You are on page 1of 100

‫اعبمهورية اعبزائرية الدديقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم والعارل والبحث العلمي‬


‫جامعة ابن خلدوف – تيارت–‬
‫كلية العلوـ اإلنسانية واإلجتماعية‬
‫قسم العلوـ اإلنسانية‬
‫شعبة التاريخ‬

‫مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماستر في تاريخ الحضارات القديمة‬

‫الديانة البوذية التعاليم والمبادئ‬


‫(دراسة تاريخية)‬
‫تحت إشراف‪ :‬د‪.‬قفاؼ البشَت‬
‫إعداد الطلبة‪:‬‬
‫‪‬بلمكي علي‬
‫‪‬بوحوص حوسُت‬
‫‪‬سويدي مرمي‬

‫لجنة المناقشة‪:‬‬
‫اؼبؤسسة‬ ‫الصفة‬ ‫اإلسم واللقب‬
‫جامعة ابن خلدوف – تيارت ‪-‬‬ ‫رئيسا‬ ‫أ‪.‬ة‪.‬حجاج قباة‬

‫جامعة ابن خلدوف – تيارت ‪-‬‬ ‫مشرفا ومقررا‬ ‫د‪ .‬قفاؼ البشَت‬

‫جامعة ابن خلدوف – تيارت ‪-‬‬ ‫مناقشا‬ ‫د‪ .‬ضبادوش بوػبراص‬

‫اؼبوسم اعبامعي‪2022 :‬ـ‪2022-‬ـ‪.‬‬


‫‪ -‬قَالَ تَعَالَى‪:‬‬

‫ورةَ هَود{ َ‬
‫}آلاية‪ ،88 :‬سَ َ‬
‫العَظَيم‪.‬‬ ‫هللا‬ ‫صَدَقَ‬
‫الشكر والتقدير‬
‫بسم ا﵀ الرحمن الرحيم‬

‫"يرفع ا﵀ الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات وا﵀ بما تعملون خبير"‬

‫الحمد ﵀ والشكر لو على فضلو ‪ ،‬وعلى توفيقو لنا في إنجاز ىذا العمل‬

‫المتواضع"‬

‫نتقدم بخالص الشكر و التقدير إلى األستاذ المشرف على كل من قدم لنا من‬

‫نصائح وتوجييات حرصا منو على إنجاز ىذا البحث وتقديمو بالصورة المطلوبة‬

‫فجزاه ا﵀ خيرا كما ال يفوتنا أن نخص بالشكر واإلمتنان لألىل الذين قدموا لنا‬

‫يد المساعدة ‪،‬و ساندونا في كل خطوة فتحدينا الصعاب‪،‬وكل التحية واإلمتنان‬

‫إلى من ساعدنا في إنجاز ىذا البحث من قريب او بعيد و نخص بالذكر‬

‫" عتو بن علي "‬


‫إهداء‪:‬‬
‫بسم ا﵀ الرحمن الرحيم‬
‫ِ‬ ‫ك َر نِ ْع َمتَ َ‬ ‫ِ‬
‫أَن اَ ْع َملَ‬
‫ىو َ‬‫ي َو عَلَى َوالدَ ّ‬
‫ت عَلَ َّ‬
‫أَن َع ْم َ‬
‫ك اَلتي ْ‬ ‫أَن اَ ْش ُ‬
‫ي َ‬ ‫أَوزِ ْعن َ‬
‫ب ْ‬ ‫﴿ َر ِّ‬
‫ين ﴾‬ ‫اد َ ِِ‬ ‫ك فِي ِعب ِ‬
‫أَدِخْلنِي بَِر ْح ًمتِ َ‬ ‫ِ‬
‫ك الصَّالح ْ‬ ‫َ‬ ‫ضاهُ َو ْ‬ ‫صال ًحا تَ ْر َ‬
‫َ‬
‫اآلية ‪91‬من سورة النمل‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫﵀ الحمد و المنة على نعمة اإلسالم والسنة ‪،‬نحمد ا﵀ ونشكره على أن وفقنا‬
‫بمنو وفضلو وكرمو‪ ،‬الحمد ﵀ الذي أعانني على إتمام ىذا البحث‪ ،‬عسى أن‬
‫يمثل ف ائدة لغيرنا‪ ،‬و ال يسعني إال أن أسجد ﵀ شكراً وحمداً على توفيقو لي‪،‬‬
‫علي بعد ا﵀ سبحانو كل جميل وحسن صنيع‪.‬‬
‫وأذكر ألىل الفضل ّ‬
‫ليس ثم ة تعبي ر أق وى تأثيرا من كلمة شك ر أقوليا اعتراف ا ب الجمي ل‪ ،‬حيث أتوج و‬
‫بخال ص الشك ر إلى ‪:‬‬
‫*من ق ال فييم ذو العزة " و اخلص ليم جناح الذل من الرحمة و ق ل ربي ارحميما‬
‫صغيرا"‪....‬والدي أطال ا﵀ عمرىما‪.‬‬
‫ّ‬ ‫كما ربياني‬
‫* أستاذي المشرف الدكتور قف اف البشير‪،‬الذي أمد لي يد العون و النصيحة‬
‫والمساعدة و كل أساتذة مشواري الدراسي ‪.‬‬
‫ف ألف ألف شكر لكل ىؤالء…‬

‫حوسين‬
‫إىداء‪:‬‬
‫أىدي شبرة جهدي وما جنيتو من أتعاب وما حصدتو من سنوات الدراسة إذل ما مها قدويت ومثلي األعلى يف‬
‫اغبياة الوالدين الكرديُت إذل من جعلها رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم سبيلي إذل اعبنة ورمز اغبب واغبناف‬
‫وحبيبة قليب أمي الغالية أطاؿ اهلل عمرىا "خَتة"‪ .‬أمي ىي نبض قليب واغبياة يف دنييت ونور عيٍت والعمر ىي‬
‫كنزي اغبقيقي وجنة خلقها اهلل ألجلي اللهم يا مدمي النعم أدـ علي نعمتك أمي ىي عيٍت اليت أرى هبا الدنيا‬
‫ىي قليب الذي ينبض يف أيامي اعبميلة لن أجد أوىف من قلب أمي أبدا فقلبها الوحيد الذي ينسى نفسو‬
‫ويتذكرنا إذل أيب ياصاحب القلب الكبَت ياصاحب الوجو اؼبنَت وتاج الزماف وصدر اغبناف أنت اغببيب الغارل‬
‫وأنت األب اؼبثارل وأنت األمَت‪ ،‬لو كاف للحب وساما فأنت بالوساـ جدير يا صاحب القلب الكبَت أيب‬
‫"عبدالقادر" دمت عزيزي وعزيت فأنت ملجئي بعد اهلل طاب بك العمر وطبت رل عمرا يا أيب اللهم أطل يف‬
‫عمر أيب وأسعد قلبو وفرج عنو كل ىم ويسر لو أمره يارب إين أحبو حبا ال يعلمو سواؾ فاحفظو رل يا كرمي‪.‬‬
‫أمي "ال تقدر بثمن" وأيب "لن يكرره الزمن"‪ .‬أىدي قباحي إذل أخيت "ناردياف" إهنا أخيت الوحيدة وسندي يف‬
‫الدنيا فاحفظها رل وأسعد قلبها وقرب ؽبا اػبَت حيث كاف ريب حيفظكوخيليك لينا يارب كما أىدي قباحي إذل‬
‫"خالد" الذي ىو السند والظهر الذي ال ينكسر ىو رفيق الدرب ونعمة من اهلل فاحفظو واجعل لو من كل فرح‬
‫نصيب إذل بنات أخي "ناردياف" و"قمر لياؿ" ريب حيفظكم وحيميكم ويوفقكم ويسهل أموركم ‪ .‬إذل أبناء أخيت‬
‫"زوبَت"و"ملك" ىم قطعة من قليب وأغلى شيء حبيايت اهلل حيفظهم وحيميهم‪ .‬إذل زوجة أخي اليت كانت سندا رل‬
‫يف مساري اعبامعي قاظبتٍت اغبياة حلوىا ومرىا وشاركتٍت السعادة يف غبظاهتا ريب حيفظك وخيليك لينا يارب‪.‬‬
‫كما اىدي قباحي إذل أخي "عومر"الذي ىو النور اؼبضيء يف حيايت والسند القوي ىو األماف ونعمة من عند‬
‫اهلل تعاذل فاحفظو واجعل لو من كل فرح نصيب إذل إبنو "رياف" وزوجتو ريب حيفظهم وحيميهم ويوفقهم‪ .‬إذل‬
‫أخي "العبادي" ىو سندي ورفيق الدرب ىو روح اغبياة واغبياة من غَت أخ ال طعم ؽبا وال لوف ىو نعمة من اهلل‬
‫فاحفظو واجعل لو من كل فرح نصيب نصيب وكذلك ال أنسى عمايت وأعمامي وصبيع أبنائهم ‪،‬أيضا خااليت‬
‫وأخوارل وأبنائهم وبنت خارل "بلقيس" وبنت خاليت "فاطمة" وبنت عمي "سهيلة" لكم كل اغبب واإلحًتاـ‬
‫والتقدير والنجاح والتوفيق يف حياتكم‪ .‬كذلك ال أنسى خارل عابد أنت األخ والرفيق والصديق والقلب اغبنةف‬
‫اللهم أرزقو السعادة الغامرة واجعل حياتو مليئة بالفرحة العامرة واصلح كل أحوالو الباطنة والظاىرة وارزقو خَت‬
‫الدنيا واآلخرة ‪ .‬وكذلك إذل أعز أصدقائي ليندة وفاطمة ومرمي وأمينة ‪.‬وأتقدـ بعد ذلك خبالص الشكر والتقدير‬
‫إذل أستاذنا اؼبشرؼ "قفاؼ" عرفانا لو على قبولو اإلشراؼ واؼبتابعة على ىذه اؼبذكرة وعلى توجيهاتو الثمينة يف‬
‫ربضَت وإعداد ىذا العمل ونتمٌت لو كل التوفيق والنجاح يف عملو إف شاء اهلل‪ .‬وأتقدـ خبالص الشكر واإلمتناف‬
‫مريم‬ ‫الكبَت إذل أعضاء عبنة اؼبناقشة‪.‬‬
‫إىداء‪:‬‬

‫في البداية أتقدم بأسمى آيات الشكر والتقدير واالمتنان إلى‬

‫أصحاب الفضل علي ؛ وكل من ساىم في دعمي في عملي‬

‫وتعليمي خالل مراحل حياتي الصعبة " أمي و زوجتي " أي شكر‬

‫وأي كلمات توفييم حقيم الذين كانوا معي دائما بدعواتيم‬

‫ودعميم السخي ودعميم المعنوي الذي كلما تذكرتو‬

‫أعطاني حافزا قويا نحو التعليم‬

‫أنتم من ساندني وشجعني‬

‫للعلم وكنتم السند المتين ؛ والدرع األصيل كنتم دائما تتمنوا‬

‫أن تروني في مكان يليق بي وبكم وأنا أرفع قبعات النجاح‬

‫ابتياجا وىا أنا بفضل ا﵀ ثم بفضلكم قد وصلت‬

‫شكرا لكم من األعماق‬

‫علي‬
:‫ممخص‬

‫ىدفت ىذه الدراسة الى التعرف عمى الديانة البوذية التي نشأت في اليند و انتشرت الى جنوب‬

‫ بحيث تناولنا نشأتيا و تاريخيا و تحدثنا عن مؤسس‬، ‫و شرق اسيا و العديد من المناطق‬

‫ىاتو الديانة " بوذا" و تعاليمو و الكتب البوذية ثم انتقمنا الى التعرف عمى مختمف الطقوس‬

‫التي تمارس فييا العبادات و اآللية و العقائد التي قامت عمييا ىاتو الديانة و ذكرنا مناطق‬

. ‫انتشارىا و أىم الفرق البوذية‬

‫ العقائد‬، ‫ الطقوس‬، ‫ البرىمية‬، ‫ بوذا‬: ‫الكممات المفتاحية‬

Abstract
This study aimed to identify the Buddhist religion that originated in India
and spread to South and East Asia and many regions, so that we
addressed its origin and history and talked about the founder of this
religion. "Buddha" and his teachings and Buddhist books then we moved
to learn about the various rituals in which worships, gods and beliefs on
which these religions were based and we mentioned the areas of their
spread and the most important Buddhist teams.

Keywords: Buddha, Barhama, Rites, Doctrines


‫قائمة المختـصرات‬
‫قائمة المختصرات باللغة العربية‪:‬‬

‫الكلمة‬ ‫المختصر‬ ‫الكلمة‬ ‫المختصر‬


‫صفحة‬ ‫ص‬ ‫جزء‬ ‫ج‬
‫د ت‪ /‬د س دوف تاريخ‪ /‬سنة‬ ‫طبعة‬ ‫ط‬
‫باب‬ ‫ب‬ ‫دوف طبعة‬ ‫دط‬
‫تعريب‬ ‫تعر‬ ‫ؾبلد‬ ‫مج‬
‫ؾبموعة صفحات‬ ‫صص‬ ‫ربقيق‬ ‫تح‬
‫ديواف اؼبطبوعات اعبامعية‬ ‫د‪.‬ـ‪.‬ج‬ ‫تقدمي‬ ‫تق‬
‫الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‬ ‫ش‪.‬و‪.‬ف‪.‬ت‬ ‫عدد‬ ‫ع‬
‫دون جزء‬
‫دج‬ ‫ترصبة‬ ‫تر‬
‫قائمة المختصرات باللغة األجنبية‪:‬‬

‫الكلمة‬ ‫المختصر‬
‫‪Page‬‬ ‫‪P‬‬
‫‪Numéro‬‬ ‫‪N‬‬
‫مقدمة‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫مقدمة ‪:‬‬
‫البوذية إحدى أدياف اؽبند الكربى‪ ،‬حيث تقوـ على التجرد من الشهوات واآلالـ‪ ،‬وقد أحيط‬
‫مؤسسها بقصص وأساطَت وخرفات‪ ،‬إعتربىا بعض الباحثُت فلسفة يف اغبياة أقرب منها إذل الدين‬
‫كما تعترب أيضا خروجا عن الربامهة‪ ،‬فقد أدى نظاـ الطبقات واإلستبداد عند الربامهة إذل اإلحساس‬
‫بالظلم عند الطائفة الكشتاريا‪ ،‬فأدى ىذا اإلحساس اػبروج من الربامهة إذل البوذية‪.‬كما تعد ىذه‬
‫األخَتة األقرب إذل فلسفة اغبياة منها إذل الدين حيث ال تؤمن باإللو وتقوـ على التجرد والزىد‬
‫زبليصا من الشهوات واألدل وطريقا كبو الفناء التاـ‪ ،‬وىي ؾبموعة اآلراء الفلسفية والدينية اليت نشأت‬
‫عن تعاليم بوذا‪ ،‬وأساسها القوؿ بأف حياة اإلنساف شر وأدل وأف التخلص منها إمنا يتم باإلدماج يف‬
‫الوحدة الشاملة وىي "النَتفانا"‪ ،‬وسبيل ذلك الزىد وؿباربة الرغبات والشهوات كما تقوـ بالتناسخ‬
‫ومبدأ السببية ‪.‬‬

‫ويرجح تاريخ ظهور الديانة البوذية حوارل القرف اػبامس والسادس قبل اؼبيبلد ويعترب بوذا‬
‫مؤسسها وىو لقب ديٍت أطلق عليو ومعناه اؼبستنَت‪ ،‬واظبو الشخصي ىو "سدىارتا" ولد يف مدينة‬
‫صغَتة تقع بُت مدينة بنارس وجباؿ اؽبيمااليا‪ ،‬مشاؿ هنر الغانج اؼبقدس على حدود النيباؿ‪ .‬ولد سنة‬
‫( ‪ 085 -065‬ؽ‪.‬ـ) وكاف يعرؼ أيضا بػ ػػ"ساكياموين" ومعناه اؼبتعكف‪ .‬كما ظهرت البوذية يف‬
‫اؽبند وانتشرت تدرجييا يف ـبتلف أكباء آسيا لتشمل كل من التيبت وسيبلف والصُت والياباف‪...‬إخل‪.‬‬

‫ومن األسباب اليت دفعت بنا إلختيار ىذا اؼبوضوع ىو قلة الدراسات حولو باإلضافة إذل حب‬
‫اإلطبلع على إحدى الديانات الوضعية يف ىذا البلد وؿباولة إستكشافها والتعرؼ عليها‪ .‬كذلك أنو‬
‫موضوع شيق فيو الكثَت من اػبفايا تستوجب أننا نوضح بعض الغموض خاصة يف جانب طقوس‬
‫الديانة البوذية‪.‬‬

‫ومن ىنا نطرح اإلشكالية التالية‪:‬‬

‫‪ -‬مامدى تأثَت الديانة البوذية يف اؽبند الكربى خبلؿ حياة مؤسسها بوذا؟‬

‫وقد حاولنا من خبلؿ حبثنا ىذا أف قبيب على عدة أسئلة نذكر منها‪:‬‬

‫أ‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫‪ -‬من ىو بوذا؟‬

‫‪ -‬ماىي أىم فرؽ البوذية ومناطق إنتشارىا؟‬

‫‪ -‬ماىي أىم عقائدىا؟‬

‫ولئلجابة على ىذه اإلشكالية إتبعنا خطة حبث إحتوت على فصل سبهيدي وفصلُت‪ ،‬تناولنا يف‬
‫الفصل التمهيدي اؼبعنوف بػ ػ الديانة الربمهية حيث يندرج ربتو ثبلثة مباحث‪ ،‬فاؼببحث األوؿ ربت‬
‫عنواف أصل الربامهة ونشأهتم‪ ،‬أما الثاين بعنواف الكتب اؼبقدسة للديانة الربمهية وعقائدىا‪ ،‬والثالث‬
‫عنوانو العبادات يف الديانة الربمهية‪ .‬أما الفصل األوؿ فكاف ربت عنواف البوذية النشأة واإلنتشار‬
‫مقسما إذل ثبلثة مباحث حيث تناولنا يف اؼببحث األوؿ حياة بوذا‪ ،‬مث اؼببحث الثاين تطرقنا فيو إذل‬
‫تنظيم صباعة بوذا‪ ،‬لنختم ىذا الفصل باؼببحث الثالث واؼبعنوف ب ػ ػ الفرؽ البوذية ومناطق إنتشارىا‪ .‬أما‬
‫الفصل الثاين كاف ربت عنواف عقائد البوذية والذي تضمن ثبلثة مباحث كاف أوؽبا بعنواف اآلؽبة‬
‫وعقيدة النفس وعقيدة تناسخ األرواح‪ ،‬أما اؼببحث الثاين تناولنا فيو العبادة يف الديانة البوذية‪ ،‬حيث‬
‫إختتمنا ىذا الفصل باؼببحث الثالث بعنواف عقيدة النَتفانا وعقيدة الكارما‪.‬‬

‫أما اؼبنهج اؼبتبع يف حبثنا ىذا ىو اؼبنهج التارخيي التحليلي لدراسة الديانة البوذية ؼبا ؽبا من أمهية‬
‫خاصة ومعرفتها تدلنا على معرفة ثقافة وعقائد ىذه اغبضارة‪.‬‬

‫ومن أجل أف ننجز ىذا البحث يف أحسن صورة إستوجب علينا اإلعتماد على عدة مصادر ومراجع‬
‫نذكر منها‪" :‬أدياف اؽبند الكربى ألضبد شليب وأدياف العادل غببيب سعيد‪ ،‬كذالك دراسات يف األدياف‬
‫الوثنية القددية ألضبد علي عجيبة ودراسات يف اليهودية واؼبسيحية وأدياف اؽبند حملمد ضياء الرضبن‬
‫األعظمي مث مقارنة األدياف(دراسات يف عقائد ومصادر األدياف السماوية واألدياف الوضعية) لطارؽ‬
‫خليل السعدي‪ ،‬أيضا كتاب الفلسفة اؽبندية القددية لعبدالسبلـ خاف" ‪ .‬حيث أفادتنا ىذه الكتب يف‬
‫معرفة دراسة الديانة الربمهية وكذلك أىم كتبها و عقائدىا‪.‬‬

‫ب‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫أما الديانة البوذ ية فمن أبرز الكتب اؼبعتمدة عليها ىي "فكر اؽبند البَتثويتزر‪ ،‬اؼبوسوعة اؼبيسرة يف‬
‫األدياف واؼبذاىب واألحزاب اؼبعاصرة ؼبانع بن ضباد اعبهٍت‪ ،‬كذلك تاريخ األدياف القدمي لرؤوؼ‬
‫سبهاين‪ ،‬قصة بوذا لعبدالعزيز ؿبمد الزكي وقصة الديانات لسليماف مظهر‪ ،‬حيث أفادتنا ىذه الكتب‬
‫يف معرفة البوذية وكذلك حياة بوذا ونشأتو ووفاتو‪ .‬أما عقائد الديانة البوذية إعتمدنا على ؾبموعة من‬
‫الكتب أال وىي" قصة اغبضارة لويل ديورانت‪ ،‬الفكر الشرقي القدمي عبوف كولر‪ ،‬اؽبند القددية‬
‫حضارهتا وديانتها حملمد إظباعيل الندوي‪ ،‬واؼبوجز يف األدياف واؼبذاىب لؤلب صربي اؼبقدسي وكتاب‬
‫مقارنة األدياف (الديانات القددية) حملمد أبو الزىرة‪ ،‬كذلك الدين يف اؽبند والصُت وإيراف ألبكار‬
‫األسقاؼ والفلسفة الشرقية حملمد غبلب واؼبعتقدات الدينية لدى الشعوب عبفري بارندر‪ ،‬والبوذية‬
‫تارخيها وعقائدىا وعبلقة الصوفية هبا لعبداهلل مصطفى نومسوؾ‪ ،‬وأسرار اآلؽبة ؼبيغوليفسكي كذلك‬
‫مقارنة األدياف حملمد أضبد اػبطيب وكتاب البوذية لدامياف كيوف والبوذية لكلود لفنسوف حيث أفادتنا‬
‫ىذه الكتب يف معرفة اآلؽبة والعبادة للديانة البوذية‪.‬‬

‫أما أىم الصعوبات اليت واجهتنا يف حبثنا ىذا عدـ التحكم يف اللغة اإلقبليزية واليت ىي أساس مراجعنا‬
‫يف ىذا البحث واإلكتفاء بالكتب اؼبًتصبة اليت أحاطت باؼبوضوع إذل حد ما‪.‬‬

‫كذلك قلة اؼبصادر وندرهتا لدراسة البوذية وأىم عقائدىا باإلضافة إذل صعوبة اؼبوضوع ودراستو‬
‫وأمهيتو وكذلك تشابو اؼبادة العلمية يف ـبتلف اؼبراجع‪.‬‬

‫ت‬
‫الفصل التمهيدي‪:‬‬
‫الديانة البرىمية‬ ‫الفصل التمهيدي‪:‬‬
‫‪ -1‬المبحث األول‪ :‬أصل البراىمة ونشأتهم‬

‫‪ -‬أصل البراىمة‪:‬‬
‫‪ -‬براىما )‪:(Brahma‬‬

‫إلو ىندوسي‪ :‬ىو اػبالق اؼبتجسد للعادل ‪ ،‬ويف الفكر اؽبندي التقليدي حبيث يكوف اآلؽبُت‬
‫الكبَتين اآلخرين‪ ،‬فيشنو وشيفا مع برامها ثالوثا إؽبيا‪ ،‬كما ينظر إذل برامها على أنو إلو الذي يشمل‬
‫كل شيء وىو إسم لئللو الواحد‪ ،‬وراء كل أظباء اآلؽبة اؼبستخدمة يف اللغة السنسكريتية‪.1‬‬

‫وكلمة برامها يف اللغة السنسكريتية معناىا إسم إلو اػبالق الذي تنسب إليو تلك النحلة اؽبندية‪.2‬‬

‫‪ -‬بَـ ْرَى ْم‪ :‬دبعٌت أداـ النظر مع سكوف الطرؼ ويقاؿ برىم إليو‪.3‬‬
‫‪ -‬الب ِ‬
‫راىمة‪ :‬طائفة ال جيوزوف على اهلل تعاذل بعث الرسل‪.4‬‬‫َ‬
‫‪ -‬البراىمة‪:‬‬

‫قبيلة باؽبند من ولد "برىم" ملك قدمي من ملوكهم‪ ،‬ويقيم الربامهة أفكارىم للنبوات على حجج‬
‫عقلية‪ ،‬ففي رأيهم أنو ال يليق باهلل أف يرسل رسبل يعلموف أف أكثر الناس ال يصدقوهنم‪ ،‬فهذا عبث‬
‫وتعنت‪ ،‬كما أنو أوذل بو‪.5‬‬

‫‪ -1‬سهيل زكار‪ ،‬اؼبعجم اؼبوسوعي للديانات والعقائد واؼبذاىب والفرؽ والطوائف والنحل يف العادل منذ فجرالتاريخ حىت‬
‫العصراغبارل‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪ ،1‬دارالكتاب العريب‪ ،‬دمشق‪ ،‬القاىرة‪1997 ،‬ـ‪ ،‬ص‪.175‬‬
‫‪ -2‬إبراىيم ؿبمد إبراىيم‪ ،‬األدياف الوضعية يف مصادرىا اؼبقدسة وموقف اإلسبلـ منها‪ ،‬ط‪ ،1‬مطبعة األمانة‪ ،‬مصر‪1985 ،‬ـ‪،‬‬
‫ص‪.82‬‬
‫‪ -3‬ؾبمع اللغة العربية‪،‬اؼبعجم الوسيط ‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪ ،1‬مطابع الدار اؽبندسية‪ ،‬د ب ف‪1958 ،‬ـ‪ ،‬ص‪.54‬‬
‫‪ -4‬الفَتوزأبادي‪ ،‬القاموس احمليط‪ ،‬د ط‪ ،‬مج ‪ ،1‬دار اغبديث‪ ،‬القاىرة‪2008 ،‬ـ ‪ ،‬ص‪.125‬‬
‫‪ -5‬عبداغبليم عويسي‪ ،‬ابن حزـ األندلسي‪ -‬وجهوده يف البحث التارخيي واغبضاري‪ ،‬ط‪ ،2‬الزىراء لئلعبلـ العريب‪ ،‬القاىرة‪،‬‬
‫‪1988‬ـ‪ ،‬ص‪.326-325‬‬
‫~‪~5‬‬
‫الديانة البرىمية‬ ‫الفصل التمهيدي‪:‬‬
‫والربامهة من نسل برمهاف وىو ملك ومًتىب وعادل عقد ؾبمعا من اغبكماء ‪ ،‬وسن دبعونتهم‬
‫قواعد الدين ووضع نظرية األدوار الفلكية ويف قوؿ برمهاف‪":‬أف عمر العادل ‪ 00555‬دور حيث يقدر‬
‫كل دور ب ػ‪ 06555‬سنة" أي العادل ينمو ويتسع يف األدوار األوذل مث يضمر ويتضائل وتبطل حركتو‬
‫يف األدوار األخَتة‪.1‬‬

‫ب‪ -‬نشأة البراىمة‪:‬‬


‫الربمهية ىي اليت إتبعها والتزـ هبا اآلريوف‪ ،‬الذين وفدوا إذل اؽبند قبل ميبلد اؼبسيح بألفي سنة تقريبا‬
‫كما تعد الويدات من أىم كتبها ‪،‬وظبيت بذلك ألف قيادهتا وحقوؽ تشريعها على يد طبقة الربامهة‬
‫الذين كاف يعتقد على أهنم اآلؽبة يف األرض‪ ،‬حيث يتصلوف بالعنصر اإلؽبي برامها وتسمى بأظباء‬
‫أخرى وىي‪:‬‬

‫* "أَْريَ َاد ىرما")‪ (Aryad harma‬وىي ديانة اآلريُت عند قدومهم إذل اؽبند‪.‬‬

‫"الويدية" )‪ (Vedic Religion‬ديانة أسفار الويدات ‪،‬اليت تعد الكتب اؼبقدسة ؽبا‪.‬‬
‫* َ‬
‫"الويدانْتية" وىي األبنشكات من كتبها اؼبقدسة‪.‬‬
‫* َ‬
‫* "اإلرشية" ىي ديانة اإلرشيُت ‪،‬وىم اغبكماء واؼبعلمُت الربمهُت‪.2‬‬

‫وأطلق عليها الربمهية بداية من القرف الثامن قبل اؼبيبلد ‪ ،‬نسبة إذل برامها "‪ "Brahma‬وىو القوة‬
‫العظيمة الكامنة اليت تطلب كثَتا من العبادات ‪،‬كقراءة األدعية وإنشاد األناشيد وتقدمي القرابُت ومن‬
‫برامها إشتقت كلمة الربامهة لتكوف على رجاؿ الدين الذين كاف يعتقد أهنم يتصلوف يف طبائعهم‬
‫بالعنصر اإلؽبي ‪،‬ؽبذا كانو كهنة األمة‪ ،3‬فالربامهة كذلك ال جيوز الذبح إال يف حضرهتم وعلى أيديهم‬
‫كما يعدوف شعب يقضوف حياهتم ربت شروط صارمة ويف مظاىر عابسة ‪ ،‬واغبق أف تطور الربامهة‬

‫‪ -1‬ىوتساما وآخروف‪ ،‬موجز دائرة اؼبعارؼ اإلسبلمية‪ ،‬ج‪ ،6‬ط‪ ،1‬مركز الشارقة‪1998 ،‬ـ‪ ،‬ص‪.1662‬‬
‫‪ -2‬عبدالرضبن ؿبي الدين بوتامل‪ ،‬النظاـ الطبقي يف الربمهية ‪ ،‬رسالة ماجستَت‪ ،‬جامعة أـ القرى‪ ،‬كلية أصوؿ الدين‪ ،‬قسم العقيدة‬
‫‪ ،‬مكة اؼبكرمة‪1994 ،‬ـ‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫‪ -3‬أضبد شليب ‪ ،‬أدياف اؽبند الكربى اؽبندوسية واعبينية والبوذية ‪ ،‬ط‪ ،11‬ج‪ ،4‬مكتبة النهضة اؼبصرية‪1984 ،‬ـ‪ ،‬ص‪.37‬‬
‫~‪~6‬‬
‫الديانة البرىمية‬ ‫الفصل التمهيدي‪:‬‬
‫قد إستغرؽ أجياال طواال‪ ،‬ونشأ عنو مساوئ شنيعة ولكن لباب الفكرة يف إنشاء كهنوت ملكي ال‬
‫يتدنس بلمس اػببلئق الوضيعة ‪،‬كهنوت مفروض عليو اغبياة اؼبقدسة الطاىرة‪.1‬‬

‫كما تنسب الديانة الربمهية إذل برامهاف أحد األظباء اليت ذكرت يف الفيدا واليت كاف‬
‫الكهنة‪2‬يستعملوهنا لتعيُت الكائن الواحد ‪ ،‬ولقد أطلق اسم الديانة الربامهانية على العقائد واؼببادئ‬
‫اليت اتبعها الكهنة مستخرجة من الفيدات الثبلثة األخَتة إذل ثبلث كتب مقدسة ‪ ،‬كما ظهرت ىذه‬
‫األخَتة بُت سنيت من ‪ 855‬إذل غاية ‪ 655‬قبل اؼبيبلد والكتب ىي ‪:‬‬

‫‪ -‬الربامهاناس وىو كتاب مستخرج من الفيدات الثبلث األخَتة ‪.‬‬

‫‪ -‬األريناكاس حيتوي على التعاليم اليت جيب أف يسَت عليها الكهنة ‪.‬‬

‫‪ -‬األوبانيشاد حيتوي على األفكار الفلسفية اليت صنعتها ىذه الديانة‪.‬‬

‫معٌت الربمهية يف اللغة السنسكريتية "اإللو اؼبوحد" الذي أخرج العادل من ذاتو ‪ ،‬مث أطلق الكهنة‬
‫اؽبنود عليو إظبُت آخرين مها "فيشنو" وىو احملافظ و"شيفا" وىو اؼبختص بالتبديل والتحويل‪.3‬‬

‫‪ -2‬المبحث الثاني‪ :‬الكتب المقدسة للديانة البرىمية وعقائدىا‬

‫‪ -‬الكتب المقدسة‪:‬‬
‫تزدىر ببلد اؽبند بالكتب الدينية الكثَتة منذ القدـ ‪ ،‬وردبا ال توجد أرض غَتىا ربتوي على‬
‫كتب دينية مثلها ‪،‬ومن خبلؿ ىذه الكتب يستطيع الباحث دراسة اؽبند القددية وأىلها‬
‫وخصائصها الدينية ‪ ،‬كما تقسم النصوص الدينية الربمهية إذل قسمُت مها‪:‬‬

‫‪ -‬أوال‪ :‬شرويت "‪ "Shruti‬وىي اليت إنتقلت من جيل إذل جيل ‪،‬عن طريق السماع واغبفظ ويطلق‬
‫عليها اجملموعة الويدية ‪،‬كما تضم أيضا السمهنات و الربامهانات و اآلرنيكات و األبنشادات‬

‫‪ -1‬حبيب سعيد ‪ ،‬أدياف العادل ‪ ،‬د ط‪ ،‬دار التأليف والنشر للكنيسة األسقفية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬د ت‪ ،‬ص‪.72‬‬
‫‪ -2‬أضبد علي عجيبة‪ ،‬دراسات يف األدياف الوثنية القددية‪ ،‬ط‪ ،1‬دار اآلفاؽ العربية ‪ ،‬القاىرة‪2004 ،‬ـ‪ ،‬ص ص ‪.133-132‬‬
‫‪ -3‬ؿبي الدين األلوائي‪ ،‬الدعوة اإلسبلمية وتطورىا يف شبو القارة اؽبندية عربالقروف‪ ،‬ط‪ ،1‬دارالقلم ‪ ،‬دمشق‪1986 ،‬ـ‪،‬‬
‫ص‪.234‬‬
‫~‪~7‬‬
‫الديانة البرىمية‬ ‫الفصل التمهيدي‪:‬‬
‫‪ -‬ثانيا ‪ :‬ظبريت "‪ "Smriti‬وىي اليت إحتفظ هبا عن طريق التذكر والتقليد و تشمل الدىرما‬
‫شاسًتات اليت تشرح األمور العملية ‪ ،‬من الشرائع والعادات والتقاليد كما يشمل ؾبموعة أخرى من‬
‫الكتب تعرؼ بإهتاسات وبرانات و ويداقبات ودرشنات‪ ،‬كما كتبت ىذه الكتب باللغة‬
‫‪1‬‬
‫السنسكريتية‬

‫‪ -‬القسم األول ‪ :‬ؾبموعة شرويت‬

‫الويدات "‪ : "Vedas‬أقدـ كتبهم الفيدا حيث دل يعرؼ اؼبؤرخوف ‪ ،‬عصر كتابتها على وجو‬
‫التحقيق والضبط ‪ ،‬و أقصى ما تأكد لديهم أف الفيدات كانت موجودة قبل طبسة عشر قرنا فقد‬
‫كانت مع الفاربُت اآلريُت ‪ ،‬على أهنا من أصوؿ ديانتهم والفيدا ؾبموعة من األشعار ليس يف كبلـ‬
‫الناس ما دياثلها يف زعمهم ‪ ،‬ويقوؿ صباىَتىم أف البشر يعجزوف على أف يأتو بأمثاؽبا‪.2‬‬

‫والفيدا يف القدمي معناه العلم كما يعترب من أىم الكتب اؼبقدسة لديهم ‪ ،‬كما ناؿ شهرة كبَتة من‬
‫اعبماىَت والفيدا ليس إسم كتاب مؤلف من األبواب والفصوؿ وإمنا ىو ؾبموعة من األجزاء اؼبنتشرة‬
‫من تعليمات الزىاد والنساؾ يف القروف اؼبظلمة قبل اؼبيبلد‪. 3‬‬

‫وكلمة الفيدا مشتقة من كلمة "ود" ومعناىا باللغة السنسكريتية العلم ‪ ،‬ولقد حرص الزىاد على‬
‫حفظ التعليمات اؼببعثرة مث أملوىا على تبلميذىم وقيدوىا على اللوحات اغبجرية واعبلدية‪.4‬‬

‫كما للويدات قيمة تارخيية كربى إذ تنعكس يف ىذا األدب الديٍت على حياة اآلريُت يف اؽبند يف‬
‫عهدىم القدمي ومقرىم اعبديد ‪ ،‬ففيو أخبار حلهم وترحاؽبم ‪ ،‬ودينهم وسياستهم وحضارهتم‬
‫‪،‬وثقافتهم ويف ـبتلف صبيع ؾباالت حياهتم اؼبعيشية ‪،‬وترى فيو مدارج اإلرتقاء للحياة العقلية من‬

‫‪ -1‬عبدالرضبن ؿبي الدين بوتامل ‪ ،‬اؼبرجع السابق ‪،‬ص‪.27‬‬


‫‪ -2‬الشيخ ؿبمد أبو زىرة ‪ ،‬ؿباضرات يف مقارنة األدياف( الديانات القددية) ‪ ،‬د ط‪ ،‬دار الفكر العريب‪ ،‬د ب‪ ،‬د ت‪ ،‬ص‪.50‬‬
‫‪ - 3‬ؿبمد ضياء الرضبن األعظمي‪ ،‬دراسات يف اليهودية واؼبسيحية وأدياف اؽبند ‪ ،‬ط‪ ،2‬مكتبة الرشد‪ ،‬الرياض‪2003 ،‬ـ‪،‬‬
‫ص‪.534‬‬
‫‪ -4‬ؿبمد ضياء الرضبن األعظمي ‪ ،‬دراسات يف اليهودية واؼبسيحية وأدياف اؽبند‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.534‬‬
‫~‪~8‬‬
‫الديانة البرىمية‬ ‫الفصل التمهيدي‪:‬‬
‫سذاجة البدو إذل شعور الفبلسفة ‪،‬فتوجد يف أدعية إبتدائية تنتهي باإلرتياب تًتقى إذل وحدة‬
‫الوجود‪.1‬‬

‫كما قسمت الويدا إذل عدة تقسيمات أمهها تقسيم الويدا إذل " َظبْ ِهتَا" )‪ (Samhita‬و " َبر ْامهَنَا"‬
‫)‪.(Brahmana‬‬

‫‪ -1‬سمهتا " ‪: "Samhita‬‬

‫وىي ؾبموعة من اؼبنظومات اليت تطلق عليها اؼبنًتات يعٍت األذكار اليت ترزل وترتل وىي ‪:‬‬

‫‪ -‬رج ويدا ‪ -‬جيور ويدا ‪ -‬ساـ ويدا ‪ -‬آثار ويدا ‪.2‬‬

‫أ‪ -‬رج ويدا "‪: "Rig Veda‬‬

‫و ىذا الكتاب حيتوي على أناشيد دينية وضعت ليتضرع هبا أتباعها أماـ اآلؽبة أو يتغنوف هبا عن‬
‫اآلؽبة‪ ،3‬كما يعد ىذا الكتاب من أىم الكتب الفيدية و أشهرىا يرجح أف تأليفو يرجع إذل ‪055‬سنة‬
‫قبل اؼبيبلد وفيو حوارل ‪0501‬أنشودة دينية تتغٌت باآلؽبة‪. 4‬‬

‫إف كلمة "الريج" تطلق على األشعار و "الفيدا" على اؼبعرفة ويقصد بكلتا الكلمتُت أناشيد‬
‫اؼبعارؼ الروحية ‪ ،‬إف ىذا الكتاب خصصو الكهنة فيما بعد ألداء الطقوس فقط ال للقراءة والفهم‬
‫وؽبذا ظلوا حيتفظونو عن ظهر قلب ‪ ،‬ويرددوف أبياتو ويرتلوهنا يف أمور الطقوس واؼبراسيم‪ ،5‬ظبيت‬
‫الريج فيدا ألهنا تضم مدائح وديواف منظومة ربمد هبا اآلؽبة ‪ ،‬وىو كذلك حيتوي على سجل ألمواؿ‬
‫األسرة اآلرية اليت إستوطنت اؽبند حينذاؾ وىو من أقدـ الويدات‪.‬‬

‫‪ -1‬أضبد شليب‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.39‬‬


‫‪ -2‬عبدالرضبن ؿبي الدين بوتامل‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫‪ -3‬أضبد شليب‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.40‬‬
‫‪ -4‬أضبد جاسم ؿبمد‪ ،‬األلوىية يف الديانتُت اؽبندوسية والزرادشتية‪ ،‬ؾبلة كلية الًتبية‪ ،‬كلية الًتبية األساسية ‪ ،‬العدد‪ ،04‬اعبامعة‬
‫اؼبستنصرية‪ ،‬قسم الًتبية اإلسبلمية ‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ -5‬ؿبمد إظباعيل الندوي‪ ،‬اؽبند القددية حضارهتا ودياناهتا‪ ،‬رسالة ماجستَت يف العلوـ اإلسبلمية‪ ،‬مكتبة دارالشعب‪ ،‬جامعة‬
‫القاىرة‪ ،‬د ب‪1970 ،‬ـ‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫~‪~9‬‬
‫الديانة البرىمية‬ ‫الفصل التمهيدي‪:‬‬
‫‪ -‬يأجور ويدا "‪: "Yajour Veda‬‬
‫ظبيت هبذا اإلسم ألهنا هتتم أكثر بالقرابُت واألضاحي اليت يقدمها اؽبنادكة آلؽبتهم‪ ،1‬كما تشمل‬
‫أيضا العبارات النثرية اليت يتلوىا الرىباف عند تقدمي القرابُت لآلؽبة‪ ،2‬كما يبلغ حجم ىذا الكتاب ثلثى‬
‫حجم ريج فيدا‪ ،‬وىو مكتوب بالنثر وفيو تعليمات لتقدمي القرباف لآلؽبة‪ .3‬يأجور فيدا معناه اؼبعرفة‬
‫اؽبوائية وتضم ؾبموعتُت يدعى إحدامها "باليأجور فيدا البيضاء" واألخرى "باليأجور فيدا السوداء"كما‬
‫ربتوي ىذه اجملموعتُت على الًتاتيل النثرية اليت يتلوىا الرىباف عند تقدمي القرابُت‪.4‬‬

‫يأجور فيدا أي اؼبعرفة للصيغ اػباصة بالقرابُت وىو يصور اغبياة اؼبتطورة لآلريُت بعد نضجهم‬
‫الفكري‪.5‬‬

‫‪ -‬ساما فيدا "‪: "Sama Veda‬‬

‫كما يشمل األغاين اليت ينشدىا اؼبنشدوف أثناء إقامة الصلوات وتبلوت األدعية‪.6‬‬

‫كذلك ىي معرفة األنغاـ وقد ألفت ألداء اؼبراسيم الدينية وفيو قبد أغاين كثَتة تؤدى بنغمات ـبتلفة‬
‫أيضا قبد فيو إشارات إذل أمهية الرقص‪.‬‬

‫‪ -‬آثار فيدا"‪: "Athar Veda‬‬

‫وىو معرفة الرقى السحرية وفيو نلمس بُت اغبُت واغبُت آخر العناصر الآلزمة للمسرحية مثل‬
‫الغناء واؼبوسيقى والرقص‪ ،1‬كذلك تشمل ىذه اجملموعة على العديد من الرقى والتعاويذ‪ ،‬أيضا عمل‬

‫‪ -1‬عبدالرضبن ؿبي الدين بوتامل ‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.31-30‬‬


‫‪ -2‬طارؽ خليل السعدي‪ ،‬مقارنة األدياف (دراسة يف عقائد ومصادر األدياف السماوية واألدياف الوضعية)‪ ،‬ط‪ ،1‬دار العلوـ‬
‫‪2005‬ـ‪ ،‬ص‪.229‬‬ ‫العربية‪ ،‬لبناف‪،‬‬
‫‪ -3‬ؿبمد ضياء الرضبن األعظمي‪ ،‬دراسات يف اليهودية واؼبسيحية وأدياف اؽبند‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.537‬‬
‫‪ -4‬عصمت نصار‪ ،‬نظرات يف مقارنة األدياف‪ ،‬د ج‪ ،‬ط‪ ،5‬دار اؽبداية‪ ،‬كلية اآلداب‪ ،‬جامعة القاىرة‪2001 ،‬ـ‪ ،‬ص‪.106‬‬
‫‪ -5‬خليل خلف السلماين‪ ،‬الديانات الكربى يف حضارة اؽبند القددية‪ ،‬ؾبلة كلية الًتبية‪ ،‬ع‪ ،2‬اعبامعة اؼبستنصرية‪ ،‬كلية اؼبأموف ‪،‬‬
‫قسم التاريخ‪2017 ،‬ـ‪ ،‬ص‪.343‬‬
‫‪ -6‬طارؽ خليل السعدي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.229‬‬
‫~ ‪~ 10‬‬
‫الديانة البرىمية‬ ‫الفصل التمهيدي‪:‬‬
‫طبلسم سحرية تساعد على اإلنتصار يف اؼبعركة وماشابو ذلك‪ ،2‬كما تشمل ىذه األخَتة على‬
‫مقاالت يف السحر والتومهات اػبرافية مصبوغة بالصبغة اؽبندية القددية ‪ ،‬فاغبياة اؽبندية كما يصورىا‬
‫آثار فيدا فبلوءة باآلثاـ والكوف حافل بالشياطُت واألغواؿ ‪ ،‬خيوفوف هبم الناس واآلؽبة كتفت أيديها‬
‫عن اػبَت دل تعد تدفع الشر‪ ،‬ويروي آثار فيدا عبوء الناس إذل اػبرفات والرقى والسحر ليحمو‬
‫أنفسهم‪.3‬‬

‫‪ -2‬البراىمانات )‪:(Brahmanas‬‬

‫يسميها "البَتوين" البَتانات وىي كتب من منثور القوؿ ال من منظومو كالفيدا وىي أقساـ كثَتة‬
‫وموضوعاهتا ـبتلفة‪ ،‬فمنها ما فيو أحكاـ شريعتهم وفقو وترغيب يف فداء الروح باعبسم وغَت ذلك‬
‫ومنها ما ىو خاص باؼبطالعات اليت يطالعها النساؾ الذين ينسابوف يف األحراش‪ ،‬ويرغبوف يف‬
‫التخلص بالفعل من فعل اؼبادة‪ ،‬لينعموا حبرية الروح فيطالعوف تلك الكتب لتقوي عزائمهم وحيفظوهنا‬
‫إلعطاء العلم الباطٍت بالروح األكرب‪ ،‬ومنها كتب يف أصوؿ عقائدىم قد ذكرت فيها نشأة العادل مث‬
‫كيف ظهرت آؽبتهم اليت يزعموهنا وكيف وجدت اؼبخلوقات‪ ،‬أيضا وجود اإلنساف وكيف كانت‬
‫خواصو وغَت ذلك من اؼبعلومات اليت تتصل بآؽبتهم واإلنساف ونفسو وعبلقنو باآلؽبة والكوف‪.4‬‬

‫وىي كذلك ـبصتة يف شرح الًتانيم وتطبيقها يف الطقوس الدينية واؼبيثولوجيا والتأمبلت يف التشابو‬
‫الصويف والعادل الكبَت"‪ "Macrocosm‬والقرباف نفسو‪.5‬‬

‫‪ -1‬كامل السعفاف‪ ،‬موسوعة األدياف القددية‪ ،‬اؼبعتقدات اآلسيوية (العراؽ‪ -‬فارس‪ -‬اؽبند‪ -‬الصُت‪ -‬الياباف )‪ ،‬د ج‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫دارالندى القاىرة‪1999 ،‬ـ‪ ،‬ص‪.154‬‬
‫‪ -2‬لطفي وحيد‪ ،‬أشهر الديانات القددية‪ ،‬د ج‪ ،‬د ط‪ ،‬مكتبة معروؼ‪ ،‬القاىرة‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫‪ -3‬أضبد شليب‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.40‬‬
‫‪ -4‬ؿبمد أبو الزىرة‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.52‬‬
‫‪ -5‬جفري بارندر‪ ،‬اؼبعتقدات الدينية لدى الشعوب‪ ،‬تر إماـ عبدالفتاح إماـ‪ ،‬د ط‪ ،‬عطر اؼبعرفة‪ ،‬الكويت‪1990 ،‬ـ‪ ،‬ص‪.110‬‬
‫~ ‪~ 11‬‬
‫الديانة البرىمية‬ ‫الفصل التمهيدي‪:‬‬
‫‪ -3‬أرنيكا )‪:(Aranyakas‬‬

‫وىي الغابيات أو اؽبدايات واإلرشادات اليت تقدـ للشيوخ اؼبعمرين الذين يًتكوف أىاليهم يف الربع‬
‫الرابع من أعمارىم لكي يقيموا يف الكهوؼ واؼبغارات والغابات‪ ،‬كما أف اآلرانيك هتدي ألمثاؿ‬
‫ىؤالء أعماؿ سهلة يقوموف هبا بدؿ القرابُت اليت أصبحوا يعجزوف عن تقدديها‪ ،1‬وقد دوف ىذا‬
‫الكتاب سنة ‪ 655‬قبل اؼبيبلد‪.2‬‬

‫ويقاؿ إنو كاف لكل ؾبموعة من الويدات آرنيكات متعلقة هبا ولكن ضاع كثَت منها‪ ،‬وأىم الكتب‬
‫اؼبوجودة منها اآلف أربعة‪ ،‬إثناف لرج ويدا وواحد لكل من جيور ويدا البيضاء وجيور ويدا السوداء وىي‪:‬‬

‫‪ -‬أيتَ ِرييا‪:‬أغبق بربامهنا لرج ويدا وحيتوي على طبسة عشر فصبل يف طبسة أجزاء‪.‬‬
‫‪َ -‬ك ِ‬
‫وشيتَكي‪ :‬وىو جزء من برامهنا كوشيتكي لرج ويدا نفسو‪.‬‬

‫‪ -‬تَـ ْيت ِرييا‪ :‬وىو متعلق بربامهنا تيًتييا ليجور ويدا السوداء ويشتمل على عشرة فصوؿ‪.‬‬

‫‪ -‬ب ِرَى َ‬
‫دارنْي َكا )‪ :(Brihadaranyaka‬وىو اعبزء األخَت لربامهنا شتبتا اؼبتعلق باليجور ويدا‬
‫البيضاء‪.3‬‬

‫‪ -4‬األبانيشاد )‪:(Apanishads‬‬

‫وىي األسرار و الكشوؼ والرؤى اليت خيتص هبا الرىباف واؼبتصوفة الذين مالو إذل باطن اغبياة‬
‫وتركوا ظاىرىا وسبثل اؼبذىب الروحي وال يستمد الفيدا قوتو من ظبو مصدره أو فصاحة أسلوبو بل‬
‫يستمدىا عن طريق إستقباؿ الناس على إعتناقو جيبل بعد جيل‪ ،4‬كذلك معناه اعبلوس عند الشيخ‬
‫لتلقي العلم وىي أسفار تفسَتية للفيدات‪ ،‬أيضا فيها علوـ وذبارب الرىباف الذين مارسو حياة‬
‫الرىب انية وازبذوا الغابات واعبباؿ العالية مركزا للرياضة ؼبعرفة خبايا وأسرار الكوف‪ ،‬والتغلب على حقيقة‬

‫‪ -1‬أضبد شليب‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.42-41‬‬


‫‪ -2‬سعيد مراد‪ ،‬مدخل يف تاريخ األدياف‪ ،‬د ط ‪ ،‬عُت للدراسات االنسانية واالجتماعية‪ ،‬اعبيزة‪ ،‬د ت ‪ ،‬ص ‪.101‬‬
‫‪ -3‬عبدالرضبن ؿبي الدين بوتامل‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫‪ -4‬عصمت نصار‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.107‬‬
‫~ ‪~ 12‬‬
‫الديانة البرىمية‬ ‫الفصل التمهيدي‪:‬‬
‫اؼبوت‪ ،1‬كما تعٍت اعبلوس بالقرب من اؼبعلم حيث ربتوي على ‪ 108‬من ؿباورات جرت بُت اؼبعلم‬
‫وتبلميذه وقد ساىم يف تأليف ىذا الكتاب ؾبموعة من الكهنة والقديسُت مث مت تدوينها مابُت ‪600‬‬
‫ؽ‪.‬ـ و‪ 300‬ؽ‪.‬ـ‪.2‬‬

‫ب‪ -‬القسم الثاني‪ :‬مجموعة سمرتي‬

‫استَـ َرات‬
‫يطلق إسم "ظبريت" على الكل ما عدا اجملموعة الويدية‪ ،‬حيث تشمل "ال َد ْى َرَما َش ْ‬
‫اسات والبُـ َرانَات وال ِوي َدانْ َجات وال َد ْر َشنَات وغَتىا‪ ،‬ودونت على أساس تعاليم ؾبموعة‬ ‫ِ‬
‫واِلتْـ َه َ‬
‫شرويت اليت إحتفظت عن طريق السماع واغبفظ‪ ،‬وتعد ىذه اجملموعة مقدسة يف الربمهية مثل ؾبموعة‬
‫شرويت حيث تتضح الديانة الربمهية هباتُت اجملموعتُت معا‪.3‬‬

‫‪ -1‬الدىرماشاسترات )‪:(Dharamashastras‬‬

‫ىي ؾبموعة من الكتب الفقهية للديانة الربمهية‪ ،‬وىي أصل "الفيدانت" وفقهها وأغلب ىذه الكتب‬
‫ضاعت ودل يتبقا منها إال ستة عشر كتابا وأشهرىا "منو ظبريت" أي شريعة "منو"‪ ،‬كما يشمل ىذا‬
‫الكتاب على إثٍت عشر بابا وفيو ‪ 0660‬بيتا وىي‪:‬‬

‫‪ -‬الباب األول‪ :‬كاف يتحدث حوؿ خلق العادل وكيفية وجود اغبياة يف الكوف وحدوث القيامة مث‬
‫فناء العادل هنائيا‪.‬‬

‫‪ -‬الباب الثاني‪ :‬فكاف يتحدث عن أحكاـ "برمها جاريا أشرـ" وىو الدور األوؿ من عمر اإلنساف‪.‬‬

‫‪ -‬الباب الثالث‪ :‬يتحدث عن أحكاـ النكاح وأقسامو وتقدمي القرابُت لربمها‪.‬‬

‫‪ -‬الباب الرابع‪ :‬يتحدث عن أحكاـ "جارىستا أشرـ" وىو الدور الثاين من عمر اإلنساف‪.‬‬

‫‪ -‬الباب الخامس‪ :‬يتحدث عن أحكاـ الزوجُت وثواب اؼبرأة الوفية لزوجها‪.‬‬

‫‪ -1‬ؿبمد ضياء الرضبن األعظمي‪ ،‬دراسات يف اليهودية واؼبسيحية وأدياف اؽبند‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.542‬‬
‫‪ -2‬رؤوؼ سبهاين‪ ،‬تاريخ األدياف القدمي‪ ،‬ط‪ ،1‬د ج‪ ،‬دار سلوين‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبناف‪2011 ،‬ـ‪ ،‬ص‪.213‬‬
‫‪ -3‬عبدالرضبن ؿبي الدين بوتامل‪ ،‬نفس اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.37‬‬
‫~ ‪~ 13‬‬
‫الديانة البرىمية‬ ‫الفصل التمهيدي‪:‬‬
‫‪ -‬الباب السادس‪ :‬كاف يتحدث حوؿ"فاف برستا أشرـ" أي أحكاـ ترؾ الدنيا وىو الدور الثالث‬
‫من عمر اإلنساف‪.‬‬

‫‪ -‬الباب السابع‪ :‬فيتحدث عن أحكاـ السلطاف وإقامة اغبدود وأحكاـ قائد اعبيش‪.1‬‬

‫‪ -‬الباب الثامن‪ :‬فيتحدث عن أحكاـ احملاكم والعقاب على اإلشهار باغبكايات الكاذبة‪.‬‬

‫‪ -‬الباب التاسع‪ :‬كاف يتحدث حوؿ أحكاـ الرجل واؼبرأة ويتحدث أيضا عن أحكاـ السلطاف‪.‬‬

‫‪ -‬الباب العاشر‪ :‬كاف يتحدث عن وظائف طبقات اجملتمع‪.‬‬

‫‪ -‬الباب الحادي عشر‪ :‬تناوؿ أنواع الفقر عن النساؾ‪.‬‬

‫‪ -‬الباب الثاني عشر‪ :‬فتحدث عن أنواع قانوف اعبزاء‪.2‬‬

‫‪ -2‬منو سمرتي‪:‬‬

‫ىذا الكتاب من أىم كتب الشرائع الربمهية وأشهرىا‪ ،‬والذي إعتمد عليو اغبكاـ والقضاة يف‬
‫احملاكم والذي صار فيما بعد أقوى اؼبراجع لؤلحكاـ الربمهية‪ ،3‬وقد نظم وشق ىذا الكتاب ناسك‬
‫عاش يف قدـ الزماف إظبو"مانو"‪ ،‬كما تعٍت كلمة"سمرتي" اجملموعة احملفوظة‪ ،4‬ويعد كتاب "منوظبريت"‬
‫مقدس يف الربمهية حيث يعتقد أنو موحى بو من اإللو وأف صاحبو "منو" أحد اآلؽبة‪ ،‬تعلمو من اإللو‬
‫برمها مباشرة وعلمو ؼبن بعده‪ ،‬و"منو" نفسو يدعي أنو تلقاه من اإللو فيقوؿ يف أوؿ كتابو‪":‬ىذا العلم‬
‫علمٍت إياه الربمها األزرل‪ ،‬مث لقنتو لآلرشيُت دبعٌت الشيوخ اغبكماء مثل "مريجي" )‪(Mareeji‬‬

‫وغَته مث يبينو لكم"بْ ِرجيُو" )‪ (Brigu‬الذي تعلمو مٍت‪ ،‬وبدأ برجيو بعده أف يلقنو‪.5‬‬

‫‪ -1‬ؿبمد ضياء الرضبن األعظمي‪ ،‬دراسات يف اليهودية واؼبسيحية وأدياف اؽبند‪ ،‬نفس اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ص‪. 564-563‬‬
‫‪ -2‬ؿبمد ضياء الرضبن األعظمي‪ ،‬دراسات يف اليهودية واؼبسيحية وأدياف اؽبند‪ ،‬اؼبرجع السابق ‪ ،‬ص‪.564‬‬
‫‪ -3‬عبدالرضبن ؿبي الدين بوتامل‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.39‬‬
‫‪ -4‬ؿبمد إظباعيل الندوي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.120‬‬
‫‪ -5‬عبدالرضبن ؿبي الدين بوتامل‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.39‬‬
‫~ ‪~ 14‬‬
‫الديانة البرىمية‬ ‫الفصل التمهيدي‪:‬‬
‫كما يرى الكثَت من الباحثُت أف ؾبموعة "منو ظبريت" كانت ربفظ وتنقل صدر إذل صدر إعتمادا‬
‫على الذاكرة ودل تدوف يف الكتب‪ ،‬كذلك دل تسجل يف األسفار إال يف عاـ ‪ 055‬ميبلدي تقريبا‪.1‬‬

‫كما مت تأليف ىذا الكتاب على شكل شعر منظوـ يف(‪ )0680‬مادة مقدسة تندرج ربت إثٍت عشر‬
‫كتابا‪ ،‬يفصل عقائد الديانة الربمهية وعباداهتا وشرائعها‪.2‬‬
‫ِ‬
‫‪ -3‬إِت َه َ‬
‫اسات )‪:(Itihasasas‬‬

‫يشمل ىذا األخَت قسم ظبريت كما يعرؼ بأنو يضم ؾبموعة من الكتب الدينية الذي يقوـ بشرح‬
‫العقائد الويدية‪ ،‬وؿبافظتها ونشرىا‪ ،‬كما حظيت بالتقديس لدى اؽبنادكة حيث حيتوي ىذا الكتاب‬
‫على األقاصيص اغبماسية واألخبار العربية باإلضافة إذل األساطَت اػبرافية واألحداث الومهية وتعطي‬
‫صورة للحياة اؽبندية القددية وعاداهتا ومستواىا الفكري والثقايف وغَت ذلك وتعرؼ يف ىذا النوع‬
‫ملحمتاف‪:3‬‬

‫‪ -‬األولى‪َ :‬ر َامايَانَا )‪:(Ramayana‬‬

‫ىو كتاب قدمي ال يعرؼ مؤلفو وال تاريخ تأليفو بالضبط‪ ،‬وتعٍت كلمة " َر َامايَانَا" األفكار‬
‫السياسية أو الدستورية للحياة اؽبندية‪ ،‬فهو يتحدث حوؿ تكوين ؾبالس الشورى‪ ،‬وطرؽ إختيار‬
‫اؼبلوؾ ووالة العهود‪ ،‬مث عن واجبات ؾبالس الشورى وسلوؾ أعضائها‪.4‬‬
‫كم تعرؼ "رامايانا" باؼبلحمة القددية اليت تصف قصة األسرة اؼبلكية اؼبتمركزة يف"أَي ِ‬
‫ودىيَا"‬‫ُ‬
‫)‪ (Ayodhya‬وحكمت اؽبند‪ ،‬قطبها راما )‪ (Rama‬الشخص السابع لئللو وشنو يف األرض‬

‫‪ -1‬ؿبمد إظباعيل الندوي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.120‬‬


‫‪ -2‬علي عبدالواحد وايف‪ ،‬األسفار اؼبقدسة يف األدياف السابقة لئلسبلـ‪ ،‬ط‪ ،1‬هنضة مصر‪ ،‬القاىرة‪1996 ،‬ـ‪ ،‬ص‪.180‬‬
‫‪ -3‬عبدالرضبن ؿبي الدين بوتامل‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.40‬‬
‫‪ -4‬أضبد شليب‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫~ ‪~ 15‬‬
‫الديانة البرىمية‬ ‫الفصل التمهيدي‪:‬‬
‫وزوجتو "سيتا" )‪ (Seetha‬القدوة العليا للمرأة اؽبندية حسب إعتقادىم‪ ،‬كما تذكر أخبار حياهتم‬
‫وفبلكتهم ووقائعهم اغبربية مع أعدائهم الذين يعدوف قوى الشر والضبلؿ‪.1‬‬

‫ابهاراتَا )‪:(Mahabharatha‬‬
‫‪ -‬الثانية‪َ :‬م َه َ‬
‫ىي اؼبلحمة الكربى عند اؽبنود تشبو اإللياذة وأوديسة عند اليوناف‪ ،2‬وقد ألفت حوارل ثبلشبائة‬
‫سنة ؽ‪.‬ـ كما ربتوي على مائة بيت‪.3‬‬

‫ألفها "وياس" وىو إبن العارؼ الكبَت"برسرا" ودوهنا"كنيتي" تلميذ وياس عاـ ‪ 605‬ؽ‪.‬ـ‪ ،‬مث بعدىا‬
‫توذل نشرىا"سوتا" حيث اىتم اىتماما خاصا هبا من ناحية تدريسها ونشرىا‪ ،4‬حيث تصف ىذه‬
‫ورا" )‪ (Hastinapura‬واغبروب اليت‬ ‫ِ‬
‫اؼبلحمة قصة أسرة ملكت اؽبند كانت متمركزة يف" َى ْستنَابُ َ‬
‫وقعت بُت أمراء ىذه األسرة اليت إشًتؾ فيها صبيع ملوؾ اؽبند‪ ،‬بل اآلؽبة أيضا مع أحد اعبانبُت‪ ،‬ومها‬
‫أوالد"بَان ُدو" )‪ (Pandu‬اػبمسة اؼبمثلوف قوى اغبق والرشاد و أوالد أخيو "دى ِرتَ َارا ْشتَـ َرا"‬
‫)‪ (Dhritarashtra‬اؼبائة اؼبعروفوف بػ" َك ْوَر َاوا" )‪ (Kourawa‬اؼبمثلوف قوى الشر والفساد‪.5‬‬

‫‪ -‬جيتا )‪:(Geeta‬‬

‫يعد اعبيتا من أىم الكتب الربمهية كما لو أثر عميق يف التفكَت اؽبندي‪ ،‬وحيتوي على اغبكم‬
‫والنصائح اليت ألقاىا البطل "كريشنا" أماـ قائد اعبيش"أرجن"‪.6‬‬

‫وتشكل ىذه اؼبلحمة إحدى الروافد اؼبهمة لفهم العقيدة وكذلك اعبوانب الفلسفية واالجتماعية‬
‫يف ذلك العصر‪ ،‬أيضا الثقافات الشعبية واؼبعتقدات الدينية ‪ ،‬وكيفية فبارسة الطقوس واآلراء العامة‬
‫حوؿ اغبياة واؼبوت‪.1‬‬

‫‪ -1‬عبدالرضبن ؿبي الدين بوتامل‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.40‬‬


‫‪ -2‬أضبد شليب‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.75‬‬
‫‪ -3‬ؿبمد ضياء الرضبن األعظمي‪ ،‬دراسات يف اليهودية واؼبسيحية وأدياف اؽبند‪ ،‬اؼبرجع السابق ‪ ،‬ص‪.548‬‬
‫‪ -4‬رؤوؼ شبهاين‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.214‬‬
‫‪ -5‬عبدالرضبن ؿبي الدين بوتامل‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.41‬‬
‫‪ -6‬ؿبمد ضياء الرضبن األعظمي‪ ،‬دراسات يف اليهودية واؼبسيحية وأدياف اؽبند‪ ،‬اؼبرجع السابق ‪ ،‬ص‪.550‬‬
‫~ ‪~ 16‬‬
‫الديانة البرىمية‬ ‫الفصل التمهيدي‪:‬‬
‫وحيتوي ىذا الكتاب على شبانية عشر بابا وفيو سبعمائة بيت‪ ،‬ويف اغبقيقة أف الكيتا أو اعبيتا ىو‬
‫جزء من كتاب "مها هبارت"‪.2‬‬

‫‪ -‬برانات )‪:(Puranas‬‬

‫الربانات ؾبموعة من الكتب اليت ربتوي على أقاصيص وأساطَت‪ ،‬وكذلك أخبار أشخاص وأقواـ‬
‫أسطورية قددية‪ ،‬ويقاؿ أف ىذه الكتب تفاصيل للقصص اليت وردت إشاراهتا وأجزائها يف أماكن‬
‫متفرقة يف كتب الويدات‪ ،‬كما يقرؤوف ىذه الكتب يف مناسبات خاصة من صياـ وأعياد وغَتىا‪.3‬‬

‫ب‪ -‬عقائد الديانة البرىمية‪:‬‬

‫يصعب الوصوؿ إذل العقيدة األصلية للربمهية من خبلؿ كتبها اؼبوجودة حاليا لتضارهبا واختبلؼ‬
‫بعضها عن بعض يف بياف األمور اإلعتقادية نتيجة الختبلؼ أىواء البشر مع تقادـ العصور‪ ،‬ولسيادة‬
‫األساطَت واػبرافات الباطلة عليها‪ ،‬وبصفتها ديانة مبهمة ذات صورة خفية واذباىات متعددة ربتوي‬
‫على إعتقادات وعادات عديدة‪ ،‬فعقائد الربمهية تتعلق باألمور اإلؽبية وعمل اإلنساف وجزائو‪.‬‬

‫‪ -‬تعدد اآللهة‪:‬‬

‫إف الديانة الربمهية يف صورهتا اغبالية ببل شك ديانة وثنية ذات آؽبة كثَتة يصل عددىا مايقارب‬
‫ثبلشبائة وثبلثُت مليوف على حد اعتقادىم‪ ،‬كما تقربوا إليها بالعبادة والقرابُت واألدعية كما مت تعيُت‬
‫ؽبذه العبادات والقرابُت رسوما وطقوسا‪ ،4‬ونستطيع أف نقوؿ إف الربمهية يف أصلها كانت ديانة توحيد‬
‫حيث توجد يف كتبها إشارات واضحة إذل وحدانية اإللو وصفاتو وأفعالو األزلية‪ ،‬فهو خالق صبيع‬
‫الكائنات ومصدرىا‪.5‬‬

‫‪ -1‬رؤوؼ سبهاين‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.217‬‬


‫‪ -2‬ؿبمد ضياء الرضبن األعظمي‪ ،‬دراسات يف اليهودية واؼبسيحية وأدياف اؽبند‪ ،‬اؼبرجع السابق ‪ ،‬ص‪.551‬‬
‫‪ -3‬عبدالرضبن ؿبي الدين بوتامل‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.45-42‬‬
‫‪ -4‬ؿبي الدين األلوائي‪ ،‬الدعوة اإلسبلمية وتطورىا يف شبو القارة اؽبندية‪ ،‬ط‪ ،1‬د ج‪ ،‬دارالقلم‪ ،‬دمشق‪1986 ،‬ـ‪ ،‬ص‪.241‬‬
‫‪ -5‬علي عبدالواحد الوايف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.166‬‬
‫~ ‪~ 17‬‬
‫الديانة البرىمية‬ ‫الفصل التمهيدي‪:‬‬
‫فنجد أف تعدد اآلؽبة يف الديانة الربمهية ال حدود لو‪ ،‬فقدسوا كل ما ديثل اؼبوجودات مثل مظاىر‬
‫الطبيعة (الشمس‪ ،‬السماء‪ ،‬األرض‪ ،‬اؼبطر والريح والنار‪ ...‬وغَتىا)‪ ،‬واغبيوانات مثل(السلحفاة‪،‬‬
‫األسد‪ ،‬رأس اغبصاف‪ ،‬البقر‪ ...‬إخل)‪ ،‬وكذلك البشر مثل "راما" اؼبدافع عن برامها و"كرشنا"‪. 1‬‬

‫فقد بلغ التعدد عند الربامهانيُت مبلغا كثَتا‪ ،‬فقد كاف لكل قوة طبيعية تنفعهم أو تضرىم إلو‬
‫يعبدونو ويستنصروف بو يف الشدائد كاؼباء والنار واألهنار واعبباؿ وغَتىا‪ ،‬وكانوا يدعوف تلك اآلؽبة‬
‫لتبارؾ ؽبم يف ذريتهم وأمواؽبم من اؼبواشي والغبلت والثمار وتنصرىم على أعدائهم‪.2‬‬

‫كما يرجع كثرة اآلؽبة اؼبوجودة يف األساطَت اؽبندية لسببُت مها‪:‬‬

‫‪ -‬أوال‪ :‬تصور عادل اآلؽبة الذي سبثلو أرواح األسبلؼ واألجداد يف أساطَت اؽبندوس األوؿ‪.‬‬

‫‪ -‬ثانيا‪ :‬يرتبط بطبيعة الثقافة اليت كاف لديها نزعة التعدد‪ ،‬وخاصة يف الفًتة التارخيية اليت ساد فيها‬
‫النظاـ القبلي وغياب الوحدة السياسية وسلطة الكهنوتية‪ ،‬فهذا األمر أدى إذل ظهور عشرات اآلؽبة‬
‫اؼبعبودة تبعا لتصور ىذه القبائل‪.3‬‬

‫حيث جاء يف رج ويدا أنشودة دينية يتغنوف هبا أتباعها أماـ اآلؽبة‪ ،‬من أشهر اآلؽبة اليت ذكرت فيها‬
‫وىو اإللو "إندرا" ويعد إلو اآلؽبة‪ ،‬مث جييء بعده اإللو "أغٌت" وىو إلو النار وراعي األسرة‪ ،‬فاإللو‬
‫"فارونا"‪ ،‬واإللو سورية"الشمس" وغَتىم‪.4‬‬

‫فاإللو "إندرا" )‪ )Indra‬فهو األكثر تشبها بالبشر بُت اآلؽبة‪ ،‬فهو سيد الصاعقة يهزـ األعداء‬
‫وحيمي شعبو ويسيطر على الظلمة الكونية وىو هبذا يكوف رمزة القوة والشجاعة‪ .‬وىناؾ أيضا اإللو‬
‫"فاؾ" )‪ )vac‬وىو إلو اإلتصاؿ فهو على ىيئة سيدة صبيلة تتحلى بالوعي اؼبتألف والكلمات‬

‫‪ -1‬إدياف علي ؿبمد الغنانيم‪ ،‬األلوىية يف الديانة اؽبندوسية‪ ،‬ملحق‪ ،1‬ع ‪ ،46‬علوـ الشريعة والقانوف‪2019 ،‬ـ‪ ،‬ص‪.228‬‬
‫‪ -2‬أضبد شليب‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.45‬‬
‫‪ -3‬عصمت نصار‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.101‬‬
‫‪ -4‬أضبد شليب‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.40‬‬
‫~ ‪~ 18‬‬
‫الديانة البرىمية‬ ‫الفصل التمهيدي‪:‬‬
‫اعبميلة‪ .‬وكل ىذه اآلؽبة تتمثل يف قوى الطبيعة‪ :‬السماء والشمس والضوء والريح واؼباء‪ ،‬فالسماء أب‬
‫ويسمى"قارونا" واألرض ىي األـ وتسمى "بريثيقي"‪.1‬‬

‫وجاء يف رج ويدا إعتقدوا بأف اآلؽبة ىو اػبالق الذي خلق اػبلق كلو‪ ،‬فلقب ب ػ ػػ"وشوكرما"‬
‫)‪ )Wishwakarma‬أي اػبالق اؼبطلق‪ ،‬حيث كاف أزليا أبديا موجودا بنفسو‪ ،‬مث ارتقى تصور‬
‫‪2‬‬
‫اػبلق إذل كبو من الظهور واػبروج من وجود واحد ىو إلو األبدية‪ ،‬وىو اإللو رب البشر الواحد‬

‫‪ -‬عقيدة التناسخ أو تكرار الوالدة والوفاة‪:‬‬

‫تقوـ على أساس فكرة العقاب للذين دل يستطيعوا أف يندؾبوا يف"الكل" الذي ىو اإللو يف العقيدة‬
‫الربمهية الرتباطها بتصور أف الوجود واحد‪ ،‬فإذا مات اإلنساف الشرير ال تنتقل روحو إذل إنساف آخر‬
‫بل جيوز أف ربل يف كلب أو شجرة‪ ،3‬كذلك إذا مات اإلنساف يبقى منو اعبسد وتنطلق منو الروح‬
‫لتتقمص وربل يف جسد آخر على حسب ما قدمو من عمل يف حياتو األوذل‪ ،‬وتبدأ الروح يف حياة‬
‫جديدة‪ ،4‬لذا ففكرة التناسخ تقوـ على إنتقاؿ النفس من جسد إذل آخر يف ىذا العادل يف حاؿ الناس‬
‫تكوف شبرة أعماؽبم‪.5‬‬

‫يعتقد الربامهة بأف ىناؾ آؽبة كثَتة أقل من اآلؽبة (الثبلث) فالسماء ؽبا إلو واألرض كذلك واؼبطر‬
‫إلو خاص بو‪ ،‬فلذلك فهم يعبدوف كل ما يعجبهم أو يقدسونو أو خيافونو من اؼبخلوقات وينكروف‬
‫البعث واليوـ اآلخر‪ ،‬حيث يروف أنو البد من اعبزاء واغبساب والعقاب على اػبَت والشر لكن ذلك‬
‫يكوف يف اغبياة الدنيا‪.6‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-T.W.Rhys Davis,Buddhist India,LL,D,PH,D,London,1903,p135.‬‬
‫‪ -2‬عبدالسبلـ خاف‪ ،‬الفلسفة اؽبندية القددية‪ ،‬د ط‪ ،‬د ج‪ ،‬مكتبة رضا رامفور‪1996 ،‬ـ‪ ،‬ص‪.16‬‬
‫‪ -3‬مصطفى حلمي‪ ،‬اإلسبلـ واألدياف( دراسة مقارنة )‪ ،‬ط‪ ،1‬دارالكتب العلمية‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبناف‪2004 ،‬ـ‪ ،‬ص‪.50‬‬
‫‪ -4‬مانع بن ضباد اعبهٍت‪ ،‬اؼبوسوعة اؼبيسرة يف األدياف واؼبذاىب واألحزاب اؼبعاصرة‪ ،‬مج‪ ،1‬ط‪ ،4‬دار الندوة العاؼبية‪ ،‬الرياض‪،‬‬
‫‪1420‬ىػ ‪ ،‬ص‪.728‬‬
‫‪ -5‬حسُت علي أضبد‪ ،‬قاموس اؼبذاىب واألدياف ‪ -‬مذاىب ‪ -‬أدياف ‪ -‬فرؽ ‪ -‬أساطَت ‪ -‬بدع‪ ،‬ط‪ ،1‬دار اعبيل‪ ،‬بَتوت‪،‬‬
‫‪1998‬ـ‪ ،‬ص‪.50‬‬
‫‪ -6‬ناصر بن عبداهلل القفاري وناصر بن عبدالكرمي العقل‪ ،‬اؼبوجز يف األدياف واؼبذاىب اؼبعاصرة‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الصميعي‪ ،‬الرياض‪،‬‬
‫‪1413‬ىػ ‪1992-‬ـ‪ ،‬ص‪.85‬‬
‫~ ‪~ 19‬‬
‫الديانة البرىمية‬ ‫الفصل التمهيدي‪:‬‬
‫‪ -‬اليوم اآلخر‪:‬‬

‫يعتقد الربامهة يف اليوـ اآلخر أف عقيدهتم تتمثل يف حرؽ األجساـ ‪،‬كأجساـ كبار السن بعد‬
‫موهتم وذلك ألف النار عند إشتعاؽبا تعلو شعلتها كبو األعلى خبط عمودي على أفق األرض ؽبذا‬
‫تتجو الروح عند اإلحًتاؽ إذل األعلى مباشرة باذباه عمودي‪ ،‬مث تصعد إذل السماء يف اؼبلكوت يف‬
‫أقرب زمن وىذا سبب من األسباب‪ ،‬وىناؾ سبب آخر ىو أف اإلحًتاؽ يتم القياـ بو من أجل‬
‫‪1‬‬
‫زبليص الروح من غبلؼ اعبسم زبليصا تاما‬

‫ومن معتقداهتم أيضا حينما تتخلص الروح وتصعد يكوف أمامها ثبلث عوادل ىي‪ :‬األوؿ العادل‬
‫األعلى وىو عادل اؼببلئكة‪ ،‬وأما الثاين عادل الناس وىو مقر اآلدميُت باغبلوؿ كذلك عادل ثالث وىو‬
‫عادل جهنم وىذا ؼبرتكيب اػبطايا والذنوب واؼبعاصي‪ ،‬والبعث يف العادل اآلخر إمنا ىو لؤلرواح ال‬
‫لؤلجساد‪.2‬‬

‫‪ -‬نفي النبوات‪:‬‬

‫وتعترب عقيدة من عقائدىم وأف الذي يأيت بو الرسوؿ دل خيل من أحد األمرين ومها‪ :‬إف كاف معقوال‬
‫فقد كفانا العقل التاـ على إدراكو والوصوؿ إليو‪ ،‬فبل حاجة إذل رسوؿ أما يف حالة دل يكن معقوال‬
‫فبل يكوف مقبوال‪.3‬‬

‫يقوؿ ابن حزـ‪":‬أف الربامهة يستدلوف على إنكارىم للنبوات بقوؽبم أف بعث الرسل تتناىف مع اغبكمة‬
‫ألف اغبكيم ال يبعث رسوال إذل قوـ يعلم بأهنم يعصونو ويصدوف عن دعوتو"‪.4‬‬

‫ومنشأ الوثنية يف الديانة الربمهية أهنم كانوا يعبدوف القوى اؼبؤثرة يف الكوف وتقلباتو يف زعمهم‪ ،‬مث دل‬
‫يلبثوا أف جسدوا تلك القوى يف اؼبظاىر الطبيعية ‪ ،‬حىت أصبح لديهم الكثَت من اآلؽبة‪.1‬‬

‫‪ -1‬يسر ؿبمد سعيد مبيض‪ ،‬اليوـ اآلخر يف األدياف السماوية والديانات القددية‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الثقافة‪ ،‬الدوحة‪ ،‬قطر‪1412 ،‬ىػ ‪-‬‬
‫‪1992‬ـ‪ ،‬ص ص‪.36-35‬‬
‫‪ -2‬مانع بن ضباد اعبهٍت‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.729‬‬
‫‪ -3‬مصطفى حلمي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.43‬‬
‫‪ -4‬ؿبمود علي ضباية‪ ،‬ابن حزـ ومنهجو يف دراسة األدياف‪ ،‬ط‪ ،1‬داراؼبعارؼ‪ ،‬القاىرة‪1983 ،‬ـ‪ ،‬ص‪.227‬‬
‫~ ‪~ 20‬‬
‫الديانة البرىمية‬ ‫الفصل التمهيدي‪:‬‬
‫‪ -‬الجنة وجهنم في البرىمية‪:‬‬

‫يرتبط حرؽ جثث اؼبوتى يف اؽبند بعبادة إلو النار أغٍت فهو الذي حيدد الرب وإلمث والشر‪ ،‬وربمل‬
‫النار الروح إذل العادل اآلخر‪ ،‬فتتطهر الروح بالنار وتعود لتَتّحد مع إىاهبا السابق يف اليوـ اآلخر‪،‬‬
‫وىناؾ من يستقبل أسبلؼ الروح بفرح‪ ،‬ويف ذلك العادل تتحقق األمنيات‪ ،‬ومن جانب آخر توجد‬
‫النار لكي يناؿ اؼبذنب جزاء مافعل لتتحقق العدالة‪. 2‬‬

‫وللربامهة عقائد لتصور دورة حياة اإلنساف‪ ،‬حيث يروف أف روح اإلنساف خلقت من اإللو مث إنتقلت‬
‫يف ىذا اعبسد الفاين‪ ،‬كذلك ال يؤمنوف باعبنة وال بالنار كما يعتقد اؼبسلموف مثبل ولكنهم يؤمنوف‬
‫جبزاء آخر للمحسن واؼبسيء‪ ،‬فجزاء احملسن أف توضع روحو يف جسد صاحل تنعم فيو‪ ،‬وجزاء اؼبذنب‬
‫‪3‬‬
‫أو اؼبسيء فيتم وضع روحو يف جسد شقي بو‬

‫كما يعتقد اؽبنود بإلو مثلث األقانيم‪ ،‬ومن أرادوا التكلم عنو بصفة األخبلؽ قالوا‪ :‬اإللو برامها‪ ،‬وإذا‬
‫أرادوا التكلم عنو بصفة اؼبهلك قالوا‪ :‬سيفا‪ ،‬ومىت أرادوا وصفو باحملافظ يقولوف اإللو فشنوا ويقولوف أف‬
‫ىذا الثالوث اؼبقدس حاضر يف كل مكاف بالروح والقدرة‪(.‬أنظر اؼبلحق رقم ‪ 50‬و‪)50‬‬

‫قاؿ العبلمة دواف (( إف تصور اػببلص يتم بواسطة تقدمي أحد اآلؽبة كذبيحة‪ ،‬فداء عن اػبطيئة قدمي‬
‫العهد جدا عن اؽبنود الوثنُت وغَتىم‪. 4))....‬‬

‫‪ -1‬ؿبمد أبو الزىرة‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.27‬‬


‫‪ -2‬ميغوليفسكي‪ ،‬أسرار اآلؽبة والديانات‪ ،‬تر حساف ميخائيل اسحاؽ‪ ،‬ط‪ ،4‬دار عبلء الدين‪ ،‬دمشق‪ ،‬سورية‪2009 ،‬ـ‪،‬‬
‫ص‪.125‬‬
‫‪ -3‬سامي عبداهلل اؼبغلوث‪ ،‬أطلس األدياف ‪ -‬تاريخ ‪ -‬عقائد ‪ -‬إنتشار‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة العبيكاف‪ ،‬الرياض‪1428 ،‬ىػ ‪2007-‬ـ‪،‬‬
‫ص‪.616‬‬
‫‪ -4‬ؿبمد طاىر التنَت البَتويت‪ ،‬العقائد الوثنية يف الديانة النصرانية‪ ،‬تح ؿبمد عبداهلل الشرقاوي‪ ،‬د ط‪ ،‬دار الصحوة‪ ،‬القاىرة‪،‬‬
‫‪1998‬ـ‪ ،‬ص ص‪.74-60‬‬

‫~ ‪~ 21‬‬
‫الديانة البرىمية‬ ‫الفصل التمهيدي‪:‬‬
‫‪ -3‬المبحث الثالث‪ :‬العبادات في الديانة البرىمية‬

‫‪ -‬العبادات في الديانة البرىمية‪:‬‬


‫‪ -1‬الصوم‪:‬‬

‫نظرا ألمهية الديانات اغبية يف حياة الشعوب‪ ،‬فإف اؼببادئ األساسية اليت تقوـ عليها ىاتو‬
‫الديانة ىم على الكارما وتناسخ األرواح‪ ،‬ووحدة الوجود وطبقا لذلك يتحدد اإلطار العاـ‬
‫لعبادهتم‪ ،‬حيث إىتمت ديانتهم بالطقوس والشعائر اؼبتعلقة باإللو "برامها" فقدمت لو القرابُت‬
‫وقدستو باعتباره ليس مستقبل يف ذلك‪ ،‬بل حيل يف صبيع ـبلوقاتو الطيب منها واػببيث فيشاركها‬
‫آالمها وآثامها ‪ ،1‬فالعبادة ليست سوى ؾباؿ من ؾباالت التعليم الربامهايت حيث ظهرت لدى‬
‫الربامهانيُت اؼبدارس اؼبستقيمة‪ ،2‬حيث نذكر أف أىم العبادات عند الربامهة ىو الصوـ إذ يعترب من‬
‫أىم وأبرز العبادات لدى الربامهانيُت وىو أمر مفروض ال جيب تفويتو وذباىلو وىو نوعاف‪:‬‬

‫أ‪ -‬الصوم المفروض‪:‬‬

‫وىو خيتلف من طبقة إذل أخرى‪ ،‬فقد فرضت الربمهية على طبقة رجاؿ الدين أف يصوموا‬
‫أوائل الفصوؿ األربعة من العاـ حبيث ال يستقبلوف ىذه الفصوؿ إال وىم صائموف‪ ،‬كما فرضت‬
‫الصوـ أثناء الكسوؼ على اعبميع حبيث ديتنع الناس عن الطعاـ والشراب واعبنس طوؿ فًتة‬
‫الكسوؼ‪ ،‬أما الطبقات العليا فقد أوجبت عليهم عدـ اإلنتفاع دبا يكوف عندىم من طعاـ أو شراب‬
‫وقت الكسوؼ وضرورة التصدؽ بو على أبناء الطبقة الدنيا‪ ،‬وربطيم األواين اليت هبا ىذه األطعمة‬
‫واألشربة‪.3‬‬

‫‪ -1‬عبدالرزاؽ رحيم صبلؿ‪،‬العبادات يف األدياف السماوية (اليهودية واؼبسيحية‪،‬اإلسبلـ)‪ ،‬ط‪ ،1‬األوائل‪ ،‬دمشق‪2001،‬ـ‪،‬‬
‫ص‪.36‬‬
‫‪ -2‬أندريو إديار‪،‬جانُت أوبوايو‪،‬تر‪ :‬فريد ـ داغر‪،‬فؤاد أبوالرحياف‪،‬تاريخ اغبضارات العاـ (روما وامرباطوريتها)‪،‬مج‪،2‬ط‪،2‬منشورات‬
‫عويدات‪ ،‬بَتوت‪ ،‬باريس‪2007 ،‬ـ‪ ،‬ص‪.702‬‬
‫‪ -3‬إبراىيم ؿبمد إبراىيم‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.97- 96‬‬
‫~ ‪~ 22‬‬
‫الديانة البرىمية‬ ‫الفصل التمهيدي‪:‬‬
‫‪ -‬الصوم التطوعي‪:‬‬

‫الصياـ التطوعي وىوصياـ تطوع ونفل وليس فرضا مفروضا عليهم‪،‬ويتوجو اؼبتعبد بصياـ الصمت بكل‬
‫جوارحو وأحاسيسو كبو معبوده‪ ،‬فيمسك بزماـ قلبو ىادئا مركزا فكره يف الواحد‪ ،1‬ويصوـ الربامهة‬
‫صومو نذرا أو تقربا لقضاء حاجة‪ ،‬وقد يكوف يوما أو يومُت أو ثبلثة أياـ ؼبدة شهر كامل حيث‬
‫يصومونو طيا ببل إفطار أو يتخللو إفطار بسيط‪ ،‬كما يتجنب فيو بعضهم تناوؿ األطعمة كاللحوـ‬
‫واأللباف واألظباؾ‪.2‬‬

‫‪ -2‬الحج‪:‬‬

‫لقد كانت مواسم اغبج مظهرا من اؼبظاىر اؽبامة يف جغرافية الربامهانية فقد كانت ىناؾ عدة‬
‫أماكن مقدسة ومفرقة يف صبيع أكباء الببلد‪ ،‬ويعتمد عدد من اغبجاج على وفودىم إذل تلك األماكن‬
‫على درجة السهولة يف اؼبواصبلت‪ ،‬وىناؾ مواسم للحج غَت رظبية وعدة مراكز للحج مثل‪:‬‬

‫‪ -‬رأس كومورين )‪ - (Cape Comorin‬رامس وارام )‪(Rames Waram‬‬

‫‪ -‬بادرينات )‪ - (Badrinath‬كيدرانات )‪ (Kedranath‬ومها واقعتاف يف جباؿ اؽبيمااليا‬


‫قرب هنر الغانج‪) .3‬أنظر إذل اؼبلحق‪.(1‬‬

‫واغبج عندىم تطوع وفضيلة وليس مفروضا عليهم وىو القصد إذل أحد أصنامهم اؼبعظمة‪ ،‬أو‬
‫األهنار اؼبطهرة فيغتسلوف منها‪ ،‬ويؤدوف فروض الطاعة ؼبعبودىم ويسجدوف لو وحيلقوف رؤوسهم‬
‫وغبيتهم حبيث يقدسوف اغبياض الطاىرة ومعظمها يف اعبباؿ الباردة لكوهنا فاضلة باتفاؽ أمر جليل‬
‫فيها أو نص وارد يف الكتب واألخبار‪.4‬‬

‫‪ -1‬عبدالرزاؽ رحيم صبلؿ‪ ،‬العبادات يف األدياف السماوية (اليهودية واؼبسيحية‪،‬اإلسبلـ)‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.37‬‬
‫‪ -2‬إبراىيم ؿبمد إبراىيم‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.97‬‬
‫‪ -3‬دافيد سوفَت‪ ،‬جغرافية األدياف‪ ،‬تر‪ :‬أضبد غساف يبانو‪ ،‬ط‪ ،1‬دار قتيبة‪،‬دمشق‪1990 ،‬ـ‪،‬ص‪.84‬‬
‫‪ -4‬عبدالرزاؽ رحيم صبلؿ‪ ،‬العبادات يف األدياف السماوية (اليهودية واؼبسيحية‪،‬اإلسبلـ)‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.38‬‬
‫~ ‪~ 23‬‬
‫الديانة البرىمية‬ ‫الفصل التمهيدي‪:‬‬
‫إذ أف اؽبنود يقدسوف هنر الغانج ويروف بأف ىذا النهر من اعبنة وروي ابن بطوطة أف الكثَت من‬
‫اؽبنود يغرقوف أنفسهم يف هنر الغانج وىو الذي حيجوف إليو وحيرقوف أنفسهم‪ ،‬فإذا مات أخرجوه‬
‫وأحرقوه ورموا برماده فيو‪.1‬‬

‫ومن بُت األماكن اؼبقدسة مثل بانارس‪ ،‬ىاردوار و دوراكا و ماثورا‪،‬وكاسيوراـ و أجُت‪ ،‬اهلل أباد وأهنار‬
‫مقدسة يغتسل فيها الناس يف مواقيت معروفة فيلقوف أنفسهم يف هنر الغانج ومن ذلك فقد غفرت لو‬
‫اآلؽبة كل خطاياه ‪ ،‬وإعادتو طاىرا جنينا كما ولدتو أمو‪.2‬‬

‫إذ يقوؿ ابن الندمي يف كتابو الفهرست "‪..‬وىذا البيت يف غبف جبل وىو قبة إرتفاعها مائة‬
‫وشبانوف ذراعا‪ ،‬ربجو اؽبند من أقاصي ببلدىم برا وحبرا‪ ،‬والطريق إليو من بلخ مستقيم ويف سفحو‬
‫بيوت للعباد والزىاد‪ ،‬ومواضع للذبائح والقرابُت وهبما صنماف يقاؿ ألحدمها جنبكت واآلخر زنبكت‬
‫وقد استخرجت صورتيهما من طريف وادي عظيم خرطا من حجارة اعببل ‪ ...‬وقاؿ و اؽبند ربج‬
‫إليهما‪ ،‬وربمل معها والدخن و البخور‪(.3...‬أنظر ملحق‪.)8‬‬

‫‪ -3‬الصالة‪:‬‬

‫يف ببلد اؽبند يعبدوف األصناـ بكثرة حيث حيسبوف الصنم يف حد ذاتو حيا‪ ،‬وآخروف ينظروف أف‬
‫بو روحا ويتبع العبادة اليت تقًتف عادة بالصبلة واؼبديح التوقَت والرىبنة (أنظر شكل رقم ‪)5‬وىذه‬
‫اؼبقدسة واإلعًتاؼ بوجودىا‪.4‬‬ ‫تشمل القوة‬

‫والصبلة دبعٌت العبادة وىي نوعاف فاألوؿ يسمى "ياك"أو "يجيا" وىي اشتعاؿ النار يف مكاف‬
‫شا ْد"من أجل جلب حب اآلؽبة‪ ،‬وطلب الكفارة‬‫معُت وقراءة األناشيد خاصة من "الفيدات"و" أُبَانِ َ‬

‫‪ -1‬دافيد سوفَت‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.85‬‬


‫‪ -2‬انيس منصور‪ ،‬ديانات أخرى‪ ،‬د ط‪ ،‬دار الشروؽ‪ ،‬د ـ ف‪ ،‬د س ف‪ ،‬ص ص‪.22-21‬‬
‫‪ -3‬ابن ندمي‪ ،‬الفهرست يف اخبار العلماء واؼبصنفُت من القدماء واحملدثُت اظباء كتبهم‪ ،‬تح‪ :‬رضا ذبدد‪ ،‬ج‪ ،1‬د ـ ف‪ ،‬د س‪،‬‬
‫ص‪.410‬‬
‫‪ -4‬حبيب سعيد‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.18‬‬
‫~ ‪~ 24‬‬
‫الديانة البرىمية‬ ‫الفصل التمهيدي‪:‬‬
‫للذنوب‪ ،‬و"يجيا"لو عدة أشكاؿ ومناسبات كثَتة منها ترسيخ قوائم السلطة‪ ،‬كذلك تقدمي الشكر‬
‫واالمتثاؿ لآلؽبة وقد حدثت فيو عدة تغيَتات كثَتة‪.1‬‬

‫وجا"وىو التسبيح والتمجيد لآلؽبة وتقيم القرابُت من زىور وفواكو وماء خليط‬
‫أما الثاين يسمى "بُ َ‬
‫من الزعفراف‪ ،‬ولكل إلو من اآلؽبة طقوس خاصة بو لتقدمي القرابُت من الزىور واؼباء وغَتمها فالبعض‬
‫يقدـ لو اؼباء من كفة اليد والبعض يقدـ لو اؼباء من وعاء كبَت‪. 2‬‬

‫‪-0‬الزكاة‪:‬‬

‫أما الزكاة فهي ليست فرضا تشريعيا لديهم‪ ،‬بل إف الصدقة على الفقراء واؼبساكُت أمر ؿببذ للنفوس‬
‫كما أهنم يعدوف التصدؽ على الكهنة خدمة لؤلماكن اؼبقدسة يبلقي يف نفوسهم استحسانا كبَتا‬
‫خاصة خبلؿ تأديتهم لفريضة اغبج‪ ،3‬أما الصدقة عندىم واجبة كل يوـ دبا أمكن وال يًتؾ اؼباؿ حىت‬
‫يدور عليو العاـ أو دير شهر‪ ،‬فإف يف ذلك إحالة على ؾبهوؿ ال يعرؼ أإلنساف ىل يبلغو ‪ ،‬فأما دبا‬
‫حيصل لو من جهة الغبلت أو اؼبواشي فالواجب فيو أف يبتدأ للوارل بأداء اػبراج الذي يلزـ األرض أو‬
‫اؼبرعى وبالسدس أجره لو‪.4‬‬

‫‪ -1‬ؿبمد ضياء الرضبن األعظمي‪ ،‬فصوؿ يف أدياف اؽبند (اؽبندوسية والبوذية واعبينيو والسيخية وعبلقة التصوؼ هبا)‪ ،‬ط‪ ،1‬دار‬
‫البخاري‪ ،‬اؼبدينة اؼبنورة‪1997 ،‬ـ‪ ،‬ص ‪.95‬‬
‫‪ -2‬ؿبمد ضياء الرضبن األعظمي‪ ،‬فصوؿ يف أدياف اؽبند‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.95‬‬
‫‪ -3‬عبدالرزاؽ رحيم صبلؿ‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.42‬‬
‫‪( -4‬البَتوين) أبو الرحياف ؿبمد بن أضبد‪ ،‬ربقيق ما للهند من مقولة مقبولة يف العقل أو مرذولة‪ ،‬د ج‪ ،‬د ط‪ ،‬مطبوعة دائرة‬
‫اؼبعارؼ العثمانية‪ ،‬د ـ ف‪1958 ،‬ـ‪ ،‬ص‪.466‬‬
‫~ ‪~ 25‬‬
‫الفصل األول ‪:‬‬
‫البوذية النشأة و االنتشار‬
‫البوذية النشأة واِلنتشار‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫‪ -1‬المبحث األول‪ :‬حياة بوذا‬

‫‪ -‬البوذية قبل بوذا‪:‬‬


‫ىي فلسفلة وضعية إنتحلت البغة الدينية وقد ظهرت يف اؽبند بعد الديانة الربمهية (انظر الشكل‬
‫رقم ‪)2‬يف القرف اػبامس قبل اؼبيبلد‪ ،‬وكانت يف البداية تناىض اؽبندوسية ويف اذباىها بعناية اإلنساف‪،‬‬
‫كما تعد أيضا نظاما أخبلقيا ومذىبا فكريا مبٍت على نظريات فلسفية‪ ،‬على الرغم من أف تعاليمها‬
‫ليست وحي منزؿ وإمنا آراء وعقائد يف ؾباؿ ديٍت‪ ،‬حيث زبتلف البوذية القددية عن اعبديدة غَت أف‬
‫األوذل ذات صبغة أخبلقية يف حُت اعبديدة من تعاليم بوذا(انظر شكل رقم ‪ )1‬منسجمة بآراء‬
‫فلسفية وقياسات عقلية‪ ،‬على الكوف واغبياة حيث أسسها"سدىارتا جوتاما" اؼبلقب ببوذا حوارل‬
‫‪ 560‬ؽ‪.‬ـ – ‪ 480‬ؽ‪.‬ـ وكلمة بوذا تعٍت العادل ويلقب أيضا"سكيا موين" ومعناىااؼبتعكف‪ ،‬وقد نشأ‬
‫بوذا على حدود النيباؿ وكاف أمَتا وشابا مًتفا يف النعيم وتزوج يف التاسعة عشرة من عمره‪ ،‬وؼبا بلغ‬
‫السادسة والعشرين ىجر زوجتو حيث ذىب إذل الزىد متعلقا بو والتقشف واػبشونة يف اؼبعيشة‬
‫والتأمل(أنظر شكل رقم ‪ )3‬يف الكوف ورياضة النفس‪ ،‬وعزـ على أف يعمل على زبليص اإلنساف من‬
‫آالمو اليت منبعها الشهوات‪ ،‬مث قاـ بالدعوى إذل تبٍت وجهة نظره حيث تبعو أناس كثَتوف‪.1‬‬

‫كما جاء يف قولو" لقد جاء عددمن بوذا أي اؼبصلحُت الدينيُت قبلي فلست وحيدا فريدا فيما أتيت‬
‫وإمنا قصدي أف أنَت الطريق أمامكم كما فعل األولوف"‪ ،‬كما يقدر الًتاث البوذي ماال يقل عن‬
‫‪24‬بوذا سبقوا بوذا جوتاما‪ ،‬وليس ىناؾ دليل على وجودىم تارخييا وإمنا وجودىم مؤكد كحقيقة‬
‫ذبلت وأعلنها بوذا جوتاما‪ ،‬كما يقدر ىذا الًتاث أيضا حوارل مائة وعشرين ألف سنة اليت سبقت‬
‫العصر الذي عاش فيو جوتاما يف القرف السادس قبل اؼبيبلد‪ ،2‬أما يف البوذية اؼبتأخرة (انظر شكل رقم‬
‫‪)4‬قد ظهرت فكرة تقوؿ إف اغبقيقة عن اػببلص يدعوا إليها يف العادل بُت حُت وحُت‪،‬‬
‫و"بوذات"ليس غوتاما بوذا الذي ينتمي إذل جنس "الشاكيا" إال واحد منهم‪ .‬ففي كل عصر عاؼبي‬
‫ٌ‬

‫‪ -1‬مانع بن ضباد اعبهٍت‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.758‬‬


‫‪ -2‬كامل السعفاف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.199‬‬
‫~ ‪~ 27‬‬
‫البوذية النشأة واِلنتشار‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫ويف كل منطقة من الكوف كلو ال من األرض وحدىا يظهر بوذات من حُت إذل حُت وليس غوتاما‬
‫بوذا ىو األخَت يف عصرنا وإمنا سيتلوه آخروف‪.1‬‬

‫‪ -‬مولده ونشأتو‪:‬‬
‫نشأ بوذا يف شرؽ اؽبند جبانب فبلكة"كوساال" )‪ (Kousala‬بُت مدينة بنارس وجباؿ اؽبيمااليا‬
‫مشاؿ هنر الكنج اؼبقدس‪ ،‬حيث تقع اآلف على حدود النيباؿ‪ ،‬كاف لديها إمتداد شاسع من األراضي‬
‫اػبصبة اػبضراء النافعة واألشجار الطيبة‪ ،‬وكانت ىذه األرض موطن قبيلة ساكيا )‪ (Sakya‬من‬
‫الطبقة الكشًتية‪ ،‬وكاف أمراء ىذه القبيلة ىم اصحاب السيادة على ىذه اؼبنطقة وسبلطينها‪.‬‬

‫فكاف والد بوذا اؼبسمى "سدودانا"( ‪ (Suddhodana‬القاطن يف قرية تسمى " كبيبلواثور"‬
‫)‪ (Kapilawathur‬وىو أحد نببلء ىذه القبيلة وكانت لو يف ىاذه األرض مساحات كبَتة ومزارع‬
‫كثَتة وقصور عالية‪ ،‬وكاف متزوجا نبيلة إظبها مايا )‪ (Maya‬حيث كانوا يعيشوف يف ىذا النعيم اؼبقيم‬
‫واجملد العظيم‪ ،‬ويف سنة ‪563‬ؽ‪.‬ـ أقبب ىذاف األبواف طفبل أطلق عليو سذىارتا )‪(Siddharta‬‬
‫وماتت أمو يف األسبوع األوؿ من والدتو‪.2‬‬

‫أما عن األساطَت اليت نسجت عن والدة بوذا فتقوؿ األسطورة‪ :‬أف اؼبلكة بعد تأدية الشعائر الدينية‬
‫وقطعت على نفسها عهود‪ ،‬إذ دخلت ـبدعها ورأت رؤية مفادىا أف أربعة ملوؾ عظماء يرفعوهنا يف‬
‫سريرىا ويأخذوهنا إذل جباؿ اؽبيمااليا ويضعوهنا على ىضبة‪ ،‬مث رأت ملكات ىؤالء اؼبلوؾ األربعة‬
‫يأتُت إليها ويأخذهنا إذل حبَتة ويضعنها يف اؼباء إلزالة الصبغة البشرية منها‪ ،‬حيث يلبسنها أردية‬
‫ظباوية ويعطرهنا بالعطور وتزينها بالزىور اؼبقدسة‪ ،‬ودل يكن على مبعدة منها أف رأت جببل من فضة‬
‫عليو قصر من ذىب وىناؾ أعددف ؽبا سريرا إؽبيا رأسو إذل الشرؽ وأرقدهنا عليو‪ ،3‬ىنا إنقلب بوذا‬

‫‪ -1‬البَتثويتزر‪ ،‬فكر اؽبند‪ ،‬تر يوسف شلب الشاـ‪ ،‬ط‪ ،1‬د ج‪ ،‬دار طبلس‪ ،‬دمشق‪1994 ،‬ـ‪ ،‬ص‪.105‬‬
‫‪ -2‬أضبد شليب‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.131‬‬
‫‪ -3‬كامل السعفاف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ص‪. 200-199‬‬
‫~ ‪~ 28‬‬
‫البوذية النشأة واِلنتشار‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫فيبل أبيض آتيا إليو من جهة الشماؿ وكاف حيمل زىرا أبيض من زىرة اللوتس ودخل قصر الذىب‬
‫ودار إذباه اليمُت أي حوؿ سرير مايا مث ضرب جنبها األدين وهبذا تلقى حياة جديدة‪.1‬‬

‫بذلك صبع اؼبلك الربامهة ليفسروا اغبلم‪ ،‬فقالوا لو يكوف لك ابن لو سكن بيتا فيكوف ملكا على‬
‫الدنيا بأسرىا‪ ،‬أما إف ترؾ داره فَتفع بوذا الغشاوة عن عيوف الناس‪ ،‬وبالتارل ضبلت اؼبلكة عشرة أشهر‬
‫وؼبا آف أواهنا رغبت يف الذىاب إذل بيت أىلها‪ ،‬ويف الطريق رغبت اؼبلكة يف اإلسًتاحة ربت الشجرة‬
‫وأمسكت بأحد فروعها فأتاىا اؼبخاض ووضعت وليدىا‪ .2‬وبعد الوالدة عادت األـ وابنها إذل قصر‬
‫زوجها‪ ،‬ويف اليوـ اػبامس بعد الوالدة أقاـ "سودىودانا" حفبل كبَتا اجتمع فيو الربامهة والعرافوف‬
‫واؼبنجموف واؼبتطلعوف علىأسرار العبلمات وقرروا صبيعا بأف سيكوف ؽبذا الطفل شأف عظيم‪ ،‬ودل ديض‬
‫يوماف على ىذا اغبفل الكبَت الذي اجتمع فيو الكهنة‪ ،‬حىت وافت اؼبلكة مايا اؼبنية وتركت إبنها وىو‬
‫دل يتجاوز أسبوعا واحدا من العمر‪ ،‬وبقد كفلتو خالتو زوجة أبيو الثانية اليت دل تنجب اطفاال وتولتو‬
‫بالرعاية واغبماية والعطف واغبناف وخصصت لو مرضعة رحيمة‪.3‬‬

‫‪ -‬زىده‪:‬‬
‫اعتقد جوتاما أف عذاب اغبياة يطارد اإلنساف سواء كاف يف فعل اػبَت أو الشر لكنو صمم على‬
‫العثور ماخيلصو من ىذه اآلالـ‪ ،‬ولعل رؤيتو للناسك قد أوحى إليو أنو قد مت قطع صلتو باغبياة‬
‫والتوجو كبو الزىد والتأمل‪ ،‬وكانت ىذه اؼبثل العليا للحياة يف ذلك العصر‪ ،‬بينما توجو جوتاما إذل‬
‫فبلكة مغده ليبدأ حياة جديدة اليت إختارىا لنفسو‪ ،‬وأثناء ذبولو يف الغابات اؼبؤدية إذل ىاتو اؼبملكة‬
‫صادؼ صباعة من الزىاد يسكنوف يف ىذه الغابات بعيدا عن أصوات اجملتمعات‪ ،‬فتقدـ إليهم مث قاـ‬
‫بإلقاء التحية عليهم وأخربىم بأنو زاىد جديد يهجر الدنيا وأنو عزـ على السَت يف طريق الزىد فطلبوا‬
‫منو اإلنظماـ إليهم واإللتحاؽ هبم والقياـ دبا يقوموف بو من واجبات روحية ومشاركتهم اغبياة يف‬
‫الغابة‪ ،‬غَت أف جوتاما ليس لو علم هبذه األعماؿ الروحية حيث دل ينارسها من قبل فطلب من‬

‫‪ -1‬عبلء جبار جاين‪ ،‬رسالة من متلطبات نيل درجة ماجيسًت(الديانة البوذية وأثرىا يف اجملتمع اؽبندي القدمي‪558‬ؽ‪.‬ـ‪-‬‬
‫‪100‬ـ)‪ ،‬جامعة واسط ‪ ،‬كلية الًتبية‪ ،‬قسم التاريخ‪1435 ،‬ىػ ‪2014-‬ـ‪ ،‬ص‪.45‬‬
‫‪ -2‬كامل السعفاف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.200‬‬
‫‪ -3‬عبدالعزيز ؿبمد الزكي‪ ،‬قصة بوذا‪ ،‬د ط‪ ،‬د ج‪ ،‬مؤسسة اؼبطبوعات اغبديثة‪ ،‬الدار اؼبصرية‪ ،‬د ت‪ ،‬ص ص‪.12-11‬‬
‫~ ‪~ 29‬‬
‫البوذية النشأة واِلنتشار‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫كبَتىم أف خيربه حوؿ طرؽ اجملاىدات اليت ديارسوهنا‪ ،‬ويبُت لو الباعث من أدائها ويوضح لو الغاية‬
‫اليت يهدفوف إليها‪.1‬‬

‫‪ -‬وفاتو‪:‬‬
‫تروى األساطَت أف الشيطاف "مارا" واجو بوذا مرة أخرى على كبو مافعل مرات عديدة خبلؿ‬
‫السنوات اليت انقضت منذ أف أصبح بوذا‪ ،‬حيث كاف دوما يرجع مهزوما ويف ىذه اؼبرة كذلك أصر‬
‫عليو اإلنسحاب من اغبياة األرضية ودخولو يف النَتفانا كما تلقى الشيطاف ىذه اؼبرة على مايبدوا أهنا‬
‫إجابة مقبولة‪ ،‬فقد أكد لو بوذا أف ىذه النهاية ستكوف بعد ثبلثة أشهر من ذلك اليوـ‪ ،‬وبعد سبعة‬
‫أياـ من وفاة بوذا يف مدينة"كوشنجار"‪ ،‬حيث مت حرؽ جثتو وأقيم إحتفاال هبذه اؼبناسبة على غرار ما‬
‫كاف حيدث عند وفاة اؼبلك ألهنم تذكروا أنو كاف ابن ملك‪ ،‬ومت تقسيم رفاتو بالتساوي على شباين‬
‫ؾبموعات ونقلت كل صباعة نصيبها حيث أقيمت فوقو ضرحيا وبالتارل أصبح ىذا الضريح مركزا‬
‫للعبادة‪.2‬‬

‫وعلى شاطئ النهر وفوؽ أرض رملية فسيحة‪ ،‬أثناء حرقو بدأ كل واحد منهم يطوؼ حوؿ اعبثة‬
‫ثبلث مرات جامعا كفيو إزاء صدره‪ ،‬مث يقف عند قدـ اؼببارؾ وينحٍت إحًتاما وإجبلال لو‪.‬‬

‫وقبل موتو دبدة زمنية قصَتة قاـ بوذا بدعوة الرىباف وأعطاىم فرصة لتوجيو أسئلة هنائية لو‪،‬ولكنو‬
‫دل حيصل على أي سؤاؿ فبا يعٍت أنو حبلوؿ ذلك الوقت فإف تعاليمو قد كانت مشروحة بالكامل‬
‫ومفهومة أيضا من قبل أتباعو‪ ،‬وبعد ذلك تلفظ بوذا بكلماتو األخَتة"التلف كامن يف كل األشياء‬
‫تأكدوا من احملاولة بعقل منفتح من أجل النَتفانا" مث بكل ىدوء واتزاف دخل يف مستويات عدة من‬
‫‪3‬‬
‫اؼبراحل التأملية‪ ،‬قبل دخولو يف حالة النَتفانا النهائية‬

‫‪ -1‬عبلء جبار جاين‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.51‬‬


‫‪ -2‬علوية منصوري‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة اؼباسًت(ديانة اغبكماء الثبلث‪ ،‬كونفوشيوس‪ -‬بوذا‪ -‬زرادشت)‪،‬جامعة ‪08‬ماي‪،1945‬‬
‫قاؼبة‪ ،‬كلية العلوـ االنسانية واالجتماعية‪ ،‬قسم التاريخ واآلثار‪1434،‬ىػ ‪2013-‬ـ‪ ،‬ص‪.58‬‬
‫‪ -3‬دامٍت كيوف‪ ،‬مدخل إذل البوذية‪ ،‬تر سعيدالدين خرفاف‪ ،‬د ط‪ ،‬د ج‪ ،‬دار رسبلف‪ ،‬سوريا‪ ،‬دمشق‪2007 ،‬ـ‪ ،‬ص ص‪-30‬‬
‫‪.31‬‬
‫~ ‪~ 30‬‬
‫البوذية النشأة واِلنتشار‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫كما قيل أيضا عن وفاة بوذا‪ ،‬أنو ؼبا بلغ الثمانُت عاما مرض فجأة وعرؼ أف النهاية قد حلت‪،‬‬
‫وأخذ رىبانو يبكوف ويقولوف‪ :‬إف سيدنا سيًتكنا‪ ،‬والتفت إليهم بوذا وىو يقوؿ"عندما أموت وال‬
‫أصبح بينكم‪ ،‬أو أنو دل يعد موجودا بينكم‪ ،‬فلديكم كلمايت وتعاليمي من أجل اغبقيقة‪ ،‬وليكن‬
‫دليلكم تلك التعاليم اليت علمتكم‪ ،‬وبعد قولو ىذا مات وكاف دلك عاـ ‪ 470‬ؽ‪.‬ـ‪.1‬‬

‫‪ -2‬المبحث الثاني‪ :‬تنظيم جماعة بوذا‬

‫أ‪ -‬التعاليم والكتب البوذية‪:‬‬


‫إف طبيعة تعاليم بوذا التقشفية (انظر شكل رقم‪) 6‬جعلت حياة أتباعو يف حالة من التقشف‪ ،‬إذ‬
‫عاشوا يف صباعات تقيم يف إسًتاحات خارج اؼبدف القريبة من القرى وبسب تزايد أعدادىم وضعوا‬
‫تنظيمات توضح شروط إنظاـ األفراد اذل اعبماعة فضبل عن اللوائح اليت سبدد عبلقات أعضاء‬
‫اعبماعة وعبلقاهتم بسكاف القرى اجملاورة وتبُت نوع مسكنهم وملبسهم وماكلهم ومشرهبم وترسم‬
‫حياهتم اليومية وتوضح ؽبم سلوؾ اػبَت من الشر وما ىو مناسب لعضو اعبماعة وربرـ ما ىو خارج‬
‫عن أصوؿ لوائح اعبماعة وبالنهاية فإف التعاليم تفرض عقوبات على كل من خيالف تلك اللوائح‬
‫حىت حيافظ العضو دائما على طهارتو وال يصرفو شيء عن غايتو‪.‬‬

‫حيث دل يضع بوذا نظم اعبماعة دفعة واحدة بل وضعت بالتدريج وغالبا عند إستفسار األتباع‬
‫عن تصرؼ من تصرفات يشكوف يف سبلمتو أو يعدونو خارجا عن قانوف بوذا‪،‬أي أف ىذه اللوائح دل‬
‫توضح بطريقة ؾبردة بعيدة عن حياة البوذيُت‪ ،‬وإمنا كاف لكل الئحة حادثة معينة حفزت لوضعها بل‬
‫أف بنود كل الئحةدل تسن دفعة واحدة وإمنا كاف يضاؼ إليها بنود جديدة من حُت إذل آخر حبسب‬
‫ما يطرأ من ـبالفات ومبلبسات‪ ،‬وكانت اللوائح تشكل تدرجييا كلما أصبحت اغباجة ماسة لذلك‬
‫وىكذا ظل بوذا طواؿ حياتو يضع قوانُت صباعتو يغَت فيها أو يضيف إليها كلما حصل إلتباس يف‬
‫فهم بند من البنود‪ ،‬بل إف وضع ىذه القوانُت دل يقف بعد موت بوذا ظل مريدوه ومن بعده يسنوف‬

‫‪ -1‬سليماف مظهر‪ ،‬قصة الديانات‪ ،‬د ط‪ ،‬د ج‪ ،‬مكتبة مدبورل‪ ،‬القاىرة‪1995 ،‬ـ‪ ،‬ص ص ‪.137-136‬‬
‫~ ‪~ 31‬‬
‫البوذية النشأة واِلنتشار‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫القوانُت كلما نشأت حوادث ليس ؽبا نصا يف لوائح بوذا وكانوا ينسبوف ىذه القوانُت إذل بوذا نفسو‬
‫لكي يكسبوىا قوة وتأثَتا على أعضاء اعبماعة‪.1‬‬

‫وأخذ إىتماـ بوذا يزداد بإزدياد أعضاء صباعتو وبعد أف أصبحوا ؾبتمعا مركبا حيتاج إذل كثَت من‬
‫التنظيمات حىت يتجنب التصادـ واإلختبلؼ بُت أعضاء ىذه اعبماعة ويتبع اؼبودة والصفاء بُت‬
‫اعبميع ويدعوا إذل سباسك اعبماعة ويوطد عبلقات األعضاء ألىل القرى حىت يظهر البوذيوف دبظهر‬
‫الزىاد إال بتحقيق الطهارة اليت تؤدي اذل اػببلص فبا حيث األىارل على اإلدياف بدعوه بوذا‪. 2‬‬
‫ومن اؼبعلوـ أف بوذادل يؤلف كتابا خاصا أو دستور جامعا واضح اؼبعادل حيتوي على تعاليم دعوتو‬
‫ومبادئ فلسفتو‪ ،3‬بل كاف يلغي اػبطب واؼبواعظ على تبلميذه‪ ،‬كما أهنم أيضادل يهتموا بتدوين ىذه‬
‫اؼبواعظ‪ ،‬فهناؾ بعض النصوص يف الكتب البوذية فيها التصريح بأف بوذا كاف دينع أتباعو من كتابة‬
‫دروسو‪ ،‬حيث كانت ىذه اؼبواعظ تنقل شفويا‪ ،‬لكن بعد مضي عدة قروف وقع التحريف والتبديل يف‬
‫الكثَت من التعاليم إال أف ىناؾ بعض األمور يدعي البوذيوف أهنا متفق عليها لدى صبيع الفرؽ البوذية‬
‫وإف كاف ىناؾ خبلؼ كثَت يف التفسَت والتعبَت وىي اليت تسقى باغبقائق اؼبقدسة األربعة عندىم‪.‬‬
‫– الحقيقة األولى‪ :‬وجود اغبزف يقوؿ بوذا الوالدة حزف والكهولة حزف واؼبرض حزف واؼبوت حزف‬
‫وعدـ الوصوؿ إذل احملبوب حزف‪.‬‬

‫‪ -‬الحقيقة الثانية‪ :‬يف أسباب وجود اغبزف يقوؿ بوذا يف األمنية الكاذبة والشهوات اؼبهلكة اليت تؤدي‬
‫إذل الوالدة من جديد‪.‬‬

‫‪ -‬الحقيقة الثالثة‪ :‬يف القضاء على اآلالـ واغبزف يقوؿ بوذا ىي إماتة الشهوات والرغبات واجتناب‬
‫عن اغباجات الزائدة والسعي يف قطع العبلقات الدنيوية واختيار العزلة التامة‪.4‬‬

‫‪ -1‬عبدالعزيز ؿبمد الزكي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.107-106‬‬


‫‪ -2‬عبدالعزيز ؿبمد الزكي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.107‬‬
‫‪ -3‬ؿبي الدين األلوائي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.271‬‬
‫‪ -4‬ؿبمد ضياء الرضبن األعظمي‪ ،‬دراسات يف اليهودية واؼبسيحية وأدياف اؽبند‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.642-641‬‬
‫~ ‪~ 32‬‬
‫البوذية النشأة واِلنتشار‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫‪ -‬الحقيقة الرابعة‪ :‬األعماؿ اليت تساعد على القضاء على اآلالـ واألحزاف يقوؿ العلماء البوذيوف يف‬
‫شبانية أصوؿ ىي‪:‬‬

‫اإلعتقاد الصحيح‪ :‬ويقصدوف بو اإلعتقاد باغبقائق األربعة اؼبذكورة‪.‬‬

‫النية الصاغبة‪ :‬ويقصدوف هبا نفي الذات والسعي يف اػبلق مث يقولوف ىذا حيصل بثبلثة طرؽ بًتؾ‬
‫الدنيا ولذاهتا وترؾ العداو وترؾ القتاؿ‪.‬‬

‫‪ -3‬القوؿ الشديد ويقصدوف بو ترؾ ماال يعنيو واالشتغاؿ دبا يفيده‪.‬‬

‫‪ -4‬الفعل اغبسن ويقصدوف بو التذكر باألجساـ اؼبركبة من أجزاء النجسة‪.‬‬

‫‪ -5‬الكسب الصحيح ويقصدوف بو القدر الكايف من القوت اليومي‪.‬‬

‫‪ -6‬السعي اؼبشكور ويقصدوف بو القياـ باألعماؿ النافعة‪.‬‬

‫‪ -7‬الذكرى الصاغبة ويقصدوف هبا تذكر بوذا وأحوالو وسَتتو‪.‬‬

‫‪ -8‬اؼبراقبة الصحيحة ويقصدوف هبا مراقبة بوذا وتذكره وإحضاره يف القلب‪.1‬‬

‫إف أقدـ الروايات اليت ربدثت عن حياة بوذا وتعاليمو موجودة يف الًتيبيتاكا )‪ (Tripitaka‬وىي‬
‫كلمة تعٍت السبلؿ الثبلث حيث يتألف من ثبلثة ؾبموعات وىي ‪:‬‬

‫‪ -‬سوترابيتاكا )‪ (Sutra-Pitaka‬وتضم ىذه اجملموعة اؼبواعظ واػبطب اليت ألقاىا بوذا ‪.‬‬
‫‪ -‬فينايابيتاكا )‪ (Vinaya-pitaka‬كما تضم ىذه اجملموعة قواعد النظاـ‪.‬‬

‫‪ -‬أهبيدارمابيتاكا )‪ (Abhidarma-Pitaka‬تضم ىذه اجملموعة مذىب بوذا‪.‬‬

‫حيث سجلت كتابة مواعظ بوذا منذ القرف الثالث قبل اؼبيبلد ‪،‬كما تعرؼ اللغة اليت سجلت هبا‬
‫ىذه اؼبواعظ‪ ،‬دل تكن السنسكريتية وإمنا البارل" ‪ "Pali‬اليت ىي ؽبجة الشماؿ الشرقي يف اؽبند حيث‬
‫أصبحت باللغة اؼبقدسة للبوذية‪. 1‬‬

‫‪ -1‬ؿبمد ضياء الرضبن األعظمي‪ ،‬فصوؿ يف أدياف اؽبند‪ ،‬ص ص‪.137-136‬‬


‫~ ‪~ 33‬‬
‫البوذية النشأة واِلنتشار‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫فضبل عن ىذه اجملموعات أو اؼبصادر الثبلث ىناؾ مصادر أخرى ولكن دل تصنف ضمن اؼبصادر‬
‫األساسية ومنها أسئلة اؼبلك ميليندا وفيزددياغا‪.2‬‬

‫حيث قبد يف اؼبيليندابانيها مسائل ميليندا عرضا قيما ؼبذىب بوذا ‪ .‬وبعد ميليندا ىو األمَت‬
‫اإلغريقي ميناندر الذي حكم مابُت عامي ‪95-125‬ؽ‪.‬ـ يف باكًتياف ومدى سلطتهم على عدد‬
‫من اؼبقاطعات اؽبندية‪ ،‬وبعد موتو انفصلت اإلمارات اؽبندية من جديد عن فبلكتو‪.‬‬

‫يف اؼبيلندابانيها يطرح األمَت الذي كاف مهتما بالبوذية بطرح أسئلة على الناسك الذي كاف يرد‬
‫عليو بعمق‪ ،‬وىذا الكتاب يف شكلو البدائي ال بد أنو ألف يف بداية القرف اؼبسيحي األوؿ مث أضيفت‬
‫عليو بعد ذلك ؾبموعة من اإلضافات‪. 3‬‬

‫حيث ىناؾ كتاب آخر يهتم باللوائح يعددىا ويذكر مبلبسات كل الئحة والظروؼ اليت‬
‫طرأت عليها من إضافة ويعرؼ ىذا الكتاب بػ دامابادا )‪ )Dhammapada‬أو كتاب بوذا‬
‫اؼبقدس‪ ،‬حيث يعد من أشهر األدبيات يف أوساط البوذيُت ؼبا تضمنو بُت طياتو من آراء يف نفوسهم‬
‫فضبل عن ذلك إمتاز ببساطة يف عرض التعاليم البوذية‪. 4‬‬

‫كما يعرؼ أف ىذا الكتاب ىو األىم واؼبعتمد لدى البوذيوف وتتكوف كلمة دامابادا من كلمتُت‬
‫"داما" وتعٍت الدين او اغبكم او النظاـ و"بادا" وتعٍت الطريق والقوة ‪،‬األساس من ؾبموع الكلمتُت‬
‫يكوف اؼبعٌت اؼبراد من ىذا الًتكيب ىو الطريق اذل الدين أو النظاـ األساسي للتعبد البوذي‪.5‬‬

‫‪ -‬النشأة والتطور والتنظيم‪:‬‬


‫واجهو اعبماعة البوذية مشكلة سبثلت يف إلتحاؽ أفراد بسلك اعبماعة فقد أباح بوذا يف بادئ‬
‫األمر دخوؿ اعبميع مهما إختلفت طبقاهتم يف سبيل ربقيق النَتفانا‪ .‬لذا فقد كاف يقتل الصغار‬

‫‪ -1‬البَت ثويتزر‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.82‬‬


‫‪ -2‬عبلء جبار جاين‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.65‬‬
‫‪ -3‬البَت ثويتزر‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.82‬‬
‫‪ -4‬عبلء جبار جاين‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.66‬‬
‫‪ -5‬رؤوؼ سبهاين‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.149‬‬
‫~ ‪~ 34‬‬
‫البوذية النشأة واِلنتشار‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫والكبار واؼبدنيُت واعبند‪ ،‬وكاف يقتل الرجاؿ دوف النساء حيث أصبح اإللتحاؽ بالبوذية كثَتا وجملاهبة‬
‫ذلك وضع بوذا شروطاً خاصة فيما بعد جيب أف تتوفر يف كل من يرغب اإللتحاؽ جبماعتو‬
‫والشروط ىي كاآليت‪:‬‬

‫‪ -‬أال يقل عمر اؼبتقدـ عن ‪ 15‬سنة وعلى أف يوافق والده خوفا من أف يكوف وحيدمها ومصدر‬
‫رزقهم وأملهم يف اؼبستقبل ‪.‬‬

‫‪ -‬أف يكوف سليما خاليا من األمراض اؼبعدية حىت ال تنتشر عدوى مرضية بُت أعضاء اعبماعة‪.‬‬

‫‪ -‬أف يكوف مدنيا وليس جنديا عليو إلتزامات للدولة‪.‬‬

‫‪ -‬أف يكوف بريء الذمة من كل دين أو تعهد وعليو أف يشدد ما عليو قبل اإللتحاؽ باعبماعة ‪.‬‬

‫أما بالنسبة للنساء فقد امتنع بوذا عن قبوؽبن يف أوؿ األمر ولكن بعد ذلك ظبح ؽبن بالدخوؿ‬
‫يف دينو ‪ ،‬وبذلك أف كل من تتوفر فيو ىذه الشروط من الرجاؿ والنساء ال يقبل يف اعبماعة قبوؿ‬
‫تلقائيا إذ ال يقبل أي فرد من عامة الطوائف دبجرد أف يبدي رغبتو يف اإلنضماـ إذل اعبماعة‪ ،‬إال إذا‬
‫كاف من الزىاد أو الفبلسفة الذي تسمح ؽبم ثقافتهم الواسعة على إستيعاب اإلذباىات البوذية‪.1‬‬

‫لذلك يعطي ؽبم مهلة ثبلثة أشهر من وقت طلبهم اإللتحاؽ باعبماعة للتثبت من إدياهنم من‬
‫تعاليم بوذا‪ ،‬وذلك حىت ال تقر اعبماعة بقبوؿ أبطاؿ مث يعود بعد حُت وخيرج عليها وحين بعقيدتو‬
‫القددية وؼبعرفة مدى قوتو ورغبتو يف اإللتحاؽ باعبماعة ويدركو جيدا ما ىو مقبل عليو من حياة‪.2‬‬
‫وبعد ىذه األشهر الثبلثة يعقد الطالب ؾبلس بسيط للقبوؿ قبوؿ مبدئيا يف اعبماعة و يتكوف ىذا‬
‫اجمللس من عدة أعضاء يكوف على رأسهم بوذا نفسو أو مرشد متمكن من قانوف بوذا‪. 3‬‬

‫يف بداية ىذه اعبلسة يعلن الطالب إظبو ورغبتو باإللتحاؽ باعبماعة مث يؤكد رغبتهم الوطيدة يف‬
‫إتباع مدى قانوف بوذا وسعيو اغبقيقي يف الوصوؿ إذل النَتفانا كما يزكى سلوكو أعمالو اػبَتة فإذا‬

‫‪ -1‬عبلء جبار جاين‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.62‬‬


‫‪ -2‬عبدالعزيز ؿبمد الزكي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.110 -108‬‬
‫‪ -3‬عبلء جبار جاين‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.62‬‬
‫~ ‪~ 35‬‬
‫البوذية النشأة واِلنتشار‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫إقتنع أعضاء اجمللس يقبل الطالب قبوال مبدئيا ويعينوف لو مرشدا يشرؼ على توجيهو ونصحو واعداده‬
‫ؼبعرفة تعاليم بوذا حىت تقبلو اعبماعة قبوال هنائيا يف ؾبلس آخر يعقد عادة بعد شباف سنوات من قبوؿ‬
‫اؼببدئي‪.‬‬

‫فعند قبوؿ الطالب فإنو عادة ال يقطع صلتو باغبياة االجتماعية قطعا تاما إذ ال يسمح لو القياـ‬
‫ببعض األعماؿ التجارية‪ ،‬حىت ال يعتمد اعتمادا كليا يف طلباتو اػباصة على اعبماعة فيحق لو أف‬
‫يكسب بعض اؼباؿ الذي ديكنو من تلبية حاجاتو الضرورية‪ ،‬فلو أف يتاجر ويربح من دوف أف يتعارض‬
‫يف ذلك مبادئ بوذا تعاليمو اليت تدعوا إذل احملبة والطهارة‪ ،‬وربرـ قتل أي كائن حي وبعد أف تنتهي‬
‫فًتة شباف سنوات حيق للطالب أف يطلب تعيينو تعيينا هنائيا يف اعبماعة ألنو يكوف خبلؿ ىذه اؼبدة قد‬
‫درس قانوف بوذا من صبيع النواحي وذىب عنو كل شك وريبو وصفاء ذىنو صفا تاما فالطالب أف‬
‫يستأذف بوذا أو مرشده أف يعينو عضوا عامبل يف اعبماعة‪ ،‬عند ذلك يتأكد بوذا أو مرشده من‬
‫طهارتو وحسن فهمو لتعاليم بوذا وقدرتو على اإلندماج يف سلك صباعة بوذا‪ ،‬وبذلك يعقد للطالب‬
‫ؾبلس يتكوف من مرشدين ورئيس ؾبلس‪.1‬‬

‫بعدىا يتقدـ الطالب إذل اجمللس ويطلب ثبلث مرات أف يصبح مريدا‪ ،‬ويقوؿ للرئيس(ياسيدي‬
‫أقبل واظبح بتعيٍت حىت أستطيع أف أىرب من اآلالـ وأجرب حياة النَتفانا)‪ .‬مث ينسحب الطالب بعد‬
‫ذلك من اجمللس ويعود مث يركع أماـ الرئيس مرددا ىذه العبارة" أتيت أللوذ ببوذا‪ ،‬أتيت أللوذ‬
‫بالقانوف‪ ،‬أتيت أللوذ بالنظاـ"‪ .‬مث يرد بعد ذلك قسما مكونا من عشرة بنود تنص على اؼببادئ األوذل‬
‫اليت جيب أف يتبعها اؼبريد ليبدأ حياتو الطاىرة ويسَت يف سلك النَتفانا‪ ،‬وبنود ىذا القسم ىي‪:‬‬

‫‪ -1‬أقسم أال أزىق حياة ‪.‬‬

‫‪ -2‬أقسم أال أسرؽ‪.‬‬

‫‪ -3‬أقسم أال أقوؿ الكذب‪.‬‬

‫‪ -4‬أقسم أال أزف‪.‬‬

‫‪ -1‬عبدالعزيز ؿبمد الزكي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪112-111‬‬


‫~ ‪~ 36‬‬
‫البوذية النشأة واِلنتشار‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫‪ -5‬أقسم أال أشرب طبرا‪.‬‬

‫‪ -6‬أقسم أال آكل طعاما أصبح جاىزا يف غَت أوانو‪.‬‬

‫‪ -7‬أقسم أال أتطيب بالعطور وال أتزين بالورود واغبلي‪.‬‬

‫‪ -8‬أقسم أال أرقص وال أحضر مرقصا وال حفل غناء‪.‬‬

‫‪ -9‬أقسم أال أقتٍت فراشا وتَتا‪ ،‬وأال أقتٍت أرائك فخمة وال وسائد وال حشايا وتَتة‪.‬‬

‫‪ -11‬أقسم أال آخذ ذىبا وال فضة‪.1‬‬

‫بعد أف ينتهي من ترديد ىذا القسم أماـ اجمللس يقدـ الطالب إحًتاماتو للرئيس وينسحب على‬
‫غرار أنو أصبح مريدا وعضوا‪.2‬‬

‫وقد يسكن العضو اعبديد يف أوؿ األمر يف مسكن مرشده الذي يأخذ يف نصحو وإرشاده‪ ،‬ولكن‬
‫سرعاف ماينتقل اؼبريد إذل اؼبسكن اػباص بو‪ ،‬ويتصرؼ إذل بذؿ كل مايستطيع من جهد للسيطرة‬
‫على صبيع أىوائو ونزعاتو‪ ،‬وال يشغل ذىنو يف أمور الدنيا وعليو أف يستجدى قوت يوـ بيوـ‪.3‬‬

‫كما كانت حياة بوذا اليومية منوذجا سار على منوالو صبيع اؼبريدين‪ ،‬فكانت حياة الغابات ىي‬
‫خَت دليل على حياة الوحدة‪ ،‬ولكن بوذا منذ إستنارتو دل يعش منفردا إال أنفار قبلئل من اؼبتزمتُت‬
‫البوذيُت لذا عاش معظم أتباع بوذا يف صباعات داخل الغابات واغبدائق‪ ،‬حيث قاـ األثرياء ببناء ؽبم‬
‫إسًتاحات دبوصفات فبيزة كأف تكوف بعيدة عن اغبيوانات اؼبتوحشة حىت تكوف ظاىرة لعامة الناس‬
‫ويتم رؤية سلوكات أتباع بوذا حبيث يلبس كل عضو مبلبس رخيصة‪ ،4‬مصنوعة من أقمشة برتقالية‬
‫اللوف ال قيمة ؽبا‪ .‬كاػبرؽ البالية اليت تؤخذ من أكواـ األوساخ‪ ،‬فإذا منح للعضو قماشا جديدا جيب‬
‫أف يقص منو قطعا صغَتة حىت يفقد قيمتو التجاريةمث تضع منو األردية‪ ،‬وتتكوف مبلبس الرجل من‬

‫‪ -1‬ؿبمد أبو الزىرة‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.76‬‬


‫‪ -2‬عبدالعزيز ؿبمد الزكي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪114-113‬‬
‫‪ -3‬عبدالعزيز ؿبمد الزكي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.115‬‬
‫‪ -4‬عبلء جبار جاين‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.64‬‬
‫~ ‪~ 37‬‬
‫البوذية النشأة واِلنتشار‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫ثبلثة أردية ومبلبس اؼبرأة من طبس‪ ،‬فبل جيوز للمريد أو اؼبرشد أف خيلع ىذه اؼببلبس ويبدؽبا بغَتىا‬
‫ألف إرتدائها شرؼ لو ومن خلعها يستحق الفصل من اعبماعة‪ ،‬كما ال جيوز أف يلبس العضو غَت‬
‫األردية اؼبقررة وال يتزين بالقبلئد واغبلي‪ ،‬وال يسمح للعضو بأف ديتلك من ىذه األردية أكثر من ثبلثة‬
‫إذا كاف رجبل ومن طبس إذا كانت إمرأة‪ .‬أما إذا كاف ىناؾ أردية تزيد عن اغباجة جيب أف يسلمها‬
‫للمرشد‪ ،‬فلهذا حث بوذا عامة الناس من اؼباؼبساندين لقانونو أف يقدموا مايزيد عن حاجاهتم من‬
‫مبلبس ألعضاء اعبماعة‪. 1‬‬

‫لقد منع بوذا األعضاء من لبس األحذية خصوصا اػبشبية ألهنا تسحق اغبشرات الصغَتة عند‬
‫اؼبشي وحرـ لبس اعبلود اغبيوانات ‪ ،‬لكنو ظبح للذين يعيشوف يف مناطق شديدة الربودة باستعماؿ‬
‫اعبلود منها الغنم واؼباعز والغزاؿ كأغطية لتقيهم من الربد‪ ،‬وال جيب على العضو أكل ما يشاء يف أي‬
‫وقت يشاء وإمنا جيب أف يأكل اؼبريد أو اؼبرشد ما يتسولو وال يتناوؿ إال وجبة واحدة يف اليوـ تكوف‬
‫يف الفًتة بُت شروؽ الشمس والظهَتة‪ ،‬كذلك حيرـ عليو تناوؿ وجبة غَتىا بعد الظهر‪ ،‬وإف كاف‬
‫يسمح لو بشرب مشروبات وال يكوف من بينها الروحية‪ ،‬وبذلك يصرؼ ذىنو أثناء تناوؿ الطعاـ إذل‬
‫التفكَت يف حقيقة تبلشي اعبسد وكيف أف يبلى يف النهاية وليس ىناؾ جدوى من األكل إال أنو‬
‫حيفظ اعبسد من الفناء إذل غاية وصولو إذل اػببلص‪.2‬‬

‫كاف بوذا يف أوؿ األمر يسمح بتلبية دعوات األغنياء التابعُت لتعاليمو إذل تناوؿ الطعاـ يف منازؽبم‬
‫أيضا السماح ألىل القرى واؼبدف اغبضور إذل اإلسًتاحات ويف مساكن اؼبرشدين‪ ،‬ودل ديانع من أكل‬
‫كل مايعطي ؽبم من طعاـ سواء فيو غبم أو خاؿ من اللحوـ‪ ،‬وإف كاف قد منع عليهم بعض غبوـ‬
‫اغبيوانات‪ ،‬ولكن فيما بعد حرـ البوذيوف اؼبتشددوف أكل صبيع أنواع اللحوـ ورفضوا تلبية الدعوات‬
‫إذل الوالئم واغبرص على أكل فبا يشحذونو‪ .‬وىكذا جيب أف يعيش اؼبرشد أو اؼبريد متقشفا يف‬
‫اؼبسكن واؼبلبس ويف اؼبأكل فقَتا ال ديتلك أكثر فبا ىو ضروري من فراش و مبلبس‪.3‬‬

‫‪ -1‬عبدالعزيز ؿبمد الزكي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.118-117‬‬


‫‪ -2‬عبلء جبار جاين‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.65‬‬
‫‪ -3‬عبدالعزيز ؿبمد الزكي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.120‬‬
‫~ ‪~ 38‬‬
‫البوذية النشأة واِلنتشار‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫كما إىتم بوذا بعقد إجتماعات دورية مرتُت يف الشهر أي عند بداية الشهر ويف منتصفو يتلوا يف‬
‫ىذه اإلجتماعات لوائح اعبماعة مرشد متمكن من تعاليم بوذا وعلى صبيع اغباضرين أف يصغوا إليو‬
‫بإنتباه تاـ حىت حيفظها كل واحد منهم حفظا تاما وال خيالفها أحد على اإلطبلؽ‪ ،‬وإذا حدث ذلك‬
‫من دوف أف يدري فإف تبلوة اللوائح تنبهو إذل إشبو فيسرع باإلعًتاؼ بو لبوذا أو أحد اؼبرشدين‪ ،‬حىت‬
‫يتطهر من دنس اإلمث الذي مت إقًتافو من دوف اإلنتباه لو‪.1‬‬

‫‪ -3‬المبحث الثالث‪ :‬الفرق البوذية ومناطق إنتشارىا‬

‫‪ -‬نشأة الفرق البوذية "الهينايانا‪ -‬الماىايانا"‬


‫عندما أصبحت الديانة البوذية ديانة شعبية ابتعدت عن مذىب بوذا التارخيي الذي كاف يعلم أف‬
‫اػببلص من دائرة التناسخات حيث ال يتم الوصوؿ إليو إال يف اغبياة الديرية والتخلي عن العادل‪ .‬أما‬
‫اآلف فهي تؤكد أف اإلنساف يستطيع دوف أف خيرج من اغبياة العادية كما ديكنو الوصوؿ إذل اػببلص‬
‫بتكرمي بوذا اإلؽبي وبأف يضع فيو إديانو وأملو‪.‬‬

‫غَت أف ىذا اؼبذىب اعبديد الذي جعل النفاذ إذل الطريق اػببلص أكثر سهولة يسمى دبذىب‬
‫"اؼبركبة الكبَتة اؼباىايانا" )‪ ،(Mahayana‬بينما يطلق على اؼبذىب األوؿ الذي يعود إذل بوذا‬
‫التارخيي فإف إظبو ىو " اؼبركبة الصغَتة اؽبينايانا" )‪.2(Hinayana‬‬

‫‪ -‬أوال‪ :‬الماىايانا )‪(Mahayana‬‬

‫وتعٍت العجلة الكبَتة ويطلق عليها باللغة السنسكريتية "الفيبها شيكا" )‪)alvebhaimminent‬‬
‫أي اؼبنشقوف وفروعهم عديدة‪ ،‬وسبب تسمية مذىبهم بالعربة العظمى أو الكبَتة فإهنم يقصدوف أف‬
‫من إنظم إذل عقيدة ىذه الفرقة ويركب على العربة الكبَتة مع صباعة البهكشو (‪)Albakshu‬‬
‫حيصل على النَتفانا‪ ،‬وألنو يساعد أكرب عدد من الكائنات اغبية‪ .‬ويطلقوف على اؼباىايانا إسم الببلغ‬

‫‪ -1‬عبلء جبار جاين‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.68‬‬


‫‪ -2‬البَت ثويتزر‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.106‬‬
‫~ ‪~ 39‬‬
‫البوذية النشأة واِلنتشار‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫األكرب‪ ،1‬كما تؤمن ىذه الفرقة بأف بوذا ليس لو جسم بل إنو نور ؾبسم وظل ظهر يف الدنيا وىو‬
‫اإللو األكرب وىو اإللو األزرل وىذه الفرقة غرقت يف حبور الشرؾ فازبذت من كل راىب إؽبا‪ ،‬حيث‬
‫إخًتعت الكثَت من الرسومات والطقوس وتفلسفت يف العبادات و طريق النجاة‪ .‬والغالب أف ىذه‬
‫الفرقة مت تأسيسها يف عهد اؼبلك "كنشك" كما إنتشرت يف األرجاء الشمالية من اؽبند والتبت‬
‫ومنغوليا والصُت والياباف‪ ،‬كما أخذت ىذه الفرقة الكثَت من معتقدات ىذه البلداف ومعظم كتبهم‬
‫كتبت باللغة السنسكريتية والصينية والتبتية‪ ،‬واليابانية ومن أشهر كتبهم دديوندا سوترا‬
‫)‪ (Dimond Sutra‬و لنكارتار سوترا )‪.2)Lanka Vatara Sutra‬‬

‫كما تتميز فرقة اؼباىيانا بالًتكيز والتعقيد وبالتوحيد‪ ،‬والتأكيد على روح اعبماعة ومعنها الببلغ‬
‫األكرب‪ ،‬الذي رسم حدوده ىو"ؾبلس كانشكا"‪،‬أعضاء ىذا اجمللس ىم البلىوتيوف اؼبوىبوف‪ ،‬الذين‬
‫أعلنوا ألوىية بوذا وأحاطوه باؼببلئكة والتدريسيُت كما اصطنعوا تقشف اليوجا الذي عرؼ يف (باتا‬
‫جارل)‪. 3‬‬

‫كما تعرؼ اؼبهايانا أيضا أهنا اؼبنهج الكبَت وىو الطريق الذي حيقق ىذه البوذية‪ ،‬كانت ىذه الفرقة‬
‫أكثر وعيا بالشمولية دبعٌت أهنا تقدـ نفسها لقطاع أوسع من اجملتمع‪.4‬‬

‫* أىم فرق الماىايانا‬

‫‪ -‬الفرقة األولى‪ :‬الزنية )‪(Alzanya‬‬

‫الزنية ىي سلوؾ ذىٍت بطريقة ـبتلفة إلدراؾ الواقع‪ ،‬وىو رؤية الشيء خاليا ؾبردا دونة معرفة ذىنية‬
‫مسبقة وببل تشويش إنفعارل‪ .‬كما يطلق عليها البوذية التأملية‪ ،‬وىذه الفرؽ يرجح أهنا نشأت يف اؽبند‬
‫ومنها انتقلت إذل الصُت والياباف‪ ،‬على يد راىبا ىنديا يدعى "بوديدارما" )‪ (Bodhi dharma‬ىو‬

‫‪ -1‬إبراىيم درباس موسى اعبودي‪ ،‬أىم الفرؽ البوذية‪،‬ص ‪.369‬‬


‫‪www.nidaulhind.com‬‬
‫‪ -2‬ؿبمد ضياء الرضبن األعظمي‪ ،‬دراسات يف اليهودية واؼبسيحية وأدياف اؽبند‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.654-653‬‬
‫‪ -3‬إبراىيم درباس موسى اعبودي ‪ ،‬اؼبرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.370‬‬
‫‪ -4‬ؾبموعة من كبار الباحثُت‪ ،‬موسوعة عادل األدياف(كل األدياف واؼبذاىب والفرؽ والبدع يف العادل – البوذية)‪ ،‬ط‪ ،2‬ج‪ ،5‬دار‬
‫النشر‪2005 ،nobilis‬ـ‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫~ ‪~ 40‬‬
‫البوذية النشأة واِلنتشار‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫الذي ضبلها إذل الصُت حوارل ‪ 520‬للميبلد فازدىرت فيها يف أواخر عهد أسرة تانغ )‪ (Tank‬اليت‬
‫حكمت ؼبدة طويلة من الزمن ‪ .‬ومن الصُت ازبذت سبيلها إذل الياباف خبلؿ القرف الثالث عشر يف‬
‫أرجح األقواؿ‪.‬‬

‫وإمنا نشأت البوذية الزنية بوصفها عودة تعاليم بوذا األصلية واليت ترفض عبادة اآلؽبة والتمسك‬
‫باألسفار اؼبقدسة‪ ،‬وتزدري بالطقوس الدينية وتؤمن بأف يف ميسور اؼبرء أف ينفذ إذل طبيعة اغبقيقة من‬
‫طريق التأمل‪ ،‬كما يعتقدوف أنو من الصعب أو اؼبستحيل إيضاح تعاليم بوذا بالكلمات مطلقا‪،‬‬
‫فعليك إما أف تفهم ماىو اإلرشاد أو التنوير أو اإلشارة اؼبضيئة أوال ‪ ،‬فإذا دل تفهم فليس ىناؾ‬
‫ماديكن قولو عبعلها واضحة لك‪.1‬‬

‫‪ -‬الفرقة الثانية‪ :‬البلمية‬

‫تعد ىذه الفرقة بوذية التبت ومنغوليا كذلك تعد فرع من فروع البوذية ال زبتلف كثَتا عن اؼباىايانا‬
‫حيث يقاؿ أهنا إنتقلت على أيدي زوجات ىنديات وصينيات ؼبلك من القرف السابع‪ ،‬مث بعد ذلك‬
‫تأسست صباعة تسمى بالقبعة اغبمراء ‪ ،‬حيث ينتهج أتباع ىذه الفرقة القياـ حبركة إصبلحية ىدفها‬
‫إنتزاع عناصر الدين األصل‪ .‬أيضا استوذل ديرمشاس كابا على السلطة اؼبدنية يف التبت وذلك يف القرف‬
‫‪ 13‬للميبلد‪ ،‬أما يف القرف ‪ 15‬للميبلد فتم إصبلح دين آخر ترتب عليو قياـ صباعة جديدة عرفت‬
‫بالتقوى ويف صباعة تسمى القبعة الصفراء ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الهينايانا )‪)Hinayana‬‬

‫وتعٍت العجلة الصغَتة ويسموهنا الببلغ األصغر‪ ،‬ومعناىا باللغة البالية اؽبندية القددية السوتونيتكا‬
‫)‪ )Alsontonitka‬ومعناه احملافظوف على القواعد األصلية‪ .2‬كما تنكر ىذه الفرقة بوجود الروح‬
‫واإلؽباـ ويؤمنوف بأف بوذا إنساف ولد من أب وأـ وعاش كغَته من الناس ومات‪ ،‬إال أنو حصل لو‬

‫‪ -1‬إبراىيم درباس موسى اعبودي ‪ ،‬اؼبرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.371‬‬


‫‪ -2‬إبراىيم درباس موسى اعبودي ‪ ،‬اؼبرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪.373 -372‬‬
‫~ ‪~ 41‬‬
‫البوذية النشأة واِلنتشار‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫صفات عالية حيث وصل إذل مرتبة قديس واستحق أف يلقب بػ "آجاريامنش"‪ ،‬كما ازبذت ىذه‬
‫الفرقة قوؿ"ال تطلب من غَت نفسك مبلذا" وىي قاعدة أساسية للحصوؿ على النَتفانا‪.1‬‬

‫كما يطلق أتباع ىذه الفرقة على ديانتهم اسم ثَتفاده (‪ )Thervada‬وتعٍت ديانة السلف‬
‫والعظماء اليت تعٍت الرشاد إذل الطريق‪ ،‬ويعتقدوف بأف بوذا علمهم جيب على كل رجل أف جيد طريقو‬
‫اػباص إذل السعادة القصوى وال ديكن ألي أحد أف يساعده وال حىت اآلؽبة واألرواح‪.2‬‬

‫كما إنتشرت فرقة اؽبينايانا يف جنوب اؽبند وجزيرة سيبلف‪ .‬وكانت كتبهم مكتوبة باللغة البالية‬
‫وأشهر كتبهم"تري بيتاكا" )‪ )Trepitaka‬وىي ؾبموعة من ثبلث كتب‪ ،‬حيث تأخر تدوين ىذه‬
‫الكتب حوارل أربعة قروف تقريبا بعد بوذا‪.3‬‬

‫كما تعرؼ اؽبينايانا أيضا بالبوذية القددية وىي عميقة الصلة ببوذية بوذا واليت يتجلى فيها الطابع‬
‫األخبلقي والًتبةي‪ ،‬كما تسمى كذلك باؼبذىب اعبنويب كانت مناطق إنتشارىا يف بورما وتايبلند‪.4‬‬
‫وتشَت بوذية اؽبينايانا إذل البوذية األصلية اليت أنشأىا بوذا‪ ،‬وىي طذلك مبنية على تعاليم بوذا النظرية‬
‫اجملردة‪ ،‬وتستمد روحانيتها من التعاليم الروحية لبوذا ‪ ،‬فهي بوذية القلة اليت قبلت تعاليم بوذا وسلكت‬
‫اؼبنهج الروحي الذي سلكو وأسسو ومن الطبيعي أف تعود ىذه البوذية إذل عصر بوذا يف القرف‬
‫السادس قبل اؼبيبلد‪.5‬‬

‫لقد كاف لدى كهنة فرقة اؽبينايانا لباس خاص هبم لونو أصفر وحيلقوف رؤوسهم ‪ ،‬كما يلتزموف‬
‫بعدد من القواعد الكهنوتية تكوف شديدة التعقيد‪ ،‬فهم ال يتناولوف الطعاـ إال بعد منتصف النهار وال‬
‫يسمح ؽبم حبمل أي نقود أو ملكية ‪ ،‬وأتباعها يعتربوف أف بوذا ليس إال ؾبرد رجل وضع بعض‬
‫القواعد للسلوؾ ‪ ،‬وىو ليس إؽبا يعبد‪.6‬‬

‫‪ -1‬ؿبمد ضياء الرضبن األعظمي‪ ،‬دراسات يف اليهودية واؼبسيحية وأدياف اؽبند‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.653‬‬
‫‪ -2‬إبراىيم درباس موسى اعبودي ‪ ،‬اؼبرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.372‬‬
‫‪ -3‬ؿبمد ضياء الرضبن األعظمي‪ ،‬دراسات يف اليهودية واؼبسيحية وأدياف اؽبند‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.653‬‬
‫‪ -4‬ؿبمد أضبد اػبطيب‪ ،‬مقارنة األدياف‪ ،‬ط‪ ،1‬د ج‪ ،‬دار اؼبسَتة‪ ،‬عماف‪2008 ،‬ـ‪ ،‬ص ‪.433‬‬
‫‪ -5‬ؿبمد خليفة اغبسن‪ ،‬تاريخ األدياف(دراسة وصفية مقارنة)‪ ،‬د ط ‪ ،‬د ج ‪ ،‬دار الثقافة العربية‪2002 ،‬ـ‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪ -6‬ؿبمد أضبد اػبطيب‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.433‬‬
‫~ ‪~ 42‬‬
‫البوذية النشأة واِلنتشار‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫كما تتميز فرقة اؽبينايانا دبظهر الديانة الروحية الشخصية اؼبهتمة بالعمليات الروحية الداخلية اجملردة‬
‫بدوف عقيدة أو بناء عقدي منظم وأيضا بدوف نظاـ ديٍت مقدس‪ ،‬وبدوف طبقة رجاؿ دين منظمة‬
‫تنظيما وراثيا كهنوتيا‪.1‬‬

‫‪ -‬مناطق إنتشارىا‬
‫‪ -1‬الديانة البوذية في الهند‬
‫شهدت البوذية يف عهد بوذا إنتشارا واسعا بسبب ضيق الناس ذراعا بالربامهة ونظامهم الطبقي‬
‫الصارـ‪،‬وإقباؿ الناس على البوذية ىروبا من جطم وتسلط الربامهة‪ .‬كاف لدى شخصية بوذا أثر بارز‬
‫يف إنتشار البوذية يف ـبتلف أرجاء اؽبند وحارجها‪( 2‬انظر شكل رقم‪.)7‬‬
‫‪3‬‬
‫لكن بعد موت بوذا بدأت البوذية تضعف وتتقلص دائرة اتساعها‪ ،‬حىت كادت تصل إذل السقوط‬
‫مث اعتنقها ملك كبَت لو شهرة كبَتة يسمى" آسوكا" يف القرف الثالث قبل اؼبيبلد حكم ببلد اؽبند‪.‬‬
‫حيث اعترب عهده من أزىى عصور اؽبند حضارة ومدنية وتقدما‪. 4‬‬
‫فلقد قاـ حبركة عظيمة ضخمة ذباه اػبَت والثراء كحفر اآلبار وغرس األشجار‪ ،‬وبناء اؼبستشفيات‬
‫وإنشاء اغبدائق والبساتُت‪ ،‬كما أعطى إىتمامو الكبَت ألىارل اؽبند األصليُت‪ ،‬ودعا إذل تعليم النساء‬
‫وإرساؿ صباعات دينية إذل "كشمَت وسيبلف و فارس واإلسكندرية"‪ . 5‬فاستجابت بعض الشعوب‬
‫وأرسلت بعثاهتا كبو اؽبند لتعلم أصوؿ البوذية‪ ،‬حيث تفرغ آسوكا لرعاية أمر الدعوة وأصبحت بذلك‬
‫البوذية دينا عاؼبيا وانتشر الدعاة يف الببلد والطرقات يعلموف الزىد ويدعوف إذل التقشف وينشروف‬
‫مكارـ األخبلؽ وحيلوف مشاكل الناس ويطلقوف سراح اؼبسجونُت إذا ثبت صبلحهم ‪.‬‬

‫‪ -1‬ؿبمد خليفة اغبسن‪ ،‬اؼبرجع السابقن ص ‪.93‬‬


‫‪ -2‬إبراىيم ؿبمد إبراىيم‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.151‬‬
‫‪ -3‬رؤوؼ سبهاين‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.280‬‬
‫‪ -4‬إبراىيم ؿبمد إبراىيم‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.151‬‬
‫‪ -5‬رؤوؼ سبهاين‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪281‬‬
‫~ ‪~ 43‬‬
‫البوذية النشأة واِلنتشار‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫ولكن بعد موت آسوكا عادت البوذية يف اؽبند إذل اإلنكماش مرة أخرى نتيجة إذل صراع اؽبندوسية‬
‫ؽبم‪ ،‬لكنها ظلت مزدىرة يف الببلداجملاورة خارج اؽبند حىت وصل أتباعها إذل أكثر من طبسمائة مليوف‬
‫نسمة يف كل من الياباف و بورما وتايبلند والصُت وأندونيسيا ونيباؿ والتبت وسيبلف ‪.1‬‬
‫كما كاف ألسوكا الفضل األساسي يف نشر البوذية وذبديد شباهبا حىت بات يطلق عليو اؼبؤسس‬
‫الثاين للبوذية‪. 2‬‬
‫ودل تكن البوذية قد انعدمت من الوجود حينما أفلت من اؽبند وإمنا كانت تتفرؽ يف كل من الشرؽ‬
‫والغرب والشماؿ واعبنوب‪،‬ألهنا اجتاحت أوساطا شاسعة من الشرؽ األقصى كبورما وسياـ وكمبوديا‬
‫والوس وأجزاء من الصُت وكوريا والياباف وانتشرت كذلك يف منغوليا والتيبت وسيبلف‪،‬أما دخوؿ‬
‫البوذية يف ىذه البقاع يرجع إذل عهد اؼبلك "آشوكا"‪،‬حيث أرسل بعثاتو الدينية إذل كل من سيبلف‬
‫ومنطقة"سووانابومي" )‪ )Suwanabumi‬وىي اليت تشمل بورما وسياـ والوس‪ .‬حيث تعد ىذه‬
‫البعثات ؽبا أثر كبَت يف نشر البوذية عرب كامل ىذه البقاع‪. 3‬‬
‫كما تأسست يف اؽبند جامعات كبَتة مثل جامعة"ناالندا" بالقرب من موقع"باتنا"اغبالية‪ ،‬حيث‬
‫إزدىرت بُت القرف السابع والثاين عشر من اؼبيبلد‪ ،‬وقد سجل فيها حوارل عشرة آالؼ طالب لتلقي‬
‫دروسا يف ـبتلف فروع التعاليم البوذية مثل اؼبنطق والنحو واؼبعرفة والطب والفلسفات األخرى‪ ،‬كما‬
‫نشأت أيضا مراكز بوذية مهمة يف اعبنوب والشماؿ الغريب الذي كاف بوابة ىامة النتشار البوذية يف‬
‫آسيا الوسطى والشرؽ األقصى‪. 4‬‬

‫‪ -1‬إبراىيم ؿبمد إبراىيم‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.152-151‬‬


‫‪ -2‬ؿبمد أضبد اػبطيب‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.433‬‬
‫‪ -3‬عبداهلل مصطفى نومسوؾ‪ ،‬البوذية تارخيها وعقائدىا وعبلقة التصوؼ هبا‪ ،‬ط‪ ،1‬د ج‪ ،‬أضواء السلف‪ ،‬الرياض‪199 ،‬ـ‪،‬‬
‫ص‪.361‬‬
‫‪ -4‬دامٍت كيوف‪ ،‬مدخل إذل البوذية‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.72‬‬
‫~ ‪~ 44‬‬
‫البوذية النشأة واِلنتشار‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫‪ -2‬البوذية في سيالن‪:‬‬
‫إنتقلت البوذية إذل سيبلف بفضل " ماىندرا بن أشوكا " ملك اؽبند الشمالية الشهَت (‪-272‬‬
‫‪231‬ق‪.‬م) أو أخيو‪ ،‬وقد بدأ ىذا األخَت يف مطلع عهده أبا وحاميا للربامهانيُت‪ ،‬غَت أف إمرباطوريتو دل‬
‫سبتد إذل حوض اؽبندوس والغانج فحسب بل توسعت كبو األراضي الواقعة أبعد من ذلك إذل‬
‫اعبنوب‪ ،‬وعندما أصبح حاميا للبوذية قاـ بإرساؿ مبشريو لنشر ىذا اؼبذىب يف كل اؼبناطق‪.1‬‬
‫ومنذ عهد أشوكا إذل غاية إنقساـ البوذية يف القرف التاسع ميبلدي يف"سيبلف" ظل الناس ألفي عاـ‬
‫يعبدوف شجرة التُت اؼبقدسة عند البوذيُت‪ ،‬كما كاف اؼبعبد اؼبقاـ على قمة جباؿ "كاندي" كعبة حيج‬
‫إليها مائة وطبسوف مليوف من البوذيُت يف آسيا‪. 2‬‬
‫ففي مدينة سيبلف أقيمت األديرة واؼبعابد والنصب البوذية‪ ،‬وقيض للنساؾ أف يكونوا حافظي أقدـ‬
‫الكتب البوذية‪ ،‬فقيل أف البعثة األصلية دل ربمل معها أي وثيقة مكتوبة إذل اعبزيرة لكن أفرادىا‬
‫حفظوا يف الذاكرة مابات يشكل اليوـ أقدـ النصوص البوذية‪ ،‬حيث دونت باللغة البالية القددية وىي‬
‫اللغة السيبلنية اؼبوجودة آنذاؾ‪ .‬وبداية من القرف اػبامس ميبلدي أخذ الباحثوف اؽبنود يًتصبوف‬
‫النصوص البوذية من البارل إذل لغتهم‪. 3‬‬
‫منذ القدـ امتزجت البوذية بالسياسة يف تاريخ سريبلنكا‪ ،‬حيث كانت ىناؾ عبلقة قوية متبادلة بُت‬
‫اؼبعبد البوذي والدولة أو بُت السانغا واؼبلك‪ ،‬وكاف اؼبلوؾ حيظوف بالرسامة من قبل الرىباف غَت أف‬
‫ىؤالء كانوا يعملوف كمستشارين لتفسَت تعاليم بوذا‪ ،‬وبالرغم من أف الرىباف يف الوقت اغبارل منعوا‬
‫دبوجب الدستور من تقلد أي منصب سياسي‪ ،‬إال أهنم نالوا نفوذا كبَتا يف الشؤوف العامة‪ .‬كما مرت‬
‫البوذية بفًتات عدة من السقوط خبلؿ تارخيها يف سريبلنكا‪ ،‬حدثت ىذه الفًتات يف أعقاب الغزو‬
‫أو يف فًتات اإلضطرابات األىلية‪. 4‬‬

‫‪ -1‬البَتثويتزر‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.114‬‬


‫‪ -2‬كامل السعفاف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.216‬‬
‫‪ -3‬أديب صعب‪ ،‬األدياف اغبية‪ ،‬نشوؤىا وتطورىا‪ ،‬ط‪ ،3‬د ج‪ ،‬دار النهار للنشر‪ ،‬بَتوت‪2005 ،‬ـ‪ ،‬ص‪.59‬‬
‫‪ -4‬دامياف كيوف‪ ،‬مقدمة قصَتة جدا ‪ -‬البوذية‪ ،-‬تر صفية ـبتار‪،‬ط‪ ،1‬مؤسسة ىنداوي للتعليم والثقافة‪ ،‬القاىرة‪2016 ،‬ـ‪،‬‬
‫ص‪.87‬‬
‫~ ‪~ 45‬‬
‫البوذية النشأة واِلنتشار‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫‪ -3‬البوذية في الصين والتيبت ومنغوليا‬

‫‪ -‬الصين‪:‬‬
‫ىناؾ رواية ظهرت يف هناية القرف الثاين للميبلد تقوؿ بأف إمرباطور الصُت"مينغ‪-‬يت" من أسرة‬
‫"ىاف" أرسل يف عاـ ‪61‬ـ سفارة إذل اؽبند على إثر حلم رآه أثناء نومو كي تسَت معها إذل الوطن‬
‫معلمُت البوذية ونصوصا مقدسة وأشياء أخرى تتعلق بالدين‪.‬‬
‫حيث انتقلت البوذية إذل الصُت منذ القرف األوؿ قبل اؼبيبلد قادمة من اؽبند الشمالية عن طريق‬
‫تركستاف الشرقية‪ ،‬وىذه البوذية اليت إنتشرت يف الصُت كانت عبارة عن بوذية متطورة وىي اليت ظهر‬
‫من خبلؽبا مذىب"اؼباىايانا" فيما بعد‪.‬‬
‫ويف منتصف القرف الثالث للميبلد كاف للبوذية متتبعوىا يف كل الصُت وبدأت سبثل دورىا ىناؾ‬
‫وخبلؿ القرنُت الرابع واغبادي عشر اؼبيبلديُت قدمت أعداد كبَتة من معتنقي البوذية من الصُت إذل‬
‫اؽبند لزيارة األماكن اؼبقدسة‪ .1‬حيث إنتقلت البوذية عن طريق اغبجاج الصينيُت الذين زاروا اؽبند‬
‫وكذلك عن طريق الزوار من آسيا الوسطى‪.‬‬
‫كما يقاؿ بأف ىذا اغباكم قد رأى حلما ظهر فيو صورة ذىبية عالية المعة لئللو دخلت قصره‪ ،‬غَت‬
‫أف مًتجم اغبلم وىو شقيق اإلمرباطور‪ ،‬ىذا اغبلم إذل بوذا والذي طالب بعبادة البوذية يف الصُت‬
‫أيضا‪.2‬‬
‫وقيل أف اؼبلك"منج يت" )‪ (Ming-Ti‬ىو الذي بعث يف سنة‪65‬ـ بعثة إذل خوتاف لئلطبلع على‬
‫البوذية‪ ،‬حيث عادت ىذه البعثة بعد سنُت مصحوبة بكاىن بوذي وكذلك كتب بوذية‪ .‬ومنذ ذلك‬
‫اغبُت إنتشرت فيها البوذية حىت أصبحت دين رظبي للدولة‪ ،‬كما تعد البوذية ديانة عندية لكن عندما‬
‫إنتقلت إذل الصُت دل تستطيع أف تبقى كما كانت‪ ،‬غَت أهنا تلونت بالصبغة الصينية وكذلك إختلطت‬
‫بًتاث الصُت القدمي‪ ،3‬أيضا إنسجمت البوذية بعاداهتم وثقافاهتم وحياهتم اؼبعيشية كذلك جعلوا‬
‫آؽبتها ثبلثة وثبلثُت على كبو ماكانوا يعملوف قبل البوذية‪ ،‬حيث أقاموا ؽبا معابد جذابة اليت تزينها‬

‫‪ -1‬علي موال‪ ،‬بوذا واؼبوسوعة البوذية‪ ،‬د ط‪ ،‬د ج‪ ،‬د ب‪ ،‬د ت‪ ،‬ص ‪.233‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- H. HACKMANN, Lie. THEOL,BUDDHISM AS A RELIGION: ITS HISTORICAL DEVELOPMENT AND ITS PRESENT‬‬
‫‪CONDITIONS,GREAT RUSSELL ST., LONDON. W.C. p77.‬‬
‫‪ -3‬عبداهلل مصطفى نومسوؾ‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.362‬‬
‫~ ‪~ 46‬‬
‫البوذية النشأة واِلنتشار‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫الفنوف اعبميلة‪ .‬ومن أسباب إقباؿ الصينيُت على البوذية أهنا دخلت ببلدىم بعد أف كاف بوذا إؽبا‬
‫وأصبح سبثالو وثنيا يعبدونو‪. 1‬‬
‫كما تقدـ لو القرابُت وتقاـ لو الصلوات حيث كانت ؽبم مع آؽبتهم األوذل مظاىر للتقديس ليست‬
‫بعيدة عن ىذه اؼبظاىر‪ .‬وأيضا من أسباب إقباؽبم على البوذية أهنا دين إنقاذ وطهر‪ ،‬دينح بالنَتفانا‬
‫اللذة والسعادة يف اغبياة وبعد اؼبوت وحيث على الرضبة وكذلك القضاء على الشهوات الظاؼبة‬
‫واإلبتعاد عن الشر‪.2‬‬

‫‪ -‬التيبت‬
‫أما يف التيبت فانتقلت البوذية إليها يف القرف السابع ميبلدي خبلؿ حكم اؼبلك (سرونغ‪ -‬بتساف‪-‬‬
‫سغاـ – بو) الذي كاف لو زوجتاف إحدامها صينية واألخرى نيبالية وبتحريضهما أدخل ىذا اؼبلك‬
‫البوذية إذل ببلده‪ .‬حيث قبح كهنة الديانة اعبديدة شيئا فشيئا يف إزاحة اؼبلكية‪ ،‬حيث أصبحت‬
‫البوذية التيبتية متينة التنظيم‪.‬‬

‫ففي مطلع القرف اػبامس عشر زاد إنتشار ىذه الديانة بفضل راىب إظبو"تسونغ‪ -‬كا‪ -‬با" حيث‬
‫أنشأ نظاـ الرىباف وكافح اػبرفات والسحر‪ ،‬كاف البوذيوف التيبتيوف ال يراعوف مبدأ البلعنف إال بصورة‬
‫شكلية سباما‪ ،‬فالتيبتيوف يعتقدوف أنو حيرسبوف ىذا اؼببدأ إذا ذبنبوا سفك الدـ عند القتل‪ .‬وىكذا فهم‬
‫عندما يشتهوف غبم حيواف من قطيعهم يعرضونو ؼبيتة قاسية عن طريق اػبنق وذلك بغلق فمو‬
‫ومنخريو‪.3‬‬

‫استقرت البوذية يف التيبت منذ حوارل القرف اغبادي عشر‪ ،‬حيث إجتمع يف التيبت الغربية ؾبلس‬
‫"ثو‪-‬لنج" )‪ )Tho-Ling‬وذلك يف عاـ ‪ 1076‬وأتى إليو الرىباف من صبيع أكباء الببلد‪ ،‬فيبدوا منذ‬
‫ذلك التاريخ أف البوذية قد شهدت انتشارا واسعا يف التيبت‪ .‬كما سبيزت فًتة اإلزدىار من القرف‬
‫اغبادي عشر حىت القرف اػبامس عشر بظهور عدد من اغبركات اؼبختلفة‪ .‬كما نشأت ىذه األخَتة‬

‫‪ -1‬أضبد شليب‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.176‬‬


‫‪ -2‬أضبد شليب‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.177‬‬
‫‪ -3‬علي موال‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.241-240‬‬
‫~ ‪~ 47‬‬
‫البوذية النشأة واِلنتشار‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫على نطاؽ واسع‪ ،‬كما حيدث عادة يف أنواع أخرى من الًتاث الديٍت وذلك نتيجة اإلختبلفات‬
‫االجتماعية والسيكولوجية بُت األتباع اؼبختلفُت بدين معُت‪ ،‬وردبا يكوف تقدـ ىذه اغبركات يدؿ على‬
‫حيوية كبَتة اكتسبتها الديانة البوذية يف التيبت خبلؿ تلك الفًتة‪.1‬‬

‫ففي نفس ىذه الفًتة كاف ىناؾ راىب يدعى "ميبل" )‪ (Mila‬إذ يعترب أحد الشخصيات الكبَتة‬
‫يف التيبت حيث أضيف إذل إظبو لقب"‪ "Repa‬دبعٌت البس القطن‪ ،‬وذلك لئلشارة إذل تقشفو يف‬
‫طريقة حياتو‪ ،‬كما يعترب أيضا شاعرا حيث نظم حوارل"مائة ألف أغنية" وأصبح الكثَت منها شائعا‬
‫عند أىل التيبت‪.2‬‬

‫كما تطورت البوذية يف التيبت وازدىرت خبلؿ القرف السابع ميبلدي وذلك على يد"بادما‪-‬‬
‫سامبهافا" الذي قاـ بتهذيب أناشيد الطقوس وأدعية اإلحتفاالت‪ ،‬وقاـ كذلك بتدوين رموز اليوجا‬
‫كارا السحرية‪ .‬غَت أف الضعف الذي أصاب البوذية يف القرنيُت التاسع والعاشر ميبلدي يف اؽبند إال‬
‫أف ىناؾ ؿباوالت جديدة إلحيائها وذلك يف القرف اغبادي عشر على يد الراىب البنجارل"أتيشا"‬
‫لكن جهوده فشلت على إثر ىدـ معابد البوذية من قبل أيدي اؽبندوس‪ .‬فرحب ىذا األخَت باهنيار‬
‫البوذية وحفل رىباهنا وكهنتها هبذا اؼبَتاث الثمُت الذي عمل على تطور العديد من العقائد اؽبندوسية‬
‫غَت أف األراضي اؽبندية ال زبلوا من وجود البوذيُت إذ بلغ عددىم يف أواخر القرف التاسع عشر حوارل‬
‫طبسة مبليُت نسمة يتمركز معظمهم يف والية "مهاراشًتا"‪. 3‬‬

‫‪ -‬سيام‬
‫انتقلت البوذية إذل سياـ على يد"كامبودج" الذي صار معروفا يف عاـ ‪422‬للميبلد‪ ،‬مث إذل برمانيا‬
‫قبل القرف السادس للميبلد‪ .‬والتغيَت الوحيد الذي دخل على البوذية األوذل يف سيبلف وبرمانيا وسياـ‬
‫ىو أهنا اعًتفت ببعض القيمة للديانة الشعبية وعبادهتا‪ .‬ويف عاـ ‪1893‬دبناسبة اإلحتفاالت بذكرى‬

‫‪ -1‬جفري بارند‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.216‬‬


‫‪ -2‬جفري بارند‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.217‬‬
‫‪ -3‬عصمت نصار‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.164‬‬
‫~ ‪~ 48‬‬
‫البوذية النشأة واِلنتشار‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫جلوس اؼبلك"شواللونكورف" على عرش سياـ‪ ،‬حيث أعلن اؼبلك منشورا كامبل حوؿ الكتابات البوذية‬
‫القددية اؼبقدسة اليت ىي جزء من "الًتيبيتاكا" دبعٌت السبلؿ الثبلث‪. 1‬‬

‫‪ -‬اليابان‬
‫لقد حدث يف العاـ ‪552‬ـ بعد تلقي اإلمرباطور الياباين"كيمي" )‪ )Kimmei‬من نظَته الكوري‬
‫باإلضافة إذل العطاء اؼبارل صورة لبوذا مصبوغة بالذىب‪ ،‬وبعض الكتابات اؼبقدسة كذلك رسالة‬
‫تتعلق بالعقيدة البوذية اؼبتفوقة والصعبة‪ ،‬وقد ربوؿ اإلنساف إذل بوذا أي إذل إنساف ديتلك التنور‬
‫)‪ ،)Bodhi‬غَت أف ىناؾ قصة قددية تروي أف اإلمرباطور قد تشاور يف األمر مع أعضاء ؾبلسو‪ ،‬وقد‬
‫كاف بعضهم متأثرين ولكنهم حذرين مثلو‪ ،‬وكاف غَتىم معارضُت صراحة للدين اعبديد ديلؤىم‬
‫‪2‬‬
‫اإلعتقاد الورع بأف "كامي" آؽبة الياباف احملليُت سوؼ تغضب وتبع القليل منهم رئيس الوزراء ‪.‬‬
‫وبعدما كسبت البوذية تأييد الطبقات اغباكمة يف الياباف‪ ،‬أخذت تكسب قلوب العامة ونشأ مع‬
‫الوقت عدد من اؼبذاىب داخل البوذية اليابانية بتأثَت من اؼبعلمُت الصينيُت‪ ،‬وظلت البوذية طويبل‬
‫دين األغلبية يف الياباف‪ ،‬وىناؾ بلغت أعلى مراتبها‪.3‬‬

‫‪ -1‬البَت ثويتزر‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.114‬‬


‫‪ -2‬فراس السواح‪ ،‬موسوعة تاريخ األدياف‪( ،‬اؽبندوسية‪ -‬البوذية‪ -‬التاوية‪-‬الكونفوشيوسية‪-‬الشنتو)‪،‬ج‪،4‬ط‪ ،4‬دارالتكوين للتأليف‬
‫والًتصبة‪ ،‬دمشق‪ ،‬سوريا‪2017 ،‬ـ‪ ،‬ص‪.236‬‬
‫‪ -3‬أديب صعب‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.65‬‬
‫~ ‪~ 49‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬عقائد الديانة البوذية‬
‫عقائد الديانة البوذية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ -1‬المبحث األول‪ :‬اآللهة وعقيدة النفس وعقيدة تناسخ األرواح‬

‫‪ -‬اآللهة‬
‫لقد رفضت البوذية عبادة األصناـ منذ اليوـ األوؿ من تأسيسها‪ ،‬ألف التماثيل واألصناـ ال ديكنها‬
‫أف تتكلم أو تسمع حبسب رأي بوذا‪ ،‬كذلك ال تستطيع أف تساعد البشر بشيء‪ ،‬وعدـ إزالة األدل‬
‫والشقاء عنهم‪ ،‬حيث تعترب عبادهتا خطأ وغباء جيب ذبنبها‪ ،‬ولذلك كانت التعاليم البوذية شيء‬
‫جديد بالنسبة للهندوسية‪ ،‬ولكنها ـبالفة ورافضة للتعاليم اؽبندوسية الفيدية‪.‬اليت كانت تدعوا الناس‬
‫إذل تقدمي القرابُت لؤلصناـ والصبلة والعبادة ؽبا‪ ،‬غَت أف بعض أتباعو حيللوف بأنو دل يرفض اآلؽبة‬
‫إنكارا‪.‬‬ ‫أو‬ ‫إثباتا‬ ‫اؼبواضيع‬ ‫ىذه‬ ‫عن‬ ‫بالكبلـ‬ ‫نفسو‬ ‫يشغل‬ ‫دل‬ ‫ولكنو‬
‫ويستنتج العلماء واؼبختصوف بأف اػببلص حبسب البوذية ال يتوقف على اآلؽبة بل على اإلنساف نفسو‬
‫وأعمالو وتأمبلتو الروحية‪ ،‬فعلى اإلنساف السعي بالتخلص من األدل للوصوؿ إذل السعادة وذلك من‬
‫خبلؿ الًتكيز على التأمبلت وتثبيت التعاليم األخبلقية اليت ىي تعابَت تؤدي إذل تقوية روح اإلنساف‬
‫وقابليتو يف ؿباربة الشر من دوف تدخل السلطة اإلؽبية‪.1‬‬

‫من اؼبعروؼ بو لدى الباحثُت يف البوذية أف بوذا كاف عاكفا على دراسة واحدة ىي اليت جعلها‬
‫عماد نظره‪ ،‬وقواـ حبثو واألساس الذي بٌت عليو ديانتو أو بعبارة أخرى مذىبو اػبلقي‪ ،‬وتلك الدراسة‬
‫كاف موضوعها زبفيف ويبلت اإلنسانية‪ ،‬والقضاء على الشقاء يف ىذه اغبياة‪ ،‬واقتبلعو من أصلو ‪.‬‬

‫كما يعتقدوف أف بوذا قد آمن باإللو إال أنو دل يهتم هبذا ألنو كاف أمرا معلوما لدى اجملتكع اؽبندي‬
‫والدليل على ذلك أف بوذا دل يتعرض للبحث يف األلوىية بالسلب أو اإلجياب‪ ،‬وكاف مذىبو إصبلحي‬
‫إجتماعي خلقي أكثر منو ديٍت لذا دل يتعرض لبلىوت‪.2‬‬

‫‪ -1‬أب صربي اؼبقدسي‪ ،‬اؼبوجز يف اؼبذاىب واألدياف‪ ،‬ط‪ ،1‬ج‪ ،2‬مطبعة كارواف‪ ،‬أربيل‪2009 ،‬ـ‪ ،‬ص ص‪.29-28‬‬
‫‪ -2‬الشيخ ؿبمد أبو الزىرة‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.70-69‬‬
‫~ ‪~ 51‬‬
‫عقائد الديانة البوذية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وعلى ىذا دل يبدأ بوذا باغبديث عن اإللو‪ ،‬ودل يشغل بالو بالكبلـ عنو إثباتا أو إنكارا وتفادى كل‬
‫مايتصل بالبحوث البلىوتية وماوراء الطبيعة والقضايا الدقيقة يف الكوف‪ ،‬وكاف ينهي أصحابو وزواره‬
‫اػبوض يف ىذه األحباث‪ ،‬والتوبيخ على سؤاؽبم حوؿ قضايا دقيقة ؾبردة‪ ،‬وأمرىم بالبدأ يف أعماؽبم‬
‫ودواعيها وميوؽبم وعواطفهم‪.1‬‬

‫وال يتم تصور الدين بدوف اإلقرار بالرب ألنو األساس اؼبشًتؾ بُت صبيع األدياف‪ ،‬وأف بوذا قد‬
‫أغار على برامها ودل حيًتـ تعاليم الفيدا فاهتمو اؽبندوس باإلغباد ونشروا ىذا القوؿ يف اجملتمع اؽبندي‬
‫ففسقوه وكفروه‪ ،‬حىت صارت البوذية غريبة يف وطنها ومسقط رأسها‪ ،‬وكيف يتصور أف تكوف التعاليم‬
‫البوذية خالية من مسائل ما بعد الطبيعة‪ ،‬معا أهنا غرقت يف حبر الشرؾ وظلمات البدعة‪ ،‬وجعلت‬
‫بوذا مقاـ اإللو األكرب فظل البوذيوف يعبدونو من دوف اهلل‪.2‬‬

‫وربت عنواف الوثنية‪ ،‬فإف حوار بوذا مع الرىباف اػبمسة بعد إستنارتو‪ ،‬إذ قاؿ يف هناية اغبوار‪":‬إذف‬
‫فبل سلطاف لكل ىذه األصناـ على تغيَت شيء يف ىذا العادل‪ ،‬فلماذا نصلي ؽبا ونعبدىا وإذا كاف‬
‫العمل الصاحل يأيت بنتائج طيبة‪ ،‬والشر يأيت بالشر دائما فهل تستطيع ىذه األصناـ كلها أف تغَت ىذه‬
‫النتائج"‪ ،‬فظاىر ذلك أف إنكار بوذا ليس لآلؽبة بل كاف لؤلصناـ اؼبعبودة من دوف اهلل‪.3‬‬

‫‪ -‬عقيدة النفس وعقيدة تناسخ األرواح‬


‫‪ -1‬عقيدة النفس‬

‫يعود سبب إنكار بوذا بوذا للنفس إلعتباره أف وجود النفس سبب لوجود اؼبعاناة‪ ،‬فإذا دل توجد‬
‫النفس فبل وجود للمعاناة إال إذا ارتبطت العوامل اؼبوضوعية يف العادل بنفس ما‪ ،‬وعند ارتباطهما فإف‬
‫ىذه النفس قد تشتاؽ إذل تلك العوامل أو تتوؽ إذل ذبنبها‪ ،‬وعندما ال يتم اغبصوؿ على ماتشتاؽ‬
‫إليو تنشأ اؼبعاناة‪.4‬‬

‫‪ -1‬عمارة قبيب‪ ،‬اإلنساف يف ظل األدياف(اؼبعتقدات واألدياف القددية)‪ ،‬د ط‪ ،‬د ج‪ ،‬مكتبة اؼبعارؼ‪ ،‬د ت‪ ،‬ص‪.213‬‬
‫‪ -2‬ؿبمد ضياء الرضبن األعظمي‪ ،‬دراسات يف اليهودية واؼبسيحية وأدياف اؽبند‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.650-649‬‬
‫‪ -3‬سليماف مظهر‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.124‬‬
‫‪ -4‬جوف كولر‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.187-186‬‬
‫~ ‪~ 52‬‬
‫عقائد الديانة البوذية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫حيث أشار بوذا إذل إشكاؿ حوؿ تعارض نظرية إنكار النفس مع مبدأ عقيدة تناسخ األرواح‪ ،‬يف‬
‫حديثو عن مصَت الفرد بعد تفرؽ عناصره احملققة لوجوده الشخصي‪ ،‬وذلك نتيجة تناسق عدد من‬
‫العناصر البدنية والعقلية وتكوف على شكل ؾبموعات وىذه اجملموعات تنقسم إذل طبسة فئات‬
‫رئيسية للنفس التجريبية وانقسمت فيما بعد إذل ؾبموعات جزئية‪ ،‬واجملموعات اػبمسة األساسية ىي‪:‬‬

‫اجملموعات اليت تضم الصفات البدنية حيث تتكوف من العُت واللساف والبشرة‪ ،‬والفرعية منها اللوف‬
‫والصوت والرائحة‪ ،‬الذوؽ واإلحتكاؾ كذلك اجملموعة اؼبتعلقة بالشعور‪ ،‬عما تدركو اغبواس والعمليات‬
‫اؼبكونة لئلدراؾ ماندركو عن طريق اغبواس‪ ،‬واؼبادة وقوامها العناصر األربعة اؼباء واؽبواء والًتاب والنار‪.1‬‬
‫‪ - 2‬عقيدة التناسخ عند البوذية‬

‫ذكرت سابقا أف عقيدة كارما من أىم العقائد البوذية اليت جيب أف يؤمن هبا كل بوذي فكذلك‬
‫عقيدة ( تناسخ األرواح ) ‪ ،‬فالقوؿ يف « كارما ‪ ،‬ىو القوؿ يف تناسخ األرواح ‪ ،‬ألنو ال ينفصل‬
‫أحدمها عن اآلخر ‪ ،‬وكما يقولوف ال تفهم كارما إال بتناسخ األرواح ‪ ،‬وال يفهم تناسخ األرواح إال‬
‫بكارما يقوؿ القديس البوذي ) بودىي ناندا ‪ ،‬يف كتابو لب البوذية‬

‫إف اإلنساف حيصد ما يزرعو ‪ ،‬وىذا ىو قانوف کارما » ‪ ،‬وىو يسَت يف دقة ‪ ،‬ال حد لو يف ارتباطو‬
‫بقانوف التناسخ ‪ ،‬أو العودة إذل اغبياة واليت بدوهنا تصبح اغبياة ناقصة‪.‬‬

‫فاإلنساف دوما يعمل أعماالً ‪ ،‬وخيلق ديونا جديدة تزيد يف أعناقو ‪ ،‬وليس ىناؾ مفر من سدادىا ‪،‬‬
‫والديوف اليت خيلقها يف حياة ما ‪ ،‬قد يتعذر سدادىا يف نفس تلك اغبياة الواحدة‪.‬‬

‫فمن أىم العقائد يف البوذية االعتقاد بتعدد دورات حياة الروح على األرض‪ ،‬وانتقاؽبا من جسد إذل‬
‫جسد ‪ ،‬لتبلقي يف دورة حياة تالية جزاء ما عملت يف دورة حياة سابقة ‪ ،‬وىكذا دواليك ‪ ،‬إذل أف‬
‫تتطهر الروح من كارما إف األرواح كلها ‪ ،‬سواء كانت يف اإلنساف ‪ ،‬أو يف اغبيواف ‪ ،‬سبشي يف طريقها‬
‫إذل الفناء ‪ ،‬ذلك ىدفها األظبى ‪ ،‬فمادامت األرواح مشحونة بالرغبة ‪ ،‬ومشحونة بكارما ‪ ،‬فإهنا‬

‫‪ -1‬عبلء جبار اعباين‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.110‬‬


‫~ ‪~ 53‬‬
‫عقائد الديانة البوذية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫تتكرر يف العودة إذل اغبياة ‪ ،‬ومعٌت ذلك أهنا دل تصل إذل ىدفها اؼبنشود إهنا تتكرر ‪ ،‬ويستمر تكرارىا‬
‫‪1‬‬
‫حىت ينتهي دوراهنا يوماً من األياـ ‪.‬‬

‫والواقع أف مفهوـ التناسخ عند البوذية ‪ ،‬كما بينو ىذا القديس ‪ ،‬ال خيتلف كثَتاً عن مفهومو عند‬
‫اؽبندوسية ‪ ،‬إال يف مسألة واحدة وىي فناء الروح وخلودىا ‪.‬‬

‫فقد ذىبت اؽبندوسية إذل أف األرواح الكامنة يف أجساـ كل كائن حي"انبثقت كلها من أصل إؽبي‬
‫وىو ( براماسبا ‪ ، )Barmatima‬إنو اؼبصدر األوؿ لؤلرواح ‪ ،‬والروح األعظم الذي انفصلت عنو‬
‫سائر األرواح ‪ ،‬انفصلت عنو إذل أجل لتعود إليو مرة أخرى عن طريق التناسخ ‪.‬‬

‫والروح سبب لوجود الشخص اؼبتألف من العنصرين االسم والصورة ‪ ،‬وىذا الشخص سبب لوجود‬
‫اغبواس ‪ .‬واغبواس ينتج التماس بُت األعضاء الستة وبُت األشياء اػبارجية ‪ ،‬والتماس ينتج اإلحساس‬
‫‪ ،‬وىو سبب لوجود الرغبات‪ ،‬وإف الرغبات سبب لوجود اآلالـ ‪ ،‬آالـ الوالدة ‪ ،‬والشيخوخة ‪،‬‬
‫واؼبرض ‪ ،‬واؼبوت ‪ ،‬وإف اؼبوت ينتج اغبياة بواسطة الروح اؼبشحونة بالرغبة وكارما‪.‬‬

‫مث يقوؿ ‪ :‬إذا كانت الروح من ىذه األسباب اؼبتغَتة الفانية فكيف تكوف ثابتة خالدة ؟ إف ما ذىب‬
‫إليو بوذا من ىذه النظرية اؼبعقدة ‪ ،‬يدؿ على أف اإلنساف يف رأيو ليس إال ؾبموعة من عناصر ـبتلفة ‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫وارباد بعضها ببعض ؛ إهنا ربدث حبدوث العوامل ‪ ،‬وىي ( كارما ) وتنتهي بانتهائها‪.‬‬

‫وإف وجود ىذه العناصر سبب لوجود الرغبة ‪ ،‬وىي سبب لوجود األدل وقد ترتب على اختبلؼ‬
‫البوذية واؽبندوسية يف قضية الروح ‪ ،‬اختبلفهما يف تفسَت الغاية من التناسخ اليت ىي الطهارة التامة ‪،‬‬
‫والسعادة الدائمة فقالت الربمهية ىي موشا (‪) Mosha‬أي اػببلص من جاذبية اغبياة الدنيا ‪،‬‬
‫وعودة الروح إذل مصدرىا األوؿ ( براماسبا ) واالندماج بو كما تندمج قطرة من ماء باحمليط العظيم‬

‫‪1‬كلود ليفنسوف ‪ ،‬البوذية ‪ ،‬تر‪ :‬ؿبمد علي مقلد ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتاب اعبديد اؼبتحدة ‪ ،‬بَتوت ‪ ،‬لبناف ‪ ، 2008 ،‬ص‪-47‬‬
‫‪48‬‬
‫‪2‬كلود ليفنسوف‪ ،‬اؼبرجع السابق ‪ ،‬ص ‪50-49‬‬
‫~ ‪~ 54‬‬
‫عقائد الديانة البوذية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وقالت البوذية ىينرفانا (‪ )Nirvana‬أي الفناء النهائي للروح وطبودىا الدائم وىكذا قبد أف كبلً من‬
‫اؽبندوسية ‪ ،‬والبوذية ‪ ،‬ال تعطي شيئًا من اغبق ‪ ،‬بل تعطي مزيداً من الضبلؿ ‪ ،‬فاألوذل تنادي بفكرة‬
‫‪1‬‬
‫وحدة الوجود وارباد اؼبخلوؽ‪.‬‬

‫اؼبراد باألعضاء الستة عنده ىو العُت واألذف واألنف واللساف واللمس والعقل ‪.‬‬

‫وعلى ىذا فإف الروح عند اؽبندوسية أبدية خالدة ‪ ،‬ال يعتورىا الفناء أما البوذية فبل تؤمن خبلود الروح‬
‫‪ ،‬ألف مفهوـ الروح عندىا ىو تراكم «كارما» لؤلعماؿ اغبسنة والسيئة اليت تربط الرغبات بعضها‬
‫ببعض "‬

‫و من الفلسفات اؼبعروفة يف الفكر البوذي ‪:‬‬

‫كل شيء بدوف استثناء حيدث ‪ ،‬وديضي ‪ ،‬مث يفٌت ‪ ،‬على حسب السبب والعامل‬

‫باػبالق وىي فكرة تتناىف مع الصفات اإلؽبية العليا ‪ ،‬ؼبا فيها من ذبزئة للذات اإلؽبية يف أجساد‬
‫اؼبخلوقات‪ ،‬وفيها من االمتزاج بُت اؼبخلوؽ واػبالق‬

‫أما الثانية فإهنا تنادي باإلغباد ‪ ،‬ألهنا جعلت األشياء يف الكوف تدير نفسها‪ ،‬وأصبح وجود اغبياة يف‬
‫‪2‬‬
‫الكوف دائراً تسلسليا ال يكاد العقل يفهمها‪.‬‬

‫‪ -2‬المبحث الثاني‪ :‬العبادة في الديانة البوذية‬


‫كاف أساس القانوف الذي وضعو بوذا عبارة عن عمل ال عقيدة‪ ،‬فقد كاف حياوؿ خلق عادة ال‬
‫إقرار عقيدة‪ ،‬والعمل ال يزيد عن التأمل والزىد يف الدنيا والتعرؼ على حقيقة األمور‪.‬لقد أيقن بوذا‬
‫بعد اإلشراقة أف كل ما تعلمو على أيدي كهنة الربامهة من عقائد وطقوس وعبادات باطل ال أصل ؽبا‬
‫كما تيقن أف اآلؽبة اليت يعبدىا قومو ال سبلك القوة لتغيَت قوانُت الطبيعة‪ ،‬وال فائدة من الصلوات‬
‫والقرابُت ؽبذا كاف بوذا يكره الطقوس واؼبراسيم اػبرافية ويقلل من شأف الكهنة‪ ،‬كذلك التهديد‬

‫‪1‬كامل ؿبمد عويضة ‪ ،‬بوذا و الفلسفة البوذية ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بَتوت ‪ ،‬لبناف ‪،1994 ،‬ص ‪87‬‬
‫‪2‬كامل ؿبمد عويضة‪ ،‬اؼبرجع السابق ‪ ،‬ص ‪89-88‬‬
‫~ ‪~ 55‬‬
‫عقائد الديانة البوذية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫باستخداـ العنف يف أية صورة من الصور ويدين القرابُت البشرية كانت أو اغبيوانية‪ ،‬ويستقبح إراقة‬
‫الدماء فرفض تلك النصوص القائمة غلى ذبح اغبيواف وتقدمي األضاحي والقرابُت‪. 1‬‬

‫غَت أف قيمة الصلوات والعبادات والدعوات‪ ،‬وتقدمي القرابُت يف ربرير اإلنساف من اإلمث واآلالـ ودل‬
‫ينخدع بفائدة اجملاىدات العنيفة القاسية اليت تعذب اإلنساف يف سبيل ربقيق السعادة‪ ،‬بينما يتفق‬
‫طريق بوذا معا الديانات األخرى يف سعيها اؼبنشغل لتطهَت البدف من الشر بقهر الرغبات واألىواء‬
‫والتحلي بالفضائل اػبلقية عن طريق اإلبتعاد عن اغبياة‪ ،‬وعدـ الغوص يف متعها واإلكتفاء بطلب‬
‫لقمة العيش يوما بعد يوـ‪ ،‬حىت تتحقق درجة من الطهارات الفكرية ؼبنح الذىن صفاءا فبا يتيح لو‬
‫القدرة على التأمل اؽبادئ الرزين‪.2‬‬

‫كذلك دل تكن البوذية األوذل ربتفل بالطقوس الربمهية عن طريق اإلغتساؿ يف األهنار اؼبقدسة‬
‫واؼبداومة على الصياـ واإلشتغاؿ بالعبادات اؼبتعبة كما أهنا كانت ربرـ تقدمي القرابُت‪.3‬‬

‫ومن اؼبعلوـ أف غاية بوذا كانت النجاة من األدل لذا فكر وأطاؿ التفكَت يف الوسيلة اليت يستخدمها‬
‫للوصوؿ إذل ىذه الغاية حىت إنتهى تفكَته إذل أربعة حقائق وىي‪:‬‬

‫‪ -‬إف ىذا العادل كلو أدل‪.‬‬

‫‪ -‬إف ذلك األدل نشأ من أصل جيب إكتشافو‪.‬‬

‫‪ -‬إف ىذا اإلكتشاؼ يدلنا على الوسيلة اليت هبا نتمكن من إلغاء ذلك األدل‪.‬‬

‫‪ -‬إف ىذه الوسيلة يتوصل إليها من عدة مسالك ينبغي اإلحاطة هبا أوال مث السلوؾ الضروري منها‬
‫ثانيا‪.‬‬

‫واغبقائق الثبلث من ىذه اجملموعة ىي حقائق نظرية أما اغبقيقة الرابعة فهي علمية‪ .4‬اليت ديكن‬
‫العمل من خبلؽبا للوصوؿ إذل اػببلص‪ ،‬فهذه اغبقيقة تعترب أىم طريق عملي الذي رظبو بوذا لنفسو‬

‫‪ -1‬عبلء جبار اعباين‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.117‬‬


‫‪ -2‬عبدالعزيز ؿبمد الزكي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.61‬‬
‫‪ -3‬أبكار األسقاؼ‪ ،‬الدين يف اؽبند والصُت وإيراف‪ ،‬د ط‪ ،‬ج‪ ،4‬العصور اعبديدة‪ ،‬د ب‪ ،‬د ت‪ ،‬ص‪.113‬‬
‫‪ -4‬ؿبمد غبلب‪ ،‬الفلسفة الشرقية‪ ،‬د ط‪ ،‬د ج‪ ،‬شبكة كتب الشيعة‪ ،‬القاىرة‪1938 ،‬ـ‪ ،‬ص‪.136‬‬
‫~ ‪~ 56‬‬
‫عقائد الديانة البوذية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أوال وألتباعو ثانيا‪ ،1‬فهي عبارة عن ؾبموعة فضائل معينة جيب على الشخص أف ديزج حياتو العامة‬
‫هبا‪ .‬وىذه الفضائل بعضها سليب وىي عذـ القتل أو السرقة‪ ،‬أما البعض اآلخر إجيايب ويشمل‬
‫فضيلتُت مها التأمل واغبكمة‪ .‬كما أف الزىد والعزلة ال يكفياف لتحقيق ىاتُت الفضيلتُت اإلجيابيتُت بل‬
‫ال بد لتحققهما من الثقافة العميقة‪.2‬‬

‫لقد وضع بوذا اغبقيقة العلمية يف الطريق ذي الشعب الثمانية وىذه الشعب ىي‪:‬‬

‫‪ -‬سبلمة الرأي (ساماديثي )‬

‫‪ -‬سبلمة النية (ساما سنكابا) اغبكمة‬

‫‪ -‬سبلمة القوؿ (سامافكا)‬


‫‪3‬‬
‫‪ -‬سبلمة الفعل (ساما كامنتا) السلوؾ‬

‫‪ -‬سبلمة العيش (ساما أجيفا)‬

‫‪ -‬سبلمة اعبهد (ساما فاياما) اإلنضباط الذىٍت‬

‫‪ -‬سبلمة الوعي أو اإلنتباه العقلي (ساما سايت)‬

‫‪ -‬سبلمة الًتكيز (ساما ظباذي)‬

‫وإذل جانب ىذه الشعب السابق ذكرىا يوجد ثبلثة حقائق وىي األخبلؽ والتأمل مث اغبكمة‪ ،‬غَت أف‬
‫ىذه اغبقائق تشتمل على الشعب الثمانية كمايلي‪:‬‬

‫‪ -‬حقيقة السلوؾ األخبلقي وتضم سبلمة القوؿ وسبلمة الفعل وسبلمة العيش‪.‬‬

‫‪ -‬حقيقة اإلنضباط الذىٍت حيث حيتوي على سبلمة اإلنتباه العقلي وسبلمة اعبهد وسبلمة الًتكيز‪.‬‬

‫‪ -‬حقيقة اغبكمة وتشمل سبلمة النية وسبلمة الرأي‪.1‬‬

‫‪ -1‬عبلء جبار اعباين‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.119‬‬


‫‪ -2‬ؿبمد غبلب‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.138‬‬
‫‪ -3‬جوف كولر‪ ،‬اؼبرجع السابق‪،‬ص‪.188‬‬
‫~ ‪~ 57‬‬
‫عقائد الديانة البوذية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ -1‬الحكمة والتأمل واألخالق‪:‬‬


‫يشكل التأمل واغبكمة عنصراف أساسياف من عناصر طريق البوذية ومها النتيجة الطبيعية للسلوؾ اغبق‬
‫فالعمل الصحيح يبلزمو الفكر الصحيح واؼبوقف الصحيح‪ ،‬حيث خاطب بوذا الرىباف وذلك يف‬
‫أيامو األخَتة قائبل‪":‬أيها الرىباف كونوا فبتلئُت باإلدياف ومتواضعي القلوب وبعيدين عن اػبطيئة‬
‫وملتحقُت للتعلم‪ ،‬وأقوياء ونشطُت وأصحاب مروءة وذوي عزـ وفاعلُت يف تفكَتكم وفبلوئُت‬
‫باغبكمة"‪.2‬‬

‫‪ -‬أوال‪ :‬الحكمة‬
‫اغبكمة البوذية أو اإلشراقية‪ ،‬ىي ديانة منسوبة إذل بوذا ولقب مؤسسها"سدىارتا"‪ ،‬أيضا ىي عبارة‬
‫عن فكرة أخبلقية وعقيدة دينية بأوسع معاين األخبلؽ والدين‪ ،‬فقد إستقبلها بوذا األعظم وتأملها‬
‫واستوعبها وحبث عن أصوؽبا وفروعها حىت نضجت وتكاملت فصورىا وشكلها مث رىن هبا حياتو‬
‫الباقية ودعا الناس إليها فلبوا دعوتو واتبعوا سنتو‪.3‬‬

‫واغبكمة تعد أيضا رؤية مباشرة كاملة لؤلشياء على كبو ماىي عليو يف ذاهتا ال تقيدىا اؼبفاىيم وال‬
‫التصنيفات كما أهنا تكشف عن طبيعة األشياء وأسباب اؼبعاناة وتعمل كذلك على إعاقة اؼبصائب‬
‫من خبلؿ إعاقة اؼبصائب من خبلؿ إزالة الرغبة واألنانية‪ ،‬ولكن للوصوؿ إذل اغبكمة البد من سلوؾ‬
‫الطرؽ اليت أمر هبا بوذا كما يقاؿ وىذه الطرؽ ىي‪:‬‬

‫‪ -1‬اؼبعاعبة اليت جيب بواسطتها ربرير األفكار من حب الشهوات اعبسدية‪.‬‬

‫‪ -2‬راحة الفكر اؼبملوء بالفرح والقناعة والرضى‪.‬‬

‫‪ -3‬اغبصوؿ على اللذة باألشياء الروحانية‪.‬‬

‫‪ -1‬جوف كولر‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.188‬‬


‫‪ -2‬رؤوؼ سبهاين‪ ،‬اؼبرجع السابق‪.263 ،‬‬
‫‪ -3‬عبدالسبلـ خاف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.62‬‬
‫~ ‪~ 58‬‬
‫عقائد الديانة البوذية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ -4‬حالة الصفاء الكامل والطهر التاـ والسبلـ اؼبنقطع النظَت يرتفع بواسطتها الفكر فوؽ كل سرور‬
‫وهبجة وسعادة‪.1‬‬

‫ومن السمات الرئيسية للحكمة اليت يصل إليها يف النهاية‪ ،‬من حيي اغبياة البوذية متخذا من وصايا‬
‫بوذا مرشدا‪ ،‬تعرضها تعاليم بوذا‪ .‬حيث ينبغي التأكيد على أف وجهة نظر بوذا ىي أف اغبقيقة حوؿ‬
‫طبيعة األشياء اليت أدركها بوذا وأعلنها لن تفرض على اؼبتعلق بالدنيا أف يقبلها مباشرة فالفهم‬
‫الشخصي ؽبذه اغبقيقة ىو اغبكمة وىو اؽبدؼ من الطريق البوذي‪ ،‬ولبلوغ ىذه اغبكمة يقتضي‬
‫اؼبشي عرب ىذا الطريق‪.2‬‬

‫ومن السمات الرئيسية للحكمة اليت أعلن عنها بوذا وىي أف الكل زائل أو ما يعرؼ كذلك‬
‫بػ"أنيكا" )‪ ،)Anica‬ويف اللغة السنسكريتية يعرؼ بػأنيتا"‪"Anita‬أي عدـ الدواـ‪ ،‬وال شيء يبقى‬
‫كما ىو فالكوف كلو الذي يقتل أماـ اإلدراؾ اغبسي ىو يف حالة تدفق مستمر‪ ،‬فالناس ال ينظروف‬
‫إذل األشياء على أهنا دائمة إال على سبيل اػبطأ‪ ،‬وىم ـبطئوف حُت يتصوروف أهنا أساسا على ماىي‬
‫عليو عرب صبيع األحداث العارضة اليت سبر هبا‪ .‬ويقودنا إدراؾ ىذه اغبقيقة إذل حقيقة أخرى وىي‬
‫العبلمة أو اػباصيةالثالثة للوجود األرضي ويعٍت هبا "أناتا" )‪ )Anatta‬وتعرؼ يف اللغة السابق ذكرىا‬
‫بػ )‪ ،(Anatman‬وىي اغبقيقة ذات األمهية القصوى اليت تقوؿ بأنو ال توجد روح دائمة ثابتة‬
‫وحقيقية )‪ (Atman‬داخل الفرد اإلنساين‪.3‬‬

‫‪ -‬ثانيا‪ :‬التأمل‬
‫يعد التأمل ىو اعبانب الرئيسي الثاين من طريق الذي وضع عليو بوذا معاؼبو‪ ،‬فالسلوؾ اغبق ينبغي أف‬
‫يصحبو الفكر اغبق أو اؼبواقف اغبقة‪ ،‬والفكر والعمل مرتبطاف بالوجود اغبق ألف تنميتهم أي السليمة‬
‫من الناحية األخبلقية‪ ،‬فتعد ىي من أوؿ أىداؼ التأمل والتأثَت اؼبتبادؿ بُت الفكر والعمل موجود يف‬
‫الوصف اؼبفصل للحياة البوذية بوصفها طريقا ذات شبانية مبادئ أو مايعرؼ بالبنود الثمانية‪ ،‬فهي ؽبا‬
‫عبلقة باألخبلؽ والتأمل واغبكمة‪ ،‬والبنود ىي كاآليت‪:‬‬

‫‪ -1‬عبلء جبار اعباين‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.121-120‬‬


‫‪ -2‬جفري بارندر‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.187‬‬
‫‪ -3‬جفري بارندر‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.187‬‬
‫~ ‪~ 59‬‬
‫عقائد الديانة البوذية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ -1‬الفهم اغبق اإلدياف اغبكمة ‪.‬‬

‫‪ -2‬الفكر اغبق كبداية مث كنهاية أو غاية‪.‬‬

‫‪ -3‬الكبلـ اغبق‪.‬‬

‫‪ -4‬الفعل البدين السليم األخبلؽ‪.1‬‬

‫‪ -5‬اؼبعيشة اغبقة‪.‬‬

‫‪ -6‬اعبهد األخبلقي اغبق‪.‬‬

‫‪ -7‬اإلنتباه العقلي السليم‪.‬‬

‫‪ -8‬الًتكيز اغبق‪.2‬‬

‫كما أشار بوذا إذل أف ىناؾ طبسة تأمبلت جيب على اإلنساف اإللتزاـ هبا للوصوؿ إذل جنة الفردوس‬
‫وىذه التأمبلت ىي كاآليت‪:‬‬

‫‪ -‬أوال‪ :‬التأمل باحملبة اليت بواسطتها أف تضع قلبك بشكل تتمٌت فيو وبكل حرارة اػبَت واالزدىار‬
‫والسرور لكل الكائنات دوف أف يكوف أعدائك بعيدين عن ىذه النعم‪.‬‬

‫‪ -‬ثانيا‪ :‬التأمل بالشفقة واليت من خبلؽبا جيب التفكَت بأف كل اؼبخلوقات ىي يف شدة وشقاء فًتسم‬
‫يف أفكارؾ وزبيبلتك آالمها النفسية اؼبربحة وقلقها الشديد بطريقة تعلق يف نفسك رضبة عميقة‬
‫ذباىها‪.‬‬

‫‪ -‬ثالثا‪ :‬التأمل بالفرح والذي بواسطتو تتخيل فرح وقباح وسرور اآلخرين فًتح فرحا شديدا ؽبم‬
‫وتشاركهم يف أفراحهم‪.‬‬

‫‪ -1‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ص ‪.186-185‬‬


‫‪ -2‬جفري بارندر‪،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.186‬‬
‫~ ‪~ 60‬‬
‫عقائد الديانة البوذية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ -‬رابعا‪ :‬التأمل بطمأنينة الفكر وصفائو وىدوئو اليت بواسطتها ترتفع فوؽ اغبب والبغض كذلك فوؽ‬
‫الظلم والعدؿ والغٌت ناظرا إذل مصَتؾ الشخصي هبدوء بريء متجرد ومنصف خاؿ من احملاباة ومن‬
‫التفرض وبراحة كاملة‪.‬‬

‫‪ -‬خامسا‪ :‬التأمل بالنجاسة اليت من خبلؽبا سبعن النظر يف النتائج اؼبميتة للفساد وىي تأثَتات‬
‫اػبطيئة واألمراض وكم ىي سهلة اللذة اآلنية كذلك نتائجها قاتلة‪. 1‬‬

‫‪ -‬ثالثا‪ :‬األخالق‬
‫إف اعبزء اػبصب يف البوذية ىو مذىبها يف األخبلؽ واصبلح اجملتمع وزبفيف مافيو من‬
‫شقاء‪.2‬كما كاف لبوذا منهج يف نشر مذىبو األخبلقي يف اجملتمع اؽبندي القدمي‪ ،‬من خبلؿ إىتمامو‬
‫بالدعاة بشكل خاص‪ ،‬إذ كاف مهتما برعاية وتربية كل أصحابو باعتبارىم مشاريع نشر دعوتو وأكد‬
‫على إكتساهبم اػبصاؿ النفسية والفضائل األخبلقية البلزمة حىت يتمكنوا من أداء رسالتهم على‬
‫أكمل وجو‪ ،‬فأخذ يربيهم على الصرب واحتماؿ أذى الناس الذين يعارضوف الدين اعبديد‪ ،‬واعبدير‬
‫بالذكر أف نظاـ الًتبية الذي إعتمده بوذا وركز عليو كثَتا ىو طريقة اؼبعاملة والتفاىم‪. 3‬‬

‫فالبوذية ألغت اعبانب الرباين من فلسفتها وواجباهتا واقتصرت فروضها على اعبانب األخبلقي‬
‫اإلنساين وحده‪ ،‬فكانت فكرة بوذا من الدين فكرة خلقية خالصة وكل مايعنيو سلوؾ الناس أما‬
‫الطقوس وشعائر العبادة وماوراء الطبيعة فكلها عنده ال تستحق الكبلـ والنظر فيها‪ ،‬األمر الذي‬
‫جعل البوذية مليئة بالفجوات واػبرافات اليت مؤلىا أتباعو بعد وفاتو‪.4‬‬

‫فأخذت البوذية تتطور من قرف إذل قرف فدخلتها مسائل من اآلؽبات والكوف‪ ،‬حيث كاف بوذا قد‬
‫هنى عنها وحذر منها أتباعو‪ ،‬ولكنهم قاموا بالبحث فيها بعده وأدرجوا يف التعليم نفسو فأصبحت‬
‫البوذية مذىبا فكريا ومباحث عقلية‪ ،‬حيث ابتعدت البوذية اعبديدة عن البوذية القددية‪ ،‬غَت أف ىذه‬
‫األخَتة كانت عبارة عن تزكية وتربية‪ ،‬فأضحت البوذية اغبديثة فكرا وفلسفة‪ ،‬وقد قسمها العلماء إذل‬

‫‪ -1‬رؤوؼ سبهاين‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.264-263‬‬


‫‪ -2‬الشيخ ؿبمد أبو الزىرة‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.71‬‬
‫‪ -3‬مصطفى حلمي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.77‬‬
‫‪ -4‬عبداهلل مصطفى نومسوؾ‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.135‬‬
‫~ ‪~ 61‬‬
‫عقائد الديانة البوذية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫البوذية القددية واعبديدة‪،‬فالقددية صبغتها أخبلقية‪ ،‬ومن فبيزاهتا إثارة العاطفة‪ ،‬واغبث على اػبضوع‬
‫لقوانُت النظاـ‪ ،‬واإلىتماـ هبدي شارعها‪ ،‬وكأهنا ىي اليت دعا إليها بوذا نفسو‪ ،‬واتبعها مريدوه وأتباعو‬
‫اؼببلزموف لو‪ ،‬أما البوذية اعبديدة فهي عبارة عن تعاليم بوذا ـبتلطة بآراء يف الكوف وأفكار ؾبردة عن‬
‫اغبياة‪ ،‬ومؤسسة على نظريات فلسفية وقياسات عقلية قد ظبحت هبا طبائع اؼبتأخرين من اؼبفسرين‬
‫والزعماء والغالب عليها صبغة الفلسفة‪.1‬‬

‫‪ -2‬الزىد والرىبنة والتسول‬


‫‪ -‬التعريف بالرىبنة البوذية‪:‬‬

‫يطلق على الرىبنة يف اللغة البالية إسم "بارباشا" )‪ )Barphasha‬وىي مركبة من‬
‫كلمتُت"بار"أي الزىد أو اإلعتزاؿ مث"باشا"يعٍت اؼبطلق أو التاـ فيكوف اؼبعٌت الزىد اؼبطلق أو اإلعتزاؿ‬
‫التاـ واؼبراد بو ىو اإلبتعاد عن البيوت واؼبساكن‪ ،‬كذلك اإلنقطاع عن أسلوب حياة أىلها إذل أسلوب‬
‫رىباين وىو التنسك والتبتل‪ ،‬كما عرفها بعض العلماء يف البوذية بأهنا اإلمتناع عن صبيع الرذائل وترؾ‬
‫العادل كلو‪.2‬‬

‫كما تعرؼ كذلك بأهنا لوف من ألواف التنسك اعبماعي يلتحق هبا األفراد متطوعوف وخيرجوف منها‬
‫دبحض إرادهتم أو قوة إذا ما انتهكوا أنظمتها‪.3‬‬

‫حيث نشأة الرىبنة يف البوذية يف العصر البوذي األوؿ أي يف النصف األوؿ من القرف السادس‬
‫قبل اؼبيبلد‪ ،‬مث إنتشرت يف ذلك العصر مظاىر رىبانية وذلك بظهور عدد من النساؾ والرىباف من‬
‫الربامهة واعبينيُت واليوجيُت وغَتىم‪ .‬وكاف ىؤالء يقيموف يف الغابات والكهوؼ متنسكُت ومًتىبُت‬
‫مبتعدين عن العادل ونعيم الدنيا وزخارفها‪ ،‬فبعضهم يغوصوف يف التأمل والتفكَت يف أسرار اغبياة ونزع‬
‫غوامضها‪ ،‬والبعض اآلخر يتدربوف على صبيع أنواع التعب واؼبشقة معتقدين أف ذلك تنمية للروح‬

‫‪ -1‬عبدالعزيز بن ؿبمد اغبمداف‪ ،‬دعوة البوذيُت لئلسبلـ(دراسة تأصيلية يف ضوء الكتاب والسنة‪ ،‬كلية العلوـ والدراسات‬
‫اإلنسانية‪ ،‬حبوطة سدير‪ ،‬جامعة اجملمعة‪ ،‬د ت‪ ،‬ص‪.1269-1268‬‬
‫‪ -2‬عبداهلل مصطفى نومسوؾ‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.278‬‬
‫‪ -3‬عصمت نصار‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.174‬‬
‫~ ‪~ 62‬‬
‫عقائد الديانة البوذية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وربريرىا من القيود اعبسمانية ومعوقاهتا‪ .‬وكاف من بُت ىؤالء النساؾ األمَت "سيدىارتا" مؤسس‬
‫البوذية فقد ازبذ الرىبانية شريعة لو يف اغبياة منذ خروجو من القصر حىت آخر حياتو‪.1‬‬

‫كما يعد الطريق الذي سلكو بوذا لنفسو ورظبو ألتباعو من بعده للوصوؿ إذل اػببلص ىو الرىبنة‬
‫والزىد والتسوؿ الذي يعد نوع من أنواع العبادة اليت قاـ هبا بوذا وأتباعو من بعده‪ ،‬فقد فرضت وصايا‬
‫بوذا الصارمة يف التطبيق العملي منط عيش رىباين على كل من يتبع ىذه التعاليم ومع أف بوذا دل يشر‬
‫بتكوين طائفة خاصة من القسس والرىباف إال أف أتباعو كانوا صبيعا طائفة واحدة حيث يتعاوف‬
‫أفرادىا على النصح واإلرشاد وضبط النفس ومع مرور الوقت تكونت عمليا غخوة الرىباف أي اإلخوة‬
‫البوذية‪.2‬‬

‫‪ -3‬اليوغا‬
‫اليوجا أو النَت اشتهرت بو اؽبند واؼبقصود هبا إخضاع اإلنساف لنَت النظاـ التقشفي اؼبتزىد الذي‬
‫يلتزمو الطالب ليبلغ ما يريد لنفسو من طهارة الروح‪ ،‬فبل سبيل ؼبعرفة اليوجا إال عن طريق اليوجا كما‬
‫يعتقد اليوجي أنو بواسطة اليوجا يستطيع أف خيدر أي جزء من أجزاء جسمو بالًتكيز فيو‪ ،‬وذلك‬
‫جيعلو ربت سلطانو فيمكنو إف أراد اإلختفاء عن األبصار أو التحويل بُت جسده وبُت اغبركة مهما‬
‫كاف الدافع إليها‪ ،‬أو اؼبرور يف أي غبظة يشاء من أي جزء من أجزاء األرض صبيعا‪ ،‬أو أف حييا من‬
‫العمر ماشاء أف حييا‪ ،‬كذلك معرفة اؼباضي واؼبستقبل كما يعرؼ أبعاد النجوـ‪.3‬‬

‫قاؿ ويل ديورانت"أف اليوجا كانت موجودة أياـ "الفيدات واليوبانيشاد واؼبهاهبارتا" كبلمها إعًتفا‬
‫هبذه الطريقة اليت ازدىرت يف عصر بوذا‪.4‬‬

‫تعترب فلسفة اليوغا من أقدـ اؼبذاىب الفلسفية وىي طريقة يف التأمل تعود جبذورىا إذل أياـ‬
‫الفيدات كما قلنا سابقا‪ ،‬كما عرفت اليوغا يف عصر بوذا تطورا ويعد "باتاقباؿ" ىو من صبع أجزاء‬
‫ىذا اؼبذىب حوارل‪150‬ؽ‪.‬ـ يف كتابو اؼبشهور (قواعد اليوغا)‪.1‬‬

‫‪ -1‬عبداهلل مصطفى نومسوؾ‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.282-281‬‬


‫‪ -2‬عبلء جبار اعباين‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.122‬‬
‫‪ -3‬كامل سعفاف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.240‬‬
‫‪ -4‬ويل ديورانت‪ ،‬قصة اغبضارة‪ ،‬تر‪ :‬زكي قبيب ؿبمود‪ ،‬ج‪،3‬مج‪ ،1‬دار اعبيل للنشر والتوزيع‪ ،‬بَتوت‪ ،‬د ت‪ ،‬ص‪.262‬‬
‫~ ‪~ 63‬‬
‫عقائد الديانة البوذية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫واليوغا معناىا النَت كما مت ذكره سابقا إخضاع اإلنساف للنظاـ التقشفي ليبلغ اؼبريد مايريد من‬
‫طهارة الروح من أدوات اؼبادة والسمو على الطبيعة كبو ربرير النفس من ظواىر اغبس وارتباطاتو‬
‫اعبسدية والشهوانية‪ ،‬وتعد كذلك ؿباولة لبلوغ التنوير األعلى واػببلص وىي كذلك أف يكفر عن‬
‫خطاياه اليت إرتكبها يف حياتو السابقة‪ ،‬وترى اليوغا أف للوصوؿ إذل ماسبق على اإلنساف أف دير‬
‫دبراحل متعددة وىي‪:‬‬

‫‪" -1‬ياما" )‪ (Yama‬أو موت الشهوة‪ :‬وىي إرضاؤ النفس بقيود"أظبا" )‪ (Asma‬و"برامها كاريا"‬
‫)‪ ،(Brahma-Karia‬وديتنع عن السعي وراء اؼبصاحل والتحرر من الرغبات وذباىد ضد اؼبادة‬
‫وتتمٌت اػبَت للكائنات صبيعا‪.‬‬

‫‪" -2‬نياما" )‪ :(Nyama‬إتباع آمن لبعض قواعد اليوجا كالنظافة والتطهَت والتقوى‪.‬‬

‫‪" -3‬أسانا" )‪ :(Asana‬وضع معُت للجسد غايتو إيقاؼ كل إحساس‪.‬‬

‫‪" -4‬براناياما" )‪ :(Branayama‬تنظيم النفس وتعُت صاحبها على نسياف كل شيء ماعدا حركة‬
‫التنفس‪.2‬‬

‫‪" -5‬برانيا كارا" )‪ :(Branya-Kara‬ومعناىا التجريد وىنا يسيطر العقل على صبيع اغبواس‬
‫ويباعد بُت نفسو وبُت كل احملسنات‪.‬‬

‫‪" -6‬ذارانا" )‪ :(Zarana‬الًتكيز أف ديؤل العقل واغبواس بفكرة واحدة حبيث يصرؼ النظر عن كل‬
‫ماعداه‪.‬‬

‫‪" -7‬ذيانا" )‪ :(Zayana‬أو التأمل وىو حالة تكوف تنوديا مغناطيسيا تنتج عن "ذرانا"‪ ،‬ويقوؿ‬
‫باتاقبارل إنو ديكن إستحداثها عن العادة على تكرار اؼبقطع اؼبقدس"أوـ"‪.‬‬

‫‪ -1‬ؿبمد سليماف حسن‪ ،‬تيارات الفلسفة الشرقية‪ ،‬د ط‪ ،‬د ج‪1000 ،‬نسخة‪ ،‬دار عبلء الدين‪ ،‬دمشق‪1999 ،‬ـ‪ ،‬ص‪.171‬‬
‫‪ -2‬ؿبمد سليماف حسن‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.172-171‬‬
‫~ ‪~ 64‬‬
‫عقائد الديانة البوذية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪" -8‬ساماذي" )‪ :(Samazy‬تأمل الغيبوبة‪ ،‬يغيب التفكَت عن مساحة الذىن‪ ،‬فقداف‬


‫الشعور بالنفس واإلستقبللية‪ ،‬والدخوؿ يف حيز الوجود الكلي‪ ،‬حيث يستحيل وضعها إال‬
‫باؼبمارسة‪.1‬‬

‫‪ -3‬المبحث الثالث‪ :‬عقيدة النيرفانا وعقيدة الكارما‬


‫‪ -‬عقيدة النيرفانا‬

‫تعترب النَتفانا أو"نيبانا" ومعناىا البلوجود والعدـ واغبسب‪ ،‬لكن مغزى ىذا اؼبفهوـ ىو يف واقع‬
‫األمر أكثر عمقا بكثَت مثل"إنطفأ القنديل" حيث ينطق باللغة البالية على النحو التارل"باديبا سيفا‬
‫نيبانا"وتنطق ىذه األخَتة بصيغتها السنسكريتية النَتفانا‪ ،‬وتتألف ىذه الكلمة من البادئة "نيس"(من)‬
‫اليت تتحوؿ قبل اغبرؼ الصويت إذل"نر" ومن األصل "فا" ينفخ‪ ،‬يعصف ومن البلحقة "نا" وبذلك‬
‫يكوف اؼبعٌت اغبريف لكلمة النَتفانا ىو اؼبنفوخ واؼبنطفئ‪ ،‬اؼبخمد‪ ،‬حيث تًتدد ىذه الكلمة كثَتا هبذا‬
‫اؼبعٌت يف النصوص البوذية ولكن معٌت كلمة نرفانا ىذا ينسحب على إطباد نار الرغبة‪ ،‬ومعٌت ىذا أف‬
‫النَتفانا ال تعٍت العدـ واغبسب فوؽ تعاليم بوذا أف من ينجح يف ترويض أىوائو يدرؾ وىو على‬
‫األرض يف حالة السكينة اؼبسرورة‪ ،‬أي النَتفانا‪ .‬فالقديس حيققها قبل اؼبوت‪ ،‬كما قاؿ أحد القديسُت‬
‫عن تلك اغبالة "أنا ال أرغب يف اؼبوت‪ ،‬وال الرغبة يف اغبياة‪ ،‬أنا أنتظر ساعة مويت كعامل ينتظر أجره‬
‫أنا أنتظر ساعيت مليئة بالوعي والفكر"‪.‬كما ورد وصف النَتفانا يف الدراسات الربمهية قبل بوذا‬
‫فالنَتفانا عند البوذيُت ىي قبل كل شيء‪ ،‬حالة من الطهر وانعداـ اآلالـ‪.2‬‬

‫ويذكر يف الكتب البوذية أف النَتفانا تستخدـ يف عدة معاين حيث تستعملها يف معاين على أهنا‬
‫حالة من السعادة يبلغها اإلنساف يف ىذه اغبياة بإقتبلعو لكل شهواتو اعبسدية اقتبلعا تاما‪ ،‬وكذلك‬
‫أهنا ربرير الفرد من عودتو إذل اغبياة‪ ،‬أيضا انعداـ شعور الفرد بفرديتو كما تعترب فردوس من السعادة‬
‫بعد اؼبوت‪.3‬‬

‫‪ -1‬ويل ديورانت‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.265-264‬‬


‫‪ -2‬أ‪.‬س‪.‬ميغوليفسكي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.206‬‬
‫‪ -3‬ويل ديورانت‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.84‬‬
‫~ ‪~ 65‬‬
‫عقائد الديانة البوذية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫واؼبقصود بالنَتفانا ىو إنتقاؿ الروح إذل اؼبؤل األعلى ليحظى حبياة صافية وراقية ولكن ىذا اؼببدأ طرأ‬
‫عليو فيما بعد معٌت جديد‪ ،‬إذ يقصد بو وصوؿ الفرد إذل أعلى درجات الصفاء الروحانية من خبلؿ‬
‫تطهَت نفسو والقضاء على صبيع رغباتو اؼبادية‪. 1‬‬

‫فعندما تزوؿ كل أشكاؿ التوؽ من النفس فتتوقف الكارما عن العمل ويبلغ اؼبرء النَتفانا متخلصا‬
‫من دورة التناسخ‪ ،‬والنَتفانا ليست مشروطة بأي سبب وليس ؽبا نشوء أو زواؿ ألهنا ال تولد وال‬
‫تشيخ وىي ليست سببا وال نتيجة لكن لكل األشياء األخرى يف ىذا الوجود فهي مشروطة أي يف‬
‫تغيَت دائم‪ ،‬أما النَتفانا فهي دائمة ومرغوبة وباعثة للسعادة وىي نتيجة لتهدئة الرغبات والشهوات‬
‫كما قاؿ بوذا"النَتفانا ىي السعادة األظبى‪ ،‬إهنا أسرار سامية ألنو ليست ىروبا من السعادة اؼبختربة‬
‫باغبواس ‪،‬بل ىي حالة إجيابية سعيدة من اإلرتياح‪.2‬‬

‫والنَتفانا تعٍت حرفيا حالة من العدـ أو الفناء واإلطباد‪ ،‬كما تعٍت أيضا السمو اؼبطلق الذي يصل‬
‫إليو اإلنساف بعد التوقف عن طلب أي رغبة‪ ،‬أو لذة أو كل ما يتعلق هبوى النفس فيصبح اإلنساف‬
‫ليس حباجة إذل الوالدة من جديد أو ما يسمى بفعل الكارما‪.3‬‬

‫حيث جاء يف اؼبصدر البوذي أف من قضى على أىوائو وربرر من الغرور وذباوز طريق الرغبات‬
‫كلها وسيطر على نفسو سيطرة تامة وبلغ النَتفانا وكاف ثابت الروح فإنو يسَت على الطريق الصحيح‬
‫يف ىذا العادل واغبقيقة أف البوذية ال تنفرد وحدىا هبذا القرار‪ ،‬فالنظم الفلسفية األخرى تؤكد بدورىا‬
‫على أف اػببلص ال يتحقق إال دبعارؼ معينة ال ديكن فقداهنا بعد إكتساهبا‪ ،‬فبا زاد يف ىذا بوذا أدرج‬
‫يف تعاليمو عن ىذه اؼبسألة ما كاف موجودا قبلو عند الربامهة‪ ،‬أف من حيقق اػببلص يف حياتو الدنيا‬
‫لن يفقده بعد ذلك أبدا فبل يأيت فيما بعد بأفعاؿ قد تؤثر يف مستقبلو لن يأيت بأي أفعاؿ ال صاغبة‬
‫وال طاغبة ومن تنتهي دورة حياتو باؼبوت يكوف قد تفادى البعث من جديد‪ ،‬دبعٌت آخر أف من حيقق‬
‫اػببلص ديوت وال يصحوا ثانية‪.4‬‬

‫‪ -1‬رؤوؼ سبهاين‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.260‬‬


‫‪ -2‬ؾبموعة من كبار الباحثُت‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.55-54‬‬
‫‪ -3‬ؿبمد خليفة حسن‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.88‬‬
‫‪ -4‬حبيب سعيد‪،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.101‬‬
‫~ ‪~ 66‬‬
‫عقائد الديانة البوذية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وللنَتفانا معنيُت متبلحقُت ومرتبطُت مع بعضهما البعض فاؼبعٌت األوؿ ىو اػببلص يف اغبياة الدنيا‬
‫أي وصوؿ اإلنساف إذل النَتفانا‪ ،‬أما الثاين فهو اػببلص من الوالدات اؼبتتالية بعد اؼبوت وىو النَتفانا‬
‫الكاملة اػبالدة‪.1‬‬

‫ولكن ىذا اؼببدأ طرأ عليو فيما بعد معٌت جديد إذ يقصد بو وصوؿ الفرد إذل أعلى درجة الصفاء‬
‫الروحاين بتطهَت نفسو‪ ،‬والقضاء على صبيع رغباتو اؼبادية‪ ،‬والسبب يف ذلك أف بوذا سلك يف البداية‬
‫أساليب اؽبندوسية ؿباوال إفناء روحو يف ذات اهلل‪ ،‬إال أنو عدؿ عن ذلك بعد أف يئس من ذبارب‬
‫اؽبندوسية وأساليبها وسبت لو اإلشراقو فتبدلت مطامعو‪.2‬‬

‫ويف رأي بوذا ليصل اإلنساف إذل النَتفانا فبلبد من اإللتزاـ باؼببادئ األخبلقية كذلك ال بد لو أف‬
‫يسلك الطريق اؼبثمن والتخلص من النقائص والعوائق العشرة وىي الوىم والشك واإلعتقاد يف تأثَت‬
‫الطقوس والتقاليد الدينية‪ ،‬الشهوة والكراىية‪ ،‬الكراىية والرغبة يف البقاء اؼبادي‪،‬كذلك اإلعتزاز‬
‫والتقدير بالرب الذايت مث الكربياء والغرور واعبهل‪.3‬‬

‫‪ -‬عقيدة الكارما‪:‬‬

‫الكارما (‪ (Karma‬وتعٍت حرفيا "الفعل" فهي قانوف السبب والنتيجة‪ ،‬والكارما ىي يف آف‬
‫معا القوة الكامنة داخل الفعل‪ ،‬والنتائج اليت تؤدي إليها أفعالنا‪ ،‬فلكل فعل بالنسبة للبوذي سواء كاف‬
‫الكلمة أو الفكر ىاـ وذو نتائج‪ ،4‬حيث كاف للبوذية تأثَت كبَت دببدأ الكارما واليت تعٍت خضوع‬
‫الكائنات واغبوادث الكونية لسلسلة األسباب واؼبسببات ويعلن ىذا اؼببدأ أف حياة الفرد يف عصر ما‬
‫ىو نتيجة حتمية غبالتو أو سلوكو يف حياة سابقة‪.5‬‬

‫‪ -1‬ؿبمد أضبد اػبطيب‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.439‬‬


‫‪ -2‬حبيب سعيد‪،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.102‬‬
‫‪ -3‬ؿبمد أضبد اػبطيب‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.442‬‬
‫‪ -4‬جُت ىوب‪-‬بورف فاف لوف‪ ،‬أقدـ لك بوذا‪ ،‬تر‪ :‬إماـ عبدالفتاح إماـ‪ ،‬د ط‪ ،‬د ج‪ ،‬اجمللس األعلى للثقافة‪ ،‬القاىرة‪2001 ،‬ـ‪،‬‬
‫ص‪.45‬‬
‫‪ -5‬رؤوؼ سبهاين‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.259‬‬
‫~ ‪~ 67‬‬
‫عقائد الديانة البوذية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أما اؼبعٌت اغبريف لكلمة كارما يف اللغة السنسكريتية ىو الفعل كما مت ذكره سابقا‪ ،‬فالكارما كمفهوـ‬
‫ديٍت فهي ال ترتبط بأي نوع من األفعاؿ فحسب بل ترتبط بأفعاؿ ذات طبيعة خاصة إف أفعاؿ‬
‫الكارما ىي أفعاؿ أخبلقية‪ ،‬ولقد حدد بوذا الكارما باإلشارة إذل اػبيارات األخبلقية واألفعاؿ اؼبًتتبة‬
‫عليها فقاؿ‪":‬إف اإلختيار (تشيتانا) أيها الرىباف ىو ما أطلق عليو كارما‪ ،‬إنو إختيار أحد األفعاؿ من‬
‫خبلؿ اعبسم أو الكبلـ أو العقل" حيث زبتلف األفعاؿ األخبلقية عن غَتىا من األفعاؿ ألهنا ذات‬
‫نتائج مباشرة وغَت مباشرة‪.1‬‬

‫حيث يشًتط يف الكارما ثبلثة شروط وىي‪:‬‬

‫‪ -1‬وجود الدافع وىو الرغبة والشهوة‪.‬‬

‫‪ -2‬وجود القصد والنية‪.‬‬

‫‪ -3‬وجود الفعل واغبركة‪.2‬‬

‫ويعمل نظاـ الكارما وفق قانوف أخبلقي طبيعي قائم بذاتو وليس كما يف األدياف األخرى ربت‬
‫سلطة األحكاـ اإلؽبية‪ .‬تتحدد وفقا للكارما عوامل مثل اؼبظهر اػبارجي‪ ،‬اعبماؿ والذكاء‪ ،‬العمر‬
‫والثراء واؼبركز اإلجتماعي‪ ،‬حسب ىذه الفلسفة ديكن لكارمات ـبتلفة ومتفاوتة أف تؤدي يف النهاية‬
‫إذل أف يتقمص الكائن اغبي شكل إنساف أو حيواف‪ ،‬وعليو تعد ىذه العقيدة ىي كل فعل مشروط‬
‫بفعل آخر‪ ،‬فإف حياة الفرد يف عصر ما ىي نتيجة حتمية غبالتو أو سلوؾ حياتو يف حياة سابقة‬
‫ويرجع سبب ذلك عند البوذيُت إذل الفوارؽ الكيفية يف األشياء مثل العظمة والعزة والذلة والفقر‪.3‬‬

‫إف قانوف السببية أو كما يعرؼ بقانوف األفعاؿ ىو ربت إسم كارما فهو يفهم بصورة عامة كمبدأ‬
‫للثواب األخبلقي‪ ،‬إذا كاف لكل سبب نتيجة فإف حياة الفرد ليست إال حصاد ماكاف قد زرعو خبلؿ‬

‫‪ -1‬دامياف كيوف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.51‬‬


‫‪ -2‬عبدالعزيز موسى الدبور‪ ،‬إعتقادات البوذية(عرض ونقد)‪ ،‬مج ‪ ،05‬ع ‪ ،32‬حولية‪ ،‬كلية الدراسات اإلسبلمية والعربية‬
‫للبنات‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬د ت‪ ،‬ص ص‪.721-720‬‬
‫‪ -3‬عبلء جبار اعباين‪ ،‬اؼبرجع السابق‪.132 ،‬‬
‫~ ‪~ 68‬‬
‫عقائد الديانة البوذية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫حاالت الوجود السابقة حىت لو مت ؿبو ذكراىا وذبعل من تراكم اؼبزايا أمرا عاديا يف الطقوس الشعبية‬
‫داخل البلداف‪.1‬‬

‫كما يرى البوذيُت يف قانوف الكارما تأثَت النية اليت يتحقق العمل يف ظلها أكثر من رؤيتهم تأثَت‬
‫العمل نفسو‪ ،‬ويبقى العمل من غَت تأثَت سبيب كارمي شرط أف يتحقق أو ال يتحقق‪.2‬‬

‫ىناؾ أسطورتُت عند البوذيُت لقانوف الكارما حيث تروي األوذل أف زاىدا جلس ربت شجرة وأطاؿ‬
‫التأمل والنظر وؼبا أراد القياـ من مكانو صدمو غصن الشجرة يفٍ رأسو فتأدل وضبلو ذلك على إزالة‬
‫الغصن ولكنو دل يكد ينتهي من قطعو حىت ربوؿ جسمو وصار جسم ثعباف جزاء ما إقًتفو من ذنب‬
‫أما األسطورة الثانية فتحدثنا بأف زاىدا طلب من أحد زمبلئو أف يعَته مصفاة ليصفي هبا اؼبياه‪ ،‬فلما‬
‫رفض زميلو فضل أف ديوت عطشا وال يشرب اؼباء اؼبلوث دبا فيو من حشرات فيقتلها يف بطنو‪ ،‬وظل‬
‫ظمآف حىت فارؽ اغبياة فانتقل يف اغباؿ إذل جوار اآلؽبة‪.‬‬

‫كما علق بوذا على ىاتُت اغبالتُت بقولو‪":‬إذا كاف خضوع الزاىد لغضبو‪ ،‬وضبلو إياه على نزع غصن‬
‫شجرة قد قاده إذل التناسخ يف الثعباف‪.3‬‬

‫وإشفاؽ اآلخر على اغبشرات قد أنتج إنتقالو إذل جوار اآلؽبة‪ ،‬فإف أثر األعماؿ على مصَتنا‬
‫يكوف شيئا غَت قابل للنقاش" ويف اغبق أف ما ىو كائن ىو شبرة ما كاف‪ ،‬وكل إنساف يولد من جديد‬
‫حسب أفعالو‪ ،‬والكارما ىو مَتاث اغبياة السابقة‪.4‬‬

‫وديكن للكارما أف تكوف جيدة أو سيئة‪ ،‬حيث يصف البوذيوف أف الكارما اعبيدة بأهنا حسنات‬
‫وجيب بذؿ جهد كبَت للحصوؿ عليها كما ينظر إليها البعض على أهنا نوع من "الرأظباؿ الروحي"‬
‫إف أحد أفضل الطرؽ للحصوؿ على اغبسنات بالنسبة للناس ىو دعم نظاـ الرىبنة‪ ،‬وديكن إجراء‬
‫ذلكبوضع الطعاـ يف أطباؽ الرىباف عند مرورىم يف جوالهتم اليومية عبمع الزكاة وتزويدىم باؼببلبس‬
‫واإلستماع إذل مواعظهم وحضور اؼبراسيم الدينية‪ ،‬وديكن اغبصوؿ على اغبسنات حىت دبجرد مدح‬

‫‪ -1‬كلود لفنسوف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.55‬‬


‫‪2‬‬
‫‪-Edward. J. Thomas,The History of Buddhist Thougt,London,1933, p107.‬‬
‫‪ -3‬ؿبمد غبلب‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.140‬‬
‫‪ -4‬ؿبمد غبلب‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.141‬‬
‫~ ‪~ 69‬‬
‫عقائد الديانة البوذية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫اؼباكبُت اآلخرين والسرور بكرمهم‪ .‬وجيعل بعض البوذيُت صبع اغبسنات غاية يف حد ذاهتا ويذىبوف‬
‫حىت اغبدود القصوى حبمل دفًت يدونوف فيو رصيدىم الكارمي‪. 1‬‬

‫ويف كثَت من الثقافات البوذية ىناؾ إعتقاد بنقل اغبسنات أو مبدأ اؼبشاركة يف الكارما اعبيدة مع‬
‫اآلخرين سباما مثل اؼبشاركة يف النقود‪ .2‬إف منح الكارما اعبيدة لآلخرين يؤدي إذل نتيجة سعيدة وىي‬
‫أنو بدال من ذلك يتزايد نتيجة لدافع الكرـ يف اؼبشاركة‪ ،‬وكلما أعطى اؼبرء أكثر زاد مايتلقاىن ومن‬
‫اؼبعتقد فيو وجود شرعية ألفكار من ىذا النوع بالرغم من أف الدافع الشخصي ؼبشاركة الفرد حسناتو‬
‫يف جو من اعبود مرحب بو كارميا ألنو يقود إذل تكوين شخصية ذات كرـ وخَت‪. 3‬‬

‫‪ -1‬دامٍت كيوف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.43‬‬


‫‪ -2‬عبلء جبار اعباين‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.133‬‬
‫‪ -3‬دامٍت كيوف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.43‬‬
‫~ ‪~ 70‬‬
‫الخاتمة‬

‫الخاتمة‪:‬‬
‫يف خبلصة حبثنا توصلنا إذل نتائج عدة وكاف منها‬

‫‪-1‬إف البوذية ولدت من رحم معاناة الشعب اؽبندي القدمي وبالتحديد ضمن تقاليد الربامهانية للديانة‬
‫اؽبندوسية وأصبحت حركة رىبانية تكونت نتيجة تراكم معريف ديٍت للًتاث اؽبندي القدمي إذ ظهرت‬
‫حوارل القرف اػبامس قبل اؼبيبلد ‪.‬‬

‫‪-2‬شاركت البوذية اعبينية يف بعض مرتكزاهتا إذ سارت يف إطار الفكر اؽبندي يف أكثر مبادئها حيث‬
‫كانت البوذية كاعبينية كرد فعل لعسف الربامهة واستبدادىم فبا أثار عليهم الطبقات األخرى وخاصة‬
‫طبقة الكشتاريا ‪.‬‬

‫‪-3‬تعترب البوذية نظاـ أخبلقيا ومذىبا فكريا مبنيا على نظريات فلسفية وتعاليمها ليست وحيا إمنا ىي‬
‫ٱراء وعقائد يف إطار ديٍت‪ ،‬زبتلف البوذية القددية عن اعبديدة فاألوذل صبغتها أخبلقية يف حُت أف‬
‫اعبديدة ىي تعاليم بوذا ـبتلطة بآراء فلسفية وقياسية عقلية عن الكوف واغبياة ‪.‬‬

‫‪ -4‬جعل بوذا طريق الزىد والتقشف طريقا ؿبببا يسلكو اغبكماء بقصد اإلبتعاد عن الطرقات اؼبظلمة‬
‫واإلذباه كبو النور‪ .‬وبذلك أثرت البوذية يف بعض اؼبعتقدات يف العديد من مناطق العادل فعاش‬
‫أصحاب ىذه اؼبعتقدات حياة العزلة واؽبروب من اؼبواجهة ‪.‬‬

‫‪-5‬البوذية ىي إحدى الديانات الرئيسية يف العادل كما كانت ؽبا فرقتاف أساسيتاف األوذل تعرؼ‬
‫باؼباىايانا كما يطلق عليها بالعجلة الكبَتة تأسست يف عهد اؼبلك "كنشك"‪ ،‬أما الفرقة الثانية تعرؼ‬
‫بإسم اؽبينايانا وىي العجلة الصغَتة كما إنتشرت تعاليم البوذية يف صبيع أكباء وسط وجنوب شرؽ‬
‫ٱسيا من خبلؿ الصُت والياباف‪ ...‬إخل‬

‫‪72‬‬
‫قائمة البيبليوغرافيا‬
‫قائمة البيبليوغرافيا‬

‫قائمة البيبليوغرافيا‪:‬‬
‫المراجع ‪:‬‬

‫‪ -‬أبو الرحياف ؿبمد بن أضبد‪ ،‬ربقيق ما للهند من مقولة مقبولة يف العقل أو مرذولة‪ ،‬د ج‪ ،‬د ط‪،‬‬
‫مطبوعة دائرة اؼبعارؼ العثمانية‪ ،‬د ـ ف‪1958 ،‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬أب صربي اؼبقدسي‪ ،‬اؼبوجز يف اؼبذاىب واألدياف‪ ،‬ط‪ ،1‬ج‪ ،2‬مطبعة كارواف‪ ،‬أربيل‪،‬‬
‫‪2009‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬إبراىيم ؿبمد إبراىيم‪ ،‬األدياف الوضعية يف مصادرىا اؼبقدسة وموقف اإلسبلـ منها‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫مطبعة األمانة‪ ،‬مصر‪1985 ،‬ـ‬

‫‪ -‬أبكار األسقاؼ‪ ،‬الدين يف اؽبند والصُت وإيراف‪ ،‬د ط‪ ،‬ج‪ ،4‬العصور اعبديدة‪ ،‬د ب‪ ،‬د ت‬

‫‪ -‬ابن ندمي‪ ،‬الفهرست يف اخبار العلماء واؼبصنفُت من القدماء واحملدثُت اظباء كتبهم‪ ،‬تح‪ :‬رضا‬
‫ذبدد‪ ،‬ج‪ ،1‬د ـ ف‪ ،‬د س‬

‫‪ -‬أضبد شليب ‪ ،‬أدياف اؽبند الكربى اؽبندوسية واعبينية والبوذية ‪ ،‬ط‪ ،11‬ج‪ ،4‬مكتبة النهضة‬
‫اؼبصرية‪1984 ،‬ـ‬

‫‪ -‬أضبد علي عجيبة‪ ،‬دراسات يف األدياف الوثنية القددية‪ ،‬ط‪ ،1‬دار اآلفاؽ العربية ‪ ،‬القاىرة‪،‬‬
‫‪2004‬ـ‬

‫‪ -‬أديب صعب‪ ،‬األدياف اغبية‪ ،‬نشوؤىا وتطورىا‪ ،‬ط‪ ،3‬د ج‪ ،‬دار النهار للنشر‪ ،‬بَتوت‪،‬‬
‫‪2005‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬أندريو إديار‪،‬جانُت أوبوايو‪،‬تر فريد ـ داغر‪،‬فؤاد أبوالرحياف‪،‬تاريخ اغبضارات العاـ (روما‬


‫وامرباطوريتها ) ‪ ،‬مج ‪،2‬ط‪ ،2‬منشورات عويدات‪ ،‬بَتوت‪ ،‬باريس‪2007 ،‬ـ‬

‫‪ -‬انيس منصور‪ ،‬ديانات أخرى‪ ،‬د ط‪ ،‬دار الشروؽ‪ ،‬د ـ ف‪ ،‬د س ف‪.‬‬
‫قائمة البيبليوغرافيا‬

‫‪ -‬إدياف علي ؿبمد الغنانيم‪ ،‬األلوىية يف الديانة اؽبندوسية‪ ،‬ملحق‪ ،1‬ع ‪ ،46‬علوـ الشريعة‬
‫والقانوف‪2019 ،‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬البَتثويتزر‪ ،‬فكر اؽبند‪ ،‬تر‪ :‬يوسف شلب الشاـ‪ ،‬ط‪ ،1‬د ج‪ ،‬دار طبلس‪ ،‬دمشق‪1994 ،‬ـ‬

‫‪ -‬جفري بارندر‪ ،‬اؼبعتقدات الدينية لدى الشعوب‪ ،‬تر‪ :‬إماـ عبدالفتاح إماـ‪ ،‬د ط‪ ،‬عطر‬
‫اؼبعرفة‪ ،‬الكويت‪1990 ،‬ـ ‪.‬‬

‫‪ -‬جوف كولر‪ ،‬الفكر الشرقي القدمي‪ ،‬تر‪ :‬كامل يوسف حسُت‪ ،‬مراجعة إماـ عبدالفتاح‬
‫إماـ‪،‬عطراؼبعرفة‪ ،‬سلسة كتب ثقافية يصدرىا اجمللس الوطٍت للثقافة والفنوف واآلداب‪،‬‬
‫الكويت‪1978 ،‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬جُت ىوب بورف فاف لوف‪ ،‬أقدـ لك بوذا‪ ،‬تر‪ :‬إماـ عبدالفتاح إماـ‪ ،‬د ط‪ ،‬د ج‪ ،‬اجمللس‬
‫األعلى للثقافة‪ ،‬القاىرة‪2001 ،‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬حبيب سعيد ‪ ،‬أدياف العادل ‪ ،‬د ط‪ ،‬دار التأليف والنشر للكنيسة األسقفية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬د ت‪.‬‬

‫‪ -‬دافيد سوفَت‪ ،‬جغرافية األدياف‪ ،‬تر‪ :‬أضبد غساف يبانو‪ ،‬ط‪ ،1‬دار قتيبة‪،‬دمشق‪1990 ،‬ـ‬

‫‪ -‬دامٍت كيوف‪ ،‬مدخل إذل البوذية‪ ،‬تر سعيدالدين خرفاف‪ ،‬د ط‪ ،‬د ج‪ ،‬دار رسبلف‪ ،‬سوريا‪،‬‬
‫دمشق‪2007 ،‬ـ ‪.‬‬

‫‪ -‬دامياف كيوف‪ ،‬مقدمة قصَتة جدا البوذية‪ ،‬تر صفية ـبتار‪،‬ط‪ ،1‬مؤسسة ىنداوي للتعليم‬
‫والثقافة‪ ،‬القاىرة‪2016 ،‬ـ ‪.‬‬

‫‪ -‬رؤوؼ سبهاين‪ ،‬تاريخ األدياف القدمي‪ ،‬ط‪ ،1‬د ج‪ ،‬دار سلوين‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبناف‪2011 ،‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬سامي عبداهلل اؼبغلوث‪ ،‬أطلس األدياف تاريخ عقائد إنتشار‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة العبيكاف‪،‬‬
‫الرياض‪1428 ،‬ىػ ‪2007‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬سعيد مراد‪ ،‬مدخل يف تاريخ األدياف‪ ،‬د ط ‪ ،‬عُت للدراسات االنسانية واالجتماعية‪ ،‬اعبيزة‪،‬‬
‫دت‪.‬‬
‫قائمة البيبليوغرافيا‬

‫‪ -‬الشيخ ؿبمد أبو زىرة ‪ ،‬ؿباضرات يف مقارنة األدياف( الديانات القددية) ‪ ،‬د ط‪ ،‬دار الفكر‬
‫العريب‪ ،‬د ب ف‪ ،‬د ت‪.‬‬

‫‪ -‬طارؽ خليل السعدي‪ ،‬مقارنة األدياف (دراسة يف عقائد ومصادر األدياف السماوية واألدياف‬
‫الوضعية)‪ ،‬ط‪ ،1‬دار العلوـ العربية‪ ،‬لبناف‪2005 ،‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬عبداغبليم عويسي‪ ،‬ابن حزـ األندلسي وجهوده يف البحث التارخيي واغبضاري‪ ،‬ط‪ ،2‬الزىراء‬
‫لئلعبلـ العريب‪ ،‬القاىرة‪1988 ،‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬عبدالرزاؽ رحيم صبلؿ‪،‬العبادات يف األدياف السماوية (اليهودية واؼبسيحية‪،‬اإلسبلـ)‪ ،‬ط‪،1‬‬


‫األوائل‪ ،‬دمشق‪2001،‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬عبدالسبلـ خاف‪ ،‬الفلسفة اؽبندية القددية‪ ،‬د ط‪ ،‬د ج‪ ،‬مكتبة رضا رامفور‪1996 ،‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬عبدالعزيز ؿبمد الزكي‪ ،‬قصة بوذا‪ ،‬د ط‪ ،‬د ج‪ ،‬مؤسسة اؼبطبوعات اغبديثة‪ ،‬الدار اؼبصرية‪ ،‬د‬
‫ت‪.‬‬

‫‪ -‬عبدالعزيز موسى الدبور‪ ،‬إعتقادات البوذية(عرض ونقد)‪ ،‬مج ‪ ،05‬ع ‪ ،32‬حولية‪ ،‬كلية‬
‫الدراسات اإلسبلمية والعربية للبنات‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬د ت‪.‬‬

‫‪ -‬عبداهلل مصطفى نومسوؾ‪ ،‬البوذية تارخيها وعقائدىا وعبلقة التصوؼ هبا‪ ،‬ط‪ ،1‬د ج‪ ،‬أضواء‬
‫السلف‪ ،‬الرياض‪1996 ،‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬عصمت نصار‪ ،‬نظرات يف مقارنة األدياف‪ ،‬د ج‪ ،‬ط‪ ،5‬دار اؽبداية‪ ،‬كلية اآلداب‪ ،‬جامعة‬
‫القاىرة‪2001 ،‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬علي عبدالواحد وايف‪ ،‬األسفار اؼبقدسة يف األدياف السابقة لئلسبلـ‪ ،‬ط‪ ،1‬هنضة مصر‪،‬‬
‫القاىرة‪1996 ،‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬الفَتوزأبادي‪ ،‬القاموس احمليط‪ ،‬د ط‪ ،‬مج ‪ ،1‬دار اغبديث‪ ،‬القاىرة‪2008 ،‬ـ ‪.‬‬
‫قائمة البيبليوغرافيا‬

‫‪ -‬كامل ؿبمد عويضة ‪ ،‬بوذا و الفلسفة البوذية ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بَتوت ‪ ،‬لبناف ‪،‬‬
‫‪1994‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬كلود ليفنسوف ‪ ،‬البوذية ‪ ،‬تر‪ :‬ؿبمد علي مقلد ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتاب اعبديد اؼبتحدة ‪،‬‬
‫بَتوت ‪ ،‬لبناف ‪2008 ،‬ـ ‪.‬‬

‫‪ -‬لطفي وحيد‪ ،‬أشهر الديانات القددية‪ ،‬د ج‪ ،‬د ط‪ ،‬مكتبة معروؼ‪ ،‬القاىرة ‪ ،‬د ت‪.‬‬

‫‪ -‬ؿبمد أضبد اػبطيب‪ ،‬مقارنة األدياف‪ ،‬ط‪ ،1‬د ج‪ ،‬دار اؼبسَتة‪ ،‬عماف‪2008 ،‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬ؿبمد خليفة اغبسن‪ ،‬تاريخ األدياف(دراسة وصفية مقارنة)‪ ،‬د ط ‪ ،‬د ج ‪ ،‬دار الثقافة العربية‪،‬‬
‫‪2002‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬ؿبمد سليماف حسن‪ ،‬تيارات الفلسفة الشرقية‪ ،‬د ط‪ ،‬د ج‪1000 ،‬نسخة‪ ،‬دار عبلء الدين‪،‬‬
‫دمشق‪1999 ،‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬ؿبمد ضياء الرضبن األعظمي‪ ،‬دراسات يف اليهودية واؼبسيحية وأدياف اؽبند ‪ ،‬ط‪ ،2‬مكتبة‬
‫الرشد‪ ،‬الرياض‪2003 ،‬ـ ‪.‬‬

‫‪ -‬ؿبمد ضياء الرضبن األعظمي‪ ،‬فصوؿ يف أدياف اؽبند (اؽبندوسية والبوذية واعبينيو والسيخية‬
‫وعبلقة التصوؼ هبا)‪ ،‬ط‪ ،1‬دار البخاري‪ ،‬اؼبدينة اؼبنورة‪1997 ،‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬ؿبمد طاىر التنَت البَتويت‪ ،‬العقائد الوثنية يف الديانة النصرانية‪ ،‬تح ؿبمد عبداهلل الشرقاوي‪ ،‬د‬
‫ط‪ ،‬دار الصحوة‪ ،‬القاىرة‪1998 ،‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬ؿبمد غبلب‪ ،‬الفلسفة الشرقية‪ ،‬د ط‪ ،‬د ج‪ ،‬شبكة كتب الشيعة‪ ،‬القاىرة‪1938 ،‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬ؿبمود علي ضباية‪ ،‬ابن حزـ ومنهجو يف دراسة األدياف‪ ،‬ط‪ ،1‬داراؼبعارؼ‪ ،‬القاىرة‪1983 ،‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬ؿبي الدين األلوائي‪ ،‬الدعوة اإلسبلمية وتطورىا يف شبو القارة اؽبندية عرب القروف‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫دارالقلم ‪ ،‬دمشق‪1986 ،‬ـ‪.‬‬
‫قائمة البيبليوغرافيا‬

‫‪ -‬مصطفى حلمي‪ ،‬اإلسبلـ واألدياف( دراسة مقارنة )‪ ،‬ط‪ ،1‬دارالكتب العلمية‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبناف‪،‬‬
‫‪2004‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬ميغوليفسكي‪ ،‬أسرار اآلؽبة والديانات‪ ،‬تر حساف ميخائيل اسحاؽ‪ ،‬ط‪ ،4‬دار عبلء الدين‪،‬‬
‫دمشق‪ ،‬سورية‪.2009 ،‬‬

‫‪ -‬ناصر بن عبداهلل القفاري وناصر بن عبدالكرمي العقل‪ ،‬اؼبوجز يف األدياف واؼبذاىب اؼبعاصرة‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬دار الصميعي‪ ،‬الرياض‪1413 ،‬ىػ ‪1992‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬ىوتساما وآخروف‪ ،‬موجز دائرة اؼبعارؼ اإلسبلمية‪ ،‬ج‪ ،6‬ط‪ ،1‬مركز الشارقة‪1998 ،‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬ويل ديورانت‪ ،‬قصة اغبضارة‪ ،‬تر‪ :‬زكي قبيب ؿبمود‪ ،‬ج‪،3‬مج‪ ،1‬دار اعبيل للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫بَتوت‪ ،‬د ت‪.‬‬

‫‪ -‬يسر ؿبمد سعيد مبيض‪ ،‬اليوـ اآلخر يف األدياف السماوية والديانات القددية‪ ،‬ط‪ ،1‬دار‬
‫الثقافة‪ ،‬الدوحة‪ ،‬قطر‪1412 ،‬ىػ ‪1992‬ـ ‪.‬‬

‫‪ -‬سليماف مظهر‪ ،‬قصة الديانات‪ ،‬د ط‪ ،‬د ج‪ ،‬مكتبة مدبورل‪ ،‬القاىرة‪1995،‬ـ‪.‬‬

‫المجالت ‪:‬‬

‫‪ -‬أضبد جاسم ؿبمد‪ ،‬األلوىية يف الديانتُت اؽبندوسية والزرادشتية‪ ،‬ؾبلة كلية الًتبية‪ ،‬كلية الًتبية‬
‫األساسية ‪ ،‬ع‪ ،04‬اعبامعة اؼبستنصرية‪ ،‬قسم الًتبية اإلسبلمية‪2017 ،‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬خليل خلف السلماين‪ ،‬الديانات الكربى يف حضارة اؽبند القددية‪ ،‬ؾبلة كلية الًتبية‪ ،‬ع‪،2‬‬
‫اعبامعة اؼبستنصرية‪ ،‬كلية اؼبأموف ‪ ،‬قسم التاريخ‪2017 ،‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬عبدالعزيز موسى الدبور‪ ،‬إعتقادات البوذية(عرض ونقد)‪ ،‬مج ‪ ،05‬ع ‪ ،32‬حولية‪ ،‬كلية‬
‫الدراسات اإلسبلمية والعربية للبنات‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬د ت‪.‬‬

‫‪ -‬إدياف علي ؿبمد الغنانيم‪ ،‬األلوىية يف الديانة اؽبندوسية‪ ،‬ملحق‪ ،1‬ع ‪ ،46‬علوـ الشريعة‬
‫والقانوف‪2019 ،‬ـ‪.‬‬
‫قائمة البيبليوغرافيا‬

‫االطروحات ‪:‬‬

‫‪ -‬عبدالرضبن ؿبي الدين بوتامل‪ ،‬النظاـ الطبقي يف الربمهية ‪ ،‬رسالة ماجستَت‪ ،‬جامعة أـ القرى‪،‬‬
‫كلية أصوؿ الدين‪ ،‬قسم العقيدة ‪ ،‬مكة اؼبكرمة‪1994 ،‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬عبلء جبار جاين‪ ،‬رسالة من متلطبات نيل درجة ماجيسًت(الديانة البوذية وأثرىا يف اجملتمع‬
‫اؽبندي القدمي‪558‬ؽ‪.‬ـ ‪100‬ـ)‪ ،‬جامعة واسط ‪ ،‬كلية الًتبية‪ ،‬قسم التاريخ‪1435 ،‬ىػ‬
‫‪2014‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬علوية منصوري‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة اؼباسًت(ديانة اغبكماء الثبلث‪ ،‬كونفوشيوس بوذا‬
‫زرادشت)‪،‬جامعة ‪08‬ماي‪ ،1945‬قاؼبة‪ ،‬كلية العلوـ االنسانية واالجتماعية‪ ،‬قسم التاريخ‬
‫واآلثار‪1434،‬ىػ ‪2013‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬ؿبمد إظباعيل الندوي‪ ،‬اؽبند القددية حضارهتا ودياناهتا‪ ،‬رسالة ماجستَت يف العلوـ اإلسبلمية‪،‬‬
‫مكتبة دارالشعب‪ ،‬جامعة القاىرة‪ ،‬د ب ف‪1970 ،‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬عبدالعزيز بن ؿبمد اغبمداف‪ ،‬دعوة البوذيُت لئلسبلـ(دراسة تأصيلية يف ضوء الكتاب‬


‫والسنة‪ ،‬كلية العلوـ والدراسات اإلنسانية‪ ،‬حبوطة سدير‪ ،‬جامعة اجملمعة‪ ،‬د ت‪.‬‬

‫‪ -‬الموسوعات ‪:‬‬

‫‪ -‬السواح فراس‪ ،‬موسوعة تاريخ األدياف‪( ،‬اؽبندوسية البوذية التاوية‪-‬الكونفوشيوسية‪-‬الشنتو)‬


‫‪،‬ج‪،4‬ط‪ ،4‬دارالتكوين للتأليف والًتصبة‪ ،‬دمشق‪ ،‬سوريا‪2017 ،‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬موال علي‪ ،‬بوذا واؼبوسوعة البوذية‪ ،‬د ط‪ ،‬د ج‪ ،‬د ب ف‪ ،‬د ت‪.‬‬

‫‪ -‬اعبهٍت مانع بن ضباد ‪ ،‬اؼبوسوعة اؼبيسرة يف األدياف واؼبذاىب واألحزاب اؼبعاصرة‪ ،‬مج‪،1‬‬
‫ط‪ ،4‬دار الندوة العاؼبية‪ ،‬الرياض‪1420 ،‬ىػ ‪.‬‬

‫‪ -‬ؾبموعة من كبار الباحثُت‪ ،‬موسوعة عادل األدياف(كل األدياف واؼبذاىب والفرؽ والبدع يف‬
‫العادل – البوذية)‪ ،‬ط‪ ،2‬ج‪ ،5‬دار النشر‪2005 ،nobilis‬ـ‪.‬‬
‫قائمة البيبليوغرافيا‬

‫‪ -‬السعفاف كامل‪ ،‬موسوعة األدياف القددية‪ ،‬اؼبعتقدات اآلسيوية (العراؽ فارس اؽبند الصُت‬
‫الياباف )‪ ،‬د ج‪ ،‬ط‪ ،1‬دارالندى القاىرة‪1999 ،‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬المعاجم ‪:‬‬

‫‪ -‬ؾبمع اللغة العربية‪،‬اؼبعجم الوسيط ‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪ ،1‬مطابع الدار اؽبندسية‪ ،‬د ب ف‪1958 ،‬ـ‪.‬‬

‫‪ -‬زكارسهيل‪ ،‬اؼبعجم اؼبوسوعي للديانات والعقائد واؼبذاىب والفرؽ والطوائف والنحل يف العادل‬
‫منذ فجرالتاريخ حىت العصراغبارل‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪ ،1‬دارالكتاب العريب‪ ،‬دمشق‪ ،‬القاىرة‪،‬‬
‫‪1997‬ـ‪.‬‬

‫المراجع األجنبية ‪:‬‬

‫‪- Edward.‬‬ ‫‪J.‬‬ ‫‪Thomas,The‬‬ ‫‪History‬‬ ‫‪of‬‬ ‫‪Buddhist‬‬


‫‪Thougt,London,1933,‬‬

‫‪- H. HACKMANN, Lie. THEOL, BUDDHISM AS A‬‬


‫‪RELIGION: ITS HISTORICAL DEVELOPMENT‬‬
‫‪AND‬‬ ‫‪ITS‬‬ ‫‪PRESENT‬‬ ‫‪CONDITIONS,GREAT‬‬
‫‪RUSSELL ST., LONDON. W.C‬‬

‫‪- T.W.Rhys‬‬ ‫‪Davis,Buddhist‬‬


‫‪India,LL,D,PH,D,London,1903.‬‬
‫قائمة المالحق‬
‫الملحق رقم ‪1‬‬
‫الملحق رقم ‪13‬‬
‫الملحق رقم ‪4‬‬
‫الملحق رقم ‪5‬‬
‫الملحق رقم ‪6‬‬
‫الملحق رقم ‪7‬‬
‫الفهرس‬
‫شكر و عرفان‬
‫إهداء‬

‫مقدمة ‪ .......................................................................................................... :‬أ‬


‫الفصل التمهيدي ‪ :‬الديانة البرهمية‬
‫‪ -0‬المبحث األول‪ :‬أصل البراهمة ونشأتهم ‪0 ..............................................................‬‬
‫أصل البراهمة‪0 .............................................................................................. :‬‬
‫نشأة البراهمة‪6 ................................................................................................:‬‬
‫‪ -0‬المبحث الثاني‪ :‬الكتب المقدسة للديانة البرهمية وعقائدها ‪1 .........................................‬‬
‫الكتب المقدسة‪1 ............................................................................................... :‬‬
‫يأجور ويدا "‪05 ....................................................................... : "Yajour Veda‬‬
‫‪ -0‬المبحث الثالث‪ :‬العبادات في الديانة البرهمية ‪00 .....................................................‬‬
‫العبادات في الديانة البرهمية‪00 ........................................................................... :‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬البوذية النشأة و االنتشار‬
‫‪ -0‬المبحث األول‪ :‬حياة بوذا ‪01 .............................................................................‬‬
‫البوذية قبل بوذا‪01 ........................................................................................... :‬‬
‫مولده ونشأته‪08 .............................................................................................. :‬‬
‫زهده‪06 ........................................................................................................ :‬‬
‫وفاته‪05 ........................................................................................................ :‬‬
‫‪ -0‬المبحث الثاني‪ :‬تنظيم جماعة بوذا‪00 ...................................................................‬‬
‫التعاليم والكتب البوذية‪00 ...................................................................................:‬‬
‫النشأة والتطور والتنظيم‪00 ................................................................................. :‬‬
‫‪ -0‬المبحث الثالث‪ :‬الفرق البوذية ومناطق إنتشارها ‪06 .................................................‬‬
‫نشأة الفرق البوذية "الهينايانا‪ -‬الماهايانا" ‪06 ..............................................................‬‬
‫مناطق إنتشارها ‪00 ...........................................................................................‬‬
‫‪ -0‬البوذية في الصين والتيبت ومنغوليا ‪06 ................................................................‬‬
‫الصين‪06 ...................................................................................................... :‬‬
‫التيبت ‪01 ........................................................................................................‬‬
‫سيام ‪08 .........................................................................................................‬‬
‫اليابان ‪06 ........................................................................................................‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬عقائد الديانة البوذية‬
‫‪ -0‬المبحث األول‪ :‬اآللهة وعقيدة النفس وعقيدة تناسخ األرواح‪00 ....................................‬‬
‫اآللهة ‪00 ........................................................................................................‬‬
‫عقيدة النفس وعقيدة تناسخ األرواح ‪00 ....................................................................‬‬
‫‪ -0‬المبحث الثاني‪ :‬العبادة في الديانة البوذية‪00 ...........................................................‬‬
‫‪ -0‬الحكمة والتأمل واألخالق‪08 ............................................................................:‬‬
‫‪ -‬أوال‪ :‬الحكمة ‪08 ..............................................................................................‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬التأمل ‪06 ................................................................................................‬‬
‫‪ -‬ثالثا‪ :‬األخالق ‪60 .............................................................................................‬‬
‫‪ -0‬الزهد والرهبنة والتسول ‪60 ..............................................................................‬‬
‫‪ -0‬اليوغا ‪60 ....................................................................................................‬‬
‫‪ -0‬المبحث الثالث‪ :‬عقيدة النيرفانا وعقيدة الكارما ‪60 ....................................................‬‬
‫الخاتمة‪10 ...................................................................................................... :‬‬
‫قائمة المصادر و المراجع ‪.................................................................................. :‬‬
‫قائمة المالحق ‪...................................................................................................‬‬

You might also like