You are on page 1of 10

‫املبحث األول ‪ :‬أحكام العقد اإللكتروني‬

‫يعتبر التعاقد عن بعد بطريقة إلكترونية من املواضيع التي فرضت نفسها على التشريعات‬
‫الوضعية‪ ،‬خصوصا في ميدان املعامالت التجارية التي تستلزم ربط املواطن بالشبكة العاملية‬
‫للرواج و التبادل التجاريين‪ ،‬لذلك وجب التطرق إلى ماهية العقد اإللكتروني (املطلب األول)‬
‫على أن نعالج إنعقاد العقد اإللكتروني (املطلب الثاني)‪.‬‬

‫املطلب األول ‪ :‬ماهية العقد اإللكتروني و خصائصه‬


‫إن أهمي ة العق د اإللك تروني تظه ر في الوس يلة ال تي ينعق د به ا العق د ‪ :1‬أي في الج انب‬
‫اإللك تروني ل ه‪ ،‬حيث نج د ج ل التش ريعات س اهمت في وض ع تعريف ات عدي دة و متنوع ة‬
‫إض افة إلى التعريف ات ال تي ج اء به ا الفقه اء (الفق رة األولى ) على أن نوضح خص ائص العق د‬
‫(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬تعريف العقد اإللكتروني‬


‫أّد ى ارتباط العقد اإللك تروني بوسائل اإلتص ال الحديث ة إلى اختالف كب ير في وض ع تعريف‬
‫دقيق و محدد له‪ ،‬بين التعريفات الفقهية (أوال)‪ ،‬وكذا التعريفات التشريعية (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬التعريفات الفقهية للعقد اإللكتروني‪.‬‬


‫يذهب بعض الفقه إلى تعريف العقد اإللكتروني بأنه "إتفاق يتالقى فيه اإليجاب والقبـول عبر‬
‫شبكة‬

‫دولي ة لإلتص ال عن بع د وذل ك بوس يلة مس موعة أو مرئي ة تتيح التفاعـل بـين املوجب‬
‫والقاب ل" ‪ .2‬ومن س لبيات ه ذا التعري ف أن ه حص ر العق د اإللك تروني في املع امالت ال تي تتم‬
‫ع بر ش بكة اإلن ترنيت فق ط‪ ،‬متج اوزا تقني ات اإلتص ال األخ رى كالتيليكس و الف‪44 4‬اكس و‬

‫‪ 1‬علما أن تعريف العقد بوجه عام هو‪" :‬اتفاق بين شخصين أو أكثر بهدف إنشاء االلتزام أو نقله أو إنهائه أو تعديله"‪ ،‬أنظر بهذا‬
‫الخصوص‪ :‬عبد القادر العرعاري‪" ،‬مصادر االلتزام الكتاب األول‪ ،‬نظرية العقد"‪ ،‬مطبعة األمنية‪ ،‬طبعة ‪ 2016،‬ص‪32‬‬
‫‪ 2‬رجع في هذا التعريف‪ :‬د‪ /‬أسامة أبو الحسن مجاهد‪ ،‬الوسيط في قانون املعامالت اإللكترونية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪2007، ،‬‬
‫ص ‪ 120‬؛ د‪ /‬عصام عبد الفتاح مطر‪ ،‬التجارة اإللكترونية في التشريعات العربية واألجنبية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪، ،‬‬
‫‪ 2009‬ص ‪1.‬‬

‫‪1‬‬
‫املنتيل‪ 3.‬إضافة إلى أنه لم يبين النتيجة املترتبة على إلتقاء اإليجاب بالقبول و هي إحداث أثر‬
‫‪4‬‬
‫قانوني و إنشاء إلتزامات تعاقدية‪.‬‬

‫في مقاب ل م ا س بق ق د ارت أت ض فة أخ رى من الفق ه تج اوز اإلنتق ادات املوجه ة للتعري ف‬


‫الس ابق‪ ،‬معرف ا إي اه أن ه‪" :‬العق د اإلك تروني ه و اتف اق ي برم وينف ذ كلي ا أ وجزئي ا من خالل‬
‫تقنية اإلتصال عن بعد‪ ،‬بدون حضور‬

‫م ادي م تزامن للمتعاق دين‪ ،‬بإيج اب وقب ول‪ ،‬يمكن التعب ير عنهمـا مـن خالل ذات الوس ائط‬
‫وذلك‬

‫بالتفاعل فيما بينهم إلشباع حاجاتهم املتبادلة بإبرام العقد"‬

‫ثانيا التعريفات التشريعية‬


‫في ما يخص املشرع املغربي نجده لم يعرف العقد اإللكتروني بطريقة مباشرة سواء في‬
‫ق انون اإللتزام ات و العق ود أو في ق انون ‪ 53.05‬املتعل ق بتب ادل املعطي ات القانوني ة بش كل‬
‫إلكتروني‪ ،‬وإنما أشار ضمنيا إلى ذلك في الفقرة األولى من املادة األولى‪ 5‬لنفس القانون‪.‬‬

‫وهذا على خالف بعض التشريعات املقارنة التي عملت على تعريف العقد اإللكتروني ضمن‬
‫النصوص املنظمة للمعامالت اإللكترونية‪.‬‬

‫فقد عرفت الفقرة الثانية من القانون األردني الخاص باملعامالت اإللكترونية‪ 6‬بأنه " اإلتفاق‬
‫الذي يتم انعقاده بوسائل إلكترونية كليا او جزئيا"‪.‬‬

‫أم ا مش روع ق انون التج ارة اإللك تروني املص ري‪ 7‬فق د نص قص د تعريف ه بأن ه " كل عق د‬
‫تص در من ه إرادة أح د الط رفين أو كليهم ا‪ ،‬أو يتم التف اوض بش أنه أو تب ادل وثائق ه كلي ا أو‬
‫جزئيا عبر وسيط إلكتروني‪.‬‬

‫‪ 3‬يعد جهاز املينيتل من وسائل إبرام العقود‪ ،‬وهو جهاز قريب الشبه بجهاز الحاسوب الشخصي لكنه صغير الحجم نسبيا‪ 25 ،‬يتكون‬
‫من شاشة صغيرة ولوحة مفاتيح تشمل على حروف وأرقام قريبة الشبه بلوحة مفاتيح الكمبيوتر‪ ،‬وهو وسيلة اتصال مرئية ينقل‬
‫الكتابة ‪ P‬على الشاشة دون الصور‪ ،‬ويلزم لتشغيله أن يوصل بخط الهاتف‪ ،‬راجع رواقي سميحة‪ /‬متناني خلود‪" ،‬النظام القانوني‬
‫للعقد اإللكتروني"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪2.‬‬
‫‪ 4‬في انتقاد التعريف راجع‪ :‬د‪ /‬سمير حامد عبد العزيز الجمال‪ ،‬التعاقد عبر تقنيات االتصال الحديثة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫الطبعة األولى؛ ‪ 2006،‬ص ‪ 66‬؛ د‪ /‬سامح عبد الواحد التهامي‪ ،‬التعاقد عبر األنترنت‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬مصر‪ ،‬طبعة ‪ 2008،‬ص ‪1.‬‬
‫‪ 5‬تنص املادة األولى من القانون رقم ‪ 53.05‬على ما يلي‪" :‬يحدد هذا القانون النظام املطبق على املعطيات القانونية التي يتم تبادلها‬
‫بطريقة إلكترونية وعلى املعادلة بين الوثائق املحررة على الورق‪ ،‬وتلك املعدة على دعامة إلكترونية‪ ،‬وعلى التوقيع اإللكتروني‬
‫‪ - 6‬قانون املعامالت اإللكترونية األردني رقم ‪ 85‬مؤرخ في سنة ‪200.‬‬
‫‪ 7‬مشروع قانون التجارة اإللكترونية املصري مقترح ‪2001.‬‬

‫‪2‬‬
‫وبخصوص التعريف الذي أعطته لجنة األمم املتحدة للقانون التجاري الدولي ‪-‬انيسترال‪-‬‬
‫الص ادر في ‪ 12‬دجن بر ‪ .1996‬وك ذا البرملان واملجلس األوربي ‪ .‬الص ادر في ‪ 20‬م اي ‪1997‬‬
‫املتعل ق بحماي ة املس تهلك في العق ود املبرم ة عن بع د في مادت ه الثاني ة بأن ه "كل عق د يتعل ق‬
‫بالبضائع أو الخدمات أبرم بين مورد و مستهلك‪ .‬في نطاق نظام البيع أو تقديم خدمات عن‬
‫‪8‬‬
‫بعد نظمه املورد الذي يستخدم لهذا العقد فقط‬

‫فيه استغالل بناءا على التعاريف السابقة يمكن تعريف العقد املبرم إلكترونيا بأنه ذلك‬
‫العقد الذي يتم‬

‫التقني ات اإلعالمي ة الحديث ة‪ ،‬من أج ل وض ع ع روض و إعالن ات للكاف ة‪ ،‬به دف إح داث أث ر‬


‫قانوني و إلتزامات تعاقدية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬خصائص العقد اإللكتروني‬


‫من خالل التعريفات السابقة للعقد اإللكتروني‪ ،‬يتبين أن هذا التعاقد له خصوصيات معينة‬
‫تميزه عن غيره‪ ،‬فهو يتم عن بعد وبين حاضرين من حيث الزمان‪ ،‬وغائبين من حيث املكان‬
‫(أوال) كم ا أن الوس يلة ال تي اس تعملت في إبرام ه ليس ت تقليدي ة ب ل إلكتروني ة عن طري ق‬
‫اإلنترنت (ثانيا) ‪ ،‬وهو أيضا غالبا ما يتعلق بالطابع التجاري أو اإلستهالكي (ثالثا)‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬العقد اإللكتروني يتم إبرامه بدون التواجد املادي ألطرافه‪.‬‬


‫فالس مة األساس ية للتعاق د اإللك تروني أن ه يتم بين عاق دين اليجمعهم ا مجلس عق د‬
‫حقيقي‪،‬حيث يتم التعاق د عن بع د بوس ائل اتص ال إلكتروني ة ‪ ،‬ول ذلك فه و ينتمي إلى طائفة‬
‫العق ود عن بع د‪ 9،‬حيث يتم تب ادل اإليج اب والقب ول ع بر األن ترنيت فيجمعهم ب ذلك مجلس‬
‫عق د حكمي افتراضي‪،‬ول ذلك فه و عق د ف وري متعاص ر‪ ،‬وق د يكون عق د إلك تروني غ ير‬
‫متعاصر ‪ ،‬أي أن اإليجاب غير معاصر للقبول ‪ ،‬وهذا التعاصر هو نتيجة صفة تفاعلية فيما‬
‫د‪.‬‬ ‫راف العق‬ ‫بين أط‬
‫أن إب رام العق د يتم ع بر وس يلة أو أك ثر من وس ائل االتص ال عن بع د‪ ،‬وج دير بال ذكر أن‬

‫‪ 8‬التوجيه األوربي املتعلق بحماية املستهلك في العقود املبرمة عن بعد الصادر في ‪1997‬‬
‫‪ 9‬د‪ /‬فيصل محمد كمال عبد العزيز‪ ،‬الحماية القانونية لعقود التجارة اإللكترونية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة ‪ 26‬األولى‪، ،‬‬
‫‪ 2008‬ص ‪16.‬‬

‫‪3‬‬
‫التوجيه األوروبي رقم ‪ 97-07‬املتعلق بحماية املستهلك في مجال التعاقد عن بعد‪ ،‬قد أعطى‬
‫‪10‬‬
‫أمثلة لهذه الوسائل في امللحق املرفق به‬

‫ثانيا ‪ :‬تسخير الوسائط اإللكترونية في إبرام التعاقد‬

‫يتم استخدام الوسائط اإللكترونية في إبرام العقد‪ ،‬ويعد ذلك من أهم مظاهر الخصوصية‬
‫في العق د اإللك تروني‪ .‬ب ل إنه ا أس اس ه ذا العق د حيث يتم إبرام ه ع بر ش بكة اتص االت‬
‫إلكتروني ة‪ .‬ويقص د "بالوس يط اإللك تروني" وض ع أجه زة تمت برمجته ا و إع دادها كي تت ولى‬
‫إب رام املع امالت اإللكتروني ة ومنه ا العق ود تلقائي ا‪ .‬دون الحاج ة إلى ت دخل مباش ر من ط رف‬
‫املتعاقدين أو أحدهما‪ .‬ذلك أن العقد اإللكتروني ال يختلف من حيث املوضوع أو األطراف‬
‫‪11‬‬
‫في سائر العقود التقليدية‪ .‬ولكنه يختلف فقط من حيث طرق إبرامه‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬عقد يتعلق غالبا بالطابع التجاري أو اإلستهالكي‬

‫يتم يز العق د اإللك تروني بأن ه ع ادة م ا يكون عق د تج اري ويس تخدم في العملي ات التجاري ة‬
‫بمختلف املجاالت‪.‬‬

‫ويترتب على ذلك أن العقد اإللكتروني يتسم بطابع اإلستهالك ألنه غالبا ما يتم بين تاجر أو‬
‫منهي ومس تهلك‪ ،‬ومن ثم فإن ه يعت بر من قبي ل عق ود اإلس تهالك‪،‬ول ذلك يخض ع العق د‬
‫‪12‬‬
‫اإللكتروني عادة للقواعد الخاصة بحماية املستهلك‪.‬‬

‫املطلب الثاني ‪ :‬إنعقاد العقد اإللكتروني‬


‫الرضى ه و التعب ير عن إرادة ط رفي العق د بالقي ام بإبرام ه حس ب م ا تم اإلتف اق‬
‫علي ه‪ ،‬و إنت اج اآلث ار القانوني ة املترتب ة على ه ذا على اعتب ار أن عملي ة التعاق د‬
‫بصفة عامة تبدأ بمرحلة طرح العرض أو اإليجاب املتضمنة للرغبة التعاقدية‪،‬‬
‫وص دور إرادة الط رف الث اني في القب ول (الفق ‪44‬رة األولى ) على ه ذا إب رام العق د‬
‫وترتب إلتزامات على عاقديه (الفقرة الثانية)‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬اإليجاب و القبول اإللكتروني‬
‫‪ 10‬ملزيد من التوضيح راجع‪ :‬رواقي سميحة‪ /‬متناني خلود‪" ،‬النظام القانوني للعقد اإللكتروني"‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة ماستر في ‪27‬‬
‫القانون‪ ،‬تخصص‪ :‬قانون أعمال‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ /‬جامعة أكلي محند أولحاج‪ ،‬السنة الجامعية ‪ 2019/2018،‬ص ‪2.‬‬
‫‪ 11‬د‪ .‬أسامة أبو الحسن مجاهد‪ ،‬خصوصية التعاقد عبر اإلنترنت‪ ،‬دار النهضة العربية‪39. ،‬ص ‪2000،‬‬

‫‪ 12‬د‪ .‬أحمد ميرة‪ ،‬العقد اإللكتروني‪ ،‬مقال في مجلة الباحث و القانوني‬

‫‪4‬‬
‫لقد نشأ تصور حديث ملبدأ الرضائية نتيجة لظهور العقود اإللكترونية‪ .‬بتمثل في‬
‫توافق اإلرادتين إلكترونيا‪ ،‬غير أن وجود هاتين اإلرادتين أو الفصح عنها غير كاف‪.‬‬
‫إذ ال بد من أن تتجه اإلرادة إلى إحداث أثر قانوني‪ .‬ويتحقق ذلك بصدور إيجاب‬
‫أو طرح العرض (أوال) وصدور قبول من الطرف الثاني (ثانيا)‬
‫أوال‪ :‬اإليجاب اإللكتروني‬
‫وه و ال يختل ف عن اإليج اب التقلي دي إال من حيث الوس يلة املس تخدمة في ه‪ ،‬و‬
‫املالح ظ أن ق انون ‪ 53.05‬يطل ق على اإليج اب اس م الع رض ‪ .‬فما ه و تعريفه (أ)‬
‫ما هي شروطه (ب) وكذا آثاره (ج)؟‬
‫أ ‪:‬تعريف اإليجاب اإللكتروني‬
‫إن أول ما استدعى اهتمامنا في هذا الصدد‪ ،‬أن املشرع املغربي لم يتحدث في القانون ‪53.05‬‬
‫عن اإليجاب اإللكتروني‪ ،‬بل تحدث عن "العرض" و ذلك ترجمة للمصطلح الفرنسي‬

‫وهو مصطلح اقتصادي‪ ،‬ويقابله مفهوم "الطلب" ‪ ، .......‬واملشرع املغربي لم يعرف العرض‬
‫اإللكتروني بشكل صريح‪ ،‬لكنه تطرق إليه في الفقرة األولى من الفصل ‪ 65.5‬من ق‪.‬ل‪.‬ع والتي‬
‫تمت إضافته بمقتضى املادة ‪ 3‬من قانون ‪ 53.05‬و التي جاء فيها ‪ " :‬يمكن تستخدام الوسائل‬
‫اإللكترونية لوضع عروض تعاقدية أو معلومات متعلقة بسلع أو خدمات رهن إشارة العموم‬
‫من أجل إبرام عقد من العقود"‪ ،‬لكن بتصفح كتب الفقه‪ ،‬نجده قد أعطى تعريفات عديدة‬
‫لإليجاب و اإللكتروني‪ ،‬منهم من عرفه بأنه " كل اتصال عن بعد يتضمن كل العناصر الالزمة‬
‫بحيث يس تطيع املرس ل إلي ه أن يقب ل التعاق د مباش رة ‪ ،‬ويستبعد من ه ذا النط اق مج رد‬
‫‪13‬‬
‫اإلعالن"‬
‫وق د عرفت ه أيض ا محكم ة النقض الفرنس ية بأن ه " ع رض يع بر ب ه الشخص عن إرادت ه في‬
‫إبرام عقد معين بحيث يكون ملتزما به في حالة قبوله من املتعاقد اآلخر"‪.‬‬

‫ب‪ :‬شروط اإليجاب اإللكتروني‬


‫يشترط أيضا في اإليجاب اإللكتروني أن يكون باتا‪ ،‬محددا ‪ ،‬ومعلنا عليه‪.‬‬

‫‪ 13‬منصور محمد حسين‪ ،‬املسؤولية اإللكترونية ‪،‬دار الجامعة الجديدة ‪ ،‬اإلسكندرية ‪ 2003‬ص ‪68‬‬

‫‪5‬‬
‫أن يك‪44‬ون بات‪44‬ا ‪ :‬بمعنى ان يكون حازما و نهائيا و صادر بجدية من املتعاقدين‪ ،‬بحيث ينعقد‬

‫على إث ره العق د املقص ود بمج رد قبول ه من الط رف املتعاق د اآلخ ر وف ق م ا ه و منص وص‬
‫‪14‬‬
‫عليه في القانون ‪.53.05‬‬

‫أن يك ‪44 4‬ون مح ‪44 4‬ددا ‪:‬من خصوص يات املع امالت االلكتروني ة أن ه يجب أن يتض من االيج اب‬

‫االلك تروني إلى ج انب ش روط التعاق د األساس ية مجموعة من البيان ات أتى به ا الفص ل ‪65.4‬‬

‫من قانون رقم ‪ 53.05‬وهي كالتالي ‪:‬‬

‫الخصائص االساسية للسلعة أو الخدمة املقترحة أو األصل التجاري املعني أو أحد‬ ‫‪-1‬‬
‫عناصره‬
‫شروط بيع السلعة أو الخدمة أو شروط تفويت األصل التجاري أو احد عناصره‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪ -3‬مختلف املراحل الواجب اتباعها إلبرام العقد بطريقة إلكترونية ‪ ،‬وال سيما الكيفية‬
‫التي يفي طبقها األطراف بالتزاماتهم املتبادلة‬
‫‪-4‬الوسائل التقنية التي تمكن املستعمل املحتمل ‪ ،‬قبل إبرام العقد‪ ،‬من كشف األخطاء‬
‫املرتكبة بناءا على تحصيل املعطيات وتصحيحيها‪.‬‬
‫‪ -5‬اللغات املقترحة من أجل إيرام العقد‬
‫‪ -6‬طريق ة حف ظ العق د في األرش يف من ل دن ص احب الع رض وش روط االطالع علي‬
‫العقد املحفوظ إذا كان من شأن طبيعة العقد أو الغرض منه تبرير ذلك‪.‬‬
‫‪ -7‬وس ائل االطالع ‪ ،‬بطريق ة إلكتروني ة ‪ ،‬علي القواع د املهني ة والتجاري ة ال تي يع تزم‬
‫صاحب العرض الخضوع لها ‪ ،‬عند االقتضاء‬
‫كل اقتراح غير متضمن لكافة البيانات املشار إليها في هذا الفصل ال يجوز اعتباره عرضا بل‬
‫يبقي مجرد إشهار ‪،‬وال يلزم صاحبه ‪.‬‬
‫وتجدر االشارة إلى أن قانون ‪ 104.12‬املتعلق بحرية األسعار و املنافسة و القانون‬

‫‪ 14‬عبد الحق الصافي‪ ،‬الوجيز في القانون المدني‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬المصادر اإلرادية لاللتزام‪ ،‬العقد و اإلرادة‬
‫المنفردة‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‪،2016،‬ص‪49‬‬

‫‪6‬‬
‫رقم ‪ 31.08‬املتعلق بتحديد تدابير لحماية املستهلك نصا تقريبا على نفس املعايير‪.‬‬
‫‪15‬‬

‫أن يكون معلنا عنه ‪ :‬لينشئ االيجاب اثرا قانونيا يجب أن يصل الى علم اآلخر‪ ،‬وهو إما أن‬
‫يكون عاما‪ ،‬موجها الى جميع الذين يدخلون الى املوقع عبر صفحات الويب او خاصا موجها‬
‫الى اشخاص مح ددين عن طري ق البري د االلك تروني أو برن امج املحادث ة و ذل ك حس ب إرادة‬
‫‪16‬‬
‫املوجب‪ ،‬وهذه الوسائل تعتبر من طرق التعبير عن اإليجاب‪.‬‬
‫ج‪ :‬أثر اإليجاب اإللكتروني‪ :‬وتنحصر هاته اآلثار في مسألتين‪ ( ،‬قوته امللزمة و سقوطه)‪.‬‬
‫فالقوة امللزمة معناها أن اإليجاب يلزم صاحبه في ثالث حاالت ‪.‬‬
‫الحالة األولى‪ :‬مقتبسة من قانون اإللتزامات و العقود‬

‫الحالة الثانية و الثالثة‪ :‬مذكورة كأحكام خاصة بالعقد اإللكتروني‪ ،‬جاء بها قانون ‪.53.05‬‬
‫‪17‬‬

‫أم ا في م ا يتعل ق بحال ة س قوطه نش ير هن ا إلى أن القواع د العام ة في س قوط اإليج اب تبقى‬
‫نفسها في العقد اإللكتروني وهي ‪:‬‬

‫‪ -‬حالة رفض املوجب له العرض سواء بتعبير صريح او ضمني‬


‫‪ -‬حال ة وف اة املوجب أو فق ده أهليت ه او نقص انها ش ريطة علم املوجب ل ه ب ذلك تطبيق ا‬
‫ألحكام الفصل ‪ 31‬من ق ا ع‪.‬‬
‫‪ -‬حالة انتهاء املدة للقبول ذلك طبقا ملقتضيات الفصل ‪ 29‬من ق ا ع من تقدم بايجاب مع‬
‫تحدي د اج ل القب ول بقي ملزم ا تج اه الط رف اآلخ ر الى انته اء ه ذا االج ل‪ .‬ه ذا فيم ا يخص‬
‫أحكام االيجاب فماذا عن القبول االلكتروني ؟‬
‫ثانيا‪-‬القبول االلكتروني‬
‫ال تكفي إرادة املوجب وحده للقول بوجود عقد إلكتروني‪ ،‬فإلى جانب هذا العرض ال بد من‬
‫ص دور إرادة ثاني ة وهي إرادة القاب ل‪ ،‬وه ذا م ا س نحاول مناقش ته في هات ه الفق رة ب دءا‬
‫بتعري ف القب ول (أ) ثم ننتق ل إلى توض يح ش روطه (ب)‪ ،‬وش كله (ج) إلى أن نختم بمرحل ة‬
‫تالقي اإليجاب بالقبول (‍ه)‬
‫أ‪-‬تعريف القبول اإللكتروني‬
‫‪ 15‬عبد الحق صافي‪ ،‬م‪ .‬س‪ .‬ص ‪52‬‬
‫‪ 16‬حليمة بن حفو‪ ،‬نظرية العقد في القانون املغربي‪ .‬ط األولى‪2018. .‬دار العرفان أكادير‪ .‬ص ‪5‬‬
‫‪ 17‬عبد الحق صافي ‪.‬م س ص ‪54‬‬

‫‪7‬‬
‫هو موافقة املوجب له التامة على التعاقد‪ ،‬والتي تتم بطريقة الكترونية عن طريق البريد أو‬
‫املوقع االلكتروني أو عن طريق االتصال املباشر بالصوت و الصورة ‪.‬‬
‫وبذلك فهو يخضع لألحكام العامة للعقود‪ ،‬إضافة إلى تميزه عنها ببعض القواعد الخاصة به‬
‫و التي ترجع الى طبيعته االلكترونية‪.‬‬
‫ب‪ -‬شروط القبول ‪:‬‬
‫كب اقي العق ود يش ترط في القب ول االلك تروني‪ ،‬أن يص در في وقت يكون في ه االيج اب ال زال‬
‫قائم ا ومحترم ا ملدة الع رض‪ .‬و ان يكون مطابق ا ل ه من ناحي ة العناص ر األساس ية وك ذا‬
‫الشروط األخرى‪ ،‬و اعتبارا مليزة هذا العقد االلكتروني ينضاف شرط آخر يتعلق بضرورة‬
‫موافقة املوجب له التعاقد بطريقة الكترونية‪ ،18‬طبقا للفصل ‪ 65.3‬من قانون ‪ 53.05‬وذلك‬
‫حماية للمستهلك املتعاقد الكترونيا‪.‬‬

‫ج‪ -‬شكل القبول االلكتروني‬


‫القب ول في العق د االلك تروني وحس ب م ا ج اء ب ه الفص ل ‪ 65.5‬من ق انون ‪ 1953,05‬يتعين أن‬
‫يمر من ثالث مراحل‪:‬‬
‫املرحل ة األولى‪ :‬وفيه ا يق وم القاب ل ب النقر على ال زر ال ذي يفي د اختي اره للبض اعة أو الس لعة‬
‫التي يرغب فيها‪.‬‬
‫املرحلة الثانية‪ :‬يقوم املوجب بإشعار القابل الكترونيا‪ ،‬بأنه توصل بقبوله‪ ،‬فيعرض عليه‬
‫ملخص طلبه‪ ،‬بهدف إتاحة الفرصة أمام القابل للتأكد من تفاصيل األمر الصادر عنه ومن‬
‫السعر اإلجمالي ومن تصحيح األخطاء ‪.‬‬
‫املرحلة الثالثة‪ :‬قيام الطرف القابل بالنقر مرة ثانية على الزر مما يفيد تأكيده األمر‬
‫املذكور‪.‬‬
‫‍ه‪ -‬تالقي االيجاب بالقبول االلكترونيين ‪:‬‬
‫توجد عدة آراء في هذا الباب بحيث اختلف الفقهاء حول طبيعة العقد االلكتروني هل هو‬
‫تعاق د بين حاض رين أم غ ائبين‪ ،‬بحيث أن فئ ة منهم ذهبت الى اعتب اره تعاق د بين حاض رین‬
‫نظ را للتفاع ل املباش ر بين الط رفين دون فاص ل زم ني بينهم‪ ،‬وهن اك فئ ة أخ رى ت ذهب الى‬

‫‪ 18‬عبد الحق الصافي‪ .‬م س ‪ .‬ص ‪57‬‬


‫‪ 19‬راجع الفصل ‪ 65.5‬من قانون ‪53.05‬‬

‫‪8‬‬
‫الق ول بان ه تعاق د بين غ ائبين عن طري ق ش بكة االن ترنت كم ا ه و الح ال بالنس بة للتعاق د‬
‫باملراسلة او الوسيط أو الفاكس‪ ،‬فحين يذهب اتجاه ثالث يعتبر بأن التعاقد عبر االنترنت‬
‫كالهاتف يتميز بخاصيتين‪ :‬خاصية التعاقد عن بعد ألن هناك تباعد مكاني بين طرفي العقد ‪،‬‬
‫وخاصية التعاقد بين الحاضرين من حيث الزمان‪.‬‬
‫نتيج ة ملا س بق ف إن مکان و زم ان اب رام العق د االلك تروني ل ه خصوص ية خاص ة عن ب اقي‬
‫العقود ‪ .‬هل نأخد بمكان و زمان املوجب (عند االشعار بتسلمه القبول) او املوجب له ( عند‬
‫النقرة األولى أو الثانية عند التأكيد)‪.‬‬
‫لح ل ه ذه االش كالية فاملش رع حس م النق اش في ه ذا االم ر‪ ،‬فانطالق ا من الفص ل‪ 65.5‬من‬
‫قانون ‪ 53.05‬فإن زمان العقد املبرم الكترونيا ينعقد في الوقت الذي يتوصل فيه العارض‬
‫ب رد القاب ل بش رط إعالم ه ه ذا األخ ير بأن ه تس لم قب ول الع ارض داخ ل االج ل املناس ب و‬
‫ب ذلك يكون ق انون ‪ 53.05‬ل ق د خ رج عن املقتض يات املنص وص عليه ا في الفص لين ‪24‬و ‪30‬‬
‫من ق ل ع ‪.‬‬
‫أم ا فيم ا يخص املكان وام ام س كوت الق انون(‪)53.05‬عن تحدي ده‪ ،‬ظه رت لن ا مجموع ة من‬
‫اإلشكاالت ‪ ،‬باعتبار أهمية املكان في تحديد املحكمة املختصة بالنزاع‪ ،‬خصوصا فيما يتعلق‬
‫ب العقود اإللكتروني ة الدولي ة‪ ،‬فيتم االستناد في ذل ك إلى اتف اق املتعاق دان أو اللج وء إلى‬
‫التحكيم‪ ،‬أو إعمال القواعد العامة للقانون الدولي الخاص‪ ،‬أما فيما يخص العقود الوطنية‬
‫فيمكن أن نستشف ذلك من خالل مضمون الفقرة الثالثة من الفصل (‪ ،)65.4‬بحيث ينص‬
‫على أن العقد يتم في املكان الذي يتسلم فيه القابل الرد النهائي الذي يؤكد توصل املوجب‬
‫بمضمون القبول‪. 20‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬إلتزامات األطراف‬

‫إن مرحل ة تكوين و إب رام العق د اإللك تروني تتض منه مناقش ة ش روط ه ذا العق د‪ ،‬وتحدي د‬
‫احتياجاته ومطالبه و دراسة جدواه‪ ،‬فإذا توصل الطرفان إلى اتفاق للتفاوض نشأ عن ذلك‬
‫إل تزام بالتف اوض على العق د من الط رفين‪ ،‬ولكن اإلل تزاف في التف اوض ليس ه و اإلل تزام‬
‫الوحيد املترتب على إتفاق األطراف في مرحلة تكوين و إبرام العقد‪ ،‬بل هناك عدة التزامات‬

‫‪ 20‬د عبد القادر العرعاري‪. ،‬م س ‪.‬ص ‪113‬‬

‫‪9‬‬
‫تقع على عاتق الطرفين‪ ،‬وسنقوم بدراسة هذه اإللتزامات وفق الشكل التالي‪( :‬أ) الإللتزام‬
‫باإلعالم‪( ،‬ب) اإللتزام باملحافظة على األسرار‬

‫أ‪ :‬اإللتزام باإلعالم‪:‬‬


‫اإلل تزام ب اإلعالم يج د أساس ه في ع دم التكافؤ بين ط رفي العق د املتف اوض علي ه من حيث‬
‫العلم بعناصر العقد وظروفه‪،‬مما يلقي على الطرف املحترف بالغة خاصة لإللتزام باألداء‬
‫للطرف اآلخر بكافة املعلومات ‪ ،21‬وليس من الضروري أن ينصب هذا اإللتزام على البيانات‬
‫الجوهري ة‪ ،‬ب ل يكفي أن ‪ ..‬على بي ان تفص يلي أو ث انوي طاملا كان مرتبط ا بمرحل ة تكوين و‬
‫إبرام العقد‪ ،‬فاملتفاوض عبر شبكة اإلنترنت يقع عليه إلتزام أساسي بإعالم املتعاقد اآلخر‬
‫بالبيان ات و املعلوم ات‪،‬ف إذا كان أس اس ه ذا التف اوض عق د خدم ة معلوم ات وجب على‬
‫املتف اوض أن تزوي د اآلخ ر بالش روط املتعلق ة باإلس تخدام و اإلرش ادات ال تي تمكن ه من‬
‫اإلتصال األمثل بفك املعلومات و طريقة التعامل التقني‪.‬‬
‫ب‪ :‬اإللتزام باملحافظة على األسرار‬
‫يل زم األط راف باملحافظ ة على األس رار ال تي يطل ع عليه ا خالل مرحل ة تكوين و إب رام ه ذا‬
‫العق د‪ ،‬حيث يس تلزم إفص اح أح د الط رفين لآلخ ر ببعض أس راره الخاص ة و الهام ة س واء‬
‫كانت فنية أو مهنية‪ ،‬حتى ولو لم تكن هذه األسرار تحظى بالحماية القانونية‪.‬‬

‫‪ 21‬رشيد لكحل‪ " ،‬الضمانت املخولة في مرحلة ما قبل إبرام العقد اإللكتروني"‪ ،‬مقال منشور بموقع العلوم القانونية‪.‬‬

‫‪10‬‬

You might also like