من الصعب القول بان أمه تتمتع بكامل سيادتها واستقاللها إذا لم تكن سيادتها مبسوطة على أدواتها المالية ومؤسساتها االقتصادية ومن إدراج خزائنها تخرج الخطط والبرامج االقتصادية التي تسير وفقها مجريات حياتها اليومية ،التبعية االقتصادية والمالية هي اشد فتكا وأعظم بالء من التبعية السياسية الن المال عصب قيام الدول واستقرارها سياسيا واجتماعيا ،والناظر في الواقع المالي المتنا العربية واإلسالمية يدرك وبال شك أنها ما زالت وعلى الرغم من األرقام المذهلة لكميات األموال التي تمتلكها تابعه بشكل أو بآخر للمؤسسات المالية الدولية أو للجهات الكبرى المسيطرة على زمام األمور االقتصادية في النظام الدولي ،والتبعية المالية المتنا ترجع في غالب أسبابها إلى المديونية الكبيرة التي تعاني منها الدول العربية واإلسالمية مما يقيدها ويجعلها أسيرة لسياسات المؤسسات المالية الكبرى كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي وغيرها من أدوات ومؤسسات المال في العالم ومع تنامي ظاهرة العولمة تفاقمت األمور أكثر فأكثر حيث بدأت حركات اإلصالح السياسي في الدول العربية واإلسالمية تظهر بوضوح استجابة لمتطلبات العولمة وهذا اإلصالح ال شك انه مرتبط ارتباطا وثيقا بالمال واالقتصاد فعمليات اإلصالح الشاملة التي تبنتها كثير من الدول العربية واإلسالمية تطلبت رؤوس أموال ضخمة للنهوض بها وهو ما لم تستطع أن توفره غالب الدول اإلسالمية إال من خالل اللجوء إلى االستدانة من المؤسسات المالية العالمية مما عمق التبعية المالية لها والتي هي موجودة أصال من قبل ومنذ زمن االستعمار الذي زرع بذور التخلف السياسي واالقتصادي واالجتماعي وغادر ،لذلك بقيت التنمية ضعيفة في هذه الدول وتحتاج إلى االنضواء واالنطواء تحت جناح المؤسسات المالية الدوليه واالنغماس في التبعية لها حتى العنق ،كل ذلك خلق لدولنا العربية واإلسالمية ما يسمى بمشكلة الديون والتي تعاني منها كل الدول حتى الغنية منها وذلك ألنها صدرت أموالها إلى خزائن دول المركز المهيمنة على االقتصاد الدولي وجعل هذه األموال رهينة بيدها خاضعة للظروف السياسية والى تطورات وتغيرات العالقات الدولية وهناك شواهد كثيرة على قدرة الدول القوية على السيطرة على هذه األموال واحتجازها لمجرد حدوث تغير في سياسة هذه الدولة او تلك وهو ما حصل مع ليبيا والعراق وإ يران ... وغيرها ،ناهيك عن قدوم االستعمار االقتصادي إلى األرض العربية واإلسالمية بثوب جميل وبحلة جديدة اسمها الشركات المتعددة الجنسية والتي ليس لها هم سوى تحقيق األرباح وتركيم رؤوس األموال على حساب الشعوب وحقوقها ودون مراعاة لقيم او مبادئ دولية تحكم السلوكيات والتصرفات ،وال شك ان كل ذلك كان له آثار سيئة على واقع اإلنسان في هذه البالد أولها معاناته من البطالة والفقر والحاجة وبالتالي انخفاض اإلنتاج وانعدام االستثمار الناجم عن انعدام الطلب االستهالكي النشط او الفعال والذي يدل على وجود الروح االقتصادية الحية في المجتمع حيث ارتفعت معدالت البطالة وزادت نسب الفقر واألمية والجهل وإ حداث المزيد من االختالالت في توزيع الدخل وتعاظم الهوة بين طبقات المجتمع .مما انعكس سلبا على الظروف االجتماعية عامة وبالتالي على االستقرار السياسي في هذه الدول . ولمعرفة واقع الحالي يكفي النظر في حجم األموال العربية واإلسالمية المهاجرة حيث ذكرت إذاعة البي بي سي البريطانية في احد التقارير ...أن األموال العربية في البنوك الغربية واألمريكية اربعة عشر ألف مليار دوالر ..يستثمر منها مليار واحد فقط في الدول العربية ..كما قدر مصرفيون سويسريون حجم األموال العربية الموجودة في البنوك السويسرية بما يزيد على 400مليار دوالر ،أي أكثر من 10 %من إجمالي األموال المتوافرة في هذه المصارف والتي تبلغ 3.7تريليون دوالر .فما بال هذه األموال لو تم استثمارها في األرض العربية واإلسالمية فكم ستعطي من نتائج ايجابية على واقع التنمية في هذه البالد؟؟؟؟؟.