة الطيبة في هذه الدراسة -على مستوى المقاييس -بأنه التقدير الذات ّ
الصحة الجسمية ،والصحة النفسية ،والسعادة ،والرضا عن الحياة ،وتشتمل هذه المتغيرات األربعة ،على
مكونات معرف ية (الرضا عن الحياة) ،ووجدانية (السعادة ،والصحة النفسية) ،وبدنية (تقدير الصحة
الجسمية) ،ويتفق هذا التحديد لمفهوم الحياة الطيبة – في جانب منه – مع أهم عناصر تعريف منظمة
الصحة العالمية ،للصحة؛ بأنها حالة من الرفاهة ،أو العافية ،أو السالمة؛ الجسمية ،والنفسية ،واالجتماعية
) .(World Health Organization, 2014وقد دلت بحوث كثيرة ،على العالقات الجوهرية اإليجابية
بين هذه المتغيرات األربعة ،التي يشملها مفهوم الحياة الطيبة (انظر :عبد الخالق2010 ،؛ – Abdel
.)Khalek, 2006a, 2013b, Argyle, 2002; Carr, 2004; Diener, Lucas & Oishi, 2002
وفيما يختص بالتدين ،Religiosityفقد بدأت بحوثه في علم النفس ،من قرابة قرن ونصف (انظر:
،)Galton, 1872; Hall, 1882; James, 1902; Starbuck, 1899ثم اختفت هذه الدراسات النفسية
قرابة قرن من الزمان ) .(Jones, 1994ولكن العقود القليلة األخيرة ،شهدت زيادة سريعة في الدراسة
النفسية العلمية للتدين (انظرArgyle, 2000; Emmons & Paloutzian, 2003; Hill & :
Pargament, 2003; Paloutzian, 2016; Pargament, 1997; Spilka, Hood, Hunsberger,
;& Gorsuch, 2003; Verhagen, van Praag, López-Ibor, Cox, & Moussaoui, 2010
)Wills, 2009; Wulff, 1997
وهناك أسباب عدة لندرة اهتمام علماء النفس بالدراسة السيكولوجية للدين والتدين ،عند نشأة علم النفس
ي الذي قدمه "فرويد" عن الدين ،فرأى بوصفه نظا ًما علميًا منهجيًا ،ومن بين هذه األسباب ،الرأي السلب ّ
ي،
أنه يولد الشعور بالذنب ،ويرتبط بكبت الدوافع الجنسية ،ويولد عدم التحمل ،ويناهض التفوق الذهن ّ
ويشجع التسلطية .ولكن الدراسات التالية بينت اآلثار اإليجابية للدين ،واإليمان ،فالمتدين أقل عرضة
لتعاطي المخدرات ،أو ارتكاب الجرائم ،أو الطالق ،أو االنتحار ،وللمتدين صحة جسمية أقوى ،ويعيش
وعمرا أطول؛ ومن ثم فإن المتدين أكثر سعادة ورضا عن حياته ،مقارنة بغير المتدين ً حياة أفضل،
ضاAbdel-Khalek, 2014; Koenig, King, & : (سيليجمان ،2005 ،ص ص ( .)84 – 83انظر أي ً
19
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
معدالت السعادة وعالقتها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من طلبة الجامعة في المغرب
.)Carson, 2012; Seybold & Hill, 2001; Wulff, 1997ويرى "سيبولد" ) (Seybold, 2007أن
هناك آليات فيزيولوجية متضمنة في عالقة التدين بالصحة.
وقد أجريت مجموعة من البحوث العربية عن السعادة ،ونشير إليها بإيجاز على النحو اآلتي :أجرت
مشيرة اليوسفي ( )1989دراسة عاملية لمفهوم السعادة لدى طالب الجامعة ،ودرست مايسة النيال،
وماجدة خميس ( )1995السعادة وعالقتها بمتغيرات نفسية وشخصية لدى المسنين ،وقدمت سهير سالم
( ) 2001رسالتها للماجستير ،عن عالقة السعادة ببعض المتغيرات النفسية ،ودرس عبد الخالق ،ومراد
( )2001ارتباطات السعادة بالشخصية ،وكانت عالقة الشعور بالسعادة ببعض السمات الشخصية،
موضوع دراسة العنزي ( ،)2001ودرس هريدي ،وفرج ( )2002مستويات السعادة المدركة على ضوء
العوامل الخمسة الكبرى للشخصية والتدين ،ودرس عبد الخالق وزمالؤه ( )2003معدالت السعادة لدى
عينات عمرية مختلفة من الكويتيين ،ونشرت نجوى اليحفوي ( )2006دراسة عن السعادة واالكتئاب،
ودرس الفنجري ( )2006معدالت السعادة لدى عينات مختلفة من المجتمع المصري ،ودرست أحالم
محمود ( ) 2007مستويات السعادة ومصادر إشباعها لدى المسنين ،ودرست أمسية الجندي ()2009
مصادر الشعور بالسعادة وعالقتها بالذكاء الوجداني ،ونشر عبد الخالق ،ودويدار ( )2010بحثًا عن
العالقات بين التدين ،والحياة الطيبة ،والصحة النفسية ،ونشر عبد الخالق ( )2015 ،2010دراستين عن
التدين والحياة الطيبة ،وعن مصادر السعادة لدى طالب الجامعة .وكان موضوع دراسة الضبع ()2012
العالقة بين الذكاء الروحي والسعادة .ودرس البهنساوي وزمالؤه ( )2012الذكاء االنفعالي والسعادة
واألمل لدى طالب جامعة من خمس دول عربية ،وكان موضوع رسالة أبو عمشة ( )2013عن الذكاء
االجتماعي والذكاء الوجداني وعالقتهما بالسعادة ،ونشر "النور" ( ،)2013دراسة عن فاعلية الذات
وعالقتها بالسعادة والتحصيل الدراسي ،ونشر عبد الخالق ،والنيال ( )2018دراسة عن العالقة بين
السعادة وفاعلية ال ذات لدى طالب جامعة من مصر ولبنان .ويلحظ أن البحوث العربية التي قارنت بين
أكثر من دولة في معدالت السعادة قليلة العدد.
أسئلة الدراسة
أجريت هذه الدراسة على عينة من طالب جامعة سيدي محمد بن عبد هللا بالمغرب من الجنسين،
ي للسعادة ،و( )2الحياة الطيبة كما
واشتملت على المتغيرات اآلتية )1( :السعادة كما تقاس بالمقياس العرب ّ
ي لكل من :الصحة الجسمية ،والصحة النفسية ،والسعادة ،والرضا عن الحياة ،و()3 تقاس بالتقدير الذات ّ
التقدير الذاتي للتدين .وسيطلق عليها جميعًا تعبير" :متغيرات الدراسة"؛ ومن ثم تتلخص األسئلة األربعة
لهذه الدراسة على النحو اآلتي:
-1ما معدالت السعادة لدى العينة المغربية بالمقارنة إلى بعض الدول العربية؟
-2هل توجد فروق بين الجنسين في متغيرات الدراسة؟
-3ما االرتباطات بين متغيرات الدراسة؟
-4ما المكونات األساسية لالرتباطات بين متغيرات الدراسة؟
المنهج واإلجراءات
العينة
تشكلت عينة الدراسة من 390من الطلبة (ن= )156والطالبات (ن = ،)234واختيرت العينة من
طالب المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير ،وكلية العلوم والتقنيات ،وهما ينتميان إلى جامعة سيدي محمد
بن عبد هللا بمدينة فاس (المغرب) .وكان متوسط عمر الطلبة ( 20,22انحراف معياري = ،)1,78
والطالبات ( 19,57انحراف معياري= ،)1,19وقيمة "ت"= ،3,99دالة عند مستوى .0,001
20
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
معدالت السعادة وعالقتها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من طلبة الجامعة في المغرب
أدوات الدراسة
العربي للسعادة
ّ -1المقياس
يشتمل هذا المقياس على ( )20عبارة موجزة ،من بينها ( )15عبارة تقيس السعادة ،باإلضافة إلى
ضي" ،حتى ال يجيب بعض "حشوا" ،Fillersواألخيرة ذات مضمون " َمر ًَ خمس عبارات إضافية تعد
المبحوثين عن عبارات المقياس على وتيرة واحدة ،وال تحتسب درجات هذه العبارات الخمس في الدرجة
ي ،الذي يتراوح بين ال (،)1 الكلية للمبحوث ،ويجاب عن كل بند على أساس مقياس "ليكرت" الخماس ّ
وكثيرا جدًا ()5؛ ولذا تتراوح الدرجة الممكنة في المقياس بين ،15و ،75وتشير الدرجة العليا إلى ارتفاع
ً
ي
السعادة .ويناسب هذا المقياس الراشدين والمراهقين ،وهو مقياس سمة وليس حالة .وكشف التحليل العامل ّ
لبنود المقياس عن عاملين سميا" :السعادة العامة" ،و"الحياة الناجحة" .وتراوحت االرتباطات بين البند
والدرجة الكلية بعد عزل البند ،بين ،0.42و ،0.77وتراوحت معامالت ثبات ألفا "كرونباخ" ،وإعادة
ي ،واالستقرار عبر الزمن ،وتراوح التطبيق ،بين ،0.82و ،0.94إشارة إلى ارتفاع االتساق الداخل ّ
ي للسعادة،الصدق المرتبط بالمحك (ثالثة محكات) بين 0.55و ،0.79كما ارتبط المقياس العرب ّ
ارتباطات جوهرية موجبة بمقاييس :الصحة النفسية ،والرضا عن الحياة ،والتفاؤل ،وحب الحياة ،وتقدير
الذات ،وتعد هذه االرتباطات دليالً على صدق المقياس .ولهذا المقياس صيغتان :عربية ،وإنجليزية ،وهو
مؤلف وليس مترج ًما (عبد الخالق2018 ،؛ .)Abdel-Khalek, 2013aوقد وصل معامل ثبات ألفا من
وضع "كرونباخ" ،في هذه العينة المغربية ،إلى ،0.93للرجال ،و 0.91للنساء.
الذاتي
ّ -2مقاييس التقدير
ي Self-rating scalesمستقلة ،في صيغة أسئلة؛ لتقدير كل من: استُخدمت خمسة مقاييس تقدير ذات ّ
الصحة الجسمية ،والصحة النفسية ،والرضا عن الحياة ،والسعادة ،والتدين ،وكانت صياغتها على النحو
اآلتي:
-1ما تقديرك لصحتك الجسمية بوجه عام؟
-2ما تقديرك لصحتك النفسية بوجه عام؟
راض عن حياتك بوجه عام؟ ٍ -3إلى أي درجة أنت
-4إلى أي درجة تشعر بالسعادة بوجه عام؟
-5ما درجة تدينك بوجه عام؟
ويلي كل سؤال ،سلسلة من األرقام ،من صفر إلى ،10ويُطلب من المبحوث ما يلي:
أ -أن يجيب تبعًا لشعوره وتقديره عامة ،وليس تبعًا لحالته الحالية.
ب -أن يعلم أن صفر أقل درجة ،وأن 10أعلى درجة.
ج -يضع دائرة على الرقم الذي يرى أنه يصف مشاعره الفعلية بدقة.
وتشير الدرجة المرتفعة إلى وجود الخاصية أو السمة بدرجة مرتفعة .وتراوح ثبات إعادة التطبيق لهذه
المقاييس الخمسة ،بين ،0.78و ،0.88وتشير هذه المعامالت إلى استقرار مرتفع عبر الزمن ،وتدل على
أن هذه المقاييس تنتمي إلى السمة أكثر من الحالة ،وقد أشار عدد من الدراسات ،إلى الصدق المرتبط
بالمحك لهذه المقاييس الخمسة؛ إذ تراوح بين ،0.49و ( 0.73انظرAbdel-Khalek, 2006b, :
.)2007a, 2012a, 2014
تطبيق المقاييس
طبقت المقاييس خالل شهر فبراير ( ،)2019وطبعت مقاييس الدراسة على وجه واحد من صفحة
ً
ممتازا، واحدة ،وطبقت في أثناء المحاضرات ،في مدرجات الجامعة ،وكان التطبيق سهالً وتعاون الطالب
فلم يستغرق التطبيق إال دقائق معدودة.
21
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
معدالت السعادة وعالقتها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من طلبة الجامعة في المغرب
التحليالت اإلحصائية
استخدمت مجموعة البرامج اإلحصائية للعلوم االجتماعية ) (SPSS, 2009لتحليل بيانات العينة،
وأجريت االختبارات اإلحصائية اآلتية :المتوسط ،واالنحراف المعياري ،واختبار "ت" لبيان الفرق بين
متوسطين مستقلين ،ومعامل ارتباط "بيرسون" ،والتحليل العاملي بطريقة المكونات األساسية.
النتائج
حسبت النسب المئوية للدرجات المرتفعة ،في المقياس العربي للسعادة ،على أساس الدرجات التي تزيد
على المئين ،75 :Percentileو ،90و 95كما يبين الجدول (.)1
جدول ( :)1النسب المئوية للدرجات المرتفعة في المقياس العربي للسعادة في ثالثة مئينيات لدى الرجال
(ن = )156والنساء (ن = )234
نساء رجال المئين
5,56 5,13 75
10,26 10,26 90
29,91 25,64 95
جدول ( :)2المتوسط (م) واالنحراف المعياري (ع) وقيمة "ت" لمتغيرات البحث لدى الرجال (ن =
)156والنساء (ن = )234
نساء رجال
الداللة ت المقاييـس
ع م ع م
- 1,76 9,91 48,90 12,47 50,90 مقياس السعادة
- 1,14 1,86 7,05 1,95 7,27 الصحة الجسمية
0,02 2,39 2,27 6,35 2,28 6,92 الصحة النفسية
- 0,87 2,03 6,69 2,23 6,67 تقدير السعادة
- 1,27 2,28 6,71 2,36 6,97 تقدير الرضا
- 0,99 1,82 6,16 2,36 5,94 تقدير التدين
ومن قراءة الجدول ( ،)2يتضح أن جميع الفروق بين الجنسين غير دالة إحصائيًا ،فيما عدا التقدير
الذاتي للصحة النفسية؛ إذ كان متوسط الرجال أعلى من النساء.
ويعرض الجدول ( )3معامالت ارتباط "بيرسون" بين المقاييس في عينة الرجال.
جدول ( :)3معامالت ارتباط "بيرسون" بين مقاييس الدراسة لدى الرجال (ن = )156
6 5 4 3 2 1 المقاييس
- -1مقياس السعادة
- **0,509 -2الصحة الجسمية
- **0,608 **0,702 -3الصحة النفسية
- **0,766 **0,499 **0,813 -4تقدير السعادة
- **0,797 **0,707 **0,433 **0,784 -5تقدير الرضا
- **0,299 **0,208 **0,218 **0,308 *0,204 -6تقدير التدين
* دال إحصائيًا عند مستوى 0,05
** دال إحصائيًا عند مستوى 0,01
22
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
معدالت السعادة وعالقتها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من طلبة الجامعة في المغرب
ويتضح من الجدول ( ) 3أن جميع معامالت االرتباط المتبادلة بين المقاييس دالة إحصائية عند مستوى
0,01وما بعده ،باستثناء معامل االرتباط بين مقياس السعادة والتقدير الذاتي للتدين؛ إذ كان االرتباط داالً
عند مستوى ،0,05ويبين الجدول ( )4معامالت االرتباط في عينة النساء.
جدول ( :)4معامالت ارتباط "بيرسون" بين مقاييس الدراسة لدى النساء (ن = )234
6 5 4 3 2 1 المقاييس
- -1مقياس السعادة
- **0,372 -2الصحة الجسمية
- **0,519 **0,679 -3الصحة النفسية
- **0,731 **0,377 **0,728 -4تقدير السعادة
- **0,666 **0,600 **0,391 **0,652 -5تقدير الرضا
- **0,439 **0,399 **0,395 **0,254 **0,392 -6تقدير التدين
* دال إحصائيًا عند مستوى 0,01
ومن قراءة الجدول ( ،)4يتضح أن جميع معامالت االرتباط المتبادلة بين المقاييس دالة إحصائيًا عند
مستوى 0,01وما بعده.
ثم أجري تحليل عاملي لمصفوفتي معامالت االرتباط بطريقة المكونات األساسية ،واتخذ معيار
"كايزر" للعامل الدال بأنه ما يزيد جذره الكامن على واحد صحيح ،وتبعًا لهذا المعيار ،فقد استخرج عامل
واحد من مصفوفتي االرتباط لكل من الرجال والنساء ،كما يتضح من الجدول(.)5
ومن مالحظة الجدول ( ،)5يتضح أن عاملي الرجال والنساء ،استوعبا نسبة تباين مقدارها ،% 63
و % 60على التوالي ،وجميع تشبعات عاملي الجنسين موجبة ،ويمكن تسمية هذين العاملين" :الحياة
الطيبة والتدين".
مناقشة النتائج
تعد هذه الدراسة الحلقة الرابعة عشرة في هذا المشروع البحثي العربي؛ عن "السعادة والحياة الطيبة
والتدين" ،وقد حققت هذه الدراسة أهدافها ،وأجابت عن تساؤالتها باستخدام هذه العينة المغربية من طالب
الجامعة .وقبل مناقشة نتائجها ،يتعين بيان المعالم السيكومترية للمقياس العربي للسعادة (وهو المقياس
األساسي في هذه الدراسة) ،لدى هذه العينة ،فقد وصل معامل ثبات ألفا (كرونباخ) ،إلى ،0,93و0,91
للرجال والنساء على التوالي ،وهي معامالت مرتفعة (انظر .)Kline, 2000, Nunnally, 1978 :وفيما
يختص بمعامالت صدق المقياس العربي للسعادة ،فقد وصل الصدق المرتبط بالمحك إلى ،0,81و0,73
(دال إحصائيًا عند مستوى ) 0,01لدى الرجال والنساء على التوالي ،وكان المحك هو التقدير الذاتي
23
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
معدالت السعادة وعالقتها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من طلبة الجامعة في المغرب
للسعادة ،وتشير هذه النتائج ،إلى أن المقياس العربي للسعادة يتصف بمعامالت ثبات وصدق مرتفعة ،وهو
ما يتفق مع النتائج العربية األخرى.
ولإلجابة عن التساؤل األول عن معدالت السعادة لدى العينة المغربية ،مقارنة بالدول العربية األخرى،
فتجدر اإلشارة إلى أن مقاييس الدراسة الحالية التي استخدمت سابقًا ،هي نفسها مع 14عينة عربية
أخرى ،ومن ثم؛ يمكن المقارنة بها .ويورد الجدول ( )6النتائج السابقة مع النتائج المغربية.
الجدول ( :)6المتوسطات (م) ،واالنحرافات المعيارية (ع) ،وقيم "ت" للفروق بين الجنسين ،في
المقياس العربي للسعادة ،لدى طالب الجامعة في عدد من الدول
الطـالبـات الطـلبـة
الداللة ت الـدولة
ع م ن ع م ن
0,001 3,20 9,90 45,05 316 11,40 47,75 327 -1مصر
- 0,80 9,90 53,60 434 10,10 54,20 307 -2السعودية
0,001 4,04 11,50 51,40 575 10,80 54,40 363 -3الكويت
0,01 2,48 9,86 55,15 196 10,80 52,53 185 -4عمان
- 1,46 8,27 58,11 140 6,62 59,55 104 -5قطر
0,01 2,49 11,69 44,00 150 10,03 47,13 150 -6العراق
- 0,84 11,23 50,86 199 9,66 49,98 201 -7اليمن
- 1,31 9,19 50,62 111 9,71 52,16 158 -8لبنان
- 0,25 9,99 47,65 171 9,99 47,37 150 -9األردن
0,007 2,73 11,04 46,22 264 11,67 49,59 121 -10فلسطين
0,02 2,28 9,76 48,21 400 9,51 49,76 400 -11ليبيا
0,001 3,20 9,37 48,86 415 10,61 51,35 286 -12الجزائر
0.003 2.97 10.57 43.24 339 10.38 46.13 173 -13تونس
- 0.69 8.52 52.16 69 9.27 51.10 67 -14البحرين
- 1.76 9.91 48.90 234 12.47 50.90 156 -15المغرب
* انظر قائمة المراجع؛ عن( :عبد الخالق.)2018 ،
وقد قورنت متوسطات المقياس العربي للسعادة لدى طالب المغرب ،بنظائرهم من الدول العربية
األخرى ،وفيما يختص بعينة الرجال ،فقد اتضح أن متوسط الطلبة في المغرب ،يزيد على متوسط الطلبة
من كل من :مصر ،والعراق ،واليمن ،واألردن ،وفلسطين ،وليبيا ،وتونس ،ومن المالحظ أن هذه الدول
السبع ،يعاني بعضها من مشكالت اقتصادية ،أو مشكالت تالية للحروب ،أو الحرب األهلية ،كالعراق،
واليمن ،وليبيا ،أو مشكالت تالية لما سمي بالربيع العربي ،كمصر وتونس ،وفي المقابل ،لم يعان المغرب
من مثل هذه المشكالت ،باستثناء المشكالت االقتصادية.
ومن ناحية أخرى ،يقل متوسط طلبة المغرب ،في المقياس العربي للسعادة ،عن نظيره في الدول
اآلتية :السعودية ،والكويت ،وسلطنة عمان ،وقطر ،ولبنان ،والجزائر ،والبحرين .ويالحظ أن كل هذه
الدول (باستثناء لبنان والجزائر) ،تقع في منطقة الخليج العربي ،ولها دخل مرتفع من البترول (وكذلك
الجزائر) ،وقد دلت البحوث على العالقة اإليجابية بين السعادة والدخل القومي ،ومن ثم؛ دخل الفرد
(انظر.)Ahuvia, 2002; Deaton, 2007, 2008 :
وفيما يختص بعينة طالبات المغرب ،فإن متوسط المقياس العربي للسعادة لديهن ،يزيد على نظيره لدى
طالبات الدول الخمس اآلتية :مصر ،والعراق ،واألردن ،وفلسطين ،وتونس .وتتفق نتائج الطالبات
المغاربة ،في ارتفاع متوسط السعادة لديهن بالمقارنة إلى خمس من الدول العربية ،مع نتائج عينة الطلبة
إلى حد بعيد .ومن ناحية أخرى ،يقل متوسط المقياس العربي للسعادة لدى طالبات المغرب ،عن نظرائهن
من الدول اآلتية :السعودية ،والكويت ،وسلطنة عمان ،وقطر ،والبحرين ،والدول األخيرة ذات دخل مرتفع
من البترول أو الغاز.
24
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
معدالت السعادة وعالقتها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من طلبة الجامعة في المغرب
الخالصة العامة لهذه المقارنة ،أن معدل السعادة لدى طلبة المغرب وطالباتها ،يزيد على متوسط
طالب الدول العربية األخرى ،التي تعاني من مشكالت اقتصادية أو سياسية ،في حين أن هذا المتوسط يقل
عن متوسط السعادة في دول الخليج العربي ،التي يعد الدخل القومي لها مرتفعًا ،والحالة السياسية بها
وأخيرا تجدر اإلشارة
ً مستقرة ،ومن الممكن أن يعد ذلك أحد األدلة على صدق المقياس العربي للسعادة،
إلى أن هذه المقارنات ،قد تمت على أساس الفروق النظرية بين المتوسطات ،والحاجة ماسة إلى تقدير هذه
المقارنات بالطرق اإلحصائية الدقيقة ،ومنها تحليل التباين ،واختبار "ت" ،و"شافيه" ،وذلك منوط بدراسة
أخرى.
ويتفق ارتفاع متوسطات المقياس العربي للسعادة لدى طالب دول الخليج العربي -إلى حد بعيد -مع
مواقع هذه الدول في التقرير العالمي للسعادة الصادر عام ،(Helliwell et al., 2018) 2018الذي
يشمل ( )156دولة ،ومواقع هذه الدول في هذا التقرير ،على النحو اآلتي :قطر ( ،)32والسعودية (،)33
والبحرين ( ،)43والكويت ( ،)45وتعد هذه المواقع في التقرير العالمي للسعادة متقدمة ،بالمقارنة إلى
الدول اآلتية التي أجريت على عينات منها دراسات بالمقياس العربي للسعادة ،وهي :األردن (،)90
وفلسطين ( ،)104وتونس ( ،)111والعراق ( ،)117ومصر ( ،)122واليمن ( .)152في حين تقع
طا بين هذه وتلك ،إذ تقع في المركز ( 85من 156دولة) .ومرة متوسطات طلبة المغرب وطالباتها وس ً
ثانية ،من الممكن أن يعد ذلك أحد األدلة على صدق المقياس العربي للسعادة.
وفي هذا الصدد ،تجدر اإلشارة إلى دراسة حديثة ،هدفت إلى بحث العالقة بين التقدير الذاتي للسعادة،
والدخل ،ومعدل البطالة ،لدى ثماني دول عربية وغربية )،(Abdel-Khalek & Korayem, 2018
كشفت عن ارتفاع التقدير الذاتي للسعادة لدى عينات الدول ذات الدخل المرتفع ،بالمقارنة إلى تقدير
السعادة لدى عينات الدول ذات الدخل المنخفض ،كما أوضحت هذه الدراسة – عامة -أهمية الربط بين
المقاييس النفسية التي يستخدمها علماء النفس ،والمؤشرات االقتصادية (كالدخل والبطالة) ،المستخدمة في
علم االقتصاد ،والسيما فرعه الحديث :اقتصاديات السعادة .وامتدادًا للدراسة األخيرة المشار إليها ،يقترح
إجراء دراسة عن العالقة بين نتائج المقياس العربي للسعادة ،والمؤشرات االقتصادية.
وقد نص التساؤل الثاني على بح ث الفروق بين الجنسين في متغيرات الدراسة ،ومن قراءة الجدول
( ،)2يتضح أن الفرق الوحيد الدال إحصائيًا بين الجنسين ،هو التقدير الذاتي للصحة النفسية؛ إذ كان
اإلناث حصول مع ذلك ويتفق الطالبات، من أعلى الطلبة متوسط
–عامة -على متوسطات أعلى من الذكور في العصابية والقلق (عكس الصحة النفسية) (انظرAbdel- :
.)Khalek, 2018; Abdel-Khalek & Alansari, 2004
وتتفق النتيجة الخاصة بالفروق غير الدالة إحصائيًا بين الجنسين في المقياس العربي للسعادة لدى
طالب المغرب ،مع بعض النتائج السابقة المستخرجة بالمقياس نفسه لدى طالب من دول :السعودية،
وقطر ،واليمن ،ولبنان ،واألردن ،والبحرين ،ولكنها تختلف عن نتائج الطالب من :مصر ،والكويت،
وسلطنة عمان ،والعراق ،وفلسطين ،وليبيا ،والجزائر ،وتونس ،كشفت عن فروق دالة بين الجنسين في
مقياس السعادة ،وذلك كما يتضح من الجدول ( .)6ومن المالحظ أن البحوث العالمية والعربية ،اختلفت
فيما يخص الفروق بين الجنسين في السعادة (انظرAbdel-khalek, 2007b, 2011, 2012a, ،
.)2012b; Argyle, 2002; Diner & Diener, 1995; Baroun, 2006ويبدو أن هذه الفروق،
مرتبطة بطبيعة العينات المستخدمة ،وخصائصها الديموجرافية.
وفيما يختص بالتساؤل ال ثالث عن العالقات بين مقاييس الدراسة ،فقد استخرجت معامالت ارتباط دالة
إحصائيًا وموجبة ،بين المقاييس جميعًا لدى الجنسين ،ويمكن أن يعد ذلك دليالً على صدق المفهوم
Construct validityبين مقاييس السعادة والحياة الطيبة ،وبينها والتقدير الذاتي للتدين .ويتفق االرتباط
الدال بين التدين وبقية مقاييس هذه الدراسة ،مع عدد كبير من الدراسات السابقة (انظرAbdel-Khalek, :
.)2006a, 2007b, 2011, 2012a; Koenig et al., 2012; Seybold & Hill, 2001
واستخدم تحليل المكونات األساسية لإلجابة عن التساؤل الرابع ،وأسفرت النتائج عن استخراج مكون
واحد لدى الجنسين ،سمي "الحياة الطيبة والتدين" ،جمع بين جميع مقاييس الدراسة ،بتشبعات مرتفعة
25
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
معدالت السعادة وعالقتها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من طلبة الجامعة في المغرب
ودالة ،ويتفق ذلك مع عدد من البحوث في هذه السلسلة من الدراسات ،التي استخدمت المقاييس نفسها
(انظر على سبيل المثال :عبد الخالق ،2017 ،عبد الخالق ،وحمودة ،وزين العابدين2017 ،؛ وعبد
الخالق ،والمشري ،والشابي.)2018 ،
خالصة
توصلت هذه الدراسة ،على العينة المغربية ،إلى أن الخواص السيكومترية للمقياس العربي للسعادة –
وهو المقياس األساسي في هذه الدراسة -تعد مرتفعة ،ولم تظهر الفروق الدالة إحصائيًا بين الجنسين إال
في التقدير ال ذاتي للصحة النفسية (متوسط الرجال أعلى) ،وكانت االرتباطات المتبادلة بين جميع المقاييس
دالة إحصائيًا وموجبة ،وأسفر تحليل المكونات األساسية عن مكون واحد سمي" :الحياة الطيبة والتدين".
وعلى الرغم من الجوانب الجيدة لهذه الدراسة ،فليس من السهل تعميم نتائجها على المجتمع المغربي
عامة؛ إذ إن عينة طالب الجامعة ،لهم خواص محددة تجعلهم مختلفين عن الجمهور العام ،في مدى العمر،
والذكاء ،والتعليم ،ومن ثم؛ يقترح تكرار هذه الدراسة على عينة احتمالية من الجمهور العام في المغرب.
26
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
معدالت السعادة وعالقتها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من طلبة الجامعة في المغرب
المراجع
أبو عمشة ،إبراهيم باسل ( .)2013الذكاء االجتماعي والذكاء الوجداني وعالقتهما بالشعور بالسعادة لدى طلبة الجامعة
في محافظة غزة .أطروحة ماجستير .جامعة األزهر (غزة) .كلية التربية .فلسطين ،غزة.
أرجايل ،مايكل ( .)1993سيكولوجية السعادة .ترجمة :فيصل يونس .الكويت :المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب:
عالم المعرفة.
البهنساوي ،أحمد كمال؛ وكاظم ،علي مهدي؛ والنبهاني ،هالل بن زاهر؛ والزبيدي ،أنور مهيوب؛ وجودة ،آمال؛ وأبو
القاسم ،موضي حمد ( .) 2012الذكاء االنفعالي والسعادة واألمل لدى طالبات الجامعة في مصر وعمان واليمن وفلسطين
والسعودية :دراسة ثقافية مقارنة .دراسات عربية في علم النفس.1-43،)1(11 ،
الجندي ،أمسية السيد ( .)2009مصادر الشعور بالسعادة وعالقتها بالذكاء الوجداني لطالب كلية التربية – جامعة
اإلسكندرية .المجلة المصرية للدراسات النفسية ،19 ،العدد ،62ص ص .69 – 11
داينر ،إد ،وبيزواس -داينر ،روبرت ( .)2011السعادة :كشف أسرار الثروة النفسية .ترجمة :مها بكير ،مراجعة :معتز
سيد عبد هللا .القاهرة :المركز القومي للترجمة.
سالم ،سهير ( .)2001السعادة وعالقتها ببعض المتغيرات النفسية .رسالة ماجستير (غير منشورة) ،معهد البحوث
التربوية ،جامعة القاهرة.
سيليجمان ،مارتن ( .)2005ال سعادة الحقيقية :استخدام الحديث في علم النفس اإليجابي لتتبين ما لديك من إمكانات لحياة
إنجازا .ترجمة :صفاء األعسر ،وعالء الدين كفافي ،وعزيزة السيد ،وفيصل يونس ،وفادية علوان ،وسهير غباشي. ً أكثر
القاهرة :دار العين للنشر.
الضبع ،فتحي عبد الرحمن ( .)2012الذكاء الروحي وعالقته بالسعادة النفسية لدي عينة من المراهقين والراشدين.
دراسات عربية في التربية وعلم النفس.176 -137 ،29 ،
عبد الخالق ،أحمد ( .) 2010التدين والحياة الطيبة والصحة النفسية لدى عينة من طالب الجامعة الكويتيين .دراسات
نفسية.503-520 ،)3( 20 ،
عبد الخالق ،أحمد ( .)2015مصادر السعادة لدى طالب الجامعة .المجلة المصرية لعلم النفس اإلكلينيكى واإلرشادى،
.15-1 ،3
عبد الخالق ،أحمد ( .) 2017معدالت السعادة وعالقتها بالحياة الطيبة والتدين .المجلة المصرية للدراسات النفسية،27 ،
العدد .21 – 1 ،95
عبد الخالق ،أحمد ( .)2018دليل تعليمات المقياس العربي للسعادة .القاهرة :مكتبة األنجلو المصرية.
عبد الخالق ،أحمد؛ واألنصاري ،بدر محمد (مقبول للنشر) .معدالت السعادة وعالقتها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة
من طلبة جامعة الكويت .مجلة العلوم التربوية والنفسية ،جامعة البحرين،
عبد الخالق ،أحمد؛ وبن بريك ،عبد الحكيم محمد ( .)2017السعادة وعالقتها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من طالب
الجامعات في اليمن .مجلة األندلس للعلوم اإلنسانية واالجتماعية ،تصدر عن جامعة األندلس للعلوم والتقنية ،اليمن –
صنعاء ،المجلد ،17العدد .263-241 ،16
عبد الخالق ،أحمد؛ وحمودة ،سليمة؛ وزين العابدين ،فارس ( .)2017السعادة وارتباطاتها بالحياة الطيبة والتدين لدى
عينة من طلبة الجامعة في الجزائر .مجلة العلوم اإلنسانية واالجتماعية ،جامعة قاصدي مرباح – ورقلة -الجزائر ،العدد
،31ص ص .244–233
عبد الخالق ،أحمد؛ ودويدار ،عبد الفتاح ( .)2010العالقات بين التدين والحياة الطيبة والصحة النفسية لدى عينة من
طالب الجامعة المصريين .المجلة المصرية للعلوم اإلنسانية ،تصدر عن المعهد العالي للخدمة االجتماعية باإلسكندرية4 ،
(.35-9 ،)2
عبد الخالق ،أحمد؛ والشحومي ،الصديق عبد القادر؛ والرفادي ،أحالم يونس ( .)2017معدالت السعادة وعالقتها بالحياة
الطيبة والتدين لدى عينة من طالب الجامعة في ليبيا .المجلة العربية لعلم النفس.105-89 ،4 ،
عبد الخالق ،أحمد؛ والشطي ،تغريد؛ والذيب ،سماح؛ وعباس ،سوسن؛ وأحمد ،شيماء؛ والثويني ،نادية؛ والسعيدي ،نجاة
( .)2003معدالت السعادة لدى عينات عمرية مختلفة من المجتمع الكويتي .دراسات نفسية.612 – 581 ،)4( 13 ،
عبد الخالق ،أحمد؛ وصالح ،علي عبد الرحيم ( .)2018معدالت السعادة وعالقتها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من
طالب الجامعة العراقيين .المجلة المصرية لعلم النفس اإلكلينيكي واإلرشادي.135-151 ،)2( 6 ،
عبد الخالق ،أحمد؛ والعطية ،أسماء (مقبول للنشر) .السعادة وعالقتها ببعض متغيرات الحياة الطيبة والتدين لدى عينة
من طلبة جامعة قطر .المجلة التربوية ،جامعة الكويت،
عبد الخالق ،أحمد؛ وكاظم ،علي مهدي؛ وآل سعيد ،تغريد تركي ( .)2018معدالت السعادة وعالقتها بالحياة الطيبة
والتدين لدى طلبة جامعة السلطان قابوس بسلطنة عمان .المجلة التربوية األردنية.357-375 ،)1( 3 ،
27
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
معدالت السعادة وعالقتها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من طلبة الجامعة في المغرب
عبد الخالق ،أحمد؛ والمشري ،أنور؛ والشابي ،وفاء ( .)2018معدالت السعادة وعالقتها بالحياة الطيبة والتدين لدى
عينة من طالب الجامعة في تونس .المجلة العربية لعلم النفس.93 – 77 ،6 ،
عبد الخالق ،أحمد ،ومراد ،صالح ( .)2001السعادة والشخصية :االرتباطات والمنبئات .دراسات نفسية،)3( 11 ،
.349 – 337
عبد الخالق ،أحمد ،والنيال ،مايسة ( .)2018السعادة وعالقتها بالفاعلية الذاتية لدى طالب الجامعة في مصر ولبنان.
مجلة العلوم االجتماعية ،جامعة الكويت.81-108 ،)1( 46 ،
عبد الخالق ،أحمد؛ والنيال ،مايسة (مقبول للنشر) .معدالت السعادة وعالقتها بمتغيرات الصحة الجسمية والنفسية
والشعور بالرضا والتدين لدى عينة من طالب الجامعة في لبنان .مجلة العلوم التربوية والنفسية ،جامعة البحرين.
العنزي ،فريح عويد ( .) 2001الشعور بالسعادة وعالقته ببعض السمات الشخصية :دراسة ارتباطية مقارنة بين الذكور
واإلناث .دراسات نفسية.377 – 351 ،)3( 11 ،
غانم ،محمد حسن ( .)2017علم النفس اإليجابي :تأصيل نظري ودراسات ميدانية .القاهرة :دار الكتاب الحديث.
الفنجري ،حسن (مارس .)2006 ،معدالت السعادة لدى عينات مختلفة من المجتمع المصري .مؤتمر التعليم والتنمية في
المجتمعات الجديدة.282 – 265 ،
لوبيز ،شين ،وسنايدر ،ك ( .) 2013القياس في علم النفس اإليجابي :نماذج ومقاييس .ترجمة :صفاء األعسر ،ونادية
شريف ،وعزيزة السيد ،وأسامة أبو سريع ،وميرفت شوقي ،وعزة خليل ،وهبة سري ،ومنى الصواف .مراجعة :صفاء
األعسر .القاهرة :المركز القومي للترجمة.
لوبيز ،شين ،ج ،وسنايدر ،س .ر .)2018( .دليل علم النفس اإليجابي (الجزءان .)2 ،1ترجمة :صفاء األعسر.
القاهرة :المركز القومي للترجمة.
المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي ( .)2017التقرير السنوي .المغرب.
محمود ،أحالم حسن ( .) 2007مستويات ومصادر إشباع السعادة كما يدركها المسنون في ضوء درجة تمسكهم بالقيم
الدينية وبعض المتغيرات األخرى .المجلة المصرية للدراسات النفسية.193 – 115 ،56 ،
النور ،أحمد يعقوب ( .)2013فعالية الذات وعالقتها بالسعادة والتحصيل األكاديمي .مجلة كلية التربية ببنها ،2 ،العدد
.178 -101 ،94
النيال ،مايسة ،وخميس ،ماجدة ( .)1995السعادة وعالقتها ببعض المتغيرات النفسية والشخصية لدى عينة من المسنين
والمسنات :دراسة سيكومترية مقارنة .مجلة علم النفس.40 – 22 ،36 ،
هريدي ،عادل ،وفرج ،طريف شوقي ( .)2002مستويات السعادة المدركة في ضوء العوامل الخمسة الكبرى للشخصية
والتدين وبعض المتغيرات األخرى .مجلة علم النفس ،العدد ،61السنة .78 – 46 ،16
اليحفوفي ،نجوى ( .)2006السعادة واالكتئاب لدى طالب الجامعة وعالقتهما ببعض المتغيرات الديموجرافية .دراسات
عربية في علم النفس.972 –945 ،5 ،
اليوسفي ،مشيرة ( .) 1989دراسة عاملية لمفهوم السعادة لدى طالب كلية التربية جامعة المنيا .مجلة البحث في التربية
وعلم النفس ،تصدرها كلية التربية ،جامعة المنيا.173 – 137 ،)1( 3 ،
Abdel-Khalek, A. M. (2006a). Happiness, health, and religiosity: Significant relations. Mental
Health, Religion and Culture, 9, 85-97.
Abdel-Khalek, A. M. (2006b). Measuring happiness with a single item scale. Social Behavior
and Personality, 34, 139-149.
Abdel-Khalek, A. M. (2007a). Assessment of intrinsic religiosity with a single item measure
in a sample of Arab Muslims. Journal of Muslim Mental Health, 2, 211-215.
Abdel-Khalek, A. M. (2007b). Religiosity, happiness, health and psychopathology in a
probability sample of Muslim adolescents. Mental Health, Religion and Culture, 10, 571-583.
Abdel-Khalek, A. M. (2011). Subjective well-being and religiosity in Egyptian college
students. Psychological Reports, 108, 54-58.
Abdel-Khalek, A. M. (2012a). Associations between religiosity, mental health, and
subjective well-being among Arabic samples from Egypt and Kuwait. Mental Health, Religion
and Culture, 15, 741-758.
Abdel-Khalek, A. M. (2012b). Subjective well-being and religiosity: A cross-sectional study
with adolescents, young and middle-age adults. Mental Health, Religion and Culture, 15 , 39-
52.
28
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
معدالت السعادة وعالقتها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من طلبة الجامعة في المغرب
29
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
معدالت السعادة وعالقتها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من طلبة الجامعة في المغرب
Easterlin, R. A. (1995). Will raising the incomes of all increase the happiness of all? Journal
of Economic Behavior and Organization, 27, 35–48.
Emmons, R. A., & Paloutzian, R. F. (2003). The psychology of religion. Annual Review of
Psychology, 54, 377-402.
Galton, F. (1872). Statistical inquiries into the efficacy of prayer. Fortnightly Review, 12,
125-135.
Graham, C. (2005). The economics of happiness: Insights on globalization from a novel
approach. World Economics, 6, 41-55.
Graham, C. (2008). Ecomomics of happiness. In S. N. Durlauf & L. E. Blume (Eds.), The new
palgrave dictionary of economics online (2nd ed.). Palgrave Macmillan Retrieved 16 January,
2017. http://www.dictionaryofeconomics.com.
Hall, G. S. (1882). The moral and religious training of children The Princeton Review, 9, 26-
48.
Helliwell, J., Layard, R., & Sachs, J. (2018). World happiness report 2018, update (Vol. 1).
New York: Sustainable Development Solutions Network.
www.http://worldhappiness.report/#happiness2018.
Hill, P. C., & Pargament, K. I. (2003). Advances in the conceptualization and measurement
of religion and spirituality: Implications for physical and mental health research. American
Psychologist, 58, 64-74. http://dx.doi.org/10.1080/23311908.2015.1035927.
James, W. (1902). The varieties of religious experience: A study on human nature.
Cambridge, Mass: Harvard University Press.
Jones, S. L. (1994). A constructive relationship for religion with the science and profession
of psychology: Perhaps the boldest model yet. American Psychologist, 49, 184-189.
Kline, P. (2000). Handbook of psychological testing (2nd ed.) London: Routledge.
Koenig, H. G., King, D. E., & Carson, V. (2012). Handbook of religion and health. (2nd ed).
New York: Oxford University Press.
Lucas, R. E., & Diener, E. (2008). Subjective well-being. In M. Lewis, J. M. Haviland-Jones, &
L. F. Barrett (Eds.), Handbook of emotions (pp.471 - 484). New York: Guilford Press.
Lyubomirsky, S. (2010). The how of happiness. New York: Penguin.
Michalos, A.C., Zumbo, B.D., & Hubley, A. (2000). Health and the quality of life. Social
Indicators Research, 51, 245-286.
Nunnally, J. C. (1978). Psychometric theory (2nd ed.). San Francisco: Jossey-Bass.
Paloutzian, R. F. (2016). Invitation to the psychology of religion (3rd ed.). New York:
Guilford Press.
Pargament, K. I. (1997). The psychology of religion and coping: Theory, research, practice.
New York: Guilford Press.
Patil, R.R. (2013). Social determinants of health: Conceptual and operational predicaments.
Journal of Public Health and Epidemiology, 5, 6-10.
Peterson, C., Park, N., & Seligman, M.E.P. (2005). Orientations to happiness and life
satisfaction: The full life versus the empty life. Journal of Happiness Studies, 6, 25-41.
Ryan, R. M., & Deci, E. L. (2001). On happiness and human potentials: A review of research
on hedonic and eudaimonic well-being. Annual Review of Psychology, 52,141-166.
Ryff, C.D., & Keyes, C.L.M. (1995). The structure of psychological well-being revisited.
Journal of Personality and Social Psychology, 69, 719-727.
Seligman, M. E. (2002). Authentic happiness: Using the new positive psychology to realize
your potential for lasting fulfillment. New York: Free Press.
30
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
معدالت السعادة وعالقتها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من طلبة الجامعة في المغرب
31
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
معدالت السعادة وارتباطها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من طلبة الجامعة في فلسطين
معدالت السعادة وارتباطها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من طلبة الجامعة في فلسطين
ملخص
لدى، والتدين، وارتباطاتها بمتغيرات الحياة الطيبة، إلى بحث معدالت السعادة،هدفت هذه الدراسة
وقد،)385 = الذين يدرسون في مدينة القدس (ن،عينة من طالب الجامعة الفلسطينيين من الجنسين
،ي للصحة الجسمية ّ كما تقاس بالتقدير الذات، ومتغيرات الحياة الطيبة،أجابوا عن المقياس العربي للسعادة
وأسفرت النتائج عن حصول الطلبة على. باإلضافة إلى تقدير التدين، والرضا، والسعادة،والصحة النفسية
في حين كان متوسط الطالبات في، والصحة النفسية، في السعادة،متوسطات أعلى جوهريًا من الطالبات
، وكانت جميع معامالت "بيرسون" المتبادلة. أعلى جوهريًا من نظيره عند الطلبة،ي للتدين ّ التقدير الذات
، وكشف تحليل المكونات األساسية. إال معاملين لدى الذكور، وموجبة، دالة إحصائيًا،بين مقاييس الدراسة
في حين،" و"التدين والصحة الجسمية،" "الحياة الطيبة والصحة النفسية: سميا،عن عاملين لدى الذكور
، واعتمادًا على بيانات هذه العينة." سمي "الحياة الطيبة والتدين، في عينة اإلناث،استُخرج عامل واحد
. والسيما اإلناث، هم أكثر تدينًا، إلى أن األشخاص الذين يعدون أنفسهم سعداء،تخلص هذه الدراسة
. السعادة؛ الحياة الطيبة؛ الرضا عن الحياة؛ التدين؛ فلسطين:الكلمات المفتاحية
Happiness and its relationship with well-being and religiosity among a sample
of college students from Palestine
Ahmed M. Abdel- Taisir Abdallah Nahida Al-Arja
Khalek tabdallah07@gmail.com narja@bethlehem.edu
aabdel-khalek@hotmail.com alquds University Social sciences Department,
Department of Psychology, Arts, Bethlehem University
Faculty of Arts, Alexandria
University, Egypt
Abstract
The main objective of this study was to investigate rates of happiness and it’s
associations with well-being and religiosity among a sample of Palestinian
college students (N = 385). They responded to the Arabic Scale of Happiness
(ASH), well-being rating scales of physical health, mental health, happiness, and
satisfaction with life, as well as religiosity. Results indicated that men obtained
statistically significant higher mean scores on happiness and mental health than
did their female counterparts. Women obtained a significantly higher mean
score on religiosity than did their male peers. All the Pearson correlation
coefficients, except two, were statistically significant and positive between the
study scales. A principal component analysis retained two factors in men and
labeled "Well-being and mental health", and "Religiosity and physical health".
Among women, one factor was extracted and labeled" Well – being and
religiosity". Based on the responses of the present sample, it was concluded that
persons consider themselves as happy are more religious, particularly women.
32
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
معدالت السعادة وارتباطها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من طلبة الجامعة في فلسطين
33
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
معدالت السعادة وارتباطها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من طلبة الجامعة في فلسطين
مقدمة
مر قرن من الزمان على وعد بلفور المشئوم ،الذي يتلخص في "إعطاء من ال يملك ،من ال يستحق".
وبزيادة معدل العمليات االستشهادية (االنتحارية) في أواخر القرن العشرين ،والسنين القليلة األولى من
القرن الجديد ،خصصت المجلة الموسومة" :أرشيف بحوث االنتحار" ،العدد األول ،من المجلد الثامن ،في
العام ،2004لموضوع واحد تحت عنوان "انتحاريو الحزام الناسف" ،Suicide bombersوهو عدد
مستكتب من أشخاص محددين ،أي أنه لم يعرض لكل المتخصصين ،حتى يسهموا فيه ببحوثهم .وكتب أحد
ي ،وال إرهاب ،بل استشهاد" ،وركز هذا الباحثين العرب مقاالً ،نشر تحت عنوان" :ال هو انتحار إيثار ّ
المقال على الحالة الفلسطينية ) ،(Abdel-Khalek, 2004والسبب في اختيار هذه الحالة ،أن مشاهد
ي ضد الفلسطينيين ،والتعدي على حقوق اإلنسان ،أثارت مشاعر غضب عارم، العنف والعدوان الصهيون ّ
ي في تل وذلك أكثر من أي منطقة مضطربة أخرى في العالم ،في ذلك الوقت ،وفي حديث للسفير البريطان ّ
أبيب ،في العام ،2002ذكر أن المناطق الفلسطينية ،تعد أكبر "معسكرات اعتقال" في العالم.
وفرق الباحث في المقال المذكور ،بين االنتحار ،واالستشهاد ،فاالنتحار بوصفه اضطرابًا نفسيًا ،له َّ
دوافع عدة ،وليس مجرد استجابة للضغوط ،كما أن االنتحار موضوع شخصي ،فلم نسمع عن شخص
انتحر في سبيل شخص آخر ،أو بدالً منه .وأما االستشهاد ،فيعني دفاع الشخص عن أرضه ،بإيقاع خسائر
لدى العدو والمعتدي ،وقتله .ويعتمد االستشهاد على اعتقاد راسخ ،مرتبط بالجهاد ،Jihadبوصفه حربًا
مقدسة ،وواجبًا دينيًا؛ للدفاع عن األرض؛ ومن ثم فإن االستشهاد ،أحد وسائل تحرير األرض ،وطريقة
للمقاومة ،وصوالً إلى تحقيق االستقالل.
لقد كانت نسبة السكان اليهود في فلسطين ،في عام ،% 4 ،1852ووصلت في عام 1914إلى ،% 8
كانوا يملكون -في هذا الوقت – % 2من أرض فلسطين ،ثم زادت الهجرة اليهودية إلى فلسطين ،بعد
الحرب العالمية الثانية ( ،)1945 – 1939والسيما بعد المحرقة ،Holocaustوأُعلن قيام دولة إسرائيل
ط ِردَ خمسة ماليين في عام ،1948بعد إراقة بحور من الدماء الفلسطينية ،وارتكبت مذابح بشعة ،و ُ
ي ،وأصبح الفلسطينيون من دون مأوى أو مورد رزق .ويحكي ي؛ ليحل محلهم أربعة ماليين يهود ّ فلسطين ّ
ي الجنسية ،في مذكراته -شعوره بفقد أرضه ،وهويته؛ ي األصل ،األمريك ّ "إدوارد سعيد" ،المفكر الفلسطين ّ
نتيجة تنقله من مكان إلى آخر ،وهو ما انعكس على حياة مليئة بالصراعات ،التي تحكي عمق الجرح
ي (إدوارد سعيد ،األهرام 9 ،سبتمبر ،2002 ،ص .)28وبسبب تعنت إسرائيل ،فيبدو ي التاريخ ّ
الفلسطين ّ
أنه ال حل لهذه المشكلة ،في األفق المنظور .ولكن ما عالقة ذلك بهذه الدراسة التي نقدم لها؟
ي اآلن ،في الشتات؛ خارج أرض فلسطين التاريخية ،ومع ذلك فال لقد أصبحت غالبية الشعب الفلسطين ّ
ي المغتصب ،الذي يسمى اآلن بدولة إسرائيل؛ ومن ثم فإن تزال نسبة من هذا الشعب ،تقيم في بلدها األصل ّ
السؤال المهم اآلن على النحو اآلتي :ما األحوال النفسية للفلسطينيين في الداخل ،اعتمادًا على استجابات
عينة من الطلبة والطالبات الجامعيين؟
ي ،عن معدالت السعادة في بعض الدول العربية ،فقد شمل هذا المشروع وبسبب وجود مشروع بحث ّ
عينة فلسطينية ،مع افتراض عام مفاده ،أن معدالت السعادة ،لدى هذه العينة ،يمكن أن تعكس الحالة
النفسية لهم ،ومدى توافقهم ،مع إمكانية مقارنة هذا المعدل مع بقية الدول العربية ،التي اكتملت بياناتها ،في
ي، هذا المشروع الموسوم :معدالت السعادة ،وعالقتها بالحياة الطيبة والتدين .ويندرج هذا المشروع البحث ّ
ي (انظر :داينر ،وبزواس – داينر2011 ،؛ لوبيز، النفس اإليجاب ّ تحت مظلة التوجه الجديد :علم
وسنايدر2013 ،؛.)Seligman, 2000; Sheldon & King, 2001; Veenhoven, 2003, 2011b
ي له شقان ،أولهما -أن الفروق دالة إحصائيًا في معدالت واالفتراض العام في هذا المشروع البحث ّ
السعادة ،بين هذه الدول العربية؛ إذ إن هذه المعدالت ،يمكن أن ترتبط بعدد من المتغيرات ،من مثل:
ي ،وغير ذلك متوسط دخل الفرد ،ومعدالت البطالة ،والظروف السياسية ،واالجتماعية ،واالستقرار األمن ّ
من المتغيرات ،وثانيهما -افتراض أن العالقات إيجابية بين السعادة ،والحياة الطيبة ( Well – beingكما
ي لكل من :الصحة الجسمية ،والصحة النفسية ،والسعادة ،والرضا عن الحياة) ،فضال تقاس بالتقدير الذات ّ
عن التدين ،وذلك على الرغم من الفروق المفترضة في السعادة بين هذه الدول ،ولكن ما تعريف السعادة؟
34
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
معدالت السعادة وارتباطها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من طلبة الجامعة في فلسطين
يعرف "فينهوفن" ) ،(Veenhoven, 2011aالسعادة بأنها الدرجة التي يحكم بها الشخص ويقيّم حياته
عامة ،تقيي ًما إيجابيًا .وقد دلت بحوث عدة (انظر)Argyle, Martin, & Lu, 1995; Diener, 1984 :؛
ي
أن للسعادة ثالثة مكونات على النحو اآلتي )1( :وجود االنفعاالت اإليجابية ،و( )2الغياب النسب ّ
لالنفعاالت السلبية كالقلق واالكتئاب ،و( )3والرضا عن الحياة.
ي من مكونات السعادة ،وهدف االنفعاالت اإليجابية ،أبعد من االنفعاالت اإليجابية إذن ،مكون أساس ّ
مجرد المشاعر الجميلة التي تحملها لنا ،وتوسع من مواردنا :sourcesالعقلية ،والفيزيقية ،واالجتماعية
المحدودة ،وتبني مخزونًا يمكن االعتماد عليه حينمايواجهنا خطر .وحينما نكون في حالة مزاجية إيجابية،
يحبنا الناس أكثر ،ويزداد احتمال توثق الصداقات ،والحب ،والتحالفات ،وتصبح توجهاتنا العقلية ،أكثر
توسعًا ،وتحمالً ،وإبداعية ،ونصبح أكثر انفتا ًحا على األفكار والخبرات الجديدة (سيليجمان ،2005 ،ص
.)51
ي ،يمكن أن يكون حول الماضي ،أو الحاضر ،أو المستقبل ،وتتضمن االنفعاالت واالنفعال اإليجاب ّ
اإليجابية حول المستقبل :التفاؤل ،واألمل ،واإليمان ،والثقة .أما االنفعاالت اإليجابية حول الحاضر،
فتتضمن البهجة ،والنشوة ،والسكينة ،والحيوية ،والحماسة أو الفوران ،واللذة ،وأكثر االنفعاالت أهمية هو
التدفق ،Flowوهو االنفعال الذي يعنيه معظم الناس ،حينما يتحدثون عادة عن السعادة ،وإن كانت السعادة
في الحقيقة أوسع من ذلك .أما االنفعاالت اإليجابية حول الماضي ،فتشمل الرضا ،والقناعة ،واإلنجاز،
ي أن ترتبط هذه االنفعاالت معًا ارتبا ً
طا دائ ًما والفخر ،واإلخالص ،والصفاء ،وليس من الضرور ّ
(سيليجمان ،2005 ،ص.)87
ومن أبرز الباحثين في مجال السعادة" ،ميشيل أرجايل" ( ،)1993وقد أجرى دراسات كثيرة في هذا
المجال ،عن العالقة بين السعادة وكل من :العالقات االجتماعية ،والعمل ،ووقت الفراغ ،والمال،
والشخصية ،والصحة ،والطبقة االجتماعية ،والثقافة ،والفروق في السعادة بين الجنسين ،وبين األعمار،
ي للبطالة في السعادة ).(Argyle, 2002 والتأثير السلب ّ
والبحوث العربية عن السعادة ليست كثيرة ،ونشير إلى بعضها على النحو اآلتي :أجرت مشيرة
اليوسفي ( )1989دراسة عاملية لمفهوم السعادة لدى طالب الجامعة ،ودرست مايسة النيال ،وماجدة
خميس ( ) 1995السعادة وعالقتها بمتغيرات نفسية وشخصية لدى المسنين ،وقدمت سهير سالم ()2001
رسالتها للماجستير ،عن عالقة السعادة ببعض المتغيرات النفسية ،ودرس عبد الخالق ،ومراد ()2001
ارتباطات السعادة بالشخصية ،وكانت عالقة الشعور بالسعادة ببعض السمات الشخصية ،موضوع دراسة
ي ،وفرج ( )2002مستويات السعادة المدركة في ضوء العوامل الخمسة ي ( ،)2001ودرس هريد ّ العنز ّ
الكبرى للشخصية والتدين ،ودرس عبد الخالق وزمالؤه ( )2003معدالت السعادة لدى عينات عمرية
ي ( )2006معدالت السعادة لدى عينات مختلفة من المجتمع مختلفة من الكويتيين ،ودرس الفنجر ّ
ي ( )2006دراسة عن السعادة واالكتئاب لدى طالب الجامعة اللبنانيين، المصري ،ونشرت نجوى اليحفوف ّ
يودرست أحالم محمود ( )2007مستويات السعادة ومصادر إشباعها لدى المسنين ،ودرست أمسية الجند ّ
ي ،وبحث عبد الخالق ( )2010وعبد الخالق، ( )2009مصادر الشعور بالسعادة وعالقتها بالذكاء الوجدان ّ
ودويدار ( )2010العالقة بين التدين ،والحياة الطيبة ،والصحة النفسية ،ونشر عبد الخالق ( )2015دراسة
عن مصادر السعادة لدى طالب الجامعة ،ومعدالت السعادة عند المصريين (عبد الخالق ،)2017 ،ويلحظ
أن البحوث العربية التي قارنت بين أكثر من دولة في معدالت السعادة قليلة العدد.
ي لكل من: وأما مفهوم الحياة الطيبة ،Well – beingفيعرف في هذه الدراسة ،بأنه التقدير الذات ّ
الصحة الجسمية ،والصحة النفسية ،والسعادة ،والرضا عن الحياة ،وقد أشارت بحوث كثيرة ،إلى العالقات
اإليجابية المرتفعة بين هذه المتغيرات األربعة ،التي يشملها مفهوم الحياة الطيبة (انظر :عبد الخالق،
2010؛ Abdel-Khalek, 2006b, Argyle, 2002, Carr, 2004; Diener, Lucas, &Oishi,
.) 2002كما كشفت دراسات كثيرة ،عن عالقة موجبة بين متغيرات الحياة الطيبة والتدين (انظر:
35
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
معدالت السعادة وارتباطها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من طلبة الجامعة في فلسطين
& Abdel-Khalek, 2006b, 2007b, 2011a, 211b, 2012a, 2012c, 2014a; Koenig, King,
.)Carson, 2012; Seybold, 2007
وعلى الرغم من أن البحوث النفسية للدين ،قد بدأت منذ أكثر من قرن وثلث (انظرGalton, 1872; :
،)Hall, 1882; James, 1902; Starbuck, 1899فقد اختفت هذه الدراسات النفسية قرابة قرن من
الزمان ) .(Jones, 1994ولكن العقود القليلة األخيرة ،شهدت زيادة سريعة في الدراسة النفسية العلمية
للتدين (انظرArgyle, 2000; Emmons & Paloutzian, 2003; Hill & Pargament, :
2003;Paloutzian, 2016; Pargament, 1997; Spilka, Hood, Hunsberger, &Gorsuch,
;2003; Verhagen, van Praag, López – Ibor, Cox, & Moussaoui, 2010; Wills, 2009
.)Wulff, 1997
ومن بين أسباب هذا االهتمام بالدراسة النفسية للتدين ،نتائج عدد كبير من البحوث ،التي كشفت عن
عالقات إيجابية بين التدين ،وكل من :الصحة الجسمية ،والصحة النفسية ،والحياة الطيبة ،والمعدالت
المنخفضة من القلق واالكتئاب ،وطول العمر (انظرAbdel – Khalek, 2012a; Koenig et al., :
.)2012; Seybold, 2007
أهداف الدراسة
أجريت هذه الدراسة على عينة من طالب جامعتين منفلسطين من الجنسين ،واشتملت على المتغيرات
ي لكل
ي للسعادة )2( ،الحياة الطيبة كما تقاس بالتقدير الذات ّ
اآلتية )1( :السعادة كما تقاس بالمقياس العرب ّ
من :الصحة الجسمية ،والصحة النفسية ،والسعادة ،والرضا عن الحياة )3( ،التقدير الذاتي للتدين .وسيطلق
عليها جميعًا تعبير" :متغيرات الدراسة"؛ ومن ثم تتلخص األهداف األربعة لهذه الدراسة على النحو اآلتي:
-1تقدير معدالت السعادة لدى الجنسين.
-2استكشاف الفروق بين الجنسين في متغيرات الدراسة.
-3فحص العالقات بين متغيرات الدراسة.
-4بحث المكونات األساسية لالرتباطات بين متغيرات الدراسة.
أسئلة الدراسة
تهدف هذه الدراسة إذن إلى اإلجابة عن األسئلة اآلتية:
-1ما معدالت السعادة لدى العينة الفلسطينية من الجنسين ،والفروق بينها ودول عربية أخرى؟
-2ما الفروق بين الجنسين من الفلسطينيين؟
-3ما العالقات بين متغيرات الدراسة؟
-4هل يمكن استخراج عامل واحد من معامالت االرتباط بين متغيرات الدراسة؟
أهمية الدراسة
خطط عدد من الباحثين العرب لدراسة السعادة ومعدالتها وعالقتها بالحياة الطيبة والتدين ،ونشر عن
هذا المشروع البحثي ست دراسات ،وقبل للنشر ثالث ،وبقية البحوث مقدمة للنشر بما فيها هذه الدراسة
على العينة الفلسطينية .وأجريت هذه الدراسات – بما فيها الدراسة الحالية -على عينات من ثالث عشرة
دو لة .ومن األهمية بمكان استخراج نتائج على العينة الفلسطينية لما لها من ظروف خاصة ،إذ يعد
الفلسطينيون شعبًا اغتصبت أرضه ،ويعيش تحت االحتالل والفصل العنصري ،وإن معدالت السعادة لديه
مقارنة ببقية الدول التي أجريت هذه الدراسات عليها لهو أمر مهم في هذه النقطة الفارقة من تاريخ
المجتمعات العربية.
36
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
معدالت السعادة وارتباطها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من طلبة الجامعة في فلسطين
المنهج واإلجراءات
العينة
اشتملت عينة هذه الدراسة على 385طالبًا (ن = )121وطالبة (ن = ،)264من جامعتي :بيت لحم،
والقدس ،من مختلف الكليات ،والفرق الدراسية ،وكان متوسط العمر لدى الذكور ( 20,11ع = ،)2,54
واإلناث ( 19,58ع = ،)2,29وهي عينة متاحة.
المقاييس
العربي للسعادة
ّ -1المقياس
يشتمل هذا المقياس على ( )20عبارة موجزة ،من بينها ( )15عبارة تقيس السعادة ،باإلضافة إلى
ضي" ،حتى ال يجيب بعض المبحوثين "حشوا" ،Fillersواألخيرة ذات مضمون " َمر ًَ خمس عبارات تعد
ي ،الذي عن عبارات المقياس على وتيرة واحدة .ويجاب عن كل بند على أساس مقياس "ليكرت" الخماس ّ
وكثيرا جدًا ( ،)5ولذا تتراوح الدرجة الممكنة في المقياس بين ،15و ،75وتشير ً يتراوح بين ال (،)1
الدرجة العليا إلى ارتفاع السعادة .ويناسب هذا المقياس الراشدين والمراهقين ،وهو مقياس سمة وليس
ي لبنود المقياس عن عاملين سميا :السعادة العامة ،والحياة الناجحة .وتراوحت حالة .وكشف التحليل العامل ّ
االرتباطات بين البند والدرجة الكلية بعد عزل البند بين ،0,42و ،0,77وتراوحت معامالت ثبات ألفا
ي ،واالستقرار عبر "كرونباخ" ،وإعادة التطبيق بين ،0,82و ،0,94إشارة إلى ارتفاع االتساق الداخل ّ
ي
الزمن ،وتراوح الصدق المرتبط بالمحك (ثالثة محكات) بين 0,55و ،0,79كما ارتبط المقياس العرب ّ
للسعادة ارتباطات جوهرية موجبة بمقاييس :الصحة النفسية ،والرضا عن الحياة ،والتفاؤل ،وحب الحياة،
وتقدير الذات ،دليالً على صدق المقياس .ولهذا المقياس صيغتان :عربية ،وإنجليزية ،وهو مؤلف وليس
مترج ًما ) .(Abdel – Khalek, 2013aوقد وصل معامل ثبات ألفا من وضع "كرونباخ" ،في هذه العينة
الفلسطينية ،إلى ،0,915و 0,921للذكور واإلناث على التوالي.
الذاتي
ّ -2مقاييس التقدير
ي Self – rating scalesمستقلة ،في صيغة أسئلة؛ لتقدير كل من: استُخدمت خمسة مقاييس تقدير ذات ّ
الصحة الجسمية ،والصحة النفسية ،والرضا عن الحياة ،والسعادة ،والتدين ،وكانت صياغتها على النحو
اآلتي:
-1ما تقديرك لصحتك الجسمية بوجه عام؟
-2ما تقديرك لصحتك النفسية بوجه عام؟
-3إلى أي درجة أنت راض عن حياتك بوجه عام؟
-4إلى أي درجة تشعر بالسعادة بوجه عام؟
-5ما درجة تدينك بوجه عام؟
ويلي كل سؤال ،سلسلة من األرقام ،من صفر إلى ،10ويُطلب من المبحوث ما يلي:
أ -أن يجيب تبعًا لشعوره وتقديره عامة ،وليس تبعًا لحالته الحالية.
ب -أن يعلم أن صفر أقل درجة ،وأن 10أعلى درجة.
ج -يضع دائرة على الرقم الذي يرى أنه يصف مشاعره الفعلية بدقة.
وتشير الدرجة المرتفعة إلى وجود الخاصية أو السمة بدرجة مرتفعة .وتراوح ثبات إعادة التطبيق لهذه
المقاييس الخمسة ،بين ،0,78و ،0,88وتشير هذه المعامالت إلى استقرار مرتفع عبر الزمن ،وتدعم
القول :إن هذه المقاييس تنتمي إلى السمة أكثر من الحالة ،وقد أشار عدد من الدراسات ،إلى الصدق
المرتبط بالمحك لهذه المقاييس الخمسة؛ إذ تراوح بين ،0,49و ( 0,73انظرAbdel – Khalek, :
.)2006c, 2007a, 2012a, 2014a
37
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
معدالت السعادة وارتباطها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من طلبة الجامعة في فلسطين
إجراءات الدراسة
طبعت مقاييس الدراسة على وجه ورقة واحدة ،وطبقت في جلسات جمعية ،اشتملت على مجموعات ُ
ي ،وفي قاعات الدراسة بالجامعة ،وقام صغيرة من الطلبة والطالبات معًا ،وتم ذلك في أثناء اليوم الجامع ّ
ً
ممتازا؛ بسبب أمرين وهما:أوال -سهولة المهمة؛ ً بالتطبيق باحثون مدربون ،وكان تعاون المبحوثين
الشتمالها على صفحة واحدة ،فلم يستغرق التطبيق سوى دقائق قليلة ،وثانيًا -الطبيعة اإليجابية للمقاييس.
النتـائج
ي للسعادة ،حسبت النسب المئوية للطالب، لبيان النسبة المئوية ،للدرجات المرتفعة ،في المقياس العرب ّ
الحاصلين على درجات تفوق المئين ،75 Percentileو ،90و ،95فكانت ،%27,3و ،11,6و6,6
للطلبة ،و ،%28,5و ،%11,1و %6,1للطالبات ،على التوالي.
ولبيان الفروق بين الجنسين ،حسبت اإلحصاءات الوصفية ،وقيم "ت" بين متغيرات الدراسة ،ويتضح
من قراءة الجدول ( ،)1أن الفرق بين متوسطي الجنسين كان داالً إحصائيًا ،في ثالثة مقاييس،وهي:
ي للسعادة ،والصحة النفسية ،وكان متوسط الطلبة أعلى من ي للسعادة ،والتقدير الذات ّ
المقياس العرب ّ
ي
الطالبات ،في هذه المقاييس الثالثة ،في حين كان متوسط الطالبات أعلى من الطلبة ،في التقدير الذات ّ
للتدين.
المعياري (ع) ،وقيمة "ت" لمقاييس البحث لدى الذكور
ّ جدول ( :)1المتوسط (م) واالنحراف
واإلناث الفلسطينيين
اإلناث (ن = )264 الذكور (ن = )121
الداللة ت المتغيرات
ع م ع م
0,007 2,73 11,04 46,22 11,67 49,59 مقياس السعادة
- 1,81 1,97 7,08 2,02 7,48 الصحة الجسمية
2,91 2,60 5,85 2,68 6,69 الصحة النفسية
0,004 تقدير السعادة
2,32 2,41 6,18 2,46 6,80
0,02 تقدير الرضا
1,56 2,46 6,29 2,73 6,73
- 3,20 1,96 6,06 2,76 5,28 تقدير التدين
0,005
ولفحص العالقات بين متغيرات الدراسة ،حسبت معامالت ارتباط "بيرسون" ،ويتضح من الجدول
( ،)2أن جميع االرتباطات دالة إحصائيًا لدى الطالبات ،وكذلك الحال لدى الطلبة ،فيما عدا االرتباط بين
ي للصحة النفسية.
ي للسعادة ،والتقدير الذات ّ
التدين ،وكل من :المقياس العرب ّ
جدول ( :)2معامالت ارتباط "بيرسون" بين مقاييس الدراسة لدى الذكور (ن = 121؛المثلث
السفلي) الفلسطينيين
ّ العلوي) ،واإلناث (ن = 264؛ المثلث
ّ
6 5 4 3 2 1 المتغيرات
0.045 **0.652 **0.723 **0.677 **0,388 - -1مقياس السعادة
**0.321 **0.403 **0.405 **0.484 - **0,462 -2الصحة الجسمية
0.148 **0.706 **0.712 - **0,554 **0,685 -3الصحة النفسية
**0.239 **0.655 - **0,758 **0,526 **0,747 -4تقدير السعادة
*0.189 - **0,775 **0,713 **0,507 **0,775 -5تقدير الرضا
- **0,326 **0,264 **0,305 **0,247 **0,263 -6تقدير التدين
* دال عند مستوى .0,05
** دال عند مستوى 0,01وما بعده.
ي
وبهدف حساب المكونات األساسية ،لالرتباطات بين متغيرات الدراسة ،استخدم التحليل العامل ّ
ي ،Exploratoryبطريقة المكونات األساسية .(SPSS, 2009) Principal components االستكشاف ّ
38
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
معدالت السعادة وارتباطها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من طلبة الجامعة في فلسطين
واستخدم محك "كايزر"؛ لتحديد العوامل الدالة .ويبين لنا الجدول ( ،)3استخراج عاملين لدى الذكور،
سميا" :الحياة الطيبة ،والصحة النفسية" ،و"التدين والصحة الجسمية" ،في حين استخرج عامل واحد ،من
عينة اإلناث ،سمي "الحياة الطيبة والتدين".
جدول ( :)3تحليل المكونات األساسية لمعامالت االرتباط بين المقاييس لدى الذكور (بعد التدوير
المتعامد) واإلناث الفلسطينيين
إناث (ن = )264 ذكور (ن = )121 المقاييس
العامل األول العامل الثاني العامل األول
0,863 0,002 0,888 مقياس السعادة
0,691 0,597 0,461 الصحة الجسمية
0,874 0,170 0,871 الصحة النفسية
0,894 0,215 0,846 تقدير السعادة
0,894 0,177 0,831 تقدير الرضا
0,430 0,931 0,008 تقدير التدين
3,770 1,330 3,165 الجذر الكامن
62,837 22,163 52,757 %للتابين
74,921 مجموع التباين
مناقشة النتائج
ال بد -بادئ ذي بدء – من بحث أهم الجوانب ،التي يمكن على أساسها ،الوثوق في نتائج هذه الدراسة،
على العينة الفلسطينية ،ومن بين هذه الجوانب ،العينة ،والمقاييس ،وفيما يختص بالعينة ،يلحظ أن حجمها
كبير (ن = ،)385يسمح بإمكانية التعميم .وأما المقاييس المستخدمة ،فلها خواص سيكومترية جيدة ،فقد
ي للسعادة ،فوصل إلى ،0,91و 0,92لدى الطلبة حسب معامل ألفا ،من وضع "كرونباخ" ،للمقياس العرب ّ
ي لهذا المقياس (Kline, 2000; Nunally, والطالبات ،على التوالي ،دليالً على ارتفاع االتساق الداخل ّ
ي للسعادة ،اعتمادًا على العينة الحالية ،بمقدار ،0,72و0,75 ) ،1978وارتبط هذا المقياس ،بالتقدير الذات ّ
عند الذكور واإلناث ،على التوالي ،إشارة إلى ارتفاع الصدق المرتبط بالمحك .وأما الخواص السيكومترية
لمقاييس التقدير ،فقد تراوح ثبات إعادة التطبيق ،والصدق المرتبط بالمحك ،بين المتوسط والمرتفع (انظر
فقرة المقاييس).
وقد حققت هذه الدراسة ،األهداف التي بدأت بها ،وفيما يختص بالهدف األول ،وهو مختص بتقدير
معدالت السعادة ،في عينة طالب الجامعة من فلسطين ،فقد أسفرت النتائج عن ارتفاع متوسط طلبة
ي للسعادة ،عن طلبة مصر ،والعراق ،واألردن ،وانخفاض هذا المتوسط عن فلسطين ،في المقياس العرب ّ
طالب قطر ،والسعودية ،والكويت ،وسلطنة عمان .وفيما يختص بالطالبات ،فقد انخفض متوسط السعادة
ي.
لديهم ،عن طالبات الخليج العرب ّ
ي ،ومن المتوقع أن ينخفض ومن الواضح أن طلبة فلسطين وطالباتها ،يعيشون تحت االحتالل اإلسرائيل ّ
ي ،والرخاءمتوسط درجاتهم في السعادة ،عن نظرائهم ممن يعيشون في بالد تتسم باالستقرار السياس ّ
ي.ي ،كدول الخليج العرب ّ االقتصاد ّ
ي للسعادة ،أعلى من ومن ناحية أخرى ،فإن متوسط طلبة فلسطين الذكور ،في المقياس العرب ّ
متوسطات كل من مصر ،والعراق ،واألردن .ويغلب أن تتسم هذه الدول الثالث األخيرة ،بانخفاض الدخل
ي ،والعمليات العسكرية (العراق) ،وهو ما انعكس ي (مصر ،واألردن) ،وبعدم االستقرار السياس ّ القوم ّ
على انخفاض متوسط طلبة الجامعة في السعادة ،في هذه الدول ،عن نظيره لدى طلبة فلسطين.
ي ،ويتعرضون لظروف ومن نافلة القول -أن نذكر أن الفلسطينيين يعيشون تحت االحتالل اإلسرائيل ّ
صعبة في حياتهم اليومية ،والسيما في مدينة القدس ،التي تزمع إسرائيل أن تجعلها عاصمة لها ،فكان
39
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
معدالت السعادة وارتباطها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من طلبة الجامعة في فلسطين
التوقع أن تنخفض معدالت السعادة ،لدى طالب فلسطين ،بالمقارنة بكل الدول العربية ،ولكن ذلك لم
يتحقق ،فهناك دول عربية ،لطالبها متوسطات في السعادة ،أقل من طالب فلسطين ،ما التفسير إذن؟
إن التعرض لظروف حياتية قاسية ،وضغوط يومية ،تستمر فترة طويلة من الزمن (احتلت إسرائيل
ي:
القدس منذ عام ،)1967يمكن لهذه الظروف ،أن تعمل بالطريقة نفسها ،التي يعمل بها مبدأ العالج النفس ّ
الفيض أو الغمر .Floodingويتسق ذلك مع دراسة عن قلق الموت لدى اللبنانيين ،أجريت في قلب
الحرب األهلية ،وأسفرت عن حصول اللبنانيين على متوسط في قلق الموت ،إما أنه أقل ،وإما أنه مساو،
لمتوسط الطالب في دول مستقرة ،وال تعاني من الحرب األهلية ،وهي مصر ،والكويت ،والواليات
المتحدة .وفي دراسة أخرى على اللبنانيين ،قورن قلق الموت في أثناء الحرب األهلية (عام ،)1986وبعد
توقفها (عام ،)1991لم تظهر فروق دالة إحصائيًا بين مجموعتي المبحوثين في هاتين السنتين (Abdel-
) ،Khalek, 1991, 2006aوهو ما يشير كذلك ،إلى تأثير الطاقات التكيفية ،واإلمكانات الكبيرة للتوافق؛
نتيجة تنشيط بعض سمات الشخصية ،ومن أهمها الصمود .Resilience
وفي دراسة تحت النشر ،أجرتها ناهد العرجا ،أظهرت أن حب الحياة لدى الطالب الفلسطينيين مرتفع،
ي .وقد فسرت هذه مع رغبة في العيش ،على الرغم من الظروف الصعبة التي يمر بها الشعب الفلسطين ّ
ي ،نكبات متتالية، الباحثة ،ارتفاع حب الحياة لدى الطالب الفلسطينيين ،بأنه قد مرت بالشعب الفلسطين ّ
ي ( ،)1948وحرب عام 1967م، ابتداء من الحكم العثماني (من ،)1916 – 1516واالنتداب البريطان ّ
واالنتفاضة األولى ( ،)1987والهبة الجماهيرية األخيرة (عام ،)2015وعلى الرغم من ذلك ،فال يزال
لدى الفلسطينيين حب للحياة ،وتمسك بها.
وفيما يختصبالهدف الثاني لهذه الدراسة ،وهو استكشاف الفروق بين الجنسين في مقاييس الدراسة؛ فقد
أسفرت النتائج ،عن حصول الطلبة على متوسطات أعلى جوهريًا من الطالبات ،في ثالثة مقاييس :السعادة
ي للصحة النفسية.وتتفق هذه ي للسعادة ،والتقدير الذات ّ
ي للسعادة ،وبالتقدير الذات ّ
كما قيست بالمقياس العرب ّ
النتيجة ،مع النتائج العربية ،التي استخدمت المقاييس نفسها (انظر :عبد الخالق ،2017 ،عبد الخالق،
وزمالؤه2003 ،؛ ;Abdel – Khalek, 2006b, 2007b, 2011b, 2012a, 2012c, 2015
.)Baroun, 2006
ويمكن أن تفسر هذه الفروق الدالة إحصائيًا ،بين الجنسين ،في السعادة ،والصحة النفسية ،اعتمادًا على
العالقة بين الشخصية ،وهذين المتغيرين ،والسيما بعد العُصابية ،NeuroticismوالقلقAnxiety؛ إذ
صابية،
يرتبطان سلبًا بكل من السعادة ،والصحة النفسية ،وقد كشفت دراسات عدة ،عن ارتفاع معدل العُ َ
والقلق ،جوهريًا ،لدى اإلناث مقارنة بالذكور (انظر :أيزنك ،وأيزنك2015 ،؛ Abdel – Khalek,
.)2000, 2012b, Abdel – Khalek&Alansari, 2004
ومن الممكن كذلك ،تفسير ارتفاع متوسط السعادة لدى الذكور بالنسبة لإلناث الفلسطينيات ،بالعالقة بين
الس عادة وتكوين الصداقات ،فمن المالحظ أن صداقات الذكور أكثر من صداقات اإلناث ،بسبب الحرية
المتاحة للذكور الفلسطينيين بالنسبة لإلناث ،وذلك كما يالحظ المؤلفين الثاني والثالث لهذه الدراسة ويذكر
ي للحالة المعنوية، "أرجايل" ( ،1993ص ،)33أن ما يوفره األصدقاء ألصدقائهم ،هو التحسين الفور ّ
ويكون ذلك إما بتوفير جو من المرح في حالة األطفال والشبان ،وإما بنوع من اإلشباع الهادئ بالنسبة
للكبار .وتشير البحوث األجنبية ،التي تهدف إلى حصر األحداث االجتماعية اإليجابية ،ومصادر البهجة،
إلى أن عقد الصداقات الجديدة ،ورؤية األصدقاء القدامى ،يتصدران قوائم هذه األحداث .وفي دراسة
عربية أحدث (عبد الخالق ،)2015 ،رأى طالب بالجامعة المصريين من الجنسين ،أن "الصداقة الحقة"،
من مصادر السعادة.
ومن ناحية أخرى ،كشفت نتائج هذه الدراسة ،عن ارتفاع متوسط الطالبات – جوهريًا -عن الطلبة ،في
ي ،وعبد الخالق، ي للتدين ،وتتفق هذه النتيجة ،مع بعض الدراسات السابقة (انظر :األنصار ّ التقدير الذات ّ
Abdel – Khalek, 2006b, Miller, 2003; p. 49; Spilka 2012؛ ِ ;et al., 2003, p. 154
.)Sullins, 2006; Yates &Phillai, 2003ويرى المؤلفان الثاني والثالث ،اعتمادًا على التعامل
المستمر ،والعيش المشترك مع طالب الجامعة الفلسطينيين ،أن اإلناث أكثر التزا ًما بالصالة والصوم من
40
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
معدالت السعادة وارتباطها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من طلبة الجامعة في فلسطين
ي الصعب ،الذي يجعل الذكور ،يركزون على مقاومة االحتالل الشباب ،وذلك بسبب الوضع السياس ّ
ي.
اإلسرائيل ّ
وقد تحقق الهدف الثالث لهذه الدراسة ،إلى حد بعيد ،فكانت جميع معامالت االرتباط ،بين جميع مقاييس
الدراسة لدى اإلناث ،دالة إحصائيًا ،وموجبة ،وانطبقت النتيجة نفسها ،على معامالت االرتباط بين
المقاييس لدى الذكور ،فيما عدا مقياسين (السعادة ،والصحة النفسية)؛ إذ لم يكن االرتباط بينهما والتقدير
ي للتدين ،داالً إحصائيًا .وتتفق هذه النتيجة ،مع الدراسات السابقة ،التي ربطت بين السعادة ،والحياة الذات ّ
الطيبة ،والتدين (انظر :عبد الخالق2017 ،؛ Abdel-Khalek, 2006b, 2013b, 2014b; Chatters,
2000; Ferriss, 2002; Hackney & Sanders, 2003; Harris, 2002; Koenig et al., 2012:
ي بين مقاييس هذه الدراسة، .)Seybold, 2007ويمكن أن تشير هذه النتيجة ،المختصة باالرتباط اإليجاب ّ
إلى صدق هذه المقاييس ،بسبب التغير المصاحب Covariationبينها ،وهو ما يعنيه االرتباط الموجب.
وفيما يتصل بالهدف الرابع واألخير ،لهذه الدراسة ،وهو استكشاف المكونات األساسية ،الكامنة وراء
معامالت االرتباط ،فقد اختلفت نتيجة الطلبة عن الطالبات؛ إذ استُخرج عامالن في عينة الذكور ،سمي
العامل األول" :الحياة الطيبة والصحة النفسية" ،وأعلى تشبعاته لمقاييس السعادة ،والصحة النفسية ،وسمي
العامل الثاني "التدين والصحة الجسمية" .وفي عينة الطالبات ،است ُخرج عامل واحد ،سمي" :الحياة الطيبة
والتدين" .ويغلب أن يرجع االختالف بين نتيجة الطلبة والطالبات ،إلى االختالف بينهما في قيم معامالت
ي للتدين ،في عينة الطلبة ،ارتبط ارتباطات دالة إحصائيًا ،وموجبة، االرتباط ،مع مالحظة أن التقدير الذات ّ
ً
بثالثة مقاييس فقط ،ولم يكن االرتباط داال ،مع مقياسين آخرين ،في حين كان االرتباط بين التدين ،وبقية
المقاييس ،داالً إحصائيًا ،وموجبًا في عينة اإلناث.
ويجب النظر إلى نتائج هذه الدراسة ،في حدود العينة ،واألدوات ،وعلى الرغم من الخواص
السيكومترية الجيدة لألدوات ،فإن عينة طالب الجامعة دائ ًما عينة ذات خواص محددة ،من نواح عدة،
ي المحدود ،والذكاء ،والتعليم المرتفعين بالنسبة للجمهور العام؛ ومن ثم يوصي بتكرار أهمها المدى العمر ّ
هذه الدراسة على عينات أخرى ،ذات خواص ديموجرافية مختلفة ،عن هذه العينة.
خالصة
هذه الدراسة ،التي أجريت على عينة فلسطينية ،من طالب الجامعة ،الذين يدرسون في مدينة القدس،
أظهرت أن معدل السعادة لديهم ،يرتفع على معدالت طالب مصر ،والعراق ،واألردن ،في حين أنه
ي ،وأن متوسط الذكور في السعادة ،والصحة النفسية ،أعلى منه ينخفض عن معدالت طالب الخليج العرب ّ
لدى اإلناث ،في حين أن متوسط الطالبات أعلى جوهريًا في التدين ،وكانت كل معامالت االرتباط المتبادلة
بين مقاييس الدراسة ،لدى اإلناث ،دالة إحصائيًا ،وموجبة ،وينطبق ذلك على عينة الذكور ،فيما عدا
معاملي ارتباط ،وكشف تحليل المكونات األساسية ،عن عاملين لدى الطلبة ،سميا" :الحياة الطيبة والصحة
النفسية" ،و"التدين والصحة الجسمية" ،واستُخرج عامل واحد لدى الطالبات ،سمي" :الحياة الطيبة
والتدين" .واعتمادًا على هذه االرتباطات ،والعوامل ،يمكن القول ،إن الشخص الذي يحصل على درجات
مرتفعة في السعادة ،والصحة النفسية ،يميل إلى أن يكون متدينًا.
41
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
معدالت السعادة وارتباطها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من طلبة الجامعة في فلسطين
المراجـع
ي للثقافة والفنون واآلداب:
أرجايل ،مايكل ( .)1993سيكولوجية السعادة .ترجمة :فيصل يونس .الكويت :المجلس الوطن ّ
عالم المعرفة.
أيزنك ،هانز؛ وأيزنك ،سيبل ( .)2015استخبار أيزنك للشخصية :دليل تعليمات الصيغة العربية (لألطفال والراشدين).
ترجمة وإعداد :أحمد عبد الخالق ،القاهرة :مكتبة األنجلو.
جريدة األهرام ( 1سبتمبر :)2002 ،إدوارد سعيد يطلب من كتاب العالم مساندة القضية الفلسطينية .ص .28
ي لطالب كلية التربية – جامعة ي ،أمسية السيد ( .)2009مصادر الشعور بالسعادة وعالقتها بالذكاء الوجدان ّ الجند ّ
اإلسكندرية .المجلة المصرية للدراسات النفسية ،المجلد 19العدد ،62صص.69 – 11 .
داينر ،إد ،وبيزواس -داينر ،روبرت ( .)2011السعادة :كشف أسرار الثروة النفسية .ترجمة :مها بكير ،مراجعة :معتز
سيد عبد هللا .القاهرة :المركز القومي للترجمة.
سالم ،سهير ( .)2001السعادة وعالقتها ببعض المتغيرات النفسية .رسالة ماجستير (غير منشورة) .معهد البحوث
التربوية ،جامعة القاهرة.
سيليجمان ،مارتن ( .) 2005السعادة الحقيقية :استخدام الحديث في علم النفس اإليجابي لتتبين ما لديك من إمكانات لحياة
إنجازا .ترجمة :صفاء األعسر ،وعالء الدين كفافي ،وعزيزة السيد ،وفيصل يونس ،وفادية علوان ،وسهير غباشي. ً أكثر
القاهرة :دار العين للنشر.
عبد الخالق ،أحمد ( .) 2010التدين والحياة الطيبة والصحة النفسية لدى عينة من طالب الجامعة الكويتيين .دراسات
نفسية ،)3( 20 ،صص.520-503 .
عبد الخالق ،أحمد ( .)2015مصادر السعادة لدى طالب الجامعة .المجلة المصرية لعلم النفس اإلكلينيكيواإلرشادي،3 ،
.15-1
عبد الخالق ،أحمد ( .) 2017معدالت السعادة وعالقتها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من طالب الجامعة المصريين.
المجلة المصرية للدراسات النفسية ، 27 ،العدد ،95صص.21–1 .
عبد الخالق ،أحمد؛ ودويدار ،عبد الفتاح ( .)2010الع القات بين التدين والحياة الطيبة والصحة النفسية لدى عينة من
طالب الجامعة المصريين .المجلة المصرية للعلوم اإلنسانية ،تصدر عن المعهد العالي للخدمة االجتماعية باإلسكندرية4 ،
( ،)2صص.35-9 .
عبد الخالق ،أحمد؛ والشطي ،تغريد؛ والذيب ،سماح؛ وعباس ،سوسن؛ وأحمد ،شيماء؛ والثويني ،نادية؛ والسعيدي ،نجاة
( .)2003معدالت السعادة لدى عينات عمرية مختلفة من المجتمع الكويتي .دراسات نفسية.612 – 581 ،)4( 13 ،
عبد الخالق ،أحمد ،ومراد ،صالح ( .)2001السعادة والشخصية :االرتباطات والمنبئات .دراسات نفسية،)3( 11 ،
صص.349 – 337 .
العرجا ،ناهدة (تحت النشر) .حب الحياة وعالقته ببعض المتغيرات لدى عينة من طلبة المدارس والجامعات في الضفة
الغربية.
العنزي ،فريح عويد ( .) 2001الشعور بالسعادة وعالقته ببعض السمات الشخصية :دراسة ارتباطية مقارنة بين الذكور
واإلناث .دراسات نفسية ،)3( 11 ،صص.377 – 351 .
الفنجري ،حسن (مارس .)2006 ،معدالت السعادة لدى عينات مختلفة من المجتمع المصري .مؤتمر التعليم والتنمية في
المجتمعات الجديدة ،صص.282 – .265 .
لوبيز ،شين ،وسنايدر ،ك ( .) 2013القياس في علم النفس اإليجابي :نماذج ومقاييس .ترجمة :صفاء األعسر ،ونادية
شريف ،وعزيزة السيد .،وأسامة أبو سريع ،وميرفت شوقي ،وعزة خليل ،وهبة سري ،ومنى الصواف .مراجعة :صفاء
األعسر .القاهرة :المركز القومي للترجمة.
محمود ،أحالم حسن ( .) 2007مستويات ومصادر إشباع السعادة كما يدركها المسنون في ضوء درجة تمسكهم بالقيم
الدينية وبعض المتغيرات األخرى .المجلة المصرية للدراسات النفسية ،العدد ،56صص.193 – 115 .
النيال ،مايسة ،وخميس ،ماجدة ( .)1995السعادة وعالقتها ببعض المتغيرات النفسية والشخصية لدى عينة من المسنين
والمسنات :دراسة سيكومترية مقارنة .مجلة علم النفس ،36 ،صص.40 – 22 .
هريدي ،عادل ،وفرج ،طريف شوقي ( .)2002مستويات السعادة المدركة في ضوء العوامل الخمسة الكبرى للشخصية
والتدين وبعض المتغيرات األخرى .مجلة علم النفس ،العدد ،61السنة ،16ص ص .78 – 46
اليحفوفي ،نجوى ( .)2006السعادة واالكتئاب لدى طالب الجامعة وعالقتهما ببعض المتغيرات الديموجرافية .دراسات
عربية في علم النفس ،4 ،صص.972 –945 .
اليوسفي ،مشيرة ( .) 1989دراسة عاملية لمفهوم السعادة لدى طالب كلية التربية جامعة المنيا .مجلة البحث في التربية
وعلم النفس ،تصدرها كلية التربية ،جامعة المنيا ،)1( 3 ،صص.173 – 137 .
42
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
معدالت السعادة وارتباطها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من طلبة الجامعة في فلسطين
43
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
معدالت السعادة وارتباطها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من طلبة الجامعة في فلسطين
Carr, A. (2004). Positive psychology: The science of happiness and human strengths.
London: Routledge.
Chatters, L. M. (2000). Religion and health: Public health research and practice. Annual
Review of Public Health, 21, pp. 335-367.
Diener, E. (1984). Subjective well – being. Psychological Bulletion, 95, pp. 542 -575.
Diener, E., Lucas, R. E., &Oishi, S. (2002). Subjective well-being: The science of happiness
and life satisfaction. In C. R. Snyder & S. J. Lopez (Eds.), Handbook of positive psychology (pp.
63-73). New York: Oxford University Press.
Emmons, R. A., &Paloutzian, R. F. (2003). The psychology of religion. Annual Review of
Psychology, 54, pp. 377-402.
Ferriss, A. L. (2002). Religion and the quality of life. Journal of Happiness Studies, 3, pp.
199-215.
Galton, F. (1872). Statistical inquiries into the efficacy of prayer. Fortnightly Review, 12, pp.
125-135.
Hackney, C. H., & Sanders, G. S. (2003). Religiosity and mental health: A meta analysis of
recent studies. Journal for the Scientific Study of Religion, 42, pp. 43-55.
Hall, G. S. (1882). The moral and religious training of children The Princeton Review, 9, pp.
26-48.
Harris, S. J. (2002). Religiosity and psychological well-being among older adults: A meta-
analysis. Proquest Dissertations and Theses, Section 1355, Part 0622, 89 pages.
Hill, P. C., &Pargament, K. I. (2003). Advances in the conceptualization and measurement
of religion and spirituality: Implications for physical and mental health research. American
Psychologist, 58, pp. 64-74.
James, W. (1902). The varieties of religious experience: A study on human nature.
Cambridge, Mass: Harvard University Press.
Jones, S. L. (1994). A constructive relationship for religion with the science and profession
of psychology: Perhaps the boldest model yet. American Psychologist, 49, pp. 184-189.
Kline, P. (2000). Handbook of psychological testing. (2nded.) London: Routledge.
Koenig, H. G., King, D. E., & Carson, V. (2012). Handbook of religion and health. (2nded).
New York: Oxford University Press.
Miller, G. (2003). Incorporating spirituality in counseling and psychotherapy: Theory and
technique. New York: Wiley.
Nunnally, J. C. (1978). Psychometric theory (2nd edition). San Francisco: Jossey-Bass.
Paloutzian, R. F. (2016). Invitation to the psychology of religion (3rded.). New York: Guilford
Press.
Pargament, K. I. (1997). The psychology of religion and coping: Theory, research, practice.
New York: Guilford Press.
Seligman, M. E. P. (2002). Authentic happiness. New York: Free Press.
Seybold, K.S. (2007). Physiological mechanisms involved in religiosity/spirituality and
health. Journal of Behavioral Medicine, 30, 303 – 309.
Sheldon, K. M., & King, L. (2001). Why positive psychology is necessary. American
Psychologist, 56, pp. 216 – 217.
Spilka, B., Hood Jr. R.W., Hunsberger, B., &Gorsuch, R. (2003). The psychology of religion:
An empirical approach (3rded.). New York: Guilford.
SPSS, Inc. (2009). SPSS: Statistical data analysis: Base 18.0, Users Guide. Chicago, IL: SPSS
Inc.
Starbuck, E. (1899). Psychology of religion. London: Walter Scott.
44
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
معدالت السعادة وارتباطها بالحياة الطيبة والتدين لدى عينة من طلبة الجامعة في فلسطين
45
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
تقنين مقياس الصالبة النفسية في المجتمع الجزائري
بشير معمرية
bashirmaamria2015@gmail.com
قسم علم النفس ،كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية ،جامعة محمد األمين دباغين سطيف -2الجزائر
ملخص
منذ ثمانينات وتسعينات القرن العشرين( ،زمن ظهور علم النفس اإليجابي) ،بدأت البحوث النفسية
حول الضغوط تركز على الجوانب اإليجابية في الشخصية المرتبطة بالصحة النفسية ،واتجهت إلى دراسة
العوامل التي تساعد األفراد على التوافق مع المواقف المختلفة التي يتعرضون لها في حياتهم اليومية.
وظهر مصطلح العوامل أو المتغيرات المخففة أو المعدِّلة ،التي تشير إلى وجود متغيرات نفسية
واجتماعية ،كالصالبة النفسية أو الصمود تخفف من الضغوط عند تلقي الصدمات .وتشير سوزان كوباسا،
أول منظري الصالبة النفسية ،إلى أن البحث في مجال الضغوط ،يجب أن يتحول إلى التركيز على
الصحة وليس على المرض .والصالبة النفسية لدى كوباسا ،هي "اعتقاد عام للفرد في فاعليته وقدرته على
استعمال كل المصادر النفسية واالجتماعية المتاحة ،كي يدرك ويفسر ويواجه بفاعلية أحداث الحياة
تتكون من ثالثة أبعاد هي )1 :االلتزام :وهو نوع من التعاقد
الضاغطة .وتشير إلى أن الصالبة النفسية ّ
النفسي يلتزم به الفرد تجاه نفسه وأهدافه وقيمه واآلخرين من حوله .مما يجعله ينظر إلى المواقف
الضاغطة على أنها تجلب المتعة )2 .التحكم :ويشير إلى مدى اعتقاد الفرد أنه بإمكانه أن يكون له تحكم
فيما يلقاه من أحداث ،وتحمل المسؤولية الشخصية عما يحدث له .ويرى أن األحداث متغيرة وليست ثابتة.
ويتضمن القدرة على اتخاذ القرارات ،والقدرة على تفسير األحداث ،والقدرة على المواجهة الفعالة
للضغوط ) 3 .التحدي :وهو اعتقاد الفرد في أن ما يطرأ من تغيير على جوانب حياته هو أمر مثير
وفرصة ضرورية للنمو أكثر من كونه تهديدا له .ويمثل جانبا طبيعيا في الحياة ،مما يساعده على المبادرة
واستكشاف البيئة ،ومعرفة المصادر النفسية واالجتماعية التي تساعده على مواجهة الضغوط بفاعلية.
و هدف البحث إلى تقنين مقياس الصالبة النفسية على البيئة الجزائرية .تكونت عينة التقنين من 392
فردا؛ منهم 191ذكرا 201 ،أنثى ،تراوحت أعمارهم بين 15 :ـ 50سنة .وحسب للمقياس الصدق
التمييزي واالتفاقي والتعارضي ،واالرتباطات بين األبعاد الثالث ،وجاءت معامالتها جيدة ،وحسب كذلك،
الثبات بطريقة إعادة التطبيق ومعامل ألفا كرونباخ ،وكانت كلها جيدة ،كما استخرجت له معايير تائية.
الكلمات المفتاحية :مقياس؛ تقنين؛ الصالبة النفسية؛ علم النفس اإليجابي.
Bashir Maamria
bashirmaamria2015@gmail.com
Department of Psychology, Faculté des sciences humaines et sociales, Mohamed Lamine Debaghine Setif 2
University, Algeria.
Abstract
Since the 1980s and 1990s, the psychological research on stress has begun to
focus on the positive aspects of personality related to mental health, and
examined the factors that help individuals to cope with the different situations
they face in their everyday life. Then appears the term "mitigated" or
"modulated" variables that refers to psychological and social variables, such as
resilience that reduces stress when we receive shocks of life. Susan Kobasa, the
first psychologist that explored resilience indicated that stress research should
make a shift and focus on health rather than disease. Resilience according to
46
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
تقنين مقياس الصالبة النفسية في المجتمع الجزائري
Kobassa is a "general belief of the individual in his efficacy and ability to use all
available psychosocial resources, so as to be able to understand, explain and
face effectively the events of stressful life. She indicated also that resilience
consists of three dimensions, which are: 1) Commitment: a kind of psychological
contract that related the individual to his goals, values and the others around
him, which makes him to look at the stressful situations as bringing pleasure. 2)
Control: refers to the extent to which the individual believes that he can have
control over the events and take personal responsibility for what happens to
him. He considers that events are dynamic and not static. It includes the ability
to make decisions, the ability to interpret events, and the ability to effectively
confront stress. 3) Challenge: the individual's belief that the change in his life is
an exciting and necessary opportunity for growth rather than a threat; and
represents a natural aspect of life, which helps him to take initiatives, explore
the environment, and to be aware of the psychological and social sources that
help him to face stress effectively.
The aim of this research is to standardize resilience in the Algerian
environment. The standardization sample consisted of 392 individuals; 191
males, 201 females, ranging in age from 15 to 50 years. So we measured
discriminant, convergent and concurrent validity and the correlations between
the these three dimensions, and the coefficients were good. We evaluated
reliability by test-retest and the Cronbach's alpha coefficient, and all were good.
Keywords: scale; standardization; resilience; positive psychology.
47
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
تقنين مقياس الصالبة النفسية في المجتمع الجزائري
مقدمة
ذكر كل من مارتن سيلجمان ،M. Seligmanميهالي شيكزينتميهالي M. Csikszintmihaly
(رائدا علم النفس اإليجابي) ،أن هناك أشخاصا يتميزون بالصمود والمقاومة ،عند تعرضهم للضغوط .فقد
الحظا أشخاصا يظلون محتفظين بصحتهم الجسمية والنفسية في مواجهة الضغوط ومشاكل الحياة
وصعوباتها .لعلنا نتذكر ،من قراءتنا لكتاب علم النفس اإليجابي (لكاتب هذا المقال) ،أن شيكزينتميهالي،
وهو شاب صغير ،شاهد ما حدث في إيطاليا من دمار وتخريب أثناء الحرب العالمية الثانية .لقد شاهد
سقوط الكثير من المترفين واألقوياء ،مثل أبيه ،فريسة للعجز واليأس ،ال وظائف وال مال ،أصبحوا
كأصداف خاوية .ولكن آخرين ممن واجهوا نفس التحديات ،ظلوا يشعرون بالثقة بالنفس والحبور
والتصميم وسط الدمار .ولم يكونوا قبل الحرب أكثر الناس مهارة أو احتراما ،بل كان معظمهم يبدو عاديا
(مارتن سيلجمان ،2002 ،ص.)114 .
وتبين كذلك من دراسات نفسية عديدة ،ضعف االرتباط بين إدراك الضغوط وأنواع المعاناة النفسية،
التي ال تتجاوز . 0.30ونتيجة لهذا ،اتجهت الدراسات ابتداء من ثمانينات القرن العشرين إلى االهتمام
والتركيز على دراسة المتغيرات المدعمة لقدرة الفرد على المواجهة الفعالة ،أو عوامل مقاومة الضغوط
. Stress – resistanceأي المتغيرات النفسية والبيئية التي ترتبط باستمرار بالسالمة الجسمية والنفسية
حتى أثناء مواجهة الضغوط .وهي تمثل نقاط قوة لدى الفرد تساعده على أن يظل محتفظا بصحته الجسمية
والنفسية رغم تعرضه للضغوط (ممدوحة محمد سالمة ـ ب ،1991 ،صص 475 .ـ .)476
والحقيقة ،أنه منذ ثمانينات وتسعينات القرن العشرين( ،زمن ظهور علم النفس اإليجابي Positive
.)Psychologyبدأت البحوث النفسية حول الضغوط تركز على الجوانب اإليجابية في الشخصية
المرتبطة بالصحة النفسية ،واتجهت إلى دراسة العوامل التي تساعد األفراد على التوافق مع المواقف
المختلفة التي يتعرضون لها في حياتهم اليومية .ومن هذه العوامل الصالبة النفسية Psychological
Hardinessأو الصمود Resilienceعند تلقي الصدمات.
ويشير زايكا ،تشمبرلين ) (Zika & Chamberlain, 1987إلى أهمية التركيز على دراسة
المتغيرات المخففة Bufferingأو المعدِّلة Moderatingالتي تشير إلى وجود متغيرات نفسية
واجتماعية ،كالصالبة النفسية والمساندة االجتماعية ،Social Supportتؤثر في كيفية رؤية الفرد
لألحداث الضاغطة ،وكيفية إدراكه وتفسيره لها ،كما تؤثر أيضا في كيفية تقييم الفرد لمدى قدرته على
مواجهته لهذه األحداث.
ويشير روس ،كوهين ) (Roos & Cohen, 1987في تعريفهما للمتغيرات المعدِّلة أو المخففة ،إلى
أنها "تلك المتغيرات التي من شأنها التخفيف من اآلثار السلبية الناتجة عن تعرض الفرد ألحداث الحياة
الضاغطة" .ويشيران إلى أن المتغيرات المخففة ،تؤدي دورا هاما في إدراك األحداث الضاغطة وفي
مواجهتها كما يلي:
1ـ تؤثر في إدراك الفرد وتقييمه للحدث الضاغط.
2ـ تؤثر في مدى تقييم الفرد لفاعلية مصادره النفسية واالجتماعية لمواجهة الحدث الضاغط( .عماد
محمد أحمد مخيمر.)2 ،2002 ،
ويشير الباحثون ،إلى أنه لكي نفهم الصحة النفسية واالضطراب النفسي ،ينبغي أن تكون هناك أطر
عمة للقدرة على تنبؤية تتيح الربط بين السواء وكل من العوامل المعرضة لالضطراب ،أو العوامل المد ِ ّ
المواجهة الفعالة .وعلى ذلك يركز الباحثون على فحص عوامل ومؤشرات الخطورة .Risk factors
"أي تلك العوامل التي يمكن أن ترفع من قابلية اإلصابة بالمرض النفسي وزيادة المعاناة" .أو قد يركزون
على دراسة عوامل المقاومة Resistance factorsأي المتغيرات النفسية والبيئية المرتبطة باستمرار
عم قدرة الفرد على مواجهة السالمة النفسية حتى في مواجهة الظروف الضاغطة ،التي يمكن أن تد ِ ّ
المشكالت والتغلب عليها (ممدوحة محمد سالمة 1991 ،ـ أ ،ص.)199 .
ومن المساهمين في تحويل مسار البحث في مجال دراسة الضغوط ،من مجرد دراسة العالقة بين
إدراك األحداث الضاغطة إلى التركيز على متغيرات المقاومة ،بعض الرواد أمثال سوزان كوباسا
) ،(Kobasa, 1979, 1982جارميزي ) ،)Garmezy, 1983مايكل راتر ) ،)Rutter, 1990و
48
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
تقنين مقياس الصالبة النفسية في المجتمع الجزائري
هوالهان و موس ( .)Holahan & Moos, 1985, 1986, 1987, 1990ويشير هؤالء إلى أن البحث
في مجال الضغوط ،يجب أن يتحول إلى التركيز على الصحة وليس على المرض .وعلى المتغيرات
اإليجابية ،سواء كانت متغيرات نفسية أم اجتماعية ،التي تجعل الفرد يحتفظ بصحته الجسمية والنفسية عند
مواجهته للضغوط ،بل وتدعم قدرته على المواجهة الناجحة لهذه الضغوط (عماد محمد أحمد مخيمر،
،2002ص.)4 .
تشير سوزان كوباسا ( ،)1982 ،1979في عرضها لمفهوم الصالبة النفسية ،إلى أنها تأثرت كثيرا
بعلماء النفس اإلنسانيين أمثال أبراهام ماسلو A. Maslowوكارل روجرز ،C. Rogersاللذين أكدا
على أن هناك بعض األشخاص يستطيعون تحقيق ذواتهم وإمكاناتهم الكامنة ،رغم تعرضهم للضغوط
واإلحباطات .وبالتالي ،فإن الدراسات النفسية يجب أن تركز على األشخاص األسوياء الذين يشعرون
بقيمتهم ،ويحققون ذواتهم ،وليس على المرضى .كما تأثرت بأعمال فيكتور فرانكل V. Frankelالتي
أشار فيها إلى وجود معنى أو هدف في حياة الفرد يجعله يتحمل اإلحباطات والضغوط .فالحياة معاناة،
والمهم أن نجد معنى لهذه المعاناة .كما تأثرت أيضا باالتجاه المعرفي لدى أرنولد الزاروس (Lazarus,
) 1966الذي أشار فيه إلى أن تقييم الفرد معرفيا لخصائصه النفسية كالصالبة ،يؤثر في تقييمه المعرفي
للحدث الضاغط ذاته ،وما ينطوي عليه من تهديد ألمنه وصحته النفسية وتقديره لذاته .كما يؤثر أيضا
التقييم المعرفي لخصائص الفرد النفسية في تقييمه ألساليب مواجهة الضغوط (مواجهة المشكالت،
الهروب ،التجنب ،تحمل المسؤولية ،البحث عن المساندة االجتماعية) .ومن خالل تأثر كوباسا بكل من
سبق ذكرهم ،سارت سلسلة دراساتها من أجل التعرف على المتغيرات النفسية واالجتماعية التي تكمن
وراء احتفاظ األشخاص بصحتهم الجسمية والنفسية رغم تعرضهم للضغوط (عماد محمد أحمد مخيمر،
،2002ص.)5 .
وأشار هوالهان وموس ،إلى أنهما قد تأثرا كثيرا بما طرحه هينكل ) (Hinkle, 1974من تلخيص
لألبحاث التي أجريت على مدى عشرين عاما حول التغير االجتماعي والمرض ،والتي أشار فيها إلى أنه
رغم أن بعض األشخاص يتعرضون ألحداث حياتية ضاغطة ،مثل التغير في المراكز االجتماعية أو
الظروف المعيشية أو العالقات األسرية ،ومع هذا يظلون محتفظين بصحتهم الجسمية والنفسية .كما تأثرا
برواد التوجه اإلنساني في علم النفس ،ماسلو وروجرز وغيرهما ،في تأكيدهم على أن الدراسة في مجال
الضغوط ،يجب أن تتحول إلى دراسة الشخصية السوية والصحة ،واألشخاص الذين يواجهون الضغوط
ويحققون ذواتهم وال يمرضون .وبالتالي العمل على تنمية المتغيرات اإليجابية كالصالبة النفسية والضبط
الداخلي وتقدير الذات وفاعلية الذات ،وليس خفض التوتر أو تحقيق الغرائز (عماد محمد مخيمر،1996 ،
ص.)276 .
وساهم كل من جارميزي ( )1983و راتر ( )1990في تحويل مسار البحث في مجال الضغوط إلى
التركيز على المتغيرات الشخصية والبيئية اإليجابية ،التي تساعد الفرد على الوقاية من األثر النفسي
والجسمي الناتج عن التعرض للضغوط .ويؤكدان على دور المتغيرات الوقائية Protective factorsمن
أث ر الضغوط ،وهي متغيرات شخصية واجتماعية ،تعمل على مواجهة األحداث الضاغطة من خالل ما
يلي:
1ـ تؤثر في إدراك الفرد وتقييمه للحدث الضاغط.
2ـ تؤثر في مدى تقييم الفرد لفاعلية مصادره النفسية واالجتماعية لمواجهة الضغوط.
ويحدد جارميزي وراتر هذه المتغيرات الواقية فيما يلي:
1ـ سمات الشخصية .كتقدير الذات العالي ،االستقاللية ،الذكاء ،الكفاية والفاعلية.
2ـ كفاءة المساندة األسرية ،وخاصة في مرحلة الطفولة .وتتمثل في ترابط األسرة وتماسكها وإدراك
الفرد للدفء الوالدي ،مما يؤدي إلى شعور الطفل بالكفاية والفاعلية.
3ـ إمكان وجود أنظمة للمساندة االجتماعية ،تشجع وتحفز قدرة الفرد على المواجهة الناجحة للضغوط
(عماد محمد مخيمر ،1997 ،ص.)105 .
وأشار كذلك ،كل من هوالهان وموس ،إلى أنهما قد تأثرا كثيرا بما طرحه هينكل )(Hinkle, 1974
من تلخيص لألبحاث التي أجريت على مدى عشرين عاما حول التغير االجتماعي والمرض ،والتي أشار
49
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
تقنين مقياس الصالبة النفسية في المجتمع الجزائري
فيها إلى أنه رغم أن بعض األشخاص يتعرضون ألحداث حياتية ضاغطة ،مثل التغير في المراكز
االجتماعية أو الظروف المعيشية أو العالقات األسرية ،ومع هذا يظلون محتفظين بصحتهم الجسمية
والنفسية .كما تأثرا برواد التوجه اإلنساني في علم النفس ،ماسلو وروجرز وغيرهما ،في تأكيدهما على أن
الدراسة في مجال الضغوط ،يجب أن تتحول إلى دراسة الشخصية السوية والصحة ،واألشخاص الذين
يواجهون الضغوط ويحققون ذواتهم وال يمرضون .وبالتالي ،العمل على تنمية المتغيرات اإليجابية،
كالصالبة النفسية ،والضبط الداخلي ،وتقدير الذات ،وفاعلية الذات ،وليس خفض التوتر أو تحقيق الغرائز
(عماد محمد مخيمر ،1996 ،ص.)276 .
هدف الدراسة
تهدف هذه الدراسة إلى تناول معلومات نظرية حول مفهوم الصالبة النفسية ،ثم تقنين أداة لقياسها على
البيئة الجزائرية.
مفهوم الصالبة النفسية.
يستعمل األفراد في ال تعامل مع المواقف الضاغطة التي يتعرضون لها عدة أساليب تندرج تحت ثالث
استراتيجيات ،وهي :المواجهة ،التماس العون ،والسلبية .ففي المواجهة ،يركزون على التعامل مع مصادر
الضغوط في محاولة للتوصل إلى حل جذري وحاسم للمشكلة ،اعتمادا على قدراتهم وإمكاناتهم الذاتية.
وفي التماس العون ،يركزون على السعي لطلب المساندة اإللهية ،والمساندة االجتماعية ،والمشاركة
الوجدانية من اآلخرين لحل المشكلة والتخلص من الضغوط ،أو التخفيف من المشاعر السلبية الناتجة عن
هذه الضغوط .وفي السلبية ،وهي من األساليب غير الفعالة في التعامل مع الضغوط ،وتستعمل في التعامل
مع الضغوط التي يعجز الفرد عن مواجهتها بنفسه ،أو باالعتماد على غيره ،ويعتقد في استحالة تغييرها
(عبد المنعم عبد هللا حسيب ،2007 ،ص.)164 .
ت عدة ض ْويختلف األفراد في كفاءاتهم في مواجهة األحداث الضاغطة أو التوافق معها .وقد افت ُ ِر َ
مكونات نفسية لتفسير التوافق اإلنساني؛ منها :قوة األنا ،االتزان االنفعالي ،اتباع أساليب المواجهة ،الكفاءة
الذاتية ،تنظيم الذات ،والصالبة النفسية .وبدأ الباحثون في تحديد السمات الشخصية لألفراد الذين يتبعون
أساليب المواجهة ،Copingوأولئك الذين يتميزون بالصالبة النفسية ،بعد ما تبيّن من عدد من البحوث
التي أجراها دورنوند و دورنوند ) (Dohrenwend & Dohrenwend, 1974أن الضغوط النفسية
ترتبط باألمراض الجسمية التي يصاب بها اإلنسان .وفي خضم البحوث النفسية التي تسعى إلى تحديد
العوامل المساعدة على مقاومة أثر الضغوط ،قدمت سوزان كوباسا عام 1979مفهوم الصالبة النفسية.
وترى أن الصالبة النفسية صفة عامة تظهر من معايشة خبرات في مرحلة الطفولة معززة مثرية متنوعة.
وتعني الصالبة النفسية الشعور العام بأن البيئة تدعو إلى الرضا ،وهذا يجعل الفرد ينظر إلى المواقف
المختلفة بنوع من الفضول والحماس أو االلتزام (لولوة حمادة ،حسن عبد اللطيف ،2002 ،ص.)234 .
وتذكر كوباسا و بوكستي ) Kobasa & Puccetti, 1983نقال عن دراسة أنتونوفسكي
)1979 Antonovskyأن هناك عددا من المتغيرات تعمل كحاجز واق ،Bufferأو تخفف أو تعدل من
األثر المؤذي للضغوط ،منها :قوة البنية الجسمية المتمثل في نظام المناعة ذي األداء الوظيفي الجيد،
وتاريخ العائلة الصحي الخالي من األمراض الوراثية ،والدعم االجتماعي؛ كأن يكون الفرد متزوجا بدال
من أن يكون أعزب ،والمستوى االقتصادي المرتفع ،وغياب السلوك المرتبط بنمط السلوك ـ أ
،Behaviour type – Aومن بين هذه المتغيرات الصالبة النفسية (لؤلؤة حمادة ،حسن عبد اللطيف،
،2002ص.)230 .
ويعول الفرد في محاوالته للتوافق مع الضغوط على المصادر الداخلية ،التي تمده بالقوة والقدرة على ّ
المقاومة ،مثل عامل الصالبة النفسية ،إضافة إلى العوامل أو المصادر الخارجية .وقدم الباحثون نموذجا
افتراضيا لفهم العوامل التي تؤثر على الصحة ،حيث احتوى ذلك النموذج على ثمانية أنواع من المصادر
العامة للمقاومة .وهي :الحالة الجسمية ،والحالة البيولوجية ،وتوفير األدوات الحديثة ،والنواحي المعرفية،
والنواحي االنفعالية ،واالتجاهات والقيم ،والعالقات الشخصية ،والجوانب االجتماعية والشخصية .وتعمل
50
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
تقنين مقياس الصالبة النفسية في المجتمع الجزائري
كل تلك العوامل متضامنة للمساعدة في التعامل مع التوتر الناتج عن الضغوط (لؤلؤة حمادة ،حسن عبد
اللطيف ،2002 ،ص.)235 .
إن مفهوم الصالبة النفسية ،يشير إلى تقبل الفرد للتغيرات أو الضغوط التي يتعرض لها .حيث تعمل
الصالبة النفسية كعامل واق ضد العواقب الجسمية السيئة للضغوط .فينظر الفرد إلى تلك الضغوط على
أنها نوع من التحدي ،وليست تهديدا له ،فيركز على األعمال التي تعود عليه بالفائدة .فالصالبة النفسية
تخفف من آثار الضغوط ،وتساهم في مساعدة األفراد على االستمرار في إعادة التوافق.
وترى كوباسا ( )1984أن الصالبة النفسية مصدر من المصادر الشخصية (الذاتية) لمقاومة اآلثار
السلبية لضغوط الحياة ،والتخفيف من آثارها على الصحة النفسية والجسمية .فالصالبة النفسية تعمل على
تسهيل أنواع عمليات اإلدراك والتقويم والمواجهة ،التي يقوم بها الفرد للتوصل إلى الحل الناجح للموقف
الذي سببته األحداث الضاغطة .ويقدم هل وآخرون ) (Hull et al., 1987تفسيرا نظريا يوضح كيف أن
إدراك الفرد للمواقف الضاغطة ،يؤثر على أساليب المواجهة ،بحيث ال يمكن أن يفهم الفرد الضغوط على
أنها آتية من مصدر خارجي بمعزل أو مستقل عن تقويمه الفردي لها .ويعني ذلك أن التقويم الفردي
لمصادر الضغوط يؤدي دورا مهما .ويترتب على ذلك أن تقويم الفرد هو الذي يحدد مدى وطأة شدة
المواقف الضاغطة وآثارها (لؤلؤة حمادة ،حسن عبد اللطيف ،2002 ،ص.)235 .
وتعرف سوزان كوباسا الصالبة النفسية بأنها" :اعتقاد عام للفرد في فاعليته وقدرته على استعمال كل ّ
المصادر النفسية واالجتماعية المتاحة ،كي يدرك ويفسر ويواجه بفاعلية أحداث الحياة الضاغطة" (محمد
حسن غانم ،2007 ،صص 55 .ـ .)56
تتكون من ثالثة أبعاد هي:
وتشير إلى أن الصالبة النفسية ّ
1ـ االلتزام Commitmentوهو نوع من التعاقد النفسي يلتزم به الفرد تجاه نفسه وأهدافه وقيمه
واآلخرين من حوله .مما يجعله ينظر إلى المواقف الضاغطة على أنها تجلب المتعة.
2ـ التحكم Controlويشير إلى مدى اعتقاد الفرد أنه بإمكانه أن يكون له تحكم فيما يلقاه من أحداث،
وتحمل المسؤولية الشخصية عما يحدث له .ويرى أن األحداث متغيرة وليست ثابتة .ويتضمن القدرة على
اتخاذ القرارات ،والقدرة على تفسير األحداث ،والقدرة على المواجهة الفعالة للضغوط.
3ـ التحدي Chalengeوهو اعتقاد الفرد في أن ما يطرأ من تغيير على جوانب حياته هو أمر مثير
وفرصة ضرورية للنمو أكثر من كونه تهديدا له .ويمثل جانبا طبيعيا في الحياة ،مما يساعده على المبادأة
واستكشاف البيئة ،ومعرفة المصادر النفسية واالجتماعية التي تساعده على مواجهة الضغوط بفاعلية
(عماد محمد أحمد مخيمر ،2002 ،ص.)6 .
وتشير كوباسا Kobasa 1982إلى أن هذه الخصائص (األبعاد) من شأنها أن تحافظ على سالمة
األداء النفسي للفرد ،رغم التعرض ألحداث سلبية ضاغطة (ممدوحة محمد سالمة 1991 ،ـ ب ،ص.
.)478
وتشير كوباسا ( )1982إلى أن مفهوم الصالبة النفسية يتشابه مع مفاهيم أخرى مثل الفاعلية الذاتية
Self – efficacyلدى باندورا ،Banduraوالتماسك Coherenceلدى أنتونوفسكي Antonovsky
(عماد محمد أحمد مخيمر ،2002 ،صص 5 .ـ .)6
وينظر اليتسي ) (Lightsey, 1994إلى الصالبة النفسية أو المقاومة ،على أنها توقع للكفاءة الذاتية
عند الفرد على قدرته في مواجهة الضغوط والمشكالت .ويستعين هنا بمفهوم الكفاءة الذاتية الذي وضعه
باندورا .الذي يقر ر أن األشخاص الذين لديهم مستوى عال من الكفاءة الذاتية ،يميلون إلى القيام بسلوك
يقودهم إلى نتائج طيبة ،مع االعتقاد بقدرتهم على القيام بذلك (لؤلؤة حمادة ،حسن عبد اللطيف،2002 ،
.)235
واعتمادا على ما سبق ،توصلت كوباسا ) (Kobasa, 1979إلى أن األفراد األكثر صالبة ،هم أكثر
صمودا ومقاومة وإنجازا وضبطا داخليا وقيادة واقتدارا ومبادأة ونشاطا وواقعية ،مما يؤكد صحة فروض
نظريتها التي أشارت فيها إلى أن الصالبة النفسية ومكوناتها تعمل كمتغير سيكولوجي يخفف من وقع
األحداث الضاغطة على الصحة الجسمية والنفسية للفرد .فاألشخاص األكثر صالبة يتعرضون للضغوط
وال يمرضون .أما األفراد األضعف صالبة ،يتعرضون للضغوط ويمرضون جسميا ونفسيا.
51
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
تقنين مقياس الصالبة النفسية في المجتمع الجزائري
وتوصلت إلى هذه النتائج بعد دراساتها العديدة .ومن هذه الدراسات دراستها االستكشافية األولى على
المديرين التنفيذيين في البرنامج المعروف بمشروع شيكاغو للضغوط ( ،)Kobasa, 1979مستهدفة
معرفة المتغيّرات النفسية التي من شأنها مساعدة الفرد على االحتفاظ بصحته الجسمية والنفسية رغم
تعرضه للضغوط .وتكونت العينة من الذكور (ن = )76تراوحت أعمارهم بين 40ـ 49سنة ،من
الحاصلين على درجات جامعية على األقل .وطبقت عليهم أدوات القياس التالية:
1ـ قائمة هولمز وراهي ألحداث الحياة الضاغطة.
2ـ استبيان وايلر Waylerلألمراض.
3ـ قائمة الصالبة النفسية لقياس االلتزام والتحكم والتحدي.
وأشارت نتائج الدراسة إلى أن األشخاص األكثر صالبة ،رغم تعرضهم للضغوط كانوا أقل مرضا،
كما أنهم يتسمون بأنهم أكثر صمودا وإنجازا وسيطرة وقيادة ،وضبطا داخليا ،وأكثر مرونة وكفاءة
واقتدارا ونشاطا ومبادأة واقتحاما وواقعية .في حين أن األشخاص األقل صالبة كانوا أكثر مرضا وعجزا،
وأعلى في الضبط الخارجي (عماد محمد أحمد مخيمر ،2002 ،ص.)8 .
وفي دراسة أخرى ،افترضت كوباسا وآخرون ) (Kobassa et al., 1982أن الصالبة النفسية
ومكوناتها (إدراك التحكم وااللتزام والتحدي) كمتغير سيكولوجي في مواجهة الضغوط ،تعمل على تقليل
التأثير السلبي لضغوط الحياة .بحيث تخفف من أعراض المعاناة النفسية المرتبطة بالتعرض لهذه
الضغوط .وقد كانت عينة البحث من األشخاص البالغين (ن = )259الذين يحتلون مواقع اإلدارة العليا
والمتوسطة .تراوحت أعمارهم بين 32ـ 65سنة بمتوسط عمري يساوي 40سنة .وطبقت في هذه
الدراسة قائمة األحداث الضاغطة ،احتلت فيها مفردات تدهور التدخل أو زيادته مساحة كبيرة بين
مجموعة المفردات .كذلك تم تطبيق قائمة لألعراض النفسية والجسمية وأداتين لقياس متغير الشخصية
الذي أطلق عليه الصالبة .وبينت النتائج أن الصالبة كخاصية نفسية ،ال تخفف من شدة وقع األحداث
الضاغطة على الفرد فقط ،بل تمثل مصدرا للمقاومة Resistanceوالصمود Resilienceوالوقاية
Preventionمن اآلثار السلبية التي تسببها األحداث الضاغطة على الصحة الجسمية والنفسية (ممدوحة
محمد سالمة ـ ب ،1991 ،ص.)479 .
واتفقت دراسة هوالهان ،موس ) (Holahan & Moos, 1985مع نتائج دراسات كوباسا في وجود
متغيرات نفسية واجتماعية ،تساعد الفرد على االحتفاظ بصحته الجسمية والنفسية رغم تعرضه للضغوط.
وقد أجريا الدراسة على عينة من الذكور واإلناث (ن = .)267وبلغ متوسط أعمار الذكور 44سنة،
ومتوسط أعمار اإلناث 42سنة .وطبقا عليهم قائمة هولمز وراهي ألحداث الحياة ،واستبيان لقياس البيئة
األسرية ،وقائمة لقياس سمات الشخصية ،إضافة إلى قياس األمراض السيكوسوماتية واالكتئاب .فأشارت
النتائج إلى أن البيئة األسرية التي تتسم بالدفء والحب ،تجعل الفرد أكثر صالبة وفاعلية ،وقدرة على
المواجهة ،وأقل اكتئابا .كما أشارت نتائج الدراسة إلى وجود فروق بين الجنسين في متغيرات الشخصية
والمساندة االجتماعية؛ فالرجال أكثر ثقة في أنفسهم وأكثر صالبة من النساء .بينما النساء أكثر سعيا
للمساندة االجتماعية في مواجهة الضغوط (عماد محمد أحمد مخيمر ،2002 ،ص.)10 .
وليس هذا فقط ،بل إن العديد من الفروض حول الصالبة النفسية ،تحققت تجريبيا .وخالصتها أن
األفراد الذين يميلون بطبيعتهم إلى الصمود والمقاومة ،وعدم الهروب من مواجهة الضغوط ،مع قدرة
عالية على الضبط الداخلي ،وقدرة على القيادة والمبادأة ،بل والتفكير في أكثر من حل للمشكلة الواحدة،
كل ذلك يخفف من حدة وقع الضغوط على الفرد .ولذا ،فاألفراد األكثر صالبة ،هم أكثر صحة نفسية ،بل
وقدرة على مواجهة مشاق الحياة (محمد حسن غانم ،2007 ،ص.)55 .
وقدمت تفسيرات لتوضيح السبب الذي يجعل الصالبة النفسية تخفف من حدة الضغوط التي تواجه
الفرد .وفي هذا الخصوص ترى كوباسا و مادي ) (Kobasa & Maddi, 1984أن األحداث الضاغطة
تؤدي إلى حدوث سلسلة من األرجاع (ردود أفعال) أو تؤدي إلى استثارة الجهاز العصبي الذاتي .والضغط
المزمن يؤدي فيما بعد إلى اإلرهاق ،وما يصاحبه من أمراض جسمية واضطرابات نفسية .وهنا يأتي دور
الصالبة النفسية في تعديل العملية الدائرية التي تبدأ بالضغوط وتنتهي باإلرهاق .ويتم ذلك من خالل
مسارات متعددة؛ فالصالبة أوال :تعدل من إدراك األحداث الضاغطة وتجعلها تبدو أقل وطأة .وثانيا:
52
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
تقنين مقياس الصالبة النفسية في المجتمع الجزائري
تؤدي إلى اتباع أساليب مواجهة نشطة ،أو تنقله من حال إلى حال .وثالثا :تؤثر على أسلوب المواجهة
بطريقة غير مباشرة من خالل تأثيرها على الدعم االجتماعي .ورابعا :تقود إلى التغيير في الممارسات
الص حية ،مثل اتباع نظام غذائي صحي ،وممارسة الرياضة ،وهذه تقلل من اإلصابة باألمراض الجسمية
(لؤلؤة حمادة ،حسن عبد اللطيف ،2002 ،صص 236 .ـ .)237
وترى كوباسا ،مادي ( ،)1984أن األفراد الذين يتميزون بالشخصية الصلبة ،Hardy Personality
يستجيبون للمواقف الضاغطة بثالثة اتجاهات ،هي 1:ـ مستوى مرتفع من التضامن واإلصرار ،حيث
يعيشون الموقف الضاغط ،وينغمسون في نشاط مستهدف لحل المشكالت ،ومواجهة التحديات التي
تعترضهم.
2ـ مصدر الضبط الداخلي ،حيث يتحكمون في تصرفاتهم وأفعالهم وخبراتهم.
3ـ الميل إلى قبول التحدي والمقاومة ،حيث يقبلون التغير كتحد وليس كتهديد (عويد سلطان المشعان،
،2011صص 50 .ـ .)51
وأكدت دراسات أهمية إدراك األحداث الضاغطة في الشعور بالضغوط من عدمه .فقد وجد كل من
رودويلت و زون ) (Rhodwalt & Zone, 1989في دراستهما على عينة من السيدات (ن = )249
تراوحت أعمارهن بين 25ـ 65سنة .طبقا عليهن استبيان كوباسا لقياس الصالبة النفسية وضغوط الحياة
وقائمة بيك لقياس االكتئاب واستبيان وايلر لقياس األمراض الجسمية .وقسمت العينة إلى األعلى في
الصالبة النفسية واألقل في الصالبة النفسية طبقا الستبيان كوباسا للصالبة النفسية .فأشارت النتائج إلى أن
اإلناث األقل في الصالبة النفسية كن أكثر اكتئابا ومرضا جسميا ،وأكثر تأثرا بأحداث الحياة الضاغطة،
ويملن أكثر إلى األحداث الماضية على أنها كانت سلبية .وكانت اإلناث األعلى في الصالبة النفسية
إيجابيات في تقييمهن لذواتهن ،وأقل اكتئابا ،وأقل تأثرا بالضغوط ،ويملن أكثر إلى األحداث الماضية على
أنها كانت إيجابية ،وكانت لديهن القدرة على التحكم فيها( .عماد محمد أحمد مخيمر ،2002 ،ص.)10 .
وفي دراسة باجانا Pagana 1990على طالب الطب ،تبين منها أن الطالب ذوي الصالبة النفسية
قوموا خبراتهم األكاديمية على أنها تثير لديهم التحدي أكثر من أنها تشكل لهم تهديدا ،على المرتفعة ّ
النقيض من زمالئهم ذوي الصالبة النفسية المنخفضة (لؤلؤة حمادة ،حسن عبد اللطيف ،2002 ،ص.
.)237
وبينت دراسة كوهين ،إدواردز ) (Cohen & Edwards, 1989أن األفراد الذين يتسمون بصالبة
نفسية عالية ،حتى ولو قاموا بتقدير الضغوط على أنها مهددة ،فإن سماتهم الشخصية تظل تعمل كواق من
تأثير الضغوط عن طريق تسهيل اختيار أساليب المواجهة التوافقية ،أو عن طريق كف السلوك غير
التوافقي .فاألفراد ذوو الصالبة النفسية العالية ،يميلون إلى استعمال أسلوب المواجهة التحويلي .فيقومون
بتغيير األ حداث التي يمكن أن تولد ضغوطا إلى فرص للنمو ،ونتيجة لذلك يتوافقون مع األحداث
الضاغطة بطريقة فعالة .أما ذوو الصالبة النفسية المنخفضة ،فيستعملون أسلوب المواجهة التراجعي،
الذي يتضمن نكوصا .فيقومون باالبتعاد عن المواقف التي يمكن أن تولد ضغوطا .وعلى الرغم من أن
الشخص الذي يلجأ إلى أسلوب النكوص ،قد يتجنب مؤقتا المواقف الضاغطة ،إال أنه بطريقة تشاؤمية
يظل مشغوال بتلك الضغوط مهموما بها (عماد محمد أحمد مخيمر ،2002 ،ص.)11 .
ولمعرفة نوعية االستجابات المعرفية للمواقف المتسمة بدرجة عالية أو منخفضة من المعاناة من
الضغوط عند األفراد ذوي الدرجة العالية أو المنخفضة من الصالبة النفسية ،قام ألرد و سميث (Allred
& Smith, 1989بتطبيق استبيان الصالبة النفسية على 84طالبا جامعيا .وقسمت العينة إلى
ب من أفراد العينة القيام بنشاط تحت مجموعتين؛ صالبة نفسية مرتفعة ،صالبة نفسية منخفضة .ثم ُ
ط ِل َ
ظروف تقويمية مرتفعة أو منخفضة من ناحية التهديد الضاغط .واستعمال تحليل التباين الثنائي 2 × 2
(صالبة نفسية مرتفعة /صالبة نفسية منخفضة × تهديد مرتفع /تهديد منخفض) .فأظهرت النتائج وجود
فروق؛ حيث كانت العبارات السالبة أقل عند ذوي الصالبة النفسية المرتفعة ،مقارنة باألفراد ذوي
الصالبة النفسية المنخفضة ،بغض النظر عن درجة التهديد في الموقف .وكان التفاعل بين الموقفين داال
إحصائيا .حيث دلت المقارنات بين المتوسطات الحسابية على أن األفراد ذوي الصالبة النفسية المنخفضة
في موقف التهديد المرتفع ،كانت عباراتهم اإليجابية التي تصف أنفسهم قليلة ،مقارنة بأقرانهم في موقف
53
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
تقنين مقياس الصالبة النفسية في المجتمع الجزائري
التهديد المنخفض .وعلى العكس من ذلك ،أعطى األفراد ذوو الصالبة النفسية المرتفعة في موقف التهديد
المرتفع عددا أكثر من العبارات اإليجابية التي يصفون بها أنفسهم ،مقارنة بأقرانهم في موقف التهديد
المنخفض ،أو األفرا د ذوي الصالبة النفسية المنخفضة .واالستنتاج العام لهذه الدراسة ،هو أن الصالبة
النفسية تسهم في اتباع أساليب المواجهة المعرفية المتصفة باستعمال العبارات اإليجابية في وصف الذات
عند مواجهة المواقف الضاغطة (لؤلؤة حمادة ،حسن عبد اللطيف ،2002 ،صص 238 .ـ .)239
ويت صف ذوو الصالبة النفسية المرتفعة بالتزامهم بالعمل الذي عليهم أداؤه ،بدال من شعورهم
باالغتراب . Alienationويشعرون عموما بأنهم قادرون على التحكم في األحداث ،بدال من شعورهم
بفقدان القوة .Powerlessوينظرون إلى التغيير الذي يولد ضغوطا على أنه تحد Challengeعادي،
بدال من شعورهم بالتهديد .وفي إدراكهم وتقويمهم ألحداث الحياة الضاغطة ،يجد هؤالء األفراد الفرصة
لممارسة اتخاذ القرار.
الصالبة النفسية وعالقتها بمتغيرات أخرى
وبالرغم من قلة الدراسات التي تناولت مفهوم الصالبة النفسية ،إال أن الحقيقة التي توصلت إليها
الدراسات القليلة ،أن الصالبة النفسية التي تشير إلى قدرة الفرد على التحكم في أسلوب حياته وااللتزام
والتحدي في الحياة ،من شأنها أن تساعد الفرد على مقاومة الضغوط وصعوبات الحياة والتعرض لإلصابة
باألمراض النفسية والسيكوسوماتية.
وتمثل الصالبة النفسية إحدى السمات التي تساعد الفرد على التعامل الجيد مع الضغوط ،واالحتفاظ
بالصحة النفسية والجسمية ،وعدم تعرضه لالضطرابات السيكوفيزيولوجية الناتجة عن الضغوط،
كأمراض القلب ،والدورة الدموية ،وقرحة المعدة واإلثني عشر ،والربو ،والصداع النصفي وغيرها .حيث
يتصف ذوو الشخصية الصلبة بالتفاؤل والهدوء االنفعالي ،والتعامل الفعال والمباشر مع الضغوط .لذلك،
فإنهم يحققون النجاح في التعامل مع الضغوط ،ويستطيعون تحويل المواقف الضاغطة إلى مواقف أقل
تهديدا (عبد المنعم عبد هللا حسيب ،2007 ،ص.)165 .
وعن الصالبة النفسية والصحة النفسية ،كانت دراسة هول وآخرون ) (Hull et al., 1987التي
هدفت إلى معرفة العالقة بين الصالبة النفسية وكل من تقدير الذات واالكتئاب واالتجاهات نحو الذات
واالرتباط االجتماعي ،على عينة من الطالب (ن = .)138فطبقوا استبيانات تقيس الصالبة النفسية
وتقدير الذات والقلق االجتماعي والخجل والوعي بالذات والوعي باآلخرين .وبينت النتيجة وجود ارتباط
سالب بين الصالبة النفسية واالكتئاب .ووجود ارتباط موجب بين الصالبة النفسية وتقدير الذات اإليجابي،
وأن األشخاص األقل صالبة أكثر نقدا لذواتهم وأكثر شعورا وتعميما لخبرات الفشل (عماد محمد أحمد
مخيمر ،2002 ،ص.)9 .
في دراسة قام بها كل من هوالهان و موس ) ،(Holahan & Moos, 1985على عينة مكونة من
267من الذكور وإلناث ،بلغ متوسط أعمار الرجال 44سنة ،ومتوسط عمر النساء 42سنة .فبينت
النتائج أن البيئة األسرية ،التي تتسم بالدفء والحب ،تجعل الفرد أكثر صالبة وفاعلية ،وقدرة على
الم واجهة ،وأقل اكتئابا .كما بينت وجود فروق بين الذكور واإلناث في متغيرات الشخصية ،والمساندة
االجتماعية ،حيث كان الرجال أكثر ثقة بالنفس ،وأكثر صالبة من النساء .في حين كانت النساء أكثر سعيا
إلى المساندة االجتماعية في مواجهة الضغوط (عويد سلطان المشعان ،2011 ،ص.)57 .
وفي دراسة أخرى قام بها كل من هوالهان و موس ( ،)1987هدفت إلى معرفة مصادر المقاومة
وعوامل الخطورة Risk factorsوأي العوامل التي تزيد من قابلية الفرد لإلصابة باألمراض الجسمية
والنفسية .تكونت العينة من اآلباء واألمهات وأبنائهم (ن = 454؛ منهم 194ذكرا 230 ،أنثى) .بلغ
متوسط أعمار اآلباء واألمهات 39سنة .طبقت عليهم قائمة هولمز وراهي ألحداث الحياة ،واستبيان
لقياس البيئة األسرية ،وقائمة لقياس سمات الشخصية ،وقياس األمراض السيكوسوماتية واالكتئاب .إضافة
إلى قياس القلق والمشكالت االنفعالية لألطفال .توصلت النتيجة إلى أن اآلباء الذين يشعرون بالثقة،
ويمثلون نماذج الثقة والصالبة ،ويبدون مساندة انفعالية ألبنائهم ،فإن األبناء يصبحون أكثر ثقة وطموحا
وصالبة (عماد محمد أحمد مخيمر ،2002 ،صص 10 .ـ .)11
54
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
تقنين مقياس الصالبة النفسية في المجتمع الجزائري
وهناك دراسات أخرى اهتمت بتفاعل الصالبة النفسية والمساندة االجتماعية ،Social support
كمتغيرين وقائيين في التخفيف من حدة الضغوط النفسية.
أجرت كوباسا و بكسيتي ) (Kobasa & Puccetti, 1983دراسة بهدف معرفة دور كل من المساندة
االجتماعية والصالبة النفسية كمتغيرين وسيطين بين إدراك الضغوط وأعراض االكتئاب ،على عينة
تتكون من 170من رجال األعمال ،تراوحت أعمارهم بين 32ـ 65سنة .طبقا عليهم استبيان الصالبة ّ
النفسية ،واستبيان موس للمساندة االجتماعية ،وقائمة وايلر لألمراض الجسمية والنفسية ،واستبيان لقياس
األحداث الضاغطة .فجاءت النتائج تشير إلى وجود ارتباط موجب ودال إحصائيا بين إدراك أحداث الحياة
ال ضاغطة والمرض الجسمي واالكتئاب .كما بينت النتائج أن افتقاد الفرد إلى المساندة االجتماعية أو
الصالبة النفسية أو كالهما ،فإنه عند تعرضه للضغوط ،فمن األرجح أن يصاب باالكتئاب .حيث أشارت
النتائج إلى أن افتقاد المساندة االجتماعية وكذلك افتقاد الصالبة النفسية ،يرتبط باالكتئاب والمرض
الجسمي .كما أشارت النتائج إلى أنه بغض النظر عن مستوى وشدة الضغوط ،فإن األفراد األعلى في
الصالبة النفسية أقل مرضا من األفراد األقل في الصالبة النفسية .كما أن المساندة من رؤساء العمل تؤدي
دورا هاما بجانب المساندة من األسرة للوقاية من أثر الضغوط في العمل (عماد محمد أحمد مخيمر،
،2002صص 11 .ـ .)12
ودراسة جانيلين و بالني ) (Ganellen & Blaney, 1984بهدف معرفة دور الصالبة النفسية
وتكونت العينة من 38ّ والمساندة االجتماعية كمتغيرين يخففان من وقع األحداث الضاغطة على الفرد.
طالبة من علم النفس .طبقا عليهن قائمة الضغوط لهولمز ،واستبيان الصالبة النفسية لكوباسا ،واستبيان
المساندة االجتماعية لموس ) ،(Moos, 1981إضافة إلى قائمة بيك لالكتئاب .أشارت النتائج إلى أن
الصالبة النفسية تتفاعل مع المساندة االجتماعية تقوي المصادر النفسية ،وتزيد من شعور الفرد بالقيمة
واألهمية ،ومن قدرته على التحدي ،مما يجعله أكثر نجاحا في مواجهة الضغوط .كما أشارت النتائج إلى
وجود ارتباط موجب ودال إحصائيا بين إدراك الضغوط واالكتئاب لدى طالبات الجامعة ،إال أن هذه
العالقة تقل مع وجود الصالبة النفسية والمساندة االجتماعية اللتان تقلالن من وقع الضغوط (عماد محمد
مخيمر ،1997 ،ص.)110 .
في دراسة قام بها غانم ( )2007بهدف معرفة العالقة بين االضطرابات السيكوسوماتية والضغوط
والصالبة لدى مرضى السكري من النوع الثاني .وهي دراسة مقارنة بين المرضى واألصحاء .تكونت
عينة المرضى من 200ذكرا من مدينة القاهرة تراوحت أعمارهم بين 34ـ 69عاما بمتوسط قدره
45.03عاما وانحراف معياري قدره 3.32عاما ،و 200أنثى تراوحت أعمارهن بين 33ـ 69عاما
بمتوسط حسابي قدره 49.47عاما وانحراف معياري قدره 2.64عاما .وتكونت عينة األصحاء من نفس
العدد ذكورا وإناثا ،ومن نفس األعمار .وبعد تطبيق أدوات القياس على العينات األربعة ،تبين من نتائج
الدراسة أن الفروق في الصالبة النفسية كانت لصالح األصحاء الذكور واإلناث وفي األبعاد الثالثة (محمد
حسن غانم ،2007 ،صص 66 .ـ .)82
وفي دراسة العالقة بين الصالبة النفسية وتناول الكحول والمخدرات .قام مادي وآخرون (Maddi et
) al., 1996بدراسة على 226فردا من طلبة الجامعة ،تراوحت أعمارهم بين 18ـ 37سنة .طبقوا عليهم
استخبارا يبين مدى استعمالهم للكحول والمخدرات في مرحلة المراهقة ،واستبيانا للصالبة النفسية .فدلت
النتائج على وجود ارتباط سالب بين الصالبة النفسية وتناول الكحول والمخدرات فيما سبق .بمعنى أن
األفراد ذوي الصالبة النفسية المرتفعة ذكروا تعاطيا أقل للكحول والمخدرات ،أما األفراد ذوو الصالبة
النفسية المنخفضة فذكروا درجة أكبر لتعاطيهم للكحول والمخدرات ،سواء في السابق أم في الحاضر.
وقام كالرك ) (Clarke, 1995بدراسة كان الهدف منها فحص قابلية التعرض للضغوط وعالقته بعدة
عوامل وهي الجنس والسن ومصدر الضبط والصالبة النفسية ونمط السلوك ـ أ .وتكونت العينة من 283
فردا من طالب الجامعة في نيوزلندا .ودلت النتائج على أن التباين في عاملي الصالبة النفسية والسن هو
األكثر مساهمة في تحديد مدى التعرض للضغوط .فقد كان األفراد األكثر صالبة واألصغر سنا ذوي
عادات صحية جيدة ،مقارنة باألفراد األكبر سنا واألقل صالبة نفسية.
55
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
تقنين مقياس الصالبة النفسية في المجتمع الجزائري
وبهدف معرفة دور عمليات المواجهة كوسائط في العالقة بين الصالبة النفسية والصحة الجسمية ،قام
وليامز وآخرون ) (Williams et al., 1992بدراسة على 139فردا من طلبة الجامعة ( 58ذكرا و 81
أنثى) .فأظهرت النتائج أن الصالبة النفسية ارتبطت إيجابيا بأساليب المواجهة الفعالة ،مثل التركيز على
المشكلة ،أو البحث عن الدعم البناء ،بينما ارتبطت الصالبة النفسية سلبيا بأساليب المواجهة غير الفعالة
مثل :التجنب .وبشكل عام ارتبطت الصالبة النفسية بعدد قليل من األمراض الجسمية ،التي ذكر أفراد
العينة أنهم يعانون منها.
وفي دراسة قام بها السيد ( )2007كان هدفها معرفة العالقة بين الذكاء االنفعالي والصالبة
النفسية.وتكونت عينتها من 242من طالب الجامعة؛ منهم 90ذكرا 152 ،أنثى من البدو والحضر .فبينت
النتائج وجود ارتباط موجب ودال إحصائيا بين الذكاء االنفعالي والصالبة النفسية( .عبد المنعم عبد هللا
حسيب ،2007 ،صص 171 .ـ .)180
قائمة الصالبة النفسية
أعد هذه القائمة عماد محمد أحمد مخيمر ( .)2002تتكون في األصل من 47بندا ،موزعة على ثالثة
أبعاد هي )1 :االلتزام ويقيسه 16بندا )1 .التحكم وتقيسه 15بندا ،وأضاف الباحث الحالي إلى هذا البعد
بندا واحدا وهو رقم ،47فصار عددها 16بندا )3 .التحدي وتقيسه 16بندا .وصار عدد البنود في القائمة
كلها 48بندا ،يجاب عنها بأسلوب تقريري ،وتصحح إجابات المفحوصين ضمن أربعة بدائل هي :ال وتنال
صفرا .قليال وتنال درجة واحدة .متوسطا وتنال درجتين .كثيرا وتنال ثالث درجات .وبالتالي تتراوح
درجة كل مفحوص نظريا بين :صفر ـ .144وارتفاع الدرجة يعني ارتفاع الصالبة النفسية.
56
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
تقنين مقياس الصالبة النفسية في المجتمع الجزائري
)1الصدق التمييزي
عينة الذكور
لحساب هذا النوع من الصدق ،تم استعمال طريقة المقارنة الطرفية .حيث تمت المقارنة بين عينتين تم
سحبهما من طرفي الدرجات لعينة الذكور ،حجم كل عينة يساوي 26مفحوص بواقع سحب % 27من
العينة الكلية (ن = .)95
جدول ( )1يبين قيم "ت" لداللة الفرق بين المتوسطين الحسابيين لعينة الذكور
العينة الدنيا ن = 26 العينة العليا ن = 26 العينة
قيمة "ت"
ع م ع م المتغير
***24.71 3.43 23.67 2.24 43.44 االلتزام
***15.17 5.61 20.78 2.93 39.89 التحكم
***35.96 2.17 25.22 1.66 45 التحدي
***13.41 18.8 71.42 6.91 124.12 الدرجة الكلية
*** قيمة "ت" دالة إحصائيا عند مستوى .0.001
يتبين من قيم "ت" في الجدول رقم ( )1أن القائمة تتميز بقدرة كبيرة على التمييز بين المرتفعين
والمنخفضين في الصالبة النفسية .مما يجعلها تتصف بمستوى عال من الصدق لدى عينة الذكور.
عينة اإلناث
تمت المقارنة كذلك بين عينتين تم سحبهما من طرفي الدرجات لعينة اإلناث ،حجم كل عينة يساوي 26
مفحوصة بواقع سحب % 27من العينة الكلية (ن = .)95
جدول ( )2يبين قيم "ت" لداللة الفرق بين المتوسطين الحسابيين لعينة اإلناث
العينة الدنيا ن = 26 العينة العليا ن = 26 العينة
قيمة "ت"
ع م ع م المتغير
***17.64 2.27 29.07 2.27 40.36 االلتزام
***13.81 4.75 25.50 2.29 40 التحكم
***10.20 7.72 24.5 3.30 41.64 التحدي
***20.67 11.53 72.61 5.84 125.93 الدرجة الكلية
*** قيمة "ت" دالة إحصائيا عند مستوى .0.001
يتبين من قيم "ت" في الجدول رقم ( )2أن القائمة تتميز بقدرة كبيرة على التمييز بين المرتفعين
والمنخفضين في الصالبة النفسية .مما يجعلها تتصف بمستوى عال من الصدق لدى عينة اإلناث.
)2الصدق االتفاقي
لحساب هذا النوع من الصدق ،تم تطبيق قائمة الصالبة النفسية مع استبيان االلتزام الشخصي (جمال
السيد تفاحة ،عبد المنعم عبد هللا حسيب 306 ،2002 ،ـ .)307واستبيان المساندة االجتماعية ،إعداد:
السيد إبراهيم السمادوني (فهد بن عبد هللا الربيعة .)40 ،1997 ،واستبيان سلم السعادة (هيثر سامرز ،آن
واتسون 3 ،2006 ،ـ .)5واستبيان الدافعية إلى اإلنجاز (عبد اللطيف محمد خليفة .)2006 ،وقائمة الدافع
إلى اإلنجاز (محمود عبد القادر محمد .)1977 ،وقائمة الثقة بالنفس (فريح عويد العنزي.)1999 ،
57
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
تقنين مقياس الصالبة النفسية في المجتمع الجزائري
ويبين الجدول رقم ( )3معامالت االرتباط بين قائمة الصالبة النفسية وكل من االلتزام الشخصي،
المساندة االجتماعية ،سلم السعادة ،الدافع إلى اإلنجاز (خليفة) ،الدافع إلى اإلنجاز (عبد القادر) ،الثقة
بالنفس (العنزي).
جدول ()3
معامالت الصدق حجم العينات جنس العينات المتغيّرات
**0.791 41 ذكور
االلتزام الشخصي
**0.698 43 إناث
**0.504 32 ذكور المساندة
0.119 58 إناث االجتماعية
**0.775 16 ذكور
سلم السعادة
**0.615 45 إناث
**0.926 18 ذكور
إناث الدافع إلى اإلنجاز قائمة الصالبة
*0.459 28
ذكور وإناث (خليفة) النفسية
**0.644 46
**0.855 14 ذكور
إناث الدافع إلى اإلنجاز
*0.506 23
ذكور وإناث (عبد القادر)
**0.674 37
**0.473 88 ذكور
إناث الثقة بالنفس
**0.693 104
ذكور وإناث (العنزي)
**0.558 192
** دالة إحصائيا عند مستوى .0.01
يتبين من معامالت الصدق االتفاقي في الجدول رقم ( )3أن قائمة الصالبة النفسية تتصف بمعامالت
صدق مرتفعة.
58
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
تقنين مقياس الصالبة النفسية في المجتمع الجزائري
جدول ( )5يبين معامالت االرتباط بين قائمة الصالبة النفسية ومتغيري التشاؤم واليأس
معامالت الصدق حجم العينات جنس العينات المتغيّرات
**0.566 - 53 ذكور التشاؤم (عبد
**0.542 - 51 إناث الخالق) قائمة الصالبة
**0.612 - 53 ذكور النفسية
اليأس (بيك)
**0.600 - 51 إناث
** دالة إحصائيا عند مستوى .0.01
يتبين من معامالت الصدق التعارضي في الجدول رقم ( )5أن قائمة الصالبة النفسية تتصف بمعامالت
صدق مرتفعة.
الثبات
تم حساب الثبات بطريقتين.
)1طريقة إعادة تطبيق االختبار
)2معامل ألفا.
جدول ( )6يبين معامالت الثبات بطريقة إعادة التطبيق وطريقة حساب معامل ألفا لكرونباخ
معامالت الثبات حجم العينات جنس العينات نوع معامل الثبات
**0.714 46 ذكور طريقة إعادة التطبيق
**0.721 49 إناث (بعد 18يوما)
0.823 46 ذكور
معامل ألفا لكرونباخ
0.831 49 إناث
** دالة إحصائيا عند مستوى .0.01
يتبين من معامالت الصدق والثبات التي تم الحصول عليها ،أن قائمة الصالبة النفسية تتميز بشروط
سيكومترية مرتفعة على عينات من البيئة الجزائرية ،مما يجعلها صالحة لالستعمال بكل اطمئنان ،سواء
في مجال البحث النفسي أو مجال التشخيص العيادي.
59
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
تقنين مقياس الصالبة النفسية في المجتمع الجزائري
ع = االنحراف المعياري ،مج = مجموع ،س = الدرجة ،ن = عدد أفراد العينة ،م = المتوسط
الحسابي.
تس تعمل الدرجات المعيارية التائية في مقارنة درجة فرد بغيره ممن في مثل جنسه أو سنه أو مستواه التعليمي .ولكنها ال تستعمل إطالقا في حال
إجراء البحوث ،حيث تستعمل الدرجات الخام التي حصل عليها المفحوصون على أدوات القياس التي أجابوا عن بنودها.
60
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
تقنين مقياس الصالبة النفسية في المجتمع الجزائري
عينة الذكور
جدول ( )8يبين العمر وحجم العينة والمتوسطات الحسابية واالنحرافات المعيارية للدرجة الكلية
ودرجات األبعاد الفرعية
االنحراف المعياري المتوسط الحسابي المتغيرات حجم العينة المدى العمري الجنس
7.68 33.25 االلتزام
7.67 30.42 التحكم
191 15ـ 50 ذكور
7.84 34.67 التحدي
19.63 100.14 الدرجة الكلية
4.97 34.51 االلتزام
6.62 33.07 التحكم
201 15ـ 40 إناث
8.28 33.40 التحدي
14.97 105.84 الدرجة الكلية
عينة الذكور
جدول ( )9يبين الدرجات الخام والدرجات المعيارية التائية لعينة الذكور ن = 191
درجة تائية درجة خام درجة تائية درجة خام درجة تائية درجة خام درجة تائية درجة خام
56 111 38 76 19 40 1 4
56 112 38 77 20 41 2 5
57 113 39 78 20 42 2 6
57 114 39 79 21 43 3 7
58 115 40 80 21 44 3 8
58 116 40 81 22 45 4 9
59 117 41 82 22 46 4 10
59 118 41 83 23 47 5 11
60 119 42 84 23 48 5 12
60 120 42 85 24 49 6 13
61 121 43 86 24 50 6 14
61 122 43 87 25 51 7 15
62 123 44 88 25 52 7 16
62 124 44 89 26 53 8 17
63 125 45 90 26 54 8 18
63 126 45 91 27 55 9 19
64 127 46 92 28 56 9 20
64 128 46 93 28 57 10 21
65 129 47 94 29 58 10 22
65 130 47 95 29 59 11 23
66 131 48 96 30 60 11 24
66 132 48 97 30 61 12 25
67 133 49 98 31 62 12 26
61
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
تقنين مقياس الصالبة النفسية في المجتمع الجزائري
عينة اإلناث
جدول ( )10يبين الدرجات الخام والدرجات المعيارية التائية لعينة اإلناث ن = 201
درجة تائية درجة خام درجة تائية درجة خام درجة تائية درجة خام درجة تائية درجة خام
57 117 39 89 20 61 1 33
58 118 39 90 21 62 2 34
59 119 40 91 21 63 3 35
59 120 41 92 22 64 3 36
60 121 41 93 23 65 4 37
61 122 42 94 23 66 5 38
61 123 43 95 24 67 5 39
62 124 43 96 25 68 6 40
63 125 44 97 25 69 7 41
63 126 45 98 26 70 7 42
64 127 45 99 27 71 8 43
65 128 46 100 27 72 9 44
65 129 47 101 28 73 9 45
66 130 47 102 29 74 10 46
67 131 48 103 29 75 11 47
67 132 49 104 30 76 11 48
68 133 49 105 31 77 12 49
69 134 50 106 31 78 13 50
69 135 51 107 32 79 13 51
70 136 51 108 33 80 14 52
71 137 52 109 33 81 15 53
71 138 53 110 34 82 15 54
72 139 53 111 35 83 16 55
73 140 54 112 35 84 17 56
73 141 55 113 36 85 17 57
74 142 55 114 37 86 18 58
75 143 56 115 37 87 19 59
75 144 57 116 38 88 19 60
62
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
تقنين مقياس الصالبة النفسية في المجتمع الجزائري
عينة اإلناث
جدول ( )12يبين الدرجات الفاصلة لتحديد مستويات الصالبة النفسية لدى عينة اإلناث ن = 201
مستويات المساندة االجتماعية الدرجة المعيارية التائية الدرجة الكلية الخام
الصالبة النفسية منخفضة 1ـ 40 33ـ 91
الصالبة النفسية متوسطة 41ـ 60 92ـ 121
الصالبة النفسية مرتفعة 61ـ 75 122ـ 144
63
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
تقنين مقياس الصالبة النفسية في المجتمع الجزائري
المراجع
عبد اللطيف محمد خليفة ( .)2006مقياس الدافعية لإلنجاز .القاهرة ،دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع.
عبد المنعم عبد هللا حسيب ( .)2007أبعاد الذكاء االنفعالي وعالقتها باستراتيجيات التعامل مع الضغوط والصالبة
النفسية واإلحساس بالكفاءة الذاتية .مجلة اإلرشاد النفسي ،العدد الحادي والعشرون .القاهرة ،مركز اإلرشاد النفسي جامعة
عين شمس.
عماد محمد مخيمر ( .) 1996إدراك القبول الرفض الوالدي وعالقته بالصالبة النفسية لطالب الجامعة .دراسات نفسية،
المجلد السادس العدد الثاني .القاهرة ،رابطة األخصائيين النفسيين المصرية (رانم).
عماد محمد مخيمر ( .) 1997الصالبة النفسية والمساندة االجتماعية متغيرات وسيطة في العالقة بين ضغوط الحياة
وأعراض االكتئاب لدى الشباب الجامعي .المجلة المصرية للدراسات النفسية ،المجلد السابع العدد السابع عشر .القاهرة،
الجمعية المصرية للدراسات النفسية.
عماد محمد أحمد مخيمر ( .)2002استبيان الصالبة النفسية "دليل االستبيان" .القاهرة ،مكتبة األنجلو المصرية.
فريح عويد العنزي ( .) 1999الثقة بالنفس وعالقتها بالعوامل الخمسة الكبرى في الشخصية .دراسات نفسية ،المجلد
التاسع العدد الثالث .القاهرة ،رابطة األخصائيين النفسيين المصرية (رانم).
لولوة حمادة ،حسن عبد اللطيف ( .)2002الصالبة النفسية والرغبة في التحكم لدى طالب الجامعة .دراسات نفسية،
المجلد الثاني عشر ،العدد الثاني .القاهرة ،رابطة األخصائيين النفسيين المصرية (رانم).
مارتن سيلجمان ( .)2002السعادة الحقيقية ،استخدام علم النفس اإليجابي الحديث لتحقيق أقصى ما يمكنك من اإلشباع
الدائم .الرياض ،مكتبة جرير.
محمد حسن غانم ( .)2007االضطرابات السيكوسوماتية وعالقتها بالضغوط والصالبة النفسية وبعض متغيرات
الشخصية لدى مرضى السكر من النوع الثاني .دراسات عربية في علم النفس ،المجلد السادس العدد الثاني .القاهرة ،رابطة
األخصائيين النفسيين المصرية (رانم).
محمود عبد القادر محمد ( .)1977دراستان في دوافع اإلنجاز وسيكولوجية التحديث للشباب الجامعي .القاهرة ،مكتبة
األنجلو المصرية.
ممدوحة محمد سالمة ( 1991ـ أ) .االعتمادية والتقييم السلبي للذات والحياة لدى المكتئبين وغير المكتئبين .دراسات
نفسية ،ك 1ع .2القاهرة ،رابطة األخصائيين المصرية (رانم).
ممدوحة محمد سالمة ( 1991ـ ب) .المعاناة االقتصادية وتقدير الذات والشعور بالوحدة النفسية لدى طالب الجامعة.
دراسات نفسية ،ك 1ع .3القاهرة ،رابطة األخصائيين المصرية (رانم).
64
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
تقنين مقياس الصالبة النفسية في المجتمع الجزائري
ملحق
قائمة الصالبة النفسية
عماد محمد أحمد مخيمر ()2002
تعديل :بشير معمرية ()2011
الجنس ..............العمر .......................المهنة .........................................
المستوى التعليمي ..................................................
التخصص التعليمي .................................................
تعليمات
فيما يلي مجموعة من العبارات تتحدث عن رؤيتك لشخصيتك وكيف تواجه المواقف والضغوط في
الحياة .اقرأ كل عبارة منها وأجب عنها بوضع عالمة Xتحت كلمة ال أو قليال أو متوسطا أو كثيرا .وذلك
حسب انطباق العبارة عليك .أجب عن كل العبارات.
65
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
تقنين مقياس الصالبة النفسية في المجتمع الجزائري
.... .... .... .... .24عندما أنجح في حل مشكلة أجد متعة في التحرك لحل مشكلة أخرى
.... .... .... .... .25أعتقد أن االتصال باآلخرين ومشاركتهم انشغاالتهم عمل جيد
.... .... .... .... .26أستطيع التحكم في مجرى أمور حياتي
.... .... .... .... .27أعتقد أن مواجهة المشكالت اختبار لقوة تحملي وقدرتي على حلها
.... .... .... .... .28اهتمامي باألعمال واألنشطة يفوق بكثير اهتمامي بنفسي
.... .... .... .... .29أعتقد أن العمل السيء وغير الناجح يعود إلى سوء التخطيط
.... .... .... .... .30لدي حب المغامرة والرغبة في استكشاف ما يحيط بي
.... .... .... .... .31أبادر بعمل أي شيء أعتقد أنه يفيد أسرتي أو مجتمعي
.... .... .... .... .32أعتقد أن تأثيري قوي على األحداث التي تقع لي
.... .... .... .... .33أبادر في مواجهة المشكالت ألني أثق في قدرتي على حلها
.... .... .... .... .34أهتم بما يحدث حولي من قضايا وأحداث
.... .... .... .... .35أعتقد أن حياة الناس تتأثر بطرق تفكيرهم وتخطيطهم ألنشطتهم
.... .... .... .... .36إن الحياة المتنوعة والمثيرة هي الحياة الممتعة بالنسبة لي
.37إن الحياة التي نتعرض فيها للضغوط ونعمل على مواجهتها هي
.... .... .... ....
التي يجب أن نحياها
.38إن النجاح الذي أحققه بجهدي هو الذي أشعر معه بالمتعة واالعتزاز
.... .... .... ....
وليس الذي أحققه بالصدفة
.... .... .... .... .39أعتقد أن الحياة التي ال يحدث فيها تحدّ هي حياة مملة
.... .... .... .... .40أشعر بالمسؤولية تجاه اآلخرين وأبادر إلى مساعدتهم
.... .... .... .... .41أعتقد أن لي تأثيرا قويا على ما يجري لي من أحداث
.... .... .... .... .42أتوقع التغيرات التي تحدث في الحياة وال تخيفني ألنها أمور طبيعية
.... .... .... .... .43أهتم بقضايا أسرتي ومجتمعي وأشارك فيها كلما أمكن ذلك
.... .... .... .... .44أخطط ألمور حياتي وال أتركها للحظ والصدفة والظروف الخارجية
.... .... .... .... .45إن التغير هو سنة الحياة والمهم هو القدرة على مواجهته بنجاح
.... .... .... .... .46أبقى ثابتا على مبادئي وقيمي حتى إذا تغيرت الظروف
.... .... .... .... .47أشعر أني أتحكم فيما يحيط بي من أحداث
.... .... .... .... .48أشعر أني قوي في مواجهة المشكالت حتى قبل أن تحدث
66
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
القراءة والخصوصيات الفونولوجية والمورفولوجية للغة العربية :دراسة مقارنة بين جيدي وعسيري القراءة
القراءة والخصوصيات الفونولوجية والمورفولوجية للغة العربية :دراسة مقارنة بين جيدي
وعسيري القراءة
ملخص
تشكل القراءة واحدة من الكفاءات المدرسية األساسية التي يمثل تعلمها شرطا ضروريا للنجاح
المدرسي وا الندماج االجتماعي والمهني والثقافي .غير أن سيرورة هذا التعلم قد تعترضها مجموعة من
الصعوبات واالضطرابات ،من أبرزها الدسليكسيا (عسر القراءة) .وتؤثر الخصائص الفونولوجية
والمورفولوجية ،التي تتميز بها اللغة العربية عن اللغات األخرى ،في سيرورة تعلم قراءتها ،وكذلك األمر
من ناحية االضطرابات التي قد تعيق هذا التعلم كما تفعل الدسليكسيا .هذه األخيرة وإن كانت اضطرابا
عصبيا نمائيا تحدده أعراض واضحة ،على اعتبار أن عسر القراءة أو الدسليكسيا في مختلف اللغات لها
أصل بيولوجي كوني ،إال أن للخصوصية اللغوية وللوعي اللساني تأثير في تيسير أو تعقيد األداء القرائي،
وبالتالي إمكانية تعميق درجة العجز في الدسليكسيا .وقد هدفت هذه الدراسة إلى تبيان تأثير الخصوصيات
الفونولوجية والمورفولوجية للغة العربية على القراءة وعلى الدسليكسيا لدى 20مصابا بعسر القراءة ،و
20من جيدي القراءة .وقد أظهرت النتائج تأثير الخصوصيات الفونولوجية والمورفولوجية للغة العربية
على القراءة عموما ،وعلى عسر القراءة على وجه الخصوص.
.
الكلمات المفتاحية :القراءة؛ الدسليكسيا (عسر القراءة)؛ الوعي الفونولوجي؛ الوعي المورفولوجي.
Abstract
Reading is one of the main school competencies which its learning is
determinant for school success; in addition to social, professional and cultural
integration. However, its learning process may be hampered by many difficulties
and disorders, particularly dyslexia. The characteristics of Arabic, particularly
phonologico-morphological ones, that differentiated it from other languages,
influence the process of learning to read in Arabic, as well as reading disorders
such as dyslexia. Although dyslexia is a neurodevelopmental disorder
determined by clear symptoms, and is caused by univerasl biological origins; the
phonologico-morphological characteristics could facilitate or complicate reading
performance, and then deepning dyslexia disorder. The current study aimed to
explore the effect of phonologico-morphological characteristics on reading and
67
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
دراسة مقارنة بين جيدي وعسيري القراءة:القراءة والخصوصيات الفونولوجية والمورفولوجية للغة العربية
68
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
القراءة والخصوصيات الفونولوجية والمورفولوجية للغة العربية :دراسة مقارنة بين جيدي وعسيري القراءة
مقدمة
لقد ظل موضوع تعلم القراءة يطرح إشكاالت بحث متنوعة تتطلب الكشف والدراسة والمعاينة؛ وبهذا
شكل هذا الموضوع مجاال خصبا لتبادل األفكار والتجارب بين المهتمين بهذه القدرة األساسية
والضرورية ،لكونها تعد من أهم المهارات التي يبني من خاللها الطفل العديد من قدراته وكفاءاته الالحقة.
وإذا كان التمكن من فعل القراءة يمثل أحد أهم الشروط الضرورية للنجاح الدراسي واالندماج
السوسيومهني والثقافي ،فإنه نادرا ما يتم التنصيص عندنا في المغرب وفي العالم العربي عامة على أهمية
القراءة كمفتاح لتحقيق جانب من هذا النجاح واالندماج .فالمدرسون والمربون واآلباء عادة ما يتجاهلون
كفاءة القراءة ومختلف المشاكل والصعوبات المرتبطة باكتسابها لدى كثير من األطفال المتمدرسين
(أحرشاو .)a2015 ،وهو األمر الذي سيحيلنا إلى االختالالت واالضطرابات التي قد تحدث في سيرورة
نشاط التعلم القرائي .ونتحدث في هذا اإلطار بالخصوص عن ما يسمى بالدسليكسيا أو عسر القراءة .هذه
الظاهرة أثارت اهتمام الباحثين والمهتمين بالكفاءات المعرفية والمدرسية وباالضطرابات التعلمية ،ألن
تأثيرها ال يشمل القراءة ككفاءة أساسية فقط ،بل يطال عددا من الكفاءات المعرفية األخرى المرتبطة بها.
وبما أن القراءة تختلف باختالف اللغات وخصوصياتها ،فمن الطبيعي أن تختلف الدسليكسيا كذلك،
باعتبارها اضطرابا في القراءة ،من الطبيعي أن تختلف وتتأثر بهذه الخصوصيات البين-لغوية ،خاصة ما
يرتبط منها بالخصوصيات األرطغرافية ،والفونولوجية ،والمورفولوجية.
مشكلة الدراسة
إذا كانت القراءة تمثل أبرز الكفاءات المدرسية التي يمثل تعلمها شرطا ضروريا لتحقيق النجاح
المدرسي واالندماج االجتماعي والمهني والثقافي .فإن سيرورة هذا التعلم ال تتم دائما بشكل طبيعي ،بحيث
قد تعترضها مجموعة من العوائق واالضطرابات تبقى الدسليكسيا أبرزها.
وانطالقا من المميزات التي تنفرد بها اللغة العربية ،وبالخصوص ما يرتبط منها بالخصائص
الفونولوجية والمورفولوجية التي تتميز بها هذه اللغة عن باقي اللغات األخرى ،فمن الطبيعي أن يكون
لذلك تأثير في سيرورة تعلم القراءة وفي األداء القرائي بالعربية ،وكذلك األمر بالنسبة لالضطرابات التي
قد تعيق هذا التعلم من قبيل الدسليكسيا.
وبذلك فموضوع الدراسة يتناول إشكالية القراءة (خاصة في جانبها المضطرب) في ارتباطها
بخصوصيات اللغة العربية ،وبشكل محدد ،الخصوصيات الفونولوجية والمورفولوجية من خالل المقارنة
بين عينة من عسيري القراءة وأخرى من جيدي القراءة.
أهداف الدراسة
تتلخص أهداف هذه الدراسة في الجوانب التالية:
* الكشف عن مدى ارتباط الخصوصيات الفونولوجية والمورفولوجية التي تميز اللغة العربية بمستوى
األداء القرائي في هذه اللغة ،وخاصة األداء المضطرب (لدى عسيري القراءة).
* رصد م دى أهمية وعي الطفل بالبنية الفونولوجية والمورفولوجية للغة العربية في نمو كفاءته في
القراءة ،وبالخصوص التعرف على الكلمات المكتوبة.
* فتح آفاق جديدة للبحث في موضوع عالقة الدسليكسيا بخصوصيات اللغة العربية.
حدود الدراسة
تندرج الدراسة الحالية في إطار علم النفس العصبي المعرفي ،وتفحص جانب االضطرابات العصبية
النمائية ،وخاصة اضطرابات التعلم ،وبالخصوص اضطراب تعلم القراءة أو الدسليكسيا .وهي تندرج
عموما في إطار التقييم المعرفي (تقييم كفاءة القراءة).
وفي ما يرتبط بجانب خصوصية اللغة العربية ،ينبغي التوضيح بأننا لم نهدف االهتمام بجميع جوانب
هذه اللغة (الصرفية ،النحوية ،المعجمية ،التركيبية ،)...بل سعينا فقط إلى تلمس بعض جوانب الخصوصية
الفونولوجية ،والمورفولوجية للغة العربية ،وبخاصة ما يرتبط منها بجانب القراءة ،وبالخصوص عملية
التعرف على الكلمات المكتوبة.
69
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
القراءة والخصوصيات الفونولوجية والمورفولوجية للغة العربية :دراسة مقارنة بين جيدي وعسيري القراءة
مفاهيم الدراسة
* القراءة :هي سيرورة معرفية ال يمكن أن تختزل في مجرد نشاط بصري ،حيث تبدأ بالتعرف على
الكلمات ،وتنتهي بالفهم القرائي .إال أن ما يهمنا في هذا البحث هو مرحلة التعرف على الكلمات ،وهي
عملية معقدة تتطلب مجموعة من اإلجراءات الهادفة إلى تحويل الحروف المكتوبة والمكونة للكلمات ،إلى
متتاليات من األصوات المفهومة .ويتم قياس درجة هذه العملية بمدى سرعة ودقة النطق الصحيح للكلمات
المكتوبة.
* الدسليكسيا (عسر القراءة) :هي اضطراب في تعلم القراءة ،ينتج عن اختالالت عصبية نمائية،
وتتمثل سمته األساسية في العجز في التعرف على الكلمات المكتوبة ،أو مطابقة الوحدات الخطية المكتوبة
(الحروف والغرافيمات) ،بالوحدات الصوتية أو الفونيمات التي توافقها.
* الوعي الفونولوجي :نقصد به الوعي بالبنية الصوتية للمكتوب ،والقدرة على تحريك مكونات الكلمة
وتجزيئها إلى مقاطع ووحدات صوتية صغرى (فونيمات) ،وذلك من خالل القدرة على حذف الفونيمات
واستبدال بعضها ببعض ،وكذلك دمج المقاطع.
* الوعي المورفولوجي :نقصد به القدرة على استعمال المعارف االشتقاقية والتصريفية باإلضافة إلى
وعي متقدم بالصيغ واألوزان التي يختص بها المستوى الصرفي من كل لغة ،وذلك من خالل القدرة على
الحكم على الروابط المورفولوجية ،والقدرة على التقطيع المورفولوجي.
فرضيات الدراسة
ألننا سنهتم بعالقة القراءة بالخصوصيات الفونولوجية والمورفولوجية للغة العربية ،فالفرضية
األساسية التي سنحاول الكشف عن مدى صحتها خالل هذه الدراسة هي أن الوعي بالبنيات الفونولوجية
والمورفولوجية له عالقة مباشرة بالقراءة في اللغة العربية ،في السيرورتين العادية والمضطربة لتعلم
القراءة ،أي لدى جيدي وعسيري القراءة ،ويمكن أن تتولد عن هذه الفرضية عدة فرضيات إجرائية أخرى
أهمها:
-1توجد عالقة ارتباطية إيجابية بين األداء في القراءة بالعربية ومستوى الوعي الفونولوجي.
-2توجد عالقة ارتباطية إيجابية بين األداء في القراءة بالعربية ومستوى الوعي المورفولوجي.
-3للعجز الفونولوجي تمظهر وارتباط قوي بمستوى األداء في القراءة بالعربية (بين جيدي وعسيري
القراءة) مقارنة بالعجز المورفولوجي.
منهج الدراسة
أدوات الدراسة
تمت صياغة أدوات الدراسة باالعتماد على بعض االختبارات الفرعية لمقياس ODEDYSالنسخة
الثانية ( .)2005كما استثمرنا بعض بنود اختبارات تقويم المعارف المورفولوجية للباحثة التونسية ناهيد
بوقديدة ) (Boukadida, 2008وقد عملنا على تصويب وتهذيب بعض من هذه االختبارات لتتماشى أوال
مع الخصوصية الثقافية واللغوية للمجتمع المغربي ،ولتتساوق ثانيا مع المستوى الدراسي لعناصر عينة
بحثنا ،حيث عمدنا بهذا الخصوص إلى تكييف محتويات وبنود كثير من هذه االختبارات.
70
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
القراءة والخصوصيات الفونولوجية والمورفولوجية للغة العربية :دراسة مقارنة بين جيدي وعسيري القراءة
دون محاولة فهمها) .وال يجب أن ننسى اعتماد عداد زمني (كرونومتر) ألجل حساب الوقت المستغرق
في قراءة متتاليات كل عمود ،التي تنقط على ،10مع ضرورة تسجيل األخطاء المرتكبة أثناء القراءة.
جدول ( :)1توزيع أفراد العينة حسب متغيري الجنس ومستوى األداء القرائي.
المجموع جيدو القراءة عسيرو القراءة الجنس المستوى الدراسي
20 10 10 ذكور الثالث ابتدائي
20 10 10 إناث
النتائج
71
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
القراءة والخصوصيات الفونولوجية والمورفولوجية للغة العربية :دراسة مقارنة بين جيدي وعسيري القراءة
جدول ( :)2المتوسطات العامة ألداءات أفراد العينة وقيمها الدنيا والعليا والنمطية
الفارق النمطي المتوسط أقصى حد أدنى حد
2,922 7,23 10 0 الخطية -قراءة الكلمات المنتظمة المعالجة
3,266 5,45 10 0 قراءة الكلمات غير المنتظمة الصواتية
3,342 6,40 10 0 قراءة الالكلمات
3,168 7,25 10 1 حذف فونيم الوعي الفونولوجي
2,757 7,20 10 2 دمج المقاطع
3,249 6,83 10 0 استبدال فونيم
2,172 8,00 10 0 الحكم على الروابط المورفولوجية الوعي المورفولوجي
3,212 5,13 10 0 التقطيع المورفولوجي
جدول ( :)4المتوسطات الخاصة بأداءات عسيري القراءة وقيمها الدنيا والقصوى والنمطية
الفارق النمطي المتوسط أقصى حد أدنى حد
2,471 5,00 9 0 الخطية -قراءة الكلمات المنتظمة المعالجة
2,089 2,95 7 0 قراءة الكلمات غير المنتظمة الصواتية
2,477 3,65 8 0 قراءة الالكلمات
2,498 4,65 9 1 حذف فونيم الوعي الفونولوجي
2,176 5,00 9 2 دمج المقاطع
2,929 4,45 8 0 استبدال فونيم
2,300 7,15 9 0 الروابط على الحكم الوعي المورفولوجي
المورفولوجية
1,755 2,35 5 0 التقطيع المورفولوجي
من خالل فحص نتائج أفراد العينة في مختلف االختبارات ،يتضح أن هناك تباينا في األداء .ويبدو من
خالل النتائج أن األداء في مختلف االختبارات يتباين تبعا لمستوى األداء القرائي ألفراد العينة ،بين جيدي
سجلت فيه متوسطات أداء عالية لدى جيدي القراءة في مجموع وعسيري القراءة ،ففي الوقت الذي ُ
االختبارات (قراءة الكلمات المنتظمة والكلمات غير المنتظمة والالكلمات ،والوعيين الفونولوجي
72
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
القراءة والخصوصيات الفونولوجية والمورفولوجية للغة العربية :دراسة مقارنة بين جيدي وعسيري القراءة
والمورفولوجي ،)...تم تسجيل متوسطات متدنية لدى مجموعة عسيري القراءة في هذه االختبارات نفسها،
فضال عن مجموعة من المالحظات االكلينيكية التي رصدناها على مستوى أدائهم وهم بصدد اإلجابة عن
بنود االختبارات (البطء وغياب الدقة)...؛ ذلك أنه كلما سجلت متوسطات أداء عالية في الوعيين
الفونولوجي والمورفولوجي ،كلما تبعها أداء جيد في مهمات قراءة الكلمات بمختلف أشكالها .ومن تم
فالنتائج التي توصلنا إليها عموما تؤكد مبدئيا أن الوعي الفونولوجي والمورفولوجي يلعبان دورا أساسيا
في تحديد طبيعة ومستوى األداء في القراءة ،وهذا يعني أن الفروقات التي تم تسجيلها في متوسطات أداء
عسيري وجيدي القراءة ،وبخاصة في كل من االختبارات المتعلقة بقراءة الكلمات المنتظمة والكلمات غير
المنتظمة والالكلمات ...تفسر مبدئيا بالفروقات المسجلة في أدائهم في اختبارات الوعيين الفونولوجي
والمورفولوجي ،وبشكل خاص المهمات المتعلقة بالكفاءات الميطافونولوجية التي اختبرتها أدوات القياس
التي استعملناها (حذف فونيم ،ودمج المقاطع ،واستبدال فونيم) .فقد لُوحظ إذن أن أداء التالميذ عسيري
القراءة ضعيف خصوصا في اختبارات الوعي الفونولوجي.
73
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
القراءة والخصوصيات الفونولوجية والمورفولوجية للغة العربية :دراسة مقارنة بين جيدي وعسيري القراءة
من خالل الجداول أعاله يتضح أن معظم الترابطات بين المتغيرات وثيقة ،وخاصة تلك التي تربط بين
الدسليكسيا من جهة ،والوعي الفونولوجي والمورفولوجي من جهة أخرى .وبالتركيز على كل اختبار على
حدة يمكن أن نرصد أن هناك ارتباطات وثيقة كذلك بين قراءة الكلمات والوعي الفونولوجي .وهي
ارتباطات بقيم مرتفعة مقارنة بتلك التي تربط بين قراءة الكلمات والوعي المورفولوجي .ومن تم فدراستنا
لعالقات الترابط ستركز باألساس على هذا المستوى من الترابطات من خالل مقارنة أداءات عسيري
القراءة بنظرائهم جيدي القراءة.
74
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
القراءة والخصوصيات الفونولوجية والمورفولوجية للغة العربية :دراسة مقارنة بين جيدي وعسيري القراءة
القراءة لدى الطفل في طور تعلم القراءة بالعربية (1997 ،Ammar؛ ،2003 ،Belajouzaص،)198 .
ركزت على ضرورة التحليل المورفولوجي كشرط مسبق لفك الترميز الخطي-الفونولوجي .وباالنتقال
ألرقام الجدول رقم ( ) 7تتضح النتائج التي خلصنا إليها بشكل أوضح ،من خالل رصد وجود ارتباطات
قوية بين قراءة الكلمات (المنتظمة وغير المنتظمة والالكلمات) ،والوعي المورفولوجي بقيمة ،0.842
وهي ارتباطات دالة في مستوى .0.01مما يبرز حسب النتائج التي توصلنا إليها ،ارتباط المستوى الجيد
في القراءة بالعربية بكفاءات في الحكم على الروابط المورفولوجية ،والتقطيع المورفولوجي ،وارتباط
الدسليكسيا كاضطراب في القراءة بعجز على مستوى هذه الكفاءات المورفولوجية .وهي خالصات يمكن
أن تفسر بالخصوصيات التي تميز اللغة العربية ،بحيث تكمن إحدى أهم خصوصيات النظام المورفولوجي
العربي في بنيته االشتقاقية ،وفي نمط اشتغالها أيضا ،وهو ما يجعل منه نظاما استبداليا تؤثث تفاصيله
التوليدية تناسالت منتظمة من الصيغ واألوزان يحكمها مبدأ التعقيد واالطراد (بوعناني ،و ربيع،2015 ،
ص .)172وحسب بوعناني و ربيع ( ،2015ص )168 .فقد تأكد في دراسات عديدة أن من نتائج تعدد
القواعد المنظمة ألحوال الرسم الخطي للقواعد اللسانية ،نزوع نحو تعقيد مسارات تعليم الكتابة العربية
وتعلمها على حد تثبيت مقتضيات االنتقال من المنطوق إلى المكتوب فيها .يعزز ذلك ما يمكن أن نعتبره
قيودا تأليفية على الرسم اإلمالئي للعربية ،تتحكم فيه اعتبارات فونولوجية ومورفولوجية ونحوية أيضا.
يظهر إذن أن نمو مهارة فك الترميز بغرض التعرف على الكلمات ،يتطلب كفاءات للتحليل
المورفولوجي بالنسبة لمتعلمي القراءة بالعربية .وهو ما يعني أن العجز في القراءة بمختلف مستوياته
يتمظهر في عجز مهم في القدرات المورفولوجية.
وبالمقارنة بين معدالت االرتباط في الجدولين ( )5و ( ،)6يتضح أنه وإن كان هناك ارتباط بين
مستوى األداء القرائي (خاصة في جانبه المضطرب) والوعي الفونولوجي من جهة ،وكذلك بين
الدسليكسيا والوعي المورفولوجي من جهة أخرى ،إال أن قيمة هذا االرتباط في المستوى األول (،)0.931
تتجاوز نظيرتها في المستوى الثاني (.)0.808
مناقشة
بعد عرض وتحليل المعطيات اإلحصائية الخاصة بهذه الدراسة تبين أن الفرضيات التي وضعناها
باتت مؤكدة؛ بمعنى أن هناك ارتباطا وثيقا بين النشاط القرائي في اللغة العربية ،في جانبيه العادي
والمضطرب ومستويات الوعيين الفونولوجي والمورفولوجي .ومن تم يمكن أن نفسر الفروقات القائمة بين
التالميذ في أدائهم القرائي بتفاوت قدراتهم الفونولوجية في مقام أول ،والمورفولوجية في مقام ثان ،وحتى
االختالالت القرائية في اللغة العربية من قبيل الدسليكسيا فهي ترتبط بقصورات وعجز في القدرات
الميطافونولوجية والمورفولوجية ،أو في استراتيجيات توظيف هذه القدرات ،استنادا إلى الخصوصيات
التي تميز العربية المكتوبة.
وأظهرت النتائج اتساع الفروقات بين جيدي وعسيري القراءة في معظم االختبارات .فمثال اتضح أن
جيدي القراءة أسرع وأدق في عملية التعرف على الكلمات وفي مهمة قراءة النص ،بينما يعاني عسيرو
القراءة من صعوبات في هذه العمليات المك ِلفة معرفيا .ويمكن تفسير هذا األمر بكون جيدي القراءة تمكنوا
من تطوير عمليات المعالجة الفونولوجية وشيئا ما عمليات المعالجة المورفولوجية ،وخاصة من خالل
توظيف أسهل للتطابقات الحرفية-الصوتية في مقام أول ،ومن خالل القدرة على استعمال المعارف
االشتقاقية والتصري فية للغة المكتوبة في مقام ثان (قراءة كلمة كتبوا كمثال) ،ومن تم أصبحت مهمة
التعرف على الكلمات لديهم سهلة وسريعة ،األمر الذي يتيح لهم إمكانية توجيه جزء مهم من الموارد
المعرفية التي كانت تخصص في األصل للتعرف على الكلمات إلى عمليات معرفية عليا .وبالمقابل فإن
ه ذا الوعي بالبنيات الفونولوجية والمورفولوجية للغة العربية المكتوبة يظل عاجزا لدى عسيري القراءة،
األمر الذي يجعل المهمات القرائية بطيئة وأحيانا مستحيلة .وهي الفرضية التي انطلقنا منها منذ البداية.
وبذلك فاختالف أداءات أفراد عينتنا في اختبارات الوعي الفونولوجي والوعي المورفولوجي ،هو
المحدد الرئيسي للنمو غير المتوازن لقدراتهم القرائية ،وهو األمر الذي اتضح خاصة لدى عسيري
القراءة ،الذين سجلت لديهم متوسطات أداء متدنية في هذه االختبارات.
75
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
القراءة والخصوصيات الفونولوجية والمورفولوجية للغة العربية :دراسة مقارنة بين جيدي وعسيري القراءة
76
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
القراءة والخصوصيات الفونولوجية والمورفولوجية للغة العربية :دراسة مقارنة بين جيدي وعسيري القراءة
المورفولوجية للغة في عملية القراءة ،بحيث أن األبعاد المورفولوجية ال يمكن االستغناء عنها في تفسير
عملية اكتساب القراءة ،انطالقا من كون مبدأ التطابقات الغرافيمية-الفونيمية ال يكفي وحده لضبط الرموز
المكتوبة واكتسابها .ومن تم فإن القارئ ال يمكنه االستغناء عن المعارف المورفولوجية أثناء مباشرته
لعملية القراءة ،وهذه المعارف حسب بوقديدة ( )2008توظف بشكل مبكر من قبل األطفال للتعرف على
الكلمات المكتوبة .وقد صيغت نماذج كثيرة اهتمت بالمعالجة المورفولوجية والتعرف على الكلمات ،من
أجل تأكيد فرضية التحليل المورفولوجي أثناء القراءة ،رغم أن هذه النماذج اشتغلت على قراء من مستوى
جيد ( ،2008 ،Boukadidaص.)101 .
وقد توالت في السنوات األخيرة الدراسات التي اهتمت برصد دور المعارف المورفولوجية بالنسبة
للقارئ المبتدئ ،وكيف تؤثر هذه المعارف في سيرورة التعرف على الكلمات ،إال أنه ولحد اآلن وعلى حد
علمنا ليست هناك أبحاث اهتمت بدراسة المعالجة المورفولوجية عند عسيري القراءة (،Boukadida
،2008ص )101.وخاصة باللغة العربية ،وإن تواجدت فهي تبقى جد محدودة .وعموما فاألطفال الذين
يواجهون صعوبات في القراءة ،غالبا ما تصاحب صعوباتهم قصورات مورفولوجية ،تظهر من خالل
مشاكل في توظيف المعلومة المورفولوجية ،إلى جانب حساسية ضعيفة لألبعاد المورفولوجية والتركيبية
للغة ،خصوصا إذا ما قورنوا بجيدي القراءة ( Bentin ،Ben Drarو 1995 ،Frost؛ Shankweiler
و آخرون 1995 ،في ،2008 ،Boukadidaص.)111 .
وبخصوص اللغة العربية فقد درس أبو ربيعة 2007( Abu-Rabiaفي ،2008 ،Boukadidaص.
) 113دور المورفولوجيا والمصوتات في قراءة الكلمات ،وفي فهم النصوص لدى تالميذ عرب
Arabophonesبمستوى قراءة عادي ،وآخرون عسيرو القراءة ،ومن مستويات تعليمية متفاوتة
(الثالث ،والسادس ،والتاسع ،والثاني عشر) .حيث الحظ وبالنسبة لجميع المستويات ،أن القراء ذوي
اضطرابات هم األقل أداء مقارنة بالقراء العاديين .كما أوضح تحليل التراجع ،أن في جميع المهام
المطلوبة (سواء المرتبطة بالمورفولوجيا ،أو بالسياق ،أو بالفونولوجيا) ،كانت المعارف المورفولوجية
(التعرف واإلنتاج )Identification et productionهي األكثر تنبؤا بمستوى المهارات القرائية .وهي
خالصات تتقاطع مع نتائج دراستنا هاته ،على الرغم مما يمكن رصده من اختالفات على مستويات العينة،
والع دة المنهجية ،وكذا اإلجراءات التجريبية .فمن المؤكد إذن أن للخصوصيات األرطغرافية
والمورفولوجية للغة العربية تأثيرات على مستوى القراءة في هذه اللغة ،بحيث تجعل هذه الخصوصيات
التحليل المورفولوجي ضروريا للتعرف على الكلمات المكتوبة ( 2003 ،Gombertفي ،Boukadida
،2008ص .) 118 .وهو األمر الذي عايناه في دراستنا ،من خالل تسجيل متوسطات أداء متدنية لألطفال
عسيري القراءة في اختبار التعرف على الكلمات خاصة المعقدة مورفولوجيا ،والتي تتطلب من القارئ
وعيا مورفولوجيا للتعرف عليها ( 2.95من أصل 10بالنسبة الختبار قراءة الكلمات غير المنتظمة).
خالصة
من خالل تحليل ومناقشة النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة تأكد بالملموس مدى قوة االرتباط بين
القراءة والوعيين الفونولوجي والمورفولوجي في اللغة العربية؛ ذلك أن لخصوصيات هذه اللغة تأثير على
سيرورة اكتساب وتعلم القراءة ،مما يعني أن لها أيضا تأثير في الجانب المضطرب المرتبط بهذه الكفاءة
المدرسية؛ بمعنى أن الدسليكسيا وإن كانت معطى بيولوجيا ال تحدده العوامل الثقافية ،وال الخصوصيات
البيئية ،إال أنه ومع ذلك فهذا االضطراب في تعلم القراءة في العربية يختلف عن اضطراب تعلمها في لغة
أخرى ،سواء من حيث الشدة أو من حيث طبيعة تمظهرات هذا االضطراب ،استنادا إلى الخصوصيات
األرطغرافية والفونولوجية والمورفولوجية التي تميز اللغة العربية.
لقد تحدد الهدف األساسي لهذه الدراسة ،في محاولة رصد درجة تأثير بعض الخصائص الفونولوجية
والمورفولوجية على مستوى األداء في القراءة ،خاصة في جانبها المضطرب (الدسليكسيا) .وقد أوضحت
المعطيات اإلحصائية ،من خالل متوسطات األداء العامة (لدى جميع أفراد العينة) والخاصة (لدى جيدي
القراءة ،ولدى عسيري القراءة) ،ومن خالل معامالت االرتباط بين المتغيرات المختلفة ،أوضحت مدى
77
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
القراءة والخصوصيات الفونولوجية والمورفولوجية للغة العربية :دراسة مقارنة بين جيدي وعسيري القراءة
تأثير هذه الخصوصيات الفو نولوجية والمورفولوجية للغة العربية على مستوى األداء القرائي .ففي ما
يتعلق بجانب الخصوصيات الفونولوجية للغة العربية تأكدت لنا أهمية الوعي المقطعي في تعلم القراءة،
وخاصة في المراحل األولى من التعلم ،وبالخصوص في التعامل مع الكتابة المشكولة استنادا إلى
الخصوصي ات التي تميز اللغة العربية والتي تجعل الوعي بالمقطع يحظى بأولوية في السيرورة العادية
لتعلم القراءة بالعربية .وبالعودة إلى النتائج التي حققها األطفال عسيرو القراءة ،خاصة في مهمات قراءة
الكلمات خلصنا إلى أن هذه الخصوصيات جعلت الدسليكسيا السطحية (عجز في ميكانزم العنونة) تسجل
بكثرة لدى األطفال مقارنة بالدسليكسيا الفونولوجية (عجز في ميكانزم التجميع) ،خصوصا وأن
االختبارات القرائية التي اعتمدناها كانت تتضمن كلمات مشكولة تسهل عملية إقامة التطابقات الحرفية-
الصوتية .ضف إلى ذلك المستوى الدراسي المتقدم ألفراد عينتنا (المستوى الثالث) ،الذي من المفترض أن
يكون األطفال قد طوروا خالله وعيا فونولوجيا يتجاوز مستوى المقطع ليصل إلى مستوى الفونيم ،وكذلك
حققوا نموا في قاموسهم الذهني الذي يتيح لهم النفاذ المباشر للكلمات (وهو األمر الذي لم نسجله لدى
عسيري القراءة) .وبخصوص الجانب المتعلق بالمورفولوجيا ،تكمن إحدى أهم خصوصيات النظام
المورفولوجي العربي في بنيته االشتقاقية ،وفي نمط اشتغالها أيضا ،وهو ما يجعل منه نظاما استبداليا
تؤثث تفاصيله التوليدية تناسالت منتظمة من الصيغ واألوزان يحكمها مبدأ التعقيد واالطراد (بوعناني و
ربيع ،2015 ،ص .)172 .من المؤكد إذن أن للخصوصيات األرطغرافية والمورفولوجية للغة العربية
تأثيرات على مستوى القراءة في هذه اللغة ،بحيث تجعل هذه الخصوصيات التحليل المورفولوجي
ضروريا للتعرف على الكلمات المكتوبة ( 2003 ،Gombertفي ،2008 ،Boukadidaص.)118 .
وهو األمر الذي عايناه في بحثنا ،من خالل تسجيل متوسطات أداء متدنية لألطفال عسيري القراءة في
اختبار التعرف على الكلمات وخاصة غير المنتظمة منها والمعقدة مورفولوجيا ،والتي تتطلب من القارئ
وعيا مورفولوجيا للتعرف عليها ( 2.95من أصل 10بالنسبة الختبار قراءة الكلمات غير المنتظمة).
وبذل ك تأكد أن اإللمام بالمعارف الفونولوجية والمورفولوجية يبقى جد مهم في عملية اكتساب القراءة
بالعربية؛ ذلك أن مستوى الوعي بالبنيات الفونولوجية والمورفولوجية ،هو محدد يرتبط بقوة بمستوى
األداء في القراءة ،وبخاصة المستوى المضطرب .وهو األمر الذي يستوجب ضرورة استثماره إكلينيكيا،
على مستوى بلورة اختبارات ومقاييس لتشخيص الدسليكسيا تستوعب خصوصيات هذه اللغة ،ثم
بيداغوجيا ،من خالل االهتمام بتنمية هذه المعارف الفونولوجية والمورفولوجية في سياق اكتساب القراءة،
بحيث وحسب أحرشاو ( )b2015تمثل هذه الخصوصيات أحد العوامل المحددة لنجاعة منهجية تدريس
لغة من اللغات ،وبالتالي أحد العناصر المؤثرة في سيرورة تعلمها كنشاط ذهني معقد ومركب.
78
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
دراسة مقارنة بين جيدي وعسيري القراءة:القراءة والخصوصيات الفونولوجية والمورفولوجية للغة العربية
المراجع
قراءة في كتاب أحمد الزاهير "الوعي اللساني وتعلم: سيكولوجيا القراءة في العربية.)a2015( الغالي،أحرشاو
. منشورات مختبر األبحاث والدراسات النفسية واالجتماعية-8 عدد، مجلة دفاتر: فاس،"القراءة
-7 . صص،63 عدد، مجلة علوم التربية. خصوصيات اللغة العربية وإكراهات تدريسيتها.)b2015( الغالي،أحرشاو
.13
أطروحة لنيل الدكتوراه في علم. تأثير ذاكرة العمل: دور الذاكرة في تعلم القراءة عند الطفل:) 2006( محمد،المير
. كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية ظهر المهراز فاس،النفس
بين الوعي المورفولوجي والوعي: "اإلنجاز اللغوي العربي المكتوب:)2015( عبد العزيز، مصطفى وربيع،بوعناني
.186-154 . صص،6 عدد، منشورات مختبر العلوم المعرفية. مجلة أبحاث معرفية."اإلمالئي
Ammar, M. (2003). Le fonctionnement de l’assemblage phonologique chez des enfants
lecteurs en arabe".pp. 69-79. Dans "L’apprentissage de la lecture Perspectives comparatives.
Sous la direction de Mohamed Nouri Romdane, Jean-émille Combert et Michèle Belajouza.
Collection psychologie. Presse universitaires de Rennes et centre de publication universitaire
de Tunis.
Belajouza, M. (2003). Stratégies d’identification des mots en arabe, Compétences
phonologiques et morphologiques des lecteurs en difficulté. pp. 196-211. Dans
"L’apprentissage de la lecture Perspectives comparatives". Sous la direction de Mohamed
Nouri Romdane, Jean-émille Combert et Michèle Belajouza. Collection psychologie. Presse
universitaires de Rennes et centre de publication universitaire de Tunis.
Boukadida, Nahed. (2008). Connaissances phonologiques et morphologiques
dérivationnelles et apprentissage de la lecture en arabe (étude longitudinale). Thèse de
Doctorat en Psychologie. Université Europeenne de Bretagne, Université de Rennes,
Université de Tunis, L´école doctorale – Humanité et Sciences de l’Homme Faculté des
Sciences Humaines et Sociales- Tunis.
Ez-zaher, A. (2008). Conscience phonologique et apprentissage de la lecture. Fès:
Publication de l’Université Sidi Mohamed Ben Abdellah.
Jaquier, M. Valdois, S. Zorman, M. Lequete, G. Pouget, G. (2005). Outil de Dépistage des
Dyslexiques. ODEDYS version 2. Cogni-sciences IUFM de Grenoble, Laboratoire de Psychologie
et Neuro-cognition Université Pierre Mendès France.
79
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
العادات الذهنية في عالقتها بمهارات القراءة الفاعلة لدى طلبة الجامعات الفلسطينية في محافظة طولكرم
العادات الذهنية في عالقتها بمهارات القراءة الفاعلة لدى طلبة الجامعات الفلسطينية في محافظة
طولكرم
زياد بركات
zbarakat@qou.edu
كلية العلوم التربوية ،فرع طولكرم ،جامعة القدس المفتوحة
ملخص
هدفت هذه الدراسة التعرف إلى العادات الذهنية وعالقتها بمهارات القراءة الفاعلة لدى طلبة الجامعات
الفلسطينية في محافظة طولكرم ،لهذا الغرض اختيرت عينة عشوائية طبقية تبعا ً إلى متغير الجنس
والتخصص بلغ حجمها ( )423طالبا ً وطالبة .طبق عليهم مقياسين هما :مقياس عادات الذهن لكوستا
وكاليك ( ،)Costa & Kallick, 2006ومقياس مهارات القراءة الفاعلة من إعداد الباحث ،وقد أظهرت
نتائج الدراسة أن مستوى المتوسطات الحسابية الستجابات أفراد الدراسة على عادات الذهن ومهارات
القراءة الفاعلة كان مرتفعا ً سوا ًء كان ذلك في المجاالت المختلفة أو في المتوسط الكلي .كما بينت النتائج
أن جميع قيم معامالت االرتباط بين عادات الذهن ومهارات القراءة الفاعلة هي قيم تنبئ بعالقة طردية
موجبة ودالة إحصائياً ،ومن جهة أخرى ،أظهرت النتائج عدم وجود فروق دالة إحصائيا ً في مستوى
عادات الذهن ومهارات القراءة الفاعلة تبعا ً إلى متغيري الجنس والتخصص .وفي ضوء هذه النتائج
ومناقشتها اقترحت عدة توصيات كان أهمها :ضرورة االهتمام بتخطيط المقررات وتنفيذها باستخدام
مهارات واستراتيجيات القراءة الفاعلية والعادات الذهنية؛ وإعادة النظر في تخطيط محتوى المقررات
التربوية الوطنية وتنظيمها فـي مراحلها المختلفة لتضمين أنشطة ومهام تعليمية لتنمية العادات الذهنية
ومهارات القراءة الفاعلة.
الكلمات المفتاحية :العادات الذهنية؛ مهارات القراءة الفاعلة؛ طلبة الجامعة.
The habits of mind in relation to skills of effective reading among students of
Palestinian universities in Tulkarm governorate
Ziad Barakat
zbarakat@qou.edu
Faculty of Educational Sciences, Tulkarm Branch, Al-Quds Open University- Palestine
Abstract
This study aimed to identify the habits of mind and its relationships with skills
of effective reading among the students of Palestinian universities in Tulkarm
governorate. For this purpose, a random sample (423) students was selected
& according to sex and branch variables. Two measures were applied: Costa
Kallick (2006) Mind Habits Scale, and the Effective Reading Skills scale. The
results of the study showed that the level of the arithmetic averages of the
responses of the study members to the habits of mind and effective reading
skills was high, whether in the different fields or the whole average. The data
indicated also positive and significant correlation between the habits of mind
and active reading. On the other hand, the results showed that there were no
statistically significant differences in the level of mind habits and active reading
skills according to gender and branch variables. In the light of these findings and
their discussion, we proposed some recommendations, such as the need to pay
80
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
العادات الذهنية في عالقتها بمهارات القراءة الفاعلة لدى طلبة الجامعات الفلسطينية في محافظة طولكرم
attention to the planning and implementation of courses using the skills and
strategies of effective reading and mental habits. In addition to review the
planning and organization of the contents of national educational curriculum at
various stages so to include educational activities and tasks for the development
of mental habits and effective reading skills.
Keywords: mind habits; effective Reading Skills; university students.
81
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
العادات الذهنية في عالقتها بمهارات القراءة الفاعلة لدى طلبة الجامعات الفلسطينية في محافظة طولكرم
مقدمة
لقد اتجهت الدعوات التربوية الحديثة في نهاية العقد األخير من القرن العشرين ومطلع القرن الحادي
والعشرين نحو االتجاه لفكر جديد في التربية والتعليم يقوم على نتاجات الدراسات والبحوث في الدماغ
والتفكير ،فظهر ما يسمى بالعادات الذهنية ) .(Habits Of Mindفقد بدأ الباحثون المعرفيون باالهتمام
باستراتيجيات تربوية تهتم بالتدريب على مهارات التفكير ،والتحول في عمليات التفكير إلى عادات ذهنية
يمارسها الفرد في حياته ،وحل مشكالته ،هذه العادات ،أصبحت منطلقا ً الستراتيجيات تدريسية ذكية ،تُنتج
طالبا ً ذكيا ً ) قطامي وعمور .) 2005،ويركز كوستا وكاليك ( )Costa & Kallick, 2008على أهمية
العادات الذهنية وفعاليتها التربوية ،والربط الجوهري بين هذه العادات واإلمكانات الالمتناهية لتطوير
الذكاء اإلنساني؛ ذلك أن الفرد الذي يمتلك عادات ذهنية يمكنه أن يطور بصورة مستمرة إمكانياته وقدارته
الذهنية ،وأن يحقق درجة عالية من القدرة على النفاذ إلى جوهر األشياء ومعرفة ماهيتها (بربخ.)2016 ،
ويعتقد مارزانو ( )Marzanoأن العادات الذهنية تؤثر في كل شيء يتم عمله أو تعلمه؛ فالعادات الذهنية
الضعيفة تؤدي إلى تعلم ضعيف بغض النظر عن مستوى الطلبة في المهارة أو القدرة ،والمتعلمون المهرة
يصبحون غير فعّالين إذا لم ينموا عاداتهم الذهنية ،وكثير من الناس يجمعون المعرفة والمهارة في موضوع
معين لكنهم ال يعرفون كيف يتصرفون حين يواجهون مواقف جديدة ،إذ تكون المشكلة ليس قصورا ً في
المهارة أو القدرة ،ولكن األمر ببساطة أنهم يستسلمون ويكفون عن العمل حينما ال تكون اإلجابات والحلول
متاحة بسهولة ) البرصان وعبدو.(2013 ،
وتمثل القراءة الفاعلة Effective Readingأحد أهم وسائل النجاح في الحياة ،فهي الوسيلة األهم
واألكثر استخداما ً في التفاعل مع اآلخرين ،وفي فهم الماضي والحاضر والمستقبل ،وبغض النظر عن
مقدار استعمال أساليب التعلم والمعرفة األخرى فإن هذه األساليب ال تزال تعتمد على القراءة ،بل إن
انتشار التقنية وتنوع مصادر المعرفة يؤكد مع كل تطور جديد أهمية القراءة ودورها الفاعل في حياة الفرد
والمجتمع ( .)Newkirk, 2009ويتفق خبراء التربية على أهمية غرس حب القراءة في نفوس األطفال،
وتربيتهم على حبها حتى تصبح لديهم عادة يمارسونها ،ويستمتعون بها ،وأن كثيرا ً من البحوث التربوية
أكدت على أن هناك ترابطا ً قويا ً بين القدرة على القراءة والنجاح الدراسي ،إذ تعد القراءة من أهم وسائل
االتصال التي يعبر بواسطتها الطالب عن أفكاره ،والوقوف على أفكار غيره ،وكثيرا ً ما يقع الطالب في
األخطاء القرائية وذلك قد يعزى إلى عدم وضوح الفكرة لديه ،لذلك تعتبر القراءة بشكل صحيح من أهم
العناصر التي ال غنى عنها لنقل األفكار والتعبير عنها (حسين2015 ،؛ Bee; Seng & Jusoff, 2013
؛ Wang, 2012؛ فتح هللا.)2007 ،
وتسهم العادات الذهنية في تمكين الطلبة من اإلدارة الجيدة والفعالة ألفكارهم ،وتنظيمها بشكل جيد
والنظر إلى العالقات بصورة غير مألوفة ،وتنظيم بنية الذهن للتمكن من حل المشكالت المختلفة ،لذلك
فهي تقود إلى تنمية مهارات التفكير اإلبداعي (قطامي وعموري .)2005 ،كما تسهم العادات الذهنية في
إعداد الطالب لتعلم المهارات الرئيسة للكتابة والقراءة الفعالة ،وهي :اإلدارة ،والرقابة ،وتعديل للذات؛
باإلضافة إلى إتاحة الفرص المتنوعة لمساعدتهم على إتقان المهارات التي من شأنها أن تصل بهم إلى
أع لى مستويات الفاعلية المنشودة في إتقان مهارات الكتابة والقراءة ،وهي :مهارات القراءة واالستذكار،
ومهارات التفكير ،ومهارات االتصال ،ومهارات تكوين العادات الذهنية (عبد العظيم.)2009 ،
وترتبط العادات الذهنية بمهارات الكتابة اإلبداعية؛ حيث تقود الطلبة إلى أداءات إنتاجية كتابية تتوفر
فيها مقومات اإلبداع ،من خالل تزويدهم باألدوات الالزمة إلثراء معلوماتهم ،وتنمية مهاراتهم وقدراتهم
الذهنية المختلفة (السويفي .)2015 ،ويشير الدليمي وحراحشة ( )2009إلى أنه من الممكن تحويل
العادات الذهنية إلى استراتيجيات لتعليم مهارات معينة وبخاصة مهارات التواصل اللغوي؛ ويمكن توظيفه
تعليميا ً وذلك من خالل تكييف هذه العادات وجعلها أسلوبا ً لتدريس مرحلة أو مراحل معينة من الكتابة.
ومن ناحية أخرى؛ يرى نيوكريك ( )Newkirk, 2009إلى أنه باإلمكان االستفادة من توظيفها في تعليم
مهارات الكتابة للطالب ،والوصول بالعادات الذهنية عمليا ً إلى أعلى المستويات المنشودة إلتقان مهارات
82
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
العادات الذهنية في عالقتها بمهارات القراءة الفاعلة لدى طلبة الجامعات الفلسطينية في محافظة طولكرم
التفكير العليا؛ كالمالحظة ،والتعميم ،والتقويم واالعتماد على األدلة المتاحة ،والمزاوجة بين البدائل
المتاحة لحل المشكالت.
وعند مراجعة األدبيات السابقة يالحظ وجود عدد من الدراسات التي اهتمت بالعادات الذهنية
وتطويرها من أجل تطوير وتنمية قدرة الطلبة على التحصيل واإلنجاز والتكيف الذاتي واألكاديمي،
ودراسات أخرى تناولت مهارات القراءة الفعالة ،لكن يالحظ ندرة الدراسات التي حاولت عقد مقارنة بين
الموضوعين الذي هو هدف الدراسة الحالية .فمن الدراسات الحديثة دراسة هوكويبير وفيلوف
( )Hochweber & Vieluf, 2018التي هدفت فحص العالقة بين القراءة الفاعلة واالستمتاع بالقراءة
والدافعية للتعليم في ضوء متغير الجنس لدى عينة من طلبة الجامعة مكونة من ( )10543طالبا ً وطالبة.
وقد أوضحت التحليالت متعددة المستويات أن مستوى القراءة الفاعلة كان متوسطا ً لدى أفراد الدراسة من
كال الجنسين .وأظهرت النتائج أيضا ً وجود عالقة ارتباطية موجبة بين القراءة الفاعلة واالستمتاع بالقراءة
والدافعية للتعلم .كما هدفت دراسة الطويريقي وعيسى ( )2018التعرف إلى فاعلية استراتيجية قائمة على
العادات الذ هنية في تنمية مهارات الكتابة اإلبداعية لدى طالبات المرحلة الثانوية ،حيث تكونت عينة
الدراسة من ( )40طالبة تم توزيعهن على مجموعتين ( )20طالبة للتجريبية ومثلها للضابطة ،وقد أسفرت
الدراسة عن النتائج اآلتية :وجود فروق ذات داللة إحصائية بين متوسطي رتب درجات المجموعة
التجريبية والمجموعة الضابطة في التطبيق البعدي للمهارات العامة للكتابة اإلبداعية ،ومهارات تنظيم
الكتابة اإلبداعية ،ومهارات محتوى الكتابة اإلبداعية ،والدرجة الكلية للمهارات ككل لصالح المجموعة
التجريبية ،وبلغ حجم أثر االستراتيجية القائمة على العادات الذهنية ( )88.0في تنمية مهارات الكتابة
اإلبداعية لدى طالبات الصف األول الثانوي ،وهو تأثير جوهري .كما بينت النتائج عدم وجود فروق
جوهرية في مستوى العادات الذهنية ومهارات القراءة والكتابة وفق متغيرات عدة منها الجنس
والتخصص.
وأجرى روسيدا وكفرون ( )Rosyid & Ghufron, 2018دراسة بهدف التعرف على تأثير مهارة
القراءة الفاعلة في الحصول على المعلومات وتنمية عادات التفكير والذهن ،تكونت عينة الدراسة من
( )75طالبا ً وطالبة من طلبة الجامعة في أندونيسيا .وكشفت النتائج عن أن الطلبة ذوي المستوى المرتفع
في القراءة والفهم لديهم قدرة أفضل في مستوى الحصول على المعلومات والعادات الذهنية من أولئك
الذين لديهم قراءة منخفضة .وكان مستوى استجابات أفراد الدراسة مرتفعا ً على مهارات القراءة الفاعلة
والعادات الذهنية ،وبينت النتائج أيضا ً عدم وجود فروق جوهرية في مستوى العادات الذهنية والقراءة
الفاعلة تبعا ً لمتغيرات الجنس والتخصص والتحصيل .وهدفت دراسة إرسون وإزينتاس وألتون ( ;Ersen
)Ezentas & Altun, 2018التعرف على فعالية بيئة التدريس المصممة لتحسين العادات الهندسية لذهن
طلبة المدارس الثانوية .وتألفت عينة الدراسة من ( )62طالبا ً وطالبة ،يمثل نصفهم المجموعة التجريبية
والنصف اآلخر يمثل المجموعة الضابطة .وتم تزويد المجموعة التجريبية ببيئة تعليمية لتحسين العادات
الهندسية للذهن .وبعد جمع البيانات البحثية من خالل اختبار قبلي وآخر بعدي ،بينت نتيجة الدراسة أن
البيئة التعليمية المصممة فعالة في تحسين العادات الهندسية للذهن ودوام العادات ،أي أن هناك فرقا ً كبيرا ً
في تحسين العادات الهندسية للذهن ،واستمرار هذه العادات لصالح المجموعة التجريبية نتيجة استراتيجية
القراءة العميقة الفعالة ،وعدم وجود فرق جوهري في ذلك بين الجنسين.
أما دراسة العساف ( )Al-Assaf, 2017فهدفت إلى معرفة العالقة بين عادات التعليم الذهنية والسلوك
اإليجابي لدى معلمي الدراسات االجتماعية في المرحلة األساسية الدنيا في منطقة الجامعة في محافظة
العاصمة عمان .وقد تكونت عينة الدراسة من ( )60معلما ً ومعلمة ،وأـسفرت الدراسة عن عدة نتائج كان
منها :أن معلمي الدراسات ا الجتماعية في المرحلة األساسية الدنيا لديهم مستوى مرتفع واتجاه إيجابي نحو
العادات الذهنية وجوانب السلوك اإليجابي .ووجود معامالت ارتباط موجبة دالة إحصائيا ً بين مجاالت
العادات الذهنية والمقياس ككل وأبعاد مقياس السلوك اإليجابي :السلوك الشخصي اإليجابي والسلوك
ا ألكاديمي اإليجابي ،والمقياس ككل .كما أشارت الدراسة إلى وجود فروق ذات داللة إحصائية في مستوى
العادات الذهنية تعزى إلى متغير الخبرة ،ولمصلحة األفراد الذين لديهم أكثر من ( )10سنوات من الخبرة،
83
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
العادات الذهنية في عالقتها بمهارات القراءة الفاعلة لدى طلبة الجامعات الفلسطينية في محافظة طولكرم
وكانت هناك فروق ذات داللة إحصائية في مجاالت عادات التدريس في مقياس الذهن تبعا ً لمتغير الجنس،
ولصالح الذكور في مستوى السيطرة االندفاعية ،والتفكير بمرونة ،واإلبداع واإلدراك واالبتكار .كذلك
كانت هناك فروق ذات داللة إحصائية في عادات التعليم الذهنية ومقياس السلوك اإليجابي وفقا ً لمتغير
الخبرة ،ولمصلحة من لديهم أكثر من ( )10سنوات من الخبرة .ووجود فروق دالة أيضا ً تبعا ً لمتغير
التخصص لصالح التخصصات العلمية.
وهدفت دراسة كيرجنير و موستيرت () )Kirchner & Mostert, 2017إلى معرفة مستوى الدوافع
وراء القراءة الدراسية القائمة على الفهم واالستيعاب ،تكونت عينة الدراسة من ( )402طالب وطالبة من
طلبة الجامعات في ناميبيا .وكشفت نتائج الدراسة عن وجود مستوى منخفض من الدوافع نحو القراءة
الفعالة ،وعدم وجود فروق دالة إحصائيا ً في مستوى الدافع وراء القراءة الفاعلة تبعا ً لمتغيرات الجنس
والتخصص والتحصيل .كما أفاد أفراد الدراسة أنهم يقرؤون من أجل المتعة أكثر من األغراض
األكاديمية ،وكشفت هذه الدراسة أيضا ً على عكس التوقعات عدم وجود ارتباط ذو داللة إحصائية بين
التحصيل األكاديمي ونشاط القراءة الفاعلة.
وهدفت دراسة بربخ ( )2016التعرف إلى العالقة بين العادات الذهنية ومظاهر السلوك اإليجابي لدى
طلبة جامعة األزهر بغزة ،ومعرفة ما إذا كانت هناك فروق في كل من العادات الذهنية والسلوك اإليجابي
تُعزى إلى المستوى الدراسي والتخصص والجنس ،وقد تكونت عينة الدراسة من ( (515طالبا ً وطالبة من
طلبة جامعة األزهر بغزة ،وأشارت نتائج الدراسة إلى أن مستوى امتالك طلبة جامعة األزهر لكل من
العادات الذهنية ومظاهر السلوك اإليجابي مرتفع ،ووجود عالقة موجبة بين العادات الذهنية والسلوك
اإليجابي ،وأشارت إلى عدم وجود فروق دالة إحصائيا في جميع أبعاد العادات الذهنية تبعا لمتغيرات
الدراسة.
وبحثت دراسة مكجوين وآخرون ( )McGeown et al, 2015في العالقة بين العادات الذهنية
والقراءة الفاعلة ودوافع القراءة في التنبؤ بمهارت القراءة المختلفة :قراءة الكلمات ،والفهم ،والتلخيص،
وسرعة قراءة النص .والتحقق من مستوى هذه المتغيرات تبعا ً متغيرات الجنس ،والعمر ،والقدرة.
وتكونت عينة الدراسة من ( )312طالبا ً وطالبة من المملكة المتحدة البريطانية .وكشفت النتائج عن قدرة
تنبؤية قوية بين الدافع للقراءة لدى الطلبة ومهارات التلخيص ،وقراءة الكلمات وسرعة قراءة النص.
ووجود عالقة دالة تنبؤية بين جميع عادات القراءة والعادات الذهنية .كما بينت النتائج عدم وجود فروق
جوهرية في مستوى العادات الذهنية ودوافع القراءة ومهارات القراءة تبعا ً لمتغيرات الجنس والعمر
والقدرة والتخصص .وبينت دراسة حسين ( )2015التي هدفت التعرف إلى أثر استخدام الخرائط الذهنية
لتنمية بعض العادات الذهنية ومهارات القراءة اإلبداعية لدى طالب الصف األول اإلعدادي إلى فاعلية
الخرائط الذهنية في تنمية بعض العادات الذهنية ومهارات القراءة اإلبداعية لدى الطلبة .وكان متوسط
استجابات الطلبة على العادات الذهنية ومهارات القراءة الفاعلة متوسطاً ،كما بينت النتائج وجود فروق
دالة إحصائيا ً في مستوى العادات الذهنية ومهارات القراءة الفاعلية تبعا ً لمتغير الجنس لصالح الذكور.
وهدفت دراسة السلطاني والجبوري ( )2015إلى معرفة أثر استراتيجية العادات الذهنية في االستيعاب
القرائي لدى طالبات الصف الرابع من مدرسة الحوراء اإلعدادية للبنات التابعة لمديرية التربية في
محافظة بابل .وقد بلغت عينة الدراسة ) (75طالبةً ،وزعت إلى مجموعتين تجريبية وضابطة ،وتوصلت
النتائج إلى تفوق طالبات المجموعة التجريبية على طالبات المجموعة الضابطة في اختبار االستيعاب
القرائي ،وأظهرت النتائج عدم وجود فرق جوهري في مستوى العادات الذهنية واالستيعاب القرائي تبعا ً
لمتغيري التخصص والمستوى التحصيلي .كما هدفت دراسة شقورة ( )2013التعرف على العالقة بين
العادات الذهنية ،ومظاهر السلوك اإليجابي لدى طلبة جامعة األزهر بغزة ،ومعرفة ما إذا كانت هناك
فروق في كل من العادات الذهنية والسلوك اإليجابي تُعزى إلى المستوى الدراسي ،والتخصص ،والجنس،
وتكونت من ( )515طالبا ً وطالبة من طلبة جامعة األزهر – غزة ،وأظهرت النتائج أن مستوى امتالك
طلبة جامعة األزهر لكل من العادات الذهنية ،ومظاهر السلوك اإليجابي جاء مرتفعاً ،ووجود عالقة
موجبة دالة إحصائيا ً بين جميع أبعاد العادات الذهنية والدرجة الكلية لمقياس السلوك اإليجابي ،والسلوك
84
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
العادات الذهنية في عالقتها بمهارات القراءة الفاعلة لدى طلبة الجامعات الفلسطينية في محافظة طولكرم
اإليجابي االجتماعي .وبينت النتائج أيضا ً وجود فروق ذات داللة إحصائية على بعد السلوك اإليجابي
األكاديمي والعادات الذهنية تبعا ً لمتغير التخصص لصالح الكليات العلمية ،بينما تبين عدم وجود فروق
جوهرية تبعا ً لمتغيري المستوى الدراسي والجنس.
وهدفت دراسة الفضلي ( )2013التعرف على العالقة االرتباطية بين العادات الذهنية وبين كفاءة الذات
األكاديمية ،ولتعرف على العادات الذهنية التي تسهم في التنبؤ بكفاءة الذات األكاديمية حسب متغيرات
الدراسة ،والتعرف إلى الفروق اإلحصائية في مستوى العادات الذهنية وكفاءة الذات األكاديمية تبعا ً
ل متغيرات الجنس ،والتخصص ،والمستوى التحصيلى .وقد تكونت عينة الدراسة من ( )94طالبا ً وطالبة
من طلبة كلية التربية بجامعة الكويت ،وأشارت النتائج الى االرتباط اإليجابي بين إدراك الطلبة لكفاءتهم
األكاديمية وبين استخدامهم للعادات الذهنية ،وأنه كلما ارتفع استخدام الطلبة للعادات الذهنية كلما ارتفع
تقديرهم لكفاءتهم األكاديمية ،كما بينت النتائج ارتفاع مستوى العادات الذهنية وكفاءة الذات لدى الطلبة،
وأشارت النتائج إلى عدم وجود فروق في مستوى إدراك كفاءة الذات واستخدام العادات الذهنية بين الذكور
واإلناث لدى عينة الدراسة ،عدا عادة التفكير بمرونة الذي يرتفع لدى الذكور مقارنة باإلناث .كما تبين
عدم وجود فروق في ذلك في مستوى إدراك كفاءة الذات واستخدام العادات الذهنية بين ذوى التخصص
العلمي واألدبي من طلبة كلية التربية من عينة الدراسة ،عدا عادة االستعداد للتعلم المستمر التي ترتفع لدى
التخصص العلمي مقارنة بالتخصص األدبي .وعدم وجود فروق في ذلك بين ذوى المستويات التحصيلية
المختلفة من طلبة كلية التربية من عينة الدراسة.
هدفت دراسة الربعي ( ) 2009تقويم دور منهج القراءة في تنمية العادات الذهنية لدى المتعلمين وذلك
من وجهة نظر المعلمين والمشرفين ،تكونت عينة الدراسة من ( )105من المعلمين والمشـرفين
المسؤولين عـن تدريس مقررات القراءة بالمملكة العربية السعودية بمنطقة القصيم ،وتوصلت الدراسة إلى
ضعف الدور الذي تسهم به مناهج القراءة في تنمية العـادات الذهنية لدى المتعلمين من وجهة نظر
المعلمين والمشرفين ،كما أشارت الدراسة إلى ضآلة االهتمام بالعادات الذهنية ضمن محتوى مقرر القراءة
بالصف األول الثـانوي ،واختالف العادات الذهنية في مدى مناسبتها لمقرر القراءة من وجهة نظر
المعلمـين والمشرفين.
كما أجرى فتح هللا ( )2009دراسة بهدف التعرف على فاعلية نموذج أبعاد التعلم لمارزانو في تنمية
االستيعاب القرائي المفاهيمي في العلوم والعادات الذهنية لدى تالميذ الصف السادس في مدينة عنيزة
السعودية .تكونت عينة الدراسة من ( )71طالبا ً وطالبة؛ منهم ( )36طالبا ً وطالبة في المجموعة التجريبية
و( )35طالبا ً وطالبة في المجموعة الضابطة .وأسفرت نتائج الدراسة عن أن نموذج التعلم لمارزانو قد
أسهم في تفوق أفراد المجموعة التجريبية على أقرانهم في المجموعة الضابطة في كل من االستيعاب
القرائي المفاهيمي والعادات الذهنية ،كما بينت النتائج وجود عالقة ارتباطية إيجابية بين االستيعاب القرائي
المفاهيمي وممارسة العادات الذهنية لصالح أفراد المجموعة التجريبية .وأجرى سعيد ( )2006دراسة
بهدف معرفة أثر استخدام استراتيجية (حلل واسأل واستقص) في تدريس وحدات مختارة من مقرر
الكيمياء على تنمية العادات الذهنية لدى طلبة األول الثانوي في محافظة القاهرة .وتكونت عينة الدراسة
من ( )87طالبا ً وطالبة كمجموعة ضابطة ،أما المجموعة التجريبية فتكونت من ( )86طالبا ً وطالبة،
وأظهرت نتائج الدراسة وجود فروق في مستوى المهارات الذهنية المكونة للعادات الذهنية لصالح
المجموعة التجريبية ،وبينت النتائج أيضا ً عدم وجود فروق بين نتائج المجموعتين التجريبية والضابطة
المرتبطة بمتغير الجنس؛ أي كلما نجحت االستراتيجية في تنمية العادات الذهنية لدى الذكور كلما نجحت
أيضا ً في اكتسابها لدى اإلناث بنفس المستوى.
مشكلة الدراسة
ً
يُعد تعلم العادات الذهنية مهما في جميع المراحل الدراسية بما في ذلك التعليم الجامع ،وتبرز هذه
األهمية في تدريب الطلبة على التفكير الواعي ،وممارسة العادات الذهنية ،وكذلك تساعد الطلبة على حل
األزمات الذهنية والصراعات الموقفية واتخاذ القرار ،باإلضافة إلى أنها تساعدهم على معالجة السلبيات
لتصبح إيجابيات ،وتحثهم على المثابرة في إنهاء المهمة ،وتطور مهارات العمل والتفاعل مع اآلخرين
85
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
العادات الذهنية في عالقتها بمهارات القراءة الفاعلة لدى طلبة الجامعات الفلسطينية في محافظة طولكرم
)بربخ .(2016 ،وفي ممارستها يصبح الطالب أكثر مرونة في البحث عن اإلجابة عندما ال يتمكن من
معرفتها ،وهي تساعد على تشكيل مجموعة من العمليات الذهنية بدءا ً بالعمليات الذهنية البسيطة وصوالً
إلى العمليات الذهنية المعقدة؛ مما يمكن الفرد من تطوير نتاجه الفكري ،كما أنها تجعل المتعلم أكثر
استقاللية ،وتحمالً للمسؤولية وتسمح له بقيادة تعلمه ،وتساعده على اتخاذ قرارات صائبة وإصدار أحكام
سليمة ،باإلضافة إلى مساعدته في تنظيم عمليات التفكير ورفع مستوى قدراته ومهارات تفكيره وتحسينها؛
مما ينتج عنه تحسين مستواه األكاديمي .كما أنها تمكن المتعلمين من كبح نوبات الخوف والقلق ،وتبث الثقة
في نفوسهم من خالل تشجيعهم على إمعان التفكير في كافة أمورهم والبحث عن الدقة في أقوالهم وأفعالهم
قبل اإلفصاح عنها مدعمين ذلك بكافة األدلة والبراهين التي تعتمد على بيانات يمكن جمعها باستخدام
الحواس ،وهي تجعل المتعلم أكثر نشاطا ً أثناء تعلمه وأكثر وعيا ً بعملية تعلمه )الموجي.(2017 ،
إن اكتساب العادات الذهنية وتطويرها وإدخالها ضمن العادات الشخصية يعمل على ت ّميز من يصلون ّ
إلى القمة في أدائهم في جميع األماكن ،كما تساعد هذه العادات في تنمية السلوكيات العلمية الجيدة لدى
الطلبة (الفالح(2015 ،؛ فتعليم العادات الذهنية للطلبة تساعدهم على اكتساب العادات المفيدة للحياة كعادة
اإلصرار ،والمثابرة بما يساعدهم على إنهاء األعمال التي يبدؤون بها ،وكذلك تكسبهم عادة الذهن المنفتح
للتعلم وتدريب المتعلم على التخطيط بدقة في ضوء متطلبات المهمة التي يقوم بها وفق معايير يقوم المتعلم
بوضعها بنفسه لتقييم أدائه في ضوئها وتدريبه على تحمل المسؤولية ( .)Arnone, 2007وحتى تؤتي هذه
األهمية ثمارها ويكون تعلم العادات الذهنية وتنميتها إيجابيا ً ال بد من توافر بيئة تعليمية تساعد على نمو
وازدهار األداء الذكي ومهارات التفكير والعادات الذهنية السليمة ،وهذه البيئة يجب أن تتصف بمجموعة
من المواصفات ،وهي كما ذكرتها الدراسات السابقة في هذا المجال )الفالح2015 ،؛ عمران2014 ،؛
القضاة2014 ،؛ Burgess, 2012؛ .)Costa & Kallick, 2006واإليمان بأن جميع الطلبة قادرون على
التفكير ،وإدراك الطلبة أن التفكير هو هدف تربوي ينبغي السعي لتحقيقه ،ويجب تعريض الطلبة لمشكالت
تتحدى قدراتهم التفكيرية ،وإيجاد بيئة تعليمية خالية من التهديد وتحمل األخطار ،وتوفير البيئة التعليمية
الغنية بالمؤثرات ،والعمل على عرض النشاطات التي تنمي الذكاء بطريقة متوافقة مع المستوى العقلي
للطلبة ،ومن الضروري أن يكون المعلم القدوة الحسنة لطالبه.
ونظرا ً ألهمية العادات الذهنية من جهة وضرورة ممارسة مهارات القراءة الفاعلة من جهة أخرى في
حياة الطالب الجامعي ،وتأثير ذلك على مسار حياته بجوانبها المختلفة التعليمية والحياتية ،جاءت فكرة هذه
الدارسة للتعرف على مستوى هذه العادات الذهنية ومهارات القراءة الفاعلة ومدى شيوعها لدى طلبة
الجامعات الفلسطينية في محافظة طولكرم.
أهمية الدراسة
القراءة هي من أهم المواد الدراسية لصلتها الوثيقة بالمواد األخرى ،إذ إن المالحظ بشكل عام أن
الطالب الذي يتفوق فيها يتفوق في المواد األخرى ،فال يستطيع أي طالب أن يظهر تميزه في أية مادة إال
إذا كان مسيطرا ً على مهاراتها .فهي من أهم الدروس التي تفيد المتعلمين ،ألنها تفسح المجال أمامهم
لإلفادة من الكتب في الدروس جميعها (شريف.)2009 ،
وبنا ًء على ما تقدم فإن من مسؤوليات المدرس أن يوجه عنايته لتفعيل استراتيجيات العملية القرائية
التي تسهل على الطلبة فهم المعلومات واستيعاب المفاهيم األساسية في المادة التي يدرسونها ،وتعد
العادات الذهنية من االستراتيجيات التي تساعد المدرس في تحقيق خطوات إيجابية لتعزيز بيئة التعلم
الصفي ،وتمكن المتعلمين من معالجة الموضوعات الدراسية مهما كانت درجة صعوبتها عن طريق
تنشيط معرفتهم السابقة ( .)Hayes, 2005وتتيح لهم الفرصة لإلبداع من خالل التعبير عن األفكار،
وطرح األسئلة والقضايا المرتبطة بحياتهم ومتعلقاتهم الشخصية ،إذ ال تكون عنايتهم متركزة على تعدد
اإلجابات الصحيحة التي يعرفونها ،بل على الكيفية التي يتصرفون بها عندما ال يعرفون الجواب ،وذلك
من خالل مالحظة مقدرة الطلبة على إنتاج المعرفة أكثر من مقدرتهم على استرجاعها وتذكرها
( .(Tamra & Tassel, 2006وتدعو أساليب التربية الحديثة إلى تنشيط العادات الذهنية لدى المتعلمين
في مراحل التعليم جميعها إذ يرى "مارزانو" إن العادات الذهنية الضعيفة تؤدي عادة إلى تعلم ضعيف
86
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
العادات الذهنية في عالقتها بمهارات القراءة الفاعلة لدى طلبة الجامعات الفلسطينية في محافظة طولكرم
بغض النظر عن مستوى المتعلم في المهارة والقدرة (طراد .)2012 ،كذلك يشير كوستا ( Costa,
)2008إلى أن إه مال استعمال العادات الذهنية يسبب الكثير من القصور في نتائج العملية التعليمية،
فالعادات الذهنية ليست امتالك المعلومات ،بل هي معرفة كيفية العمل عليها واستعمالها أيضاً ،فهي نمط
من السلوكيات الذكية ،تقود المتعلم إلى إنتاج المعرفة وليس استذكارها أو إعادة انتاجها على نمط سابق.
لذا فإن على المتعلم ممارسة العادات الذهنية ،حتى تصبح جزءا ً من طبيعته ،وإن أفضل طريقة الكتساب
هذه العادات وتنميتها تقديمها للمتعلمين وممارستهم لها في مهمات تمهيدية بسيطة ،ثم تطبيقها على مواقف
أكثر تعقيداً ،ويمكن استعمال مجموعة من الخطوات واإلجراءات واالستراتيجيات في مساعدة الطلبة على
اكتساب العادات الذهنية أثناء تدريس المقررات الدراسية المختلفة ،على أن يجري تعزيزها بصورة
مباشرة وصريحة ( .)Costa, 2001وبنا ًء على ما سبق ذكره يمكن تلخيص أهمية الدراسة في الجوانب
اآلتية:
* أهمية اللغة كونها وسيلة للتواصل بين أبناء المجتمع.
* أهمية القراءة كونها مفتاح الحياة وسرها.
* أهمية االستيعاب القرائي كونه يمثل جوهر عملية القراءة.
* أهمية العادات الذهنية بوصفها نمط من السلوكيات الذكية تقود المتعلم إلى إنتاج المعرفة.
* أهمية المرحلة الجامعية بوصفها المرحلة التي ينضج فيها تفكير الطلبة وتنمو قدرتهم على الفهم
والتحليل والتركيب والتقويم ،وتتبلور فلسفة الحياة وبناء األفكار والقيم والمعتقدات.
أهداف الدراسة
تسعى هذه الدراسة إلى تحقيق عدة أهداف هي:
* التعرف إلى أهم العادات الذهنية وأكثرها شيوعا ً لدى طلبة الجامعات الفلسطينية في محافظة
طولكرم.
* التعرف إلى أهم مهارات القراءة الفاعلة وأكثرها شيوعا ً لدى طلبة الجامعات الفلسطينية في محافظة
طولكرم.
* الكشف عن طبيعة العالقة االرتباطية بين العادات الذهنية ومهارات القراءة الفاعلة لدى طلبة
الجامعات الفلسطينية في محافظة طولكرم.
* ال تحقق من داللة الفروق اإلحصائية بين المتوسطات الحسابية الستجابات طلبة الجامعات الفلسطينية
في محافظة طولكرم في العادات الذهنية ومهارات القراءة الفاعلة تبعا ً لمتغيري :الجنس والتخصص.
أسئلة الدراسة
لتحقيق أهداف الدراسة السابقة تم فحص األسئلة اآلتية:
* ما العادات الذهنية األكثر شيوعا ً لدى طلبة الجامعات الفلسطينية في محافظة طولكرم؟
* ما مهارات القراءة الفاعلية األكثر شيوعا ً لدى طلبة الجامعات الفلسطينية في محافظة طولكرم؟
* هل توجد عالقة ارتباطية بين العادات الذهنية ومهارات القراءة الفاعلة لدى طلبة الجامعات
الفلسطينية في محافظة طولكرم؟
* هل توجد فروق دالة إحصائيا ً بين المتوسطات الحسابية الستجابات طلبة الجامعات الفلسطينية في
محافظة طولكرم في العادات الذهنية تبعا ً لمتغيرين الجنس والتخصص العلمي؟
* هل توجد فروق دالة إحصائيا ً بين المتوسطات الحسابية الستجابات طلبة الجامعات الفلسطينية في
محافظة طولكرم في مهارات القراءة الفاعلة تبعا ً لمتغيرين الجنس والتخصص العلمي؟
المفاهيم اإلجرائية
* العادات الذهنية ( :)Habits of Mindيعرفها كوستا ( )Costa, 2001بأنها نزعة الفرد نحو
التصرف بطريقة ذكية لدى مواجهة مشكلة ما يكتنفها الغموض أو الحيرة ،وعندما تكون اإلجابة أو الحل
غير متوفر وغير جاهز لديه .وتتبنى الدراسة الحالية تعريف العادات الذهنية بأنها ممارسات ذهنية لدى
87
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
العادات الذهنية في عالقتها بمهارات القراءة الفاعلة لدى طلبة الجامعات الفلسطينية في محافظة طولكرم
األفراد تؤدي إلى زيادة التركيز وتحقق نتائج إيجابية في العملية التعليمية بشكل خاص وفي الحياة بعامة.
وتقاس إجرائيا ً بالدرجة يحصل عليها الطالب الجامعي على المقياس المعد لهذا الغرض والمكون من
( )16عادة من العادات الذهنية وفق نظرية كوستا وكاليك.
* القراءة :هي عملية ذهنية نفسية تشمل تفسير الرموز أو الكلمات التي يتلقاها القارئ عن طريق
عينيه وتتطلب الربط بين الخبرة الشخصية ومعاني الرموز ،وت ُعرف القراءة لغة بأنهاَ :
ص ْوت النُّطق
التعرف إلى األحرف، ُّ بالكالم المكتوب (الرازي .)1985 ،أ َّما اصطالحا ً فقد ُ
ع ِ ّرفت بأنها :إمكانيّة
والكلمات جميعها ،ونُطقها بشك ٍل صحيح (شريف .)2009 ،كما ت ّم تعريف القراءة أيضا ً بأنَّها :قدرة على
عل معها (الديلمي وحراحشة.)2009 ، حاولة فهمها ،وتحليلها ،وإمكانيّة التفا ُ نُطق ُّ
الرموز العديدة ،و ُم َ
* القراءة الفاعلة ( :)Effective Readingتتكون من عمليتين متصلتين هما :األداء الديناميكي أوالً؛
أي االستجابات الفسيولوجية كما هو مكتوب .وعملية ذهنية ثانياً؛ ويتم من خاللها تفسير المعنى وتشمل
التفكير واالستنتاج والتحليل والتفسير وإبداء الرأي واإلبداع.
* مهارات القراءة الفاعلة :وهي بمثابة الطرق واألساليب الفعالة الستخدام (الوقت والمكان والطرق
واألساليب الالزمة) واالستفادة منهما بأقصى حد ممكن ،وتقاس إجرائيا ً في هذه الدراسة بالدرجة التي
يحصل عليها المفحوص على المقياس المعد لهذا الغرض.
إجراءات الدراسة
أوالً :منهج الدراسة :انطالقا ً من طبيعة البحث والمعلومات المراد الحصول عليها من أجل التعرف
على العادات الذهنية الشائعة لدى طلبة الجامعات الفلسطينية في محافظة طولكرم ،فقد استخدم الباحث
المنهج الوصفي االرتباطي ،فهو المنهج المناسب لهذه الدراسة ،وذلك ألن المنهج الوصفي االرتباطي
يدرس العالقة بين المتغيرات ،ويصف درجة العالقة بين المتغيرات وصفا ً كميا ً وذلك باستخدام مقاييس
كمية ،ومن أغراض المنهج االرتباطي وصف العالقات بين المتغيرات ،أو استخدام هذه العالقات في عمل
تنبؤات تتعلق بهذه المتغيرات )بركات .(2019 ،لهذا يعتقد الباحث أن المنهج االرتباطي هو األنسب لهذه
الدراسة ويحقق أهدافها بالشكل الذي يضمن الدقة والموضوعية.
ثانياً :مجتمع الدراسة :تكون مجتمع الدراسة من جميع الطلبة المسجلين في الجامعات في محافظة
طولكرم وهي :جامعة القدس المفتوحة (فرع طولكرم) ،والنجاح الوطنية (كلية الزراعة والبيطرة)،
وفلسطين التقنية خضوري ،والبالغ عددهم ( )9558طالبا ً وطالبة ،وذلك وفق إحصائيات القبول والتسجيل
لهذه الجامعات للفصل األول من العام الدراسي ( .)2019 /2018وهم موزعين تبعا ً لمتغيري الجنس
والجامعة كما هو مبين في الجدول ( )1اآلتي:
ثالثاً :عينة الدراسة :تكونت عينة الدراسة من ( )423طالبـا ً وطالبـة ،تـم اختيـارهم بالطريقـة الطبقيـة
العشوائية تبعا ً لمتغيري الجنس والجامعة بنسبة ( )5%من المجتمع األصـلي ،حيـث تـم اختيـار أفـراد هـذه
88
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
العادات الذهنية في عالقتها بمهارات القراءة الفاعلة لدى طلبة الجامعات الفلسطينية في محافظة طولكرم
العينة وفق األرقام الجامعية باستخدام بـرامج القبـول والتسـجيل .وهـم موزعـون تبعـا ً لمتغيـرات الدراسـة
المستقلة كما هو مبين في الجدول ( )2اآلتي:
جدول ( :)2توزيع عينة الدراسة تبعا ً إلى متغيرات الجنس والجامعة والتخصص
النسبة المئوية العدد المستوى المتغيرات
0 .42 178 ذكور الجنس
0 .58 245 إناث
0 .37 157 القدس المفتوحة (فرع طولكرم) الجامعة
0 .10 42 النجاح الوطنية (كلية الزراعة والبيطرة)
0 .53 224 فلسطين التقنية خضوري
0 .21 90 مواد نظرية (أدبية) التخصص
0 .31 130 مواد تطبيقية (علمية)
0 .48 203 مواد تجارية واقتصادية
* مقياس العادات الذهنية :بعد اطالع الباحث على األدب التربوي النظري والدراسات السابقة
المتعلقة بمشكلة الدراسة ،واالطالع على العديد من المقاييس النفسية العربية واألجنبية بهذا المجال
(الطويرقي وعيسى2018 ،؛ بربخ2016 ،؛ السلطاني والجبوري2015 ،؛ Burgess, 2012؛ كاظم،
2011؛ جرادين والرفوع2007 ،؛ ،)Costa & Kallick, 2007تبنى الباحث مقياس العادات الذهنية
لكوستا و كاليك ( ،)Costa & Kallick, 2006والذي يشتمل على ( )260فقرة موزعة على ( )16عادة
من العادات الذهنية .وقام الباحث باستخدام هذا المقياس من أجل التعرف على العادات الذهنية الشائعة لدى
طلبة الجامعة في محافظة طولكرم بفلسطين ،بعد تطوير صورة مختصرة منه مكونة من ( )80فقرة
موزعة بالتساوي إلى ( )16عادة ذهنية .بحيث يجيب المفحوص على هذه الفقرات وفق مقياس ليكرت
( )Likertخماسي البدائل ،وهي (دائماً /غالباً /أحياناً /نادراً /أبداً) ،حيث تتراوح الدرجة على هذا المقياس
ما بين ( )5درجات في حال اإلجابة بغالبا ً ودرجة واحدة في حال اإلجابة بأبداً ،وبذلك فإن الدرجة
المرتفعة على المقياس تشير إلى ارتفاع مستوى استخدام العادات الذهنية ،بينما تشير الدرجة المنخفضة
عليه إلى انخفاض مستوى استخدام هذه العادات الذهنية ،ولتفسير وتقييم استجابات المفحوصين على هذه
المقياس اعتمد المعيار اآلتي:
مستوى منخفض في العادات الذهنية. -أقل من ()2 .33
مستوى متوسط في العادات الذهنية. )3 .66 – 2 .33( -
مستوى مرتفع في العادات الذهنية. -أكثر من ()3 .66
صدق االختبار :تم التحقق من صدق المقياس بطريقتين هما :صدق المحكمين ()Trustess Validity
بعرض المقياس على مجموعة من المحكمين المتخصصين في علم النفس والمناهج واألساليب واإلرشاد
النفسي والتربوي بلغ عددهم ( )9محكمين ،بهدف التحقق من مناسبة المقياس لما أعد من أجله ،وسالمة
صياغة الفقرات ،وانتماء كل منها للمجال الذي وضعت فيه ،وفي ضوء مالحظات المحكمين تم اجراء
التعديالت المناسبة ،وصياغة المقياس بصورته النهائية والمكون من ( )80فقرة .والطريقة الثانية هي
صدق البناء ()Construct Validity؛ إذ طبق المقياس على عينة استطالعية بلغت ( )50طالبا ً وطالبة،
كما استخدم معامل ارتباط بيرسون وتم استخراج قيم معامالت ارتباط كل فقرة بالبعد والمقياس ككل كما
هو مبين في الجدول ( )3اآلتي:
89
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
العادات الذهنية في عالقتها بمهارات القراءة الفاعلة لدى طلبة الجامعات الفلسطينية في محافظة طولكرم
يوضح الجدول ( )3السابق أن جميع قيم معامالت االرتباط سواء بين الفقرات والمجال أم مع المقياس
ككل هي دالة إحصائياً ،إذ تراوحت هذه القيم ما بين ( )0 .83 – 0 .36بين الفقرات والمجال ،كما
تراوحت هذه القيم ما بين ( )0 .66 – 0 .25ما بين الفقرات والمقياس ككل .وقد اعتمدت القيمة ()0 .25
كحد أدنى كمعيار لقبول الفقرة سواء مع المجال أم مع المقياس ككل ( .)Rest, 1986كما استخرجت
معامالت االرتباط بين األبعاد والدرجة الكلية على المقياس فكانت كما هو مبين في الجدول ( )4اآلتي:
جدول ( :)4قيم معامالت االرتباط بين األبعاد والدرجة الكلية على المقياس
معامل االرتباط الرقم معامل االرتباط الرقم معامل االرتباط الرقم معامل االرتباط الرقم
*0 .52 13 *0 .73 9 *0 .62 5 *0 .74 1
*0 .57 14 *0 .76 10 *0 .74 6 *0 .66 2
*0 .74 15 *0 .58 11 *0 .65 7 *0 .69 3
*0 .65 16 *0 .61 12 *0 .72 8 *0 .65 4
* جميع القيم دالة عند مستوى الداللة ()α≤ 01. 0
يوضح الجدول ( ) 4السابق أن قيم معامالت االرتباط بين المجاالت المختلفة والمقياس ككل تراوحت
بين ( ،)0 .76 – 0 .52وهي جميعها دالة إحصائيا ً عند مستوى الداللة (.)α≤ 01. 0
ثبات المقياس :من أجل التحقق من ثبات مقياس العادات الذهنية اعتمدت طريقتين هما :طريقة اإلعادة
( )Test- Retestباستخدام معامل بيرسون ( ،)Pearson's Coefficient of Correlationوطريقة
االتساق الداخلي ( )Internal Consistencyباستخدام معادل كرونباخ ألف (.)Cronbach Alpha
وذلك بتطبيق المقياس على عينة استطالعية مكونة من ( )50طالبا ً وطالبة خارج العينة الفعلية ،فكانت قيم
معامالت الثبات وفق هاتين الطريقتين كما هو مبين في الجدول ( )5اآلتي:
90
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
العادات الذهنية في عالقتها بمهارات القراءة الفاعلة لدى طلبة الجامعات الفلسطينية في محافظة طولكرم
جدول ( :)5قيم معامالت الثبات لمقياس العادات الذهنية بطريقتين اإلعادة واالتساق الداخلي
طريقة طريقة العادات الذهنية الرقم طريقة طريقة العادات الذهنية الرقم
االتساق اإلعادة االتساق اإلعادة
*0 .77 0 .74 التفكير والتوصيل 9 0 .66 0 .68 المثابرة 1
بوضوح ودقة
0 .63 0 .66 جمع البيانات باستخدام 10 0 .67 0 .69 التحكم بالتهور 2
جميع الحواس
0 .68 0 .69 الخلق – التصور – 11 0 .71 0 .61 االصغاء بتفهم وتعاطف 3
االبتكار (التجديد)
0 .72 0 .68 االستجابة بدهشة ورهبة 12 0 .63 0 .72 التفكير بمرونة 4
0 .68 0 .64 االقدام على مخاطر 13 0 .62 0 .74 التفكير ما وراء التفكير 5
مسؤولة
0 .73 0 .66 إيجاد الدعابة 14 0 .61 0 .59 الكفاح من أجل الدقة 6
0 .72 0 .69 التفكير التبادلي 15 0 .69 التساؤل وطرح المشكالت 0 .67 7
0 .69 0 .67 االستعداد الدائم للتعلم 16 0 .67 تطبيق المعارف الماضية 0 .65 8
المستمر على أوضاع جديدة
* جميع القيم دالة عند مستوى الداللة ()α≤ 01. 0
يوضح الجدول ( ) 5السابق أن قيم معامالت الثبات لمقياس العادات الذهنية قد تراوحت ما بين (0 .59
– )0 .74بطريقة إعادة االختبار ،بينما تراوحت ما بين ( )0 .77 – 0 .61بطريقة االتساق الداخلي،
وهي جميعا ً مرتفعة ودالة عند مستوى الداللة ( .)α≤ 01. 0وهي قيم أعلى من الحد األدنى المقبول للثبات
وهو ( )0 .60كما يرى كامبل وستانلي ( ،)Campell & Stanley, 1993وهذا مؤشر على أن هذا
المقياس يتمتع بمستوى مقبول من الثبات ،ويمكن االعتماد عليه في التطبيق النهائي وتحقيق أهداف
الدراسة.
مقياس مهارات القراءة الفاعلة ( :)Effective Reading Skills Scaleبعد مراجعة عدد من
الدراسات النظرية واألمبريقية العربية واألجنبية (Rosyid & Ghufron, 2018؛ & Kirchner
Mostert, 2017؛ Thompson, 2017؛ Grohol, 2016؛ McGeown et al, 2015؛ حسين،
2015؛ الفضلي2013 ،؛ فتح هللا2009 ،؛ ،)Writer, 2008قام الباحث بتحديد المصطلحات األساسية
الخاصة بالقراءة الفاعلة ومظاهرها وخصائصها ،وترجمة ذلك إلى عبارات أو فقرات إجرائية قابلة
للقياس بهدف الحصول على أداة سيكومترية تناسب طبيعة الدراسة وهدفها وعينتها ،وتكون المقياس في
صورته األولية من ( )43فقرة ،موزعة على ثالثة مجاالت هي :مجال المهارات المتعلقة بوقت القراءة
الفاعلة ويتألف من ( )12فقرات ،والمجال المتعلق بمكان القراءة الفاعلة ويتكون من ( )11فقرات،
والمجال المتعلق بطرق القراءة الفعالة وأساليبها ويتشكل من ( )20فقرة ،بحيث يجيب المفحوص على هذه
الفقرات وفق مقياس ليكرت ( )Likertخماسي البدائل ،وهي (كثيرا ً جداً /كثيراً /إلى حد ما /قليالً /قليالً
جداً) ،حيث تتراوح الدرجة على هذا المقياس ما بين ( )5درجات في حال اإلجابة بكثير جدا ً ودرجة
واحدة في حال اإلجابة بقليل جداً ،وبذلك فإن الدرجة المرتفعة على المقياس تشير إلى ارتفاع مستوى
استخدام مظاهر القراءة الفاعلة ،بينما تشير الدرجة المنخفضة عليه إلى انخفاض مستوى استخدام هذه
المظاهر ،ولتفسير وتقييم استجابات المفحوصين على هذه المقياس اعتمد المعيار اآلتي:
مستوى منخفض الستخدام القراءة الفاعلة -أقل من ()2 .33
مستوى متوسط الستخدام القراءة الفاعلة )3 .66 – 2 .33( -
مستوى مرتفع الستخدام القراءة الفاعلة -أكثر من ()3 .66
91
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
العادات الذهنية في عالقتها بمهارات القراءة الفاعلة لدى طلبة الجامعات الفلسطينية في محافظة طولكرم
صدق المقياس :تم التأكد من صدق المقياس بطريقتين :األولى ،صدق المحكمين ( Trustess
) Validityمن خالل عرض المقياس بصورته األولية على لجنة من المحكمين ذوي الخبرة واالختصاص
في مجاالت علم النفس والمناهج واألساليب واإلرشاد النفسي والتربوي بلغ عددهم ( )9محكمين .وقد
طلب منهم إبداء الرأي حول فقرات المقياس بهدف التأكد من مناسبتها للمفهوم المراد قياسه والمجال التي
تنتمي إليه ،وبعد تحليل مالحظات المحكين تم حذف فقرتين من فقرات المقياس بسبب تكرار موضوعها
مع فقرات أخرى .والطريقة الثانية هي صدق البناء ( )Construct Validityباستخدام معادلة بيرسون إذ
حسبت معامالت االرتباط بين درجات أفراد العينة االستطالعية للدراسة وحجمها ( )50طالبا ً وطالبة
للفقرات والمجال والمجموع الكلي للمقياس فكانت كما هو مبين في الجدول ( )6اآلتي:
جدول ( :)6قيم معامالت ارتباط الفقرة بالبعد والمقياس ككل
مع المقياس مع المجال رقم مع المقياس مع المجال رقم مع المقياس مع المجال رقم
الفقرة الفقرة الفقرة
0 .33 0 .54 29 0 .57 0 .44 15 0 .37 0 .58 1
0 .58 0 .71 30 0 .23 0 .11 16 0 .58 0 .75 2
0 .55 0 .81 31 0 .44 0 .68 17 0 .48 0 .66 3
0 .69 0 .70 32 0 .46 0 .77 18 0 .62 0 .69 4
0 .44 0 .52 33 0 .47 0 .73 19 0 .63 0 .47 5
0 .57 0 .48 34 0 .38 0 .29 20 0 .31 0 .58 6
0 .64 0 .61 35 0 .57 0 .72 21 0 .26 0 .63 7
0 .59 0 .71 36 0 .37 0 .56 22 0 .53 0 .76 8
0 .48 0 .67 37 0 .57 0 .71 23 0 .41 0 .63 9
0 .47 0 .64 38 0 .38 0 .70 24 0 .30 0 .28 10
0 .27 0 .49 39 0 .41 0 .57 25 0 .32 0 .55 11
0 .57 0 .64 40 0 .69 0 .68 26 0 .69 0 .66 12
0 .53 0 .33 41 0 .59 0 .79 27 0 .79 0 .61 13
0 .51 0 .67 28 0 .67 0 .52 14
* جميع القيم دالة عند مستوى الداللة ( )α≤ 01. 0باستثناء الفقرة ()22
يوضح الجدول ( ) 6السابق أن جميع قيم معامالت االرتباط سواء بين الفقرات والمجال أم مع المقياس
ككل هي دالة إحصائيا ً باستثناء الفقرة ( ،)16إذ تراوحت هذه القيم ما بين ( )0 .81 – 0 .11بين الفقرات
والمجال ،كما تراوحت هذه القيم ما بين ( )0 .79 – 0 .23ما بين الفقرات والمقياس ككل .وقد اعتمدت
القيمة ( )0 .25كحد أدنى كمعيار لقبول الفقرة سواء مع المجال أم مع المقياس ككل ( .)Rest, 1986كما
استخرجت معامالت االرتباط بين المجاالت الفرعية للمقياس والدرجة الكلية عليه فكانت كاآلتي :المجال
األول ( ،)0 .73والمجال الثاني ( ،)0 .71والمجال الثالث ( .)0 .82وبعد حذف الفقرة ( )16أصبح
مقياس مهارات القراءة الفاعلة مكون من ( )40فقرة موزعة إلى ( )10فقرات لكل من المجال األول
والثاني و( )20فقرة للمجال الثالث.
ثبات المقياس :من أجل التحقق من ثبات مقياس مهارات القراءة الفاعلة اعتمدت طريقتين هما :طريقة
اإلعادة ( )Test- Retestباستخدام معامل بيرسون لالرتباط ( Pearson's Coefficient of
،)Correlationوطريقة االتساق الداخلي ( )Internal Consistencyباستخدام معادل كرونباخ ألف
( .)Cronbach Alphaوذلك بتطبيق المقياس على عينة استطالعية مكونة من ( )50طالبا ً وطالبة من
خارج العينة الفعلية ،فكانت قيم معامالت الثبات وفق هاتين الطريقتين كما هو مبين في الجدول ( )7اآلتي:
92
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
العادات الذهنية في عالقتها بمهارات القراءة الفاعلة لدى طلبة الجامعات الفلسطينية في محافظة طولكرم
جدول ( :)7قيم معامالت الثبات لمقياس مهارات القراءة الفاعلة بطريقتي اإلعادة واالتساق الداخلي
طريقة االتساق طريقة اإلعادة مجاالت مهارات القراءة الفاعلة الرقم
0 .79 0 .78 وقت القراءة الفاعلة 1
0 .77 0 .72 مكان القراءة الفاعلة 2
0 .83 0 .81 طرق القراءة الفاعلة وأساليبها 3
0 .80 0 .76 الكلي
* جميع القيم دالة عند مستوى الداللة ()α≤ 01. 0
يوضح الجدول ( ) 7السابق أن قيم معامالت الثبات لمقياس العادات الذهنية قد تراوحت ما بين (0 .72
– )0 .81بطرقة إعادة االختبار ،بينما تراوحت ما بين ( )0 .83 – 0 .77بطريقة االتساق الداخلي ،وهي
جميعا ً مرتفعة ودالة عند مستوى الداللة ( .)α≤ 01. 0وهي قيم أعلى من الحد األدنى المقبول للثبات وهو
( )0 .60كما يرى كامبل وستانلي ( ،)Campell & Staney, 1993وهذا مؤشر على أن هذا المقياس
يتمتع بمستوى مقبول من الثبات ،ويمكن االعتماد عليه في التطبيق النهائي وتحقيق أهداف الدراسة.
خامساً :المعالجات اإلحصائية :لتحقيق أهداف الدراسة واإلجابة عن أسئلتها استخدمت الوسائل
اإلحصائية الوصفية والتحليلية اآلتية:
-1المتوسطات الحسابية واالنحرافات المعيارية والنسب المئوية.
-2االختبار التائي لعينتين مستقلتين ).(T-test Two Independent Sample
-3تحليل التباين الثنائي (.)Two- Way ANOVA( )4×2
-4معادلة كرونباخ -ألفا (.(Cronbach – Alpha Formula
-5اختبار ( )LSDللمقارنات البعدية.
نتائج الدراسة
أوالً :النتائج المتعلقة بالسؤال األول وهو :ما العادات الذهنية األكثر شيوعا ً لدى طلبة الجامعات
الفلسطينية في محافظة طولكرم؟
لإلجابة عن هذا السؤال حسبت المتوسطات الحسابية واالنحرافات المعيارية الستجابات أفراد الدراسة
على مقياس العادات الذهنية ،فكانت كما هو مبين في الجدول ( )8اآلتي:
جدول ( :)8المتوسطات الحسابية واالنحرافات المعيارية والنسب المئوية والتقييم الستجابات أفراد
الدراسة على مقياس العادات الذهنية
النسبة االنحراف المتوسط العادات الذهنية التسلسلي الرتبة
التقييم المئوية المعياري الحسابي
مرتفع 85 .48 0 .59 4 .27 المثابرة 1 1
مرتفع 83 .44 0 .66 4 .17 التفكير التبادلي 15 2
مرتفع 83 .20 0 .69 4 .16 التفكير والتوصيل بوضوح ودقة 9 3
مرتفع 82 .73 0 .68 4 .14 االصغاء بتفهم وتعاطف 3 4
مرتفع 82 .61 0 .61 4 .13 الكفاح من أجل الدقة 6 5
مرتفع 82 .37 0 .61 4 .12 التحكم بالتهور 2 6
مرتفع 82 .01 0 .64 4 .10 تطبيق المعارف الماضية على أوضاع 8 7
جديدة
مرتفع 81 .54 0 .61 4 .08 إيجاد الدعابة 14 8
مرتفع 81 .33 0 .64 4 .07 التفكير ما وراء التفكير 5 9
مرتفع 80 .68 0 .63 4 .03 جمع البيانات باستخدام جميع الحواس 10 10
مرتفع 80 .24 0 .71 4 .01 االستعداد الدائم للتعلم المستمر 16 11
مرتفع 79 .53 0 .72 3 .98 االستجابة بدهشة ورهبة 12 12
93
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
العادات الذهنية في عالقتها بمهارات القراءة الفاعلة لدى طلبة الجامعات الفلسطينية في محافظة طولكرم
مرتفع 79 .47 0 .76 3 .97 االقدام على مخاطر مسؤولة 13 13
مرتفع 78 .81 0 .69 3 .94 التساؤل وطرح المشكالت 7 14
مرتفع 78 .76 0 .64 3 .93 التفكير بمرونة 4 15
مرتفع 77 .36 0 .77 3 .87 الخلق – التصور – االبتكار (التجديد) 11 16
مرتفع 81 .23 0 .48 4 .06 الكلي
يوضح الجدول ( )8السابق ،أن تقديرات أفراد الدراسة لمظاهر العادات الذهنية كانت مرتفعة وفي
جميع مجاالت هذه العادات ،وقد تراوحت المتوسطات الحسابية لهذه العادات ما بين (،)4 .27 – 3 .87
كما بلغ المتوسط الكلي للعادات الذهنية ( )4 .06وهو مرتفع .وقد كانت العادات الخمس األكثر ارتفاعا ً
وشيوعا ً لدى طلبة الجامعات هي وفق الترتيب التنازلي اآلتي :المثابرة ،والتفكير التبادلي ،والتفكير
والتوصيل بوضوح ودقة ،واإلصغاء بتفهم وتعاطف ،والكفاح من أجل الدقة .بينما كانت العادات الخمس
األقل انخفاضا ً وشيوعا ً هي على الترتيب التصاعدي اآلتي :الخلق – التصور – االبتكار (التجديد)،
والتفكير بمرونة ،والتساؤل وطرح المشكالت ،واإلقدام على مخاطر مسؤولة ،واالستجابة بدهشة ورهبة.
ولدى مقارنة هذه النتيجة مع الدراسات السابقة تبين أنها تتفق مع دراسات ( Rosyid & Ghufron,
2018؛ Ersen; Ezentas & Altun, 2018؛ العساف2017 ،؛ بربخ2016 ،؛ شقورة2013 ،؛
الفاضلي) 2013 ،؛ التي أظهرت نتائجها ارتفاع مستوى العادات الذهنية لدى األفراد ،بينما تعارضت مع
دراسات (Kirchner & Mostert, 2017؛ حسين2015 ،؛ الربعي)2009 ،؛ التي أظهرت نتائجها أن
هذه العادات تتوفر بمستوى متوسط أو منخفض لدى األفراد .مما يشير إلى أن أفراد العينة لديهم مستويات
متفاوتة لكنها جيدة في العادات الذهنية ،وجاءت عادة المثابرة في المرتبة األولى وذلك لما تتسم به من
تمكين الطلبة لعادات العمل المستمر من أجل الوصول إلى معرفة محكمة تتصف بالدقة بعيدا ً عن التهور
والتسرع من خالل التدقيق في فحص األشياء مع توافر الرغبة القوية لدى الفرد لتحقيق أقصى دقة ممكنة.
وتفسر هذه النتيجة بأن الطلبة الجامعيين لهم خبرات ويمتلكون قدرات عقلية ظاهرة في سلوكياتهم اليومية
التي يستخدمونها بشكل شبه يومي ،وقد يعود ذلك إلى استخدام أنماط عقلية مختلفة في مواجهة المواقف
الدراسية بشكل خاص ،ومواقف الحياة اليومية بشكل عام ،وكانت هذه العادات الذهنية على اختالف
أنواعها ومظاهرها بمستوى مرتفع ،وقد يرجع ذلك للطبيعة الذهنية التي يمتلكونها والخبرات االجتماعية
والتربوية المتنوعة التي اكتسبوها من البرامج التربوية في الجامعة .ويعزو الباحث هذه النتيجة بأن الطلبة
الجامعيين يسعون لإلنجاز ،والوصول لغاياتهم وأهدافهم ،من خالل توظيف العادات الذهنية والتي تؤهل
الطالب بأن يكون قادرا ً على المثابرة والتفكير المتبادل والنقد الحر البناء ،والتخطيط الجيد والمشاركة
الفعالة في المسيرة التعليمية ،وانطالقا ً من الموروث األدبي من أن عملية تشكيل العادات الذهنية ال تعني
أن يمتلك الفرد مهارات التفكير األساسية ،والقدرات التي تعمل على إنجازها فحسب ،بل ال بد قبل ذلك من
وجود الميل أو الرغبة لتطبيق كل ذلك في األوقات ،والظروف ،والمواقف المالئمة (.)Tishman, 2000
النتائج المتعلقة بالسؤال الثاني وهو :ما مهارات القراءة الفاعلية األكثر شيوعا ً لدى طلبة الجامعات
الفلسطينية في محافظة طولكرم؟
لإلجابة عن هذا السؤال حسبت المتوسطات الحسابية واالنحرافات المعيارية الستجابات أفراد الدراسة
على مقياس مهارات القراءة الفاعلة ،فكانت كما هو مبين في الجدول ( )9اآلتي:
94
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
العادات الذهنية في عالقتها بمهارات القراءة الفاعلة لدى طلبة الجامعات الفلسطينية في محافظة طولكرم
جدول ( :)9المتوسطات الحسابية واالنحرافات المعيارية والنسب المئوية والتقييم الستجابات أفراد
الدراسة على مقياس مهارات القراءة الفاعلة
التقييم النسبة االنحراف المتوسط مهارات القراءة الفاعلة التسلسلي الرتبة
المئوية المعياري الحسابي
مرتفع 81 .80 0 .61 4 .09 طرق القراءة الفاعلة وأساليبها 3 1
مرتفع 76 .40 0 .71 3 .82 تنظيم وقت القراءة الفاعلة 1 2
مرتفع 72 .20 0 .56 3 .61 تنظيم مكان القراءة الفاعلة 3 3
مرتفع 76 .80 0 .39 3 .84 الكلي
يوضح الجدول ( )9السابق أن تقديرات أفراد الدراسة لمهارات القراءة الفاعلة كانت مرتفعة وعلى
جميع مجاالتها ،وقد تراوحت المتوسطات الحسابية لهذه العادات ما بين ( ،)4 .09 – 3 .61كما بلغ
المتوسط الكلي لمهارات القراءة الفاعلة ( )3 .84وهو مستوى مرتفع أيضاً .وقد جاءت تقديرات أفراد
الدراسة لمهارات طرق القراءة الفاعلة وأساليبها في المرتبة األولى ،بينما جاءت هذه التقديرات في
المرتبة الثانية في مهارات تنظيم وقت القراءة الفاعلة ،وجاءت هذه التقديرات في المرتبة األخيرة في
مهارات تنظيم مكان القراءة الفاعلة .ولدى مقارنة هذه النتيجة مع الدراسات السابقة تبين أنها تتفق مع
دراسات (Rosyid & Ghufron, 2018؛ بربخ2016 ،؛ شقورة2013 ،؛ الفاضلي)2013 ،؛ التي
أظهرت نتائجها أن مستوى استخدام الطلبة لمهارات القراءة الفاعلة كان مرتفعاً .بينما تعارضت مع
دراسات ( Hochweber & Vicluf, 2018؛ Kirchner & Mostert, 2017؛ حسين2015 ،؛
الربعي)2009 ،؛ التي أظهرت نتائجها أن هذه التقديرات لمهارات القراءة الفاعلة كان مستواها متوسطا
أو منخفضا.
ويرى الباحث أن امتالك الطالب للمهارات القرائية والكتابية التي تمكنه من الحصول على المعلومات،
يعتبر من متطلبات الدراسة الجامعية والتي تستدعي اكتشاف المعرفة وإنتاجها أكثر من استرجاعها
واكتسا بها ،وهذا ما تؤكده النظرية المعرفية التي ركزت على العمليات الذهنية أكثر من تركيزها على
الجوانب البيئية الخارجية ،والتي من خاللها يستطيع الطالب مواجهة المواقف التي تواجهه وتتحدى قدراته
( .)Kirchner & Mostert, 2017ويوضح السالمي (" )240 ،2013بأن االستماع هو أول مهارات
التواصل ،وهو فن لغوي يترتب عليه فهم الفنون اللغوية األخرى ،وتحدث عملية االستماع عندما يستقبل
جهاز السمع المعلومات شفهياً .وهو عملية معقدة تتضمن عددا ً من المهارات الفرعية ،والتي تمثل في
جوهرها قدرة الفرد على التنبؤ والتأويل واكتشاف العالقات والمعاني ،وهو فن االستماع لآلخرين،
واحترام أفكارهم ،والتجاوب معهم بصورة سليمة وتكريس طاقة عقلية للوعي بأفكارهم" .وأن قدرة
الطالب على اإلصغاء التام لآلخرين تعني قدرته على دراسة وتحليل المعاني بين السطور ،وهذا كله
يساعد على ممارسة مهارات القراءة الفاعلة بقدرة فائقة ،لذا فالحاجة ملحة ألن يتعلم الطلبة مهارات
اإلصغاء إعادة الصياغة ،والتساؤل ،وتنظيم أدوار المتكلم ،وفنون القراءة والكتابة العلمية التي تساعد على
البحث العلمي (.)Hochweber & Vieluf, 2018
النتائج المتعلقة بالسؤال الثالث وهو :هل توجد عالقة إرتباطية بين العادات الذهنية ومهارات
القراءة الفاعلة لدى طلبة الجامعات الفلسطينية في محافظة طولكرم؟
لإلجابة عن هذا السؤال استخرجت معامالت االرتباط باستخدام معامل بيرسون بين مظاهر العادات
الذهنية ومهارات القراءة الفاعلة ،فكانت كما هو مبين في الجدول ( )10اآلتي:
95
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
العادات الذهنية في عالقتها بمهارات القراءة الفاعلة لدى طلبة الجامعات الفلسطينية في محافظة طولكرم
جدول ( :)10قيم معامالت االرتباط بين مظاهر العادات الذهنية ومهارات القراءة الفاعلة
تنظيم المكان الطرق واألساليب القراءة الفاعلة تنظيم الوقت القراءة الفاعلة
العادات الذهنية
*0 .55 *0 .47 *0 .27 *0 .33 المثابرة
*0 .49 *0 .51 *0 .43 *0 .29 التحكم بالتهور
*0 .61 *0 .47 *0 .66 *0 .61 االصغاء بتفهم وتعاطف
*0 .51 *0 .46 *0 .44 *0 .43 التفكير بمرونة
*0 .36 *0 .33 *0 .26 **0 .21 التفكير ما وراء التفكير
*0 .49 *0 .52 *0 .45 *0 .61 الكفاح من أجل الدقة
*0 .44 *0 .28 *0 .27 *0 .39 التساؤل وطرح المشكالت
*0 .42 *0 .31 *0 .29 **0 .21 تطبيق المعارف الماضية على أوضاع جديدة
*0 .31 *0 .33 *0 .51 *0 .43 التفكير والتوصيل بوضوح ودقة
*0 .26 *0 .27 *0 .33 **0 .19 جمع البيانات باستخدام جميع الحواس
*0 .51 *0 .44 *0 .31 *0 .28 الخلق – التصور – االبتكار (التجديد)
*0 .62 *0 .57 *0 .60 *0 .51 االستجابة بدهشة ورهبة
*0 .51 *0 .39 *0 .41 *0 .40 اإلقدام على مخاطر مسؤولة
**0 .23 **0 .18 **0 .21 **0 .17 إيجاد الدعابة
*0 .34 **0 .23 *0 .39 *0 .27 التفكير التبادلي
*0 .51 *0 .31 *0 .47 *0 .35 االستعداد الدائم للتعلم المستمر
*0 .45 *0 .37 *0 .39 *0 .35 العادات الذهنية
* القيم دالة عند مستوى الداللة ()α≤ 01. 0
** القيم دالة عند مستوى الداللة ()α≤ 05. 0
يوضح الجدول ( ) 10السابق ،أن جميع قيم معامالت االرتباط بين مظاهر العادات الذهنية ومهارات
القراءة الفاعلة هي قيم دالة إحصائياً ،بمعنى أن العالقة بين العادات الذهنية ومهارات القراءة الفاعلة هي
عالقة جوهرية وموجبة ،وهي عالقة طردية وتنبؤية بين العادات الذهنية ومهارات القراءة الفاعلة ،أي
كلما ارتفع مستوى العادات الذهنية بكل مظاهرها ارتفع استخدام الطلبة لمهارات القراءة الفاعلة في
الدراسة والتعلم .ويبين الجدول كذلك أن معامالت االرتباط قد تراوحت ما بين ( .)0 .66 – 0 .17ولدى
مقارنة هذه النتيجة مع الدراسات السابقة تبين أنها تتفق مع دراسات ( Hochweber & Vicluf, 2018؛
الطويريقي وعيسى2018 ،؛ Rosyid & Ghufron, 2018؛ بربخ2016 ،؛ McGeown et al,
2015؛ حسين2015 ،؛ السلطاني والجبوري2015 ،؛ الفاضلي2013 ،؛ فتح هللا2009 ،؛ سعيد،
) 2006؛ التي أظهرت نتائجها وجود عالقة جوهرية موجبة بين العادات الذهنية ومهارات القراءة الفاعلة
أو مع متغيرات قريبة ولها عالقة بالقراءة الفاعلة كفاءة الذات األكاديمية ،والقراءة الدراسة ،والقراءة
العميقة والقراءة اإليجابية وغيرها .بينما تعارضت مع دراسات (Kirchner & Mostert, 2017؛
الربعي) 2009 ،؛ والتي أظهرت نتائجها عدم وجود عالقة جوهرية بين العادات الذهنية ومهارات القراءة
الفاعلة.
وتبدو هذه النتيجة منطقية ويرجع ذلك بأن الطالب الجامعي الذي يمتلك مهارات القراءة الفاعلة يكون
قادرا ً على استخدام العادات الذهنية أو العكس ،وأن مؤشرات امتالك العادات الذهنية لدى الطالب هي نتاج
ومؤشر الستخدامه لمهارات القراءة الفاعلة؛ فالطالب الذي يمتلك مهارة اإلصغاء يكون قادرا ً على
التواصل االجتماعي ،وتفهم اآلخرين وتوصيل أفكاره وتذليلها وإقناع اآلخرين بها ،باإلضافة إلى تفهم
قدرات اآلخرين واحتياجاتهم مما ينعكس إيجابيا ً على تواصله الفكري والمجتمعي ،وبالتالي على الرضا
النفسي عن ذاته وارتفاع معدل الثقة بالنفس وباآلخرين والذي ينعكس إيجابيا ً على كل نواحي حياته .ويرى
الباحث أن الطلبة ال ذين يمتلكون العادات الذهنية يتميزون بالمثابرة والعمل الدؤوب والمتواصل والدقيق،
وتوظيف الخبرات السابقة ،وقادرين على توصيل أفكارهم باستخدام مهارات التفكير التبادلي مع الزمالء
96
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
العادات الذهنية في عالقتها بمهارات القراءة الفاعلة لدى طلبة الجامعات الفلسطينية في محافظة طولكرم
من أجل تحقيق أهدافهم ،ويحاولون لفت انتباه اآلخرين وجذبهم إليهم ،وتكون لديهم القدرة على التعبير عن
معتقداتهم من خالل التفكير التبادلي ،والتحكم بالتهور ،والتفكير ،والتوصيل بوضوح ودقة ألفكارهم،
وجمع البيانات باستخدام جميع الحواس في المواقف المختلفة .جاءت تلك الصفات والمهارات الذهنية
لتكون مرشدا ً لينعكس بشكل إيجابي على طموحه ومثابرته ،والسعي وراء تحقيق الهدف ،وحب
االستطالع ،والتعلم المستمر .وهذا ما أكد عليه كل من كوستا وكاليك ()Costa & Callick, 2003, 58
بأن "الطلبة الناجحين يتسمون بمفاهيم إيجابية عن ذواتهم ،كما أنهم نشيطون ،وفعالون ،ومثابرون،
ومشاركون في األنشطة الدراسية ولديهم ميل لالكتشاف .وهذه السمات التي يتسم بها األشخاص
الممارسون للعادات الذهنية ،وأن الطلبة عندما يجمعون بين استخدام األدوات البصرية في القراءة
والكتابة ،واستخدام العادات الذهنية ويفكرون بصورة أعمق فإنهم يرون أفكارهم وهي تتوسع ،وبذلك
يكتسبون حسا ً جديدا ً بأنفسهم كمفكرين فاعلين ،وبالتالي تتحسن نظرتهم لذواتهم كمتعلمين".
ويرى الباحث أن هذه النتيجة منطقية وأن الطالب الذي يمتلك العادات الذهنية والتي تتمثل في المثابرة
وقدرة الفرد على االلتزام ،ومواصلة العمل بالمهام الموكلة إليه ،ومن خالل اإلصغاء بتفهم وتعاطف
لآلخرين ،والتأمل ،وإعادة النظر في األشياء وبطريقة نقدية إيجابية ليصبح إنسانا ً قادرا ً على إدراك
سلوكه ،كل تلك المهارات الذهنية جاءت من خالل الفهم العميق للمواقف ،والتساؤل وطرح المشكالت،
وتطبيق معارفه القديمة وتطويرها ،واإلفادة منها في مواقف جديدة ليكون قادرا ً على توصيل ما يريد قوله
بدقة ووضوح ،وهذا يأتي نتيجة توظيفه لكافة الحواس في جمع البيانات من خالل استخدام مهارات القراءة
الفاعلة واالستفادة منها ،والتي تعزز في الطالب القدرة على التصور واالبتكار ،وحل مشكالته من خالل
فحص اإلمكانيات البديلة ،واالستعداد الدائم للتعلم المستمر .كل تلك الميزات جعلت من الطالب إنسانا ً قادرا ً
على التفاعل اإليجابي مع من حوله سواء على المستوي الجامعي أو األسري أو المجتمعي.
يؤكد في هذا المجال وينبورك )“ )Wineburg, 2003, 73أن وصول الطالب إلى الدقة في أعلى
مستوياتها وتمكينه من إنتاج معرفة عالية الجودة وفائقة النوعية ،وقدرته على الكفاح من أجل الدقة هو
قدرته على العمل المستمر والمثابرة من أجل امتالك المعرفة التي تتصف بالدقة العالية مع أخذ الوقت
الكافي لتفحص في األشياء في كل مجاالت الحياة"؛ وهذا ما عززته النتائج السابقة بأن الطلبة الجامعيين
يسعون للتمايز دائما ً من خالل البحث عن المعلومات بشتى الوسائل ،والسعي المتالك المعلومات
والخبرات بمنهجية وتفكير علميين من خالل بذل الكثير من الجهد ،ومواجهة التحديات الصعبة ،واإلصغاء
جزء من السلوك اإليجابي في القراءة الفعالة والعميقة ونوع من أنواع الذكاء االجتماعي ،وقدرة عالية لدى
ا لفرد لتفهم اآلخرين ،واإلحساس باحتياجاتهم ،وقدراتهم ،وميولهم ،وهو جزء من االتصال والتواصل؛
فاإلصغاء هو انشغال الذهن بالموضوع والتركيز فيه ،لذلك فإن من يمتلكون تلك القدرات لديهم القدرة
على التواصل الفعال ،وبناء شخصية تعليمية إيجابية ،ويساعدهم في ذلك امتالكهم لعادات عقلية متنوعة
ومتميزة .ويمكن عزو هذه النتيجة إلى أن طرق التدريس وإلقاء المحاضرات تستند إلى أساليب تشويقية
وطرق علمية ممنهجة ،وطواقم تدريسية ذات كفاءة عالية تحفز الطالب على الكفاح والبحث عن
المعلومات من أجل الدقة والتفوق وهي أولى درجات التقدم واالبتكار ،وهذا ما أوضحه أرنون (Arnone,
) 2007الذي أكد أن اكتساب المتعلمين للعادات الذهنية يكون من خالل ممارستهم لمهام تعليمية تعلمية
مصممة لتوظيف العادات الذهنية فيها.
النتائج المتعلقة بالسؤال الرابع وهو :هل توجد فروق دالة إحصائيا ً بين المتوسطات الحسابية
الستجابات طلبة الجامعات الفلسطينية في محافظة طولكرم في العادات الذهنية تبعا ً إلى متغيري الجنس
والتخصص؟
لإلجابة عن هذا السؤال حسبت المتوسطات الحسابية واالنحرافات المعيارية الستجابات أفراد الدراسة
على العادات الذهنية المختلفة وفق متغيري الجنس والتخصص ،فكانت كما هو مبين في الجدول ()11
اآلتي:
97
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
العادات الذهنية في عالقتها بمهارات القراءة الفاعلة لدى طلبة الجامعات الفلسطينية في محافظة طولكرم
جدول ( :)11المتوسطات الحسابية واالنحرافات المعيارية الستجابات أفراد الدراسة على العادات
الذهنية المختلفة وفق متغيري الجنس والتخصص
الكلي مواد تجارية مواد علمية مواد أدبية
العادات الذهنية الجنس المتوسط االنحراف المتوسط االنحراف المتوسط االنحراف المتوسط االنحراف
0 .52 3 .65 0 .61 3 .69 0 .51 3 .66 0 .61 ذكور 3 .60 المثابرة
0 .56 4 .11 0 .66 4 .09 0 .65 4 .13 0 .60 4 .10 إناث
0 .57 4 .13 0 .69 4 .10 0 .57 4 .16 0 .49 التحكم بالتهور ذكور 4 .12
0 .53 3 .97 0 .53 3 .97 0 .57 3 .96 0 .58 3 .99 إناث
0 .42 4 .09 0 .63 4 .11 0 .60 4 .10 0 .67 االصغاء بتفهم ذكور 4 .05
0 .65 3 .89 0 .59 3 .89 0 .69 3 .79 0 .67 3 .99 إناث وتعاطف
0 .61 3 .94 0 .57 3 .93 0 .59 3 .90 0 .71 التفكير بمرونة ذكور 3 .98
0 .55 4 .12 0 .60 4 .12 0 .68 4 .09 0 .62 4 .16 إناث
0 .47 4 .13 0 .69 4 .18 0 .64 4 .10 0 .60 التفكير ما وراء ذكور 4 .11
0 .50 4 .15 0 .56 4 .18 0 .66 4 .13 0 .76 4 .15 إناث التفكير
0 .59 3 .92 0 .69 3 .87 0 .58 3 .89 0 .55 الكفاح من أجل ذكور 3 .99
0 .47 3 .93 0 .57 3 .86 0 .77 3 .96 0 .67 3 .97 إناث الدقة
0 .53 3 .94 0 .72 3 .88 0 .53 3 .95 0 .70 التساؤل وطرح ذكور 3 .99
0 .51 4 .09 0 .62 4 .05 0 .65 4 .11 0 .67 4 .10 إناث المشكالت
0 .54 4 .11 0 .57 4 .18 0 .58 4 .10 0 .68 تطبيق المعارف ذكور 4 .06
0 .59 4 .06 0 .55 4 .09 0 .57 4 .10 0 .67 4 .00 الماضية على ...إناث
0 .61 3 .90 0 .72 3 .92 0 .71 3 .89 0 .70 التفكير والتوصيل ذكور 3 .90
0 .49 4 .16 0 .66 4 .17 0 .64 4 .13 0 .66 4 .19 بوضوح ودقة إناث
0 .59 4 .02 0 .56 4 .10 0 .49 3 .96 0 .69 جمع البيانات ذكور 4 .01
0 .54 3 .97 0 .53 3 .99 0 .59 3 .91 0 .57 3 .97 باستخدام ...إناث
0 .64 4 .15 0 .67 4 .10 0 .63 4 .15 0 .60 الخلق -التصور ذكور 4 .19
0 .60 3 .97 0 .59 3 .99 0 .62 3 .95 0 .69 3 .97 إناث –االبتكار
(التجديد)
0 .50 3 .98 0 .77 3 .96 0 .61 3 .98 0 .71 االستجابة بدهشة ذكور 4 .00
0 .47 4 .13 0 .63 4 .11 0 .70 4 .09 0 .60 4 .16 إناث ورهبة
0 .49 4 .12 0 .65 4 .10 0 .68 4 .15 0 .59 ذكور 4 .11 اإلقدام على
0 .59 4 .15 0 .70 4 .15 0 .77 4 .16 0 .74 4 .13 مخاطر مسؤولة إناث
0 .51 3 .91 0 .57 3 .89 0 .56 3 .97 0 .69 إيجاد الدعابة ذكور 3 .88
0 .53 3 .96 0 .59 3 .96 0 .66 3 .95 0 .57 3 .98 إناث
0 .51 3 .97 0 .79 4 .02 0 .70 3 .89 0 .73 التفكير التبادلي ذكور 3 .99
0 .60 4 .12 0 .67 4 .13 0 .62 4 .14 0 .69 4 .10 إناث
0 .48 4 .18 0 .59 4 .15 0 .58 4 .16 0 .68 االستعداد الدائم ذكور 4 .19
0 .50 4 .05 0 .67 4 .07 0 .55 4 .08 0 .59 4 .01 للتعلم المستمر إناث
0 .44 4 .01 0 .55 4 .01 0 .51 4 .01 0 .44 ذكور 4 .01 الكلي
0 .43 4 .08 0 .50 4 .05 0 .39 4 .11 0 .49 4 .08 إناث
يوضح الجدول ( )11السابق وجود فروق ظاهرة بين المتوسطات الحسابية الستجابات أفراد الدراسة
على العادات الذهنية المختلفة وفق متغيري الجنس والتخصص ،ولفحص داللة الفروق بين هذه
المتوسطات استخدم اختبار تحليل التباين الثنائي ( )Two – Way ANOVA( )4×2والمبينة نتائجه في
الجدول ( )12اآلتي:
98
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
العادات الذهنية في عالقتها بمهارات القراءة الفاعلة لدى طلبة الجامعات الفلسطينية في محافظة طولكرم
جدول ( :)12نتائج اختبار تحليل التباين الثنائي ( )4×2لفحص داللة الفروق بين المتوسطات
الحسابية الستجابات أفراد الدراسة الكلية على العادات الذهنية المختلفة وفق متغيري الجنس
والتخصص
مستوى الداللة متوسط المربعات قيمة (ف) المحسوبة درجات مجموع المربعات مصدر التباين
الحرية
0 .549 0 .038 0 .004 1 0 .004 الجنس
0 .099 1 .048 0 .109 3 0 .327 التخصص
0 .064 1 .644 0 .171 3 0 .513 الجنس × التخصص
0 .104 415 43 .347 الخطأ
422 44 .191 المجموع
يوضح الجدول ( )12السابق عدم وجود فروق دالة إحصائيا ً بين تقديرات أفراد الدراسة لمتوسطات
العادات الذهنية تبعا ً لمتغيري الجنس والتخصص وليس للتفاعل بينهما ،بمعنى أن تقديرات طلبة الجامعات
الفلسطينية في محافظة طولكرم ال تختلف جوهريا ً فيما بينها في العادات الذهنية التي يستخدمونها في
التعلم والتعليم تبعا ً لمتغيري الجنس أو التخصص .ولدى مقارنة هذه النتيجة مع الدراسات السابقة تبين أنها
تتفق مع دراسات (الطويريقي وعيسى2018 ،؛ Rosyid & Ghufron, 2018؛ & Ersen; Ezentas
Altun, 2018؛ بربخ2016 ،؛ McGeown et al, 2015؛ سعيد)2006 ،؛ التي أظهرت نتائجها عدم
وجود فروق جوهرية بين متوسطات العادات الذهنية لدى األفراد تبعا ً لمتغيري الجنس .بينما تعارضت مع
دراستي (العساف2017 ،؛ حسين)2015 ،؛ التي أظهرت نتائجها أن هذه الفروق في مستوى العادات
الذهنية كانت لصالح الذكور .كما اتفقت مع دراسات أخرى (الطويريقي وعيسى2018 ،؛ & Rosyid
Ghufron, 2018؛ بريخ2016 ،؛ )McGeown et al, 2015؛ أظهرت مثل هذه النتيجة تبعا ً لمتغير
التخصص ،بينما تعارضت مع دراستي (العساف2017 ،؛ شقورة)2013 ،؛ التي أظهرت نتائجها وجود
فروق في مستوى العادات الذهنية تبعا ً لمتغير التخصص لصالح التخصصات العلمية.
ويرى الباحث أن هذه النتيجة المتمثلة في عدم وجود فروق جوهرية بين متوسطات درجات الطلبة في
جميع أبعاد مقياس العادات الذهنية ،تبدو نتيجة منطقية ومعقولة؛ أي أن الطلبة بالجامعات الفلسطينية من
الكليات المختلفة لديهم تقديرات متقاربة في العادات الذهنية ،ألن الطالب بالتحاقه لمرحلة الجامعة يكون قد
تعدى مرحلة التمهيد العلمي لينطلق بجد ومثابرة في البحث والتقصي ،وهذا يتطلب قدرات واستعدادات
عقلية فكرية تتناسب معها ،والتي تعمل على تكوين الشخصية وصقلها وفقا ً للميول الفكرية والعلمية .ألن
جميع التخصصات تحتاج إلى التفكير بمنهجية ،والعمل الدؤوب والمستمر ،والمواظبة وعدم التراجع،
وامتالك قدرات التأني والصبر للوصول للغايات ،ومرونة التفكير ،والحيوية ،واإلصغاء بتفهم لآلخرين،
والوصول للدقة في أعلى مستوياتها ،والقدرة على امتالك الفرد آلليات االنتباه ،واإلدراك ،واالسترجاع،
واالستبصار ،واستخدام كافة حواسه الكتساب المعرفة ،والذاتية من خالل طلبة يعتمدون على أنفسهم في
تطوير مهاراتهم وخبراتهم الذاتية ،واإلصغاء الفعال ،واستخدام الدعابة لتوضيح مواقفهم وكسب اهتمامات
اآلخرين.
النتائج المتعلقة بالسؤال الخامس وهو :هل توجد فروق دالة إحصائيا ً بين المتوسطات الحسابية
الستجابات طلبة الجامعات الفلسطينية في محافظة طولكرم في مهارات القراءة الفاعلة تبعا ً إلى متغيري
الجنس والتخصص؟
لإلجابة عن هذا السؤال حسبت المتوسطات الحسابية واالنحرافات المعيارية الستجابات أفراد الدراسة
على مهارات القراءة الفاعلة وفق متغيري الجنس والتخصص ،فكانت كما هو مبين في الجدول ()13
اآلتي:
99
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
العادات الذهنية في عالقتها بمهارات القراءة الفاعلة لدى طلبة الجامعات الفلسطينية في محافظة طولكرم
جدول ( :)13المتوسطات الحسابية واالنحرافات المعيارية الستجابات أفراد الدراسة الكلية على
مهارات القراءة الفاعلة الكلية وفق متغيري الجنس والتخصص
الكلي مواد تجارية مواد علمية مواد أدبية مهارات القراءة
الجنس المتوسط االنحراف المتوسط االنحراف المتوسط االنحراف المتوسط االنحراف الفاعلة
0 .52 3 .66 0 .67 3 .64 0 .60 3 .65 0 .57 طرق القراءة ذكور 3 .69
0 .51 3 .72 0 .69 3 .77 0 .61 3 .73 0 .61 3 .67 الفاعلة وأساليبها إناث
0 .47 4 .04 0 .67 4 .01 0 .63 4 .00 0 .67 ذكور 4 .10 تنظيم وقت
0 .49 3 .67 0 .61 3 .64 0 .67 3 .64 0 .57 3 .74 القراءة الفاعلة إناث
0 .51 3 .61 0 .60 3 .59 0 .61 3 .67 0 .61 ذكور 3 .57 تنظيم مكان
0 .47 4 .04 0 .67 4 .00 0 .67 4 04 0 .67 4 .08 إناث الفاعلة القراءة
0 .42 3 .77 0 .64 3 .75 0 .60 3 .77 0 .61 ذكور 3 .79 الكلي
0 .41 3 .81 0 .61 3 .80 0 .55 3 .80 0 .60 3 .83 إناث
يوضح الجدول ( ) 13السابق وجود فروق ظاهرة بين المتوسطات الحسابية الستجابات أفراد الدراسة
على مهارات القراءة الكلية المختلفة وفق متغيري الجنس والتخصص ،ولفحص داللة الفروق بين هذه
المتوسطات استخدم اختبار تحليل التباين الثنائي ( )4×2والمبينة نتائجه في الجدول ( )14اآلتي:
جدول ( :)14نتائج اختبار تحليل التباين الثنائي ( )4×2لفحص داللة الفروق بين المتوسطات
الحسابية الستجابات أفراد الدراسة الكلية على مهارات القراءة الفاعلة الكلية وفق متغيري الجنس
والتخصص
مستوى الداللة قيمة (ف) متوسط درجات مجموع مصدر التباين
المحسوبة المربعات الحرية المربعات
0 .784 0 .964 0 .054 1 0 .054 الجنس
0 .126 0 .750 0 .042 3 0 .127 التخصص
0 .071 1 .268 0 .071 3 0 .213 الجنس × التخصص
0 .056 415 23 .342 الخطأ
422 44 .191 المجموع
يوضح الجدول ( )14السابق عدم وجود فروق دالة إحصائيا ً بين تقديرات أفراد الدراسة لمتوسطات
مهارات القراءة الفاعلة تبعا ً لمتغيري الجنس والتخصص وليس للتفاعل بينهما ،بمعنى أن تقديرات طلبة
الجامعات الفلسطينية في محافظة طولكرم ال تختلف جوهريا ً فيما بينها بخصوص استخدامهم لمهارات
القراءة الفاعلة في التعلم والتعليم تبعا ً لمتغيري الجنس أو التخصص ،وأن هذه التقديرات متشابة إلى ح ٍد
كبير بغض النظر عن اختالفهم في الجنس والتخصص .ولدى مقارنة هذه النتيجة مع الدراسات السابقة
تبين أنها تتفق مع دراسات (Hochweber & Vecluf, 2018؛ الطويريقي وعيسى2018 ،؛ Rosyid
& Ghufron, 2018؛ Kirchner & Mostert, 2017؛ McGeown et al, 2015؛ السلطاني
والجبوري2015 ،؛ الفاضلي)2013 ،؛ التي أظهرت نتائجها عدم وجود فروق جوهرية بين متوسطات
مهارات القراءة الفاعلة لدى األفراد تبعا ً لمتغيري الجنس .بينما تعارضت مع دراسة (حسين)2015 ،؛
التي أظهرت نتائجها أن هذه الفروق في مستوى مهارات القراءة الفاعلة كانت لصالح الذكور .كما اتفقت
مع دراسات أخرى (الطويريقي وعيسى2018 ،؛ Rosyid & Ghufron, 2018؛ & Kirchner
Mostert, 2017؛ McGeown et al, 2015؛ السلطاني والجبوري2015 ،؛ الفاضلي)2013 ،؛
أظهرت مثل هذه النتيجة تبعا ً لمتغير التخصص.
ويرى الباحث ،أن هذه النتيجة منطقية؛ فالطالب الجامعي ال بد له من امتالك قدرة خاصة على تنظيم
وقت الدراسة ومكانها ،واستخدام طرق وأساليب للقراءة فعالة ومنتجة .كل هذه العادات الذهنية والمهارات
في القراءة الفاعلة جاءت مجتمعة لتجعل من الطالب الجامعي في كل التخصصات إنسانا ً واعيا ً بمسؤولياته
100
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
العادات الذهنية في عالقتها بمهارات القراءة الفاعلة لدى طلبة الجامعات الفلسطينية في محافظة طولكرم
ومتطلباته ليصل لغايته في الحصول على الدرجة الجامعية ومن خاللها تحقيق ذاته وإثبات شخصيته .وهنا
ال بد من التنويه إلى الجانب الحضاري والتكنولوجي ،والمنهجية الدراسية في الجامعات الفلسطينية،
واالهتمام بآليات البحث العلمي في جميع التخصصات بهذه الجامعات.
ويمكن عزو ذلك ألساليب التنشئة االجتماعية التي يعيشها الطالب ،والتي تعتمد على العادات والتقاليد،
ووصول الطالب لمرحلة عالية من الوعي واإلدراك الحتياجاته وقدراته والتي تؤثر في نمطية حياته،
واستخدامه لقدراته الذهنية وتوظيفها بشكل فعال .لذلك يعتمد الطالب على نضجه ووعيه ،ويبدأ باالعتماد
على شخصيته المستقلة والبحث عن المعرفة والتميز واكتساب الخبرات ،والتي تعطيه صفات تميزه عن
أقرانه من خالل النظر إلى األشياء بطريقة غير مألوفة وإدارة أفكاره بفاعلية ومرونته في التفكير ،مما
يؤدي إلي تشكيل مجموعة من العمليات الذهنية بدءا ً بالعمليات الذهنية البسيطة وصوالً إلى العمليات
الذهنية المعقدة ،وهذا يؤدي إلى تمكن الفرد من تطوير نتاجه الفكري المستقل ،وبالتالي تصبح عادات
ذهنية يستخدمها الفرد في شتى مناحي حياته العملية واألكاديمية بجهد شخصي ،وأن الكثير من اآلباء ال
يحصلون على درجات علمية عالية ،لكنهم على درجة واعية من استخدام العادات الذهنية وتوظيفها في
حياتهم اليومية ،ويحاولون إكسابها ألبنائهم ،ألنها عبارة عن عملية تطويرية تقود إلي إنتاج األفكار ،وحل
المشكالت ،وصناعة اإلبداع ،كما أنها تتضمن ميوالً واتجاهات وقيماً ،وبالتالي فهي تقود الفرد إلى أنماط
مختلفة من اإلبداع .وامتالك المتعلم لتلك العادات ،ينمي وعيه الفكري ،ويمكنه من التعامل مع المتناقضات
الفكرية ،والعلمية في المجتمع بشكل إيجابي وفعال دون أن يتأثر باآلراء السلبية التي تقال أو تثار حولها،
ذلك ألنه بامتالكها يكون قادرا ً على مزج قدرات التفكير الناقد واإلبداعي ليصل إلى أداء أفضل (سعيد،
2006؛ Arnone, 2007؛ فتح هللا.)2009 ،
توصيات
في ضوء نتائج الدراسة ومناقشتها يمكن اقتراح التوصيات اآلتية:
-لما كانت نتائج الدراسة الحالية قد أشارت إلى وجود عالقة ارتباطية موجبة جوهرية بين مهارات
القراءة الفاعلة والعادات الذهنية؛ فإن الباحث يوصي المسؤولين في الجامعات الفلسطينية بضرورة
االهتمام بتخطيط المقررات وتنفيذها باستخدام مهارات واستراتيجيات القراءة الفاعلية والعادات الذهنية.
-ولما كانت العادات الذهنية لدى الطلبة تتطلب مهارات عقلية مرتفعة فإن الدراسة الحالية توصي
بإعادة النظر في تخطيط محتوى المقررات التربوية الوطنية وتنظيمها فـي مراحلها المختلفة لتضمين
أنشطة ومهام تعليمية لتنمية العادات الذهنية ومهارات القراءة الفاعلة
-دمج العادات الذهنية في المقررات الدراسية الجامعية ،باعتبارها هدفا ً تربويا ً تسعى التربية الحديثة
لتحقيقه.
-تدريب أعضاء هيئة التدريس على أساليب التربية الحديثة والتي من شأنها تنمية العادات الذهنية لدى
الطلبة.
-إعداد ندوات ،ودورات تدريبية ،وبرامج تتناول موضوعات ذات صلة بالعادات الذهنية والسلوك
اإليجابي.
-توجيه إدارة الجامعات ،والمدارس ،واآلباء ،والمؤسسات التربوية بأهمية العادات الذهنية والسلوك
اإليجابي وتنميتها.
-إجراء بحوث علمية تهدف إلى تنمية العادات الذهنية ألنها تمثل بيئة خصبة للنهوض باألجيال
القادمة.
.
101
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
العادات الذهنية في عالقتها بمهارات القراءة الفاعلة لدى طلبة الجامعات الفلسطينية في محافظة طولكرم
المراجع
إسماعيل ،بليغ ( .)2013استراتيجيات تدريس اللغة العربية .عمان :دار المناهج للنشر والتوزيع.
بربخ ،إلهام ( .)2016عادات العقل وعالقتها بمظاهر السلوك اإليجابي لدى طلبة جامعة األزهر .رسالة ماجستير غير
منشورة ،جامعة األزهر ،غزة.
البرصان ،إسماعيل وعبدو ،إيمان ( .)2013عادات العقل لدى طلبة الصف العاشر األساسي واسهامها في القدرة على
حل المشكلة الرياضي .مجلة رسالة الخليج العربي.161-192 ،)127(34 ،
بركات ،زياد ( .)2019تصميم البحث وأساليبه اإلحصائية .عمان :دار الوراق للنشر والتوزيع.
جرادين ،سوسن و الرفوع ،محمد ( .)2007دراسة عادات العقل لدى طلبة الجامعة من حيث عالقتها بمتغيرات الخبرة
الجامعية والكلية والنوع االجتماعي .المجلة التربوية ،)101( 26 ،ج.283- 247 ،1.
حسين ،حكمت ( .) 2015استخدام الخرائط الذهنية لتنمية بعض عادات العقل وبعض مهارات القراءة اإلبداعية لدى
طالب الصف األول اإلعدادي .رسالة ماجستير غير منشورة ،كلية التربية ،جامعة اإلسكندرية
الدليمي ،طه وحراحشة ،إبراهيم ( .(2009تدريس مهارات اللغة العربية باستراتيجيات عادات العقل والذكاء العاطفي
بين التنظير والتطبيق .مجلة الثقافة والتنمية.68-106 ،)28( ،
الرازي ،أبي بكر ( .)1985مختار الصحاح .بيروت :مكتبة لبنان.
الربعي ،محمد ( .) 2009دور مناهج القراءة في تنمية العادات العقلية كأنماط للسلوك الذكي :دراسة تقويمية في ضوء
الواقع والمأمول .مجلة دراسات في المناهج وطرق التدريس ،)149(4 ،مصر.
سعيد ،أيمن ( .)2006أثر استخدام استراتيجية "حلل – اسأل – استقصي" تنمية عادات العقل لدى طالب الصف األول
الثانوي من خالل مادة الكيمياء .المؤتمر العلمي العاشر ،التربية العملي ،تحديات الحاضر ورؤى المستقبل ،نصر391 ،2 ،
– .464
السالمي ،جاسم ( .)2013تدريس مهارات اللغة العربية باستراتيجيات العادات العقلية بين التنظير والتطبيق .كلية
التربية ،جامعة بن رشد – مجلة كلية التربية البنات.
السلطاني ،حمزة والجبوري ،نجالء ( .)2015أثر عادات العقل في االستيعاب القرائي لدى طالبات الصف الرابع
العلمي .مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واإلنسانية -جامعة بابل.208-235 ،)19( ،
السويفي ،وائل ( .)2015فاعلية استخدام استراتيجية دوائر األدب في تدريس القراءة ذات الموضوع الواحد في تنمية
الكتابة اإلبداعية والوعي الروائي لدى طالب الصف األول الثانوي .المجلة التربوية.527- 449 ،)114(29 ،
شريف ،محمد ( .)2009تعلّم القراءة السريعة .عمان :دار الثقافة للنشر والتوزيع.
شقورة ،ضياء ( .) 2013السلوك اإليجابي وعالقته بالتفكير المنتج لدى طلبة الكليات التقنية في محافظات غزة .رسالة
ماجستير غير منشورة ،قسم علم النفس ،جامعة األزهر بغزة.
طراد ،حيدر ( .)2012أثر برنامج )كوستا وكاليك) في تنمية التفكير اإلبداعي باستخدام عادات العقل لدى طلبة المرحلة
الثالثة في كلية التربية .مجلة علوم التربية الرياضية.225-264 ،)1(5 ،
الطويرقي ،أمل وعيسى ،محمد ( .) 2018فاعلية استراتيجية قائمة على عادات العقل في تنمية مهارات الكتابة اإلبداعية
لدى طالبات المرحلة الثانوية .المجلة الدولية التربوية المتخصصة.93 -82 ،)8(7 ،
عبد العظيم ،ريم أحمد( .) 2009فاعلية برنامج قائم على استراتيجيات التفكير المتشعب في تنمية مهارات الكتابة
اإلبداعية وبعض عادات العقل لدى تالميذ المرحلة اإلعدادية .مجلة القراءة والمعرفة.32-112 ،)94( ،
العقاد ،عباس محمود ( .)1970لماذا نقرأ؟ القاهرة :دار المعارف.
عمران ،محمد ( .)2014عادات العقل وعالقتها باستراتيجية حل المشكالت" دراسة مقارنة "بين الطلبة المتفوقين
والعاديين بجامعة األزهر .رسالة ماجستير غير منشورة ،جامعة األزهر ،غزة.
الفالح ،سلطانة ( .)2015فاعلية مقرر التدريس المتميز في تنمية بعض عادات العقل لدى طالبات قسم المناهج وطرق
التدريس بكلية التربية .مجلة العلوم التربوية.279-243 ،)1(2 ،
الفالح ،سلطانة ( .)2015فاعلية مقرر التدريس المتميز في تنمية بعض عادات العقل لدى طالبات قسم المناهج وطرق
التدريس بكلية التربية .مجلة العلوم التربوية.279-243 ،)1(2 ،
فتح هللا ،مندور ( .) 2007فعالية نموذج أبعاد التعلم لمارزانو في تنمية االستيعاب المفاهيمي في العلوم وعادات العقل
لدى تالميذ الصف السادس من التعليم االبتدائي بمدينة عنيزة بالمملكة العربية السعودية .المجلة التربوية83- ،)2( 12 ،
.125
الفضلي ،فضيلة ( .)2013عادات العقل المنبئة بكفاءة الذات األكاديمية لدى طلبة كلية التربية بجامعة الكويت .مجلة
الطفولة والتربية.437-488 ،)1(15 ،
102
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
العادات الذهنية في عالقتها بمهارات القراءة الفاعلة لدى طلبة الجامعات الفلسطينية في محافظة طولكرم
. عادات العقل وعالقتها بدافعية اإلنجاز لدى طالب كلية التربية بجامعة الملك سعود.)2014( محمد فرحان،القضاة
.33-59 ،)8(5 ،المجلة العربية لتطوير التفوق
. دار الفكر للنشر والتوزيع: عمان. عادات العقل والتفكير النظرية والتطبيق.)2005( أميمة، يوسف وعمور،قطامي
استراتيجية تدريسية مقترحة قائمة على نموذج التسريع المعرفي لتنمية عادات العقل.)2017( أماني،الموجي
.46-1 ،)3(3 ، مجلة العلوم التربوية.والتحصيل في العلوم لدى تالميذ المرحلة االبتدائية
Al-Assaf, J. (2017).The teaching habits of mind, their relationship to positive behavior of
social studies teachers in lower basic stage in university district the capital (Amman). Journal
of Curriculum and Teaching, 6(2), 30-51.
Arnone, M. (2007). Infusing habits of mind in lessons. conference.nie.edu.sg / paper.
Reflection as empowering students through metacognition. Independent school. 69 (3), 90-
97.
Bee, M.; Seng, G. & Jusoff, K. (2013). Habits of mind in ESL classroom. English Language
Teaching. Malaysia, 6(11), 130–138.
Burgess, J. (2012). The impact of teaching thinking skills as habits of mind to young children
with challenging behaviors. Emotional and Behavioral Difficulties, Australia, 17(1), 47–63.
Campell, D. T., & Stanley, J. C. (1993). Experimental and quasi-experimental designs for
research. 6th ed, Chicago: Rand McNally & Company.
Costa, A. (2008). The school as a home for the mind. Thousand Dak, Crow in Press.
Costa, A. (2001). Developing minds: A resource book for teaching. 3rd ed, Alexandria:
Association for Supervision and Developing.
Costa, A. & Kallick, B. (2008). Learning and leading with habits of mind: 16 Essential
Characteristics For Success. Association for Supervision and Curriculum Development (AS.CD).
Alexandria. Victoria.USA.
Costa, A. & Kallick, B. (2007). Building amore thought – full learning community with habit
of mind. Norwood, Ma: Christopher Gordon Pub.
Costa, A. & Kallick, B. (2006). Describing 16 habits of mind. Retrieved 1- 6 – 2009 from:
http:// www. Habits-of-mind.net/pdf/16HOM2.pdf.
Costa A. & kallick, B. (2000) Discovering & exploring habit of mind. association for
supervision and cupric.
Ersen, Z.; Ezentas, R. & Altun, M. (2018). Evaluation of the teaching environment for
improve the geometric habits of mind of tenth grade students. European Journal of Education
Studies, 4(6), 47-65.
Grohol, J. (2016). 10 Highly effective study habits. New Jersy: PsychCentral.
Hayes, L. (2005). Habits of mind for the science. The Science Teacher, 72 (6), 24-29.
Hochweber, J. & Vieluf, S. (2018). Gender differences in effective reading, achievement
and enjoyment of reading: The role of perceived teaching quality. Journal of Educational
Research, 111(3), 268-283.
Kirchner, E. & Mostert, M. (2017). Aspects of the Reading Motivation and Reading Activity
of Namibian Primary School Readers. Cogent Education, 4(1), 1411036.
McGeown, S.; Duncan, L.; Griffiths, M. & Stothard, S. (2015). Exploring the Relationship
between Adolescent's Reading Skills, Reading Motivation and Reading Habits. Reading &
Writing: An Interdisciplinary Journal, 28(4), 545-569.
Newkirk, T. (2009). Holding on to good ideas in a time of bad ones. Educational Research
and Reviews, 6 (11), 702-709.
Rest, J. (1986). Moral development: Advances in research and theory. New York: Prager.
103
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
العادات الذهنية في عالقتها بمهارات القراءة الفاعلة لدى طلبة الجامعات الفلسطينية في محافظة طولكرم
Rosyida , F. & Ghufron, A. (2018). Herringbone and Tri Focus Steve Snyder Technique: The
Techniques for Teaching Reading Comprehension Viewed from Students’ Reading Habit.
International Journal of Instruction, 11(3), 603- 616.
Tamra, S. & Tassel, J. (2006). Habits of mind and creative thinking. new York.NY: long Man,
LNC.
Tishman, S. (2000). Why teach habits of mind? Costa,A & Kallick, B.(EDS). discovering &
exploring habits of mind association for supervision and curriculm development.
Alexandria,Victoria.USA.
Thompson, D. (2017). How to study efficiently and effectively. New York: Library of Simon
Fraser University.
Wang,Y(2012). Exploring the relationship of creative thinking to reading and writing.
Thinking Skills & Creativity, 7(2), 38-47.
Wineburg, S. (2003).Teaching the mind good habits. The Chronicle of Higher Education, 49
(31), 20-24.
Writer, C. (2008). How to improve college reading skills in 10 steps. Retrieved April 8, 2015,
fromhttp://www.ehow.com/how_4472103_improve-college-reading-skills-
10.html#ixzz124xPgxbA.
104
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
دور ممارسة التربية البدنية في النمو النفسي واالجتماعي في المدارس االبتدائية من خالل تمثالت المعلمين
دور ممارسة التربية البدنية في النمو النفسي واالجتماعي في المدارس االبتدائية من خالل تمثالت
المعلمين
ملخص
رغم ما تكتسيه التربية الب دنية من أهمية في الطور االبتدائي باعتباره وسيلة تربوية تساعد الطفل على
النمو الصحي النفسي واالجتماعي السليم وتعزز مهاراته الفردية والجماعية إال أن واقع ممارسة التربية
البدنية في المدارس االبتدائية ال يستوفي حقه نظرا لعدة اعتبارات.
ولقد حاولنا في هذا العمل باالعتماد على دراسة حاالت ،تحليل مضمون مقابالت غير موجهة للوقوف
على واقع التربية البدنية في المدرسة االبتدائية .وكانت الحاالت مأخوذة من خمس مدارس ابتدائية ببلدية
سيدي مروان (والية ميلة) .ولقد تمحورت نتائج تحليل المقابالت على خمسة أبعاد أساسية:
-1ضرورة التربية البدنية للطفل.
-2الحالة النفسية والبدنية للطفل أثناء ممارسة التربية البدنية.
-3مكانة التربية البدنية بين المواد المدرسة في الطور االبتدائي.
-4عدم توفر إمكانات ممارسة التربية البدنية ،وعدم توافق ممارستها مع المنهاج.
-5عدم اهتمام المسؤولين بالتربية البدنية في الطور االبتدائي.
وأظهرت النتائج أن التربية البدنية مهمة لمختلف جوانب النمو عند الطفل المعرفي والنفسي والجسمي،
كما أنها تنمي التفاعل بين األطفال.
الكلمات المفتاحية :التمثل؛ المعلم؛ التربية البدنية؛ المدرسة االبتدائية؛ تحليل المضمون.
The role of physical education in the psychosocial development in primary
schools through teachers' representations.
Abstract
Despite the importance of physical education in primary school as a
pedagogical tool that boosted the psychosocial development of the child, and
improve his individual and collective skills, the reality of the exercise of Physical
education in primary schools does not meet its right due to several
considerations.
In this work based on case studies we have tried to analyze the content of
non-directed interviews to determine the reality of physical education exercise
in primary schools. The cases were picked from five primary schools in Sidi
Marouane, Mila.
The results of the interview analysis focused on five main dimensions:
1- Physical education is necessary for the child.
105
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
دور ممارسة التربية البدنية في النمو النفسي واالجتماعي في المدارس االبتدائية من خالل تمثالت المعلمين
2- The psychological and physical state of the child during the exercise of
physical education.
3- The place of physical education among primary school curriculum.
4- Lack of the means to practice physical education and the incompatibility of
its application with the school curriculum.
5- Official´s Lack of interest for physical education in the primary school.
The results showed the importance of physical education in the development
of children; and they asserted that it contribute to the interaction between
pupils
Keywords: representation; teacher; physical education; primary school;
content analysis.
106
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
دور ممارسة التربية البدنية في النمو النفسي واالجتماعي في المدارس االبتدائية من خالل تمثالت المعلمين
مقدمة
إن التربية البدنية في مختلف دول العالم تحظى باهتمام متزايد ،حيث اتسعت فيها دائرة البحوث
والدراسات وكان االتجاه نحو تأكيد هوية التربية البدنية كنظام وكمهنة وضرورة اعتبارها كأهم الوسائط
التربوية مما يدل على ارتفاع درجة الوعي بأهميتها ،فلم تعد ذلك الجزء الهامشي من المقرر الدراسي
والذي كان ينظر من خالله على أنها مادة بسيطة ال مجال لمقارنتها ببقية المواد الدراسية .فقد تطورت
التربية البدنية اليوم وأصبحت جزء ال يتجزأ من العملية التربوية الشاملة بل إنها أصبحت إحدى الوسائط
التعليمية التربوية الهامة لتحقيق أهداف قيمة تصب في قالب األهداف العامة للمجتمع من خالل المساهمة
في تكوين المواطن النافع لنفسه ولمجتمعه.
والجزائر على غرار بقية دول العالم اهتمت بتطوير مستوى الممارسة الرياضية بصفة عامة ،وفي
المدارس بصفة خاصة ،وفي كل األطوار الدراسية .وعملت على تكوين المختصين وأنشأت المالعب
والقاعات ووضعت البرامج والمناهج .ولعل أولى وأهم هذه األطوار التعليمية نجدها في المدرسة االبتدائية
التي تقوم بتدريس مجموعة من المواد من بينها التربية البدنية والرياضية .وهذه األخيرة تنفرد من بين
سائر المواد الدراسية بشمول تأثيرها على العملية التربوية في المدرسة ليس ألنها تغطي احتياجات التلميذ
من النواحي الصحية والحس-حركية فحسب ،بل ألنها تنعكس أيضا على حياته العقلية والوجدانية
واالنفعالية .وهذا ما يؤكد دورها الكبير في بناء شخصية الطفل في شموليتها.
وإذا ما قمنا بمقارنة نوعية وحجم الممارسة واإلمكانيات التربوية والمرافق الممنوحة لألطوار
التعليمية ،فإننا نالحظ في الواقع أن االهتمام األكثر كان منصبا نحو الطور المتوسط والثانوي؛ في حين أن
الطور االبتدائي مازالت الممارسة الرياضية فيه تتسم بالطابع الشكلي والرمزي رغم إدراج المادة بصفة
رسمية في المقرر الدراسي ووضعت لها مناهج خاصة.
وسنحاول من خالل هذا العمل تحليل مضمون تمثالت وآراء المعلمين في الطور االبتدائي للكشف عن
الواقع الحقيقي المعاش في ممارسة النشاط الرياضي لدى تالميذ المدرسة االبتدائية ،محاولين اإلجابة عن
السؤال الرئيسي التالي:
ماهي تمثالت المعلمين في الطور االبتدائي لواقع ممارسة النشاط الرياضي لدى تالميذ المدرسة
االبتدائية؟
وتتمثل الفرضية العامة في :تشير تمثالت المعلمين في الطور االبتدائي إلى الطابع الشكلي والرمزي
لممارسة النشاط الرياضي لدى تالميذ المدرسة االبتدائية.
مفاهيم الدراسة
* المعلم
إن المعلم الحقيقي كما يرى جون ديوي (في أسعد محمد مصطفى ،2000 ،ص )137 .هو" :الذي
يدرب طالبه على استخدام اآللة العملية ،ويشترك معهم في تحقيق نمو ذاتـي يصـل إلى أعماق الشخصية
ويمتد إلى أسلوب الحياة .كما يجب أن ينفذ السياسة التربوية ويربطها بالمجتمع ،ويربط بين البـرامج
و األهداف ويعمل على تجسيدها .ومنه فالبد للمعلم أن يكون في المستوى المطلوب الذي تقوم عليه العملية
التعليمية في المدرسة ".
ويقول عباس صالح أحمد السامرائي وعبد الكريم محمود السامرائي ( ،1991ص " :)17 .إن المعلم
يجب أن يمتلك حصيلة جيدة من طرائق التدريس التي تتفق وطبيعة التالميذ والجو والساحة وغيرها من
الظروف المحيطة ،بدل أن يجعل درسه فيه من الرتابة بطريقة واحدة ،إذ أنه سيؤدي حتما إلى ملل
التالميذ وجمودهم وعدم تحقيق األهداف التعليمية المطلوبة".
ومنه فالمعلم هو أحد أهم أقطاب المثلث البيداغوجي ،وهو الناقل للمعرفة خاصة العلمية حيث يقوم
باستعمال العديد من االستراتيجيات لتوصيل الخبرات والمعلومات التربوية وتوجيه سلوك المتعلمين داخل
الصف.
107
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
دور ممارسة التربية البدنية في النمو النفسي واالجتماعي في المدارس االبتدائية من خالل تمثالت المعلمين
* المدرسة االبتدائية
يمكن تعريف المدرسة عموما على أنها المؤسسة التي أنشأها المجتمع لتربية وتعليم الصغار نيابة عن
الكبار الذين شغلتهم الحياة ،إضافة إلى تعقيد وتراكم التراث الثقافي (صالح الدين شروخ ،2004 ،ص.
.)78
ووظيفة المدرسة تقوم على تهيئة الظروف المالئمة لكي ينشأ األطفال في جو يضمن لهم نمو
شخصياتهم من جميع نواحيها الجسمية ،العقلية ،الخلقية ،النفسية واالجتماعية .ولم يعد القصد من المدرسة
م جرد تلقين التالميذ المعلومات المعرفية بل إن عملية التربية أشمل من ذلك ،إذ تتناول اكتشاف مواهب
األطفال وميولهم وتوجيههم إلى خير ما يضمن لهم النمو المتزن لكي ينشئوا مواطنين صالحين (كامل
محمد محمد عويضة ،1996 ،ص.)44 .
ويمكن تعريف التعليم االبتدائي بأنه مرحلة التعليم األولى بالمدرسة التي تكفل للطفل التمرس على
طرق التفكير السليم ،وتؤمن له الحد األدنى من المعارف والمهارات والخبرات التي تسمح له بالتهيؤ
للحياة وممارسة دوره كمواطن منتج داخل إطار التعليم النظامي ،سواء أكان ذلك في مناطق ريفية أو
حضرية داخل نطـاق التعلـيم النظـامي وخارجه في إطار التربية المستديمة (عبود عبد الغني وآخرون،
،1994ص.)99 .
وعليه فالمدرسة اإلبتدائية تعتبر مستوى تعليميا أوليا يلتحق به التلميذ ،ويتكون غالبا من 5أو 6مراحل
أو سنوات ،وكل مرحلة مدتها سنة دراسية كاملة .ويتعلم التلميذ في هذه المرحلة التعليمية المبادئ
األساسية والتمهيدية التي تساعده أساسا على محو أميته وتطوير معارفه.
* التربية البدنية
لقد عرف ويست Wuestوبوتشر ( Bucherفي أمين أنور الخولي ،1996 ،ص )32 .التربية البدنية
بأنها " :العملية التربوية التي ترمي إلى تحسين األداء اإلنساني من خالل وسيط هو األنشطة البدنية
المختارة لتحقيق ذلك" .كما ذكرت لومبكين ( Lumpkinفي أمين أنور الخولي ،1996 ،ص )35 .في
تعريفها للتربية البدنية" :هي العملية التي يكتسب الفرد خاللها أفضل المهارات البدنية والعقلية
واالجتماعية واللياقة من خالل النشاط البدني".
أما فيري ( Virieفي إبراهيم مقني ،1996 ،ص )38 .يقـول" :إن التربية البدينة والرياضية جزء ال
يتجزأ من التربية العامة ،وأنها تشغل إذن دوافع النشاطات الموجودة في كل شـخص للتنمية من الناحية
العضوية واالنفعالية.
ويرى سعيد عظمي ( ،1996ص" :)61 .أن التربية البدنية والرياضية هي عملية حيوية في المدارس
بمراحلها المختلفة ولها دور أساسي في تنمية اللياقة البدنية للتلميذ".
وتهدف التربية البدنية من الجانب المعرفي باالهتمام باإلنجاز أو األداء العقلي الذي يتعلق باسترجاع
المعلومات والعمل على تطوير القدرات والمهارات العقلية والمعرفية .كذلك من الجانب الحسي الحركي
تهدف إلى التحكم في الحركات البدنية وتوجيهها ،كما أن لها أهداف نمو نفسية اجتماعية من خالل تنمية
بعض القدرات الذاتية واالجتماعية (محمد نصر الدين رضوان ،2006 ،ص.)37-28 .
ومنه يمكن القول أن التربية البدنية هي مادة تعليمية تساهم في تحسين قدرات التالميذ في المجال
الحسي الحركي واللياقة البدنية ،وأيضا في المجال النفسي ،االجتماعي والمعرفي ،وبالتالي تعمل على
تنمية شخصيته في جوانبها المختلفة.
منهجية الدراسة
-وصف حاالت الدراسة
نظرا لصعوبة حصر أفراد مجتمع البحث ،اعتمدنا دراسة حاالت باللجوء إلى األسلوب القصدي في
اختيارها حيث تحصلنا على خمسة ( )05أفراد تم اختيارهم بصورة عشوائية من بعض المدارس االبتدائية
ببلدية سيدي مروان بوالية ميلة-الجزائر .وتم إجراء مقابالت غير موجهة للحصول على بيانات أكثر
واقعية ومالئمة ويمكن تلخيص خصائص حاالت الدراسة في الجدول اآلتي:
108
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
دور ممارسة التربية البدنية في النمو النفسي واالجتماعي في المدارس االبتدائية من خالل تمثالت المعلمين
-سير الدراسة
تم إجراء المقابالت غير الموجهة مع األفراد الخمسة في خمس جلسات ،وذلك في األسبوعين الثاني
والثالث من شهر ديسمبر .2018كما تم تخصيص الوقت الكافي إلجرائها ،والذي لم يتجاوز في مجمل
المقابالت الـ 45دقيقة .حيث حاولنا إخبار المشاركات في الدراسة بطبيعة البحث والغرض منه ،ثم يطرح
السؤال الرئيسي للمقابلة ،ثم تستكمل الجلسة بتوجيه بعض األسئلة األخرى تتولد تلقائيا في سياق المقابلة
من خالل المواقف العلمية التي حاولنا تبنيها لجذب المبحوثة لجوانب البحث .وقد كان الحوار وديا،
وحاولنا كتابة ما تقوله المشاركات حرفيا دون إهمال أية عبارة لكي نتجنب عدم القدرة على تذكر
المعلومات الهامة التي وردت أثناء المقابلة.
-أداة الدراسة
تمت عملية جمع المعلومات بواسطة مقابالت غير موجهة تراوحت ما بين 45-30دقيقة .حيث قمنا
بطرح سؤال تم إعداده مسبقا ،ولقد تمت صياغته على النحو التالي:
-ما هو واقع ممارسة التربية البدنية لدى تالميذ المدرسة االبتدائية؟
حيث تم اعتماد أسلوب "تحليل المضمون" كوسيلة لمعالجة وتحليل البيانات ،ولقد عرفه أوسغود
( Osgoodفي بن مرسلي ،أحمد ،2005 ،ص )257 .بأنه" :ال يحتوي على الجانب األداتي فقط أي أن
النقطة األساسية فيه ليست في العناصر القابلة للعد والقياس ،وإنما فيما تخفيه وراءها من أفكار ونوايا على
مستوى التحليل الثاني الذي عبر عليه أوسغود بالجانب التمثيلي".
وحاولنا من خالل ما كتب حرفيا في المقابالت ،وهو ما يعبر عن العناصر الظاهرة للمحتوى الوصول
إلى المعاني المعبرة عنها وذلك من خالل نوعين من التحليل :التحليل الكيفي والذي ال يهتم بلغة األرقام في
تفسير المضامين ،بل يركز على ما تتميز به األشياء من خصائص تميزها عن بعضها البعض .إلى جانب
التحليل الكمي ،وهو القائم على تفسير البيانات تفسيرا كميا بحساب درجة ترددها في أشكالها المختلفة
(الكلمة ،الجملة ،الفئة.)... ،
وعليه فتحليل المضمون هو األسلوب المستخدم في هذا العمل على مستوى المقابالت غير الموجهة
التي تم اعتمادها في هذه الدراسة من خالل الوصف الكمي للبيانات عبر تحويلها إلى معطيات رقمية
بمعالجتها بطريقة إحصائية تمكن من استنتاج األفكار الكامنة وراء هذه البيانات الصريحة.
ولهذه التقنية خطوات أساسية ،تشمل تقطيع النص إلى أجزاء تستخدم في قياس مدى تردد الموضوع
محل الدراسة وتعرف بالوحدات ،ثم ترتيب هذه الوحدات في فئات محددة حسب أهداف البحث .وهذه
الفئات تندرج في عبارات ذات معنى واحد ،حيث تتميز مختلف هذه الفئات بالتجانس والشمول والتمييز
والفعالية (.)Mucchielli, 1982, p. 11-17
وبهدف تحليل نتائج الدراسة تم تقسيم محتوى المقابالت إلى وحدات ذات معنى على شكل فئات .وهذه
األخيرة قمنا بتبويبها ضمن أربعة أبعاد تابعة إلجابات المواطنين على السؤال المطروح كما يلي:
-البعد األول :ضرورة التربية البدنية للطفل.
-البعد الثاني :الحالة النفسية والبدنية للطفل أثناء ممارسة التربية البدنية.
-البعد الثالث :مكانة التربية البدنية بين المواد المدرسة في الطور االبتدائي.
-البعد الرابع :عدم توفر إمكانات ممارسة التربية البدنية وعدم توافق تطبيقها مع المنهاج.
109
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
دور ممارسة التربية البدنية في النمو النفسي واالجتماعي في المدارس االبتدائية من خالل تمثالت المعلمين
نتائج الدراسة
-نتائج تحليل المقابلة األولى( :ت = ).39
من خالل تحليل المقابلة األولى تم استخراج ( )13فئة ،جمعت حسب المعنى الذي أوحت به إلى خمسة
أبعاد أساسية ،ظهر البعد األول بنسبة ( ،)25.64%وقد تطرقت المستجوبة في جانب ضرورة التربية
البدنية للطفل إلى بعض النقاط منها تأكيدها على أن للنشاط الرياضي أهمية كبيرة في المرحلة االبتدائية،
وهو وسيل ة تساعد التلميذ على النمو السوي .وذلك في الفئة األولى والثانية ،ثم تؤكد ذلك في الفئة الثالثة،
وأشارت إلى أن النشاط الرياضي يطور مهارات التلميذ على المستوى الفردي والجماعي.
وفيما يخص البعد الثاني والمتعلق بــــ الحالة النفسية والبدنية للطفل أثناء ممارسة التربية البدنية
والذي ظهر بنسبة ( ،)23.07%فقد ركزت المستجوبة على وجود نوع من الراحة النفسية والتمتع بالنسبة
للطفل .كذلك توافق الطفل نفسيا مع زمالئه ،كما أنه يساعد التلميذ على االحتكاك مع اآلخرين ،وذلك
بتكرار ( )02للفئة األولى و( )03للفئة الثانية و( )04للفئة الثالثة .ما يشير إلى أهمية التربية البدنية من
الناحية النفسية واالجتماعية للطفل.
110
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
دور ممارسة التربية البدنية في النمو النفسي واالجتماعي في المدارس االبتدائية من خالل تمثالت المعلمين
أما البعد الثالث والمتعلق بتمثل المستجوبة لمكانة التربية البدنية بين المواد المدرسة في الطور
االبتدائي نجد ظهوره كان بنسبة ( ،)15.38%وقد أبرزت فيه أن أغلبية المدرسين من الفئة النسوية
وباعتبار أن المجتمع الجزائري محافظ فإن معظمهن يستغنين عن هذا النشاط ألسباب عديدة .وأشارت إلى
تهميش النشاط الرياضي خوفا من اإلصابات أثناء ممارسته ،ومنه فالمستجوبة توحي بعدم أهمية المكانة
التي تحظى بها التربية البدنية مقارنة ببقية المواد األخرى.
وفي البعد الرابع المتضمن لـ عدم توفر إمكانات ممارسة التربية البدنية وعدم توافق تطبيقها مع
المنهاج نجد أن المستجوبة كانت موضوعية إذ أشارت إلى العديد من االعتبارات التي منعت هذه المادة
من تحقيق فعاليتها التربوية من خالل عدم توفر البيئة المناسبة لممارسة النشاط الرياضي (ملعب ،قاعات
رياضية ،) ...وعدم توفر الوسائل الرياضية التي تتطلبها الوضعيات التعليمية ،ثم عدم خبرة األساتذة في
مجال التربية الرياضية والراجع إلى نقص التكوين ولقد ظهر هذا البعد بنسبة (.)28.20%
أما البعد األخير والمتعلق بــ عدم اهتمام المسؤولين بالتربية البدنية في الطور االبتدائي نجد ظهوره
كان بنسبة ( ،) 7.69%ولقد أبرزت فيه وجود عدم اهتمام كبير للمسؤولين بتوفير مستلزمات وظروف
النشاط الرياضي ،واهماله مقارنة باألطوار (متوسط ،ثانوي) األخرى من جميع الجوانب.
من خالل تحليل محتوى المقابلة الثانية تم استخراج ( )11فئة بوبت حسب األبعاد الخمسة التي ذكرناها
سابقا .ففيما يخص البعد األول والذي ظهر بنسبة ( ،)24.39%فقد تطرقت المستجوبة إلى وصف
ضرورة التربية البدنية للطفل .وأكدت ذلك في الفئتين األولى والثانية بقولها" :إنها ضرورية لنمو الطفل
من جميع النواحي الجسدية والعقلية والنفسية" ،و "من المفروض أن تحظى بأهمية نظرا لفائدتها على
التالميذ" .وفيما يتعلق بالبعد الثاني الخاص بـ الحالة النفسية والجسمية للطفل أثناء ممارسة التربية
البدنية والذي ظهر بنسبة ( ،)14.63%فقد ظهرت الفئتان " :يشعر التلميذ بارتياح نفسي ولياقة بدنية" ،و
111
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
دور ممارسة التربية البدنية في النمو النفسي واالجتماعي في المدارس االبتدائية من خالل تمثالت المعلمين
"يعزز تواصل التالميذ مع بعضهم البعض والقضاء على الخجل واالنزواء" ،وهو ما يشير إلى االرتباط
بالبعد األول.
أما البعد الثالث الخاص بـ مكانة التربية البدنية بين المواد المدرسة في الطور االبتدائي ،فقد ظهر
بنسبة ( ) 24.39%وبينت فيه المستجوبة من خالل ثالث فئات مترابطة ضعف المادة من خالل قولها:
"الوقت غير كاف :حصة في األسبوع مقارنة ببقية المواد" ،و"يجري تقييمها عادة عن طريق المالحظة"،
و"تواجه العديد من الصعوبات وهو ما يخل بأهميتها مقارنة ببقية المواد" .وبمالحظة فئات البعد الرابع
والخاص بــ عدم توفر إمكانات ممارسة التربية البدنية وعدم توافق تطبيقها مع المنهاج ،يظهر أن الفئة
األولى" :عدم وجود معلم خاص بهذه الرياضة مع عدم تكوين المعلمين" ،قد احتلت الصدارة بتكرار
( ،)05وهو ما يشير إلى أهميتها بالنسبة للمستجوبة ،ثم الفئات األخرى" :عدم توفر المساحات والفضاءات
الضرورية"" ،كثافة البرنامج وكثرة الدروس مما يستدعي استغالل وقت التربية الرياضية في تقديم
دروس أخرى علمية كانت أم أدبية" ،ولقد ظهر هذا البعد بنسبة (.)29.26%
أما البعد الخامس والذي ظهر بنسبة ( )7.31%فقد تطرقت فيه المستجوبة إلى وصف عدم اهتمام
المسؤولين بتوفير ما تقتضيه المادة من ضروريات.
-نتائج تحليل المقابلة الثالثة( :ت =.)30
من خالل تحليل المقابلة الثالثة ،تم الحصول على ( )12فئة تم جمعها حسب األبعاد الخمسة الرئيسية،
ونالحظ من خالل البعد األول والمتعلق بـ ضرورة التربية البدنية للطفل والذي ظهر بنسبة ( )6.66%أن
المستجوبة عكس بقية حاالت الدراسة تطرقت إلى أن واقع التربية البدنية في المدرسة االبتدائية لن يحقق
األهداف المرجوة منه .وما أكد ذلك هو فئات البعد الثاني والذي ظهر بنسبة ( ،)20%حيث أشارت إلى أن
النشاط الرياضي يؤدي فقط إلى إرهاق التلميذ ألنها غير ممنهجة بطريقة تسمح له باالرتياح النفسي
112
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
دور ممارسة التربية البدنية في النمو النفسي واالجتماعي في المدارس االبتدائية من خالل تمثالت المعلمين
والجسدي .حيث أن هناك تعب يعانيه التلميذ واألستاذ ألنها تتم بطريقة شكلية ال معنى لها .وفي البعد
الثالث والمتعلق بمكانة التربية البدنية بين المواد المدرسة في الطور االبتدائي ،والذي ظهر بنسبة
( )% 40فقد تحدثت في أربع فئات مترابطة وبتعبير أدبي بياني عميق عن تحديات هذه المادة وصعوباتها
وهي" :ال يوجد أثر لممارسة هذا النشاط سوى ما يدون على الوثائق إلرضاء المسؤولين" ،و "كيف
نطلب شيئا من غير أهله وكيف نزرع شيئا في غير تربته" ،و"كيف نخوض معركة من غير سالح" ،و
"ال مكانة فعلية حقيقية لها من بين بقية المواد فهي تصطبغ بالرمزية" .ولقد ارتبط هذا البعد أيضا بالبعد
الرابع والذي جاء كتوضيح أكثر لمشاكل التربية البدنية في المرحلة االبتدائية والذي ظهر بنسبة (،)30%
وقد تحدثت المستجوبة في أربعة فئات مترابطة عن عدم تخصص المعلم وعدم وجود مكان مخصص لهذا
النشاط (الملعب او القاعات ،)...وكذلك عدم توفر الوسائل المناسبة لممارسة هذا النشاط .كما أن المدة غير
كافية ال تتجاوز 45دقيقة ،وتتخلل الحصص التعليمية األخرى.
أما البعد األخير والمتعلق بـــــ عدم اهتمام المسؤولين بالتربية البدنية في الطور االبتدائي فقد ظهر
بنسبة ( )3.33%أكدت فيه المستجوبة من خالل فئة واحدة والتي لها تكرار ( )01عن عدم وجود اهتمام
من طرف مسؤولين واعيين فعال بأهمية التربية البدنية.
-نتائج تحليل المقابلة الرابعة( :ت =.)35
من خالل تحليل المقابلة الرابعة ،تم استخراج ( )12فئة جمعت تحت نفس األبعاد الخمسة السابقة.
فبالنسبة للبعد األول والخاص بـــ ضرورة التربية البدنية للطفل فقد ظهر بنسبة ( )28.57%حيث نالحظ
أن المستجوبة صرحت بوضوح أن التربية البدنية هي مادة نظريا ضرورية بالنسبة للطفل لو طبقت بشكل
113
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
دور ممارسة التربية البدنية في النمو النفسي واالجتماعي في المدارس االبتدائية من خالل تمثالت المعلمين
عملي وستكون فوائدها كبيرة جدا .وهي نوع من أنواع التربية المهمة لنمو الطفل من جميع جوانبه الفردية
والجماعية.
وفيما يخص البعد الثاني ،فقد ظهر بنسبة ( ،)5.71%وتضمن فئة واحدة وبينت المستجوبة الحالة
النفسية والبدنية للطفل أثناء ممارسة التربية البدنية من حيث شعوره بالفرح واالرتياح والحيوية إال أنه
يميل إلى اللعب الفردي.
أما البعد الثالث والمتعلق بــــ مكانة التربية البدنية بين المواد المدرسة في الطور االبتدائي فقد ظهر
بنسبة ( .)31.42%وأشارت فيه المستجوبة من خالل أربعة فئات مترابطة إلى أن التربية البدنية مهمة
والتلميذ في حاجة ماسة لها لكن ينبغي أن تمارس وفق معايير معينة ،ثم أبدت رأيها بصراحة قائلة" :مع
الظروف الحالية وبالنسبة لي تكتسي المادة أهمية أقل من بقية المواد األخرى" ،كما أشارت في عبارات
ذات نفس المعنى أن ":المعلم ليس لديه الحرص الكافي ال على ممارسة الرياضة أو جذب التالميذ
لممار ستها عكس ما نجده في المتوسط والثانوي" .وأضافت مدعمة رأيها في المكانة التي تحتلها هذه
المادة ":عدم امتحان التالميذ فيها وفقا لما هو موجود في المنهاج ".
وفي محاولة الكشف عن إمكانات ممارسة التربية البدنية ومدى توافق تطبيقها مع المنهاج فقد منحتنا
المستجوبة مؤشرات لخصناها في البعد الرابع ،والذي ظهر بنسبة ( )28.57%من خالل ثالث فئات
مترابطة .حيث كانت األولى حول الحجم الزمني للمادة والذي بينت أنه غير كاف .ثم تحدثت في الفئة
الثانية عن أن هذه المادة ال تستطيع تلبية مطالب المنهاج الدراسي ،وفي الفئة الثالثة بينت أن المنهاج ال
يتوافق مع ما هو موجود ومتوفر فعليا في المدرسة.
والبعد األخير والمتعلق بـــــ عدم اهتمام المسؤولين بالتربية البدنية في الطور االبتدائي فقد ظهر
بنسبة ( )2.85%وأكدت فيه المستجوبة من خالل فئة واحدة والتي لها تكرار ( )01أنه البد من لفت انتباه
المسؤولين في جميع المستويات لالهتمام أكثر بالتربية البدينة.
-نتائج تحليل المقابلة الخامسة( :ت =.)26
جدول ( )06يوضح المراحل التقنية لتحليل مضمون المقابلة الخامسة.
%البعد ك الفئات األبعاد
7.69 إنها تربية مهمة لمختلف جوانب النمو عند الطفل المعرفي والنفسي 02 ضرورة التربية
والجسمي البدنية للطفل
02 المجموع
34.61 03 يشعر التلميذ بالراحة النفسية الحالة النفسية
03 يطغى عليه اإلفراط في الحركة للطفل والجسمية
03 يكون في تفاعل كبير مع زمالئه أثناء ممارسة
09 المجموع البدنية التربية
26.92 02 هي نشاط مهم لكن ظروف تطبيقه غير مساعدة على تحقيق هذه الفائدة مكانة التربية
01 البدنية بين المواد تقييم التلميذ غالبا ما ال يكون موضوعيا وشفافا
02 المدرسة في الطور هي مهمة لكن مكانتها ال تضاهي المواد األساسية
02 يبقى تدريسها رمزيا وشكليا االبتدائي
07 المجموع
19.23 02 عدم توفر إمكانات عدم وجود تكوين متخصص
ال يتماشى تسيير الحصة من طرف معلم المدرسة االبتدائية مع ما هو 01 ممارسة التربية
وارد في المنهاج البدنية وعدم
02 توافق تطبيقها مع عدم وجود أساتذة متخصصين أو أساتذة على األقل لتوجيه المعلمين
05 المجموع المنهاج
11.53 02 ال يوجد اهتمام واضح بهذه المادة عدم اهتمام
هناك تقصير ملموس من طرف الهيئات التربوية مقارنة بالمراحل 01 المسؤولين
التعليمية األخرى في البدنية بالتربية
03 المجموع الطور االبتدائي
114
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
دور ممارسة التربية البدنية في النمو النفسي واالجتماعي في المدارس االبتدائية من خالل تمثالت المعلمين
من خالل تحليل محتوى المقابلة الخامسة ،تم استخراج ( )13فئة تمت معالجتها بنفس الطريقة السابقة.
ونالحظ من الجدول أن البعد األول والخاص بـ ضرورة التربية البدنية للطفل احتوى على فئة واحدة
عبرت على أنها تربية مهمة لمختلف جوانب النمو عند الطفل المعرفي والنفسي والجسمي ،وقد ظهر هذا
البعد بنسبة (.)7.69%
أما البعد الثاني والمتعلق بــــ الحالة النفسية والبدنية للطفل أثناء ممارسة التربية البدنية فقد ظهر
بنسبة ( )34.61%وقد احتوى على ثالث فئات مترابطة تمحورت حول شعور التلميذ بالراحة النفسية،
وأثناء ممارسته التربية البدنية يطغى عليه االفراط في الحركة ،كما أنه يكون في تفاعل كبير مع زمالئه.
فيما يخص البعد الثالث والمتعلق بـــ مكانة التربية البدنية بين المواد المدرسة في الطور االبتدائي فقد
ظهر بنسبة ( ،) 26.92%ولقد ضم أكبر عدد من الفئات في هذه المقابلة ،حيث دارت األولى حول إن
التربية البدنية نشاط مهم لكن ظروف تطبيقه غير مساعدة على تحقيق هذه الفائدة ،لتشير في الفئة الثانية
من هذا البعد إلى أن عملية تقييم التلميذ غالبا ما ال يكون موضوعيا وشفافا ،أما في الفئة الثالثة والرابعة
بينت المستجوبة أنها مهمة لكن مكانتها ال تضاهي المواد األساسية ويبقى تدريسها رمزيا وشكليا.
وفي بحثنا عن إمكانات ممارسة التربية البدنية ومدى توافق تطبيقها مع المنهاج فقد منحتنا
المستجوبة مؤشرات لخصناها في البعد الرابع والذي ظهر بنسبة ( )19.23%من خالل ثالث فئات
مترابطة ،حيث كانت األولى حول عدم وجود تكوين متخصص .ثم تحدثت في الفئة الثانية عن أن تسيير
الحصة من طرف معلم المدرسة االبتدائية ال يتماشى مع ما هو متناول في المنهاج ،وفي الفئة الثالثة بينت
عدم وجود أساتذة متخصصين أو أساتذة على األقل لتوجيه المعلمين.
أما البعد األخير فقد ظهر بنسبة ( ،)11.53%حيث تضمن فئتين مترابطتين تحمل بعض المؤشرات
التي تعبر عن عدم اهتمام المسؤولين بالتربية البدنية في الطور االبتدائي من خالل عدم وجود اهتمام
واضح بهذه المادة ،مع وجود تقصير ملموس من طرف الهيئات التربوية مقارنة بالمراحل التعليمية
األخرى.
تحليل نتائج الدراسة وتفسيرها
بعد عملية تحليل محتوى المقابالت الخمسة سنحاول جمع النتائج النهائية في جدول عام يضم مختلف
األبعاد الرئيسية وما تحتويه من فئات ،حيث سنحصل على خمسة جداول عامة حسب األبعاد المدروسة
بهدف تحليل تلك النتائج وتفسيرها ،كما يلي:
115
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
دور ممارسة التربية البدنية في النمو النفسي واالجتماعي في المدارس االبتدائية من خالل تمثالت المعلمين
116
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
دور ممارسة التربية البدنية في النمو النفسي واالجتماعي في المدارس االبتدائية من خالل تمثالت المعلمين
بعد تحليل مختلف النتائج المتحصل عليها من الدراسة ،تم جمعها في خمسة أبعاد أساسية:
-البعد األول :ضرورة التربية البدنية للطفل.
-البعد الثاني :الحالة النفسية والجسمية للطفل أثناء ممارسة التربية البدنية.
-البعد الثالث :مكانة التربية البدنية بين المواد المدرسة في الطور االبتدائي.
-البعد الرابع :عدم توفر إمكانات ممارسة التربية البدنية وعدم توافق تطبيقها مع المنهاج .
-البعد الخامس :عدم اهتمام المسؤولين بالتربية البدنية في الطور االبتدائي.
لقد ضمت هذه األبعاد مختلف الفئات الواردة في مضمون المقابالت الخمس والبالغ عددها ( )60فئات،
وتم حساب قيمة تكرارها في جميع المقابالت وحساب نسبتها المئوية حسب األبعاد السابقة .ونعلم أنه كلما
وقع اتفاق حول فئة معينة فإن نسبة ظهورها ترتفع والعكس صحيح .وقد الحظنا أن النسب المئوية لألبعاد
117
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
دور ممارسة التربية البدنية في النمو النفسي واالجتماعي في المدارس االبتدائية من خالل تمثالت المعلمين
الخمسة كانت :مت قاربة جدا فيما يتعلق بالبعدين األول والثاني ،ففيما يخص البعد األول والذي ظهر بنسبة
( )%16.66فقد ضم ( ) 10فئات اختلفت نسبتها المئوية من فئة إلى أخرى حسب درجة االتفاق بين
عناصر الدراسة أو درجة اختالفها .والمالحظ أن هناك فئة من بين ( )10فئات وقع فيها االتفاق بين معظم
المستجوبات ،وهي فئة "أنها تربية مهمة لمختلف جوانب النمو عند الطفل المعرفي والنفسي والجسمي"
والفئة الثانية وقع فيها اتفاق بين مستجوبتين من بين خمسة وهي " :التربية البدنية مادة نظريا ضرورية
بالنسبة للطفل" .والمالحظ أن الفئتين مرتبطتين ألن الطفل يحتاج إلى الحركات الرياضية من أجل تنمية
مهاراته الحسية الحركية .أما بقية الفئات العشر كان لها نفس التكرار ونفس نسبة الظهور وهو ما يعادل
( )01و( )10%على التوالي.
وفيما يخص البعد الثاني فقد ظهر بنسبة ( ،)18.33%وتضمن ( )11فئة وظهر من خالله أن هناك
اتفاق كبير بين المستجوبات (أربعة من خمسة) على أن الطفل أثناء ممارسة التربية البدنية يكون في
تفاعل كبير مع زمالئه (يعزز تواصل التالميذ مع بعضهم البعض والقضاء على الخجل واالنزواء) .كما
الحظنا اتفاقا بين ثالثة مستجوبات على أن الطفل يشعر بالراحة النفسية أثناء ممارسة للنشاط الرياضي.
أما بقية الفئات فكان لهما تكرار ضعيف وأقل نسبة مئوية ما يعادل ( )01و( )9.09%على التوالي .ومنه
يمكن القول أنه رغم االتفاق النسبي على أهمية التربية البدنية للطفل من الناحية النفسية والجسمية ،إال أن
النسب والتكرارات تبقى ضعيفة وموزعة بين المستجوبات.
أما البعد الثالث فقد ظهر هو اآلخر بنسبة ( )28.33%واحتوى على ( )17فئة ،ومن الفئات التي
وردت بنسبة هامة وباتفاق بعض المستجوبات فئة "تقييم التلميذ غالبا ما ال يكون موضوعيا وشفافا (عدم
امتحان التالميذ فيها وفقا لما هو موجود في المنهاج)" ،وكذلك فئة "هي مهمة لكن مكانتها ال تضاهي
المواد األساسية" وبنسبة ( )11.76%لورودها في محتوى مقابلتين من بين خمس مقابالت .أما بقية الفئات
فقد كانت لها أضعف تكرار وأقل نسبة مئوية حيث تكررت مرة واحدة من طرف كل معلمة.
أما البعد الرابع والذي ظهر بنسبة ( )26.66%والمتضمن لـ ( )16فئة ،فقد وقع فيه االتفاق بين أربعة
مستجوبات من بين خمسة على الفئة الخاصة بـ " عدم وجود أساتذة متخصصين أو أساتذة على األقل
لتوجيه المعلمين" حيث ظهرت في أربع مقابالت من بين خمسة وكانت لها أعلى نسبة مئوية ( )25%ما
يدل على عنصر أساسي في تخلف التربية البدنية في المدرسة االبتدائية وهو غياب تكوين أساتذة في هذه
المادة أو توجيههم من طرف أساتذة متخصصين على األقل.
تليها فئات أخرى متفق عليها بين معظم المستجوبات وهي " عدم وجود مكان مخصص لهذا النشاط
كالملعب أو القاعات( ...وعدم توفر المساحات والفضاءات الضرورية)" وظهرت بنسبة ( .)18.75%كما
وقع االتفاق بين معلمتين من بين خمسة على فئة "عدم توفر الوسائل المناسبة لممارسة هذا النشاط (عدم
توفر الوسائل الرياضية حسب ما تتطلبه الوضعيات التعليمية)" "،الحجم الزمني للمادة غير كاف (التوقيت
غير مناسب 45دقيقة وتتخلل الحصص التعليمية األخرى)"" ،ال يتماشى تسيير الحصة من طرف معلم
المدرسة االبتدائية حسب ما هو وارد في المنهاج (ال تستطيع تلبية مطالب المنهاج الدراسي)" .وكلها
مؤشرات على أوجه النقص والصعوبات التي يواجهها تطبيق هذه المادة في الواقع .ليكون للفئات األخرى
المتبقية أضعف تكرار وأضعف نسبة ظهور.
وف يما يتعلق بالبعد األخير والذي كان له أقل عدد من الفئات وبالتالي أضعف نسبة ظهور والمقدرة بــ
( )%10متضمنا ( ) 06فئات ،وظهر من خالله أن هناك اتفاق كبير بين المستجوبات على وجود تقصير
ملموس من طرف الهيئات التربوية مقارنة بالمراحل التعليمية األخرى (عدم اهتمام المسؤولين بتوفير ما
تقتضيه المادة من ضروريات) .كما أكدن على ضرورة لفت اهتمام المسؤولين في جميع المستويات
لالهتمام أكثر بالتربية البدينة في المرحلة االبتدائية.
خالصة
تعتبر التربية البدنية والرياضية من أهم وسائل التربية الحديثة عند التلميذ ،إذ تساعده على النمو النفسي
والجسمي واالجتماعي السوي وذلك نظرا لما يحتويه المنهاج الخاص بها نظريا من نشاط حركي وألعاب
رياضية تتناسب مع خصائص نمو الطفل في هذه المرحلة العمرية ،إال أن واقع ممارستها يعطي مؤشرات
118
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
دور ممارسة التربية البدنية في النمو النفسي واالجتماعي في المدارس االبتدائية من خالل تمثالت المعلمين
تبرز الصعوبات والتحديات التي تواجهها .ومن خالل تقنية تحليل المضمون حاولنا رصد واقع التربية
البدنية في المدرسة االبتدائية عبر تحليل أفكار ومواقف وخبرات المعلم في المدرسة.
وبعد تحليل مضمون النتائج المتحصل عليها من خالل المقابالت مع الحاالت قمنا بجمعها في خمسة
أبعاد أساسية هي:
-البعد األول :ضرورة التربية البدنية للطفل.
-البعد الثاني :الحالة النفسية والجسمية للطفل أثناء ممارسة التربية البدنية.
-البعد الثالث :مكانة التربية البدنية بين المواد المدرسة في الطور االبتدائي.
-البعد الرابع :عدم توفر إمكانات ممارسة التربية البدنية وعدم توافق تطبيقها مع المنهاج.
-البعد الخامس :عدم اهتمام المسؤولين بالتربية البدنية في الطور االبتدائي.
ولعل أهم النتائج المحصل عليها ما يلي:
* التربية البدنية مهمة لمختلف جوانب النمو عند الطفل المعرفي والنفسي والجسمي.
* الطفل أثناء ممارسة التربية البدنية يكون في تفاعل كبير مع زمالئه.
* النشاط الرياضي يعزز تواصل التالميذ مع بعضهم البعض والقضاء على الخجل واالنزواء.
* الطفل يشعر بالراحة النفسية أثناء ممارسة للنشاط الرياضي.
* تقييم التلميذ في مادة التربية البدنية غالبا ال ما ال يكون موضوعيا وشفافيا.
* عدم امتحان التالميذ فيها وفقا لما هو موجود في المنهاج.
* التربية البدنية مهمة لكن مكانتها ال تضاهي المواد األساسية.
* عدم وجود أساتذة متخصصين أو أساتذة على األقل لتوجيه المعلمين في التربية البدنية.
* عدم وجود مكان مخصص لهذا النشاط كالملعب أو القاعات( ...عدم توفر المساحات والفضاءات
الضرورية).
* عدم توفر الوسائل المناسبة لممارسة هذا النشاط (عدم توفر الوسائل الرياضية حسب ما تتطلبه
الوضعيات التعليمية).
* الحجم الزمني للمادة غير كاف (المدة غير كافية ال تتجاوز 45دقيقة ،وتتخلل الحصص التعليمية
األخرى).
* ال يتماشى تسيير الحصة من طرف معلم المدرسة االبتدائية حسب ما هو وارد في المنهاج (ال
تستطيع تلبية مطالب المنهاج الدراسي).
* وجود تقصير ملموس من طرف الهيئات التربوية مقارنة بالمراحل التعليمية األخرى من خالل عدم
اهتمام المسؤولين بتوفير ما تقتضيه المادة من ضروريات.
119
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
دور ممارسة التربية البدنية في النمو النفسي واالجتماعي في المدارس االبتدائية من خالل تمثالت المعلمين
المراجع
إبراهيم ،مقني ( .)1996التدريب الرياضي للجنسين من الطفولة إلى المراهقة .القاهرة :دار الفكر العربي.
أسعد ،محمد مصطفى ( .)2000التنمية ورسالة الجامعة في األلف الثالث .لبنان :المؤسسة الجامعية النشر والتوزيع.
الخولي ،أمين أنور ( .)1996أصول التربية البدنية والرياضية .القاهرة :دار الفكر العربي القاهرة.
بن مرسلــي ،أحمد ( .) 2005مناهج البحث العلمي في علوم اإلعالم واالتصال .بن عكنون الجزائر :ديوان المطبوعات
الجامعية.
شروخ ،صالح الدين ( .)2004علم االجتماع التربوي .عنابة :دار العلوم للنشر والتوزيع.
السامرائي ،عباس صالح أحمد والسامرائي عبد الكريم محمود ( .)1991كفايات تدريسية في طرائق تدريس التربية
الرياضية :جامعة بغداد.
عبود عبد الغني وآخرون ( .)1994التعليم في المرحلة األولى واتجاهات تطويره .القاهرة :مكتبة النهضة المصـرية.
عويضة ،كامل محمد محمد ( .)1996مدخل إلى علم النفس .لبنان :دار الكتب العلمية.
محمد سعيد ،عظمي ( .)1996أساليب تطوير وتنفيذ درس التربية الرياضية .اإلسكندرية :منشأة معارف.
محمد نصر الدين ،رضوان ( .)2006المدخل إلى القياس في التربية البدينة والرياضية .القاهرة :مركز الكتاب للنشر.
Mucchielli, R. (1982). L’analyse de contenu des documents et des communications. Paris:
les éditions E.S.F.
120
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
"النمط القيادي لمديري التعليم الثانوي وعالقته بالدافعية لإلنجاز لدى األساتذة على ضوء نموذج "باس وأفوليو
النمط القيادي لمديري التعليم الثانوي وعالقته بالدافعية لإلنجاز لدى األساتذة على ضوء نموذج
""باس وأفوليو
عبد الكريم صالحي
kimo26medea@gmail.com
الجزائر- قسنطينة،المدرسة العليا لألساتذة
ملخص
هدفت هذه الدراسة إلى الكشف عن النمط القيادي السائد لدى مـديري التعلـيم الثـانوي مـن وجهـة نظـر
كما هـدفت الدراسـة إلـى تحديـد. في ضوء نموذج "باس وأفوليو" ببعض الثانويات بوالية المدية،األ ساتذة
وقد أجريت هذه الدراسة.طبيعة العالقة وداللتها بين النمط القيادي للمدراء والدافعية لإلنجاز لدى األساتذة
ولإلجابـة علـى فرضـيات. باعتماد المنهج الوصـفي،) أستاذ وأستاذة200( على عينة عشوائية تتكون من
مقياس "القيادة متعدد العوامل " ل "بـاس وأفوليـو" بعـد ترجمتـه: اعتمد الباحث على أداتين هما،الدراسة
وتم التوصـل. ومقياس الدافعية لإلنجاز من إعداد الباحث،من لغته األصلية (األنجليزية) إلى اللغة العربية
الـنمط: إن النمط القيادي السائد حسب نمـوذج "بـاس وأفوليـو" لـدى عينـة الدراسـة هـو:إلى النتائج اآلتية
التسـيبية) والدافعيـة، التبادليـة، كما تبين وجود عالقة ارتباطية بين األنمـاط القياديـة (التحويليـة،التحويلي
.لإلنجاز لدى أساتذة التعليم الثانوي
. نمط القيادة؛ قيادة تحويلية؛ دافعية اإلنجاز:الكلمات المفتاحية
Leadership pattern among secondary education principals and its relation to
motivation for achievemet in high school teachers in light of the model of Bass
and Avolio
Abdelkarim Salhi
kimo26medea@gmail.com
Higher Normal School, Constantine-Algeria
Abstract
The main goal of this study is to uncover the dominant leadership pattern
among secondary education principals from the point view of teachers in light of
the model of "Bass and Avolio” in some high schools in the state of Medea. This
research also aimed to determine the nature of the relationship and its
significance between the leadership style of principals and the motivation for
achievement in teachers. This study was conducted on a random sample of 200
professors, based on the descriptive approach. In order to test the hypotheses,
the researcher relied on two tools: "Multi-Factor Leadership Scale" developed
by Bass and Avolio after it was translated from its original language (English) into
Arabic, in addition to the scale of motivation for achievement elaborated by the
researcher. The results showed that the predominant leadership pattern
according to the Bass and Afolio model in the study sample is Transfer Model, it
appears also that thare is a correlative relationship between the patterns of
leadership (transformational, reciprocal, pervasive) and motivation for
achievement among teachers of secondary education.
121
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
"النمط القيادي لمديري التعليم الثانوي وعالقته بالدافعية لإلنجاز لدى األساتذة على ضوء نموذج "باس وأفوليو
122
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
النمط القيادي لمديري التعليم الثانوي وعالقته بالدافعية لإلنجاز لدى األساتذة على ضوء نموذج "باس وأفوليو"
مقدمة
تعتبر المدرسة المنظمة الرسمية التي كلّفها المجتمع بحكم تطور الحيـاة وتعقـدها بمهمـة تربيـة أفـراده،
وتهدف المدرسة إلى تعليم النشء بشـكل نظـامي مقصـود وذلـك مـن خـالل نقـل الثقافـة ،وإكسـابهم أنمـاط
السلوك السوي والتفكير ،وتكوين العادات واالتجاهات االجتماعية والقيم المرغـوب فيهـا ،وتـدريبهم علـى
الطرق واألساليب التي تساعدهم على صقل مواهبهم ،وتنميـة مهـاراتهم واسـتثمار طاقـاتهم المختلفـة إلـى
أقصى ما تسمح به قدراتهم (.)Gloton, 1977
ولكي تستطيع المدرسة القيام بهذه المهمة النبيلة والعظيمةفهي في حاجة إلى وجود إدارة مدرسية علمية
وح ديثة ،تتمثل في مديرها الذي يعتبر سلوكه القيـادي عنصـرا حيويـا ً فـي إدارة وتنظـيم شـؤون المدرسـة
وعليه تتوقف فعاليتها وكفاءتها .فمدير المدرسة بوصفه قائدا تناط بـه مهمـات حيويـة بالغـة األهميـة ،ولـه
دور فاعل في تحقيق أهداف العمليـة التعليميـة التعلُميـة ،فهـو المسـؤول عـن إدارة جميـع الجهـود والقـوى
العاملة ضمن إطار عمله .ويرتبط نجـاح المدرسـة فـي تحقيـق أهـدافها ورسـالتها بالكيفيـة التـي يـدير بهـا
المدرسة وبالسلوك القيادي الذي يمارسه ،مما ينعكس إيجابا أو سـلبا علـى مسـتوى جـودة التعلـيم وتحقيـق
األهداف المرسومة (الجعبري.)2004 ،
ولما كانت القي ادة التربوية تقوم فـي جوهرهـا علـى التفاعـل بـين القائـد (المـدير) وأفـراد الجماعـة مـن
معلمين وإداريين ...إلخ ،فإن اختالف وسائل هذا التفاعل بين القائد ومرؤوسيه بغرض إرشادهم وتوجيههم
يعكس تباينا في أساليب القيادة وأنماطها (عياصرة.)2006 ،
وهذا ما أشار إليه المشعل ( )2006إلـى أن موقـع المـدير القيـادي يفـرض عليـه اختيـار أسـلوب إدارة
مدرسته ،األمر الذي يؤثر في بيئة العمل ،ورضا العاملين ،فضالً عـن ارتفـاع أو انخفـاض مسـتوى األداء
ككل ،وأن األسلوب الذي يتبعه المدير في سير العمـل واتخـاذ القـرارات ،لـه تـأثير علـى العائـد التربـوي،
ويظهر ذلك على سلوك المعلمين ومدى حبهم لمهنتهم ،ودرجة إخالصهم ورضاهم عن العمل ،األمر الذي
يؤثر على التحصيل الدراسي لدى المتعلمين.
فالسلوك القيادي للمدير إذا ً هو مفتاح نجاح المدرسة ،واالختالف والتباين بين المدارس سواء في المناخ
المدرسي العام ،أو في تحصيل المتعلمين ،أو في مستوى الدافعية للتدريس لدى المعلمين ...إلخ ،إنما يعود
إلى كفاءة المدير وقدرته على التحكم في أساليب القيادة.
وإذا كان السلوك القيادي لمدير المدرسة على هذا القدر من األهميـة ،فـإن سـلوك المـدرس ال يقـل عنـه
أهمية ،ويؤكد الباحثون على أنه حتى تتحقق األهـداف المتوخـاة مـن العمليـة التعليميـة ،البـد مـن االهتمـام
بجميع األطراف الفاعلة فيها بمن فيهم المدرس ودافعيته لإلنجاز.
ونظرا ألهمية الدافعية في توجيه سلوك الفرد للتفوق والتغلب على المشكالت ،فقد أصبح التحدي الـذي ً
يواجه الباحثين التربويين وقيادات المدارس ،هو كيفية خلق دافعية لدى األساتذة ،من أجـل الحصـول علـى
أعلى مستوى من األداء ،ذلك أن المسؤولية األساسية للمدرس هي إثـارة التالميـذ وتحفيـزهم علـى الـتعلم،
عن طريق األساليب الفعّالة :من أسئلة ومناقشـات ،وفرصـة إبـداء الـرأي ،واالسـتنتاج وإصـدار األحكـام،
وإكسابهم ملكة النقد والتقويم ،وهذا ال يتأتى إال إذا توفرت للمتعلم الدافعية للتعلم ألنها تـدخل ضـمن مهامـه
الرئيسية وهي شرط للنجاح والتفوق ،وحتى يحقق األستاذ استثارة المتعلمين ،وجب عليه أن يتحلى بها هو
نفسه قبل أن يبُثها في التالميذ ،فالدافعية ال تختص بالتلميذ فحسب بل إن المدرس بحاجـة إليهـا حتـ ى يزيـد
من فاعلية عملية التدريس .فقد أظهر األدب التربوي أن دافعية األساتذة تعتبـر العامـل الحاسـم فـي تحقيـق
األهداف التربوية ،فإذا كان وجود الدافع لدى األساتذة يؤدي إلى الرغبة في األداء الجيـد وتحقيـق النجـاح،
فإن انعدامه أو ضعفُه يؤدي إلـى الفشـل واإلحبـاط ،وهـذا مـا يـؤثر علـى إقبـالهم علـى التعلـيم وفـي تقـديم
األنشطة مما ينعكس سلبا على المتعلم وتحصيله الدراسي (لبوز وآخرون.)2010 ،
123
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
النمط القيادي لمديري التعليم الثانوي وعالقته بالدافعية لإلنجاز لدى األساتذة على ضوء نموذج "باس وأفوليو"
)2002أن النمط القيادي هو جملة السلوك واإلجراءات التي يمارسها المدير للتأثير في نشاطات العاملين.
ووصف (الهواري سيد (في الصغير )2004 ،النمط القيادي بأنه عبارة عن سلوك متكرر ومميز لشخص
ما.
ويرى الحراحشة (في الرشيدي )2010 ،بأن النمط القيادي هو األسلوب الذي يمارسه القائد للتأثير في
اآلخرين وتوجيه سلوكهم .وعرف (شهاب ،في الرشيدي )2010 ،النمط القيادي بأنه مجموعة من
السلوكيات والممارسات التي يقوم بها القائد في المؤسسة التي يعمل بها سواءا كانت تربوية ،ثقافية،
سياسية ،اقتصادية .كما عرف مكفس ( )2009النمط القيادي بأنه نموذج من السلوكات القيادية المميزة عن
غيرها من السلوكات األخرى ،والتي تتجه أساسا نحو الوصول إلى األهداف المحددة المسطرة ،وذلك
بالتعاون مع أفراد المجموعة ،سواء بالتسلط أو بالحوار أو غير ذلك .ويعتبر البياع ( )1985أن النمط
القيادي هو األسلوب الذي ينتهجه القائد التربوي للتأثير في سلوك الجماعة والعاملين من أجل تحقيق أهداف
المؤسسة.
تجمع التعاريف سابقة الذكر على أن النمط القيادي هو سلوك أو مجموعة من السلوكات ،التي وإجماالِ ،
يتبعها القائد (المدير) في اإلشراف على مرؤوسيه ،والتـي تجعلهـم يقومـون بـأداء مهـامهم ،للوصـول إلـى
األهداف المسطرة التي تحددها المؤسسة التربوية ،غير أن هذه السـلوكات البـد أن تكـون سـلوكات واعيـ ة
وهادفة ،إذ يرى كيتز أن القيادة هي كل التصرفات الصادرة عن الفرد والتي تـؤثر فـي األمـور التنظيميـة
المتعلقة بالمنظمة والناشئة عن هذا الفرد (القائد) كصاحب فكر.
124
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
النمط القيادي لمديري التعليم الثانوي وعالقته بالدافعية لإلنجاز لدى األساتذة على ضوء نموذج "باس وأفوليو"
-أبعاد القيادة متعددة العوامل :اشتملت استبانه القيادة متعـددة العوامـل ( )M.L.Qالتـي وضـعها بـاس
( )1985على خمسة أبعاد للقيادة التحويلية ،ثم بعد ذلك قـدم مـن بـاس وأفوليـو )2005( Avolioنموذجـا
أكثر تفصيال يتضمن القيادة التحويلية والتبادلية والقيادة التسيبية:
-القيادة التحويلية ) :)Transformational leadershipينظر باس للقيادة التحويلية على أنها نـوع
من القيادة التي تحصل عندما يقوم القائد بتوسيع ورفع درجة اهتمـام العـاملين معـ ه باتجـاه قبـول األهـداف
وتحقيق رسالة المنظمة ورؤيتها ،من خالل تحفيزهم علـى تجـاوز مصـالحهم الشخصـية ألجـل المصـلحة
العامة ،فالقائد التحويلي يمتلك رؤية واضحة ،ويتواصل مع العاملين بفعالية لتحقيق هذه الرؤية ،ويتصرف
بوصفه أنموذجا يحتذى بـه ،ويلهـم العـاملين معـه ويحفـزهم فكريـا لتحقيـق اإلبـداع ،ويفـوض صـالحياته
للعاملين ويمكنهم من مزاولة هذه الصالحيات (.)Avolio et al.,1991
القيادة التسيبية ( :)Passive / Avoidant Behaviorيعتبر هذا الـنمط مـن التسـيير بأنـه غيـاب تـام
للقيادة ،ويتبنى مبدأ دع األمور تسير ،وهذا القائد يتخلى عن المسؤولية ويؤخر القـرارات ،وال يقـدم تغذيـة
راجعة ،وال يبذل مجهودات كبيرة لمساعدة األتباع على إشباع حاجاتهم ،وال يتفاعل مع األتباع أو يبذل أي
محاولة لمساعدتهم على التطور (ميهوبي.)2013 ،
ومن هذا المنطلق فاألنماط القيادية التي يستخدمها المدير يمكن اعتبارها سالحا ً ذو حدين في يـده ،فإمـا
يستعملها بشكل ايجابي بحيث تساهم فـي رفـع األداء التدريسـي للمعلـم ودافعتيـه لإلنجـاز ،وإمـا يسـتعملها
بشكل سلبي مما يعود بالضرر على المعلم بل وسائر أركان العملية التعليمية.
وتأسيسا على ما تقدم وإدراكا منا ألهمية النمط القيادي لمدير المدرسة الثانوية -باعتباره أكثر العاملين
في الميدان التربوي ،من أجل االرتقاء بعملية التعليم والتعلم -وما يتركه سلوكه اإلداري من أثر في المناخ
المدرسي بصفة عامة ،وعلى سلوكات المدرسين بصفة خاصـة ،بـات مـن األهميـة بمكـان إجـراء دراسـة
تتناول عالقة النمط القيادي للمدراء بالدافعية لإلنجاز لدى المعلمين من وجهة نظر القيادة التحويليـة ممثلـة
في نموذج "باس وأفوليو" ،ولقد ارتأينا أن ندرس هذا الموضوع في إطار نظريـة القيـادة التحويليـة ،كـون
اإلصالح بصفة عامة ،وإصالح المدرسة بصفة خاصـة هـو أصـال تغييـر ،وأن القيـادة التحويليـة فلسـفتها
تحقيق تغيير سلوكيات العاملين ،.ومن خالل هذا العـرض ألبعـاد المشـكلة المطروحـة يمكـن بلورتهـا فـي
التساؤالت اآلتية.
125
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
النمط القيادي لمديري التعليم الثانوي وعالقته بالدافعية لإلنجاز لدى األساتذة على ضوء نموذج "باس وأفوليو"
* التحديـد اإلجرائــي للـ نمط القيـادي :هــو الســلوك القيــادي الــذي ينتهجـه مــدير المدرســة الثانويــة فــي
ممارسته اإلدارية مع األساتذة الذين يشرف عليهم من وجهة نظرهم ،ويتحدد إجرائيـا فـي هـذه الدراسـة:
بمجموع الدرجات التي يحصل عليها األساتذة علـى " اسـتبانه القيـادة متعـددة العوامـل ( " )M.L.Qلــ ـ "
باس وأفوليو" ،مع احتساب الدرجة الكلية للمقياس والـدرجات علـى المقـاييس الفرعيـة ،إذ كلمـا ارتفعـت
الدرجة على أحد المقاييس الفرعية ،كلما دل ذلك على تقدير األساتذة للنمط القيـادي السـائد لـدى مـديريهم،
وهذه المقاييس الفرعية هي القيادة التحويلية ،القيادة التبادلية ،القيادة التسيبية (.(Deschenes, 2008
* التحديد االصطالحي للدافعية لإلنجاز :يعرفها أحمد بلقيس ،و توفيـق مرعـي (غبـاري )2008 ،فـي
بأنها "تلك القوة الذاتية التي تحرك سلوك الفرد وتوجهه لتحقيق غاية معينة ،يشعر بالحاجة إليها وبأهميتها
المادية أو المعنوية بالنسبة له ،وتسـتثار هـذه القـوة المحركـة بعوامـل تنبـع مـن الفـرد نفسـه ،و حاجاتـه و
خصائصــه و ميولــه و اهتماماتــه ،أو مــن البيئــة الماديــة أو النفســية المحيطــة بــه كاألشــياء ،واألشــخاص،
والموضوعات ،واألفكار،واألدوات".
* التحديــد اإلجرائـ ي للدافعيــة لإلنجــاز :تتحــدد الدافعيــة لإلنجــاز إجرائيــا فــي هــذه الدراســة بمجمــوع
الدرجات التي يحصل عليها األساتذة على مقيـاس الدافعيـة لإلنجـاز المطبـق فـي هـذه الدراسـة مـن إعـداد
الباحث.
126
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
النمط القيادي لمديري التعليم الثانوي وعالقته بالدافعية لإلنجاز لدى األساتذة على ضوء نموذج "باس وأفوليو"
-فرضيات البحث :انطالقا من تساؤالت البحث والخلفية النظرية له يمكننا صياغة الفرضيات اآلتية:
* النمط القيادي السائد لدى المديرين من وجهة نظر األساتذة هو النمط القيادي التحويلي.
* توجد عالقة ارتباطيه بين األنماط القياديـة (التحويليـة ،التبادليـة ،التسـيبية) والدافعيـة لإلنجـاز لـدى
أساتذة التعليم الثانوي.
-منهجية للبحث
بما أن طبيعة الموضوع المدروس هي التي تحدد نوع المنهج الذي يتبناه الباحث ،وبما أننا بصدد
معرفة النمط القيادي السائد لدى مديري التعليم الثانوي من وجهة نظر األساتذة – حسب النموذج الذي
طرحه كل من (باس وأفوليو) ،وكذا تحديد طبيعة العالقة وداللتها بين النمط القيادي للمدراء والدافعية
لإلنجاز لدى األساتذة ،ومن ثمة فالمنهج الوصفي هو المنهج المالئم لهذه الدراسة.
عينة البحث :يتحدد مجتمع البحث في الدراسة الحالية بمجموع أساتذة التعليم الثانوي بوالية المدية.
وبالنظرا إلى ك َبر حجم المجتمع اإلحصائي الذي بلغ 2455معلما ومعلمة فقد تم اختيار عينة تتكون من
200فرد ،بالطريقة العشوائية البسيطة.
أدوات البحث :لغرض تحقيق أهداف البحث وفحص فرضياته ،تم االعتماد على أداتين هما ،مقياس
القيادة متعددة العوامل لـ باس وأفوليو ( ،)2005ومقياس الدافعية لإلنجاز من إعداد الباحث.
-صدق مقياس القيادة :تعتبر األداة صادقة إذا كانت تقيس ما وضعت لقياسه (مقدم ،)2003 ،وإذ
يوجد عدة طرق لحساب الصدق فقد تم االعتماد على طريقتين هما:
-صدق النقل الثقافي (الترجمة) :لضمان صدق المقياس عند ترجمته وتطبيقه في سياقات ثقافية
تختلف عن السياقات التي بني فيها .فقد تمت الترجمة في المرحلة األولى ،باالستعانة ببعض األساتذة من
ذوي الخبرة والكفاءة بكل من جامعة البليدة 2وجامعة الجزائر ،2وبعد الحصول على الترجمات التي
اقترحها كل أستاذ ،قام الباحث بتوحيد الترجمة ،و ذلك االعتماد على العبارات المترجمة التي كانت
متقاربة قبل عرضها على مجموعة أخرى من األساتذة لمراجعتها لغويا ،وبهدف التأكد من بنود المقياس
ومدى مالءمتها للفرد الجزائري بعد ترجمته من النسخة األصلية للمقياس ،قمنا في مرحلة ثانية بعرضه
على مجموعة أخرى من األساتذة ،وقد استفدنا من نتائج مالحظات األساتذة ،والتي اعتبرت أن المقياس
مالئم من الناحية الثقافية ،لتطبيقه في البيئة الجزائرية.
-صدق االتساق الداخلي :تم حساب صدق هذا المقياس عن طريق حساب أو تقدير االرتباطات بين
درجة كل عبارة بالدرجة الكلية للمقياس ،وكذا االرتباط بين الدرجات الكلية للمحاور بالدرجة الكلية
للمقياس وفق ما يوضحه الجدول (:)01
127
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
النمط القيادي لمديري التعليم الثانوي وعالقته بالدافعية لإلنجاز لدى األساتذة على ضوء نموذج "باس وأفوليو"
جدول ( :)1مصفوفة ارتباطات عبارات مقياس القيادة متعددة العوامل مع درجته الكلية
الدرجة الكلية للمقياس العبارات الدرجة الكلية للمقياس العبارات الدرجة الكلية للمقياس العبارات
**0.705 البند 04 **0.697 البند 02 **0.778 البند 10
**0.723 البند 22 **0.724 البند 08 **0.510 البند 18
**0.751 البند 24 **0.812 البند 30 **0.846 البند 21
**0.647 البند 27 **0.729 البند 32 **0.461 البند 25
**0.663 البند 03 **0.641 البند 15 **0.585 البند 06
**0.641 البند 12 **0.615 البند 19 **0.821 البند 14
**0.698 البند 17 **0.670 البند 29 **0.790 البند 23
**0.811 البند 20 **0.809 البند 31 **0.706 البند 34
**0.629 البند 05 **0.677 البند 01 **0.675 البند 09
**0.729 البند 07 **0.677 البند 11 **0.755 البند 13
**0.797 البند 28 **0.775 البند 16 **0.807 البند 26
**0.805 البند 33 **0.761 البند 35 **0.774 البند 36
تم حساب أو تقدير االرتباطات بين درجة كل عبارة بالدرجة الكلية لمقياس القيادة ،بمعامل االرتباط
بيرسون حيث جاءت االرتباطات بين العبارات مع الدرجة الكلية للمقياس ككل دالة إحصائيا عند مستوى
الداللة ألفا ( )α=0.01وعددها ( )36عبارة ،حيث تراوحت قيم االرتباط فيها ما بين ( )0,84كـأعلى
ارتباط كان بين العبارة ( )21والدرجة الكلية للمحور ككل و( )0,46كأدنى ارتباط كان بين العبارة ()25
والدرجة الكلية للمحور ككل ،وعموما يمكن القول بأن مقياس القيادة متعدد العوامل صادق.
-االرتباط بين الدرجات الكلية للمحاور بالدرجة الكلية لمقياس القيادة متعددة العوامل
جدول ( :)2مصفوفة ارتباطات الدرجات الكلية للمحاور مع الدرجة الكلية لمقياس القيادة متعددة
العوامل
قيمة ارتباط المحور بالدرجة الكلية المحاور
**0.896 المحور األول (خصائص مثالية)
**0.912 المحور الثاني (سلوكات مثالية)
**0.896 المحور الثالث (الحافز الملهم)
**0.910 المحور الرابع (الحافز الذهني)
**0.897 المحور الخامس (االعتبار الشخصي)
**0.933 المحور السادس (المكافئات الموقفية)
**0.878 المحور السابع (التسيير بالتوقع النشط)
**0.897 المحور الثامن (السلوك أالجتنابي)
**0.902 المحور التاسع (اإلهمال والتسيب)
تم تقدير االرتباطات بين الدرجة الكلية لكل محور مع الدرجة الكلية لمقياس القيادة متعددة العوامل ككل
بمعامل االرتباط بيرسون حيث جاءت كلها دالة إحصائيا عند مستوى الداللة ( ،)α=0.01وتمثلت في
ارتباط الدرجة الكلية للمحور األول مع الدرجة الكلية للمقياس ككل بارتباط بلغ ،0.89أما ارتباط الدرجة
128
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
النمط القيادي لمديري التعليم الثانوي وعالقته بالدافعية لإلنجاز لدى األساتذة على ضوء نموذج "باس وأفوليو"
الكلية للمحور الثاني مع الدرجة الكلية للمقياس ككل فقد قدر بـ ،0.91وبلغ ارتباط الدرجة الكلية للمحور
الثالث مع الدرجة الكلية للمقياس ككل بـ ،0.89وبلغ ارتباط الدرجة الكلية للمحور الرابع مع الدرجة
الكلية للمقياس ككل ،0.91وبلغ ارتباط الدرجة الكلية للمحور الخامس مع الدرجة الكلية للمقياس ككل
،0.89وبلغ ارتباط الدرجة الكلية للمحور السادس مع الدرجة الكلية للمقياس ككل بـ ،0.93وبلغ ارتباط
الدرجة الكلية للمحور السابع مع الدرجة الكلية للمقياس ككل ،0.78وبلغ ارتباط الدرجة الكلية للمحور
الثامن مع الدرجة الكلية للمقياس ككل ،0.89في حين بلغ ارتباط الدرجة الكلية للمحور التاسع مع الدرجة
الكلية للمقياس ككل ،0.90وبالتالي يمكن القول بأن هذا المقياس صادق.
-ثبات المقياس :يقصد بالثبات دقة المقياس أو اتساقه ،فإذا حصل نفس الفرد على نفس الدرجة ،أو
نصف االختبار في هذه الحالة بأنه على
درجة قريبة منها في نفس االختبار عند تطبيقه أكثر من مرة ،فإننا ِ
درجة عالية من الثبات (أبو عالم ،)2004 ،ومن أجل التأكد من ثبات مقياس القيادة متعددة العوامل،
اعتمد الباحث على طريقة التناسق الداخلي:
يوضح الجدول أعاله معامالت ثبات ألفا كرونباخ ،حيث بلغ بـالنسبة للمحور األول "خصائص
مثالية" ( ،)0.70وبالنسبة للمحور الثاني "سلوكات مثالية" ( ،)0.80وبالنسبة للمحور الثالث " الحافز
الملهم" ( ،)0.86وبالنسبة للمحور الرابع "الحافز الذهني"( ،)0.82وبالنسبة للمحور الخامس "االعتبار
الشخصي" ( ،)0.76وبالنسبة للمحور السادس "المكافآت الموقفية" ( ،)0.77وبالنسبة للمحور السابع
"التسيير بالتوقع النشط" ( ،)0.81وبالنسبة للمحور الثامن "السلوك االجتنابي"( ،)0.79وبالنسبة للمحور
التاسع "اإلهمال والتسيب" ( ،)0.84أما بالنسبة للمقياس ككل "القيادة متعددة العوامل" فقد بلغ معامل ألفا
كرونباخ ( )0.91وكلها قيم تدل على أن هذا المقياس ثابت.
129
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
النمط القيادي لمديري التعليم الثانوي وعالقته بالدافعية لإلنجاز لدى األساتذة على ضوء نموذج "باس وأفوليو"
-ارتباط العبارات بالدرجات الكلية لمقياس الدافعية لإلنجاز تم حساب أو تقدير االرتباطات بين درجة
كل عبا رة بالدرجة الكلية لمقياس الدافعية لإلنجاز بمعامل االرتباط بيرسون ،كما هو موضح في الجدول
(:)04
جدول ( :)4مصفوفة ارتباطات عبارات مقياس الدافعية لإلنجاز مع درجته الكلية
الدرجة الكلية للمقياس العبارات الدرجة الكلية للمقياس العبارات الدرجة الكلية للمقياس العبارات
**0.406 البند 19 **0.415 البند 36 **0.481 البند 01
**0.321 البند 24 **0.354 البند 03 **0.255 البند 05
*0.163 البند 29 **0.605 البند 08 **0.509 البند 10
*0.164 البند 34 **0.371 البند 13 **0.250 البند 15
**0.379 البند 38 **0.404 البند 18 **0.399 البند 20
**0.249 البند 06 **0.395 البند 23 **0.216 البند 25
**0.428 البند 11 **0.642 البند 28 **0.510 البند 30
**0.389 البند 16 **0.278 البند 33 **0.426 البند 02
**0.393 البند 21 *0.160 البند 37 **0.446 البند 07
**0.369 البند 26 **0.520 البند 04 **0.498 البند 12
**0.381 البند 31 **0.339 البند 09 **0.457 البند 17
**0.519 البند 35 **0.412 البند 14 **0.486 البند 22
**0.337 البند 27
**0.579 البند 32
** االرتباط دال عند مستوى الداللة ألفا (.)0.01
* االرتباط دال عند مستوى الداللة ألفا (.)0.05
يوضح الجدول أعاله االرتباطات بين العبارات مع الدرجة الكلية للمقياس ككل والتي جاءت أغلبها دالة
إحصائيا عند مستوى الداللة ألفا ( )α=0.01وعددها ( )35عبارة ،حيث تراوحت قيم االرتباط فيها ما بين
( )0,64كـأعلى ارتباط كان بين العبارة ( )28والدرجة الكلية للمحور ككل و( )0,21كأدنى ارتباط كان
بين العبارة ( )25والدرجة الكلية للمحور ككل ،ونجد أن هناك ثالث عبارات وهي ذات األرقام (،34 ،29
)37دالة عند مستوى الداللة ( ،)0.05وعموما يمكن القول بأن مقياس الدافعية لإلنجاز صادق.
-االرتباط بين الدرجات الكلية للمحاور بالدرجة الكلية لمقياس الدافعية لإلنجاز
تم تقدير االرتباطات بين الدرجة الكلية لكل محور مع الدرجة الكلية لمقياس الدافعية لإلنجاز ككل
بمعامل االرتباط بيرسون ،كما هو موضح في الجدول (:)05
جدول ( :)5مصفوفة ارتباطات الدرجات الكلية للمحاور مع الدرجة الكلية لمقياس الدافعية لإلنجاز
الدرجة الكلية المحاور والدرجة الكلية
**0.746 المحور األول (الطموح)
**0.836 المحور الثاني (األداء)
**0.757 المحور الثالث (المثابرة)
**0.645 المحور الرابع (حب العمل)
**0.733 المحور الخامس (التنافس)
** االرتباط دال عند مستوى الداللة ألفا (.)0.01
نالحظ من خالل الجدول أعاله أن االرتباطات جاءت كلها دالة إحصائيا عند مستوى
الداللة( ،)α=0.01وتمثلت في ارتباط الدرجة الكلية للمحور األول مع الدرجة الكلية للمقياس ككل بارتباط
130
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
النمط القيادي لمديري التعليم الثانوي وعالقته بالدافعية لإلنجاز لدى األساتذة على ضوء نموذج "باس وأفوليو"
قدر بـ ،0.74أما ارتباط الدرجة الكلية للمحور الثاني مع الدرجة الكلية للمقياس ككل فقد قدر بـ ،0.83
وبلغ ارتباط الدرجة الكلية للمحور الثالث مع الدرجة الكلية للمقياس ككل بـ ،0.75وبلغ ارتباط الدرجة
الكلية للمحور الرابع مع الدرجة الكلية للمقياس ككل بـ ،0.64في حين بلغ ارتباط الدرجة الكلية للمحور
الخامس مع الدرجة الكلية للمقياس ككل بـ ،0.73وبالتالي يمكن القول بأن هذا المقياس صادق.
عرض وتحليل ومناقشة نتائج الفرضـيات :بعد الحصول على الدرجات الخام ومعالجتها احصـائيا فـي
ضوء فرضيات البحث ،تحصلنا على النتائج اآلتية:
-عرض ومناقشة نتائج الفرضية األولى :والتي تنص على أن "النمط القيادي السائد لدى المديرين
من وجهة نظر األساتذة هو النمط القيادي التحويلي ،وبعد المعالجة اإلحصائية باستخدام اختبار الداللة
اإلحصائية (ت) للعينة الواحدة والذي يعتمد على مقارنة المتوسط الحسابي بالمتوسط النظري ،تم التوصل
إلى النتيجة التالية:
المحاور
02 متوسطة دال 0.000 11.98 199 5.025 29.02 24 القيادة التبادلية
03 ضعيفة دال 0.000 -10.70 199 -4.340 19.66 24 القيادة التسيبية
من خالل النتائج المبينة بالجدول أعاله نالحظ وبناء على المتوسطات الحسابية ألفراد عينة الدراسة
على مقياس القيادة متعددة العوامل والتي بلغت في المحور األول (القيادة التحويلية) " ،"71.84وبالنسبة
للمحور الثاني (القيادة التبادلية) " ،"29.02و بالنسبة للمحور الثالث (القيادة التسيبية) "،"19.66
والمالحظ أن كل من المحورين األول والثاني كان المتوسط الحسابي فيهما أعلى تماما من المتوسط
النظري للمحورين والمقدر بـ ( )24 ،60كما هما على الترتيب في حين أن المحور األخير كان المتوسط
الحسابي فيه أدنى تماما من المتوسط النظري للمحور والمقدر بـ .24وقد بلغت قيم اختبار الداللة (ت)
بالنسبة للمحورين األول والثاني ( 9.33و )11,98وهما قيمتان موجبتان ودالتان إحصائيا عند مستوى
الداللة ألفا ( )0.01أما بالنسبة للمحور األخير فقد جاءت قيمة اختبار الداللة (ت) -10.70وهي أيضا
قيمة دالة عند مستوى الداللة ألفا ( )0.01غير أنها سالبة ،وبالنظر أيضا إلى قيمة الفرق بين المتوسطات
النظرية والحسابية والتي بلغت للمحور األول " "11.84وبالنسبة للمحور الثاني " "5.02وبالنسبة
للمحور الثالث " ."-4.34وبناء على الفروق أمكننا القول بأن أكثر األنماط شيوعا هو النمط القيادي
التحويلي ونسبة التأكد من هذه النتيجة هو %99مع احتمال الوقوع في الخطأ بنسبة ،%1وبهذا تتحقق
الفرضية األولى.
131
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
النمط القيادي لمديري التعليم الثانوي وعالقته بالدافعية لإلنجاز لدى األساتذة على ضوء نموذج "باس وأفوليو"
ويمكن تفسير هذه النتائج بأن النمط القيادي السائد حسب نظرية " باس وأفوليو هو النمط التحويلي،
وبالعودة إلى نتائج الجدول ( )08يتضح جليا أن نمط القيادة التحويلية احتل الصدارة وارتبط إيجابيا مع
الدافعية لإل نجاز لدى األساتذة ويليه النمط القيادي التبادلي ،بينما ارتبط النمط القيادي التسيبي عكسيا مع
الدافعية لإلنجاز .ويعتقد الباحث أن شيوع النمط التحويلي ،وهو النمط الذي يسعى إلى النهوض بشعور
التابعين من خالل االحتكام إلى أفكار وقيم ومعتقدات أخالقية في شخصية القائد مثل الحرية والعدالة
والمساواة والسالم واإلنسانية ،وأن القائد الفعال يسعى لتغيير القيم األساسية واتجاهات التابعين ،وبالتالي
يكون لديهم االستعداد ألداء مستويات عالية من اإلنجاز ،وشيوع هذا النمط يعكس جانبا من التطور
الملحوظ في مجال التسيير واإلدارة ،وربما يرجع ذلك إلى فعالية البرامج والدورات التكوينية التي
خضعوا لها في مجال القيادة والتسيير التربوي.
عرض ومناقشة نتائج الفرضية الثانية :والتـي تـنص علـى أنـه" توجـد عالقـة ارتباطيـه بـين األنمـاط
القيادية (التحويلية ،التبادليـة ،التسـيبية) والدافعيـة لإلنجـاز لـدى أسـاتذة التعلـيم الثـانوي" ،وبعـد المعالجـة
اإلحصائية باستخدام معامل االرتباط بيرسون ،تم التوصل إلى النتيجة التالية:
جدول ( :)8العالقة بين األنماط القيادية والدافعية لإلنجاز لدى أفراد عينة الدراسة
القرار مستوى الداللة الدافعية لإلنجاز القيادة متعددة العوامل
0.004 **0.792 القيادة التحويلية
دال عند مستوى الداللة
0.021 *0.573 القيادة التبادلية المحاور
ألفا ()0.05
0.001 **-0.228 القيادة التسيبية
من خالل الجدول أعاله نالحظ أن معامل االرتباط بيرسون بين درجات أفراد عينة الدراسة على
محاور مقياس القيادة متعددة العوامل (القيادة التحويلية ،القيادة التبادلية ،القيادة التسيبية) ودرجاتهم على
مقياس الدافعية لإلنجاز والذي بلغ بالنسبة للمحور األول ( )0.79وبالنسبة للمحور الثاني ( )0.57وبالنسبة
للمحور الثالث ( )-0.22وهي قيم دالة إحصائيا عند مستوى الداللة ألفا ( .)0.05كما نالحظ أن قيم
االرتباط بالنسبة للمحورين األول والثاني كانتا موجبتين وقويتين أي هناك عالقة طردية قوية موجبة بين
القيادة التحويلية والدافعية لإلنجاز وبين القيادة التبادلية والدافعية لإلنجاز .غير أن قيمة االرتباط في
المحور الثالث كانت سالبة أي أن العالقة بين القيادة التسيبية والدافعية لإلنجاز هي عالقة عكسية ،ومنه
نستطيع القول بأنه تم رفض الفرض الصفري الذي ينفي وجود العالقة ،وبالتالي نتوصل إلى قبول فرضية
البحث الثانية القائلة بأنه توجد عالقة ارتباطية بين األنماط القيادية والدافعية لإلنجاز لدى أساتذة التعليم
الثانوي ،ونسبة التأكد من هذه النتيجة هو %95مع احتمال الوقوع في الخطأ بنسبة .%5
ويتبين من النتائج السابقة وجود عالقة ارتباطية بين النمط القيادي لمديري التعليم الثانوي والدافعية
لإلنجاز لدى األساتذة من وجهة نظرهم ،حيث تؤكد النتائج وجود ارتباط طردي قوي بين النمط القيادي
ال تحويلي والنمط التبادلي مع الدافعية لإلنجاز ،أي أنه كلما مارس المدير هذين النمطين من القيادة كلما زاد
ذلك من دافعية األساتذة .وهذا على عكس النمط القيادي األخير وهو النمط التسيبي والذي ارتبط عكسيا مع
الدافعية لإلنجاز ،أي أنه كلما كان أسلوب المدير تسيبيا كلما قلل ذلك من دافعية اإلنجاز لدى األساتذة.
وهذا ما أثبته واقع البحث الميداني ،إذ أن الباحث لمس ذلك جليا من خالل مناقشاته المستفيضة مع
األساتذة ،ثم أن كثيرا من الدراسات توصلت إلى نتائج متقاربة من نتائج هذا البحث منها ،دراسة (
شوشان( ،)2009،شرقي ،)2010،ودراسة ( )Caldwell,1992ودراسة ( ،)Smith,2000وغيرها من
الدراسات التي أثبتت وجود عالقة بين النمط القيادي والدافعية لإلنجاز ،وربما يعزى ذلك إلى خصائص
النمط القيادي التحويلي والتي تتميز بالتسامح وعدم التسلط والثقة في اآلخرين والحضور القوي ،ونشاط
بدني متفاعل وقوي...إلخ وهي مبادئ تعزز رضا األفراد والجماعات عن العمل وعن النمط القيادي.
132
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
النمط القيادي لمديري التعليم الثانوي وعالقته بالدافعية لإلنجاز لدى األساتذة على ضوء نموذج "باس وأفوليو"
خالصة
بعد مناقشة وتحليل النتائج ،اتضح أن األنماط القيادية الثالثة تمارس حسـب النمـوذج الـذي طرحـه كـل
من " باس وأفولو( ،)2005ولكن النمط القيادي الشائع الممارس من طرف مدراء المـدارس الثانويـة لـدى
عينة الدراسة ،هو "النمط التحويلي" ،يليه نمط القيادة التبادلية ،وفي األخير نمط القيادة التسيبية وهو النمط
األقل ممارسة لدى أفراد عينة الدراسة .كما أسفرت الدراسة كذلك عن وجود عالقة ارتباطية قوية موجبـة
بين كل من األنماط القيادية التحويلية والتبادلية مع الدافعية لإلنجاز لدى األساتذة ،في حين اتضح أن هنـاك
عالقة ارتباطيه سالبة بين ممارسة المدراء لنمط القيادة التسيبية والدافعية لإلنجاز لدى األساتذة.
133
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
النمط القيادي لمديري التعليم الثانوي وعالقته بالدافعية لإلنجاز لدى األساتذة على ضوء نموذج "باس وأفوليو"
المراجع
أنجرس ،موريس ( :)2006منهجية البحث العلوم اإلنسانية تــدريبات عالميــة .ترجمــة بوزيــد صــحراوي وآخــرون ،دار
القصبة للنشر د ط ،الجزائر.
الصــغير ،محمــد بــن عبــد هللا ( .)2004مــدى اســتخدام ضــباط الكليــات العســكرية لألســاليب القياديــة لنمــوذج هيرســي
وبالنشارد .مذكرة ماجستير في العلوم اإلدارية ،جامعة نايف العربية للعلوم األمنية ،المملكة العربية السعودية.
عياصرة ،علي أحمد ( .)2006القيادة والدافعية في اإلدارة التربوية .عمان ،دار ومكتبة الحامد.
ملحم ،سامي ( .)2000القياس والتقويم في التربية والتعليم .دار المسيرة للنشر والتوزيع ،ط ،1عمان ،األردن.
البياع ،محمد حسن عبد الهادي ( .)1985القيادة اإلدارية بين المنهج العلمي والممارسة .دار واســط للنشــر والتوزيــع ،د
ط ،لبنان.
الجعبري ،عالية وحيد ( .)2004أنماط السلوك اإلداري لمديري المدارس الثانوية الحكومية في محافظة عمان من وجهة
نظر المعلمين وعالقتها بمستوى احتراقهم النفسي .رسالة ماجستير غير منشورة ،جامعة األردن ،عمان.
الرشيدي ،عبد هللا بشير ( .)2010أنماط القيادة في المرحمــة المتوســطة فــي دولــة الكويــت وعالقتهــا بــالوالء التنظيمــي
للمعلمين من وجهة نظرهم .مذكرة ماجستير في اإلدارة التربوية ،كلية العلوم التربوية ،جامعة الشرق األوسط.
المشعل ،نورة محمد ( .)2006األنماط القيادية لدى المديرات في المرحلة االبتدائية للبنات في مدينة الريــاض وعالقتهــا
بالرضا الوظيفي للمعلمات .رسالة ماجستير بكلية العلوم االجتماعية ،جامعة محمد بن سعود اإلسالمية ،الرياض.
غباري ،ثائر أحمد ( .)2008الدافعية -النظرية والتطبيق .دار المسيرة للنشر والتوزيع ،ط ،1عمان األردن.
لبوز عبد هللا ،حجاج عمر ( .)2010الدافعية للتدريس كأهم خاصية شخصية للمدرس الفعال" .ملتقى التكــوين بالكفايــات
في التربية ،جامعة قاصدي مرباح ،ورقلة ،صص.457-434 .
مكفس عبد المالك ( .)2009نمط القيادة في اإلدارة المدرسية وعالقته بالرضا الوظيفي ألساتذة التعلــيم الثــانوي .مــذكرة
ماجستير في علوم التربية ،جامعة باتنة.
رجاء محمود ،أبو عالم ( .)2004مناهج البحث في العلوم النفسية والتربوية .دار النشر للجامعات ،مصر.
سعيد لوصيف ( .)2007عالقة أنماط الزمن بالقيادة التحويلية -حالة اإلطارات القيادية الوسطى .أطروحة دكتوراه دولــة
في علم النفس التنظيمي ،جامعة الجزائر.
منير خالد عباس ( .)2008آثار أنماط القيادة اإلدارية في الوالء التنظيمي .بحــث مقــدم لنيــل درجــة الــدكتوراه فــي إدارة
األعمال .كلية االقتصاد ،جامعة دمشق ،سورية.
ميهوبي فوزي ( .)2013عالقة نمط القيادة والمنــاخ التنظيمــي بــاالحتراق النفســي والــوالء التنظيمــي لــدى الممرضــين.
أطروحة دكتوراه في علم نفس العمل والتنظيم ،جامعة الجزائر.
Avolio. B. J, Zhu. W, Koh. W & Bhatia. P (2004). Transformational leadership and
organizational commitment: mediating role of psychological empowerment and moderating
role of structural distance. Journal of organizational behavior, 25, pp. 951-968.
Gloton,R.L. (1977). Etablissement scolaire, unité éducatif .Paris, Casterman.
134
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
نمو التفكير األخالقي لدى التلميذ المتمدرس بمؤسسات التعليم الثانوي بالمغرب
نمو التفكير األخالقي لدى التلميذ المتمدرس بمؤسسات التعليم الثانوي بالمغرب
رجاء لحويدك
Rajaehaouideg@gmail.com
المغرب- جامعة محمد الخامس،كلية علوم التربية
ملخص
وقد تكونت عينة،يسعى هذا البحث إلى معرفة مستوى نمو التفكير األخالقي لدى تالميذ التعليم الثانوي
Lawrence Kohlberg وتم اإلعتماد في هذا البحث على نظرية كولبرج. تلميذا وتلميذة217 البحث من
وتحقيقا. كأداة للقياس، كما تم استخدام مقياس التفكير األخالقي لكولبرج،حول نمو التفكير األخالقي
كما استخدمنا عددا من األساليب اإلحصائية.ألهداف البحث فقد اعتمدنا على المنهج الوصفي التحليلي
واختبار التباينTeste de student المناسبة لطبيعة التساؤالت حيث تم استخدام اختبار ستيودنت
وقد كشف. "وغيرها من األساليب اإلحصائيR" واختبار معامل اإلرتباط بيرسونAnova-1 األحادي
تحليل النتائج على أن نمو التفكير األخالقي لدى أفراد عينة البحث يتالءم مع المرحلة الثالثة (التوافق مع
كذلك انتهى البحث إلى وجود فروق ذات.معايير الجماعة) من مراحل التفكير األخالقي الستة لكولبرج
المستوى الدراسي، الجنس،داللة إحصائية في مستوى نمو التفكير األخالقي تعزى لمتغير السن
.والتخصص الدراسي
. التفكير األخالقي؛ التلميذ المتمدرس؛ مؤسسات التعليم الثانوي:الكلمات المفتاحية
Rajae Haouideg
Rajaehaouideg@gmail.com
Faculty of Education Science, Mohammed V University, Rabat- Morocco
Abstract
This research tends to investigate the development of moral thinking of
Moroccan students. The targeted population includes 217 males and females.
The theory used to this research is Lawrence Kohlberg theory of moral thinking
development, which was measured by Lambert scale. A descriptive correlational
design was used in this study. The analysis techniques used include "student’s
test", "Anova-1" and "Pearson R" measurements. The findings of this study
revealed that the development of moral thinking of students correlates with the
third phase of Lambert’s sixth stages of moral thinking, which is compliance with
community standards. In addition, it was found that there are differences in the
development of moral thinking according to age, sex, educational stages and
branch.
Keywords: moral thinking; students; high schools.
135
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
نمو التفكير األخالقي لدى التلميذ المتمدرس بمؤسسات التعليم الثانوي بالمغرب
مقدمة
يعتبر موضوع األخالق من المواضيع التي نالت اهتمام الباحثين والمفكرين من مختلف الحقول
المعرفية المتنوعة كعلم النفس ،علم االجتماع ،الفلسفة ...إذ يحاول أن يقارب كل حقل معرفي موضوع
األخالق من وجهة نظره الخاصة ،ويأتي اهتمام المفكرين بالجانب األخالقي في الشخصية اإلنسانية نظرا
ألهميته ودوره الرئيسي في تكوين شخصية الفرد والحفاظ على توازنه النفسي واالجتماعي .فاألخالق هي
القاعدة األساسية التي تبنى عليها القوانين والقواعد والضوابط االجتماعية التي تنظم عالقات األفراد
بعضهم ببعض ،كما تعمل على توجيه سلوكاتهم وتنظيمها وفق ضوابط اجتماعية سنها المجتمع وتوافق
عليها .لذلك يمكننا اعتبار موضوع األخالق من أهم ميادين البحث التي حظيت من قبل الباحثين بالدراسة
واالستقصاء على مدار العصور واألحقاب .إال أن التفكير األخالقي لم ينل هذا االهتمام من طرف الباحثين
إال خالل السنوات األخيرة ،خاصة أبحاث كل من جان بياجي Piagetولورنس كولبرج Kohlbergإذ
حاول كل منهما دراسة تفسير التقدم الذي يطرأ على عملية إصدار األحكام األخالقية وكيفية تطور التفكير
األخالقي .وعليه نحاول من خالل هذه الدراسة الميدانية معرفة مستوى نمو التفكير األخالقي لدى أفراد
عينة البحث معتمدين في ذلك على نظرية كولبرج حول نمو التفكير األخالقي.
ولقد تأثرت بحوث نمو التفكير األخالقي بعدة نظريات سيكولوجية كثيرة وكان أهمها:
136
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
نمو التفكير األخالقي لدى التلميذ المتمدرس بمؤسسات التعليم الثانوي بالمغرب
تتميز هذه المرحلة بالذاتية األخالقية autonomous moralityأي أن األخالق تنشأ من ذات الفرد ال
من خالل خضوعه لقواعد اآلخرين عكس المرحلة السابقة –األخالق خارجية المنشأ ،-ويطلق بياجي على
هذه المرحلة مرحلة "النسبية األخالقية" فالطفل يدرك أنه ال يوجد صواب مطلق أو خطأ مطلق ،بل
تصورات أو أفكار للعدالة .وترتبط هذه المرحلة بنمو العمليات المنطقية والمعرفية خاصة على مستوى
الذكاء المجرد إذ يصبح الفرد يبني األسس المنطقية التي على أساسها سيتم إصدار األحكام األخالقية
).(Villerote, 2007
137
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
نمو التفكير األخالقي لدى التلميذ المتمدرس بمؤسسات التعليم الثانوي بالمغرب
ولقد صاغ كولبرج نظريته حول نمو التفكير األخالقي منطلقا من أفكار وأبحاث بياجي إذ توصل إلى
وجود ستة مراحل أساسية يتشكل وينمو عبرها التفكير األخالقي للفرد ،وهي على الشكل التالي:
* المرحلة الثالثة :مرحلة التوافق الضمشخصي مع معايير االوسط (الولد الطيب والبنت الطيبة)
التفكير األخالقي في هذه المرحلة يتميز بالتموضع مكان اآلخر ومحاولة إرضائه وإرضاء السلطة
الخارجية ،كما يحرص الفرد على أن يأتي بسلوك يتفق مع المعايير االجتماعية التي تقرها الجماعة وتتفق
عليها ،كما تتميز هذه المرحلة بسيادة مشاعر التعاطف والتعاون والتوافق مع اآلخر .كما أن إصدار الحكم
األخالقي خالل هذه المرحلة ال يكون من منطلق ذاتي وإنما بالوعي بوجهات النظر المختلفة واالهتمام
بتوقعات اآلخرين ومشاعرهم.
138
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
نمو التفكير األخالقي لدى التلميذ المتمدرس بمؤسسات التعليم الثانوي بالمغرب
139
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
نمو التفكير األخالقي لدى التلميذ المتمدرس بمؤسسات التعليم الثانوي بالمغرب
ووجد كولبرج أنه ليس من الضروري أن يصل كل فرد في المجتمعات المعقدة إلى المرحلة السادسة،
ففي سن 16سنة وجد أن حوالي %20من العينة تقع في المرحلة الخامسة ،وأن %5في المرحلة
السادسة( .هدى قناوي ،عبد المعطي حسن ،1987ص.)28 .
وتتفق نتائج هذه الدراسة مع دراسة (عبد الفتاح الغامدي )2000 ،في دراسته عن نمو التفكير
األخالقي لدى عينة من الذكور السعوديين ،في سن المراهقة والرشد ما بين سن ( )13-45على عينة
بلغت 502فردا حيث كشفت نتائج هذه الدراسة منوالية المرحلة الثالثة للمراهقين ،كما عملت هذه الدراسة
على تحديد تأثير الخصوصية الثقافية في نمو التفكير األخالقي ،وذلك من خالل مقارنة نتائج الدراسة
ببعض الدراسات العالمية والعبر ثقافية الرائدة في هذا المجال.
كما بينت بعض الدراسات (بسماء آدم ،2002 ،ص )244 .وجود عالقة ارتباطية بين نمو التفكير
األخالقي والتحصيل الدراسي والمستوى االجتماعي واالقتصادي لألسرة لدى طلبة التعليم الثانوي في
مدارس مدينة دمشق الرسمية ،وأثر متغير الجنس في هذه العالقة .حيث اعتمدت الدراسة منهج التحليل
الوصفي ،وقد طبق اختبار للنمو األخالقي ومقياس المستوى االجتماعي واالقتصادي لألسرة على عينة
ضمت 546طالبا وطالبة جرى اختيارهم بطريقة عشوائية طبقية.
وأظهرت دراسة (فتيحة بن كتيلة )2017 ،أن مستوى التفكير األخالقي للمراهقين يقع في المرحلة
الرابعة من مراحل التفكير األخالقي الستة لكولبرج وهي تقابل مرحلة التمسك الصارم بالقانون والنظام
االجتماعي ،وتشير إلى مستوى متوسط من التفكير األخالقي ،كما بينت الدراسة عدم وجود فروق
إحصائية بين مستوى التفكير األخالقي ومتغير السن والجنس والمستوى الدراسي.
وقد بينت النتائج أن هناك عالقة بين النمو األخالقي وكل من متغيري التحصيل الدراسي والمستوى
االجتماعي واالقتصادي لألسرة ،ولم تتوصل النتائج إلى أن هناك أثرا لمتغير الجنس في هذه العالقة.
وتأسيسا على ما سبق يحاول هذا البحث دراسة متغير نمو التفكير األخالقي لدى التلميذ المتمدرس
بمؤسسات التعليم الثانوي وعالقته ببعض المتغيرات كالسن ،الجنس ،المستوى الدراسي والتخصص
الدراسي.
وبالتالي تتحدد مشكلة البحث في األسئلة التالية:
-1في أية مرحلة يقع مستوى نمو التفكير األخالقي لدى أفراد عينة البحث؟
-2هل توجد فروق في مستوى نمو التفكير األخالقي لدى أفراد عينة البحث تعزى إلى متغيرات
(السن ،الجنس ،المستوى الدراسي ،التخصص الدراسي)؟
فرضيات البحث
في ضوء األسئلة السابقة ونتيجة مالحظتنا العامة ،وكذلك في ضوء ما كشفت عنه قراءتنا في
الموضوع ،فإننا نطرح الفرضية الرئيسية للبحث:
-1إن التفكير األخالقي لدى أفراد عينة البحث يقابل المرحلة الثالثة (التوافق مع معايير الجماعة) من
مراحل التفكير األخالقي الستة لكولبرج.
-2توجد فروق ذات داللة إحصائية في مستوى التفكير األخالقي للمبحوثين تعزى إلى متغيرات
(السن ،الجنس ،المستوى الدراسي ،التخصص الدراسي).
140
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
نمو التفكير األخالقي لدى التلميذ المتمدرس بمؤسسات التعليم الثانوي بالمغرب
والمراد بالمعنى اإلجرائي للتفكير األخالقي في هذا البحث هو مجموع استجابات الفرد على مقياس
التفكير األخالقي ،ويتحدد عند كولبرج Kohlbergفي ستة مراحل .وتعبر تلك االستجابات عن نمط
التفكير المستخدم في حل موقف أخالقي يواجهه الفرد ،ونتبنى هذا التعريف التفاقه مع أهداف البحث.
منهج البحث
مادام أن الموضوع الذي نقوم بدراسته يتأسس حول فرضيات ونريد أن نختبرها لمعرفة مدى صحتها،
لذلك فإننا نعتقد أن المنهج المالئم لهذا البحث هو المنهج الوصفي التحليلي الذي يقتضي وصف موضوع
اإلشكالية ،وتحليلها بنا ًء على بيانات حصلنا عليها عن طريق األدوات المستعملة في البحث .فهو يتناول
تجربة واقعية ،ويعمل على اكتشاف العالقات المفترضة بين متغيرات البحث.
أداة البحث
141
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
نمو التفكير األخالقي لدى التلميذ المتمدرس بمؤسسات التعليم الثانوي بالمغرب
وبغية التحقق من فرضيات البحث والتوصل إلى إجابة مالئمة إلشكاليته ،فقد اعتمدنا جملة من
الخطوات وإجراءات اإلحصاء الوصفي واالستداللي لعرض وتحليل النتائج ،ومنها على الخصوص:
* النسبة المئوية.)%( :
* المتوسط الحسابي.
* االنحراف المعياري.
* معامل اإلرتباط "."r
* االختبار التائي .Test T de Student
*تحليل التباين ".Analysis of variance " Anova
نتائج البحث
* عرض نتائج الفرضية األولى
إن التفكير األخالقي لدى أفراد عينة البحث يقابل المرحلة الثالثة (التوافق مع معايير الجماعة) من
مراحل التفكير األخالقي الستة لكولبرج.
للتحقق من هذه الفرضية تم حساب المتوسط الحسابي والتكرارات وكذلك النسب المئوية لمراحل
التفكير األخالقي ،وهذا ما سيتم توضيحه من خالل الجداول التالية:
يبين الجدول ( )4أن المتوسط الحسابي للتفكير األخالقي ككل هو ،3,21وهو يقع ضمن المرحلة
الثالثة من مراحل التفكير األخالقي الستة لكولبرج ،وذلك بالنظر لمعيار تصحيح المقياس المشار إليه
سابقا .وتشير هذه المرحلة إلى أن التفكير األخالقي يتميز بالتوافق مع معايير الجماعة ،كما أن هذه
المرحلة تقع ضمن المستوى الثاني وهو المستوى التعاقدي conventional moralityويتميز هذا
المستوى بسيادة األعراف والتقاليد ،حيث تستند أحكام الفرد إلى توقعات العائلة والقيم التقليدية وموافقة
اآلخرين.
يبين الجدول ( )5المراحل الستة للتفكير األخالقي حسب ما جاءت به نتائج البحث ،حيث أن المرحلة
األولى (الطاعة والخوف من العقاب) وكذلك المرحلة السادسة (المبادئ األخالقية العامة) لم تكونا ضمن
إجابات التالميذ ،في حين أن النسبة المئوية للمرحلة الثانية (التوجه نحو المنفعة الشخصية) بلغ 11,5%و
بمتوسط حسابي ،2,22أما المرحلة الثالثة (التوافق مع معايير الجماعة) فقد بلغت نسبتها 59,9%وهي
نسبة عالية مقارنة بباقي النسب األخرى وبمتوسط حسابي قدر بـ ،3,01كما نجد النسبة المئوية للمرحلة
الرابعة (المحافظة على القانون والنظام) تساوي 24%كما بلغ متوسطها الحسابي ،3,74أما المرحلة
الخامسة (العقد اإلجتماعي) فقد حظيت بنسبة 4,6%وبمتوسط حسابي قدر بــ .4,79
142
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
نمو التفكير األخالقي لدى التلميذ المتمدرس بمؤسسات التعليم الثانوي بالمغرب
جدول ( :)6اختبار التباين األحادي Anova-1لداللة الفروق بين متوسطات التفكير األخالقي وأبعاده
حسب فئات األعمار
مستوى درجة 20-21 17-19 14-
قيمة F التفكير األخالقي وأبعاده
الداللة الحرية سنة سنة 16سنة
0,209 216 1,57 3,17 3,23 3,08 التفكير األخالقي اإلجمالي
0,633 216 0,45 3,80 3,48 3,48 الموقف األول
0,330 216 1,11 3,31 3,46 3,29 الموقف الثاني
0,791 216 0,23 3,31 3,06 3,13 الموقف الثالث
0,908 216 0,09 2,68 2,86 2,82 الموقف الرابع
0,562 216 0,57 3,18 3,51 2,95 الموقف الخامس
يوضح الجدول ( )6متوسطات التفكير األخالقي وأبعاده الفرعية حسب الفئات العمرية للمبحوثين،
حيث سجلت الفئة العمرية 17- 19أعلى متوسط للتفكير األخالقي اإلجمالي مقارنة مع باقي الفئات ،أما
على مستوى األبعاد الفرعية فقد سجلت الفئة العمرية 20 -21أعلى متوسط للتفكير األخالقي في البعد
المتعلق بالموقف األول ،3,80تليها الفئة العمرية 17- 19التي بلغ متوسطها الحسابي ،3,51وذلك في
البعد المرتبط بالموقف الخامس ،بعد ذلك الفئة العمرية 14-16التي بلغ متوسطها الحسابي 3,48في
الموقف األول .وقد أظهر تحليل التباين األحادي Anova-1أن الفرق في متوسطات التفكير األخالقي
وأبعاده الفرعية بين الفئات العمرية للمبحوثين لم يكن داال كما تبين ذلك قيمة " "Fالتي تجاوزت داللتها
.α=0,05مما يعني أن التفكير األخالقي وأبعاده الفرعية ال يتأثران بسن المبحوثين.
جدول ( :)7اختبار T.Studentلداللة الفروق بين متوسطات التفكير األخالقي وأبعاده حسب جنس
المبحوثين
قيمة درجة المتوسط
قيمة T الجنس التفكير األخالقي وأبعاده
الداللة الحرية الحسابي
3,18 ذكور
0,404 216 -0,08 التفكير األخالقي اإلجمالي
3,17 إناث
3,47 ذكور
0,717 216 0,63 الموقف األول
3,52 إناث
3,35 ذكور
0,398 216 0,46 الموقف الثاني
3,44 إناث
3,07 ذكور
0,703 216 0,82 الموقف الثالث
3,12 إناث
3,02 ذكور
0,036 216 -2,11 الموقف الرابع
2,67 إناث
3,43 ذكور
0,54 216 -0,60 الموقف الخامس
3,13 إناث
143
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
نمو التفكير األخالقي لدى التلميذ المتمدرس بمؤسسات التعليم الثانوي بالمغرب
يوضح الجدول ( ) 7متوسطات التفكير األخالقي وأبعاده الفرعية حسب جنس المبحوثين حيث سجل
الذكور 3,18كأعلى متوسط للتفكير األخالقي اإلجمالي مقارنة باإلناث ،3,17أما على مستوى األبعاد
الفرعية فقد سجلت اإلناث أعلى متوسط للتفكير األخالقي في البعد المتعلق بالموقف األول والثاني والثالث
في حين كان المتوسط الحسابي للذكور أعلى من اإلناث في الموقفين الرابع والخامس.
وقد أظهر الجدول أن قيمة اختبار )T.Student( Tلداللة الفروق بين مستوى التفكير األخالقي
وأبعاده حسب جنس المبحوثين ،غير دالة إحصائيا عند الحد α =0,05إال في الموقف الرابع ،T= 0,036
وهو ما يبين التأثر الجزئي لعالقة التفكير األخالقي وأبعاده بجنس المبحوثين ،وإن كان هذا التأثير لصالح
اإلناث ،ألن متوسطاتهن أعلى من متوسطات الذكور.
جدول ( :)8اختبار T.Studentلداللة الفروق بين متوسطات التفكير األخالقي وأبعاده حسب
التخصص الدراسي
درجة
قيمة الداللة قيمة T المتوسط الحسابي التخصص التفكير األخالقي وأبعاده
الحرية
3,06 علوم
0,003 216 -3 ,00
3,31 آداب التفكير األخالقي اإلجمالي
3,45 علوم
0,389 216 -011
3,55 آداب الموقف األول
3,39 علوم
0,911 216 -0,11
3,40 آداب الموقف الثاني
3,08 علوم
0,787 216 -0,27
3,12 آداب الموقف الثالث
2,78 علوم
0,420 216 -0,80
2,91 آداب الموقف الرابع
2,95 علوم
0,148 216 -1,45
3,68 آداب الموقف الخامس
يوضح الجدول ( )8متوسطات التفكير األخالقي وأبعاده الفرعية حسب التخصص الدراسي للمبحوثين
حيث سجل تالميذ الشعب األدبية 3,31كأعلى متوسط للتفكير األخالقي اإلجمالي مقارنة بتالميذ الشعب
العلمية الذين بلغ متوسطهم الحسابي ،3,06أما على مستوى األبعاد الفرعية فقد سجل األدبيون أيضا أعلى
المتوسطات وذلك في جميع األبعاد (الموقف األول ،الثاني ،الثالث ،الرابع والخامس).
وقد أظهر الجدول أن قيمة اختبار ( )T.Studentلداللة الفروق بين مستوى التفكير األخالقي وأبعاده
حسب التخصص الدراسي للمبحوثين غير دالة إحصائيا عند الحد α=0,05إال في مستوى التفكير
األخالقي اإلجمالي T= 0,003الشيء الذي يبين التأثر الجزئي لعالقة التفكير األخالقي وأبعاده
بالتخصص الدراسي للمبحوثين ،وإن كان هذا التأثير لصالح األدبيين ألن متوسطاتهم أعلى من متوسطات
العلميين.
144
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
نمو التفكير األخالقي لدى التلميذ المتمدرس بمؤسسات التعليم الثانوي بالمغرب
جدول ( :)9اختبار التباين األحادي Anova-1لداللة الفروق بين متوسطات التفكير األخالقي
وأبعاده حسب المستوى الدراسي
قيمة الداللة درجة قيمة F المتوسط التخصص الدراسي مستوى التفكير األخالقي
الحرية الحسابي
0,000 216 5,80 3,06 جذع مشترك التفكير األخالقي اإلجمالي
3,37 أولى باكلوريا
3,16 ثانية باكلوريا
0,620 216 0,47 3,45 جذع مشترك الموقف األول
3,58 أولى باكلوريا
3,49 ثانية باكلوريا
0,758 216 0,27 3,39 جذع مشترك الموقف الثاني
3,36 أولى باكلوريا
3,49 ثانية باكلوريا
0,860 216 0,15 3,08 جذع مشترك الموقف الثالث
3,08 أولى باكلوريا
3,20 ثانية باكلوريا
0,564 216 0,57 2,78 جذع مشترك الموقف الرابع
2,86 أولى باكلوريا
3,05 ثانية باكلوريا
2,95 جذع مشترك
0,050 216 3,02 3,20 أولى باكلوريا الموقف الخامس
4,78 ثانية باكلوريا
يوضح الجدول ( )9متوسطات التفكير األخالقي وأبعاده الفرعية حسب المستوى الدراسي للمبحوثين
حيث سجل المستوى الدراسي األولى باكلوريا أعلى متوسط للتفكير األخالقي اإلجمالي إذ بلغت قيمته
،3,37مقارنة مع باقي المستويات ،أما على مستوى األبعاد الفرعية فقد سجل المستوى الدراسي ثانية
باكلوريا أعلى متوسط للتفكير األخالقي في البعد المتعلق بالموقف الخامس بما قيمته ،4,78يليها مستوى
األولى باكلوريا حيث بلغ متوسطها الحسابي 3,58وذلك في البعد المرتبط بالموقف األول.
وقد أظهر تحليل التباين األحادي Anova-1أن الفرق في متوسطات التفكير األخالقي وأبعاده الفرعية
بين المستويات الدراسية للمبحوثين كان داال .كما تبين ذلك قيمة F= 0,000وذلك في مستوى التفكير
األخالقي اإلجمالي ،في حين لم تكن قيمة " "Fدالة بخصوص األبعاد الفرعية التي تجاوزت داللتها
.α=0,05
145
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
نمو التفكير األخالقي لدى التلميذ المتمدرس بمؤسسات التعليم الثانوي بالمغرب
وهكذا ،وبناء على هذه النتائج يمكن القول أن الفرضية الفرعية األولى قد تحققت ،ذلك أن مستوى
نمو التفكير األخالقي للمبحوثين يتالءم مع المرحلة الثالثة من مراحل التفكير األخالقي لكولبرج.
ويتسم الحكم األخالقي في هذه المرحلة بالتوافق الشخصي مع معايير الجماعة بهدف مسايرتها حيث
يسلك الفرد في هذه المرحلة وفقا لما يتوقع اآلخرون المهمون في حياته ،واألسباب التي تدفع الفرد إلى
السلوك األخالقي في هذه المرحلة ترجع إلى حاجته إلى أن يكون فردا طيبا من وجهة نظر اآلخرين ،وهذا
ما يفسر بعض سلوكات التلميذ المتمثلة في محافظته على القواعد وإرضاء السلطة بما في ذلك سلطة
اإلدارة المدرسية (األستاذ ،الحارس العام ،المدير )....بمعنى أن التلميذ في هذه المرحلة يتصرف حسب
أحكام ومعتقدات وتصرفات الجماعة.
وهنا تجدر اإلشارة إلى الفرق بين التفكير األخالقي والسلوك األخالقي ،بحيث ال يتفق السلوك
األخالقي للفرد مع مستوى تفكيره األخالقي ،ويمكن االستدالل على ذلك بأن التلميذ مثال يعلم أن الغش في
االمتحانات سلوك غير أخالقي ومع ذلك قد ينتهز الفرصة ليغش.
وقد وصف كولبرج هذه المرحلة "بالولد الطيب – والبنت الطيبة " كتوجه في السعي نحو القبول في
النمو األخالقي ،فالقاعدة الذهبية عامل اآلخرين كما تحب أن يعاملوك هي أساس الحكم األخالقي ،فالتالؤم
مع توقعات اآلخرين يصبح أكثر أهمية من الطيبة نفسها ،فالسلوك الجيد أو الطيب يصبح اآلن هو الذي
يسر اآلخرين أو يسعدهم ،وسيحاول الفرد التصرف للحصول على قبول اآلخرين ليس ألنه الصواب،
فالروابط التي يقيمها األفراد مع المجموعة االجتماعية التي ينتمون إليها هي التي تحدد اآلن األخالقيات،
فقد يخرق المراهقون قوانين المجتمع األكبر لكي يفوزوا بقبول الرفاق ).(Djerroud, 2012, p. 43
وتؤكد أغلب الدراسات على وقوع الشباب والمراهقين بين المرحلة الثانية (مرحلة التوجه نحو المنفعة
الشخصية) والمرحلة الرابعة (مرحلة التوجه نحو القانون أو النظام) مع ميل المراهقين للوقوع في
المرحلة الثالثة (مرحلة التوافق الشخصي مع معايير الجماعة) ،ووقوع الشباب في المرحلة الرابعة بشكل
أكبر .وفي هذا اإلطار تشير دراسة كولبرج التي أجراها على عدد من األمريكيين إلى وقوع غالبية
المراهقين في المرحلة الثالثة وميل الراشدين للوقوع في المرحلة الرابعة ،في حين أمكن لقلة منهم أن
تصل للمرحلة الخامسة (مرحلة التوجه نحو العقد االجتماعي) ونادرا ما يصل البعض للمرحلة السادسة
(مرحلة التوجه نحو المبادئ األخالقية اإلنسانية العامة).
كما تدعم نتائج الكثير من الدراسات نتائج ما توصل إليه كولبرج Kohlbergوالذي يتماشى مع ما
توصلنا إليه في هذا البحث ،حيث تؤكد مصداقية مسار النمو أو تتابع المراحل وفقا لما توصل إليه
كولبرج .كما تؤكد سيادة المرحلة الثالثة خالل فترة المراهقة ،ففي العالم الغربي وجد لند Lindفي دراسة
على عي نة من األلمان في ألمانيا الشرقية والغربية عدم وجود فروق بين المجموعتين وانسجام النتائج مع
ما توصل إليه كولبرج .كما توصل فازوديف (1984) Vasudevفي دراستها على عينة هندية بين سن
11و 23سنة لنتائج متقاربة ،حيث وجد أن األفراد إجماال يقعون بين المرحلة الثانية والثالثة
).(Kohlberg, 1984
* نمو التفكير األخالقي وبعض خصائص أفراد عينة البحث (السن ،الجنس ،المستوى الدراسي،
التخصص الدراسي)
146
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
نمو التفكير األخالقي لدى التلميذ المتمدرس بمؤسسات التعليم الثانوي بالمغرب
* وجود تأثير جزئي لعالقة التفكير األخالقي وأبعاده بجنس المبحوثين ،وذلك لصالح اإلناث أي أن
اإلناث لديهم نمو في التفكير األخالقي أكثر من الذكور.
* يوجد تأثير جزئي لعالقة التفكير األخالقي وأبعاده بالتخصص الدراسي للمبحوثين ،وإن كان هذا
التأثير لصالح األدبيين ألن متوسطاتهم أكبر من متوسطات العلميين.
* توجد فروق في نمو التفكير األخالقي تبعا لمتغير التخصص الدراسي ،وذلك لصالح أولى باكلوريا،
مما يعني أن التفكير األخالقي اإلجمالي يتأثر بالمستوى الدراسي ألفراد عينة البحث.
وهكذا وبناء على هذه النتائج يمكن القول أن الفرضية الفرعية الثالثة لم تتحقق إال جزئيا ،حيث ال
يتأثر نمو التفكير األخالقي بسن المبحوثين ،في حين هناك تأثير جزئي لعالقة نمو التفكير األخالقي
ببعض المتغيرات ،كالجنس ،المستوى الدراسي ،والتخصص الدراسي.
147
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
نمو التفكير األخالقي لدى التلميذ المتمدرس بمؤسسات التعليم الثانوي بالمغرب
أما عن عالقة نمو التفكير األخالقي بمتغير التخصص الدراسي ،فقد كانت الفروق لصالح الشعبة
األدبية ألن متوسط التالميذ الذي بلغ 3,31أكبر من متوسط العلميين الذي بلغ .3,06
ويمكن عزو هذه النتيجة إلى أن التالميذ ذوي التخصصات األدبية ،تتيح لهم دراساتهم اإلنسانية
والتربوية الفرصة إلجراء المناقشات األخالقية ،وكذلك مناقشة القضايا والمواقف والمشاكل االجتماعية،
واقتراح الحلول لها ،والبدائل الممكنة ،وهذا يسهم في تطوير مستوى النمو األخالقي لديهم .كما أن
التخصصا ت األدبية وما تحتويها من مواد دراسية تجعل التلميذ في تواصل مستمر مع موضوعات
األخالق والقيم واألدب والتربية والنظم االجتماعية عكس التخصصات العلمية .وبالتالي فإن مستوى نمو
التفكير األخالقي يتأثر بالتخصص الدراسي.
-نمو التفكير األخالقي ومتغير المستوى الدراسي
يتبين أن قيمة اختبار ( )Anova-1لداللة الفروق بين متوسطات التفكير األخالقي حسب المستوى
الدراسي للمبحوثين ،هي دالة إحصائيا عند الحد ،0,05مما يعني أن مستوى التفكير األخالقي يتأثر
بالمستوى الدراسي للمبحوثين ،ويظهر ذلك بشكل جلي لدى مستوى أولى باكلوريا حيث أن متوسطهم
الحسابي الذي قدر بـ 3,37أكبر من المتوسط الحسابي للجذع المشترك الذي بلغ ،3,06وكذلك من
متوسط ثانية باكلوريا . 3,16ويمكن تفسير هذه النتيجة باعتبار أن نمو التفكير األخالقي يتميز بالتتابع
وذلك حسب المراحل العمرية لألفراد.
خالصة
يرنو هذا البحث إلى الكشف عن مستوى نمو التفكير األخالقي لدى تالميذ التعليم الثانوي ،وبعد صياغة
فرضيات البحث واختبارها باالعتماد على األساليب اإلحصائية المناسبة ،وانطالقا من النتائج المحصل
عليها وعرضها وتفسيرها استنادا إلى التراث النظري والدراسات السالفة الذكر ،أصبحنا نمتلك بعض
اإل جابات عن األسئلة والفرضيات التي انطلقنا منها في هذا البحث ،الشيء الذي سيمكننا من صياغة
استنتاج عام يمكن إجماله فيما يلي:
* يتالءم مستوى نمو التفكير األخالقي لدى أفراد عينة البحث مع المرحلة الثالثة (التوافق مع معايير
الجماعة) من مراحل التفكير األخالقي الستة لكولبرج.
* ال توجد فروق في نمو التفكير األخالقي تبعا لمتغير الفئات العمرية ،مما يعني أن التفكير األخالقي
وأبعاده الفرعية ال تتأثر بسن المبحوثين.
* في حين بينت نتائج البحث وجود تأثير جزئي لعالقة التفكير األخالقي وأبعاده بجنس المبحوثين،
وهذا لصالح اإلناث أي أن اإلناث لديهم نمو في التفكير األخالقي أكثر من الذكور.
* اتضح أيضا من خالل نتائج البحث التأثير الجزئي لعالقة التفكير األخالقي وأبعاده بالتخصص
الدراسي للمبحوثين ،وإن كان هذا التأثير لصالح األدبيين ألن متوسطاتهم أكبر من متوسطات العلميين.
* توجد فروق في نمو التفكير األخالقي تبعا لمتغير المستوى الدراسي ،وذلك لصالح أولى باكلوريا،
مما يعني أن التفكير األخالقي اإلجمالي يتأثر بالمستوى الدراسي ألفراد عينة البحث.
توصيات
بعد عرض النتائج وتفسيرها ومناقشتها بناء على التراث النظري والدراسات السابقة ،نحاول في هذا
الفصل الحديث عن بعض المقترحات حول آفاق االستفادة من هذا البحث وعرضها للتناول العلمي
والمعرفي ،كدعوة لتدقيق النظر والبحث التجريبي .وتتلخص آفاق االستفادة من هذا البحث في بعض
النقاط:
* ضرورة االهتمام بالتربية األخالقية.
* إنجاز دراسات حول نمو التفكير األخالقي لدى فئات أخرى (طلبة الجامعة ،األطفال في وضعية
صعبة ،الجانحين .)....
* ضرورة العمل على تقنين االختبارات األساسية في نمو التفكير األخالقي على البيئة المغربية.
148
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
نمو التفكير األخالقي لدى التلميذ المتمدرس بمؤسسات التعليم الثانوي بالمغرب
* العمل على إجراء دراسات عبر-ثقافية لتحديد نمو التفكير األخالقي في ظل وجود عينات من ثقافات
مختلفة في المغرب.
* العمل على دراسة أثر بعض المتغيرات كالسن ،الجنس والتعليم على طبيعة مسارات مراحل التفكير
األخالقي خالل مراحل العمر المختلفة.
149
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
نمو التفكير األخالقي لدى التلميذ المتمدرس بمؤسسات التعليم الثانوي بالمغرب
المراجع
آدم ،بسماء ( :)2002النمو األخالقي وعالقته بالتحصيل الدراسي والمستوى اإلجتماعي واإلقتصادي لألسرة .مجلة
جامعة دمشق للعلوم التربوية .المجلد ،33العدد ،1صص.236 -199 .
العيسيوي ،عبد الرحمن ). (1997علم نفس النمو .مصر :دار المعرفة الجامعية.
الغامدي ،عبد الفتاح ( .) 2000نمو التفكير األخالقي لدى عينة من الذكور السعوديين في سن المراهقة والرشد .دورية
كلية التربية .المجلد ،22العدد ، 4صص289 - 245 .
فوقيه ،عبد الفتاح ( .)2001مقياس التفكير األخالقي .القاهرة :مكتبة األنجلو المصرية.
فتيحة ،بن كتيلة .)2017( .التفكير األخالقي لدى المراهقين المتمدرسين بالمرحلة الثانوية .مجلة العلوم اإلنسانية
واإلجتماعية .العدد ،29صص .238-225 .الجزائر.
قناوي ،هدى ،وعبد المعطي ،حسن ). (1987علم نفس النمو األسس والنظريات( ،الجزء األول) القاهرة :دار قباء
للطباعة والنشر والتوزيع.
الكحلوت ،عماد ) . (2004دراسة لبعض المتغيرات اإلنفعالية واإلجتماعية وعالقتها بمستوى النضج الخلقي لدى
المراهقين .غزة :كلية التربية .جامعة األزهر.
محمد ،عادل عبد هللا ) .(1991اتجاهات نظرية في سيكولوجية نمو الطفل والمراهق .القاهرة :مكتبة األنجلو المصرية.
ميسون ،عبد القادر ( .)2006التفكير األخالقي وعالقته بالمسؤولية اإلجتماعية وبعض المتغيرات لدى طلبة الجامعة.
غزة :الجامعة اإلسالمية.
- Belagacem, D. (2009). Le dévloppement moral "l'enfant ne nait ni Bon ni mauvais". Les
cahiers dynamiques, 45, pp. 29 - 33.
- Djerroud, N. (2012). Les émotions et la théorie de Kohlberg: une autre façan d'étudier le
jugement moral. Montéreal: Université du Québec.
- Lehalle, H, & ARis, C. (2004). Dévloppement socio- Cognitif et jugement moral.
L’orientation scolaire et professionnel, pp. 289-314.
- Maryniak, L. (1992). Développement moral et apprentissage. Revue de recherches en
éducation, pp. 47-58.
- Nurok, V. (2004). L'enfance morale: développement moral et éducation morale. Revue
Philosophique de Louvain. Tome 105, 1-2, pp. 132-160
- Kohlberg, L. (1984). Essay on moral devlelopment. The philosophie of moral, pp. 93-120.
- Rainvelle, M. (1978). Manuel pratique de formation à l’approche de Kohlberg. Québec:
Université du Québec.
- Villetorte, F. (2007). "L'hétéronomie, une porte d'accès au désir et à l'autonomie". Le
journal des psychologues, 247, pp. 51-53.
150
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
مقاربة تحليلية نقدية:اتجاهات نظرية في التربية على القيم
محمد لهبوب
mr.lahboub@gmail.com
المغرب-كلية علوم التربية؛ جامعة محمد الخامس بالرباط
ملخص
يتناول هذا المقال بالتحليل والنقد ثالثة اتجاهات نظرية حول مسألة التربية على القيم (االتجاه التربوي
االتجاه التربوي التوفيقي)؛ ويقاربها من حيث،العصري- االتجاه التربوي الحداثي،الماضوي-التقليدي
ذلك أنه بالرغم، ويحاول كشف حدودها وجوانب قصورها، ومن حيث مبادئها وقيمها،أسسها ومرتكزاتها
مما يمكن أن يظهر عليه أي اتجاه من اتجاهات التربية على القيم؛ من قوة في األسس وانسجام في المبادئ
وبالرغم مما يمكن أن يعكسه أي واحد منها من استجابة لتحديات الواقع االجتماعي والسياسي،والقيم
والتربوي؛ إال أن لكل اتجاه من هذه االتجاهات حدودا يقف عندها وجوانب ضعف وقصور؛ مردها
التي تميز المجتمعات البشرية المعاصرة في تعدد مرجعياتها وتنوع،للطبيعة المعقدة والمركبة والدينامية
.ثقافاتها واختالف قيمها ورهاناتها
. التربية؛ القيم؛ االتجاهات النظرية:الكلمات المفتاحية
Theoretical currents in values building education: Analytical-critical approach
Mohammed Lahboub
mr.lahboub@gmail.com
Faculty of Education Sciences; Mohammed V University, Rabat- Morocco
Abstract
This article analyses and criticizes three theoretical currents dealing with
values-building education: the traditionalist current, the modernist current and
the Syncretism one. In this respect, the present article investigates their
foundations. Also their values as well as their principles. It also tries to reveal
their limitations and inabilities. In fact, there is no theoretical current in values
building education, despite its foundations strength and its principles
coherence, which has no limitations and inabilities, no matter how it responds
to the challenges of educational, political and social reality. These limitations
and inabilities are essentially due to the dynamic and complex nature of
contemporary human societies especially their references based on pluralism,
cultural diversity, and challenges of values differences.
Keywords: education; values; theoretical courants.
151
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
اتجاهات نظرية في التربية على القيم :مقاربة تحليلية نقدية
مقدمة
قد يبدو للوهلة األولى أن مفهوم التربية ومفهوم القيم مفهومان متباعدان ومستقالن ،إال أنهما في حقيقة
األمر مترابطان ومتداخالن (ربيع ،2005 ،ص)241 .؛ حيث أن استحضار أحدهما يستلزم بشكل مباشر
استحضار اآلخر ،وال يمكن ألي منهما استيفاء ماهيته الداللية والوظيفية إال في ظل وجود اآلخر ،ذلك أن
التربية هي الوسيلة األساسية والمركزية لنقل القيم وترسيخها ،والقيم هي مضمون التربية وغايتها ،بل
أكثر من هذا ،كل واحد منهما يتضمن اآلخر لدرجة يتعذر معها أي فصل أو انفصال ،إنهما على قدر كبير
من التكامل والت داخل الوثيق ،على نحو يبدو فيه كل واحد منهما على أنه المدخل األمثل لآلخر .فال تربية
بدون قيم وال قيم بدون تربية؛ إنهما وجهان لعملة واحدة ،وأي محاولة للفصل بينهما سيجعل التربية جوفاء
وفارغة ،وسيجعل القيم صورية وعمياء.
يمكن االستدالل على العالقة العضوية بين التربية والقيم ،بما قاله أوليفيي ريبول " :O.Reboulال
وجود للتربية بدون قيم ،وحتى إن اختزلنا التربية في التعليم المدرسي ،فإننا نتعلم القيم في المدرسة ،وإال،
أي معنى للتعلم إن لم يكن انتقال من حالة إلى حالة مرغوبة؟ والتعلم هو التحرر من الجهل والاليقين ومن
سوء الفعل وغياب الكفاءة...إنه بلوغ األفضل على مستوى الفعل والفهم والكينونة ،ومن يقول »األفضل«
يقول القيم" ( ،1992 ،Reboulص .)1 .وكذلك األمر بالنسبة لتعريف بياجي Piagetللتربية ،والذي
يعكس ذلك التداخل الصميمي بين التربية والقيم؛ إذ يقول بصريح العبارة أن التربية هي ":العامل الحاسم
ليس فقط من أجل إعادة البناء ،بل من أجل بناء العقل والوظائف الفكرية أو ببناء وعي أخالقي ...وتنمية
الشخصية اإلنسانية وترسيخ احترام حقوق اإلنسان والحريات األساسية ...وإعطاء األولوية لقيم التفاهم
والتسامح والصداقة بين األمم وبين كل الجماعات العرقية والدينية من أجل حفظ السالم" (،Piaget
،1988صص.)105-104 .
على هذا األساس فإن المدرسة -باعتبارها مؤسسة اجتماعية تمارس تربية قصدية ومنظمة وموجهة
بضوابط وأطر مرجعية محددة – ال تضطلع فقط بمهام إكساب المتعلمين معارف وكفايات ،بل أيضا
بمهمة نقل القيم وتربيتهم عليها ،قصد بناء شخصيتهم بناء متكامال ومتوازنا؛ وجدانيا ومعرفيا وسلوكيا،
إال أن هذه المهمة ليست بالمهمة اليسيرة ،خاصة في ظل تعدد واختالف االتجاهات والمرجعيات الموجهة
للقيم بالمدرسة؛ ذلك أن هذه األخيرة ال تنفصل بشكل مطلق عن المجتمع وثقافته ومعاييره وتحدياته
الداخلية والخارجية وصراعاته اإليديولوجية وتدافعاته القيمية ،مما يجعل القيم داخل المدرسة صدى
مباشرا أو غير مباشر لدينامية التجاذبات القيمية داخل المجتمع.
وبما أن المجتمعات البشرية تختلف من حيث ثقافاتها ومرجعياتها ونظمها السياسية واالقتصادية
واالجتماع ية وطبيعة صراعاتها ...فإنها تختلف أيضا من حيث االتجاهات التي تتبناها إزاء القيم المراد
تربية المتعلمين عليها من داخل المدرسة .وهذا ما يمكن أن يفسر اختالف األنظمة التربوية بصدد
مواصفات وقيم ونوع اإلنسان المراد بناؤه ( ،1977 ،D'hainautصص ،)47-46 .واختالف الخطابات
التربوية للمنظرين والباحثين والمتخصصين في مجال التربية على القيم؛ بين من ينتصر لقيم وطنية
ومحلية ،ومن يدافع عن قيم كونية عالمية ،ومن يتبنى قيما تقليدية ماضوية ومن ينتصر لقيم حداثية
عصرية ،ومن يحاول التوفيق بين القيم الوطنية والقيم العالمية ،بين القيم التقليدية والقيم الحداثية ،بين
الخصوصي والكوني ،كل حسب مرجعياته وتوجهاته ...وخلفياته الفكرية.
في ظل دينامية المجتمعات ورهاناتها الداخلية وتحدياتها الخارجية ،واختالف أنظمتها وبنياتها الثقافية
والقيمية ،وفي ظل تعدد الخطابات التربوية واختالفها؛ تتعدد وتختلف مرجعيات واتجاهات األنظمة
التعليمية إزاء القيم ،لكن وبالرغم من تعددها واختالفها؛ إال أن دوالندشير De landsheereيرى "أن
جميع األنظمة التربوية كيفما كان نوعها ال يمكن أن تحيد عن ثالثة افتراضات ممكنة ،وذلك حسب تأثرها
بنوعية الثقافات التي تحتضنها ،وهي حسب قوله :ثقافة استاتيكية ،وثقافة ديناميكية ،وثقافة ذات منطق
مزدوج" (الراشدي ،2008 ،صص .)35-34 .وبما أن الثقافة تشمل القيم وترتبط باألنظمة التربوية ،فإن
هذا التمييز يعكس في جوهره ثالثة اتجاهات مركزية للتربية على القيم وهي :االتجاه التقليدي الماضوي
( ،1992 ،Reboulص ،)4 .واالتجاه الحداثي العصري ( ،1992 ،Reboulصص ،)8-4 .واالتجاه
152
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
اتجاهات نظرية في التربية على القيم :مقاربة تحليلية نقدية
التوفيقي (الجابري،1973 ،صص( )69-51 .جنجار ،2011 ،صص( )18-17-16 .أحرشاو،2017 ،
صص.)59-56 .
-1االتجاه التربوي التقليدي الماضوي
إذا كانت المدرسة مجاال خصبا للتعلم واالكتساب ،فإنها أيضا مجال للتربية على القيم ،وبما أنها
مؤسسة اجتماعية ،فإنها ال تنفصل أيضا وبشكل نهائي عن المجتمع وثقافته ومعاييره وقيمه ،خاصة في
المجتمعات ذات الثقافة المنغلقة ،حيث تنزع المدرسة في هذا النوع من المجتمعات إلى تبني مرجعية ذات
اتجاه تقليدي ماضوي ،تؤطر فعلها التربوي والبيداغوجي؛ سواء على مستوى األسس والمنطلقات ،أو
على مستوى اآلليات والوسائل ،أو على مستوى المحتويات والمضامين ،أو على مستوى المبادئ والقيم،
وذلك بهدف بناء شخصية المتعلمين؛ وجدانيا ومعرفيا وسلوكيا ،وفقا لثقافة المجتمع ومعاييره وقيمه ،إذن
ما داللة مفهوم االتجاه الت قليدي الماضوي؟ وماهي األسس والمنطلقات التي يقوم عليها؟ وما طبيعة القيم
التي يتبناها؟ وما هي حدوده واالنتقادات الموجهة إليه؟
153
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
اتجاهات نظرية في التربية على القيم :مقاربة تحليلية نقدية
والتنشئة االجتماعية بشكل عام ،أ وعن طريق المدرسة بشكل خاص ،حيث يتم نقله عبرها بشكل ميكانيكي
وباعتباره غاية في ذاته.
-ينبني االتجاه التربوي التقليدي الماضوي على العودة إلى الماضي وإعادة إحياءه وبعثه في الحاضر
والحفاظ عليه ،اعتمادا على آليات النقل Transmissionوالدمج Inclusionوإعادة اإلنتاج
1Reproductionبشكل آلي لمختلف مكوناته وبنياته وقيمه لدى الناشئة ،مع الحرص على تكريسها
وترسيخها لديهم وجدانيا ومعرفيا وسلوكيا ،وعلى هذا األساس تتخذ المدرسة مع هذا االتجاه طابع جهاز
إيديولوجي يعيد إنتاج نفس المنظومة التقليدية الماضوية ،تُقاوم كل أشكال التجديد ومحاوالت التغيير
باعتبارها تهديدا للهوية األصلية وللذاكرة التاريخية ،مما يجعل المنطق الزمني لهذا االتجاه منطق دائري
منغلق ينطلق من الماضي ويعيد إنتاجه وينتهي إليه في الحاضر والمستقبل.
-ينبني االتجاه التربوي التقليدي على تصور خاص لما يسمى بالمثلث البيداغوجي triangle
" pédagogiqueالمعرفة ،المعلم ،التلميذ" ،إذ يتميز كل عنصر من عناصره الثالثة بجملة من
الخصائص والمميزات يمكن تحديدها فيما يلي:
-1المعرفة :ترتبط في هذا االتجاه بالموروث الثقافي التقليدي ،وبالمعارف الماضوية وثوابثها
وتصوراتها الجاهزة ،وتحاط بهالة من التقدير والتبجيل ،وتتمتع بنوع من السلطة الرمزية التي تبررها إما
بامتدادها التاريخي في الماضي أو بهيمنة اإليديولوجيا االجتماعية الداعمة لها في الحاضر ،وتقدم على
أنها معارف ثابتة ومطلقة أو شبه ذلك ،مما يجعلها معرفة تتحفظ عن أي نقد أو تشكيك ،ال تراهن سوى
على نوع من النقل الميكانيكي الذي ال يقبل من المعارف الجديدة سوى ما يتوافق ويتطابق مع عناصر
وجوهر المعرفة التقليدية األصلية ،وتقاوم كل ما هو مناقض لها ومختلف عنها .وتراهن المعرفة التقليدية
الماضوية باعتبارها غاية في ذاتها؛ على خلق "األثر" أو"االنطباع" أو"البصمة" لدى التالميذ عبر
وساطة المدرس ( ،1988 ،Notص.)23 .
-2المعلم :نتحدث في االتجاه التربوي التقليدي عن المعلم ،maîtreعوض المدرس ،enseignant
لكونه يتمتع -أي المعلم -في هذا االتجاه بسلطة مالك المعرفة ومصدرها وأمين سرها (،1992،Reboul
ص .)23 .وهي سلطة ي ستمدها من سلطة المتن المعرفي الذي يختزنه وينقله بشكل عمودي للتالميذ؛ إذ
يضطلع بمهام المحافظة عليه ونقله وتلقينه لهم ( ،1974 ،Fillouxصص ،)26-25 .مما يجعله في مركز
العملية التربوية والتعليمية ،ويستأثر بخطاب المعرفة ويهيمن عليه ويوجهه ويقومه (،1974،Fillouxص.
، )73ويحرص على مقاومة كل ما من شأنه المساس بجوهر الموروث التقليدي ومبادئه وكل جديد
يناقضه أو يهدد أصالته ،ويراهن على المحافظة على التقليد الماضوي وترسيخه وطبع التالميذ عليه بشكل
آلي ( ،1985 ،Baiettoص.)47 .
-3التلميذ :نتحدث في االتجاه التربوي التقليدي عن التلميذ élèveعوض المتعلم ،apprenantألن
التلميذ غالبا ما ينظر له من داخل هذا االتجاه على أنه مجرد صفحة بيضاء ،وفي أحسن الحاالت ينظر له
باعتباره رمزا للعجز وللقصور الذاتي ( ،1991 ،Boederieص ،)40 .ومعرضا للتضليل أو التشويش
من قبل اتجاهات إيديولوجية دخيلة تهدد هويته األصلية ،لهذا ينبغي -في نظر هذا االتجاه -تحصينه
وجدانيا ومعرفيا وقيميا ،عن طريق تلقينه وحشوه بمعرفة جاهزة وجعله أمام نماذج مثالية للقيم والسلوك،
ذلك أنه ال ينظر له في المنظومة التقليدية باعتباره مركزا وغاية للعملية التربوية والتعليمية ،بل باعتباره
وسيلة ومستقبال سلبيا يخضع لسلطة المعرفة وسلطة المدرس ويمتثل لهما ( ،1992 ،Reboulص2)9 .؛
-1يرتبط مفهوم "إعادة اإلنتاج" بتحليالت ومواقف االتجاهات الماركسية التي تعتبر أن المدرسة مؤسسة إيديولوجية تعمل على نقل المعارف
والتمثالت والقيم -ذات األصول االجتماعية -إلى المتعلمين؛ إذ تعمل عبر مختلف آلياتها ووسائلها على تمريرها وترسيخها لديهم .ويمكن في هذا
اإلطار اإلحالة ،على سبيل المثال ال الحصر ،على أعمال بورديو وباسرون ( ،(Boudieu & Passeron, 1970, 1985وألتوسير ( Althssuer,
.)1976
-2في حديثه عن مفهوم التربية الجديدة L’éducation nouvelleانتقد أوليفيي ريبول O.reboulالتربية التقليدية؛ وأشار إلى أن هذه األخيرة
تفرض على التل ميذ أهدافا بعيدة المدى ال تراعي حاجاته الخاصة ،وتجعل منه مجرد مستمع ومقلد ومستقبل سلبي.
154
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
اتجاهات نظرية في التربية على القيم :مقاربة تحليلية نقدية
بحيث من غير المقبول أن يعبر عن أية مقاومة نقدية أو معرفية ،لما فيها من تهديد لقيمة السلطة التي
يمثلها كل من المدرس والمعرفة داخل الثقافة االجتماعية ( ،1986 ،Snydersصص.)218-217 .
155
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
اتجاهات نظرية في التربية على القيم :مقاربة تحليلية نقدية
التغير ،بل عملت على مواجهتها والتصدي لها بصرامة ،خاصة تلك المتعلقة بالنزعات النقدية والتشكيكية
المعارضة للقيم المعرفية واألخالقية المسيحية.
ظلت القيم الدينية المسيحية مهيمنة على الفضاءات التربوية والتعليمية؛ خاصة األديرة والمدارس
الكاتدرائية التي أسستها الكنيسة الكاثوليكية ،والتي عرفت بمواجهاتها ومقاومتها الشرسة لقيم العلم
والمعارف الجديدة وتحديدا تلك المناقضة للتعاليم المسيحية؛ حيث فرضت نوعا من الرقابة على كل ما
يخالف مبادئها وقيمها ومعارفها؛ رقابة جسدتها محاكم التفتيش الكاثوليكية ،ويمكن أن نستحضر هنا ما
واجهه كل من نيكوال كوبيرنيك Nicolas Copirnicوغاليليو غاليلي Galileo Caloleiمن منع
ومحاصرة ومحاكمة من طرف رجال الدين حول تصورهما الكسمولوجي الجديد ،الذي يقول بمركزية
الشمس ودوران األرض ،عوض التصور الكنسي -األرسطي القديم الذي يقول بمركزية األرض وثباتها
(مينوا ،2005 ،صص.)168-167-166 .
156
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
اتجاهات نظرية في التربية على القيم :مقاربة تحليلية نقدية
اإلسالمي؛ إذ منذ صدور اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان سنة 1948م ،توالت أصوات التحفظ عنه
ورفضه عبر العديد من االتفاقيات واإلعالنات اإلسالمية لحقوق اإلنسان (زيادة ،2000 ،صص-178 .
، )179والتي أنجزت من طرف منظمات حكومية :كإعالن القاهرة حول حقوق اإلنسان في اإلسالم سنة
1990م ،وأخرى غير حكومية :كإعالن حقوق اإلنسان وواجباته في اإلسالم الصادر عن رابطة العالم
اإلسالمي سنة 1979م ،ومشروع حقوق اإلنسان في اإلسالم الصادر بطهران سنة ،1989والبيان
اإلسالمي العالمي لحقوق اإلنسان المعلن عنه في مقر اليونسكو بباريس سنة 1981م ،3...وكلها تعتبر أن
اإلسالم -منذ أربعة عشر قرنا -شرع حقوق اإلنسان في كليتها وشموليتها.
هذا باإلضافة إلى أن االتجاه التقليدي اإلسالمي غالبا ما يرفض مبادئ العلمانية وقيمها ،إذ يعتبرها قيما
دخيلة ،منافية لقيم القرآن ومبادئ السنة ،بل قد يَنظر إليها على أنها تهدد المرجعية اإلسالمية ،أو على أنها
مؤامرة ضد مبادئ وأخالق المجتمعات اإلسالمية وهويتها ،وفي هذا اإلطار يقول بول ريكور Paul
" Ricoeurأن االتجاه اإلسالمي التقليدي ال ينظر للعلمانية إال بوصفها فكرة مجنونة صادرة عن دين
محرف (المسيحية)...وفكرة أن قوانين الدولة أسمى من قوانين الدين ،فهي فكرة تقع خارج خارطته
اإلدراكية" (ريكور ،2011 ،ص.)11 .
بناء على ما سبق ،يمكن القول أن الرؤية التي ينطلق منها االتجاه التربوي اإلسالمي إزاء القيم؛ هي
التربية على القيم الدينية ،وفق مرجعية اإلسالم والمتمثلة في الكتاب والسنة ،والغاية التي ينشدها هي إنتاج
أفراد متشبعين ومتشبثين بقيم ومبادئ الدين اإلسالمي كما تنص عليها مصادر التشريع اإلسالمية.
-3هناك دراسة قيمة لعدد من اإلعالنات والبيانات اإلسالمية لحقوق اإلنسان ،يمكن الرجوع إليها في المرجع التالي:
- Ann Elizabeth Mayer, Islam and Human Right, Tradition and politics, London, 1991.
157
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
اتجاهات نظرية في التربية على القيم :مقاربة تحليلية نقدية
ضحية تشويه وتحريف من قبل مرجعيات مخالفة ،في كلتا الحالتين فهم مجرد وسائل؛ يخضعون لسلطة
المعرفة ولسلطة المدرس ،وهذا يتنافى مع البيداغوجيات الحديثة التي تعتبر المتعلم ذاتا فاعلة ومتفاعلة،
ومركز وغاية العملية التعليمية التعلمية.
بناء على ما سبق يمكن مساءلة االتجاه التقليدي الماضوي حول ما إذا كان من الممكن للمدرسة تبني
قيما تقليدية وماضوية ،خاصة تلك التي يعتبرها هذا االتجاه قيما ثابتة ومطلقة ،السيما في ظل المجتمعات
المعاصرة المتعددة ثقافيا ودينيا وقيميا ( ، 4)2017 ،Bureau of Democracyألن يجعل هذا من
المدرسة مجاال لإلقصاء والتمييز ضد من ينتمون لمرجعيات ثقافية وقيمية مختلفة حتى ولو كانوا أقلية؟ أال
يمكن أن يقود هذا االتجاه إلى نوع من الصراع والتضارب القيمي داخل المدرسة ،من حيث أن كل
مرجعية دينية تعتبر قيمها قيما مطلقة ومقدسة؟ أال يتنافى االتجاه التقليدي الماضوي للقيم مع حياد المدرسة
الحديثة ومع مبادئ الحرية والمساواة والديمقراطية؟
-2االتجاه التربوي الحداثي العصري
يرتبط االتجاه الحداثي العصري بما عرفته المجتمعات الحديثة ،عبر سيرورة تغيرها ،من تطورات
على مستوى بنياتها السياسية واالقتصادية واالجتماعية والمعرفية والتقنية والثقافية والقيمية .وهو تطور
انعكس على مختلف التصورات والمواقف النظرية تجاه اإلنسان والواقع بشكل عام ،وتجاه التربية والتعليم
والقيم بشكل خاص؛ إذ لم تستثن المدرسة من هذا التطور ،بل عرفت بدورها تغيرات كبيرة على مستوى
آلياتها ووظائفها ومناهجها ومعارفها وقيمها ،بل غيرت من نظرتها أيضا لكل من المتعلم والمدرس
وللمحتويات المدرسية التي تنقلها .في ظل هذه التغيرات بدأت مبادئ وقيم المدرسة الحديثة تقوض
وتتجاوز مبادئ وقيم المدرسة التقليدية ،وبدأت معالم االتجاه الحداثي العصري للتربية والقيم تتشكل وتنمو
على أنقاض االتجاه التقليدي الماضوي .إذن ما داللة مفهوم االتجاه الحداثي العصري؟ وما هي المنطلقات
واألسس التي ينبني عليها؟ وما طبيعة القيم التي يرتكز عليها؟ وما هي حدود هذا االتجاه واالنتقادات
الموجهة إليه؟
- United States Department of State: Bureau of Democracy, Human Rights, and Labor / International Religious 4
Freedom Report for 2017 :
يعيش في المغرب ،إلى جانب األغلبية من المسلمين السنّة ،طوائف ومذاهب دينية أخرى ،كالمسلمين الشيعة ،واليهود ،والمسيحيين ،واألحمديين،
والبهائيين ،والالدينيين ،حيث أكد التقرير السنوي لوزارة الخارجية األميركية حول الحريات الدينية خالل عام 2017م ،أنّ في المغرب زهاء 4
آالف يهودي 2500 ،منهم يقيمون في مدينة الدار البيضاء ،كما قدّر عدد الشيعة بعشرات اآلالف متمركزون في الشمال ،وأشار التقرير األمريكي
أيضا إلى أنّ عدد أتباع الديانة البهائية في المغرب حوالى 400-350موزعون في كل أنحاء البالد ،وحدد ما عدده 50000مسيحي في البالد؛
كاثوليك وبروتستانت ،يعيشون في مختلف مدن وأقاليم المغرب ،في حين قدر عدد المنتمين للطائفة األحمدية في 600فرد .وتجدر اإلشارة إلى أن
هذه األعداد الواردة في هذا التقرير في تزايد مستمر بالمقارنة مع تقارير السنوات السابقة ،رغم سياسة التضييق والمنع التي تنهجها الدولة المغربية
(ال تعترف بشكل واضح في دستورها لسنة 2011بحرية المعتقد) إزاء األقليات الدينية ،التي تتكتم عن اختياراتها الدينية خوفا من القوانين الزجرية
للدولة ومن العنف الرمزي والمادي للمجتمع.
يمكن العودة إلى هذا التقرير في الموقع الرسمي لوزارة الخارجية األمريكية:
http://www.state.gov/j/drl/rls/irf/religiousfreedom/index.htm?year=2017&dlid=280998
15-02-2019. :Accessed
https://www.state.gov/documents/organization/281242.pdf
Accessed: 15-02-2019.
-5نعني هنا االكتشافات الجغرافية التي انطلقت في النصف الثاني من القرن الخامس عشر ،والتي قادها كل من اإلسبان والبرتغاليين للقارة
األمريكية ،ونقلهم لخيراتها خاصة الذهب والفضة ،مما أثر إيجابا على الدينامية االقتصادية والتجارية ألوروبا ،وعلى ثقة اإلنسان األوروبي وثفاؤله
بإمكاناته وقدراته ،وعلى نظرته للعالم والطبيعة؛ فبعدما كان يعتبرهما ثابتين ومتناهيين تحت تأتير ثقافة الكنيسة ،تغيرت نظرته لهما ولموقعه داخل
نظام الطبيعة والمجتمع.
158
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
اتجاهات نظرية في التربية على القيم :مقاربة تحليلية نقدية
لعصر النهضة ،6وانتشار النزعة اإلنسية Humanismeبفضل اكتشاف الطباعة ،7ناهيك عن حركة
اإلصالح الديني واالكتشافات العلمية والتقنية ،8باإلضافة إلى إنتاجات الفلسفات األنوارية...وما ترتب عن
كل هذا من رؤية جديدة للعالم واإلنسان والقيم ،مخالفة للرؤية التقليدية التي كرسها االتجاه الالهوتي
لرجال الدين.
يحيل االتجاه الحداثي العصري على الحداثة modernitéكمنظومة من المعارف واألفكار والتقنيات
والقيم المخالفة لكل ماهو قديم وتقليدي ،وعلى نقد للمرجعيات والثوابت الماضوية ومحاولة إحداث قطيعة
معها ،عبر خلخلة بنياتها وأطرها المعرفية واألخالقية والحضارية ،إنه اتجاه نقدي للموروث التقليدي
الماضوي ،وتجسيد لمحاولة االنفصال عنه ،والتحرر من سلطة الوصاية والتبعية للبديهيات الوثوقية
واالعتقادات الجاهزة ،التي كرستها هيمنة االتجاهات الالهوتية والخطابات الدوغمائية لرجال الدين.
يتحدد االتجاه الحداثي العصري بارتباطه بتحديات الحاضر واستشراف المستقبل ،وفقا لمنطق التقدم
والتطور ،وما يستلزمه ذلك من خلق وإبداع وتحرر ،ورفض لألنساق المغلقة والدوغمائية ،وانعتاق من
الثابت والتقليدي ،وانفتاح على كل ماهو متغير وعصري ،إنه اتجاه يرفض إعادة إنتاج الماضي بشكل آلي
ويراهن على إنتاج إمكانات التجاوز واالنفصال عن أسباب التخلف واالنحطاط والسعي لتحقيق األفضل،
عن طريق إعطاء األولوية لالختالف بدل التطابق ،وللعقل بدل النقل ،وللنسبي بدل المطلق ،وللمحايث
بدل المتعالي ،وللفكر عوض الذاكرة ،ولالنفتاح بدل االنغالق ،وللنقد بدل التسليم ،وللحرية عوض
الخضوع ،وللفرد بدل الجماعة ،وللتجديد بدل التقليد ،وللتقدم عوض االرتكاس (بيقي ،2014 ،ص.)75 .
من خالل هذه التقابالت يتبين أن هذا االتجاه؛ يضع اإلنسان في صلب اهتمامه ويؤمن بإمكاناته العقلية
والفكرية وقدرته على االكتشاف واإلبداع والتغيير والتقدم.
يحيل االتجاه الحداثي العصري في مجال التربية والتعليم على مواصفات وخصائص المدرسة الحديثة
أو"المدرسة التقدمية أو النشيطة ( ،1988 ،Piagetص" )79 .كما يسميها بياجي Piaget
وريبول ، Reboulفي مقابل المدرسة التقليدية ذات النزوع التقليدي الماضوي ،فإذا كان هذا األخير يقوم
على نظام تربية تقليدية منغلقة يحكمها منطق الخضوع وإعادة االنتاج ،فإن االتجاه الحداثي العصري يقوم
على تربية حداثية تقدمية ومنفتحة يحكمها منطق التحرر واإلنتاج واإلبداع ( ،1992 ،Reboulص.)9 .
-6نقصد هنا حركة النهضة اإليطالية خالل القرنين الخامس عشر والسادس عشر ،والتي انتقلت تدريجيا نحو شمال أورويا في اتجاه ألمانيا وفرنسا
واألراضي المنخفضة .وتميزت بإنتاجاتها األدبية والفنية ثم الفكرية والعلمية ،حيث اهتمت باإلنسان وبالقيم الدنيوية أكثر من اهتمامها بالقيم الالهوتية
وبالثرات الكنسي.
-7النزعة اإلنسية Humanismeأو ا إلنسانية كما يترجمها البعض ،هي حركة فكرية وتقافية تضع اإلنسان في مركز اهتمامها وتؤمن بقدراته
وإمكاناته الفكرية واإلبداعية واإلنتاجية ،عملت على تحرير اإلنسان من هيمنة التقليد الالهوتي للكنيسة واالعتراف به كقوة فاعلة ومؤثرة .وقد ساعد
اكتشاف الطباعة من قبل غوتنبورغ Gutenbourgخالل القرن الخامس عشر بألمانيا ،على دُيوع صيت هذه الحركة وانتشارها في مختلف أنحاء
أوروبا .تزامنت هذه الحركة في ألمانيا مع االصالح الديني الذي بدأه مارثن لوثر Martin Lutherوصعود المد البروتستانتي الذي قلص من هيمنة
ووساطة الكنيسة ،وجعل اإلنسان في عالقة مباشرة بالذات اإللهية.
-8نحيل هنا على االكتشافات العلمية الكبرى في مجال الفلك والفيزياء لكل من كوبيرنيك Copernicوغاليليو ،Galileoحول نظام مركزية الشمس
الذي شكل ثورة على التصور السكوالئي األرسطي-الكنسي؛ أو على نظام مركزية األرض.
159
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
اتجاهات نظرية في التربية على القيم :مقاربة تحليلية نقدية
واستقالليته ،...وقيميا مثل االنتقال من قيم التقليد والخضوع إلى قيم التجديد والتحرر واإلبداع (،Renault
،1995ص.)56 .
-ينبني االتجاه الح داثي على النظر للذات اإلنسانية باعتبارها ذاتا مستقلة ،قادرة على االختيار والفعل
واإلبداع ،إذا ما تحررت من هيمنة الوثوقيات الدوغمائية ومن سطوة الوصاية والتقليد والتبعية ،وبهذا
يحتل اإلنسان مركز كل مشروع حداثي تنويري ،ويُنظر له باعتباره غاية في ذاته وليس مجرد وسيلة
إلرادة الجماعة أو التقليد أو الماضي .لقد شكلت هذه النظرة أساس فكرة الحق الطبيعي كحق ذاتي يعود
لإلنسان باعتباره فاعال أساسيا في الحقوق والتشريع السياسي .وهي النزعة التي ميزت هذا االتجاه منذ
بزوغ الحركة اإلنسية؛ التي أعادت االعتبار لإلنسان ،ومجدت قدراته وإمكاناته ،ومنحته الثقة لتحقيق
المثل األعلى للكمال اإلنساني في مختلف المجاالت :الفنية والجمالية واالجتماعية والسياسية (،Renault
،1995ص.)56 .
-يقوم االتجاه الحداثي العصري على العقالنية rationalitéكأساس لفهم العالم واإلنسان والطبيعة،
وكمرجع أساسي للذا ت اإلنسانية من أجل بناء المعرفة؛ سواء كان عقال رياضيا صوريا (كما هو الشأن
بالنسبة لديكارت )Descartesأو عقال حسيا تجريبيا (كما هو الشأن بالنسبة للوك Lockو هيوم Hume
) ،يستثمر في تطوير الوضع البشري في مختلف أبعاده المعرفية واألخالقية واالجتماعية والسياسية
و االقتصادية .فمنذ عصر النهضة األوروبية وثورة النزعة اإلنسية واإلصالح الديني واالكتشافات العلمية
التي تلتها ،ومرورا بعصر األنوار ،تنامى اعتماد االتجاه الحداثي على العقالنية الحرة كأساس وكمنهج
للفهم والتفسير والتشريع والتنوير ،للخروج من حالة الوصاية والتبعية والقصور الذاتي؛ وهذا ما عبر عنه
رائد العقالنية النقدية إيمانويل كانط E.Kantبقوله" :إن االستخدام العام لعقلنا البد أن يكون استخداما حرا
في جميع الحاالت ،إنه الوسيلة الوحيدة لتحقيق التنوير للبشر" (كانط ،2005 ،ص.)7 .
-يتأسس االتجاه الحداثي على مرجعية وثقافة حقوق اإلنسان في كونيتها وشموليتها ،كإفراز مباشر
للفكر الحديث -خاصة فلسفة الحق الطبيعي وفلسفة األنوار -الذي يتخذ من الطبيعة المفترضة لإلنسان
ومن المساواة والحرية والديمقراطية أساسا للحقوق اإلنسانية الكونية؛ المدنية والسياسية واالقتصادية
واالجتماعية والثقافية (كيساال ،2013 ،صص.)32-31 .
-ينبني االتجاه التربوي الحداثي على منطق زمني منفتح يراهن على تحقيق التقدم والتطور المستمرين
لإلنسان ،وعلى التحرر من كل ما هو ارتكاسي ،واالنطالق من تحديات الحاضر واالنفتاح على رهانات
المستقبل ،وال يعود إلى الماضي إال من أجل احتوائه وإدماجه في صيرورة التغيير ،واألخذ فقط بما يخدم
التطور في الحاضر والنمو والتقدم الممتد في المستقبل .وفي هذا اإلطار ،وبخصوص االتجاه التربوي
الحداثي؛ يقول جون ديوي " :J.Deweyإن التربية إذا كانت نموا ،فواجبها تنمية استعدادت األفراد
تدريجيا حتى تُمكنهم م ن تنمية مطالب المستقبل ،وليس النمو شيئا يستكمل في هذه اآلونة أو تلك ،ولكنه
نمو مستمر في المستقبل ،فإذا ُوفّ َرت الظروف داخل المدرسة وخارجها الستثمار استعدادات الناشئين
استثمارا كافيا ،فإن ذلك يحقق العناية بالمستقبل باعتباره وليدا للحاضر...وإذا ما انفتح الحاضر على
المستقبل ...أصبح المستقبل مكفوالً" (اإلدريسي ،2017 ،صص.)44 .
-ينبني االتجاه التربوي الحداثي على تصور خاص لما يسمى بالمثلث البيداغوجي "المعرفة ،المتعلم،
المدرس" ،إذ يتميز كل عنصر من عناصره الثالثة بجملة من الخصائص والمميزات يمكن تحديدها فيما
يلي:
-1المعرفة :لم تعد المعرفة غاية في ذاتها كما هو الشأن بالنسبة لالتجاه التقليدي ،بل أصبحت مع
االتجاه الحداثي مجرد وسيلة تستثمر لتحقيق كمال الطبيعة اإلنسانية للمتعلم ،ولم تعد معرفة معزولة
ومتعالية عن حاجات المتعلم واهتماماته بل صارت أكثر استجابة لحاجيات المتعلم واهتماماته واتجاهاته.
وإذا كانت المعرفة في االتجاه التقليدي تحاط بهالة من التبجيل والتقديس ،فإن االتجاه الحداثي نزع عنها
صفة الثبات واإلطالقية والتقديس وأضفى عليها طابع النسبية والقابلية للنقد والمساءلة والتجديد .فلم تعد
معطى جاهزا يتم نقله ميكانيكيا وحفظه في الذاكرة بشكل آلي ،وإنما عميلة بناء وتجديد مستمرين تخضع
لمنطق التطور العلمي والمعرفي ولتحديات الحاضر ورهانات المستقبل ،وبهذا نقل هذا االتجاه المعرفة
160
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
اتجاهات نظرية في التربية على القيم :مقاربة تحليلية نقدية
من معرفة مؤسسة على النقل والذاكرة إلى معرفة مؤسسة على العقل والنقد والتطوير ،ومن معرفة
إلزامية تفرض على المتعلم فرضا وال تستجيب لميوالته وانتظاراته ،إلى معرفة منفتحة ترتبط بحياة
المتعلم وخبراته وتستجيب الحتياجاته في الحاضر وتطلعاته في المستقبل ( ،1986 ،Snydersصص.
،)73-223لقد أضحت معرفة وظيفية تسعى لتنمية الوظائف الفكرية واألخالقية للمتعلم أكثر من شحنه
بمعارف جاهزة تظل في غالب األحيان معارف ميتة ( ،1968 ،Claparèdeص.)184 .
يراهن االتجاه التربوي الحداثي على جعل المعرفة مجاال رحبا للمتعلم؛ يجد فيه نفسه أمام خبرات
وداخل وضعيات بيداغوجية ،يبني من خاللها وعيه ومهاراته وينمي عبرها قدراته وإمكاناته الذهنية
واألخالقية ،وفي هذا اإلطار يقول فيليب ميريو " :Philippe Meirieuأن نقل المعرفة ينبغي أن يحرر
المتعلم من البداهات المغلوطة ومن هيمنة المظاهر المباشرة واألحكام المسبقة ،خاصة تلك التي تقضي
بأن األشياء ال توجد إال على النحو الذي توجد وتظهر عليه" ( ،1992 ،Meirieuص.)88 .
-2المتعلم :إذا كان االتجاه التربوي التقليدي يرتبط بمفهوم التلميذ ،فإن االتجاه الحداثي يحيل أكثر على
مفهوم المتعلم ،وإذا كان رواد عصر النهضة والحركة اإلنسية وفالسفة األنوار؛ قد جعلوا من اإلنسان
مركزا للكون وآمنوا بإمكاناته وقدراته على فهم العالم والطبيعة ،فإن االتجاه التربوي الحداثي ينظر بدوره
للمتعلم باعتباره مركزا وغاية لكل نشاط تربوي ،إذ لم يعد مجرد مستقبل سلبي يتم حشوه وإخضاعه
لمعرفة تقدم له بشكل جاهز ،بل أصبح عنصرا فاعال ومتفاعال؛ يساهم في بناء معارفه وتعلماته .بحيث
أضحت المعرفة مجاال خصبا لفعالية أنشطته التعلمية ،النظرية منها والعملية (مساءلة ،نقد ،تفكيك،
مقارنة ،مناقشة ،هدم ،بناء ،استثمار ،تطبيق) ،وذلك من منطلق أن المتعلم كائن مستقل وحر
( ،1991 ،Boederieص ،)40 .يمتلك تمثالت ورموزا وردود أفعال تجاه ما يحيط به ،وله إيقاعاته
الخاصة في النمو والحركة واإلدراك والمعرفة ،وحاجاته وقدراته التعبيرية واالندماجية (،Resweber
،1986صص ، )5-4 .وبهذا أصبح المتعلم ذاتا فاعلة تشارك وتتفاعل وتتواصل ،تكتشف وتتعلم ذاتيا،
وال تكتفي باإلنصات والتقليد ( ،1992 ،Reboulص ،)9 .بل ذاتا تواجه المعرفة وتعمل على معالجتها
ونقدها وإعا دة تركيبها واستثمارها في معالجة وضعيات أخرى ،وبهذا لم يعد المتعلم مجرد متلقي للمعرفة
بل صار بإمكانه إنتاج المعرفة وإظهار ما يمتلكه من قدرات ذاتية باعتباره كائنا بشريا عاقال (،Riboul
،1980ص ،)16 .لينتقل بذلك من نموذج العالقات البيداغوجية العمودية؛ إلى نموذج بيداغوجي أفقي
تفاعلي يعتبر فيه غاية في ذاته ال مجرد وسيلة لسلطة المدرس أو المعرفة ،ومن نموذج ضيق للمرجعية
االجتماعية التي ينتمي إليها؛ إلى نموذج أوسع للمرجعية الكونية بما تقتضيه من تحرر وانفتاح ومسؤولية
أخالقية.
-3المدرس :أضحى مفهوم المدرس في االتجاه التربوي الحداثي أكثر حضورا من مفهوم المعلم ،الذي
هيمن على االتجاه التربوي التقليدي ،ومرد هذا التحول يعود إلى التغيرات التي عرفتها المهام واألدوار
التي يضطلع بها المدرس في المدرسة الحديثة ،خاصة بعد التحوالت الجوهرية التي مست كل من المعرفة
المدرسية والمتعلم (ك ما سبقت اإلشارة إلى ذلك أعاله)؛ إذ لم يعد المدرس مالكا لسلطة المعرفة ومصدرها
الوحيد ،كما لم يعد مركز ومحور العملية التعليمية التعلمية ،لقد أصبح منظما وموجها ومسهال للفعل
التعليمي ،يأخذ بعين االعتبار تمثالت المتعلم وخبراته واحتياجاته ،يعينه على االكتساب وحل المشكالت
ويدفعه لتطوير تعلمه الذاتي ،دون أن يقدم له معارف جاهزة ،بل يمنحه قدر اإلمكان الثقة في قدرته على
التعلم ويعززها ( ،1976 ،Rogersصص ،)71-70 .بمختلف اآلليات البيداغوجية والديداكتيكية ،التي
تدعم لدى المتعلم تعلما فعاال قائما على فاعليته وخبرته الذاتية ومالئما لحاجاته وتطلعاته (،Rogers
،1976صص.)132-131 .
مع االتجاه التربوي الحداثي انتهى عهد "المعلم" الذي يفرض تعاليمه على مريديه ويدفعهم للوعي
بجهلهم وبفقرهم الداخلي ،وبزغ عهد المدرس الذي يعين المتعلم على تحرير وانبثاق قدراته ،بجعله
متماهيا أكثر مع ذاته ومع حقيقته الجوهرية المثمثلة في العقل والتفكير ( ،1980 ،Riboulص،)125 .
وإذا كان من الضروري نقل المعارف له ،فبهدف التأهيل والتكوين ال بهدف إعادة اإلنتاج أو التدجين
اإليديولوجي ،بل بهدف مساعدة المتعلم وتحفيزه واستثارة كفاياته وتنشيط قدراته ،عبر أنشطة توليدية
161
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
اتجاهات نظرية في التربية على القيم :مقاربة تحليلية نقدية
وتوجيهية وإيحائية ونقدية متنوعة ،تضع كل الخبرات والمعارف موضع تساؤل ونقد ،وتراعي في نفس
الوقت الفوارق الفردية بين المتعلمين.
وبهذا انتقل المدرس من نموذج العالقات البيداغوجية العمودية المبنية على سلطة المعرفة أو سلطة
المؤسسة ،إلى نموذج العالقات البيداغوجية األفقية القائمة على االحترام واالعتراف بشخصية المتعلمين
وبفوارقهم الفردية وبنسبية المعارف والقيم ،مما يجعل فضاء الفصل الدراسي "فضاء لحرية أصيلة
وفعلية؛ تجعل المتعلمين يعيشون حرية االختيار وحرية التعبير وحرية الوجود ،حتى ولو كان مجال
اشتغالهم يبدو محدودا وضيقا جدا"( ،1976 ،Rogersص.)70 .
162
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
اتجاهات نظرية في التربية على القيم :مقاربة تحليلية نقدية
سبينوزا -Spinozaومندمجة مع نظام الطبيعة والحياة وليست قيما تحاكم الوجود اإلنساني من األعلى
وتدينه من خالل ثنائية تقليدية أخالقية -الخير والشر ،-تفصل اإلنسان عن الطبيعة (،1965 ،Spinoza
ص ،)33 .بل هي قيم ترتبط باإلنسان ككائن طبيعي ،ينتج ويبني قيمه معرفيا وعقليا وفق ما يحقق كمال
ذاته وبهجته وسعادته ( ،Spinoza ،Ethiqueص .)332 .وعلى هذا األساس فإن القيم الحداثية ال تنفصل
عن اإلنسان الذي يخلقها باستمرار عبر اختياراته الحرة والمسؤولة بهدف تحقيق كينونته ،ذلك أن
اختياراته هي تأكيد لقيمة ما يختار ،إذ ال يمكن أن يختار إال ما فيه خير له ولإلنسانية جمعاء ومنه كلية
القيم وشموليتها -بلغة سارتر -J.P.Sartre؛ وال يتحقق هذا -في نظره -إال بتجاوز القيم التي تشكل عائقا
أمام الفعل اإلنساني الحر والمسؤول (سارتر ،1959 ،صص.)14 -13 .
على هذا األساس يسعى االتجاه التربوي الحداثي إلى بناء العقل والوظائف الفكرية وتنمية الشخصية
اإلنسانية وترسيخ احترام حقوق اإلنسان والحريات األساسية ،وبناء وعي أخالقي يعطي األولوية لقيم
التفاهم والتسامح والصداقة بين األمم وبين كل الجماعات العرقية والدينية؛ من أجل تحقيق السالم وحفظه
( ،1988 ،Piagetصص ،)106-105 .عبر ترسيخ قيم المواطنة والحرية والفكر النقدي ،والمحاجة
العقالنية وتحم ل المسؤولية واحترام اآلخر ،بوصفها تجليات لقيم السلوك المدني ،القائم على تقدير اآلخر
وتقبل اختالفه ،وعلى تنوير العقل وتشبعه بقيم التسامح والحق والواجب والمساواة واإلنصاف (،Roche
،2000صص .)117-116 .لهذا نجد النسق القيمي الحداثي يرتكز على قيم الديمقراطية والعلمانية
ومبادئ التعاقد االجتماعي ،كإطار سياسي واجتماعي وتربوي لتفعيل هذه القيم وترسيخها داخل المجتمع
وعبر مؤسسات التربية بما فيها المدرسة ،التي يتعين عليها -حسب هذا االتجاه -أن تكون نموذجا للوسيط
العلماني الديمقراطي؛ بحيث يتساوى فيها كل المتعلمين بغض النظر عن ثقافتهم ومعتقداتهم ،وترسخ لديهم
ممارسة التفكير العقالني وتجاوز الدوغمائية وتبني قيم التسامح وتقبل االختالف ،فال تكون علمانية
المدرسة سوى تعبير عن حرية التفكير والقول واالعتقاد ،أو لنقل أنها عبارة عن تسامح مؤسس ومبني
( ،2000 ،Rocheص ،)107 .يعترف ويقر بالحق الكامل للمتعلم في المعرفة عبر تحفيز فكره على
المساءلة والتحليل والنقد والشك ،وعبر إعطاء المتعلمين إمكانية مقارنة وجهات نظرهم وبناء تصوراتهم
في ظل قيم الحوار والنقاش واالختالف ،واقتناعهم بأن تطور وجهات النظر وإغناءها يتحقق عبر االنفتاح
على فكر الغير وثقافته.
ال تنحصر التربية بالنسبة لالتجاه الحداثي وفي إطار المدرسة التقدمية ( ،1988 ،Piagetص، )79 .
في نطاق محلي أو وطني ،بل تتبنى قيما كونية وتلتزم بقضايا اإلنسانية جمعاء ،في إطار ما يعرف
بالمواطنة الكونية ،والتي ال يمكن كسب رهانها حسب -جورج روش -Georges Rocheإال عبر ترسيخ
قيم إيكولوجية للحفاظ على البيئة من المخاطر التي تهدد كوكب األرض والبشرية قاطبة ،وعبر إشاعة قيم
حقوق اإلنسان الكونية والدفاع عنها ضد كل االنتهاكات والخروقات التي تواجهها ( ،2000 ،Rocheص.
.)121
2-4االتجاه التربوي الحداثي العصري :الحدود واالنتقادات
بالرغم مما يمكن أن تبدو عليه القيم في االتجاه الحداثي العصري من قوة وانسجام ومالءمة لمقتضيات
الواقع اإلنساني وتحدياته ،وبالرغم من أنها قد تظهر أكثر تناسبا مع مفهوم المدرسة الحديثة ،وبغض
النظر على أنها قيم عقالنية تتأسس على المبادئ الكونية لإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان؛ وعلى نظرة
كلية شمولية لإلنسان؛ بصرف النظر عن انتماءاته الجغرافية أو اإلثنية أو العرقية أو الدينية ،ووفقا لقيم
الحرية والمساواة والديمقراطية والتسامح...إال أن كل هذا ال يمنع من القول أن لالتجاه الحداثي العصري
للقيم حدودا يقف عندها ،إذ يمكن انتقاده والكشف عن أهم جوانب قصوره من خالل العناصر اآلتية:
-القيم الحداثية العصرية بما هي قيم عقالنية تختزل الذات اإلنسانية في بعد واحد هو البعد المعرفي
وتقصي إلى حد ما؛ األبعاد الوجدانية والتاريخية والزمنية للفرد ،باعتبارها محددات وشروط موضوعية
تحصر وتحدد مختلف قيم وأبعاد ومستويات الوجود اإلنساني ،وعلى هذا األساس قد ال ينظر للمتعلم في
هذا االتجاه إال عبر اإلعالء من فاعليته المعرفية والعقلية وتهميش خصائصه النفسية والوجدانية
163
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
اتجاهات نظرية في التربية على القيم :مقاربة تحليلية نقدية
واالجتماعية وإقصاء حاجاته البيولوجية والجسدية ،9وإخضاعها لنوع من الترويض والتنميط باسم العقل،
وجعل القيم العقالنية متعالية Transcendantaleتحدد السلوك اإلنساني وتحاكمه من األعلى بنوع من
التعميم والشمولية ،وهو ما يمكن اعتباره منافيا للطبيعة المحايثة Immanenteللقيم اإلنسانية.
-االتجاه الحداثي يعتقد في قيم كونية وشمولية وفي قابليتها للتطبيق المعمم -دون قيد أو شرط -على
جميع الوقائع وفي مختلف السياقات ،دون مراعاة لالختالفات والتمايزات والفوارق بين األفراد
والجماعات على مستوى التمثالت والمعتقدات واالنتماءات الثقافية واألخالقية ،وعلى هذا األساس يمكن
انتقاد االتجاه التربوي الحداثي في كونه قد ينزع لتجريد المتعلمين من خصوصيتهم وفرادتهم واختالفهم
وتمايزهم في سبيل تنميط وعيهم وقيمهم باسم كونية العقل والقيم ،واخضاعهم لها قد يؤدي لما يسميه
المفكر المغربي محمد سبيال "بصدمة الحداثة" (سبيال ،2004 ،ص )5 .أو صدمة قيم الحداثة.
-إذا كان االتجاه التقليدي الماضوي قد سقط في تقديس القيم باسم اإلله ،فإن االتجاه الحداثي سقط في
تقديس القيم باسم العقل والتجربة وتأليه العقل األداتي والرياضي ،وجعله المقياس األوحد للنظر لإلنسان
والعالم ،في إقصاء شبه تام لتعدد وغنى التجربة الوجودية لإلنسان واختالف سياقاتها ،مما يمكن أن يؤدي
إلى تنميط القيم؛ خاصة قيم الجمال والذوق واإلبداع ،ومن هذا المنظور قد تتحول المدرسة إلى مجرد
فضاء لتذويب االختالفات والتمايزات بين المتعلمين عبر نماذج من قيم العلم الوضعي وعن طريق قيم
أحادية ومركزية مهيمنة ،ال تعترف بقيم األوساط الثقافية واالجتماعية واإلثنية التي ينحدرون منها
(سعدون ،2016 ،ص.)37 .
-تقديس االتجاه الحداثي للعقل األداتي وإنتاجاته التقنية والمادية؛ قد يجعل من المدرسة مجرد مقاولة
خاضعة لقيم العولمة واقتصاد السوق ولهيمنة القيم الرأسمالية ،ليتحول بذلك المتعلم من غاية في ذاته إلى
مجرد وسيل ة ذات قيمة استعمالية أداتية ،يتم إعداده وتكوينه وفقا لمتطلبات وقيم االقتصاد الرأسمالي ،وهو
ما يمكن أن يؤثر سلبا على وظيفة المدرسة كفضاء لتربية المتعلم وتنمية كل أبعاد ومكونات شخصيته؛
الوجدانية والمعرفية والسلوكية واإلبداعية ...وليس فقط الجوانب المهارتية والتقنية.
-بالرغم من أن االتجاه التربوي الحداثي يتأسس على قيم المواطنة والديمقراطية والمساواة ،إال أنها قد
تظل قيما ذات منطق ضيق ال تستوعب مظاهر التعدد واالختالف والتمايز المطروح اجتماعيا وثقافيا ،بل
هي قيم قد ال تستجيب سوى لمواطنة كونية أحادية وممركزة ،ولديمقراطية تكرس هيمنة قيم األغلبية
وتقصي قيم األقليات واالنتماءات المحلية ،ولمساواة اجتماعية مفترضة وجائرة تفرض قيما محددة على
كل المتعلمين وتلزمهم بها بدعوى كونية هذه القيم وشموليتها ،وعلى هذا األساس يمكن انتقاد االتجاه
التربوي الحداثي العصري في كونه ينظر للمدرسة باعتبارها عالم مدرسي واحد وموحد وليس عوالم
مدرسية متعددة ومختلفة -بلغة ميشيل مافيزولي -Michel Maffesoli؛ تستقبل متعلمين من مرجعيات
ثقافية واجتماعية ودينية مختلفة ومتباينة (سعدون ،2016 ،ص.)40 .
-أن تبني االتجاه التربوي الحداثي لقيم العلمانية بما هي مجرد فصل المدرسة عن الشأن الديني ،يمكن
اعتباره شكال من أشكال الهيمنة الخفية التي تمارس باسم الحياد الديني ،بحيث تعمل على منع القيم
والرموز الدينية ذات البعد الفردي والخصوصي ،في مقابل فرضها لنموذج قيمي واحد؛ يتمظهر في قواعد
وأوامر انضباطية كتلك التي تخص الجسد والهندام والمظهر الخارجي 10كنوع من الضبط والمراقبة
المفروضة على أجساد وعقول المتعلمين ،عبر نوعين من الضبط :ضبط عام ينبني على اعتناق العقالنية
والعلم والمعرفة ،وضبط خاص ينبني على االعتقاد بسمو المدرسة وبوظيفتها الفعالة في إدماج الكل عبر
ممارسة نظامها مباشرة على الفكر والجسد ،كأداة إلخضاع المتعلم لنسق قيمي يراد له أن يكون مشتركا
وكونيا (سعدون ،2016 ،ص.)67 .
-9يمكن أن نستحضر هنا -على سبيل المثال ال الحصر -النقد الذي وجهه نيتشه Nietzscheوماكس شيلر Max Schelerلقيم الحداثة؛ فاألول
اعتبرها قيما تبالغ في تقديس صنم العقل كأساس للقيم وتدين الجسد وحاجاته ،والثاني اعتبرها قيما مادية وآلية أقصت التجربة الروحية والوجدانية
لإلنسان ،وعلى هذا األساس انتقدنا قيم االتجاه الحداثي باعتبارها قيما عقالنية اتخذت من العقل مصدرا أساسيا لها وتنكرت للمحددات الجسدية
والوجدانية والنفسية واالجتماعية كأسس أخرى للقيم.
-10يمكن أن نقدم هنا نموذج بعض المدارس العلمانية في أوروبا التي تمنع ارتداء الحجاب ،أو تلك التي ال تكيف المطاعم المدرسية مع ما يعتبره
بعض المتعلمين طعاما محرما في مرجعياتهم الدينية ،أو تلك التي تبرمج امتحانات يوم السبت للمتعلمين من الديانة اليهودية ،أو خالل أيام رمضان
بالنسبة للمتعلمين الدين ينتمون للديانة اإلسالمية.
164
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
اتجاهات نظرية في التربية على القيم :مقاربة تحليلية نقدية
بناء على ما سبق يمكن مساءلة االتجاه التربوي الحداثي حول مدى فعالية وصالحية تبني المدرسة
للقيم الحداثية ،خاصة بالنسبة للمجتمعات التقليدية المنغلقة وغير المؤهلة بنيويا لتقبل هذا النوع من القيم،
ألن يؤدي هذا إلى إحداث هوة سحيقة بين القيم الحداثية للمدرسة والقيم التقليدية للمجتمع؟ أال يمكن أن
يؤدي هذا الوضع بالمتعلم إلى نوع من التمزق القيمي بين قيم المدرسة وقيم المجتمع؟ أال يمكن أن يقود
هذا الوضع إلى حالة من الصراع والتدافع بين المدرسة والمجتمع يكون المتعلم ضحية له؟
وإذا كانت المجتمعات المعاصرة مجتمعات متعددة تقافيا ودينيا ،ومتنوعة من حيث المرجعيات
واالنتماءات؛ فالسؤال الذي يطرح نفسه هو :إلى أي حد يمكن للمدرسة الحفاظ على الخصوصيات
والتمايزات الثقافية للجماعات اإلنسانية؛ إذا ما اعتمدت على القيم الحداثية العصرية؟ ألن يؤدي هذا
بالمدرسة إلى ممارسة نوع من اإلقصاء والتمييز والحيف ضد أشكال التنوع والتعدد الثقافي والوقوع في
نوع من التنميط الميكانيكي؟
-3االتجاه التربوي التوفيقي
بما أن المجتمعات البشرية ال تتساوى في إيقاعات تحولها وديناميات تغيرها؛ على اعتبار أن بعضها
يساير االنفتاح والتطور والتقدم ،وبعضها ينزع نحو االرتكاس الماضوي واالنغالق وإعادة اإلنتاج،
والبعض اآلخر يحاول المزاوجة بين الوفاء للماضي والتطلع للمستقبل وفقا لجدلية الثابت والمتحول؛ فإن
لكل مجتمع اتجاهات ه ومعاييره وقيمه التربوية ،وذلك بحسب طبيعة ثقافته وإيقاعات حركيته .فإذا كانت
المجتمعات المنفتحة تنزع تربويا نحو اتجاهات وقيم حداثية وعصرية ،وإذا كانت المجتمعات المنغلقة
تتبنى في تربيتها اتجاهات وقيم تقليدية وماضوية ،فإن المجتمعات ذات الثقافة المركبة أو المزدوجة تنزع
تربويا نحو اتجاهات توفيقة تحاول أن تجمع بين قيم تقليدية ماضوية وقيم حداثية عصرية ،في ظل هذا
النوع األخير من المجتمعات نتحدث عن ما يسمى باالتجاه التربوي التوفيقي (،1977 ،D'hainaut
صص47-46 .؛ الجابري ،1973 ،صص69-51 .؛ أحرشاو ،2017 ،صص59-56 .؛ جنجار،
،2011صص)18-17-16 .؛ باعتباره اتجاها ذو منطق مزدوج يراهن على الجمع والتوفيق بين
مرجعيتين مختلفتين من حيث األسس والمنطلقات والغايات .إذن ما داللة مفهوم االتجاه التربوي التوفيقي؟
وما هي المنطلقات واألسس التي ينبني عليها؟ وما طبيعة القيم التي يرتكز عليها؟ وما هي حدود هذا
االتجاه واالنتقادات الموجهة إليه؟
165
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
اتجاهات نظرية في التربية على القيم :مقاربة تحليلية نقدية
الناحية االجتما عية نحو ثقافة ماضوية وثابثة ،في حين أن اقتصادها موجه نحو ثقافة مستقبلية ومنفتحة
حسب توجهات هذه الدول؛ رأسمالية أو اشتراكية ( ،1977 ،D'hainautصص.)47-46 .
يعكس االتجاه التربوي التوفيقي في جوهره محاولة تجاوز ما يصطلح عليه بصراع المعارف والقيم،
نحو محاولة الجم ع بين المعارف والقيم اإلنسانية ودمجها ووضعها جنبا إلى جنب في بناء المناهج
والبرامج الدراسية ،وذلك بهدف إنتاج أفراد متشبعين بثقافتهم وقيمهم المحلية والوطنية من جهة ،وبالثقافة
والقيم الكونية من جهة أخرى.
3-2االتجاه التربوي التوفيقي :أسسه ومرتكزاته
يمكن التأصيل تاريخيا ألسس ومرتكزات االتجاه التوفيقي إبتداء من مرحلة القرون الوسطى ،حيث
حاول المفكرون والفالسفة التوفيق بين العقل والدين سواء في الثقافة العربية اإلسالمية ،ويمكن أن نستشهد
هنا -على سبيل المثال ال الحصر -بأعمال كل من الكندي والفارابي وابن رشد ،الذين خاضوا في إشكالية
التوفيق بين الدين اإلسالمي والفلسفة اليونانية ،أو في الثقافة الغربية المسيحية متمثلة في أعمال القديس
أنسلم والقديس طوما األكويني والقديس أوغسطين ،الذين حاولوا بدورهم التوفيق بين الدين المسيحي
والفكر اليوناني.
وفي عصر النهضة الفكرية العربية الحديثة ،ستبرز نزعة توفيقية دشنها كل من رفاعة الطهطاوي
ومحمد عبده وجمال الدين األفغاني .وبالرغم من أنها نزعة ظلت وفية للمنظومة الفكرية اإلسالمية
الموروثة ،إال أنها لم تكرر المعارف والقيم التقليدية ،بل حاولت التوفيق بينها وبين رؤية عقالنية عصرية
لقضايا الم جتمع والفكر والدولة؛ إذ لم تتوقف هذه النزعة اإلصالحية اإلسالمية عند حدود إعادة بعث
الصلة بالقديم ،بل حاولت التوفيق بينه وبين بعض موضوعات الفكر الليبرالي األوروبي .ويشهد على ذلك
عنايتهم بمسألة الدولة الوطنية الحديثة ،ودفاعهم عن رؤية حديثة لإلسالم تصالح بينه وبين العصر ،وبين
اإليمان والعلم ،وتتخطى الفهم النصي الجامد لتعاليمه خارج مقتضيات المكان والزمان.
وفي المرحلة المعاصرة وفي سياق النظام التربوي المغربي يمكن أن نستحضر -على سبيل المثال ال
الحصر -الوصف الذي قدمه المفكر المغربي محمد عابد الجابري للنظام التربوي المغربي وذلك في كتابه
"أضواء على مشكل التعليم بالمغرب" (الجابري،1973 ،صص ،"11)69-51 .معتبرا "أن الفكر التربوي
المغربي اكتسى طابعا توفيقا في طريقة معالجته لمشاكل التعليم ،إذ يحاول دوما البحث عن حلول وسطى
وعن صيغ توفيقية ترضي الجميع ،أو على األقل تحمل األطراف المختلفة على السكوت واالنتظار ولو
إلى حين" (الجابري ،1973 ،ص.)58 .
بناء على ما سبق يمكن تحديد أهم أسس ومرتكزات االتجاه التربوي التوفيقي في ما يلي:
-يحاول االتجاه التربوي التوفيقي احتواء التنافر بين مرجعيات مختلفة وقوى متصارعة ،ويراهن على
تجاوز التناقض والصراع عن طريق تقريب وجهات النظر وتذويب االختالفات واالرتكاز على ما هو
إنساني ومشترك.
-أن االتجاه التربوي التوفيقي اتجاه مركب ينبني على منطق مزدوج؛ يراهن من خالله على تربية
المتعلمين على التشبع بالثقافة التقليدية الماضوية ،وفي نفس اآلن االنفتاح على ثقافة كونية حداثية
وعصرية.
-أن االتجاه التربوي التوفيقي مشدود زمنيا للماضي من جهة ،وللحاضر والمستقبل من جهة أخرى ،إذ
يحاول إعادة إنتاج الماضي ويتطلع في نفس الوقت لكسب تحديات الحاضر ورهانات المستقبل ،وهذا ما
يجعل منطقه الزمني منطقا منغلقا الرتباطه بالماضي ،وفي نفس اآلن منفتحا الرتباطه بالحاضر
والمستقبل.
-يعتقد االتجاه التربوي التوفيقي في قابلية المحلي والخصوصي الستيعاب العالمي والكوني ،وقابلية
العالمي والكوني الستدماج المحلي والخصوصي ،وما يتطلبه هذا من محاولة لتأويل ومواءمة للمعارف
-11يعتبر محمد عابد ا لجابري أن الفكر التربوي المغربي ذو طابع توفيقي يحاول الجمع بين نمطين فكريين :األول يرتبط بالثقافة االستعمارية
العصرية ،والثاني يرتبط بالثقافة اإلسالمية التقليدية ،بل يعتبر أن المبادئ األربعة للتعليم المغربي (التعميم ،والتوحيد ،والتعريب ،والمغربة) انبنت
بشكل جوهري على نزعة توفيقية واضحة.
166
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
اتجاهات نظرية في التربية على القيم :مقاربة تحليلية نقدية
والقيم ،وفي هذا اإلطار يمكن أن نستشهد بدعوة إدغار موران " Edgar Morinإلى نوع من الحوارية
التي يجب أن تعمل على خلق تكامل بين الشرق والغرب بين الشمال والجنوب" (موران ،2002 ،ص.3
.)71
-ينبني هذا االتجاه على مجموعة من الثنائيات القطبية المتجاورة( :أصالة /معاصرة)( ،نقل /عقل)،
(ماض /مستقبل)( ،خصوصي /كوني)( ،محلي /عالمي)( ،ثابت /متغير)( ،واحد /متعدد)( ،مطلق/
نسبي)...ويحاول الدمج والجمع بينها في نظام توفيقي.
-ينظر االتجاه التربوي التوفيقي للمدرسة باعتبارها مجاال إلعادة إنتاج نفس الشروط والمحددات
التقليدية الماضوية ،وفي نفس الوقت أداة إلنتاج أسباب التقدم وعوامل التطور ،وفقا لجدلية التقليد
واإلبداع.
-يقوم االتجاه التربوي التوفيقي على منطق مزدوج لما يسمى بالمثلث البيداغوجي "المعرفة ،المتعلم،
المدرس" ،إذ يتميز كل عنصر من عناصره الثالثة بجملة من الخصائص والمميزات يمكن تحديدها فيما
يلي:
-1المعرفة :يتبنى هذا االتجاه معرفة مركبة تزاوج بين مضامين معرفية تقليدية ترتبط بثقافة ماضوية
منغلقة ،ومضامين معرفية حداثية ترتبط بثقافة عصرية منفتحة ،ينظر لألولى بنوع من اإلطالقية والثبات
ويخصها بقدر من التبجيل والتقدير ،في حين ينظر للثانية على أنها نسبية ومتغيرة وتخضع للنقد والمساءلة
والتجديد ،ذلك أن الجمع بينهما يستلزم جهدا معرفيا تأويليا يحاول التقريب والمواءمة بين ما هو تقليدي
وما هو حداثي بجعل أحدهما سندا ومدخال لآلخر ،بل يحاول أنصار هذا االتجاه إعادة بناء المعرفة
التقليدية باعتماد أدوات المعرفة الحداثية ،أو محاولة البحث عن أسس المعرفة الحداثية في بعض عناصر
المعرفة التقليدية ،كمحاولة منهم لمد الجسور ونفي الشقاق بينهما ،وأن أي قول بتعارضهما ال يعكس في
نظرهم سوى قصورا في الفهم والتأويل .وبهذا تبنى المعرفة من داخل هذا االتجاه على نوعين من
المعارف :معارف مطلقة وثابتة غالبا ما ترتبط بالعقائد والمبادئ الدينية ،ومعارف نسبية ومتغيرة ترتبط
بالتصورات والمعارف اإلنسانية الوضعية.
-2المتعلم :بالرغم من أن هذا االتجاه يستلهم مكتسبات التربية الحديثة وينظر للمتعلم باعتباره ذاتا
نشيطة وفاعلة تساهم في بناء تعلماتها ومعارفها باالعتماد على قدراتها وخبراتها الذاتية ،إال أنه في نفس
الوقت يحتفظ ببعض عناصر التربية التقليدية التي ينظر من خاللها للمتعلم كمتلق ومستقبل لمعرفة تقليدية
جاهزة ينبغي له التشبع بها واالمتثال لها ،بحيث تكون فاعليته الذاتية -من مساءلة ونقد -هامشية ومحدودة
بسلطة المعرفة التقليدية وثوابتها ،ومحاصرة بسلطة المدرس؛ الذي يعمل على نقل وترسيخ متنها وقيمها،
وبالمقابل ال يسمح للمتعلم بإبراز قدراته ومهاراته الذاتية ،وال يحظى بحرية وباعتراف أكبر إال في إطار
المعارف اإلنسانية الوضعية القابلة للنقد والمساءلة .لكن وبالمقابل يسعى هذا االتجاه إلى تسليم المتعلم
وانقياده للمعارف التقليدية ولمبادئها ،التي يراد لها أن تكون ثابثة ومقدسة ومنزهة عن النقد والشك.
هكذا ينظر للمتعلم من داخل االتجاه التربوي التوفيقي نظرة مزدوجة تجمع بين االعتراف به كذات
فاعلة ونشيطة في العملية التعليمية التعلمية ،وبين اعتباره مجرد متلقي ومستقبل يتعين امتثاله وخضوعه
لسلطة المعارف التقليدية الجاهزة ،تارة يحتل مركز األنشطة التعلمية عندما يتعلق األمر بمعارف
ومضامين الثقافة المنفتحة ،وتارة أخرى تزيحه سلطة المدرس وسلطة الثقافة التقليدية -التي يمثلها
بمعارفها الثابتة والمنغلقة -عن مركز العملية التعليمية التعلمية ،ليتحول المتعلم إلى مجرد تابع ،يمتثل
وينقاد للمعرفة التقليدية ويعيد إنتاجها بشكل آلي وميكانيكي.
-3المدرس :يضطلع المدرس في االتجاه التربوي التوفيقي بوظيفتين مزدوجتين :الوظيفة األولى
يستمدها من مرجعية المدرسة الحديثة التي تعتبره منظما ومنشطا وموجها ومسهال للفعل التعليمي يساعد
المتعلمين ويحفزهم ويثير قدراتهم ويدعم مهاراتهم ويحترم حاجاتهم وخبراتهم الذاتية ،ويجعلهم غاية
ومركزا للعملية التعليمية التعلمية ،لكن ،وفي نفس الوقت؛ مطالب بوظيفة ثانية ترتبط بنموذج المدرسة
الت قليدية والمتمثلة في نقل معرفة تقليدية جاهزة وترسيخ مبادئها وقيمها وتكريس سلطة متنها وجعلها
مركزا وغاية للفعل التربوي التعليمي بدل المتعلم ،وهو ما يفرض عليه المزاوجة بين أسلوبين بيداغوجيين
167
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
اتجاهات نظرية في التربية على القيم :مقاربة تحليلية نقدية
والتوفيق بين موقعين زمانيين ومكانيين ،وما يستلزمه هذا من مجهود بيداغوجي توفيقي وتأويلي للمعارف
والمضامين التي يبنيها ويقدمها للمتعلمين.
3-3االتجاه التربوي التوفيقي :المبادئ والقيم
يتأسس االتجاه التوفيقي على مبادئ محددة تتمثل في النظر للقيم اإلنسانية على أساس عدم التفريق أو
التمييز بين ما هو محلي وطني محدود ،وما هو عالمي كوني مترامي الحدود ،بل النظر لما هو محلي
ووطني كأساس لما هو كوني وعالمي (الوكيلي ،2012 ،ص ،)243 .كما يعتبر هذا االتجاه أن أي تناقض
او اختالف بينهما ال يعدو أن يكون سوى تناقضا ظاهريا ،مرده االختالف في السياقات الزمنية والتاريخية
واالجتماعية والسياسية والفكرية ،أما على مستوى الغايات والمقاصد فهي مشتركة وواحدة (الجابري،
،1996ص . )13 .وفي هذا الشأن يقول المفكر المغربي محمد عابد الجابري وبصريح العبارة أن:
"عالمية حقوق اإلنسان مقررة في الفكر اإلسالمي مثل ما هي مقررة في أي فكر إنساني آخر ،والبحث
عنها يجب أن يكون في الكليات والمبادئ العامة ،أما الجزئيات فأحكامها قابلة دوما لالجتهاد ،ألنها
تطبيقات والتطبيقات تختلف من زمن آلخر؛ بحسب المصالح والمنافع" (الجابري ،1996 ،ص،)18 .
ويكفي في نظره القيام بنوع من التأصيل الثقافي لما هو كوني انطالقا مما هو محلي ،وإبراز األسس
النظرية والمقاصد الموحدة والمشتركة التي يقومان عليها (الجابري ،1996 ،ص.)13 .
إذا كان االتجاه الحداثي يقوم على قيمتين مركزيتين؛ قيمة الحرية وقيمة المساواة ،تتفرع عنهما باقي
القيم والحقوق ،فإن االتجاه التوفيقي يتبنى أيضا هاتين القيمتين ،لكنه يؤسس ويؤصل لكونيتهما انطالقا من
المرجعية الثقافة المحلية ،ويحاول االرتقاء بهما إلى مستوى مطابق لشموليتهما وعالميتهما كما هي عليه
في اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان .ويمكن أن نستشهد في هذا الباب بالمحاولة التأصيلية التي قام بها
المفكر المغربي محمد عابد الجابري لقيمتي الحرية والمساواة وما يتفرع عنهما من قيم وحقوق ،من داخل
الثقافة العربية اإلسالمية ،مستشهدا بمجموعة من النصوص القرآنية واألحاديث النبوية ،لينتهي -بناء على
فهمه وتأويله لهما -إلى أنه مثلما تتأسس القيم الحداثية الغربية على العقل والحرية والمساواة والديمقراطية،
فإن الثقاف ة العربية اإلسالمية بدورها تدعو إلى وجوب إعمال العقل والعمل بالحرية والمساواة واعتماد
الشورى كمنهج ديمقراطي (الجابري ،1996 ،صص ،12)18-17-16-15 .وهو بهذا يحاول أن يطابق
ويوفق بين مبادئ ومقاصد المرجعيتين اإلسالمية والغربية على مستوى القيم والحقوق ،على أساس أن
الطابع العالمي الشمولي لما هو كوني يبرز من داخل الخصوصية الثقافية نفسها ،ويؤكد على أن
الخصوصية والعالمية ليستا على طرفي نقيض ،بل بالعكس ،متداخلتان.
-12حاول محمد عابد الجابري التأصيل لقيم حقوق اإلنسان ولكونيتها من داخل المرجعية العربية اإلسالمية -خاصة تلك التي تبدو له متنافضة
ظاهريا مع القيم الحداثية الغربية -باعتماد نصوص دينية من القرآن والسنة ،ويمكن أن نحيل هنا على بعض األمثلة:
* بخصوص إعمال العقل في فهم الطبيعة؛ استشهد مثال باآلية القرآنية التالية{ :إن في خلق السماوات واألرض ،واختالف الليل والنهار ،والفلك التي
تجري في البحر بما ينفع الناس ،وما أنزل هللا من السماء من ماء فأحيا به األرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة ،وتصريف الرياح ،والسحاب
المسخر بين السماء واألرض ،آيات لقوم يعقلون} .ليبين -حسب تأويله -أنه مثلما ترتكز المرجعية الغربية الحداثية على العقل لفهم الطبيعة وبناء
القيم ،ترتكز أيضا المرجعية العربية اإلسالمية على النظر العقلي في الموجودات واالهتداء به نحو األفضل.
*ف يما يتعلق بقيمة الحرية وخصوصا حرية المعتقد؛ استشهد الجابري بآيات قرآنية؛ من قبيل{:وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء
فليكفر}{ /ولو شاء ربك آلمن من في األرض كلهم جميعا،أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين}{/ومن يرتد منكم عن دينه ،فيمت وهو كافر،
فأولئك حب طت أعمالهم} { /من كفر باهلل من بعد إيمانه ،إال من أكره وقلبه مطمئن باإليمان ،ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من هللا ولهم
عذاب عظيم}...ليبين أن حكم المرتد في القرآن ليس القتل بل هو لعنة هللا وغضب هللا وجهنم ،ويعتبر أن الحكم الالحق للفقهاء الصادر عن حديث
نبوي يقول{:من بدل دينه فاقتلوه} فيرتبط في نظر الجابري بقيام الدولة اإلسالمية التي كانت الردة فيها ليس مجرد خروج عن اإلسالم بل خروج
عن اإلسالم عقيدة ومجتمعا ودولة ،وهو ما يشبه في نظره خيانة الوطن في الدولة الحديثة.
* بخصوص قيمة المساواة وخصوصا المساواة بي ن المرأة والرجل ،استشهد الجابري بنصوص من القرآن؛ من قبيل {:يا أيها الناس إنا خلقناكم من
ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل إن أكرمكم عند هللا أتقاكم}{ /ومن يعمل من الصالحات من ذكر وأنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة وال
يظلمون نقيرا}{ /والمؤمنون والمؤمنات بعضه م أولياء بعض} .ومن السنة من قبيل{:النساء شقائق الرجال} ...هذه النصوص وغيرها تعبر في
نظره عن االتجاه العام للتشريع اإلسالمي وتقر-حسب فهمه وتأويله -بالمساواة بين الجنسين ،أما ما يخالفها فهي مجرد أحكام جزئية لها مقاصدها
وأسباب نزولها؛ كمسألة عدم المساواة بين المرأة والرجل في الشهادة (شهادة إمرأتان في مقابل شهادة رجل واحد) يفسرها بالوضعية االجتماعية
والتعليمية للمرأة في تلك المرحلة ،كما يفسر حكم عدم المساواة بين الجنسين في اإلرث بالسياق االقتصادي واالجتماعي وتحديدا بمقصد احتواء
الصراع والحروب بين القبائل بسبب انتقال نصيب المرأة من اإلرث إلى زوجها وإلى قبيلته.
* وفيما يتعلق بقيم الديمقراطية والتعاقد االجتماعي؛ فقد حاول الجابري التأصيل لها من خالل مبدأ الشورى في اإلسالم مستشهدا بنصوص قرآنية
من قبيل{ .وأمرهم شورى بينهم}{ /وشاورهم في األمر} ...معتبرا أنها تعكس قيم المساواة وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.
168
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
اتجاهات نظرية في التربية على القيم :مقاربة تحليلية نقدية
بناء على ما سبق؛ يمكن القول أن االتجاه التوفيقي يراهن على بناء القيم وفقا لمبدأ المطابقة
والمزاوجة ،بين ما هو محلي ووطني وبين ما هو عالمي وكوني ،ويتغيا تربية األفراد على قيم تخدم
مصلحة الوطن وتحافظ على خصوصيته وهويته الحضارية ،وفي نفس اآلن ،تربيتهم على قيم كونية تخدم
مصلحة اإلنسانية في كليتها وشموليتها .وبهذا فإن اختيار الحل التوفيقي بين القيم التقليدية والقيم الحداثية
يمكن اعتباره محاولة الحتواء الصراع حول القيم على المستوى االجتماعي والسياسي والحضاري
والتربوي.
على هذا األساس ،يسعى االتجاه التربوي التوفيقي إلى الجمع والمطابقة بين القيم التقليدية والقيم
الحداثية ،وبين المرجعية المحلية والمرجعية الكونية ،كمحاولة للتوفيق وتجاوز الصراع والتناقض -الذي
ينظر له من داخل هذا االتجاه على أنه تناقض ظاهري فقط -بين االتجاهين نحو القبول بنسبية معياريـة
،relativisme normatifتجمع بين دوائر قيمية متجاورة (كالقيم الدينية ،والقيم الوطنية ،والقيم الفلسفية
الحديثة ،وقيم حقوق اإلنسان( )...جنجار ،2011 ،ص ،)18 .على أن تربية الناشئة على القيم من داخل
هذا االتجاه ،يتأسس على مطلبين أساسيتين:
* المطلب األول :التشبع بالقيم المحلية والوطنية والتي تحدها جغرافية الوطن ومرجعياته الدينية
والثقافية والحضارية.
* المطلب الثاني :التشبع بالقيم اإلنسانية العالمية ،كما تعكسها العناصر واالتجاهات العامة للثقافة
المحلية ،وكما تنص عليها الثقافة الكونية لحقوق اإلنسان والمتمثلة في الدساتير والمواثيق الدولية.
بهذا فإن االختيار التربوي التوفيقي يتبنى قيما محلية ترتبط بالخصوصية الثقافية المحلية ،بهدف ربط
المتع لمين بمكونات ثقافتهم وتاريخهم وانتماءاتهم الحضارية والمجتمعية وتنمية قيم االعتزاز بالذات ،وفي
نفس الوقت ،يراهن على تربيتهم على قيم إنسانية كونية ترتبط بالمنظومة العالمية وبقيم الحداثة وثقافة
حقوق اإلنسان ،بهدف انفتاح المتعلمين على الحضارت اإلنسانية وإنتاجاتها المتنوعة ،وتنمية حس االنتماء
للنوع البشري وتحدياته ورهاناته المختلفة .إنه اختيار يحاول الدمج وخلق نوع من التوازن واالنسجام بين
قيم الوفاء لألصالة والتطلع الدائم لقيم المعاصرة ،ويسعى إلى التوفيق بينهما ،بل يحاول عصرنة قيم
األصالة وتأصيل قيم المعاصرة ،بهدف تقليص المسافات وتذويب االختالفات واحتواء التناقضات بينهما.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو :إلى أي حد يمكن ترجمة وتنزيل االختيار التوفيقي على المستوى
التربوي؟ وإلى أي حد يمكن التوفيق بين مرجعية قيمية تقليدية وأخرى حداثية داخل النسق التربوي
التعليمي؟ وماهي حدود وإمكانات هذا الجمع والتوفيق؟ وما هي تبعاته؟
3-4االتجاه التربوي التوفيقي :الحدود واالنتقادات
على الرغم مما يمكن أن يظهر عليه االتجاه التربوي التوفيقي من قوة وانسجام ،وعلى الرغم من أنه قد
يتخذ بالنسبة للبعض الحل األمثل الحتواء التناقض والصراع بين المرجعيات الثقافية والقيمية داخل
المجتمعات المركبة وذات الثقافة المزدوجة ،إال أن هذا ال يعني أنه ليس لهذا االتجاه حدودا وجوانب قصور
يمكن الكشف عنها من خالل االنتقادات التالية:
-أن المقاربة التوفيقية التي يتبناها االتجاه التربوي التوفيقي ال تعدو أن تكون سوى محاولة تلفيقية
تسعى للجمع بين مرجعيتين مختلفتين على مستوى األسس والغايات والقيم ،ألنها في األصل ليست سوى
اختيارا تمليه الصراعات السياسية بين األيدولوجيات والقوى المهيمنة داخل المجتمع ،أكثر مما هو اختيار
تربوي مؤسس على ما هو علمي ،وهو ما يجعل المدرسة في ظل هذا االتجاه خاضعة لإلمالءات
والتوافقات السياسية أكثر من خضوعها لمقتضيات العلم والتطورات البيداغوجية الحديثة.
-إذا كانت المقاربة التوفيقية أمرا مقبوال ومحمودا في المجاالت السياسية واالقتصادية ،فإن نقلها
والعمل بها في مجال التربية والتعليم ،يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات سلبية تفقد المدرسة تجانسها وفعاليتها،
مما يؤثر سلبا على مهامها وأدوارها ،ألن نقل الصراعات السياسية واإليديولوجية لقلب المدرسة ومحاولة
التوفيق بينها؛ سيجعل مهام ووظائف المدرسة متناقضة ومتضاربة ،تصنع الحيرة والتشتت لدى المتعلم
أكثر مما تبني أبعاد ومكونات شخصيته بناء متوازنا ومنسجما (جنجار ،2011 ،صص.)18-17 .
169
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
اتجاهات نظرية في التربية على القيم :مقاربة تحليلية نقدية
-أن انطواء االتجاه التربوي التقليدي على منطق ثنائي ومزدوج؛ يحاول الجمع بين مرجعيتين
متناقضتين ،يؤثر بشكل سلبي على طبيعة المعرفة المدرسية وقيمها ،وعلى أدوار ومهام كل من المتعلم
والمدرس ،وهو ما يجعل المثلث البيداغوجي غير واضح ومرتبك ومتناقض؛ يتراوح بين معرفة وقيم
تقليدية وأخرى حداثية ،وبين اعتبار المتعلم محورا وذاتا فاعلة واعتباره تابعا وخاضعا ،وبين اعتبار
المدرس موجها ومنظما ومنشطا واعتباره مركزا ومحورا للعملية التعليمية ومالكا لسلطة المعرفة .وكل
هذا يمكن أن يؤثر سلبا على أداء وفعالية كل من المتعلم والمدرس.
-أن االختيار التوفيقي في مجال التربية يجعل النظام التعليمي نظاما متذبذبا بين نظامين تعليميين
متعارضين؛ واحد تقليدي يراهن على الماضي وإرثه الخالد ،وآخر عصري يراهن على المستقبل وأفقه
الواعد ،مما يمكن أن يعرض النظام التعليمي لهزات تعليمية عنيفة ومستمرة ،ولحاالت من االنشقاق
والتمزق ،يكون فيها المتعلم هو الضحية والخاسر األكبر ،وهو ما يمكن أن يترتب عنه فشل أي مشروع
مجتمعي نهضوي أو تنموي ،ما دامت المدرسة هي الرافعة األساسية لكل تقدم وتطور (أحرشاو،2017 ،
ص.)56 .
-أن االتجاه التربوي التوفيقي للقيم ال يعكس في جوهره سوى تأجيال وغيابا للجرأة في حسم االختيارات
التربوية ،ونقل الصراعات المعيارية والتناقضات القيمية من المجتمع إلى قلب المدرسة ،لتصبح هذه
األخيرة مرآة تعكس تناقضات المجتمع وال تؤدي سوى إلعادة إنتاجها ،مما يتنافى مع مبادئ ومرتكزات
المدرسة الحديثة ومهامها؛ المتمثلة أساسا في إنتاج أسباب التقدم وإدماج المتعلمين في مشروع مجتمعي
تنموي ينشد التغيير والتطور ،والذي ال يمكن أن يتحقق إال إذا حافظت المجتمعات على قدر من االستقاللية
النسبية لمنظوماتها التربوية (جنجار ،2011 ،ص.)18 .
خالصة
على سبيل الختم؛ يمكن القول أن مسألة التربية على القيم تتجاذبها مجموعة من االتجاهات النظرية
المتعددة والمختلفة ،حاولنا اختزالها في ثالثة اتجاهات أساسية (االتجاه التقليدي الماضوي ،واالتجاه
الحداثي العصري ،واالتجاه التوفيقي) .وهي تختلف من حيث مرجعياتها وأسسها ،وتتباين من حيث
تصورها لكل من المعرفة والمتعلم والمدرس والقيم.
فإذا كان االتجاه التقليدي الماضوي ينطلق من مرجعية الموروث الثقافي للمجتمع المحلي أو الوطني أو
الديني ،ويهدف إلى تلقين المتعلمين معرفة تقليدية جاهزة ،يمتثلون لسلطتها ولسلطة المدرس ويخضعون
لقيمها ،التي تنقل لهم على أنها قيم ثابتة ومطلقة وصالحة لكل زمان و مكان؛ وإذا كان االتجاه الحداثي
ينطلق من مرجعية عالمية وكونية ،ترتكز على معرفة نسبية ومتغيرة ،وتقوم على قيم الحرية والمساواة
والديمقراطية ومبادئ حقوق اإلنسان ،كما هو متفق عليها دوليا ،باعتبارها قيما عقالنية حداثية تتأسس على
ما هو مشترك ،تنظر إلى المتعلم كذات حرة ومستقلة وكغاية مركزية لكل نشاط تعليمي تعلمي ،بغض
النظر عن انتماءاته الجغرافية أو الدينية أو اللغوية أو العرقية ،فإن االتجاه التوفيقي يبني تصوره على
نزعة تحاول الجمع بين المرجعيتين التقليدية والحداثية ،ويحاول التوفيق بينهما معرفيا (معرفة تقليدية
ماضوية /معرفة حداثية عصرية) وبيداغوجيا (بيداغوجيا كالسيكية /بيداغوجيا حديثة) وقيميا ( قيم تقليدية
ماضوية /قيم حداثية عصرية) ،بحيث يتغيا تربية الناشئة على مبادئ وقيم محلية ووطنية وأخرى عالمية
وكونية.
لكن بالرغم مما يمكن أن يظهر عليه كل اتجاه من هذه االتجاهات من قوة وانسجام ،وبالرغم مما يمكن
أن يعكسه كل واحد منها من استجابة لتحديات الواقع االجتماعي والسياسي والتربوي؛ بحسب طبيعة
المجتمعات وديناميتها وتطلعاتها ،إال أن لكل اتجاه من هذه االتجاهات الثالثة حدودا يقف عندها وجوانب
ضعف وقصور؛ ترتبط بالطبيعة المعقدة والمركبة والدينامية ،التي تميز المجتمعات البشرية المعاصرة في
تعددها وتنوعها واختالفها؛ كما هو الشأن بالنسبة لالتجاه التقليدي الماضوي واالتجاه الحداثي العصري ،أو
بصعوبة البناء والتنزيل واألجرأة؛ كما هو الشأن بالنسبة لالتجاه التوفيقي.
170
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
اتجاهات نظرية في التربية على القيم :مقاربة تحليلية نقدية
المراجع
إدغار موران ( .)2002تربية المستقبل ،ترجمة عزيز لزرق ومنير الحجوجي .الدار البيضاء :دار توبقال للنشر.
الغالي أحرشاو ( .)2017المدرسة ورهان الديمقراطية في المغرب .مجلة المدرسة المغربية ،العدد ،8/7صص-53 .
.65
إمانويل كانط ( .)2005ما هو التنوير؟ ترجمة يوسف الصديق .المجلة التونسية للدراسات الفلسفية.
أندري كيساال ( .) 2013المدخل إلى حقوق اإلنسان؛ النظرية العامة ،أدوات التفعيل ،اآلليات الدولية لحمايتها ،ترجمة
محمد سبيال وآخرون .الدار البيضاء :دار توبقال للنشر.
برتراند راسل ( .)2009حكمة الغرب .ترجمة فؤاد زكريا ،الكويت.
بول ريكور ( .) 2011حوار حول التربية والعلمانية ،حاوره فرنسوا أزوفي ومارك دولوناي ،ترجمة حسن العمراني.
مجلة األزمنة الحديثة ،عدد -4-3 :صص.23-18 .
بياتريس ميلبون -بونفيس ولوران سعدون ( .)2016أزمة مدرسة أم ماذا؟ ترجمة عبد هللا الهاللي .الدار البيضاء :أفريقيا
الشرق.
جميل حمداوي ( .) 2011منظومة القيم في مقررات التعليم الثانوي التأهيلي بالمغرب .مجلة علوم التربية،العدد ،47
صص.52-40 .
جورج مينوا ( .)2005الكنيسة والعلم ،ترجمة موريس جالل .دمشق :دار األهالي.
جون بول سارتر ( .)1959الوجودية فلسفة إنسانية ،ترجمة حنا دميان .بيروت :دار بيروت للطباعة والنشر.
حسن بيقي ( .)2014مفهوم الحداثة في فكر عبد هللا العروي .مجلة األزمنة الحديثة ،العدد ،8صص.84-70 .
حسن حنفي ( .)1978نماذج من الفلسفة المسيحية في العصر الوسيط .القاهرة :مكتبة األنجلو المصرية.
خالد الصمدي (" .) 2004من معرفة القيم إلى قيم المعرفة" "دراسة في المناهج التربوية بالتعليم ما قبل الجامعي وأثرها
في تشكيل منظومة القيم لدى شباب الجامعات" مادة التربية اإلسالمية نموذجا .الزرقاء.
رشيد اإلدريسي ( .)2017من أجل تصور موسع للتربية والديموقراطية :األسس والخلفيات واألهداف .مجلة المدرسة
المغربية ،العدد ،8/7صص.51-31 .
رضوان زيادة ( .)2000مسيرة حقوق اإلنسان في العالم العربي .بيروت :المركز الثقافي العربي.
سعاد جبر سعيد ( .)2012القيم العالمية وأثرها في السلوك اإلنساني .مجلة عالم التربية ،العدد ،21صص.160-133 .
سعيد الراشدي ( .)2008النظام التربوي المغربي :دراسة تحليلية للقيم الموجهة للسياسة التربوية بالمغرب ،مابين
.1956-1999الرباط :دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع.
صالح قنصوة ( .)2010نظرية القيم في الفكر المعاصر .بيروت :التنوير للطباعة والنشر.
عبد الحكيم الحجوجي ( .)2008التعليم بالمغرب و إشكالية القيم .دفاتر ،العدد ،15صص.230-212 .
عبد السالم الخلفي ( .) 2012المعارف والقيم في المناهج الدراسية ،قراءة نقدية استشرافية .مجلة المدرسة المغربية،
عدد مزدوج ،5-4 :صص.100-58 .
عبد السالم بن عبد العالي و محمد سبيال ( .)2004الحداثة .المغرب :دار توبقال للنشر.
مبارك ربيع ( .)2005التربية والتحديث .الرباط :دار األمان للنشر والتوزيع.
مبارك ربيع ( .) 2009في أبعاد الوظيفة المدرسية :بعيدا عن االقتداء قريبا من التأهيل .مجلة المدرسة المغربية،
العدد.84-65 ،1
محمد الصغير جنجار ( .) 2011حدود االختيار التوافقي وانعكاساته على منظومة القيم بالمدرسة المغربية .منشورات
دفاتر التربية والتكوين ،العدد ،5صص.18-14 .
محمد جميل بن علي خياط ( .)1996المبادئ والقيم في التربية اإلسالمية .السعودية :جامعة أم القرى.
محمد عابد الجابري ( .)1973أضواء على مشكل التعليم بالمغرب .الدار البيضاء :دار النشر المغربية.
محمد عابد الجابري ( .)1996الديمقراطية وحقوق اإلنسان ،كتاب في جريدة ،عدد ،95يوليوز .2006إصدارات
اليونيسكو.
محمد عزيز الوكيلي ( .)2012المدرسة ومنظومة القيم الكونية .مجلة عالم التربية ،العدد ،21صص.248-241 .
نورة بوحناش ( .)2013األخالق و الحداثة .الدار البيضاء :أفريقيا الشرق.
Baietto, M.-C. (1985). Le désir d'enseigner. Paris: ESF.
Boederie, R. L. (1991). Le métier d´élève . Paris: Hachette.
Bureau of Democracy, H. R. (2017). international Religious Freedom . New York: United
States Department of state.
Claparède, E. (1968). L'éducation fonctionnelle. Paris: Delachaux et Niestlé.
171
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
مقاربة تحليلية نقدية:اتجاهات نظرية في التربية على القيم
172
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
واقع الممارسة النفسية لألخصائي العيادي بين دوره المهني وظروف الواقع
واقع الممارسة النفسية لألخصائي العيادي بين دوره المهني وظروف الواقع
-【دراسة ميدانية على عينة من األخصائيين النفسانيين الممارسين بالمستشفى الجامعي لوهران
】الجزائر
ملخص
.تهدف هذه الدراسة الوصفية إلى معرفة واقع الممارسة النفسية لدى األخصائي النفساني العيادي
و اعتمدت الباحثتين على مقاربات نظرية ودراسات سابقة لتصميم استبيان يقيس تمثالت األخصائي
واستهدفت الدراسة عينة من األخصائيين النفسانيين العياديين.النفساني للممارسة النفسية في المستشفى
- (الخبرة المهنية: يختلفون في الخصائص التالية،) أخصائيا نفسانيا عياديا20( الممارسين يبلغ عددهم
لباحثتان أنh وأظهرت المعطيات التي حصلت عليها.) الوضعية المهنية-نوع التكوين الجامعي
كما يواجه،األخصائي النفساني يواجه عدة عراقيل في الميدان تتعلق بالمناخ االستشفائي وبيئة العمل
أثبتت النتائج أيضا االختالف في الممارسة.صعوبة في أداء دوره المهني في ظروف عملية غير مناسبة
النفسية بين األخصائيين تعود إلى االختالف في سنوات الخبرة المهنية ونوع التكوين الجامعي (نظام
.) وكذلك الوضعية المهنية (متعاقد ومرسم،)د والكالسيكي.م. ل:التكوين
. الممارسة النفسية؛ األخصائي النفساني؛ الدور المهني؛ المؤسسة االستشفائية:الكلمات المفتاحية
The reality of the psychological practice of the clinical psychologist -between
his professional role and the conditions of reality-
【Field Study On a Sample Of Practising Psychologists at The Hospital Of
University
Of Oran – Algeria】.
Nafissa Mansouri Amina Lassar
mansouri.nafissa@univ-oran2.dz aminala21@hotmail.com
Department Of Psychology And Speech Therapy, Department Of Psychology And Speech Therapy,
Faculty Of Social Sciences, University of Mohamed Ben Faculty Of Social Sciences, University of Mohamed Ben
Ahmed Oran 2 - Algeria Ahmed Oran 2 – Algeria
Abstract
This study explored the reality of the psychological practice of the clinical
psychologist between his professional role and the conditions of reality .The
researchers relied on theoretical approaches and previous studies to design a
questionnaire that measures the perceptions of the psychologist in the hospital.
The sample comprised 20 clinical psychologists at the university hospital of
Oran, who differ in the following characteristics: (professional experience - type
of university training - professional status). The results showed that the clinical
psychologist faces several difficulties related to the hospital climate and the
working environment; and also has difficulty in performing his professional role
in inappropriate working conditions. The data revealed also differences in
psychological practice, which is related to the years of experience and the type
173
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
واقع الممارسة النفسية لألخصائي العيادي بين دوره المهني وظروف الواقع
174
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
واقع الممارسة النفسية لألخصائي العيادي بين دوره المهني وظروف الواقع
مقدمة
تعتبر هوية الممارسة السيكولوجية ومكانتها في المجتمع من بين المواضيع التي أصبحت تطرح
بإلحاح كبير من قبل الممارسين المعنيين بالرغم من أن صورة األخصائي النفساني الزالت تحظى بالقدر
الكافي من االهتمام من قبل المجتمع .فمهنة األخصائي النفساني يميزها قانون أخالقي إنساني قبل أن تكون
أداء على أرض الواقع .وتتميز الممارسة النفسية التي يقوم به األخصائي النفساني العيادي بخصائص
تجعلها مختلفة عن أي ممارسة أخرى ،ذلك أنها مسؤوليته تحمل الكثير من المهام والوظائف التي ينبغي
أن يتحلى بها األخصائي النفساني حتى يتمكن من التوفيق بين دوره المهني وبين شخصيته كممارس.
-إشكالية الدراسة يعتبر الممارس النفساني العيادي اإلطار المتخصص الذي يستخدم اإلجراءات
السيكولوجية ويتعاون مع غيره من األخصائيين في الفريق النفسي مثل :الطبيب واألخصائي االجتماعي
والمرشد النفساني ،كل في حدود إمكاناته ،ويهتم أيضا بصحة المجتمع ووقايته من االضطرابات النفسية.
لذلك فإن تدخله يقع على ذلك الفرد الذي هو بحاجة إلى خدمات نفسية لتحقيق التوافق الشخصي (غريب و
سايحي ،2010 ،ص .)240 .ويتدخل األخصائيون النفسانيون العياديون في ميادين مختلفة :ميدان
الصحة ،الميدان الطبي االجتماعي ،الميـدان القضائي ،الميدان التربوي ،الميدان المهني ،ميدان البحث
وغيرها .ويكونون في اتصال مع مختلف أفـراد المجتمـع (أطفال ،مراهقون ،راشدون ،أشخاص مسـنون،
عاطلون وغيـرهم) .وهـم يواجهـون مشـكالت متعـددة (اإلعاقة ،األمراض العقلية أو الجسدية ،مواقف
صادمة ،اإلدمان ،اإلنهـاك المهنـي ،الشـيخوخة المرضـية وغيرها) .فالنفسانيون العياديون يأخذون بعين
االعتبار كل أشكال المعاناة النفسية ،وحسـب مكـان ممارسـتهم ،فـإن تدخلهم يكون مختلفا (برزوان،
حسيبة ،2016 ،ص .)358 .ويعتبر األخصائي النفساني جزءا من نظام اجتماعي يتكون من مجموعة من
األدوار ،بحيث أن لكل دور جملة من الصفات والكفاءات أو المهارات التي ينبغي التحلي بها ليستطيع
الفرد القيام بمسؤولياته وواجباته على أكمل وجه (قزوي ،جيجقة ،2017 ،ص .)167 .فحسب ما نصت
عليه بعض المواد من القانون ،كالمادة 18من المرسوم التنفيذي رقم 111 -91المؤرخ في 27أفريل
1991فاألخصائي النفساني العيادي يتكلف بجملة من المهمات تحت وصاية مسـؤوليه في قطاع الصحة
العمومية تتمثل في إجراء الفحوصات النفسية ،التقييم النفسي ،التشخيص والتنبؤ النفساني ،المساعدة
النفسانية (الإرشاد ،التوجيه ،المرافقة النفسية لألفراد الذين يعانون من أمراض خطيرة ،التحضير
النفساني للتدخل الجراحي وغيرها) .وتشير المادة 19من نفس المرسوم التنفيذي إلى تطبيق التقنيات
العالجية المتخصصة .أما العمل المؤسسـاتي فيتمثل في تكوين الطاقم الطبي والشبه الطبي .وفيما يخص
الجانب العالئقي مع المريض ،تطبيق بعض العالجات النفسية كالعالج التدعيمي ،العالجات السلوكية
كاالسترخاء والفك اإلشراطي لأللم ،العالجات الخاصة بالرضـع واألطفـال ،وتدبير العالقات اإلنسانية،
والعالج الجماعي (ديناميكيـة الجماعـات ،والسـيكودراما) .إضافة إلى المشـاركة فـي تكـوين األخصائيين
العياديين (برزوان ،حسيبة ،2016 ،صص.)359 -358 .
غير أنه كثيرا ما نجد األخصائي النفساني يواجه العديد من الصعوبات أثناء أدائه لدوره الوظيفي داخل
المؤسسة التي ينتمي إليها ،فبعض هذه الصعوبات تتعلق بالمستوى الشخصي لألخصائي النفساني والذي
قد يعرقل أدائه الوظيفي لمهنته كممارس بسبب نقص التكوين أو نقص خبرته في المؤسسة ،ويتعلق
بعضها اآلخر بالصعوبات المهنية التي تعترض المسار العملي لألخصائي وهو بصدد تأدية وظيفته،
ألسباب تخص النظام اإلداري الذي تسري عليه قوانين المؤسسة االستشفائية أو أسباب عالئقية تخص
عالقاته مع الفريق الطبي المهني ،وقد تكون أسباب أخرى متعددة وراء هذه الصعوبات التي تتحدى الدور
المهني لألخصائي النفساني.
وقد أثبتت العديد من الدراسات الميدانية أن الممارسة النفسية لألخصائي النفساني تواجهها الكثير من
الصعوبات والعراقيل (برزوان ،حسيبة ،2016 ،ص .)362 .وقد بحثت الدراسة األخيرة في واقع
الممارسة الميدانية في الجزائر ودرجة الرضا المهني عند األخصائي النفساني العيادي ،والتي أظهرت
نتائجها أن الرضا المهني لدى األخصائيين النفسانيين الممارسين يرتبط بالنتائج اإليجابية التي يمكـن أن
يحصـلوا عليها في عملهم الميداني مع الحاالت ،وبأن عدم الرضا المهني يرجع إلى النقص في التكوين
المستمر لدى األخصائي الممارس بسبب عدم االنسجام بين التكوين الجامعي وما يجده المتخرج في
175
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
واقع الممارسة النفسية لألخصائي العيادي بين دوره المهني وظروف الواقع
الميدان .كما تناولت دراسة أخرى (دبراسو ،فطيمة ،2010 ،صص )77-75 .أهم الصعوبات التي تواجه
األخصائي النفسي أثناء الممارسة الميدانية ،وتوصلت إلى أن األخصائي النفساني يواجه العديد من
الصعوبات في الممارسة اإلكلينيكية تتعلق بالفشل في التشخيص وعالج الحاالت التي تعرض عليه نتيجة
ضعف تكوينه الجامعي وبالخصوص التكوين الذاتي الشخصي ،إلى جانب نقص التدريب والخبرة المهنية
وعدم وضوح الهوية المهنية بسبب النظرة السلبية للمجتمع تجاه مهنة األخصائي النفساني .وفحصت
دراسة أخرى (محجر وبن سكيريفة )2012 ،واقع الخدمات التي يقوم بها األخصائي النفساني في
المصالح االستشفائية ،والتي خلصت إلى جملة من النتائج التي تؤشر إلى نوعية الصعوبات التي يتلقاها
األخصائي السيكولوجي أثناء قيامه بمهامه المهنية .وهي نفس النتائج التي تؤكدها نتائج دراسة محمدي
فوزية ( )2013التي أرجعت الصعوبات التي يواجهها األخصائي النفساني إلى قلة الوعي االجتماعي
بأهمية عمله بالمستشفى (زهار وترزولت عمروني ،2015 ،ص.)109 .
وتدعم هذا الطرح دراسة كركوش فتيحة ( )2014التي عالجت موضوع الممارسة العيادية بين الراهن
والمأمول ،وانتهت في نتائجها للتأكيد على أن عملية الممارسة العيادية تولي االهتمام للكم على حساب
النوع ،وأضافت أن اإلطار المكاني لعمل األخصائي غير مالئم مما يصعب من مهمة مزاولة الممارسة
النفسية إلى جانب غياب وسائل التشخيص (كركوش .)2014 ،وكذلك دراسة لوشاحي فريدة ()2015
التي عالجت تكوين األخصائي النفساني الجزائري واالستعداد الشخصي ،وتوصلت إلى أن التكوين في
بالدنا أكاديمي محض وليس مهنيا ،بسبب قلة التربص الميداني أثناء المسار الدراسي ،وأوضحت أن
الجانب النظري لألخصائي النفساني مفيد وثري لكنه ال يتماشى والمتغيرات الحاصلة في هذا الميدان
(لوشاحي .)2015،أما دراسة الزروق فاطمة الزهراء ( )2016فتناولت جودة الممارسة النفسانية في
البيئة الجزائرية في ظل بعض المعطيات ،والتي هدفت من خالل دراستها التركيز على المعطيات التي
تشكل عوائق تقف أمام الممارسة النفسية لألخصائي النفساني .وقد استخلصت أن جودة الممارسة النفسية
لدى األخصائي النفساني تعترضها مجموعة من العوائق بعضها تتعلق بالممارس نفسه وبإعداده المهني
وكفاءته وبعضها يتعلق بالتمثل االجتماعي والثقافي لدور األخصائي النفساني في المجتمع (الزروق
،2016،ص.)28 .
وتعزيزا لهذا الطرح الذي تناولت فيه الدراسات الممارسة النفسية لألخصائي النفساني والصعوبات
التي يواجهها في أدائه لمهامه العملية ،تأتي الدراسة الحالية للتعرف على تمثالت األخصائي النفساني
العيادي للممارسة النفسية في المحيط االستشفائي ،بالتركيز على مدى تأثير :الخبرة المهنية ونوع التكوين
الجامعي الذي تلقاه األخصائي النفساني ووضعيته المهنية في المستشفى على ممارسته النفسية .وقد
انطلقت الدراسة من األسئلة التالية:
-ما هي تمثالت األخصائي النفساني العيادي لواقع الممارسة النفسية في الميدان االستشفائي؟
-هل يواجه األخصائي النفساني العيادي صعوبات في أداء دوره المهني؟
-هل توجد فروق في الممارسة النفسية لدى األخصائي النفساني العيادي تغزى إلى متغيرات الخبرة
المهنية ،التكوين الجامعي،الوضعية المهنية.
أهمية الدراسة
إن أهمية عمل األخصائي النفساني في المصالح االستشفائية تزيد من الحاجة إلى التحسيس بقيمة
الممارسة النفسية وضرورة توجيه السلوك الوظيفي لألخصائي النفساني ،وإبراز المهام التي يتكلف بها
وما ينتظر منه كممارس في المحيط االستشفائي ،إلى جانب التحسيس بالحقوق التي ينبغي أن يتمتع بها
األخصائي ليتمكن من أداء دوره المهني.
أهداف الدراسة
تهدف هذه الدراسة إلى الكشف عن واقع الممارسة النفسية لدى األخصائي النفساني العيادي في المحيط
االستشفائي من خالل:
* التعرف على الخدمات التي يقدمها األخصائي العيادي في المؤسسات االستشفائية.
* توضيح مدى تأثير ظروف الواقع االستشفائي على الدور المهني لألخصائي النفساني.
176
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
واقع الممارسة النفسية لألخصائي العيادي بين دوره المهني وظروف الواقع
* تحديد الصعوبات والعراقيل التي تعترض األخصائيين الممارسين داخل المؤسسة االستشفائية أو
خارجها.
فرضيات الدراسة
تحاول الدراسة اإلجابة عن الفرضيات التالية:
-نتوقع أن تمثالت األخصائي النفساني العيادي لواقع الممارسة النفسية في الميدان االستشفائي
منخفضة.
-نتوقع أن يواجه األخصائي النفساني العيادي صعوبة في أداء دوره المهني.
-توجد فروق دالة إحصائيا في الممارسة النفسية لدى األخصائي العيادي تعزى إلى متغيرات الخبرة
المهنية ،والتكوين الجامعي والوضعية المهنية.
مفاهيم الدراسة
تتناول الدراسة الحالية عددا من المفاهيم المرتبطة بأطر نظرية والتي سنحاول أن نحدد معناها
ألمفاهيمي وكيف تم قياسها إجرائيا كما يلي:
* الممارسة النفسية
إن الممارسة النفسية هي مهنة إنسانية في بعديها الذاتي والموضوعي مع إنسان له تاريخه الشخصي
الذي يتشابك فيه ماضيه وحاضره مع تطلعاته المستقبلية .وهي ليست مجرد تعامل مع مواد يتم اختبارها
واستخالصها (دبراسو ،فطيمة ،2010،ص .)65 .كما تمثل ذلك النوع من الممارسات المهنية المرتبطة
بالطب النفسي وتقدم في إطار برامج المؤسسات العمومية التي تهدف إلى دراسة وعالج االضطرابات
النفسية والعقلية (رشوان ،محمد ،2007 ،ص.)324 .
فالممارسة النفسية هي مجموعة الخطوات النفسية المؤدية لتحديد مدى توازن الشخصية والخلل
الطارئ على هذا التوازن ومجموعة الخطوات التي تساعدنا على تحديد خمسة متغيرات في شخصية
المفحوص ونعني بها :التعرف على اضطرابات الشخصية ،تحديد هذه االضطرابات وتصنيفها ضمن
جدول الدالالت المرضية ،تحديد منشأ هذه الضطرابات ،فهم أبعاد الشخصية ومدى نضجها ،المقارنة بين
نضج الشخصية والعمر الزمني للمفحوص (محجر وبن سكيريفة .)2012 ،ويمكن القول بأن الممارسة
النفسية بمفهومها العام هي إعطاء صورة متكاملة ما أمكن عن المفحوص ووضعه انطالقا من إطار
اجتماعي معين وفي تجربة تاريخية يشكالن شرطه اإلنساني ويحددان هويته (غريب وسايحي:2010 ،
.)244
177
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
واقع الممارسة النفسية لألخصائي العيادي بين دوره المهني وظروف الواقع
ص.)353 .
وفي نفس السياق يعرف (أمزيان ،وناس ،2010 ،ص )94 .األخصائي بأنه شخص اكتسب أسس
وتقنيات وطرق سيكولوجية للتعرف على شخصية العميل وتشخيص مشكالته ،وبالتالي وضع خطة
للعالج والوصول به إلى التوافق الشخصي واالجتماعي.
* الدور المهني
الدور المهني يخص القواعد المهنية والخلقية للممارسة النفسانية التي البد من أن يلتزم بها األخصائي
النفساني كأساس الحترام أخالقيات مهنته والدور الذي ينتظره ،وهذه االلتزامات بعضها يتعلق بالممارسة
النفسانية والبعض اآلخر يتعلق بالمفحوص ،ونحاول أن نلخص هذه القواعد في العناصر التالية:
بالنسبة االلتزامات تجاه الممارسة النفسية :ينبغي على األخصائي أن يكون متمتعا ببعض الصفات
مثل:
-احترام دوره المهني بما يفرضه عليه القانون األخالقي للممارسة العيادية.
-اإلعداد الذاتي لألخصائي ومعرفته بحدوده.
-المحافظة على السرية المهنية.
-الحذر واالنتباه من أي استغالل يمس دوره المهني اإلنساني في مقابل تقديم خدمة للمؤسسة التي
يعمل به على حساب المفحوص ،أو استفادته من تسهيالت شخصية خارجة عن إطاره المهني (غريب
وسايحي ،2010 ،ص.)250 .
أما االلتزامات تجاه المفحوص :فإنها تتعلق بكفاءته في التعامل مع المفحوص خالل إدارة عملية
التفاعل بينهما أثناء الفحص مثل :الحفاظ على توازن المفحوص وراحته -أن يكون حياديا وموضوعيا في
ممارسته – شمولية النظرة للمفحوص – أن يتجنب التسرع والتعامل السطحي مع المفحوص (غريب
وسايحي ،2010 ،ص.)251 .
وفي نفس هذا االتجاه لخص (أمزيان ،وناس ،2010،ص )95 .الخصائص الشخصية والمهنية التي
تميز األخصائي النفساني في المجال اإلكلينيكي ،والتي تساعده على القيام بدوره بصورة جيدة ،وتحد من
درجة الغموض التي تكتنف مهنة األخصائي النفساني ،في الخصائص التالية:
أنه شخص رزين وهادئ ،لديه القدرة على الرفع من معنويات اآلخرين.
هو شخص يعرف أسس وتقنيات وطرق علم النفس التي تمكنه من التعرف على شخصية اآلخر.
شخص عملي يمزج في مهنته بين التكوين العلمي النظري والجانب الميداني.
لديه القدرة على التفهم والتقارب مع اآلخر.
لديه القدرة على إقامة عالقة مهنية جادة مع اآلخر.
يجيد إجراء المقابالت ويطبق االختبارات النفسية.
لديه القدرة على التنبؤ باحتماالت تطور حالة العميل.
كما لديه القدرة على التنبؤ بمدى استجابة العميل لمختلف أصناف العالج النفسي.
لديه القدرة على وضع خطة العالج النفسي المناسب والوصول بالعميل إلى التوافق.
178
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
واقع الممارسة النفسية لألخصائي العيادي بين دوره المهني وظروف الواقع
* المؤسسة االستشفائية
حسب تعريف المنظمة العالمية للصحة ( ،)WHOفالمؤسسة االستشفائية هي جزء أساسي من تنظيم
اجتماعي طبي تتلخص وظيفته في تقديم رعاية صحية للسكان ،عالجية أو وقائية ،وتمتد عياداتها
الخارجية إلى البيوت ،كما يعمل كمركز لتدريب القوى العاملة الصحية والقيام ببحوث اجتماعية حيوية
(كرمبيط و درواش ،2017 ،ص.)100 .
واستهدفت الدراسة الحالية المركز االستشفائي الجامعي الذي هو عبارة عن مؤسسة عمومية ذات طابع
إداري تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي ،يتم إنشاؤها بموجب مرسوم تنفيذي بناء على اقتراح
مشترك بين الوزير المكلف بالصحة والوزير المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي (كرمبيط و درواش،
،2017ص.)109 .
179
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
واقع الممارسة النفسية لألخصائي العيادي بين دوره المهني وظروف الواقع
يالحظ من الجدول ( )2أن % 70من أفراد عينة الدراسة ينتمون إلى النظام (الكالسيكي) حيث أن
%50منهم حاصلون على شهادة ليسانس كالسيكي و % 10منهم حاصلون على ماجستير ودكتوراه .أما
النسبة المتبقية من أفراد العينة وهم % 30فإنهم ينتمون إلى النظام (ل.م.د) بحيث % 20منهم حاصلون
على الماستر و % 10على ليسانس (ل.م.د) .ومن هذا التوزيع يتضح أن معظم األخصائيين العياديين
الممارسين حاصلون على التكوين الكالسيكي.
يوضح الجدول ( )3أن % 55األخصائيين الممارسين المتعامل معهم في الدراسة الحالية لديهم خبرة
مهنية تتعدى الخمس سنوات ،و %45منهم ال تتجاوز خبرتهم المهنية خمس سنوات.
أما فيما يتعلق بالوضعية المهنية فإن % 60من األخصائيين وضعيتهم ثابتة و % 40متعاقدون .ومن
هذا التوزيع يتضح أن ما يقارب نصف األخصائيين النفسانيين الممارسين في هذه الدراسة ليس لديهم
استقرار في وضعهم المهني بأماكن عملهم بالمستشفيات.
-أداة الدراسة
لمعالجة متغيرات الدراسة تم تصميم التقنيات البحثية التالية:
* تصميم دليل المقابلة العيادية :استندنا في تحضيرها إلى األسئلة النصف الموجهة والمنظمة ،والذي
تم تطبيقه على ( )5حاالت من نفس عينة الدراسة األصلية ،وتضمن محتوى الدليل األسئلة الموضحة في
الملحق رقم (.)1
* تصميم استبيان الدراسة :يقيس االستبيان واقع الممارسة النفسية كما يتصورها األخصائي النفساني
العيادي بين دوره المهني وظروف الواقع .وخضعت عملية التصميم للخطوات اآلتية:
تحليل محتوى دليل المقابلة :بعد تحليل مضمون دليل المقابلة الذي تم تطبيقه على بعض الحاالت من
أفراد عينة الدراسة ،تم االستفادة من نتائج تحليل محتوى إجابات المفحوصين وتوظيفها كبنود وأبعاد في
تصميم أداة الدراسة.
مراجعة المقاييس المشابهة :قامت الباحثتان باالضطالع على مجموعة من المقاييس واالستبيانات
المحلية التي لها عالقة بهدف الدراسة ،ومن بين هذه المقاييس:
180
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
واقع الممارسة النفسية لألخصائي العيادي بين دوره المهني وظروف الواقع
* استبيان القواعد المهنية للممارسة النفسانية كما يتصورها األخصائي النفساني .لـ غريب العربي
وسليمة سايحي (.)2010
* استبيان واقع الممارسة النفسية لألخصائي النفساني في الفضاء المدرسي لـ عالوي محمد (.)2018
* استبيان تمثالت األخصائي النفساني لعمله السيكولوجي لـ دحو وبن قويدر (.)2017
* استبيان السلوك الوظيفي لألخصائي النفساني لـ دحو وبن قويدر (.)2017
* استبيان األخصائي النفسي العيادي بين التكوين الجامعي والممارسات العملية لـ منصوري مصطفى
(.)2016
* مقياس معوقات الممارسة النفسية في مؤسسات الصحة العمومية بواليات الشرق الجزائري لـ زهار
جمال و ترزولت عمروني حورية (.)2015
وبناء على هذه الخطوات تمكنا من تصميم االستبيان الذي تكون من ( )30فقرة تقيسها األبعاد التالية:
* البعد :1احترام األخصائي النفساني للممارسة المهنية.
* البعد :2التزامات األخصائي النفساني تجاه المفحوص.
* البعد :3عالقة األخصائي النفساني بالوسط الستشفائي.
وفي تقييم محتوى اإلجابات اعتمدنا على البدائل التالية( :نعم -أحيانا -ال) ،وسلم التصحيح التالي:
(نعم=( ، )2أحيانا =( ،)1ال=.)0
أ -الصدق
للتحقق من صدق االستبيان تم عرض األداة على مجموعة من المحكمين وهم أساتذة من جامعة وهران
وتلمسان .وبناء على مالحظاتهم جرى تعديل الصياغة اللغوية لبعض فقرات االستبيان .وبعدها تم اختبار
صدق االتساق الداخلي لالستبيان على عينة الدراسة وهم ( )20أخصائيا نفسانيا .وتم التحقق من مدى
تجانس الفقرات واألبعاد مع مضمون االستبيان الذي يقيس واقع الممارسة النفسية لدى األخصائي
العيادي ،واتضح من البيانات تحقق معامل االرتباط بين فقراته كلها ،وبلغ معامل االتساق (،)0,77
وتحقق ارتباط جميع أبعاده مع فقراته وتراوحت معامالت االرتباط بين ( )0,79-0,69عند مستوى الداللة
(.)0,01
ب -الثبات
في حساب الثبات تم اللجوء لتطبيق طريقة التجزئة النصفية بعد أن تم تجزئة االستبيان إلى جزأين
وحساب معامل االرتباط الذي بلغ ( )0,61وتم تصحيحه بمعادلة -سبيرمان براون -بقيمة قدرت بـ
( .)0,79كما تم اختبار الثبات بمعامل ألفا كرونمباخ الذي بلغت قيمته ( ،)0,81وعليه فإن قيمة معامل
الثبات مرتفعة في كلتا الطريقتين .وتدل على تمتع االستبيان بدرجة مرتفعة من الثبات .ومن خالل نتائج
ثبات وصدق استبيان الدراسة تأكد أنه صالح لالستعمال على عينة الدراسة.
181
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
واقع الممارسة النفسية لألخصائي العيادي بين دوره المهني وظروف الواقع
هي في المستوى المنخفض .وفي معالجة الفرضية تم حساب المتوسطات الحسابية واالنحرافات المعيارية
الستجابات األخصائيين النفسانيين على استبيان الدراسة ،وبعدها تم حساب المدى بين أعلى وأدنى درجة
لبدائل اإلجابة على االستبيان وقسمة الفرق على عدد المستويات ،ثم إضافة الناتج إلى أقل درجة للبدائل،
وتحددت ثالثة مستويات من تمثالت األخصائيين للممارسة النفسية نلخصها في ما يلي:
* يكون تمثل الممارسة النفسية منخفضا :إذا وصلت قيمة المتوسط الحسابي للدرجات إلى ما بين (0
و .)0.66
* يكون تمثل الممارسة النفسية متوسطا :إذا بلغت قيمة المتوسط الحسابي للدرجات ما بين ( 0.67و
.)1.33
* يكون تمثل الممارسة النفسية مرتفعا :إذا بلغت قيمة المتوسط الحسابي للدرجات ما بين ( 1.34و
.)2
والجدول رقم ( )4يوضح النتائج المتحصل عليها:
يتضح من خالل نتائج الجدول ( )4أن انخفاض تمثالت األخصائيين النفسانيين للممارسة النفسية ،كما
يتضح من قيمة متوسط تقدير الدرجة الكلية لالستبيان والتي بلغت ( .)0,64وهذه النتائج توضح أن غالبية
األخصائيين النفسانيين لديهم تمثالت سلبية عن الممارسة النفسية في المحيط االستشفائي وتقديراتهم
منخفضة ،وتتماشى هذه النتائج مع معطيات دراسة سابقة (برزوان حسيبة ،2016 ،ص )362 .هدفت إلى
معرفة واقع الممارسة الميدانية في الجزائر والتأكد من درجة الرضا المهني عند األخصائي النفساني
العيادي والتي انتهت إلى ربط درجة الرضا المهني لألخصائيين النفسانيين الممارسين بالنتائج اإليجابية
التي يمكـن أن يحصلوا عليها في عملهم الميداني مع الحاالت ويرتبط بدرجة مباشرة بالتكوين الذي حصل
عليه األخصائي النفساني.
وأكدت دراسة أخرى (دحو وبن قويدر )229:2017 ،هدفت إلى الكشف على العالقة بين تمثالت
األخصائي النفساني لسلوكه الوظيفي على وجود عالقة بين تمثل العمل السيكولوجي والسلوك الوظيفي
لدى األخصائي النفساني .في حين لم تسجل الفروق داللة إحصائية للسلوك الوظيفي لدى األخصائي
النفساني تعزى لمتغير الصفة المهنية.
2-2عرض ومناقشة نتائج الفرضية الثانية
نص الفرضية :يواجه األخصائي النفساني العيادي صعوبة في أداء دوره المهني في المحيط
االستشفائي .للتحقق من هذه الفرضية قمنا بتحليل نتائج استجابات األخصائيين النفسانيين التي أظهرت أن
األخصائي النفساني يواجه عراقيل في أداءه المهني وفي عالقته مع المحيط االستشفائي .وتم تقييم
المعطيات باالستناد إلى التكرارات والنسب المئوية المتحصل عليها من اإلجابات المشتركة ألفراد عينة
الدراسي ،وهو ما يوضحه الجدول (:)5
182
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
واقع الممارسة النفسية لألخصائي العيادي بين دوره المهني وظروف الواقع
جدول ( :)5أهم الصعوبات التي يواجهها األخصائي النفساني من منظور عينة الدراسة
النسبة المئوية ك الصعوبات التي يواجهها األخصائي النفساني
ن= 20
٪100 20 التهميش األخصائي النفساني
٪70 14 عدم االستقاللية في عمله
٪80 16 الضغط
٪60 12 غياب الدعم المعنوي
وعليه فإن النتائج الظاهرة في الجدول تشير إلى أن عمل األخصائي النفساني في المستشفى تعترضه
العديد من الصعوبات والتي لخصتها اإلجابات المشتركة لعينة الدراسة في ما يلي:
-أكد جميع األخصائيين النفسانيين ( )100٪على التهميش ،واعتبروا أن األخصائي النفساني ال يحظى
بمعاملة مناسبة مقارنة بباقي أعضاء الفريق الطبي من قبل المرضى وأسرهم ،ويجري تبخيس دورهم
داخل الفريق الطبي.
-بالنسبة لمهام األخصائيين النفسانيين داخل المؤسسة االستشفائية أشارت نسبة ( )70٪منهم إلى أن
التقرير السيكولوجي الذي يقدمه األخصائي النفساني ال يأخذ بعين االعتبار من قبل الفريق الطبي المشترك
في التشخيص ،كما أنه ال يتدخل في الممارسة النفسية إال بعد طلب من الفريق الطبي.
-عبر ( )80٪من عينة الدراسة على الضغط المستمر الذي يعيشه األخصائي النفساني بسبب عدم
تسوية ظروفه المهنية (غير مرسم) ،باإلضافة إلى عدم توفير المستلزمات واألدوات العملية التي يتطلبها
عمل األخصائي النفساني كممارس داخل المستشفى.
-وفي األخير أشار ( )60٪من األخصائيين النفسانيين الذين تم مقابلتهم عن غياب الدعم المعنوي
لألخصائي النفساني من فريق المؤسسة ،كما يعمل في ظروف مزرية.
من خالل هذه المعطيات ،يتضح أن الشروط التي يعمل فيها األخصائي النفساني في المحيط
االستشفائي غير مناسبة ،وهي بذلك تعيق أداءه لدوره تجاه المفحوصين وأسرهم .وتتفق نتيجة هده
الفرضية مع ما توصلت إليه نتائج دراسة سابقة (دبراسو ،فطيمة ،2010 ،ص )75 .التي هدفت إلى
التعرف على أهم الصعوبات التي تواجه األخصائي النفساني أثناء الممارسة السيكولوجية .وقد استخلصت
أن األخصائي النفساني يواجه العديد من الصعوبات في الممارسة اإلكلينيكية تتمثل في الصعوبات المهنية
واإلحباطات التي يتعرض لها بسب الفشل في تشخيص وعالج الحاالت التي تعرض عليه ،إضافة إلى
عدم وضوح الهوية المهنية لألخصائي .وأكدت دراسة أخرى أن ٪ 55تقريبا من األخصائيين النفسانيين
على أن أبرز الصعوبات التي تواجه األخصائي النفساني أثناء الممارسة الميدانية هي النظرة السلبية
للمجتمع تجاه مهنة األخصائي النفساني (عالوي وشوشان ،2018 ،ص.)241 .
كما تتفق نتائج هذا الدراسة مع نتائج دراسة أخرى (محمدي ،فوزية )2013 ،هدفت إلى الكشف عن
معوقات الممارسة النفسية التي تواجه األخصائيين النفسانيين ،وخلصت إلى التأكيد على أن صعوبة
الممارسة النفسية ترجع إلى قلة الوعي االجتماعي بأهمية عمل األخصائي النفساني.
وتؤيد هذه النتائج معطيات بحث آخر (كركوش ،فتيحة )2014 ،فحص الصعوبات التي تعترض عمل
الممارس السيكولوجي .وقد استنتج هذا البحث أن عملية توظيف األخصائي النفساني تتم في ظل غياب
الوسائل الضرورية التي تتيح له القيام بمهامه .كما أن توقيت عمل األخصائي النفساني ال يتيح له إمكانية
االحتكاك مع أخصائيين نفسانيين آخرين لتطوير خبرته ،إلى جانب أن ظروف عمل األخصائي النفساني
غير مالئمة مما يصعب من مهمة مزاولة الممارسة النفسية عالوة على غياب وسائل التشخيص.
وتضيف الباحثة (الزروق ،فاطمة الزهراء ،2016،ص )28 .أن جودة الممارسة النفسية لدى
األخصائي النفساني تعترضها مجموعة من العوائق بعضها يتعلق بالممارس نفسه وبتكوينه المهني
وكفاءته وبعضها يتعلق بالتمثل االجتماعي والثقافي لدور الممارس النفسي في المجتمع .وأشارت دراسة
أخرى (منصوري مصطفى ،2016 ،ص )210 .إلى أن األخصائي النفساني العيادي يعاني من مجموعة
من الصعوبات أبرزها تلك التي تتعلق بتكوينه الجامعي والحاالت التي يتابعها وأسرهم ،وتليها الصعوبات
183
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
واقع الممارسة النفسية لألخصائي العيادي بين دوره المهني وظروف الواقع
المتعلقة بالمؤسسة االستشفائية وظروف العمل ،ثم تأتي في األخير الصعوبات المتعلقة بالبيئة المحلية
والمحيط االجتماعي والثقافي.
3-2عرض ومناقشة نتائج الفرضية الثالثة
نص الفرضية :توجد فروق في الممارسة النفسية بين األخصائيين النفسانيين تعزى إلى متغيرات
الخبرة المهنية ،والتكوين الجامعي ،والوضعية المهنية .والختبار صحة الفرضية تم استخدام اختبار (ت)
لعينتين مستقلتين لكل متغير من المتغيرات الثالثة ،بهدف توضيح الفروق بينها .وتوضح الجداول ()6
و( )7و( )8النتائج الخاصة بهذه الفرضية:
جدول ( :)6الفروق بين األخصائيين النفسانيين في الممارسة النفسي تبعا لمتغير التكوين الجامعي
م.د ت د.ح ا.م م.ح العدد التكوين الجامعي المتغير
0.01 1,32 18 4,32 13,36 14 نظام الكالسيك الدرجة
الكلية
3,21 10,98 6 نظام (ل.م.د)
تظهر قيمة (ت) في الجدول ( )6وجود فروق بين متوسطات درجات األخصائيين النفسانيين في
استبيان الدراسة ،بحيث تباين المتوسط الحسابي بين األخصائيين من النظام الكالسيكي ونظام (ل.م.د).
وبما أن قيمة ت بلغت ( )1.32وهي قيمة دالة إحصائيا عند مستوى ( ،)0.01فإننا بالتالي نقبل فرض
البحث الذي يشير إلى وجود فروق في الممارسة النفسية بين األخصائيين النفسانيين تبعا الختالف تكوينهم
الجامعي .وهو ما يؤكد أن األخصائيين النفسانيين المنتمين للنظام الكالسيكي حصلوا على تكوين جامعي
أفضل من األخصائيين من نظام (ل.م.د) .وهذا راجع لمصداقية النظام الكالسيكي في تأهيل الممارسين
العياديين لالستفادة من التكوين المناسب في هذا المجال مقارنة مع النظام اآلخر.
وتتفق نتائج هذه الفرضية مع ما استخلصته دراسة دبراسو فطيمة ( ،2010ص )77 .التي وجدت أن
أسباب الصعوبات التي يواجهها األخصائي النفساني ترجع إلى ضعف التكوين الجامعي وبالخصوص
التكوين الذاتي الشخصي ،وترجع أيضا إلى نقص التدريب والتربص الميداني ،وإلى نقص الخبرة المهنية.
كما تؤيد دراسة لوشاحي فريدة ( )2015التي تناولت تكوين األخصائي النفساني الجزائري واالستعداد
الشخصي ،وانتهت إلى أن التكوين في بالدنا أكاديمي محض وليس مهنيا ،بسبب قلة التربص الميداني
أثناء المسار الدراسي ،وأن الجانب النظري لألخصائي النفساني مفيد وثري لكنه ال يتماشى والمتغيرات
الحاصلة في هذا الميدان (زهار و ترزولت عمروني ،2015 ،ص.)109 .
جدول ( :)7الفروق بين األخصائيين النفسانيين في الممارسة النفسي تبعا لمتغير الوضعية المهنية
م.د ت د.ح ا.م م.ح العدد الوضعية المهنية المتغير
0.01 1,87 18 3,98 11,54 12 الثابت (مرسم) الدرجة
الكلية
2,68 9,65 8 متعاقد
تظهر قيمة (ت) في الجدول ( )7وجود فروق بين متوسطات درجات األخصائيين النفسانيين في
استبيان الدراسة ،بحيث تباين المتوسط الحسابي بين األخصائيين النفسانيين (الثابت والمتعاقد) .وبما أن
قيمة ت بلغت ( )1.87وهي قيمة دالة إحصائيا عند مستوى ( ،)0.01فإننا بالتالي نقبل فرض البحث الذي
يشير إلى وجود فروق في الممارسة النفسية بين األخصائيين بحسب اختالف وضعيتهم المهنية ،حيث نجد
أن األخصائي النفساني المتعاقد يعيش ضغوطا كثيرة تتعلق بحالته االقتصادية والمادية والتي تؤثر على
أدائه لدوره المهني ،بخالف األخصائي النفساني الثابت ربما تواجهه ضغوط وعراقيل أخرى ،لكنه ال
يعاني من نفس المشاكل والضغوط التي يجابهها األخصائي النفساني المتعاقد.
وبالرغم أن هناك بعض الدراسات التي لم تؤيد نتيجة هذا الطرح (دحو وبن قويدر ،2017،ص.
184
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
واقع الممارسة النفسية لألخصائي العيادي بين دوره المهني وظروف الواقع
،)229إذ تبين من نتائج هذه الدراسة عدم وجود اختالف في السلوك الوظيفي لدى األخصائي النفساني
بسبب اختالف في صفته المهنية .غير أن هذه النتائج تبقى نسبية ،وال تنفي عدم وجود فرق في طبيعة
الممارسة بين األخصائيين النفسانيين تبعا الختالف الوضعية المهنية التي يعيشها األخصائي النفساني
الممارس.
جدول ( :)8الفروق بين األخصائيين النفسانيين في الممارسة النفسية تبعا لمتغير الخبرة المهنية
م.د ت د.ح ا.م م.ح العدد الخبرة المهنية المتغير
0.01 1,44 18 2,97 10,36 9 أقل من 5سنوات الدرجة
الكلية
4,36 13,64 11 أكثر 5سنوات
تظهر قيمة (ت) في الجدول ( )8وجود فروق بين متوسطات درجات األخصائيين النفسانيين على
استبيان الدراسة ،بحيث تباين المتوسط الحسابي بين األخصائيين الذين لديهم خبرة مهنية تقل عن (5
سنوات) وبين األخصائيين النفسانيين الذين لديهم خبرة تتعدى ( 5سنوات) .وبما أن قيمة ت بلغت
( ،)1.45وهي قيمة دالة عند مستوى ( .)0.01فإننا بالتالي نقبل فرض البحث الذي يشير إلى وجود فروق
في الممارسة النفسية بين األخصائيين بحسب اختالف خبرتهم المهنية.
خالصة
أظهرت نتائج البحث الميداني أن األخصائي النفساني في مؤسسة استشفائية كبيرة ،تتضمن عدة
تخصصات عالجية (طب عام ،جراحة )...يقوم أحيانا بعمل ليس من اختصاصه كتغيير الضمادات.
وبينما يتطوع بعضهم للقيام بذلك بقولهم( :نعاونهم) ،هناك من يكونون مجبرين على ذلك من قبل أحد
أعضاء الفريق الطبي .ويبرر بعض األخصائيين النفسانيين هذا الوضع بعدم اإليمان بوظيفة األخصائي
النفساني في الوسط االستشفائي ،وهناك من يبرر ذلك بعدم معرفة الفريق الطبي بالمهام األساسية
لألخصائي النفساني .كما أن كثيرا من األخصائيين النفسانيين يجهلون المهام المنوطة بهم ،بقولهم:
(ماعليش ،ما فيها والو) .وهناك من انحرف عن المهام األساسية له (تكفل نفسي -مرافقة نفسية) ليهتم
باألمور اإلدارية ( مأل سجالت إدارية -معاينة األرشيف) .وبخصوص التقرير السيكولوجي الخاص
بالمرضى ،فقلما يؤخذ بعين االعتبار ،ويدمج مع التقرير الطبي كتكفل طبي نفسي ،ما عدا في جناح
أمراض األعصاب وجناح الطب الفيزيائي .ويرجع ذلك حسب األخصائيين النفسانيين في بعض
المؤسسات االستشفائية إلى عدم توفر أدوات القياس السيكولوجي ،وهذا أدى إلى االعتماد على المقابالت
مع عدم التمكن من الوسائل اإلسقاطية ،كأحد محاور التكوين األكاديمي .واعتبرت هذه الشهادات أن
العراقيل المعكرة لبيئة العمل في الوسط االستشفائي ،أفرزت ضغوطات مهنية كالتأخر المهني ،ووعكات
صحية كارتفاع الضغط الدموي ،وأمراض الظهر ،والصراع النفسي والصراع بين زمالء العمل.
وبسبب هذا الواقع المهني لم يتم دمج مهام األخصائي النفساني كوظيفة أساسية لخدمة المرضى ،إضافة
إلى عدم الثقة فيهم من قبل الفريق الطبي في كثير من المؤسسات االستشفائية ،وميل المرضى إلى التكفل
الطبي أكثر من التكفل النفسي .كما أن الخبرة المهنية لها دور في إثبات مكانة األخصائي النفساني .ويظهر
صراع بين الزمالء في حاالت أخرى عندما يقوم األخصائي النفساني المتعاقد بنفس المهام أو يعمل لنفس
عدد ساعات يوميا ،لكنه يتقاضى راتبا شهريا أقل ،رغم أنه في بعض األحيان قد يكون تكوينه كالسيكيا.
ويتبين من نتائج الدراسة الحالية أن أهم المتغيرات التي تؤدي إلى فروق في دور األخصائي النفساني
تكمن في تسوية الوضعية المهنية بالترسيم ،وهذه األخيرة كفيلة بمنحه مكانة بين الفريق الطبي وفي الوسط
االستشفائي .وتأتي الخبرة كمتغير ثانوي قد ال يؤخذ بعين االعتبار في كثير من المؤسسات االستشفائية.
توصيات
على ضوء ما توصلنا إليه من خالل هذه الدراسة ،ارتأينا أن نقدم بعض التوصيات الخاصة بالممارسة
النفسية لألخصائي النفساني في الوسط االستشفائي ،وتتمثل في ما يلي:
185
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
واقع الممارسة النفسية لألخصائي العيادي بين دوره المهني وظروف الواقع
* تكثيف ابلرامج التكوينية لألخصائي النفساني لرفع كفاءته المهنية خصوصا مستوى (ل.م.د)
وضعاف الخبرة ،وتطوير الجانب التطبيقي كاستعمال أدوات القياس النفسي مثل االختبارات اإلسقاطية.
* القيام بحملة تحسيسية في المؤسسات االستشفائية للتعريف بأهمية دور األخصائي النفساني في التكفل
العالجي بالمرضى.
* احترام وقت الدوريات لطاقم الفريق الطبي بما في ذلك األخصائي النفساني.
* تخصيص فترة استراحة لجميع أفراد الفريق الطبي ،لتفادي تأزم العالقات المهنية ،وهذا ينعكس على
صحة المرضى.
* ال بد لألخصائي النفساني من أن يلتزم حدود مهنته وأال يقوم بمهام خارجة عن اختصاصه حتى لو
طلب منه ذلك.
* االطالع على الميثاق الوطني الخاص بحقوق وواجبات األخصائي النفساني.
186
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
واقع الممارسة النفسية لألخصائي العيادي بين دوره المهني وظروف الواقع
المراجع
أمزيان ،وناس ( .)2010األخصائي النفساني الممارس في الوسط العقابي بين أخالقيات المهنة ومتطلبات الوظيفة.
مجلة اآلداب والعلوم االجتماعية ،جامعة سطيف ،)11(7 ،2صص.104-93 .
أوزنجة ،العيد ( .)2013عوامل الصحة النفسية لدى السيكولوجي العيادي الممارس في الجزائر .مجلة العلوم اإلنسانية،
العدد ( ،)40صص.283-245 .
رزوان ،حسيبة ( .)2016الرضا المهني والكفاءة المهنية لدى األخصائي النفساني العيادي في الجزائر .مجلة الباحث
في العلوم اإلنسانية واالجتماعية ،جامعة قاصدي مرباح ورقلة ،)27( 8 ،صص.362 -357 .
حسن مصطفى ،عبد المعطي ( .)1998علم النفس اإلكلينيكي ،القاهرة :دار قباء للطباعة والنشر.
دبراسو ،فطيمة ( .)2010أهم الصعوبات التي تواجه األخصائي النفسي أثناء الممارسة الميدانية – دراسة ميدانية لمدينة
بسكرة .مجلة العلوم االنسانية واالجتماعية ،جامعة لمين دباغين سطيف ،العدد ،11صص.79-64 .
دحو ،مختارية وبن قويدر ،أحمد ( .)2017تصورات المختص النفساني العيادي لعمله السيكولوجي وعالقتها بسلوكه
الوظيفي دراسة ميدانية بالقطاع الصحي لوالية مستغانم .مجلة العلوم اإلنسانية ،جامعة أم البواقي ،العدد ( ،)8صص.
.241-229
رشوان ،محمد .)2007( ،الممارسة المهنية للخدمة االجتماعية في المجـال النفسـي والعقلـي( ،ب.ط) .اإلسكندرية :دار
المكتـب الجـامعي.
الزروق ،فاطمة الزهراء .)2016( ،جودة الممارسة النفسانية في البيئة الجزائرية في ظل بعض المعطيات .مجلة العلوم
االجتماعية ،جامعة عمار ثليجي األغواط ،)17( 5 ،صص.39-28 .
زهار ،جمال وترزولت عمروني ،حورية ( .)2015معوقات الممارسة النفسية في مؤسسات الصحة العمومية بواليات
الشرق الجزائري-معاينة ميدانية .مجلة العلوم اإلنسانية واالجتماعية ،جامعة قاصدي مرباح -ورقلة ،العدد ،21صص.
.112 -101
شرفي ،محمد الصغير و طالب ،حنان و حافري ،زهية غنية ( .)2010واقع الممارسة النفسية العيادية في الجزائر.
مجلة اآلداب والعلوم االجتماعية ،جامعة سطيف ،)11( 7 ،2صص.19-6 .
عبد الرحيم ،خديجة" .)2018(،تكوين األخصائي النفسي في الجامعة الجزائرية مشروع بناء مقياس لتقييم مخرجات
تخصص علم النفس العيادي" .المجلة المغاربية للدراسات التاريخية واالجتماعية ،جامعة جياللي اليابس سيدي بلعباس9 ،
( ،)2صص.)362 -350( .
عالوي ،محمد وشوشان ،محمد الطاهر ( .)2018واقع التكفل النفسي لدوي صعوبات التعلم في الوسط المدرسي .مجلة
تطوير ،جامعة سعيدة ،)1( 5 ،صص.255 -235 .
العلي ،وائل حسن أمين ( .)2001الوعي بـاألدوار المهنيـة للخدمـة النفـسية لـدى العـاملين في القطـاع الـصحي بمنطقة-
تبوك .رسالة ماجستير غير منشورة لنيل شهادة الماجستير في (التخصص) ،جامعة نايف العربية للعلوم األمنية ،الرياض.
غريب ،العربي وسايحي ،سليمة ( .)2010القواعد المهنية للممارسة السيكولوجية من خالل تصورات المختصين
النفسانيين .مجلة العلوم اإلنسانية واالجتماعية ،العدد ( ،)1صص.261 -237 .
قزوي ،ججيقة ( .)2017المهارات االتصالية وعالقتها بالرضىا الوظيفي لدى االختصاصي النفسي العيادي .مجلة
دراسات في العلوم اإلنسانية واالجتماعية ،جامعة الجزائر ،2العدد ( ،)30صص.176-166 .
كركوش ،فتيحة ( .)2014الممارسة العيادية بين الراهن والمأمول -دراسة استطالعية .مجلة البحوث والدراسات
اإلنسانية ،جامعة سكيكدة ،)9(5 ،صص.222 -203 .
كرمبيط ،رشيدة ودرواش ،رابح ( .)2017دور المؤسسة االستشفائية في تحقيق مطلب الصحة .مجلة آفاق لعلم
االجتماع ،جامعة البليدة ،)1(7 ،2صص.117-98 .
محجر ،ياسين وبن سكيريفة ،مريم ( .)2012واقع عمل األخصائي النفسي في المؤسسات االستشفائية .ورقة عمل
مقدمة إلى ملتقى وطني حول :إشكالية العلوم االجتماعية واقع وآفاق ،جامعة قاصدي مرباح ،مارس ،2012ورقلة.
منصوري ،مصطفى ( .)2016األخصائي النفسي العيادي بين التكوين الجامعي والممارسات العملية .مجلة الحقيقة،
جامعة أحمد دراية -أدرار ،)39(15 ،صص.230-210 .
187
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
واقع الممارسة النفسية لألخصائي العيادي بين دوره المهني وظروف الواقع
ملحق
دليل المقابلة العيادية
【 واقع الممارسة النفسية كما يتصورها األخصائي النفساني العيادي بين دوره المهني وظروف
الواقع في الوسط االستشفائي】.
-1المعلومات الشخصية:
الجنس ............................................:العمر.............................:
الحالة المدنية ....................................:التكوين الجامعي.................:
الخبرة المهنية ...................................:الوضعية المهنية.................:
تاريخ الوضعية المهنية .........................:مكان اإلقامة.................... :
188
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية وعالقتها بالسلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية
األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية وعالقتها بالسلوك العدواني لدى طلبة المدارس
الثانوية في محافظة بيت لحم
189
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية وعالقتها بالسلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية
directed against others for the gender variable; these differences were in favor
of males. And for the residency area variable in favor of the city. While there
were no differences in the variable of current class.
Keywords: traumatic events; Israeli violations; aggressive behavior; high
school students.
190
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية وعالقتها بالسلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية
مقدمة
إن األوضاع الصعبة التي يمر بها الشعب الفلسطيني والتي تتمثل في التعرض إلطالق الرصاص
وقصف البيوت والمدارس واألماكن الخاصة والعامة واستنشاق الغاز واصابة األطفال والبالغين
بالرصاص ومشاهدة المصابين والشهداء يجعل لدينا أكبر شريحة عرضة للمعاناة والخبرات النفسية
الصادمة والتي توصف بأحداث مفاجئة وغير متوقعة تكون خارج حدود الخبرة اإلنسانية العادية تهدد أو
تدمر صحة الفرد أو حياته( ،ثابت.)2007 ،
إن الشباب الفلسطينيين يتعرضون للعديد من االنتهاكات اإلسرائيلية المتمثلة في االعتقال والقتلإ ْذ َّ
والتشريد والتعذيب واالغتيال واإلذالل النفسي والجسدي ،وهذا أدى الى ظهور صدمات غير متوقعة من
بينها فقدان األمن واألمان ،واإلحباط من الحاضر المؤلم والمستقبل المظلم (سعادة ،أبو زيادة ،زامل،
.)2002
ويرى علماء النفس أن األشخاص الذين تعصف بهم الحروب واألزمات يكونون في مرمى اإلصابة
بالمشكالت النفسية أكثر ممن لم يختبروا هذه الظروف العصبية .وإن استمرار التعرض لمثل هذه
الظروف الضاغطة يُفضي إلى عجز الفرد عن تحمله واحتوائه ،وبالتالي يؤدي الى اختالل في التوازن
النفسي لديه ،ويُال َحظ في هذه األيام زيادة كبيرة في عدد حاالت االضطرابات النفسية (جاسم،
.)2013ومن االضطرابات النفسية المهمة في مجال علم النفس اضطراب ضغوط ما بعد الصدمة Post-
) Traumatic Stress Disorder (PTSDوهو اضطراب نفسي يصيب الفرد بسبب تعرضه لمواقف أو
خبرات تهدد حياته ،مما يشعر الفرد بالمعاناة واأللم مرارا ً وتكرارا ً نتيجة هذه الخبرات ،وتأخذ هذه
المعاناة شكل األفكار والذكريات المؤلمة والمزعجة (مهدي.)2008 ،
وتشير بعض الدراسات ،ومنها دراسة كل من ثابت ،ومهنا ( )2008التي فحصت تأثيرات ويالت
الحروب على األطفال في قطاع غزة ولبنان على التوالي ،وأكدت ذلك دراسات أخرى ( La Greca,
.)Silverman, Vemberg & Roberts, 2002وعادة ما تصاحب الصدمات النفسية أحداث صادمة
يكون لها تأثير سيء على البناء النفسي للفرد ويتوقف تأثير الصدمات النفسية على عوامل كثيرة (شعبان،
)2013
ويعد العدوان من المشكالت السلوكية واالنفعالية ،وهو رد فعل لإلحباط والمعاملة السيئة ،وهو شعور
قوي بعدم الرضا ،ويكون موجها ً نحو شخص أو شيء ما ،مما يؤدي إلى حدوث حالة انفعالية تسبب األذى
واالنزعاج للشخص المعني ،ويكون الهدف من هذا االنفعال حماية الذات من التعرض لمثل هذا األذى
مستقبالً .)(Smith & Furlong, 1998
وعندما ي كون المراهق في حالة من اإلثارة المفرطة ينخفض مستوى التركيز لدى الفرد ألن الفرد في
حالة تأهب للحدث الصادم ،مما يؤدي الى انخفاض في تقدريهم لذاتهم وبالتالي تظهر لديهم سلوكيات غير
صحيحة وغير مرغوبة للمعلمين كالسلوكيات العدوانية ،وهذا استجابة للحدث الصادم ( & Lawson
.)Quinn ,2013
والطلبة لديهم الكثير من المشكالت والضغوطات المختلفة في طبيعتها وعناصرها ،فيسعون دائما ً إلى
اكتساب المعارف والمهارات واالتجاهات المناسبة التي تمكنه من مواجهة تلك األحداث والضغوطات
وحل المشكالت المرتبطة بها (.)Erozkan, 2013
وبما أن مرحلة الطالب مرحلة هامة في تكوينه االجتماعي والتربوي ،إذ يسلك بعض الطلبة في هذه
المرحلة سلوكيات غير مرغوبة بها ،لذلك فتعليم الطالب إدارة غضبه ينطوي على تجنب المشكالت
السلوكية والتعامل مع هذه المشكالت (.)Niker & Sekitoleko, 2009
الدراسات السابقة
أجرى الجوراني ( )2017دراسة بهدف التعرف إلى األحداث الضاغطة نتيجة الحروب واالحتالل وما
تبعها من أحداث ،ومنها اضطراب ما بعد الصدمة PTSDوالكآبة والمشكالت الصحية األخرى ،وتم
اختيار عينة مكونة من 20شخصا ،وتوصلت الدراسة إلى عدة نتائج أبرزها تعرض األفراد ألحداث
191
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية وعالقتها بالسلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية
مختلفة خالل حياتهم منها التعرض لالنفجارات ( ،)70%مقتل أحد األقرباء ( ،)53%مشاهدة أعمال
العنف والقتل ( ،)47%التعرض لتهديد مسلح ( ،)17%االعتقال ( ،)11%التهجير ( ،)5%أو الشعور بأن
حياتهم تحت التهديد ( .)88%وسعت دراسة جاسم ( )2013إلى التعرف على اضطراب ما بعد الضغوط
الصدمية وعال قته بالسلوك العدواني لدى تالميذ المدارس االبتدائية ،وقد تكونت عينة الدراسة من 100
تلميذ من الجنسين ،وأظهرت عدة نتائج أبرزها ظهور السلوكيات العدوانية لدى األطفال الذين تظهر عليهم
أعراض الصدمة ،ولم تكن هناك فروق دالة بين الذكور واإلناث في مستوى اضطراب الصدمة في حين
ظهر هناك فرق دال في مستوى السلوك العدواني لصالح الذكور ،وتبين أن هناك عالقة ارتباطية دالة بين
اضطراب الصدمة والسلوك العدواني.
وتناولت دراسة كواد ( )2011أشخاصا تعرضوا الضطراب ما بعد الضغوط الصدمية ،وقاست
مستوى اضطراب ما بعد الصدمة ومستوى العنف لدى الطلبة المصابين باضطراب ما بعد الصدمة،
وتكونت العينة من 200تلميذ وتلميذة من طلبة المرحلة اإلعدادية في محافظة األنبار ،وقد أظهرت
الدراسة عدة نتائج أبرزها أن مستوى اضطراب ما بعد الصدمة كان مرتفعاً ،وأن مستوى العنف لدى طلبة
اضطراب ما بعد الصدمة كان مرتفعاً ،باإلضافة إلى وجود عالقة ارتباطية دالة إحصائيا بين اضطراب
ما بعد الصدمة والعنف لدى طلبة المرحلة اإلعدادية.
وأجرى العباسي ( ) 2011دراسة بعنوان قياس مستوى العدوان لدى طلبة المرحلة الرابعة والفرق في
العدوانية حسب متغير الجنس وقياس مستوى األحداث الضاغطة لدى الطلبة ،بلغت عينة الدراسة 300
طالبا ً من طلبة معاهد اعداد المعلمين والمعلمات ،وتوصلت نتائج الدراسة الى أن مستوى العدوان لدى
الطلبة أدنى من الوسط الفرضي ،إضافة إلى وجود فروق بالعدوان لصالح الذكور ،وكان مستوى أحداث
الحياة الضاغطة لدى الطلبة أدنى من الوسط الفرضي.
أما دراسة أبو مصطفى و السميري ( )2008فهدفت إلى التعرف على عالقة األحداث الضاغطة
بالسلوك العدواني ،وتكونت عينة الدراسة من ( )524طالبا وطالبة من طالب جامعة األقصى ،وأشارت
النتائج إلى وجود عالقة دالة موجبة بين مجاالت كل من مقياس األحداث الضاغطة ،والسلوك العدواني،
ووجدت فروق ذات داللة إحصائية بين الجنسين في كافة مجاالت دراسة األحداث الصادمة .وكانت
لصالح اإلناث مع وجود فروق معنوية بين الجنسين في السلوك العدواني الموجه نحو الممتلكات الجامعية
لدى الذكور.
ورمت دراسة أخرى ( )Sullivan, Muskett, Smith & Jones, 2017إلى فحص العدوان عند
األطفال والمراهقين بعد حريق سكني؛ وأجريت هذه الدراسة على عينة مكونة من 135طفالً نجوا من
الحريق السكني ،وتوصلت نتائج الدراسة إلى أن األطفال الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة
يظهرون أعراضا عدوانية.
كما أجرى حجازي ) )Hijazi, 2015دراسة بهدف التعرف على الخبرات الصادمة الناجمة عن
االنتهاكات اإلسرائيلية وعالقتها بالمشاكل السلوكية لدى أطفال محافظة القدس ،وتكونت العينة من ()621
طفل .وأظهرت الدراسة أن األطفال الذين تعرضوا لتجارب صادمة من اإلسرائيليين ظهرت لديهم مشاكل
سلوكية .وتوصلت هذه الدراسة إلى أن %34.9من األطفال تعرضوا لتجارب مؤلمة ناجمة عن
االنتهاكات اإلسرائيلية ،وكانت هناك فروق ذات داللة إحصائية بين األطفال في الدرجة الكلية للمشكالت
السلوكية لصالح اإلناث.
وقام الطويل ( )Altawil, 2008بدراسة تأثير الحروب المزمنة على األطفال الفلسطينيين ،وبلغت
عينة الدراسة ( )137طفالً ترواحت أعمارهم ما بين 18-10عاماً .وتوصلت الدراسة إلى أن كل طفل
فلسطيني تعرض لما يقل عن ثالثة أحداث صادمة .وكانت الصدمات األكثر شيوعا ً التي تعرض لها
األطفال الفلسطينيين موزعة كما يلي :عانى ( )99%من األطفال من الذل إما ألنفسهم أو على أحد أفراد
األسرة ،وتعرض ( )97%لصوت االنفجارات ،وشهد ( )85%جنازة شهيد ،وسمع ( )84%صوت
قصف الدبابات والطائرات.
192
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية وعالقتها بالسلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية
مشكلة الدراسة
تتزايد الضغوطات النفسية يوما ً بعد يوم بسبب انتهاكات سلطات االحتالل اإلسرائيلي ،وبلغت هذه
الضغوط درجة من الشدة بحيث تتجاوز قدرة الكثير من األفراد على تحملها .ومن بين هذه الضغوط ،نجد
األحداث الصادمة بكل أنواعها الطبيعية وغير الطبيعية المسببة للصدمات النفسية .وتعتبر شريحة الشباب
األكثر تأثرا ً بهذه األحداث ،وتتخذ آثارها أشكاالً مختلفة تتمظهر في االضطرابات النفسية والمشاكل
السلوكية والمشاكل األكاديمية والسلوكيات العدوانية .ومن هنا تأتي هذه الدراسة لتجيب على السؤال
الرئيس التالي :ما هي األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية وعالقتها بالسلوك العدواني
لدى طلبة المدارس الثانوية في محافظة بيت لحم؟
أهداف الدراسة
-1التعرف على مستوى األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية لدى طلبة المدارس
الثانوية في محافظة بيت لحم.
-2التعرف على مستوى السلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية في محافظة بيت لحم.
-3التعرف على العالقة بين األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية والسلوك العدواني
لدى طلبة المدارس الثانوية في محافظة بيت لحم.
-4التعرف على الفروق في مستوى األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية لدى طلبة
المدارس الثانوية في محافظة بيت لحم حسب متغيرات الجنس ،ومكان السكن ،والصف الحالي.
-5التعرف على الفروق في السلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية في محافظة بيت لحم حسب
متغيرات الجنس ،ومكان السكن ،والصف الحالي.
أسئلة الدراسة
-1ما مستوى األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية لدى طلبة المدارس الثانوية في
محافظة بيت لحم؟
-2ما مستوى السلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية في محافظة بيت لحم؟
-3هل توجد عالقة بين األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية والسلوك العدواني لدى
طلبة المدارس الثانوية في محافظة بيت لحم؟
-4هل يختلف مستوى األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية لدى طلبة المدارس
الثانوية في محافظة بيت لحم حسب متغيرات الجنس ،ومكان السكن ،والصف الحالي؟
-5هل يختلف مستوى السلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية في محافظة بيت لحم حسب
متغيرات الجنس ،ومكان السكن ،والصف الحالي؟
فرضيات الدراسة
-1توجد عالقة ذات داللة احصائية عند مستوى الداللة ( )α≥0.05بين األحداث الصادمة الناجمة عن
االنتهاكات اإلسرائيلية والسلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية في محافظة بيت لحم.
-2ال توجد فروق ذات داللة إحصائية عند مستوى الداللة ( )α≥0.05في مستوى األحداث الصادمة
الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية لدى طلبة المدارس الثانوية في محافظة بيت لحم يعزى لمتغير الجنس.
-3ال توجد فروق ذات دالله إحصائية عند مستوى الداللة( )α≥0.05في مستوى األحداث الصادمة
الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية لدى طلبة المدارس الثانوية في محافظة بيت لحم يعزى لمتغير مكان
السكن.
-4ال توجد فروق ذات داللة إحصائية عند مستوى الداللة ( )α≥0.05في مستوى األحداث الصادمة
الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية لدى طلبة المدارس الثانوية في محافظة بيت لحم يعزى لمتغير الصف
الحالي.
193
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية وعالقتها بالسلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية
-5ال توجد فروق ذات دالله إحصائية عند مستوى الداللة ( )α≥0.05في مستوى السلوك العدواني
لدى طلبة المدارس الثانوية في محافظة بيت لحم يعزى لمتغير الجنس.
-6ال توجد فروق ذات دالله إحصائية عند مستوى الداللة ( )α≥0.05في مستوى السلوك العدواني
لدى طلبة المدارس الثانوية في محافظة بيت لحم يعزى لمتغير مكان السكن.
-7ال توجد فروق ذات دالله إحصائية عند مستوى الداللة ( )α≥0.05في مستوى السلوك العدواني
لدى طلبة المدارس الثانوية في محافظة بيت لحم يعزى لمتغير الصف الحالي.
أهمية الدراسة
ً ً
تكمن أهمية الدراسة في أهمية الموضوع الذي تتناوله ،حيث تتناول موضوعا معاشا في األراضي
الفلسطينية إذ يعاني الشعب الفلسطيني بكافة شرائحه ظروفا ً صعبة جدا ً نفسيا ً واجتماعيا ً واقتصاديا ً
وسياسيا ً وجسميا ً نتيجة االنتهاك اإلسرائيلي المتواصل عليه ،باإلضافة إلى أن الدراسة تناولت فئة مهمة
من شرائح المجتمع وهي الشباب الفلسطينيين الذين يعانون جراء االعتداءات اإلسرائيلية .ويلعب الشباب
دورا مهما في تطور المجتمع وتعرض الشباب المستمر لمواقف وخبرات صادمة يؤثر سلبا ً عليه وعلى
العملية التعليمية .ويتناول البحث الحالي موضوعا ً لم ينل نصيبا وافيا من الدراسة في مجتمعنا الفلسطيني
الذي يتعرض لكثير من األزمات وما يخلفه من خبرات صادمة في ظل االعتداءات المستمرة من قبل
االحتالل اإلسرائيلي .وهذه الدراسة تلقي الضوء على مظاهر السلوك العدواني الناجمة عن االنتهاكات
اإلسرائيلية الشائعة باإلضافة إلى أن المجتمع الفلسطيني بحاجة إلى هذا النوع من الدراسات لفهم
المشكالت النفسية والعدوانية التي يعاني منها الشباب الفلسطيني.
مصطلحات الدراسة
* الخبرات الصادمة :هي عبارة عن الحدث الخارجي الفجائي وغير المتوقع والشديد .ويكون هذا
الحدث خارجا ً عن نطاق تحمل الكائن البشري ،ويمكن أن تكون الخبرة الصادمة إما ناتجة عن كوارث
طبيعية خارجة عن طوع اإلنسان أو يمكن أن تكون من عمل اإلنسان مثل حوادث الطائرات والسيارات
والحروب كالتعذيب واالغتصاب ومشاهدة اآلخرين وهم يعذبون" (عودة ،2010 ،ص.)6 .
التعريف اإلجرائي لألحداث الصادمة :هو الدرجة الكلية التي يحصل عليها الفرد على مقياس األحداث
الصادمة المستخدم في هذه الدراسة.
* االنتهاكات اإلسرائيلية :هي إساءة المعاملة الممنهجة ،وتشمل الممارسات التي يمارسها
اإلسرائيليون على الشعب الفلسطيني كالعقاب ،والمعاملة القاسية غير اإلنسانية ،والتعذيب ،والعدوان
البدني والشفهي ،واجتياح األراضي الفلسطينية ،وفرض الحصار واإلغالق (المجذوب ،2009 ،ص.
.)16
* السلوك العدواني :هو السلوك الهجومي المنطوي على اإلكراه واإليذاء الذي يؤدي إلى إلحاق األذى
باآلخرين ،بالفعل أو الكالم ،ويمكن أن يعني الجانب السلبي منه إلحاق األذى بالذات (منسي ،2004 ،ص.
.) 8وهو أيضا كل سلوك ينتج عنه إيذاء شخص آخر ،ويعرف العدوان بأنه إتالف شيء ما (بطرس،
،2008ص.)237 .
التعريف االجرائي للسلوك العدواني :الدرجة الكلية التي يحصل عليها الفرد على مقياس السلوك
العدواني في هذه الدراسة.
194
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية وعالقتها بالسلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية
-المنهج واإلجراءات
منهج الدراسة
من أجل تحقيق أهداف الدراسة استخدم المنهج الوصفي االرتباطي .ويعرف بأنه المنهج الذي يدرس
ظاهرة أو حدثا ً أو قضية من أجل الحصول على معلومات تجيب عن أسئلة البحث دون تدخل الباحثين
فيها.
أداة الدراسة
ت َّم استخدام مقياس األحداث الصادمة (علوان و صالح ،)2005 ،ويتكون المقياس من ( )23فقرة،
موزعة على أربعة مجاالت :مجال وسائل اإلعالم ( ،)22 ،4 ،2 ،1مجال الفقدان ( )11 ،10ومجال
التعرض المباشر للحدث ( ،)23 ،21 ،20 ،19 ،18 ،17 ،13 ،12 ،3ومجال تعرض الغير للحدث (،5
.)16 ،15 ،14 ،9 ،8 ،7 ،6ويتميز المقياس بسهولة فهم العبارات بالنسبة لألفراد .ويتكون مقياس
السلوك العدواني (عبد الحافظ ،)2015 ،من ( )31فقرة ،موزعة على ثالثة مجاالت :العدوان الموجه نحو
الذات ( ،)10 ،1والعدوان الموجه نحو اآلخرين ( ،)20 ،11والعدوان نحو الممتلكات ( .)21-31وبغية
تحديد درجة متوسطات استجابة أفراد عينة الدراسة ،ت َّم استخدام المعيار اإلحصائي ،استنادا إلى المعادلة
اآلتية:
1.33 = 4 = طول الفئة = الحد األعلى – الحد األدنى (للتدرج) = 5-1
3 3 عدد الفئات المفترضة
195
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية وعالقتها بالسلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية
صدق األداة
ت َّم التحقق من صدق أداة الدراسة بعرضها على المشرف ومجموعة من المحكمين من ذوي
طلب منهم إبداء الرأي في فقرات االختصاص والخبرة ،حيث ُوزعت االستبانة على عدد من المحكمين .و ُ
االستبانة من حيث :مدى وضوح لغة الفقرات وسالمتها لغوياً ،ومدى شمول الفقرات للجانب المدروس،
إضافة إلى أية معلومات أو تعديالت أو فقرات يرونها مناسبة ،ووفق هذه المالحظات ت َّم إخراج االستبانة
في صورتها النهائية.
ً
من ناحية أخرى ت َّم التحقق من صدق األداة أيضا بحساب معامل االرتباط بيرسون لفقرات االستبانة مع
الدرجة الكلية لألداة ،واتضح وجود داللة إحصائية في جميع فقرات االستبانة ،وتدل على أن هناك اتساق
داخلي بين الفقرات.
ثبات الدراسة
ت َّم التحقق من ثبات األداة ،من خالل حساب ثبات الدرجة الكلية لمعامل ثبات مجاالت الدراسة حسب
معادلة الثبات ل كرونباخ ألفا ،وكانت الدرجة الكلية لمستوى األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات
اإلسرائيلية لدى طلبة المدارس الثانوية في محافظة بيت لحم ( ،)0.92و( )0.93لمستوى السلوك العدواني
لدى طلبة المدارس الثانوية في محافظة بيت لحم .وهذه النتيجة تشير إلى تمتع هذه األداة بثبات يفي
بأغراض الدراسة .والجدول اآلتي يبين معامل الثبات للمجاالت والدرجة الكلية ،جدول (.)2
إجراءات الدراسة
ت َّم تطبيق األداة على أفراد عينة الدراسة ،وبعد أن اكتملت عملية جمع االستبيانات من أفراد العينة بعد
إجابتهم عليها بطريقة صحيحة ،تبين أن عدد االستبيانات المستردة الصالحة والتي خضعت للتحليل
اإلحصائي يبلغ ( )400استبانة.
المعالجة اإلحصائية
بعد جمع االستبيانات والتأكد من صالحيتها للتحليل تم ترميزها (إعطائها أرقاما معينة) ،وذلك تمهيدا ً
إلدخال بياناتها إلى جهاز الحاسوب اآللي إلجراء المعالجات اإلحصائية المناسبة ،وتحليل البيانات وفقا
ألسئلة الدراسة .وقد تمت المعالجة اإلحصائية للبيانات باستخراج المتوسطات الحسابية واالنحرافات
المعيارية لكل فقرة من فقرات االستبانة ،واختبار (ت) ( ،)t- testواختبار تحليل التباين األحادي ( one
،)way ANOVAومعامل ارتباط بيرسون ،ومعادلة الثبات كرونباخ ألفا ( ،)Cronbach Alphaوذلك
باستخدام الرزمة اإلحصائية للعلوم اإلنسانية (Statistical Package For Social ( )SPSS
.)Sciences
196
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية وعالقتها بالسلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية
جدول ()3
الدرجة االنحراف المعياري المتوسط الحسابي المجاالت الرقم
عالية 0.89 3.73 وسائل اإلعالم 1
متوسطة 1.01 2.72 تعرض الغير للحدث 4
متوسطة 0.91 2.57 التعرض المباشر للحدث 3
منخفضة 1.29 2.06 الفقدان 2
متوسطة 0.84 2.78 الدرجة الكلية
يال َحظ من الجدول السابق الذي يُعبر عن المتوسطات الحسابية واالنحرافات المعيارية الستجابات
أفراد عينة الدراسة على مستوى األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية لدى طلبة المدارس
الثانوية في محافظة بيت لحم أن المتوسط الحسابي للدرجة الكلية بلغ ( )2.78بانحراف معياري ()0.84
وهذا يدل على أن مستوى األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية لدى طلبة المدارس
الثانوية في محافظة بيت لحم جاء بدرجة متوسطة .ولقد حصل مجال وسائل اإلعالم على أعلى متوسط
حسابي ومقداره ( ،)3.73ويليه مجال تعرض الغير للحدث ،يليه مجال التعرض المباشر للحدث ،يليه
مجال الفقدان.
النتائج المتعلقة بالسؤال الثاني
ما مستوى السلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية في محافظة بيت لحم؟
لإلجابة عن هذا السؤال جرى حساب المتوسطات الحسابية واالنحرافات المعيارية الستجابات أفراد
عينة الدراسة على مجاالت االستبانة التي تعبر عن مستوى السلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية
في محافظة بيت لحم.
جدول ( :)4المتوسطات الحسابية واالنحرافات المعيارية الستجابات أفراد عينة الدراسة لمجاالت
مستوى السلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية في محافظة بيت لحم
الدرجة االنحراف المعياري المتوسط المجاالت الرقم
الحسابي
منخفضة 0.73 1.67 العدوان الموجه نحو الذات 1
منخفضة 0.75 1.55 العدوان الموجه نحو اآلخرين 2
منخفضة 0.64 1.41 العدوان نحو الممتلكات 3
منخفضة 0.59 1.54 الدرجة الكلية
يال َحظ من الجدول ( )4الذي يُعبر عن المتوسطات الحسابية واالنحرافات المعيارية الستجابات أفراد
عينة الدراسة على مستوى السلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية في محافظة بيت لحم أن المتوسط
الحسابي للدرجة الكلية بلغ ( )1.54بانحراف معياري ( )0.59وهذا يدل على أن مستوى السلوك العدواني
لدى طلبة المدارس الثانوية في محافظة بيت لحم جاء بدرجة منخفضة .ولقد حصل مجال العدوان الموجه
197
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية وعالقتها بالسلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية
نحو الذات على أعلى متوسط حسابي ومقداره ( ،)1.67ويليه مجال العدوان نحو اآلخرين ويليه مجال
العدوان نحو الممتلكات.
نتائج الفرضية األولى
توجد عالقة ذات داللة احصائية عند مستوى الداللة ( )α≥0.05بين األحداث الصادمة الناجمة عن
االنتهاكات اإلسرائيلية والسلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية في محافظة بيت لحم.
تم فحص الفرضية بحساب معامل ارتباط بيرسون والداللة االحصائية بين االحداث الصادمة الناجمة
عن االنتهاكات اإلسرائيلية والسلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية في محافظة بيت لحم ،جدول
(.)5
جدول ()5
مستوى الداللة معامل بيرسون المتغيرات
0.03 *0.10 السلوك العدواني وسائل اإلعالم
0.00 *0.32 الفقدان
0.00 *0.35 التعرض المباشر للحدث
0.00 *0.25 تعرض الغير للحدث
0.00 *0.31 الدرجة الكلية
يتبين من خالل الجدول السابق أن قيمة معامل ارتباط بيرسون للدرجة الكلية بلغت ( )0.31ومستوى
الداللة ( ،)0.00أي وجود عالقة طردية ذات داللة إحصائية عند مستوى الداللة ( )α≥0.05بين األحداث
الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية والسلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية في محافظة
بيت لحم ،وكذلك للمجاالت .أي أنه كلما زاد مستوى األحداث الصادمة زاد ذلك من مستوى السلوك
العدواني واإلبعاد اإلداري لدى طلبة المدارس الثانوية في محافظة بيت لحم ،والعكس صحيح.
نتائج الفرضية الثانية
ال توجد فروق ذات دالله إحصائية عند مستوى الداللة ( )α≥0.05في مستوى األحداث الصادمة
الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية لدى طلبة المدارس الثانوية في محافظة بيت لحم يعزى لمتغير
الجنس.
تم فحص الفرضية األولى بحساب نتائج اختبار "ت" والمتوسطات الحسابية الستجابة أفراد عينة
الدراسة في مستوى األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية لدى طلبة المدارس الثانوية في
محافظة بيت لحم حسب لمتغير الجنس ،جدول (.)6
جدول ()6
مستوى قيمة""t االنحراف المتوسط الحسابي العدد الجنس المجال
الداللة المعياري
0.85 0.17 0.93 3.74 262 ذكر وسائل اإلعالم
0.81 3.72 138 أنثى
0.00 5.18 1.38 2.30 262 ذكر الفقدان
0.96 1.61 138 أنثى
0.00 4.06 1.03 2.71 262 ذكر التعرض المباشر
0.56 2.32 138 أنثى للحدث
0.00 3.16 1.09 2.82 262 ذكر تعرض الغير للحدث
0.82 2.51 138 أنثى
0.00 4.21 0.94 2.89 262 ذكر الدرجة الكلية
0.57 2.57 138 أنثى
198
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية وعالقتها بالسلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية
يتبين من الجدول السابق أن قيمة "ت" للدرجة الكلية هي ( ،)4.21ومستوى الداللة ( ،)0.00أي أنه
توجد فروق في مستوى األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية لدى طلبة المدارس الثانوية
في محافظة بيت لحم تعزى لمتغير الجنس ،وكذلك للمجاالت ما عدا مجال وسائل اإلعالم .وكانت الفروق
لصالح الذكور .وبذلك تم رفض الفرضية األولى.
نتائج الفرضية الثالثة
ال توجد فروق ذات داللة إحصائية عند مستوى الداللة ( )α≥0.05في مستوى األحداث الصادمة
الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية لدى طلبة المدارس الثانوية في محافظة بيت لحم يعزى لمتغير مكان
السكن.
تم فحص الفرضية الثانية من خالل حساب المتوسطات الحسابية الستجابة أفراد عينة الدراسة على
مستوى األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية لدى طلبة المدارس الثانوية في محافظة بيت
لحم يعزى لمتغير مكان السكن.
جدول ()7
االنحراف المعياري المتوسط الحسابي العدد مكان السكن المجال
0.95 3.51 126 مدينة وسائل اإلعالم
0.83 3.84 211 قرية
0.89 3.80 63 مخيم
1.31 1.99 126 مدينة الفقدان
1.28 2.09 211 قرية
1.32 2.11 63 مخيم
0.99 2.51 126 مدينة التعرض المباشر للحدث
0.89 2.61 211 قرية
0.86 2.57 63 مخيم
1.04 2.61 126 مدينة تعرض الغير للحدث
0.93 2.70 211 قرية
1.16 2.99 63 مخيم
0.91 2.68 126 مدينة الدرجة الكلية
0.79 2.81 211 قرية
0.86 2.89 63 مخيم
يالحظ من الجدول رقم ( )7وجود فروق ظاهرية في مستوى األحداث الصادمة الناجمة عن
االنتهاكات اإلسرائيلية لدى طلبة المدارس الثانوية في محافظة بيت لحم يعزى لمتغير مكان السكن،
ولمعرفة داللة الفروق تم استخدام تحليل التباين األحادي ( )one way ANOVAكما يظهر في الجدول
(.)8
199
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية وعالقتها بالسلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية
جدول ()8
مستوى قيمة "ف" متوسط درجات مجموع مصدر التباين المجال
الداللة الحرية المربعات المحسوبة المربعات
0.00 5.86 4.55 2 9.10 بين المجموعات وسائل اإلعالم
0.77 397 308.12 داخل المجموعات
399 317.23 المجموع
0.74 0.30 0.50 2 1.01 بين المجموعات الفقدان
1.68 397 670.29 داخل المجموعات
399 671.31 المجموع
0.64 0.43 0.36 2 0.73 بين المجموعات التعرض المباشر
0.84 397 335.97 داخل المجموعات للحدث
399 336.71 المجموع
.051 3.00 3.06 2 6.13 بين المجموعات تعرض الغير للحدث
1.02 397 405.47 داخل المجموعات
399 411.60 المجموع
0.19 1.63 1.17 2 2.34 بين المجموعات الدرجة الكلية
0.71 397 284.10 داخل المجموعات
399 286.44 المجموع
يالحظ أن قيمة ف للدرجة الكلية بلغت ( )1.636ومستوى الداللة ( )0.196وهي أكبر من مستوى
الداللة ( .)α≥0.05ويفيد هذا عدم وجود فروق دالة إحصائيا ً في مستوى األحداث الصادمة الناجمة عن
االنتهاكات اإلسرائيلية لدى طلبة المدارس الثانوية في محافظة بيت لحم يعزى لمتغير مكان السكن ،وكذلك
لباقي المجاالت ما عدا مجال وسائل اإلعالم .وبذلك تم قبول الفرضية الثانية .وتم فحص نتائج اختبار
( )LSDلتبيان اتجاه الفروق كما هو مبين في الجدول (.)9
جدول ()9
مستوى الداللة الفروق في المتوسطات المتغيرات المجال
0.00 *-0.33 قرية مدينة وسائل اإلعالم
0.03 *-0.29 مخيم
وكانت الفروق بين سكان القرية والمدينة لصالح سكان القرية ،وبين سكان المخيمات والمدينة لصالح
سكان المخيمات.
نتائج الفرضية الرابعة
ال توجد فروق ذات داللة إحصائية عند مستوى الداللة ( )α≥0.05في مستوى األحداث الصادمة
الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية لدى طلبة المدارس الثانوية في محافظة بيت لحم يعزى لمتغير
الصف الحالي.
ت َّم فحص الفرضية الثالثة استنادا إلى حساب المتوسطات الحسابية الستجابات أفراد عينة الدراسة على
مستوى األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية لدى طلبة المدارس الثانوية في محافظة بيت
لحم الذي يعزى لمتغير الصف الحالي ،ويوضح ذلك الجدول (.)10
200
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية وعالقتها بالسلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية
جدول ()10
االنحراف المعياري المتوسط العدد الصف الحالي المجال
الحسابي
0.87 3.64 128 العاشر وسائل اإلعالم
0.78 3.85 188 الحادي عشر
1.08 3.59 84 الثاني عشر
1.24 1.82 128 العاشر الفقدان
1.21 2.07 188 الحادي عشر
1.48 2.41 84 الثاني عشر
0.84 2.46 128 العاشر التعرض المباشر للحدث
0.86 2.63 188 الحادي عشر
1.10 2.63 84 الثاني عشر
1.03 2.60 128 العاشر تعرض الغير للحدث
0.95 2.80 188 الحادي عشر
1.11 2.71 84 الثاني عشر
0.82 2.66 128 العاشر الدرجة الكلية
0.76 2.85 188 الحادي عشر
1.02 2.81 84 الثاني عشر
يالحظ من الجدول رقم ( )4.15وجود فروق ظاهرية في مستوى األحداث الصادمة الناجمة عن
االنتهاكات اإلسرائيلية لدى طلبة المدارس الثانوية في محافظة بيت لحم يعزى لمتغير الصف الحالي،
ولمعرفة داللة الفروق تم استخدام تحليل التباين األحادي ( )one way ANOVAكما يظهر في الجدول
رقم (.)11
جدول ()11
"ف" مستوى متوسط المربعات قيمة مصدر التباين مجموع المربعات درجات المجال
الداللة المحسوبة الحرية
0.03 3.52 2.76 2 وسائل اإلعالم بين المجموعات 5.53
0.78 397 داخل المجموعات 311.69
399 317.23 المجموع
0.00 5.41 8.90 2 بين المجموعات 17.81 الفقدان
1.64 397 داخل المجموعات 653.49
399 671.31 المجموع
0.21 1.52 1.28 2 التعرض المباشر بين المجموعات 2.56
0.84 397 داخل المجموعات 334.14 للحدث
399 336.71 المجموع
0.23 1.47 1.516 2 3.03 المجموعات الغير بين تعرض
1.02 397 داخل المجموعات 408.57 للحدث
399 411.60 المجموع
0.12 2.06 1.47 2 الدرجة الكلية بين المجموعات 2.95
0.71 397 داخل المجموعات 283.49
399 286.44 المجموع
يالحظ أن قيمة ف للدرجة الكلية بلغت ( )2.06ومستوى الداللة ( )0.12وهي أكبر من مستوى الداللة
( )α≥0.05أي أنه ال توجد فروق دالة إحصائيا ً في مستوى األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات
201
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية وعالقتها بالسلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية
اإلسرائيلية لدى طلبة المدارس الثانوية في محافظة بيت لحم تعزى لمتغير الصف الحالي ،وكذلك لباقي
المجاالت ما عدا مجالي وسائل اإلعالم والفقدان .وبذلك تم قبول الفرضية الثالثة .وتم فحص نتائج اختبار
( )LSDلبيان اتجاه الفروق وهي كما يلي :جدول (.)12
جدول ()12
مستوى الداللة الفروق في المتوسطات الصف المتغيرات المجال
0.03 *-0.21 الحادي عشر العاشر وسائل اإلعالم
0.02 *-0.26 الحادي عشر الثاني عشر
0.00 *-0.59 الثاني عشر العاشر الفقدان
0.04 *-0.34 الثاني عشر الحادي عشر
وكانت الفروقات في مجال وسائل اإلعالم بين الصف العاشر والحادي عشر لصالح الحادي عشر،
وبين الحادي عشر والثاني عشر لصالح الحادي عشر .وفي مجال الفقدان كانت الفروق بين العاشر
والثاني عشر لصالح الثاني عشر ،وبين الحادي عشر والثاني عشر لصالح الثاني عشر.
يتبين من خالل الجدول السابق أن قيمة "ت" للدرجة الكلية بلغت ( ،)2.86ومستوى الداللة (،)0.00
أي أنه توجد فروق في مستوى السلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية في محافظة بيت لحم تعزى
لمتغير الجنس ،وكذلك لمجال العدوان الموجه نحو اآلخرين .وكانت الفروق لصالح الذكور.
202
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية وعالقتها بالسلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية
جدول ()14
االنحراف المعياري المتوسط الحسابي العدد مكان السكن المجال
0.87 1.66 126 مدينة العدوان الموجه نحو الذات
0.69 1.74 211 قرية
0.52 1.49 63 مخيم
0.78 1.60 126 مدينة العدوان الموجه نحو اآلخرين
0.76 1.56 211 قرية
0.66 1.44 63 مخيم
0.75 1.55 126 مدينة العدوان نحو الممتلكات
0.61 1.37 211 قرية
0.44 1.24 63 مخيم
0.67 1.60 126 مدينة الدرجة الكلية
0.58 1.55 211 قرية
0.39 1.39 63 مخيم
يالحظ من ال جدول وجود فروق ظاهرية في مستوى السلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية في
محافظة بيت لحم يعزى لمتغير مكان السكن ،ولمعرفة داللة الفروق تم استخدام تحليل التباين األحادي
( )one way ANOVAكما يظهر في الجدول رقم (.)15
جدول ()15
"ف" مستوى متوسط المربعات قيمة مصدر التباين مجموع المربعات درجات المجال
الداللة المحسوبة الحرية
0.06 2.82 1.52 2 العدوان الموجهبين المجموعات 3.04
0.54 397 داخل المجموعات 214.31 نحو الذات
399 217.36 المجموع
0.38 0.95 0.54 2 العدوان الموجهبين المجموعات 1.09
0.57 397 داخل المجموعات 226.95 نحو اآلخرين
399 228.05 المجموع
0.00 5.46 2.24 2 نحوبين المجموعات 4.48 العدوان
0.41 397 داخل المجموعات 162.79 الممتلكات
399 167.27 المجموع
0.05 2.86 0.99 2 الدرجة الكلية بين المجموعات 1.98
0.34 397 داخل المجموعات 137.43
399 139.41 المجموع
يالحظ أن قيمة ف للدرجة الكلية وصلت إلى ( )2.86ومستوى الداللة ( )0.05وهي أكبر من مستوى
الداللة ( )α≥0.05أي أنه ال توجد فروق دالة إحصائيا ً في مستوى السلوك العدواني لدى طلبة المدارس
الثانوية في محافظة بيت لحم يعزى لمتغير مكان السكن ،وكذلك لباقي المجاالت ما عدا مجال العدوان
الموجه نحو الممتلكات .وتم فحص نتائج اختبار ( )LSDلتبيان اتجاه الفروق وهي موضحة في الجدول
(.)15
203
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية وعالقتها بالسلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية
جدول ()15
مستوى الداللة الفروق في المتوسطات المتغيرات المجال
يظهر من خالل النتائج الموجودة في الجدول ( )15أن الفروق بين المدينة والقرية لصالح المدينة،
وبين المدينة والمخيم لصالح المدينة.
جدول ()16
االنحراف المتوسط العدد الصف الحالي المجال
المعياري الحسابي
0.67 1.61 128 العاشر العدوان الموجه نحو
0.71 1.74 188 الحادي عشر الذات
0.86 1.61 84 الثاني عشر
0.61 1.44 128 العاشر العدوان الموجه نحو
0.79 1.61 188 الحادي عشر االخرين
0.84 1.59 84 الثاني عشر
0.53 1.37 128 العاشر العدوان نحو الممتلكات
0.60 1.38 188 الحادي عشر
0.87 1.51 84 الثاني عشر
0.50 1.47 128 العاشر الدرجة الكلية
0.57 1.58 188 الحادي عشر
0.73 1.57 84 الثاني عشر
يالحظ من الجدول وجود فروق ظاهرية في مستوى السلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية في
محافظة بيت لحم يعزى لمتغير الصف الحالي ،ولمعرفة داللة الفروق تم استخدام تحليل التباين األحادي
( )one way ANOVAكما يظهر في الجدول رقم (.)17
204
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية وعالقتها بالسلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية
جدول ()17
"ف" مستوى متوسط المربعات قيمة مصدر التباين مجموع المربعات درجات المجال
الداللة المحسوبة الحرية
0.19 1.63 0.88 2 بين المجموعات 1.7 العدوان الموجه
0.54 397 داخل المجموعات 215.58 نحو الذات
399 المجموع 217.36
0.10 2.22 1.26 2 بين المجموعات 2.52 العدوان الموجه
0.56 397 داخل المجموعات 225.52 نحو االخرين
399 المجموع 228.05
0.27 1.29 0.54 2 بين المجموعات 1.08 العدوان نحو
0.41 397 داخل المجموعات 166.19 الممتلكات
399 المجموع 167.27
0.25 1.37 0.47 2 بين المجموعات 0.95 الدرجة الكلية
0.34 397 داخل المجموعات 138.45
399 المجموع 139.41
يالحظ أن قيمة ف للدرجة الكلية بلغت ( )1.37ومستوى الداللة ( )0.25وهي أكبر من مستوى الداللة
( ،)α≥0.05أي أنه ال توجد فروق دالة إحصائيا ً في مستوى السلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية
في محافظة بيت لحم يعزى لمتغير الصف الحالي ،وكذلك لباقي المجاالت .وبذلك تم قبول الفرضية الثالثة.
مناقشة نتائج الدراسة
بنا ًء على النتائج التي أسفرت عنها الدراسة ،حول األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات
اإلسرائيلية وعالقتها بالسلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية في محافظة بيت لحم ،أظهرت نتائج
الدراسة أن الدرجة الكلية لمستوى األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية كانت متوسطة،
ويمكن تفسير هذه النتيجة في ضوء تعرض الشباب المراهقين إلى األحداث الصادمة ،وتعرضهم
لالعتقال ،والمداهمات الليلية ،والتعرض لمشاهدة الجرحى وصور الشهداء في التلفاز ،والتعرض
للتحقيق ،والتفتيش ،اوستنشاق الغاز ،والفقدان .وكان مجال االنتهاكات أعلى ،وهذا يعود إلى تأثير
االنتشار الكبير في السنوات األخيرة لمواقع التواصل االجتماعي والصفحات اإلعالمية المتنوعة والتي ال
يخلو منها منزل وأصبحت بمتناول الجميع ،ويليه مجال تعرض اآلخرين للحدث وهذا يعود لطبيعة وشدة
ما يشاهده الطلبة من األفراد الذين يتعرضون لالنتهاكات مثال اإلهانات على الحواجز والتفتيش ،وسماع
الطلقات النارية وقنابل الغاز ،وهذه النتيجة تتفق مع دراسة الجوراني ( )2017ودراسة ( Altawil,
.)2008
وأظهرت نتائج الدراسة أن الدرجة الكلية للسلوك العدواني كانت منخفضة ،ألن القوانين في المنزل
والمدرسة والمجتمع يمنعان العنف دائماً .فمن الطبيعي أن يدرك المراهقون أنه سلوك غير مرغوب به،
وأشارت النتائج إلى وجود عالقة طردية بين األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية
والسلوك العدواني .أي أنه كلما زاد مستوى األحداث الصادمة زاد ذلك من درجة السلوك العدواني ،أي أن
الطالب الذي يتعرض لألحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية يقوم بسلوكيات عدوانية أكثر
من الطالب الذين ال يتعرضون لألحداث الصادمة .ويعود هذا لكون األحداث الصادمة تؤثر تأثي ًرا سلبيًا
على سلوك الطالب ،حيث إن األحداث المتمثلة في الهجوم والضرب واإلهانة والتفتيش وما شابهها من
األحداث تؤدي إلى السلوك العدواني .ويعتبر السلوك العدواني استجابة للمواقف اإلحباطية التي يمر بها
الفرد ،وهذا يتفق مع دراسة جاسم ( ،)2013ودراسة كواد ()2011
و أشارت النتائج إلى وجود فروقات في مستوى األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية
تعزى لمتغير الجنس في مجال وسائل اإلعالم .وكانت الفروقات لصالح الذكور وهذه النتيجة لم تتفق مع
دراسة حجازي ) .)2015ويعزى هذا لكون الذكور يشاركون عادة في المواجهات مع جنود االحتالل،
205
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية وعالقتها بالسلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية
وكذلك النتشار استخدام مواقع التواصل االجتماعي وصفحات اإلعالم ومشاهدة ومتابعة القنوات الفضائية
التي تبث األحداث على الجنسين ،إذ أن الذكور يستخدمون وسائل اإلعالم أكثر من اإلناث .كما أظهرت
النتائج عدم وجود فروق تعزى لمتغير مكان السكن .كما كانت الفروق لصالح القرية يليه المخيم ،ويعزى
هذا لتركز األحداث واالنتهاكات اإلسرائيلية في هذه المناطق أكثر من المدينة.
وأشارت النتائج إلى أنه ال توجد فروق دالة إحصائيا ً في مستوى األحداث الصادمة الناجمة عن
االنتهاكات اإلسرائيلية لدى طلبة المدارس الثانوية في محافظة بيت لحم تعزى لمتغير الصف الحالي،
وكذلك لباقي المجاالت ما عدا مجالي وسائل اإلعالم والفقدان .إذ تبين أن هناك فروقات في مجال وسائل
اإلعالم ،فقد كانت الفروقات لصالح طالب الصف الحادي عشر ثم العاشر والثاني عشر .ويرجع ذلك إلى
أنه كلما زاد عمر الطالب زاد اهتمامه بمتابعة وسائل اإلعالم واالطالع على ما يحدث حوله من أحداث
ومستجدات على الصعيد السياسي .لكن طالب الصف الثاني عشر التوجيهي يمضون وقتا أكثر في
الدراسة والذي يحد من فرصة متابعتهم لوسائل االعالم ولألحداث ،على اعتبار أن الصف الثاني مرحلة
مصيرية تحدد مستقبلهم الدراسي والمهني .أما بالنسبة لمجال الفقدان فكانت الفروق لصالح طالب الصف
الثاني عشر .واشتمل مجال الفقدان على جانبين أساسيين هما :التعرض لألسر أو االستشهاد ،ذلك أن
طالب الثانوية العامة يعيش تحت تأثير ضغط نفسي ناتج عن األحداث وعن طبيعة المرحلة التعليمية
الراهنة.
وأ شارت النتائج إلى وجود فروقات في مستوى السلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية في
محافظة بيت لحم تعزى لمتغير الجنس ،وكانت الفروقات لصالح الذكور.
ويرجع هذا إلى العوامل البيولوجية فقد أكدَّ العديد من الباحثين وجود فروقات بيولوجية بين الذكور
واإلناث تجعل الذكور أكثر عدوانا ً من اإلناث وذلك الختالف اإلفرازات الهرمونات بينهم ،باإلضافة إلى
العوامل البيئية الثقافية .فالسلوك العدواني لدى الذكور مقبول أكثر من اإلناث ،كما أن األسرة تنتقد الفتاة
وتوجهها منذ طفولتها لعدم ممارسة هذا السلوك مما يجعلها أكثر نقدا ً لذاتها ومراجعة لنفسها ،وتتفق هذه
النتيجة مع دراسة العباسي ( .)2011وأشارت النتائج إلى أنه ال توجد فروقات دالة إحصائيا ً في مستوى
السلوك العدواني يعزى لمتغير مكان السكن ،وكذلك لباقي المجاالت ما عدا مجال العدوان الموجه نحو
الممتلكات ،لصالح سكان المدينة ونعتقد أن السبب في ذلك هو أن المدن الفلسطينية في األعوام األخيرة
أصبح أغلب سكانها ليسوا من السكان األصليين بل هم من القرى والمخيمات وهذا قلل من االنتماء اتجاه
مكان السكن وممتلكاته مما يزيد من احتمالية التفريغ والتنفيس اتجاه الممتلكات وبخاصة من قبل أبناء
المدينة .باإلضافة إلى أن االزدحام السكاني ،وضيق أماكن السكن في المخيمات والقرى والمدن يزيد من
حدة الضغوطات والتي تحتاج إلى التنفيس والتفريغ ،وعادة ما يلجأ المراهقون إلى التفريغ عن طريق
العنف.
وأشارت النتائج إلى أنه ال توجد فروقات دالة يعزى لمتغير الصف الحالي ،وكذلك لباقي المجاالت.
ويعزى هذا األمر إلى عدم وجود فروقات بين السلوك العدواني والصف الحالي ألن العينة التي أجريت
عليها الدراسة تنتمي إلى مرحلة المراهقة التي يكون فيها المبحوثون في المرحلة الثانوية.
توصيات
* العمل على إعداد برامج تدريبية من أجل مواجهة األحداث الصادمة والوقاية منها وخاصة في
وسائل االعالم.
* إخضاع الطلبة الذين تظهر عليهم سلوكيات عدوانية لنشاطات اجتماعية من أجل تقليل مستوى
العدوان لديهم وتفريغ انفعاالتهم السلبية بشكل موجه.
* إجراء المزيد من الدراسات والبحوث التي تتعلق باألحداث الصادمة وتأثيرها على السلوك العدواني
على فئات المدارس األساسية.
* عمل برامج توعوية لألهل لكيفية التعامل مع السلوك العدواني لدى األبناء.
206
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية وعالقتها بالسلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية
المراجع
أبو مصطفى ،نظمي و السميري ،نجاح ( .)2008عالقة األحداث الضاغطة بالسلوك العدواني دراسة ميدانية على عينة
من طالب جامعة األقصى ،مجلة الجامعة اإلسالمية.347-410 ،)6( ،
بطرس ،حافظ بطرس ( .)2008المشكالت النفسية وعالجها .دار المسيرة للنشر والتوزيع :عمان.
بطرس ،حافظ بطرس ( .)2010تعديل وبناء السلوك .عمان :دار المسيرة.
ثابت ،أحمد ( .)2007ترافق المراضة بين االكتئاب وكرب ما بعد الصدمة لدى طلبة الجامعات في قطاع غزة ،رسالة
ماجستير غير منشورة ،كلية التربية ،غزة ،جامعة القدس.
ثابت ،عبد العزيز وأبو طواحينه ،أحمد ( .)2007تأثير هدام البيوت على الصحة النفسية لألطفال الذكور والصالبة
النفسية في قطاع غزة ،برنامج غزة للصحة النفسية ،غزة.
جاسم ،أحمد ( .)2013اضطراب ما بعد الضغوط الصدمية وعالقته بالسلوك العدواني لدى تالميذ المدارس االبتدائية،
جامعة بغداد :مجلة اآلداب (.)106
الجوراني ،خليل ( .) 2017تأثير الصدمات في حياة االفراد دراسة نوعية (مقابلة) على عينة من المدنيين المتعرضين
للصدمات في العراق أنموذجا ،مجلة اآلداب .عدد .404-385 ،121
سعادة جودت ،أبو زيادة إسماعيل ،زامل ،علي ( .)2002المشكالت السلوكية لدى األطفال الفلسطينيين في المرحلة
األساسية الدنيا بمحافظة نابلس خالل انتفاضة األقصى كما يراها المعلمون وعالقتها ببعض المتغيرات .مجلة جامعة النجاح
لألبحاث ،المجلد .)2( 16
شعبان ،مرسيلين حسن ( .)2013الدعم النفسي ضرورة مجتمعية .شبكة العلوم النفسية العربية.14 ،)31( ،
صيدم ،رياض وثابت ،عبد العزيز ( .)2007الصدمات النفسية لالحتالل وأثرها على الصحة النفسية للطلبة في قطاع
غزة ،مجلة شبكة العلوم النفسية العربية.16-5 ،)13( ،
العباسي ،غسق ( .) 2011السلوك العدواني وعالقته بأحداث الحياة الضاغطة لدى طلبة معاهد اعداد المعلمين
والمعلمات ،كلية التربية ،مجلة كلية التربية اإلسالمية.317-348 ،)70( ،
عبد الحافظ ،أميرة ( .)2015الخصائص السيكومترية لمقياس السلوك العدواني لدى طالب المرحلة اإلعدادية ،مجلة
االرشاد النفسي ،عدد (.650 -623 ،)41
علوان ،نعمات و صالح ،عايدة ( .)2005األحداث الصادمة وعالقتها ببعض المشكالت السلوكية لدى أطفال الرياض
بمحافظة غزة.
عودة ،محمد محمد ( .)2010الخبرة الصادمة وعالقتها بأساليب التكيف مع الضغوط والمساندة االجتماعية والصالبة
النفسية لدى أطفال المناطق الحدودية بقطاع غزة ،رسالة ماجستير ،كلية التربية ،غزة ،الجامعة اإلسالمية.
كواد ،طه ( .) 2012اضطراب ما بعد الضغوط الصدمية والعنف لدى طلبة اإلعدادية ،كلية التربية للعلوم اإلنسانية،
العراق ،جامعة األنبار.
المجذوب ،أحمد ( .)2009السلوك العدواني وأثره على التحصيل العلمي لطلبة المدارس الحكومية ،رسالة ماجستير
غير منشورة ،الرياض ،جامعة نايف للعلوم األمنية.
منسي ،حسن ( .)2004التوجيه واإلرشاد النفسي ونظرياته .دار الكندي :األردن.
مهدي ،صالح ( .)2008أثر أسلوب العالج العقالني االنفعالي والنمذجة في خفض اضطراب ما بعد الصدمة ،مجلة
ديالي ،عدد (.238-263 ،)3
Altawil, M,. Nel, p,. Asker, A,. Samara, M,.& Harrold, D. (2008). The effects of chronic war
– trauma among Palestinian children in M. Parsons (Ed.) children: The invisible victims of war
an interdisciplinary study. Peterborough- England: DSM technical publications Ltd.
Erozkan, A. (2013). The Effect of Communication Skills and Interpersonal Problem Solving
Skills on Social Self-Efficacy. Educational Sciences: Theory and Practice, 13(2), 739-745.
Hijazi, G. (2015). Traumatic experiences resulting from Israeli violations and their relations
with behavioral problems among children of al-quds government. Research in Humanities and
social sciences, Vol.5, No.3, 110-118.
La Greca, A. M., Silverman, W. K., Vernberg, E. M., & Roberts, M. C. (2002). Helping
children cope with disasters and terrorism. American Psychological Association.
Lawson, D. & Quinn, J. (2013). Complex Trauma in Children and Adolescents: Evidence-
Based Practice in Clinical Settings: Journal of Clinical Psychology 69(5), 497-509.
Naker, D., & Sekitoleko, D. (2009). Positive discipline: creating a good school without
corporal punishment. Heidi Jo Brady: www. raisingvoices. org.
207
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
األحداث الصادمة الناجمة عن االنتهاكات اإلسرائيلية وعالقتها بالسلوك العدواني لدى طلبة المدارس الثانوية
Smith, D. C., & Furlong, M. J. (1998). Introduction to the special issue: Addressing youth
anger and aggression in school settings. Psychology in the Schools, 35(3), 201-203.
Sullivan, C., Muskett, A., Smith, R., & Jones, R (2017). Aggression in Children and
Adolescents Following a Residential Fire: the Longitudinal Impact of PTSD Re-experiencing
Symptoms: US National library of medicine national institutes of health, 10 (4), 333-341.
208
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
التساؤالت المقلقة لدى الطفل المصاب بداء السرطان خالل المسار المرضي ودور األخصائي النفسي األنكولوجي
التساؤالت المقلقة لدى الطفل المصاب بداء السرطان خالل المسار المرضي ودور األخصائي النفسي
األنكولوجي
عائشة زياني
Zianiaicha02@yahoo.fr
المغرب، فاس، جامعة سيدي محمد بن عبد هللا، ظهر المهراز، كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية،شعبة علم النفس
ملخص
تتمخض عن وضعيات المسار، تغيرات جسدية ونفسية واجتماعية،تحدث إصابة الطفل بداء السرطان
حين يستفحل،المرضي العالجي الذي يسير من مرحلة اإلخبار بالمرض الى حدود المرحلة التلطيفية
فعند مواجهة الطفل لهذه الوضعيات الصعبة قد.المرض في حالة عدم االمتثال للشفاء في بعض الحاالت
كما تزكي لديه أيضا أسئلة مقلقة تنم عن. تزكي إحساسه بتهديد الموت،يصاب بهشاشة نفسية وجسدية
والحد من،معاناة نفسية عميقة تتطلب من األخصائي النفسي التدخل بهدف التخفيف من انعكاساتها
. وكفاءاته التكيفية مع المرض والعالج،تطورها الذي من شأنه إضعاف امكانيات الطفل
. الطفل؛ السرطان؛ األسئلة المقلقة؛ األخصائي النفسي األنكولوجي:الكلمات المفتاحية
Troubling questions of the child with cancer during the pathological process
and the role of the psycho-oncologist
Aicha Ziani
Zianiaicha02@yahoo.fr
Department of Psychology, Faculty of Letters and Human Sciences Dhar Mahraz, Sidi Mohamed Ben Abdellah
University, Fes- Morocco
Abstract
Child with cancer suffers from physical, psycholsocial changes, that are
produced by the different stages of the disease process of cancer, from
diagnosis to the palliative stage when the cancer exacerbated in some cases.
When the child with cancer faces these difficult situations, he suffer from
physical and psychological vulnerability that renforced his dead threat. These
situations produced also troubling questions that unveil a profound distress that
necessitate the intervention of the psychologist in order to reduce its effects
and crubing its development that weakens the child resources and its adaptive
abilities to cope with the disease and its treatment.
Keywords: child; cancer; troubling questions; psycho-oncologist.
209
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
التساؤالت المقلقة لدى الطفل المصاب بداء السرطان خالل المسار المرضي ودور األخصائي النفسي األنكولوجي
مقدمة
حقق عالج داء السرطان الطفلي نجاحا كبيرا ،إبان المرحلة الراهنة ،وذلك بالنظر لما أحرزه الطب
االنكولوجي خالل السنوات األخيرة من تقدم هائل ،ساهم وبفعالية متزايدة في الرفع من حظوظ عالج هذا
المرض الذي يعتبر تبعا لطبيعته أكثر استجابة للعالجات ) ،(Harif, 2008مقارنة مع السرطانات التي
تصيب الراشدين ،مما يفسر نجاح العالجات المقدمة لألطفال المرضى في الكثير من األحيان .إال أن هذا
الداء ما يزال يسبب زلزاال نفسيا ،سواء لدى الطفل المريض أو لدى عائلته .وما يزال مفهوم السرطان
لدى البعض يثير لديهم معتقدات وأفكار وانفعاالت توحي لهم بتهديد حتمي للحياة.
وقد يالحظ األخصائيون النفسانيون ،العاملون في المجاالت الصحية ،وباألخص في مصالح طب
األورام الطفلية ،أن األطفال المصابين بداء السرطان ،وباألخص أولئك الذين تكون لديهم مفهوم الموت
بفعل نموهم المعرفي ،وبإدراكهم لخطورته على حياتهم ،وذلك ابتداءا من 7سنوات فما فوق & (Razavi
) ،Delvaux, 2008, p. 88قد يعانون من تساؤالت مقلقة تتولد بفعل معايشتهم للوضعيات الصعبة
الموازية للمسار المرضي العالجي.
إن التغيرات الجسدية والنفسية واالجتماعية التي يحدثها داء السرطان ،بدءا من مرحلة اإلخبار
بالمرض والى حدود مرحلة استفحاله إبان المرحلة التلطيفية٭ ،في حالة عدم االمتثال للشفاء في بعض
الحاالت ،من شأنه أن يجعل الطفل في مواجهة ومعايشة الصعاب ،واإلصابة بهشاشة نفسية وجسدية ،قد
تزكي إحساس الطفل بتهديد الموت .وبالتالي تزكي لديه أيضا أسئلة مقلقة ،تعمق معاناته النفسية.
وتستدعي بالتالي تدخل األخصائي النفسي من أجل التخفيف من انعكاساتها والحد من تطورها ،وتعزيز
إمكانيات الطفل وكفاءاته التكيفية مع المرض والعالج ،والقدرة على مواجهة الوضعيات الصعبة.
وإلماطة اللثام عن جزء من "التساؤالت المقلقة" لدى الطفل ،جراء معايشته لهذا الداء ،سوف أعتمد
على مجموعة من المعطيات المستقاة من تجربتي المهنية ،كأخصائية نفسانية بمركز أمراض الدم
واألورام بمستشفى األطفال بالرباط وذلك خالل المرحلة مابين 2009و.2016
إن الهدف من إنجاز هذا المقال ،وبنائه على معطيات ميدانية ،هو الكشف عن صورة المعاناة النفسية
أو القلق الذي يعيشه الطفل ،عند معايشته لداء السرطان .وعند مواجهته ألهم وأصعب محطاته ومراحله.
وقد يسوقنا هذا العمل ،من ناحية أخرى ،إلى تحقيق وعي بحاجيات الطفل تبعا للمسار المرضي
والعالجي .كما يسهل عملية التدخل العالجي بالنسبة للمختصين في علم النفس ولغيرهم من المشتغلين
بمجال أنكولوجيا الطفل.
210
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
التساؤالت المقلقة لدى الطفل المصاب بداء السرطان خالل المسار المرضي ودور األخصائي النفسي األنكولوجي
-سرطان الدم أو مايسمى باللوكيميا La leucémieوهو األكثر شيوعا بين األطفال (حريف ،محمد
.)2003.
-سرطان الغدد اللمفاوية .lymphomes
-سرطان الكلية nephroblastomes
-ورم الجذيعات العصبية neuroblastomes
-سرطان العظام tumeurs osseuses
-سرطان العضالت rhabdomyosarcomes
تعالج هذه األنواع من السرطانات بالمغرب ،تبعا لبروتوكوالت عالجية مصادق عليها عالميا .ومن أهم
العالجات التي تستخدم لهذا الغرض ،هناك العالج الكيميائي والعالج اإلشعاعي والعالج الجراحي
والعالج عبر الزرع .)Jutras, 2012) greffeفاختيار العالج هو تابع لنوع المرض ،ولمرحلة تطوره
وتابع أيضا للتقويم الطبي ،المبني على التحاليل والفحوصات الالزمة .وقد يتلقى المريض ،حسب
الحاالت ،أحد هذه العالجات فقط أو بعضها أو جميعها حسب ما تقتضيه الحاجة العالجية.
نموذج لرسم مرض السرطان (أميمة 12سنة ،مصابة بسرطان الغدد اللمفاوية).
211
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
التساؤالت المقلقة لدى الطفل المصاب بداء السرطان خالل المسار المرضي ودور األخصائي النفسي األنكولوجي
يجسد هذا الرسم ،على سبيل المثال ،مرض السرطان ،وفق ما تحمله المريضة من أفكار وانفعاالت
حول مرضها .وهو على شكل دائرة سوداء ،بها ديدان خضراء أي أنها تتغذى حسب تفسير المريضة من
الكريات الدموية ،وهو السبب الذي يجعل المرضى شاحبي اللون تبعا لمنظورها.وهذا الرسم يجسد أيضا
إحساس المريضة بالخوف وبتهديد المرض لحياتها.
212
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
التساؤالت المقلقة لدى الطفل المصاب بداء السرطان خالل المسار المرضي ودور األخصائي النفسي األنكولوجي
المرحلة األولى التي يواجهها الطفل هي مرحلة اإلخبار بالمرض ،عندما يتم تشخيص المرض عبر
مجموعة من التحليالت الالزمة والكفيلة بتحديد نوع المرض وطبيعته وحدته وهي مرحلة ضرورية
الختيار العالج المناسب تبعا للبروتوكوالت الطبية المحددة لكل نوع من أنواع داء السرطان.
وفي المرحلة الثانية أي مرحلة تلقي العالج يخضع الطفل لعالجات دقيقة ومنظمة في مجموعة
حصص محددة العدد.
بعد نهاية الحصص العالجية ،تتوقف العالجات ،وقد يدخل المرض في حالة الهدأة rémissionوتتم
مراقبة المريض من خالل مواعيد محددة ومنظمة وذلك عبر فحوصات طبية وتحاليل وغيرها من
اإلجراءات الطبية التي يحددها الطبيب المعالج.
المرحلة الثالثة هي مرحلة االنتكاسة ،أي عودة المرض من جديد ،قد تحل هذه االنتكاسة وقد ال تحل.
وأخيرا وفي بعض الحاالت قد يواجه الطفل المرحلة التلطيفية أي المرحلة األخيرة ،عندما يصبح العالج
غير مجد وغير فعال وتتراجع معه الحالة الصحية للمريض.
يتضح من هذا الجدول أن الطفل المريض أمام وضعية اإلخبار بالمرض ،يحس بتهديد الموت إما
ارتباطا بصورة هذا المرض ،أو ارتباطا بتدهور حالته الجسدية ،في المرحلة ماقبل تلقي العالج ،بحيث أن
أعراض المرض وفي الكثير من األحيان ،تهدد السالمة الجسدية للطفل .والذي قد يعاني من ضعف ووهن
أو نزيف أو ضعف شامل لكل قدراته الجسدية .باإلضافة إلى اآلالم التي قد ترافق هذه األعراض لدى
البعض.
ومن الناحية النفسية ،فإن مرحلة تشخيص المرض واإلخبار به هو بمثابة حدث صادم في غالب
األحيان ) (Kreitler et al., 2012وماتساؤالت الطفل ،سوى انعكاسا لوقع هذه الصدمة النفسية البالغة
الشدة ،والتي تسوق الطفل إلى التساؤل وبغضب شديد عن سبب إصابته .ومن بين ردود الفعل أو
الميكانيزمات التكيفية هناك رفض المرض أو نفي المرض حفاظا على السالمة النفسية.
213
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
التساؤالت المقلقة لدى الطفل المصاب بداء السرطان خالل المسار المرضي ودور األخصائي النفسي األنكولوجي
تعبر تساؤالت الطفل عند مرحلة العالج ،عن ثقل هذه المرحلة ،التي تتطلب في الكثير من األحيان
ضرورة استشفاء الطفل من أجل تلقيه لحصص العالج الذي يحدث انعكاسات ثانوية جسدية ونفسية .تدوم
هذه الحصص أليام أو قد تمتد ألكثر من أسبوع ،في بعض األحيان ،تبعا لما تقتضيه طبيعة المرض
والعالج والحالة الصحية للمريض.
وما تساؤالت الطفل ،في هذه المرحلة سوى تجسيد لحالته النفسية ،المرتبطة بالحالة الجسدية ،والتي
تسير من القلق نحو االستجابة االكتئابية .وهي تساؤالت تستفهم حول موعد الخروج من المستشفى ،ألن
الطفل لم يعد يتحمل االستشفاء وتلقي العالج الثقيل والذي يحد من نشاطه ومن قدرته على الحركة واللعب.
وفي أحيان أخرى قد تتمظهر لديه ردود فعل اكتئابية يعبر من خاللها عن رفض اآلخرين واالنغالق على
الذات ،وتفضيل للعتمة واالنزواء والعزلة.
214
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
التساؤالت المقلقة لدى الطفل المصاب بداء السرطان خالل المسار المرضي ودور األخصائي النفسي األنكولوجي
يبدو من التساؤالت المقلقة لدى الطفل والمرتبطة بمواجهته لالنتكاسة ،رفض الطفل وغضبه وثورته
إزاءها أو بتعبير آخر إن معاودة المرض من جديد هو أمر صادم ،من الناحية النفسية ،ألنه يقتضي معاودة
العالج .ويعزز لدى الطفل الخوف من فشل العالج وبالتالي اإلحساس بتهديد الحياة أي اإلحساس بقلق
الموت.
المرحلة التلطيفية ،هي آخر مرحلة قد يعيشها الطفل خالل مساره المرضي ،في بعض الحاالت عندما
يفشل العالج أو يتعذر بسبب طبيعة ونوع المرض .وهي أصعب مرحلة سواء بالنسبة للطفل أو لوالديه
وكذلك بالنسبة للمعالجين نظرا لغياب أي أمل في العالج أو معاودة العالج .فطبيعة هذه المرحلة النهائية
تثير غضب وثورة الطفل وصدمته إزاء غياب حل عالجي لهذه المرحلة .لكن الطفل في آخر المطاف
سرعان ما يمر من مراحل سيرورة الحزن ليصل إلى مرحلة الهدوء وتقبل األمر الواقع.
يتضح مما سبق أن كل مراحل المسار المرضي تتسم بصعوبات متفاوتة الحدة بحيث إنها جميعها تثير
قلق الطفل وتثير لديه تساؤالت مقلقة تعبر عن انفعاالته السلبية إزاء واقع مرضي .وهذا بالتالي يتطلب
تدخالت سيكولوجية من شأنها التخفيف من حدة األلم النفسي الذي يعيشه الطفل .فماهو إذن دور وحدود
األخصائي النفساني األنكولوجي وما عالقته بباقي المعالجين؟
215
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
التساؤالت المقلقة لدى الطفل المصاب بداء السرطان خالل المسار المرضي ودور األخصائي النفسي األنكولوجي
خالصة
ترافق التساؤالت المقلقة كل مراحل أو محطات المسار المرضي ،باعتبار المرض تجربة جديدة
وعسيرة يعيشها الطفل ويتفاعل معها جسديا ونفسيا واجتماعيا .وتنعكس بذلك على تفكيره وانفعاالته
وتمظهرات سلوكاته.
ففي مراحل كتابة هذا المقال تعمدنا التطرق لكل مراحل المرض .وركزنا على األصعب منها لكننا ال
ندعي قدرتنا على اإلحاطة علما بعمق تجربة المعاناة النفسية ،وتالوينها ألنها متعددة بعضها يرتبط بما هو
ذاتي أي سيكوسوماتيكي ،وآخر موضوعي اجتماعي أي طبي وتواصلي وتفاعلي.وهو ما يجعل من
معايشة المرض إشكالية صعبة ومعقدة من حيث الفهم .لذلك آثرنا التركيز على جزء منها يتعلق بتساؤالت
الطفل المعبرة عن قلقه وخوفه إزاء وضعيات المرض ومحطاته .وقد كانت مناسبة المصاحبة النفسية
والتكفل النفسي باألطفال المرضى ،مناسبة ميدانية مكنتنا من االطالع على جزء من القلق الذي يرغب
الطفل من خالله ،إعادة بناء فهمه ووعيه بالمرض ،ورغبته في االطالع عما يقع على مستوى الجسد
الخاص .وهذا ما قد يستوقف أي معالج أمام شخص الطفل من أجل التفكير في سبل التواصل مع طفل
يسائل المرض والعالج ومختلف التدخالت التي تخصه ،ويعبر بذلك عن فاعليته ونضجه وسعيه الكتشاف
واقعه المرضي وبالتالي القدرة على التكيف والتعايش مع هذا المرض.
ومن جهة أخرى تناول هذا المقال دور األخصائي النفسي وعالقاته بالمعالجين األنكولوجيين ،وقد
اقتضت ضرورة بناء الموضوع إثارة هذا العنصر بهدف إبراز مهام األخصائي النفسي ،الذي يسعى
جاهدا للقيام بدوره العالجي الذي ال ينفصل في شيء عن الدور التواصلي ،الذي يحقق من خالله حلوال
من شأنها التخفيف من حدة قلق تساؤالت المرضى ،إزاء المرض والعالج والوضعيات الصعبة .فضال
عن تعزيز قدرة الصمود للحفاظ على السيرورة العادية لحياة الطفل واستمرار نشاطه وفاعليته
216
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
التساؤالت المقلقة لدى الطفل المصاب بداء السرطان خالل المسار المرضي ودور األخصائي النفسي األنكولوجي
217
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
التساؤالت المقلقة لدى الطفل المصاب بداء السرطان خالل المسار المرضي ودور األخصائي النفسي األنكولوجي
المراجع
. مطبعة النجاح الجديدة. الدار البيضاء. السرطان عند الطفل.)2003( محمد،حريف
Bacquet, M. F. (2011). Annoncer un cancer, Diagnostic, traitements, rémission, rechute,
guérison, abstension. Springer Editions.
E.Dumas, J. (2016).psychopathologie de l’enfant et de l’adolescent.De boeck.
Harif, M. (2008). La chimiothérapie anticancéreuse. Manuel de formation, diagnostic précoce
des cancers de l’enfant au Maroc. Casablanca: Editions empreintes.
Jutras, S. (2012). Les bénéfices associés à l’expérience du cancer pédiatrique. Cahiers
internationaux de psychologie sociale, N° 93, pp. 159-180.
Labrell, F., Chevignard, Ma. & Camara Costa, H. (2016). Evaluation du stress parental en cas
de cancer de l’enfant .Bulletin du cancer .Vol, 103, N° 7-8, pp. 691-696.
Kreitler, S., Ben-Arush, M. W. & Andrés, M. (2012). Pediatric psycho-oncologie. Oxford, Wiley-
Blackwell.
Msefer-Alaoui, F. (2002). les cancers de l’enfant au maroc: état des lieux. Esperance médicale,
Vol. 9 N° 80, pp. 64-65.
Msefer-Alaoui, F. (2004). Les cancers de l’enfant: épidémiologie et carcinogénèse. Revue
marocaine des maladies de l’enfant, N° 4, pp. 6-9.
Oppenheim, D. (2010). Cancer: comment aider l’enfant et ses parents. De Boeck.
Pai, A. L., Drotar D, Zebracki K, Moore M & Youngstrom E. (2006). A meta-Analysis of the
effects of psychological interventions in pediatric oncology on out comes of psychological
distress and adjustment. Journal of pédiatric Psychology, 31 (9) pp. 978-988.
Razavi, D. & Delvaux, N. (2008). Précis de psycho-oncologie de l’adulte. Editions Masson.
.
218
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
تمظهرات الرضا الوظيفي لدى موظفي مديرية الموارد البشرية التابعة وزارة التربية الوطنية
تمظهرات الرضا الوظيفي لدى موظفي مديرية الموارد البشرية التابعة وزارة التربية الوطنية
أحمد الحدادي
ahmadelhaddadi@gmail.com
. المغرب- جامعة محمد الخامس الرباط، كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية،قسم علم النفس
ملخص
،هدفت الدراسة إلى قياس مستوى الرضا الوظيفي لدى عينة من موظفي وزارة التربية الوطنية
والكشف عن الفروق فيه بناء على متغيرات، وتحديد مصادر الرضا،العاملين بمديرية الموارد البشرية
120 تم تطبيق استمارة "مينوسوتا" لقياس الرضا الوظيفي لدى عينة مكونة من. والخبرة، السن،النوع
كما توصلت أيضا، وأظهرت النتائج أن الموظفين يتمتعون بمستوى رضا وظيفي متوسط.موظفا وموظفة
وخلصت في األخير إلى وجود فروق دالة.إلى أن مصدر الرضا لديهم يرجع إلى العوامل الداخلية للشغل
تمت مناقشة، وفي األخير.إحصائية في مستوى الرضا الوظيفي تعزى إلى متغيرات النوع والسن والخبرة
.النتائج على ضوء نتائج الدراسات السابقة
الرضا الوظيفي؛ استمارة مينوسوتا لقياس الرضا داخل العمل؛ مديرية الموارد:الكلمات المفتاحية
.البشرية؛ وزارة التربية الوطنية
Abstract
The study aimed at measuring the job satisfaction level among a sample of
employees in the Human Resources division in the Ministry of National
Education, in addition to identifying its sources and exploring the differences in
job satisfaction based on gender, age and experience. The Minnesota
satisfaction questionnaire was used on a sample of 120 employees. The results
asserted that participants enjoy an average level of job satisfaction. Their
satisfaction comes from intrinsic factors. Significant statistical differences are
found between the employees on the level of job satisfaction due to sex, age
and experience. Our results were discussed in the light of the previous results.
Keywords: job satisfaction; Minnesota Satisfaction Questionnaire; department
of human resources; ministry of Education.
219
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
تمظهرات الرضا الوظيفي لدى موظفي مديرية الموارد البشرية التابعة وزارة التربية الوطنية
مقدمة
إن الرضا الوظيفي أو الرضا داخل العمل من أكثر المواضيع تداوال داخل المنظمات بشتى أنواعها
وأشكالها ،وذلك لما له من ارتباط بالمرودية واإلنتاجية من جهة ،وكذا باألداء والسلوك الوظيفي للعمال،
كااللتزام التنظيمي والغياب عن الشغل .ويشير مفهوم الرضا إلى مشاعر واتجاهات األفراد نحو عملهم،
وهذه االتجاهات قد تكون من جهة إيجابية ،فتدل على تعلق وارتباط الفرد بعمله ،وبالتالي رضاه عن كل
أو بعض جوانب العمل .وقد تكون من جهة أخرى ،اتجاهات سلبية ،فتعبر عن عدم رضا الفرد عن كل أو
بعض جوانب العمل ).)Levy-Leboyer & Sperandio, 1987
وتؤكد مجموعة من الدراسات ( ;Castel et al., 2011; Clark, 1996; Frances, 1983
) Herzberg, 1970; Igalens & Roussel, 1999على أن الرضا الوظيفي يتحقق بالنظر إلى
مجموعة من العوامل ،منها ما هو مرتبط بدرجة مباشرة بشخصية العامل وبظروف العمل والمهمة
المنجزة .وأخرى غير مباشرة ،مرتبطة بالعالقات التي تجمع المرؤوسين برؤسائهم داخل التنظيم .كما أن
ظروف العمل التي ينجز الموظف عمله فيها قد تؤثر سلبا أو إيجابا على رضاه .فمن جهة ،يؤثر محتوى
العمل (إمكانية الترقي وأخذ المسؤولية واالعتراف من طرف اآلخرين) إيجابا على رضا الفرد .ومن جهة
ثانية ،فالعوامل المرتبطة بالعمل نفسه (كطريقة القيادة والسياسة التنظيمية المتبعة) غالبا ما تؤدي إلى عدم
الرضا.
يسعى البحث الحالي إلى قياس مستوى الرضا الوظيفي لدى عينة من الموظفين العاملين بمديرية
الموارد البشرية التابعة لوزارة التر بية الوطنية ،وتحديد العوامل المسؤولة عن الرضا الوظيفي ،وكذا
التأكد من الفروق في درجة الرضا الوظيفي تبعا لبعض المتغيرات السوسيوديموغرافية كالنوع والسن
والخبرة.
تتجلى أهمية هذه الدراسة في كونها ستمد أصحاب القرار بمديرية الموارد البشرية التابعة لوزارة
التربية الوطنية بمعطيات وإحصائيات حول مستوى الرضا الوظيفي لدى الموظفين والموظفات ،والعوامل
المسؤولة عن الرضا وعدم الرضا ،الشيء الذي سيسمح لهم مستقبال بتدبير أفضل وعقالني للموارد
البشرية.
إشكالية الدراسة :تعتبر مديرية الموارد البشرية بالرباط التابعة لوزارة التربية الوطنية اإلدارة
المركزية التي يعهد إليها تسيير الموارد البشرية لقطاع التربية الوطنية والذي يفوق أكثر من 300000
موظفا وموظفة على الصعيد الوطني .ويبلغ عدد العاملين بهذه المديرية 266موظفا وموظفة ( 146رجال
و 120نساء) .13وعرف تسيير الموارد البشرية في هذا القطاع خالل السنوات األخيرة تغيرات هامة،
سواء من حيث طرق التوظيف والتكوين وتدبير المسارات المهنية أو من حيث تجويد ظروف العمل.
ورغم كل المجهودات المبذولة من طرف الوزارة الوصية لتحفيز وعقلنة تسيير الموظفين؛ إال أن إشكالية
تحقيق الرضا الوظيفي ال تزال مطروحة.
وحسب بعض المقابالت التي أجريناها ما بين مارس و أبريل من سنة 2013مع بعض الموظفين
العاملين بهذه المديرية في إطار تدريب ميداني ،الحظنا اختالف الموظفين والموظفات في إدراك مستوى
الرضا الوظيفي ومصادره :فمنهم فئة تصرح أنها غير راضية عن العمل ،بحجة ضغوط العمل ونقص
الوسائل إلنجاز المهام وانعدام دعم وتعاون الرؤساء والزمالء .بينما صرحت الفئة الثانية بأنها راضية عن
العمل بشكل تام ،وذلك بسبب ما يمنحه لها الشغل من قيمة داخل المجتمع ،إذ أن العمل داخل مديرية
الموارد البشرية في نظر البعض":هو حلم يراود كل موظف بقطاع التعليم" .أما الفئة الثالثة ،فعبرت عن
الرضا اتجاه بعض جوانب العمل" كاإلستقرار المهني ،واإلنجاز ،والرضا عن توقيت العمل" ،وعدم
الرضا عن جوانب أخرى" ،كإمكانية القيام بمهام جديدة ،والترقي واإلشراف الفني".
وأمام هذا التباين في إدراك الرضا الوظيفي ومصادره بين الموظفين والموظفات ،تحاول الدراسة
الحالية التعرف على مستوى الرضا الوظيفي لدى عينة من الموظفين ،وتحديد العوامل المسؤولة عنه،
Recueil statistique de l’éducation, direction de la stratégie, des statistique et planification 2012/2013, p .231. 13
220
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
تمظهرات الرضا الوظيفي لدى موظفي مديرية الموارد البشرية التابعة وزارة التربية الوطنية
وكذا التحقق من الفروق في مستوى الرضا الوظيفي تبعا للمتغيرات السوسيوديموغرافية (السن والنوع
والخبرة).
أسئلة الدراسة :تحاول الدراسة اإلجابة عن التساؤالت التالية:
-ما مستوى الرضا الوظيفي لدى الموظفين العاملين بمديرية الموارد البشرية التابعة لوزارة التربية
الوطنية؟
-ما هي العوامل المحددة للرضا وعدم الرضا الوظيفي لدى الموظفين؟
-هل توجد فروق ذات داللة إحصائية عند مستوى ( )0.05لدى الموظفين والموظفات في درجة
إدراك الرضا الوظيفي تعزى لمتغيرات النوع والسن والخبرة؟
فرضيات الدراسة :يمكن صياغة الفرضيات على ضوء األسئلة السابقة ،كما يلي:
-يتمتع موظفو مديرية الموارد البشرية التابعة لوزارة التربية الوطنية بمدينة الرباط بمستوى متوسط
من الرضا الوظيفي؛
-نفترض أن العوامل الداخلية للعمل هي المحددة للرضا الوظيفي ،بينما العوامل الخارجية فهي
المسؤولة عن عدم الرضا الوظيفي؛
-هناك فروق في درجة إدراك الرضا الوظيفي بين الموظفين عند الداللة اإلحصائية ( )0.05تعزى
لمتغيرات النوع والسن والخبرة.
221
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
تمظهرات الرضا الوظيفي لدى موظفي مديرية الموارد البشرية التابعة وزارة التربية الوطنية
222
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
تمظهرات الرضا الوظيفي لدى موظفي مديرية الموارد البشرية التابعة وزارة التربية الوطنية
تقدما في العمر هم األكثر رضا؛ ذلك أن التقدم في العمر يقلل من االنتظارات اتجاه العمل ( Louche,
.)2007وهي نفس النتيجة التي خلصت إليها دراسة"هيرزبرغ" ( ،)Herzberg,1970إذ وجدت أن
العمال الجدد يكونون أكثر رضا مقارنة مع العمال ذوي الخبرة .كما أكدت نتائج دراسة ( & Gazioglu
)Tansel, 2002التي طبقت على عينة قوامها 28240مستخدما وجود رضا مرتفع عند العمال
والعامالت األكثر تقدما في السن.
أما فيما يتعلق بالنوع فقد كشفت نفس الدراسة أن الرضا عند الرجال العاملين أقل مستوى مما هو عند
النساء العامالت .وهي نفس النتيجة التي توصلت إليها دراسات أخرى ;(Iglesias et al., 2011
) .Locke, 1974إذ خلصت الى أن النساء العامالت هن اللواتي يتمتعن بأكثر رضا وظيفي مقارنة
بالرجال العاملين .ويفسر ذلك بمجموعة من العوامل ،كمزاولة العامالت مناصب عادية مقارنة بالعمال
الذين يعملون بمناصب المسؤولية والتأطير ،كما أن أغلب النساء العامالت يقمن بأعمال منزلية وبرعاية
األبناء.
شملت عينة الدراسة 66موظفة ( )%55,8و 53موظفا ( .)%44,2وقد تراوح متوسط سنهم ما بين
41و 50سنة .أغلب أفراد العينة من كال الجنسين ينتمون إلى المنصب الوظيفي "تقني و ملحق إداري"
( .)%48,3كما أن ( )%47,5من أفراد العينة لديهم خبرة قصيرة باإلدارة "أقل 10سنوات" .إضافة إلى
أن ( )%59,47منهم يحصلون على أجرة أكثر من 5000درهم .وقد بلغ معدل المشاركة في الدراسة
حوالي (.)%45,11
223
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
تمظهرات الرضا الوظيفي لدى موظفي مديرية الموارد البشرية التابعة وزارة التربية الوطنية
األساليب اإلحصائية
استندت معالجة نتائج هذه الدراسة إلى الحزمة اإلحصائية للعلوم اإلجتماعية (.)SPSS, version 20
وذلك من خالل حساب معامل االرتباط بطريقة "ألفا كرونباخ" ( )Cronbach Alphaبغرض التأكد من
صدق وثبات أداة الدراسة .وحساب المتوسط الحسابي واالنحراف المعياري لإلجابة عن السؤال األول.
وكذلك حساب اختبار "ت") (T-testوتحليل التباين األحادي ( )ANOVAللتأكد من الفرضيتين الثانية
والثالثة.
224
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
تمظهرات الرضا الوظيفي لدى موظفي مديرية الموارد البشرية التابعة وزارة التربية الوطنية
يبين الجدول أعاله أن المتوسط الحسابي العام بلغ ( )3,35واالنحراف المعياري العام ()0,47
وبمستوى متوسط للرضا الوظيفي العام .وحازت خمس فقرات من االستبيان على متوسطات حسابية
عالية وهي" :اإلحساس باإلنجاز"()4,30؛ "القيمة الذاتية ()4,30؛ "استقرار الشغل"(")3,87؛ اإلشراف
اإلنساني" ( )3,83و"المكانة اإلجتماعية"( .)3,82كما حصلت أربع عشرة فقرة من استجابات العينة على
مستويات متوسطة ،فيما نالت فقرة واحدة مستوى ضعيفا.
ويمكن تفسير هذه النتيجة بكون أن أغلب استجابات العينة على االستبيان كانت متوسطة .كما أن معظم
الفقرات مرتبطة أساسا باألمن الوظيفي وما تحتله الوظيفة العمومية من أهمية في الوقت الحاضر،
وخصوصا بظهور طرق جديدة للتوظيف ،كالتوظيف بالعقود التي بدأت تلجأ إليها وزارة التربية الوطنية
وباقي القطاعات األخرى .وتتفق نتائج هذه الدراسة مع خالصات دراسة ندوي ( )Ndoye, 2000والتي
توصلت إلى أن الم وظفين يتمتعون برضا متوسط داخل العمل ،وفسر ذلك باالستقرار الوظيفي والمادي
الذي تمنحه لهم الوظيفة العمومية.
225
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
تمظهرات الرضا الوظيفي لدى موظفي مديرية الموارد البشرية التابعة وزارة التربية الوطنية
جدول ( :)3مقارنة المتوسطات الحسابية واالنحرافات المعيارية واختبار (ت) لدى عينة الدراسة
حول أبعاد الرضا الوظيفي
الداللة اإلحصائية قيمة "ت" االنحراف المعياري المتوسط الحسابي العدد أبعاد الرضا الوظيفي
*.000 -969,84 ,56 3,48 97 عوامل داخلية
,58 3,20 97 عوامل خارجية
من خالل الجدول ( )3يتبين أن المتوسط الحسابي في العوامل الداخلية هو ( )3,48وبانحراف معياري
()0,56؛ بينما العوامل الخارجية فقد بلغ متوسطها الحسابي ( )3,20وانحرافها المعياري ( ،)0,58كما أن
قيمة "ت" بلغت ( )-969,84والداللة اإلحصائية ( .)0,000وبالتالي فهناك فروق ذات داللة إحصائية بين
العوامل الداخلية والع وامل الخارجية ،لصالح العوامل الداخلية .وهو ما يؤكد أن مصادر الرضا الوظيفي
بالنسبة للموظفين والموظفات تعزى للعوامل الداخلية أكثر من العوامل الخارجية .ويمكن تفسير هذه
النتيجة بأن ثالث فقرات من أصل خمسة التي حازت على متوسطات عالية تنتمي إلى بعد العوامل
الداخل ية للرضا الوظيفي .واتفقت هذه النتيجة مع نتيجة دراسة "هيرزبرغ ( )Herzberg, 1975وروسل
( )Roussel, 1996و فرانسس ).(Francés. R, 1983
-متغير النوع
للتأكد من الفروق في درجة الرضا الوظيفي حسب متغير النوع (ذكور ،إناث) ،استخرجنا المتوسطات
الحسابية واالنحرافات المعيارية ،واختبار( )Tفي الفقرتين األكثر داللة من استبيان "مينوسوتا" .والجدول
التالي يوضح ذلك:
جدول ( :)4المتوسطات الحسابية واالنحرافات المعيارية واختبار (ت) للفروق بين متوسطي
استجابات أفراد العينة حسب متغير النوع
قيمة ""p اختبار "ت" المتوسط الحسابي التكرار(ن=)97 النوع الفقرات
,001 4,137 4,13 67 نساء
المكانة اإلجتماعية
3,13 30 رجال
,000 3,548 4,40 67 نساء
المنفعة اإلجتماعية
3,86 30 رجال
يتبين من الجدول أعاله أن اإلناث حصلن على متوسطات حسابية أكثر من الذكور في العبارتين:
"المكانة اإلجتماعية" ( )4,13و "المنفعة اإلجتماعية" ( .)4,40ولمعرفة داللة الفروق بين متوسطات
الذكور واإلناث تم استخراج اختبار (ت) .وتؤكد نتائجه وجود فروق ذات داللة إحصائية عند مستوى
( )0.05في درجة الرضا الوظيفي تبعا لمتغير النوع ،لصالح اإلناث.
ويمكن تفسير هذه النتيجة بكون أغلب الموظفات تعملن بمناصب الكتابة والتحرير والتصرف ،بينما
يتقلد الموظفون مناصب المسؤولية والقيادة .وقد تعزى أسباب الرضا أيضا إلى أن النساء لديهن
مسؤوليات أخرى خارج العمل كتربية األطفال واالهتمام بشؤون البيت .بينما الموظفون الذكور هم األكثر
انخراطا في العمل النقابي مما يجعل إمكانية رضاهم عن العمل أكثر صعوبة .وتتفق هذه النتيجة مع
226
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
تمظهرات الرضا الوظيفي لدى موظفي مديرية الموارد البشرية التابعة وزارة التربية الوطنية
مجموعة من الدراسات (الشيخ خليل و شرير2008 ،؛ ;(Frances, 1983; Mau et al., 2001
.Joulian et al., 2011
-متغير السن
للتحقق من الفروق في مستوى الرضا الوظيفي تبعا لمتغير السن ،تم تقسيم أفراد العينة إلى ثالث
مجموعات عمرية[ :من 35-20سنة]؛ [من 50-36سنة] و [من 50سنة فأكثر] .تم استخراج المتوسط
الحسابي واالنحراف المعياري ،واختبار (ت) لدى أفراد العينة ،في الفقرات الثالث األكثر داللة من
استبيان "مينوسوتا" ،والجدول التالي يوضح ذلك.
يتضح من الجدول ( )5أن الفئة العمرية (من 51سنة فأكثر] نالت أعلى متوسطات حسابية في فقرتي
"الترقي" ( )2,43و "المنفعة اإلجتماعية" ( )4,73أكثر من الفئتين العمريتين [ 35 - 20سنة] و [من
36-50سنة] .كما يبين الجدول وجود فروق ذات داللة إحصائية عند مستوى ) (α≤0.05بين الفئات
العمرية الثالث حول درجة إدراك الرضا الوظيفي في الفقرات الثالث ،وجاءت الفروق اإلحصائية فيها
لصالح فئة الموظفين والموظفات األكثر تقدما في السن .ويمكن تفسير هذه النتيجة بكون أن مستوى الرضا
الوظيفي يرتفع مع التقدم في السن ،كما يصاحبه انخفاض في االنتظارات والمتطلبات .وتتفق هذه النتيجة
مع نتائج دراسات ).(Foucher, 1996; Joulain et al.,2011; Ndoye , 2000
جدول ( :)6المتوسطات الحسابية واالنحرافات المعيارية واختبار (ت) للفروق في درجة الرضا
الوظيفي حسب متغير سنوات الخبرة
مستوى الداللة قيمة "ت" سنوات الخبرة الفقرات
21سنة فأكثر أقل من 20سنة
ن=33 ن=87
,000 4,59 3,12 4,18 المكانة االجتماعية
,000 4,03 3,84 4,54 المنفعة االجتماعية
,044 -2,03 3,21 4,70 األجرة
نالحظ من خالل الجدول أعاله أن جميع المتوسطات واالنحرافات المعيارية للفئة ذات سنوات الخبرة
[أقل من 20سنة[ أكبر من الفئة ذات سنوات الخبرة [أكثر من 21سنة] في الفقرات الثالث األكثر داللة
من استجابات العينة على استمارة "مينوسوتا" .كما يتبين أيضا وجود فروق ذات داللة إحصائية عند
مستوى ( )α≤0.05بين الفئتين .وكانت الفروق لصالح العينة ذات سنوات الخبرة [أقل من 20سنة]
227
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
تمظهرات الرضا الوظيفي لدى موظفي مديرية الموارد البشرية التابعة وزارة التربية الوطنية
وقد تفسر هذه النتيجة بكون أن أغلب الموظفين والموظفات أي ( )%72,5من أفراد العينة من التقنين
أو الملحقين اإلدارين .وبالتالي فهذه الفئة المهنية من الموظفين هي فئة جديدة بدأت تلتحق بمديرية الموارد
البشرية لوزارة التربية الوطنية ،والتي كانت تعمل سابقا في ميدان التدريس .ثم التحقوا فيما بعد باإلدارات
التابعة للوزارة التربية الوطنية .وتزكي هذه النتيجة نفس الخالصة التي توصلت إليها دراسة (Joulain
) .et al., 2011واختلفت نتائجها مع دراسة ( )Kumar & Giri, 2009والتي خلصت إلى أن مستوى
الرضا الوظيفي مرتفع لدى الموظفين المتقدمين في السن واألكثر خبرة مقارنة ب الموظفين األصغر سنا
واألقل تجربة.
خالصة
كخالصة لما سبق ،يمكن القول أن الدراسة الحالية توصلت إلى األهداف المنتظرة .حيث وجدت أن
مستوى الرضا الوظيفي متوسط لدى الموظفين والموظفات العاملين والعامالت بمديرية الموارد البشرية.
كما توصلت أيضا إلى العوامل المسؤولة عن هذا المستوى من الرضا الوظيفي ،وتتمثل في العوامل
الداخلية للعمل كاإلحساس باإلنجاز ،والقيمة الذاتية ،واستعمال المؤهالت الفردية .وخلصت في األخير إلى
وجود فروق ذات داللة إحصائية عند المستوى ( )0,05لمتغيرات الجنس والسن والخبرة في مستوى
الرضا الوظيفي .حيث تبين أن النساء هن األكثر رضا مقارنة مع الرجال .واتضح أيضا أن فئة الموظفين
والموظفات [من 50سنة فأكثر] هم األكثر رضا عن علمهم مقارنة مع الفئتين العمريتين [ 35 - 20سنة]
و[من 50 - 36سنة] .بينما حازت الفئة األقل خبرة على رضا وظيفي أكبر من الفئة ذات سنوات الخبرة
[أكثر من 21سنة].
وطبقا لهذه النتائج من المفيد لوزارة التربية الوطنية االهتمام بموظفيها العاملين بمديرية الموارد
ا لبشرية الكائنة بمدينة الرباط ،حتى يتسنى لهم التدبير الفعال لشؤون باقي أطر وزارة التربية الوطنية.
ويتجلى هذا االهتمام في تشجيع الموظفين والموظفات وتقديرهم ومنحهم االستقاللية وتوفير مناخ تنظيمي
يشجع على اإلنجاز ،واالبتكار واإلبداع ،إضافة إلى تنويع الحوافز ،وهذا سينعكس إيجابا على السلوك
التنظيمي للموظفين ،وبالتالي على مردودية وإنتاجية اإلدارة.
228
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
تمظهرات الرضا الوظيفي لدى موظفي مديرية الموارد البشرية التابعة وزارة التربية الوطنية
المراجع
الرضا الوظيفي وعالقته ببعض المتغيرات الديموغرافية لدى.)2008( الشيخ خليل محمد وعبد هللا شرير عزيزة
.711 - 683 . صص،1، العدد،16 ،المجلد. سلسلة الدراسات اإلنسانية، مجلة الجامعة اإلسالمية.المعلمين
بيروت ـ، التنوير للطباعة والنشر، قراءة في علم النفس اإليجابي: إطالق طاقات الحياة.(2012) حجازي مصطفى
.لبنان
Clark. A. E. (1996). Job Satisfaction in Britain. British Journal of Industrial Relations, 34: 189-
217. Doi:10.1111/j.1467-8543.1996.tb00648.x.
Durand-Delvigne.A & Lemoine. C. (2011). Équivalence échelle composite - échelle globale
dans la mesure de la satisfaction au travail. Revue de l’Association Internationale de
psychologie du Travail de langue Française, vol, 17-N 1. L’Harmattan, pp. 73-84.
Gazioglu, S. & Tansel, A. (2002). Job Satisfaction in Britain: Individual and Job-Related
Factors. Economic Research Centre Working Papers in Economics 03/03.
Herzberg. F. (1970). Le travail et l'argent. Revue Française des Affaires Sociales, vol, 21, pp.
111-115.
Igalens, J et Roussel. P. (1999). A study of the relationships between compensation
package, work motivation and job satisfaction. Journal of Organizational Behavior, 20 (7),
1003-1025. https://doi.org/10.1002/(SICI)1099-1379(199912).
Iglesias, K, Renaud. O et al. (2010). Satisfaction au travail: conséquences du choix des outils
statistiques et des instruments de mesure en GRH. Dans, Honore, L, Martin D-Ph & Poilpot–
Rocaboy. G. (2010). Nouveaux comportements, nouvelles GRH? Revue Internationale de la
Psychosociologie, vol, XVI N 40, hiver. Paris, France, Editions Eska, pp. 245-270.
Joulain, M., Hervé, C., Bailly, N., & Alaphilippe, D. (2011). Bien-être à la retraite selon le
genre et l’âge : lien avec la perception du travail ancien. Psychologie du Travail et des
Organisations, 17(4), 382-396. https://doi.org/10.1016/S1420-2530(16)30109-1.
Larouche. V & Delorme .F.(1972). Satisfaction au travail : reformulation théorique.
Relations Industrielles, vol. 27, N 4. Québec- Canada. pp. 567-602.
Locke, A. (1974). What is job satisfaction? Organizational Behavior and Human
Performance, vol. 4, pp. 309-336.
Levy-Leboyer, C & Speriadio. J-C (1987). Traité de psychologie du travail .PUF.
Louche. C (2007b). Psychologie sociale des organisations. Armand Colin, Paris.
Mau, W & Kopischke, A. (2001). Job search methods, job search outcomes, and job
satisfaction of college graduates: a comparison of race and sex. Journal of Employment
Counseling, 38, 141-149. Doi: 10.1002/j.2161-1920.2001.tb00496.x.
Ndoye, A-K. (2000). L’(in)satisfaction au travail des professeurs du second degré du Sénégal.
Revue des sciences de l’éducation, vol XXVI, n 2, (Québec, Canada), pp. 439- 462.
Roussel, P. (1996). Rémunération, Motivation et Satisfaction au travail. (Ed), Economica.
Spector, E. (1997). Job satisfaction: Applications, assessment, causes and consequences.
Thousand Oaks, CA: Sage.
Weiss, D. J., Dawis, R. V. England, G. W. & Lofquist, L. H. (1967). Manual for the Minnesota
Satisfaction Questionnaire. Vol. 22, Minnesota Studies in Vocational Rehabilitation,
Minneapolis: University of Minnesota, Industrial Relations Center.
229
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
اجتماعية مقارنة ألساطير الزواج عند المرأة المغاربية-مقاربة نفسية
كريمة عالق
karima_rimaallegue@yahoo.fr
الجزائر- جامعة مستغانم،كلية العلوم االجتماعية واإلنسانية
ملخص
وتحديدا أسطورتين للزواج معروفتين في،فحصت هذه الدراسة أساطير الزواج عند المرأة المغاربية
" وأسطورة "اللَّة عائشة البحرية، أسطورة "الكسابة" بمنطقة مستغانم بالجزائر:الجزائر والمغرب وهما
بمنطقة أزمور بالمغرب اللتين أصبحتا طقسين من طقوس جلب الحظ والزواج عند المرأة العانس أو من
وتحليل المضمون كأداة لدراسة األسطورتين، وقد استخدم المنهج الوصفي المقارن.تأخر زواجها
وكشفت النتائج عن تأثير معتقد حل. ثم المقارنة بينهما وتحديد أوجه الشبه واالختالف بينهما،وطقوسهما
مع وجود تشابه كبير بين هدف هذين الطقسين وهو تحقيق مكانة،أمور تأخر الزواج في العقلية المغاربية
، وبذلك. وإن وجدت بعض االختالفات البسيطة، وفي إجراءات الطقسين وتطبيقاتهما،المرأة في المجتمع
.يعد الطقسان من الحلول االجتماعية التي ابتكرتها المرأة لتبرير عنوستها أو تأخرها زواجها
. اللَّة عائشة البحرية،سابة
َّ الك، المرأة المغاربية، أساطير الزواج:الكلمات المفتاحية
A Comparative psychosocial approach to the legends of marriage among
Maghreb’s women
Karima Allegue
karima_rimaallegue@yahoo.fr
Faculty of Social and Human Sciences, University of Mostaganem- Algeria
Abstract
This study examined marriage myths among Maghreb’s women; specially two
well-known myths in Algeria and Morocco; the myth of « Kessabah» in the
region of Mostaganem in Algeria, and the myth of «Lala Aïcha Al- Bahriah» in
Azmour in Morocco. The two myths become rituals of bringing luck and
marriage to the spinster women or who are late in marriage. We used the
comparative psychosocial approach and the content analysis in the exploration
of the two marriage myths and their rituals; which permit us to compare them
with each other, and determine similarities and differences between them.
The results revealed the impact of the belief in resolving the delay of marriage
in the Maghreb’s mentality, in addition to a great similarity between the goal of
the two rituals. Although there were some simple differences.
So, the rituals are social solutions invented by women to justify their
spinsterhood or late marriage.
Keywords: legends of marriage; Maghreb women; Kessabah; Lala Aïch Al-
Bahriah.
230
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
مقاربة نفسية-اجتماعية مقارنة ألساطير الزواج عند المرأة المغاربية
مقدمة
تندرج األسطورة كعنصر من عناصر الثقافة الشعبية ضمن الفنون الشعبية والشفوية بصفة متميزة،
ألنها تنتقل من وسط اجتماعي إلى آخر ،عن طريق الذاكرة الجماعية لتشكل جزءا من الثقافة العامة التي
تعبر عن المجتمع وبنيته أكثر من غيرها من األشكال ،لما تحويه من معتقدات وحوادث قريبة من حياة
األفراد ،فهي تعتبر فكرا بشريا مرت عبره بمراحل مختلفة في تشكيله واستنبطت من كل التأمالت
والتخمينات التي نشأت من العقل اإلنساني عبر العصور تماشيا بطبيعة الحال مع وسائل العمل في كل
فترة.
ومن الطبيعي أن تختلف العادات والتقاليد باختالف المناطق والبيئات ،فيختلف الشرق عن الغرب
والشمال عن الجنوب ،غير أنهم يتفقون كثيرا في المعتقدات.
وتعد "المعتقدات والخرافات الشعبية منفذا ً من المنافذ األساسية لدراسة عقلية الشعوب ،ومدخالً مهما ًّ
من أجل اقتحام فضاءاتها العقائدية والفكرية وممارساتها الطقوسية الباطنية والمختلفة منها والظاهرة
الجلية ،فهي تترجم أيضا ً مستويات التفكير الشعبي وحركيّته داخل فضاءات مادية وروحية خاصة"
(سعيدي ،1995 ،ص.)76 .
وجاء في قاموس مصطلحات اإلثنولوجيا والفلكلور أن العادات الشعبية "هي أساليب الشعب وعاداته،
بمعنى القواعد المستترة للسلوك ،التي يؤدي خرقها إلى الصدام مع ما يتوقعه رأي الجماعة (هولتكرانس،
،1973ص ،)246 .وتدخل هذه العادات الشعبية فيما يسمى أيضا بالتراث الشعبي وهي كلها مفاهيم
تندرج تحت علم األنثروبولوجيا واإلثنولوجيا.
ويشير اسم التراث الشعبي حسب عبد الهادي ( )2001إلى أننا نتناول هنا تراثا شفهيا ينتقل من جيل
إلى جيل داخل الشعب ،كما يتضمن أيضا "اعتقادات متنوعة منها االعتقاد بالكائنات العلوية والسفلية
كالجن والعفاريت والهواتف وأرواح الموتى وأرواح األشياء وكيفية تفاعلها مع اإلنسان حلوالً به أو
خروجا ً منه" (عبد الغني ،د.ت ،ص.)11 .
أصبحت المعتقدات الشعبية على رأي نجالء خليل (" )2006موروثات احتلت عقول الناس وشغلت
حياتهم ،وشغفت بها نفوسهم وملكت قلوبهم ،وأضحى التسليم بها والخضوع لحكمها ،من المسلمات
والبديهيات التي ال يمكن أن يرقى إليها الشك ،وقد أخذت هذه المعتقدات سبيلها إلى قلوب الناس ونفوسهم،
عامتهم وخاصتهم ،منذ بداية عمرها الطويل ،في تعاقب األجيال وتداول األزمنة حتى رسخت في الوعي
وأصبحت جزءا ً هاما ً من الوجدان الشعبي ( عبد العظيم )2013 ،إلى درجة أن الشخص المعتقد قد" ال
يعرف نسق االعتقاد كله ،بل يعرف فقط قشورا ً من عنصر بسيط منه ،وعليه أن يلتزم به ،سواء كان على
علم به أو دون علم" كما ذكر ذلك علي المكاوي ( ،1982في عبد العظيم.)2013 ،
وارتبطت المعتقدات في أغلب األحيان حسب عبد الباقي ( )1981بالمرأة والرجل كطرفين أساسيين
وف ّعالين في المجتمع إلى درجة أن أصبح الزواج كل شيء بالنسبة للمرأة ،واعتبر شيئا رئيسيا بالنسبة
للرجل ،كما صار من المشكالت الرئيسية التي تصل حد الهوس عند البعض من النساء ،حيث يؤكد تحليل
هذا النوع من المشكالت أن المرأة المغاربية تماما كما المرأة العربية مازالت محصورة في األدوار
التقليدية ،وهي التي لها الغلبة ،فدور الزوجة هو الدور األول في حياة المرأة ،وهو دور تُعَدُّ له منذ أن
كانت طفلة صغيرة (عالڨ .)2017 ،فعملية التنشئة االجتماعية التي تحيط بالفتاة المغاربية ،هي من أهم
العمليات تأثيرا ً عليها في مختلف مراحلها العمرية ،لما لها من دور أساسي في تشكيل شخصيتها وتكاملها،
وهي تعد إحدى عمليات التعلم التي عن طريقها تكتسب الفتاة العادات والتقاليد واالتجاهات والقيم السائدة
في بيئتها االجتماعية التي تعيش فيها؛ كما تحظى الفتاة بتربية مختلفة عن تلك التي يحظى بها أخوها
الذكر ،حيث تحاط منذ أن تكون طفلة بنوع من االهتمام ،وتلعب المرأة (األم) دورا هاما في التنشئة
االجتماعية داخل األسرة حيث تعتبر بمثابة الحارس للقيم والتقاليد االجتماعية ،ويتمثل دورها في عملية
االستنساخ الثقافي (الحاج.)2011 ،
ويعد الزواج في المجتمعات العربية تحديدا "سترة " للفتاة وحفظا لكرامة أسرتها ،ومن ثم فإن تقدمها في
السن دون زواج قد يثير العديد من األقاويل التي تمس سمعة الفتاة وسمعة األسرة ،فتشعر بالدونية وبأنها
231
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
مقاربة نفسية-اجتماعية مقارنة ألساطير الزواج عند المرأة المغاربية
أقل من األخريات ،وبخاصة عندما تصرخ بداخلها نداءات األنوثة واألمومة ،وهو ما قد يدخلها في دوامات
من القلق واالكتئاب واليأس والتشاؤم من الحياة (غياث ،2016 ،ص.)212 .
كما يعد أيضا" مدخال ضروريا ال غنى عنه لبناء الحياة األسرية إذ هو اإلطار الشرعي والقانوني
واالجتماعي لها ،ومن خالله تتحدد المسؤوليات والحقوق والواجبات ،فال يمكن ألي رابطة عارضة بين
رجل وامرأة أن تسمو إلى قداسة الزواج ،مادامت هذه العالقة لم تخضع لمبادئ وقوانين المجتمع ولهذا يعد
الزواج الوسيلة الوحيدة التي تنظم حياة الجماعة وتحفظ النوع اإلنساني ولهذا نجد كل المجتمعات تضفي
على هذه العالقة ( الزواج) مظهرا وقداسة تفوق كل التصورات وذلك لما له من أهمية بالغة في حياة الفرد
ذكرا كان أم أنثى ،من خالل إجراءات وطقوس ومراسيم االحتفال لإلعالن عن الزواج واإلشهار عنه أمام
أفراد المجتمع ( شرقي ،2017 ،ص.)23-22 .
وكثيرا ما تحلم الفتاة في ظل هذا الوضع بالزواج الذي يتحول رسوخه في ذهنها عبر الزمن من فكرة
إلى معتقد"،وبأنه هو الحل لوضعيتها ،ووسيلة إلبراز شخصيتها ،فالمرأة التي تتزوج في تقاليد األسرة
[المغاربية]هي األوفر حظا ً للحصول على منزلة أفضل في نظر عائلتها وجيرانها ،بل تحسد من طرف
قريناتها على هذا الوضع ،لذلك أضحت المرأة العانس وصمة عار في األسرة والمجتمع ،وهي عرضة
لمختلف االتهامات ،حتى أضحى يصطلح على تسمية " َباي َْرة" كل فتاة تجاوزت سنا ً معينا دون زواج"
(الحاج ،)2011 ،مما يدخلها في قلق داخلي وتوتر خارجي في وسطها العائلي ومحيطها االجتماعي عند
بلوغها السن المتعارف عليه للزواج ،فتبقى في حيرة من أمرها ،لماذا لم أتزوج لحد اآلن؟ ،على اعتبار أن
ار" ،وهو المثل الذي يطلق على كل من لم تتزوج سواء كانت عاملة أو ماكثة بالبيت، ع ْ "القَا ْعدَة في الد ْ
َّار َ
وحتى بالنسبة للتي أنهت دراستها الجامعية وتعمل وليس هناك ما يعطلها ،ذلك أن "القعود بالبيت" ال يعني
المكوث فيه وعدم الخروج منه فعليا ًّ ولكنه التعريف الكامن لكل من بقيت دون زواج ،فالمرأة التي يرضى
ضة" ويقصد بالفريضة هنا الزواج. ت لَ ْفري َ عنها المجتمع هي المرأة المتزوجة ،أو "اللّي دَ َ
ار ْ
وربما حاولت الفتاة التغلب على هذه الدوامات باللجوء إلى توثيق صلتها باهلل أكثر ،غير أنها قد تغلو
دينيا فتمارس دور المفتي في التحليل والتحريم .وقد تسلك الفتاة العانس طريقا مغايرا تماما للهروب من
دوامات القلق واليأس هذه ،فتلجأ إلى االبتذال والسفور غير الطبيعي في مالبسها وهندامها بطريقة تثير
غرائز الشباب ،رغبة في إثبات الذات والشعور بأنها مرغوبة مثل باقي أترابها ،بل وربما سعت في الوقت
ذاته إلى كثرة االختالط بالشباب في األماكن العامة وفي العمل واألسواق تحت زعم ما يسمى بالصداقة
(غياث ،2016 ،ص ،)2012وحين ال تجد المرأة تفسيرا منطقيا لـ"بوارها " فإنها تلجأ إلى سبل أخرى
ميتافيزيقية تظن أن من خاللها ستجد المنفذ والحل لما بقي عالقا ً عندها ويؤرق ليلها ويقلق نهارها ،ولعل
مظاهر التقرب من األضرحة والدعاء عندها وإتيان طقوسها يكون أقرب عندها لما تجده من إجابات آنية
أو تعلقا باألمل مثلها مثل كل فتاة أو امرأة عانس تلتقي بها في هذه األماكن المقدسة التي تختلف باختالف
الطلب وإتيان الطقوس ،ومثال ذلك "الكسَّابة" في منطقة مستغانم بالجزائر و "اللَّة عيشة البحرية" بمنطقة
أز ّمور بالمغرب ،وهما صورتان نسويّّ تين مثَّلتا ومازالتا تمثالن المخزون الثقافي في الجزائر
و المغرب ،ويتشابهان في الحكاية أو وقائع القصة ومن خالل رموزهما التي تناقلتها األجيال عبر العصور
إلى أن صارتا أسطورتين شائعتين ،فمجرد ذكر هذين االسمين يتأتى وراءهما كثير من المنافذ التي حاكتها
ي خاصة ليصبحان من أهم الطقوس النسائية المغاربيّة كل واحدة في منطقتها مخيّلة المجتمع النّسو ّ
وكليهما ال يحمالن تأريخا علميا إال ما تقوله الحكاية الشعبية؛ فمن خالل ما سبق تتبادر إلى أذهاننا
التساؤالت التالية:
أ .ما سر أسطورة كل من الكسّابة " و "اللَّة عيشة البحرية"؟ وما أوجه التشابه بينهما؟
ب .وأية عالقة تربطهما كطقسين اجتماعيين بزواج الفتاة؟
أهمية الدراسة :بعد اكتشاف هذه الظاهرة ودراستها من الناحية األنثروبولوجية من قبل الباحثتين
عالق ومناد ( ،)2014وتعميقها من الناحية اإلثنوغرافية -النفسية من قبل عالق ( ،)2017واطالعنا على
الطقوس النسوية في المغرب األقصى بعد قراءتنا العديدة حول موضوع الوليات الصالحات راعى انتباهنا
ما يلي:
232
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
مقاربة نفسية-اجتماعية مقارنة ألساطير الزواج عند المرأة المغاربية
* التقارب بين الثقافات في المغرب العربي الكبير ،من وجود طقس نسوي آخر بالمغرب األقصى يشبه
إلى حد كبير طقس الكسَّابة في الجزائر؛
* ارتباط محتوى هذين الطقسين بزواج المرأة التي هي في سن الزواج أو تأخر زواجها؛
* ارتباط األسطورتين في المخيال الشعبي بحكايتين عن حب أزلي لم يتحقق في الواقع ليصبح مقصدا
لتحقيق األماني عند المرأة غير المتزوجة أو من تأخر زواجها؛
* التقارب في ممارسة الطقسين إلى حد كبير توحي بارتباط واضح في العادات وفي سيرورة التفكير
وإتيان رموزه عند المرأة المغاربية وهو ما دفعنا إلى تعميق دراساتهما من الناحية النفسية -الوصفية هذه
المرة محاولين المقارنة بينهما من أجل الكشف عن أوجه الشبه واالختالف بينهما من جهة ،وعن مغزى ّ
تأثيراتهما على كل من الفتاة الجزائرية والمغربية غير المتزوجة أو ممن تأخر زواجها من جهة أخرى.
وال بد من التنويه أن كلتا األسطورتين لم تلق اهتماما ً من طرف المهتمين من السوسيولوجيين أو
األنثربولوجيين وال حتى من علماء النفس كموضوع يستحق كشف الغطاء عنه وتحيين معطياته بطرق
علمية-،على حد علم الباحثة -كما أن جمع المادة العلمية التي تدور حولهما كانت نادرة إن لم نقل منعدمة
تماما ،خصوصا تلك المتعلقة بـ "اللَّة عيشة البحرية" موضوع دراستنا- ،حيث وجدنا أن معظم الكتابات
الع لمية دارت حول وجهين أسطوريين وهما "عيشة قنديشة" أو "عيشة السودانية" والتي كان يجب
التحقيق في الكتابات التي تناولتهما نظرا للتداخل الكبير في المعلومات (Douider, 2012; Hermans,
) 2015; Maréchal & Dasseto, 2014; Moundib, 2016; Radi, 2009, 2013إال من بعض
الكتاب ات الصحفية المنشورة هنا وهناك ،والتي ال يمكن اعتمادها كمرجع علمي ،األمر الذي صعب علينا
مهمة الكتابة بمنهجية علمية.
أهداف الدراسة :يأتي هذا البحث في سياق الكشف عن المقاربات الثقافية التي تزخر بها مناطق
المغرب العربي الكبير من جهة والتعريف بالتراث المحلي الشعبي لمنطقتين ساحليتين إحداهما تقع غرب
الجزائر بمنطقة مستغانم والثانية بإقليم أزمور غير بعيد عن الدار البيضاء بالمغرب األقصى ،من خالل
جمع المادة العلمية حولهما وتحليلها ثم المقارنة بينها ،ونلخصها في ما يلي:
* محاولة الكشف عن المقاربات الثقافية بين المجتمعات المغاربية وإظهار المتشابه منها من الطقوس
والممارسات والمعتقدات االجتماعية النسوية والمتعلقة بالزواج ودراستها دراسة علمية.
* التعرف على دوافع هذه الطقوس والممارسات واستنباط الخفي منها سواء في الجزائر أو في
المغرب األقصى.
* الكشف العلمي عن أشكال الممارسات النسوية الجماعية وتحليل عوامل تشكيل هذه الظاهرة محل
الدراسة بمقاربة نفسية تحليلية مقارنة.
المفاهيم اإلجرائية
* مفهوم األسطورة :رواية أو حكاية تاريخية تنطوي على الخيال ،تقص أحداثا خارقة للطبيعة وقعت
في بداية الزمان ،أحداث تجمع بين الفكر والخيال والوجدان ،وأداته الرمز وتتمثل في أسطورة "الكسَّابة"
في الجزائر و"اللَّة عيشة البحرية" بالمغرب.
سابة" :هو طقس من الطقوس النسوية الجماعية التي تمثل مخزون الذاكرة * مفهوم طقس "الك ّ
الشعبية للمجتمع المستغانمي التي حملتها المرأة عبر األجيال وتقوم بتطبيق ما تم تخزينه من تراث يدور
ّ
منظم ي بامتياز ،أسست من حولها عقيدة وعادة لتتحول إلى طقس سلوكي مغزاه حول قصة حب نسو ّ
تحقق من خالله كل من تأخر زواجها أمنيتها في أن تجد الزوج الذي ترغب فيه ،والذي يتم إحياءه من قبل
نساء مستغانم وضواحيها كل سنة في أول أيام الربيع أي في الواحد والعشرين ( )21من مارس (آذار)
بشكل جماعي (عالڨ ،2017 ،ص.)123 .
* مفهوم طقس "اللَّة عيشة البحرية" :هو من الطقوس التي تلجأ إليها الفتاة المغربية للتخلص من
المنظمة التي تتم حول ضريح "اللة عيشة البحرية"ّ العنوسة من خالل سلسلة من الممارسات الرمزية
233
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
مقاربة نفسية-اجتماعية مقارنة ألساطير الزواج عند المرأة المغاربية
بإقليم أزمور وتنخرط فيها النسوة بكثافة وبمختلف فئاتهن من أجل إحياء حب أزلي لم يتحقق من خالل
تقمصات هوامية مع البطلة طلبا لتحقيق رغبة كل واحدة في الزواج.
الدراسات السابقة :لم نجد من الدراسات العلمية إال الدراستين التاليتين واللتان تدوران حول موضوع
"الكسّابة" ،ولم نجد أية دراسة علمية حول موضوع "اللة عيشة البحرية" مقارنة بنظيرتها "اللة عيشة
قنديشة" ما عدى بعض العناوين أو المقاالت الصحفية المغربية:
دراسة عالق ومناد ( )2014التي هدفت إلى الكشف عن أحد طقوس استقبال الربيع في التراث الشعبي
المستغانمي بالجزائر وهو طقس " الكسّابة" باستخدام المنهج اإلثنولوجي النفسي -االجتماعي الوصفي،
واألدوات التالية :المالحظة بالمشاركة ،المقابلة ،باإلضافة إلى التصوير الفوتوغرافي وبالفيديو والتسجيل
الصوتي ،وتطبيقها على العينة المكانية من مريدات طقس الكسّابة ،ومن نتائجها ما يلي:
-عادة الكسّابة "ال تخلو من كونها معتقدا ذو أهمية حيوية في الواقع المعاش لدى من تمارسها من
النسوة؛ بدأت بحكاية وصارت أمرا ً عمليا ً وتطبيقا رمزيا منظما.
-اتفقت جميع النسوة حول التفكير في التأثير الخفي لطقس الكسّابة في حياتهن اليومية ،وإجماعهن على
تحقيق رغبة كل واحدة منهن في الزواج.
-رسوخ المعتقد بالقوى ما فوق طبيعية ،كالعين والجن والسحر عند المرأة المستغانمية والتي ترجع إلى
التنشئة االجتماعية السائدة في المنطقة ،مما يترجم الخلفية النفسية القوية التي تتحكم في تأويلها للظواهر
الطبيعية واالجتماعية المحيطة بها.
-يعد اللجوء إلى ممارسة طقس" الكسّابة" البديل أو التعويض ما فوق طبيعي الذي يوقف في اعتقاد
المرأة عجزها عن تفسير الوضع الذي تعيشه تفسيرا واقعيا.
* دراسة عالق ( )2017التي ربطت طقس الكسّابة بالعالج النفسي الجماعي لالضطرابات النفسية
للمرأة بمدينة مستغانم الجزائرية ،مستعملة المنهج االثنوغرافي -النفسي الذي يقوم على تحليل الظاهرة
الموصوفة ودراستها ،ثم استنتاج األحكام التي تبيّن قيمتها من خالل المنهج الوصفي الذي يتناسب وطبيعة
الدراسة ،معتمدة على العديد من األدوات كالمالحظة بالمشاركة والمقابلة والتسجيل الفوتوغرافي والفيديو
باإلضافة إلى التسجيل الصوتي التي تم تطبيقها على عينة مكانية قوامها عشرون ( )20امرأة من مريدات
طقس الكسّابة تراوحت أعمارهن بين 47-21سنة ،ومن نتائجها:
-الكسّابة طقس من طقوس جلب السعد للفتاة غير المتزوجة سواء تلك التي هي في سن الزواج أو ممن
تأخر زواجها.
-الكسّابة طقس جمعي نسائي ،تدل رموز ممارساته على عالج جماعي لالضطرابات النفسية التي
تعاني منها الفتاة المستغانمية غير المتزوجة أو من تأخر زواجها نتيجة الضغوط الحياتية اليومية وتنفيسا
عمليا ً لقلق المستقبل الذي يغرسه المجتمع فيها.
منهجية الدراسة
لعل المنهج الذي يتناسب وطبيعة دراستنا هو المنهج الوصفي التحليلي المقارن ،ألنه يتناسب ودراستنا،
حيث يسمح لنا بدراسة الظاهرة كما هي في الواقع ،ووصفها وصفا ً دقيقاً ،وجمع المعلومات عنها،
والتعبير عنها كيفياً ،تمهيدا ً لفهم الظاهرة الطقسية لكل من "الكسّابة" و"اللّة عيشة البحرية" من جهة مع
تشخيصهما تشخيصا ً نفسيا -اجتماعيا ً وثقافيا ،وتحليليهما متفرقتين ثم مجتمعتين من خالل دراسة وتحليل
مضمون األسطورتين مع التركيز على إجراءات تطبيق الطقسين من جهة أخرى ،ثم المقارنة بينهما عن
طريق استخراج أوجه الشبه واالختالف ،فهو المنهج الذي يمكننا فقط من الوقوف عند حدود وصف
الظاهرة الطقسية -لجلب الحظ والزواج عند المرأة العانس أو من تأخر زواجها -موضوع الدراسة ،وإنَّما
يذهب إلى أبعد من ذلك ،فهو يدفع بنا إلى التحليل والتفسير والمقارنة والتقييم أيضاً.
أدوات الدراسة :تم اختيار تحليل المحتوى كأداة تساعدنا على فهم مضمون الطقوس المتعلقة بجلب
الحظ والزواج عند المرأة العانس أو من تأخر زواجها في مجتمعين أقل ما يقال عنهما أنهما متشابهين في
234
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
مقاربة نفسية-اجتماعية مقارنة ألساطير الزواج عند المرأة المغاربية
العادات واألعراف والتوجهات من خالل القراءات والتحقيقات الصحفية التي اعتنت بالمادة خصوصا وأن
موضوعنا لم يتم التطرق إليه كبحث علمي حسب علم الباحثة من جهة أخرى.
َّ
ويدور تساؤلنا حول محورين هامين وهما :ماهية أسطورة كل من "الكسّابة " و"اللة عيشة البحرية"
من جهة ،ثم استخراج أوجه الشبه واالختالف بينهما من جهة أخرى.
سابة " و"اللَّة عيشة البحرية"؟ ،لإلجابة عن هذا السؤال يتعين
سر أسطورة كل من "الك ّ فما هو إذن ّ
ً
نعرج قليال على ماهية هاتين األسطورتين:
علينا أن ّ
سابَة :هي من األساطير التي دخلت قاموس الثقافة الشعبية في منطقة مستغانم الساحلية -1أسطورة ال َك َّ
الواقعة غرب الجزائر ،وهي من الطقوس الموسميّة النسويّة التي تهدف ك ُّل غير متزوجة أو عانس من
خالل تطبيق خطواتها إلى جلب السعد أو فارس األحالم ،حيث عرفت انتشارا كبيرا ،وتجاوز صيتها في
اآلونة األخيرة حدود المنطقة ،مع انتشار استخدام التكنولوجيا الحديثة.
تدور أحداث األسطورة التي تناولها المسرحي "ولد عبد الرحمن كاكي" في مسرحيّته " ُك ْل َوا َح ْد
ْو َح ْك ُمو" التي كتبها سنة ( ،)1967حول حكاية شعبية قديمة متداولة في منطقة مستغانم يقال إنها واقعية،
وهي حكاية "الجوهر" ذات األربع عشرة ( )14ربيعا ً( ،)14التي أحبّت جارها "سعدي" ( ) 15الشاب الفقير
والعاطل عن العمل ،وتقدم لخطبتها عجوز هرم متزوج بثالث نسوة وله اثنا عشرة ولداً ،وهو عجوز غني
ذا صيت وجبروت ومال يدعى الشيخ " جبّور"( )16مستغال ديون والدها المتراكمة لديه وضعف أهلها
أمامه والذين لم يجدوا بدّا من الرضوخ لمطلبه وتزويجها غصبا ،في حين رفضت هي االقتران به ،وجاء
وزفّت "الجوهر" عروسا ً إلى بيت زوجها العجوز ..وكما جرت العادة عند أهالي مستغانم اليوم الموعودُ ،
فال بد من زيارة ضريح الولي الصالح سيدي المجدوب الذي يتخذ مكانا مه ًّما فوق تلّة مطلة على البحر
لتفر من ُمرافقاتها ،واتجهت صوب الشاطئ لتلقي للتبرك به ،وهي الفرصة التي استغلتها "الجوهر" ّ
بنفسها في المكان المسمى بـ"الڤلتة" ( )17وترمي بنفسها في البحر ،وغرقت هناك مفضّلة بذلك االنتحار
حفاظا على حبها لمن تهواه ورفضا لزواجها بمن ال تحب ،وال تنتهي الحكاية هنا .بل تنتقل األحداث إلى
عالم الجن واألرواح الخفية من جنس العفاريت التي قامت بإنقاذ الفتاة واالعتناء بها بعيدا عن أهلها الذين
فعلوا المستحيل للعثور عليها ،ويعلم الشيخ "جبّور" بأنها في عالم الجن ،ويحاول التقرب منهم ليستعيد
عروسه ،لكن محاوالته كلها باءت بالفشل خصوصا بعد إصرار الفتاة على الرفض وفضلت أن تموت
انتصارا ً لحبها ،وبرفضها العودة إلى عالم األحياء اختارت "الجوهر" الموت على الزواج به .وفي النهاية
يموت الرجل العجوز .وبعد وفاته بأيام ُوجد جسد الفتاة ُملقا ً على شاطئ البحر (كاكي.)1967 ،
ومنذ ذاك الحين ارتبطت هذه الحكاية عند النسوة بطلب الزواج ،وأصبحت موضوع طقس جلب الحظ
والزواج عندها ،وال يمكن القيام بإجراءاته إال في شاطئ البحر في ذلك المكان بالذات (عالڨ و مناد،
،)2014فبالرغم من النهاية التراجيدية للبطلة فإنها تحولت إلى قبلة للنساء الباحثات عن الزواج والسعد،
ي وتولّي العفاريت زمام األمور ،هو ما جعل هذه الحكاية ترتقي إلى مصاف األساطير فالوفاء للحب العذر ّ
التي تغذّي الطقس الذي أصبح يُعرف بطقس "الكسّابة" ،والذي تُحييه النساء المستغانميّات كل سنة عند
قدوم الربيع.
ب ،وجاءت في سابة :كلمة "الكسّابة" من الناحية اللغوية مشتقة من الفعل َك َ
س َ 1-1التعريف بمفهوم الك ّ
ُعرفه ابن منظور (ب.ت ،ص )717-716كما يلي: بحثنا بصيغة المبالغة وتعني الكسب غير المحدود؛ وي ّ
ب الرزق وال َمعيش ِة؛ فالكسب إذن مرتبط بالسَّعي ي في َ
ط َل ِ س ْع ُ
ب وال َّ ْب َّ
الطلَ ُ الر ْز ِ
ق ،وال َكس ُ ب ِّ ْب َ
طلَ ُ "ال َكس ُ
للحصول على رغبة ما ،تكون إما رزقا أو ولدا أو علما...إلخ.
. 14اختار عبد الرحمن كاكي تسمية بطلة األسطورة بـ " الجوهر" ومعناه اللؤلؤ ،نسبة إلى نقاءها وقيمتها الرمزية.
. 15ويعنى بـ"السَّعدي" المكتوب أو الحظ ،والغريب أن نساء المنطقة يطلقون تسمية "السعد" على الزوج ،وإذا سألن عن زوج إحداهن يقلن لها كيف
س ْعدَكْ "؟ بدال من زوجك ،أو" ُمو َلى د َ
َاركْ ". هو " َ
. 16ويرمز اسم "جبّور" إلى الجبروت والطغيان.
. 17وهي كلمة عاميّة تقابلها في اللغة كلمة "المستنقع "وتُعرف في مناطق الوسط والشرق الجزائري وفي المغرب األقصى "بالمرجة".
235
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
مقاربة نفسية-اجتماعية مقارنة ألساطير الزواج عند المرأة المغاربية
سابة" :يعود أصل "الكسّابة" كما في معظم األساطير إلى عقود طويلة 2-1المفهوم التاريخي لـ "الك ّ
لم نتمكن من تحديد تاريخه بالضبط ،غير أن جميع من تم سؤالهن من النساء المستغانميّات ،أجمعن أنها
عادة قديمةُ ،متوارثة من األجداد ارتبطت بالزواج ،واقترنت بأول يوم من أيام الربيع أي في الواحد
والعشرين ( )21مارس (آذار) من كل سنة )عالڨ ومناد ،2014 ،ص ،)142 .ولم نجد دليال عن سبب
ارتباط الرواية باالحتفال بميالد الربيع.
وتُنسب تسمية "الكسّابة" حسب ما ذكرته كل من عالڨ ومناد ( ،2014ص )143 .في األصل إلى
ثالث روايات مختلفة ،ترجعها الرواية األولى وهي الشائعة إلى زهرة صفراء اللون تنبت في محيط
ضريح سيدي المجدوب ،وهي عبارة عن نبتة صغيرة ذات لون أصفر تشبه زهرة الياسمين األصفر لكنها
أصغر منها بكثير ،ولها سيقان رقيقة ،وليست ذات رائحة واضحة وال عبقة ،تزهر في الشهر الثالث من
كل عام؛ وهناك رواية ثانية تقول إن التسمية تعود على "الڤَ ْلتَة" أي المكان الذي يمارس فيه الطقس،
وترجعها الرواية الثالثة إلى إجراءات تطبيق الطقس ،أي منذ قطف الزهرة حتى العودة بها إلى البيت هي
من تعني "الكسّابة" ،لكن ليس ثمة تحديد دقيق لمرجع هذه التسمية.
3-1إجراءات الطقس :يعود تطبيق الطقس في العادة إلى النساء الكبيرات في السن من الجدات أو
األمهات ،وهن من تقمن بقطف الزهرة الصفراء بواسطة خاتم من ذهب يكون ِملكا ً للفتاة التي يُؤمل
تزويجها ،وهو الشرط المعتمد في إجراءات الطقس ،بعد أن ينزلن قبيل طلوع شمس يوم 21من مارس
سكون وتستّر رغبة في قضاء الحاجة ،وبعيدا عن اإلشاعة ،فاستحضار النّيّة واجب عند قطفها (آذار) في ُ
بالرغبة في أ ن تتزوج صاحبة الخاتم ،ثم تنزل النسوة بعد قطفها إلى شاطئ سيدي المجدوب حيث بداية
الشاطئ المحيطة بالصخور في شكل شبه دائري يطلق عليه أصحاب المكان "بالڤلتة" ،وتدخل النسوة
البحر بثيابهن ويحاولن التوغل فيه مشيا ً تارة ً و ُمتسلقات الصخور تارة أخرى حتى تصلن إلى المكان
المحيط بالصخور الذي يشبه شكله مغارة مفتوحة ،وال يهم إن كان البحر هائجا ً أم هادئاً ،فالمهم هو
الوصول إلى الهدف ،وهناك تقمن بإشعال الشموع وإطالق الزغاريد ورمي الحناء والسكر في المكان
المخصص تبركا ً وتكملة للطقس حتى يتم القبول ،ويزيدهن تالطم األمواج حماسة واعتقادا ً أكثر وهن
ون" بالعامية قد قبلوا النذور ،ثم "الجن" أو ْ
"الجْ نُ ْ ّ يكملن خطوات الطقس بأن "أسياد المكان" ويقصد بهم
ترجع النسوة إلى الشاطئ مبلّالت الثياب ،لكن ال ي ُْمكنُ ُه ّن مغادرة المكان دون المرور بضريح الولي
بلف النبتة في القطن مع قطعة سكر وقليل من الحناء لتحفظنها في "سيدي المجدوب" بعد أن تقمن ّ
صندوق الحلي ،أو في جهاز الفتاة المقصودة بالبركة إلى العام المقبل ،حيث تعود النسوة في نفس اليوم أي
في ( ) 21من مارس ،لتحمل كل واحدة معها الزهرة القديمة بعد أن تستخرجها من الصندوق لتعيدها إلى
المكان الذي تم قطفها منه في السنة الماضية ،وتعاود قطف واحدة أخرى بنفس الطقوس ،ولكن بنيّة تزويج
المرة ،وهكذا تتكرر العملية كل سنة ،وتعاد نفس مراسيم الطقس (عالق ،2017 ،ص. فتاة أخرى هذه ّ
.)128
ومع مرور السنين ،انحرفت ممارسة هذا الطقس عن هدفها األول وهو إزاحة التعطيل عن الزواج،
ليصب ح الطقس مقصدا لكل من تعطلت أموره أو استعصت مشاكله ليجد في المخزون التراثي للمجتمع
مالذه وأمله األخير ،ولم تعد هذه الظاهرة تمارس في الخفاء بعيدا عن األنظار ومن قِ َبل كبيرات السن أو
الجدات تحديدا كما جرت عليه العادة قديما ،بل أصبحت الفتيات ممن هن في سن الزواج أو من الالتي
تأخر زواجهن من مختلف األعمار هن من يقمن بتطبيقه وأمام المأل ،كما لم تعد تستقطب فئة األميّات
وضعيفات الدخل من الفتيات فقط ،بل شملت أيضا النخبة المتعلمة وحتى الفئة الميسورة ،حيث تحضر في
هذا نساء من مختلف المستويات الثقافية واالجتماعية واالقتصادية مجتمعة دون تمييز.
4-1شروط التطبيق :يأتي االستعداد لتطبيق الطقس بأيام قبل موعد 21من مارس (آذار) ،إن لم نقل
بشهور ،فهناك من تُحضّر للطقس وتسجل التاريخ في أجندتها وتنتظر بفارغ الصبر اليوم الموعود،
والمالحظ أن االستعداد تصاحبه العديد من الخطوات هي:
236
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
مقاربة نفسية-اجتماعية مقارنة ألساطير الزواج عند المرأة المغاربية
أ -إخالص النية :قبل تطبيق الطقس ،وتقوم كثير من النساء بشراء الحنة والسكر والشمع ووضعها
يعرفها كمال غزال هي" عملية عقلية واعية في األساس تحت وسادتهن ليال لتبيّت النّيّة؛ والنية كما ّ
وتتركز على محور أو فكرة معينة تعبّر عن رغبة لدى صاحبها ،وقد تحمل في بعض األحيان عواطف أو
شحنات شعورية سواء أكانت سلبية أم إيجابية"(عالق ،2017 ،ص ،)129 .فعقد النيّة مرتبط بـ"األمل"
ويعرف على أنه "ذلك الشعور أو العاطفة التي ّ ومعناه في اللغة العربية "الرجاء"؛ وهو عكس اليأس
ً
يشعر معها اإلنسان بالتفاؤل واإليجابية تجاه ذاته وتجاه اآلخرين ،وهو الشعور الذي يجعله قادرا على
التفاعل والتكيف مع المحيطين به ويدفعه بمنأى عن العزلة ،وهو أيضا ً الشعور الذي يرجو معه اإلنسان
نتائج إيجابية مهما كانت الحوادث السلبية التي يمر بها حتى لو كانت هذه النتائج اإليجابية صعبة أو
مستحيلة الحدوث.
ويتأسس األمل في هذه الحالة على تركيز التفكير في األشياء التي تجعل المرأة تشعر باالمتنان مع
رسوخ المعتقد الذي يترسخ من خالل توافر معلومات عن صحّة وصدق "الكسّابة" في تحقيق األماني،
وأهمها أن تحصلن على مكانة في المجتمع عن طريق الزواج ،ومن لم تكن لديها النية في الطقس فسوف
لن يتحق ق لها أي شيء؛ كما أن االتصال بالنساء األخريات والتفاعل معهن له دور في محاربة حياة
الخوف والعزلة ،ليصبح الطقس بممارساته طقسا يُوحّد أحالمهن ويُغذّي آمالهن المتعلقة بالسعي وراء
اك" وهو ما يعني أن عبْدي وأنا نَ ْس َعى ْم َع ْ
تحقيق المطالب والرغبات مستعينات بالمقولة التالية" :أ ْس َعى يَا َ
البحث عن األسباب أمر واجب ،وأنه سيالقي معونة الخالق عز وجل .ويأتي هذا بعد أن يحدد المقصود،
لتنتقل المرأة من مرحلة التعرف والترقب إلى مرحلة العمل الفعلي وتحقيق األهداف ،ولعل ممارسة
الطقس تعد مسعى عمليا لتحقيق األمنيات (عالق.)2017 ،
ب -يلعب التحضير النفسي لممارسة الطقس دورا ً فعّاالً في جعل الفتاة تحضّر نفسها بشكل إيجابي،
بحيث تركز فقط على الدعم النفسي الذي يمكن أن تستفيد به من هذه العادة وتجعلها بواسطة آلية التنفيس
أقل قلقاً ،ألنها ستجعل كل الضغوط وما يحيط بها من قلق وخوف من المستقبل تصرف بشكل جماعي ،بما
أن الرغبة في الزواج أمر ُمل ّح عندهن ،فهن ينتظرن اليوم المخصص لهذا الطقس حتى تستطعن الحضور
والمشاركة ،فتأتين فرادى أو أزواجا ً أو زرافات ،وكأنها عملية لكسر الخوف وتصريف القلق الداخلي بعد
أن ترى كل واحدة أنها ليست وحدها من بقيت عانسا ،وأن ما تفعله ال يخرج عن العادة ما دام الكل
حاضرا من أجل نفس الهدف وهو الحصول على زوج.
ت -ربط طقس "الكسّابة" بتنحية التعطيل أو العاكس عن الزائرات من الفتيات ممن هن في سن الزواج
أو الالئي تأخر زواجهن ،رغبة في الزواج .وتعززن ذلك بالنية وصدقها واالستعداد النفسي لممارستها،
كما أن الدّعم النفسي الذي يلقينه من قبل القريبات والصديقات الالئي نجحن في تحقيق أحالمهن بواسطتها
يزيدهن إرادة وإصرارا على ممارسة هذا الطقس.
-2أسطورة "ال َّلة عيشة البحرية" بأز ُّمور بالمغرب األقصى :ال تكاد تبتعد عن سيناريو أسطورة
"الجوهر" المستغانمية ،التي تقول عنها الحكاية الشعبية أن "اللة عيشة البحرية" قدمت من بغداد في رحلة
عبر البحر للبحث عن الولي الصالح "موالي بوشعيب الردّاد" الذي طبق زهده وكراماته األفق ،بعد أن
تعرفت عليه أثناء مقامه في بغداد حين كان يتابع دراسته ألصول الشريعة اإلسالمية هناك ،فتعلقا ّ
ببعضهما البعض ،غير أنهما فوجئا برفض زواجهما ،فعاد "موالي بوشعيب" يجر أذيال خيبته إلى قريته
بأز ُّمور ،وما لبثت "اللَّة عيشة" أن عقدت عزمها على لقاء الحبيب حين شدت الرحال إليه ،ولما بلغت
أطراف الشاطئ بمصب وادي أم الربيع ،أدركها الموت غرقا ً دون أن تنال حظوة اللقاء به ،فدفنت هناك
فقرر بعدها أن يعيش باقي حياتهليشيد ضريح أسطوري على قبرها ،وأصابت "موالي بوشعيب" الحسرة ّ
عازبا.
ال بد من التنويه أن موضوعنا ال يتعلق باألسطورة التي تحمل اسم "عيشة البحرية" ،التي تطلق على
عيشة "الكونتسة" أو "قنديشة" بلهجة المغاربة أو "موالة المرجة" أي "سيدة المستنقعات" وتعرف أيضا
بأنها الفارسة المغوارة التي حاربت االستعمار الفرنسي بعد استشهاد زوجها ،وتدور حولها خرافات كثيرة
على أنها امرأة بالغة الجمال تخفي خلف ثوبها األبيض قدمين تشبهان قوائم البغال أو الماعز .ويُزعم أنها
237
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
مقاربة نفسية-اجتماعية مقارنة ألساطير الزواج عند المرأة المغاربية
تظهر ليالً في الغابات وبجوار مجاري المياه ) ،(Douider, 2012أو تلك التي يطلق عليها تسمية "عيشة
السودانية" أو "عيشة القناوية" بحسب اختالف المناطق المغربية"( الطبال ،2014 ،ص ،)91 .وتسمى
أيضا "الّ عيشة الحمدوشية" كما يطلق عليها أيضا تسمية عيشة موالة الواد" ،أميرة األرواح المؤنثة
المسلمة عند الحمادشة والتي تقول األسطورة أنه جيء بها من السودان من قبل سيدي أحمد
الدغوغي" ) (Maréchal & Dasseto, 2014, p. 110وترتبط بالولي الصالح سيدي احمادوش ،وهي
كلها أسماء" أطلقت على الجنية األكثر شعبية في المغرب ،ولها ضريح مشهور بالمغرب ،وتهدف أيضا
إلى زواج العانس من النساء") ،) Douider, 2012وهما الوجهان النسويان اللذان دارت حولها العديد من
الدراسات(Douider, 2012; Hermans, 2015; Maréchal & Dasseto, 2014; Moundib, :
) ،2016; Radi, 2009, 2013فكالهما "سيدة الواد" أو "موالة الواد"؛ غير أن دراستنا خصصت لوجه
نسوي ثالث يعرف أيضا بنفس التسمية أي "اللّة عيشة" لكنها أيضا مرتبطة بمصب نهر أم الربيع ويطلق
عليها "اللة عيشة البحرية" وتنسب للبحر أيضا ،وهي المقصودة في دراستنا هذه.
1-2التعريف بأسطورة " ال َّلة عيشة البحرية" :هي أسطورة أصبحت من الطقوس التي ارتبطت
أيضا بالزواج عند المغاربة ،ويمكن ربطه بالطقوس النسائية بامتياز على أساس أن من تقوم بتطبيقه هن
نساء من مختلف األعمار ومختلف المستويات الثقافية واالجتماعية ،وتحديدا ً الفتيات اللواتي يخفن أن
ي باألبيض وسطحه من القرميد ذو يفوتهن قطار الزواج ،يأتين ضريحها الذي يعرف من بعيد بلونه الم ُ
طل ّ
اللون األخضر من كل مناطق المغرب ،في موعد محدد يكون عادة في المواسم وخصوصا في اليوم
السابع من األعياد الدينية الكبرى للتبرك والنزهة وحتى في غيرها من األيام من أجل الحصول على بركة
اف" أو "المانع" الذي يمنعهن من الزواج ،وكل من تحضره تؤمن بأن "اللَّة عيشة" وتنزيل لعنة "التَّثْقَ ْ
مقام "اللة عيشة" سيقدم لها الزوج المناسب قريبا ،فقط يجب التحلي بالصبر وعدم اليأس ليتحقق المراد.
ويعتقد أن النساء يأتين لتممارسة عادة الخصوبة والتي تتمثل في السباحة في سبع موجات متتابعات من
أمواج مصب نهر أم الربيع ).(Auzias & Labourette, 2014
2-2المفهوم التاريخي ألسطورة"اللَّة عيشة البحرية" :يرجّح أن سطوع نجم " اللَّة عيشة البحرية
"يعود إلى بداية القرن السادس عشر ( )12الميالدي ؛ ويطلق عليها لقب "الال" أو " اللّة" ،و هو لقب
يعطى للمرأة الفاضلة المتدينة ذات المكانة الرفيعة؛ وتضيف الحكاية أن عالقة "اللة عيشة" "بموالي
فتمر الكرة من
ّ بوشعيب" كانت من نوع خاص حيث تميزت بالروحية إلى درجة أنهما كانا يلعبان الكرة،
ْ
"هاك آبو شعيب في جنب الوا ْد "..ويردّ عليها" :هاكي آعائشة بغداد لتصل إلى أز ًّمور ،بعد أن تقول له:
في بغدا ْد! " أي التقطها يا أبا شعيب جنب الواد ،ويرد عليها أبو شعيب التقطيها يا عائشة في بغداد .وظلت
النسوة تزرنها في اليوم السابع من األعياد الدينية الكبرى للتبرك والنزهة ،أو ليلة العاشر من محرم
(امشكح ،)2012 ،قبل أن تتحول مهمتها اليوم لشيء آخر هو تزويج العوانس.
238
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
مقاربة نفسية-اجتماعية مقارنة ألساطير الزواج عند المرأة المغاربية
يضيئون بها الغرفة حيث يوجد قبر الولي .الشمعة تعني الضوء ،بالمعنى الروحي للكلمة .عندما يضيء
الزوار الشموع في "المقام" ،فيقولون" :يا الولي -الفالني -كيما ضويت شمعتك ضويها علي" ،ويقال
أيضا" :هللا يضويها عليك كيما ضويتها علي" في حالة تقديم المساعدة والمعونة .وتسمى هذه الهدية أو
الهبة " الفتوح" ( )ftūhباللهجة المغربية ،والتي تأتي من الفعل فَتَ َح وتعني اإلذن بالدخول .وقد اشتق من
اسم أول سورة من القرآن وهي الفاتحة ،مما يعني :التمهيد ،البداية ،المقدمة ،الديباجة .فـ" الفتوح" ftūh
هو جزء من الفعل (أو األجر) ،وهو هدية مهمة .وهو بذلك يتعارض مع الصدقة ،كونها هدية مجانية
( .)Radi, 2013ومنهم من يعتبر أن "الفتوح" هو حناء مخلوطة بالحليب وماء زهر وشمع .وهو نوع من
"االعتقاد الخفي" بهذه القوة الخارقة التي رسخت في المخيال الشعبي عن األرواح وقداسة أماكن األولياء
"مقَدّم ْ"المكان" :الساهلة يجيبها هللا ،واللي يجي على شي غرض والقديسين .ويسمع عند تقديم الفتوح من ْ
هللا يقضيها ليه بجاه رجال هللا واللّة عيشة البحرية ،قول التسليم ،زور تنور ،زور بالنية والحاجة مقضية
بجاه اللة عيشة البحرية " ،أي ال يأتي بالسهل إال هللا ،ومن جاء لقضاء حاجته فإن هللا سيوفيها له بجاه
األولياء الصالحين وبجاه اللة عيشة البحرية ،ويطلب الزيارة أي الصدقة ،ومن يقدم الزيارة أي الصدقة
فإن حاجته ستقضى ال محالة.
ويمكن اعتبارها اللجوء إلى تلك القوة الخارقة التي تستطيع تغيير الحال بقوة التأثير ،والبحث عن
الراحة والطمأنينة بعد أن أقلقهن وضعهن الحالي بسبب عدم االنحياز ألية طائفة من النساء فال هن بنات
أو صبيات وال هن متزوجات أو مطلقات أو أرامل ،ألن كل صنف من هؤالء له وضعه المعروف في
المجتمع إال الصنف الذي ينتمين إليه وهو صنف العوانس .فهذا العقد الخفي الذي يربط من تلجأ إلى
ممارسة الطقس وبين جنية المكان وقوة األسياد من أجل تغيير الوضع المقلق يعتبر أداة تفسير وتبرير
ذاتي تراه الحل المقنع واألخير .ويعني ذلك خلق أدوات تشجع هذا العقد العالئقي بينها وبين روح الجنية
المقصودة وتجعل العالقة أقوى بينهما كما في التحويل اإليجابي ) (transfert positifالذي ينشأ بين
المعالج والمريض .وهذا االدراك للعداء ا لصامت بينها وبين المجتمع البارد الذي أصبح ال يفهم وضعها
ليس سوى بحث عن تفسير للمعنى ،في إطار جماعي تشترك فيه كل واحدة تأخر زواجها ،ويصبح بذلك
عالما مشتركا يستطعن من خالله إدراك كينونتهن كإنسان استنادا إلى مفارقة صامتة ومعلنة في نفس
الوقت :بما أنهن غير طبيع يات في نظر المجتمع وبحكم أنهن "مسكينات" ألنهن لم يتزوجن ،فهن يحملن
هذا الوجع بصمت ،وبحكم أنهن طبيعيات في نظرهن وأنهن لسن مريضات وال معتوهات وليس لهن دخل
في وضعهن الذي ينكره المجتمع ،فهن يعلن رفضهن بشكل علني مشترك من غير اتفاق وال دعوة
للحضور ،فهذا يجمعهن ف ي سيكولوجيا مرضية تعرف بالديناميكية من أجل عقلنة الالمعقول في الالشعور
الجمعي.
لتمرر جزءا منه ب -تأخذ خليطا ً من الحناء وماء الزهر والقرنفل ُمعدٌّا مسبقا ً في الضريح كخطوة ثالثة ّ
على خصالت شعرها وتطليه على يديها ،ولن تكون وحدها من يفعل ذلك ألن اجتماع النسوة حول اإلناء
يشجع من تقوم بالطقس .وتأتي الخطوة الرابعة المتمثلة في أخذ كمية من ذلك الخليط لتقوم بواسطته بكتابة
اسمها واسم فارس أحالمها على حائط الضّريح فالقاصد للمكان يلحظ تداخل األسماء النسوية مع الرجالية،
كل اسم مؤنث يقابله اسم مذكر .ولعل بركة المكان وروح "اللة عائشة البحرية" تجمع بين االسمين ،بعدها
تأتي الخطوة الخامسة التي من خاللها يمكن تسهيل العملية كلها وهي خطوة مهمة ال يكتمل الطقس دونها،
وتتمثل في "عملية شرب ما تستطيعه الزائرة من ماء البئر أو االستحمام به وإن كان الجو باردا ً أو ساخنا ً
بعد أن تؤدي ثمن دل ٍو منه ،وتقتني مشطا ً من الباعة المتواجدين حول الضريح لتسريح شعرها ،وتدور هذه
العملية في خلوة عبارة عن قبو صغير متواجد قرب الضريح تنعدم فيه شروط النظافة ،إذ تقوم الزائرة فيه
تمرر المشط على خصالت شعرها ،لترميه بعد ذلك خلف ظهرها، بنزع مالبسها وتستح ّم بماء البئر وهي ّ
س أو" المانع" ،كما عليها أن ترمي بكل المالبس دون أن تلتفت خلفها كعملية حل الرباط ونزع العَا ِك ْ
ألصقت بها أو أن تتخلص منها ومن َّ
الداخلية التي كانت ترتديها ،ألنها بذلك ترمي كل "التابْعة" التي ِ
المشط كما يمكن للميسورات من الزائرات اللجوء إلى ذبح ديك أسود اللون في الفضاء المحيط بالضريح،
وهي عملية اختيارية " ( .)Moundib, 2016وهناك من تكمل العملية بخطوة إضافية تقوم بها في العادة
"الر ْفدَة" ،ويقدم
من لم تتزوج بالرغم من إعادة تطبيق الطقس أكثر من مرة ،وهي ممارسة ما يسمى بـ َّ
239
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
مقاربة نفسية-اجتماعية مقارنة ألساطير الزواج عند المرأة المغاربية
كقربان لـ "أهل المكان" أو "األجواد" ،ثم يطعم به الزوار الذين يملؤون المكان بالخبز والتمر والزيتون
األسود ،وهي طريقة تسمى في الجزائر بـ"النَّ ْش َرة" .ويدور كل ذلك داخل وخارج الضريح من أجل
الحصول على بركة الوليّة الصالحة في زعم زائراتها لت َهب لهن الزوج وتمنحهن السعد ،وحتى يتحقق
مرادها ويتكسر النحس ،تضع البخور أو ما يعرف بـ "تفووسيخا"( )18في "مجمر" يتم كسره بعد أن
تخطو فوقه جيئة وذهابا سبع خطوات.
المفارقة األولى :تعتبر األسطورتين من التراث الشعبي الشفهي الذي ينتقل من جيل إلى آخر داخل
المجتمع ،والذي يمثل حسب ما ذكرته جالله ( )2001نقال عن سامية الساعاتي ( )1981من "أن التراث
الشعبي يمثل العناصر الثقافية التي خلفها الشعب أو المواد الثقافية الخاصة به (ثقافية ،عقلية ،اجتماعية،
مادية) ،والتراث الشعبي هو عبارة عن المعتقدات الشعبية والعادات االجتماعية الشائعة وكذلك الرواية
الشعبية الشفهية .كما يتضمن التراث الشعبي أيضا اعتقادات متنوعة منها االعتقاد بالكائنات العلوية
والسفلية كالجن والعفاريت والهواتف وأرواح الموتى وأرواح األشياء وكيفية تفاعلها مع اإلنسان حلوال به
أو خروجا منه (عماد ،ب.ت ،ص .)11ويرى مولود معمري في هذا السياق":أن الحضارة المغربية
ألسباب ربما تكون تاريخية هي حضارة الكلمة المنطوقة الشفوية وذلك ألنها ال تمتلك الكتابة وال تستعملها
مما زاد من أهمية هذه الكلمة ،وربما حدث هذا اختيارا ،إذ لكل شعب طريقته الخاصة في التعبير" (بداك،
،2016ص.)108 .
فاألصل أن الحكاية أنثى ،تنتجها المرأة وتعيش فيها وبها ،ولعل حكاية ألف ليلة وليلة أصدق األدلة
على أن الحكاية كائن أنثوي (الغدامي ،1998 ،ص .)25-24 .وحكاية كل من الكسّابة واللّة عيشة
البحرية حكاية أنثوية دون منازع ،أنتجتها أنثى وهي"الجوهر" بطلة حكاية "الكسابة" ،و"عيشة البحرية"
بطلة حكاية "اللّة عيشة البحرية" ،وتعيش بها وفيها المرأة من خالل ممارسة حيثيات طقوسهما تقمصا
للبطلتين ،على اعتبار أنهما مرتبطتين بالجن .والعديد من المغاربة ،وكذا الجزائريين ،يؤمنون بتفسير
شخصي لمصيرهم وصحتهم.
المفارقة الثانية :يدور موضوع األسطورتين حول حكاية حب أزلي بطلته امرأة أحبت حتى الموت،
في منطقتين ساحليتين ،األولى بمستغانم غرب الجزائر ،والثانية بأزمور بالمغرب.
المفارقة الثالثة :النهاية غير السعيدة للحكايتين وهي وفاة بطلتي األسطورتين؛ حيث وجدت كل من
"الجوهر" و"اللَّة عيشة البحرية "مرميتين عند الشاطئ ،فقد ألقي جسد األولى على شاطئ سيدي
المجدوب من قبل العفاريت بعد رفضها العودة إلى الحياة تضحية بنفسها وبحبها ،ولم يشيّد لها قبر ،لكن
مكانها أصبح مقدسا ويزار كل سنة ،وبلغت الثانية وهي قادمة من بغداد أطراف الشاطئ بمصب نهر أم
الربيع الذي أدركها فيه الموت غرقا دون أن تنال حظوة اللقاء بمن جاءت في طلبه؛ فدفنت هناك وشيد
ضريح أسطوري على قبرها.
المفارقة الرابعة :ظل المحبوبان على قيد الحياة" ،السعدي" و"موالي بوشعيب" ،فقد جاء في أسطورة
"اللَّة عيشة البحرية" أنه هو من دفنها ،وبفعل حسرته عليها قرر بعدها أن يعيش بقية حياته عازبا ً ،في
. 18نسبة إلى نوع من البخور يدعى بـ "الفاسوخ المغربي" ،وهو عبارة عن مادة صمغية تستخرج من شجرة تعرف في بالد المغرب العربي
بـ"ال َكلَ ْخ" لها رائحة كريهة عند االحتراق ،وهو نوعان أبيض يستخدم لعالج السموم ،وأسود يزعم بعض الناس أنّ له خاصية في فكّ السحر
وإبطاله.
240
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
مقاربة نفسية-اجتماعية مقارنة ألساطير الزواج عند المرأة المغاربية
حين أن الغموض يكتنف موقف "السعدي" في أسطورة "الجوهر" الذي تراجع عن قرار الزواج منها
نظرا لضعفه أمام قوة وجبروت الشيخ العجوز "جبّور" ،كما ال نعلم كيف تلقّى خبر وفاتها.
المفارقة الخامسة :ترتبط األسطورتان بمقامين جليلين عند سكان المنطقتين ،إذ تدور أحداث حكاية
أسطورة البطلة" الجوهر في شاطئ "سيدي المجدوب" الواقع شرق مدينة مستغانم ،وهو مرتبط بالولي
الصالح "سيدي المجدوب" المطل على البحر .ويعتقد المستغانميون أنه حامي البحر والبر ،وال يعرف إلى
ي الصالح الشاعر والصوفي المغربي الذي هو أبو محمد عبد ي فهل إلى الول ّ من يعود أصل هذا الول ّ
الرحمان بن عياد بن يعقوب بن سالمة بن خشان الذي عرف بتسمية"سيدي عبد الرحمن المجدوب" نظرا
لزهده وورعه والمتوفي سنة 1568والمعروف بـ"رباعيات المجدوب" ،وتتداول الكثير من قصائده
وأمثاله الشعبية في جميع أنحاء بالد المغرب العربي ،وتتغنى ببعضها الطرائق العيساوية وغيرها من
ي الصالح ،الصوفي المجذوب السني سيدي أبو العباس أحمد المتصوفة في المغرب العربي ،أو إلى الول ّ
والملقب أيضا بـ"المجدوب" ،وقد ازداد سنة 898هـ – 1493م في منطقة الشاللة في الجنوب الغربي
للجزائر والمدفون بمنطقة عسلة إحدى دوائر والية بشار ،والذي عرف أيضا بزهده وورعه وسياحته ،فلم
نجد تأريخا وال إشارة من هو صاحب الضريح الذي يعد من األماكن المفضلة التي ترتبط بطقس الزواج.
ومقره غرب مدينة مستغانم ،من حيث تخصيصهما من قبل ُّ ويأتي بعد الولي الصالح "سيدي بلقاسم"
العامة من الناس ليكونا مزارا للعرسان قبل ليلة الزفاف .والحقيقة أن وجود قبور ألولياء حقيقيين أو
خياليين هو ظاهرة تندرج ضمن معتقدات شعبية تعود إلى ما قبل الفتح اإلسالمي للمغرب العربي .ويتصل
هذا المعتقد بأهمية "الوسيط" في معتقدات المغاربة ،وتصورهم أن ثمة قوى "فوق حسية" تُخضع الوجود
إلرادتها .ومزارات األولياء ،قد تكون مثاالً للتعايش على مستوى الالشعور الثقافي والجمعي بين آلهة
ومعتقدات ما قبل اإلسالم وبين مقدس الدين الجديد (جنبوبي ،2006 ،ص .)9وعلى اعتبار أن مستغانم
هي بلد األولياء الصالحين بامتياز ،فإن األحاديث التي تتداول عن هذا الولي بالذات ،تدور جلها حول
قدرته على اإلتيان بالكرامات ،في حياته وبعد مماته ،إلى جانب أمور أخرى (عالق ومناد.)2014 ،
ويتم تعريف "المجدوب" ،في التصور الصوفي االسالمي ،على أنه شخص مستنير ،إيمائي ،ومبتهج
"بال َم ْل ْك" أي يصبح
بفعل "الجدبة" إلى درجة فقدان الوعي .وفي التقاليد المغربية يعرف المجدوب أيضا ً ْ
"مملوكا" ،مما يسمح له بالوصول في لحظات غيبوبته (الغيبة) إلى بعض أسرار الوجود (Rhani,
)2009, p. 38
وتدور حكاية أسطورة "اللَّة عيشة البحرية" في مصب نهر أم الربيع قبالة ضريح الولي الصالح "أبو
شعيب أيوب بن سعيد الصنهاجي" أو ما يعرف عنه بـ" موالي بوشعيب الرداد" أو "بوشعيب السارية"
لكونه إذا وقف في الصالة وقراءة القرآن ليال يطيل القيام متعامدا مع سواري المسجد كأنه كالسارية ،لذالك
سمي أيضا بـ"أيوب السارية" .ولد سنة 463هـ بقرية "أيير" الموجودة بدائرة عبدة إقليم "آسفي" ،وهو
صوفي مغربي عاصر الدولة المرابطية ،وعاش في مدينة "أزمور" التي ال تبعد عن مدينة الجديدة
الساحلية إال ببضعة كيلومترات ،وتوفي حوالي سنة 561هـ ،عن عمر يناهز 98عا ًما ،ودُفن في مدينة
أزمور .وقد أمر السلطان "محمد الثالث بن عبد هللا" ببناء ضريحه الذي يقع غير بعيد عن ضريح "اللة
عيشة " ،وأصبح يتوافد عليه الكثير من الزوار ،كما تقصده النساء العاقرات أمال في اإلنجاب ،ويطلق
العامة عليه لقب" عاطي ْال ْعزَ َ
ارى أو ال ْدّ َر ِاري" أي"مانح الذرية من الذكور" (قريان .)2010 ،ويقال عنه
أيضا أنه حامي المدينة ،ويقع مقامه في نهاية عقبة الشارع المقابل للباب الرئيسي للمدينة القديمة والمسمى
باب المخزن " ،"Bab Maghzenوكان يزروه كثير من الناس من كل أنحاء المغرب وإسبانيا ،وهذا
جعل من أزمور قلعة غنية ومهدا للصوفية في القرن الثاني عشر )(Auzias & Labourdette, 2014
ومن ثم ،يتبين أن هناك نوعين من األولياء في المغرب العربي حسب درمونغام (Dermenghem,
) :1954األولياء "الشعبيون" أو "الفلكلوريون" و "األولياء" الحقيقيون .إذا كان هؤالء "األولياء" مثاال
يقتدى به أو علماء ورعين ،فاألولون هم قديسون أسطوريون إلى حد ما ،يصعب الوقوف على حقيقتهم
241
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
مقاربة نفسية-اجتماعية مقارنة ألساطير الزواج عند المرأة المغاربية
التاريخية .ومع ذلك ،ال يوجد دائما ً تمييز واضح بين هاتين الفئتين؛ ذلك أن بعض القديسين العلماء هم
أيضا من القديسين الذين نسجت حولهم القصص األسطورية والفلكلورية ).(Rhani, 2009, p. 29
تحولت أسطورتا "الجوهر" بمستغانم و "اللَّة عيشة البحرية" إلى طقس نسو ّ
يٍ المفارقة السادسةّ :
بامتياز ومالذ للباحثات عن السّعد والحصول على زوج .إذ واظبت النساء على زيارة "الڤلتة" أو المستنقع
الذي تعيش فيه جنّيّة البطلة قبالة ضريح "سيدي المجدوب" إلقامة الطقس الذي يعرف بـ"الكسابة" لدى
ِّ
الجن تكون المستغانميات تماما كما تفعل المغربيّات أمام ضريح "اللَّة عيشة البحرية"مما يعني أن " كثافة
أكبر قرب الينابيع والمستنقعات والبح يرات ،والمرء ال يقترب منهم دون احتياط ،ودون أن يحترم رغبتهم
في الصمت والتستر ،وذلك مع استبعاد أذيتهم المحتملة عن طريق ذكر قوى أسمى منهم" (باسكون،
،1986ص .)87 .ويظهر أن البركة ال تقل بعد اختفاء الولي ،بل نراها تتعزز من قبل المريدات إما
ببركة المكان أو ببركة صاحبتي البركة المتمثلة في الجوهر واللة عيشة البحرية ،وحسب ما ذكره إدوارد
وسترمارك في هذا الخصوص" :إن بركة القديس ،ال تقل ،بل تزداد بفعل موته .وإذا جاز التعبير ،فالقديس
ال يموت ،و ال يخضع جسده للتفسخ ،بل إنه قد يقفز من قبره ،ويظهر في الواقع ،وليس فقط في األحالم
مثل ما يظهر موتى الناس العاديين" ).(Rhani, 2009, p. 29
المفارقة السابعة :يدخل طقسهما ضمن الطقوس النسوية حصرياًّ ،أي أن الفئة المستهدفة منه هن
العازبات ممن هن في سن الزواج أو الالئي تأخر زواجهن ،ويتعلق هذا الطقس بطلب الزواج أوالً ومن
خالله حل "الثقاف" والذي يعني الكثير في الثقافة المغاربية ويعني العقدة ” “le nœudأو "المانع" “le
” ." blocageويرتبط هذا المفهوم عموما بالزواج عموما وبالعالقة الجنسية خصوصا ،ويقال عن من لديه
المانع أنه "مثقف" أو "مثقت" بالدارجة الجزائرية أي "المغلق" عند المرأة و"المانع" عند الرجل
) .)Benchakroun, 2008وهي نتائج تعود كلها ألعمال سحرية تكون باستخدام الجن عادة لتعطيل
المرأة أو الرجل عن الزواج ،وفي الحالة التي يتأخر فيها تنحية هذا المانع أو التثقاف عند المرأة أو الرجل
على السواء بمكن أن يتحول إلى "عاكس" يمنع تقدم أي عريس لخطبة الفتاة ،وحتى إذا حدثت الخطبة فإن
الزواج ال يتم ،وفي هذه الحالة التي يتم فيها الزواج فإن الدخول ال يتم ألن المرأة مربوطة.
و"الربيط" هنا نوعان" :رباط" معلوم تفعله األم أو الجدة قصدا ،وهو "تعبير يطلق على فتاة تحاط
عذريتها بمحرم سحري تتخذه التمثالت الجماعية على أنه حقيقة ،وتُزال الرقية السحرية ليلة الزفاف عن
طريق شعار أنثوي ،ويخلق عدم حله صدا جنسيا بين الشريكين ومعناه إرجاع رجل أو فتاة أعمى أمام
رغبات فالن أو فالنة" (بداك ،2016 ،ص )116 .أو غير معلوم أو مجهول حين يوضع أو يعمل من قبل
الحساد من النساء عموما.
المفارقة الثامنة :تأتي النيّة بتبييت القصد والعزم على تطبيق الطقس سواء في طقس "الكسّابة" أو في
سر بها كل مريدة للطقس، طقس "اللَّة عيشة البحرية" في مقدمة ترتيب التنفيذ تحقيقا لألمنية التي ت ُ ّ
وتكتمها في قلبها طلبا ً لتحقيقها .وهي التي تحدد هدف العمل الذي ستقوم به الفتاة ،فتنوي كل واحدة في
مجردة ولدت
ّ قلبها ما تنوي تطبيقه وهو جزء ال يتجزأ من كمال المقصد ،حيث أنها "لم تنشأ عن رغبة
من فراغ ،وإنما كانت استجابة لحالة موضوعية تضافرت في إيجادها عوامل متنوعة ومتفاعلة على نحو
جدلي ،فكل عامل يؤثر ويتأثر نتيجة التفاعل بين طبيعة اإلنسان وطبيعة الحياة ،ولزاما علينا أال ننسى
المجتمع الذي نشأت فيه هذه الفتاة وسلوكها .فاالستعداد النفسي أو تنظيم الطاقة النفسية لهما أهمية قصوى
في حياة الفتاة ألنها ال تخلو بالدرجة األولى من القلق والتوتر وفقدان الثقة بالنفس واالنفعال وغيرها من
المؤثرات السلبية المعيقة ،عندما تواجهها بعض المشكالت التي يصعب عليها حلّها أثناء محاوالتها تحقيق
أهدافها ،وبالتالي التأثير على سلوكها ،خاصة عند الالئي ال يملكن القدرة على التحكم والسيطرة على
سا على أنها
درجة االنفعال (راتب" .)1997،فكل الطرق العالجية وجميع االستراتيجيات يُنظر إليها أسا ً
نداء (سبوب) أي األخذ باألسباب من أجل استدعاء الرأفة اإللهية .فهذا (السبوب) بغض النظر عن درجة
242
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
مقاربة نفسية-اجتماعية مقارنة ألساطير الزواج عند المرأة المغاربية
أدائه يبقى طعنا بسيطا ً والذي ال يمكنه أن يغير في أي حال " المكتوب" القدر ،وهذا يعني أنه لم يتم ضد
إرادة هللا أو حتى باستقاللية عنه ") .(Moundib, 2016
المفارقة التاسعة :تشكل ذهنية المرأة حول األسطورتين سواء في مستغانم أو في المغرب في ارتباطها
سدَة ً تَ َمثُالً جماعيا بالماءّ ،
خزانا لمجموعة من المعتقدات واألفكار التي تمزج بين المعقول والخرافيُ ،م َج ِ ّ
ًّ
للماء (الدبياني .)2015 ،وماء البحر أوفر حضا في تطبيق طقس "الكسّابة" ،ذلك أن الماء المالح أو ماء
البحر من المعتقدات التي دارت حوله فكرة تنحية العاكس أو المانع ،وحل الرباط وفك السحر ،كما أن
التوضؤ به أو رشه على عتبة البيت مزيح للطاقة السلبية أيضا ،كما أن ماء المطر له نفس المفعول أيضا ّ
حيث يستخرج من البئر ،وهو المستخدم في طقس "اللّة عيشة البحرية" .فـ"األماكن المائية تعتبرمطهرة
ومعالجة ،وقد ترتبط إما بولي صالح ،يعترف بقدرته على التصرف " ).(Ait Berri, 2017, p. 284
المفارقة العاشرة :لو اعتمدنا على تحليل الرموز المصاحبة لتطبيق الطقسين سواء عند مريدات
"الكسّّ َّ ابة" أو "اللّة عيشة البحرية" ودالالتها لدى الفتاة التي لم تتزوج بعد أو تأخر زواجها ،فإننا
سنجد أن الفتاة استطاعت عن طريق ممارستها لكل منهما أن تبوح بما يختلج في نفسها من كوامن أفكارها
ورغباتها المكبوتة حول قضية حساسة بشكل يبرز التمرد الجريء على سلطة المجتمع بأشكاله المتعددة،
سواء أكانت داخلية أم خارجية ،بآليات تعبير خاصة بها ،لتعكس واقعها المأزوم اجتماعيا وإنسانيا ،مستغلة
اللغة الطقوسية لتتوارى خلفها وتحمل رموزها مه ّمة البوح والتعويض عما تريده ،وتفرغ من خاللها ما
توالى عليها من كبت واستدخال لترسبات يومية ولروتين سلبية المجتمع (عالق ،)2017 ،فكال الطقسين
مليئان بالرموز الظاهرة والكامنة ،تحاول النسوة من خاللهما توصيل صوتهن بطريقة مباشرة وغير
مباشرة ،على شكل شفرات رمزية تدور كلها حول رغباتها.
المفارقة الحادية عشر :التشابه في الممارسة الطقوسية التي تتطابق مع مقولة "يونغ" التي أوردتها
حامد أمال النور ( ،)2011فقد اعتبر يونغ أن الممارسة الطقوسية تمثل أمورا ً مكبوتة يتم التعبير عنها في
التماهي والتسامي من خالل اللجوء إلى تطبيق كل الخطوات الخاصة بهذا الطقس عن طريق الحركات
الوجدانية التي ربما تشير إلى حاالت نفسية فاعلة .وما يؤكده يونغ وآخرون (Jung & al., 1978, pp.
) 82-83أيضا هو أن هناك إدراكا واعيا ً وال واعيا ً للواقع ،فالتعامل مع ظاهرة حقيقية (اجتماع النسوة
داخل أو قرب الضريحين ،المشاركة الوجدانية ،العمل الجماعي للطقس )..يم ّكننا من ترجمة الظاهرة من
عالم الواقع إلى عالم الذهن ،وتتحول إلى أحداث نفسية ،طبيعتها النهائية غير معروفة طالما أن النفس ال
تدرك مادتها النفسانية ،ومن ثم فإن كل تجربة تحتوي على عدد غير محدد من العوامل غير المعروفة.
المفارقة الثانية عشر :يتوافق الطقسان على التعلق باألمل ،إذ أن األمل الوحيد المتبقي لهؤالء الناس
حسب موندب ) (Moundib, 2016هو أولياء هللا الصالحين ،أو القديسين ،المقربين منه .فإذا كان لعبادة
األولياء في المغرب اليوم معنى ،فال يمكن أن يكون إال ضمن نظام منطقي يجب تحديد عناصره أوالً قبل
التمكن من تحديد تماسك بنيته ( .)..فتمثالت المغاربة ،والجزائريين ،عن األولياء تجعل منهم أشخاصا
(رجاال ونساء) قريبين من هللا بسبب امتالكهم للبركة ،والرضى اإللهي الذي اكتسبوه خالل حياتهم ،في
وقت يسموه هؤالء " بكري"( ،)bekriوهو الماضي الذي ليس لديه سياق تاريخي محدد()..على الرغم
من أن هؤالء األولياء قد ماتوا ودفنوا في مقابرهم ،مثل البشر العاديين ،إال أنهم ظلوا قادرين على
االحتفاظ بقدرات استثنائية ،يفترض أنها تسمح بتحقيق دعوات أتباعهم ووزوارهم ).(Radi, 2013
المفارقة الثالثة عشر :تمثل الممارسة الطقوسية "للكسّابة" ولـ" اللَّة عيشة البحرية" شكالً من أشكال
إتاحة الفرصة لتفريغ الميول والرغبات ،وهو ما أسماه "يونغ" "بقنوات الطاقة "( energy
.) canalisationوفي هذا الصدد يرى "كالفن وآخرون" أن الرمز بالنسبة لـ "يونغ" هو أكثر من مجرد
إخفاء أو خداع للرمز .فالرموز هي تحوالت لدوافع بدائية ،وقنوات لتفريغ الغرائز الليبيدية بقيم روحية
243
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
مقاربة نفسية-اجتماعية مقارنة ألساطير الزواج عند المرأة المغاربية
وثقافية (عالڨ ،2017 ،ص .)132وهي تتمثل عند مريدات الطقسين في عقد النية واستخدام التطهير
بالماء والحناء لجلب الحظ والسعد ،وتدور كلها حول تحقيق الرغبة في الزواج.
المفارقة الرابعة عشر :ال يعد طقس "الكسابة" و"اللَّة عيشة البحرية" ممارسة فوضوية بقدر ما يعدان
فعالً جماعياً .فلو قمنا بتحليلهما وظيفيا يمكن أن نتبيّن كيف تتخذ األنشطة الطقوسية فعاليّة ونجاعة
والسمو ال
ّ العلو
ّ صتين ،وتؤدي وظائف كامنة في حياة الجماعة المحلية ،لكي تضمن للمريدات نوعا من خا ّ
ّ
تستطيع رتابة الحياة اليومية في الحقيقة أن تمنحه لهن دوما .كما تتيح لهن الدخول ولو مؤقتا في حاالت
سارة( )..وندرك عندئذ داللة إقبال الفئات االجتماعية المختلفة وخصوصا تلك المهمومة بكينونتها ذهنية ّ
ووجودها على حد تعبير جون دوفينيو .وارتباط المرأة بهذا الطقس من الدالئل التي ال بد أن تحرك في
المختص النفسي الشعور بحاجة هذه األخيرة إلى المساعدة والوقوف إلى جانبها ،خصوصا وأن العديد من
الدراسات واألبحاث اإلكلينيكية والمالحظات العلمية أثبتت خصوصية اضطرابات المرأة (عالق،
.) 2017وبالنظر لفسيولوجيتها ونفسيتها الخاصة ،فقد تقع فريسة للعديد من االضطرابات النفسية ،وتكون
النتيجة لصالحها؛ ويترتب عل ى هذا االختالف بينها وبين الرجل وجود بناء نفسي للمرأة يختلف عن البناء
النفسي للرجل"(غانم ،2011 ،ص .)13 .كما تذكر عالق ( ،2017ص )137 .أن من بين االضطرابات
النفسية التي تعاني منها الفتيات الممارسات للطقس يأتي في المقدمة قلق المستقبل والخوف من العنوسة،
وهما يعدان الملمح األساسي في حياة األنثى .فالمرأة المقبولة اجتماعيا ً هي المرأة المتزوجة ،والعانس
تالحقها دائما عالمة استفهام ،ونظرا ألهمية الزواج في نظر المجتمع ،فإن الفتاة التي لم تلق " َم ْكتُو ْب َها"-
أي حظها من الزواج -بعد ،تعيش صراعات نفسية واجتماعية يفرضها عليها المجتمع ويالحقها بها دائما
كما تالحق اللعنة صاحبها ،على رأي المثل الشعبي القائل" تْزَ ْوجي ال يْڤُولُو باَي َْرةَ ،و َّو ْلدي ال يْڤُولُو
[تزوجي حتى ال يقال عنك عانس وأنجبي األطفال كي ال يقال عنك عاقر] .مما يعني أن ّ عا ْق َرة" أي
َ
الزواج الذي تبحث عنه الفتاة العانس هنا يكون محاولة إلسكات القائلين من المجتمع -وهي الفئة التي
تالحق وتنعت كل واحدة لم تتزوج -أكثر مما هو تعبير عن رغبة داخلية تريد الفتاة تحقيقها والتي ال مجال
للفتاة سوى أن تكون متزوجة ،ألن الزواج ضروري الستمرار الحياة .كما أن "أسباب طلب الزواج
تختلف من فتاة إلى أخرى وذلك باختالف اعتقادات الفتاة وتكوينها وتنشئتها وغيرها من المحددات
األخرى ،بحيث يرى «بومان» أن الناس يتزوجون لعدة أسباب مجتمعة أو لسبب واحد أو أكثر؛ وتتمثل
هذه األسباب إما في البحث عن الحب أو األمان االقتصادي ،أوالرغبة في حياة المنزل ،أو األمان
العـاطفي ،أو تحقيق رغبة الوالدين ،أو الهروب من الوحدة ،أو الهروب من أوضاع غير مرغوب فيها في
منزل األسرة ،أوتحقيق مركز اجتماعي معين ،أو المغامرة والفضول لما في الزواج ،أو إكمال نصف
الدين (باشيخ ،2014 ،ص.)129 .
2-3االختالفات بين الطقسين :لم نجد اختالفات كبيرة بين الطقسين واقتصرت على ما يلي:
-زمن ممارسة الطقس ،حيث يمارس في" الكسَّابة" مرة في السنة فقط أي في بداية ربيع كل عام؛
وفي مقابل ذلك رغم ارتباط طقس "عيشة البحرية " بالمواسم وخصوصا في اليوم السابع من األعياد
محرم ،إال أنها أصبحت تمارس عند المرأة المغربية طيلة أيام السنة؛
ّ الدينية الكبرى أو العاشر من
-تقتصر ممارسة طقس "الكسّابة" في األصل على النساء الكبيرات في السن قبل أن تنتقل إلى الشابات
من الالئي بقين دون زواج ،بينما تقيمها في "اللّة عيشة البحرية" العوانس العازبات فقط؛
سابة" طقس لجلب السعد والبركة و "اللَّة عيشة البحرية" طقس لطرد الشر وتنحية المانع أو " -الك ّ
العاكس :حيث يختلف الطقسان في النهاية ،فبعد إتمام كل خطوات الطقسين ،تأخذ الفتاة في "الكسَّابة"
العُ ْشبة الصفراء معها تبركا بها ،بينما في "اللَّة عيشة البحرية" ،تقوم الزائرة بترك كل شيء وراءها،
ا لمشط والمالبس الداخلية والمبخرة المكسرة ،ولن تبقي إال لون الحناء على يديها واسمها واسم من كتبته
على حائط الضريح حتى يأتي اللقاء الحقيقي ،فاألولى تأخذ الفأل الحسن والثانية ترمي بالعاكس والمانع
لكي تطرد الشر.
244
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
مقاربة نفسية-اجتماعية مقارنة ألساطير الزواج عند المرأة المغاربية
خالصـة
ما يمكننا استنباطه من هذه النتائج أن كالًّ من "الكسّابة" و "اللَّة عيشة البحرية" تُعدان من الطقوس
النسائية .وهما من ابتكار المرأة وموجهة في نفس الوقت للمرأة ،ظاهرها احتفال بقدوم الربيع وبدء فترة
التجدد والخضرة والخير في األولى ،واالحتفال بالمواسم أو باليوم السابع من األعياد الدينية الكبرى أو
محرم في الثانية؛ وباطنهما محاولة تجديد األمل للفتاة التي هي في مرحلة الزواج أو من فاتتها
ّ العاشر من
المرحلة .وهما تلك القوة المتسلطة التي ال تزال تجذب النساء بمختلف طبقاتهن سواء الثقافية أو
االجتماعية خلفهما ،وتحفز استعدادهن لتصديق أي شيء يحكي أو يتحدث عنها حتى وإن كان ذلك غير
منطقي وغير عقالني .وهما من االستراتيجيات الموسعة للتعبير عن طموحات فردية في الباطن ،تسر بها
كل مؤمنة باألسطورتين وممارسة لطقسيهما .ويعتبران تفاوضا اجتماعيا يمثل للمرأة مخرجا من قلق
وعبء الحياة اليومية ،بل إن التلبس بروح جنيّة المكان أو بطلة "الكسّابة" أو "اللَّة عيشة البحرية" من
خالل ممارسة الطقسين يعد تساميا لقلق المستقبل والخوف من عدم تحقيق المكانة االجتماعية التي تخشاها
كل فتاة تأخر زواجها .ويشكالن نوعا من الدعم النفسي للتخفيف من ضغط المجتمع .كما أصبحتا البديل أو
التعويض الحقيقي للفشل في تفسير الوضع الذي تعيشه المرأة تفسيرا واقعيا ،وهما بذلك هروب من واقع
ال تستطيع المرأة تغييره بطرق واقعية فتلجأ إلى تغييره بطرق غير واقعية ،من خالل ابتكارها
الستراتيجيات للتغلب على القلق المرتبط بوضعيتها كعانس .ويمكن اعتبارهما أيضا عالجا ً نفسيا ً جماعيا ً
وتف اعال إيجابيا داخل ديناميكية جماعية تلقائية .لكن يقتصر تأثيرهما على الفتاة التي تأخر زواجها ،ويتم
ذلك من خالل ثالث مراحل؛ فقبل الطقس ينبغي عقد العزم واالستعداد النفسي وتبييت النية ،وأثناء الطقس
ينبغي أن يكون هناك حضور فعلي وممارسة لشعائر الطقس والتي تظهر فيها العزم على التغيير
والوصول إلى الحل؛ وفي األخير بعد الطقس تحصل الفتاة على الدعم والطاقة اإليجابية التي تحملهما
معها في شكل أمل في التغيير وتحقيق المرغوب فيه؛ وهكذا تبقى أسطورة "الكسّابة" و"اللّة عيشة
البحرية" من األساطير التي تقاوم الزمن من خالل حياة بطلتيهما في ثقافة مجتمعين متقاربين مثل الجزائر
والمغرب.
245
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
مقاربة نفسية-اجتماعية مقارنة ألساطير الزواج عند المرأة المغاربية
المراجع
ابن منظور (د ت) .لسان العرب( .ج .)716 / 1بيروت :دار صادر.
الطبال ،ياسر مصطفى ( .)2014أساطير عالمية مخيفة .كتاب إلكتروني.
باسكون ،بول ( .)1986األساطير والمعتقدات بالمغرب .ترجمة ،المسناوي ،مصطفى .مجلة بيت الحكمة ،العدد (،)3
صص.103-83 .
باشيخ ،أسماء ( .) 2014مؤثرات التغير االجتماعي والواقع الزواجي بالجزائر (سير نحو الفردانية) .مجلة جيل العلوم
اإلنسانية واالجتماعية ،العدد الثالث ،أكتوبر ،صص.140-127 .
بداك شبحة ( .)2016المرأة القبائلية والممارسات الطقوسية السحرية من خالل األسطورة .في المرأة :التجليات وآفاق
المستقبل .بحوث علمية محكمة .أوراق مؤتمر فيالديلفيا الدولي التاسع عشر 30-28 .أكتوبر .2014األردن :منشورات
جامعة فيالديلفيا.
جعفر ،عبد الوهاب ( .)1989البنيوية في األنثروبولوجيا وموقف سارتر منها .اإلسكندرية :دار المعارف.
جنبوبي ،محمد ( .)2006األولياء في المغرب :الظاهرة بين التجليات والجذور التاريخية والسوسيوثقافية :حياة وسير
بعض مشاهير أولياء المغرب .منشورات كنال أوجوردوي.
الحاج ،بلقاسم ( .)2011النظام األبوي الجزائري ومظاهر تغير المكانة اإلجتماعية للمرأة .دراسة ميدانية وصفية ألهم
مظاهر التغيّر االجتماعي في الوسط الحضري للعاصمة .رسالة ماجستير في علم االجتماع ،كلية العلوم االجتماعية
واالنسانية ،جامعة الجزائر بن يوسف بن خدة ،الجزائر.
سعيدي ،محمد ( .)1995من أجل تحديد اإلطار المعرفي واالجتماعي للمعتقدات والخرافات الشعبية -ظاهرة زيارة
األولياء واألضرحة نموذجا .-الجزائر :مطبوعات مركز األبحاث في األنثروبولوجيا االجتماعية والثقافية.
ماجدة حسن عبد الهادي جالله ( .)2001المعتقدات الشعبية الشائعة في تنشئه األبناء دراسة مقارنة بين األمهات الريفيات
األمهات الحضريات .رسالة ماجستير معهد الدراسات العليا للطفولة -الدراسات النفسية واالجتماعية.
عالڨ ،كريمة و مناد ،سميرة (" .)2014الكسّابة " :من عادات وطقوس استقبال الربيع بمستغانم ،دراسة نفسية-
اجتماعية عن التراث الشعبي المستغانمي .الموروث الشعبي والهوية الوطنية .دفاتر مخبريّة ،مخبر حوار الحضارات،
التنوع الثقافي وفلسفة السلم ،جامعة مستغانم ،الجزائر.167-127 .
عالڨ ،كريمة ( .)2017الكسابة :الوجه اآلخر للعالج النفسي الجماعي لالضطرابات النفسية للمرأة ،دراسة نفسية-
إثنوغرافية تحليلية بمدينة مستغانم .مجلة دراسات إنسانية واجتماعية ،جامعة وهران محمد بن أحمد -الجزائر ،العدد (،)7
صص.140 -119 .
غانم ،محمد حسن ( .)2011المرأة واضطراباتها النفسية والعقلية .ط ،1القاهرة ،إيتراك للطباعة والنشر والتوزيع.
الغدامي ،عبد هللا ( .)1998النص األزرق ،هل الرواية رجل أبيض .مجلة فصول ،العدد ( ،)4الهيئة المصرية العامة
للكتاب.
غياث ،حياة ( .)2016ظاهرة العنوسة وتداعياتها النفسية واالجتماعية .مجلة العلوم االجتماعية واالنسانية ،جامعة
ورقلة ،العدد ( ،)27صص.238-207 .
كاكي ،عبد الرحمن ( .)1967كل واحد وحكمو .الجزائر ،المسرح الجهوي لوهران.
هولتكرانس ،إيكه ( .)1973قاموس مصطلحات اإلثنولوجيا والفولكلورية .ترجمة :محمد جوهري وحسن السامي .ط،2
القاهرة :دار المعارف.
Ait Berri, Aicha (2017). Rituel et Oralité chez les Ait Soukhmanes. Le cérémonial du mariage:
une pratique en mutation. Thèse de Doctorat, Discipline : Littératures et civilisations; INALCO.
Auzias, Dominique& Labourdette, Jean-Paul. Casablanca, Ed le Petit futé.
Benchakroun, Siham (2008). Femmes nouées, femmes froides, Croyances et prises en
charge traditionnelle des troubles sexuels féminins au Maroc. Faculté de médecine.
Casablanca.
Douider, samira (2012). Deux mythes féminins du Maghreb: la Kahina et Aïcha Kandicha
Recherches & Travaux, 81, pp. 75-80.
Hermans, P. (2015). Rituels de guérison et effet placebo: le cas de Ben Yeffou, in, Le Maroc
au présent: D'une époque à l'autre, une société en mutation. Casablanca: ed. Centre Jacques-
Berque, Fondation du Roi Abdul-Aziz Al Saoud pour les Études Islamiques et les Sciences
Humaines.
Jung, C.G., M-L von Franz, L. Henderson, Joseph, Jolande, Jacobi & Jaffé, Aniela (1987).
Man and his Symbols. 17th Ed. U.S.A: Dell Publishing Co. Inc.
246
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
اجتماعية مقارنة ألساطير الزواج عند المرأة المغاربية-مقاربة نفسية
247
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
أهمية أساليب الداللة العملية في ترشيد نتائج وخالصات البحوث النفسية والتربوية
أهمية أساليب الداللة العملية في ترشيد نتائج وخالصات البحوث النفسية والتربوية
ملخص
هدفت هذه الدراسة إلى تقديم حجم األثر (أو الداللة العملية) كأسلوب مكمل لفحص الفرضيات من
كما ركزت على.خالل توضيح بعض المؤشرات اإلحصائية التي تستخدم للداللة على قيمة حجم األثر
تقديم مفهوم حجم األثر وأهميته البالغة في تغطية جوانب القصور بالنسبة لفروض البحث من جراء
وكذا دورها في ترشيد النتائج والخالصات المتعلقة،االعتماد على أساليب الداللة االحصائية التقليدية
كما رمت الدراسة الحالية إلى المقارنة بين أساليب الداللة العملية وأساليب.بفرضيات البحث عموما
وهذا بغية التأكيد على أهمية كل داللة على حدة من.الداللة اإلحصائية من أجل توضيح هذين المفهومين
جهة؛ ومن جهة أخرى تشجيع الباحثين مستقبال على ضرورة الجمع بين مفهومي الداللة االحصائية
.والداللة العملية في أبحاثهم المستقبلية
. الداللة العملية؛ الداللة اإلحصائية؛ البحوث النفسية؛ البحوث التربوية:الكلمات المفتاحية
Abdelheq Behache
drabdelhak85@gmail.com
Departement of Psychology, Faculty of Arts and Social Sciences, University Mohammed Boudiaf, M'sila-
Algeria.
Abstract
This study aimed to unwrap the effect size (practical significance) as a
complementary method in examining hypotheses by clarifying some statistical
indicators that are used in order to indicate the value of the effect Size. It also
focused on presenting the concept of effect size and its importance in covering
the shortcomings of research hypotheses due to the reliance on classical
statistical significance methods; as well as its role in rationalizing the results and
conclusions related to research hypotheses in general. This study aimed also to
compare practical significance and statistical significance methods, in order to
clarify these concepts. This is for asserting the importance of each significance
separately on one hand; and to encourage researchers in education and
psychology to combine the concepts of statistical significance and practical
significance in their future works.
Keywords: statistical significance; practical significance; psychological
research; Educational research.
248
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
أهمية أساليب الداللة العملية في ترشيد نتائج وخالصات البحوث النفسية والتربوية
مقدمة
من المعروف أنه ال يكاد يخلو أي بحث ،خصوصا البحوث الكمية من استخدام بعض األساليب
اإلحصائية الوصفية أو االستداللية ،وزادت أهمية انتقاء هذه الوسائل وأصبحت ضرورية لدى الباحثين
في العلوم السلوكية نتيجة الحاجة إلى مناهج أكثر موضوعية ودقة في هذه العلوم ،ألن التطور الذي يرتبط
بأي علم كما يشير الكبسيي والعمري ( )2007يمكن مالحظته من خالل مدى وجود المعطيات واألساليب
اإلحصائية الدقيقة وإحاللها محل االنطباعات التصورية والكيفية .لذلك ارتبط مفهوم البحث العلمي –وال
سيما البحث الكمي -باستخدام األساليب االحصائية ،لقبول الفرضيات أو رفضها بغية تعميم النتائج التي
توصل إليها الباحث ،حتي أن البعض يصف البحوث التي ال تستخدم اإلحصاء بأنها غير علمية.
لذلك فإن إلقاء نظرة عابرة على البحوث التربوية والنفسية ،تكفي ألن تكشف مدى استخدام هذه
البحوث المعاصرة لوسائل البحث العلمي التي تركز على فكرة األبعاد الكمية للظاهرة النفسية وما تتطلبه
من إحصاءات مناسبة (إبراهيم المنصورة ،1967 ،ص.)36 .
فاستخدام األساليب اإلحصائية في البحث العلمي يؤدي إلى توفير بيانات ومعلومات عن الظاهرة أو
الظواهر المطلوب دراستها في البحث ،كما أن اختيار الباحث لألسلوب اإلحصائي المالئم لطبيعة بياناته
وتأكده من تحقق كل افتراضات ( )Assumptionsذلك األسلوب والبدء في تطبيقه للحصول على النتائج
ال يعني نهاية التحليل اإلحصائي .فبعد حصول الباحث على النتائج تأتي المرحلة المهمة وهي تفسير هذه
النتائج ،ومن غير المنطقي أن تفسر النتائج فقط بناء على احتمالية األسلوب اإلحصائي المستخدم أو الداللة
اإلحصائية ،Statistical Significanceدونما اللجوء إلى حساب حجم األثر أو قوة العالقة (الداللة
العملية) .Practical Significance
وهذا ما أورده يحيى النصار ( )2006حيث أوضح أن الجمعية األمريكية لعلم النفس APA
( )American Psychological Associationأكدت في دليلها لسنة ‘ ،1994على أن قيم االحتمالية في
اختبارات الداللة اإلحصائية ال تعكس أهمية أو مقدار التأثير وذلك ألنها تعتمد على حجم العينة ،والبد من
تقديم معلومات عن جحم األثر ( .)Effect Sizeوجرى التأكيد سنة 2001على هذا المبدأ في النسخة
الخامسة لدليل النشر للجمعية النفسية األمريكية لعلم النفس ،بالنظر إلى أهميته في توضيح نتائج البحث.
وقد انتقدت بعض الدراسات ( )Gill et al., 1980اختبارات الداللة اإلحصائية ،وأشارت إلى ضرورة
استخدام الطرق المحسنة والمكملة لألسلوب اإلحصائي وذلك باستعمال بعض المؤشرات لقياس الداللة
العملية ،وأوضحوا أن ضعفا يعتري البحوث التربوية ،وبالتالي فإن خالصاتها تكون غير مجدية .وأشارت
دراسة أخرى ( )Moriss, 1974إلى أنه يمكن التغلب على ضعف البحث التربوي وجعله أكثر قوة من
خالل ربط الداللة اإلحصائية بالداللة العملية وجعلهما أكثر التصاقا.
والمتتبع للبحوث التربوية والنفسية وبخاصة أطروحات الدكتوراه والماجستير في الجزائر يالحظ أنها
تركز على التطبيق اآللي لخطوات البحث العلمي دونما اعتبار لبعض الشروط العلمية التي يجب مراعاتها
عند إنجاز أي بحث علمي .ومن بين هذه الشروط التي أغفلها الكثير من الباحثين العالقة المتبادلة بين
الداللة اإلحصائية والداللة العملية ،وهي ذات أهمية بالغة في الدراسات األجنبية والعربية.
وقد انتقد باحثون آخرون االقتصار على استخدام أساليب الداللة اإلحصائية من دون الداللة العملية
) ،(Crow Welge, 1990; West, 1990وتبين أن الداللة العملية لها أهميتها الكبرى في البحث
التربوي كشرط الحق للداللة اإلحصائية ،كما جرى التأكيد على أن مفهوم الداللة العملية (حجم التأثير)
ثابت بغض النظر عن القياس واالختبار اإلحصائي المستخدم.
وبناء على ما تقدم فالدراسة الحالية تتناول أهمية تقدير أحجام األثر بالنظر إلى ارتباطها بنتائج أساليب
الداللة االحصائية ومن ثمة إسهامها في ترشيد القرارات التي يتم اتخاذها لتفسير فرضيات البحث ،وهذا
من منطلق أن كل باحث حسب ما أشارت إليه الصائغ ( )1996البد له أن يجيب عن تساؤلين أولهما
إحصائي وهو معروف بصورة كافية وتقليدية ،واآلخر قياسي عملي يتعلق بحجم التأثير الموجود بين
المتغيرين المستقل والتابع .وهذان السؤاالن مرتبطان ببعضهما البعض وال يمكن الفصل بينهما ،وستركز
249
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
أهمية أساليب الداللة العملية في ترشيد نتائج وخالصات البحوث النفسية والتربوية
الدراسة الحالية على توضيح كيفية حساب الداللة العملية (حجم التأثير) للمتغيرات المختلفة الت تم حساب
داللتها اإلحصائية.
وبصورة أوضح فإن هذه الدراسة تركز على تبيان أهمية دور أساليب الداللة العملية في تصحيح مسار
القرارات التي ستتخذ في فروض البحث ،وبمعنى آخر هل نستطيع الحكم على أية فرضية دالة إحصائيا
بأنها دالة عمليا؟ وهذا اإلشكال يقودنا إلى ما يلي:
-1ما المقصود بالداللة العملية أو حجم األثر؟
-2ماهو الفرق بين مفهوم الداللة العملية والداللة اإلحصائية؟
-3ماهي مؤشرات الداللة العملية التي تقابل كل أسلوب من أساليب الداللة اإلحصائية؟
-4ماهي الفوائد المستقاة من استخدام أساليب الداللة العملية إلى جانب الداللة االحصائية في معالجة
فروض البحث؟
أهمية الدراسة
تكمن أهمية الدراسة الحالية في توضيحها لمفهومي الداللة اإلحصائية statistical significance
والداللة العملية practical significanceوكيفية تفسير النتائج على ضوئهما؛ فليس كل فرق دال
إحصائيا هو دال عمليا .وتسعى هذه الدراسة أيضا لكشف اقتصار الباحثين في تفسير النتائج على الداللة
اإلحصائية لوحدها دونما حساب الداللة العملية على الرغم من ارتباطهما الوثيق .كما تساهم الداللة العملية
في ترشيد القرارات المتخذة بشأن ظاهرة ما .وتفيد هذه الدراسة أيضا في إفساح الطريق وحث باحثي
وطالب مرحلة الدراسات العليا على ضرورة تقدير وحساب الداللة العملية إلى جانب الداللة اإلحصائية.
* الداللة العملية
عرفهـا الصياد ( '' )1988بقــوة العالقة أو االرتباط strength of relationshipبيــن المتغير
المستقل والمتغير التابع'' ،ومن وجهة نظر دانييل ( )Daniel, 1977فهي عبارة عن األهمية العلمية
والعملية للظاهرة الموجودة في المجتمع موضوع الدراسة ،ولها عدد من المؤشرات التي تستخدم لتحديدها
بعد تحديد الفرق اإلحصائي لالختبارات اإلحصائية المتعددة ،وتختلف مؤشراتها باختالف مستويات
القياس كمربع إبسيلون ( ) والذي توصل إليه كيلي ) ،(Kelly, 1935ومربع إيتا ( ) والذي طوره
كوهين ) ،(Cohen, 1977ومربع أوميجا ( ) والذي طوره هيس (.)Hays, 1973
وفي نظر رشدي فام ( )1997يقصد بمفهوم الداللة العملية ''األساليب التي يتم من خاللها معرفة حجم
الفرق أو حجم العالقة بين متغـيريـن أو أكثر ويسمى أحـيانا جحم التأثير significance effect sizeأو
قوة التأثير strength effectفي الواقع العملي'' (رشدي فام منصور ،1997 ،صص.)57-56 .
250
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
أهمية أساليب الداللة العملية في ترشيد نتائج وخالصات البحوث النفسية والتربوية
وعليه فهي تستخدم لتحديد أهمية نتائج البحث وأهمية الفرق بين متوسطات درجات المجموعتين على
مقياس معين ،وعلى سبيل المثال ،فاستعمال الداللة العملية قد يجعل نتائج األبحاث مفيدة للمسؤولين عن
التعليم وأصحاب القرار في المؤسسات التعليمية.
251
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
أهمية أساليب الداللة العملية في ترشيد نتائج وخالصات البحوث النفسية والتربوية
الصياد " مؤشر لم دى قدرتنا على استخدام النتائج تفسيرا وتطبيقـا " (عبـد العـاطي الصـياد ،1988 ،ص.
)203ويشير الصياد إلى أن الداللة اإلحصائية ال تكفي التخاذ قرار نفسي أو تربوي ألنها شرط ضروري
من شروط اتخاذ القرار ولكنها ليست كافية لوحدها ،ذلك أن الكفاية تتحقق فقط عندما نحسب قـوة العالقـة
بين المتغير المستقل والمتغير التابع وهي تتحدد حسب طبيعة األشياء محل البحـث وتحكمهـا القـيم السـائدة
في المجتمع .حيث أن تقدير قوة االرتباط له أهميته في تقييم نتائج الدراسات ،وهـو وسـيلة لتطـوير التعلـيم
والتوجيه التربوي ،كما أن حسابها يقلل من وقوع الباحث في خطأ القرارات البحثية (ابتسام حسن الصائغ،
،1996ص.)33 .
252
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
أهمية أساليب الداللة العملية في ترشيد نتائج وخالصات البحوث النفسية والتربوية
أما هدف الداللة العملية فهو الوصول إلى قرار برفض الفرض الصفري ( )H0وهي تبدأ حيث تنتهي
الداللة اإلحصائية ،وعند رفض الفرض الصفري تبدأ عملية المناقشة والتفسير لحجم الفرق اإلحصائي.
خامسا /من حيث عالقتها بحجم العينة
تعتمد الداللة اإلحصائية عل ى حجم العينة حيث تكون وظيفة مباشرة لحجمها ،فحجم العينة الكبير يؤدي
إلى رفض ( ) Hoعند مستوى معين من الداللة .بينما الداللة العملية (مقياس قوة االرتباط) تكون مستقلة
عن حجم العينة بمعنى أنها ال تتأثر بكبر حجم العينة على عكس الداللة اإلحصائية .إذ كلما زاد هذا الحجم
زادت درجة التأكد من رفض ( )H0ومن وجود فرق الداللة اإلحصائية .وقد فسر هيس (،Hays,1973
في الصائغ ) 1996 ،ذلك بأن مقاييس قوة االرتباط هي قيم وصفية أكثر من كونها استداللية بالرغم من أن
كل قيمة إحصائية لها داللة ،كما أن مقاييس قوة االرتباط يمكن حسابها بأقل قدر من المعلومات.
حيث ()rهي معامل االرتباط ،و " "tهي قيمة االختبار المحسوبة والناتجة عن التحليل اإلحصائي ،و
dfهي درجات الحرية المرتبطة باختبار " ."tواعتبر كوهين Cohenأن 0,5 ،0,3 ،0,1تشير إلى حجم
التأثير الصغير ،المتوسط ،أو الكبير على التوالي.
كما يمكن تصنيفها كما يلي:
253
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
أهمية أساليب الداللة العملية في ترشيد نتائج وخالصات البحوث النفسية والتربوية
ثالثا معادالت يمكن تطبيقها سواء كانت العينات مستقلة أو غير مستقلة
توجد معادالت تستخدم في حالة العينات المستقلة أو غير المستقلة وخاصة في أكثر المقاييس اسـتخداما
وشيوعا وهما مقياسي " كوهين " ،و"هيدجز" (عبد المجيد ،2004 ،صص )19-18 .وذلـك علـى النحـو
التالي.
254
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
أهمية أساليب الداللة العملية في ترشيد نتائج وخالصات البحوث النفسية والتربوية
مقاييس مبنية على أساس نسبة التباين المحسوب ،وتستخلص من المعادلة التالية:
وقد فصل ( )Christopher, 2006القوانين الخاصة بالفئتين ،والجداول التالية توضح طرق حساب
حجم التأثير لفئة الفروق بين المتوسطات (في البارقي ،2012 ،صص.)126-118 .
جدول ( :)1حساب حجم األثر Effect sizeباستخدام الفروق بين المتوسطات المتحيزة ()Biased
تفسير القيمة اختبارات الداللة اإلحصائية اسم القيمة
القاعدة الرياضية الرمز
التقييم القيمة المناظر له المحسوبة
بسيط 0,2
الفرق بين متوسطين للعينات
متوسط 0,5 d كوهين
المستقلة
كبير 0,8
بسيط 0,01
الفرق بين متوسطين للعينات
متوسط 0,06 إيتا ترييع
المستقلة
كبير 0,14
بسيط 0,01
الفرق بين متوسطين للعينات
متوسط 0,06 مربع إيتا
غير المستقلة
كبير 0,14
بسيط 0,2
متوسط 0,5 التحليل التعريفي ∆ جالس دلتا
كبير 0,8
بسيط 0,2
الفرق بين متوسطين للعينات
متوسط 0,5 G هيدجز
المستقلة
كبير 0,8
255
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
أهمية أساليب الداللة العملية في ترشيد نتائج وخالصات البحوث النفسية والتربوية
جدول ( :)2قيم حجم األثر ( )Effect Sizeباستخدام نسبة التباينات المتحيزة Biased
تفسير القيم اختبار الداللة اإلحصائية القيمة اسم
القاعدة الرياضية الرمز
التقييم القيمة النظيرة المحسوبة
بسيط ||1, 0
معامالت االرتباط الخطي معامل ارتباط
متوسط ||3, 0 واالرتباط الخطي الجزئي
R
برسون r
كبير ||5, 0
بسيط 0,01
متوسط 0,06 تحليل االنحدار المتعدد R² معامل التقدير
كبير 0,14
بسيط 0,01
مربع إيتا
متوسط 0,06 تحليل التباين
لمتغير واحد
كبير 0,14
بسيط 0,01
مربع إيتا
متوسط 0,06 تحليل التباين المتعدد لمتغيرات
متعددة
كبير 0,14
بسيط 0,1
مربع كاي X²لجودة
متوسط 0,3 أوميجا
التوفيق
كبير 0,5
جدول ( :)3قيم حجم األثر ( )Effect Sizeباستخدام نسبة التباينات غير المتحيزة Unbiased
تفسير القيم اختبار الداللة اسم
القاعدة الرياضية الرمز
اإلحصائية النظيرة القيمة
التقييم القيمة
بسيط 0,01
تحليل االنحدار مربع ر
متوسط 0,06 R²Adj
المتعدد المضبوطة
كبير 0,14
بسيط 0,01
تحليل التباين تحليل مربع إيتا
متوسط 0,06 التغاير الجزئية
كبير 0,14
بسيط 0,01 مربع
تحليل التباين تحليل
متوسط 0,06 أوميجا ل
التغاير
هيس
كبير 0,14
بسيط 0,01
تحليل التباين تحليل مربع
متوسط 0,06 التغاير
E²
إبسيلون
كبير 0,14
بسيط 0,01
تحليل التباين تحليل هيرزبرج
متوسط 0,06 R²
التغاير Herzberg
كبير 0,14
256
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
أهمية أساليب الداللة العملية في ترشيد نتائج وخالصات البحوث النفسية والتربوية
فوائد استخدام أساليب الداللة العملية إلى جانب الداللة االحصائية في معالجة فروض البحث
من الجديد بالذكر أن الدمج بين الداللتين االحصائية والعملية يؤدي إلى العديد من النتائج والحقائق
شديدة األهمية والفائدة للبحث العلمي ،وفيما يلي ملخص للدمج بين الداللتين ):)Dunleavy, 2010
وقد أكد (عالم ،1993 ،ص )123 .أن على الباحث أن يضع في اعتباره أهمية الداللة العملية أو
التطبيقية والداللة التفسيرية ألنهما مترابطتان وتكمل إحداهما األخرى .فالداللة العملية ليست بديال للداللة
اإلحصائية ،وإنما مكمل لها ومقياس إضافي يجب أن يقوم به الباحث التربوي ،ويستعين به بعد االستنتاج
اإلحصائي الختبار داللة الفروق التخاذ قرار سليم .فليس كل فرق إحصائي ذو أهمية علمية ،ألن النتائج
اإلحصائية المحتملة تعطي قياسا سطحيا ال ينبغي أن يقتصر عليه الباحث في اتخاذ قراراته.
وتعتبر المعلومات اهم جانب في عملية اتخاذ القرارات ،سواء كانت هذه القرارات على المستوى
البسيط في حياتنا اليومية او كانت ذات عالقة بالمستقبل البعيد.
وإذا أردنا اتخاذ قرار على أساس علمي فال بد من اللجوء إلى طرق إحصائية لمعالجة بيانات
ومعلومات وتفسيرها لكي يصل الباحث إلى قرار مناسب .ويكون هذا القرار إحصائيا ،وهو قرار ال
نستطيع أن ندعي صحته الكاملة ،ذلك أنه يكون عادة مشوبا بمقدار من احتمالية الخطأ ،ومن ثم ينبغي
االهتمام بجانبين (ابتسام حسن الصائغ ،1996 ،ص.)54 .
-التأكد من صحة عملية االستدالل والتفسير ،ألن ذلك سيؤدي إلى قرار مناسب.
-معرفة ما الذي يترتب على اتخاذ القرار من خالل الموازنة بين المكسب والخسارة في اتخاذ هذا
القرار ،إذ أن أي قرار ينبغي التفكير فيها من ناحية:
أ -درجة مالءمة األساليب اإلحصائية لطبيعة البيانات.
ب -االهتمام بمعرفة أهمية النتيجة اإلحصائية ،وقيمتها ،والفائدة العلمية أو التطبيقية منها أي ما نسميه
بالداللة العلمية.
إذا فعملية اتخاذ القرار مسألة نسبية تختلف من موقف إلى آخر حسب اقتناع المستخدم بهذه األساليب.
والقرار اإلحصائي يسمح بقبول أو رفض الفرض الصفري الذي يستند إلى فرضيات البحث التي تشتق إما
من المجال المعرفي للموضوع المدروس ،أو تستمد من نتائج الدراسات السابقة .ويجري تعزيز القرار
اإلحصائي بحساب الداللة العملية.
خالصة
إن فحص الباحث لمقدا ر حجم األثر المستخرج من البيانات يقدم له فائدتين كبيرتين .أوالهما هي أنه
يقدم تقديرا لمدى العالقة بين المتغيرين المستقل والتابع ،إذ ال يكتفي باإلجابة عن الفرضية الصفرية "
بنعم أو" ال " بل يحدد مقدار أثر المتغير المستقل على المتغير التابع .ففي بعض األحيان قد يكون الفرق
بين المجموعتين التجريبية والضابطة كبيرا ولكنه غير دال إحصائيا .ومن جهة أخرى قد يكون هذا الفرق
صغير جدا ،ولكنه دال بسبب كبر حجم العينة أو نتيجة استخدام مستوى داللة مرتفع .والفائدة الثانية لتقدير
حجم األثر فتتمثل في أنه يزود الباحثين اآلخرين بفكرة عن قوة العالقة أو حجم تأثير المتغير المستقل على
المتغير التابع .ومن هنا فإن حساب مقدار حجم األثر يقدم معلومات وفائدة ال تقل أهمية عن عملية فحص
257
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
أهمية أساليب الداللة العملية في ترشيد نتائج وخالصات البحوث النفسية والتربوية
الفرضيات اإلحصائية .واالهتمام بحساب الداللة اإلحصائية في البحوث التربوية ليس أمر كافيا لبيان أن
هذه العالقة اال رتباطية أو مقدار الفرق بين المتوسطات له أثر وقيمة تربوية ،لهذا البد من حساب الداللة
العملية إلى جانب الداللة اإلحصائية من أجل إيضاح نسبة تباين المتغير التابع التي ترجع إلى المتغير
المستقل وليس إلى عوامل أخرى خارجية.
258
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
أهمية أساليب الداللة العملية في ترشيد نتائج وخالصات البحوث النفسية والتربوية
المراجع
ابتسام حسن مدني الصائغ ( .)1995الداللة اإلحصائية والداللة العملية الختبار (ت) و(ف) :دراسة تقويمية مقارنة
لرسائل الماجستير في كلية التربية بجامعة أم القرى .رسالة ماجستير غير منشورة ،كلية التربية ،جامعة أم القرى.
إبراهيم يوسف المنصورة ( .)1967التصميم التجريبي والتحليل اإلحصائي .دار المعارف ،بغداد.
أحمد صادق عبد المجيد ( .) 2004تحليل نتائج تنمية التفكير في مجال تعليم وتعلم الرياضيات في ضوء مفهوم الداللتين
اإلحصائية والعملية ،دراسات في المناهج وطرق التدريس .الجمعية المصرية للمناهج وطرق التدريس ،العدد ( ،)99د ص.
رشدي فام منصور ( .)1997حجم التأثير ،الوجه المكمل للداللة اإلحصائية .المجلة المصرية للدراسات النفسية ،العدد
،16المجلد ،7صص.85-57 .
رضا مسعد السعيد ( .)2003حجم األثر :أساليب إحصائية لقياس األهمية العملية لنتائج البحوث التربوية .المؤتمر
الخامس عشر لمناهج التعليم واإلعداد للحياة المعاصرة ،جامعة عين شمس ،الجمعية المصرية للمناهج وطرق التدريس،
المجلد ،22-21 ،2صص.155-136 .
صالح الدين عالم ( .)1993األساليب اإلحصائية االستداللية البارامترية والالبارامترية في تحليل بيانات البحوث
النفسية والتربوية .دار الفكر العربي ،القاهرة.
طالل هيازع حسن البارقي ( .)2012واقع الداللة اإلحصائية والداللة العملية للبحوث المنشورة بمجلة جامعة أم القرى
للعلوم التربوية واالجتماعية واإلنسانية في المدة من 1430-1425هـ ،رسالة ماجستير ،كلية التربية ،جامعة أم القرى.
عبد العاطي أحمد الصياد ( .)1988الداللة العملية وحجم العينة المصاحبتين للداللة اإلحصائية الختبار -ت -في البحث
التربوي والنفسي العربي .بحوث مؤتمر البحث التربوي بين الواقع والمستقبل ،القاهرة.
عبد الوهاب محمد كامل ( .)2001الكمبيوتر وعلم النفس .مكتبة األنجلو المصرية ،القاهرة.
فؤاد أبو حطب وآمال صادق ( .)1991مناهج البحث وطرق التحليل اإلحصائي في العلوم النفسية والتربوية
واالجتماعية .مكتبة األنجلو مصرية ،القاهرة.
يحيى حياتي النصار ( .)2006استخدام حجم األثر لفحص الداللة العملية للنتائج في الدراسات الكمية .مجلة العموم
التربوية والنفسية الصادرة عن كلية التربية ،جامعة البحرين ،المجلد السابع ،العدد ،2صص.59-36 .
Cohen, J. (1977). Statistical Power Analysis for the Behavioral Sciences. New York:
Academic Press.
Rosnow, R. L. & Rosenthal, R. (1996): Computing Contrasts, Effect Sizes, and Counternulls
on Other People's Published Data: General Procedures for Research Consumers. Psychological
Methods 1, No. 4: 331-340.
259
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
Relation entre schizotypie et créativité chez un groupe d’artistes Tunisiens
Résumé
Une relation étroite entre psychopathologie et créativité a été suggérée.
L’objectif de cette étude était d'explorer les relations entre schizotypie et
créativité chez des artistes Tunisiens. Quarante-cinq artistes romanciers, poètes,
peintres, et metteurs en scène (33 hommes et 12 femmes, d’âge moyen de 53,2
± 10,2 ans) ont passé le questionnaire de personnalité schizotypique et
l’épreuve 7 du test de pensée créative de Torrance. La relation entre schizotypie
et créativité était caractérisée par l’existence de deux phases. Pour les scores de
créativité ≤ 30, il y avait une corrélation positive entre la créativité et la
dimension désorganisation de la schizotypie. Dépassé ce score de 30, une
corrélation négative a été trouvée entre la créativité et la dimension négative de
la schizotypie.
Ces résultats suggèrent l’existence d’une relation complexe entre schizotypie
et créativité. Cette relation n’est pas linéaire et obéit probablement à une «loi
de seuil».
Mots-clés: schizotypie, créativité, artistes, questionnaire de personnalité
schizotypique, test de pensée créative de Torrance.
Abstract
A close relationship between psychopathology and creativity has been
suggested. Our objective was to explore the relationship between schizotypy
and creativity in a group of Tunisian artists. A cross sectional study was
conducted on 45 artists, novelists, poets, painters, and directors (33 males and
12 females, mean age: 53.2 ± 10.2 years). Each artist took the schizotypal
personality questionnaire and the seventh task of the Torrance test of creative
thinking. The relationship between schizotypy and creativity was characterized
by the existence of two phases: for creativity scores ≤30, there was a positive
correlation between creativity and disorganized dimension of schizotypy
(rs=0.39; p=0.03). Beyond this score of 30, we found a negative correlation
between total scores of creativity and the negative dimension of schizotypy (rs=-
0.72, p=0.008).
260
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
Relation entre schizotypie et créativité chez un groupe d’artistes Tunisiens
261
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
Relation entre schizotypie et créativité chez un groupe d’artistes Tunisiens
Introduction
Les relations entre pathologie mentale et créativité ont été souvent évoquées
(Brenot, 2008; Fink et al., 2014a; Fisher et al., 2004). Les exemples d’artistes à
l’instar de Baudelaire, Van Gogh et Hemingway rendent légitimes l’hypothèse
selon laquelle il existerait des liens entre pathologie mentale et créativité.
Plusieurs pistes ont été explorées pour étudier ces liens, tels que les troubles de
l’humeur, les tempéraments et les troubles de la personnalité.
Concernant les troubles de l’humeur, Brenot (2008) dans son livre, dépeint
dix portraits de grands génies de l’histoire humaine tels que Beethoven, Goethe,
Schumann, Nietzsche et bien d’autres. Il y rapporte les épisodes thymiques
exprimés par ces grands noms et attire l’attention sur leurs antécédents
familiaux psychiatriques chargés. McCraw et collaborateurs (2013) ont suggéré
que les périodes d’hypomanie seraient particulièrement fécondes sur le plan de
la créativité. Une des explications avancées pour comprendre ce phénomène
dans les troubles bipolaires, est que la tachypsychie, l’hypermnésie et la
désinhibition aboutiraient à des productions originales. Concernant l’implication
du tempérament. Il semble que le tempérament hypertymique soit associé à
une plus grande créativité. Les tempéraments cyclothymique et dysthymique
favoriseraient aussi le processus créatif (Claridge et Blakey, 2009).
Une des pistes intéressantes est celle de la personnalité schizotypique qui
constitue un terrain de prédisposition aux psychoses (Fisher et al., 2004). Depuis
quelques années, plusieurs études soutenaient l’existence d’une corrélation
entre schizotypie et créativité en apportant des précisions importantes (Miller et
Tal, 2007; Nelson et Rawlings, 2010; Nettle 2006).
Cette personnalité, par ses dimensions telles que les pensées magiques, les
idées de référence, les perceptions inhabituelles, le comportement excentrique
et bizarre renvoie à des référents évoquant à la fois la créativité et la pathologie
mentale (Fink et al., 2014a). D’autres études portant aussi bien sur la neuro-
imagerie (Fink et al., 2014b), que sur des aspects évolutionnels (O’Reilly et al.,
2001) font de la créativité un stigmate de la pathologie mentale.
Afin de tester cette hypothèse, nous avons réalisé ce travail dans le but
d’explorer les relations entre schizotypie et créativité chez une population
d’artistes Tunisiens.
2. Méthode
2.1. Participants
Les artistes ont été recrutés en faisant appel aux centres, galeries et
productions suivantes à Tunis : Galerie Blel, Familia Production, Maison de
Culture Ibn Rachik. Après information sur les objectifs et les principes de l’étude
et l’obtention de leur consentement pour y participer, les artistes ont été invités
262
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
Relation entre schizotypie et créativité chez un groupe d’artistes Tunisiens
263
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
Relation entre schizotypie et créativité chez un groupe d’artistes Tunisiens
264
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
Relation entre schizotypie et créativité chez un groupe d’artistes Tunisiens
Le score total moyen du SPQ était plus élevé chez les artistes hommes (27,7 ±
10,5) par rapport aux artistes femmes (21,6 ± 12,1), mais avec une différence
significative seulement au niveau de la dimension négative (13,2 ± 6,3 chez les
artistes hommes vs. 8,2 ± 5,5 chez les artistes femmes, p=0,02).
265
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
Relation entre schizotypie et créativité chez un groupe d’artistes Tunisiens
Discussion
Nos résultats suggèrent l’existence d’une relation entre schizotypie et
créativité. Cette relation n’est pas linéaire et obéit probablement à une «loi de
seuil». Dans un premier temps, l’augmentation de la créativité correspond à
l’élévation des scores de schizotypie. Au delà d’un score seuil de créativité, la
tendance s’inverse et l’augmentation de la créativité s’est accompagnée d’une
baisse de la schizotypie. Ces données seraient en faveur d’une relation en U
inversée entre créativité et schizotypie, constatée par une récente metaanalyse
(Acar et Chen, 2018).
En analysant encore plus ces résultats, il est important de signaler que la
première relation «positive» entre créativité et schizotypie tient surtout de
l’effet de la dimension désorganisation de la schizotypie. Les données de la
littérature insistent surtout sur la corrélation entre la dimension positive de
schizotypie et la créativité (Nettle, 2006; Nelson et Rawlings; 2010; Rominger et
al., 2017), notamment les sous échelles des pensées magiques et des idées de
référence (Rawlings et Locarnini, 2008). Mais dans notre étude, ce sont plutôt
les sous échelles de comportement et de discours bizarres qui étaient corrélées
à la créativité. Nos résultats ainsi que ceux de la littérature pourraient trouver
266
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
Relation entre schizotypie et créativité chez un groupe d’artistes Tunisiens
267
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
Relation entre schizotypie et créativité chez un groupe d’artistes Tunisiens
268
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
Relation entre schizotypie et créativité chez un groupe d’artistes Tunisiens
Références
Acar, S., Chen, X., Cayirdag, N. (2018). Schizophrenia and creativity: A meta-analytic review.
Schizophr Res, 195, 23-31.
American Psychiatric Association (2000). Diagnostic and Statistical Manual of Mental
Disorders, fourth edition (DSM-IV) (Washington DC). Traduction française par Guelfi JD et al.
Paris: Masson.
Batey, M., Furnham, A. (2008). The relationship between measures of creativity and
schizotypy. Pers Individ Dif, 45, 816-821.
Brenot, P. (2008). Bipolarité et créativité. Paris: L’esprit du temps.
Burch, G.J., Pavelis, C., Hemsley, D.R., Corr, P.J. (2006). Schizotypy and creativity in visual
artists. Br J Psychol, 97, 177-190.
Claridge, G., Blakey, S. (2009). Schizotypy and affective temperament: Relationships with
divergent thinking and creativity styles. Pers Individ Dif, 46, 820-826.
Dinn, W.M., Harris, C.L., Aycicegi, A., Greene, P., Andover, M.S. (2002). Positive and
negative schizotypy in a student sample: Neuro-cognitive and clinical correlates. Schizophr
Res, 56, 171-185.
Dumas, P., Bouafia, S., Gutknecht, C., Saoud, M., Dalery, J., d'Amato, T. (2000). Validation
de la version française du questionnaire de personnalité schizotypique de Raine: Approche
catégorielle et dimensionnelle en population étudiante saine. L’Encéphale, 26, 23-29.
Fink, A., Benedek, M., Unterrainer, H.F., Papousek, I., Weiss, E.M. (2014a). Creativity and
psychopathology: are there similar mental processes involved in creativity and in psychosis-
proneness? Front Psychol, 5, 1211.
Fink, A., Weber, B., Koschutnig, K., Benedek, M., Reishofer, G., Ebner, F., Papousek, I.,
Weiss, E.M. (2014b). Creativity and schizotypy from the neuroscience perspective. Cogn
Affect Behav Neurosci, 14, 378-387.
Fisher, J.E., Aprajita, M.A., Herrington, J.D., Koven, N.S., Miller, G.A., Heller, W. (2004).
Neuropsychological evidence for dimensional schizotypy: Implications for creativity and
psychopathology. J Res Pers, 38, 24-31.
Folley, B.S., Doop, M.L., Park, S. (2003). Psychoses and creativity: is the missing link a
biological mechanism related to phospholipids turnover? Prostaglandins Leukot Essent Fatty
Acids, 69, 467-476.
Krysanski, V., Ferraro, F.R. (2007). Creativity, unique designs, and schizotypy in a nonclinical
sample. Psychol Rep, 101, 273-274.
McCraw, S., Parker, G., Fletcher, K., Friend, P. (2013). Self-reported creativity in bipolar
disorder: prevalence, types and associated outcomes in mania versus hypomania. J Affect
Disord, 151, 831-836.
Mechri, A., Gassab, L., Dumas, P., Saoud, M., Gutknecht, C., Zaafrane, F., Khiari, G.,
D'Amato, T., Dalery, J., Gaha, L. (2003). Validation de la version Française du questionnaire de
personnalité schizotypique de Raine en population estudiantine tunisienne. Tunis Med, 81,
858-863.
Miller, G.F., Tal, I.R. (2007). Schizotypy versus openness and intelligence as predictors of
creativity. Schizophr Res, 93, 317-324.
Nelson, B., Rawlings, D. (2010). Relating schizotypy and personality to the phenomenology
of creativity. Schizophr Bull, 36, 388-399.
Nettle, D. (2006). Schizotypy and mental health amongst poets, visual artists, and
mathematicians. J Res Pers, 40, 876-890.
269
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
Relation entre schizotypie et créativité chez un groupe d’artistes Tunisiens
O’Reilly, T., Dunbar, R., Bentall, R. (2001). Schizotypy and creativity: an evolutionary
connection? Pers Individ Dif, 31, 1067-1078.
Park, H.R., Kirk, I.J., Waldie, K.E. (2015). Neural correlates of creative thinking and
schizotypy. Neuropsychologia, 73, 94-107.
Rawlings, D., Locarnini, A. (2008). Dimensional schizotypy, autism, and unusual word
associations in artists and scientists. J Res Pers, 42, 465-471.
Rominger, C., Fink, A., Weiss, E.M., Bosch, J., Papousek, I. (2017). Allusive thinking (remote
associations) and auditory top-down inhibition skills differentially predict creativity and
positive schizotypy. Cogn Neuropsychiatry, 22, 108-121.
Torrance, E.P. (1976). Tests de la pensée créative. Paris: Editions du centre de psychologie
appliquée.
270
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
Burnout: Enjeux diagnostiques et thérapeutiques
Résumé
Le burn-out est un état de fatigue physique et psychique chronique lié à un
milieu professionnel tendu. Ce qui peut engendrer une accumulation de stress,
de frustration voire de dépression. Cliniquement, ce syndrome se compose de
trépied de phases progressivement en évolution: l'épuisement émotionnel, la
dépersonnalisation et la réduction de l'accomplissement personnel. L'intensité
de ces trois symptômes étant proportionnelle au degré du burn-out.
Quant aux caractéristiques de la personnalité victime du burn--out, on trouve
la mauvaise estime de soi, le perfectionnisme et l'intolérance à l'échec…ce qui
conduit à l'auto-harcèlement et mène tout droit vers le burn-out. Donc, nous
sommes devant une vraie maladie qui doit être soignée efficacement.
Mots-clés: Burn-out; Milieu professionnel; Epuisement emotionnel.
Abstract
Burnout is a state of chronic physical and psychological exhaustion linked to a
tense workplace. This can lead to an accumulation of stress, frustration and
even depression. Clinically, this syndrome consistes of progressively evolving
tripod phase: emotional exhaustion, depersonalisation and reduction of self
personal accomplishment. The intensity of these three symptoms is proportional
to the burnout degree.
As for the characteristics of the person victim of the burnout, we can find low
self esteem, perfectionism and intolerance of failure. Which leads straight to the
burn-out. So, we are faced with a real disease that needs effective treatment.
Keywords: burnout; workplace; emotional exhaustion.
271
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
Burnout: Enjeux diagnostiques et thérapeutiques
Introduction
Le travail peut devenir générateur de Stress. Divers facteurs, à la fois
intrinsèques, reliés aux qualités individuelles, et extrinsèques reliés à
l’atmosphère du travail, ces facteurs contribuent à l’apparition de ce syndrome.
Le dénominateur commun étant cette discordance entre une exigence
professionnelle très élevée d’une part, et d’autre part une capacité individuelle
parfois insuffisante.
- Quelles sont les caractéristiques de la personnalité souffrant du Burn-out ?
- Quelles sont les causes ? Y a-t-il des facteurs de risque ?
- Quelles sont les conséquences du Burn-out ?
- Y a-t-il des thérapies spécifiques au Burn-out ?
A- Selon le dictionnaire (Collin english definition-thesaurus):
La traduction du Burn-out n’est pas des plus aisée, car ce mot possède bien
des interprétations comme « Épuisement Professionnel», «Surmenage»,
«Surconsommation» …mais d’autres encore ont été données.
Le terme Burn-out est issu de l’industrie aérospatiale: «c’est le cas d’une
fusée en état de surchauffe et qui est à court de carburant, risquant ainsi
l’éclatement de la machine».
Le Burn-out toucherait ainsi des « individus-fusées, hyperactifs et hyper-
exigeants », en permanence contraints à une obligation de résultats, ce qui
épuise leur énergie jusqu’à se faire exploser telles des machines ».
B- Selon les psychologues:
Herbert Freudenberger (1987) en donna une première définition: «un état de
fatigue chronique, de dépression et de frustration apporté par la dévotion à une
cause, un mode de vie, ou une relation, qui échoue à produire les récompenses
attendues et conduit en fin de compte à diminuer l’implication et
l’accomplissement au travail».
Plus récemment Wilmar Shaufeli et Dirk Enzemann (1998) définissent le Burn-
out comme suit: «un état permanent, négatif, lié au travail se produisant chez
les individus normaux; il se caractérise essentiellement par une fatigue générale,
du stress, un sentiment de diminution des compétences, de baisse de
motivation et le développement d’une attitude dysfonctionnelle à l’égard du
travail».
Nous terminons ce premier chapitre de définitions par celle de Christina
Maslach (1996) qui a créé en 1981 une échelle d’évaluation du Burn-out
contenant 22 items (MBI): «le Burn-out est lié, de toute évidence, au milieu
professionnel, engendré principalement par une accumulation du stress au
travail et est une expérience psychologique interne négative».
1- Étymologie et Historique
272
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
Burnout: Enjeux diagnostiques et thérapeutiques
273
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
Burnout: Enjeux diagnostiques et thérapeutiques
274
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
Burnout: Enjeux diagnostiques et thérapeutiques
275
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
Burnout: Enjeux diagnostiques et thérapeutiques
A- Épuisement émotionnel
Il s’agit d’une fatigue, autant physique que psychique, qui ne s’améliore pas
par le repos. Un manque de motivation, sensation que tout est difficile voire
insurmontable.
La victime du Burn-out ressent qu’elle est vidée intérieurement, comme si la
source à laquelle elle puise sa résistance émotionnelle est tarie.
Extérieurement, on assiste à des explosions émotionnelles telles que la
colère, l´agitation, le crises de larmes…; et sur le niveau cognitif on a des
troubles de concentration, des oublis fréquents, des troubles de la perception.
Ce qui conduit à l’épuisement des ressources émotionnelles et physiques.
B- La dépersonnalisation
La dépersonnalisation ou la déshumanisation de la relation à l’autre. C’est le
noyau dur du Burn-out et une conséquence directe du premier symptôme
s’installant insidieusement, elle est marquée par le négativisme, le
détachement, la sècheresse relationnelle s’apparentant au cynisme. On est alors
devant un désengagement de la vie sociale. Avec évitement de tout contact
social. Ce qui conduit la victime vers une pauvreté des relations
interpersonnelles. Sur le plan psychopathologique, on considère que
l’épuisement qu’a causé le Burn-out se heurte à l’incapacité d’exprimer toute
souffrance. La victime fait appel à deux mécanismes de défense certes primitifs,
mais très efficaces dans son cas. Le premier mécanisme est le déni, il déni alors
ses émotions dans la crainte qu’elles soient interprétées entant que faiblesse et
tente de les dévier vers des comportements de contrôle: froideur, détachement
émotionnel, distance affective…
Cette transformation en «Look déshumanisé» représente le point-clé du
diagnostic. Comme si la victime se protégeait d’une carapace, afin de conserver
son intégrité psychique qui va lui permettre de réaliser son travail, mais sans
implication relationnelle.
Le clivage est le deuxième processus de défense par lequel le sujet
dépersonnalisé clive et sépare ses contraintes professionnelles de sa vie
personnelle, de sorte qu’il remplit ses fonctions à la perfection, mais d’une
façon mécanique. Le clivage est utilisé ici comme une sorte de filtre qui a pour
fonction la protection de la personne.
276
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
Burnout: Enjeux diagnostiques et thérapeutiques
277
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
Burnout: Enjeux diagnostiques et thérapeutiques
278
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
Burnout: Enjeux diagnostiques et thérapeutiques
travers l’entreprise de tout ce qui se présente à lui, tout ce qui lui offre la
moindre valeur.
- La mentalité du sauveur: est plus fréquente chez les professionnels de
relation d’aide dont l’altruisme prend le pas sur les intérêts personnels. Le désir
de servir l’autre, même au détriment de la capacité individuelle, est une source
de satisfaction narcissique.
- Le manque de réalisme : il semble que la future victime du Burn-out a une
conception idéaliste de son travail, alors que la pratique est tout à fait loin de
cette idéalisation. Il s’agirait probablement d’une forme «d’idéal du moi»
acquise auprès des parents particulièrement exigeants pour leur enfant (Pines,
1982; Kanner, 1981).
- La notion de la «hardiesse» (Feudenberg, 1974): qu’on peut traduire par
endurance, solidité, robustesse psychique…aurait une influence sur l’apparition
du Burn-out. Ces personnes répondant à ces traits de personnalité résisteraient
mieux aux divers stress.
- L’absence de ressourcement affectif et social: la victime du Burn-out ne
s’accorde ni repos ni ressourcement, elle gère mal sa vie privée, familiale et
sociale. Elle consacre peu de temps à elle-même, ce qui contribue à
l’épuisement, qui pourrait être conçu dans ce cas, comme une faillite dans la
gestion des énergies personnelles (Feudenberg, 1974).
B- Déterminants professionnels
On a le plus souvent une surcharge du travail, par contre l’effectif du
personnel est très réduit. Certains facteurs professionnels sont liés au Burn-out:
- Les pressions administratives et la présence d’un chef tyrannique.
- Le manque de moyens, du temps, du respect et de la reconnaissance.
- L’atmosphère générale du travail est chargée de conflits de valeurs/éthique,
et les conflits avec les collègues. Ce qui provoque l’absence de communication
horizontale entre les collègues et verticale entre l’employé et l’administration.
10- Les conséquences du Burn-out (Ballester, 2016)
279
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
Burnout: Enjeux diagnostiques et thérapeutiques
280
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
Burnout: Enjeux diagnostiques et thérapeutiques
281
ARAB JOURNAL OF PSYCHOLOGY,Volume 4, Issue 1, Summer 2019
Burnout: Enjeux diagnostiques et thérapeutiques
References
Bugel, P. (2005). Le Burn-out. Cahier du Bunout, santé conjugée. N° 32, pp. 33-36.
Brzychcy, C. (2004). Comment faire émerger l’âme d’une équipe?. Médecine palliative:
soins du support - accompagnement – éthique, vol 3, issue1, pp. 19-21.
Dictionnaire anglais «collins english definition – thesaurus».
Feudenberg, H. J. (1974). Staff burn-out. Journal of social issues, 30 (1) pp. 159-165.
Freudenberger, H. J.. (1987). L’épuisement professionnel: la brûlure interne. Québec:
Gaetan Editeur.
Larouch Léon, M. (1985). Manifestations cliniques du Burn-out chez les médecins, santé
mentale au Québec. X, 2, 145 – 150.
Mazlach, C. (1996). The Maslach Burn-out inventory, Consulting Psychologists Press Inc,
Palo Alto. 3 edition.
Mazlach, C., & Jackson S. (1982). Burnout in health professions: a social psychological
analysis, in Sanders G.S and Suls J (Eds), Social Psychology of Health and Illness. London,
Laurence Erlbaum Associates.
Murray, J.E., Linzer M. et al. (2000). The work lives of women physicians results from the
physician work life study. The sgil career satisfaction study group. J Gen Interm Med. 15 (6),
pp. 372 – 80.
Pines, A. & Kanner A.D. (1982). Nurses´burnout: lack of positive conditions and presence of
negative positions as two independent sources of stress. Journal of psychosoc. Nurs. Mental
Health Serv. 20, 8, pp. 30 – 35.
Selye, H. (1975). Le stress de la vie: le problème de l’adaptation. Les essais. N°192.
Gallimard.
Folkman, S. & Lazarus, R.S (1984). Stress, apparaisal and coping. New York. Spring.
Schaufeli, W.B. and Enzmann, D. (1998), The Burnout Companion to Study and Research: A
Critical Analysis, Taylor & Francis, London.
282