You are on page 1of 25

‫اللقب‪ :‬حمادي‪.

‬‬
‫االسم‪ :‬محمد الشريف‪.‬‬
‫الرتبة العلمية‪ :‬طالب دكتوراه (‪ )LMD‬التسجيل الرابع‪.‬‬
‫التخصص‪ :‬علم النفس املرضي للراشد‪.‬‬
‫الجامعة‪ :‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،‬قسم العلوم االجتماعية‪.‬‬
‫البريد االلكتروني‪hamadi.2013@yahoo.com :‬‬

‫الهاتف‪.0790837951 :‬‬

‫اللقب‪ :‬جريـو‪.‬‬
‫االسم‪ :‬سليمان‪.‬‬
‫الرتبة العلمية‪ :‬طالب دكتوراه (‪ )LMD‬التسجيل الرابع‪.‬‬
‫التخصص‪ :‬علم النفس املرضي للراشد‪.‬‬
‫الجامعة‪ :‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،‬قسم العلوم االجتماعية‪.‬‬
‫البريد االلكتروني‪Simane.1980@gmail.com :‬‬

‫محور املداخلة‪ :‬املحور السادس في أشكالية تصنيف األمراض‪.‬‬


‫عنوان املداخلة‪ :‬بحث أشكالية الحسم التصنيفي للسلوكات املعادية للمجتمع‪ :‬ما بين االنحراف االجتماعي‬
‫والحاالت التحت اكلينكية‪ .‬ـ السيكوباتية أنموذجا ـ‬
‫مقدمة‬

‫إن من أهم مقاصــد و مطــالب الدراســات النفســية باثولوجيــة الطــابع‪ ،‬هــو تحــري األصــول االمراضــية للســلوكات‬
‫املنحرفــة‪ ،‬ومـع ذلــك يبقى العمــل التصنيفي الخطــوة التنظيميـة املوحــدة للجهــود التفسـيرية الالحقـة‪ ،‬ليصـبح في املتنـأول‬
‫الس ــعي إلى اختص ــار األوص ــاف االكلينكي ــة األك ــثر تعقي ــدا‪ ،‬وتق ــديمها ب ــاخراج اص ــطالحي متواف ــق يس ــهل التواص ــل ل ــدى‬
‫املمارســين‪ ،‬مــا يؤســس ألن يصــبح االطــار التنــأولي التصنيفي املدخل املفضــل‪ ،‬بــل واملحــرك لعمليــتي التشخيص والتــدخل‬
‫امليداني أيضا‪.‬‬

‫فعن ــد املضي ق ــدما في تح ــري علمي لتلون ــات الكيان ــات الباثولوجي ــة‪ ،‬تس ــتوقفنا ثل ــة من األوص ــاف الالس ــوية م ــع‬
‫ارتباطات نوعية‪ ،‬تزيد من صعوبة وتعقيد الحسم التصنيفي املناسب الستقرار اعراضها الحاملة للصدى السـيكولوجي‬
‫واالجتمــاعي والثقــافي والــوظيفي‪ ...‬الخ‪ .‬ليعــود من صــميم عمــل البــاحث واملهتم بمجــاالت علم النفس املرضي‪ ،‬هــو أيجــاد‬
‫وعاء يحوي جل هذه التمأيزات ومجانستها‪ ،‬كمنطلق في تفعيل آليات التقصي بميدان البحوث النفسية املرضية‪.‬‬

‫فمن بين هــذه األوصــاف املرضــية الــتي أثــارت والزالت تثــير الجــدل‪ ،‬هــو أشــكالية الضــوابط التصنيفية لالســتجابة‬
‫املعاديـة للمجتمـع‪ ،‬أو كمـا عـرفت بـامليول السـيكوباتية‪ ،‬هـذه االخـيرة لطاملا اعتـبرت من الفئـات األشـد تلونـا‪ ،‬وقـدرة على‬
‫استقطاب عديد االضـطرابات القريبـة املنشئ‪ ،‬حـتى عـدها بعض البـاحثين بسـلة مهمالت التشخيص‪ ،‬نظـرا التخاذهـا من‬
‫ردات الفعــل االمتثاليــة تجــاه املعــأيير االجتماعيــة كواجهــة خصــبة لتــبرير وطــرح انتهاكاتهــا نحــو الخــارج‪ ،‬دون استحضــار‬
‫ملطــالب اآلخــر‪ ،‬فاسحة بــذلك املجــال لغلبــة النفعيــة الذاتيــة‪ ،‬في ظــل غيــاب االستبصــار الســيكولوجي والتفــاعلي الالزمين‬
‫اجتماعيا‪.‬‬

‫وعلي ــه تص ــب مح ــأور وتحليالت م ــداخلتنا تحت نطاق ــات األش ــكاليات النفس ــية املرض ــية‪ ،‬في جهوده ــا الستقص ــاء‬
‫العم ــل التصنيفي للتظ ــاهرات املض ــادة للمجتم ــع (الس ــيكوباتية)‪ ،‬عن ــد مباش ــرة التق ــييم اله ــادف للتف ــاعالت االجتماعي ــة‬
‫سواء على املستوى البعيد أو قصير املدى‪ ،‬وصوال إلى عرقلتها للمسار النمائي الذي يخص اكتساب املهارات االجتماعية‬
‫واملعرفية في ادراك وبلورة الجوانب العالئقية‪.‬‬

‫من دون أن نغض الط ــرف أيض ــا‪ ،‬على الص ــعوبات ال ــتي تواج ــه ه ــذا املقص ــد التصنيفي لالس ــتجابة الس ــيكوباتية‪،‬‬
‫فلدى مباشرة تمحيص الحدود الباثولوجية الفاصلة ما بين التظاهرات التي يمكن عــدها حاملــة للصـدى البنـائي العميـق‬
‫السيكوباتي‪ ،‬وبين تلك االستجابة املوقفية التي تشكل حركة تذمرية ملواجهة األطر الضبطية للمجتمع األصلي‪.‬‬

‫وتأسيســا على مــا ســبق‪ ،‬يتحتم علينــا عــرض وتحليــل أهم ارتباطــات و عوامــل الســلوكات املعاديــة للمجتمــع‪ ،‬مــع التفريــق‬
‫بينهــا وبين الفئــات املرضــية الكــبرى املعروفــة بجــدأولها االكلينكيــة الكالســيكية (دراســة الحــاالت) وصــوال لتغليب النظــر‬
‫اليها من زملة الفئات التحت سريرية‪ ،‬وهو ما سنفصل فيه ضمن مفاصل ومحطات هذه املداخلة‪.‬‬

‫‪ .1‬أهداف املداخلة‪:‬‬
‫التع ــرف على جمل ــة األوص ــاف الس ــلوكية ذات الص ــدى الس ــيكولوجي الض ــد اجتم ــاعي واملس ــؤول عن س ــوء االن ــدماج‬ ‫‪-‬‬
‫السوسيولوجي ببيئتنا املحلية‪.‬‬
‫بيان صعوبات الحسم التصنيفي عند تنأول ورصد التظاهرات الحاملة للميول املعادية للمجتمع‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الوقــوف على أهم العوامــل املشــكلة لالســتجابة الضــد اجتماعيــة‪ ،‬وكــذا ســبر جملــة ارتباطاتهــا مــع زملة االضــطرابات‬ ‫‪-‬‬
‫واالختالالت املشابهة‪.‬‬
‫التنويه باالسـس املعياريـة لـدى مباشـرة عمليـة التصنيف‪ ،‬وخاصـة التصنيف التفـريقي بين السـوكات املنحرفـة على‬ ‫‪-‬‬
‫قيم املجتمع االصلي وبين الفئات السريرية األخرى‪ ،‬واالكثر ثباتا من الناحية التكميمية‪.‬‬
‫استعراض التداخالت املهمة بين االنحراف السيكوباتي وبين عديد التصنيفات الباثولوجية الكبرى‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫فحص أهم املشـكالت الـتي تمس آليـات التصنيف لـدى التعـرض بمحكات التفاعـل وتقـييم األداء االجتمـاعي‪ ،‬خاصـة‬ ‫‪-‬‬
‫لدى تالزمها باالختالالت املسهلة لبروز االنحرافات االجتماعية‪.‬‬
‫بحث أهم ط ـ ــرق التن ـ ــأول التنظري ـ ــة الس ـ ــاعية إلقام ـ ــة املع ـ ــالم التصنيفية لألم ـ ــراض الس ـ ــيكوباتية م ـ ــا بين الت ـ ــوزع‬ ‫‪-‬‬
‫االحصائي‪ ،‬واالهتمامات الكيفية في صورة البنيات التحت اكلينكية‪.‬‬
‫اث ـ ــارة أهم الفروق ـ ــات والقض ـ ــأيا الخالفي ـ ــة س ـ ــواء على املس ـ ــتوى التصنيفي أو التشخيصي‪ ،‬وه ـ ــذا بص ـ ــدد متابع ـ ــة‬ ‫‪-‬‬
‫السلوكات الالاجتماعية ضمن دالئل التصنيف املعتمدة باملمارسات التطبيقية‪.)DS M5.CIM10(.‬‬
‫عــرض بعض املحــددات الباثولوجيــة الســيكوباتية في اطــار تمثالتهــا بالبيئــة املحيلــة‪ ،‬وكــذا طــرق التعامــل والتصنيف‬ ‫‪-‬‬
‫الواقعي لها ابتداءا من تتبع اصولها املرضية إلى مؤشرات ازمانها‪.‬‬
‫‪ .2‬أهمية املداخلة‪:‬‬

‫ملداخلتنا جملـ ــة من النقـ ــاط الـ ــتي تسـ ــتدعي اثارتهـ ــا‪ ،‬بيـ ــان مـ ــدى أهميـ ــة التعـ ــاطي البـ ــاثولوجي ضـ ــمن التظـ ــاهرات الضـ ــد‬
‫اجتماعية‪ ،‬والسيكوباتية بأكثر تحديد‪ ،‬ومنها نذكر‪:‬‬

‫التنويـ ــه إلى قيمـ ــة الشـ ــق التصنيفي سـ ــواء العـ ــام أم التفـ ــريقي في تشـ ــكيل أساسـ ــيات العمـ ــل التشخيصي‪ ،‬وبخاصـ ــة‬ ‫‪-‬‬
‫بمناسبة تنأول مواضيع ظلت لفترة قريبة مستعصية على الحسم‪( .‬تعدد مداخل تفسير السلوك الالإجتماعي)‪.‬‬
‫لفت اإلنتبـ ــاه إلى تعديـ ــة التظـ ــاهرة الباثولوجيـ ــة من جانبهـ ــا النفسي‪ ،‬و البحت في مجـ ــاالت أكـ ــثر ترابطـ ــا متخـ ــذة من‬ ‫‪-‬‬
‫امليدان العالئقي واالجتماعي مسرحا للبروز و اإلخراج املرضي الالحق‪.‬‬
‫إث ــارة قض ــأيا إبس ــتمولوجية تخص الس ــلوك املض ــاد للمجتم ــع‪ ،‬لكون ه ــذا األخ ــير من املواض ــيع الحال ــة ال ــتي تتطلب‬ ‫‪-‬‬
‫قدرا معتبرا من تنسيق الجهود التشخيصية الكاشفة‪.‬‬
‫إبــراز قيمــة املهمــات املســتحدثة لعلم النفس اللمرضي‪ ،‬و الــتي تشــكل أكــثر املطــالب الجدليــة عنــد تحريــه أشــكاليات‬ ‫‪-‬‬
‫غير كالسيكية الطابع والتنظيم‪ ،‬والتي على رأسها محور مداخلتنا املتمثل بالنزوع إلى االستجابة السيكوباتية‪.‬‬
‫‪ .3‬االشكالية‪:‬‬

‫ظلت الشخص ــية الس ــيكوباتية لف ــترة معت ــبرة رهين ــة األوص ــاف االكلينكي ــة املس ــتمدة من االتص ــاالت املباش ــرة‬
‫بالحاالت‪ ،‬وهو مازاد في صعوبة أيجاد كيان مستقل خاص بهـا‪ ،‬ينطـوي تحت جـدول عيـادي يحتـوي مجموعـة األعـراض‬
‫التابعة لها‪ ،‬هذا ماضمن لها تاريخا من التنوع واالختالف على املسـتوى الوصـفي‪ ،‬الـذي يسـتهدف حصـر الفئـات املشـكلة‬
‫له ــذا االض ــطراب باألس ــاس‪ ،‬لتبقى ك ــذلك‪ ،‬من املس ــائل ال ــتي لم يحس ــم حوله ــا االتف ــاق ض ــمن وع ــاء تفس ــيري مح ــدد له ــا‪،‬‬
‫أوجمل ــة س ــمات س ــيكولوجية ق ــارة تنف ــرد به ــا‪ ،‬غ ــير أن رجح ــان التوج ــه إلى الحاقه ــا بزملة اض ــطرابات الشخص ــية القائم ــة‬
‫بذاتها‪ ،‬شكل مدخال مقبوال لعديد تيارات التنظير‪ ،‬واملمارسة على حد السواء‪.‬‬

‫و باستعراضــنا ملحطــات زمنيــة من التنظــير ألعــراض الســيكوباتية نقــف على مــدى هشاشــة الحــدود الفاصــلة بينهــا‪،‬‬
‫وبين االختالالت القريبة‪ ،‬واملعروفة بلوحاتها السريرية التقليدية‪ ،‬فمنذ عهد ليس بقريب‪ ،‬وصف "بينل ‪ pinel‬الطبيب‬
‫الفرنسي الشهير ‪ -‬وواحـد من رواد مجـال االضـطرابات العقليـة ‪ ،-‬حالـة غـير مألوفـة‪ ،‬كمـا ال يمكن وضـعها تحت أي فئـة‬
‫تشخيص ــية من االض ــطرابات العقلي ــة املعروف ــة في ذل ــك ال ــوقت‪ .‬وق ــد اطل ــق عليه ــا " بين ــل" تس ــمية‪" :‬جن ــون دون تشــوش‬
‫‪ " madness with not confusion‬وتمث ــل ه ــذه الحال ــة مجموع ــة من املرضى أليظه ــر عليهم أي اض ــطراب في ق ــدراتهم‬
‫العقلي ــة‪ ،‬ولكن س ــلوكهم يص ــل في س ــوء توافق ــه إلى مأيص ــل الي ــه كث ــير من االشخاص املض ــطربين عقلي ــا‪ ،‬ه ــؤالء املرضى‬
‫(‪)1‬‬
‫ليسوا بالذهانيين‪ ،‬وال هم عصابيون حقا‪ ،‬كما انهم ليسوا من نوع مرضى االستجابات النفسجسمية على االطالق‪.‬‬

‫بينم ــا ط ــبيب األم ــراض العقلي ــة االنجل ــيزي" برتشــرد ‪ " J.G Pritchard‬كان أول من اعطى وص ــفا منظم ــا ملا أس ــماه‬
‫االضــطرابات الخلقيــة ‪ Moral Disord‬إذ وص ــف مبكــرا ج ــدا ‪ 1835‬سلســلة ح ــاالت اطل ــق عليه ــا اس ــم الجنــون الخلقي‪،‬‬
‫"بريتشارد ‪ "pritchard‬أيضا‪،‬‬ ‫والعته الخلقي‪ ،‬وتشبه إلى حد كبير ما نعرفه اآلن بالحالة السيكوباتية‪ )2(.‬وقد اشار‬
‫إلى وج ــود فئ ــة كب ــيرة من مش ــكالت الطب النفسي ال ــتي ال تنطب ــق عليه ــا التشخيص ــات املالوف ــة في الطب النفسي‪ ،‬واطل ــق‬
‫عليه ــا مص ــطلح " الجن ــون الخلقي ‪ moral insanity‬وهي ال ــتي ع ــرفت فيم ــا بع ــد باالنحط ــاط الس ــيكوباتي ‪psychopatic‬‬
‫‪ injeriority‬ووصــف هــذه الحالــة على أنهــا شــكل من أشــكال الخلــل الخلقي‪ ،‬تبــدو فيــه الوظــائف العقليــة دون ان يلحقهــا‬
‫الضــرر‪ ،‬بينمــا يبــدو االضــطراب اساســا في الناحيــة املزاجيــة أو الوجدانيــة أو في العــادات‪ ،‬وتنحــرف الحــاالت الــتي تعــاني‬
‫من هــذا االضــطراب أو تنحــط خلقيــا بفقــدان القــدرة على الســيطرة على الــذات والســيطرة على الســلوك‪ ،‬بمــا يتفــق مــع‬
‫التزام اللباقة واألدب دون أن يكون عاجزا عن الحديث أو استبدال أو التفكير في أي موضوع‪.‬‬

‫وفي عــام ‪ 1891‬قــدم " كــوخ ‪ "koch‬مصــطلح" االنحطــاط الســيكوباتي " و اســتخدمه لوصــف الفئــة الــتي أشــار اليهــا‬
‫"بريتشـ ــارد" باالضـ ــافة إلى أنـ ــواع أخـ ــرى من العصـ ــاب الهسـ ــتيري‪ ،‬و الوسواسي‪ .‬ومنـ ــذ ذلـ ــك الحين يسـ ــتخدم مصـ ــطلح‬
‫االنحطــاط الســيكوباتي أو مصــطلحات مماثلــة للداللــة على وجــود مشــكلة محــددة أواضــطرابات في الشخصــية ال ينطبــق‬
‫(‪)1‬‬
‫عليها أي تشخيص اكلينيكي من التشخيصات املعروفة‪.‬‬

‫"‬ ‫بعدها جـورجيت تقـدم أيضـا‪ ،‬السـمات السـريرية الرئيسـية لالختالالت النفسـية الـتي سيتم تنأولهـا من قبـل‬
‫دوبـ ــري" بعـ ــد اقـ ــل من قـ ــرن من الزمـ ــان‪ .‬وفي وقت الحـ ــق‪ ،‬سـ ــوف تقـ ــدم مادوسـ ــلي في لنـ ــدن فكـ ــرة العجـ ــز الخلقي بين‬
‫املج ــرمين املعت ــادين‪ ،‬وسيتم تن ــأول ه ــذا املفه ــوم م ــرة أخ ــرى في تصنيف " ق ــانون الصحة االنجليزي ــة" في بدأي ــة الق ــرن‬
‫املاضي‪.‬‬

‫وفي فرنس ــا نج ــد (أعم ــال كل من‪ :‬موري ــل ‪ ،1857‬دوب ــري ماني ــان في ع ــام ‪ 1884‬وع ــام ‪ )1912‬حيث ش ــهدت بداي ــة‬
‫التحــول عن ربــط دليــل الخلــل الســيكوباتي بنظريــة االنحطــاط‪ ،‬ليكون الــدور املمنــوح إلى البيئــة في هــذا املوضــوع مثــل‬
‫الوراث ــة حاس ــما‪ .‬فـ‪ :‬موري ــل يرب ــط االنتكاس‪ ،‬واالداء املع ــادي للمجتم ــع‪ ،‬ويص ــف " ال ــروح املعنوي ــة ال ــتي تتم ــيز ب ــالبالدة‪،‬‬
‫وفساد الكليات الفكرية مع مظاهر االفعال التي تسيئ إلى األخالق ‪ ...‬الكثير من االنواع توجد عادة في املدن الكبيرة‪".‬‬

‫في حين مانيــان و ‪ Legrian‬في عملهم عــام ‪ " 1895‬ينحرفــان عن االخــرين" ويصــران على تــاثير الوراثــة‪ ،‬لكن ينتقــدان‬
‫نظرية لومبروزو الذي اقترح بعد ذلك‪ ،‬تصنيف املجرمين وفقا لجرائمهم‪.‬‬

‫وفي اعمال " شنيدر" طالب " كرابلين" اقترب من السيكوباتية مع املنظور التوزيعي‪ ،‬شنيدر يكسر العالقة مع البعد‬
‫(‪)3‬‬
‫التشريحي للمدرسة الفرنسية من االنحطاط‪.‬‬

‫وظه ــر مص ــطلح الشخص ــية الس ــيكوباتية‪ ،‬وأص ــبح ش ــائعا تمام ــا كـ‪ :‬فئ ــة س ــيكاترية خالل النص ــف األول من الق ــرن‬
‫العش ــرين‪ ،‬وفي ع ــام ‪ 1930‬اس ــتعرض " ب ــارتردج ‪ partridge‬م ــا كتب عن الس ــيكوباتية‪ ،‬واب ــرز التع ــارض في االداء ح ــول‬
‫ه ــذه الفئ ــة‪ ،‬اذ وج ــد ان ه ــذه الفئ ــة تض ــم اف ــرادا يتنوع ــون تنوع ــا كب ــيرا‪ ،‬وي ــدخل فيه ــا في كث ــير من االحي ــان بعض من‬
‫يعانون من التخلف العقلي‪ ،‬وبعض من يعانون من العصاب‪ ،‬أو ذهان كامل‪.‬‬

‫و تح ــدث " الكس ــندر ‪ " alexander‬عن الشخص ــية ذات الخل ــق العص ــابي‪ ،‬وه ــو الوص ــف ال ــذي يس ــتخدمه املحلل ــون‬
‫النفســيون لالشــارة إلى الشخصــية الســيكوباتية‪ ،‬ويــرى الكســندر ان مصــطلح عصــابي يمكن ان ينطبــق بدقــة على الفــرد‬
‫الذي تظهر صعوباته في شكل نمط مطرد من السلوك االجتماعي‪ ،‬الذي ينحرف انحرافا بينا عن االنماط السوية‪ ،‬وقــد‬
‫وجهت انتقادات كثيرة لهذه الفئة‪ ،‬واصبح يطلق عليها " سلة املهمالت" حيث يوضع فيهـا كل الحـاالت الـتي ال تناسـب أي‬
‫فئــة من الفئــات العصــابية أوالذهانيــة التقليديــة‪ ،‬وبــالرغم من ذلــك ظــل مصــطلح الشخصــية الســيكوباتية جــزءا من لغــة‬
‫(‪)1‬‬
‫الطب النفس‪ ،‬وعلم النفس االكلينيكي‪ ،‬ومازالت تعتبر فئة تشخيصية لدى الجمعية االمريكية للطب النفسي‪.‬‬

‫في حين كانت مســأهمة التحليــل النفسي مبكــرة انطالقــا من عمــل فرويــد عنــدما ربــط الســلوك االجــرامي بالعمليــات‬
‫العقلي ـ ــة‪ ،‬م ـ ــع التش ـ ــديد على أهمي ـ ــة الش ـ ــعور بال ـ ــذنب‪ ،‬ثم تالحقت االعم ـ ــال ‪ :‬ري ـ ــك أو أيش ـ ــون ثم غل ـ ــوفر‪ ،‬ابراه ـ ــام و‬
‫الكس ــندر على مفه ــوم عص ــاب الشخص ــية‪ .‬ه ــذا املفه ــوم من علم االم ــراض تم ــيز بالط ــابع املس ــبق الض ــطراب الشخص ــية‬
‫و"برج ــوريت" في‬ ‫(املعادي ــة للمجتم ــع أو الحدودي ــة) مث ــل عم ــل " كوه ــوت" أو" كيرن ــبرغ" في الوألي ــات املتح ــدة‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫فرنسا‪.‬‬

‫وتأسيســا على مــا ســبق‪ ،‬فعنــد مباشــرة مهــام ســبر‪ ،‬وتمحيص الحــدود الفاصــلة مــابين التظــاهرات الــتي يمكن اعتبارهــا‬
‫حامل ــة للص ــدى البن ــائي العمي ــق لالس ــتجابة الض ــد اجتماعي ــة (بكل تش ــكيالتها املتنوع ــة) وبين تل ــك االس ــتجابة املوقفي ــة‬
‫العارضة‪ ،‬رغم توفرها على الحس التذمري في مواجهة اطر املجتمع االلزامية‪ ،‬ومعأييره الضبطية كذلك‪ .‬البد من إثارة‬
‫الجدلي ــة الباثولوجي ــة ‪ ،‬وه ــذا لع ــدة عوام ــل في مق ــدمتها تن ــوع الص ــالت بينه ــا‪ ،‬وبين الفئ ــات التشخيص ــية ال ــتي اس ــتقرت‬
‫تصنيفيا‪ ،‬وتحت ه ــذه الجزئي ــة يس ــتطرد بالش ــرح ‪ ...":Christian Laval‬على عكس الكيان ــات املرض ــية األخ ــرى‪ ،‬ال ــتي‬
‫تنتمي إلى عــالم من املعرفــة الــتي اســتقرت‪ ،‬فــان الســيكوباتية تنتمي إلى عــالم من املعرفــة املثــيرة للجــدل‪ ،‬لقــد جــرت‬
‫مناقش ــة دائم ــة ملدة ق ــرن للتشخيص والوقأي ــة والعالج على ح ــد الس ــواء ‪ ...‬لكن م ــا يم ــيز ه ــذا الكي ــان من املعرف ــة؟‬
‫وبشــكل متكــرر يكافح املجتمــع العلمي لبنــاء عــالم مشــترك موضــوعي حــول هــذا املوضــوع‪ ،‬والــتي يمكن ان يتقاســمها‬
‫اعضــاء املجتمــع كحــد اقصى‪ ،‬ويمكن تيســير الخيــارات العامــة"‪ )4(.‬وعليــه عليــه تــأتي محــاور مــداخلتنا إلســتعراض أهم‬
‫النقاط التي سأهمت في استعصاء الحسم التشخيصي والتصنيفي للتظاهرات والسلوكات الحاملة للصدى الضدى اجتماعي‪.‬‬

‫‪ .4‬علم النفس املرضي بين مميزات التصنيف التقليدية وطبيعة السلوكات االجتماعية‪:‬‬

‫من املتعــارف عليــه بــأن للتصنيف بعلم النفس املرضي عــدة وظــائف منهــا الســعي نحــو اختصــار وتبســيط األوصــاف‬
‫السـ ــلوكية‪.‬وذلـ ــك خدمـ ــة لتوحيـ ــد الجهـ ــود التواصـ ــلية للمختصـ ــين‪ ،‬ومـ ــع كل هـ ــذا يبـ ــدو انـ ــه من العسـ ــير على التلخيص‬
‫واالجمــال لــدى تصـدي املنظــرين في مجـال الباثولوجيـا السـلوك االجتمــاعي بكل تشـعباته وارتباطاتــه لكونــه يمتحن قــدرة‬
‫التحليل واعادة التجميع لجملة املحرضات والتظاهرات النسقية املنطوية على قدر معتبر من شبكة العالقات التفاعلية‬
‫للفرد املسـتهدف‪ ،‬وعليـه سـنحأول اسـتعراض بعض املحـددات الضـابطة لطبيعـة الـنزوع االجتمـاعي في حالـة السـواء قبـل‬
‫التطرق إلى اختالالتها‪ ،‬واخراجها بصورة اعمال حملت صبغة معاداة املجتمع ( السيكوباتية)‪.‬‬

‫‪ 1.5‬تحليل السلوكات االجتماعية بين القصدية والعقالنية‪:‬‬

‫أراد مـ ــاكس فيـ ــبر أن يطبـ ــق على تحليالتـ ــه تصنيفا عامـ ــا للنشـ ــاطات االنسـ ــانية فقـ ــدمها تحت أربعـ ــة أشـ ــكال من‬
‫التص ــرفات وهي‪ :‬التص ــرف العقالني بن ــاء على الغاي ــة أو القص ــد املح ــدد‪ ،‬التص ــرف العقالني بن ــاء على القيم ــة‪ ،‬التص ــرف‬
‫(‪)5‬‬
‫العاطفي‪ ،‬التصرف التقليدي‪.‬‬

‫‪ 2.5‬أنواع االستجابة االجتماعية ومحدداتها النشوئية‪:‬‬

‫ضــمن هــذا املنحى البحــثي صــمم بيــك هافيجورســت مقابلــة بعــد مقابلــة ‪ 790‬طفال من منــاطق مختلفــة في انجلــترا‪،‬‬
‫تكشف عن مستوى التفاعل واالمتثال الخلقي‪ ،‬ولقد قاد هذا إلى وصف ‪ 15‬نمطا مختلفا من االجابة‪:‬‬

‫غ ــير اخالقي‪ :‬االس ــتجابات الديكتاتوري ــة‪ ،‬اس ــتجابات االمتث ــال‪ ،‬االس ــتجابات القانوني ــة‪ ،‬االتص ــاالت الجماهيري ــة أو‬
‫الجمعيــة‪ ،‬االســتجابات العاطفيــة‪ ،‬التعميمــات النظريــة‪ ،‬االســتجابات النفعيــة‪ ،‬االســتجابات املالئمــة أو املصــلحة الذاتيــة‪،‬‬
‫(‪)6‬‬
‫تجنب الذنب‪ ،‬املنفعة االجتماعية‪ ،‬الكف الغير عقلي‪ ،‬الذات املثالية‪ ،‬استجابات ذاتية‪ ،‬االستجابات الدينية‪.‬‬

‫‪ 3.5‬نتائج السلوكات االجتماعية من خالل تقييم األداء االجتماعي‪:‬‬

‫تع ــد الق ــدرة على التفاع ــل م ــع اآلخ ــرين بطريق ــة ناجح ــة‪ ،‬وتتس ــم بالكف ــاءة من األم ــور ذات األهمي ــة الكب ــيرة في كل‬
‫مراحل حياتنا‪ ،‬وقد يكون للفشل في ذلك اثار بعيدة املدى‪ .‬ولتقييم االداء االجتماعي نرتكز على اربعة مستويات‪:‬‬

‫ا‪.‬النت ــائج االجتماعي ــة البعي ــدة املدى‪ :‬من املف ــترض ان الكث ــير من النت ــائج االجتماعي ــة البعي ــدة املدى تنتج عن الطريق ــة‬
‫ال ــتي يس ــلك به ــا الشخص في املوق ــف االجتم ــاعي‪ ،‬وترتب ــط النت ــائج البعي ــدة بكف ــاءة االداء في املج ــاالت املختلف ــة مث ــل‪:‬‬
‫االسـ ــرة والـ ــزواج‪ ،‬والعمـ ــل والصـ ــداقة‪ ،‬ومجـ ــاالت الترفيـ ــه‪ ،‬ويمكن تقـ ــييم االداء في هـ ــذا املسـ ــتوى بتعبـ ــيرات الكم‬
‫والكيف للنتائج املختلفة (مثال ذلك الرضا بالعالقة الزوجية أوالعمل)‪.‬‬
‫ويتحـ ــدد الرضـ ــا بواسـ ــطة الشخص نفسـ ــه أو االخـ ــرين ويمكن قيـ ــاس التوافـ ــق االجتمـ ــاعي في هـ ــذا املسـ ــتوى بتعبـ ــيرات‬
‫املترتب ــات النفس ــية‪ ،‬ال ــتي تع ــود على الف ــرد‪ ،‬ول ــذلك ف ــان ص ــعوبات نفس ــية مث ــل القل ــق أواالكتئ ــاب يمكن أيض ــا اعتباره ــا‬
‫مترتبات بعيدة املدى لسلوك الفرد االجتماعي‪.‬‬

‫ب‪ .‬النت ــائج االجتماعي ــة على املدى القص ــير‪ :‬تتعل ــق النت ــائج ال ــتي تح ــدث على املدى الق ــريب بالت ــأثير الف ــوري لس ــلوك‬
‫الشخص في تفاع ــل اجتم ــاعي على الشخص نفس ــه‪ ،‬وعلى بقي ــة الن ــاس ال ــذين يش ــاهدونه وال ــذين يت ــأثرون بالتفاع ــل‪،‬‬
‫ويمكن النظ ــر إلى ه ــذه النت ــائج بتعب ــيرات االحكام الذاتي ــة أو من حيث مترتب ــات املوض ــوعية‪ ،‬مث ــل وج ــود أو غي ــاب‬
‫اح ــداث معين ــة‪ ،‬وتتض ــمن امثل ــة االحكام الذاتي ــة تق ــديرات للتوكيدي ــة‪ ،‬وقي ــاس للنجاح ــات‪ ،‬أوم ــدى مالئم ــة س ــلوك‬
‫الشخص خالل التفاعل‪( .‬ص ‪.)270‬‬
‫ج‪ .‬السـلوك االجتمــاعي الصـريح‪ :‬يعـنى املرء في هـذا املسـتوى من التقـييم بمـا يقولـه الشخص ويفعلـه في الواقـع‪ ،‬خالل‬
‫مواقــف اجتماعيـة معينـة‪ ،‬ومـا ان يتم تحديــد نمــط من هــذه املواقــف الــتي تظهــر فيهــا النتـائج السـلبية القصـيرة حــتى‬
‫تصبح من املهم ان يقوم املقيم بتحديد اساليب السلوك الدقيقة التي ينخرط فيها خالل التفاعالت‪.‬‬
‫د‪ .‬املهارات والعمليات االجتماعيـة املعرفيـة‪ :‬يتـأثر السـلوك االجتمـاعي الصـريح بشـدة بعمليـات التفكـير وتحتـاج هـذه‬
‫االخ ــيرة الن توض ــع في االعتب ــار عن ــد تق ــييم االداء االجتم ــاعي‪ ،‬وهن ــاك جانب ــان منفص ــالن له ــذا املس ــتوى في التق ــييم‪:‬‬
‫جــانب منهمــا يعــنى بقــدرة الشخص على اداء مجموعــة من املهــارات االجتماعيــة املعرفيــة ذات األهميــة في تحديــد مــا‬
‫يقـال ومـا يتم عملــه‪ ،‬ويتعلــق الجــانب االخـر بتـأثير االفكار واالتجاهــات واملعتقـدات في تقريــر كيـف تسـلك‪ ،‬ويتفاعــل‬
‫(‪)7‬‬
‫هذا الجانب في النهأية‪ ،‬لكننا الغراض عملية سنعتبرهما منفصلين‪.‬‬
‫‪ .5‬صعوبات الضبط املفاهيمي للسيكوباتية (اشكالية املصطلح)‪:‬‬

‫ظلت السيكوباتية من الكيانات املرضية املستعصية على الحسم التفسيري‪ ،‬أوحتى الرصد التكميمي‪ ،‬وهو ما أسس‬
‫لتنـ ــوع في املداخل التنظيري ـ ــة ال ـ ــتي تسـ ــتهدف الوص ـ ــول إلى بنيـ ــان توض ـ ــيحي مالئم لطريقـ ــة نشـ ــوء‪ ،‬وكيفيـ ــة بحث جمل ـ ــة‬
‫االســتجابات التابعــة لحــاملي ســمات هاتــه الشخصــية املثــيرة للجــدل فكلمــة الســيكوباتي حســب ميلــوي ‪ ":Meloy‬غالبــا مــا‬
‫تســتخدم بشــكل خــاطئ‪ ،‬انهــا تلهمنــا من خالل الفيلم الخيــالي صــورة القاتــل املتعطش للــدماء‪ ،‬لكن نــادرا مــا نعتــبرهم‬
‫بالفع ــل قتل ــة‪ ،‬ويتناس ــبون م ــع ص ــورة الس ــيكوباتية‪ ،‬لالن ه ــذا االض ــطراب الس ــلوكي أليع ــني بالض ــرورة اس ــتخدام‬
‫العنف الجسـدي في الواقـع"‪ .‬ـ هـذا بـالرغم من االصـالة الـتي يتمتـع بهـا هـذا الكيـان التشخيصي‪ ،‬فهـو موجـود منـذ ‪1930‬‬
‫مــع امليــل الستبداله اليــوم في مجــال الطب النفسي بعبــارة " تنظيم الشخصــية ضــمن املدى الســيكوباتي" (وهــذا للداللــة‬
‫على طي ــف متع ــدد‪ ،‬وممت ــد لالس ــتجابة الض ــد اجتماعي ــة)‪ )8(.‬ومن ه ــذه املح ــأوالت‪ ،‬أوالنم ــاذج البحثي ــة الش ــارحة لطبيع ــة‬
‫االستجابة الضد اجتماعية نذكر‪:‬‬

‫كمنطلــق‪ ،‬عــرف قــاموس الطب العقلي لـ" لهينسي وكامبــل" الشخصــية الســيكوباتية‪ ... ":‬انهــا كلمــة اســتخدمت لتشــير إلى‬
‫االف ــراد ال ــذين هم مرضى اساس ــا فيم ــا يتص ــل ب ــاملجتمع‪ ،‬وفي التواف ــق م ــع مع ــأييره‪ ،‬ومتطلبات ــه الجماعي ــة‪ ،‬والثقافي ــة‪،‬‬
‫والخلقية‪ .".‬وتشمل هذه املجموعة املرضية‪:‬‬
‫‪ -‬االســتجابة املضــادة للمجتمــع ‪ Anti Social‬وتــرادف تقريبــا املصــطلحين االقــدم‪ :‬الســيكوباتية بــالتكوين‪ ،‬والشخصــية‬
‫السيكوباتية‪.‬‬
‫‪ -‬االس ــتجابة غ ــير االجتماعي ــة ‪ :Dyssocial‬ع ــدم االهتم ــام بالق ــانون االجتم ــاعي‪ ،‬والتص ــارع مع ــه نتيج ــة كون املرء ق ــد‬
‫قضى حياته في بيئة اخالقية منحرفة‪.‬‬
‫‪ -‬االنحراف الجنسي‪ :‬كالجنسية املثلية‪ ،‬والتلبس بالجنس االخر‪ ،‬والسادية‪ ،‬وعشق االطفال‪ ،‬والفيتشية‪...‬الخ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ -‬االدمان‪ :‬بنوعيه الكحول‪ ،‬وتعاطي املخدرات‪.‬‬
‫‪ -‬كم ــا لخص ال ــدليل التشخيصي واالحص ــائي لالض ــطرابات العقلي ــة الخ ــامس (‪ )DSM5. 2013‬الص ــادر عن الجمعي ــة‬
‫االمريكيــة للطب النفسي الشخصــية الســيكوباتية في انهــا‪ " :‬نمــوذج مضــطرب للشخصــية تغتصــب حقــوق االخــرين‪،‬‬
‫وال تضع اعتبارا لها‪ ،‬وتبدا منـذ فـترة الطفولـة أو املراهقـة‪ ،‬وتسـتمر حـتى فـترة النضج‪ ،‬وهـذا النمـوذج أيضـا يعـرف‬
‫بالس ـ ـ ـ ــيكوباتية ‪ Psychopathy‬و االعتالل االجتم ـ ـ ـ ــاعي ‪ Sociopathy‬واض ـ ـ ـ ــطراب الشخص ـ ـ ـ ــية املض ـ ـ ـ ــادة للمجتم ـ ـ ـ ــع‬
‫‪ Dyssocial Personality Disorder‬وذل ــك الن الخ ــداع‪ ،‬والتالعب يمث ــل الص ــفة االساس ــية الض ــطراب الشخص ــية‬
‫(‪)9‬‬
‫الضد اجتماعية‪.‬‬

‫وبش ــكل احت ــوائي لخص تعري ــف رابط ــة اطب ــاء النفس االمريك ــيين مفه ــوم الشخص ــية الس ــيكوباتية‪ ،‬باستناده على‬
‫األعـ ــراض الفارقـ ــة‪ ،‬واملمـ ــيزة لحاملهـ ــا بـ‪ " :‬هي تلـ ــك الشخصـ ــية الـ ــتي يقـ ــع صـ ــاحبها في متـ ــاعب اجتماعيـ ــة متكـ ــررة وال‬
‫يســتفيد من الخــبرة أو أيقــاع العقــاب‪ ،‬وال يــدين بــالوالء ألي شخص‪ ،‬أومجموعــة‪ ،‬أوقيمــة اجتماعيــة بــل يبــدو عليــه‬
‫ع ــدم النضج االنفع ــالي م ــع فق ــدان الش ــعور باملس ــؤولية وض ــعف املحاكم ــة الس ــليمة م ــع وج ــود الق ــدرة على ت ــبرير‬
‫(‪)10‬‬
‫تصرفاته غير السليمة"‪.‬‬

‫تاريخي ــا‪ ،‬ق ــدم كليكلي ‪ 1976‬تعري ــف وص ــفي باالستناد على محت ــوى الس ــيكوباتية‪ ..." :‬الس ــيكوباتية هي مجموع ــة من‬
‫السمات الشخصية التي عادة ماتشمل‪ :‬االنانية‪ ،‬االنـدفاع‪ ،‬واالعمـال املعاديـة للمجتمـع‪ ،‬وعـدم املسـؤولية‪ ،‬وعـدم النـدم‪،‬‬
‫(‪)11‬‬
‫وعدم التعاطف‪ ،‬وسلوك التالعب‪ ،‬والسلوكيات الســطحية تجــاه االخــرين‪ ،‬فضــال عن السجل العــاطفي غــير املطــور"‪.‬‬
‫لكـ ــوت ‪ cott2000‬بأنهـ ــا ‪ " :‬كيـ ــان سـ ــريري متمـ ــيزة بـ ــاالداء‬ ‫وبغـ ــرض تفريقهـ ــا عن امليـ ــل املضـ ــاد للمجتمـ ــع‪ ،‬عرفهـ ــا‬
‫(‪)12‬‬
‫املعادي للمجتمع‪ ،‬وكذا سمات شخصية تمثل الكيان الذي يحدد جوهر املوضوع املعادي للمجتمع"‪.‬‬

‫بينم ــا من وجه ــة نظ ــر نش ــوئية‪ ،‬اعت ــبر كروج ــر ‪ Kroger 1975‬الشخص ــية الس ــيكوباتية‪ ،‬بانه ــا‪ " :‬الشخص ــية املعتل ــة‬
‫نفسيا‪ ،‬وتتسم بعدم النضج االنفعالي‪ ،‬لنشاتها في بيوت باردة انفعاليا‪ ،‬ولضعف بناء الشخصية بسبب التدليل"‪.‬‬

‫والالفت‪ ،‬توجه بلير ‪ 2001Blaire‬القامته عالقة ما بين السيكوباتية‪ ،‬واضطراب التواصل من حيث التطور‪ ،‬فعرف‬
‫السيكوباتية على انها‪ ":‬اضطراب في الشخصية‪ ،‬يتميز بمقدرة محـدودة على تـانيب الضـمير وضـعف التحكم في السـلوك‪،‬‬
‫فتصنيف الســيكوباتية ال ترتبــط بتشخيص اضــطرابات التواصــل كــذلك‪ ،‬تشخيصــها يعتمــد اساســا على ظهــور الســلوك‬
‫املض ـ ــاد للمجتم ـ ــع‪ ،‬ورغم ص ـ ــعوبة تشخيص ـ ــها نج ـ ــد انه ـ ــا تشخص كاض ـ ــطراب تواص ـ ــل بنس ـ ــبة تبل ـ ــغ ح ـ ــوالي ‪ %16‬عن ـ ــد‬
‫املراهقين‪ ،‬وكاضطراب شخصية ضد املجتمع عند البالغين ‪."%80‬‬
‫واتخـذ كـيرت شنيدر ‪ k. schneider‬من املعيـار االجتمـاعي (الشـذوذ عن املتعـارف عليـه اجتماعيـا) جنبـا إلى جنب مـع‬
‫املعيار الشخصي ( الضيق الشخصي) لتحديد تعريفـه الخـاص لهاتـه الشخصـية‪ ،‬حيث عرفهـا بانهـا‪ ..." :‬تلـك الشخصـيات‬
‫(‪)13‬‬
‫الغير سوية التي يعاني أصحابها‪ ،‬واملجتمع من عدم سوائها"‪.‬‬

‫أما عند التعرض ملصـطلح السـيكوباتي ذواأليتولوجيـة الالتينيـة‪ ،‬نجـد انـه يتكون من مقطعين ممـيزين همـا‪psycho :‬‬
‫ومعناها نفس‪ .‬وكلمة ‪ path‬ومعناها شخص مصاب بداء معين‪ .‬ويشير املصطلح إلى انحراف الفرد عن السلوك السوي‬
‫واالنح ــراف في الس ــلوك املض ــاد للمجتم ــع‪ ،‬والخ ــارج عن قيم ــه ومع ــاييره‪ ،‬ومثل ــه العلي ــا‪ ،‬وقواع ــده‪ ،‬ويع ــرف أيض ــا بان ــه‬
‫(‪)10‬‬
‫املريض النفسي‪ ،‬أوالعليل‪ ،‬أواعتالل نفسي‪ ،‬أو اضطراب عقلي يتسم بالنشاط املعادي للمجتمع‪.‬‬

‫‪ .6‬تطور التناول املفاهيمي للسيكوباتية ضمن تاريخية علم النفس املرضي‪:‬‬

‫وأمــام هــذا التنــوع في محــاوالت التعريــف‪ ،‬والرصــد التنظــيري للمصــطلح‪ ،‬يبــدو أن تعريــف الســيكوباتية كان مشــكلة‬
‫كبـيرة‪ ،‬حيث اســتغرق املؤلفـون مـايقرب عن ‪ 200‬ســنة لتقييـد الظــواهر العياديــة‪ ،‬ويبـدوا أيضـا أن الخالفــات الرئيسـية‬
‫املحيط ــة به ــذا التعري ــف تنجم أساس ــا من ع ــدم دق ــة املنهجي ــة املس ــتخدمة‪ ،‬تن ــوع املص ــطلحات املس ــتخدمة‪ ،‬تع ــدد أش ــكال‬
‫األع ــراض وتطوره ــا‪ ،‬وك ــذلك ت ــدخل ذاتي ــة بعض املنظ ــرين أو االطب ــاء‪ .‬غ ــير ان االجته ــادات‪ ،‬واالعم ــال الرائ ــدة لبعض‬
‫الب ــاحثين‪ ،‬والعلم ــاء كانت املحف ــز للعم ــل االكلينكي‪ ،‬بنط ــاق واس ــع ض ــمن ه ــذا الكي ــان التشخيصي املم ــيز‪ ،‬ومن بين ه ــذه‬
‫االعمال نذكر‪:‬‬

‫بداية‪ ،‬وضمن استعراضه ألدبيات العمل النظري‪ ،‬الذي تناول املصطلح‪ ،‬أحصى كاسون ‪ Cason‬في عام ‪ 1943‬أكـثر‬
‫من مئ ـ ــتي من املص ـ ــطلحات ال ـ ــتي تس ـ ــتخدم كم ـ ــرادف للس ـ ــيكوباتية‪ ،‬وال ـ ــتي ل ـ ــديها اك ـ ــثر من ‪ 50‬ملمح ـ ــا س ـ ــريريا‪ 30 ،‬من‬
‫السلوكيات ملختلف املرضى‪.‬‬

‫بينم ـ ــا التـ ــاريخ الفعلي ملصـ ــطلح الشخصـ ــية السـ ــيكوباتية‪ ،‬كفئ ـ ــة س ـ ــيكاترية كان خالل النصـ ــف األول من القـ ــرن‬
‫العش ــرين‪ ،‬ففي ع ــام ‪ 1930‬اس ــتعرض " بــارتردج ‪ partridge‬م ــا كتب عن الس ــيكوباتية‪ ،‬واب ــرز التع ــارض في االداء ح ــول‬
‫ه ــذه الفئ ــة‪ ،‬اذ وج ــد ان ه ــذه الفئ ــة تض ــم اف ــرادا يتنوع ــون تنوع ــا كب ــيرا‪ ،‬وي ــدخل فيه ــا في كث ــير من االحي ــان بعض من‬
‫(‪)1‬‬
‫يعانون من التخلف العقلي‪ ،‬وبعض من يعانون من العصاب أوذهان كامل‪.‬‬

‫ومن خالل مادوسلي ‪ Maudsley 1896‬واعماله الغير مسبوقة‪ ،‬حصل مصطلح السيكوباتية على مصداقية متزأيدة‪،‬‬
‫حيث يصف هذا املؤلف االفـراد املصـابين بالسـيكوباتية باالنانيـة‪ ،‬وعـدم الرحمـة‪ ،‬والعبث‪ ،‬واالفتقـار إلى املعـنى األخالق‬
‫ي‪ ،‬ويحكمهم دوافع غير اخالقية‪ ،‬كما انه يعتقد عن التوازن بالحالة العاطفيـة‪ ،‬يمكن ان يكون غـير متـوازن جـدا نظـرا‬
‫الن املرض يفقده القـدرة على تقـييم القضـأيا األخالق يـة‪ ،‬والتصـرف بطريقـة مقبولـة اجتماعيـا‪ ،‬على الـرغم من سـالمة‬
‫كلياتها‪.‬‬

‫وفي هــذا التوجــه من املناقشــات‪ ،‬قــام مــأير ‪Mayer‬ســنة ‪ 1912‬باستبعاد الحــاالت العصبية من الســيكوباتية‪ ،‬في حين‬
‫اقــر ميرسييه ‪ Mercier 1913‬بــان الســيكوباتية ســوف يعــاد النظــر فيهــا‪ .‬وبالنســبة لبيرنبــأونم ‪ Birnbaunm1914‬فقــد‬
‫ميز بينها وبين السلوك االجرامي‪.‬‬
‫وفي عام ‪ 1918‬قدم برنارد غلويك ‪ Bernard Glueck‬أول دراسة وبائية مشهورة لحد االن‪ ،‬يميز السيكوباتيين وفقا‬
‫للظه ــور في وقت مبكــر للســلوك االجتم ــاعي‪ ،‬مــع املقأومــة العاليــة للعالج‪ ،‬فضــال عن ارتفــاع مع ــدل االنتكاس‪ ،‬تم البحث‬
‫ضـ ــمن ‪ 608‬سجينا في سجن ‪ Sing Sing‬حيث كان ‪ %18.9‬منهم من السـ ــيكوباتيين‪ ،‬ومـ ــع ذلـ ــك يكتب غلـ ــوي كانت هـ ــذه‬
‫املتالزمة اكثر صعوبة في التحديد‪ ،‬واكثر اثارة للقلق في تصنيفها‪.‬‬

‫وب ــالتزامن م ــع والدة علم الجريم ــة‪ ،‬ق ــدم "بيني ــل" الوص ــف الس ــريري املعاص ــر‪ ،‬في ب ــدأيات اطروحت ــه ‪ 1801‬تحت‬
‫عن ــوان "آف ــات التف ــأهم" م ــع " ه ــوس دون اله ــذيان" حيث يتم ــيز بـ ‪ ...‬نوب ــات دوري ــة من اعم ــال العن ــف دون أي أوه ــام‬
‫خيالية‪ ".‬ثم طرح ‪ Esquirol‬طالب "بينيل" مفهوم املس اآلحادي في اطروحته ‪ ،1838‬وبعض أشكال هذا املس اآلحادي‬
‫يبدو قريبا من السيكوباتية‪.‬‬

‫بينم ــا ك ــرابلين ‪ 1933‬ي ــدعو بطريق ــة حديث ــة إلى ع ــدم الخل ــط بين املرض النفسي واالض ــطراب‪ ،‬ولكن في الطبع ــة‬
‫الس ــابقة من اطروحت ــه يتح ــرك بعي ــدا عن الس ــيكوباتية باسـ ــم " جنـ ــون االنحطـ ــاط" ويص ــف واحـ ــدة من الشخص ــيات‬
‫النفســية االربعــة الــتي تتســم بعــدم وجــود األخالق ‪ ،‬والشــعور باملســؤولية‪ ،‬حيث يقــول‪ ... ":‬من املؤكــد انــه ســيكون من‬
‫الضروري فصل هذا االعتالل النفسي عن الذهان الفصامي‪ ،‬من خالل انشاء عيادة معاصرة خاصة به"‪.‬‬

‫بعد كل هذا‪ ،‬بقي مفهوم السيكوباتية يتأرجح بين الخلل‪ ،‬واالعتالل االجتماعي‪ ،‬حيث يستخدم " بيرنبوم" مصطلح‬
‫" اعتالل االجتم ـ ــاع" في وص ـ ــفه للنقص في الس ـ ــلوك االجتم ـ ــاعي له ـ ــذا االض ـ ــطراب‪ ،‬بينم ـ ــا يص ـ ــر " س ـ ــيفرت" على ع ـ ــدم‬
‫االسـ ــتقرار السـ ــلوكي‪ ،‬و" دملاس" في اعمالـ ــه ‪ 1932‬يتحـ ــدث عن " االختالالت الضـ ــارة" ويصـ ــر على " البعـ ــد املعـ ــاكس"‬
‫(‪)3‬‬
‫لعديد مقاطع الفعل لديهم‪.‬‬

‫‪ .7‬تعدد أشكال ومستويات تصنيف السلوك املضاد للمجتمع‪:‬‬

‫‪ 1.8‬تصنيف السيكوباتية بناءا على املعيار االحصائي عند ‪( K.Shneider‬الشذوذ عن املتوسط)‪:‬‬

‫يع ــود الفض ــل إلى شنيدر لجه ــوده الب ــاكرة في محأول ــة تصنيف الشخص ــيات الس ــيكوباتية‪ ،‬استنادا على درج ــة انح ــراف‬
‫الس ــلوك املض ــاد عن قيم واع ــراف املجتم ــع االص ــلي‪ ،‬وع ــرف الشخص الس ــيكوباتي كم ــا يلي‪ " :‬يت ــالم بسبب طبع ــه غ ــير‬
‫العادي‪ ،‬ويتالم بسببه املجتمع" وقد اقترح نموذجه باالعتماد على املالحظة االكلينكية‪.‬‬

‫لم يعتــبر ‪ Shneider‬الشخصــيات الســيكوباتية‪ ،‬شخصــيات مريضــة بــاملعنى الصــارم والجــازم‪ ،‬النهــا ال تــترافق بالتشــوهات‬
‫الجســمية‪ ،‬أوالتــدهور العقلي‪ ،‬وقــد اعتبرهــا تنوعــا للشخصــيات العاديــة‪ ،‬ومن املالحــظ ان الــدليل االحصــائي لالمــراض‬
‫)‬
‫العقلية والنفسية تاثر كثيرا بتصنيف ‪K.Shneider.(14‬‬

‫‪ 2.8‬تصنيف السيكوباتية بناءا على معيار درجة خطورة اعراضها‪:‬‬

‫فضل العديد من الباحثين‪ ،‬على غرار الطويل ( ‪ )2001‬تصنيف السيكوباتية‪ ،‬بالنظر إلى درجة خطورة أعراضها لـ‪:‬‬

‫ا‪ .‬أعـراض بسـيطة‪ :‬يسـلك الفـرد سـلوكا غريبـا شـاذا‪ ،‬يعتنـق الفـرد مـذاهب اجتماعيـة و اقتصـادية سخيفة‪ ،‬يفشـل في‬
‫عقد صالت اجتماعية‪ ،‬يخفق كثيرا في عالقاته مع األصدقاء‪ ،‬فشل متكرر في الزواج واملهنة‪.‬‬
‫ب‪ .‬األعــراض الخطــيرة‪ :‬االختالس وال ــتزوير والنص ــب واالحتي ــال‪ ،‬إدم ــان املخــدرات والخم ــور‪ ،‬االعت ــداءات الجنس ــية‪،‬‬
‫(‪)9‬‬
‫والقتل‪ ،‬احتراف البغاء‪.‬‬

‫‪ 3.8‬تصنيف السيكوباتية بناءا على معيار النظر إلى نشوئية (التكوينية) أعراضها‪:‬‬

‫يوج ــد من الب ــاحثين من اخت ــار تصنيفا يعتم ــد على االخ ــذ بعين االعتب ــار منش ــأ اع ــراض االنحراف ــات الس ــيكوباتية‪،‬‬
‫ومص ــدرها الـ ــدينامي االساسي‪ ،‬وحـ ــول ذلـ ــك يطـ ــرح الس ــعيد دردرة هـ ــذا التصنيف في معـ ــرض حديث ــه‪ ..." :‬فـ ــرق بعض‬
‫الب ــاحثين بين ن ــوعين من الس ــيكوباتية األول‪ ،‬وه ــو الس ــيكوباتية االساس ــية (التكويني ــة) وال ــتي تمث ــل مرض ــا اخالقي ــا في‬
‫معاداة الشخص للمجتمع نتيجة لعدم قابليته التكوينيـة لتعـديل الضـمير‪ ،‬امـا االخـر فهـو السـيكوباتية الثانويـة‪ ،‬وتتمثـل‬
‫(‪)15‬‬
‫في السلوك املضاد للمجتمع‪ ،‬والذي ينتج بسبب الصراع النفسي الداخلي لدى الشخص السيكوباتي‪."..‬‬

‫‪ .8‬تعددية األوصاف االكلينكية للشخصية السيكوباتية‪:‬‬

‫من حيث املنطلق‪ ،‬نجـد انـه من غـير اليسـير ان نعطي وصـفا محـددا‪ ،‬وجامعـا للشخصـيات السـيكوباتية‪ ،‬النـه يـدخل‬
‫في هذه املجموعة كل هؤالء الناس الذين يظهر في سلوكهم نوع من الغرابة لدرجة تعيق املهام الحياتيــة املتعــارف عليهــا‪،‬‬
‫وأيضــا امكانيــة ارتقــاء الســلم االجتمــاعي النــاجح‪ ،‬ولكنهم يكونــون فيمــا عــدا ذلــك عــاديين من جهــة اجســامهم‪ ،‬ووانمــاط‬
‫ادراكهم للواقع ضمن حدود املتوسط‪ .‬وعليه نجد من املحأوالت الالفتة لبيان انواع هاته الشخصـيات الحاملـة للصـدى‬
‫الضد اجتماعي‪ ،‬مأيلي‪:‬‬

‫ا‪ .‬فحسب الغول ‪ : 2003‬يمكن تقسيم الشخصيات السيكوباتية إلى األنواع التحتية التالية‪:‬‬
‫‪ -‬الســيكوباتية العدوانيــة‪ :‬هي شخصــية ســهلة االستثارة‪ ،‬وقــد تاخــذ االســتجابة احــد أشــكال التــذمر والتــدمير نتيجــة‬
‫االحباط‪.‬‬
‫‪ -‬السـ ــيكوباتية املبدع ـ ــة‪ :‬تتصـ ــف باالض ـ ــافة إلى س ـ ــيماتها السـ ــيكوباتية‪ ،‬بع ـ ــدم الرض ـ ــا ال ـ ــدائم عم ـ ــا يفع ـ ــل‪ ،‬والرغبـ ــة‬
‫املستمرة في االعتماد على نفسه‪.‬‬
‫‪ -‬السـيكوباتي االخـرق‪ :‬هي شخصـية تتمـيز بالفشـل والعجـز الـدائم املزمن‪ ،‬يمتـاز بحيـاة مليئـة باملشـاكل‪ ،‬وال يسـتطيع‬
‫(‪)9‬‬
‫حلها‪.‬‬
‫ب‪ .‬في حين نوه دافيد كالرك إلى نوعين مميزين للسيكوباتية‪:‬‬
‫‪ -‬الن ــوع الع ــدواني‪ :‬وهي املجموع ــة ال ــتي تتض ــمن املتهيجين في عن ــف‪ ،‬وكث ــيري الشجار‪ ،‬والس ــكيرين غ ــير املس ــتقرين‪،‬‬
‫اصحاب امليول السـادية‪ ،‬واغلب معتـادي االجـرام الـذين يكون لهم سجالت حافلـة في االجـرام‪ ،‬ويحـترفون االجـرام‬
‫نظير اجور يتقاضونها من الناس‪.‬‬
‫‪ -‬الن ــوع الناش ــز غ ــير املتواف ــق‪ :‬وه ــو يض ــم ال ــذين يرتكب ــون انواع ــا من الجن ــاح الص ــغير‪ ،‬والخون ــة‪ ،‬والناش ــزين على‬
‫املجتمـع الـذين تكون عيـوبهم مشـكلة كـبرى للمجتمـع والسـرهم‪ ،‬وكـذلك املتـواكلين الـذين يعيشـون بـالقوة عالـة على‬
‫امهاتهم أو ابائهم وا اقاربهم‪.‬‬
‫ج‪ .‬بينما يفضل "مورجان" ماقال به " بولز" و" الندز" حيث يقسم االنحراف السيكوباتي إلى االنواع التالية‪:‬‬
‫النــوع الناشــز أو الخــارج‪ ،‬املتجولــون املتعصــبون‪ ،‬املتعبــون املقلقــون‪ ،‬املجرمــون عــديمو الشــعور‪ ،‬الســيكوباتيون‬ ‫‪-‬‬
‫(‪)16‬‬
‫االنفجاريون‪ ،‬السيكوباتيون املكتئبون‪ ،‬أصحاب النقص الخلقي‪ ،‬املرضى بالكذب‪.‬‬
‫‪ .9‬النماذج املفسرة للسيكوباتية‪:‬‬

‫‪ 1.10‬النموذج النيورولوجي للسيكوباتية‪:‬‬

‫لقد احدثت مؤخرا تقنيات التصـوير الطـبي‪ ،‬حسـما للتشـكيك في امكانيـة ان بعض الهياكل التشـريحية للـدماغ يمكن‬
‫ان تترافق مع تطور السيكوباتية‪ ،‬وهذا على الرغم من قلتها في هذا الصدد‪ ،‬لكن أليزال ممكنـا جعــل قائمــة من املمــيزات‬
‫العصبية للسيكوباتيين‪:‬‬

‫فمن خالل نتــائج البحــوث الســاعية لرصــد املنــاطق‪ ،‬والبــنى الهيكليــة املتورطــة في انتــاج الصــفات الســيكوباتية بشــكل‬
‫عام‪ ،‬كشف التصوير الطبقي للدماغ الخاص بافراد شخصوا تماما بالسيكوباتيين‪:‬‬

‫عن وجود تضخم في الجسم الثفني‪ ،‬حسب رين ولينز واخرون ‪. Raine Lenez ; et al 2003‬‬

‫انخفاض حجم الحصين الخلفي حسب الكسو واخرون ‪.Laakso et al 2001‬‬

‫عــدم التماثــل الكبــير في الحصــين االمــامي (األيمن اكــبر من األيســر) وانخفــاض كــذلك املادة الرماديــة في القســم القبــل‬
‫جبهي‪ .‬وحس ــب كل من‪ :‬ي ــانغ‪ ،‬رين‪ ،‬لي ــنز‪ ،‬الكاس‪ ،‬كولي ــتي ‪ .Yang ;Raine ;Lenez ;LaCasse et Colletti 2005‬أب ــانت‬
‫الدراسات العصبية خصوصية أبعاد مختلفة من مفهوم السيكوباتية‪ ،‬حيث سلطت الضوء على‪:‬‬

‫كمية متفوقة من املادة البيضاء في الفص الجبهي لالفراد غير الشرفاء‪ ،‬واملتالعبين‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫انخفــاض حجم اللــوزة بين مجــرمي العنــف الــذين يظهــرون درجــة عاليــة على مقيــاس الســيكوباتية‪ ،‬حســب تيهــونين‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫هود جينز وفوريو ‪. Tiihonen ;Hodings et Vaurio 2000‬‬
‫(‪)11‬‬
‫انخفاض حجم املادة الرمادية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ 2.10‬نموذج اختالل عالقات السيكوباتي الباكرة‪:‬‬

‫يعــايش الســيكوباتي تعلقــات مرضــية بــاكرة‪ ،‬لتســفر بنــاءا عليهــا اســتجابات بعيــدة‪ ،‬وغــير مألوفــة ضــمن مطــالب النمــو‬
‫املرحليـ ــة‪ ،‬واملتوقع ـ ــة‪ ،‬س ـ ــرعانما تطبـ ــع امللمح النفسي للسـ ــيكوباتي في ح ـ ــال متابعته ـ ــا التسـ ــلق للسـ ــلم التط ـ ــوري‪ ،‬ف ـ ــرغم‬
‫اختالفها من حيث الشدة‪ ،‬والتكرار لكنها تبقى وفية لنمط عالقاتها املبكر‪.‬‬

‫حيث تشـكل العالقــات البـاكرة بين الطفـل ووالديـه ـ في الحـاالت الطبيعيـة ـ اساسـا لتمثـل‪ ،‬واسـتدخال النظـام القيمي‬
‫لديه‪ ،‬كما تنسحب هذه األهمية إلى استبطانه للنماذج األولية الخاصة برمـوز السـلطة وممثليهـا‪ ،‬مكونـة لـدى اسـتقرارها‬
‫بالجهــاز القــانوني الــداخلي للطفــل‪ ،‬تقــع على عاتقــه مســؤولية املوازنــة بين الــواجب واملمنــوع‪ ،‬وهــو الشيء الــذي نــوه اليــه‬
‫برونو غرافير ‪ Bruno GRAVIER‬وباالخص‪ ،‬عند تراجع الوالدين في منح الدرع الواقية‪ ،‬كما عبر عنها‪ ،‬بقوله‪ ...":‬فشل‬
‫(‪)17‬‬
‫كال الوالدين بطريقة ما في وظيفتهما النشاء الدرع الواقية‪ ،‬والالزمة لنشأة الجهاز القانوني داخل النفس"‪.‬‬
‫‪ 3.10‬نموذج عجز تشكيل االستجابة‪:‬‬

‫يشــير هــذا النمــوذج النمــائي‪ ،‬املقــدم من قبــل بلــير‪ ،‬باترســون ونيومــان ‪ Blair ;Patterson et Newman 1993‬إلى‬
‫العجــز العــاطفي الــذي يواجهــه الســيكوباتيون يجعلهم غــير قــادرين على النجــاح في تفســير العواطــف البشــرية‪ ،‬وهــذا من‬
‫شانه ان يؤدي إلى عجز في تشكيل الجواب‪ ،‬والذي يطلق عليه " بلير ‪ "1999‬آلية العجز لتثبيط العنف"‪.‬‬

‫‪ 4.10‬نموذج الفشل في تطوير الوعي‪:‬‬

‫حممد‪ ،‬شحاته ربيع و مجعة‪ ،‬سيد يوسف و معتز سيد عبد اهلل (‪ )1994‬علم النفس اجلنائي‪ ،‬دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ .‬ص‬ ‫( ‪)1‬‬

‫‪ 233‬ـ ‪.236‬‬
‫(‪ )2‬كمال‪ ،‬الدسوقي (‪ )1973‬علم األمراض النفسية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬ط‪ 1‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ .‬ص ‪.339‬‬
‫)‪(3‬‬
‫‪Jean-Louis SENON. 2006. COMMENT DÉFINIR LA PSYCHOPATHIE ?. Université et‬‬
‫‪Hôpitaux – Poitiers pp 9 -24.‬‬
‫)‪(4‬‬
‫; ‪Christian LAVAL ;2007 ;Prévention et prise en charge des adolescents et des jeunes adultes‬‬
‫‪Audition publique ; Ministère de la Santé et des Solidarités ; . France. P 43.‬‬
‫(‪ )5‬حسن ملحم ( ‪ )1993‬التحليل اإلجتماعي للسلطة‪ ،‬منشورات دحلب‪ ،‬بوزريعة‪ ،‬اجلزائر ص‪ 18 :‬ـ ‪.20‬‬
‫(‪ )6‬عبد الرمحن العيسوي ( ‪ )1992‬النمو الروحي واخللقي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ .‬ص ‪.109‬‬
‫(‪ )7‬سوزان ه ـ سبنس )‪ Sesan H.Spence، (200‬مرجع يف علم النفس االكلينيكي للراشدين‪ ،‬س‪ .‬لنيدزاى‪ ،‬ج‪.‬بول ترمجة‪ :‬صفوت فرج‪،‬‬
‫مكتبة االجنلو املصرية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ص ‪.270‬‬
‫)‪(8‬‬
‫‪J.R. Meloy ;2017 ; profil-psychopathe ; https://developpementpersonnel.org/profil-‬‬
‫‪psychopathe-comment-le-reconnaitre/ le 30-jun-2018 (19:00).p 3.‬‬
‫(‪ )9‬تقوى‪ ،‬حسن حممد (‪ )2017‬بعض مسات الشخصية السيكوباتية لدى مرتكيب جرائم القتل العمد وعالقتها ببعض املتغريات‪،‬أطروحة دكتوراه‪،‬‬
‫جامعة الرباط الوطين‪ ،‬اخلرطوم‪ ،‬السودان‪ .‬ص ‪.10‬‬

‫سعد‪ ،‬عبد اهلل املشوح (‪ )2007‬مداخلة بعنوان‪ :‬العوامل النفسية لواقع الظاهرة اإلرهابية‪ ،‬الندوة العلمية‪ :‬استشراف التهديدات اإلرهابية‪.‬‬ ‫( ‪)10‬‬

‫جامعة نايف للعلوم األمنية‪ .‬الرياض‪ .‬ص ‪.18‬‬


‫)‪(11‬‬
‫‪Claudia Savard ; 2008 ; les traits de personnalité psychopathiques infra-cliniques ; chez des‬‬
‫‪couples mariés ou cohabitant ; université laval ; québec.p 4.‬‬
‫)‪(12‬‬
‫‪Angélique NIOCHE ;2009 ; Psychopathie et troubles de la personnalité associés :recherche‬‬
‫‪d’un effet particulier au trouble Borderline– Impact sur le risque de récidive ; université‬‬
‫‪François Rabelais.p21.‬‬
‫(‪ )13‬منصور‪ ،‬بن الدخيل موسى العصيمي (‪ )2014‬عالقة العوامل النفسية واالجتماعية بالسلوك اخلطر لدى طالب املرحلة الثانوية مبدينة الرياض‪،‬‬
‫رسالة ماجستري‪ ،‬جامعة نأيف للعلوم األمنية‪ ،‬الرياض‪ ،‬السعودية‪ .‬ص ‪.4‬‬
‫(‪ )14‬برحيل‪ ،‬جويدة (‪ )2011‬أثر السمات والشخصية املضطربة يف اإلستجابة للعالج املعريف عند املكتئب‪ ،‬دكتوراه‪ ،‬جامعة وهران‪ ،‬اجلزائر‪ .‬ص‬
‫‪.134‬‬

‫(‪ )15‬السعيد دردرة‪ ،2015 ،‬مقال‪ :‬مفاهيم‪ ،‬وقضأيا معاصرة ‪ ...‬الشخصية السيكوباتية‪ ،‬املوقع‪ www .dimofinf.net :‬تاريخ وضع املقال‪:‬‬
‫‪ 10/2015‬على الساعة‪ 4:11 :‬مساءا‪ ،‬تاريخ الدخول‪ .11/07/2017 :‬ص ‪.2‬‬
‫(‪ )16‬مصطفى‪ ،‬فهمي (‪ )1995‬الصحة النفسية‪ :‬دراسات يف سيكولوجية التكيف‪ ،‬مكتبة ومطبعة اخلاجني‪ ،‬ط‪ ،3‬مصر‪ .‬ص ‪.269‬‬
‫)‪(17‬‬
‫‪Bruno GRAVIER ; 2006 ; Diagnostic et prise en charge des sujets dits psychopathes.‬‬
‫; )‪Quelques éléments issus de la clinique en milieu pénitentiaire ; Université de Lausanne (CH‬‬
‫‪France.p 121.‬‬
‫يرى فيريك واخرون ‪ Frick et al 2003‬ان هذا النموذج النمائي ينص على ان السيكوباتي بمزاجه البارد هو نتيجة‬
‫لفشـ ــل تطـ ــور الـ ــوعي‪ ،‬يحـ ــدث هـ ــذا االخـ ــير من الناحيـ ــة الفسـ ــيولوجية نتيجـ ــة تراجـ ــع نشـ ــاط الجهـ ــاز العصـ ــبي الالرادي‬
‫والسلوكي‪ ،‬وبالتالي يضعف التفاعل مع التهديدات‪ ،‬والعقوبات نظرا للغياب الفعلي للخوف الذي يشعر به هؤالء‪.‬‬

‫وحس ــب ليكين ‪ Lykken 1995‬ف ــان ض ــعف النزع ــة لتجنب الخ ــوف‪ ،‬س ــيكون مس ــؤوال بع ــد ذل ــك عن التنش ــئة‬
‫االجتماعية واألخالق ية السيئة‪ ،‬والفشل في تطوير الوعي يؤدي إلى سمات شخصية باردة‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬فان هؤالء االفــراد‬
‫لديهم املزيد من امليل التخاذ خيـارات معاديـة للمجتمـع‪ .‬وتظهـر الدراسـات الحديثـة‪ ،‬كدراسـة بلـير ‪ Blair 2006‬ان االليـة‬
‫سابقة الذكر‪ ،‬يمكن ان تكون مرتبطة " بعطل" في اللوزة املخية ‪ ،‬التي تشكل الركيزة العصبية للمراقبة السلوكية‪.‬‬

‫‪ 5.10‬نموذج مسؤولية السلوك اآلبوي عن االستجابة السيكوباتية‪:‬‬

‫يبرز هـذا النمـوذج التطـوري من خالل مسـأهمة املسـار التـاريخي‪ ،‬وتـاثير االبـاء‪ ،‬ودورهم في شـرح نمـو هـذه الصـفات‬
‫الشخص ــية ض ــمن مرحل ــة الطفول ــة وص ــوال إلى البل ــوغ‪ ،‬حيث نالح ــظ ان ــه من اق ــوى املؤش ــرات التنبئي ــة‪ ،‬فس ــوء الرقاب ــة‬
‫االبوي ــة ( أي أليعرف ــون أين الطفــل‪ ،‬تركــه غ ــير خاض ــع للرقاب ــة في الشــوارع منــذ س ــن مبكــرة) مثــل ه ــذه الســلوكيات من‬
‫قبل االباء واالمهات ترتبط بجنـوح االطفـال‪ ،‬باالضـافة إلى األيـذاء البـدني أوعـدم انتظامـه‪ ،‬وفي املقابـل تعزيـز القليـل من‬
‫السلوك الجيد لدى الطفل‪ ،‬وانخفاض املشاركة في انشطة الطفل‪ ،‬والتماسك القليل في االسرة‪ ،‬وضـعف التواصـل بين‬
‫(‪)11‬‬
‫الوالدين‪ ،‬والطفل‪.‬‬

‫‪ 6.10‬النموذج السيكودينامي للسيكوباتية‬

‫تطور الرؤية التحليلية للسيكوباتية مابين‪ :‬التنظيم النرجسي‪ ،‬الحالة الحدية‪ ،‬العنف األساسي‪:‬‬

‫ا‪ .‬الشخصية السيكوباتية‪ ،‬والتنظيم النرجسي‪:‬‬

‫من أهم املنظـ ــرين التحليلين الـ ــذين سـ ــعوا إلى عقـ ــد الصـ ــلة بين الشخصـ ــية السـ ــيكوباتية‪ ،‬وبين التنظيم النفسي‬
‫النرجسي نجــد كرينــبرغ ‪ Kernberg 1975، 1984، 1989‬حيث لفت االنتبــاه إلى تصــوره الــداعي إلى اعتبــار والتعامــل مــع‬
‫الس ــيكوباتية كج ــزء بن ــائي من النرجس ــية‪ ،‬ع ــبر اق ــتراح التم ــأيز اله ــرمي بينهم ــا ل ــدى االف ــراد‪ ،‬لتحت ــل الس ــمات املعادي ــة‬
‫للمجتمع املرتبة االخطر (املعادية للمجتمع ‪ /‬السيكوباتية) واالقل خطورة تكون الشخصية النرجسية‪.‬‬

‫ويــرى البــاحث أيضــا‪ ،‬ان أي شــكل من أشــكال الشخصــية املعاديــة للمجتمــع يمتلــك في طياتــه الخصــائص االساســية‬
‫للشخصــية النرجســية‪ ،‬ليضــاف اليــه امتالكــه امــراض غــير عاديــة في الشــعور األخالق ي‪ ،‬هــذا هــو العجــز في تنميــة االنــا‬
‫االعلى‪ .‬والس ــمات النموذجي ــة حس ــبه‪ :‬هي‪ :‬التمرك ــز ح ــول ال ــذات‪ ،‬واالناني ــة املفرط ــة‪ ،‬والتضخيم‪ ،‬والحاج ــة إلى التف ــوق‪،‬‬
‫الطموحات املفرطة‪ ،‬واالعتماد الشديد على االعجاب‪ ،‬وعدم الحساسية‪ ،‬ومستوى عال من العدوان والسادية‪.‬‬

‫ومن املؤلفين الــذين يتشــاركون هــذا الــرأي‪ ،‬وهــو ان الســيكوباتية هي متالزمــة نرجســية نجــد ‪ :‬أوســوبيل وكــيرك‬
‫‪ Ausubel et Kirk‬الل ــذان يفترض ــان ان االختالل النفسي س ــيكون مجموع ــة من الس ــلوكات املنحرف ــة‪ ،‬الص ــالح الج ــرح‬
‫النرجسي العميـق‪ ،‬املرضى السـيكوباتيين يعـانون من اضـطرابات محـددة في مجـال الـذات استثمرت مـع الرغبـة الجنسـية‬
‫النرجسية (الذات)‪.‬‬

‫ب‪ .‬السيكوباتية‪ ،‬والحالة الحدية‪:‬‬

‫على هــذا املســتوى الــذي يســتهدف اقامــة العالقــة بين كل من الحالــة الحديــة‪ ،‬واضــطراب الشخصــية الســيكوباتية‪،‬‬
‫طــور كيرنــبرغ تفســيرا حــديثا مفــاده‪ :‬أنــه من املمكن أن تظهــر ضــمن األشــكال الســريرية للحــاالت الحديــة ـ قضــايا معاديــة‬
‫للمجتم ـ ــع‪ ،‬ول ـ ــذلك يص ـ ــبح من املهم للغاي ـ ــة دراس ـ ــة ه ـ ــذا الن ـ ــوع من الس ـ ــلوك في جمل ـ ــة الخص ـ ــائص التقيمي ـ ــة ملا أس ـ ــماه‬
‫اض ــطرابات الشخص ــية الحدي ــة‪ :‬ض ــعف االن ــا‪ ،‬ع ــدم وج ــود الس ــيطرة‪ ،‬ع ــدم التس ــامح م ــع القل ــق‪ ،‬ع ــدم الق ــدرة على‬
‫التسامي‪.‬‬

‫وفي اطار التأسيس لعالقة عضوية مابين السيكوباتية‪ ،‬والتنظيم املميز للحاالت الحدية يصرح كيرينبرغ‪:‬‬

‫"‪ ...‬وكم ــا ه ــو الح ــال بالنس ــبة لجمي ــع الح ــاالت الحدي ــة‪ ،‬لم ي ــدمج الس ــيكوباتي مث ــال االن ــا بش ــكل كام ــل ومتن ــاغم‪ ،‬وال ــذي‬
‫يضفي " مثال االنا" على القانون الداخلي " واألخالق الظرفية" احترام االخر حـتى في الظـروف الجديـدة الـتي لم تعلمهـا‬
‫التجربــة بعــد ‪ ...‬والجهــاز القــانوني الخــاص بــه هــو في االســاس املثــل االعلى للــذات املوروث من التعلم األول‪ ،‬والضــروري‬
‫للبقــاء على قيــد الحيــاة‪ ،‬ولكنــه يتــالف من العقبــات غــير القابلــة للتــدأول الــتي تقــدمها الســلطة االموميــة‪ ،‬هــذا التــاريخ من‬
‫االستبدادية يجب ان تكون عـ ــادة مصحوب‪ ،‬ومنقولـ ــة من قبـ ــل املحـ ــرم‪ ،‬والـ ــتي تـ ــدل عليهـ ــا كلمـ ــة االب‪ ،‬الـ ــذي هـ ــو هنـ ــا‬
‫الفشل"‪.‬‬

‫ولدى كرينبرغ ‪ Kernberg‬نصادف مسألة االنزعاج من عالقات الطفل في وقت مبكر هي النقطـة املركزيـة في جميـع‬
‫اضــطرابات الشخصــية‪ ،‬واضــطراب الشخصــية املعاديــة للمجتمــع‪ ،‬هــو مأيعــادل الســيكوباتية كمــا وصــفها كليكلي ويكل‪،‬‬
‫(‪)12‬‬
‫وفي الواقع كرينبرغ ‪ 2001‬يعتبر االضطرابات السيبكوباتية "االكثر شيوعا في التنظيم الحدي االساسي"‪.‬‬

‫أخيرا‪ ،‬فمن املعروف أيضا‪ ،‬ان الشخص الذي يعاني من هذا االعتالل النفسي له قدرا مهما من االندفاع‪ ،‬انـه يعـاني‬
‫من حركـ ــة العواطـ ــف القويـ ــة‪ ،‬املتغـ ــيرة بشـ ــكل خـ ــاص‪ ،‬وضـ ــمن هـ ــذه النقطـ ــة يقـ ــترب الشخص السـ ــيكوباتي كـ ــذلك من‬
‫(‪)8‬‬
‫الشخص الحدودي (الحالة الحدية)‪.‬‬

‫ج‪ .‬السيكوباتية‪ ،‬والعنف األساسي‪:‬‬

‫في حين تف ــرد ب ــيرجريت ‪ 1995‬حين دع ــا إلى املوازن ــة بين م ــا اس ــماه ب ــالعنف االساسي‪ ،‬وبين الشخص ــية الس ــيكوباتية‪،‬‬
‫حيث وجد كمنطلق من املهم التميز بينـه (أي العنـف االساسي)‪ ،‬وبين هـذه العفويـة من الكراهيـة‪ ،‬أوالعـدوان الـتي تظهـر‬
‫في البشــر الحقــا‪ .‬فهي في حــد ذاتهــا بســيطة بدائيــة جــدا كــرد فعــل تلقــائي للحفــاظ على الــذات‪ ،‬الكفــاح من اجــل الحيــاة‪،‬‬
‫وذلــك في شــكل اساسي من أشــكال العنــف‪ ،‬هــذه األوهــام البدائيــة هي ذات الصــلة إلى امليــل ملتعــة الســيطرة حيث الهــدف‬
‫ليس أليذاء الكائن‪ ،‬أوتدميره‪ ،‬ولكن اساسا لدمج هذا الكائن‪ ،‬واستخدامه لتحقيق الربح الخاص بها‪ ،‬ولبقائها‪.‬‬
‫وهي ك ــذلك تاخ ــذ ـ والس ــيما ـ أش ــكال في مرحل ــة النرجس ــية األولي ــة‪ ،‬حيث نراه ــا تظه ــر في مش ــاعر النف ــوذ ال ــتي تحكمه ــا‬
‫الغريـ ــزة‪ ،‬ولـ ــذلك فـ ــان اسـ ــس هـ ــذا العنـ ــف االساسي لهـ ــا جـ ــذور نرجسـ ــية‪ ،‬وال تتوافـ ــق مـ ــع محركات املوت‪ ،‬فمن خالل‬
‫الحسي يتحــرك الطفــل نحــو االم الــتي هي " جــذور العنصــر املدمر" حســب وينيكوت ‪ ،1956‬وبالتــالي فــان اســاءة معاملــة‬
‫الطفل االساسـية تتطلب الـدعم من جـزء من البيئـة لتوجيـه جيـد‪ ،‬وتحفـز قدرتـه الشخصـية على االبـداع بـدعم من االم‬
‫فهي قـادرة على التعامـل بشـكل مناسـب مـع هـذه الجـذور من العـدوان للطفـل‪ ،‬ليطـور بهـدوء شـعور " الوجـود" الن لديـه‬
‫(‪)18‬‬
‫الدعم الذي يسمح لهذا العنف االساسي في خدمة التبادل اللبيدي‪.‬‬

‫‪ .10‬تنوع املداخل التشخيصية للشخصية السيكوباتية‪:‬‬

‫‪ 1.11‬موقع الشخصية السيكوباتية ضمن أنظمة التشخيص املعروفة‪:‬‬

‫ض ــمن ال ــدليل التشخيصي‪ ،‬واالحص ــائي الرابع ‪ DSM IV‬نج ــده بش ــكل ع ــام يق ــترح تقس ــيم متع ــدد الوج ــوه لجمل ــة‬
‫االضــطرابات املصــنفة ضــمن محــأور اساســية‪ ،‬في املحــور األول " االضــطرابات الســريرية" حيث يتم العثــور على جميــع‬
‫االم ـ ــراض النفس ـ ــية‪ ،‬واض ـ ــطرابات الشخص ـ ــية في املح ـ ــور الث ـ ــاني‪ ،‬ومن بين ه ـ ــذه االض ـ ــطرابات الشخص ـ ــية توج ـ ــد في‬
‫املجموعة "ب" الشخصية املعادية للمجتمع والشخصية الحدية‪.‬‬

‫ـ وام ــا ض ــمن في ‪ CIM10‬يتم س ــرد اض ــطرابات شخص ــية مح ــددة في ‪ F60‬م ــع شخص ــية الض ــد اجتماعي ــة ‪ ...‬ولكن ال يمكن‬
‫تحديـ ــد السـ ــيكوباتية دون الرجـ ــوع إلى تـ ــاريخ عيـ ــادة الطب النفسي‪ ،‬مـ ــا يفتح املواجهـ ــة بين املنهج الوصـ ــفي للتصنيفات‬
‫الدولية ومسأهمات عيادة الطب النفسي"‪.‬‬

‫‪DSMIV‬‬ ‫‪CIM10‬‬
‫املعادية للمجتمع‬ ‫ديسوسيال‬
‫عدم القدرة على االلتزام بالقانون‬ ‫الفرق بين السلوك واملعايير االجتماعية‬
‫الندم‬ ‫غياب الذنب‬
‫عدم املسؤولية‬ ‫موقف غير مسؤول‬
‫عدم استقرار العالقات الشخصية‬ ‫عدم القدرة على االحتفاظ بعالقات دائمة‬
‫الحاجة إلى الخداع من خالل الربح‬ ‫تحمل منخفض لالحباط‬
‫االندفاع‪ ،‬و التهيج‪ ،‬العدوانية‬ ‫الالمباالة والبرودة‬
‫املصدر‪ :‬للجدول‪Jean-Louis Senon(3) :‬‬

‫‪ 2.11‬التفريق التشخيصي بين السيكوباتية‪ ،‬والفئات الباثولوجية الكبرى (الذهان‪ ،‬العصاب‪ ،‬الحالة الحدية)‬

‫‪Pierre LAMOTHE ; 2005 ; Intérêt du modèle psychodynamique de la psychopathie ;Centre‬‬


‫)‪(18‬‬

‫‪hospitalier le Vinatier ; Lyon. P 42.46.‬‬


‫إن ال ــدوافع الالش ــعورية في العص ــاب ترضي نفس ــها ارض ــاءا ب ــديال‪ ،‬كم ــا في ح ــاالت الهس ــتيريا والوس ــواس‪ ،‬ام ــا في‬
‫الس ــيكوباتية فتجس ــد ه ــذه ال ــدوافع‪ ،‬وترضى ارض ــاءا حقيقي ــا‪ ،‬ول ــو ان ــه ارض ــاء متنك ــر مقن ــع‪ ،‬فالس ــيكوباتي أليرض ــيه‬
‫االش ــباع الب ــديل لدوافع ــه‪ .‬والواق ــع ان الس ــيكوباتي أليب ــدو اض ــطرابه في تفك ــيره‪ ،‬ومش ــاعره‪ ،‬وخياالت ــه‪ ،‬وقلق ــه‪ ،‬وحيات ــه‬
‫الخاص ــة‪ ،‬كم ــا في حال ــة العص ــاب‪ ،‬ب ــل يب ــدو اض ــطرابه في ص ــالته االجتماعي ــة بالن ــاس‪ ،‬اذ ي ــؤثر س ــلوكه املض ــطرب في كل‬
‫شخص في بيئته‪.‬‬

‫أع ــراض العص ــابي ت ــوحي الي ــه ب ــان شيئا يه ــاجم شخصيته‪ ،‬وتنته ــك حرمته ــا من مص ــدر مجه ــول‪ ،‬ام ــا في الس ــيكوباتية‬
‫والخل ــق العص ــابي بوج ــه ع ــام ف ــاألعراض مندمج ــة منسجمة في بن ــاء الشخص ــية في ص ــورة س ــمات خلقي ــة أليش ــعر الف ــرد‬
‫بغرابتها‪.‬‬

‫الس ــيكوباتية ليس ــت بالعص ــاب‪ ،‬الن س ــلوك العص ــابيين ب ــه كث ــير من التماس ــك‪ ،‬وهم على استبص ــار جي ــد بح ــالتهم‪،‬‬
‫يرغبـون في العالج ويسـعون اليـه‪ ،‬ويتعــأونون مـع املعــالج على تحقيـق الفائــدة املرجــوة منـه‪ ،‬ومـا هــذا شــان السـيكوباتيين‬
‫(‪)19‬‬
‫الذين أليدركون ان بهم مرضا‪ ،‬وأليسعون للعالج‪ ،‬وأليتعأونون عليه اذا قسرتهم الظروف على البدء فيه"‬

‫وهكــذا يعتــبر التمــيز بين العصــاب‪ ،‬والشخصــية املضــادة للمجتمــع أمــرا محســوما إلى حــد كبــير‪ ،‬فمــريض العصــاب‬
‫يتميز بنوبات متكررة من القلـق والشـعور بالـذنب‪ ،‬ويبـدي أعـراض لـوم الـذات ومعاقبتهـا‪ ،‬وهـذه األعـراض التظهـر لـدى‬
‫اصحاب الشخص ـ ــيات املض ـ ــادة للمجتم ـ ــع ال ـ ــذين تكون ث ـ ــورتهم موجه ـ ــة ض ـ ــد االخ ـ ــرين وليس ض ـ ــد أنفس ـ ــهم‪ ،‬وم ـ ــاداموا‬
‫اليش ــعرون بال ــذنب واليع ــانون من القل ــق ف ــان ص ــراعاتهم التكون داخلي ــة‪ ،‬وح ــتى إذاكان بعض العص ــابيين يع ــبرون عن‬
‫ص ـ ــراعاتهم الداخلي ـ ــة بش ـ ــكل ص ـ ــريح‪ ،‬ف ـ ــان وج ـ ــود القل ـ ــق يعت ـ ــبر أهم املالمح املم ـ ــيزة بين الشخص ـ ــية املض ـ ــادة للمجتم ـ ــع‬
‫(‪)1‬‬
‫والعصاب‪.‬‬

‫واذا قيسـ ــت السـ ــيكوباتية باملظـ ــاهر التقليديـ ــة للـ ــذهان ملا البـ ــدا على السـ ــيكوباتي شيئا منهـ ــا‪ ،‬ولعـ ــل هـ ــذا ماحـ ــدا إلى‬
‫استبعادها ممــا يسـمى (بــالجنون الصـريح)‪ .‬والسـيكوباتية وصــلتها بــالجنون ليس امـرا مسـتحدثا‪ ،‬ومن ثم اطلــق القـدماء "‬
‫(‪)19‬‬
‫الجنون الخلقي " على حاالت السلوك السيكوباتي‪ ،‬واشير اليها أيضا باصطالح" البله الخلقي"‪.‬‬

‫وتؤك ــد الخ ــبرة االكلينكي ــة‪ ،‬ان بعض ح ــاالت ال ــذهان ـ كالفص ــاميين‪ ،‬ومرضى اله ــوس ـ تع ــاني من س ــلوك مض ــاد‬
‫للمجتمـ ــع شبيه بـ ــذلك الـ ــذي لـ ــدى السـ ــيكوباتيين‪ ،‬كمـ ــا ان املرضى السـ ــابقين (الفصـ ــام‪ ،‬والهـ ــوس) يشـ ــيران إلى فقـ ــدان‬
‫االتص ــال ب ــالواقع‪ ،‬ويظه ــران ع ــددا من اض ــطرابات التفك ــير واالدراك‪ ،‬وب ــرغم ذل ــك ف ــان وج ــود الهألوس‪ ،‬واله ــذاءات‪،‬‬
‫واالض ــطرابات املعرفي ــة يع ــد عالم ــة س ــلبية أو مؤش ــرا مض ــادا للتشخيص الس ــيكوباتي‪ ،‬بمع ــنى اخ ــر التشخص الحال ــة‬
‫كشخص ـ ــية مض ـ ــادة للمجتم ـ ــع اذا ظه ـ ــرت عليه ـ ــا األع ـ ــراض الس ـ ــابقة‪ ،‬واذا كان م ـ ــريض الفص ـ ــام ق ـ ــد يظه ـ ــر الس ـ ــلبية‪،‬‬
‫أوالعدوان‪ ،‬ومريض الهوس قد يظهر عدم تحمل املسؤلية‪ ،‬فان هذه الخصـائص تكون قصـيرة االمـد‪ ،‬وغـير متكـررة أي‬
‫انهـ ــا التعتـ ــبر خصـ ــائص ممـ ــيزة لسـ ــلوك تلـ ــك الفئـ ــات على املدى الطويـ ــل‪ ،‬كمـ ــا هـ ــو الحـ ــال بالنسـ ــبة للشخصـ ــية املضـ ــادة‬
‫(‪)1‬‬
‫للمجتمع‪.‬‬

‫جمدي‪ ،‬أمحد عبد اهلل (‪ )2000‬علم النفس املرضي‪ :‬دراسة يف الشخصية بني السواء واالضطراب‪ ،‬ط‪ ،1‬دار املعرفة اجلامعية‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.‬‬ ‫( ‪)19‬‬

‫ص ‪ 219‬ـ ‪.220‬‬
‫اذا فالسيكوباتية حسب الباحث مجدي عبد هللا هي حالة بينية بين العصـاب والـذهان‪ ،‬ولكنهـا اكـثر وضـوحا في حالـة‬
‫الس ــلوك املض ــاد للمجتم ــع‪ ،‬أو بمع ــنى اخ ــر هم الحلق ــة الرابط ــة بين ال ــذهانيين‪ ،‬والعص ــابيين من ناحي ــة‪ ،‬واملج ــرمين من‬
‫(‪)19‬‬
‫ناحية أخرى‪.‬‬

‫‪ 3.11‬التفريق التشخيصي بين السيكوباتية‪ ،‬والكيانات املرضية السريرية ذات الصلة‪:‬‬

‫غالبا ما يتم الخلط بين السيكوباتية‪ ،‬والعديد من البنيات األخـرى‪ ،‬الـتي يمكن ان تكون ذات صـلة‪ ،‬ولكن متمـيزة من‬
‫جه ــة أخ ــرى في املسببات‪ ،‬وط ــرق االش ــتغال‪ ،‬وه ــذا ينطب ــق بش ــكل خ ــاص على مف ــاهيم‪ :‬الس ــادية واالنح ــراف الس ــلوكي‪،‬‬
‫باالضافة إلى اضطراب الشخصية املعاديـة للمجتمـع‪ ،‬والسوسـيوباتية‪ ،‬والنرجسـية ‪...‬الخ‪ ،‬وبالتـالي هنـاك حاجـة إلى تميـيز‬
‫واضح بين السيكوباتية‪ ،‬وهذه املفاهيم من اجل الفهم االفضل‪ ،‬والتقييم املناسب لهذه الصفات الشخصية‪:‬‬

‫ا‪ .‬بين السيكوباتية وامليل املضاد للمجتمع‪:‬‬

‫مفــاهيم الســيكوباتية هي مرادفــة في كثــير من االحيــان الضــطراب الشخصــية املعاديــة للمجتمــع من قبــل الرابطــة‬
‫االمريكي ـ ــة لالم ـ ــراض النفس ـ ــية ‪ APA 1994‬وه ـ ــذا ض ـ ــمن ‪ DSM IV‬وحس ـ ــب فري ـ ــك ‪ Frick 2000‬يكون االختالف في‬
‫السيكوباتية التي ياتي عنصر االنحراف السـلوكي االجتمـاعي بهـا قـوي لـيرقى إلى الجـرائم الجنائيـة في بعض االحيـان‪ ،‬ويتم‬
‫عـ ــادة وصـ ــف السـ ــيكوباتية من حيث الخصـ ــائص السـ ــلوكية‪ ،‬والعاطفيـ ــة‪ ،‬والشخصـ ــية‪ :‬بعـ ــدم التعـ ــاطف‪ ،‬أوالتعـ ــاطف‬
‫الس ــطحي‪ ،‬باالض ــافة إلى ان املع ــأيير ليس ــت ض ــرورية في التشخيص ه ــذا حس ــب بيب ــاك وه ــير ‪Babiak et Hare 2007‬‬
‫وتس ــمح لن ــا ه ــذه الخاص ــية ب ــالتحقيق في جمي ــع املج ــاالت العالئقي ــة والعاطفي ــة بطريق ــة اك ــثر تحدي ــد للمعان ــاة النفس ــية‬
‫لديهم‪.‬‬

‫وفي املقابــل‪ ،‬فاضــطراب الشخصــية املعاديــة للمجتمــع ال تســمح بــاجراء مثــل هــذا التحليــل الــدقيق‪ ،‬النهــا تتــالف من‬
‫معأيير شديدة جدا‪ ،‬وهو ما يشـكك في فائـدتها السـريرية‪ ،‬فعلى سبيل املثـال‪ :‬في دراسـات تمت بالسجون وجـد اضـطراب‬
‫الشخصــية املعاديــة للمجتمــع هــو القاعــدة بــدال من كونهــا االستثناء (‪ %50‬إلى ‪ %80‬من السجناء لــديهم هــذا االضــطراب)‬
‫في حين ان السـ ــيكوباتية وجـ ــدت في ‪ 20‬إلى ‪ % 30‬فقـ ــط من الحـ ــاالت‪ .‬باختصـ ــار‪ ،‬يجب التشـ ــديد على انـ ــه حـ ــتى لـ ــو كان‬
‫االضـطرابان مترابطـان اال انهمـا بنائيـا مختلفين‪ ،‬ولهـذا فـان التقـييم املناسـب لهـاذين البنـائين امـر ضـروري عنـدما يتـوخى‬
‫العالج‪.‬‬

‫وحس ــب كل من ك ــوك‪ ،‬ميش ــيل‪ ،‬ه ــارت‪ ،‬وكالرك ‪ Cooke ; Michie ; Hart et Clark 2004‬يتص ــورون الس ــلوك‬
‫املع ــادي للمجتم ــع كع ــواقب ب ــدال من ان يكون ج ــزءا من كوكب ــة الس ــمات الشخص ــية ال ــتي تح ــدد ه ــذا االض ــطراب‪ ،‬وفي‬
‫الواقـ ــع‪ ،‬فـ ــان معظم التوصـ ــيف السـ ــريري الكالسـ ــيكي للسـ ــيكوباتية ال تنظـ ــر للسـ ــلوك املعـ ــادي للمجتمـ ــع‪ ،‬باعتبـ ــاره من‬
‫األع ــراض املركزيــة‪ ،‬أوكس ــمة من س ــمات الشخص ــية الس ــيكوباتية‪ ،‬ولكن االرتب ــاك غالب ــا م ــا ي ــاتي من خط ــأ اساسي‪ :‬ه ــو‬
‫التفك ــير في ان الس ــلوك املنح ــرف يع ــادل الشخص ــية الس ــيكوباتية ـ فعلى سبيل املث ــال ـ ووفق ــا لكليكلي ‪ 1941‬العدي ــد من‬
‫السيكوباتين ال يملكون في تاريخهم هذا النوع من السلوك املنحرف‪.‬‬

‫ب‪ .‬بين السيكوباتية والسوسيوباتية‪:‬‬


‫السوس ـ ـ ــيوباتية‪ :‬هي أيض ـ ـ ــا يتم الخل ـ ـ ــط بينه ـ ـ ــا وبين الس ـ ـ ــيكوباتية‪ ،‬فمن الصحيح ان بعض الخص ـ ـ ــائص مماثل ـ ـ ــة لتل ـ ـ ــك‬
‫املوصوفة‪ ،‬كمـا في اضـطراب الشخصـية املعاديـة للمجتمـع والسـيكوباتية‪ ،‬بمـا في ذلـك وجـود املواقـف املعاديـة للمجتمـع‪،‬‬
‫وانماط السلوك االجرامي اال ان الخصوصية تاتي من حقيقة انه على الرغم من ان معظم هذه املواقف‪ ،‬والســلوكيات‬
‫تعتــبر غــير مقبولــة من عامــة النــاس (املعاديــة للمجتمــع والســيكوباتية) بينمــا السوســيوباتية يمكن ان ينظــر اليهــا على انهــا‬
‫طبيعيـ ــة أوضـ ــرورة من قبـ ــل ثقافـ ــة فرعيـ ــة‪ ،‬أوفي بيئـ ــة اجتماعيـ ــة معينـ ــة هي الـ ــتي طـ ــورت هـ ــؤالء االفـ ــراد‪ ،‬وعليـ ــه فـ ــان‬
‫اس ــتخدام الس ــلوك الع ــدواني‪ ،‬أو االج ــرامي ه ــو ثم ــرة ق ــوى اجتماعي ــة معادي ــة عن ــد حض ــور الجماع ــات النظ ــيرة املعادي ــة‬
‫للمجتمع‪ ،‬كما هو الحال في العصابات االجرامية‪.‬‬

‫هذا خالفا للسـيكوباتية الـتي تعتـبر مـرض في تطـور الضـمير والـوالء‪ ،‬ومسـتوى التعـاطف‪ ،‬والقـدرة على الشـعور بالـذنب‪،‬‬
‫ولكنها متعلقة بشدة‪ ،‬وتوجه اساسا إلى الثقافة الفرعية‪ ،‬أوالجماعة التي ينتمون اليها‪.‬‬

‫وعلى عكس مفهــوم الســيكوباتية‪ ،‬السوســيوباتية ال تتمتــع بمكان معــترف بــه‪ ،‬ولم تكون موضــوع البحــوث التجريبيــة في‬
‫السنوات االخيرة‪ ،‬في حين ان التيار املتزأيد يدعم وجود السيكوباتية ككيان تشخيصي منفصل‪.‬‬

‫ج‪ .‬بين السيكوباتية واملكيافيلية‪:‬‬

‫بنفس الطريقــة املكيافيليــة هي مفهــوم اخــر يرتبــط بقــوة مــع الســيكوباتية‪ ،‬حيث يصــف بدقــة النــاس االنــانيين الــذين‬
‫يسـعون إلى اهــدافهم بدقــة واســتراتيجية‪ ،‬من خالل التالعب لتحقيقهــا‪ ،‬وهي نزعــة مقأومـة لنفـوذ االخــرين‪ ،‬وتهيمن على‬
‫النمط املعرفي‪ ،‬وهي غير مهمة في اقامة عالقات شخصـية‪ ،‬بحيث يكون دافعهـا مصـالحهم الخاصـة‪ ،‬واالغـراض النفعيـة‪،‬‬
‫وغالبا مأيعبر مصطلح مكيافيلية على الذاتية‪.‬‬

‫وحس ــب ب ــارنيت‪ ،‬وتومبس ــون ‪ Barnett et Thompson 1985‬وك ــذا واستيل وب ــوث ‪Wastell et Booth 2003‬‬
‫املكيــافليين هم غــير قــادرين على التعــاطف وال يشــعرون بالــذنبن ومــع ذلــك‪ ،‬فمســتوى ارتبــاط املفهــومين يبــدو متمــأيزا في‬
‫امــور أخــرى‪ ،‬فالســيكوباتي لديــه درجــة اقــل من العصــابية من ســمات املكيافيليــة‪ ،‬وبالتــالي يوصــف األول بانــه اقــل قلقــا‪،‬‬
‫واكثر خيانة من هذا االخير‪.‬‬

‫كم ــا يب ــدو ان استبيانات التقري ــر ال ــذاتي تكون ق ــادرة على التنب ــؤ بالس ــلوك املع ــادي للمجتمعن في حين انه ــا ال تكون‬
‫قادرة على التنبؤ باملكيافيلية حسب بولهوس و ويليامز ‪.Paulhus et Williams 2002‬‬

‫وأخ ــيرا‪ ،‬ف ــان االشخاص ال ــذين يع ــانون من س ــمات املكيافيلي ــة س ــيكون ل ــديهم مفه ــوم اك ــثر واقعي ــة للتمثي ــل ال ــذاتي‬
‫"استبصار" ‪ ،‬في حين يجري بأكثر استباقية (اندفاع) عند السيكوباتيين‪.‬‬

‫د‪ .‬بين السيكوباتية والنرجسية‪:‬‬

‫وهن ــاك أيض ــا‪ ،‬اختالف ــات هام ــة بين مفه ــوم الس ــيكوباتية والنرجس ــية‪ ،‬فوفق ــا لـ ف ــاكنين ‪ Vaknin 2007‬على عكس‬
‫النرجسيينن الس ــيكوباتيين غ ــير ق ــادرين‪ ،‬وغ ــير متحمس ــين الدارة دوافعهم‪ ،‬وت ــاخير االش ــباع‪ ،‬ليكون اس ــتخدام الغض ــب‬
‫للس ـ ــيطرة على االخ ـ ــرين والتالعب بهم أيض ـ ــا كح ـ ــل مفض ـ ــل‪ ،‬وعلى ال ـ ــرغم من كألهم ـ ــا يفتق ـ ــر إلى التع ـ ــاطف الش ـ ــديد‪،‬‬
‫فالس ـ ــيكوباتيين هم س ـ ــاديون النهم يس ـ ــيرون في الح ـ ــاق املعان ـ ــاة‪ ،‬وهم أيض ـ ــا اق ـ ــل ق ـ ــدرة بكث ـ ــير على خل ـ ــق عالق ـ ــات من‬
‫النرجسيين‪.‬‬

‫كم ــا يش ــير " ف ــاكنين" إلى ان الس ــيكوباتيين مث ــل النرجس ــيين ل ــديهم ازدراء عمي ــق للمجتم ــع‪ ،‬واتفاقيات ــه االجتماعي ــة‪،‬‬
‫ولكن السيكوباتين يصل لديهم هذا االزدراء إلى اقصى حدوده‪ ،‬التي يمكن ان تؤدي إلى قضأيا جنائية‪.‬‬

‫ل ــذلك النرجس ــيين ق ــد ي ــدمجون احين ــا قيم اخالقي ــة معين ــة‪ ،‬ولكن الف ــرق الرئيسي حس ــب " ف ــاكنين" دائم ــا‪ ،‬ي ــاتي من‬
‫حقيق ــة ان الس ــيكوباتيين يميل ــون إلى تش ــكيل العالق ــات من منظ ــور النفعي ــة البحت ــة‪ ،‬وال يش ــعرون على االطالق ب ــانهم في‬
‫حاجة الن يكونوا مع االخرين بهدف الحصول على االهتمام‪ ،‬أوالثارة االعجاب‪ ،‬كما هو الحال في النرجسيين‪.‬‬

‫ه‪ .‬بين السيكوباتية والسادية‪:‬‬

‫وفيمـا يبـدو أن هنـاك تـداخال بين حالـة السـيكوباتية‪ ،‬وحالـة السـادية‪ ،‬ويشـير إلى ذلـك الشـعور بالرضـاء في كل مـرة‬
‫ينفـ ــذ فيهـ ــا املصـ ــاب جريمتـ ــه‪ ،‬وربمـ ــا كانت حالـ ــة السـ ــادية نفسـ ــها جـ ــزء‪ ،‬أوعنصـ ــر من العناصـ ــر في الشخصـ ــية املركبـ ــة‬
‫للســيكوباتية‪ ،‬ومــع ذلــك يبقى هنــاك صــفة مســتقلة تفــرق بين الحــاالت البحتــة للســيكوباتية‪ ،‬والحــاالت البحتــة للســادية‪،‬‬
‫وذلك أنه في حالة السادية البحتـة يمـارس املصـاب عدوانيتـه على الضحأيا في نفس البيئـة الـتي يعيش فيهـا‪ ،‬أمـا في حـاالت‬
‫الس ــيكوباتية فان ــه ال يكتفي بالبيئ ــة ال ــتي يعيش فيه ــا‪ ،‬ولكن ــه ممكن أن يخس ــر كث ــيرا من الجه ــد‪ ،‬واملال في سبيل اختالق‬
‫(‪)15‬‬
‫املوقف‪ ،‬أوالظروف التي تمكنه من الضحية لبالد بعيدة لو لزم األمر‪.‬‬

‫و‪ .‬بين السيكوباتيه واإلنحراف السلوكي‪:‬‬

‫اإلنحـراف السـلوكي هـو ممارسـة أي من انـواع السـلوك املخـالف للسـلوك املتوقـع على املسـتوى الفـردي واملسـتوى‬
‫االجتماعي‪ ،‬والسيكوباتية تنتشر في املجتمعات املنحرفة بدرجة ملحوظة‪ ،‬ويبدو أنـه مـع تقـدم املدنيـة الحديثـة‪ ،‬وانتشـار‬
‫مظ ــاهر االنح ــراف عن الخل ــق‪ ،‬واالبتع ــاد عن ال ــدين‪ ،‬ف ــان العدي ــد من ح ــاالت الس ــيكوباتية تب ــدأ في الظه ــور واالنتش ــار‪،‬‬
‫وتصل إلى درجة وباء السيكوباتية‪ ،‬أو هجوم السيكوباتية‪.‬‬

‫ومن هذا املفهوم‪ ،‬فالفرد الذي يمارس سلوك يخالف معتقداته‪ ،‬ومبادئه وسلوكه الذي يتوقعـه لنفسـة يعتـبر علي‬
‫املسـ ــتوي الشخصي منحـ ــرف سـ ــلوكيا‪ ،‬وعلى سبيل املثـ ــال اذ وجـ ــد فـ ــرد متـ ــدين وملـ ــتزم بتعـ ــاليم الـ ــدين ومنهجـ ــه في كل‬
‫سـ ــلوكه‪ ،‬وقـ ــادر على التحكم‪ ،‬والسـ ــيطره علي سـ ــلوكه وفـ ــق لهـ ــذا املنهج‪ ،‬فـ ــاملتوقع من سـ ــلوكه في املسـ ــتقبل ان يطـ ــابق‬
‫الس ــلوك املنهجي ال ــديني‪ ،‬ف ــاذا م ــارس ه ــذا الف ــرد س ــلوك مخ ــالف لتع ــاليم ال ــدين كالس ــرقة يكون انح ــرف بس ــلوكه عن‬
‫الســلوك املتوقــع‪ ،‬واذا تكــرر ممارســة الســلوك املخــالف للمتوقــع يصــبح منحــرف ســلوكيا‪ ،‬وان فقــد القــدرة علي التحكم‬
‫والس ــيطرة علي س ــلوكه تح ــول الي م ــرض س ــلوكي من وجه ــة نظ ــر املجتم ــع‪ ،‬ام ــا بالنس ــبة للف ــرد نفس ــه فيظ ــل منح ــرف‬
‫(‪)15‬‬
‫سلوكيا‪.‬‬
‫ومـع هـذا فـان السـيكوباتية ورغم كونهـا بعيـدة عن املرض العقلي‪ ،‬اال انـه يمكن مزأوجتهـا مـع االضـطراب السـلوكي‪،‬‬
‫فحســب ميلــوي ‪ meloy‬هي تنــدرج ضــمن خانــة االضــطراب الســلوكي‪ ،‬حيث يتم ترجمتــه من قبــل هــذا الفــرد من خالل‬
‫تب ــني س ــلوك اجتم ــاعي خ ــاص‪ ،‬وه ــذا يع ــني ان ــه س ــلوك ال يتط ــابق م ــع الرم ــوز االجتماعي ــة ال ــتي اعت ــاد معظم الن ــاس على‬
‫اس ــتخدامها‪ ،‬ويفس ــر ه ــذا الس ــلوك من خالل حقيق ــة ان الس ــيكوباتي أليش ــعر بالتع ــاطف م ــع االخ ــرين‪ .‬وفي الواق ــع‪ ،‬ه ــذا‬
‫االخــير قــادر بيولوجيــا على ادارة املشــاعر‪ ،‬لكنــه غالبــا مــا يغــير الشــعور لينظــر إلى االخــرين من منطلــق تلبيــة احتياجاتــه‬
‫ورغباتـ ــه‪ ،‬وهـ ــذا يـ ــؤدي إلى غيـ ــاب التعـ ــاطف‪ ،‬وإلى عـ ــدم الشـ ــعور بالـ ــذنب‪ )8(.‬لتتمظهـ ــر بسـ ــلوكات مضـ ــطربة على صـ ــعيد‬
‫االخراج‪ ،‬أو تفعيل االستعانة باملصادر الخارجية لتحقيق ذلك‪.‬‬

‫ز‪ .‬بين السيكوباتية والسلوك االجرامي‪:‬‬

‫و السمات املشتركة للسيكوباتية‪ ،‬وفقا لهذا االتجاه النفسي‪ ،‬وعلم الجريمة هي بسيطة جدا "‪ ...‬ان السيكوباتي هنا‬
‫هو الشخص الذي تمـيزت شخصيته باالنـدفاع‪ ،‬الـبرودة العاطفيـة (وبالتـالي عـدم وجـود نـدم‪ ،‬أو اعتبـار للضحية) النزعـة‬
‫التمركزي ــة‪ ،‬الع ــدوان و"الفوري ــة" (ال تحم ــل لالحب ــاط‪ ،‬والرغب ــة في كل شيء على الف ــور) ونتيج ــة ه ــذه االس ــباب س ــيكون‬
‫الفرد غـير قـادر على اقامـة عالقـات عاطفيـة " عاديـة" مـع االخـرين‪ ،‬ولكن من ناحيـة أخـرى سـيكون " طبيعيـا" من حيث‬
‫(‪)20‬‬
‫الجانب الفكري"‪.‬‬

‫‪ .11‬عوامل‪ ،‬وارتباطات الشخصية السيكوباتية‪:‬‬

‫يمكن اجمــال عوامــل‪ ،‬وارتباطــات الســيكوباتية باالستناد إلى مســأهمات بعض البــاحثين عن طريــق اخراجهــا ضــمن اطــار‬
‫تص ــوري يكون حام ــل لعوام ــل بنائي ــة تحتي ــة تتظ ــافر لتش ــكيل االس ــتجابة الس ــيكوباتية الحق ــا‪ ،‬ه ــذا طبع ــا بفع ــل اعتم ــاد‬
‫مستويات الشخصية السيكوباتية كذلك‪ .‬و منه نجد‪:‬‬

‫‪ 1.12‬عوامل الشخصية السيكوباتية‪:‬‬

‫ا‪ .‬تصور السيكوباتية بعاملين‪:‬‬

‫إن تصــور الســيكوباتية بشــكل عــام‪ ،‬في عــاملين متمــيزين‪ ،‬ولكن مــترابطين امــر ممكن جــدا‪ ،‬فعلى سبيل املثــال‪ :‬نجــد‬
‫تصور كل من هير ‪ ،1991‬هاربور‪ ،‬هاكيستيان‪ ،‬هير ‪ ،1988‬كاربمان ‪ .1948‬والعامالن بالتفصيل هما‪:‬‬

‫‪ -‬العام ــل األول‪ :‬وال ــذي يطل ــق علي ــه " كاربمـ ــان ‪ Karpaman 1948‬اس ــم "الس ــيكوباتية الحقيقي ــة" يتم ــيز بموق ــف‬
‫ساخر‪ ،‬متالعب‪ ،‬اناني‪ ،‬غير حساس‪ ،‬يترافق مع استخدامه للزور عند االزمات‪ ،‬وغياب الندم‪ ،‬واملعارضة‪.‬‬
‫‪ -‬العامــل الثــاني‪ :‬يــدعى بالســيكوباتية الثانويــة‪ ،‬وتشــير اكــثر إلى االنــدفاع‪ ،‬والقلــق‪ ،‬وعــدم القــدرة على التخطيــط على‬
‫املدى الطويل‪ ،‬وامليول القوية املعادية للمجتمع‪ ،‬والتعصب‪ ،‬واالحباط‪.‬‬

‫‪Laurent MUCCHIELLI ; 2005 ; Réflexions sur les limites de l’utilisation de la catégorie de‬‬
‫)‪(20‬‬

‫‪«psychopathie » dans l’analyse des problèmes sociaux, à partir de l’étude de la délinquance‬‬


‫‪juvénile et des homicides ; Ministère de la Santé et des Solidarités ; Audition publique ; Paris. P‬‬
‫‪19.‬‬
‫بينم ــا‪ ،‬في األون ــة االخ ــيرة‪ ،‬اص ــبح يس ــتخدم املنظ ــرون‪ ،‬والب ــاحثون مفه ــوم " الس ــيكوباتية التحت الس ــريرية" لتوض ــيح‬
‫(‪)11‬‬
‫مواقف‪ ،‬وسلوكيات هؤالء الناس‪.‬‬

‫فعند تجزئة العوامل إلى بنودها األوليـة نجـد جملـة من املؤشـرات املحـددة للسـيكوباتية‪ ،‬وهـذا وفقـا لـ‪ :‬هـير ‪Hare 1991‬‬
‫واملوزعة في عاملين ‪-‬كما تم التنويه اليه سابقا ‪ -‬في الجدول املعروض أدناه‪:‬‬

‫البنود الغير منتمية‬ ‫الرقم‬ ‫بنود العامل الثاني‬ ‫الرقم‬ ‫بنود العامل األول‬ ‫الرق‬
‫للعامالن‬
‫الجنسي‬ ‫االختالط‬ ‫‪11‬‬ ‫الحاجة إلى التحفيز‪ ،‬وامليل‬ ‫‪3‬‬ ‫الحصافة والسحر السطحي‬ ‫‪1‬م‬
‫الهدئات القصيرة‬ ‫‪17‬‬ ‫لألخذ‬
‫التطفل‬ ‫امليل إلى‬ ‫‪9‬‬ ‫املبالغة في تقدير النفس‬ ‫‪2‬‬
‫التنوع فياالجل‬
‫الجرائم التي‬
‫‪20‬‬ ‫انخفاض التحكم الذاتي‬ ‫‪10‬‬ ‫امليل إلى الكذب املرضي‬ ‫‪4‬‬
‫يرتكبها‬
‫البدأية املبكرة للمشاكل‬ ‫‪12‬‬ ‫الخداع و التالعب‬ ‫‪5‬‬
‫السلوكيةالتخطيط‬
‫عدم القدرة على‬
‫‪13‬‬ ‫ال ندم‪ ،‬وال شعور بالذنب‬ ‫‪6‬‬
‫للمديى الطويل وبواقعية‬
‫االندفاع‬ ‫‪14‬‬ ‫تاثير سطحي‬ ‫‪7‬‬
‫الالمباالة‬ ‫‪15‬‬ ‫عدم االكثراث وانعدام‬ ‫‪8‬‬
‫التعاطف‬
‫جنوح االحداث‬ ‫‪18‬‬ ‫عدم القدرة على تحمل‬
‫‪16‬‬
‫انتهاك شروط االفراج‬ ‫‪19‬‬ ‫مسؤولية أفعاله‬
‫املشروط‬
‫ـدوث االس ــتجابة املم ــيزة للملمح الس ــيكولوجي ل ــدى‬ ‫وعلي ــه فه ــذا التص ــور ق ــائم على اعتب ــار ض ــرورة تظ ــافر ع ــاملين لح ـ‬
‫الشخص الس ــيكوباتي‪ ،‬فحس ــب ‪ Edelyn Verona‬ه ــذا التقس ــيم الع ــاملي‪ ،‬تتمرك ــز التجمع ــات املختلف ــة للع ــاملين ‪2 ،1‬‬
‫باالستناد إلى ان عناص ـ ــر قائم ـ ــة ه ـ ــير ‪ PCL – R‬وعلى ال ـ ــرغم أيض ـ ــا‪ ،‬من اختياره ـ ــا في البدأي ـ ــة لتشخيص الس ـ ــيكوباتية‬
‫كمتالزمــة موحــدة‪ ،‬لكن في الحقيقــة هي بنيــات مســتقلة إلى حــد مــا‪ ،‬لــذلك فــان العامــل األول‪ :‬يتوافــق مــع التهــور‪ ،‬وعــدم‬
‫االحساس العاطفي‪ ،‬والهيمنة ( أليعرف الخوف )‪ .‬اما العامل الثاني ‪ :‬فهو يشير إلى االندفاع‪ ،‬والعداء السلبي‪ ،‬والنفسية‬
‫)‬
‫السلبية التي تعتبر جزءا من االستعانة بمصادر خارجية في علم النفس املرضي حسب كروجر وآخرون ‪2002.(21‬‬

‫ب‪ .‬تصور السيكوباتية بثالث عوامل‪:‬‬

‫واقـ ــترح كـ ــوك وميشـ ــيل ‪ Cooke et Michie 2001‬التسلسـ ــل الهـ ــرمي كنمـ ــوذج للسـ ــيكوباتية من ثالث عوامـ ــل‬
‫باالستناد إلى قائمــة " هــير" الســابقة العــرض‪ ،‬وهــذا بعــد اجــراء تحليالت جديــدة للعوامــل‪ ،‬ليصــبح هيكل ثالثي العوامــل‬
‫الهرمية‪:‬‬

‫‪ -‬العامل األول‪ :‬االسلوب الشخصي (متغطرس‪ ،‬ومخادع) يضم البنود‪.5 ،4 ،2 ،1 :‬‬


‫‪ -‬العامل الثاني‪ :‬النمط العاطفي (الخبرة العاطفية الناقصة) يضم البنود‪.16 ،8 ،7 ،6 :‬‬

‫‪EdelynVerona ; 2016 ; Interactions cognition-émotion et personnalité psychopathique : des‬‬


‫)‪(21‬‬

‫‪trajectoires distinctes vers les comportements antisociaux et violents ;Neurosciences affectives et‬‬
‫‪santé mentale Volume 41, numéro 1, printemps 2016l’Université de Montréal. P 69.‬‬
‫‪ -‬العامل الثالث‪ :‬االسلوب السلوكي ( املتهور‪ ،‬وغير املسؤول) يضم البنود‪.15 ،14 ،13 ،9 ،3 :‬‬
‫ج‪ .‬تصور السيكوباتية باكثر من ثالثة عوامل‪:‬‬

‫ثم تم اقتراح النموذج الهرمي الرباعي باضافة عامال اخر‪ ،‬يتعلق بالسلوك االجرامي (البنود‪.)20 ،19 ،18 ،12 ،10 :‬‬

‫ثم اقــاموا النمــوذج الخــاص بســكان كنــدا وأوربــا عن طريــق اضــافة عــاملين إلى العوامــل الثالث ــة األخــرى‪ :‬الســلوك‬
‫االج ــرامي (البن ــود‪ )20 ،19 ،18 :‬وعام ــل العالق ــات (‪ )17 ،11‬وباختص ــار‪ ،‬ف ــان ه ــذه العوام ــل تعكس االبع ــاد الش ــاذة‬
‫للسيكوباتية سواء الشخصي‪ ،‬أوالعاطفي‪ ،‬وكذلك في نمط الحياة‪.‬‬

‫‪ 2.12‬ارتباطات الشخصية السيكوباتية مع االضطرابات االكلينكية األخرى‪:‬‬

‫ا‪ .‬بين اضطرابات القلق والسيكوباتية‪:‬‬

‫حس ــب وي ــديغر ‪ Widiger 2006‬هن ــاك عالق ــات مث ــيرة للج ــدل بين اض ــطرابات القل ــق والس ــيكوباتية املدرج ــة في‬
‫املعـ ــأيير االصـ ــلية للطب النفسي " وانعـ ــدام العص ــابية" أو " مظـ ــاهر االضـ ــطرابات النفس ــية" وم ــع ذلـ ــك هن ــاك مواضـ ــيع‬
‫للس ــيكوباتية ال ــتي تتش ــكل على القل ــق واحيان ــا االكتئ ــاب‪ ،‬فعلى سبيل املث ــال يتم العث ــور على االف ــراد ال ــذين يع ــانون من‬
‫اضـ ــطرابات الشخصـ ــية املعاديـ ــة للمجتمـ ــع بـ ــالتوازي مـ ــع ارتفـ ــاع اضـ ــطرابات القلـ ــق‪ ،‬وهـ ــذا ضـ ــمن الدراسـ ــات الوبائيـ ــة‬
‫كدراسة‪ Swanson ;Bland et Newman 1994 :‬والـتي تشـير بشـكل دال إلى ان كليكلي ‪ 1941‬كان على خطـأ عنـدما ادعى‬
‫ان السـيكوباتيين ال يظهــرون القلــق العلــني‪ ،‬كمــا كانت لــوقت مـا ســمة الــبرودة العاطفيـة للسـيكوباتيين مرتبطــة ســلبيا مـع‬
‫القلــق‪ ،‬هــذا حســب كل من ‪ :‬هــاربير‪ ،‬هــير‪ ،‬وهاكسيتان ‪ Harpur ;Hare et Hakstian 1989‬ولكن تقــاريرهم الســريرية‬
‫كش ــفت في دراس ــات أخ ــرى عن مس ــتويات عالي ــة من القل ــق امث ــال‪ :‬ش ــميث ونيوم ــان ‪. Schmith et Newman 1999‬‬
‫ولتفـادي هـذه الجدليـة أوصى بعض البـاحثين بـادراج القلـق املنخفض‪ ،‬كمعيـار لتحديـد االفـراد السـيكوباتيين من امثـال‪:‬‬
‫)‬
‫برينكلي‪ ،‬نيومان‪ ،‬ويديغر ولينمان ‪Brinkley ;Newman ;Widiger et Lyman .(22 2004‬‬

‫بين السلوك االدماني والسيكوباتية‪:‬‬

‫يتوقــع هيلدنانــد ورويــتر ‪ Hildebrand et Ruiter 2004‬ان ترتبــط عوامــل هــير للســيكوباتية ســلبيا مــع اضــطرابات‬
‫املحــور األول ( من الــدليل التشخيصي ‪ )DSM IV‬باستثناء مــع اســتهالك الكحــول واملخــدرات‪ ،‬والــتي نتائجهــا تشــير إلى ان‬
‫الدرج ـ ــة العالي ـ ــة من الس ـ ــيكوباتية تمي ـ ــل إلى ان تكون مرتبط ـ ــة أيجابي ـ ــا باس ـ ــتهالك املادة من املح ـ ــور األول‪ ،‬وس ـ ــلبيا م ـ ــع‬
‫الفص ــام‪ ،‬وغيره ــا من اض ــطرابات املح ــور األول‪ .‬وارتف ــاع اس ــتخدام املواد يتس ــق م ــع معظم الدراس ــات األخ ــرى املرض ــية‬
‫للمجــرمين‪ ،‬وعلى سبيل املثــال دراس ــة هــارت وهــير ‪ Hart et Hare 1989‬وأيضــا دراس ــة ســتالينهأيم وفــون كرونورينــغ‬
‫‪ Stalenheim et Von Knorring 1998‬ودراسة تيميرمان و اميل كامب ‪Timmerman et Emmelkamp 2001‬‬

‫‪Audition publique 2006 Prise en charge de la psychopathie Ministère de la Santé et des‬‬


‫)‪(22‬‬

‫‪Solidarités ; France.pp 35.38.‬‬


‫كمـ ــا أيـ ــدت النتـ ــائج العامـ ــة لدراسـ ــة فـ ــام‪ ،‬مـ ــادو واخـ ــرون (‪ )2007‬خصوصـ ــية تشخيص السـ ــيكوباتية‪ ،‬بالنسـ ــبة‬
‫لالض ـ ــطرابات العقلي ـ ــة الخط ـ ــيرة مث ـ ــل اض ـ ــطرابات القل ـ ــق‪ ،‬واض ـ ــطرابات املزاج‪ ،‬م ـ ــع ارتب ـ ــاط التشخيص ـ ــات م ـ ــع تع ـ ــاطي‬
‫(‪)22‬‬
‫املخدرات ‪ /‬االعتماد عليها‪ ،‬والقيادة املتهورة‪ ،‬وهذه الشخصيات هي االكثر ارتباطا بالعنصر املندفع للسيكوباتية‪.‬‬

‫وه ــذه العالق ــة اق ــرت ك ــذلك‪ ،‬بص ــورة واضحة‪ ،‬وجلي ــة ض ــمن ال ــدليل التشخيصي الخ ــامس ‪ DSM5‬م ــع التنوي ــه إلى‬
‫امكاني ــة اض ــافة ارتباط ــات وثيق ــة أخ ــرى‪ ،‬على غ ــرار اض ــطرابات املســلك‪ ،‬حيث ذك ــر بال ــدليل التشخيصي ‪ ... ":‬والن ه ــذا‬
‫االض ــطراب ـ يقص ــد ف ــرط الحرك ــة وتشتت االنتب ــاه ـ يرتب ــط ارتباط ــا وثيق ــا بطي ــف اض ــطرابات املس ــلك الظاهري ــة مث ــل‪:‬‬
‫اض ـ ــطراب التح ـ ــدي االعتراضي ‪ Oppositional Defiant Disorder‬واالض ـ ــطراب االنفعـ ـ ــالي املفتعـ ـ ــل ‪Intermittent‬‬
‫(‪)23‬‬
‫‪ Explosive Disorder‬اضطراب املسلك ‪ Conduct Disorder‬فضال عن االضطرابات املتعلقة بمادة واالدمانية"‪.‬‬

‫ب‪ .‬اضطراب فرط الحركة وتشتت االنتباه‪ ،‬والسيكوباتية‪:‬‬

‫ضــمن الفرضــية الــتي اقترحهــا " لينــام" ‪ 1996‬بوجــود اصــول نمائيـة للسـيكوباتية‪ ،‬والــتي اســتقرت في مرحلــة البلــوغ‬
‫تكون قد تطورت على اضطراب نقص االنتباه وفرط الحركة ‪.TDAH‬‬

‫ووفقا لهذا الطرح فالسيكوباتي في مرحلة الطفولـة املبكـرة لديـه صـعوبة في استيعاب ردود الفعـل من وإلى البيئـة‪،‬‬
‫وفي اس ــتخدامها لتع ــديل س ــلوك الف ــرد من اج ــل الس ــعي في تحقي ــق اله ــدف‪ ،‬وال ــتي تب ــدو وكانه ــا اع ــراض " ف ــرط النش ــاط‬
‫ونقص االنتباه" وكذا السلوك املتسرع‪.‬‬

‫كما انها تصبح عند كبار السن‪ ،‬هذه األعراض في صورة مشكلة السـيطرة على مـزاجهم‪ ،‬واسـتخدام اللغـة املبتذلـة‬
‫واالستجابات املعارضة‪ ،‬والتجنب غـير املناسـب‪ ،‬والكـذب والقـاء اللـوم على االخـرين‪ ،‬وهـذا للتغطيـة على ارتكاب اعمـال‬
‫اكــثر أشــكالية مثــل‪ :‬العــدوان والســرقة عنــد دخــول املدرســة‪ .‬اخــيرا‪ ،‬وكشخص بــالغ‪ ،‬الفــرد يصــبح اكــثر خطــر من خالل‬
‫(‪)11‬‬
‫تقديم سلوكيات التالعب‪ ،‬وغيرها من األعراض املميزة للسيكوباتية‪.‬‬

‫الخاتمة‬

‫في ختام مداخلتنا امكننا الوقوف على جملة من املالحظات املهمة‪ ،‬الـتي تؤشـر باالسـاس على صـعوبة التعـاطي‪،‬‬
‫والحســم في التوصــيف املفــاهيمي للشخصــية الســيكوباتية وامليــل الضــد اجتمــاعي بشــكل عــام ضــمن تنــأوالت علم النفس‬
‫املرضي‪ ،‬حيث‪:‬‬

‫‪ -‬كان تفعي ــل النهج الوص ــفي اك ــثر تحبي ــذا‪ ،‬وحض ــورا بالنس ــبة ملعظم املح ــأوالت الص ــبطية له ــا ب ــداءا بتعري ــف الرائ ــد‬
‫كليكلي‪ ،‬حيث ب ــرز كالح ــل االمثــل في ظــل ت ــداخل الفئــات التشخيصــية‪ ،‬وع ــدم الفصــل في قائم ــة األعــراض الفارق ــة‬
‫املكونـ ـ ــة لهـ ـ ــا‪ ،‬ليكون اللجـ ـ ــوء كـ ـ ــذلك نحـ ـ ــو انتهـ ـ ــاج مـ ـ ــأيعرف بالتشخيص السـ ـ ــلبي عـ ـ ــبر استبعاد جملـ ـ ــة األعـ ـ ــراض‬

‫اجلمعية األمريكية للطب العقلي‪ ،‬ترمجة‪ :‬أنور احلمادي‪ ،‬معايري الدليل اإلحصائي والتشخيصي‪ ،‬ط ‪ ،DSM5،5‬إعداد وتوزيع جهاد حممد‪.‬‬ ‫(‪)23‬‬

‫ص ‪.169‬‬
‫الكالسـ ــيكية الظهـ ــور ضـ ــمن املجموعـ ــات الباثولوجيـ ــة الكـ ــبرى كالتشـ ــوش الهـ ــذائي الحـ ــاد أو تراجـ ــع مهم للسـ ــيطرة‬
‫العقلي ــة‪ ،‬أو تظ ــاهرات ذات النم ــط العص ــابي‪ ،‬وك ــذا االض ــطرابات املم ــيزة لحال ــة طبي ــة أو مص ــاحب لعاه ــة جس ــدية‪،‬‬
‫ومابقي يمكن ان يطبع امللمح النفسي للسيكوباتي‪.‬‬
‫من ناحية أخرى‪ ،‬فان التركيز على مسالة املعيارية في تعريف السيكوباتية يحظى بقبول معتبر‪ ،‬وهذا بسبب ضــغط‬ ‫‪-‬‬
‫الجــانب اإلحصــائي‪ ،‬والتمظهــر الثقــافي للظــاهرة الســيكوباتية‪ ،‬لتســمى في محطــات كثــيرة بــاالنحراف الســيكوباتي عن‬
‫املتوسط الن كل مجتمع له شخصياته الضد اجتماعية‪.‬‬
‫‪ -‬كم ــا ملس ــنا ب ــروز البع ــد الت ــاريخي التط ــوري في تن ــأول املح ــأوالت التعريفي ــة بالشخص ــية الس ــيكوباتية‪ ،‬وه ــذه الخط ــوة‬
‫التتبعيـة تبـدا منـذ الطفولــة بشـكل اضــطراب باملسـلك إلى اســتقرارها بمرحــل الرشــد‪ ،‬وهــو ماتبنـاه الــدليل االمـريكي‬
‫الخامس لالمراض العقلية (‪.)DSM5‬‬
‫‪ -‬لنص ــل إلى ض ــرورة االهتم ــام اك ــثر بالج ــانب التكيفي الخ ــادع من الشخص ــية الس ــيكوباتية‪ ،‬وخاص ــة بمناس ــبة ربطه ــا‬
‫لشـبكة عالقـات اجتماعيـة ظاهريـة وهـذا عن مباشـرة عمليت التصنيف والتشخيص‪ ،‬مـع التأكيـد على املنحى الشـبه‬
‫االزماني لالضطراب‪.‬‬

‫وفي األخــير‪ ،‬نجــد انــه في مجابهــة هــذا التشــعب الكبــير للمــداخل التعريفيــة لــدى نتــأول الشخصــية الســيكوباتية‪ ،‬يجعلنــا ـ‬
‫نضـ ــم صـ ــوتنا ـ إلى تعريـ ــف كـ ــيرت شنيدر حين ركـ ــز عن انحـ ــراف السـ ــيكوباتي عن السـ ــلوك املتوسـ ــط ضـ ــمن مجتمعـ ــه‬
‫األصلي‪ ،‬وكذا سوء تكييفة الشخصي‪ ،‬ليكون وجوب النظر اذن لناحيتين‪ ،‬األولى‪ :‬الفرد السيكوباتي ولذاته‪ ،‬خاصة من‬
‫جانب عدم استبصاره بحالته‪ ،‬والتي تكون نتيجتها الالحقة تحميل االخر مسؤولية متاعبـه املتوهمـة غالبـا‪ ،‬والثانيـة من‬
‫ناحية املجتمع الذي يفرض معأيير للحفاظ على كينونته‪ ،‬هذه املعيير تكون موضوع الخـروج والخـرق املفضـل غالبـا ملن‬
‫يحمل مالمح الشخصية السيكوباتية‪.‬‬

‫هوامش املداخلة‬

You might also like