You are on page 1of 12

‫خلفيات الحروب األهلية في إفريقيا‬

‫رانيا حسين عبد الرحمن‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫تعتبر ظاهرة الحروب األهلية من أبرز الظواهر اإلفريقية؛ إذ ال يكاد يخلو إقليم من أقاليم القارة اإلفريقية من صراع أو حرب‬
‫أهلية عنيفة كان لها آثارها العميقة ليس فقط على الحياة السياسية وإ نما على كافة مناحي الحياة في القارة اإلفريقية‪.‬‬

‫وتتسم ظاهرة الصراعات األهلية في القارة اإلفريقية بأنها ظاهرة معقدة سواء فيما يتصل بخلفياتها وأسبابها‪ ،‬أو فيما يتصل‬
‫بنتائجها وتداعياتها‪ .‬فعلى صعيد األسباب لعبت العديد من المتغيرات دورًا في اندالع الحروب األهلية‪ .‬ويمكن تصنيف هذه‬
‫المتغيرات في مجموعتين رئيسيتين تتعلق أوالهما بالبيئة الداخلية مثل الطبيعة التعددية للمجتمعات اإلفريقية‪ :‬العوامل‬
‫االقتصادية والسياسية‪ .‬أما ثانيهما فتتعلق بالبيئة الخارجية وما يرتبط بها من دور للقوى الدولية واإلقليمية في الصراعات‬
‫اإلفريقية‪.‬‬

‫وعلى صعيد النتائج أفرزت الحروب األهلية في إفريقيا العديد من النتائج تمثلت في‪ :‬انهيار الدولة وتقويضها‪ ،‬نشوء ظاهرة‬
‫العنف السياسي أو ثقافة العنف في المجتمعات اإلفريقية‪ ،‬بروز ظاهرتي الالجئين وتجنيد األطفال في النزاعات المسلحة‪،‬‬
‫وغيرها من الظواهر التي تؤدي بدورها إلى تفاقم حدة الصراعات وتجددها مرة أخرى‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن القارة اإلفريقية ومنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية شهدت ثالث موجات من الحروب والصراعات‬
‫األهلية‪ ،‬يمكن اإلشارة إليها على النحو التالي(‪:)1‬‬

‫الموجة األولى‪ :‬وقد انفجرت هذه الموجة في أعقاب الحرب العالمية الثانية‪ ،‬وتمثلت في حروب حركات التحرير ضد القوى‬
‫االستعمارية‪ .‬وامتدت هذه الموجة حتى منتصف السبعينيات‪ .‬واتسمت هذه الموجة من الحروب ـ والموجهة باألساس ضد‬
‫القوى االستعمارية ـ بانخفاض تكاليفها‪ ،‬وضيق أو محدودية نطاقها‪.‬‬

‫الموجة الثانية‪ :‬وشملت ظهور عدد قليل من الصراعات بين الدول اإلفريقية فضًال عن صراعات وحروب أهلية على نطاق‬
‫واسع‪ .‬وكان من أبرز أنماط النوع األول (الصراعات بين الدول اإلفريقية) حرب األوجادين (بين الصومال وإ ثيوبيا ‪ 1977‬ـ‬
‫‪1978‬م)‪( ،‬والحرب التنزانية ‪ -‬األوغندية ‪ 1978‬ـ ‪1979‬م)‪.‬‬

‫الموجة الثالثة‪ :‬وقد بدأت هذه الموجة مع انتهاء الحرب الباردة‪ ،‬واتسمت الصراعات في هذه المرحلة بأنها في معظمها‬
‫صراعات أهلية؛ إذ أصبحت الحروب األهلية النمط األكثر شيوعًا في القارة اإلفريقية ـ بين أنماط الصراع األخرى‪.‬‬

‫ففي حين لم تتعدد حاالت الحروب األهلية التي وقعت في القارة منذ منتصف الخمسينيات وحتى نهاية الثمانينيات ‪ -‬لم تتجاوز‬
‫تسع حاالت ـ فإنه ومع بداية التسعينيات‪ ،‬انفجرت سلسلة من الحروب األهلية الطاحنة‪ ،‬فضًال عن حاالت التطهير العرقي‬
‫والمذابح الجماعية‪ ،‬وتنوعت هذه الصراعات ما بين صراعات شكلت استمرارًا لحاالت سابقة (السودان ‪ -‬موزمبيق)‪ ،‬أو‬
‫استئنافًا لها في شكل جوالت جديدة أكثر حدة (بوروندي ‪ -‬أنجوال)‪ ،‬فيما ظهرت حاالت جديدة لم يكن لها وجود سابق مثل‬
‫(ليبيريا والصومال)(‪ .)2‬ووفقًا لتقرير األمين العام لألمم المتحدة حول أسباب الصراعات األهلية في القارة اإلفريقية‪ ،‬فإن ‪14‬‬
‫دولة من إجمالي ‪ 53‬دولة إفريقية عانت مـن نزاعـات مسلحة عـام ‪1996‬م‪.‬‬

‫وقد تنوعت التعريفات المقدمة لظاهرة الحرب األهلية‪ ،‬وفقًا للبعد الذي يتم التركيز عليه في التعريف‪ .‬وقد عرف أحمد إبراهيم‬
‫محمود الحرب األهلية تعريفًا إجرائيًا وذلك في دراسته حول الحروب األهلية في إفريقيا‪ ،‬باعتبارها‪ "|:‬شكًال من أشكال‬
‫الصراع الداخلي في المجتمع‪ ،‬تقوم به جماعة أو جماعات على أسس إثنية او أيديولوجية من أجل تغيير بعض السياسات‬
‫الحكومية أو اإلطاحة بنظام الحكم أو الحصول على الحكم الذاتي لمنطقة معينة أو االنفصال عن الدولة‪ .‬ويشتمل هذا‬
‫الصراع على أعمال عنف مسلح منظم واسع النطاق من جانب جميع األطراف المشاركة‪ ،‬ويتم تنفيذ عمليات العنف انطالقًا‬
‫من مناطق معينة تمثل قاعدة عسكرية محددة لها(‪.)3‬‬

‫* عوامل اندالع الحروب األهلية‪:‬‬

‫تتميز العوامل المؤدية إلى اندالع الحروب والصراعات األهلية في إفريقيا بالتعقيد الشديد‪ ،‬وفيما يلي محاولة لتناول هذه‬
‫العوامل من خالل تقسيمها إلى محورين رئيسيين يتناول المحور األول العوامل ذات الصلة بالبيئة الداخلية للمجتمعات‬
‫اإلفريقية‪ ،‬بينما يتناول المحور الثاني العوامل ذات الصلة بالبيئة الخارجية‪.‬‬

‫وثمة مالحظة ينبغي اإلشارة إليها في هذا اإلطار وهي أن العوامل المؤدية لبروز ظاهرة الحروب األهلية في المجتمعات‬
‫اإلفريقية هي في واقع األمر عوامل متداخلة يصعب الفصل بينها واقعيًا عند تحليل ودراسة الحاالت المختلفة للحروب األهلية‬
‫في القارة‪ ،‬ومن ثم يظل الفصل بين هذه العوامل هو فصل تحتمه اعتبارات الدراسة؛ إذ إن تحليل ظاهرة الحروب األهلية في‬
‫القارة تكشف عن تداخل يعتد به بين هذه العوامل‪.‬‬

‫* المحور األول‪ :‬العوامل ذات الصلة بالبيئة الداخلية للمجتمعات اإلفريقية‪:‬‬

‫أ ‪ -‬العوامل اإلثنية‪:‬‬

‫تتميز المجتمعات اإلفريقية بتعدد أشكال وأنماط التعددية سواء كانت تعددية إثنية أو لغوية أو دينية‪ .‬فعلى صعيد التعددية‬
‫اللغوية توجد في إفريقيا أكثر من ألفي لغة ولهجة‪ ،‬إال أن هذا العدد يمكن تقليصه إلى نحو خمسين لغة رئيسية إذا ما تم تجميع‬
‫اللغات واللهجات المتشابهة‪ ،‬واالقتصار على اللغات الرئيسية‪ .‬وتنتمي هذه اللغات في مجملها إلى مجموعتين رئيسيتين هما‪:‬‬
‫مجموعة اللغات األفرو آسيوية‪ ،‬ومجموعة لغات النيجر الكونغو‪ ،‬وكالهما تتكون من مجموعات لغوية فرعية(‪.)4‬‬

‫وعلى صعيد التعددية الدينية يشهد الواقع األفريقي أيضًا تعددًا وتنوعًا في األديان والمعتقدات‪ .‬فإلى جانب الدين اإلسالمي‬
‫والمسيحية توجد األديان التقليدية‪ ،‬والتي هي بدورها متعددة ومتنوعة بقدر تنوع وتعدد الجماعات اإلثنية في القارة؛ إذ تتميز‬
‫األديان التقليدية بأنها محلية الطابع ال تمتلك أي فعالية خارج نطاق الجماعة الدينية المؤمنة بها(‪.)5‬‬

‫إال أنه وعلى الرغم مما سبق ذكره حول التعددية اللغوية والدينية‪ ،‬فإن التعددية اإلثنية تظل هي النمط األهم من أنماط‬
‫التعدديات الموجودة والسائدة في المجتمعات اإلفريقية‪ .‬وتتميز اإلثنية في المجتمعات اإلفريقية بأربعة خصائص أساسية (‪:)6‬‬
‫أوًال‪ :‬أن الرابطة اإلثنية تتميز عن غيرها من الروابط االجتماعية بكونها رابطة وراثية وليست مكتسبة؛ ومن ثم فهي تقوم‬
‫على أساس الوعي بالذات‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬أن الجماعة اإلثنية تتميز بوجود إيمان جمعي بمجموعة من القيم والمعتقدات يتم التعبير عنها بشكل مؤسسي‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬تتميز الرابطة اإلثنية في إفريقيا بوجود تمايزات واضحة داخل الجماعات اإلثنية‪ ،‬ولعل هذا ما يسِّو غ الصراعات‬
‫الداخلية داخل كل جماعة إثنية‪ ،‬وهو األمر الذي يزيد من تعقيد ظاهرة التعددية اإلثنية في القارة اإلفريقية‪.‬‬

‫وأخيرًا‪ :‬تتميز اإلثنية في إفريقيا بأنها يمكن أن تتالءم مع المواقف والسياسات المتنوعة والمعقدة بحكم ما تنطوي عليه من‬
‫والءات فرعية متعددة‪.‬‬

‫وعلى الرغم من أن التعددية اإلثنية أمر أصيل في واقع المجتمعات اإلفريقية‪ ،‬فإن االستعمار األوروبي وباألحرى السياسات‬
‫االستعمارية ساهمت في زيادة حدة التعددية اإلثنية إلى الدرجة التي أصبحت بها هذه التعددية أحد أهم أسباب الحروب‬
‫والصراعات األهلية في القارة(‪.)7‬‬

‫ويولي دارسو الحروب األهلية في إفريقيا أهمية خاصة للبعد اإلثني باعتباره المحرك الرئيسي لتلك الحروب؛ ذلك أن الحروب‬
‫األهلية تبدأ «باستقطاب إثني» حاد داخل المجتمع يسمح بتعبئة الموارد وحشد الصفوف على أسس إثنية باألساس(‪.)8‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن وجود الظاهرة اإلثنية في حد ذاتها ال يعتبر سببًا كافيًا لظهور الصراعات األهلية؛ حيث إن هذه‬
‫الصراعات تبرز إلى الوجود فقط عند شعور جماعة أو جماعات إثنية معينة بالحرمان والظلم بسبب تعرضها لنوع من أنواع‬
‫الضرر الجماعي المتمثل في عدم المساواة االجتماعية‪ ،‬وحرمان أعضائها من التمتع بمستوى معين من الحياة المادية التي‬
‫تتمتع به الجماعات األخرى‪ ،‬أو حرمانها من المشاركة في تداول السلطة‪ ....‬إلخ(‪.)9‬‬

‫بمعنى آخر‪ ،‬فإن الظاهرة اإلثنية تعتبر ركيزة أو أساسًا للحرب األهلية عندما يجري رسم وتنفيذ السياسات العامة للدولة على‬
‫أساس االعتبارات اإلثنية المتحيزة‪.‬‬

‫وتعتبر رواندا حالة خاصة من الحاالت التي اندلعت فيها الحرب األهلية استنادًا إلى أسباب عرقية‪ .‬فعلى الرغم من بساطة‬
‫التركيبة اإلثنية في رواندا (من ثالثة جماعات فقط هي‪ :‬الهوتو ‪ ،%85‬التوتسي ‪ ،%14‬التوا ‪ ،)%1‬وعلى الرغم من التجانس‬
‫الملحوظ بين المواطنين من حيث اللغة والديانة ونمط التنظيم‪ ،‬فإن العنف اإلثني الذي وصل إلى درجة التطهير العرقي أو‬
‫اإلبادة‪ ،‬جاء ليس نتيجة لظاهرة التعددية في حد ذاتها‪ ،‬وإ نما نتيجة لتفاعل مجموعة من العوامل واألسباب‪ ،‬ومنها(‪:)10‬‬

‫أ ‪ -‬عوامل تاريخية‪ :‬مرتبطة بنمط العالقات االقتصادية واالجتماعية والسياسية بين الهوتو والتوتسي قبل وخالل االستعمار؛‬
‫إذ تميزت هذه العالقة قبل االستعمار بعدم المساواة؛ فسياسيًا سيطر التوتسي على هرم السلطة التقليدي‪ ،‬كما سيطروا على‬
‫مصادر الثروة التقليدية‪ ،‬وتمكنوا من إخضاع الهوتو ‪ -‬اقتصاديًا واجتماعيًا من خالل ما يعرف بعالقة «التابع والمتبوع»‪.‬‬

‫ب ‪ -‬عوامل ثقافية‪ :‬تمثلت في تراكم تراث كبير من األساطير والمرويات الشعبية‪ ،‬تكرس فكرة األصل المقدس للتوتسي‬
‫وحقهم الطبيعي في الحكم والقيادة‪ ،‬وقد واصل االستعمار تغذية هذا الميراث كما سيتضح ذلك في جزء تال من هذه الورقة‪.‬‬
‫ج ‪ -‬عوامل سياسية‪ :‬تتعلق بطبيعة واتجاهات النخب السياسة اإلثنية ومدى استعدادها وقدرتها على توظيف االنقسامات‬
‫اإلثنية لتحقيق أغراضها السياسية‪.‬‬

‫وقد شهدت القارة اإلفريقية تسييسًا للظاهرة اإلثنية‪ ،‬من حيث تشكيل األحزاب السياسية على أسس إثنية وما يترتب على هذا‬
‫األمر من تمثيل المصالح والتعبير عنها‪ ،‬بل وتوزيع الثروة والسلطة وفقًا لهذه األسس‪.‬‬

‫* العوامل االقتصادية‪:‬‬

‫على عكس االعتقاد السائد بأن الحروب األهلية في إفريقيا تعود إلى التعددية اإلثنية باألساس؛ فإن دراسة قام بها البنك الدولي‬
‫استهدفت الحروب األهلية في ‪ 161‬دولة بين عامي ‪ 1960‬ـ ‪1999‬م أوضحت أن العوامل االقتصادية تلعب دورًا هامًا في‬
‫إشعال الحروب األهلية في القارة اإلفريقية(‪.)11‬‬

‫وتعاني القارة اإلفريقية من تخلف اقتصادي واضح‪ ،‬ينعكس في العديد من المؤشرات مثل‪ :‬تدني معدالت النمو االقتصادي‪،‬‬
‫المستويات العالية للفقر‪ ،‬تفاقم الديون‪ ،‬تدني متوسطات دخول األفراد‪ ،‬تدني مستوى البنية التحتية‪ ....‬إلخ‪.‬‬

‫ويعتبر التخلف االقتصادى سببًا مباشرًا لنشوب الحروب األهلية؛ إذ إن محدودية القدرات االقتصادية للدول اإلفريقية تؤدي‬
‫بالضرورة إلى عدم العدالة في توزيع الموارد االقتصادية بما يعنيه ذلك من استجابة األنظمة لمطالب جماعات بعينها على‬
‫حساب جماعات أخرى‪ ،‬ومن ثم تنشب الصراعات األهلية إما من ِق َب ل الجماعات التي تسعى للحصول على نصيب من‬
‫«الكعكة» أو من قبل الجماعات التي ترغب في استمرار حصولها على االمتيازات االقتصادية بمفردها دون مشاركة‬
‫الجماعات األخرى‪.‬‬

‫وعلى الرغم من أن االختالالت الهيكلية التي تعاني منها القارة اإلفريقية اليوم هي نتيجة مباشرة لالستعمار الذي سعى ألن‬
‫تكون اقتصاديات الدول اإلفريقية مجرد اقتصاديات متخلفة تابعة للمراكز الرأسمالية العالمية بما يضمن تقدم هذه األخيرة‪ .‬إال‬
‫أن السياسات االقتصادية للدول اإلفريقية المستقلة ساهمت هي األخرى بقدر كبير في تعميق مشكالت الصراعات األهلية؛ إذ‬
‫اتبعت الدول اإلفريقية المستقلة حديثًا سياسات اقتصادية تمييزية‪ ،‬استهدفت في الغالب إرضاء الجماعات اإلثنية التي ينتمي‬
‫الرئيس أو النظام الحاكم‪ ،‬بما يعنيه ذلك من غياب للعدالة التوزيعية للسلع والخدمات فضًال عن المكانة والمناصب السياسية‬
‫والمراكز اإلدارية‪ ،‬وهو األمر الذي عمق مشكلة االندماج الوطني في المجتمعات اإلفريقية(‪.)12‬‬

‫وفي التسعينيات‪ ،‬تفاقمت األزمة االقتصادية في الدول اإلفريقية نتيجة اتباع هذه الدول سياسات وبرامج التكيف الهيكلي‬
‫واإلصالح االقتصادي وهو ما أدى إلى ارتفاع معدالت البطالة‪ ،‬وانخفاض األجور الحقيقية‪ .‬وتعتبر سيراليون نموذجًا‬
‫للصراعات األهلية التي اندلعت في التسعينيات على خلفية تدهور األوضاع االقتصادية‪ ،‬وليس أدل على تردي األوضاع‬
‫االقتصادية في سيراليون من تصنيفها في تقرير التنمية البشرية الصادر عن األمم المتحدة باعتبارها أفقر دولة في العالم؛‬
‫وذلك بوجود ‪ %65‬من المواطنين تحت خط الفقر(‪.)13‬‬

‫وقد أدى اتباع سياسات اقتصادية تمييزية وغير متوازنة إلى استشراء ظاهرة الفساد في المجتمعات اإلفريقية‪ .‬ومرة أخرى‬
‫يرتبط الفساد في هذا السياق بالروح اإلثنية‪ ،‬وتعتبر سيراليون أحد األمثلة التي شهدت استشراء ظاهرة الفساد؛ ففي الفترة من‬
‫‪ 1986‬ـ ‪1992‬م خضعت موارد الدولة لسيطرة الحزب الحاكم‪ ،‬واستخدمت هذه الموارد لتحقيق مصلحة فئة صغيرة على‬
‫حساب المصلحة العامة‪ ،‬بل واألكثر من ذلك كان من الصعوبة بمكان الفصل بين الثروة الوطنية والثروة الشخصية لرئيس‬
‫الدولة سياكا ستيفينز‪ ،‬وقد استغل الرئيس ستيفينز ومعاونوه المقربون وعلى رأسهم قيادات الحزب موارد الدولة في تحقيق‬
‫ثروات خاصة ضخمة‪ ،‬وهو ما مكنهم من تدعيم وتقوية قبضتهم على السلطة(‪.)14‬‬

‫ولقد شكلت الحروب األهلية في أحد جوانبها صراعًا من أجل الثروة والمكاسب االقتصادية التى أصبحت هدفًا في نفس‬
‫الوقت؛ فهي هدف في ضوء الظروف االقتصادية السلبية والقاسية السابق اإلشارة إليها‪ ،‬وهي في نفس الوقت أداة لتمويل‬
‫االحتياجات العسكرية للجماعات المتصارعة‪ ،‬ومن ثم فإنه ليس من قبيل المصادفة أن تنخرط ثالثة دول على األقل من الدول‬
‫الست الرئيسية المنتجة للماس في إفريقيا(‪ )15‬في حروب طاحنة سواء بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر‪ .‬وقد أوضح رئيس‬
‫البنك الدولي أن الماس يمول نحو ‪%75‬من الحروب في إفريقيا‪ ،‬ولعل هذا هو ما دفع مجلس األمن إلى إصدار القرار رقم‬
‫‪ 1306‬للتحقيق في العالقة بين االتجار في الماس واالتجار غير المشروع في السالح(‪.)16‬‬

‫وفي أنجوال‪ ،‬هدفت حركتا يونيتا ومبال إلى السيطرة على مناطق شمال شرق البالد الغنية بمناجم الماس والثروات الطبيعية‪،‬‬
‫وبالفعل نجحت يونيتا في ذلك‪ ،‬واستغلت عائدات هذه الثروات في إدارة صراعها مع الحكومة(‪.)17‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن استغالل الثروات الطبيعية ال يكون هدفًا للجماعات المتصارعة فقط‪ ،‬بل يكون أيضًا هدفًا للقوى‬
‫الخارجية التي تتدخل في النزاعات األهلية مدفوعة بمصالحها االقتصادية‪ .‬فالواليات المتحدة األمريكية على سبيل المثال‬
‫اهتمت بالتدخل في الكونغو الديمقراطية في الستينيات والسبعينيات من اجل حماية استثماراتها في إقليم كاتنجا (شابا)‪ ،‬وبالمثل‬
‫كان التدخل الليبي في تشاد مدفوعًا برغبة ليبية في السيطرة على إقليم أوزو الغني باليورانيوم(‪.)18‬‬

‫* المحور الثاني‪ :‬العوامل ذات الصلة بالبيئة الخارجية للمجتمعات اإلفريقية‪:‬‬

‫على الرغم مما سبقت اإلشارة إليه من عوامل ومتغيرات وثيقة الصلة بالبيئة الداخلية للدول اإلفريقية إال أن الصراعات‬
‫األهلية في القارة تشكلت أيضًا بفعل العديد من المتغيرات والعوامل المرتبطة بالبيئة الخارجية للقارة‪.‬‬

‫بيد أن أقدم العوامل الخارجية تمثل في االستعمار األوروبي الذي وضع بذور الحرب األهلية في إفريقيا سواء من خالل النشأة‬
‫المصطنعة للدول اإلفريقية أو من خالل السياسات االستعمارية المتبعة في المستعمرات اإلفريقية السابقة‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بالنشأة المصطنعة للدول اإلفريقية‪ ،‬فتجدر اإلشارة إلى أن التقسيم االستعماري للقارة الذي جرى في مؤتمر‬
‫برلين ‪ 1884‬ـ ‪1885‬م جاء متسقًا فقط مع مصالح المستعمرين واتجاهاتهم للتوسع‪ ،‬بينما جاء هذا التقسيم متناقضًا مع الواقع‬
‫االجتماعي واإلثني للمجتمعات اإلفريقية‪ .‬وقد أفرز هذا التقسيم الصناعي وضعين شَّك ال فيما بعد األساس للبعد اإلثني في‬
‫الحروب األهلية اإلفريقية‪ .‬فمن ناحية جمعت الخريطة االستعمارية داخل الدولة الواحدة جماعات لم يسبق لها العيش معًا‪ ،‬ولم‬
‫يسبق لها التفاعل مع بعضها البعض في إطار واحد مثلما هو الحال في أنجوال على سبيل المثال‪ .‬ومن ناحية أخرى فصلت‬
‫الحدود السياسية المصطنعة «عرى» التواصل بين جماعات عرقية واحدة وجدت نفسها فجأة تابعة لكيانات سياسية مختلفة‪،‬‬
‫وهو وضع شائع الحدوث في العديد من أنحاء القارة اإلفريقية(‪.)19‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن التقسيم التعسفي للقارة لم يكن هو األثر الوحيد لالستعمار األوروبى؛ إذ لعبت السياسات االستعمارية‬
‫التي اتبعتها القوى االستعمارية األوروبية دورًا في تعميق تناقضات المجتمعات اإلفريقية وال سيما التناقضات اإلثنية‪.‬‬

‫فمن ناحية ساعدت السياسة االستعمارية على تغذية التناقضات اإلثنية من خالل سياسة «فِّر ْق تسْد »‪ ،‬أو من خالل تفضيل‬
‫جماعات إثنية معينة على غيرها‪ ،‬وإ عطائها نصيبًا أكبر في الحكم والسلطة؛ ففي أوغندا ‪ -‬على سبيل المثال ـ فضلت اإلدارة‬
‫االستعمارية قبيلة البوجندا على باقي الجماعات اإلثنية األخرى‪ ،‬وجرى إطالق اسمهم على الدولة األوغندية ككل‪ ،‬وحصلوا‬
‫على حكم ذاتي موسع‪ ،‬وحصلوا على فرص تعليمية أكبر بكثير مما كان متاحًا لباقي الجماعات‪ ،‬وتمتعوا بنفوذ كبير في‬
‫المجالس التشريعية التي أقامها االستعمار‪ .‬ولعل هذا الوضع المميز لجماعة البوجندا أسفر عن صعوبات جمة في مرحلة ما‬
‫بعد االستقالل؛ إذ طالبت البوجندا بإقامة دولة منفصلة يتمتعون فيها بالنفوذ خوفًا من أن يؤدي االستقالل إلى فقدانهم‬
‫لالمتيازات التي حصلوا عليها إبان االستعمار(‪.)20‬‬

‫وفي رواندا عمل المؤرخون واألنثروبولوجيون االستعماريون على إضفاء ظالل عنصرية على اإلثنية في رواندا من خالل‬
‫التأكيد على اختالف األصول «العنصرية» للجماعات الرواندية‪ ،‬وأن بعضها يتمتع بالتفوق العنصري إزاء الجماعات‬
‫األخرى‪.‬‬

‫وعلى الرغم من أن األساطير الشعبية الرواندية تحفل بالقصص التي تعزز فكرة تفوق التوتسي على الهوتو والتوا(‪ )21‬إال أن‬
‫الدراسات األنثروبولوجية والتاريخية االستعمارية أضفت على هذه األساطير مسحة علمية وساعد على خلق وعي جماعي‬
‫إثتي في رواندا‪ ،‬يشعر فيه التوتسي بالتفوق العنصري بينما يشعر الهوتو بالضعة والدونية‪ ،‬وهو ما أدى في النهاية إلى تفجر‬
‫العنف اإلثني والحرب األهلية في رواندا(‪.)22‬‬

‫وفي السودان لعب االستعمار دورًا مختلفًا‪ ،‬وإ ن كان قد أسفر عن نفس النتيجة؛ حيث قسمت اإلدارة االستعمارية السودان‬
‫خالل فترة احتاللها له إلى جزأين‪ ،‬واتبعت في كل منهما سياسة استعمارية مختلفة‪ .‬ففي الشمال كانت السياسة البريطانية‬
‫تسمح بتطوير هوية قومية تتركز على األنصار والختمية‪ ،‬وفي الجنوب اتبعت بريطانيا سياسة اللورد لوجارد الخاصة بالحكم‬
‫غير المباشر‪ ،‬وقامت السلطات البريطانية بحظر اللغة العربية في الجنوب‪ ،‬وحالت دون نفاذ التأثيرات العربية اإلسالمية‪ ،‬بل‬
‫وسمحت للبعثات التبشيرية التي يتم طردها من الشمال بالعمل في الجنوب‪ ،‬وأصدرت السلطات االستعمارية البريطانية قوانين‬
‫مثل قانون المناطق المغلقة وقانون المرور‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن هذه االزدواجية في التعامل مع شمال وجنوب السودان أثر‬
‫على الصراع بين الشمال والجنوب‪ ،‬وأضفى عليه أبعادًا جديدة(‪.)23‬‬

‫ومع حصول الدول اإلفريقية على استقاللها لم ينته الدور الخارجي‪ ،‬وإ نما تحول ليأخذ أشكاًال وصورًا جديدة‪ ،‬ففي أثناء‬
‫الحرب الباردة كانت القارة اإلفريقية ساحة للمواجهة بين القوتين العظميين‪ ،‬ومن ثم فقد كان التدخل الخارجي والحروب‬
‫األهلية أحد أدوات القوى الكبرى في إدارة عالقاتها الدولية‪ .‬ومن ثم فقد كان ينظر إلى هذه الحروب باعتبارها أحد أدوات هذه‬
‫القوى في تحقيق أهدافها‪.‬‬

‫فبالنسبة لالتحاد السوفييتي‪ ،‬فقد اتخذ إفريقيا ميدانًا لمواجهته مع القوى الدولية في القارة اإلفريقية وتحديدًا الواليات المتحدة‬
‫األمريكية‪ .‬وفي المقابل كانت الواليات المتحدة األمريكية تسعى إلى وقف المد الشيوعي في إفريقيا‪.‬‬
‫ولعل الحرب األهلية األنجولية تعتبر من أكثر النماذج المعبرة عن الدور الخارجي وأثره؛ إذ استغلت القوى الخارجية تشرذم‬
‫وانقسام الحركة الوطنية األنجولية إلى ثالثة أجنحة هي‪ :‬الحركة الشعبية لتحرير أنجوال (مبال)‪ ،‬واالتحاد الوطني الستقالل كل‬
‫أنجوال (يونيتا)‪ ،‬والجبهة الوطنية لتحرير أنجوال (فنال)(‪ )24‬ـ استغلت ذلك التشرذم في التدخل لتحقيق أهدافها الخاصة في‬
‫أنجوال وال سيما أن هذه األخيرة تتمتع بموقع جيوبوليتيكي فريد‪ ،‬فضًال عن تمتعها بثروات طبيعية هائلة‪ .‬وفي هذا اإلطار‪،‬‬
‫وقف كل من االتحاد السوفييتي السابق وكوبا وألمانيا الشرقية والجزائر إلى جانب الحركة الشعبية لتحرير أنجوال (مبال)؛‬
‫بينما قامت الواليات المتحدة وجنوب إفريقيا والبرتغال وزائير والصين إلى جانب (فنال) و (يونيتا)(‪ .)25‬ولعل هذا الدعم‬
‫الذي تلقته كل جبهة من الجبهات الثالثة قد ساعد على إطالة أمد الحرب‪ ،‬وعدم القدرة على حسمها لصالح أي من هذه الجهات‬
‫بصورة سريعة‪.‬‬

‫ويرى اتجاه أن تدخل القوى العظمى في القارة إبان الحرب الباردة لم يؤد في جميع الحاالت إلى إشعال الحروب األهلية‪ ،‬بل‬
‫إنه قد ساعد في بعض األحيان على تهدئة هذه الصراعات‪ ،‬ولعل ما يؤيد هذا االتجاه أن مرحلة ما بعد الحرب الباردة شهدت‬
‫تفاقم هذه الحروب بصورة أكثر حدة؛ حيث أدى انتهاء الحرب الباردة إلى تقلص أهمية القارة اإلفريقية في السياسات العالمية‪،‬‬
‫ومن ثم حرمت األطراف الداخلية المتورطة في صراعات في القارة اإلفريقية من الدعم الذي كانت تحصل عليه سياسيًا أو‬
‫عسكريًا أو اقتصاديًا‪ ،‬وهو ما أدى بدوره إلى اختفاء واحدة من أهم آليات الضبط والسيطرة على مسار تطور الصراعات‬
‫الداخلية في تلك الدول‪ ،‬وهو ما أتاح مجاًال أوسع بكثير النفجار تلك الصراعات بصورة أكثر حدة(‪.)26‬‬

‫* تداعيات الحروب األهلية في إفريقيا‪:‬‬

‫وتنبع أهمية تناول تداعيات الحروب األهلية في إفريقيا من حقيقة هامة مؤداها أن هذه التداعيات قد تكون في حد ذاتها سببًا‬
‫وعامًال من عوامل تجدد الصراع مرة أخرى‪ .‬وتتعدد تداعيات وآثار الصراعات األهلية في إفريقيا‪ ،‬ومن أبرز هذه اآلثار‪:‬‬
‫تفاقم مشكلة الالجئين‪ ،‬ظاهرة تجنيد األطفال في الصراعات المسلحة‪ ،‬ومشكلة انهيار الدولة‪ ،‬انتهاكات حقوق اإلنسان‪ ،‬انتقال‬
‫الحروب األهلية للدول المجاورة فيما يعرف بأثر العدوى‪ ،‬وفيما يلي سوف نتناول اآلثار الثالثة األولى‪:‬‬

‫أوًال‪ :‬مشكلة الالجئين‪:‬‬

‫تعتبر مشكلة الالجئين واحدة من أبرز اآلثار التي أفرزتها الحروب والصراعات األهلية في القارة اإلفريقية‪ .‬وتضم القارة‬
‫اإلفريقية حوالي نصف الالجئين في العالم‪ ،‬لتصبح بذلك أكبر قارات العالم من حيث عدد الالجئين‪.‬‬

‫وتسبب ظاهرة الالجئين مشكالت سواء لدولة المنشأ أو دولة اللجوء‪ .‬فبالنسبة لألولى‪ :‬تفقد هذه الدول مواردها البشرية بسبب‬
‫نزيف العقول الذي تتعرض له‪ ،‬وهروب المتعلمين والمثقفين إلى الخارج للنجاة بأنفسهم والبحث عن مصادر جديدة للرزق‬
‫بعيدة عن مواطنهم التي دمرتها الحروب األهلية‪ .‬أما بالنسبة للثانية (دولة اللجوء) فتواجه هي األخرى سلسلة من المشكالت‬
‫تتمثل فيما يحدثه الالجئون من تغيرات في الخريطة البشرية وتحديدًا اإلثنية‪ ،‬فضًال عما يمثله هؤالء الالجئون من أعباء‬
‫اقتصادية واجتماعية(‪.)27‬‬

‫وعلى الرغم من االتفاق المبدئي على اتساع نطاق مشكلة الالجئين في إفريقيا‪ ،‬فإن ثمة صعوبات تحول دون التحديد الدقيق‬
‫ألعدادهم‪ ،‬ومن هذه الصعوبات(‪:)28‬‬
‫‪ - 1‬اتسام أوضاع مخيمات الالجئين بالسيولة الشديدة؛ حيث تزداد عملية دخول وخروج الالجئين من هذه المخيمات‪ ،‬بما‬
‫يجعل أعداد الالجئين عرضة للتقلبات السريعة والمفاجئة‪.‬‬

‫‪ - 2‬عدم قدرة دولة المنشأ على وضع عدد دقيق ألعداد الالجئين الفارين منها بسبب ظروف عدم االستقرار الداخلي‪.‬‬

‫‪ - 3‬ميل دولة اللجوء إلى المبالغة في أعداد الالجئين الموجودين لديها‪ ،‬سعيًا إلى الحصول على مزيد من المساعدات الدولية‪.‬‬

‫ومن حيث دول المنشأ تأتي الصومال على رأس هذه الدول؛ إذ أدى تفاقم الحرب األهلية فيها منذ بداية التسعينيات إلى خروج‬
‫أعداد هائلة من الالجئين هربًا من الجفاف والمجاعة والحرب األهلية‪ .‬يلي الصومال‪ :‬بوروندي وليبيريا والسودان وسيراليون‬
‫وإ ريتريا وأنجوال والكونغو الديمقراطية ورواندا وإ ثيوبيا(‪.)29‬‬

‫وعلى صعيد دول الملجأ تعتبر تنزانيا على رأس الدول المستقبلة لالجئين ليس فقط في إفريقيا وإ نما في العالم بأسره؛ حيث‬
‫وصل عدد الالجئين فيها إلى أكثر من ‪ 560‬ألف الجئ‪ ،‬من بينهم ‪ 449‬ألف الجئ من بوروندي‪ ،‬و ‪ 98‬ألف الجئ من‬
‫الكونغو الديمقراطية‪ ،‬و يلي تنزانيا كل من‪ :‬غينيا‪ ،‬السودان‪ ،‬إثيوبيا‪ ،‬الكونغو الديمقراطية‪ ،‬كينيا‪ ،‬ساحل العاج‪ ،‬أوغندا‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬وأخيرًا زامبيا(‪.)30‬‬

‫ويتضح مما سبق التداخل الواضح بين دول المنشأ ودول اللجوء؛ فالدولة الواحدة قد تكون طاردة لالجئين أو مستقبلة لهم‪.‬‬
‫فالكونغو الديمقراطية على سبيل المثال تعاني من مشكلة الالجئين منذ عام ‪1960‬م‪ ،‬و يقدر حجم الالجئين الفارين منها بأكثر‬
‫من ‪ 200‬ألف الجئ‪ .‬وفي نفس الوقت تستضيف الكونغو الديمقراطية الالجئين من أنجوال وبوروندي وأوغندا ورواندا‪،‬‬
‫وينطبق الوضع على كل من السودان وإ ثيوبيا‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬ظاهرة تجنيد األطفال في الصراعات المسلحة‪:‬‬

‫ويعتبر األطفال من أكثر الفئات تعرضًا لمخاطر وآثار الحروب األهلية؛ فهم إما يتعرضون للقتل أو اإلعاقة أو التشريد عن‬
‫منازلهم أو االنفصال عن ذويهم‪.‬‬

‫بيد أن اآلثار الواقعة على األطفال في الحروب تفاقمت باستخدام األطفال كأداة في الحرب‪ .‬وفي عام ‪1988‬م قدر عدد‬
‫األطفال المحاربين في الحروب األهلية بنحو ‪ 200.000‬طفل‪ ،‬ارتفعوا إلى ‪ 300.000‬طفل عام ‪1995‬م؛ حيث تستخدمهم‬
‫الجيوش النظامية للقيام بكافة أنواع األعمال كطهاه‪ ،‬أو محاربين أو جواسيس أو كأدوات للكشف عن األلغام‪ .....‬إلخ(‪.)31‬‬

‫وقد ساعد توفر األسلحة الخفيفة إلى تكوين جيوش من األطفال دون العاشرة يجيدون كافة فنون القتال والتعذيب‪ .‬ففي‬
‫سيراليون يطلق على الحرب الدائرة هناك «حرب األطفال» إذ إن معظم المحاربين من الجانبين من األطفال‪ .‬وفي رواندا‬
‫رصدت منظمة األمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف عام ‪1995‬م) حاالت ألكثر من ‪ 3000‬طفل تعرضوا لمستويات عالية جدًا‬
‫من اإلصابات خالل عمليات التطهير العرقي عام ‪1994‬م‪ .‬كما قدرت منظمة العفو الدولية عدد األطفال الذين يقومون بإعالة‬
‫أسرهم بنحو ‪ 60.000‬طفل‪ ،‬ثالثة أرباعهم من الفتيات(‪.)32‬‬

‫وفي حاالت اللجوء يمثل األطفال حوالي ‪ %50‬من أي مجموعة‪ ،‬وقد تتزايد هذه النسبة الى ما بين ‪.%70 - %65‬‬
‫ثالثًا‪ :‬مشكلة انهيار الدولة‪:‬‬

‫تعد مشكلة انهيار الدولة من أولى النتائج واآلثار المترتبة على الحروب األهلية‪ ،‬ويقصد بانهيار الدولة تقويض مؤسسات‬
‫الدولة وأجهزتها بما ال يسمح لها بأداء وظائفها المختلفة‪ .‬ويتخذ انهيار الدولة كنتيجة للحروب األهلية نمطين أساسيين‪:‬‬

‫النمط األول‪ :‬هو االنهيار الشامل للدولة‪ ،‬ويقصد به انهيار السلطة المركزية للدولة‪ ،‬ويحدث عندما تؤدي اإلطاحة بالنظام إلى‬
‫حدوث حالة من الفوضى الشاملة‪ ،‬بما ال يسمح ألي من الجماعات المتصارعة بالسيطرة على الحكم بصورة كاملة‪.‬‬

‫أما النمط الثاني‪ :‬فهو االنهيار الجزئي ويقصد به ضعف سلطة الحكومة وترهل جهازها البيروقراطي الذي ينجم عنه عجز‬
‫الدولة عن فرض سيطرتها على جميع أقاليم الدولة‪ ،‬ويتسم هذا النمط بأنه مؤقت‪ ،‬ويقتصر على فترة محددة من الحرب‬
‫األهلية(‪.)33‬‬

‫ويعود انهيار الدولة اإلفريقية إلى أسباب مرتبطة بالضعف الهيكلي للدولة اإلفريقية التي تعاني من العديد من االختالالت‬
‫والمشكالت‪ ،‬وألسباب مرتبطة بطبيعة الدولة اإلفريقية التي توصف بأنها دولة رخوة‪ ،‬وأنها دولة وقف‪ ،‬ودولة نخبة(‪ .)34‬بيد‬
‫أن انهيار الدول اإلفريقية يظل أيضّا وثيق الصلة بالعوامل الخارجية؛ ففي فترة الحرب الباردة كان للمساعدات التي تقدمها‬
‫القوى الكبرى للدول اإلفريقية أكبر األثر في صمود هذه الدول في وجه التحديات السياسية واالقتصادية واألمنية التي‬
‫تواجهها‪ ،‬ومع انتهاء الحرب الباردة ـ وما صاحبها من متغيرات على الساحة الدولية قادت إلى انخفاض األهمية النسبية للدول‬
‫اإلفريقية ‪ -‬توقفت هذه المساعدات لتجد الدول اإلفريقية نفسها مضطرة لمواجهة هذه التحديات بمفردها‪ ،‬ومن ثم فإن عددًا‬
‫قليًال جدًا من الدول اإلفريقية هي التي نجحت في الحفاظ على االستقرار السياسي واالقتصادي واألمني(‪.)35‬‬

‫ويعتبر الصومال وليبيريا نموذجين دالين لما يتعلق بحاالت االنهيار الشامل للدولة؛ ففي الحالة الليبيرية غابت الدولة بوصفها‬
‫النظام الشرعي القائم‪ ،‬كما انهار المجتمع اجتماعيًا واقتصاديًا‪ .‬ويرجع انهيار الدولة الليبيرية إلى عملية تاريخية طويلة من‬
‫التآكل التدريجي في البنية السياسية االجتماعية للمجتمع الليبيري أسفر عن انهيار النظام الديكتاتوري للرئيس تولبرت ليحل‬
‫محله نظام أكثر ديكتاتورية يهيمن فيه صامويل دو وجماعته اإلثنية على مقاليد الحكم في البالد(‪.)36‬‬

‫أما بالنسبة للصومال فقد تكاتفت عدة عوامل أدت في النهاية إلى انهيار الدولة الصومالية‪ ،‬ومن هذه العوامل‪ :‬نظام الحكم‬
‫الفردي لنظام سياد بري‪ ،‬االعتماد الكثيف على المؤسسات العسكرية والبوليسية في مختلف قطاعات الدولة‪ ،‬هذا إضافــة إلـى‬
‫العــوامل الخارجيــة المتمثلة فـي األدوار التي لعبتها القوى اإلقليمية والدولية في الحرب األهلية الصومالية(‪ .)37‬وأخذ انهيار‬
‫الدولة الصومالية شكًال متطرفًا أعاد المنطقة إلى الوضع الذي كانت عليه في القرن التاسع عشر من حيث غياب السلطة‬
‫المركزية والنظام القضائي وانهيار الخدمات العامة(‪.)38‬‬

‫وعلى الرغم من أن انهيار الدولة هو أحد نتائج الحروب األهلية في إفريقيا‪ ،‬إال أنه بدوره له العديد من اآلثار والنتائج الفادحة؛‬
‫حيث إن هذا االنهيار يؤدي إلى تدمير الركائز االقتصادية واالجتماعية للدولة‪ ،‬ويؤدي إلى الفصل العملي والواقعي للدولة‬
‫نظرًا لغياب سلطة مركزية تفرض سلطتها على أرض الواقع وهو ما يؤدي في التقدير إلى إطالة أمد الحرب األهلية‪،‬‬
‫وصعوبة حسمها لصالح أي من األطراف المتصارعة‪.‬‬
‫يتضح مما سبق أن ظاهرة الصراعات األهلية هي ظاهرة بالغة التعقيد تتعقد فيها األسباب والعوامل الداخلية والخارجية‪،‬‬
‫وتتداخل فيها األسباب والنتائج‪ ،‬مما يتطلب منهجًا شامًال ورؤية متكاملة عند التعاطي مع هذه المشكلة‪ .‬بيد أن البحث عن‬
‫حلول لتسوية مشكلة الصراعات األهلية التي تضرب القارة منذ عقود خلت تتطلب األخذ في االعتبار خصوصية هذه‬
‫الصراعات التي تعتبر صراعات ممتدة بالغة التعقيد ألنها ترتبط بتمايز هوية وثقافة الجماعات التي تشكل أطرافها الفاعلة‬
‫وهو ما يتطلب مجموعة من الحلول الخاصة تراعي هذه الخصوصية‪ ،‬وتضع نهاية لهذه الظاهرة بالغة الخطورة على الساحة‬
‫اإلفريقية‪.‬‬

‫‪----------‬‬

‫المراجع‪:‬‬

‫(‪William Thom, "Africa's Security issues through 2010", Military Review, July/August 2000.)1‬‬
‫‪.p.9‬‬

‫(‪ )2‬د‪ .‬محمود أبو العينين‪« ،‬إفريقيا والتحوالت الراهنة في النظام الدولي»‪ ،‬في الهيئة العامة للكتاب‪ ،‬مصر وإ فريقيا الجذور‬
‫التاريخية للمشكالت اإلفريقية المعاصرة‪ ،‬أعمال ندوة لجنة التاريخ واآلثار بالمجلس األعلى للثقافة باالشتراك مع معهد‬
‫البحوث والدراسات اإلفريقية‪( ،‬القاهرة‪ :‬الهيئة العامة للكتاب‪1996 ،‬م)‪ ،‬ص ‪.302‬‬

‫(‪ )3‬أحمد إبراهيم محمود‪ ،‬الحروب األهلية في إفريقيا‪( ،‬القاهرة‪ :‬مركز الدراسات السياسية واالستراتيجية‪2001 ،‬م)‪ ،‬ص‬
‫‪ ،25‬وقد قدمت الدراسة العديد من التعريفات لظاهرة الحروب األهلية كما وردت في األدبيات السياسية‪.‬‬

‫(‪ )4‬د‪ .‬حمدي عبد الرحمن‪ ،‬التعددية وأزمة بناء الدولة في إفريقيا اإلسالمية‪( ،‬القاهرة‪ :‬مركز دراسات المستقبل اإلفريقي‪،‬‬
‫‪1996‬م) ص ‪ 30‬ـ ‪.36‬‬

‫(‪ )5‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 36‬ـ ‪.37‬‬

‫(‪ )6‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 25‬ـ ‪.26‬‬

‫(‪ )7‬سوف يتم تناول دور االستعمار في تعميق البعد اإلثني في الصراعات اإلفريقية في جزء تال من هذه الورقة‪.‬‬

‫(‪ )8‬أحمد إبراهيم‪ ،‬م‪ .‬س‪ .‬ذ‪ ،‬ص ‪.153‬‬

‫(‪ )9‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.154‬‬

‫(‪ )10‬د‪ .‬صبحي قنصوة‪ ،‬العنف اإلثني في رواندا‪ ،‬القاهرة‪ :‬برنامج الدراسات المصرية اإلفريقية‪ ،‬سلسلة دراسات مصرية‬
‫إفريقية‪ ،‬العدد (‪ ،)2‬سبتمبر ‪2001‬م)‪ ،‬ص ‪.3‬‬
‫(‪Ibrahim Elbadawi, Nicolas Sambanis, "Why are there so many civil wars in Africa? )11‬‬
‫‪Understanding and preventing violent conflict".(Washington DC. , World Bank working‬‬
‫‪.papers, December 2000) p.1‬‬

‫(‪ )12‬أحمد إبراهيم محمود‪ ،‬م‪.‬س‪.‬ذ‪ ،.‬ص ‪ 175‬ـ ‪.176‬‬

‫(‪Sahr Jhon Kpundh, "Limiting Administrative corruption in Sierra Leone", The Journal of)13‬‬
‫‪.Modern African Studies, (Cambridge: Cambridge Uni. Press, vol.32, no.1, 1994), p140‬‬

‫(‪.Ibid, pp 139-140 )14‬‬

‫(‪ )15‬هذه الدول هي الكونغو الديمقراطية‪ ،‬انجوال‪ ،‬سيراليون‪ ،‬ناميبيا‪ ،‬بتسوانا‪ ،‬جنوب إفريقيا‪ ،‬ويبلغ مجموع إنتاج هذه الدول‬
‫من الماس الخام نحو ‪ 4.7‬مليارات دوالر أي نحو ‪ %59.3‬من اإلنتاج العالمي خالل عام ‪1999‬م‬

‫(‪ )16‬الثروات اإلفريقية إلى أين؟ آفاق إفريقية‪( ،‬القاهرة‪ :‬الهيئة العامة لالستعالمات‪ ،‬المجلد األول‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬شتاء‬
‫‪2000/2001‬م) ‪ ،‬ص ‪ 77‬ـ ‪.78‬‬

‫(‪ )17‬احمد إبراهيم محمود‪ ،‬م‪.‬س‪.‬ذ‪ ،.‬ص ‪ 179‬ـ ‪.180‬‬

‫(‪ )18‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.180‬‬

‫(‪ )19‬د‪ .‬السيد فليفل‪ ،‬الحروب األهلية في إفريقيا‪ :‬محاولة للتفسير التاريخي‪ ،‬في معهد البحوث والدراسات اإلفريقية‪،‬‬
‫الصراعات والحروب األهلية في إفريقيا‪ ،‬أعمال المؤتمر السنوي للدراسات اإلفريقية (القاهرة‪ :‬معهد البحوث والدراسات‬
‫اإلفريقية‪1999 ،‬م)‪ ،‬ص ‪ 32‬ـ ‪.)33‬‬

‫(‪ )20‬أحمد إبراهيم محمود‪ ،‬م‪ .‬س‪ .‬ذ‪ ،‬ص ‪ 65‬ـ ‪.66‬‬

‫(‪ )21‬من هذه األساطير والمرويات الشعبية قصة «األصول» التي تتحدث عن بداية تاريخ رواندا بحكم كيجوا ‪ Kigwa‬الذي‬
‫هبط من السماء‪ ،‬وأنجب ثالثة أبناء هم جاتوتسي وهو أصل التوتسي‪ ،‬وجاهوتو وهو اصل الهوتو‪ ،‬وجاتوا وهو أصل التوا‪،‬‬
‫وعندما أراد كيجوا أن يختار خليفته في الحكم‪ ،‬عهد إلى كل ابن من أبنائه الثالثة بإناء من اللبن‪ ،‬وطلب منه أن يحافظ عليه‬
‫حتى الصبح‪ ،‬فما كان من جاتوا إال أن شرب إناءه‪ ،‬بينما أهمل جاهوتو إناءه فانسكب منه اللبن‪ ،‬وأما جاتوتسي فقد ظل متيقظًا‬
‫وحافظ على إنائه‪ .‬ووفقًا لتصرف كل من الثالثة تحدد مصيرهم في الحياة‪ ،‬فأصبح لجاتوتسي وحده الحق في الحكم‪ ،‬وأصبح‬
‫جاهوتو خادمًا له‪ ،‬أما جاتوا فقد أصبح مطرودًا منبوذًا من المجتمع‪ .‬انظر في ذلك‪ :‬د‪ .‬صبحي قنصوة‪ ،‬م‪ .‬س‪ .‬ذ‪ ،‬ص ‪.6‬‬

‫(‪ )22‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.7‬‬

‫(‪ )23‬د‪ .‬حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مشكلة جنوب السودان دراسة في األطر التاريخية وديناميات الصراع‪ ،‬الهيئة المصرية العامة‬
‫للكتاب‪ ،‬مصر وإ فريقيا م‪ .‬س‪ .‬ذ‪ ،‬ص ‪ 198‬ـ ‪.199‬‬
‫(‪ )24‬حول انقسام الحركة الوطنية األنجولية‪ ،‬انظر‪ :‬د‪ .‬السيد فليفل‪ ،‬الجذور التاريخية للحرب األهلية األنجولية في الهيئة‬
‫المصرية العامة للكتاب‪ ،‬الجذور التاريخية‪ ،‬م‪ .‬س‪ .‬ذ‪ ،‬ص ‪ 163‬ـ ‪.171‬‬

‫(‪ )25‬أحمد إبراهيم محمود‪ ،‬م‪ .‬س‪ .‬ذ‪ ،‬ص ‪ 200‬ـ ‪201‬م‪.‬‬

‫(‪ )26‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.190‬‬

‫(‪ )27‬أحمد إبراهيم‪ ،‬م‪ .‬س‪ .‬ذ‪ ،‬ص ‪ 348‬ـ ‪.350‬‬

‫(‪ )28‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.354‬‬

‫(‪ )29‬أحمد إبراهيم‪ ،‬م‪ .‬س‪ .‬ذ‪ ،‬ص ‪ 355‬ـ ‪.358‬‬

‫(‪ )30‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 360‬ـ ‪.364‬‬

‫(‪ )31‬د‪ .‬عزيزة بدر‪ ،‬التكلفة واآلثار االجتماعية واالقتصادية للصراعات في الحروب األهلية وانعكاساتها على البيئة والتنمية‬
‫البشرية في إفريقيا‪ ،‬في معهد البحوث والدراسات اإلفريقية‪ ،‬الصراعات والحروب األهلية في إفريقيا‪ ،‬م‪ .‬س‪ .‬ذ‪.835 ،‬‬

‫(‪ )32‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ 837‬ـ ‪.838‬‬

‫(‪ )33‬خليل العناني‪ ،‬العوامل الداخلية لتآكل مؤسسة الدولة في إفريقيا‪ ،‬آفاق إفريقية‪ ،‬المجلد الثاني‪ ،‬العدد السادس‪ ،‬صيف‬
‫‪2001‬م‪ ،‬ص ‪ 72‬وفي تحليل أنماط وأشكال انهيار الدولة انظر أيضًا‪ :‬أحمد إبراهيم محمود‪ ،‬م‪ .‬س‪ .‬ذ‪ ،‬ص ‪ 266‬ـ ‪.281‬‬

‫(‪ )34‬حول إشكالية الدولة اإلفريقية انظر‪ :‬د‪ .‬إبراهيم نصر الدين‪ ،‬إشكالية الدولة في إفريقيا‪ ،‬القاهرة‪ :‬مركز البحوث‬
‫والدراسات السياسية‪ ،‬سلسلة بحوث سياسية‪ ،‬العدد (‪.)130‬‬

‫(‪United Nations, The causes of conflict and the promotion of durable peace and sustainable)35‬‬
‫‪.development in Africa, Report of the Secretary-General,1997‬‬

‫(‪ )36‬خليل العناني‪ ،‬م‪ .‬س‪ .‬ذ‪ ،‬ص ‪ ،73‬وانظر أيضًا‪ :‬أحمد إبراهيم محمود‪ ،‬م‪ .‬س‪ .‬ذ‪ ،‬ص‪ 270‬ـ ‪.272‬‬

‫(‪ )37‬حول تحليل شامل ألدوار القوى الدولية واإلقليمية‪ ،‬أنظر‪ :‬د‪ .‬نجوى الفوال‪ ،‬المواقف الدولية واإلقليمية تجاه األزمة‬
‫الصومالية في معهد البحوث والدراسات اإلفريقية‪ ،‬الصراعات والحروب األهلية في إفريقيا‪ ،‬م‪ .‬س‪ .‬ذ‪ ،‬ص ‪ 345‬ـ ‪.389‬‬

‫(‪ )38‬أحمد إبراهيم محمود‪ ،‬م‪ .‬س‪ .‬ذ‪ ،‬ص ‪ 272‬ـ ‪.274‬‬

‫* معيدة بمعهد البحوث والدراسات اإلفريقية‪ ،‬جامعة القاهرة‬

You might also like