Professional Documents
Culture Documents
طلبة حمادي جريو تصنيف الشذوذ
طلبة حمادي جريو تصنيف الشذوذ
االسم :محمد الشريف.
الرتبة العلمية :طالب دكتوراه ( )LMDالتسجيل الرابع.
التخصص :علم النفس املرضي للراشد.
الجامعة :جامعة محمد خيضر بسكرة ،قسم العلوم االجتماعية.
البريد االلكترونيhamadi.2013@yahoo.com :
الهاتف.0790837951 :
اللقب :جريـو.
االسم :سليمان.
الرتبة العلمية :طالب دكتوراه ( )LMDالتسجيل الرابع.
التخصص :علم النفس املرضي للراشد.
الجامعة :جامعة محمد خيضر بسكرة ،قسم العلوم االجتماعية.
البريد االلكترونيSimane.1980@gmail.com :
إن من أهم مقاصــد و مطــالب الدراســات النفســية باثولوجيــة الطــابع ،هــو تحــري األصــول االمراضــية للســلوكات
املنحرفــة ،ومـع ذلــك يبقى العمــل التصنيفي الخطــوة التنظيميـة املوحــدة للجهــود التفسـيرية الالحقـة ،ليصـبح في املتنـأول
الس ــعي إلى اختص ــار األوص ــاف االكلينكي ــة األك ــثر تعقي ــدا ،وتق ــديمها ب ــاخراج اص ــطالحي متواف ــق يس ــهل التواص ــل ل ــدى
املمارســين ،مــا يؤســس ألن يصــبح االطــار التنــأولي التصنيفي املدخل املفضــل ،بــل واملحــرك لعمليــتي التشخيص والتــدخل
امليداني أيضا.
فعن ــد املضي ق ــدما في تح ــري علمي لتلون ــات الكيان ــات الباثولوجي ــة ،تس ــتوقفنا ثل ــة من األوص ــاف الالس ــوية م ــع
ارتباطات نوعية ،تزيد من صعوبة وتعقيد الحسم التصنيفي املناسب الستقرار اعراضها الحاملة للصدى السـيكولوجي
واالجتمــاعي والثقــافي والــوظيفي ...الخ .ليعــود من صــميم عمــل البــاحث واملهتم بمجــاالت علم النفس املرضي ،هــو أيجــاد
وعاء يحوي جل هذه التمأيزات ومجانستها ،كمنطلق في تفعيل آليات التقصي بميدان البحوث النفسية املرضية.
فمن بين هــذه األوصــاف املرضــية الــتي أثــارت والزالت تثــير الجــدل ،هــو أشــكالية الضــوابط التصنيفية لالســتجابة
املعاديـة للمجتمـع ،أو كمـا عـرفت بـامليول السـيكوباتية ،هـذه االخـيرة لطاملا اعتـبرت من الفئـات األشـد تلونـا ،وقـدرة على
استقطاب عديد االضـطرابات القريبـة املنشئ ،حـتى عـدها بعض البـاحثين بسـلة مهمالت التشخيص ،نظـرا التخاذهـا من
ردات الفعــل االمتثاليــة تجــاه املعــأيير االجتماعيــة كواجهــة خصــبة لتــبرير وطــرح انتهاكاتهــا نحــو الخــارج ،دون استحضــار
ملطــالب اآلخــر ،فاسحة بــذلك املجــال لغلبــة النفعيــة الذاتيــة ،في ظــل غيــاب االستبصــار الســيكولوجي والتفــاعلي الالزمين
اجتماعيا.
وعلي ــه تص ــب مح ــأور وتحليالت م ــداخلتنا تحت نطاق ــات األش ــكاليات النفس ــية املرض ــية ،في جهوده ــا الستقص ــاء
العم ــل التصنيفي للتظ ــاهرات املض ــادة للمجتم ــع (الس ــيكوباتية) ،عن ــد مباش ــرة التق ــييم اله ــادف للتف ــاعالت االجتماعي ــة
سواء على املستوى البعيد أو قصير املدى ،وصوال إلى عرقلتها للمسار النمائي الذي يخص اكتساب املهارات االجتماعية
واملعرفية في ادراك وبلورة الجوانب العالئقية.
من دون أن نغض الط ــرف أيض ــا ،على الص ــعوبات ال ــتي تواج ــه ه ــذا املقص ــد التصنيفي لالس ــتجابة الس ــيكوباتية،
فلدى مباشرة تمحيص الحدود الباثولوجية الفاصلة ما بين التظاهرات التي يمكن عــدها حاملــة للصـدى البنـائي العميـق
السيكوباتي ،وبين تلك االستجابة املوقفية التي تشكل حركة تذمرية ملواجهة األطر الضبطية للمجتمع األصلي.
وتأسيســا على مــا ســبق ،يتحتم علينــا عــرض وتحليــل أهم ارتباطــات و عوامــل الســلوكات املعاديــة للمجتمــع ،مــع التفريــق
بينهــا وبين الفئــات املرضــية الكــبرى املعروفــة بجــدأولها االكلينكيــة الكالســيكية (دراســة الحــاالت) وصــوال لتغليب النظــر
اليها من زملة الفئات التحت سريرية ،وهو ما سنفصل فيه ضمن مفاصل ومحطات هذه املداخلة.
.1أهداف املداخلة:
التع ــرف على جمل ــة األوص ــاف الس ــلوكية ذات الص ــدى الس ــيكولوجي الض ــد اجتم ــاعي واملس ــؤول عن س ــوء االن ــدماج -
السوسيولوجي ببيئتنا املحلية.
بيان صعوبات الحسم التصنيفي عند تنأول ورصد التظاهرات الحاملة للميول املعادية للمجتمع. -
الوقــوف على أهم العوامــل املشــكلة لالســتجابة الضــد اجتماعيــة ،وكــذا ســبر جملــة ارتباطاتهــا مــع زملة االضــطرابات -
واالختالالت املشابهة.
التنويه باالسـس املعياريـة لـدى مباشـرة عمليـة التصنيف ،وخاصـة التصنيف التفـريقي بين السـوكات املنحرفـة على -
قيم املجتمع االصلي وبين الفئات السريرية األخرى ،واالكثر ثباتا من الناحية التكميمية.
استعراض التداخالت املهمة بين االنحراف السيكوباتي وبين عديد التصنيفات الباثولوجية الكبرى. -
فحص أهم املشـكالت الـتي تمس آليـات التصنيف لـدى التعـرض بمحكات التفاعـل وتقـييم األداء االجتمـاعي ،خاصـة -
لدى تالزمها باالختالالت املسهلة لبروز االنحرافات االجتماعية.
بحث أهم ط ـ ــرق التن ـ ــأول التنظري ـ ــة الس ـ ــاعية إلقام ـ ــة املع ـ ــالم التصنيفية لألم ـ ــراض الس ـ ــيكوباتية م ـ ــا بين الت ـ ــوزع -
االحصائي ،واالهتمامات الكيفية في صورة البنيات التحت اكلينكية.
اث ـ ــارة أهم الفروق ـ ــات والقض ـ ــأيا الخالفي ـ ــة س ـ ــواء على املس ـ ــتوى التصنيفي أو التشخيصي ،وه ـ ــذا بص ـ ــدد متابع ـ ــة -
السلوكات الالاجتماعية ضمن دالئل التصنيف املعتمدة باملمارسات التطبيقية.)DS M5.CIM10(.
عــرض بعض املحــددات الباثولوجيــة الســيكوباتية في اطــار تمثالتهــا بالبيئــة املحيلــة ،وكــذا طــرق التعامــل والتصنيف -
الواقعي لها ابتداءا من تتبع اصولها املرضية إلى مؤشرات ازمانها.
.2أهمية املداخلة:
ملداخلتنا جملـ ــة من النقـ ــاط الـ ــتي تسـ ــتدعي اثارتهـ ــا ،بيـ ــان مـ ــدى أهميـ ــة التعـ ــاطي البـ ــاثولوجي ضـ ــمن التظـ ــاهرات الضـ ــد
اجتماعية ،والسيكوباتية بأكثر تحديد ،ومنها نذكر:
التنويـ ــه إلى قيمـ ــة الشـ ــق التصنيفي سـ ــواء العـ ــام أم التفـ ــريقي في تشـ ــكيل أساسـ ــيات العمـ ــل التشخيصي ،وبخاصـ ــة -
بمناسبة تنأول مواضيع ظلت لفترة قريبة مستعصية على الحسم( .تعدد مداخل تفسير السلوك الالإجتماعي).
لفت اإلنتبـ ــاه إلى تعديـ ــة التظـ ــاهرة الباثولوجيـ ــة من جانبهـ ــا النفسي ،و البحت في مجـ ــاالت أكـ ــثر ترابطـ ــا متخـ ــذة من -
امليدان العالئقي واالجتماعي مسرحا للبروز و اإلخراج املرضي الالحق.
إث ــارة قض ــأيا إبس ــتمولوجية تخص الس ــلوك املض ــاد للمجتم ــع ،لكون ه ــذا األخ ــير من املواض ــيع الحال ــة ال ــتي تتطلب -
قدرا معتبرا من تنسيق الجهود التشخيصية الكاشفة.
إبــراز قيمــة املهمــات املســتحدثة لعلم النفس اللمرضي ،و الــتي تشــكل أكــثر املطــالب الجدليــة عنــد تحريــه أشــكاليات -
غير كالسيكية الطابع والتنظيم ،والتي على رأسها محور مداخلتنا املتمثل بالنزوع إلى االستجابة السيكوباتية.
.3االشكالية:
ظلت الشخص ــية الس ــيكوباتية لف ــترة معت ــبرة رهين ــة األوص ــاف االكلينكي ــة املس ــتمدة من االتص ــاالت املباش ــرة
بالحاالت ،وهو مازاد في صعوبة أيجاد كيان مستقل خاص بهـا ،ينطـوي تحت جـدول عيـادي يحتـوي مجموعـة األعـراض
التابعة لها ،هذا ماضمن لها تاريخا من التنوع واالختالف على املسـتوى الوصـفي ،الـذي يسـتهدف حصـر الفئـات املشـكلة
له ــذا االض ــطراب باألس ــاس ،لتبقى ك ــذلك ،من املس ــائل ال ــتي لم يحس ــم حوله ــا االتف ــاق ض ــمن وع ــاء تفس ــيري مح ــدد له ــا،
أوجمل ــة س ــمات س ــيكولوجية ق ــارة تنف ــرد به ــا ،غ ــير أن رجح ــان التوج ــه إلى الحاقه ــا بزملة اض ــطرابات الشخص ــية القائم ــة
بذاتها ،شكل مدخال مقبوال لعديد تيارات التنظير ،واملمارسة على حد السواء.
و باستعراضــنا ملحطــات زمنيــة من التنظــير ألعــراض الســيكوباتية نقــف على مــدى هشاشــة الحــدود الفاصــلة بينهــا،
وبين االختالالت القريبة ،واملعروفة بلوحاتها السريرية التقليدية ،فمنذ عهد ليس بقريب ،وصف "بينل pinelالطبيب
الفرنسي الشهير -وواحـد من رواد مجـال االضـطرابات العقليـة ،-حالـة غـير مألوفـة ،كمـا ال يمكن وضـعها تحت أي فئـة
تشخيص ــية من االض ــطرابات العقلي ــة املعروف ــة في ذل ــك ال ــوقت .وق ــد اطل ــق عليه ــا " بين ــل" تس ــمية" :جن ــون دون تشــوش
" madness with not confusionوتمث ــل ه ــذه الحال ــة مجموع ــة من املرضى أليظه ــر عليهم أي اض ــطراب في ق ــدراتهم
العقلي ــة ،ولكن س ــلوكهم يص ــل في س ــوء توافق ــه إلى مأيص ــل الي ــه كث ــير من االشخاص املض ــطربين عقلي ــا ،ه ــؤالء املرضى
()1
ليسوا بالذهانيين ،وال هم عصابيون حقا ،كما انهم ليسوا من نوع مرضى االستجابات النفسجسمية على االطالق.
بينم ــا ط ــبيب األم ــراض العقلي ــة االنجل ــيزي" برتشــرد " J.G Pritchardكان أول من اعطى وص ــفا منظم ــا ملا أس ــماه
االضــطرابات الخلقيــة Moral Disordإذ وص ــف مبكــرا ج ــدا 1835سلســلة ح ــاالت اطل ــق عليه ــا اس ــم الجنــون الخلقي،
"بريتشارد "pritchardأيضا، والعته الخلقي ،وتشبه إلى حد كبير ما نعرفه اآلن بالحالة السيكوباتية )2(.وقد اشار
إلى وج ــود فئ ــة كب ــيرة من مش ــكالت الطب النفسي ال ــتي ال تنطب ــق عليه ــا التشخيص ــات املالوف ــة في الطب النفسي ،واطل ــق
عليه ــا مص ــطلح " الجن ــون الخلقي moral insanityوهي ال ــتي ع ــرفت فيم ــا بع ــد باالنحط ــاط الس ــيكوباتي psychopatic
injeriorityووصــف هــذه الحالــة على أنهــا شــكل من أشــكال الخلــل الخلقي ،تبــدو فيــه الوظــائف العقليــة دون ان يلحقهــا
الضــرر ،بينمــا يبــدو االضــطراب اساســا في الناحيــة املزاجيــة أو الوجدانيــة أو في العــادات ،وتنحــرف الحــاالت الــتي تعــاني
من هــذا االضــطراب أو تنحــط خلقيــا بفقــدان القــدرة على الســيطرة على الــذات والســيطرة على الســلوك ،بمــا يتفــق مــع
التزام اللباقة واألدب دون أن يكون عاجزا عن الحديث أو استبدال أو التفكير في أي موضوع.
وفي عــام 1891قــدم " كــوخ "kochمصــطلح" االنحطــاط الســيكوباتي " و اســتخدمه لوصــف الفئــة الــتي أشــار اليهــا
"بريتشـ ــارد" باالضـ ــافة إلى أنـ ــواع أخـ ــرى من العصـ ــاب الهسـ ــتيري ،و الوسواسي .ومنـ ــذ ذلـ ــك الحين يسـ ــتخدم مصـ ــطلح
االنحطــاط الســيكوباتي أو مصــطلحات مماثلــة للداللــة على وجــود مشــكلة محــددة أواضــطرابات في الشخصــية ال ينطبــق
()1
عليها أي تشخيص اكلينيكي من التشخيصات املعروفة.
" بعدها جـورجيت تقـدم أيضـا ،السـمات السـريرية الرئيسـية لالختالالت النفسـية الـتي سيتم تنأولهـا من قبـل
دوبـ ــري" بعـ ــد اقـ ــل من قـ ــرن من الزمـ ــان .وفي وقت الحـ ــق ،سـ ــوف تقـ ــدم مادوسـ ــلي في لنـ ــدن فكـ ــرة العجـ ــز الخلقي بين
املج ــرمين املعت ــادين ،وسيتم تن ــأول ه ــذا املفه ــوم م ــرة أخ ــرى في تصنيف " ق ــانون الصحة االنجليزي ــة" في بدأي ــة الق ــرن
املاضي.
وفي فرنس ــا نج ــد (أعم ــال كل من :موري ــل ،1857دوب ــري ماني ــان في ع ــام 1884وع ــام )1912حيث ش ــهدت بداي ــة
التحــول عن ربــط دليــل الخلــل الســيكوباتي بنظريــة االنحطــاط ،ليكون الــدور املمنــوح إلى البيئــة في هــذا املوضــوع مثــل
الوراث ــة حاس ــما .فـ :موري ــل يرب ــط االنتكاس ،واالداء املع ــادي للمجتم ــع ،ويص ــف " ال ــروح املعنوي ــة ال ــتي تتم ــيز ب ــالبالدة،
وفساد الكليات الفكرية مع مظاهر االفعال التي تسيئ إلى األخالق ...الكثير من االنواع توجد عادة في املدن الكبيرة".
في حين مانيــان و Legrianفي عملهم عــام " 1895ينحرفــان عن االخــرين" ويصــران على تــاثير الوراثــة ،لكن ينتقــدان
نظرية لومبروزو الذي اقترح بعد ذلك ،تصنيف املجرمين وفقا لجرائمهم.
وفي اعمال " شنيدر" طالب " كرابلين" اقترب من السيكوباتية مع املنظور التوزيعي ،شنيدر يكسر العالقة مع البعد
()3
التشريحي للمدرسة الفرنسية من االنحطاط.
وظه ــر مص ــطلح الشخص ــية الس ــيكوباتية ،وأص ــبح ش ــائعا تمام ــا كـ :فئ ــة س ــيكاترية خالل النص ــف األول من الق ــرن
العش ــرين ،وفي ع ــام 1930اس ــتعرض " ب ــارتردج partridgeم ــا كتب عن الس ــيكوباتية ،واب ــرز التع ــارض في االداء ح ــول
ه ــذه الفئ ــة ،اذ وج ــد ان ه ــذه الفئ ــة تض ــم اف ــرادا يتنوع ــون تنوع ــا كب ــيرا ،وي ــدخل فيه ــا في كث ــير من االحي ــان بعض من
يعانون من التخلف العقلي ،وبعض من يعانون من العصاب ،أو ذهان كامل.
و تح ــدث " الكس ــندر " alexanderعن الشخص ــية ذات الخل ــق العص ــابي ،وه ــو الوص ــف ال ــذي يس ــتخدمه املحلل ــون
النفســيون لالشــارة إلى الشخصــية الســيكوباتية ،ويــرى الكســندر ان مصــطلح عصــابي يمكن ان ينطبــق بدقــة على الفــرد
الذي تظهر صعوباته في شكل نمط مطرد من السلوك االجتماعي ،الذي ينحرف انحرافا بينا عن االنماط السوية ،وقــد
وجهت انتقادات كثيرة لهذه الفئة ،واصبح يطلق عليها " سلة املهمالت" حيث يوضع فيهـا كل الحـاالت الـتي ال تناسـب أي
فئــة من الفئــات العصــابية أوالذهانيــة التقليديــة ،وبــالرغم من ذلــك ظــل مصــطلح الشخصــية الســيكوباتية جــزءا من لغــة
()1
الطب النفس ،وعلم النفس االكلينيكي ،ومازالت تعتبر فئة تشخيصية لدى الجمعية االمريكية للطب النفسي.
في حين كانت مســأهمة التحليــل النفسي مبكــرة انطالقــا من عمــل فرويــد عنــدما ربــط الســلوك االجــرامي بالعمليــات
العقلي ـ ــة ،م ـ ــع التش ـ ــديد على أهمي ـ ــة الش ـ ــعور بال ـ ــذنب ،ثم تالحقت االعم ـ ــال :ري ـ ــك أو أيش ـ ــون ثم غل ـ ــوفر ،ابراه ـ ــام و
الكس ــندر على مفه ــوم عص ــاب الشخص ــية .ه ــذا املفه ــوم من علم االم ــراض تم ــيز بالط ــابع املس ــبق الض ــطراب الشخص ــية
و"برج ــوريت" في (املعادي ــة للمجتم ــع أو الحدودي ــة) مث ــل عم ــل " كوه ــوت" أو" كيرن ــبرغ" في الوألي ــات املتح ــدة،
()3
فرنسا.
وتأسيســا على مــا ســبق ،فعنــد مباشــرة مهــام ســبر ،وتمحيص الحــدود الفاصــلة مــابين التظــاهرات الــتي يمكن اعتبارهــا
حامل ــة للص ــدى البن ــائي العمي ــق لالس ــتجابة الض ــد اجتماعي ــة (بكل تش ــكيالتها املتنوع ــة) وبين تل ــك االس ــتجابة املوقفي ــة
العارضة ،رغم توفرها على الحس التذمري في مواجهة اطر املجتمع االلزامية ،ومعأييره الضبطية كذلك .البد من إثارة
الجدلي ــة الباثولوجي ــة ،وه ــذا لع ــدة عوام ــل في مق ــدمتها تن ــوع الص ــالت بينه ــا ،وبين الفئ ــات التشخيص ــية ال ــتي اس ــتقرت
تصنيفيا ،وتحت ه ــذه الجزئي ــة يس ــتطرد بالش ــرح ...":Christian Lavalعلى عكس الكيان ــات املرض ــية األخ ــرى ،ال ــتي
تنتمي إلى عــالم من املعرفــة الــتي اســتقرت ،فــان الســيكوباتية تنتمي إلى عــالم من املعرفــة املثــيرة للجــدل ،لقــد جــرت
مناقش ــة دائم ــة ملدة ق ــرن للتشخيص والوقأي ــة والعالج على ح ــد الس ــواء ...لكن م ــا يم ــيز ه ــذا الكي ــان من املعرف ــة؟
وبشــكل متكــرر يكافح املجتمــع العلمي لبنــاء عــالم مشــترك موضــوعي حــول هــذا املوضــوع ،والــتي يمكن ان يتقاســمها
اعضــاء املجتمــع كحــد اقصى ،ويمكن تيســير الخيــارات العامــة" )4(.وعليــه عليــه تــأتي محــاور مــداخلتنا إلســتعراض أهم
النقاط التي سأهمت في استعصاء الحسم التشخيصي والتصنيفي للتظاهرات والسلوكات الحاملة للصدى الضدى اجتماعي.
.4علم النفس املرضي بين مميزات التصنيف التقليدية وطبيعة السلوكات االجتماعية:
من املتعــارف عليــه بــأن للتصنيف بعلم النفس املرضي عــدة وظــائف منهــا الســعي نحــو اختصــار وتبســيط األوصــاف
السـ ــلوكية.وذلـ ــك خدمـ ــة لتوحيـ ــد الجهـ ــود التواصـ ــلية للمختصـ ــين ،ومـ ــع كل هـ ــذا يبـ ــدو انـ ــه من العسـ ــير على التلخيص
واالجمــال لــدى تصـدي املنظــرين في مجـال الباثولوجيـا السـلوك االجتمــاعي بكل تشـعباته وارتباطاتــه لكونــه يمتحن قــدرة
التحليل واعادة التجميع لجملة املحرضات والتظاهرات النسقية املنطوية على قدر معتبر من شبكة العالقات التفاعلية
للفرد املسـتهدف ،وعليـه سـنحأول اسـتعراض بعض املحـددات الضـابطة لطبيعـة الـنزوع االجتمـاعي في حالـة السـواء قبـل
التطرق إلى اختالالتها ،واخراجها بصورة اعمال حملت صبغة معاداة املجتمع ( السيكوباتية).
أراد مـ ــاكس فيـ ــبر أن يطبـ ــق على تحليالتـ ــه تصنيفا عامـ ــا للنشـ ــاطات االنسـ ــانية فقـ ــدمها تحت أربعـ ــة أشـ ــكال من
التص ــرفات وهي :التص ــرف العقالني بن ــاء على الغاي ــة أو القص ــد املح ــدد ،التص ــرف العقالني بن ــاء على القيم ــة ،التص ــرف
()5
العاطفي ،التصرف التقليدي.
ضــمن هــذا املنحى البحــثي صــمم بيــك هافيجورســت مقابلــة بعــد مقابلــة 790طفال من منــاطق مختلفــة في انجلــترا،
تكشف عن مستوى التفاعل واالمتثال الخلقي ،ولقد قاد هذا إلى وصف 15نمطا مختلفا من االجابة:
غ ــير اخالقي :االس ــتجابات الديكتاتوري ــة ،اس ــتجابات االمتث ــال ،االس ــتجابات القانوني ــة ،االتص ــاالت الجماهيري ــة أو
الجمعيــة ،االســتجابات العاطفيــة ،التعميمــات النظريــة ،االســتجابات النفعيــة ،االســتجابات املالئمــة أو املصــلحة الذاتيــة،
()6
تجنب الذنب ،املنفعة االجتماعية ،الكف الغير عقلي ،الذات املثالية ،استجابات ذاتية ،االستجابات الدينية.
تع ــد الق ــدرة على التفاع ــل م ــع اآلخ ــرين بطريق ــة ناجح ــة ،وتتس ــم بالكف ــاءة من األم ــور ذات األهمي ــة الكب ــيرة في كل
مراحل حياتنا ،وقد يكون للفشل في ذلك اثار بعيدة املدى .ولتقييم االداء االجتماعي نرتكز على اربعة مستويات:
ا.النت ــائج االجتماعي ــة البعي ــدة املدى :من املف ــترض ان الكث ــير من النت ــائج االجتماعي ــة البعي ــدة املدى تنتج عن الطريق ــة
ال ــتي يس ــلك به ــا الشخص في املوق ــف االجتم ــاعي ،وترتب ــط النت ــائج البعي ــدة بكف ــاءة االداء في املج ــاالت املختلف ــة مث ــل:
االسـ ــرة والـ ــزواج ،والعمـ ــل والصـ ــداقة ،ومجـ ــاالت الترفيـ ــه ،ويمكن تقـ ــييم االداء في هـ ــذا املسـ ــتوى بتعبـ ــيرات الكم
والكيف للنتائج املختلفة (مثال ذلك الرضا بالعالقة الزوجية أوالعمل).
ويتحـ ــدد الرضـ ــا بواسـ ــطة الشخص نفسـ ــه أو االخـ ــرين ويمكن قيـ ــاس التوافـ ــق االجتمـ ــاعي في هـ ــذا املسـ ــتوى بتعبـ ــيرات
املترتب ــات النفس ــية ،ال ــتي تع ــود على الف ــرد ،ول ــذلك ف ــان ص ــعوبات نفس ــية مث ــل القل ــق أواالكتئ ــاب يمكن أيض ــا اعتباره ــا
مترتبات بعيدة املدى لسلوك الفرد االجتماعي.
ب .النت ــائج االجتماعي ــة على املدى القص ــير :تتعل ــق النت ــائج ال ــتي تح ــدث على املدى الق ــريب بالت ــأثير الف ــوري لس ــلوك
الشخص في تفاع ــل اجتم ــاعي على الشخص نفس ــه ،وعلى بقي ــة الن ــاس ال ــذين يش ــاهدونه وال ــذين يت ــأثرون بالتفاع ــل،
ويمكن النظ ــر إلى ه ــذه النت ــائج بتعب ــيرات االحكام الذاتي ــة أو من حيث مترتب ــات املوض ــوعية ،مث ــل وج ــود أو غي ــاب
اح ــداث معين ــة ،وتتض ــمن امثل ــة االحكام الذاتي ــة تق ــديرات للتوكيدي ــة ،وقي ــاس للنجاح ــات ،أوم ــدى مالئم ــة س ــلوك
الشخص خالل التفاعل( .ص .)270
ج .السـلوك االجتمــاعي الصـريح :يعـنى املرء في هـذا املسـتوى من التقـييم بمـا يقولـه الشخص ويفعلـه في الواقـع ،خالل
مواقــف اجتماعيـة معينـة ،ومـا ان يتم تحديــد نمــط من هــذه املواقــف الــتي تظهــر فيهــا النتـائج السـلبية القصـيرة حــتى
تصبح من املهم ان يقوم املقيم بتحديد اساليب السلوك الدقيقة التي ينخرط فيها خالل التفاعالت.
د .املهارات والعمليات االجتماعيـة املعرفيـة :يتـأثر السـلوك االجتمـاعي الصـريح بشـدة بعمليـات التفكـير وتحتـاج هـذه
االخ ــيرة الن توض ــع في االعتب ــار عن ــد تق ــييم االداء االجتم ــاعي ،وهن ــاك جانب ــان منفص ــالن له ــذا املس ــتوى في التق ــييم:
جــانب منهمــا يعــنى بقــدرة الشخص على اداء مجموعــة من املهــارات االجتماعيــة املعرفيــة ذات األهميــة في تحديــد مــا
يقـال ومـا يتم عملــه ،ويتعلــق الجــانب االخـر بتـأثير االفكار واالتجاهــات واملعتقـدات في تقريــر كيـف تسـلك ،ويتفاعــل
()7
هذا الجانب في النهأية ،لكننا الغراض عملية سنعتبرهما منفصلين.
.5صعوبات الضبط املفاهيمي للسيكوباتية (اشكالية املصطلح):
ظلت السيكوباتية من الكيانات املرضية املستعصية على الحسم التفسيري ،أوحتى الرصد التكميمي ،وهو ما أسس
لتنـ ــوع في املداخل التنظيري ـ ــة ال ـ ــتي تسـ ــتهدف الوص ـ ــول إلى بنيـ ــان توض ـ ــيحي مالئم لطريقـ ــة نشـ ــوء ،وكيفيـ ــة بحث جمل ـ ــة
االســتجابات التابعــة لحــاملي ســمات هاتــه الشخصــية املثــيرة للجــدل فكلمــة الســيكوباتي حســب ميلــوي ":Meloyغالبــا مــا
تســتخدم بشــكل خــاطئ ،انهــا تلهمنــا من خالل الفيلم الخيــالي صــورة القاتــل املتعطش للــدماء ،لكن نــادرا مــا نعتــبرهم
بالفع ــل قتل ــة ،ويتناس ــبون م ــع ص ــورة الس ــيكوباتية ،لالن ه ــذا االض ــطراب الس ــلوكي أليع ــني بالض ــرورة اس ــتخدام
العنف الجسـدي في الواقـع" .ـ هـذا بـالرغم من االصـالة الـتي يتمتـع بهـا هـذا الكيـان التشخيصي ،فهـو موجـود منـذ 1930
مــع امليــل الستبداله اليــوم في مجــال الطب النفسي بعبــارة " تنظيم الشخصــية ضــمن املدى الســيكوباتي" (وهــذا للداللــة
على طي ــف متع ــدد ،وممت ــد لالس ــتجابة الض ــد اجتماعي ــة) )8(.ومن ه ــذه املح ــأوالت ،أوالنم ــاذج البحثي ــة الش ــارحة لطبيع ــة
االستجابة الضد اجتماعية نذكر:
كمنطلــق ،عــرف قــاموس الطب العقلي لـ" لهينسي وكامبــل" الشخصــية الســيكوباتية ... ":انهــا كلمــة اســتخدمت لتشــير إلى
االف ــراد ال ــذين هم مرضى اساس ــا فيم ــا يتص ــل ب ــاملجتمع ،وفي التواف ــق م ــع مع ــأييره ،ومتطلبات ــه الجماعي ــة ،والثقافي ــة،
والخلقية .".وتشمل هذه املجموعة املرضية:
-االســتجابة املضــادة للمجتمــع Anti Socialوتــرادف تقريبــا املصــطلحين االقــدم :الســيكوباتية بــالتكوين ،والشخصــية
السيكوباتية.
-االس ــتجابة غ ــير االجتماعي ــة :Dyssocialع ــدم االهتم ــام بالق ــانون االجتم ــاعي ،والتص ــارع مع ــه نتيج ــة كون املرء ق ــد
قضى حياته في بيئة اخالقية منحرفة.
-االنحراف الجنسي :كالجنسية املثلية ،والتلبس بالجنس االخر ،والسادية ،وعشق االطفال ،والفيتشية...الخ.
()2
-االدمان :بنوعيه الكحول ،وتعاطي املخدرات.
-كم ــا لخص ال ــدليل التشخيصي واالحص ــائي لالض ــطرابات العقلي ــة الخ ــامس ( )DSM5. 2013الص ــادر عن الجمعي ــة
االمريكيــة للطب النفسي الشخصــية الســيكوباتية في انهــا " :نمــوذج مضــطرب للشخصــية تغتصــب حقــوق االخــرين،
وال تضع اعتبارا لها ،وتبدا منـذ فـترة الطفولـة أو املراهقـة ،وتسـتمر حـتى فـترة النضج ،وهـذا النمـوذج أيضـا يعـرف
بالس ـ ـ ـ ــيكوباتية Psychopathyو االعتالل االجتم ـ ـ ـ ــاعي Sociopathyواض ـ ـ ـ ــطراب الشخص ـ ـ ـ ــية املض ـ ـ ـ ــادة للمجتم ـ ـ ـ ــع
Dyssocial Personality Disorderوذل ــك الن الخ ــداع ،والتالعب يمث ــل الص ــفة االساس ــية الض ــطراب الشخص ــية
()9
الضد اجتماعية.
وبش ــكل احت ــوائي لخص تعري ــف رابط ــة اطب ــاء النفس االمريك ــيين مفه ــوم الشخص ــية الس ــيكوباتية ،باستناده على
األعـ ــراض الفارقـ ــة ،واملمـ ــيزة لحاملهـ ــا بـ " :هي تلـ ــك الشخصـ ــية الـ ــتي يقـ ــع صـ ــاحبها في متـ ــاعب اجتماعيـ ــة متكـ ــررة وال
يســتفيد من الخــبرة أو أيقــاع العقــاب ،وال يــدين بــالوالء ألي شخص ،أومجموعــة ،أوقيمــة اجتماعيــة بــل يبــدو عليــه
ع ــدم النضج االنفع ــالي م ــع فق ــدان الش ــعور باملس ــؤولية وض ــعف املحاكم ــة الس ــليمة م ــع وج ــود الق ــدرة على ت ــبرير
()10
تصرفاته غير السليمة".
تاريخي ــا ،ق ــدم كليكلي 1976تعري ــف وص ــفي باالستناد على محت ــوى الس ــيكوباتية ..." :الس ــيكوباتية هي مجموع ــة من
السمات الشخصية التي عادة ماتشمل :االنانية ،االنـدفاع ،واالعمـال املعاديـة للمجتمـع ،وعـدم املسـؤولية ،وعـدم النـدم،
()11
وعدم التعاطف ،وسلوك التالعب ،والسلوكيات الســطحية تجــاه االخــرين ،فضــال عن السجل العــاطفي غــير املطــور".
لكـ ــوت cott2000بأنهـ ــا " :كيـ ــان سـ ــريري متمـ ــيزة بـ ــاالداء وبغـ ــرض تفريقهـ ــا عن امليـ ــل املضـ ــاد للمجتمـ ــع ،عرفهـ ــا
()12
املعادي للمجتمع ،وكذا سمات شخصية تمثل الكيان الذي يحدد جوهر املوضوع املعادي للمجتمع".
بينم ــا من وجه ــة نظ ــر نش ــوئية ،اعت ــبر كروج ــر Kroger 1975الشخص ــية الس ــيكوباتية ،بانه ــا " :الشخص ــية املعتل ــة
نفسيا ،وتتسم بعدم النضج االنفعالي ،لنشاتها في بيوت باردة انفعاليا ،ولضعف بناء الشخصية بسبب التدليل".
والالفت ،توجه بلير 2001Blaireالقامته عالقة ما بين السيكوباتية ،واضطراب التواصل من حيث التطور ،فعرف
السيكوباتية على انها ":اضطراب في الشخصية ،يتميز بمقدرة محـدودة على تـانيب الضـمير وضـعف التحكم في السـلوك،
فتصنيف الســيكوباتية ال ترتبــط بتشخيص اضــطرابات التواصــل كــذلك ،تشخيصــها يعتمــد اساســا على ظهــور الســلوك
املض ـ ــاد للمجتم ـ ــع ،ورغم ص ـ ــعوبة تشخيص ـ ــها نج ـ ــد انه ـ ــا تشخص كاض ـ ــطراب تواص ـ ــل بنس ـ ــبة تبل ـ ــغ ح ـ ــوالي %16عن ـ ــد
املراهقين ،وكاضطراب شخصية ضد املجتمع عند البالغين ."%80
واتخـذ كـيرت شنيدر k. schneiderمن املعيـار االجتمـاعي (الشـذوذ عن املتعـارف عليـه اجتماعيـا) جنبـا إلى جنب مـع
املعيار الشخصي ( الضيق الشخصي) لتحديد تعريفـه الخـاص لهاتـه الشخصـية ،حيث عرفهـا بانهـا ..." :تلـك الشخصـيات
()13
الغير سوية التي يعاني أصحابها ،واملجتمع من عدم سوائها".
أما عند التعرض ملصـطلح السـيكوباتي ذواأليتولوجيـة الالتينيـة ،نجـد انـه يتكون من مقطعين ممـيزين همـاpsycho :
ومعناها نفس .وكلمة pathومعناها شخص مصاب بداء معين .ويشير املصطلح إلى انحراف الفرد عن السلوك السوي
واالنح ــراف في الس ــلوك املض ــاد للمجتم ــع ،والخ ــارج عن قيم ــه ومع ــاييره ،ومثل ــه العلي ــا ،وقواع ــده ،ويع ــرف أيض ــا بان ــه
()10
املريض النفسي ،أوالعليل ،أواعتالل نفسي ،أو اضطراب عقلي يتسم بالنشاط املعادي للمجتمع.
وأمــام هــذا التنــوع في محــاوالت التعريــف ،والرصــد التنظــيري للمصــطلح ،يبــدو أن تعريــف الســيكوباتية كان مشــكلة
كبـيرة ،حيث اســتغرق املؤلفـون مـايقرب عن 200ســنة لتقييـد الظــواهر العياديــة ،ويبـدوا أيضـا أن الخالفــات الرئيسـية
املحيط ــة به ــذا التعري ــف تنجم أساس ــا من ع ــدم دق ــة املنهجي ــة املس ــتخدمة ،تن ــوع املص ــطلحات املس ــتخدمة ،تع ــدد أش ــكال
األع ــراض وتطوره ــا ،وك ــذلك ت ــدخل ذاتي ــة بعض املنظ ــرين أو االطب ــاء .غ ــير ان االجته ــادات ،واالعم ــال الرائ ــدة لبعض
الب ــاحثين ،والعلم ــاء كانت املحف ــز للعم ــل االكلينكي ،بنط ــاق واس ــع ض ــمن ه ــذا الكي ــان التشخيصي املم ــيز ،ومن بين ه ــذه
االعمال نذكر:
بداية ،وضمن استعراضه ألدبيات العمل النظري ،الذي تناول املصطلح ،أحصى كاسون Casonفي عام 1943أكـثر
من مئ ـ ــتي من املص ـ ــطلحات ال ـ ــتي تس ـ ــتخدم كم ـ ــرادف للس ـ ــيكوباتية ،وال ـ ــتي ل ـ ــديها اك ـ ــثر من 50ملمح ـ ــا س ـ ــريريا 30 ،من
السلوكيات ملختلف املرضى.
بينم ـ ــا التـ ــاريخ الفعلي ملصـ ــطلح الشخصـ ــية السـ ــيكوباتية ،كفئ ـ ــة س ـ ــيكاترية كان خالل النصـ ــف األول من القـ ــرن
العش ــرين ،ففي ع ــام 1930اس ــتعرض " بــارتردج partridgeم ــا كتب عن الس ــيكوباتية ،واب ــرز التع ــارض في االداء ح ــول
ه ــذه الفئ ــة ،اذ وج ــد ان ه ــذه الفئ ــة تض ــم اف ــرادا يتنوع ــون تنوع ــا كب ــيرا ،وي ــدخل فيه ــا في كث ــير من االحي ــان بعض من
()1
يعانون من التخلف العقلي ،وبعض من يعانون من العصاب أوذهان كامل.
ومن خالل مادوسلي Maudsley 1896واعماله الغير مسبوقة ،حصل مصطلح السيكوباتية على مصداقية متزأيدة،
حيث يصف هذا املؤلف االفـراد املصـابين بالسـيكوباتية باالنانيـة ،وعـدم الرحمـة ،والعبث ،واالفتقـار إلى املعـنى األخالق
ي ،ويحكمهم دوافع غير اخالقية ،كما انه يعتقد عن التوازن بالحالة العاطفيـة ،يمكن ان يكون غـير متـوازن جـدا نظـرا
الن املرض يفقده القـدرة على تقـييم القضـأيا األخالق يـة ،والتصـرف بطريقـة مقبولـة اجتماعيـا ،على الـرغم من سـالمة
كلياتها.
وفي هــذا التوجــه من املناقشــات ،قــام مــأير Mayerســنة 1912باستبعاد الحــاالت العصبية من الســيكوباتية ،في حين
اقــر ميرسييه Mercier 1913بــان الســيكوباتية ســوف يعــاد النظــر فيهــا .وبالنســبة لبيرنبــأونم Birnbaunm1914فقــد
ميز بينها وبين السلوك االجرامي.
وفي عام 1918قدم برنارد غلويك Bernard Glueckأول دراسة وبائية مشهورة لحد االن ،يميز السيكوباتيين وفقا
للظه ــور في وقت مبكــر للســلوك االجتم ــاعي ،مــع املقأومــة العاليــة للعالج ،فضــال عن ارتفــاع مع ــدل االنتكاس ،تم البحث
ضـ ــمن 608سجينا في سجن Sing Singحيث كان %18.9منهم من السـ ــيكوباتيين ،ومـ ــع ذلـ ــك يكتب غلـ ــوي كانت هـ ــذه
املتالزمة اكثر صعوبة في التحديد ،واكثر اثارة للقلق في تصنيفها.
وب ــالتزامن م ــع والدة علم الجريم ــة ،ق ــدم "بيني ــل" الوص ــف الس ــريري املعاص ــر ،في ب ــدأيات اطروحت ــه 1801تحت
عن ــوان "آف ــات التف ــأهم" م ــع " ه ــوس دون اله ــذيان" حيث يتم ــيز بـ ...نوب ــات دوري ــة من اعم ــال العن ــف دون أي أوه ــام
خيالية ".ثم طرح Esquirolطالب "بينيل" مفهوم املس اآلحادي في اطروحته ،1838وبعض أشكال هذا املس اآلحادي
يبدو قريبا من السيكوباتية.
بينم ــا ك ــرابلين 1933ي ــدعو بطريق ــة حديث ــة إلى ع ــدم الخل ــط بين املرض النفسي واالض ــطراب ،ولكن في الطبع ــة
الس ــابقة من اطروحت ــه يتح ــرك بعي ــدا عن الس ــيكوباتية باسـ ــم " جنـ ــون االنحطـ ــاط" ويص ــف واحـ ــدة من الشخص ــيات
النفســية االربعــة الــتي تتســم بعــدم وجــود األخالق ،والشــعور باملســؤولية ،حيث يقــول ... ":من املؤكــد انــه ســيكون من
الضروري فصل هذا االعتالل النفسي عن الذهان الفصامي ،من خالل انشاء عيادة معاصرة خاصة به".
بعد كل هذا ،بقي مفهوم السيكوباتية يتأرجح بين الخلل ،واالعتالل االجتماعي ،حيث يستخدم " بيرنبوم" مصطلح
" اعتالل االجتم ـ ــاع" في وص ـ ــفه للنقص في الس ـ ــلوك االجتم ـ ــاعي له ـ ــذا االض ـ ــطراب ،بينم ـ ــا يص ـ ــر " س ـ ــيفرت" على ع ـ ــدم
االسـ ــتقرار السـ ــلوكي ،و" دملاس" في اعمالـ ــه 1932يتحـ ــدث عن " االختالالت الضـ ــارة" ويصـ ــر على " البعـ ــد املعـ ــاكس"
()3
لعديد مقاطع الفعل لديهم.
يع ــود الفض ــل إلى شنيدر لجه ــوده الب ــاكرة في محأول ــة تصنيف الشخص ــيات الس ــيكوباتية ،استنادا على درج ــة انح ــراف
الس ــلوك املض ــاد عن قيم واع ــراف املجتم ــع االص ــلي ،وع ــرف الشخص الس ــيكوباتي كم ــا يلي " :يت ــالم بسبب طبع ــه غ ــير
العادي ،ويتالم بسببه املجتمع" وقد اقترح نموذجه باالعتماد على املالحظة االكلينكية.
لم يعتــبر Shneiderالشخصــيات الســيكوباتية ،شخصــيات مريضــة بــاملعنى الصــارم والجــازم ،النهــا ال تــترافق بالتشــوهات
الجســمية ،أوالتــدهور العقلي ،وقــد اعتبرهــا تنوعــا للشخصــيات العاديــة ،ومن املالحــظ ان الــدليل االحصــائي لالمــراض
)
العقلية والنفسية تاثر كثيرا بتصنيف K.Shneider.(14
فضل العديد من الباحثين ،على غرار الطويل ( )2001تصنيف السيكوباتية ،بالنظر إلى درجة خطورة أعراضها لـ:
ا .أعـراض بسـيطة :يسـلك الفـرد سـلوكا غريبـا شـاذا ،يعتنـق الفـرد مـذاهب اجتماعيـة و اقتصـادية سخيفة ،يفشـل في
عقد صالت اجتماعية ،يخفق كثيرا في عالقاته مع األصدقاء ،فشل متكرر في الزواج واملهنة.
ب .األعــراض الخطــيرة :االختالس وال ــتزوير والنص ــب واالحتي ــال ،إدم ــان املخــدرات والخم ــور ،االعت ــداءات الجنس ــية،
()9
والقتل ،احتراف البغاء.
3.8تصنيف السيكوباتية بناءا على معيار النظر إلى نشوئية (التكوينية) أعراضها:
يوج ــد من الب ــاحثين من اخت ــار تصنيفا يعتم ــد على االخ ــذ بعين االعتب ــار منش ــأ اع ــراض االنحراف ــات الس ــيكوباتية،
ومص ــدرها الـ ــدينامي االساسي ،وحـ ــول ذلـ ــك يطـ ــرح الس ــعيد دردرة هـ ــذا التصنيف في معـ ــرض حديث ــه ..." :فـ ــرق بعض
الب ــاحثين بين ن ــوعين من الس ــيكوباتية األول ،وه ــو الس ــيكوباتية االساس ــية (التكويني ــة) وال ــتي تمث ــل مرض ــا اخالقي ــا في
معاداة الشخص للمجتمع نتيجة لعدم قابليته التكوينيـة لتعـديل الضـمير ،امـا االخـر فهـو السـيكوباتية الثانويـة ،وتتمثـل
()15
في السلوك املضاد للمجتمع ،والذي ينتج بسبب الصراع النفسي الداخلي لدى الشخص السيكوباتي."..
من حيث املنطلق ،نجـد انـه من غـير اليسـير ان نعطي وصـفا محـددا ،وجامعـا للشخصـيات السـيكوباتية ،النـه يـدخل
في هذه املجموعة كل هؤالء الناس الذين يظهر في سلوكهم نوع من الغرابة لدرجة تعيق املهام الحياتيــة املتعــارف عليهــا،
وأيضــا امكانيــة ارتقــاء الســلم االجتمــاعي النــاجح ،ولكنهم يكونــون فيمــا عــدا ذلــك عــاديين من جهــة اجســامهم ،ووانمــاط
ادراكهم للواقع ضمن حدود املتوسط .وعليه نجد من املحأوالت الالفتة لبيان انواع هاته الشخصـيات الحاملـة للصـدى
الضد اجتماعي ،مأيلي:
ا .فحسب الغول : 2003يمكن تقسيم الشخصيات السيكوباتية إلى األنواع التحتية التالية:
-الســيكوباتية العدوانيــة :هي شخصــية ســهلة االستثارة ،وقــد تاخــذ االســتجابة احــد أشــكال التــذمر والتــدمير نتيجــة
االحباط.
-السـ ــيكوباتية املبدع ـ ــة :تتصـ ــف باالض ـ ــافة إلى س ـ ــيماتها السـ ــيكوباتية ،بع ـ ــدم الرض ـ ــا ال ـ ــدائم عم ـ ــا يفع ـ ــل ،والرغبـ ــة
املستمرة في االعتماد على نفسه.
-السـيكوباتي االخـرق :هي شخصـية تتمـيز بالفشـل والعجـز الـدائم املزمن ،يمتـاز بحيـاة مليئـة باملشـاكل ،وال يسـتطيع
()9
حلها.
ب .في حين نوه دافيد كالرك إلى نوعين مميزين للسيكوباتية:
-الن ــوع الع ــدواني :وهي املجموع ــة ال ــتي تتض ــمن املتهيجين في عن ــف ،وكث ــيري الشجار ،والس ــكيرين غ ــير املس ــتقرين،
اصحاب امليول السـادية ،واغلب معتـادي االجـرام الـذين يكون لهم سجالت حافلـة في االجـرام ،ويحـترفون االجـرام
نظير اجور يتقاضونها من الناس.
-الن ــوع الناش ــز غ ــير املتواف ــق :وه ــو يض ــم ال ــذين يرتكب ــون انواع ــا من الجن ــاح الص ــغير ،والخون ــة ،والناش ــزين على
املجتمـع الـذين تكون عيـوبهم مشـكلة كـبرى للمجتمـع والسـرهم ،وكـذلك املتـواكلين الـذين يعيشـون بـالقوة عالـة على
امهاتهم أو ابائهم وا اقاربهم.
ج .بينما يفضل "مورجان" ماقال به " بولز" و" الندز" حيث يقسم االنحراف السيكوباتي إلى االنواع التالية:
النــوع الناشــز أو الخــارج ،املتجولــون املتعصــبون ،املتعبــون املقلقــون ،املجرمــون عــديمو الشــعور ،الســيكوباتيون -
()16
االنفجاريون ،السيكوباتيون املكتئبون ،أصحاب النقص الخلقي ،املرضى بالكذب.
.9النماذج املفسرة للسيكوباتية:
لقد احدثت مؤخرا تقنيات التصـوير الطـبي ،حسـما للتشـكيك في امكانيـة ان بعض الهياكل التشـريحية للـدماغ يمكن
ان تترافق مع تطور السيكوباتية ،وهذا على الرغم من قلتها في هذا الصدد ،لكن أليزال ممكنـا جعــل قائمــة من املمــيزات
العصبية للسيكوباتيين:
فمن خالل نتــائج البحــوث الســاعية لرصــد املنــاطق ،والبــنى الهيكليــة املتورطــة في انتــاج الصــفات الســيكوباتية بشــكل
عام ،كشف التصوير الطبقي للدماغ الخاص بافراد شخصوا تماما بالسيكوباتيين:
عن وجود تضخم في الجسم الثفني ،حسب رين ولينز واخرون . Raine Lenez ; et al 2003
عــدم التماثــل الكبــير في الحصــين االمــامي (األيمن اكــبر من األيســر) وانخفــاض كــذلك املادة الرماديــة في القســم القبــل
جبهي .وحس ــب كل من :ي ــانغ ،رين ،لي ــنز ،الكاس ،كولي ــتي .Yang ;Raine ;Lenez ;LaCasse et Colletti 2005أب ــانت
الدراسات العصبية خصوصية أبعاد مختلفة من مفهوم السيكوباتية ،حيث سلطت الضوء على:
كمية متفوقة من املادة البيضاء في الفص الجبهي لالفراد غير الشرفاء ،واملتالعبين. -
انخفــاض حجم اللــوزة بين مجــرمي العنــف الــذين يظهــرون درجــة عاليــة على مقيــاس الســيكوباتية ،حســب تيهــونين، -
هود جينز وفوريو . Tiihonen ;Hodings et Vaurio 2000
()11
انخفاض حجم املادة الرمادية. -
يعــايش الســيكوباتي تعلقــات مرضــية بــاكرة ،لتســفر بنــاءا عليهــا اســتجابات بعيــدة ،وغــير مألوفــة ضــمن مطــالب النمــو
املرحليـ ــة ،واملتوقع ـ ــة ،س ـ ــرعانما تطبـ ــع امللمح النفسي للسـ ــيكوباتي في ح ـ ــال متابعته ـ ــا التسـ ــلق للسـ ــلم التط ـ ــوري ،ف ـ ــرغم
اختالفها من حيث الشدة ،والتكرار لكنها تبقى وفية لنمط عالقاتها املبكر.
حيث تشـكل العالقــات البـاكرة بين الطفـل ووالديـه ـ في الحـاالت الطبيعيـة ـ اساسـا لتمثـل ،واسـتدخال النظـام القيمي
لديه ،كما تنسحب هذه األهمية إلى استبطانه للنماذج األولية الخاصة برمـوز السـلطة وممثليهـا ،مكونـة لـدى اسـتقرارها
بالجهــاز القــانوني الــداخلي للطفــل ،تقــع على عاتقــه مســؤولية املوازنــة بين الــواجب واملمنــوع ،وهــو الشيء الــذي نــوه اليــه
برونو غرافير Bruno GRAVIERوباالخص ،عند تراجع الوالدين في منح الدرع الواقية ،كما عبر عنها ،بقوله ...":فشل
()17
كال الوالدين بطريقة ما في وظيفتهما النشاء الدرع الواقية ،والالزمة لنشأة الجهاز القانوني داخل النفس".
3.10نموذج عجز تشكيل االستجابة:
يشــير هــذا النمــوذج النمــائي ،املقــدم من قبــل بلــير ،باترســون ونيومــان Blair ;Patterson et Newman 1993إلى
العجــز العــاطفي الــذي يواجهــه الســيكوباتيون يجعلهم غــير قــادرين على النجــاح في تفســير العواطــف البشــرية ،وهــذا من
شانه ان يؤدي إلى عجز في تشكيل الجواب ،والذي يطلق عليه " بلير "1999آلية العجز لتثبيط العنف".
حممد ،شحاته ربيع و مجعة ،سيد يوسف و معتز سيد عبد اهلل ( )1994علم النفس اجلنائي ،دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع ،القاهرة .ص ( )1
233ـ .236
( )2كمال ،الدسوقي ( )1973علم األمراض النفسية ،دار النهضة العربية ،ط 1بريوت ،لبنان .ص .339
)(3
Jean-Louis SENON. 2006. COMMENT DÉFINIR LA PSYCHOPATHIE ?. Université et
Hôpitaux – Poitiers pp 9 -24.
)(4
; Christian LAVAL ;2007 ;Prévention et prise en charge des adolescents et des jeunes adultes
Audition publique ; Ministère de la Santé et des Solidarités ; . France. P 43.
( )5حسن ملحم ( )1993التحليل اإلجتماعي للسلطة ،منشورات دحلب ،بوزريعة ،اجلزائر ص 18 :ـ .20
( )6عبد الرمحن العيسوي ( )1992النمو الروحي واخللقي ،دار النهضة العربية ،بريوت ،لبنان .ص .109
( )7سوزان ه ـ سبنس ) Sesan H.Spence، (200مرجع يف علم النفس االكلينيكي للراشدين ،س .لنيدزاى ،ج.بول ترمجة :صفوت فرج،
مكتبة االجنلو املصرية ،القاهرة ،مصر ،ص .270
)(8
J.R. Meloy ;2017 ; profil-psychopathe ; https://developpementpersonnel.org/profil-
psychopathe-comment-le-reconnaitre/ le 30-jun-2018 (19:00).p 3.
( )9تقوى ،حسن حممد ( )2017بعض مسات الشخصية السيكوباتية لدى مرتكيب جرائم القتل العمد وعالقتها ببعض املتغريات،أطروحة دكتوراه،
جامعة الرباط الوطين ،اخلرطوم ،السودان .ص .10
سعد ،عبد اهلل املشوح ( )2007مداخلة بعنوان :العوامل النفسية لواقع الظاهرة اإلرهابية ،الندوة العلمية :استشراف التهديدات اإلرهابية. ( )10
( )15السعيد دردرة ،2015 ،مقال :مفاهيم ،وقضأيا معاصرة ...الشخصية السيكوباتية ،املوقع www .dimofinf.net :تاريخ وضع املقال:
10/2015على الساعة 4:11 :مساءا ،تاريخ الدخول .11/07/2017 :ص .2
( )16مصطفى ،فهمي ( )1995الصحة النفسية :دراسات يف سيكولوجية التكيف ،مكتبة ومطبعة اخلاجني ،ط ،3مصر .ص .269
)(17
Bruno GRAVIER ; 2006 ; Diagnostic et prise en charge des sujets dits psychopathes.
; )Quelques éléments issus de la clinique en milieu pénitentiaire ; Université de Lausanne (CH
France.p 121.
يرى فيريك واخرون Frick et al 2003ان هذا النموذج النمائي ينص على ان السيكوباتي بمزاجه البارد هو نتيجة
لفشـ ــل تطـ ــور الـ ــوعي ،يحـ ــدث هـ ــذا االخـ ــير من الناحيـ ــة الفسـ ــيولوجية نتيجـ ــة تراجـ ــع نشـ ــاط الجهـ ــاز العصـ ــبي الالرادي
والسلوكي ،وبالتالي يضعف التفاعل مع التهديدات ،والعقوبات نظرا للغياب الفعلي للخوف الذي يشعر به هؤالء.
وحس ــب ليكين Lykken 1995ف ــان ض ــعف النزع ــة لتجنب الخ ــوف ،س ــيكون مس ــؤوال بع ــد ذل ــك عن التنش ــئة
االجتماعية واألخالق ية السيئة ،والفشل في تطوير الوعي يؤدي إلى سمات شخصية باردة ،وبالتالي ،فان هؤالء االفــراد
لديهم املزيد من امليل التخاذ خيـارات معاديـة للمجتمـع .وتظهـر الدراسـات الحديثـة ،كدراسـة بلـير Blair 2006ان االليـة
سابقة الذكر ،يمكن ان تكون مرتبطة " بعطل" في اللوزة املخية ،التي تشكل الركيزة العصبية للمراقبة السلوكية.
يبرز هـذا النمـوذج التطـوري من خالل مسـأهمة املسـار التـاريخي ،وتـاثير االبـاء ،ودورهم في شـرح نمـو هـذه الصـفات
الشخص ــية ض ــمن مرحل ــة الطفول ــة وص ــوال إلى البل ــوغ ،حيث نالح ــظ ان ــه من اق ــوى املؤش ــرات التنبئي ــة ،فس ــوء الرقاب ــة
االبوي ــة ( أي أليعرف ــون أين الطفــل ،تركــه غ ــير خاض ــع للرقاب ــة في الشــوارع منــذ س ــن مبكــرة) مثــل ه ــذه الســلوكيات من
قبل االباء واالمهات ترتبط بجنـوح االطفـال ،باالضـافة إلى األيـذاء البـدني أوعـدم انتظامـه ،وفي املقابـل تعزيـز القليـل من
السلوك الجيد لدى الطفل ،وانخفاض املشاركة في انشطة الطفل ،والتماسك القليل في االسرة ،وضـعف التواصـل بين
()11
الوالدين ،والطفل.
تطور الرؤية التحليلية للسيكوباتية مابين :التنظيم النرجسي ،الحالة الحدية ،العنف األساسي:
من أهم املنظـ ــرين التحليلين الـ ــذين سـ ــعوا إلى عقـ ــد الصـ ــلة بين الشخصـ ــية السـ ــيكوباتية ،وبين التنظيم النفسي
النرجسي نجــد كرينــبرغ Kernberg 1975، 1984، 1989حيث لفت االنتبــاه إلى تصــوره الــداعي إلى اعتبــار والتعامــل مــع
الس ــيكوباتية كج ــزء بن ــائي من النرجس ــية ،ع ــبر اق ــتراح التم ــأيز اله ــرمي بينهم ــا ل ــدى االف ــراد ،لتحت ــل الس ــمات املعادي ــة
للمجتمع املرتبة االخطر (املعادية للمجتمع /السيكوباتية) واالقل خطورة تكون الشخصية النرجسية.
ويــرى البــاحث أيضــا ،ان أي شــكل من أشــكال الشخصــية املعاديــة للمجتمــع يمتلــك في طياتــه الخصــائص االساســية
للشخصــية النرجســية ،ليضــاف اليــه امتالكــه امــراض غــير عاديــة في الشــعور األخالق ي ،هــذا هــو العجــز في تنميــة االنــا
االعلى .والس ــمات النموذجي ــة حس ــبه :هي :التمرك ــز ح ــول ال ــذات ،واالناني ــة املفرط ــة ،والتضخيم ،والحاج ــة إلى التف ــوق،
الطموحات املفرطة ،واالعتماد الشديد على االعجاب ،وعدم الحساسية ،ومستوى عال من العدوان والسادية.
ومن املؤلفين الــذين يتشــاركون هــذا الــرأي ،وهــو ان الســيكوباتية هي متالزمــة نرجســية نجــد :أوســوبيل وكــيرك
Ausubel et Kirkالل ــذان يفترض ــان ان االختالل النفسي س ــيكون مجموع ــة من الس ــلوكات املنحرف ــة ،الص ــالح الج ــرح
النرجسي العميـق ،املرضى السـيكوباتيين يعـانون من اضـطرابات محـددة في مجـال الـذات استثمرت مـع الرغبـة الجنسـية
النرجسية (الذات).
على هــذا املســتوى الــذي يســتهدف اقامــة العالقــة بين كل من الحالــة الحديــة ،واضــطراب الشخصــية الســيكوباتية،
طــور كيرنــبرغ تفســيرا حــديثا مفــاده :أنــه من املمكن أن تظهــر ضــمن األشــكال الســريرية للحــاالت الحديــة ـ قضــايا معاديــة
للمجتم ـ ــع ،ول ـ ــذلك يص ـ ــبح من املهم للغاي ـ ــة دراس ـ ــة ه ـ ــذا الن ـ ــوع من الس ـ ــلوك في جمل ـ ــة الخص ـ ــائص التقيمي ـ ــة ملا أس ـ ــماه
اض ــطرابات الشخص ــية الحدي ــة :ض ــعف االن ــا ،ع ــدم وج ــود الس ــيطرة ،ع ــدم التس ــامح م ــع القل ــق ،ع ــدم الق ــدرة على
التسامي.
وفي اطار التأسيس لعالقة عضوية مابين السيكوباتية ،والتنظيم املميز للحاالت الحدية يصرح كيرينبرغ:
" ...وكم ــا ه ــو الح ــال بالنس ــبة لجمي ــع الح ــاالت الحدي ــة ،لم ي ــدمج الس ــيكوباتي مث ــال االن ــا بش ــكل كام ــل ومتن ــاغم ،وال ــذي
يضفي " مثال االنا" على القانون الداخلي " واألخالق الظرفية" احترام االخر حـتى في الظـروف الجديـدة الـتي لم تعلمهـا
التجربــة بعــد ...والجهــاز القــانوني الخــاص بــه هــو في االســاس املثــل االعلى للــذات املوروث من التعلم األول ،والضــروري
للبقــاء على قيــد الحيــاة ،ولكنــه يتــالف من العقبــات غــير القابلــة للتــدأول الــتي تقــدمها الســلطة االموميــة ،هــذا التــاريخ من
االستبدادية يجب ان تكون عـ ــادة مصحوب ،ومنقولـ ــة من قبـ ــل املحـ ــرم ،والـ ــتي تـ ــدل عليهـ ــا كلمـ ــة االب ،الـ ــذي هـ ــو هنـ ــا
الفشل".
ولدى كرينبرغ Kernbergنصادف مسألة االنزعاج من عالقات الطفل في وقت مبكر هي النقطـة املركزيـة في جميـع
اضــطرابات الشخصــية ،واضــطراب الشخصــية املعاديــة للمجتمــع ،هــو مأيعــادل الســيكوباتية كمــا وصــفها كليكلي ويكل،
()12
وفي الواقع كرينبرغ 2001يعتبر االضطرابات السيبكوباتية "االكثر شيوعا في التنظيم الحدي االساسي".
أخيرا ،فمن املعروف أيضا ،ان الشخص الذي يعاني من هذا االعتالل النفسي له قدرا مهما من االندفاع ،انـه يعـاني
من حركـ ــة العواطـ ــف القويـ ــة ،املتغـ ــيرة بشـ ــكل خـ ــاص ،وضـ ــمن هـ ــذه النقطـ ــة يقـ ــترب الشخص السـ ــيكوباتي كـ ــذلك من
()8
الشخص الحدودي (الحالة الحدية).
في حين تف ــرد ب ــيرجريت 1995حين دع ــا إلى املوازن ــة بين م ــا اس ــماه ب ــالعنف االساسي ،وبين الشخص ــية الس ــيكوباتية،
حيث وجد كمنطلق من املهم التميز بينـه (أي العنـف االساسي) ،وبين هـذه العفويـة من الكراهيـة ،أوالعـدوان الـتي تظهـر
في البشــر الحقــا .فهي في حــد ذاتهــا بســيطة بدائيــة جــدا كــرد فعــل تلقــائي للحفــاظ على الــذات ،الكفــاح من اجــل الحيــاة،
وذلــك في شــكل اساسي من أشــكال العنــف ،هــذه األوهــام البدائيــة هي ذات الصــلة إلى امليــل ملتعــة الســيطرة حيث الهــدف
ليس أليذاء الكائن ،أوتدميره ،ولكن اساسا لدمج هذا الكائن ،واستخدامه لتحقيق الربح الخاص بها ،ولبقائها.
وهي ك ــذلك تاخ ــذ ـ والس ــيما ـ أش ــكال في مرحل ــة النرجس ــية األولي ــة ،حيث نراه ــا تظه ــر في مش ــاعر النف ــوذ ال ــتي تحكمه ــا
الغريـ ــزة ،ولـ ــذلك فـ ــان اسـ ــس هـ ــذا العنـ ــف االساسي لهـ ــا جـ ــذور نرجسـ ــية ،وال تتوافـ ــق مـ ــع محركات املوت ،فمن خالل
الحسي يتحــرك الطفــل نحــو االم الــتي هي " جــذور العنصــر املدمر" حســب وينيكوت ،1956وبالتــالي فــان اســاءة معاملــة
الطفل االساسـية تتطلب الـدعم من جـزء من البيئـة لتوجيـه جيـد ،وتحفـز قدرتـه الشخصـية على االبـداع بـدعم من االم
فهي قـادرة على التعامـل بشـكل مناسـب مـع هـذه الجـذور من العـدوان للطفـل ،ليطـور بهـدوء شـعور " الوجـود" الن لديـه
()18
الدعم الذي يسمح لهذا العنف االساسي في خدمة التبادل اللبيدي.
ض ــمن ال ــدليل التشخيصي ،واالحص ــائي الرابع DSM IVنج ــده بش ــكل ع ــام يق ــترح تقس ــيم متع ــدد الوج ــوه لجمل ــة
االضــطرابات املصــنفة ضــمن محــأور اساســية ،في املحــور األول " االضــطرابات الســريرية" حيث يتم العثــور على جميــع
االم ـ ــراض النفس ـ ــية ،واض ـ ــطرابات الشخص ـ ــية في املح ـ ــور الث ـ ــاني ،ومن بين ه ـ ــذه االض ـ ــطرابات الشخص ـ ــية توج ـ ــد في
املجموعة "ب" الشخصية املعادية للمجتمع والشخصية الحدية.
ـ وام ــا ض ــمن في CIM10يتم س ــرد اض ــطرابات شخص ــية مح ــددة في F60م ــع شخص ــية الض ــد اجتماعي ــة ...ولكن ال يمكن
تحديـ ــد السـ ــيكوباتية دون الرجـ ــوع إلى تـ ــاريخ عيـ ــادة الطب النفسي ،مـ ــا يفتح املواجهـ ــة بين املنهج الوصـ ــفي للتصنيفات
الدولية ومسأهمات عيادة الطب النفسي".
DSMIV CIM10
املعادية للمجتمع ديسوسيال
عدم القدرة على االلتزام بالقانون الفرق بين السلوك واملعايير االجتماعية
الندم غياب الذنب
عدم املسؤولية موقف غير مسؤول
عدم استقرار العالقات الشخصية عدم القدرة على االحتفاظ بعالقات دائمة
الحاجة إلى الخداع من خالل الربح تحمل منخفض لالحباط
االندفاع ،و التهيج ،العدوانية الالمباالة والبرودة
املصدر :للجدولJean-Louis Senon(3) :
2.11التفريق التشخيصي بين السيكوباتية ،والفئات الباثولوجية الكبرى (الذهان ،العصاب ،الحالة الحدية)
أع ــراض العص ــابي ت ــوحي الي ــه ب ــان شيئا يه ــاجم شخصيته ،وتنته ــك حرمته ــا من مص ــدر مجه ــول ،ام ــا في الس ــيكوباتية
والخل ــق العص ــابي بوج ــه ع ــام ف ــاألعراض مندمج ــة منسجمة في بن ــاء الشخص ــية في ص ــورة س ــمات خلقي ــة أليش ــعر الف ــرد
بغرابتها.
الس ــيكوباتية ليس ــت بالعص ــاب ،الن س ــلوك العص ــابيين ب ــه كث ــير من التماس ــك ،وهم على استبص ــار جي ــد بح ــالتهم،
يرغبـون في العالج ويسـعون اليـه ،ويتعــأونون مـع املعــالج على تحقيـق الفائــدة املرجــوة منـه ،ومـا هــذا شــان السـيكوباتيين
()19
الذين أليدركون ان بهم مرضا ،وأليسعون للعالج ،وأليتعأونون عليه اذا قسرتهم الظروف على البدء فيه"
وهكــذا يعتــبر التمــيز بين العصــاب ،والشخصــية املضــادة للمجتمــع أمــرا محســوما إلى حــد كبــير ،فمــريض العصــاب
يتميز بنوبات متكررة من القلـق والشـعور بالـذنب ،ويبـدي أعـراض لـوم الـذات ومعاقبتهـا ،وهـذه األعـراض التظهـر لـدى
اصحاب الشخص ـ ــيات املض ـ ــادة للمجتم ـ ــع ال ـ ــذين تكون ث ـ ــورتهم موجه ـ ــة ض ـ ــد االخ ـ ــرين وليس ض ـ ــد أنفس ـ ــهم ،وم ـ ــاداموا
اليش ــعرون بال ــذنب واليع ــانون من القل ــق ف ــان ص ــراعاتهم التكون داخلي ــة ،وح ــتى إذاكان بعض العص ــابيين يع ــبرون عن
ص ـ ــراعاتهم الداخلي ـ ــة بش ـ ــكل ص ـ ــريح ،ف ـ ــان وج ـ ــود القل ـ ــق يعت ـ ــبر أهم املالمح املم ـ ــيزة بين الشخص ـ ــية املض ـ ــادة للمجتم ـ ــع
()1
والعصاب.
واذا قيسـ ــت السـ ــيكوباتية باملظـ ــاهر التقليديـ ــة للـ ــذهان ملا البـ ــدا على السـ ــيكوباتي شيئا منهـ ــا ،ولعـ ــل هـ ــذا ماحـ ــدا إلى
استبعادها ممــا يسـمى (بــالجنون الصـريح) .والسـيكوباتية وصــلتها بــالجنون ليس امـرا مسـتحدثا ،ومن ثم اطلــق القـدماء "
()19
الجنون الخلقي " على حاالت السلوك السيكوباتي ،واشير اليها أيضا باصطالح" البله الخلقي".
وتؤك ــد الخ ــبرة االكلينكي ــة ،ان بعض ح ــاالت ال ــذهان ـ كالفص ــاميين ،ومرضى اله ــوس ـ تع ــاني من س ــلوك مض ــاد
للمجتمـ ــع شبيه بـ ــذلك الـ ــذي لـ ــدى السـ ــيكوباتيين ،كمـ ــا ان املرضى السـ ــابقين (الفصـ ــام ،والهـ ــوس) يشـ ــيران إلى فقـ ــدان
االتص ــال ب ــالواقع ،ويظه ــران ع ــددا من اض ــطرابات التفك ــير واالدراك ،وب ــرغم ذل ــك ف ــان وج ــود الهألوس ،واله ــذاءات،
واالض ــطرابات املعرفي ــة يع ــد عالم ــة س ــلبية أو مؤش ــرا مض ــادا للتشخيص الس ــيكوباتي ،بمع ــنى اخ ــر التشخص الحال ــة
كشخص ـ ــية مض ـ ــادة للمجتم ـ ــع اذا ظه ـ ــرت عليه ـ ــا األع ـ ــراض الس ـ ــابقة ،واذا كان م ـ ــريض الفص ـ ــام ق ـ ــد يظه ـ ــر الس ـ ــلبية،
أوالعدوان ،ومريض الهوس قد يظهر عدم تحمل املسؤلية ،فان هذه الخصـائص تكون قصـيرة االمـد ،وغـير متكـررة أي
انهـ ــا التعتـ ــبر خصـ ــائص ممـ ــيزة لسـ ــلوك تلـ ــك الفئـ ــات على املدى الطويـ ــل ،كمـ ــا هـ ــو الحـ ــال بالنسـ ــبة للشخصـ ــية املضـ ــادة
()1
للمجتمع.
جمدي ،أمحد عبد اهلل ( )2000علم النفس املرضي :دراسة يف الشخصية بني السواء واالضطراب ،ط ،1دار املعرفة اجلامعية ،عمان ،األردن. ( )19
ص 219ـ .220
اذا فالسيكوباتية حسب الباحث مجدي عبد هللا هي حالة بينية بين العصـاب والـذهان ،ولكنهـا اكـثر وضـوحا في حالـة
الس ــلوك املض ــاد للمجتم ــع ،أو بمع ــنى اخ ــر هم الحلق ــة الرابط ــة بين ال ــذهانيين ،والعص ــابيين من ناحي ــة ،واملج ــرمين من
()19
ناحية أخرى.
غالبا ما يتم الخلط بين السيكوباتية ،والعديد من البنيات األخـرى ،الـتي يمكن ان تكون ذات صـلة ،ولكن متمـيزة من
جه ــة أخ ــرى في املسببات ،وط ــرق االش ــتغال ،وه ــذا ينطب ــق بش ــكل خ ــاص على مف ــاهيم :الس ــادية واالنح ــراف الس ــلوكي،
باالضافة إلى اضطراب الشخصية املعاديـة للمجتمـع ،والسوسـيوباتية ،والنرجسـية ...الخ ،وبالتـالي هنـاك حاجـة إلى تميـيز
واضح بين السيكوباتية ،وهذه املفاهيم من اجل الفهم االفضل ،والتقييم املناسب لهذه الصفات الشخصية:
مفــاهيم الســيكوباتية هي مرادفــة في كثــير من االحيــان الضــطراب الشخصــية املعاديــة للمجتمــع من قبــل الرابطــة
االمريكي ـ ــة لالم ـ ــراض النفس ـ ــية APA 1994وه ـ ــذا ض ـ ــمن DSM IVوحس ـ ــب فري ـ ــك Frick 2000يكون االختالف في
السيكوباتية التي ياتي عنصر االنحراف السـلوكي االجتمـاعي بهـا قـوي لـيرقى إلى الجـرائم الجنائيـة في بعض االحيـان ،ويتم
عـ ــادة وصـ ــف السـ ــيكوباتية من حيث الخصـ ــائص السـ ــلوكية ،والعاطفيـ ــة ،والشخصـ ــية :بعـ ــدم التعـ ــاطف ،أوالتعـ ــاطف
الس ــطحي ،باالض ــافة إلى ان املع ــأيير ليس ــت ض ــرورية في التشخيص ه ــذا حس ــب بيب ــاك وه ــير Babiak et Hare 2007
وتس ــمح لن ــا ه ــذه الخاص ــية ب ــالتحقيق في جمي ــع املج ــاالت العالئقي ــة والعاطفي ــة بطريق ــة اك ــثر تحدي ــد للمعان ــاة النفس ــية
لديهم.
وفي املقابــل ،فاضــطراب الشخصــية املعاديــة للمجتمــع ال تســمح بــاجراء مثــل هــذا التحليــل الــدقيق ،النهــا تتــالف من
معأيير شديدة جدا ،وهو ما يشـكك في فائـدتها السـريرية ،فعلى سبيل املثـال :في دراسـات تمت بالسجون وجـد اضـطراب
الشخصــية املعاديــة للمجتمــع هــو القاعــدة بــدال من كونهــا االستثناء ( %50إلى %80من السجناء لــديهم هــذا االضــطراب)
في حين ان السـ ــيكوباتية وجـ ــدت في 20إلى % 30فقـ ــط من الحـ ــاالت .باختصـ ــار ،يجب التشـ ــديد على انـ ــه حـ ــتى لـ ــو كان
االضـطرابان مترابطـان اال انهمـا بنائيـا مختلفين ،ولهـذا فـان التقـييم املناسـب لهـاذين البنـائين امـر ضـروري عنـدما يتـوخى
العالج.
وحس ــب كل من ك ــوك ،ميش ــيل ،ه ــارت ،وكالرك Cooke ; Michie ; Hart et Clark 2004يتص ــورون الس ــلوك
املع ــادي للمجتم ــع كع ــواقب ب ــدال من ان يكون ج ــزءا من كوكب ــة الس ــمات الشخص ــية ال ــتي تح ــدد ه ــذا االض ــطراب ،وفي
الواقـ ــع ،فـ ــان معظم التوصـ ــيف السـ ــريري الكالسـ ــيكي للسـ ــيكوباتية ال تنظـ ــر للسـ ــلوك املعـ ــادي للمجتمـ ــع ،باعتبـ ــاره من
األع ــراض املركزيــة ،أوكس ــمة من س ــمات الشخص ــية الس ــيكوباتية ،ولكن االرتب ــاك غالب ــا م ــا ي ــاتي من خط ــأ اساسي :ه ــو
التفك ــير في ان الس ــلوك املنح ــرف يع ــادل الشخص ــية الس ــيكوباتية ـ فعلى سبيل املث ــال ـ ووفق ــا لكليكلي 1941العدي ــد من
السيكوباتين ال يملكون في تاريخهم هذا النوع من السلوك املنحرف.
هذا خالفا للسـيكوباتية الـتي تعتـبر مـرض في تطـور الضـمير والـوالء ،ومسـتوى التعـاطف ،والقـدرة على الشـعور بالـذنب،
ولكنها متعلقة بشدة ،وتوجه اساسا إلى الثقافة الفرعية ،أوالجماعة التي ينتمون اليها.
وعلى عكس مفهــوم الســيكوباتية ،السوســيوباتية ال تتمتــع بمكان معــترف بــه ،ولم تكون موضــوع البحــوث التجريبيــة في
السنوات االخيرة ،في حين ان التيار املتزأيد يدعم وجود السيكوباتية ككيان تشخيصي منفصل.
بنفس الطريقــة املكيافيليــة هي مفهــوم اخــر يرتبــط بقــوة مــع الســيكوباتية ،حيث يصــف بدقــة النــاس االنــانيين الــذين
يسـعون إلى اهــدافهم بدقــة واســتراتيجية ،من خالل التالعب لتحقيقهــا ،وهي نزعــة مقأومـة لنفـوذ االخــرين ،وتهيمن على
النمط املعرفي ،وهي غير مهمة في اقامة عالقات شخصـية ،بحيث يكون دافعهـا مصـالحهم الخاصـة ،واالغـراض النفعيـة،
وغالبا مأيعبر مصطلح مكيافيلية على الذاتية.
وحس ــب ب ــارنيت ،وتومبس ــون Barnett et Thompson 1985وك ــذا واستيل وب ــوث Wastell et Booth 2003
املكيــافليين هم غــير قــادرين على التعــاطف وال يشــعرون بالــذنبن ومــع ذلــك ،فمســتوى ارتبــاط املفهــومين يبــدو متمــأيزا في
امــور أخــرى ،فالســيكوباتي لديــه درجــة اقــل من العصــابية من ســمات املكيافيليــة ،وبالتــالي يوصــف األول بانــه اقــل قلقــا،
واكثر خيانة من هذا االخير.
كم ــا يب ــدو ان استبيانات التقري ــر ال ــذاتي تكون ق ــادرة على التنب ــؤ بالس ــلوك املع ــادي للمجتمعن في حين انه ــا ال تكون
قادرة على التنبؤ باملكيافيلية حسب بولهوس و ويليامز .Paulhus et Williams 2002
وأخ ــيرا ،ف ــان االشخاص ال ــذين يع ــانون من س ــمات املكيافيلي ــة س ــيكون ل ــديهم مفه ــوم اك ــثر واقعي ــة للتمثي ــل ال ــذاتي
"استبصار" ،في حين يجري بأكثر استباقية (اندفاع) عند السيكوباتيين.
وهن ــاك أيض ــا ،اختالف ــات هام ــة بين مفه ــوم الس ــيكوباتية والنرجس ــية ،فوفق ــا لـ ف ــاكنين Vaknin 2007على عكس
النرجسيينن الس ــيكوباتيين غ ــير ق ــادرين ،وغ ــير متحمس ــين الدارة دوافعهم ،وت ــاخير االش ــباع ،ليكون اس ــتخدام الغض ــب
للس ـ ــيطرة على االخ ـ ــرين والتالعب بهم أيض ـ ــا كح ـ ــل مفض ـ ــل ،وعلى ال ـ ــرغم من كألهم ـ ــا يفتق ـ ــر إلى التع ـ ــاطف الش ـ ــديد،
فالس ـ ــيكوباتيين هم س ـ ــاديون النهم يس ـ ــيرون في الح ـ ــاق املعان ـ ــاة ،وهم أيض ـ ــا اق ـ ــل ق ـ ــدرة بكث ـ ــير على خل ـ ــق عالق ـ ــات من
النرجسيين.
كم ــا يش ــير " ف ــاكنين" إلى ان الس ــيكوباتيين مث ــل النرجس ــيين ل ــديهم ازدراء عمي ــق للمجتم ــع ،واتفاقيات ــه االجتماعي ــة،
ولكن السيكوباتين يصل لديهم هذا االزدراء إلى اقصى حدوده ،التي يمكن ان تؤدي إلى قضأيا جنائية.
ل ــذلك النرجس ــيين ق ــد ي ــدمجون احين ــا قيم اخالقي ــة معين ــة ،ولكن الف ــرق الرئيسي حس ــب " ف ــاكنين" دائم ــا ،ي ــاتي من
حقيق ــة ان الس ــيكوباتيين يميل ــون إلى تش ــكيل العالق ــات من منظ ــور النفعي ــة البحت ــة ،وال يش ــعرون على االطالق ب ــانهم في
حاجة الن يكونوا مع االخرين بهدف الحصول على االهتمام ،أوالثارة االعجاب ،كما هو الحال في النرجسيين.
وفيمـا يبـدو أن هنـاك تـداخال بين حالـة السـيكوباتية ،وحالـة السـادية ،ويشـير إلى ذلـك الشـعور بالرضـاء في كل مـرة
ينفـ ــذ فيهـ ــا املصـ ــاب جريمتـ ــه ،وربمـ ــا كانت حالـ ــة السـ ــادية نفسـ ــها جـ ــزء ،أوعنصـ ــر من العناصـ ــر في الشخصـ ــية املركبـ ــة
للســيكوباتية ،ومــع ذلــك يبقى هنــاك صــفة مســتقلة تفــرق بين الحــاالت البحتــة للســيكوباتية ،والحــاالت البحتــة للســادية،
وذلك أنه في حالة السادية البحتـة يمـارس املصـاب عدوانيتـه على الضحأيا في نفس البيئـة الـتي يعيش فيهـا ،أمـا في حـاالت
الس ــيكوباتية فان ــه ال يكتفي بالبيئ ــة ال ــتي يعيش فيه ــا ،ولكن ــه ممكن أن يخس ــر كث ــيرا من الجه ــد ،واملال في سبيل اختالق
()15
املوقف ،أوالظروف التي تمكنه من الضحية لبالد بعيدة لو لزم األمر.
اإلنحـراف السـلوكي هـو ممارسـة أي من انـواع السـلوك املخـالف للسـلوك املتوقـع على املسـتوى الفـردي واملسـتوى
االجتماعي ،والسيكوباتية تنتشر في املجتمعات املنحرفة بدرجة ملحوظة ،ويبدو أنـه مـع تقـدم املدنيـة الحديثـة ،وانتشـار
مظ ــاهر االنح ــراف عن الخل ــق ،واالبتع ــاد عن ال ــدين ،ف ــان العدي ــد من ح ــاالت الس ــيكوباتية تب ــدأ في الظه ــور واالنتش ــار،
وتصل إلى درجة وباء السيكوباتية ،أو هجوم السيكوباتية.
ومن هذا املفهوم ،فالفرد الذي يمارس سلوك يخالف معتقداته ،ومبادئه وسلوكه الذي يتوقعـه لنفسـة يعتـبر علي
املسـ ــتوي الشخصي منحـ ــرف سـ ــلوكيا ،وعلى سبيل املثـ ــال اذ وجـ ــد فـ ــرد متـ ــدين وملـ ــتزم بتعـ ــاليم الـ ــدين ومنهجـ ــه في كل
سـ ــلوكه ،وقـ ــادر على التحكم ،والسـ ــيطره علي سـ ــلوكه وفـ ــق لهـ ــذا املنهج ،فـ ــاملتوقع من سـ ــلوكه في املسـ ــتقبل ان يطـ ــابق
الس ــلوك املنهجي ال ــديني ،ف ــاذا م ــارس ه ــذا الف ــرد س ــلوك مخ ــالف لتع ــاليم ال ــدين كالس ــرقة يكون انح ــرف بس ــلوكه عن
الســلوك املتوقــع ،واذا تكــرر ممارســة الســلوك املخــالف للمتوقــع يصــبح منحــرف ســلوكيا ،وان فقــد القــدرة علي التحكم
والس ــيطرة علي س ــلوكه تح ــول الي م ــرض س ــلوكي من وجه ــة نظ ــر املجتم ــع ،ام ــا بالنس ــبة للف ــرد نفس ــه فيظ ــل منح ــرف
()15
سلوكيا.
ومـع هـذا فـان السـيكوباتية ورغم كونهـا بعيـدة عن املرض العقلي ،اال انـه يمكن مزأوجتهـا مـع االضـطراب السـلوكي،
فحســب ميلــوي meloyهي تنــدرج ضــمن خانــة االضــطراب الســلوكي ،حيث يتم ترجمتــه من قبــل هــذا الفــرد من خالل
تب ــني س ــلوك اجتم ــاعي خ ــاص ،وه ــذا يع ــني ان ــه س ــلوك ال يتط ــابق م ــع الرم ــوز االجتماعي ــة ال ــتي اعت ــاد معظم الن ــاس على
اس ــتخدامها ،ويفس ــر ه ــذا الس ــلوك من خالل حقيق ــة ان الس ــيكوباتي أليش ــعر بالتع ــاطف م ــع االخ ــرين .وفي الواق ــع ،ه ــذا
االخــير قــادر بيولوجيــا على ادارة املشــاعر ،لكنــه غالبــا مــا يغــير الشــعور لينظــر إلى االخــرين من منطلــق تلبيــة احتياجاتــه
ورغباتـ ــه ،وهـ ــذا يـ ــؤدي إلى غيـ ــاب التعـ ــاطف ،وإلى عـ ــدم الشـ ــعور بالـ ــذنب )8(.لتتمظهـ ــر بسـ ــلوكات مضـ ــطربة على صـ ــعيد
االخراج ،أو تفعيل االستعانة باملصادر الخارجية لتحقيق ذلك.
و السمات املشتركة للسيكوباتية ،وفقا لهذا االتجاه النفسي ،وعلم الجريمة هي بسيطة جدا " ...ان السيكوباتي هنا
هو الشخص الذي تمـيزت شخصيته باالنـدفاع ،الـبرودة العاطفيـة (وبالتـالي عـدم وجـود نـدم ،أو اعتبـار للضحية) النزعـة
التمركزي ــة ،الع ــدوان و"الفوري ــة" (ال تحم ــل لالحب ــاط ،والرغب ــة في كل شيء على الف ــور) ونتيج ــة ه ــذه االس ــباب س ــيكون
الفرد غـير قـادر على اقامـة عالقـات عاطفيـة " عاديـة" مـع االخـرين ،ولكن من ناحيـة أخـرى سـيكون " طبيعيـا" من حيث
()20
الجانب الفكري".
يمكن اجمــال عوامــل ،وارتباطــات الســيكوباتية باالستناد إلى مســأهمات بعض البــاحثين عن طريــق اخراجهــا ضــمن اطــار
تص ــوري يكون حام ــل لعوام ــل بنائي ــة تحتي ــة تتظ ــافر لتش ــكيل االس ــتجابة الس ــيكوباتية الحق ــا ،ه ــذا طبع ــا بفع ــل اعتم ــاد
مستويات الشخصية السيكوباتية كذلك .و منه نجد:
إن تصــور الســيكوباتية بشــكل عــام ،في عــاملين متمــيزين ،ولكن مــترابطين امــر ممكن جــدا ،فعلى سبيل املثــال :نجــد
تصور كل من هير ،1991هاربور ،هاكيستيان ،هير ،1988كاربمان .1948والعامالن بالتفصيل هما:
-العام ــل األول :وال ــذي يطل ــق علي ــه " كاربمـ ــان Karpaman 1948اس ــم "الس ــيكوباتية الحقيقي ــة" يتم ــيز بموق ــف
ساخر ،متالعب ،اناني ،غير حساس ،يترافق مع استخدامه للزور عند االزمات ،وغياب الندم ،واملعارضة.
-العامــل الثــاني :يــدعى بالســيكوباتية الثانويــة ،وتشــير اكــثر إلى االنــدفاع ،والقلــق ،وعــدم القــدرة على التخطيــط على
املدى الطويل ،وامليول القوية املعادية للمجتمع ،والتعصب ،واالحباط.
Laurent MUCCHIELLI ; 2005 ; Réflexions sur les limites de l’utilisation de la catégorie de
)(20
فعند تجزئة العوامل إلى بنودها األوليـة نجـد جملـة من املؤشـرات املحـددة للسـيكوباتية ،وهـذا وفقـا لـ :هـير Hare 1991
واملوزعة في عاملين -كما تم التنويه اليه سابقا -في الجدول املعروض أدناه:
البنود الغير منتمية الرقم بنود العامل الثاني الرقم بنود العامل األول الرق
للعامالن
الجنسي االختالط 11 الحاجة إلى التحفيز ،وامليل 3 الحصافة والسحر السطحي 1م
الهدئات القصيرة 17 لألخذ
التطفل امليل إلى 9 املبالغة في تقدير النفس 2
التنوع فياالجل
الجرائم التي
20 انخفاض التحكم الذاتي 10 امليل إلى الكذب املرضي 4
يرتكبها
البدأية املبكرة للمشاكل 12 الخداع و التالعب 5
السلوكيةالتخطيط
عدم القدرة على
13 ال ندم ،وال شعور بالذنب 6
للمديى الطويل وبواقعية
االندفاع 14 تاثير سطحي 7
الالمباالة 15 عدم االكثراث وانعدام 8
التعاطف
جنوح االحداث 18 عدم القدرة على تحمل
16
انتهاك شروط االفراج 19 مسؤولية أفعاله
املشروط
ـدوث االس ــتجابة املم ــيزة للملمح الس ــيكولوجي ل ــدى وعلي ــه فه ــذا التص ــور ق ــائم على اعتب ــار ض ــرورة تظ ــافر ع ــاملين لح ـ
الشخص الس ــيكوباتي ،فحس ــب Edelyn Veronaه ــذا التقس ــيم الع ــاملي ،تتمرك ــز التجمع ــات املختلف ــة للع ــاملين 2 ،1
باالستناد إلى ان عناص ـ ــر قائم ـ ــة ه ـ ــير PCL – Rوعلى ال ـ ــرغم أيض ـ ــا ،من اختياره ـ ــا في البدأي ـ ــة لتشخيص الس ـ ــيكوباتية
كمتالزمــة موحــدة ،لكن في الحقيقــة هي بنيــات مســتقلة إلى حــد مــا ،لــذلك فــان العامــل األول :يتوافــق مــع التهــور ،وعــدم
االحساس العاطفي ،والهيمنة ( أليعرف الخوف ) .اما العامل الثاني :فهو يشير إلى االندفاع ،والعداء السلبي ،والنفسية
)
السلبية التي تعتبر جزءا من االستعانة بمصادر خارجية في علم النفس املرضي حسب كروجر وآخرون 2002.(21
واقـ ــترح كـ ــوك وميشـ ــيل Cooke et Michie 2001التسلسـ ــل الهـ ــرمي كنمـ ــوذج للسـ ــيكوباتية من ثالث عوامـ ــل
باالستناد إلى قائمــة " هــير" الســابقة العــرض ،وهــذا بعــد اجــراء تحليالت جديــدة للعوامــل ،ليصــبح هيكل ثالثي العوامــل
الهرمية:
trajectoires distinctes vers les comportements antisociaux et violents ;Neurosciences affectives et
santé mentale Volume 41, numéro 1, printemps 2016l’Université de Montréal. P 69.
-العامل الثالث :االسلوب السلوكي ( املتهور ،وغير املسؤول) يضم البنود.15 ،14 ،13 ،9 ،3 :
ج .تصور السيكوباتية باكثر من ثالثة عوامل:
ثم تم اقتراح النموذج الهرمي الرباعي باضافة عامال اخر ،يتعلق بالسلوك االجرامي (البنود.)20 ،19 ،18 ،12 ،10 :
ثم اقــاموا النمــوذج الخــاص بســكان كنــدا وأوربــا عن طريــق اضــافة عــاملين إلى العوامــل الثالث ــة األخــرى :الســلوك
االج ــرامي (البن ــود )20 ،19 ،18 :وعام ــل العالق ــات ( )17 ،11وباختص ــار ،ف ــان ه ــذه العوام ــل تعكس االبع ــاد الش ــاذة
للسيكوباتية سواء الشخصي ،أوالعاطفي ،وكذلك في نمط الحياة.
حس ــب وي ــديغر Widiger 2006هن ــاك عالق ــات مث ــيرة للج ــدل بين اض ــطرابات القل ــق والس ــيكوباتية املدرج ــة في
املعـ ــأيير االصـ ــلية للطب النفسي " وانعـ ــدام العص ــابية" أو " مظـ ــاهر االضـ ــطرابات النفس ــية" وم ــع ذلـ ــك هن ــاك مواضـ ــيع
للس ــيكوباتية ال ــتي تتش ــكل على القل ــق واحيان ــا االكتئ ــاب ،فعلى سبيل املث ــال يتم العث ــور على االف ــراد ال ــذين يع ــانون من
اضـ ــطرابات الشخصـ ــية املعاديـ ــة للمجتمـ ــع بـ ــالتوازي مـ ــع ارتفـ ــاع اضـ ــطرابات القلـ ــق ،وهـ ــذا ضـ ــمن الدراسـ ــات الوبائيـ ــة
كدراسة Swanson ;Bland et Newman 1994 :والـتي تشـير بشـكل دال إلى ان كليكلي 1941كان على خطـأ عنـدما ادعى
ان السـيكوباتيين ال يظهــرون القلــق العلــني ،كمــا كانت لــوقت مـا ســمة الــبرودة العاطفيـة للسـيكوباتيين مرتبطــة ســلبيا مـع
القلــق ،هــذا حســب كل من :هــاربير ،هــير ،وهاكسيتان Harpur ;Hare et Hakstian 1989ولكن تقــاريرهم الســريرية
كش ــفت في دراس ــات أخ ــرى عن مس ــتويات عالي ــة من القل ــق امث ــال :ش ــميث ونيوم ــان . Schmith et Newman 1999
ولتفـادي هـذه الجدليـة أوصى بعض البـاحثين بـادراج القلـق املنخفض ،كمعيـار لتحديـد االفـراد السـيكوباتيين من امثـال:
)
برينكلي ،نيومان ،ويديغر ولينمان Brinkley ;Newman ;Widiger et Lyman .(22 2004
يتوقــع هيلدنانــد ورويــتر Hildebrand et Ruiter 2004ان ترتبــط عوامــل هــير للســيكوباتية ســلبيا مــع اضــطرابات
املحــور األول ( من الــدليل التشخيصي )DSM IVباستثناء مــع اســتهالك الكحــول واملخــدرات ،والــتي نتائجهــا تشــير إلى ان
الدرج ـ ــة العالي ـ ــة من الس ـ ــيكوباتية تمي ـ ــل إلى ان تكون مرتبط ـ ــة أيجابي ـ ــا باس ـ ــتهالك املادة من املح ـ ــور األول ،وس ـ ــلبيا م ـ ــع
الفص ــام ،وغيره ــا من اض ــطرابات املح ــور األول .وارتف ــاع اس ــتخدام املواد يتس ــق م ــع معظم الدراس ــات األخ ــرى املرض ــية
للمجــرمين ،وعلى سبيل املثــال دراس ــة هــارت وهــير Hart et Hare 1989وأيضــا دراس ــة ســتالينهأيم وفــون كرونورينــغ
Stalenheim et Von Knorring 1998ودراسة تيميرمان و اميل كامب Timmerman et Emmelkamp 2001
وه ــذه العالق ــة اق ــرت ك ــذلك ،بص ــورة واضحة ،وجلي ــة ض ــمن ال ــدليل التشخيصي الخ ــامس DSM5م ــع التنوي ــه إلى
امكاني ــة اض ــافة ارتباط ــات وثيق ــة أخ ــرى ،على غ ــرار اض ــطرابات املســلك ،حيث ذك ــر بال ــدليل التشخيصي ... ":والن ه ــذا
االض ــطراب ـ يقص ــد ف ــرط الحرك ــة وتشتت االنتب ــاه ـ يرتب ــط ارتباط ــا وثيق ــا بطي ــف اض ــطرابات املس ــلك الظاهري ــة مث ــل:
اض ـ ــطراب التح ـ ــدي االعتراضي Oppositional Defiant Disorderواالض ـ ــطراب االنفعـ ـ ــالي املفتعـ ـ ــل Intermittent
()23
Explosive Disorderاضطراب املسلك Conduct Disorderفضال عن االضطرابات املتعلقة بمادة واالدمانية".
ضــمن الفرضــية الــتي اقترحهــا " لينــام" 1996بوجــود اصــول نمائيـة للسـيكوباتية ،والــتي اســتقرت في مرحلــة البلــوغ
تكون قد تطورت على اضطراب نقص االنتباه وفرط الحركة .TDAH
ووفقا لهذا الطرح فالسيكوباتي في مرحلة الطفولـة املبكـرة لديـه صـعوبة في استيعاب ردود الفعـل من وإلى البيئـة،
وفي اس ــتخدامها لتع ــديل س ــلوك الف ــرد من اج ــل الس ــعي في تحقي ــق اله ــدف ،وال ــتي تب ــدو وكانه ــا اع ــراض " ف ــرط النش ــاط
ونقص االنتباه" وكذا السلوك املتسرع.
كما انها تصبح عند كبار السن ،هذه األعراض في صورة مشكلة السـيطرة على مـزاجهم ،واسـتخدام اللغـة املبتذلـة
واالستجابات املعارضة ،والتجنب غـير املناسـب ،والكـذب والقـاء اللـوم على االخـرين ،وهـذا للتغطيـة على ارتكاب اعمـال
اكــثر أشــكالية مثــل :العــدوان والســرقة عنــد دخــول املدرســة .اخــيرا ،وكشخص بــالغ ،الفــرد يصــبح اكــثر خطــر من خالل
()11
تقديم سلوكيات التالعب ،وغيرها من األعراض املميزة للسيكوباتية.
الخاتمة
في ختام مداخلتنا امكننا الوقوف على جملة من املالحظات املهمة ،الـتي تؤشـر باالسـاس على صـعوبة التعـاطي،
والحســم في التوصــيف املفــاهيمي للشخصــية الســيكوباتية وامليــل الضــد اجتمــاعي بشــكل عــام ضــمن تنــأوالت علم النفس
املرضي ،حيث:
-كان تفعي ــل النهج الوص ــفي اك ــثر تحبي ــذا ،وحض ــورا بالنس ــبة ملعظم املح ــأوالت الص ــبطية له ــا ب ــداءا بتعري ــف الرائ ــد
كليكلي ،حيث ب ــرز كالح ــل االمثــل في ظــل ت ــداخل الفئــات التشخيصــية ،وع ــدم الفصــل في قائم ــة األعــراض الفارق ــة
املكونـ ـ ــة لهـ ـ ــا ،ليكون اللجـ ـ ــوء كـ ـ ــذلك نحـ ـ ــو انتهـ ـ ــاج مـ ـ ــأيعرف بالتشخيص السـ ـ ــلبي عـ ـ ــبر استبعاد جملـ ـ ــة األعـ ـ ــراض
اجلمعية األمريكية للطب العقلي ،ترمجة :أنور احلمادي ،معايري الدليل اإلحصائي والتشخيصي ،ط ،DSM5،5إعداد وتوزيع جهاد حممد. ()23
ص .169
الكالسـ ــيكية الظهـ ــور ضـ ــمن املجموعـ ــات الباثولوجيـ ــة الكـ ــبرى كالتشـ ــوش الهـ ــذائي الحـ ــاد أو تراجـ ــع مهم للسـ ــيطرة
العقلي ــة ،أو تظ ــاهرات ذات النم ــط العص ــابي ،وك ــذا االض ــطرابات املم ــيزة لحال ــة طبي ــة أو مص ــاحب لعاه ــة جس ــدية،
ومابقي يمكن ان يطبع امللمح النفسي للسيكوباتي.
من ناحية أخرى ،فان التركيز على مسالة املعيارية في تعريف السيكوباتية يحظى بقبول معتبر ،وهذا بسبب ضــغط -
الجــانب اإلحصــائي ،والتمظهــر الثقــافي للظــاهرة الســيكوباتية ،لتســمى في محطــات كثــيرة بــاالنحراف الســيكوباتي عن
املتوسط الن كل مجتمع له شخصياته الضد اجتماعية.
-كم ــا ملس ــنا ب ــروز البع ــد الت ــاريخي التط ــوري في تن ــأول املح ــأوالت التعريفي ــة بالشخص ــية الس ــيكوباتية ،وه ــذه الخط ــوة
التتبعيـة تبـدا منـذ الطفولــة بشـكل اضــطراب باملسـلك إلى اســتقرارها بمرحــل الرشــد ،وهــو ماتبنـاه الــدليل االمـريكي
الخامس لالمراض العقلية (.)DSM5
-لنص ــل إلى ض ــرورة االهتم ــام اك ــثر بالج ــانب التكيفي الخ ــادع من الشخص ــية الس ــيكوباتية ،وخاص ــة بمناس ــبة ربطه ــا
لشـبكة عالقـات اجتماعيـة ظاهريـة وهـذا عن مباشـرة عمليت التصنيف والتشخيص ،مـع التأكيـد على املنحى الشـبه
االزماني لالضطراب.
وفي األخــير ،نجــد انــه في مجابهــة هــذا التشــعب الكبــير للمــداخل التعريفيــة لــدى نتــأول الشخصــية الســيكوباتية ،يجعلنــا ـ
نضـ ــم صـ ــوتنا ـ إلى تعريـ ــف كـ ــيرت شنيدر حين ركـ ــز عن انحـ ــراف السـ ــيكوباتي عن السـ ــلوك املتوسـ ــط ضـ ــمن مجتمعـ ــه
األصلي ،وكذا سوء تكييفة الشخصي ،ليكون وجوب النظر اذن لناحيتين ،األولى :الفرد السيكوباتي ولذاته ،خاصة من
جانب عدم استبصاره بحالته ،والتي تكون نتيجتها الالحقة تحميل االخر مسؤولية متاعبـه املتوهمـة غالبـا ،والثانيـة من
ناحية املجتمع الذي يفرض معأيير للحفاظ على كينونته ،هذه املعيير تكون موضوع الخـروج والخـرق املفضـل غالبـا ملن
يحمل مالمح الشخصية السيكوباتية.
هوامش املداخلة