You are on page 1of 2

‫آثار التبعية المالية على واقع األمة‬

‫بقلم ‪ :‬هايل عبد المولى طشطوش‬


‫من الصعب القول بان أمه تتمتع بكامل سيادتها واستقاللها إذا لم تكن سيادتها‬
‫مبسوطة على أدواتها المالية ومؤسساتها االقتصادية ومن إدراج خزائنها تخرج‬
‫الخطط والبرامج االقتصادية التي تسير وفقها مجريات حياتها اليومية ‪ ،‬التبعية‬
‫االقتصادية والمالية هي اشد فتكا وأعظم بالء من التبعية السياسية الن المال عصب‬
‫قيام الدول واستقرارها سياسيا واجتماعيا ‪ ،‬والناظر في الواقع المالي المتنا العربية‬
‫واإلسالمية يدرك وبال شك أنها ما زالت وعلى الرغم من األرقام المذهلة لكميات‬
‫األموال التي تمتلكها تابعه بشكل أو بآخر للمؤسسات المالية الدولية أو للجهات‬
‫الكبرى المسيطرة على زمام األمور االقتصادية في النظام الدولي ‪ ،‬والتبعية المالية‬
‫المتنا ترجع في غالب أسبابها إلى المديونية الكبيرة التي تعاني منها الدول العربية‬
‫واإلسالمية مما يقيدها ويجعلها أسيرة لسياسات المؤسسات المالية الكبرى كالبنك‬
‫الدولي وصندوق النقد الدولي وغيرها من أدوات ومؤسسات المال في العالم ومع‬
‫تنامي ظاهرة العولمة تفاقمت األمور أكثر فأكثر حيث بدأت حركات اإلصالح‬
‫السياسي في الدول العربية واإلسالمية تظهر بوضوح استجابة لمتطلبات العولمة‬
‫وهذا اإلصالح ال شك انه مرتبط ارتباطا وثيقا بالمال واالقتصاد فعمليات اإلصالح‬
‫الشاملة التي تبنتها كثير من الدول العربية واإلسالمية تطلبت رؤوس أموال ضخمة‬
‫للنهوض بها وهو ما لم تستطع أن توفره غالب الدول اإلسالمية إال من خالل اللجوء‬
‫إلى االستدانة من المؤسسات المالية العالمية مما عمق التبعية المالية لها والتي هي‬
‫موجودة أصال من قبل ومنذ زمن االستعمار الذي زرع بذور التخلف السياسي‬
‫واالقتصادي واالجتماعي وغادر ‪ ،‬لذلك بقيت التنمية ضعيفة في هذه الدول وتحتاج‬
‫إلى االنضواء واالنطواء تحت جناح المؤسسات المالية الدوليه واالنغماس في التبعية‬
‫لها حتى العنق ‪ ،‬كل ذلك خلق لدولنا العربية واإلسالمية ما يسمى بمشكلة الديون‬
‫والتي تعاني منها كل الدول حتى الغنية منها وذلك ألنها صدرت أموالها إلى خزائن‬
‫دول المركز المهيمنة على االقتصاد الدولي وجعل هذه األموال رهينة بيدها خاضعة‬
‫للظروف السياسية والى تطورات وتغيرات العالقات الدولية وهناك شواهد كثيرة‬
‫على قدرة الدول القوية على السيطرة على هذه األموال واحتجازها لمجرد حدوث‬
‫تغير في سياسة هذه الدولة او تلك وهو ما حصل مع ليبيا والعراق وإ يران ‪...‬‬
‫وغيرها ‪،‬ناهيك عن قدوم االستعمار االقتصادي إلى األرض العربية واإلسالمية‬
‫بثوب جميل وبحلة جديدة اسمها الشركات المتعددة الجنسية والتي ليس لها هم سوى‬
‫تحقيق األرباح وتركيم رؤوس األموال على حساب الشعوب وحقوقها ودون مراعاة‬
‫لقيم او مبادئ دولية تحكم السلوكيات والتصرفات ‪ ،‬وال شك ان كل ذلك كان له آثار‬
‫سيئة على واقع اإلنسان في هذه البالد أولها معاناته من البطالة والفقر والحاجة‬
‫وبالتالي انخفاض اإلنتاج وانعدام االستثمار الناجم عن انعدام الطلب االستهالكي‬
‫النشط او الفعال والذي يدل على وجود الروح االقتصادية الحية في المجتمع حيث‬
‫ارتفعت معدالت البطالة وزادت نسب الفقر واألمية والجهل وإ حداث المزيد من‬
‫االختالالت في توزيع الدخل وتعاظم الهوة بين طبقات المجتمع‪ .‬مما انعكس سلبا‬
‫على الظروف االجتماعية عامة وبالتالي على االستقرار السياسي في هذه الدول ‪.‬‬
‫ولمعرفة واقع الحالي يكفي النظر في حجم األموال العربية واإلسالمية المهاجرة‬
‫حيث ذكرت إذاعة البي بي سي البريطانية في احد التقارير ‪ ...‬أن األموال العربية‬
‫في البنوك الغربية واألمريكية اربعة عشر ألف مليار دوالر ‪ ..‬يستثمر منها مليار‬
‫واحد فقط في الدول العربية‪ ..‬كما قدر مصرفيون سويسريون حجم األموال العربية‬
‫الموجودة في البنوك السويسرية بما يزيد على ‪ 400‬مليار دوالر‪ ،‬أي أكثر من ‪10‬‬
‫‪ %‬من إجمالي األموال المتوافرة في هذه المصارف والتي تبلغ ‪ 3.7‬تريليون‬
‫دوالر‪ .‬فما بال هذه األموال لو تم استثمارها في األرض العربية واإلسالمية فكم‬
‫ستعطي من نتائج ايجابية على واقع التنمية في هذه البالد؟؟؟؟؟‪.‬‬

You might also like