You are on page 1of 231

‫فوائد وإرشادات‬

‫يف الطب والصحة‬


‫جمموعة من مؤلفات‬
‫الشيخ حممد بن صاحل العثيمني ‪‬‬

‫مجع وإعداد‬
‫احلربي‬
‫‪ALharbi622569@gmail.com‬‬

‫الطبعة األوىل‬
‫‪ 1443‬هـ‪2021/‬م‬
‫حقوق الطبع حمفوظة للمؤلف‬
‫احلربي‬
‫‪ALharbi622569@gmail.com‬‬

‫‪2‬‬
3
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫الحمد هلل الذي يرشد عبده ويهديه‪ ،‬وهو الذي يميته ويحييه‪،‬‬
‫وإذا مرض فهو يش��فيه‪ ،‬وإذا ضعف فهو يقويه‪ ،‬وهو الذي يطعمه‬
‫ويسقيه‪ ،‬ويحفظه من الهالك ويحميه‪ ،‬ويحرسه بالطعام والشراب‬
‫عم��ا يهتكه ويرديه‪ ،‬س��بحانه من عالم يف تدبي��ره‪ ،‬ومبدع يف خلقه‬
‫ّ‬
‫وتصوي��ره‪ ،‬ع��دل بين خلقه بالصحة واألس��قام‪ ،‬وإذا ش��اء وهب‬
‫الضر واآلالم‪ ،‬وخلق الداء والدواء‪ ،‬أحمده على‬ ‫العافية وكش��ف ّ‬
‫منته الجسام‪ ،‬ونشكره على نعمة اإلسالم‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال اهلل‬
‫محمدا عبده ورسوله‬ ‫ً‬ ‫وحده ال شريك له العظيم الديان وأشهد أن‬
‫المختار من ولد عدنان والمرسل بواضح البيان والمبعوث بأعظم‬
‫ش��أن وأفصح لسان ‪ ‬وعلى آله وصحبه أجمعين ومن‬ ‫ٍ‬
‫تبعهم بإحسان إلى يوم الدين‪.‬‬
‫وعلي شرفه وفخره‪،‬‬
‫ّ‬ ‫أما بعد‪ :‬فإن الطب علم عظيم نفعه وقدره‬
‫واشتهر بذلك فضله وذكره‪ ،‬وثبت يف الشرع أصله‪ ،‬وشهد بصحته‬
‫الكتاب والسنة‪ ،‬وأجمع على ذلك كافة األمة(‪.)1‬‬
‫((( كتاب تسهيل المنافع يف الطب والحكمة‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫وألهمية علم الطب وعظيم نفعه جمعت ما تيس��ر من الفوائد‬


‫واإلش��ارات الطبية التي اس��تنبطها وذكرها الشيخ العالمة محمد‬
‫ب��ن صالح العثيمي��ن ‪-‬رحم��ه اهلل تعالى‪ -‬يف كتب��ه‪ ،‬فالكل يعرف‬
‫منزل��ة هذا العالم الجليل وما تميز ب��ه من العلوم والمعارف ومن‬
‫ذلك قوته ودقته يف االس��تنباط فقد يستنبط من اآلية الواحدة عدة‬
‫فوائد وهذا واضح جلي يف تفسيره للقرآن وكذلك يف شرحه لبلوغ‬
‫المرام وغيرها من الكتب فقد يذكر فوائد كثيرة من كلمات يسيرة‪،‬‬
‫وق��د يكون النص يف الطهارة وتجد يف ش��رحه فوائد مس��تنبطة يف‬
‫العقي��دة‪ ،‬ويكون النص يف العقيدة وتجد فوائد يف غير ذلك الباب‬
‫وهذا أمر معلوم لكل من قرأ كتب الشيخ ‪.‬‬
‫وهذه الفوائد قيمة النفع‪ ،‬وقد وجدت أثر نفعها يف نفس��ي‪ ،‬يف‬
‫أم��ور كثيرة كنت أقوم بعملها عل��ى غير الصواب يف أمور الصحة‬
‫ولما علمت ذلك من كتب الش��يخ ‪ ‬طبقتها واستفدت منها‬
‫كثيرا وأسأل اهلل أن ينفع هبا المسلمين والحمد هلل رب العالمين‪.‬‬
‫ً‬
‫احلربي‬
‫‪@alharb_722‬‬
‫اإلثنني ‪١٤٤٣/٥/٢‬هـ‬

‫‪6‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬طريقة ترتيب الرسالة ‪L‬‬


‫إذا كانت الفائدة مستنبطة من نص شرعي أضع لها عنوا ًنا‪ ،‬ثم‬
‫أذكر النص الشرعي‪ ،‬ثم أذكر كالم الشيخ ‪.‬‬
‫وإذا كان غير ذلك أضع لها عنوا ًنا فقط‪ ،‬ثم أذكر كالم الش��يخ‬
‫‪.‬‬
‫وكل م��ا أذكره م��ن هذه الفوائ��د أذكر مص��دره وموضعه من‬
‫مؤلفات الشيخ ‪.‬‬
‫والحمد هلل رب العالمين‪.‬‬
‫***‬

‫‪7‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬فوائد شرب املاء على معدة خالية ‪L‬‬


‫الض ِّب ِّي‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِّي ‪َ ،‬ق َال‪:‬‬ ‫ان ْب ِن َع ِامرٍ َّ‬‫ عن َس�� ْل َم َ‬
‫ج ْد َف ْل ُي ْفطِ ْر‬
‫��م َي ِ‬ ‫ِ‬
‫��ر َأ َح ُدك ْ‬
‫ُ��م َف ْل ُي ْفط ْر َع َلى َت ْمرٍ‪َ ،‬فإِ ْن َل ْ‬ ‫«إِ َذا َأ ْف َط َ‬
‫ور»‪.‬‬ ‫ه‬ ‫َ‬
‫ط‬ ‫ه‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫؛‬ ‫ع َلى م ٍ‬
‫اء‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫قال ابن عثيمي��ن ‪ :‬الماء مطهر للمعدة واألمعاء مما قد‬
‫يكون فيها من األذى؛ ألن الماء – كما هو معلوم – جوهر س��يال‬
‫نافذ‪ ،‬ف��إذا أتى على المعدة وهي خالية بعد الصيام فإنه بال ش��ك‬
‫ينظفها ‪...‬ألنه لها بمنزلة الغسيل‪ ،‬والمعدة قد يكون فيها رواسب‬
‫م��ن الص��وم فتحتاج إلى غس��يل‪ ،‬فهو طهور تس��تفيد منه المعدة‪،‬‬
‫أيضا‪.‬‬
‫أمرا شرع ًيا هو أمر طبي ً‬
‫وهذا مع كونه ً‬
‫وأس��مع م��ن بعض الناس أهنم يوصون بأن يش��رب اإلنس��ان‬
‫ما ًء كلما اس��تيقظ من النوم وإن لم يكن عطشان‪ ،‬قالوا‪ :‬ألن الماء‬
‫ينظ��ف المعدة واألمعاء‪ ،‬س��معت هذا ولكنن��ي ال أدري هل هذا‬
‫(‪)1‬‬
‫صحيح أو غير صحيح‪.‬‬

‫((( شرح بلوغ المرام (‪)130/7‬‬

‫‪8‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫معنى حديث‪« :‬ما ُء زمزم ملا ُشرب له»‬


‫  ُس��ئل ‪ :‬قال رس��ول اهلل ‪« :‬ماء زمزم لما‬
‫ُش��رب ل ُه» بعضه��م يقول‪ :‬إنك تدعو قبلما تش��رب‪ ،‬فهل‬
‫هذا له وج ٌه‪ ،‬أو ليس له وج ٌه؟‬
‫ٌ‬
‫حديث حس��ن‪ ،‬ولكن ما معن��ى قوله‪( :‬لما‬ ‫اجل��واب‪ :‬الحديث‬
‫عالما‬
‫ش��رب له) هل معناه العموم حتى لو ش��ربه اإلنسان ليكون ً‬
‫تاجرا‪ ،‬أو المراد‪( :‬لما ش��رب‬
‫تاج��را صار ً‬
‫ً‬ ‫عالما أو ليكون‬
‫ص��ار ً‬
‫ل��ه) مما َّ‬
‫يتغذى به البدن فقط‪ ،‬بمعنى‪ :‬أنك ش��ربته إلزالة العطش‬
‫َر ِو َ‬
‫يت‪ ،‬أو إلزالة الجوع شبعت؟‬

‫صريحا يف أنه لكل ما ش��رب ل��ه حتى لو كان‬


‫ً‬ ‫الحدي��ث ليس‬
‫خ��ارج الب��دن‪ ،‬فالذي يظهر ل��ي – واهلل أعلم‪ :-‬أن م��اء زمزم لما‬
‫ش��رب له مم��ا َّ‬
‫يتغذى ب��ه البدن‪ ،‬بمعن��ى‪ :‬أنك ل��و اكتفيت به عن‬
‫الطع��ام كف��اك وعن الش��راب كفاك‪ ،‬وأم��ا الدعاء عند ش��ربه فقد‬
‫كثير من العلماء أن يدعو اهلل ‪ ‬عند شربه(‪.)1‬‬
‫استحب ٌ‬

‫((( (لقاءات الباب المفتوح ‪.)٩٣/٤‬‬

‫‪9‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ ف��إن قال قائل‪ :‬اآلن يوج��د بين األطباء من يق��ول‪ :‬إن ماء‬
‫زمزم يوجد فيه نسب ٌة ِمن الملح مضر ٌة باإلنسان‪ ،‬فهل نأخذ‬
‫بالحديث‪ ،‬وماذا نفعل بأقوال األطباء؟‬
‫اجلواب‪ :‬اضرب هبا ُعرض الحائط(‪.)1‬‬
‫***‬

‫((( (التعليق على الكايف ‪.)٣٠١/٤‬‬

‫‪10‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬نبذ الزبيب يف املاء ‪L‬‬


‫ول اهَّلل ِ ‪ُ ‬ينْ َب ُذ‬ ‫َان َر ُس ُ‬ ‫س ‪َ ،‬ق َال‪ :‬ك َ‬ ‫  َع ِن ا ْب ِن َع َّبا ٍ‬
‫اء َف َي ْش َر ُب ُه َي ْو َم ُه‪َ ،‬وا ْلغ ََد‪َ ،‬و َب ْع َد ا ْلغ َِد‪َ ،‬فإِ َذا ك َ‬
‫َان‬ ‫َله ال َّزبِيب فِي الس َق ِ‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫َم َسا ُء ال َّثالِ َث ِة َشرِ َب ُه‪َ ،‬و َس َقا ُه‪َ ،‬فإِ ْن َف َض َل َش ْي ٌء َأ َه َراق ُه‪.‬‬
‫َ (‪)1‬‬

‫قال ابن عثيمين ‪ :‬وإنما كان الرس��ول ‪ُ ‬ينبذ‬


‫الزبيب ُيكس��ب الماء حالو ًة‪ ،‬ويمتص ما يف الماء‬
‫َ‬ ‫له الزبيب‪ ،‬ألن‬
‫من ميكروبات‪ ،‬ويف نبذه ونبذ التمر فائدتان‪:‬‬
‫* الفائدة األولى‪ :‬يف الماء‪.‬‬
‫* الفائدة الثانية‪ :‬يف طعم الماء‪.‬‬

‫ ومن فوائد هذا احلديث‪:‬‬


‫‪ -1‬جواز أن يتخذ اإلنسان ما يلتذ به من طعام وشراب ‪...‬‬
‫ٌ‬
‫احتمال‬ ‫‪ -2‬أنه ال ُيش��رب النبيذ بعد ثالثة أي��ام؛ وهذا إذا كان‬
‫(‪)2‬‬
‫خمرا‪ ،‬وإال فال بأس‪.‬‬
‫أن يكون ً‬

‫((( رواه مسلم (‪)2004‬‬


‫((( شرح بلوغ المرام (‪)496/13‬‬

‫‪11‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬التحرز من الشرب يف إناء وضع الناس فيه أيديهم ‪L‬‬


‫ُيضعف املناعة‬

‫��ول اهَّلل ِ ‪َ ‬جا َء‬ ‫��اس ‪َ ‬أ َّن َر ُس َ‬ ‫��ن َع َّب ٍ‬ ‫عن ا ْب ِ‬ ‫ ِ‬
‫ِ‬
‫ب‬ ‫��ل‪ ،‬ا ْذ َه ْ‬ ‫اس‪َ :‬يا َف ْض ُ‬ ‫اس َت ْس�� َقى‪َ ،‬ف َق َ‬
‫��ال ا ْل َع َّب ُ‬ ‫الس�� َق َاية َف ْ‬‫إِ َلى ِّ‬
‫اب ِم ْن ِعنْ ِد َها‪،‬‬ ‫��ول اهَّلل ِ ‪ ‬بِ َش َر ٍ‬ ‫ت َر ُس َ‬ ‫ك َف ْأ ِ‬ ‫إِ َلى ُأ ِّم َ‬
‫ون َأ ْي ِد َي ُه ْم‬ ‫��قنِي»‪َ .‬ق َال‪ :‬يا رس َ ِ‬ ‫َف َق َال‪« :‬اس ِ‬
‫ول اهَّلل‪ ،‬إِن َُّه ْم َي ْج َع ُل َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ْ‬
‫(‪)1‬‬
‫«اس ِقنِي»‪َ .‬ف َشرِ َب ِمنْ ُه ‪»...‬‬ ‫فيه‪َ ،‬ق َال‪ْ :‬‬
‫ِ ِ‬

‫ق��ال ابن عثيمين ‪ :‬من فوائد ه��ذا الحديث أنه ال ينبغي‬


‫عم��ا ش��رب الن��اس ب��ه؛ ألن فع��ل النبي‬
‫لإلنس��ان أن يس��تنكف َّ‬
‫‪ُ ‬سنَّة‪ ،‬وهو يدل على أنه ال ينبغي لإلنسان االستنكاف‬
‫وأن يق��ول‪ :‬ال أش��رب م��ن الكأس الذي ش��رب من��ه الناس‪ ،‬وال‬
‫أشرب من الكأس الذي يضع الناس فيه أيديهم‪ ،‬وما أشبه ذلك‪.‬‬
‫وال ش��ك أن هذا أنف��ع بكثير‪ ،‬وأصح؛ ألن األطب��اء قالوا‪ :‬إن‬
‫تحرز من كل ش��يء يف مأكله ومش��ربه لم يكن عنده‬
‫اإلنس��ان إذا َّ‬

‫((( رواه البخاري (‪)1635‬‬

‫‪12‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫يتحرز فإنه يكون‬


‫المناعة الستقبال الجراثيم وغيرها‪ ،‬وإذا كان ال َّ‬
‫عنده مناعة‪ ،‬ولهذا س��معت أهنم يف الدول المتقدمة يف ُد ْن َيها بدأوا‬
‫يتمس��حون بالمناش��ف التي يتمس��ح منها كل الن��اس‪ ،‬ويقولون‪:‬‬
‫َّ‬
‫هذا أول��ى؛ لما يف ذلك من المقاومة‪ ،‬وهذا ليس ببعيد؛ ألن الداء‬
‫عود قدميه على الممشى‬
‫الباطني كالداء الظاهري‪ ،‬فاإلنس��ان إذا َّ‬
‫عل��ى الحصى والجنادل صارت أقوى مم��ا لو عودها على لباس‬
‫الكن��درة‪ ،‬وما أش��به ذلك‪ ،‬ولهذا تج��د الذي يعت��اد الكنادر تجد‬
‫(‪)1‬‬
‫جلده رهي ًفا‪ ،‬ال يستطيع أن يمشي حاف ًيا‪.‬‬

‫التحرز من الشرب يف إناء ُشرب فيه ُيضعف املناعة‪:‬‬


‫وق��ال ابن عثيمين ‪ُ :‬ش��رب األثنين من اإلناء الواحد ال‬
‫ب��أس به وال حرج فيه‪ ،‬وال ّتن َُّزه عن مثل ه��ذا أمر صعب‪ ،‬ولو أراد‬
‫اإلنس��ان أن يتنزه عن كل إناء َش ِ‬
‫��رب فيه غيره للحقه بذلك حرج‬
‫ش��ديد‪ ،‬ولم يكن يف بدنه مناعة؛ لما يدخ��ل إليه من الميكروبات‬
‫الم ْترفون‬ ‫ٍ‬
‫التي تكون عند كثير من الناس وهو خال منها‪ ،‬وقد كان ُ‬
‫يتحرزون من أن يشربوا بإناء َش ِرب فيه غيرهم‪ ،‬فيصابون بأمراض‬

‫((( التعليق على البخاري (‪)472/5‬‬

‫‪13‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫أكث��ر مما يصاب اآلخرون والذي ينبغي لإلنس��ان أال َي ُش ّ‬


‫��ق على‬
‫حرجا‪ ،‬وألنه يبقى جسمه‬
‫حرزات؛ ألن فيها ً‬
‫نفس��ه يف مثل هذه ال ّت ُّ‬
‫ال مناعة فيه‪ ،‬وحينئذ يتأثر بأدنى سبب‪.‬‬

‫كثيرا من الناس يف األمم المتطورة يف الحياة الدنيا‬


‫وبلغن��ي أن ً‬
‫رجع��وا عن ه��ذا التحرز الش��ديد إلى الحالة الطبيعي��ة التي عليها‬
‫كثير من الناس يف كون اإلنس��ان ال يشق على نفسه يف هذا التحرز‬
‫الشديد‪.‬‬

‫نعم ل��و ُف ِر َض أن ً‬
‫أحدا من الناس مص��اب بوباء جرت العادة‬
‫المستحسن أن يشرب اإلنسان يف هذا اإلناء‬ ‫ٍ‬
‫أنه ُم ْعد فهذا ليس من ُ‬
‫الذي ش��رب فيه ه��ذا المصاب بالمرض الذي ج��رت العادة بأنه‬
‫ُي ْع ِدي؛ لقوله ‪« :‬فر من المجذوم فرارك من األسد»‪.‬‬

‫ولك��ن مع ه��ذا يجب أن نؤم��ن بأن الع��دوى ال تكون معدية‬


‫بطبيعته��ا الذاتي��ة‪ ،‬ولكنها معدية بإذن اهلل ‪ ‬ف��إن اهلل تعالى قد‬
‫(‪)1‬‬
‫جعل لكل شيء سب ًبا‪.‬‬

‫((( فتاوى نور على الدرب (‪)610/2‬‬

‫‪14‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫عدم التعرض حلرارة الشمس ُيضعف املناعة‪:‬‬


‫قال ابن عثيمين ‪ :‬إذا ا َّتقى اإلنس��ان َّ‬
‫حر َّ‬
‫الشمس ضعف‬
‫بدنه‪ ،‬وصارت مناعته ضعيف��ةً؛ حتى إن بعض الناس ليمرض إذا‬
‫(‪)1‬‬
‫غيره‪.‬‬
‫مس منديالً استخدمه ُ‬
‫َّ‬
‫***‬

‫((( فتاوى على الطريق (‪)639‬‬


‫وقد ذكر الدكتور إريك بيرج ستة فوائد للتعرض ألشعة الشمس وذكر منها ‪ :‬أن الشمس ترفع من‬
‫مقاومة الجسم ضد العدوى فهي بذلك تدعم الجهاز المناعي‪( .‬قناة الدكتور بيرج)‬

‫‪15‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬ضرر الرتف ‪L‬‬


‫ ق��ال تعال��ى‪( :‬ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ‬
‫ﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫ‬
‫ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ)(‪.)1‬‬
‫ق��ال ابن عثيمين ‪ :‬ثم بين اهلل حال هؤالء الذين ُيعذبون‬
‫هذا العذاب فيما سبق فقال (ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ) قد‬
‫أترفه��م اهلل تعالى بنعيم الدنيا‪ ،‬وذلك من أجل أن تزداد حس��رهتم‬
‫بفقد هذا النعيم‪ ،‬ومن َث َّم هنى النبي ‪ ‬عن كثرة اإلرفاه‪،‬‬
‫وأمر باالحتفاء أحيا ًنا؛ ألن كثرة ال َّترف فيها التلف‪.‬‬
‫وإذا نظرن��ا إلى حالن��ا اليوم وجدنا أننا واقع��ون يف هذا‪ ،‬وأننا‬
‫ُمرتفون غاية الرتف حتى إن اإلنسان ليمضي من بيته إلى المسجد‬
‫وليس بينه وبين المس��جد إال ُخطوات وال يمش��ي‪ ،‬ولكن يركب‬
‫الحر‪ ،‬وهو إذا ركب السيارة ركبها‬
‫السيارة؛ ألنه يخش��ى من لفح َّ‬
‫ُمكيفة‪.‬‬

‫((( [سورة الواقعة‪ :‬آية ‪.]45-41‬‬

‫‪16‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ٍ‬
‫حاجة‪ ،‬ولذلك‬ ‫حتى إن الرج��ل ليأيت بالخدم إلى بيته من غير‬
‫كانت ُمشكلة الخدم يف نظري ُمشكلة عظيمة؛ من جهة ما يحدث‬
‫قلي��ل والحمد هلل – من األخالق الس��افلة والفحش��اء‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫– وه��و‬
‫وفيما يح��دث لر َّبة البيت األُولى من األتكال َّية والرتهل ُّ‬
‫والس��كر‬
‫والضغط والفراغ‪ ،‬فتجدها ُتريد أن تخرج إلى األس��واق تتس��كع‬
‫فيه��ا‪ ،‬أو إلى جيراهنا لتؤذيهم و ُتثقل عليه��م‪ ،‬أو تبقى يف ٍ‬
‫ربعة من‬
‫وهاجس يروح؛ ألهنا‬
‫ٌ‬ ‫هاجس يأيت‬
‫ٌ‬ ‫البيت واضع ًة خدها على ك ِّفها؛‬
‫ضرر صحي على النساء‪ ،‬أما‬
‫ليس عندها عمل‪ ،‬وهذا الش��ك أنه ٌ‬
‫إذا كان هن��اك ض��رور ٌة فاألم��ر – والحم��د هلل – واس��ع‪ ،‬والخدم‬
‫ِ‬
‫لضرورة والحاجة‪ ،‬وبش��رط أن‬ ‫اتخذه��ا الصحابة ‪ ‬لك��ن‬
‫المس��تقدمة معها محرمه��ا؛ ألن النبي ‪‬‬
‫تك��ون المرأة ُ‬
‫(‪)1‬‬
‫قال‪« :‬ال ُتسافر المرأة إال مع ذي محرم»‪.‬‬
‫***‬

‫((( دروس وفتاوى الحرمين (‪)368/4‬‬

‫‪17‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬الشرب بعد األكل مباشرة ‪L‬‬


‫��ول اهَّلل ِ‬
‫��ع رس ِ‬ ‫��ان‪َ ،‬ق َ‬ ‫��ن النُّ ْع َم ِ‬
‫��ال‪َ :‬خ َر ْجنَ��ا َم َ َ ُ‬ ‫��و ْي ُد ْب ُ‬
‫ ع��ن ُس َ‬
‫��اء َص َّلى َلنَا‬ ‫‪ ‬ع��ام َخيبر‪ ،‬ح َّت��ى إِ َذا ُكنَّا بِالصهب ِ‬
‫َّ ْ َ‬ ‫َ َ ََْ َ‬
‫��ول اهَّلل ِ ‪ ‬ا ْل َع ْص َر‪َ ،‬ف َل َّما َص َّلى َد َعا بِالأْ َ ْط ِع َم ِة‬ ‫َر ُس ُ‬
‫الس ِو ِيق‪َ ،‬ف َأ َك ْلنَا َو َشرِ ْبنَا‪.)1().. ،‬‬
‫َف َل ْم ُي ْؤ َت إِلاَّ بِ َّ‬
‫ق��ال ابن عثيمي��ن ‪ :‬قول��ه‪( :‬فأكلنا وش��ربنا) الظاهر أن‬
‫ُ‬
‫الش��رب كان بعد األكل مباشر ًة‪ ،‬لكن يقول األطباء‪ :‬ال يحسن أن‬
‫تشرب بعد األكل‪ ،‬بل انتظر نصف ساعة ثم اشرب‪.‬‬
‫وذكر ابن القيم ‪ ‬أن الشرب أثناء األكل ‪ -‬وليس بعده –‬
‫أنه ليس بجيد‪ ،‬ولكن مع ذلك قال‪ :‬العادات لها طبائع ثواين‪ ،‬فلو‬
‫أن ك َُّل ٍ‬
‫لقمة بعدها َش ْربة – كما ُيوجد بعض الناس‬ ‫اعتاد اإلنس��ان َّ‬
‫ال��ذي يعتادون الش��رب أثن��اء األكل – فهذا ال يض��ر‪ ،‬لكن بدون‬
‫عادة يقولون‪ :‬ال ينبغي أن تش��رب أثناء األكل‪ ،‬وال أن تشرب بعد‬
‫األكل‪.‬‬

‫((( رواه البخاري (‪)215‬‬

‫‪18‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ولكني أظن أن قول اهلل تعالى‪( :‬ﭙﭚ)(‪ )1‬يدل على‬


‫أنه يجوز الجمع بين األكل والشرب وأنه قد يكون من المصلحة‪،‬‬
‫خال ًف��ا لألطباء – إن صح هذا عنهم – فنقول‪ :‬ك ُْل‪ ،‬وإذا عطش��ت‬
‫يف أثن��اء األكل فق��ل‪ :‬بس��م اهلل‪ ،‬واش��رب‪ ،‬وإذا انتهيت فاش��رب‪،‬‬
‫خصوصا الذين يأكلون التمر يش��ربون بعده لبنًا‬
‫ً‬ ‫وأكثر الناس اآلن‬
‫(‪)2‬‬
‫مباشر ًة‪ ،‬وربما يشربون ما ًء‪.‬‬
‫***‬

‫((( [سورة األعراف‪ :‬آية ‪.]31‬‬


‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪)674/1‬‬

‫‪19‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫وألذها ‪L‬‬
‫‪ J‬أفضل اللحوم ُّ‬

‫ قال تعالى‪( :‬ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ)(‪. )1‬‬


‫ً‬
‫مطبوخا‪ ،‬أو مش��و ًيا‪ ،‬كما‬ ‫قال ابن عثيمين ‪ :‬س��وا ٌء كان‬
‫لحم ٍ‬
‫طير مما‬ ‫يري��د‪ ،‬ومن أطيب اللحوم لحوم الطي��ور ويف الجنة ُ‬
‫(‪)2‬‬
‫يشتهون‪ ،‬أسأل اهلل تعالى أن يجعله مذاقنا ومذاقكم‪.‬‬
‫وقال اب��ن عثيمين ‪ :‬ولح��م الطيور ه��و أفضل اللحوم‬
‫(‪)3‬‬ ‫وأنعمها ُ‬
‫وألذها‪.‬‬ ‫ُ‬
‫***‬

‫((( [سورة الواقعة‪ :‬آية ‪.]21‬‬


‫((( دروس وفتاوى الحرمين (‪)363/4‬‬
‫((( دروس وفتاوى الحرمين (‪)367/4‬‬
‫قال يف (قاموس الغذاء ‪ :) 622‬لحوم الطير‪ :‬كلها اسرع اهنضا ًما من المواشي‪ ،‬وأجزاؤها األسرع‬
‫اهنضا ًما هي الرقاب واألجنحة‬

‫‪20‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬ألذ الطيور حل ًما ‪L‬‬


‫ ق��ال تعال��ى‪( :‬ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ‬
‫ﯨ) (‪.)1‬‬

‫ق��ال اب��ن عثيمي��ن ‪( :‬ﯨ)‪ :‬طائر ناعم يس��مى‬


‫��ما َنى» أو هو شبيه به؛ وهو من أحس��ن ما يكون من الطيور‪،‬‬
‫«الس َ‬
‫ُّ‬
‫لحما‪.‬‬
‫وألذه ً‬
‫وذك��ر ‪ ‬من فوائد هذه اآلي��ة‪ :‬أن لحم الطيور من أفضل‬
‫أيضا لحوم‬
‫اللح��وم؛ ألن اهلل تعال��ى هيأ لهم لحوم الطي��ر – وهو ً‬
‫أهل الجنة‪ ،‬كما قال تعالى‪( :‬ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ) ‪.‬‬
‫(‪)3( )2‬‬

‫***‬

‫((( [سورة البقرة‪ :‬آية ‪.]57‬‬


‫((( [سورة الواقعة‪ :‬آية ‪.]21‬‬
‫((( تفسير سورة البقرة (‪) 197/1‬‬

‫‪21‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬ألذ الطرق لتجهيز اللحم ‪L‬‬


‫ ق��ال تعال��ى‪( :‬ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ)(‪ )1‬ويف‬
‫آية ُأخرى (ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ)(‪. )2‬‬
‫ق��ال ابن عثيمي��ن ‪ :‬والمعنى مختل��ف والجمع بينهما‪:‬‬
‫أو ً‬
‫ال الحنيذ هو المش��وي‪ ،‬ألن اللحم المش��وي أطعم من اللحم‬
‫المطب��وخ‪ ،‬حيث إن طعم اللح��م يبقى فيه‪ ،‬بخالف المطبوخ فإنه‬
‫ٍ‬
‫لذي��ذ‪ ،‬فالمعنيان ال يتنافيان فهو‬ ‫يمت��زج بالماء ويكون طعمه غير‬
‫(‪)3‬‬
‫ومشوي‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫سمي ٌن‬
‫***‬
‫((( [سورة الذاريات‪ :‬آية ‪.]26‬‬
‫((( [سورة هود‪ :‬آية ‪.]69‬‬
‫((( دروس وفتاوى الحرمين (‪)257/4‬‬
‫قال أحمد قدامة عن مميزات الشوي‪ :‬أنه يحفظ عصارات اللحم من التلف‪ ،‬ففي خالل الشوي يتجلط‬
‫سطح اللحم بسرعة‪ ،‬فال يضيع شيء من المستخلصات المغذية‪ ،‬كما أن السرعة يف الشوي تكسب‬
‫طعما شه ًيا‪ ،‬ويصبح اللحم سريع الهضم واالمتصاص (قاموس الغذاء ‪)564‬‬
‫اللحم ً‬
‫وقال‪ :‬يجب أن يشوى اللحم بال ملح لحفظ مادة الحديد فيه‪ ،‬ويضاف الملح بعد الشوي‪ ،‬واألحسن‬
‫دهنه قبل الشوي بزيت الزيتون‪( .‬قاموس الغذاء ‪)633‬‬
‫وقال‪ :‬وأضالع الخروف والفخذ هي أحسن لحم للشواء‪( .‬قاموس الغذاء ‪)629‬‬

‫‪22‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬أفضل جزء من الذبيحة ‪L‬‬


‫ول اهَّلل ِ ‪َ ‬ي ْو ًما بِ َل ْحمٍ‪،‬‬ ‫  َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة َق َال‪ُ :‬أتِ َي َر ُس ُ‬
‫ج ُب ُه‪َ ،‬فنَ َه َس ِمنْ َها ن َْه َسةً‪.»..،‬‬
‫َت ُت ْع ِ‬
‫اع‪َ ،‬وكَان ْ‬ ‫الذ َر ُ‬ ‫َف ُرفِ َع إِ َل ْي ِه ِّ‬
‫ول اهَّلل ِ‬ ‫ و عن َج ْع َف ُر ْب ُن َع ْمرِو ْب ِن ُأ َم َّي َة َأ َّن َأ َبا ُه َق َال‪َ :‬ر َأ ْي ُ‬
‫ت َر ُس َ‬
‫الص اَل ِة‪،‬‬
‫��ي إِ َلى َّ‬
‫َ‬
‫��أك ُُل ِذراعا يح َت ُّز ِم ْنها‪َ ،‬ف ُد ِ‬
‫ع‬ ‫َ‬ ‫َ ً َ ْ‬ ‫‪َ ‬ي ْ‬

‫ِّين َف َص َّلى َو َل ْم َي َت َو َّض ْأ‪.‬‬ ‫َف َقا َم َف َط َر َح ِّ‬


‫السك َ‬
‫للمقدم م��ن القوم‬
‫َّ‬ ‫يق��دم‬
‫ق��ال اب��ن عثيمي��ن ‪ :‬ينبغي أن َّ‬
‫م��ا ُعرف عنه أن��ه ُيح ُّب��ه؛ ألن الصحابة ‪ ‬رفع��وا إلى النبي‬
‫‪ ‬الذراع ألهنا كانت تعجبه ويحبها‪ ،‬ولقد قال األطباء‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫طعما‪ ،‬ومذا ًقا‪ ،‬ولينًا ومنفعة‪.‬‬
‫إهنا من أحسن اللحم ً‬
‫وق��ال ابن عثيمين ‪ :‬يف هذا الحديث فوائد منها‪ :‬أنه ليس‬
‫من الورع أن يدع اإلنسان طيبات الرزق‪ ،‬وال يتف َّكه باللحم وغيره‪.‬‬

‫((( التعليق على مسلم (‪) 606/1‬‬


‫قال ابن إسحاق الدينوري‪ :‬لحم الكتف والذراعين مثل لحم الرقبة يف ُسرعة االهنضام ‪ ...‬قال الشاعر‪:‬‬
‫إين على َما َتر ْي َن مِ ْن َكربِي أعلم من حيث ُتؤكل الكتف‪.‬‬
‫قال يف (قاموس الغذاء ‪ :) 620‬لحم الذراع أخف اللحم وألطفه وأبعده عن األذى‪ ،‬وأسرعه اهنضا ًما ‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ومنها‪ :‬أنه ينبغي لإلنسان أن يختار ذراع اليد؛ ألنه ُّ‬


‫أهش وألين‬
‫وأفيد‬
‫(‪)1‬‬ ‫و ُيقال‪ُّ :‬‬
‫كل ما تقدم من البهيمة فهو أطيب وأنفع‪.‬‬

‫أكل اللحم يقوي البدن‪:‬‬


‫قال اب��ن عثيمين ‪ :‬اللح��م ُيعطي قو ًة عامةً‪ ،‬بش��رط ألاّ‬
‫ُتكثر منه؛ ألن الظاه��ر أن اإلكثار منه يؤ ّثر على الجهاز الهضمي‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫جيدا‪.‬‬
‫الس ِّن‪ ،‬ولم ينضج ً‬
‫ال س َّيما إن كان كبير ِّ‬
‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪) 181/3‬‬
‫قال الدينوري‪ :‬لحم المقدم أجود وأطيب من لحم العجز وما وااله‪( .‬الطب النبوي ‪ )174‬وكذلك‬
‫قال غيره‪ :‬ما يلي مقدم البدن وصندوق الصدر أفضل مما يلي مؤخر البدن وعجزه (األغذية واألدوية‬
‫‪ )113‬وذكر لذلك ثالثة أسباب‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن ما يلي مقدم البدن يغتذي بد ٍم قد وصل إلى القلب واهنضم فيه بعد اهنضامه يف الكبد‪.‬‬
‫تنحل فضوله ويرطب لحمه ويعذب‬ ‫الثاين‪ :‬أن الصدر دائم الحركة بالتنفس والصوت جمي ًعا‪ ،‬ولذلك ّ‬
‫ويحسن اهنضامه‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أن الصدر يحوي القلب‪ ،‬والقلب ينبوع الحرارة الغريزية‪ ،‬ولذلك لطف غذاؤه وق ّلت فضوله‬
‫وعذب لحمه‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪) 165/11‬‬
‫قال أحمد قدامة يف (قاموس الغذاء ‪ :) 623‬اللحم غذاء حسن الهضم‪ ،‬مولد لطاقات من النشاط‬
‫والحيوية‪ ،‬وهو يقدم للجسم العناصر التي ال يستغنى عنها لحفظ التوازن يف الخاليا‪ ،‬وذلك بفضل‬
‫المواد التي تضاف إليه عند طبخه واستعماله‪.‬‬
‫وقال‪ :‬يوصف اللحم بأنه‪ :‬يمد عضوية الجسم بالمواد الربوتينية التي يحتاج إليها‪ ،‬وينشط الوظائف‬
‫الهضمية والشرايين القلبية‪ ،‬والدفاعية‪ ،‬ويكافح التعفنات األمعائية‪ ،‬ويزيد يف تشكيل العناصر اآلزوتية‪.‬‬
‫وقال‪ :‬وهو فقير بالصوديوم‪ ،‬والنشويات غير موجودة يف لحم الحيوان مطل ًقا‪ ،‬وهذا ما يجعل العيش‬
‫=‬ ‫ ‬
‫على اللحم وحده غير ممكن‪ ،‬وتكون الحياة قصيرة جدً ا إذا اقتصر الغذاء على اللحم‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ضرر أكل احلار‪:‬‬


‫قال ابن عثيمين ‪ُ :‬يكره أكل الحار الشديد‪ ،‬والذي تتألم‬
‫منه المعدة‪ ،‬والطعام يمر على ثالثة أشياء‪ :‬اليد‪ ،‬والفم‪ ،‬والمعدة‪،‬‬
‫فالي��د تحس بالحر أكثر؛ ألهنا لم تتعود على الحار‪ ،‬فأحيا ًنا يكون‬
‫حارا يف اليد‪ ،‬ويدخله اإلنس��ان يف فمه فم��ا يتأثر‪ ،‬وبعض‬
‫الطع��ام ً‬
‫ح��ارا يف الف��م وتأثر به‪ ،‬أنزله بس��رعة إلى‬
‫الن��اس إذا كان الطع��ام ً‬
‫المع��دة‪ ،‬وهذا غلط؛ ألن ه��ذا يوجب أن تنصهر المعدة ويحدث‬
‫فيها قرحة‪ ،‬ولهذا أرى أن صاحب البيت إذا رأى أن الطعام حار‪،‬‬
‫فإن��ه يصرب حتى يربد‪ ،‬ث��م يقدمه للضيوف؛ لئ�لا يضرهم وهم ال‬
‫(‪)1‬‬
‫يشعرون‪.‬‬

‫= وقال الدكتور (وودالند) اإلستاذ العالمي يف التغذية‪ :‬إن االكثار من تناول اللحوم يضر االنسان‬
‫ضررا بلي ًغا‪ ،‬إذ يعترب الحد األقصى الذي يستطيع جسم االنسان الكامل أن يهضمه ويمثله من اللحوم‬
‫ً‬
‫هو (‪ )140‬غرا ًما يف األربع والعشرين ساعة‪( .‬قاموس الغذاء ‪.)631‬‬
‫مضار َها ‪ :)٢٥٦‬الطعام الحار بالفعل‪،‬‬
‫ّ‬ ‫((( الشرح الممتع (‪ )369/12‬قال الرازي يف (منافع األغذية ودفع‬
‫بخارا‪ .‬وأما البارد‬
‫وإن كان جيد الخلط‪ُ ،‬يرخي المعدة‪ ،‬ويوهنها‪ ،‬فيفسد الهضم‪ ،‬و ُيثقل الرأس ويمأله ً‬
‫أيضا‪ ،‬وينحدر وهو فج سري ًعا غير منهضم وال‬
‫جدً ا فإنه يطفئ حرارة المعدة‪ ،‬فيفسد لذلك الهضم ً‬
‫مستحيل فيقل لذلك اغتذاء البدن منه‪.‬‬
‫خيرا وخاصة يف غير زمن‬
‫وقال ابن ُزهر األندلسي يف (كتاب األغذية‪ : )١٠٣‬شرب المربد ال يعقب ً‬
‫الحر ‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫أضرار ملء البطن بالطعام‪:‬‬


‫قال ابن عثيمين ‪ :‬اعلم أن ملء البطن بالطعام ضرر على‬
‫اإلنسان‪ ،‬حتى إن بعض النساء تقول‪ :‬إهنا إذا تسحرت ثم سجدت‬
‫ينزل منها الماء؛ ألهنا مألت بطنها حتى وصل إلى الحلقوم‪ ،‬وهذا‬
‫ينفع اإلنس��ان‪ ،‬بل كلما ر َّتب اإلنس��ان طعامه وش��رابه‬
‫غلط‪ ،‬وال ُ‬
‫وخ َّفف كان هذا أفضل بكثير‪ ،‬وأنفع للبدن؛ ألن الجهاز الهضمي‬
‫ال يتع��ب‪ ،‬وأضر من ذل��ك إدخال الطعام على الطعام‪ ،‬وقد ش�� َّبه‬
‫ولما شرعوا‬ ‫بعض الناس هذا برجل أعطى ُع َّما ً‬
‫ال ش��ي ًئا ليعملوه‪َّ ،‬‬
‫يعملونه أضاف إليهم شي ًئا آخر‪ ،‬ثم أضاف إليهم شي ًئا آخر‪ ،‬فيبقى‬
‫ه��ؤالء لم َينْ ُتج منهم العمل األول‪ ،‬وال الثاين وال الثالث‪ ،‬وهكذا‬
‫الجهاز الهضمي‪ ،‬فهو معامل عظيمة‪ ،‬وفيه أشياء ُتفيض عليه َّ‬
‫عدة‬
‫مما ُيوج��ب إصالحه وهتيئته حتى ينقلب إلى دم‪ ،‬ويمش��ي‬
‫أم��ور ّ‬
‫يف الع��روق‪ ،‬و ُين ََّزل الش��يء ال��ذي ليس بطيب‪ ،‬وه��ذا كلما تأمله‬
‫اإلنس��ان وج��د فيه من اآلي��ات العظيمة ما يدل عل��ى كمال قدرة‬
‫الخالق وحكمته(‪.)1‬‬

‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪)49/12‬‬

‫‪26‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫كلما قلَّت أنواع األطعمة قلَّت األمراض‪:‬‬


‫وأيض��ا ك َّلما ق َّلت األن��واع فهو أقل‬
‫ق��ال ابن عثيمين ‪ً :‬‬
‫تعددت األطعمة دخل‬
‫يف األمراض‪ ،‬وأس��هل يف العالج؛ ألنه إذا َّ‬
‫مما َّ‬
‫يتغذى به اإلنسان‪ ،‬وصارت المعالجة صعبةً‪،‬‬ ‫عدة أنواع َّ‬
‫الدم َّ‬
‫ولهذا يقول العلماء‪ :‬كل طعام يسير فإن عالج صاحبه يسير‪ ،‬وهذا‬
‫شيء مشاهد‪ ،‬وقد شهد به األطباء‪ ،‬أ َّما اآلن فتجد الواحد إذا ُقدم‬
‫(‪)1‬‬
‫إليه الطعام إذا فيه على األقل خمسة أنواع‪.‬‬
‫***‬

‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪)49/12‬‬


‫قال الرازي‪ :‬إذا اختلفت أصناف الطعام فكان فيه الغليظ جدً ا‪ ،‬واللطيف جدً ا‪ ،‬والحار والبارد‪،‬‬
‫والسريع االستحالة والبطيء االستحالة‪ ،‬والمتهري من اللحم بالطبخ‪ ،‬والمتين اليابس من الشوي‪،‬‬
‫صالحا‪ ،‬الختالف أحوال هذه بسرعة االنفعال‬
‫ً‬ ‫أيضا‬
‫والبقول والفواكه المختلفة‪ ،‬لم يكن الهضم ً‬
‫واالنتقال عن القوة الهاضمة‪ ،‬وبطئها واختالف أخالطها وكيموساهتا‪.‬‬
‫وبالضد فإنه إذا كان الطعام من نوع واحد‪ ،‬وال سيما إذا كان ذلك النوع مواف ًقا لحالة اآلكل ‪...‬كان‬
‫يتصرف‬
‫ّ‬ ‫الهضم جيدً ا مواف ًقا‪( .‬منافع األغذية ‪ )253‬ال َكيموس‪ :‬هو الطعام إذا اهنضم يف المعدة قبل أن‬
‫عنها ويصير ما ًء‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬فوائد الشراب احللو بعد الطعام ‪L‬‬


‫ِِ‬ ‫ٍ‬
‫ي‪َ ،‬د َعا النَّبِ َّي‬ ‫الس��اعد ُّ‬ ‫��ه ٍل َق َال‪َ :‬ل َّما َع َّر َس َأ ُبو ُأ َس ْيد َّ‬ ‫  َع ْن َس ْ‬
‫��م َط َع ًام��ا َولاَ َق َّر َب ُه‬ ‫‪َ ‬و َأ ْص َحا َب�� ُه‪َ ،‬ف َم��ا َصنَ َع َل ُه ْ‬
‫ات فِي َت ْو ٍر ِم ْن ِح َج َار ٍة‬ ‫ت َتمر ٍ‬
‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫إِ َلي ِهم إِلاَّ امر َأ ُته ُأم ُأس��ي ٍ‬
‫د‬ ‫ْ َ ُ ُّ َ ْ‬ ‫ْ ْ‬
‫ِم َن ال َّل ْي ِل‪َ ،‬ف َل َّما َف َر َغ النَّبِ ُّي ‪ِ ‬م َن ال َّط َعامِ‪َ ،‬أ َما َث ْت ُه َل ُه‬
‫(‪)1‬‬
‫ك‪.‬‬ ‫ح ُف ُه بِ َذلِ َ‬
‫َفس َق ْته‪ُ ،‬ت ْت ِ‬
‫َ ُ‬
‫قال ابن عثيمين ‪ :‬يف هذا الحديث‪ :‬دليل على استعمال‬
‫الش��راب الحلو بعد الطع��ام؛ ألهنا ب َّلت هذه التم��رات يف تور من‬
‫حج��ارة‪ ،‬وال َّتور م��ن الحجارة يكون ب��ار ًدا‪ ،‬ويكون الم��اء نظي ًفا‬
‫من التمر وبار ًدا‪ ،‬فش��ربه النبي ‪ ‬بعد األكل‪ ،‬وأظن من‬
‫الناحي��ة الطبي��ة أن هذا – أي اس��تعمال الحلو بع��د األكل – مفيد‬
‫(‪)2‬‬
‫للهضم‪.‬‬
‫***‬
‫((( رواه البخاري (‪)5182‬‬
‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪) 455/11‬‬

‫‪28‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ُ J‬كل ما تشتهيه وال تكره نفسك على ما ال تشتهيه ‪L‬‬


‫ قال تعالى‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ‬
‫ﭙ ﭚ ﭛ) (‪.)1‬‬

‫اب النَّبِ ُّي ‪َ ‬ط َع ًاما َق ُّط‪،‬‬ ‫  َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة َق َال‪َ :‬ما َع َ‬


‫إِ ِن ْاش َت َها ُه َأ َك َل ُه‪َ ،‬وإِ ْن َكرِ َه ُه َت َر َك ُه‪.‬‬

‫ق��ال اب��ن عثيمين ‪( :‬ﭗ ﭘ) أي‪ :‬ش��ربه‪ ،‬س��ائغ‬


‫يكدره من‬
‫وميس��ر؛ ألنه حل��و عذب وليس فيه م��ا ِّ‬ ‫ٌ‬
‫س��هل َّ‬ ‫بمعنى‪:‬‬
‫فرات‬
‫ٌ‬ ‫عذب‬ ‫ٍ‬
‫ب��رودة زائدة‪ ،‬المهم أن��ه‬ ‫ٍ‬
‫حرارة زائدة أو‬ ‫وس��اخة أو‬
‫ٌ‬
‫ٌ‬
‫سائغ شرابه‪.‬‬

‫ ومن فوائد اآلية‪:‬‬


‫صائغ الش��رب وعكس��ه الماء المالح‪.‬‬‫ٌ‬ ‫أن الماء العذب يكون‬
‫ويتفرع على ذلك‪ :‬أنه ال ينبغي لإلنسان أن يشرب ما ال يستسيغه؛‬
‫ُ‬
‫ألن ذلك يؤثر عليه ويضره‪ ،‬كما أنه ال مانع من أن يتناول ما تشتهيه‬
‫ضررا عليه‪...‬‬
‫نفسه وإن كان يف بعض الحاالت ً‬
‫((( [سورة فاطر‪ :‬آية ‪.]12‬‬

‫‪29‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫فالمهم أن الشيء الذي ال ُيستساغ ال ينبغي لإلنسان أن يتناوله‬


‫و ُيكره نفس��ه عليه؛ ولهذا قيل‪« :‬كل ما يشتهي بطنك‪ ،‬وال تأكل ما‬
‫يشتهي فمك» وهل هذا يصح أو ال يصح؟‬
‫يتلذ ُذ بن��وع من الطعام لكن‬
‫اجل��واب‪ :‬يص��ح؛ ألن بعض الناس َّ‬
‫باطن��ه ال يقبله تجده إذا أكله ُي ْق ِر ُقر بطنه‪ ،‬نقول‪ :‬ال تأكل هذا‪ ،‬ولو‬
‫(‪)1‬‬
‫ضرر عليك‪.‬‬
‫اشتهيت األكل؛ ألن هذا ٌ‬
‫ق��ال ابن عثيمي��ن ‪ :‬من فوائد ه��ذا الحديث‪ :‬أن��ه ينبغي‬
‫لإلنس��ان أن يأكل ما يش��تهي‪ ،‬وأال ُيكره نفسه على أكل ما ال يريد؛‬
‫عود نفس��ك‬
‫لقوله‪« :‬إذا اش��تهى ش��ي ًئا أكله‪ ،‬وإن كرهه تركه» فأنت ِّ‬
‫أال تأكل إال ما تشتهي‪ ،‬وما ال تشتهيه فاتركه؛ سواء كنت ال تشتهيه‬
‫لذاته أو كنت ال تش��تهيه ألن بطنك م�لآن؛ فاألول‪ :‬مثل ترك النبي‬
‫‪ ‬أكل الضب مع أنه حالل؛ ألنه ليس يف أرضه‪ ،‬فلم يعتد‬
‫أكله‪ ،‬فيكرهه‪ ،‬فال ُتكره نفسك على أكل ما ال تريد؛ ألن هذا ضرر‪،‬‬
‫وإذا اش��تهيت ش��ي ًئا فكله‪ ،‬وال تقل‪ :‬إن الغداء ما جاء وقته؛ فمثالً‪:‬‬
‫تمرا والغداء لم يأت وقته ف�� ُكل وال بأس؛ ألن طلب‬ ‫ربما تش��تهي ً‬
‫النفس للشيء يستلزم هضم هذا الشيء‪ ،‬وسهولته على المعدة‪.‬‬

‫((( تفسير سورة فاطر (‪) 108 – 103‬‬

‫‪30‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫وذك��ر ابن القي��م ‪ ‬يف كتاب��ه “الهدي” حي��ن تكلم على‬


‫الرمد؛ وهو‪ :‬وجع يف العيون‪ ،‬وأن األرمد ال ينبغي أن يأكل التمر؛‬
‫ألن التمر يزيد يف الرمد فقال‪ :‬أنه إذا قوي طلب النفس له‪ ،‬واشتهاه‬
‫فال حرج أن يأكله؛ ألن النفس هتضمه وال يكون فيه ضرر؛ واستدل‬
‫بما ذكر أن صهيب ‪ ‬كان أرمد َف ُق ِّدم إلى النبي ‪‬‬

‫تمر فلما أراد أن يأكل صهيب قال له الرس��ول ‪ ‬كال ًما‬


‫معناه‪ :‬أتأكل التمر وفيك رمد ؟! قال‪ :‬يا رس��ول اهلل‪ :‬أمضغه على‬
‫الجان��ب اآلخر‪ ،‬فإذا كان الرمد يف اليمنى يقول‪ :‬أمضغ باليس��رى‬
‫فأقره النبي ‪ ‬وتركه يأكل؛ ألن النفس يف ش��دة الش��وق‬
‫إلي��ه تطلبه؛ وانظ��ر إلى الميتة فهي خبيثة نجس��ة‪ ،‬يتقزز اإلنس��ان‬
‫م��ن رؤيتها فضالً عن أكلها‪ ،‬ولك��ن إذا اضطر حتى خاف الموت‬
‫ص��ارت عنده طيبة حال ً‬
‫ال‪ ،‬وتش��تهيها النفس فتهضمها‪ ،‬وال تضر‬
‫اإلنسان؛ ألنه يف شدة ما يكون من الشوق إلى إنقاذ نفسه‪.‬‬
‫فالحاصل‪ :‬أن اإلنس��ان ينبغي له أال يكره نفس��ه على الشيء؛‬
‫(‪)1‬‬
‫بل ما اشتهاه فليأكله‪ ،‬وإن كرهه فليرتكه‪.‬‬

‫((( شرح بلوغ المرام (‪)413/11‬‬

‫‪31‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫إذا اختلفت شهوة الفم وشهوة البطن فماذا ُتقدم؟‬


‫فالسنَّة ألاّ تأكله‪،‬‬
‫قال ابن عثيمين ‪ :‬كل ش��يء ال تشتهيه ُّ‬
‫أيض��ا من الط��ب‪ ،‬لك��ن إذا كان فم��ك يش��تهيه‪ ،‬وبطنك ال‬
‫وه��و ً‬
‫لذة الفم ّ‬
‫لذة عابرة‪،‬‬ ‫يش��تهيه‪ ،‬فإنك ُتقدم حينئذ البطن‪ ،‬وذلك ألن ّ‬
‫مس��تمر وخطر‪ ،‬فإن بعض الناس يروق له‬
‫ٌّ‬ ‫لك��ن تعب البطن تعب‬
‫بعض األش��ياء‪ ،‬لكن إذا أكله أو شربه صار يف بطنه غازات عظيمة‬
‫ُت ْت ِعبه‪ ،‬فنقول له‪ :‬ما دمت تعرف هذا من بطنك فال تأكله‪ ،‬وكذلك‬
‫بعض الناس يكون في��ه داء معين‪ ،‬فيحمى من طعام معين‪ ،‬ولكنه‬
‫يش��تهيه‪ ،‬فيأكله‪ ،‬فيقال‪ :‬ال تفعل‪ ،‬اللهم إال الش��يء القليل النادر‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫فال حرج‪.‬‬

‫التفكري بعمق أثناء الشبع يعسر اهلضم‪:‬‬


‫قال اب��ن عثيمي��ن ‪ :‬علم��اء الغ��ذاء يقول��ون‪ :‬ال ينبغي‬
‫لإلنس��ان إذا ش��بع أن يطال��ع أش��ياء تحتاج إلى عم��ق يف التفكير؛‬
‫ألن المخ يكون مش��غو ً‬
‫ال بالضيف ال��ذي ورد على معدته‪ ،‬ألنك‬
‫إذا أشغلته بش��يء فيه فكر عميق أتعبته‪ ،‬وحصل لك عسر هضم‪،‬‬

‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪)36/16‬‬

‫‪32‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫وال تطالع األش��ياء التافهة مث��ل المجالت وغيرها‪ ،‬بل طالع كتا ًبا‬
‫يف األدب أو عل��م البديع وما أش��به ذلك‪ ،‬إذ فيها متعة تس��رع لك‬
‫(‪)1‬‬
‫هضم طعامك‪.‬‬

‫عالج لإلمساك‪ ،‬وملني للبطن‪:‬‬


‫ ٌ‬
‫الس��نَا‪ُ :‬ملي��ن لل َّط ْبع ُمنظف لألمعاء‪،‬‬
‫قال ابن عثيمين ‪َّ :‬‬
‫بعض الناس‬‫والس��نا‪ :‬ش��راب معروف من أوراق الشجر ُيس��ميه ُ‬
‫«السنَاوين»‪ ،‬وهو معروف عند العامة‪ ،‬فهذا‬ ‫السنا وبعضهم يقول‪َّ :‬‬‫َّ‬
‫(‪)2‬‬
‫ُمل ِّين للبطن ومنظف لألمعاء‪.‬‬
‫وقال ابن عثيمين ‪ :‬هو نوع من أوراق الشجر المعروف‬
‫لم َّدة ِعشرين ساع ًة أو نحوها‪،‬‬ ‫ِ‬
‫السدر‪ ،‬فإذا ُد َّق و ُنقع يف الماء ُ‬
‫ُيشبه ِّ‬
‫وش��ربه اإلنس��ان فإنه َي ْس�� ُلت ما يف بطنه من األذى و ُي ِ‬
‫س��هله‪ ،‬وله‬
‫رائحة كريهة‪ ،‬لكن الناس يجعلون معه بصالً؛ ل ُي ِّعمي رائحته وإن‬
‫(‪)3‬‬
‫كان البصل خبي ًثا‪ ،‬لكنه أهون؛ ألنه أخف الضررين‪.‬‬
‫((( شرح األصول من علم األصول (‪)136‬‬
‫قال يف "قاموس الغذاء ‪( :"453‬ويالحظ أنه عندما يتعرض الشخص ألشغال هامة – عقلية أو جسمية –‬
‫فالواجب الصحي يقضي بأال تمتلئ معدته بالطعام‪ ،‬ألن هضم الطعام يحتاج إلى جهد) ‪.‬‬
‫((( شرح التعبيرات الواضحات عن شرح الورقات (‪)25‬‬
‫((( تفسير سورة الزمر (‪ )279‬قال أستاذ طب األعشاب يف جامعة ميدل ساكس بإنكلرتا ( أندرو شافالييه)‪:‬‬
‫=‬ ‫ ‬
‫استخدمت العشبة (السنا) ألول مرة من قبل األطباء العرب يف القرن التاسع الميالدي‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫فوائد احلنظل لإلمساك‪:‬‬


‫ق��ال ابن عثيمي��ن ‪« :‬الحنظل��ة» معروفة عن��د الجميع‪،‬‬
‫ولها مرارة ش��ديدة جدً ا‪ ،‬ومن خواصها‪ :‬أن اإلنس��ان إذا كان معه‬
‫إمس��اك‪ ،‬ثم وضع رجله عليها حتى انعصرت فإنه ينطلق إمساكه؛‬
‫(‪)1‬‬
‫ألن المرارة الشديدة هذه تثير األمعاء حتى تنزل‪.‬‬
‫وقال ابن عثيمين ‪ُ :‬يقال‪ :‬إن اإلنسان إذا وطئ الحنظلة‬
‫وهي مس��توية فإهنا ُتس��هل ما يف بطنه‪ ،‬وه��ذه يفعلها بعض الناس‬
‫فيما س��بق‪ ،‬لكن مع ذلك تأكلها المواش��ي وال تتأثر هبا‪ ،‬وهذا من‬
‫(‪)2‬‬
‫عجائب مخلوقات اهلل ‪.‬‬
‫وق��ال اب��ن عثيمي��ن ‪ :‬الحنظ��ل يقول��ون‪ :‬إن��ه إن لطخ‬
‫اإلنس��ان باطن قدمه به أحس بطعمه يف حلقه؛ ألنه قوي المرارة‪،‬‬
‫ثم إن بعض الناس يس��تعمله م��ن أجل تليين الطبيع��ة إذا كان فيه‬
‫سهل وهذا‬‫الم ِّ‬
‫ُيبوسة يف الخارج منه‪ ،‬فإن هذا ُيلين الطبيعة بمنزلة ُ‬
‫(‪)3‬‬
‫حسب التجربة‪.‬‬
‫= تنبيهات‪ :‬ال يعطى السنا لألطفال دون ‪ ١٢‬سنة‪ .‬وال يؤخذ لمدة تزيد على عشرة أيام كل مرة‪ .‬ال‬
‫يؤخذ عند اإلصابة بالتهاب القولون‪ .‬ال يؤخذ اثناء الحمل‪( .‬الطب البديل ألندرو شوفالييه ص ‪)٧٢‬‬
‫((( التعليق على صحيح مسلم (‪) 309/4‬‬
‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪)941/16‬‬
‫((( التعليق على الكايف (‪)571/3‬‬

‫‪34‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬طريقة التغذية الصحيحة اجملمع عليها عند األطباء ‪L‬‬


‫��ول اهَّلل ِ‬ ‫��ال‪ :‬س ِ‬ ‫ِ‬ ‫  َع ْن ِم ْق َ‬
‫ت َر ُس َ‬ ‫��م ْع ُ‬ ‫��ن َم ْع��دي َكرِ َب َق َ َ‬ ‫��دا ِم ْب ِ‬
‫��ن َب ْط ٍن‪،‬‬ ‫��ول‪« :‬م��ا م� أََل� َ آد ِمي ِوعاء َش ِ‬
‫��را م ْ‬
‫َ ٌّ َ ً ًّ‬ ‫‪َ ‬ي ُق ُ َ َ‬
‫��ن آ َد َم ُأك اَُل ٌت ُي ِق ْم َن ُص ْل َب ُه‪َ ،‬ف��إِ ْن ك َ‬
‫َان لاَ َم َحا َلةَ‪،‬‬ ‫��ب ا ْب ِ‬ ‫بِ َح ْس ِ‬
‫ث لِنَ َف ِس ِه »‪.‬‬ ‫ث لِ َش َرابِ ِه‪َ ،‬و ُث ُل ٌ‬ ‫ث لِ َط َع ِام ِه‪َ ،‬و ُث ُل ٌ‬ ‫َف ُث ُل ٌ‬

‫قال ابن عثيمين ‪ :‬يقول رسول اهلل ‪« :‬ما مأل‬


‫ش��را من ٍ‬
‫بطن» أي‪ :‬من معدته؛ ألن ملء البطن س��بب‬ ‫وعاء ًّ‬
‫آدمي ً‬
‫ٌّ‬
‫للغفل��ة‪ ،‬وكث��رة النوم‪ ،‬وكون اإلنس��ان ال يهمه إال بطنه‪ ،‬وس��بب‬
‫ألمراض تأيت من تركيب الغذاء‪ ،‬وكثرة الغذاء‪.‬‬
‫كيسا يمتلئ طعا ًما ثم يفرق‪ ،‬فالمعدة معمل‪،‬‬
‫والمعدة ليس��ت ً‬
‫يعني أنه يشتغل بالطعام الذي يوضع فيه‪ ،‬وهذا المعمل إذا أكثرت‬
‫بد أن يتعب؛ ولهذا قال بعض الناس‪ :‬ال تأكل طعا ًما على‬
‫عليه فال ًّ‬
‫طعام‪ ،‬فإن إدخال الطعام على الطعام من المهلكات‪ ،‬ومثل ذلك‬
‫ق��ال‪ :‬لو أعطيت عمال لرجال يعملون��ه‪ ،‬وقلت اعملوا هذا‪ ،‬وهو‬
‫ٍ‬
‫مضن‪ ،‬يعني متعب‪ ،‬ثم أتيت لهم بعمل آخر وقلت‪ :‬اعملوا‪،‬‬ ‫عمل‬
‫‪35‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫فماذا سيكون؟ س��يتعبون‪ ،‬إما أن يدعوا العمل األول على ُعجره‬


‫عظيما‪ ،‬وهكذا المعدة‪.‬‬
‫ً‬ ‫وبجره‪ ،‬وإما أن يتعبوا تع ًبا‬
‫ولهذا نقول‪ :‬ال تمألها‪ ،‬وما كانت األمراض الحديثة األخيرة‬
‫كمرض الس��كر ومرض الغم ومثل ذلك إال ألسباب كثرة األكل‪،‬‬
‫وقد ذك��ر ابن القيم ‪ ‬يف زاد المعاد أن األمراض المركبة من‬
‫الغ��ذاء المركب‪ ،‬واآلن تج��د بعض الناس يأكل ثمانية أو تس��عة‬
‫أصن��اف من الطع��ام‪ ،‬وه��ذه األغذية تختل��ط‪ ،‬ويختل��ط الغذاء‪،‬‬
‫ويختل��ط ال��دم‪ ،‬يصي��ر مركبا من ع��دة أغذية‪ ،‬ويصع��ب عالجه؛‬
‫وله��ذا قال ابن القي��م ‪ ‬وهو حق‪« :‬ولذل��ك كان البادية أقل‬
‫الن��اس أمراض��ا مركب��ة‪ ،‬وأس��هلهم معالج��ة»؛ ألن معالجتهم ال‬
‫تحتاج إلى تعب‪.‬‬
‫ولم��لء البطن مفاس��د كثي��رة‪ ،‬ويف آخر الحدي��ث‪« :‬فإن كان‬
‫ال محال��ة‪ ،‬فثلث لطعام��ه‪ ،‬وثلث لش��رابه‪ ،‬وثلث لنفس��ه»‪ ،‬وهذا‬
‫ه��و الع��دل‪ ،‬فالطع��ام بحتاج إل��ى ش��راب‪ ،‬ولهذا يق��ول‪( :‬ﯕ‬
‫ﯖ)‪ ،‬فاجعل للطعام الثلث‪ ،‬وللش��راب الثل��ث‪ ،‬واجعل ثلثا‬
‫فس��ك‪ ،‬وهذا لو أننا مشينا عليه ما أصبنا‬
‫للنفس؛ لتتنفس ويتس��ع َن ُ‬
‫باألمراض‪ ،‬إال أن يش��اء اهلل‪ ،‬لكن هذا من أسباب الوقاية‪ ،‬ويذكر‬
‫‪36‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫أن بع��ض األوربيي��ن ال يش��بعون يف األكل‪ ،‬لك��ن يكث��رون ع��دد‬


‫الوجب��ات‪ ،‬ونحن اآلن ن��أكل ثالث مرات‪ ،‬وه��م يأكلون خمس‬
‫مرات‪ ،‬لكنه��م ال يكثرون األكل‪ ،‬وهذا هو الرتتيب الصحي‪ ،‬كل‬
‫قليال وإذا جعت فكل‪.‬‬

‫ من فوائد هذا احلديث‪:‬‬


‫‪ ) 1‬أن الش��ريعة اإلس�لامية ج��اءت ب��دواء القل��وب ودواء‬
‫األب��دان؛ ويف ذل��ك أن هذا القدر من الغذاء هو المناس��ب للطب‬
‫تماما‪.‬‬
‫‪ ) 2‬أن الش��ريعة اإلس�لامية جاءت بتوقي األس��باب الموجبة‬
‫ل�لأذى؛ تؤخ��ذ من النهي عن م��لء البطن؛ ألن��ه موجب لألذى‪،‬‬
‫ولهذا قال ش��يخ اإلسالم ‪« :‬ال يحل لإلنسان أن يأكل أكال‬
‫يتأذى به»‪ ،‬وبعض الناس اآلن‪ ،‬ما ش��اء اهلل‪ ،‬يأكل أكال كثيرا‪ ،‬يمأل‬
‫بطنه حتى أنه ال يكاد يس��تطيع القيام من الطعام الذي مأل به بطنه‪،‬‬
‫ثم بعد ذلك يطلب أش��ربة هتضم‪ ،‬فاهلل المس��تعان‪ ،‬الواحد يلطخ‬
‫بدنه بالنجاس��ة‪ ،‬ثم يبحث عن ماء ليطهر ثيابه‪ ،‬كان األولى به من‬
‫األصل أال ُيكثر!‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ فإن قال قائل‪ :‬أليس أبو هريرة ‪ ‬قد ش��رب لبنا حتى‬
‫لم يجد له مكانا؟‬
‫قلن��ا‪ :‬بل��ى‪ ،‬ولكن هذا أمر ن��ادر‪ ،‬والنادر ال حكم له‪ ،‬والرس��ول‬
‫‪ ‬ع��ذره من أجل أن��ه كان جائعا من قبل‪ ،‬حتى يعرف قدر‬
‫نعمة اهلل عليه‪ ،‬وهذا من حكمة الرسول ‪ ‬يجعل المرء يمر‬
‫بما يقابل حاله التي كان عليها حتى يعرف قدر حكمة اهلل ونعمته ‪...‬‬
‫إذن نق��ول‪ :‬مم��ا ينبغي لإلنس��ان أن ي��أكل ثل ًثا‪ ،‬ويش��رب ثل ًثا‪،‬‬
‫ويتنفس بثلث‪ ،‬هذا الذي ينبغي أن يكون عليه غذاؤك دائمًا‪ ،‬لكن‬
‫الن��ادر ال حكم له‪ ،‬يعني‪ :‬لو جاز لك الطعام أو الش��راب‪ ،‬ومألت‬
‫بطئك منه أحيانا فال بأس‪ ،‬أما أن تجعل هذا ديدنك فال‪.‬‬

‫ ف��إذا ق��ال قائ��ل‪ :‬إن ه��ذا الحدي��ث ق��د يش��كل‪ ،‬فعلى ما‬
‫يقوله األطباء أن منفذ الطعام والش��راب غير منفذ الهواء‪،‬‬
‫والمتبادر من هذا الحديث أن منفذ الهواء يف البطن؟‬
‫قلن��ا‪ :‬ال‪ ،‬فالمعلوم أن الهواء يف الرئ��ة‪ ،‬لكن يضيق النفس مع‬
‫الملء‪ ،‬والناس عادة يستخدمون مثل هذا التعبير‪ ،‬فيقولون‪ :‬فالن‬
‫أكل ومأل بطنه حتى أنه ال يستطيع التنفس(‪.)1‬‬

‫((( شرح بلوغ المرام ‪)١٨٨/١٥‬‬

‫‪38‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫وق��ال اب��ن عثيمي��ن ‪ :‬النب��ي ‪ ‬أعط��ى أمت��ه‬


‫حكم��ة عظيم��ة لو مش��ينا عليها‪ ،‬قال‪« :‬بحس��ب اب��ن آدم أكالت‬
‫ُيقمن صلبه‪ ،‬فإن كان ال محالة فثلث لطعامه وثلث لش��رابه وثلث‬
‫لنفس��ه» والعجيب أنه باتفاق األطباء أن هذا التوجيه من الرسول‬
‫‪ ‬أحسن ما يكون يف طعام اإلنسان‪ ،‬والكفار اآلن على‬
‫ما هم عليه من النعم يأكلون وال يشبعون‪ ،‬لكن بد ً‬
‫ال من أن تكون‬
‫الوجب��ات ثال ًثا يجعلون الوجبات س�� ًّتا أو أكثر بحس��ب حاله(‪،)1‬‬
‫ٍ‬
‫وحينئذ هتضم المعدة هذا‬ ‫إنم��ا ال يمأل بطنه ولكن يأكل القلي��ل‪،‬‬
‫القليل بسهولة و ُيسر‪ ،‬ويسلم من الفضالت والغازات وغير ذلك‪،‬‬
‫ولو أن الناس ط َّبقوا هذا‪ ،‬وصاروا ال يش��بعون إال أحيا ًنا كما فعل‬
‫أبو هريرة ‪ ‬لكان هذا أوفق للش��رع‪ ،‬وأس��هل على اإلنسان‬
‫(‪)2‬‬
‫وأصح‪.‬‬
‫َّ‬
‫وق��ال ابن عثيمي��ن ‪ :‬ولكن ماذا تقول��ون يف قول بعض‬

‫((( قال الدكتور أحمد قدامة يف «قاموس الغذاء ‪( »447‬اختلف العلماء يف عدد وجبات الطعام يوم ًيا‪،‬‬
‫فقال بعضهم‪ ،‬تكفي وجبة واحدة‪ ،‬ولكن األكثرية تتفق على ضرورة تناول ثالث وجبات‪ .‬ويرى‬
‫خمسا أو ستًا يف اليوم)‬
‫ً‬ ‫باحثون أن الوجبات يجب أن تكون أرب ًعا أو‬
‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪)35/12‬‬

‫‪39‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ُ‬
‫يدخل بين‬ ‫دقي��ق‬
‫ٌ‬ ‫الش ِ‬
‫��رهين‪ :‬أنا س��أمأل بطني م��ن الطعام‪ ،‬والماء‬ ‫َّ‬
‫الطع��ام‪ ،‬والنفس حرب ٌة يش��ق عن ِ‬
‫نفس��ه‪ ،‬وهذا غي��ر صحيح‪ ،‬إذا‬ ‫ََْ‬
‫كنت ُتري��د العافية والصحة والنش��اط‪ ،‬فخذ هب��ذه القاعدة الطبية‬
‫النافع��ة‪ :‬ثل��ث للطعام وثل��ث للش��راب وثلث للنفس‪ ،‬وس��تجد‬
‫العافية‪ ،‬وستزول عنا األمراض التي تن ُت ُج عن التخمة‪.‬‬

‫ويف وقتن��ا الحاضر ُنتخم من الطعام‪ ،‬وننام على األس��رة‪ ،‬وال‬


‫نقوم بالتمشي(‪ ،)1‬فاإلنسان لو خرج إلى المسجد يمكن أن يقول‪:‬‬
‫تخما من اللحم والماء‪ ،‬وتحدث‬
‫فتجد اإلنسان ُم ً‬
‫ُ‬ ‫ائت بالس��يارة !‬
‫األم��راض الكثي��رة التي قد تس��تعصي على األطباء‪ ،‬لك��ن لو أننا‬
‫(‪)2‬‬
‫كثيرا‪.‬‬
‫خيرا ً‬
‫فعلنا ما أرشد إليه النبي ‪ ‬لوجدنا ً‬
‫وقال اب��ن عثيمي��ن ‪ :‬وواهلل لو أننا عملنا هبذا اإلرش��اد‬
‫النب��وي ‪ -‬اي قول��ه ‪( ‬بحس��ب اب��ن آدم أكالت ُيقمن‬

‫((( قال الشيخ فهد السنيد حفظه اهلل‪ :‬‏كان لشيخنا ‪‎‬ابن باز ‪ ‬رغم مشاغله الكثيرة عناية برياضة‬
‫المشي فكان يمشي يف الغرفة أوبين البيوت وقد رتب وقتًالذلك فكان يقول‪ :‬إنني رتبت وقتًا للمشي‬
‫مدة ترتاوح مابين ربع ساعة إلى نصف ساعة كل يوم وذلك قبل النوم ويف الصباح بعد المجيء من‬
‫الدرس وبعد القيام من مكتب البيت يف الصباح‪ .‬دروس وفتاوى الحرمين (‪)114/10‬‬
‫((( دروس وفتاوى الحرمين (‪)114/10‬‬

‫‪40‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫صلبه‪ ،‬فإن كان ال محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه) ‪-‬‬
‫لكانت األمراض فينا قليلة‪ ،‬لكن كُلنا اآلن نمأل البطن من الطعام‬
‫الس�� َّك ِر ُي والضغط‪ ،‬والبالء الذي‬
‫والش��راب ‪ ...‬حتى يكون بك ُّ‬
‫ال ينته��ي‪ ،‬فل��و أنن��ا أخذنا بإرش��اد الرس��ول ‪ ‬لكانت‬
‫الس��منة‪ ،‬لكن‬
‫األم��راض قليلة‪ ،‬ولخف��ت األبدان‪ ،‬ولس��لمنا من ِّ‬
‫(‪)1‬‬
‫نشكو إلى اهلل ‪.‬‬

‫ فائدة ‪:‬‬
‫وحسن‬
‫قال ابن عثيمين ‪ :‬حدثني طبيب أمريكي‪ ،‬أسلم ُ‬
‫إس�لامه – حدثني هنا يف بالدنا – أنه اس��تفاد من الطب النبوي‪،‬‬
‫حت��ى إن��ه يقول‪ :‬م��ن جملة ما حملن��ي على اإلس�لام ما وجدت‬

‫((( دروس وفتاوى الحرمين (‪)216/1‬‬


‫قال الدكتور أحمد قدامة يف "قاموس الغذاء ‪ :"448‬قال الطبيب "غاستون دورفيل" (اإلفراط يف‬
‫الطعام جرح دام يف جسم االنسانية)‬
‫وقال الطبيب الفرنسي "أنكوس"‪( :‬لو أن الغريزة كانت هي المسيطرة لما سمحت للفم أن يتناول‬
‫الطعام إال عند الجوع‪ ،‬والشرب إال عند العطش‪ ،‬ولكن – مع األسف – ال يعمل اإلنسان بوحي‬
‫الغريزة‪ ،‬بل بوحي الطمع والرغبة والنهم‪ ،‬وهذا ما يقوده إلى اإلصابة بكثير من األمراض يكون يف‬
‫غنى عنها لو أنه اتبع الطرق الصحية يف طعامه وشرابه‪ ،‬وعرف كيف يتصرف بأمور معدته تصرفه‬
‫بأموره المالية واالجتماعية)‬

‫‪41‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫في��ه م��ن النظاف��ة واألخ�لاق الفاضلة الطيب��ة‪ ،‬منها‪ :‬إن الرس��ول‬


‫‪ ‬قال‪« :‬حس��ب اب��ن آدم لقيمات ُيقم��ن ُصلبه» يعني‪:‬‬
‫حس��به م��ن األكل والش��راب «لقيم��ات ُيقمن ُصلبه؛ ف��إن كان ال‬
‫ٌ‬
‫وثلث لشرابه وثلث‬ ‫محالة – يعني‪ :‬البد أن يأكل – ٌ‬
‫فثلث لطعامه‬
‫مرض م��ن داء البطنة ‪ ...‬كل‬
‫لنفس��ه» ولو أنا طبقن��ا هذا ما أصابنا ٌ‬
‫قليالً ومتى ُجعت فكل ثان ًيا؛ حتى َتعطي الجسد غذاء ُه شي ًئا فشي ًئا‬
‫(‪)1‬‬ ‫على ٍ‬
‫وجه يتحمله‪.‬‬
‫***‬

‫((( اللقاءات الشهرية (‪)48/1‬‬

‫‪42‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬النوم بعد األكل مباشرة ‪L‬‬


‫��ن َع ْب ِد اهَّلل ِ ‪ ‬أنه ق��ال يف حديث طويل‪:‬‬ ‫  َع ْن َجابِ��رِ ْب ِ‬
‫��د ِي النَّبِ ِّي‬ ‫��ت بِ َق ِل ِ‬
‫ي��ل ُر َط ٍ‬
‫��ب‪َ ،‬ف َو َض ْع ُت�� ُه َب ْي َن َي َ‬ ‫ج ْئ ُ‬ ‫��ت َف ِ‬
‫َف ُق ْم ُ‬
‫��ك َيا َجابِ ُر؟»‪.‬‬ ‫يش َ‬ ‫«أ ْي َن َعرِ ُ‬ ‫��ال‪َ :‬‬
‫��م َق َ‬ ‫‪َ ،‬ف َ‬
‫��أك ََل ُث َّ‬
‫َف َأ ْخ َب ْر ُت ُه‪َ ،‬ف َق َال‪« :‬ا ْف ُر ْش لِي فِ ِيه »‪َ .‬ف َف َر ْش ُت ُه‪َ ،‬ف َد َخل ف َرق َد‪.‬‬
‫َ َ َ (‪)1‬‬

‫ق��ال ابن عثيمين ‪ :‬من فوائ��د الحديث‪ :‬جواز النوم بعد‬


‫األكل‪ ،‬ألنه ‪ ‬أكل ثم قال‪« :‬أين عريشك يا جابر؟» ثم‬
‫يتضرر اإلنس��ان إذا نام‬
‫َّ‬ ‫رقد‪ ،‬وهذه المس��ألة تعود إلى الطب‪ :‬هل‬
‫يتضرر؟ وأنا لي��س عندي فيها علم من‬
‫َّ‬ ‫بع��د األكل مباش��ر ًة‪ ،‬أو ال‬
‫جرب أنه‬‫الناحية الطبية‪ ،‬لكن اإلنس��ان طبيب نفس��ه‪ ،‬فإن كان قد َّ‬
‫يتضرر‬ ‫ف عليه‪ ،‬وإن كان ال‬ ‫يتضرر فال ينام يف أول األمر حتى ي ِ‬
‫خ َّ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫(‪)2‬‬
‫فال بأس‪ ،‬وقد ُي َف َّرق بين من مأل بطنه وبين من أكل قليالً‪.‬‬
‫***‬
‫((( رواه البخاري (‪)5443‬‬
‫((( العليق على صحيح البخاري (‪)138/12‬‬

‫‪43‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬الصحة يف نوم الليل ‪L‬‬


‫ ق��ال تعال��ى‪( :‬ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ‬
‫ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ) (‪.)1‬‬
‫قال ابن عثيمين ‪ :‬الس��كون معن��اه القرار وعدم الحركة‬
‫ولذل��ك كان الليل محل الس��كون للخلق‪ ،‬ولكن��ه بإذن اهلل محل‬
‫عم��ل لخلق آخرين‪ ،‬فالهوام والس��باع ال تعمل إال يف الليل‪ ،‬ألهنا‬
‫تختف��ي يف النه��ار‪ ،‬إما خو ًف��ا من الناس وإم��ا رحمة من اهلل ‪‬‬
‫بالخلق ألن هذه الس��باع أو هذه الهوام ل��و كانت تخرج يف النهار‬
‫ألتعب��ت الن��اس ولكنها – والحمد اهلل – ال تظه��ر إال بالليل‪ ،‬فإذا‬
‫سكن الناس بدأ عملها بالتناوب‪.‬‬
‫وهذه م��ن رحم��ة اهلل ‪ ‬بالخلق أن يكون ه��ذا التبادل‬
‫ليعيش الناس بس�لام حت��ى هذه الحيوانات آمن له��ا إذا كانت ال‬
‫تعيش إال بالليل حتى ال ُتعارض‪.‬‬
‫فهن��ا المراد بالس��كون اآلدميون ومن أش��بههم ممن س��كوهنم‬

‫((( [سورة النمل‪ :‬آية ‪.]86‬‬

‫‪44‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫باللي��ل‪ ،‬ولهذا اإلنس��ان إذا أراد الصحة فليكن الليل س��كنًا له‪ ،‬وال‬
‫س��يما أول الليل‪ ،‬ف��إن النب��ي ‪ ‬كان يك��ره الحديث بعد‬
‫ٍ‬
‫ساعات من النهار‪.‬‬ ‫العشاء‪ ،‬وقد ذكروا أن نوم الليل الساعة منه تقابل‬
‫وهذه الثروة الس��كونية أضعناها اآلن بما ال نفع فيه‪ ،‬بل بما فيه‬
‫ضرر‪ ،‬فاآلن الناس يعكفون على مشاهدة التلفزيون إلى نصف الليل‬
‫ٌ‬
‫تقري ًبا‪ ،‬بينما يف الدول الغربية مع األس��ف الشديد الكافرة الملحدة‬
‫ال يتجاوز التلفزيون الساعة التاسعة من الليل‪ ،‬ففي الساعة التاسعة‬
‫ض��رر على عمالهم وعلى‬
‫ٌ‬ ‫ُيغل��ق التلفزي��ون‪ ،‬ألهنم يعرفون أن هذا‬
‫مثقفيه��م‪ ،‬فهم ال يريدون الضرر لألُمة‪ ،‬يقول��ون‪ :‬إذا أبقيناه إلى ما‬
‫بعد التاسعة س��هر الناس عليه وكان يف ذلك إهناك للعمال وكان يف‬
‫ذل��ك إهمال للطلبة‪ ،‬فلذلك نحن ُنغلقه من الس��اعة التاس��عة حتى‬
‫ينام الناس وحتى ال نكون قد تسببنا يف إرهاق الناس‪.‬‬

‫وحدثني بذلك عدة ُأناس من الذين جاءوا من ُأ ُ‬


‫وربا يقولون‪:‬‬
‫أبدا‪ ،‬ال يمكن أن يتجاوز الساعة التاسعة‪ ،‬لكن ال أدري إن كان يف‬
‫ً‬
‫األشياء النادرة‪ ،‬لكن هذا هو برنامجهم‪...‬‬
‫فكوننا نس��هر إل��ى نصف الليل أحيا ًنا أو إل��ى أكثر وليس ليلة‬

‫‪45‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫دائما يف الغالب‪،‬‬
‫طارئ��ة حتى نقول‪ :‬العوارض ع��وارض‪ ،‬بل هي ً‬
‫هؤالء الذين يسهرون إلى ما بعد نصف الليل أو ً‬
‫ال ربما ال يقومون‬
‫لصالة الفجر‪ ،‬وإذا قاموا نصفهم نوم‪ ،‬يؤدوهنا بكل ك ٍ‬
‫ُلفة ومشقة‪،‬‬
‫أو ينامون يف نفس المسجد أو يف نفس الصالة‪ ،‬ثم إذا رجعوا إلى‬
‫بيوهتم ينامون إلى الظهر‪.‬‬
‫يعن��ي أول النهار الذي هو مح��ل الربكة ومحل العمل ُي َض َّيع‪،‬‬
‫والليل الذي محل الس��كون ُي َض َّي ُع السكون فيه‪ ،‬وهذا يف الحقيقة‬
‫(‪)1‬‬
‫ُيعترب نقص ٍ‬
‫وعي يف المسلمين‪.‬‬

‫ وق��ال تعال��ى‪( :‬ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ‬


‫ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶ‬
‫ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ) (‪.)2‬‬
‫قال ابن عثيمين ‪ :‬من فوائد هذه اآلية‪ :‬أن نوم الليل أفيد‬
‫للجس��م من نوم النهار‪ ،‬حيث جعل اهلل الليل محل س��كن ووقته‪،‬‬
‫أمر مشاهد‪.‬‬
‫وهذا ٌ‬

‫((( تفسير سورة النمل (‪)479‬‬


‫((( [سورة القصص‪ :‬آية ‪.]72‬‬

‫‪46‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫و أن الليل أنفع للبدن من النهار‪ ،‬ففي نوم الليل سكون بخالف‬


‫(‪)1‬‬
‫نوم النهار‪ ،‬فاإلنسان يحس بالراحة لكن ليس كالليل‪.‬‬

‫أفضلية النوم يف أول الليل‪:‬‬


‫وقال ابن عثيمين ‪ :‬إن النوم يف أول الليل باتفاق األطباء‬
‫أنه أفضل للجس��م من النوم يف آخر الليل‪ ،‬وأنه هو الباكورة لليل‪،‬‬
‫فيكون هو الباكورة للنوم‪ ،‬وكونك تعطي الجس��م راحته من حين‬
‫م��ا ي��أيت الليل أول��ى؛ ألن الجس��م يف النهار صار عنده ش��يء من‬
‫التعب من المعاش‪ ،‬فإذا جاء الليل فينبغي أن تبادر بالنوم ثم إنك‬
‫إذا نمت من أول الليل بعد صالة العشاء قمت يف آخر الليل نشي ًطا‬
‫مشتا ًقا إلى طاعة اهلل ‪.)2(‬‬
‫***‬

‫((( تفسير سورة القصص (‪)322‬‬


‫((( ( شرح بلوغ المرام ‪.)٤٣/٢‬‬

‫‪47‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬جواز النوم نها ًرا‪ ،‬واالتفاق على أن األصح لي ًال ‪L‬‬


‫ وقال تعال��ى‪( :‬ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ‬
‫ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ) (‪.)1‬‬

‫يف تفس��ير الجاللين ق��ال‪( :‬ﯔ) بالنهار (ﯕ ﯖ)‬


‫أي‪ :‬تصرفكم يف طلب المعيشة بإرادته‪.‬‬

‫قال ابن عثيمين ‪ :‬المفس��ر ‪ ‬خص االبتغاء بالنهار‬


‫(ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ) واألحس��ن أن نجعله��ا‬
‫مطلق��ة كم��ا أطلقه��ا اهلل؛ ألن من الن��اس من يبتغي م��ن فضل اهلل‬
‫بالنه��ار‪ ،‬ومنهم من يبتغي من فض��ل اهلل بالليل‪ ،‬فكوهنا تبقى على‬
‫ما هي عليه بدون تقييد هذا هو األولى؛ ألن التقييد ُيضيق المعنى‬
‫أناس ال يطلبون الرزق إال يف‬
‫فيجعل االبتغاء بالنهار مع أنه يوجد ٌ‬
‫الليل‪ ،‬مثل الحراس وأصحاب األمن‪ ،‬وما أشبه ذلك‪.‬‬

‫((( [سورة الروم‪ :‬آية ‪]23‬‬

‫‪48‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ ومن فوائد هذه اآلية‪:‬‬

‫وهنارا؛ ألن اهلل تعالى جعله من آياته التي امتن‬


‫جواز النوم ليالً ً‬
‫هب��ا على العباد (ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ) (‪ )1‬لكن أصحهما‬
‫(‪)2‬‬
‫نوم الليل باالتفاق‪.‬‬
‫***‬

‫((( [سورة الروم‪ :‬آية ‪]23‬‬


‫بالضد (شرح‬
‫((( تفسير سورة الروم (‪ )128 – 125‬قال ابن النفيس‪ :‬نوم الليل محمود نافع‪ ،‬ونوم النهار ِّ‬
‫فصول أبقراط ‪. )١١٨‬‬

‫‪49‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬النوم على ال ِوسادة ‪L‬‬


‫ات ِعنْ َد َم ْي ُمو َن َة ‪ُ -‬أ ِّم‬ ‫اس ‪َ : ‬‬
‫(أ َّن ُه َب َ‬ ‫  َع ْن َع ْب ِد اهَّلل ِ ْب ِن َع َّب ٍ‬
‫ت َع َلى‬ ‫اض َط َج ْع ُ‬ ‫ي��ن ‪َ ‬و ِه َي َخا َل ُت ُه ‪َ -‬ق َ‬
‫��ال‪َ :‬ف ْ‬ ‫ِِ‬
‫ا ْل ُم ْؤمن َ‬
‫ول اهَّلل ِ ‪َ ‬و َأ ْه ُل ُه‬ ‫ض ا ْل ِو َس��ا َد ِة‪َ ،‬و ْ‬
‫اض َط َج َع َر ُس ُ‬ ‫َع ْر ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫فِي ُطولِ َها)‪.‬‬
‫ق��ال ابن عثيمي��ن ‪ :‬يف هذا الحديث فوائ��د منها‪ ... :‬أن‬
‫الرس��ول ‪ ‬بش��ر يحت��اج إلى الن��وم واألكل والش��رب‬
‫والدفء وغير ذلك مما يحتاجه البشر‪.‬‬
‫ِّ‬

‫ وهل نقول‪ :‬فيه دليل على اس��تحباب الوسادة يف النوم‪ ،‬أو‬


‫أن هذا من األمور التي جرت بها العادة؟‬
‫اجلواب‪ :‬إذا كان ذلك أريح للبدن‪ ،‬وأقوم للصحة‪ ،‬صار ُمستح ًّبا‬
‫من هذه الناحية‪ ،‬وأظنه – واهلل أعلم – أحس��ن من حيث الصحة؛‬
‫ألنك إذا نمت بدون وس��ادة فس��وف يتعلق الرأس؛ ألن الكتفين‬
‫أعرض من الر أس‪ ،‬فيبقى الرأس ُمتعل ًقا‪ ،‬والس��نة أن ينام اإلنسان‬

‫((( رواه البخاري (‪)1198‬‬

‫‪50‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫على الجنب األيمن‪ ،‬فإذا نام على الجنب فالبد أن يتعلق الرأس‪،‬‬
‫ف ُتجعل وس��ادة بمقدار الكتف؛ من أجل أن يكون الرأس مس��تو ًيا‬
‫(‪)1‬‬
‫مع البدن‪.‬‬
‫***‬

‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪)387/4‬‬

‫‪51‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬النوم يف الظالم ‪L‬‬


‫«أ ْط ِف ُئ��وا‬ ‫��ول اهَّلل ِ ‪َ ‬ق َ‬
‫��ال‪َ :‬‬ ‫  َع ْن َجابِ��رٍ‪َ ،‬أ َّن َر ُس َ‬
‫ا ْلمصابِيح إِ َذا ر َق ْد ُتم‪ ،‬و َغ ِّل ُقوا الأْ َبواب‪ ،‬و َأوكُوا الأْ َس ِ‬
‫��ق َيةَ‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫َْ َ َ ْ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫الش��راب»‪ .‬و َأح ِس��به َق َال‪« :‬و َل��و بِع ٍ‬
‫ود‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫��روا ال َّط َعا َم َو َّ َ َ َ ْ ُ ُ‬ ‫َو َخ ِّم ُ‬
‫َت ْع ُر ُض ُه َع َل ْي ِه»‪.‬‬

‫ق��ال ابن عثيمي��ن ‪ :‬يف هذا الحدي��ث آداب منها‪ ... :‬أن‬
‫اإلنس��ان ينبغ��ي له أن يرب��ط ِ‬
‫الق��رب‪ ،‬ويذكر اس��م اهلل عند ذلك‪،‬‬
‫ويخمر اآلنية ‪ -‬أي‪ :‬يغطيها – ويذكر اسم اهلل على ذلك‪.‬‬

‫وأنه ينبغي لإلنسان أن ُيطفئ المصابيح‪ ،‬وكانت المصابيح يف‬


‫��ر ًجا ُتو َقد بالدهن‪ ،‬فإذا بقيت‪ ،‬ونام اإلنس��ان‪ ،‬فإنه‬
‫ذلك الوقت ُس ُ‬
‫ُيخش��ى من الحريق‪ ،‬فلهذا أمر النبي ‪ ‬ب��أن ُتطفأ؛ لئال‬
‫يأتيها شيء من الحشرات يعبث هبا فتحرق البيت‪.‬‬

‫أم��ا يف وقتن��ا الحاضر فالظاهر أن ه��ذا ال يدخل يف الحديث‪،‬‬


‫فال نقول‪ :‬ينبغي لإلنس��ان أن يغلق المصابيح الكهربائية وما أشبه‬

‫‪52‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ذل��ك‪ ،‬لك��ن علماء الط��ب يقولون‪ :‬كلم��ا كان الم��كان الذي فيه‬
‫المن��ام كلما كان أظلم كان أهدأ للنوم‪ ،‬وبن��ا ًء على ذلك فإذا كان‬
‫(‪)1‬‬
‫صغيرا من أجل النوم فهذا حسن‪.‬‬‫ً‬ ‫مصباحا‬
‫ً‬ ‫يحتاج إلى أن ُي ِبقي‬
‫***‬

‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪ )449/12‬انظر كتاب (الشفاء دون عناء ‪ )١٨٣‬د‪/‬جوزيف ميركوال‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬النوم على الشق األمين ‪L‬‬


‫��ول اهَّلل ِ‬
‫��ال َر ُس ُ‬
‫��ال‪َ :‬ق َ‬ ‫ب ‪َ ‬ق َ‬ ‫��ن َع ِ‬
‫��از ٍ‬ ‫ ع��ن ا ْل َب َ‬
‫��را ُء ْب ُ‬
‫��ك َف َت َو َّض ْ‬
‫��أ َو ُض��و َء َك‬ ‫‪« :‬إِ َذا َأ َت ْي َ‬
‫��ت َم ْض َج َع َ‬
‫ج ْع َع َلى ِش ِّق َ‬
‫ك الأْ َ ْي َم ِن‪.»...‬‬ ‫لص اَل ِة‪ُ ،‬ث َّم ْ‬
‫اض َط ِ‬ ‫ِ‬
‫ل َّ‬
‫قال ابن عثيمين ‪ :‬يف هذا الحديث فوائد منها‪ :‬أنه ينبغي‬
‫لإلنس��ان أن ينام على طهر؛ لقوله ‪« :‬فتوضأ وضوءك‬
‫للصالة»‪.‬‬
‫وأنه يضطجع على الشق األيمن دون األيسر‪ ،‬ولو كانت القبلة‬
‫خلف ظهره‪ ،‬أو عند ِرجليه‪ ،‬أو عند رأسه‪.‬‬
‫والن��وم على الش��ق األيمن أنفع م��ن الناحية الطبي��ة؛ ألن فم‬
‫المع��دة م��ن اليمين‪ ،‬فيكون هذا أس��هل يف الهضم‪ ،‬وهو بالنس��بة‬
‫أيض��ا؛ ألن القلب ُمعل��ق بالجانب األيس��ر‪ ،‬فإذا نام‬
‫للقل��ب أنفع ً‬
‫على الجانب األيسر فإنه يأخذه النوم ويستغرق‪ ،‬وربما ال يصحو‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫بخالف ما إذا كان على الجانب األيمن‪.‬‬

‫((( العليق على صحيح البخاري (‪)29/14‬‬

‫‪54‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬فوائد النوم ‪L‬‬


‫ قال تعالى‪( :‬ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ) (‪.)1‬‬
‫قال اب��ن عثيمين ‪ :‬أي‪ :‬قاط ًعا للتعب والمش��قة‪ ،‬ولهذا‬
‫كان يف النوم فائدتان‪:‬‬

‫ الفائدة األوىل‪:‬‬
‫شديدا ثم ينا ُم‬
‫ً‬ ‫يتعب تع ًبا‬
‫ُ‬ ‫قطع التعب السابق‪ ،‬فاإلنسان عندما‬
‫ُ‬
‫قطع‪.‬‬
‫مسرتيح‪ ،‬فهذا ٌ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫يستيقظ وهو‬ ‫التعب‪ ،‬ثم‬
‫ُ‬ ‫ينقطع‬
‫ُ‬
‫ الفائدة الثانية‪:‬‬
‫ُ‬
‫اإلنس��ان بع��د النو ِم أن ُه قام‬ ‫فيجد‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫للقوة يف المس��تقبلِ‪،‬‬ ‫تجديد‬
‫ٌ‬
‫النبي ‪ ‬اإلنسان أن يقوم ليل ُه وال ينا ُم‬ ‫ً‬
‫نشيطا‪ ،‬ولهذا هنى ُّ‬
‫َ‬
‫عليك ح ًقا»‪.‬‬ ‫وقال‪« :‬إن ِ‬
‫لنفس َك‬
‫ف�لا يجوز لإلنس��ان أن ُيرهق نفس��ه‪ ،‬الله��م إال أحيانا‪ ،‬فربما‬
‫يرخص لإلنس��ان أال ينام مثل العش��ر األواخر م��ن رمضان‪ ،‬كان‬
‫النب��ي ‪ ‬يق��وم فيه��ا اللي��ل كل��ه وال ينام‪ ،‬أما ما س��وى‬

‫((( [سورة النبأ‪ :‬آية ‪]9‬‬

‫‪55‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ذلك فما قام النبي ‪ ‬ليل ًة إلى الس��حر ً‬


‫أبدا إال يف العش��ر‬
‫األواخر من رمضان‪.‬‬
‫��بات(‪ )1‬فهو نعمة من نعم اهلل‪ ،‬فال ينبغي لإلنسان‬
‫إذن‪ :‬النوم ُس ٌ‬
‫أيضا العكس؛ أن يكون‬
‫أن يس��هر ليله وأن ُيتعب نفسه‪ ،‬وال ينبغي ً‬
‫(‪)2‬‬
‫ال متوس ًطا‪.‬‬
‫ال‪ ،‬بل يكون عد ً‬
‫ال كسو ً‬
‫نائما خمو ً‬
‫دائما ً‬
‫ً‬
‫***‬

‫((( يف األصل ( ُث ٌ‬
‫بات)‬
‫ومن أضرار عدم أخذ الكفاية من النوم ما ذكره صاحب كتاب (الشفاء دون عناء)‪ :‬وهي ضعف‬
‫الذاكرة‪ ،‬والتوتر المرتفع‪ ،‬وزيادة الوزن‪ ،‬واضعاف المناعة‪ ،‬وتسارع الشيخوخة‪ ،‬ونموا األورام‬
‫المتقدم‪ ،‬وزيادة خطر اإلصابة بأمراض القلب‪( .‬الشفاء دون عناء ‪.)١٧٧‬‬
‫((( دروس وفتاوى الحرمين (‪)41/5‬‬

‫‪56‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬فوائد التمر واحلث على اإلفطار به ‪L‬‬


‫��ول اهَّلل ِ‬ ‫ٍ‬ ‫��ن ع ِ‬
‫��ال َر ُس ُ‬ ‫��ال‪َ :‬ق َ‬ ‫��ي‪َ ،‬ق َ‬ ‫ِّ‬ ‫ب‬
‫ِّ‬ ‫الض‬
‫َّ‬ ‫ر‬ ‫��‬‫ام‬ ‫ان ْب ِ َ‬
‫  َع ْن َس�� ْل َم َ‬
‫ُ��م َف ْل ُي ْفطِ ْر َع َلى َت ْمرٍ‪َ ،‬فإِ ْن َل ْم‬
‫‪« :‬إِ َذا َأ ْف َط َر َأ َح ُدك ْ‬
‫ج ْد َف ْلي ْفطِر ع َلى م ٍ‬
‫ور»‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ط‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫اء‬ ‫َي ِ ُ ْ َ َ‬
‫ق��ال ابن عثيمين ‪ :‬قوله (أحدك��م)‪ :‬الخطاب يعود إلى‬
‫الصائمين‪ ،‬ويحتمل أنه يعود على الجميع ‪...‬‬
‫وقول��ه (فليفط��ر على تم��ر)‪ :‬التمر الظاه��ر لي أن��ه إن ُقرن مع‬
‫الرطب صار المراد التمر الجاف الذي قد كمل استواؤه‪ ،‬وبالرطب‬
‫الرطب والتمر الجاف‪.‬‬
‫الرطب‪ ،‬أما إذا أطلق فالظاهر أنه يشمل ُّ‬
‫وقد ذكر النبي ‪ ‬نوعين‪ :‬النوع األول التمر‪ ،‬والنوع‬
‫الثاين‪ :‬الماء‪ ،‬لكن هو نفس��ه ‪ ‬يفط��ر أو ً‬
‫ال على رطب‪،‬‬
‫فإن لم يجد فعلى تمر‪ ،‬فإن لم يجد حسا حسوات من ماء‪ ،‬وعليه‬
‫فتكون األنواع ثالثة‪:‬‬
‫الرطب – فدل على أن الرطب مقدم على التمر‪ -‬ثم التمر‪ ،‬ثم‬
‫الماء‪ ،‬وال شك أن هذا هو األفضل‪.‬‬
‫‪57‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫فالرطب؛ ألنه لين فتهضمه المعدة بسرعة‪ ،‬وينتشر يف العروق‬


‫بس��رعة‪ ،‬وال يخف��ى م��ا يف التم��ر أو الرطب من الغ��ذاء والمنفعة‬
‫وإعادة الحرارة الطبيعية إلى البدن‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ق��اس بعض الش��يء‪ ،‬فيكون‬ ‫ث��م بع��د ذلك التم��ر‪ ،‬ألن التمر‬
‫هضمه بطي ًئا بالنسبة لهضم الرطب‪.‬‬

‫وق��د ذكر ابن القي��م ‪ ‬يف “زاد المعاد” من فوائد اإلفطار‬


‫عل��ى التمر أنه يقوي البصر‪ ،‬وهو كذلك مجرب‪ ،‬ولهذا كان كثير‬
‫من الناس يفطرون قبل كل شيء إذا قاموا من النوم بسبع تمرات‪،‬‬
‫وكان ش��يخنا ‪ – ‬أي الشيخ عبد الرحمن السعدي ‪- ‬‬
‫يقول‪ :‬إن قول الرسول ‪( :‬من تصبح بسبع تمرات من‬
‫س��م وال س��حر) الظاهر أن هذا على‬
‫العج��وة لم يصبه ذلك اليوم ٌ‬
‫سبيل التمثيل وأن التمر كله يحصل به الفائدة‪.‬‬

‫خي��ر يف اإلفطار على س��بع‬ ‫وعل��ى ٍّ‬


‫كل فإن��ه يرج��ى أن يكون ٌ‬
‫تمرات ويكون داخالً يف قوله تعالى‪( :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ) (‪.)1‬‬

‫((( [سورة التغابن‪ :‬آية ‪]16‬‬

‫‪58‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫فإذا لم تجد العجوة فهذا يكون بد ً‬


‫ال عنها‪ ،‬ويقال‪ :‬إن اإلفطار‬
‫(‪)1‬‬
‫به يزيد البصر‪.‬‬

‫خصائص التمر ومميزاته‪:‬‬


‫ق��ال ابن عثيمين ‪ :‬يقول ابن القيم‪ :‬إن التمر فيه حلوى‪،‬‬
‫وفي��ه غ��ذى‪ ،‬وه��و فاكه��ة إذا كان رطبا‪ ،‬فق��د جمع بي��ن الفاكهة‬
‫(‪)2‬‬
‫والحلوى والغذاء‪.‬‬
‫وقال ابن عثيمين ‪ :‬والتمر ُمفيد للنُّفس��اء‪ ،‬وللصبي أول‬
‫أيضا أول ما يصل إلى معدته‬
‫ما يصل إلى معدت��ه‪ ،‬ومفيد للصائم ً‬
‫بعد الجوع والعطش‪ ،‬فالنخلة ش��جرة مبارك��ة طيبة‪ ،‬فإن العروق‬
‫بمجرد ما يأكله اإلنسان‪ ،‬أي‪ :‬أنه ينتشر يف البدن مثل‬ ‫تقبض التمر ُ‬
‫الماء أو أشد‪ ،‬فإن الماء إذا شربته وأنت شديد العطش فإنك ُت ِ‬
‫ح ُّس‬
‫بأن الماء يدخل يف عروقك مباشر ًة‪ ،‬ولهذا كان النبي ‪‬‬
‫ُ‬
‫الظمأ وابتلت العروق‪ ،‬وثبت األجر‬ ‫الحر يقول‪« :‬ذهب‬‫إذا صام يف ِّ‬
‫(‪)4( )3‬‬
‫إن شاء اهلل»‬

‫((( شرح بلوغ المرام (‪)1٣١/7‬‬


‫((( شرح بلوغ المرام (‪)1٣٣/7‬‬
‫((( رواه ابو داود (‪)2357‬‬
‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪) ٢١٢/٥‬‬

‫‪59‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫الس ّم والسحر ‪L‬‬


‫‪ J‬الوقاية من ُ‬
‫��ول اهَّلل ِ ‪:‬‬ ‫��ال َر ُس ُ‬ ‫��ال‪َ :‬ق َ‬
‫ ع��ن َس�� ْع ًدا ‪َ ‬ق َ‬
‫ك‬‫ات َع ْج َوةً‪َ ،‬ل ْم َي ُض َّر ُه فِي َذلِ َ‬
‫«من َتصبح ك َُّل يو ٍم سبع َتمر ٍ‬
‫َْ َ َْ ََ‬ ‫َ ْ َ َّ َ‬
‫ا ْل َي ْو ِم ُس ٌّم َولاَ ِس ْح ٌر»‪.‬‬
‫قال اب��ن عثيمين ‪ :‬قوله ‪« :‬من تصبح» أي‪:‬‬
‫أكلها يف الصباح قبل كل ش��يء‪ .‬وقوله‪« :‬عجو ًة» العجوة نوع من‬
‫التم��ر معروف يف المدينة‪ ،‬وذكر بعضهم أن��ه قد انقطعت العجوة‬
‫األصلي��ة‪ ،‬واآلن ُيوجد يف الس��وق عجوة ُي َّدعى أهن��ا هي العجوة‬
‫األصلية‪ ،‬و ُيباع تمرها بسعر مرتفع‪.‬‬

‫ لكن هل هذا خاص بالعجوة‪ ،‬أو عام؟‬


‫اجلواب‪ :‬ظاه��ر الحديث‪ :‬أن هذه خاصية يف تمر العجوة فقط‪،‬‬
‫لكن بع��ض العلماء‪ ،‬يرى أنه عام وأن الرس��ول ‪ ‬ذكر‬
‫تم��ر العج��وة على س��بيل التمثيل قال��وا‪ :‬ويدل لذلك أن��ه قال يف‬
‫يخصه‬ ‫ٍ‬
‫بعض األلفاظ‪« :‬من أكل سبع تمرات مما بين البتيها» ولم َّ‬
‫بالعجوة‪ ،‬فعلى هذا يكون عا ًما وشامالً‪ ،‬وكان شيخنا عبدالرحمن‬
‫‪ ‬يرى العموم‪ ،‬ويستدل بعموم بركة النخلة‪ ،‬وما أشبه ذلك‪.‬‬
‫‪60‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫لكن إذا حصل تمر العجوة فال شك أهنا أولى‪ ،‬وإذا لم يحصل‬
‫فإن اإلنس��ان يأكل س��بع تمرات‪ ،‬ولعلها تنفع‪ ،‬فإن كان الرس��ول‬
‫جرب ُتها‪ ،‬لكن من‬
‫‪ ‬أراده��ا فهذا وإال ففيها منفعة‪ ،‬وقد َّ‬
‫ترجح له أنه ليس بعام فإنه يأكل بدون تحديد عدد‪.‬‬
‫وقوله‪« :‬لم ُ‬
‫يض َّر ُه يف ذلك اليوم ُس ٌ��م وال سحر» هذا حق‪ ،‬فلن‬
‫س��م وال س��حر‪ ،‬فلو لدغت��ه ح َّية أو عقرب‪ ،‬أو جاء س��احر‬
‫يضره ٌ‬ ‫َّ‬
‫فس َحره فإن ذلك ال يضره‪.‬‬‫َ‬
‫ ف��إن قال قائل‪ :‬هل يش��مل هذا الحدي��ث الصائم‪ ،‬فنقول‪:‬‬
‫ُيفطر على سبع تمرات ؟‬
‫اجل��واب‪ :‬هذا لم َيرد؛ ألن قوله ‪« :‬من تصبح» أي‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫الريق‪ ،‬كما يقول الناس‪.‬‬
‫أكلها يف الصباح على ِّ‬
‫ مس��ألة‪ :‬إذا كان يف اإلنس��ان مرض السكري فهل يجوز أن‬
‫ُيفطرعلى تمر؟‬
‫اجل��واب‪ :‬يتأكد أن يفطر على تم��ر؛ ألهنم يقولون‪ :‬إن البدن مع‬
‫تمرا ليعوضه‪ ،‬لكن‬
‫السكر‪ ،‬فيحسن أن يأكل ً‬
‫كثيرا من ّ‬
‫الجوع يفقد ً‬
‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪)144/12‬‬

‫‪61‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫يضره‬
‫السكر‪ ،‬وأن الفطر على التمر ُّ‬
‫على فرض أن رجالً كان كثير ّ‬
‫فإن��ه يرجع إلى الطبيب‪ ،‬فإذا ق��ال‪ :‬التمرة الواحدة ال تضر فتكفي‬
‫(‪)1‬‬
‫تمرة واحدة‪.‬‬

‫هل العجوة موجودة اآلن ؟‬


‫قال ‪: ‬أنا س��ألت بعض الش��يوخ يف المدينة أعني شيوخ‬
‫الس��ن ال شيوخ العلم‪ ،‬قالوا‪ :‬إهنا غير موجودة اآلن وأهنا منقطعة‪،‬‬
‫وأن هذا التمر الذي يقال إنه عجوة شبيه هبا وليس إيها‪.‬‬
‫وس��ألت آخرين قبل العام الماض��ي أو يف أول العام الماضي‬
‫ٍ‬
‫وناف(‪.)2‬‬ ‫فقالوا‪ :‬إهنا موجودة‪ ،‬فتعارض عندنا مثبت‬

‫فوائد التمر واحللوى للدم‪:‬‬


‫قال اب��ن عثيمين ‪ :‬الحاصل‪ :‬أن اإلفط��ار على التمر له‬
‫تأثيرا على الدم وقوته‪ ،‬والس��يما‬
‫فوائ��د‪ ،‬ونحن نعلم أن للحلوى ً‬
‫إذا كان من التمر‪ ،‬وقد علمنا أن اهلل ه َّيأ لمريم عند نفاسها الرطب‬
‫الجني؛ ألن النفس��اء قد خرج منه��ا د ٌم كثير‪ ،‬تحتاج إلى تعويض‪،‬‬

‫((( شرح بلوغ المرام (‪)133/7‬‬


‫((( شرح بلوغ المرام (‪)133/7‬‬

‫‪62‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫وهذا يدل على أن التمر من أحس��ن ما يعوض عن هذا الدم الذي‬


‫أيضا أس��هل من غيره مؤونة؛ ألن‬
‫س��ال منها عند الوالدة‪ ،‬والتمر ً‬
‫غي��ر التم��ر يحتاج إل��ى تعب ف��األرز – مثالً‪ -‬يحت��اج إلى تعب‪،‬‬
‫أيضا‪ ،‬فبيت فيه تمر ال يجوع أهله‪ ،‬وقال‬
‫وغيره يحتاج إلى تع��ب ً‬
‫(‪)1‬‬
‫‪( :‬بيت ال تمر فيه أهله جياع)‪.‬‬
‫***‬

‫((( شرح بلوغ المرام (‪) 132/7‬‬

‫‪63‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬فوائد التمر للماخض ‪L‬‬


‫ ق��ال تعال��ى‪( :‬ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ‬
‫ﰃ ﰄ) (‪.)1‬‬
‫قال ابن عثيمين ‪ :‬وقوله « ُتساقط عليك رط ًبا جن ًيا» أي‪:‬‬
‫يتفضخ‪ ،‬بل يكون ُرط ًبا‬
‫الهز يتساقط الرطب‪ ،‬ومع ذلك ال َّ‬
‫بمجرد ّ‬
‫مجني بس��هولة‪ ،‬والعادة أن النخلة إذا س��قط منها‬
‫ٌّ‬ ‫جن ًي��ا‪ ،‬أي‪ :‬كأنه‬
‫يتفضخ ويتم��زق‪ ،‬لكن هذا من آي��ات اهلل ‪ :‬أن‬
‫الرط��ب فإنه َّ‬
‫الهز بأعالها‬
‫هتز بجذع النخلة‪ ،‬وليس بأعالها؛ ألن َّ‬
‫ماخضا‪ُّ ،‬‬
‫ً‬ ‫امرأة‬
‫الرطب على هذا الوجه‪:‬‬
‫هتتز النخلة‪ ،‬ويتس��اقط ُّ‬
‫أهون‪ ،‬ومع ذلك ُّ‬
‫يتفضخ يف األرض‪.‬‬
‫جن ًيا ال يتغير‪ ،‬وال َّ‬

‫ وهل يصح ما ُذكر من أن النخلة كانت ميت ًة ؟‬


‫اجلواب‪ :‬ال‪ ،‬األصل أهنا ح ِّية وأهنا ُمثمرة‪.‬‬

‫وقوله تعالى‪( :‬ﰂ ﰃ)‪ ،‬وقد ذكر األطباء أن من أحس��ن‬


‫م��ا يكون للمرأة الماخض – يعني النفس��اء – أكل الرطب‪ ،‬وهذا‬

‫((( [سورة مريم‪ :‬آية ‪.]25‬‬

‫‪64‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫يس��ر لمريم ‪ ‬هذه النخلة‪ُّ ،‬‬


‫وكل‬ ‫ه��و الظاهر؛ ألن اهلل تعالى َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫مأمورا به‪.‬‬
‫ً‬ ‫شيء فيه المنفعة فإنه بالمعنى العام للشريعة يكون‬
‫***‬

‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪)129/12‬‬

‫‪65‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫فوائد الوالدة الطبيعية‪ ،‬وأضرار القيصرية ‪L‬‬


‫ قال تعالى‪( :‬ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢ) (‪.)1‬‬
‫قال ابن عثيمين ‪ :‬السبيل هنا بمعنى الطريق يعني‪ :‬يسر له‬
‫أيضا بعد‬
‫الطريق ليخرج من بطن أمه إلى عالم المشاهدة‪ ،‬ويسر له ً‬
‫ذلك ما ذكره تعالى يف قوله‪( :‬ﮠ ﮡ ﮢ)(‪ )2‬يسر له ثديي‬
‫أم��ه يتغذى هبما‪ ،‬ويس��ر له بع��د ذلك ما فتح له م��ن خزائن الرزق‪،‬‬
‫ويس��ر له ف��وق هذا كل��ه وما هو أهم وه��و طريق اله��دى والفالح‬
‫(‪)3‬‬
‫وذلك بما أرسل إليه من الرساالت‪ ،‬وأنزل إليه من الكتب‪.‬‬

‫وسئل ‪ :‬يقول اهلل ‪( :‬ﮟﮠﮡﮢ)‬


‫ ُ‬
‫كثير‬
‫فاهلل ‪ ‬تكفل بتيس��ير هذا المولود‪ ،‬ويالحظ ٌ‬
‫ٍ‬
‫بعملية‬ ‫من الناس من الرجال والنس��اء االس��تعجال للقيام‬
‫ما تس��مى بالقيصرية‪ ،‬فهل هذا من ضعف التوكل على اهلل‬
‫‪‬؟‬

‫((( [سورة عبس‪ :‬آية ‪.]20‬‬


‫((( [سورة البلد‪ :‬آية ‪]10‬‬
‫((( تفسير جزء عم (‪)66‬‬

‫‪66‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫اجلواب‪ :‬أرى – بارك اهلل فيك – أن هذه الطريقة التي يستعملها‬


‫حس الم��رأة بالطلق تذهب إلى المستش��فى‬ ‫الن��اس اآلن عندما ُت ِ‬
‫و ُيصن��ع لها عملية قيصرية‪ ،‬أرى أن هذا من وحي الش��يطان‪ ،‬وأن‬
‫ألما عند‬ ‫ٍ‬
‫بكثير من نفع��ه؛ ألن المرأة ال ُب َّد أن تجد ً‬ ‫ض��رر هذا أكثر‬
‫الطلق لكن ألمها هذا تستفيد منه فوائد‪:‬‬
‫تكفير للسيئات‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫الفائدة األولى‪ :‬أنه‬
‫الثانية‪ :‬أنه رفعة للدرجات إذا صربت واحتسبت‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬أن تعرف المرأة قدر األم التي أصاهبا مثلما أصاب هذه المرأة‪.‬‬
‫الرابعة‪ :‬أن تعرف قدر نعمة اهلل تعالى عليها بالعافية‪.‬‬
‫الخامس��ة‪ :‬أن يزيد حناهنا على ابنها؛ ألن��ه كلما كان تحصيل‬
‫ٍ‬
‫بمشقة كانت النفس عليه أشفق‪ ،‬وإليه أح ُّن‪.‬‬ ‫الشيء‬
‫السادس��ة‪ :‬أن االب��ن أو أن ه��ذا الحم��ل يخرج م��ن مخارجه‬
‫خير له وللمرأة‪.‬‬
‫المعروفة المألوفة‪ ،‬ويف هذا ٌ‬
‫الس��ابعة‪ :‬أهنا تتوقع بذلك ضرر العملية؛ ألن العملية ُتضعف‬
‫ٌ‬
‫تم��زق‪ ،‬وقد تنجح‬ ‫غش��اء الرح��م وغير ذل��ك‪ ،‬وربما يحص��ل له‬
‫وقد ال تنجح‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫الثامن��ة‪ :‬أن الت��ي تعت��اد القيصرية ال ت��كاد تعود إل��ى الوضع‬


‫وخطر عليها أن تتشقق ُّ‬
‫محل العمليات‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫الطبيعي ألنه ال يمكنها‪،‬‬

‫شق البطن‬ ‫التاسعة‪ :‬أن يف إجراء العمليات ٌ‬


‫تقليل للنسل‪ ،‬وإذا َّ‬
‫وض ُعف وصار الحمل يف‬
‫ثالث مرات من مواض��ع مختلفة وهن َ‬
‫خطيرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫المستقبل‬

‫س��بب‬
‫ٌ‬ ‫العاش��رة‪ :‬أن ه��ذه طريق ٌة م��ن ُط ُ‬
‫��رق الرتف‪ ،‬والرتف‬
‫الرتف أن‬
‫ُ‬ ‫للهالك‪ ،‬كم��ا قال تعالى‪« :‬إهنم كانوا قبل ذلك مرتفين»‬
‫نوع من الرتف‪ ،‬والرتف‬
‫فيه اجتناب ألم المخاض الطبيعي‪ ،‬وهذا ٌ‬
‫مباح‪.‬‬
‫إذا لم يكن ُمعينًا على طاعة اهلل فهو إ َّما مذمو ٌم أو على األقل ٌ‬
‫فالواج��ب على الم��رأة أن تص�بر وتحتس��ب وأن تبقى تتولد‬
‫والد ًة طبيعيةً‪ ،‬فإن ذلك خير لها يف الحال ويف المآل‪.‬‬

‫أيضا هم بأنفس��م أن ينتبهوا له��ذا األمر‪ ،‬وما‬


‫وعل��ى الرج��ال ً‬
‫ُيدرين��ا فلع��ل أعداءنا هم الذين س��هلوا علينا ه��ذه العمليات من‬
‫(‪)1‬‬
‫أجل أن ُت َف ِّوتنا هذه المصالح ونقع يف هذه الخسائر‪.‬‬

‫((( لقاءات الباب المفتوح (‪)387/4‬‬

‫‪68‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫تنبيه مهم!!‬

‫و أود أن أش��ير إل��ى ظاه��رة ُذك��رت لن��ا‪ ،‬وه��ي‪ :‬أن ً‬


‫كثيرا من‬
‫المو ِّلدين أو المو ِّلدات يف المستشفيات‪ ،‬يحرصون على أن تكون‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫عملية‪ ،‬وهي ما ُتسمى بالقيصرية‪ ،‬وأخشى أن يكون‬ ‫الوالدة بطريقة‬
‫كيدا للمس��لمين؛ ألنه ُك َّلما كثرت الوالدات على هذا الحال‬ ‫هذا ً‬
‫خطرا على المرأة‪ ،‬وصارت ال‬ ‫ِ‬
‫ض ُع��ف جلد البطن وصار الحمل ً‬
‫كثيرا‬
‫تتحمل‪ ،‬وقد حدثني بعض أهل المستشفيات الخاصة‪ ،‬بأن ً‬ ‫ُ‬
‫م��ن النس��اء ُع ِر ْضن على مستش��فيات‪َّ ،‬‬
‫فقرر مس��ؤولوها أنه ال ُب َّد‬
‫فو ِّلدت والد ًة‬ ‫ٍ‬
‫من قيصرية‪ ،‬فجاءت إلى هذا المستش��فى الخاص ُ‬
‫طبيعي��ة ! وذكر أكث��ر من ثمانين حال ًة من ه��ذه الحاالت‪ ،‬يف نحو‬
‫ٍ‬
‫ش��هر أو أقل‪ ،‬أو أكثر قليالً‪ ،‬وهذا يعني المس��ألة خطيرة‪ ،‬ويجب‬
‫ال َّتنبه لها‪.‬‬
‫ول ُيعلم أن الوضع ال ُب َّد فيه من ألم‪ ،‬وال ُب َّد فيه من ٍ‬
‫تعب (ﭖ‬
‫ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ )(‪ )1‬وليس لمجرد أن ُتحس المرأة بالطلق‬
‫تذه��ب و ُتن ِْزل الولد‪ ،‬حتى ال ُتحس به‪ ،‬فالوالد ُة الطبيعية ٌ‬
‫خير من‬

‫((( [سورة األحقاف‪ :‬آية ‪]15‬‬

‫‪69‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ال َّتوليد‪ ،‬س��واء عن طري��ق القيصرية‪ ،‬أو غيرها؛ لك��ن إذا ُو ِج َدت‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ تذه��ب و َتحذر من القيصريات بقدر ما‬ ‫ٍ‬
‫عادية‪،‬‬ ‫مش�� ّق ٌة غير‬
‫(‪)1‬‬
‫تستطيع‪.‬‬

‫نصيحة للمرأة عند الوالدة‪:‬‬


‫  ُسئل ‪ :‬ما نصيحتكم للمرأة عند الوالدة؟ وماذا ُ‬
‫تقرأ‬
‫من القرآن؟‬

‫اجل��واب‪ :‬أن��ا ال أرى نصيح ًة نوجهها للت��ي أخذها الطلق إال أن‬
‫تعلق قلبها باهلل ‪ ،‬وتلجأ إليه‪ ،‬وتس��أله التنفيس لها‪ ،‬وال سيما‬
‫إذا اشتد هبا الطلق‪ ،‬أما أن تقرأ شي ًئا معينًا فال حاجة إلى ذلك‪ ،‬لكن‬
‫عند عسر الوالدة يمكن لإلنسان أن يكتب يف ٍ‬
‫إناء اآليات التي تدل‬
‫على تنفس األش��ياء مث��ل‪( :‬ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ‬
‫ﭯ ﭰ ﭱ) (‪ .)2‬ومث��ل قول��ه تعال��ى (ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ‬
‫ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ) (‪ .)3‬ومث��ل قول��ه (ﰅ‬

‫((( لقاءات الباب المفتوح (‪) 86/1‬‬


‫((( [سورة الزلزلة‪ :‬آية ‪]2‬‬
‫((( [سورة الرعد‪ :‬آية ‪]8‬‬

‫‪70‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ﰆﰇﰈﰉ ﰊﰋﰌ) (‪ .)1‬وما أشبه ذلك‪ ،‬وتسقى إياها‪،‬‬


‫و ُيمسح ما أسفل بطنها‪ ،‬فهذا يسهل الوالدة(‪.)2‬‬
‫***‬

‫((( [سورة فاطر‪ :‬آية ‪]11‬‬


‫((( [ لقاءات الباب المفتوح ‪]٥٦٣/٦‬‬

‫‪71‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬أهمية لنب األم (الرضاعة الطبيعية ) ‪L‬‬


‫ قال تعالى‪( :‬ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ) (‪.)1‬‬
‫قال اب��ن عثيمين ‪ :‬من فوائد اآلية‪ :‬اإلش��ارة إلى تفضيل‬
‫ٍ‬
‫لبن األم‪ ،‬ثم لبن آدمية أخرى‪ ،‬خال ًفا لما يسل ُك ُه بعض ُ‬
‫المرتفين‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫وقال ابن عثيمين ‪ُ :‬يقال‪ :‬إن لبن األم ال ُيساويه لب ٌن آخر‪،‬‬


‫فتج��ب العناية به‪ ،‬ومن آيات اهلل ‪ ‬أن الطفل إذا كان يرضع من‬
‫بكثي��ر مما إذا كان ي ِ‬
‫رضع‬ ‫ٍ‬ ‫أمه وخ��رج الخارج منه فإن رائحته أدنى‬
‫ُ‬
‫المصنع‪ ،‬وهذا قد حكاه لي بعض الثقات من أن الخارج‬
‫من اللبن ُ‬
‫المصنع رائحته كريهة‪ ،‬أما من يرضع من‬
‫من الذي يرضع من اللبن ُ‬
‫لب��ن األم فإن رائحة ما يخ��رج منه أدنى بكثير من الرائحة األخرى‪،‬‬
‫وهذا من آيات اهلل تعالى‪ ،‬ولذلك يكفي يف تطهير بول ال ُغالم الذي‬
‫(‪)3‬‬ ‫َّ‬
‫يتغذى باللبن أن ينضح وال يحتاج إلى غسل‪.‬‬
‫((( [سورة الطالق‪ :‬آية ‪]6‬‬
‫((( اإللمام ببعض آيات األحكام (‪)762‬‬
‫((( التعليق على المنتقى (‪)604/5‬‬
‫قال أحمد قدامة ‪ :‬لقد تأكد أحسن الحليب لألطفال هو حليب أمهاهتم‪ ،‬وتبين من الدراسات=‬

‫‪72‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫فوائد وأهمية اللبأ للطفل‪:‬‬


‫ق��ال ابن عثيمي��ن ‪« :‬اللبأ» هو‪ :‬اللب��ن الذي يكون من‬
‫الحوامل عند الوضع وهو – بإذن اهلل – من أنفع ما يكون للطفل‬
‫ويقول��ون‪ :‬إن��ه لمعدة الطفل كالدب��اغ للجلد‪ ،‬وفي��ه نفع عظيم‪،‬‬
‫وه��ذا اللبأ هو ال��ذي يؤخذ منه ِ‬
‫األنف َّحة التي يك��ون منها تجبين‬
‫(‪)1‬‬
‫األشياء‪.‬‬
‫***‬

‫= التي أجرهتا المعاهد الطبية الكربى أن الرضاعة الطبيعية لألطفال تقلل عدد من يموت منهم‪،‬‬
‫وبخاصة يف العام األول الذي هو أخطر عام يف حياة الطفل‪ ،‬وظهر أن ما يقارب من ‪ % 70‬من‬
‫األطفال الذين حرموا من الرضاع قد أصيبوا بالتهابات يف الحلق والرئتين واألمعاء وبال ُكساح‪ ،‬كما‬
‫ثبت أن الرتكيب الغذائي لحليب األم يوافق أنسجة الطفل ونموها‪ ،‬وأن مقدار الفسفور والكالسيوم‬
‫الموجودين يف حليب األم أدق مالءمة لحاجات الطفل من أي حليب صناعي‪( .‬قاموس الغذاء ص‪:‬‬
‫‪)184‬‬
‫وقال يف موضع آخر من الكتاب نفسه‪ :‬ظهر للباحثين أن حليب األم يحوي من فيتامين (أ) خمسة‬
‫أضعاف ما يحويه حليب البقر‪ ،‬ولذا من الضروري أن ترضع األم طفلها‪ ،‬وإال فيبقى مفتقر ًا إلى حاجته‬
‫من هذه المادة‪( .‬قاموس الغذاء ‪.)441‬‬
‫((( الشرح الممتع (‪)50/14‬‬

‫‪73‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬حكم العزل‪ ،‬وأضرار استعمال حبوب منع احلمل ‪L‬‬


‫��ول اهَّلل ِ‬ ‫��أ ْلنَا َر ُس َ‬ ‫الخ��دري ‪ ‬قال‪َ :‬س َ‬ ‫ عن أبي س��عيد ُ‬
‫��ال‪« :‬لاَ َع َل ْيك ُْم َأ ْن لاَ‬ ‫‪ - ،‬اي ع��ن الع��زل ‪َ -‬ف َق َ‬
‫��م ٍة ِه َي كَائِنَ�� ٌة إِ َلى َي ْو ِم ا ْل ِق َي َام ِة‬
‫ب اهَّللُ َخ ْل َق ن ََس َ‬‫َت ْف َع ُلوا‪َ .‬ما َك َت َ‬
‫(‪)1‬‬
‫ُون»‪.‬‬‫إِلاَّ َس َتك ُ‬
‫ق��ال ابن عثيمين ‪ :‬يف هذا دليل على أنه ال بأس بالعزل‪،‬‬
‫لكن��ه خالف األولى‪ ،‬وال ينبغي إال للحاج��ة‪ ،‬وإذا كان مع زوجة‬
‫حرة فإنه ال ُب َّد من رضاها؛ ألن لها ح ًّقا يف الولد‪.‬‬
‫يد ُّل على جواز العزل‪ ،‬لكنه ليس‬
‫وعلى كل حال‪ :‬هذا الحديث ُ‬
‫واضحا‪ ،‬ولهذا اس��تنبط محمد بن المثنى والحسن ‪‬‬
‫ً‬ ‫دليالً‬
‫أن الرس��ول ‪ ‬قال ذلك‪ ،‬وأن��ه أقرب إلى الزجر‪ ،‬وال‬
‫شك أنه خالف ما أراد النبي ‪ ،‬ألن النبي ‪‬‬
‫يري��د من أمته أن يكثر النس��ل فيه��م حيث ق��ال‪« :‬تزوجوا الودود‬
‫الول��ود» لكن إذا دع��ت الحاجة إلى ذلك فال ب��أس به‪ :‬إما لكون‬

‫((( رواه مسلم (‪)1438‬‬

‫‪74‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫األم ضعيفة ال ُبنْية أو مريض ًة أو ما أشبه هذا‪ ،‬وإال فإنه مكروه‪ ،‬فإن‬
‫أبت المرأة فهو محرم‪.‬‬

‫ ولكن‪ :‬هل تتخذ المرأة عقاقير تمنع الحمل؟‬


‫نق��ول‪ :‬هذا أباحه العلم��اء ‪ ،‬لكن عن��د الحاجة‪ ،‬وبعد‬
‫إذن الزوج كما أن الزوج ال يعزل عن زوجته إال بإذهنا‪.‬‬
‫عل��ى أننا س��معنا م��ن أطب��اء موثوقين أن ه��ذه العقاقي��ر التي‬
‫جدا‪ ،‬وعلى ه��ذا ف ُتمنع من‬‫��رة ً‬ ‫ِ‬
‫تأخذه��ا المرأة لمن��ع الحمل ُمض َّ‬
‫أج��ل ضرره��ا‪ ،‬ال من أجل إيقاف الحم��ل؛ ألن إيقاف الحمل يف‬
‫األصل ال بأس به على وجه ُمؤقت ال على سبيل الدوام‪.‬‬

‫ مسألة‪ :‬فإن قال قائل‪ :‬وهل يجوز للمرأة أن تستعمل حبو ًبا‬
‫تمنع الحمل بدون رضا زوجها ؟‬
‫فاجلواب‪ :‬ال‪ ،‬بال شك‪ ،‬فإذا كان الزواج ال يعزل أال بإذن الزوجة‬
‫فاس��تعمال هذه الحب��وب من المرأة ب��دون إذن الزوج محرم وال‬
‫(‪)1‬‬
‫يجوز؛ ألنه له حق يف الولد‬

‫((( التعليق على صحيح مسلم (‪) 157/7‬‬

‫‪75‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ضار على‬
‫وقال ابن عثيمين ‪ :‬اس��تعمال ه��ذه الحبوب ٌّ‬
‫المرأة‪ ،‬على رحمها وعلى عادهتا‪ ،‬وعلى دمها‪ ،‬بل على جنينها يف‬
‫فيخرج‬
‫ُ‬ ‫يحصل من هذه الحبوب تشوي ٌه لألجنة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫المس��تقبل‪ ،‬فقد‬
‫سأل عن‬ ‫مشوها‪ ،‬ولهذا ك ُثر اآلن هذا التشويه‪ ،‬فما أكثر ما ُن ُ‬
‫ً‬ ‫الجنين‬
‫ٍ‬
‫مشوه‪،‬‬ ‫سأل عن جنين‬ ‫جنين يف بطن أمه ليس على رأسه عظا ٌم‪ ،‬و ُن ُ‬
‫جهة‪،‬‬ ‫كل ه��ذا من أجل هذه الحبوب التي ضرت المس��لمين من ٍ‬
‫َّ‬
‫(‪)1‬‬ ‫ومنعت كثرة اإلنجاب من ٍ‬
‫جهة أخرى‪.‬‬
‫وق��ال ابن عثيمين ‪ُ :‬حب��وب منع الحمل بلغني من عدة‬
‫ضارة‪ ،‬وهذا وإن لم نعلمه من ِجهة األطباء‪،‬‬
‫جهات من األطباء أهنا َّ‬
‫فنحن نعلمه مِن جهة أنفسنا؛ ألن منع الشيء الطبيعي الذي خلقه‬
‫ضرر فاهلل ‪ ‬حكيم‪،‬‬ ‫اهلل ‪ ‬وكتبه على بنات آدم ال شك أنه ٌ‬
‫ما جعل هذا الدم الذي ُتفرزه العروق يف ٍ‬
‫وقت ُمعين بصفة ُمعينة‪،‬‬
‫إال لحكمة‪ ،‬فكوننا نمنعه هبذه العقاقير ضرر بال شك‪.‬‬
‫ لكن بلغني أن األمر أكثر مما نتصوره‪ ،‬وأنه قد يكون س��ب ًبا‬
‫لفساد الرحم‪ ،‬وسب ًبا لتشويه خلقة الجنين‪ ،‬وسب ًبا ألمراض‬

‫((( اللقاءات الشهرية (‪) 38/1‬‬

‫‪76‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫وهناك ُط ٌ‬
‫رق لمنع‬ ‫األعصاب‪ ،‬وكل هذا يوجب الحذر منه ُ‬
‫الحمل أسهل من هذا‪ ،‬لكن يبقى النظر هل من المستحسن‬
‫أن نُقلل الحمل؟‬
‫واجل��واب‪ :‬ال‪ ،‬كلما ك ُثر النس��ل‪ ،‬فهو أفضل؛ ال س��يما أننا اآلن‬
‫وقت يجب أن ُنكثر من نس��ل األمة السلفية‪ ،‬حتى تكون قادرة‬ ‫يف ٍ‬

‫على مواجهة أعدائها‪.‬‬


‫فالمس��ألة ال ينظر إليها من زاوية الدنيا فقط‪ ،‬واهلل إن اإلنسان‬
‫يخش��ى من الرفاهية التي تخالف الش��رع أن ُيقال فيه يوم القيامة‪:‬‬
‫(ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ) (‪.)1‬‬
‫متاع‪ ،‬والمرأة‬
‫ال تظنوا أن كل شيء هو الراحة يف الدنيا‪ ،‬الدنيا ٌ‬
‫��د أن تتع��ب (ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ) ‪( ،)2‬ﭹ‬
‫ال ُب َّ‬
‫ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ) (‪ )3‬فال أرى أن نقلل من النس��ل ً‬
‫أبدا‪ ،‬بل نصرب‬
‫ونحتسب‪ ،‬واهلل ‪ ‬يعين اإلنسان على قدر مؤونته‪.‬‬

‫((( [سورة الواقعة‪ :‬آية ‪]45‬‬


‫((( [سورة األحقاف‪ :‬آية ‪]15‬‬
‫((( [سورة لقمان‪ :‬آية ‪]14‬‬

‫‪77‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫لكن أحيا ًنا تكون المرأة مريضة‪ ،‬ال تتحمل الحمل كل س��نة؛‬
‫ٍ‬
‫فحينئ��ذ ال بأس بمنع الحمل كل س��نة؛ إما عن طريق العزل الذي‬
‫(‪)1‬‬
‫كان عليه الصحابة‪ ،‬وإما عن طريق آخر بمراجعة األطباء‪.‬‬

‫مسألة‪ :‬هل حتيض احلامل؟‬


‫قال ابن عثيمين ‪ :‬قال علماء الطب‪ :‬ال يمكن أن تحيض‬
‫الحامل إطال ًقا‪.‬‬
‫ولكن ش��يخ اإلس�لام ابن تيمية‪ ،‬وجماعة من العلماء ‪‬‬
‫قال��وا‪ :‬تحيض‪ ،‬لك��ن يكون هو حيضها األول‪ ،‬بمعنى أن تس��تمر‬
‫عادهتا كما هي‪ ،‬وال يستمر يف جميع أوقات الحمل‪ ،‬بل يف أوائله‪،‬‬
‫فإذا كان كذلك فنحن ليس لنا إال الظاهر‪.‬‬
‫مث��ل‪ :‬ام��رأ ُة من عادهتا أن تحيض الس��تة أي��ام األولى من كل‬
‫شهر‪ ،‬فحملت يف أثناء الشهر‪ ،‬ويف الشهر الثاين خالل الستة األيام‬ ‫ٍ‬
‫(‪)2‬‬
‫األولى حاضت‪ ،‬فنقول‪ :‬حيضها هو الطبيعي‪.‬‬
‫***‬
‫((( لقاءات الباب المفتوح (‪)540/2‬‬
‫((( شرح عمدة األحكام (‪)340/1‬‬

‫‪78‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬عالمات دم احليض واالستحاضة ‪L‬‬


‫  عن عائش��ة ‪ ‬قال��ت‪ :‬إن َفاطِم�� َة بِنْ ِ‬
‫ت َأبِ��ي ُح َب ْي ٍ‬
‫ش‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫اض‪َ ،‬ف َق َال َل َها رس��ول اهَّللُ ‪« :‬إِن‬ ‫َت ُت ْس�� َت َح ُ‬
‫كَان ْ‬
‫ك َف َأ ْم ِس��كِي َع ِن‬
‫َان َذلِ ِ‬
‫ف‪َ ،‬فإِ َذا ك َ‬ ‫ض َد ٌم َأ ْس َ‬
‫��و ُد ُي ْع َر ُ‬ ‫َدم ا ْل َح ْي ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫َان الآْ َخ ُر َف َت َو َّضئِي َو َص ِّلي»‬
‫الص اَل ِة‪َ ،‬فإِ َذا ك َ‬
‫َّ‬
‫ق��ال اب��ن عثيمي��ن ‪ :‬ق��ول عائش��ة ‪« :‬كان��ت‬
‫ستحاض» كلمة ‪ (:‬استحاضت) أو (استحيضت) فيها زيادة عن‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ُت‬
‫(حاضت) الهمزة‪ ،‬والس��ين‪ ،‬والت��اء‪ ،‬وقد قيل‪ :‬إن زي��ادة المباين‬
‫ت��دل على زي��ادة المعاين‪ ،‬وعلى ه��ذا فتكون االس��تحاضة زائدة‬
‫على الحيض كمية وزمنية‪ ،‬ولهذا نقول‪ :‬االس��تحاضة‪ :‬أن يستمر‬
‫الدم على المرأة أكثر الشهر‪ ،‬وحدده بعضهم بخمسة عشرة يو ًما‪،‬‬
‫قال‪ :‬فما زاد فهو استحاضة‪.‬‬
‫ولدم االس��تحاضة عالم��ات ضد عالمات الحي��ض‪ ،‬فمثالً‪:‬‬
‫إذا قلن��ا يف دم الحيض أس��ود؛ فنق��ول يف دم االس��تحاضة أحمر‪،‬‬

‫((( رواه أبو داود (‪)286‬‬

‫‪79‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫وإذا قلن��ا دم الحيض غليظ؛ فدم االس��تحاضة رقيق‪ ،‬وإذا قلنا دم‬
‫الحي��ض ل��ه رائحة؛ فدم االس��تحاضة ليس له رائح��ة‪ ،‬ولهذا قال‬
‫النبي ‪« :‬إنه دم عرق» كسائر الدماء‪.‬‬
‫وق��ول الني ‪« :‬إن دم الحيض د ٌم أس��ود» يعني يف‬
‫اللون‪ ،‬وغير دم الحيض أحمر‪.‬‬
‫عرف» أي يعرفه من يباشره وهن النساء‪...‬‬
‫وقوله‪ُ « :‬ي َ‬
‫ويف رواية‪ُ « :‬يع ِرف» بالكس��ر‪ ،‬أي‪ :‬له َعرف يعني رائحة‪ ،‬وأما‬
‫دم االستحاضة فليس له رائحة‪.‬‬
‫وهذا الحديث‪ :‬اختلف العلماء ‪ ‬يف حكمه‪ ،‬فمنهم من‬
‫ق��ال‪ :‬إن ه��ذا الحديث يف المبت��دأة‪ ،‬أي‪ :‬التي أتاه��ا الحيض أول‬
‫مرة واس��تمر معها‪ ،‬فهذه ترجع إلى التمييز‪ ...‬وهو مذهب اإلمام‬
‫أحمد ‪.‬‬
‫وعنه رواية أخرى وهو مذهب اإلمام الشافعي‪ :‬أن المستحاضة‬
‫تعمل بالتمييز س��واء كانت معتادة أو غير معتادة‪ ،‬يعني سواء سبق‬
‫(‪)1‬‬
‫لها الحيض المعتادة أو ال‪.‬‬

‫((( شرح بلوغ المرام (‪) 690/1‬‬

‫‪80‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫وقال ابن عثيمين ‪ :‬وقالوا من عالماته – أي دم الحيض ‪:-‬‬


‫ً‬
‫أوال‪ :‬أنه أسود‪.‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬ثخين‪ ،‬ال يجري كالماء‪.‬‬
‫ثالث��ًا‪ُ :‬منْتِ ٌن له رائح�� ٌة كريهةٌ؛ ألنه من أقص��ى الرحم‪ ،‬ف ُينتن‪،‬‬
‫عرق ال ريح له‪.‬‬‫وأما دم االستحاضة فهو دم ٍ‬
‫ُ‬
‫رابعا‪َ :‬ذكر أحد األطباء ُ‬
‫المتأخرين‪ ،‬وهو محمد بن علي البار‪:‬‬ ‫ً‬
‫إن دم الحيض ال يتجمد‪ ،‬ودم االس��تحاضة يتجمد؛ ألن الحيض‬
‫ِعب��ار ٌة عن انفجار البويضة العالقة يف الرحم حال انكماش��ها‪ ،‬ويف‬
‫ع��دم انفجارها تك��ون ُمتجمد ًة‪ ،‬ف�لا تتجمد مر ًة ثاني��ةً‪ ،‬وهذا هو‬
‫(‪)1‬‬
‫التعليل الطبي‪ ،‬وهو أوضح العالمات للحيض‪.‬‬

‫حكم استعمال حبوب منع احليض‪:‬‬

‫  ُس��ئل ‪ :‬ه��ل يج��وز تناول حب��وب م��ن الحيض يف‬


‫كمل صومه؟‬ ‫رمضان؛ حتى ُأ ِ‬

‫اجل��واب‪ :‬أما يف رمضان فال داعي لها؛ ألن الحيض ش��يء كتب ُه‬

‫((( شرح عمدة األحكام (‪)350/1‬‬

‫‪81‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫اهلل على بنات آدم فلتفطر إذا جاءها‪ ،‬وال ُتصلي‪ ،‬وبعد ذلك تقضي‬
‫صومها‪.‬‬
‫أم��ا يف العم��رة والحج فال ب��أس هبا إذا احتاج��ت إليه‪ ،‬ولكن‬
‫ضرر‬
‫عليها أن تستش��ير الطبيب قبل استعمالها؛ حتى ال يكون فيه ٌ‬
‫(‪)1‬‬
‫عليها‪.‬‬
‫وسئل في موضع آخر فقال ‪ :‬ال تستعمل هذه الحبوب؛‬
‫ُ‬
‫ضارة‪ ،‬كما ثبت ذل��ك عندنا بقول األطباء‪ ،‬واألطباء يف هذه‬‫ألهنا َّ‬
‫أضرارا كثي��ر ًة ولذلك ك ُثرت‬ ‫األم��ور ه��م م ِ‬
‫رجعنا‪ ،‬فيذكرون له��ا‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫التش��وهات يف األجنة‪ -‬أي يف األحمال ‪ ....‬قال لي بعض األطباء‬
‫ُّ‬
‫(‪)2‬‬
‫الموثوقين‪ :‬إن من أسباهبا أخذ هذه العقاقير‪.‬‬
‫وق��ال ابن عثيمي��ن ‪ :‬الحب��وب المانع��ة للحيض‪ ،‬وإن‬
‫نظ��را لما ينتج‬
‫كان��ت يف أصل الش��رع جائزة م��ن حيث هي‪ ،‬لكن ً‬
‫عنها من اختالف العادة واضطراهبا فإننا ننهى النساء عن تناولها‪،‬‬
‫ضررا على المرأة ألنه حبس ش��يء من‬
‫ث��م إنه فيما يظه��ر أن فيها ً‬
‫الطبيعة أن يخرج وال ش��ك أنه يؤثر على الجس��م رد فعل ولذلك‬

‫((( فتاوى على الطريق (‪)190‬‬


‫((( اللقاءات الشهرية (‪) ٤٣٩/٣‬‬

‫‪82‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ُن ِّ‬
‫حذر النس��اء من اس��تعمال ه��ذه الحبوب المانع��ة للحيض‪ ،‬لما‬
‫ذكرنا من مفاس��دها‪ ،‬وإن كانت حسب ما قاله أهل العلم ليس هبا‬
‫(‪)1‬‬
‫بأس‪.‬‬
‫***‬

‫((( فتاوى نور على الدرب (‪)318/7‬‬

‫‪83‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬إمجاع األطباء على مضرة عقاقري منع احليض ‪L‬‬


‫ق��ال ابن عثيمين ‪ :‬يجب الحذر من اس��تعمال الحبوب‬
‫ضار ٌة كما َّقرر ذلك األطباء‪،‬‬
‫المانع��ة للحيض؛ ألن هذه الحبوب َّ‬
‫ضار ٌة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫فكلهم ُمجمعون على أن هذه الحبوب َّ‬
‫والمض��ار الت��ي فيها كثي��ر ٌة‪ ،‬ومن أعظم ما يك��ون أن المضرة‬
‫ُّ‬
‫وسبب لتغير الدم واضطِرابه‪،‬‬‫ٌ‬ ‫سبب لتقرح الرحم‪ ،‬وهذه واحدة‪،‬‬
‫ِ‬
‫النس��اء مِن‬ ‫مش��اهد‪ ،‬وما أكثر اإلش��كاالت التي ت��ر ُد على‬
‫ٌ‬ ‫وه��ذا‬
‫وسبب ِ‬
‫لتشويه األجنَّة يف المستقبل‪ ،‬واألجنَّ ُة يعني‪ :‬الجنين‬ ‫ٌ‬ ‫أجلها‪،‬‬
‫يف البطن‪.‬‬
‫ُ‬
‫يكون س��ب ًبا له��ا يف ُوجود‬ ‫وإذا كان��ت األنث��ى لم تتزوج‪ ،‬فإنه‬
‫ِ‬
‫ات عظيمةٌ‪.‬‬ ‫ال ُع ْق ِم‪ ،‬أي‪ :‬إهنا ال َتل ُد‪ ،‬وهذه َّ‬
‫مضر ٌ‬
‫ثم إن اإلنس��ان بعقله إن ل��م ي ُكن طبي ًبا‪ ،‬وإن لم يعرف الطب‪،‬‬
‫يع��رف أن منع هذا األمر الطبيعي ال��ذي جعل اهلل له أوقا ًتا معينة‪،‬‬
‫ضرر‪ ،‬كما لو حاو َل ْت أن تمنع البول عند انحباسه‪،‬‬
‫يعرف أن منعه ٌ‬
‫ضرر بال شك‪.‬‬
‫أو الغائط عند انحباسه‪ ،‬فإن هذا ٌ‬
‫‪84‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫كذلك هذا الدم الطبيعي الذي كتبه اهلل على بنات آدم‪ ،‬الشك‬
‫ضرر عل��ى األنثى‪ ،‬فيجب‬ ‫ِ‬
‫أن محاول��ة منعه م��ن الخروج يف وقته ٌ‬
‫عل��ى نس��اءنا الحذر من تن��اول ه��ذه الحبوب‪ ،‬وكذل��ك الرجال‬
‫(‪)1‬‬
‫يجب أن ينتبهوا لهذا‪.‬‬
‫أحذر النس��اء من اس��تعمال هذه‬
‫ُ‬ ‫وقال ابن عثيمين ‪ :‬إين‬
‫الحب��وب ال س��يما المرأة التي ل��م تتزوج‪ ،‬فإنه قد ق��ال لي بعض‬
‫األطباء‪ :‬إن اس��تعمالها لهذه الحبوب يؤدي إلى ال ُع ِ‬
‫قم يعني‪ :‬إلى‬
‫أن تكون عقيم ًة ال تلد‪.‬‬
‫والش��يء الذي يمنع الطبيعة ال شك أن نتيجته عكسي ٌة فالحيض‬
‫ٍ‬
‫طبيعة فإذا أكل اإلنس��ان أو استعمل شي ًئا يمنعه عن طبيعته فال ُب َّد‬ ‫دم‬
‫أن يؤثر على الجس��م كر ِّد فِعلٍ‪ ،‬ألنه َح َّرف الجسم َو َلوا ُه عن طبيعته‬
‫(‪)2‬‬
‫أحذ ُر النساء من استعمال هذه الحبوب‪.‬‬‫اهلل ‪ ‬فأنا ِّ‬ ‫التي خلقها ُ‬
‫وقال ابن عثيمين ‪ ... :‬وال ش��ك أن فيه – أي استعمال‬
‫ض��ررا‪ ،‬بل ذكر أحد األطباء من طالبنا أن‬
‫ً‬ ‫حبوب منع الحيض ‪-‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ضررا‪.‬‬
‫فيه أربعة عشر ً‬

‫((( دروس وفتاوى الحرمين (‪)445/12‬‬


‫((( شرح عمدة األحكام (‪)378/1‬‬
‫((( شرح بلوغ المرام (‪)256/7‬‬

‫‪85‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬حكم مجاع احلائض وأضراره ‪L‬‬


‫ ق��ال تعال��ى‪( :‬ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬
‫ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ)(‪. )1‬‬

‫قال ابن عثيمين ‪ :‬قوله تعالى‪ ( :‬ﮤ ﮥ ﮦ) أي‪ :‬لكل‬


‫من الزوج والزوجة‪ ،‬وبيان ذلك عند األطباء‪.‬‬

‫وقول��ه تع��ال‪ ( :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ) أي‪ :‬اجتنب��وا؛‬


‫والف��اء هنا للتفريع‪ ،‬أو للس��ببية؛ أي فيتفرع على كونه أ ًذى توجيه‬
‫أذى اعتزلوا النساء‬
‫األمر إليكم باعتزال النس��اء؛ أو‪ :‬فس��بب كونه ً‬
‫يف المحيض‪.‬‬

‫وقوله تعالى‪( :‬ﮫﮬﮭﮮﮯ) أي‪ :‬ال تقربوا جماعهن‪.‬‬


‫أذى؛‬
‫وم��ن فوائد هذه اآلية‪ :‬أن المحيض – وه��و الحيض – ً‬
‫ألنه قذر‪ ،‬ونجس‪...‬‬
‫ومن فوائد اآلية‪ :‬وج��وب اعتزال المرأة حال الحيض؛ لقوله‬

‫((( [سورة البقرة‪ :‬آية ‪]222‬‬

‫‪86‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫تعال��ى‪ ( :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ) وق��د بين��ت الس��نة م��اذا‬


‫يعتزل منهن – وه��و الجماع ‪-‬؛ لقوله ‪( :‬اصنعوا كل‬
‫(‪)1‬‬
‫شيء إال النكاح)‪.‬‬

‫وقال ابن عثيمين ‪ :‬بعض الناس تغلبه الشهوة‪ ،‬فيجامع‬


‫حائض‪ ،‬وهذا مح��رم!‪ ،‬وفيه الك َّفارة عن��د ٍ‬
‫كثير من‬ ‫ٌ‬ ‫الم��رأة وه��ي‬
‫جدا على المرأة‪ ،‬كما أخربنا بذلك‬
‫جدا ً‬
‫عظيم ً‬
‫ٌ‬ ‫ضرر‬
‫العلماء‪ ،‬وفيه ٌ‬
‫الثق��ات من األطباء؛ ألن األغش��ية يف هذه الحال غي��ر ٍ‬
‫قابلة لهذه‬ ‫ُ‬
‫ضرر كثير على المرأة‪ ،‬ثم إن تالقي‬
‫العملية فتتمزق‪ ،‬ويحصل هبا ٌ‬
‫أيضا‪،‬‬ ‫ُ‬
‫تحصل فيه مض��ر ٌة ً‬ ‫الرجل م��ع الدم النازل م��ن الرحم‬
‫م��اء َّ‬
‫(‪)2‬‬
‫فلذلك حرم اهلل ‪ ‬أن ُتجامع المرأة يف حال الحيض‪.‬‬
‫***‬

‫((( تفسير سورة البقرة (‪)81/3‬‬


‫((( اللقاءات الشهرية (‪)348/1‬‬

‫‪87‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬مضرة حبس البول والغائط ‪L‬‬


‫��ول اهَّلل ِ‬
‫ت َر ُس َ‬ ‫ ع��ن عائش��ة ‪ ‬قال��ت‪ :‬إِنِّ��ي س ِ‬
‫��م ْع ُ‬ ‫َ‬
‫��ر ِة ال َّط َع��امِ‪َ ،‬ولاَ ُه َو‬
‫��ول‪( :‬لاَ َص�َل�اَ َة بِ َح ْض َ‬
‫‪َ ‬ي ُق ُ‬
‫ُي َدافِ ُع ُه الأْ َ ْخ َبثان )‪.‬‬
‫َ ِ (‪)1‬‬

‫قال ابن عثيمين ‪ :‬قوله‪( :‬ال صالة) نفي للكمال‪.‬‬


‫وقول��ه‪( :‬بحض��رة طعام) ه��ل الم��راد بحضرة طعام يش��تهيه‬
‫اإلنسان مما هو حالل أو مطل ًقا؟‬
‫أبدا ما‬
‫نقول‪ :‬إن كان مما يش��تهيه فهذا مشكلة؛ ألنه لن يصلي ً‬
‫دام الطعام يف البيت‪.‬‬
‫وقولنا‪« :‬مما هو حالل» لئال يرد علينا إنسان صائم يف رمضان‪،‬‬
‫حضر الفطور‪ ،‬وقد اس��تيقظ بعد ن��وم ولم يصلي صالة‬‫وبعدم��ا ُأ ِ‬
‫العص��ر فقد ال ُيصلي وينتظر حتى يفطر؛ فهنا ليس حال ً‬
‫ال‪ ،‬ألنه ال‬
‫فائدة من تأخير الصالة يف هذا ال َّتوقيت‪.‬‬

‫((( رواه مسلم (‪)560‬‬

‫‪88‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫دافع�� ُه األخبث��ان) أي‪ :‬المصلي ُيداف ُع��ه األخبثان‪،‬‬


‫(وال ه��و ُي ُ‬
‫وهم��ا البول والغائط‪ ،‬وعرب ب«يداف ُع�� ُه» كأهنما يف حال ُمصارعة‬
‫أيضا ال صالة له‪ ،‬لكن‬
‫ش��دا عليه يف الحصر وهو يدافع‪ ،‬وهذا ً‬
‫قد َّ‬
‫ال صالة كاملة‪ ،‬وصالته صحيحة‪.‬‬
‫وم��ن فوائد هذا الحديث‪ :‬هني اإلنس��ان ع��ن الصالة بحضرة‬
‫الطعام بالشرطين اللذين ذكرناهما لقوله‪( :‬ال صالة )‪.‬‬
‫ومن الفوائد‪ُ :‬مراعاة الخشوع؛ ألنه أهم ما يكون يف الصالة‪.‬‬
‫ومن الفوائد‪ :‬أن اإلنس��ان إذا كان يدافعه األخبثان فإنه يقضي‬
‫حاجته أو ً‬
‫ال‪ ،‬ثم ُيصلي ثان ًيا‪.‬‬
‫وم��ن الفوائد‪ :‬أنه إذا حس ب��دون مدافعة فال حرج أن يصلي‪،‬‬
‫والضاب��ط يف هذا ما أثر على الخش��وع‪ ،‬لكن ل��و تخلى هنائ ًيا كان‬
‫أفضل‪.‬‬
‫الصحة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ومن الفوائد‪ُ :‬مراعاة حفظ ِّ‬
‫وجه ذل��ك‪ :‬أن النهي عن الصالة يف مدافع��ة األخبثين ُيراعى‬
‫فيه أمران‪:‬‬
‫األمر األول‪ :‬إكمال الصالة والخشوع فيها‪.‬‬
‫‪89‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫األم��ر الث��اين‪ :‬صح��ة اإلنس��ان؛ ألن حب��س الب��ول أو الغائط‬


‫ح ُّس ب��ه يف الوقت الحاضر‪ ،‬لكن يف‬‫مضر باإلنس��ان وإن كان ال ي ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ ٌّ‬
‫يوجد التضييق على األماكن‪،‬‬ ‫المستقبل يضر به بال شك؛ ألن هذا ِ‬
‫ُّ‬
‫قروحا؛ ألن هذا – بإذن اهلل –‬ ‫جروحا يف الداخل أو‬ ‫وربما ي ِ‬
‫حدث‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫مكان أكث��ر مما يكون يف‬ ‫أذى كم��ا هو مع��روف‪ ،‬فإذا انحب��س يف‬‫ً‬
‫(‪)1‬‬
‫العادة فإنه يضر هذا المكان‪.‬‬

‫قاعدة طبية مهمة‪:‬‬


‫ٍ‬
‫ش��يء يكون بمقتضى‬ ‫وق��ال ابن عثيمين ‪ :‬اعلم أن كل‬
‫الخ ْل َق إذا ُو ِج َد ما يصادم هذا الش��يء‬ ‫الطبيعة التي َج َب َل ُ‬
‫اهلل عليها َ‬
‫ض��ررا على البدن‪ ،‬هذا ش��ي ٌء يعرفه اإلنس��ان وإن لم‬
‫ً‬ ‫فإن��ه يكون‬
‫يك��ن طبي ًبا‪ ،‬ش��ي ٌء بمقتضى الطبيعة والجبل��ة‪ ،‬البد أن يخرج فإن‬
‫ضرر‪.‬‬
‫حبسه ‪ -‬ال شك – ٌ‬
‫ واعتب��ر ذل��ك بما ل��و كان ب��والً أو غائ ًطا‪ ،‬وأكل��ت حبو ًبا‬
‫ُت ْم ِسك ُه‪ ،‬هل سيؤثر ذلك على البدن؟‬

‫((( شرح عمدة األحكام (‪ )456/1‬م‬

‫‪90‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫اجلواب‪ :‬نعم سيؤثر على البدن ال شك‪ ،‬وإن كان لم يأتك ٌ‬


‫بول‬
‫ٌ‬
‫غائط لكن س��يؤثر انحباسه يف العروق‪ ،‬والعادة أنه يخرج فال‬ ‫وال‬
‫(‪)1‬‬
‫ضرر‪ ،‬كذلك دم الحيض‪.‬‬
‫شك أنه ٌ‬
‫ضرر سد األنف عند الرعاف‪:‬‬
‫وق��ال ابن عثيمين ‪ :‬ما يفعله بعض العامة من س��د أنفه‬
‫س��د أنفه س��يذهب الدم‬
‫– اي عند الرعاف ‪-‬؛ فهذا غلط؛ ألن إذا َّ‬
‫إلى الخياشيم‪ ،‬وهذا يضره‪ ،‬وإما أن ينزل إلى الحلق‪ ،‬فنقول‪َ :‬د ْع ُه‬
‫بسرعة حتى تخرج من المسجد‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫سدا ُمؤ َّق ًتا‬ ‫وال َت ُس َّ‬
‫��ده‪ ،‬اللهم إال ً‬
‫(‪)2‬‬
‫إن كنت بالمسجد أو ما أشبه ذلك‪.‬‬
‫***‬

‫أيضا‪ :‬العطاس‪ ،‬والمني‪ ،‬والحيض‪ ،‬والعرق وغيرها‪.‬‬


‫((( اللقاءات الرمضانية (‪ )191‬وقد يكون من ذلك ً‬
‫((( دروس وفتاوى الحرمين (‪)389/12‬‬

‫‪91‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬هل ُيبالغ يف االستنشاق َمن يتضرر به ‪L‬‬


‫ول اهَّللِ‪َ ،‬أ ْخبِ ْرنِي َع ِن‬‫ عن لقيط بن َصبِ َرة ‪ ‬قال‪َ :‬يا َر ُس َ‬
‫«أ ْسبِ ِغ ا ْل ُو ُضو َء‪َ ،‬و َخ ِّل ْل َب ْي َن الأْ َ َصابِعِ‪َ ،‬و َبالِ ْغ‬
‫وء‪َ .‬ق َال َ‬‫ا ْلو ُض ِ‬
‫ُ‬
‫ُون َصائِ ًما»‪.‬‬ ‫اق‪ ،‬إِلاَّ َأ ْن َتك َ‬ ‫فِي الاِ ْستِنْ َش ِ‬

‫قال ابن عثيمين ‪ :‬االستنش��اق‪ :‬استنشاق الماء باألنف‬


‫يعن��ي‪ :‬س��حبه بِنَ َفس إلى داخ��ل األنف‪ ،‬فأم��ر النبي ‪‬‬

‫بالمبالغة فيه‪ ،‬إِلاَّ أن يكون اإلنس��ان صائًما؛ ألن اإلنس��ان إذا كان‬
‫صائًم��ا وبالغ يف االستنش��اق ربم��ا يصل الماء من الخياش��م إلى‬
‫معدته من حيث ال يش��عر‪ ،‬فيك��ون يف ذلك م ِ‬
‫خلاًّ بصومه؛ فلذلك‬ ‫ُ‬
‫استثنى النبي ‪ ‬الصائم‪ ،‬فال ُيبالغ يف االستنشاق‪.‬‬

‫وتض ُّرك فال تبالغ؛ ألن‬


‫كذل��ك إذا كانت المبالغة تؤثر علي��ك ُ‬
‫ي��وب زوائد م��ن اللحم‪ ،‬إذا‬
‫بع��ض الن��اس يكون يف خياش��يمه ُج ٌ‬
‫استنش��ق الم��اء ودخ��ل بين هذه الجي��وب فإنه يبق��ى ال ينزل وال‬
‫يذه��ب إلى الحلق فيتع َّفن ويؤذيه‪ ،‬ف��إذا كان كذلك فإنه ال يبالغ‪،‬‬

‫‪92‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ألن اهلل ‪ ‬يق��ول (ﭹ ﭺ ﭻ) (‪ )1‬وق��ال تعال��ى (ﮤ‬


‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ) (‪ )2‬ف��إذا كان احتق��ان الماء بين هذه الجيوب‬
‫األنفية يؤثر على اإلنسان فإنه ال يبالغ لئال يؤذي نفسه‪.‬‬
‫ومن فوائد هذا الحديث‪ :‬مش��روعية المبالغة يف االستنش��اق‪:‬‬
‫إال يف ٍ‬
‫حال واحدة‪ ،‬إذا كان اإلنسان صائًما‪ ،‬فإنه ال يبالغ‪ ،‬ويستثنى‬
‫أيضا إذا كان��ت المبالغة تضر اإلنس��ان بحيث يكون يف‬
‫م��ن ذلك ً‬
‫أنفه جيوب – لحميات زائدة – وإذا بالغ ترسب فيها الماء وتع َّفن‬
‫وض��ره ففي هذه الح��ال ال يبالغ؛ ألن الضرر منفي ش��ر ًعا؛ لقول‬
‫َّ‬
‫النبي ‪( :‬ال ضرر وال ضرار)(‪.)3‬‬
‫***‬

‫((( [سورة النساء‪ :‬آية ‪.]29‬‬


‫((( [سورة البقرة‪ :‬آية ‪]195‬‬
‫((( (الشرح المختصر للبلوغ ‪.)١٠٨/١‬‬

‫‪93‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬فوائد االستحداد ‪L‬‬


‫ِ‬
‫ت النَّبِ َّي ‪‬‬ ‫  َع ْن َأبِ��ي ُه َر ْي َ‬
‫��ر َة ‪ ،‬ق َا َل َس��م ْع ُ‬
‫خ َت ُ لاِ ِ‬ ‫��ول‪« :‬ا ْل ِف ْط��ر ُة َخم��س‪ :‬ا ْل ِ‬ ‫َي ُق ُ‬
‫��ان َوا ْس��ت ْح َدا ُد‪َ ،‬و َق ُّ‬
‫��ص‬ ‫َ ْ ٌ‬
‫ِ ِ (‪)1‬‬ ‫يم الأْ َ ْظ َف ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬
‫ار ِ‬
‫ار‪َ ،‬و َن ْت ُ‬
‫ف الإْ ْبط»‪.‬‬ ‫ب َو َت ْقل ُ‬ ‫َّ‬
‫ق��ال ابن عثيمين ‪ :‬اش��تمل دين اإلس�لام على اآلداب‬
‫العالية الموافقة للفطرة التي فطر اهلل الناس على ُحسنها وكمالها‪،‬‬
‫ث أبو هري��رة عن النبي ‪ُ ‬مبينًا‬ ‫ويف ه��ذا الحديث ي ِ‬
‫حد ُ‬ ‫ُ‬
‫خمس��ًا من خص��ال الفطرة المتضمن��ة لكمال النزاه��ة والطهارة‬
‫وجم��ال المنظ��ر وه��ي‪ :‬الخت��ان المتضم��ن لكمال الطه��ارة يف‬
‫الذكور واعتدال الطبيعة يف النس��اء‪ ،‬وحلق العانة المانع من تراكم‬
‫األوس��اخ بالع��رق النازل م��ن البطن والمتضمن لكم��ال الطهارة‬
‫وقص الش��ارب ألنه نظافة وجمال منظ��ر‪ ،‬وتقليم األظفار‬
‫أيضًا ُ‬
‫المان��ع لرتاكم األوس��اخ تحتها‪ ،‬والبعد عن مش��اهبة الحيوان ذي‬
‫المخالب‪ ،‬ونتف اإلبط لقطع الروائح الكريهة الناتجة عن علوق‬

‫((( رواه البخاري (‪ )5889‬ومسلم (‪)257‬‬

‫‪94‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫(‪)1‬‬
‫األوساخ والعرق بالشعور‪.‬‬
‫وقال ابن عثيمين ‪ :‬واالستحداد فيه فائدة طبية‪ :‬وهو أنه‬
‫يش��د المثانة التي هي مجمع الب��ول؛ ألن اهلل ‪ ‬بحكمته‬
‫ورحمت��ه جعلها مكا ًنا للب��ول يجتمع فيه قبل أن يخرج‪ ،‬فإذا ُحلق‬
‫الصلة؛ ألن البدن‬
‫شعر العانة الذي فوقه فإنه ُيقويه‪ ،‬وال تقل‪ :‬أين ِّ‬
‫واحد‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ُك َّله وإن كان متفرق األجزاء إال أن كله كأنه جز ٌء‬

‫ إذن من فوائد االستحداد اثنتان‪:‬‬


‫األولى‪ :‬تحاشي النجاسة‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬تقوية المثانة‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ولذلك كان من الفطرة‪.‬‬
‫***‬

‫((( تنبيه األفهام بشرح عمدة األحكام (‪)88‬‬


‫((( شرح عمدة األحكام (‪)232/1‬‬

‫‪95‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬اإلجناب يف سن الشباب أكثر ‪L‬‬


‫ قال تعال��ى‪( :‬ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬
‫ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ) (‪.)1‬‬
‫قال ابن عثيمين ‪ :‬عاد ًة أن الكبير إذا لم يولد له يف س��ن‬
‫الش��باب فإنه ل��ن ي��رى األوالد؛ ألن اإلنج��اب واإلخصاب إنما‬
‫يكون يف حال الش��باب‪ ،‬وكلما تقدمت السن باإلنسان من الرجل‬
‫(‪)2‬‬ ‫أو امرأة َّ‬
‫قل إنجابه‪.‬‬

‫فائدة التبول بعد اجلماع‪:‬‬

‫  ُس��ئل ‪ :‬ه��ل الرج��ل الذي يجام��ع إذا اغتس��ل بعد‬


‫الجم��اع ولم يبول قبل أن يغتس��ل ال ترتفع عن��ه الجنابة؟‬
‫ألنه سمع أنه ال نقاء من الجنابة إال بعد البول قبل الغسل؟‬
‫فأج��اب‪ :‬ال صح��ة لما س��مع‪ ،‬فالطه��ارة من الجناب��ة تحصل‪،‬‬
‫وإن ل��م يك��ن هناك ب��ول؛ ألن اهلل تعالى يق��ول‪( :‬ﭣ ﭤ ﭥ‬

‫((( [سورة آل عمران‪ :‬آية ‪]40‬‬


‫((( تفسير سورة آل عمران (‪)245/1‬‬

‫‪96‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ﭦ)(‪ )1‬يعن‪ :‬اغتس��لوا‪ ،‬وال يش�ترط أن يتبول اإلنس��ان بعد‬


‫ِجماعه‪.‬‬
‫ولكنه إذا بال فإنه أحسن من الناحية الطبية؛ لئال تبقى فضالت‬
‫المني يف مجاريها‪ ،‬أي‪ :‬يف مجاري البول‪ ،‬فإذا بال فإهنا تظهر‪.‬‬
‫وله��ذا ُيقال‪ :‬تبول بع��د الجماع ولو بنقطة حتى يزول ما بقي‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أما أن يكون شر ًطا الرتفاع الحدث فهذا ليس بصحيح‪.‬‬

‫من أسباب الوسواس و مرض سلس البول‪:‬‬


‫وق��ال اب��ن عثيمي��ن ‪ :‬أم��ا يفعله بع��ض الناس م��ن كونه‬
‫(يتزحر) ويتكلف ويتش��دد حتى يخرج آخر بول��ه‪ ،‬فهذا غلط‪ ،‬ألن‬
‫هذا مما يسبب سلس البول يف اإلنسان‪ .‬وكذلك بعض الناس تجده‬
‫يريد أن‬
‫يمس��ح قناة الذك��ر من أصلها إل��ى رأس الذكر‪ ،‬بحجة أن��ه ُ‬
‫أيضا؛ ال األول وال الثاين‪،‬‬
‫يخ��رج البول الباقي يف القناة‪ ،‬وهذا غلط ً‬
‫كالهم��ا من البدع‪ ،‬وم��ن التعمق يف دين اهلل ‪ ،‬وم��ا أكثر الذين‬
‫ُيبتلون بالوسواس أو سلس البول إذا فعلوا مثل هذا الفعل‪.‬‬

‫((( [سورة المائدة‪ :‬آية ‪]6‬‬


‫((( فتاوى نور على الدرب (‪) 229/3‬‬

‫‪97‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ٌ‬
‫س��هل‪ :‬إذا غلب على ظنِّك أنك طه��رت رأس الذكر‬ ‫واألم��ر‬
‫م��ن البول‪ ،‬انتهى األمر‪ ،‬وال حاجة إلى أن تعصره‪ ،‬وال أن تتحمل‬
‫(‪)1‬‬
‫يف إخراج ما بقي‪.‬‬

‫ضرر املُكث بعد قضاء احلاجة‪:‬‬

‫ وقال ابن عثيمين ‪ :‬وهل يجوز أن يبقى على حاجته‬


‫بعد الفراغ منها؟‬
‫المكث بعد‬
‫اجلواب‪ :‬ليس هذا من اآلداب‪ ،‬بل يرى بعضهم أن ُ‬
‫قضاء الحاجة حرا ٌم؛ ألن فيه كش ًفا للعورة بدون حاجة‪ ،‬واألطباء‬
‫مضر بالبدن‪ ،‬و ُيس��بب البواس��ير‪ ،‬واإلنس��ان يأيت إليه‬
‫يقولون‪ :‬إنه ٌ‬
‫(‪)2‬‬
‫الشيطان يف قضاء حاجته و ُيكثر الوساوس‪.‬‬
‫***‬

‫((( اللقاءات الشهرية (‪)498/3‬‬


‫((( الدروس الفقهية من المحاضرات الجامعية (‪)43/1‬‬

‫‪98‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬تدرج اإلنسان بني الضعف والقوة ‪L‬‬


‫ قال تعالى‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫ﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ‬
‫ﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ‬
‫ﭱ)(‪. )1‬‬

‫قال ابن عثيمين ‪ :‬قوله تعالى‪( :‬ﭟ ﭠ ﭡ)‬


‫قال المفسر‪ -‬اي صاحب الجاللين‪[ -‬تتكامل قوتكم من الثالثين‬
‫س��نة إلى األربعين] هذا بلوغ األش��د‪ ،‬أقوى ما يكون اإلنسان من‬
‫ثالثين س��ن ًة إلى أربعين‪ ،‬ثم يبدأ باالنحدار ش��ي ًئا فشي ًئا‪ ،‬ولكن قد‬
‫يكون هناك عوامل ُتوجب أن تبقى َّ‬
‫قوته ُمدة من الزمن أكثر‪ ،‬وقد‬
‫تكون هناك عوامل ُتوجب أن تنهدم َّ‬
‫قوته قبل تمام األربعين‪ ،‬لكن‬
‫(‪)2‬‬
‫يف األصل أنه إذا تم اإلنسان أربعين سن ًة بدأ بالضعف‪.‬‬
‫***‬
‫((( [سورة غافر‪ :‬آية ‪]67‬‬
‫((( تفسير سورة غافر (ص‪) 464 :‬‬

‫‪99‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬تأخر التئام الكسور عند كبار السن ‪L‬‬


‫ ق��ال تعال��ى‪( :‬ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬
‫ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ) (‪.)1‬‬

‫ق��ال اب��ن عثيمي��ن ‪ :‬قول��ه‪( :‬ﭢ ﭣ ﭤ) أي‪ :‬كل‬


‫عظامي‪ ،‬ولهذا إذا انكس��ر عظم الكبير فإن��ه ُيبطِئ يف االلتئام‪ ،‬وال‬
‫انجباره‪ ،‬وهذا عكس ِعظام الصغير التي‬ ‫ُ‬ ‫ينجرب بس��رعة‪ ،‬بل يتأخر‬
‫(‪)2‬‬
‫عاد ًة ما تلتحم سري ًعا‪.‬‬

‫اجلبائر أفضل من اجلبس‪:‬‬


‫ق��ال ابن عثيمين ‪ :‬الجبائر‪ :‬جمع جبيرة‪ ،‬وهي ما ُيش��د‬
‫على الكس��ر‪ ،‬وس��ميت جبيرة بمعنى جابرة تف��اؤ ً‬
‫ال؛ ألن العرب‬
‫يعربون عما يستكره باسمه بما يقابله تفاؤ ً‬
‫ال‪.‬‬
‫والجبائ��ر‪ :‬عب��ارة عن أع��واد أربع��ة أو اثنان ُتش��د على محل‬
‫الكس��ر بعد أن يالئم الكس��ر بعضه إلى بعض‪ ،‬ثم تش��د عليه هذه‬

‫((( [سورة مريم‪ :‬آية ‪]4‬‬


‫((( شرح البالغة من كتاب اللغة العربية (ص‪)203 :‬‬

‫‪100‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫الجبائ��ر‪ ،‬وتحتها خرقة‪ ،‬وفوقها خرقة‪ ،‬وذلك من أجل أن ينضبط‬


‫متالئما‪.‬‬
‫ً‬ ‫العظم حتى ال يختل بعد أن كان‬
‫ج��دا‪ ،‬وهو أفيد بكثير مما يفعله‬
‫وه��ذا النوع من الجبائر مفيد ًّ‬
‫جيدا‪،‬‬
‫األطباء اآلن من وضع الجبس؛ ألن الجبس ال يشد الرجل ً‬
‫أيضا ٍ‬
‫مؤذ لإلنس��ان من جهة‬ ‫ث��م إنه يكون في��ه رائحة كريهة‪ ،‬وهو ً‬
‫ثقله وتحمله‪.‬‬
‫جدا وال تكلف وال تتعب‪ ،‬والغالب‬
‫لكن هذه الجبائر يس��يرة ًّ‬
‫(‪)1‬‬
‫نجاحا مما يفعله األطباء اآلن‪.‬‬
‫ً‬ ‫أهنا أسرع‬
‫***‬

‫((( شرح بلوغ المرام (‪)674/1‬‬

‫‪101‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬فوائد السمك وخصائصه ‪L‬‬


‫��ول اهَّلل ِ ‪،‬‬ ‫  َع ْن َجابِ��رٍ ‪َ ،‬ق َ‬
‫��ال ‪َ (:‬ب َع َثنَا َر ُس ُ‬
‫��ر َع َل ْينَا َأ َبا ُع َب ْي َد َة َن َت َل َّقى ِع ًيرا لِ ُق َر ْي ٍ‬
‫��ش‪َ ...‬ق َال‪َ :‬وا ْن َط َل ْقنَا‬ ‫َو َأ َّم َ‬
‫��اح ِل ا ْل َب ْح��رِ ك ََه ْي َئ ِة‬
‫��اح ِل ا ْلبح��رِ‪َ ،‬فرفِع َلنَا ع َلى س ِ‬
‫ُ َ َ َ‬ ‫َ ْ‬
‫ع َل��ى س ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الض ْخ��مِ‪َ ،‬ف َأ َت ْينَا ُه َفإِ َذا ِه َي َدا َّب ٌة ُت ْد َع��ى ا ْل َعنْ َب َر‪َ .‬ق َال‪:‬‬
‫يب َّ‬‫ا ْلكَثِ ِ‬
‫ول اهَّلل ِ‬ ‫��ل رس ِ‬
‫َق َال َأ ُبو ُع َب ْي َدةَ‪َ :‬م ْي َتةٌ‪ُ .‬ث َّم َق َال‪ :‬لاَ ‪َ ،‬ب ْل ن َْح ُن ُر ُس ُ َ ُ‬
‫اض ُطرِ ْر ُت ْم َف ُك ُلوا‪َ .‬ق َال‪:‬‬ ‫يل اهَّللِ‪َ ،‬و َق ِد ْ‬ ‫‪َ ،‬وفِي َس��بِ ِ‬
‫َف َأ َق ْمنَا َع َل ْي ِه َش ْه ًرا َون َْح ُن َث اَل ُث ِمائ ٍَة‪َ ،‬ح َّتى َس ِمنَّا‪.)...‬‬
‫ق��ال ابن عثيمين ‪ :‬وقوله‪« :‬حتى س��منا» كانوا يف األول‬
‫��ز ً‬
‫ال من قلة الطعام؛ ولما جاؤوا على هذه الس��مكة و َبقوا عليها‬ ‫ُه ُ‬
‫شهرا كامالً سمنوا‪.‬‬
‫ً‬
‫سمن‬
‫س��من‪ ،‬أو نقول ‪:‬إنه ُي ِّ‬
‫الس��مك ُي ِّ‬
‫وفيه دليل على أن لحم َّ‬
‫الس��مك وغيره؟ الظاهر‪:‬‬
‫َم��ن ُهزل من الجوع‪ ،‬وهذا يس��توي فيه َّ‬
‫مفيد‬
‫الس��مك ٌ‬
‫أن الثاين هو األقرب لكن مع ذلك الش��ك أن لحم َّ‬
‫جدا‪ ،‬وال س��يما من كان عندهم ده��ون كثيرة‪ ،‬فإنه خفيف الدهن‬
‫ًّ‬
‫‪102‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫(‪)1‬‬
‫إن كان فيه دهن‪ ،‬وقد قال اهلل تعالى‪( :‬ﯟﯠﯡﯢ)‬
‫السمك(‪.)2‬‬
‫فأثنى اهلل على لحم َّ‬
‫ مس��ألة‪ :‬بعض الحيوانات يف البحر أس��ماؤها مثل أس��ماء‬
‫حيوان��ات محرمة يف الب��ر‪ ،‬كخنزير البح��ر‪ ،‬وكلب البحر‬
‫وحمار البحر وفتاة البحر‪ ،‬وهي س��مكة على ش��كل ُأنثى‬
‫فما حكمها ؟‬

‫اجلواب‪ :‬أهنا حالل‪ ،‬وضابط الحيوانات البحرية هي‪ :‬الحيوانات‬


‫التي ال تعيش إال يف الماء‪ ،‬أما الربمائيات وهي التي تعيش يف الرب‬
‫والبح��ر فغ َّل��ب العلماء ‪ ‬فيها جانب التحري��م وقالوا‪ :‬البد‬
‫م��ن ذكاهتا فلو وجدنا الس��لحفاة طافية على الم��اء فليس حكمها‬
‫(‪)3‬‬
‫حكم ميتة البحر‪.‬‬

‫((( [سورة النحل‪ :‬آية ‪.]14‬‬


‫((( التعليق على صحيح مسلم (‪.)35/10‬‬

‫((( التعليق على صحيح مسلم (‪ )31/10‬وقال ابن عثيمين ‪ :‬قوله تعالى (ﭖ ﭗ ﭘ)‬

‫[سورة المائدة‪ :‬آية ‪ ]96‬أي من أجل أن تتمتعوا به‪ ،‬وقد بين اهلل تعالى يف آيات أخرى أنه سخر البحر‬

‫لحما طر ًيا‪ ،‬وكما هو مشاهد اآلن أن لحم البحر من أطيب اللحوم‪ ( .‬تفسير سورة المائدة‬
‫لنأكل منه ً‬
‫‪.)٤١١/٢‬‬

‫‪103‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫وقال ابن عثيمين ‪ :‬جميع حيوان البحر حالل ‪...‬فيشمل‬


‫كل ما يف البحر من س��مك وحيتان صغير وكبير مش��ابه لإلنسان‪،‬‬
‫أو مشابه للذئاب‪ ،‬أو مشابه للخنزير أو مشابه ألي شيء؛ ألنه عام‬
‫(ﭓ ﭔ)(‪.)1‬‬

‫السمك مع شرب اللنب‪:‬‬


‫أكل َّ‬
‫َ‬
‫الس��مك‬ ‫قال اب��ن عثيمين ‪ :‬يقول النحويين ‪ (:‬ال تأك ِل‬
‫وتشرب اللبن) بالفتح‪ ،‬ولكننا نقول للنحويين يف هذه القاعدة‪ ،‬أو‬
‫َ‬
‫هذا الضابط‪ :‬ما هذا عش��ك فادرجي؛ ف��إن األطباء اآلن يقولون‪:‬‬
‫إنه ال يضر‪ ،‬وقد رأينا أهل جدة يأكلون السمك‪ ،‬ويشربون اللبن‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وال يضرهم ذلك شي ًئا‪.‬‬

‫ حلم الضب أل ّذ من السمك!!‬

‫الضبان‬
‫قال ابن عثيمين ‪ :‬كثير من الناس اآلن ال يأكلون ُّ‬
‫وحرصوا عليها؛ ألهنا‬
‫كراهة نفسية‪ ،‬لكن لو ذاقوا طعمها ألكلوها َ‬
‫ج��دا ّ‬
‫ألذ من‬ ‫خصوص��ا يف أي��ام الربيع – َيك��ون لها طعم لذيذ ً‬
‫ً‬ ‫–‬

‫((( [ تفسير سورة المائدة ‪]٤١٢/٢‬‬


‫((( الشرح الممتع (‪)10/15‬‬

‫‪104‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫الس��مك‪ ،‬ولكن من رآه��ا قبل أن ُتذبح قد ال يس��تطيع أن يأكلها‪،‬‬


‫لم��ا لم تكن يف‬
‫صرح بأهن��ا حالل‪ ،‬لكنها َّ‬
‫والرس��ول ‪َّ ‬‬
‫(‪)1‬‬
‫أرض قومه عافها ‪.‬‬
‫***‬

‫((( شرح التعبيرات الواضحات (‪)258‬‬

‫‪105‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬حكم أكل اجلراد‪ ،‬وفوائده ‪L‬‬


‫��ول اهَّلل ِ‬
‫��ال‪َ :‬غ َز ْونَا م َع رس ِ‬ ‫��د اهَّلل ِ ْب ِ‬
‫��ن َأبِ��ي َأ ْو َف��ى‪َ ،‬ق َ‬ ‫ عن عب ِ‬
‫َ َ ُ‬ ‫َ ْ َْ‬
‫‪ ‬سبع َغ َزو ٍ‬
‫ات ن َْأك ُُل ا ْل َج َرا َد‪.‬‬ ‫َ َْ َ‬
‫ق��ال اب��ن عثيمين ‪ :‬الج��راد معروف وه��و حالل‪ ،‬أكل‬
‫من��ه الصحاب��ة ‪ ‬م��ع النب��ي ‪ ‬يف غزواهتم‪ ،‬وهو‬
‫ذكر وأنثى‪ ،‬واألنثى طعمها من أحس��ن ما يكون‪ ،‬وفيه فائدة كبيرة‬
‫فار ِم‬
‫للمع��دة‪ ،‬وقد اش��تهر عند الع��وا ِّم قولهم ‪ (:‬إذا ظهر الج��راد ْ‬
‫مستغن عنه (وإذا ظهر "الفقع" وهو الكمأة فاحفظ‬ ‫ٍ‬ ‫بالدواء) ألنك‬
‫َّ‬
‫الدواء) ألن الكمأة يكون فيها أتربة وأطيان‪ ،‬فربما يأكلها اإلنسان‬
‫َّ‬
‫وتبقى يف معدته فيتضرر‪.‬‬
‫والجراد أحسن من كثير من الطعام‪ ،‬لكن بشرط ألاّ يضع بيضه‬
‫يف األرض‪ ،‬ألن م��ن عادته أنه إذا امت�لأ أنبوبه من البيض غرزه يف‬
‫األرض‪ ،‬ث��م قذف هذا البيض ثم َّ‬
‫س��ل األنب��وب‪ ،‬فيبقى ليس فيه‬
‫ش��يء‪ ،‬وإذا وضعت البيض فإهنا تضع عليه ما َّد ًة بيضاء‪ُ ،‬يقال‪ :‬إن‬
‫هذه المادة البيضاء هي التي ُتلقحه‪ ،‬وأنه لو ُعثِ َر عليها و ُمس��حت‬
‫‪106‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫منه لم ينبت‪ ،‬ويبقى هذا البيض غال ًبا أربعين يو ًما أو أقل‪ ،‬وإذا لم‬
‫باد ًرا – وهو المط��ر – فإنه يبقى‪ ،‬ثم‬‫يك��ن هناك س��بب لخروجه م ِ‬
‫ُ‬
‫صغارا مثل النملة‪.‬‬
‫ً‬ ‫يخرج‬

‫تسع وتسعون بيضةً‪ ،‬وإنه ُيقال على لساهنا‪:‬‬


‫و ُيقال‪ :‬إن بيضها ٌ‬
‫الرع َّية) أي‪ :‬تأكل الن��اس ك َّلهم‪ ،‬لكن‬
‫أكملت المئة ألكل��ت َّ‬
‫ُ‬ ‫(ل��و‬
‫اهلل أعل��م به‪ ،‬ول��و رجعت إلى هذا يف "حي��اة الحيوان"‬
‫ه��ذا كال ٌم ُ‬
‫لما‬ ‫َّ ِ‬
‫للدمي��ري أو غيره وج��دت العج��ب ال ُعج��اب‪ ،‬وكان الناس َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫كثيرا‪.‬‬
‫كثيرا – ينتفعون منها انتفا ًعا ً‬
‫كانوا يف فقر – وهي تأيت ً‬
‫***‬

‫((( التعليق على صحيح مسلم (‪)59/10‬‬

‫‪107‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬هل ُتفقد فائدة الغذاء بالطبخ؟ ‪L‬‬


‫ُ��م َأ ُّي َها‬
‫��م إِ َّنك ْ‬
‫ ع��ن عم��ر ابن الخط��اب ‪ ‬ق��ال‪ُ ... :‬ث َّ‬
‫اس‪َ ،‬ت ْأ ُك ُل َ‬
‫ون َش َج َر َت ْي ِن لاَ َأ َر ُاه َما إِلاَّ َخبِي َث َت ْي ِن َه َذا ا ْل َب َص َل‬ ‫النَّ ُ‬
‫ت رس َ ِ‬
‫يح ُه َما‬‫ول اهَّلل ‪ ‬إِ َذا َو َج َد ِر َ‬ ‫َوال ُّثو َم‪َ ،‬ل َق ْد َر َأ ْي ُ َ ُ‬
‫��ج ِد َأ َم َر بِ ِه‪َ ،‬ف ُأ ْخرِ َج إِ َل��ى ا ْل َب ِقيعِ‪َ ،‬ف َم ْن‬
‫الر ُج ِل فِي ا ْل َم ْس ِ‬ ‫��ن َّ‬
‫م َ‬
‫ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫َأ َك َل ُه َما َف ْل ُي ِم ْت ُه َما َط ْب ًخا‪.‬‬

‫تهما‬ ‫ِ‬
‫قال ابن عثيمين ‪ :‬قوله ‪( :‬فمن أكلهما فليم ُ‬
‫ً‬
‫طبخا) "يمتهما" يعني يطبخها من أجل أن تذهب الرائحة‪ ،‬وموت‬
‫كل ش��يء بحس��به‪ ،‬ولكن يقولون‪ :‬إهنا لو طبخت ذهبت فائدهتا‪،‬‬
‫فيق��ال‪ :‬إن ُقدر أهنا تذهب الفائدة فإن الطعم واللذاذة يبقى‪ ،‬وهذا‬
‫شيء مشاهد؛ فإذن‪ :‬إذا ُقدر أن النفع الذي يراد منهما حال كوهنما‬
‫نيئي��ن فإن��ه ال يذهب الطعم واللذاذة على أننا ال نس��لم أن الفائدة‬
‫(‪)2‬‬
‫تزول بالطبخ‪.‬‬

‫((( رواه مسلم (‪)567‬‬


‫((( العليق على مسلم (‪) 267/10( )421/3‬‬

‫‪108‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫وق��ال ابن عثيمين ‪ :‬وقول م��ن قال من الناس‪ :‬إهنما إذا‬


‫ُطبخ��ا ُف ِق َد ْت فائدهتما غير صحيح فإن األطباء يقولون‪ :‬الفائدة ال‬
‫(‪)1‬‬
‫ُتفقد حتى لو طبخ‪ ،‬لكن قد تقل‪ ،‬أما أن ُتفقد فال‪.‬‬

‫حيلة ُتذهب رائحة البصل والثوم من الفم فقط‪:‬‬


‫وقال ابن عثيمين ‪ :‬كنت أعهد أن مضغ الجريدة الرطبة‬
‫م��ن النخ��ل ُيذهبه‪ ،‬لك��ن هذا قد ُيذه��ب ما يف الفم م��ن الرائحة‪،‬‬
‫لكن إذا تجش��أ اإلنس��ان فال ُبد أن خرج الرائح��ة من المعدة‪ ،‬وقد‬
‫أيض��ا‪ :‬إن الثوم له نف��وذ قوي‪ ،‬حتى إنه ينف��ذ مع العرق‪،‬‬
‫قي��ل لي ً‬
‫وتش��م الرائحة يف العرق‪ ،‬وعلى هذا فمضغ البقدونس أو النعناع‬
‫أو غيرهم��ا الظاهر أنه ال ُيذهب الرائحة ولهذا ال ينبغي لإلنس��ان‬
‫(‪)2‬‬
‫خصوصا الثوم‪.‬‬
‫ً‬ ‫أن يأكله إال لحاجة‪،‬‬
‫***‬

‫((( شرح عمدة األحكام (‪ )178/2‬شرح مشكاة المصابيح (‪) 580/1‬‬


‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪)583/3‬‬

‫‪109‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫السواك‪ ،‬والطريقة الصحيحة الستعماله ‪L‬‬


‫‪ J‬فوائد ِّ‬

‫��ول اهَّلل ِ ‪َ ‬ق َال‪:‬‬ ‫��ر َة ‪َ ،‬أ َّن َر ُس َ‬ ‫  َع ْن َأبِ��ي ُه َر ْي َ‬


‫اس لأَ َمر ُتهم بِالسو ِ‬ ‫ِ‬
‫اك‬ ‫��ق َع َلى ُأ َّمتي َأ ْو َع َلى النَّ ِ َ ْ ُ ْ ِّ َ‬
‫« َل ْولاَ َأ ْن َأ ُش َّ‬
‫ٍ (‪)1‬‬
‫َم َع ك ُِّل َص اَلة»‬
‫ق��ال اب��ن عثيمي��ن ‪ :‬الس��واك ُيطلق عل��ى الفعل‪ ،‬وهو‬
‫تس��وك ب��ه‪ ،‬ومعلوم أن‬
‫التس��وك‪ ،‬و ُيطلق على عود األراك الذي ُي َ‬
‫التسوك والعود متالزمان والسواك سنة مطلقةٌ‪ ،‬وتتأكد يف مواضع‪.‬‬
‫أم��ا كونه س��نة مطلق��ةً‪ :‬فلق��ول النبي ‪« :‬الس��واك‬
‫مطهر ٌة للفم‪ ،‬مرضا ٌة للرب» وهذا عام يف كل ٍ‬
‫وقت‪ ،‬ألنه يطهر الفم‬
‫مرضا يف أس��نانه‬
‫من األوس��اخ واألمراض‪ ،‬ولهذا كان أقل الناس ً‬
‫من يكثر السواك‪ ،‬وأطيب ما يكون السواك بِ ِ‬
‫عود األراك المعروف‬
‫(‪)2‬‬
‫المشهور‪ ،‬فإنه طيب الرائحة وله نكه ٌة طيبة وجيد التنظيف‬
‫((( رواه البخاري (‪ )887‬ومسلم (‪)252‬‬
‫((( قال الدكتور جابر القحطاين‪« :‬وجد أن اآلراك يحتوي على مواد مطهرة ومنظفة وقابضة ومضادة‬
‫للجراثيم ومضادة لنخر األسنان‪ ،‬ولذلك ينصح باستعمال السواك يوم ًيا» موسوعة جابر ‪150/1‬‬
‫تأثيرا على وقف نمو البكرتيا بالفم‪ :‬وذلك‬
‫وقال يف نفس الكتاب (‪« :) 33/2‬ثبت علم ًيا أن للمسواك ً‬
‫أيضا أن مادة الرتاميثايل أمين تخفض من =‬
‫بسبب وجود المادة التي تحتوي على كربيت‪ ،‬وثبت ً‬

‫‪110‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪...‬وللسواك فوائد كثير ٌة ذكرها الفقهاء وغيرهم‪ ،‬ولو لم يكن‬


‫منه��م إال هات��ان الفائدت��ان المذكورتان يف الحديث ل��كان كاف ًيا‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وهما‪ :‬طهارة الفم‪ ،‬ورضا الرب‪.‬‬

‫كيفية استعمال السواك‪:‬‬


‫السواك؟‬
‫ قال ابن عثيمين ‪ :‬ولكن كيف ُيستخدم ِّ‬
‫عرضا بالنس��بة لألس��نان‪ ،‬يعني‪ :‬من اليمين أو الش��مال‬
‫يكون ً‬
‫ولي��س ط��و ً‬
‫ال؛ ألن الط��ول يؤثر يف اللث��ة‪ ،‬فيرفعها عن األس��نان‪،‬‬
‫ومع كثرة االس��تعمال طو ً‬
‫ال يؤثر فيها ويرفعه��ا‪ ،‬وربما تنزلق عن‬
‫عرضا بالنسبة‬
‫يتسوك ً‬
‫األسنان وتتأثر‪ ،‬ولهذا قال العلماء‪ُ :‬يسن أن َّ‬
‫لألسنان(‪.)2‬‬

‫= األس األيدروجيني للفم ‪ -‬وهو أحد العوامل المهمة لنمو الجراثيم ‪ -‬وبالتالي فإن فرصة نمو هذه‬
‫الجراثيم تكون قليلة جدً ا‪.‬‬
‫ويحتوي األراك على فيتامين (ج) ومادة السيتوستيرول وهاتان المادتان من األهمية بمكان يف تقوية‬
‫الشعيرات الدموية المغذية للثة‪ ،‬وبذلك يتوفر وصول الدم إليها بالكمية الكافية‪ ،‬عالوة على أهمية‬
‫فيتامين (ج) يف حماية اللثة من االلتهابات‪.‬‬
‫ويحتوي األراك على الكلوريد والفلوريد والسيليكا وهي مواد معروفة بأهنا تزيد من بياض‬
‫األسنان»‪.‬‬
‫((( شرح عمدة األحكام (‪)177/1‬‬
‫((( ( شرح مشكاة المصابيح ‪.)٣٢٥/١‬‬

‫‪111‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫وق��ال اب��ن عثيمي��ن ‪ :‬قال��وا العلم��اء ‪ُ :‬يكره أن‬


‫يضر اللثة؛ ألن اإلنس��ان مأمور بالمحافظة على بدنه‪،‬‬
‫يتس��وك بما ُّ‬
‫عرضا بالنسبة لألسنان‪ ،‬وقال األطباء‪:‬‬
‫أيضا‪ :‬يستاك ً‬
‫وقال العلماء ً‬
‫ال؛ ألنه إذا استاك طو ً‬
‫ال رفع اللثة عن أصول األسنان‪،‬‬ ‫ال يستاك طو ً‬
‫إال إذا كان يضع الس��واك على أعلى السن‪ ،‬ثم ينزل‪ ،‬فهذا ال بأس‬
‫به؛ ألنه ال يضر اللثة‪ ،‬وربما يحتاج اإلنس��ان إليه أكثر إذا كان فيما‬
‫(‪)1‬‬
‫بين األسنان شيء من الوسخ‪.‬‬

‫ضرر التسوك على اللسان‪:‬‬


‫ق��ال اب��ن عثيمين ‪ :‬ذك��ر بع��ض العلماء‪ :‬أن��ه ال ينبغي‬
‫اإلكثار من التس��وك على اللس��ان؛ ألن هذا ربما ُيفس��د اإلسفنج‬
‫��عيرات‬
‫ٌ‬ ‫ال��ذي عليه؛ ألن اللس��ان لي��س أملس كاللثة‪ ،‬وإنما فيه ُش‬
‫(‪)2‬‬
‫ُتشبه اإلسفنج‪ ،‬فلو أدام السواك عليه ربما تتلف‪.‬‬

‫معاجني األسنان‪:‬‬
‫وق��ال ‪ ‬وه��و يتح��دث ع��ن خصائ��ص ي��وم الجمعة‪:‬‬

‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪) 687/5‬وانظر كذلك شرح مشكاة المصابيح (‪) 325/1‬‬
‫((( شرح عمدة األحكام (‪)191/1‬‬

‫‪112‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ُيحس��ن أن يتسوك بما هو أطيب وأنقى للفم‪ ،‬ومن ذلك ما ُيسمى‬


‫بالمعجون والفرشاة‪ ،‬فإن هذا ُيطيب الفم‪ ،‬ولكن مع ذلك أنا أرى‬
‫أن يستش��ار الطبي��ب يف هذه المعاجي��ن؛ ألن بعضها قد يكون لها‬
‫تأثير على األس��نان‪ ،‬أو على اللثة‪ ،‬فاألحس��ن أن يستشار الطبيب‬
‫(‪)1‬‬
‫حول هذا الموضوع‪.‬‬
‫***‬

‫((( دروس وفتاوى من الحرمين (‪)474/7‬‬

‫‪113‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬ضرر الدسم على األسنان ‪L‬‬


‫��ول اهَّلل ِ ‪َ ‬ش��رِ َب َل َبنً��ا‬
‫��اس َأ َّن َر ُس َ‬ ‫  َع ِن ا ْب ِ‬
‫��ن َع َّب ٍ‬
‫(‪)1‬‬
‫َف َم ْض َم َض‪َ ،‬و َق َال‪«:‬إِ َّن َل ُه َد َس ًما»‬
‫قال ابن عثيمين ‪ :‬دل الحديث على أن اإلنس��ان إذ أكل‬
‫الدس��م فإن من الس��نة أن يتمضمض حتى يزول‬ ‫أو ِ‬
‫ش��رب ما فيه َّ‬
‫يضره��ا‪ ،‬وربما‬
‫الدس��م؛ ألن الدس��م إذا بق��ي على األس��نان فإنه ُّ‬
‫يؤدي إلى مرض اللثة‪ ،‬وهذا من كمال الدين اإلسالمي؛ أن الدين‬
‫ٍ‬
‫يسيرا‪ ،‬فإذا أكلت‬
‫أمرا ً‬ ‫اإلسالمي أ َتى لدفع ك ُّل مؤذ‪ ،‬حتى وإن كان ً‬
‫��ن فلتتمضمض‬ ‫لحم��ا أو ش��ربت لبنًا أو أكلت خب��ز مدهو ًنا بِ ُد ْه ٍ‬
‫ً‬
‫(‪)2‬‬
‫إلزالة ذلك‪.‬‬
‫***‬

‫((( رواه البخاري (‪ )211‬ومسلم (‪)358‬‬


‫((( شرح مشكاة المصابيح (‪)275/1‬‬

‫‪114‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬ضرر اجللوس بني الظل والشمس ‪L‬‬


‫  َع ِن ا ْب ِن ُب َر ْي َدةَ‪َ ،‬ع ْن َأبِ ِيه‪َ ،‬أ َّن النَّبِ َّي ‪ ‬ن ََهى َأ ْن ُي ْق َع َد‬
‫ِ (‪)1‬‬
‫َب ْي َن ال ِّظ ِّل َو َّ‬
‫الش ْمس‬
‫ق��ال ابن عثيمين ‪ :‬بعض العلماء ذكر أن من الحكمة يف‬
‫النه��ي هو أن ال��دورة الدموية تنتقل من الظل البارد إلى الش��مس‬
‫تأثي��را بال ًغا‪ ،‬أن تنتقل من حار‬
‫ً‬ ‫الحارة‪ ،‬وهذا بال ش��ك يؤثر عليها‬
‫أيضا‪ :‬إن‬
‫إلى بارد‪ ،‬ومن بارد إلى حار‪ ،‬ثم إنه قد قال بعض العلماء ً‬
‫من المجرب أنه يحدث الزكام‪ ،‬وإذا صح الحديث عن الرس��ول‬
‫‪ ‬ف�لا حاجة إلى أن تتبين كمال الحكمة من ذلك‪ ،‬فهو‬
‫(‪)2‬‬
‫نور على نور‪ ،‬فالحكمة يف موافقة أمر اهلل ورسوله‪.‬‬

‫دواء الزكام‪ ،‬وبعض أنواعه‪:‬‬


‫ٌ‬
‫ش��اق‪ ،‬وبع��ض الناس زكامه‬ ‫ق��ال ابن عثيمين ‪ :‬الزكام‬
‫خفي��ف‪ ،‬وال يتأث��ر ذاك التأث��ر‪ ،‬لك��ن بع��ض الزكام يك��ون جا ًفا‪،‬‬

‫((( رواه البن ماجة (‪ )3722‬و اإلمام أحمد يف المسند (‪ )15421‬وقال محقق المسند‪ :‬حديث صحيح‪.‬‬
‫((( فتاوى نور على الدرب (‪)582/4‬‬

‫‪115‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫والزكام الجاف ُي ْت ِعب الصدر والرأس‪ ،‬وربما ُيضيق النفس‪ ،‬لكن‬


‫الزكام الذي ليس جا ًفا – هو الس��ائل – هذا أهون‪ ،‬ومع ذلك فإنه‬
‫ٌيتعب‪.‬‬

‫ث��م إن من قدرة اهلل ‪ ‬أن الزكام ليس له دواء‪ ،‬وإن عالجته‬


‫بدواء فإنه يزيد عليك‪ ،‬لكن قال بعض الناس‪ :‬دواء الزكام اللثام‪،‬‬
‫بأن ُيغطي اإلنسان فمه وأنفه‪ ،‬وهذا صحيح؛ ألنه يدخل المنخرين‬
‫شيء من الهواء‪.‬‬

‫ مسألة‪ :‬إذا خاف الزكام فهل يتيمم؟‬


‫ق��ال ابن عثيمي��ن ‪ :‬إذا خاف المرض فإن��ه يتيمم؛ ألن‬
‫(‪)1‬‬
‫األمر واسع‪ ،‬والحمد هلل‪.‬‬

‫خطورة االلتفات عند العطاس‪:‬‬


‫قال ابن عثيمين ‪ :‬هذا غلط؛ ألهنم يقولون‪ :‬إن هذا خطر‬
‫عظيم على األعصاب؛ ألنه كما هو معلوم العطاس يهز البدن كله‪،‬‬
‫فلو التفت أثناء العطاس ربما اختلفت أعصاب الرقبة‪ ،‬ولهذا كره‬

‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪)247/2‬‬

‫‪116‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫األطباء أن ينحرف اإلنسان عند العطاس‪...‬ومن اآلداب أن يغطي‬


‫اإلنس��ان وجهه عند العطاس‪ ،‬فيضع غرتته أو ما أش��به ذلك على‬
‫(‪)1‬‬
‫وجهه إذا أمكن‪.‬‬
‫***‬

‫((( الشرح الممتع (‪)376/12‬‬

‫‪117‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬دواء الصداع ‪L‬‬


‫��د النَّبِ ُّي ‪‬‬
‫ِ‬ ‫  َع ِن ا ْب ِ‬
‫��ن َع َّب ٍ‬
‫��اس ‪َ ،‬ق َ‬
‫��ال‪َ :‬صع َ‬
‫��س َج َل َس�� ُه ُم َت َع ِّط ًف��ا ِم ْل َح َف ًة َع َلى‬
‫��ر َم ْج ِل ٍ‬ ‫ا ْل ِمنْب��ر‪ ،‬وك َ ِ‬
‫َان آخ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ب َر ْأ َس ُه بِ ِع َصا َب ٍة َد ِس َم ٍة‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫َمنْك َب ْيه‪َ ،‬ق ْد َع َص َ‬
‫قال ابن عثيمين ‪ :‬من فوائد هذا الحديث‪ :‬أن من مداوة‬
‫الرأس إذا آلمك أن تعصبه؛ فإن هذا من أسباب شفائه بإذن اهلل أو‬
‫على األقل َي ُهون وجعه‪ ،‬وهذا مجرب‪.‬‬

‫قاعدة دوائية مفيدة‪:‬‬


‫وإذا أمكنك أن تتداوى بالش��يء ال��ذي ال يدخل جوفك فهو‬
‫أحسن؛ ألن الذي يدخل الجوف قد يكون له مضاعفات‪ ،‬ال سيما‬
‫خارج��ا فالمضاعفات فيه إن‬
‫ً‬ ‫يف األدوي��ة الكيماوي��ة‪ ،‬وأما ما كان‬
‫(‪)1‬‬
‫ُق ِّدر تكون قليلة‪.‬‬

‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪)692/3‬‬

‫‪118‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫قاعدة طبية‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫خير من العالج‪.‬‬
‫الوقاية ٌ‬
‫فائدة دوائية‪:‬‬
‫الغال��ب أن اإلنس��ان الذي لم يعود نفس��ه األدوي��ة يربأ بدون‬
‫(‪)2‬‬
‫دواء‪.‬‬

‫قاعدة دوائية‪:‬‬
‫ال ضرورة للدواء‪ ،‬ألن اإلنسان قد يشفى بال ٍ‬
‫دواء‪ ،‬وقد ُيشفى‬ ‫ُ‬
‫(‪)3‬‬ ‫ٍ‬
‫بدواء آخر‪ ،‬وقد يستعمل هذا الدواء وال تندفع ضرورته‪.‬‬
‫***‬

‫((( دروس الحرمين (‪) 403/3‬‬


‫((( الدروس الفقهية (‪)609/3‬‬
‫((( دروس الحرمين (‪)98/10‬‬

‫‪119‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬حكم التدخني‪ ،‬وأضراره ‪L‬‬


‫ قال تعالى‪( :‬ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ) (‪.)1‬‬
‫قال ابن عثيمين ‪ :‬ش��رب الس��جائر ُمح��رم‪ ،‬وذلك ألن‬
‫اهلل ‪ ‬ق��ال‪( :‬ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ)‬
‫فاألموال جعلها اهلل تعال��ى لنا قيا ًما يقوم به ديننا‪ ،‬وتقوم به دنيانا‪،‬‬
‫فإذا َص َر َف ُه اإلنس��ان يف ش��يء ال يقوم به الدين وال الدنيا كان ذلك‬
‫سفها وإضاعة للمال‪.‬‬
‫ً‬
‫وق��د ثبت عن النب��ي ‪ ‬أنه هنى ع��ن إضاعة المال‪،‬‬
‫وشرب السجائر ضرر على البدن‪ ،‬كما ذكر ذلك األطباء وأجمعوا‬
‫عليه‪ ،‬وش��رب الس��جائر س��بب لإلصابة بأمراض خطيرة عسيرة‬
‫(‪)2‬‬
‫ال ُب ْر ِء‪ ،‬كالسرطان الرئوي واللثوي وما أشبه ذلك‪.‬‬

‫وق��ال ابن عثيمين ‪ :‬إذا نظر اإلنس��ان إلى ضرر الدخان‬


‫وتأثيره يف الصحة ويف الس��لوك ويف المال تبي��ن له أنه حرا ٌم‪ ،‬وأنه‬

‫((( [سورة النساء‪ :‬آية ‪]5‬‬


‫((( فتاوى نور على الدرب (‪)350/٥‬‬

‫‪120‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ضار بالصحة‪ ،‬فقد اتفق‬


‫ليس من األمور المش��كوك فيها ‪ ...‬وهو ٌّ‬
‫األطباء على أنه من أس��باب األمراض الخطيرة‪ ،‬ومنها السرطان‪،‬‬
‫مرض ٌ‬
‫فتاك‪ ،‬كل ينفر منه نفور الش��اة من الذئب‪ ،‬إذن‬ ‫والس��رطان ٌ‬
‫فهذه عل ٌة تقتضي التحريم‪.‬‬
‫ض��ار بالتفكي��ر؛ ألن اإلنس��ان إذا انقطع عن‬
‫ٌّ‬ ‫ث��م إن التدخين‬
‫ش��ربه انقلب ذهن ُه‪ ،‬وأصبح ال يفكر‪ ،‬ربما يمش��ي يف السوق‪ ،‬وال‬
‫يرى الناس؛ ألنه ابتعد عن التدخين‪.‬‬
‫صغيرا‬
‫ً‬ ‫ض��ار بالمال‪ ،‬وقد رأي��ت كُتي ًبا‬
‫ٌّ‬ ‫أيضا التدخين‬
‫كذل��ك ً‬
‫ٍ‬
‫إحصائيات غريبةً‪ ،‬كيف‬ ‫خيرا‪ ،‬ذكر‬
‫أخيرا جزى اهلل من ألفه ً‬
‫كُت��ب ً‬
‫ِ‬
‫واإلنسان‪...‬‬ ‫يقضي الدخان على المال‬
‫ِ‬
‫أض��راره مض��ر ٌة اجتماعي��ةٌ‪ ،‬حي��ث يجعل ألهل‬ ‫وأيض��ا م��ن‬
‫ً‬
‫ً‬
‫وصراخا عليهم‪،‬‬ ‫إزعاجا عليه��م‬
‫ً‬ ‫المدخ��ن إذا أقلع ع��ن تدخين��ه‬
‫وضرب األوالد الصغار‪...‬‬
‫وكذلك من أضرار التدخين‪ :‬تأثيره على النسل والعرض‪.‬‬
‫على كل ٍ‬
‫حال أنا ال أس��تطيع أن أحص��ي أضراره‪ ،‬لكن كل ما‬
‫ذكرنا يدل على أنه حرا ٌم‪.‬‬
‫‪121‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫لكن‪ :‬كيف يتخلص اإلنسان منه ألن اإلنسان إذا عرض الداء‬
‫عل��ى الخلق؛ البد أن يذكر ال��دواء‪ ،‬وإال أوقعهم يف حيرة أما عن‬
‫كيفية التخلص منه‪،‬‬

‫ فنقول‪ :‬يتخلص منه بأمو ٍر‪:‬‬


‫ً‬
‫أوال‪ :‬باالعتم��اد عل��ى اهلل ‪ ،‬وأن يرجع إل��ى اهلل بالدعاء‬
‫والطاعة واالبتهال أن يعصمه اهلل منه‪.‬‬
‫ثان ًي��ا‪ :‬بق��وة العزيمة‪ ،‬أن يكون عن��د عزيم ٌة قوي�� ٌة تغلب هواه‬
‫وشهوته‪...‬‬
‫ثال ًث��ا‪ :‬أن يبتعد عن االختالط بالش��اربين ل ُه؛ ألنه إذا خالطهم‬
‫قد ال يصرب‪ ،‬فإذا ابتعد عنهم َسلِ َم‪...‬‬
‫رابع��ا‪ :‬أن يحكم العقل دون العاطف��ة ‪ ...‬فإذا ح َّك ْم َت العقل‬
‫ً‬
‫التحكيم على تركه‪ ،‬وسلمت من شره‪.‬‬
‫ُ‬ ‫دون العاطفة حملك هذا‬
‫خامس��ا‪ :‬التش��اغل عن ُه بأعمال ُتوجب النسيان‪ ،‬فإذا انشغلت‬
‫ً‬
‫عن��ه بأعم��ال توجب النس��يان نس��يت ُه‪ ،‬وقد تنس��ا ُه كُلم��ا طال بك‬
‫الزم��ن؛ وقد ذكروا أن اإلنس��ان إذا بقي ُمد ًة ال يش��رب‪ ،‬وتخلص‬
‫ين سلم منه‪...‬‬‫الدم من النِّي ُكوتِ ِ‬
‫‪122‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫إذن‪ :‬الذي تقرر عندنا اآلن وبعد شهادة الطب الحديث بضرر‬
‫(‪)1‬‬
‫الدخان‪ ،‬أن الدخان حرا ٌم‪ ،‬ويبقى ال إشكال فيه‪.‬‬
‫***‬

‫((( دروس الحرمين (‪)99/10‬‬

‫‪123‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬أدوية ذات اجلنب ‪L‬‬


‫ت َر ُس َ‬
‫ول اهَّلل ‪‬‬
‫ِ‬
‫ت م ْح َص ٍن َأن ََّها َأ َت ْ‬ ‫ عن ُأ َّم َق ْي ٍ‬
‫س بِنْ َ‬ ‫ِ‬

‫��ه ِم َن ا ْل ُع ْذ َر ِة‪َ ،‬ف َق َ‬


‫��ال‪« :‬ا َّت ُقوا اهَّللَ‪،‬‬ ‫ت ع َلي ِ‬
‫��د َع َّل َق ْ َ ْ‬ ‫بِا ْب ٍ‬
‫��ن َل َها‪َ ،‬ق ْ‬
‫��ذ ِه الأْ َ ْع�َل�اَ ِق‪َ ،‬ع َل ْيك ُْم بِ َه َذا‬
‫ون َأولاَ دكُ��م بِه ِ‬
‫َع�َل�اَ َم َما َت ْد َغ ُر َ ْ َ ْ َ‬
‫ب»‪.‬‬ ‫ات ا ْل َجنْ ِ‬ ‫ي؛ َفإِ َّن فِ ِيه َس ْب َع َة َأ ْش ِف َي ٍة‪ِ ،‬منْ َها َذ ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫ا ْل ُعود ا ْل ِهنْد ِّ‬
‫قال ابن عثيمين ‪ :‬ذات الجنب لها دواءان‪:‬‬
‫األول‪ :‬ال ُك ْست‪ ،‬وهذا حينما تكون خفيفة‪.‬‬
‫والث��اين‪ :‬الكي‪ ،‬وهذا حينم��ا تكون ثقيلةً‪ ،‬وه��ي معروفة عند‬
‫الناس أهنا قس��مان‪ ،‬قسم يس��مونه‪( :‬ذكر) وهي شديدة وسريعة‪،‬‬
‫فإم��ا أن يموت اإلنس��ان منها بس��رعة‪ ،‬وإما أن يق��در اهلل له دوا ًء‪،‬‬
‫ف ُيشفى به‪.‬‬
‫والثاني��ة ‪( :‬أنث��ى) أو ُيعرب عنه��ا ب‪( :‬أنِيث) وه��ي تأخذ وق ًتا‬
‫طويالً‪ ،‬ويمكن أن ينفع فيها ما سوى ال ِّكي من األدوية‪ ،‬أما األولى‬
‫الكي‪.‬‬
‫فال ينفع فيها إال ُّ‬
‫‪124‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫وقال ابن عثيمين ‪« :‬ذات الجنب» هو‪ :‬وجع يف الجنب‬


‫يف الضلوع‪ ،‬يقولون‪ :‬إن سببه أن الرئة تلصق يف الضلوع‪ ،‬ولصوقها‬
‫هذا يش��ل حركتها‪ ،‬فال يحصل للقلب كمال دفع الدم وغير ذلك‬
‫من أعماله‪ ،‬فهذا من األمراض المخوفة‪.‬‬
‫جدا فيما س��بق وقد عشنا ذلك‪ ،‬ال سيما‬
‫كثيرا ً‬
‫وكان هذا الداء ً‬
‫يف اس��تقبال الش��تاء‪ ،‬ولكنه – س��بحان اهلل – ُيشفى بإذن اهلل ‪‬‬
‫بالك��ي‪ ،‬وهو أحس��ن ع�لاج له‪ ،‬حت��ى إن بع��ض المرضى يغمى‬
‫علي��ه‪ ،‬ويبق��ى األي��ام والليالي وقد أغم��ي عليه‪ ،‬ثم ي��أيت الطبيب‬
‫العربي‪ ،‬فيقص أثر األلم يف الضلوع ثم َي ِسم محل األلم َبو ْس ٍم ثم‬
‫يكويه‪ ،‬فإذا كواه – س��بحان اهلل – ال يمضي س��اعة واحدة إال وقد‬
‫تنفس المريض ! ولذلك ال يوجد عالج فيما س��بق لذات الجنب‬
‫إال الكي‪.‬‬
‫وذات الجن��ب تؤدي إلى الهالك ال ش��ك‪ ،‬وم��ن مات بذات‬
‫(‪)1‬‬
‫الجنب لم ُي َع َّد مات بشيء غريب‪.‬‬
‫وق��ال اب��ن عثيمين ‪ :‬بع��ض األمراض ينف��ع فيها الكي‬

‫((( الشرح الممتع (‪ ،) ١٠٣/١١‬شرح البخاري (‪) ٦٠١/١٢‬‬

‫‪125‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫بنس��بة تس��عين أو مئ��ة يف المئ��ة‪ ،‬مث��ل‪ :‬ذات الجن��ب‪ ،‬ف��إن ذات‬


‫ظاهرا‪ ،‬فإنه أحيا ًنا ُيصاب اإلنس��ان‬
‫ً‬ ‫الجن��ب ينفع فيها الكي نف ًع��ا‬
‫ب��ذات الجنب‪ ،‬و ُيغمى عليه من ش��دة الم��رض‪ ،‬وال يبقى إال أن‬
‫الحذاق يف هذا المرض‪،‬‬
‫أهل��ه يتأهبون لموته‪ ،‬فيأيت أح��د األطباء ُ‬
‫ث��م يكويه‪ ،‬فينتعش من حين أن يرفع يده عنه‪ ،‬وهذا ش��يء علمناه‬
‫بالمشاهدة وبالسماع‪.‬‬

‫أيضا ما ُيسمى عند أطباء العرب ب‪(:‬ال ّط ْير) وهو مرض‬


‫ومثله ً‬
‫(‪)1‬‬
‫ُيصيب األمعاء فهذا يغلب على الظن أحيا ًنا أنه ينتفع بالكي‪.‬‬

‫كي خطري !!‬


‫قال ابن عثيمين ‪ :‬مما ُيعلم بالطب‪ ،‬واشتهر عند الناس‬
‫أن م��ن ك ُِو َي من ُصلبه فإنه تبطل ش��هوته‪ ،‬إم��ا ألنه ال ينزل‪ ،‬أو ال‬
‫(‪)2‬‬
‫جدا من كي اإلنسان يف ُصلبه‪.‬‬
‫ينتشر‪ ،‬ولهذا يحرتزون ً‬
‫***‬

‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪) 527/12‬‬


‫((( الشرح الممتع (‪) 207/12‬‬

‫‪126‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫عالج جنون ال ِوشرة‪:‬‬


‫قال ابن عثيمين ‪ :‬ما يسمى عند الناس ِ‬
‫(الوشرة)‪ ،‬وهو‪:‬‬
‫أن الرأس ينفتق يف مالحمه‪ ،‬فتق من الدماغ‪ ،‬ثم يبدأ الرجل يهذي‬
‫حت��ى يص��ل إلى الجنون‪ ،‬لكن��ه له عالج وهو الك��ي‪ ،‬ولهم طرق‬
‫يس��تدلون هب��ا على موض��ع الفتق‪ ،‬فيضع��ون على موض��ع الفتق‬
‫عجينً��ا لينً��ا‪ ،‬فإذا أصبح ووج��د أن محل الفتق ياب��س‪ ،‬مع البخار‬
‫عرف��وا موضع��ه‪ ،‬فإذا كوي بإذن اهلل برئ بس��رعة كأنما نش��ط من‬
‫(‪)1‬‬
‫عقال‪.‬‬
‫***‬

‫((( الشرح الممتع (‪)219/12‬‬

‫‪127‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ال َّمى ‪L‬‬


‫‪ J‬عالج حْ ُ‬

‫  َع ِن ا ْب ِن ُع َم َر ‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِّي ‪َ ‬ق َال‪« :‬ا ْل ُح َّمى‬


‫ِ (‪)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫م ْن َف ْيحِ َج َهنَّ َم‪َ ،‬ف َأ ْطف ُئ َ‬
‫وها بِا ْل َماء»‬
‫ق��ال اب��ن عثيمي��ن ‪ :‬هذا الحدي��ث يدل عل��ى أن من‬
‫عالج الحمى اس��تعمال الماء البارد‪ ،‬وأنه ُي ْب ِردها‪ ،‬حتى ولو كان‬
‫يف منطقة باردة؛ ألن المريض نفس��ه عليه ُح ًّمى‪ ،‬قال أهل العلم‪:‬‬
‫والظاهر على عكس الباطن‪ ،‬فإذا برد الظاهر سخن الباطن‪ ،‬وإذا‬
‫برد الباطن س��خن الظاه��ر‪ ،‬فهذا الماء يط��رد الحمى حتى تنزل‬
‫الحرارة إلى أس��فل‪ ،‬ويعتدل البدن؛ ألن من المعروف أن ال ُقوى‬
‫الت��ي يف الب��دن أربعة‪ :‬حرارة وب��رودة‪ ،‬ورطوبة و ُي ُبسوس��ة‪ ،‬فإذا‬
‫اعتدل��ت هذه ال ُقوى األربع اعتدل البدن ‪،‬وإذا َّ‬
‫اختل منها ش��يء‬
‫اختل البدن بحس��به‪ ،‬فهذه الحرارة التي تفور وتخرج إلى ظاهر‬
‫الجس��د إذا أتاه��ا الماء طرده��ا‪ ،‬وأدخلها إل��ى الداخل‪ ،‬وحينئذ‬
‫يكون البدن معتد ً‬
‫ال‪.‬‬

‫((( رواه البخاري (‪)5723‬‬

‫‪128‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫وهذا العالج الذي ذك��ره النبي ‪ ‬عالج نافع حتى‬


‫يف عهدن��ا ه��ذا‪ ،‬وأكثر ما ينف��ع إذا كان ذلك من ضربة الش��مس‪،‬‬
‫الم َب َّردة بالماء‬
‫كثيرا ولهذا يضع��ون عليه الثلج والثياب ُ‬
‫فإنه ينفع ً‬
‫كثيرا من األطباء يقولون أله��ل الصبيان إذا ُأصيبوا‬
‫جدا‪ ،‬ب��ل إن ً‬
‫ًّ‬
‫المك ِّي��ف‪ ،‬لكن اجعلوا س��رعة الهواء‬
‫بالحم��ى‪ :‬اجعلوه��م أمام ُ‬
‫(‪)1‬‬
‫على السرعة الدنيا‪.‬‬
‫وقال ابن عثيمين ‪ :‬وهذا الطب اليسير السهل قد علم من‬
‫كالم الرسول ‪ ‬منذ أكثر من أربعة عشر قر ًنا‪ ،‬واألطباء‬
‫(‪)2‬‬
‫اآلن يرجعون إليه فيصفون هذا الدواء لمن أصيب بالحمى‪...‬‬

‫صب‬
‫وقال ابن عثيمين ‪ :‬والغريب أننا كنا نقول‪ :‬كيف ُي ُّ‬
‫مس الم��اء انكمش جل��ده ؟! ولكن‬
‫علي��ه الم��اء الب��ارد‪ ،‬وهو إذا َّ‬
‫صار هذا ه��و العالج الوحيد‪ ،‬وهو من أحس��ن العالجات‪ ،‬حتى‬
‫م��ع ترقي الطب يس��تعملون هذا العالج الس��هل ال��ذي ال يدخل‬
‫الب��دن منه ش��يء‪ ،‬وليس عقاقير ُربما تؤثر‪ ،‬ب��ل هو عالج ظاهري‬
‫ٍ‬
‫بتصرف يسير) ‪.‬‬ ‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪608/12‬‬
‫((( الشرح الممتع (‪) 105/11‬‬

‫‪129‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫محس��وس‪ ،‬وعلى ٍّ‬


‫كل فالمريض بالحمى سوف يتكلف أو يتأذى‬
‫من الماء البارد‪ ،‬لكن ليتص َّبر حتى تزول الحرارة‪.‬‬

‫وتعلي��ل ذلك – واهلل أعلم ‪ :-‬أن الحرارة تخرج من الجوف‪،‬‬


‫وتكون على الس��طح‪ ،‬ويبقى داخل الجوف بار ًدا‪ ،‬ولهذا يحصل‬
‫م��ع المري��ض بالحمى ُق َش�� ْع ِريرة كأنه بردان ألن باطن��ه بارد‪ ،‬فإذا‬
‫ُصب عليها الماء البارد انحدرت إلى األس��فل‪ ،‬وخرجت الربودة‬
‫(‪)1‬‬
‫من األسفل‪ ،‬وح َّلت الحرارة‪ ،‬واعتدل الجسد‪.‬‬
‫***‬

‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪)640/1‬‬

‫‪130‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬خاصية السبع يف الطب ‪L‬‬


‫��ال النَّبِ ُّي ‪َ ‬ب ْع َد َما‬ ‫ت‪َ :‬ف َق َ‬ ‫ عن عائش��ة ‪َ ‬قا َل ْ‬
‫ب‬‫«هرِي ُقوا َع َل َّي ِم ْن َس�� ْب ِع ِق َر ٍ‬ ‫ِ‬
‫َد َخ َل َب ْي َت َها َو ْاش�� َت َّد بِه َو َج ُع ُه‪َ :‬‬
‫اس»‪.‬‬ ‫َل ْم ُت ْح َل ْل َأ ْوكِ َي ُت ُه َّن‪َ ،‬ل َع ِّلي َأ ْع َه ُد إِ َلى النَّ ِ‬

‫قال ابن عثيمي��ن ‪ :‬من فوائد هذا الحديث‪ :‬أن من دواء‬


‫الحم��ى الماء الب��ارد‪ ،‬وهذا أمر ُم َّتفق عليه بي��ن األطباء‪ ،‬وإن كان‬
‫المريض يش��عر بالقش��عريرة والنفور من الماء البارد‪ ،‬لكنه ُيفيده‪،‬‬
‫وهذا مشهور بين األطباء فيما إذا كانت هناك ضربة شمس‪ ،‬فإهنم‬
‫ال ُيعالجونه إال بالشيء البارد‪.‬‬

‫«ه ِر ُيقوا‬
‫ومن فوائده‪ :‬خاص َّية السبع‪ ،‬ولهذا قال ‪َ :‬‬
‫القرب لم‬ ‫ق��رب لم ُتحلل أوكي ُت ُهن»‪ ،‬وتك��ون هذه ِ‬
‫ٍ‬ ‫َ‬
‫عل َّي ِمن س��بع‬
‫ْ‬
‫(‪)1‬‬
‫حل أفواهها أي‪ :‬أهنا ُممتلئة؛ ألن ذلك أكثر‪.‬‬ ‫ُت َّ‬

‫كثيرا‪،‬‬
‫وق��ال اب��ن عثيمين ‪ :‬الس��بع معت�برة يف الط��ب ً‬

‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪) 593/12‬‬

‫‪131‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫مث��ل‪« :‬أعوذ بِع��زة اهلل وقدرته‪ »...‬س��بع مرات‪ ،‬وكان الرس��ول‬


‫‪ ‬يأكل سبع تمرات من تمر العاجية ُي ْصبِح هبا‪ ،‬فليس‬
‫(‪)1‬‬
‫هذا غري ًبا‪.‬‬
‫***‬

‫((( التعليق على صحيح مسلم (‪)148/8‬‬

‫‪132‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬دواء ال ُع ْذ َرة (ال ُع َظ ْيم ) ‪L‬‬


‫َ��س ‪ ‬عن النب��ي ‪ ‬ق��ال«إِ َّن َأ ْف َض َل‬ ‫ عن َأن ٌ‬
‫��ه ا ْل ِ‬
‫م��ا َت َداوي ُتم بِ ِ‬
‫��ط ا ْل َب ْح��رِ ُّ‬
‫ي‪َ ،‬ولاَ ُت َع ِّذ ُبوا‬ ‫ح َج َامةُ‪َ ،‬وا ْل ُق ْس ُ‬ ‫َْ ْ‬ ‫َ‬
‫ِص ْب َيا َنك ُْم بِا ْلغ َْمز»‬
‫ِ (‪)1‬‬

‫ق��ال اب��ن عثيمي��ن ‪ :‬قول��ه ‪« :‬وال تعذب��وا‬


‫ِصبيانك��م بالغم��ز» يعني بذلك م��ا يحصل عند الصبي��ان الصغار‬
‫حيث يحصل شيء َي َت َد َّلى من اللهاة‪ ،‬ويسميه بعض الناس " َت ْرفِيع"‬
‫وبعضهم يس��ميه " ُع َظ ْيم" وبعضهم يس��ميه " ُت َغ ُّوله"؛ ألهنا ُت ِّ‬
‫حرك‬
‫رقبته ل َي ُغو َله‪ ،‬وللنساء فيه طريقتان‪:‬‬
‫المتدلي وتغمزه حتى ينكس��ر‪،‬‬
‫الطريق��ة األولى‪ :‬أن تأخذ هذا ُ‬
‫عذبه كما قال الرسول ‪.‬‬ ‫وهذه يتأثر هبا الصغير‪ ،‬و ُت ِّ‬
‫الطريقة الثانية‪ :‬أن المرأة ُت ْد ِخل إهبامها يف َل َهاتِه‪ ،‬ثم تمس��حها‬
‫مرات‪ ،‬ثم تأخذ برأس��ه وترفعه سبع مرات‪ ،‬ثم ُت ِميل الرأس‬ ‫س��بع َّ‬
‫إل��ى الخلف‪ ،‬ثم تمس��ح بإهبامها‪ ،‬لمدة س��بعة أيام أو عش��رة أيام‬

‫((( رواه البخاري (‪ )5696‬ومسلم (‪)1577‬‬

‫‪133‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫حسب الحاجة‪ ،‬ثم يربأ بإذن اهلل‪.‬‬


‫(‪)1‬‬
‫فنهى الرسول ‪ ‬عن الغمز؛ألن فيه تعذي ًبا للصبي‪.‬‬
‫وق��ال ابن عثيمين ‪ :‬ألن بعض النس��اء يف ال ُع ْذ َرة ُتدخل‬
‫��مع لها‬
‫أصابعها يف الحلق‪ ،‬ثم تضغط عليها بقوة‪ ،‬وتنكس��ر‪ ،‬و ُي ْس َ‬
‫ص��وت‪ ،‬لك��ن الرس��ول ‪ ‬ق��ال‪« :‬ال ُتعذب��وا صبيانكم‬
‫(‪)2‬‬
‫بالغمز»‬
‫***‬

‫((( التعليق على صحيح مسلم (‪)148/8‬‬


‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪)566/12‬‬

‫‪134‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬فوائد الكمأة ألمراض العني ‪L‬‬


‫ ق��ال تعال��ى‪( :‬ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ‬
‫ﭸ ﭹ ﭺ) (‪.)1‬‬

‫ عن س��عيد بن زيد قال‪ :‬س��معت النبي ‪ ‬يقول‪:‬‬


‫المن‪ ،‬وماؤها شفا ٌء للعين»‪.‬‬
‫«الكمأة من ِّ‬
‫قال اب��ن عثيمين ‪ :‬الم ُّن هو ال��ذي أنزله اهلل ‪ ‬على‬
‫بني إس��رائيل‪ ،‬كم��ا ق��ال ‪( :‬ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ)‬
‫قال العلماء‪ :‬وهو ش��يء ينزل على الشجر مثل العسل‪ ،‬فيجدونه‪،‬‬
‫ف َي ْجنُونه ه ِّينًا سهالً‪ ،‬ولهذا ُسمي منًا؛ ألنه ليس فيه تعب‪ ،‬والكمأة‬
‫م��ن الم ِّن ألن اهلل ‪ ‬يخرجها م��ن األرض بدون تعب ال‬
‫سقي‪ ،‬وال غيره‪.‬‬

‫س��مى عن��د الن��اس ب‪(:‬ال َف ْق��ع) وهو ثالثة‬


‫والكم��أة هي ما ُي َّ‬
‫أصناف‪ :‬كمأة‪ ،‬و َع َساقِل‪ ،‬وبنات َأ ْو َبر‪ ،‬يقول الشاعر‪:‬‬

‫((( [سورة األعراف‪ :‬آية ‪]160‬‬

‫‪135‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫��ؤا وعس ِ‬ ‫ِ‬


‫��اقالً‬ ‫��د َجنَ ْي ُت��ك َأك ُْم ً َ َ َ‬
‫َو َل َق ْ‬
‫��ك ع��ن بنَ ِ‬
‫��ات األَ ْو َب��رِ‬ ‫��د نَهي ُت ِ‬
‫َ ْ َ‬ ‫َو َل َق ْ َ ْ‬
‫وهذه األصن��اف الثالثة تختل��ف طعومها َّ‬
‫ولذهت��ا‪ ،‬وتختلف‬
‫بحسب األرض‪.‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫��رق يف األرض‪ ،‬إن ُقط َع��ت بع ْرقها ل��م تنبت َّ‬
‫مر ًة‬ ‫وه��ي لها ع ْ‬
‫ِ‬
‫ثانيةً‪ ،‬وإن بقي ع ْر ُقها فإهنا تنبت َّ‬
‫مر ًة أخرى‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫الم ِّن» الكمأة‪ :‬نوع من‬


‫وقول النب��ي ‪« :‬الكمأة من َ‬
‫ال َف ْقع وكان��ت من الم ِّن؛ ألهنا تحصل بدون كُلفة وبدون مش��قة‪،‬‬
‫فهي ُتشبه الم ِّن‪.‬‬
‫ِ‬
‫العين» أي‪ :‬أن ماء الكمأة‬ ‫ش��فاء‬
‫ُ‬ ‫وقوله ‪« :‬وماؤها‬
‫فيه شفاء للعين‪ ،‬ولكن كيف يكون ذلك ؟‬
‫نقول‪ :‬يكون ذلك بأن ُتصهر على النار‪ ،‬ثم ُتعصر‪ ،‬وهذا الماء‬
‫الذي يخ��رج منها إذا داويت ب��ه العين المرمودة كان ذلك ش��فا ًء‬
‫له��ا؛ ألنه ُيعطيها ُنش��وفةً‪ ،‬و ُي َق ِّلل فيها الرطوبة حتى ُتش��فى‪ ،‬وهذا‬
‫من الطب النبوي؛ ألن الطب نوعان‪:‬‬

‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪)585/12‬‬

‫‪136‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫النوع األول‪ :‬نبوي يكون بالوحي‪.‬‬


‫النوع الثاين‪ :‬تجريبي يكون بالتجربة‪.‬‬
‫فال��ذي يك��ون بطريق الوحي ال ش��ك أنه ص��دق‪ ،‬وال يمكن‬
‫أن يتخلف؛ ولهذا لما أمر النبي ‪ ‬المبطون أن يش��رب‬
‫العسل‪ ،‬فازداد انطالق بطنه‪ ،‬وجاء أخوه‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول اهلل ! إين‬
‫يك» فسقاه‬ ‫أخ َ‬ ‫وك َذ َب ُ‬
‫بطن ِ‬ ‫«صدق ُ‬
‫اهلل َ‬ ‫َ‬ ‫س��قيت أخي‪ ،‬فازداد‪ ،‬قال‪:‬‬
‫العسل حتى أمسك‪ ،‬فال ُيمكن أن يتخ َّلف ً‬
‫أبدا‪.‬‬
‫أمرا واقع ًيا‬
‫أما التجريبي فإنه قد يتخلف‪ ،‬ومع ذلك فإنه ُيعترب ً‬
‫(‪)1‬‬
‫وملموسا‪.‬‬
‫ً‬
‫وق��ال ابن عثيمي��ن ‪ :‬ذكر الناس الذين اس��تعملوها أهنا‬
‫��و َيت بالنار النت‪ ،‬وس��هل عصرها‪ ،‬فإذا ُع ِصرت‬ ‫��وى‪ ،‬فإذا ُش ِ‬ ‫ُت ْش َ‬
‫��في العي��ن إذا مرض��ت‪ ،‬قال اب��ن القيم ‪ ‬يف‬ ‫فه��ذا الم��اء ي ْش ِ‬
‫َ‬
‫"الهدي"‪ :‬وأكثر ما يكون انتفا ًعا به إذا كان سبب األلم زيادة الماء‬
‫يف العين‪ ،‬فإن ماء الكمأة ُين َِّشف العين‪ ،‬فتربأ بإذن اهلل ‪.‬‬
‫ويحتمل أن الماء ُي َ‬
‫ؤخذ بعصرها وإن كانت هي ناش��فة بعض‬

‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪)579/9‬‬

‫‪137‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫عصرا كامالً‪،‬‬
‫ً‬ ‫الش��يء لكن بواس��طة اآلالت الجديدة ُربما ُت ْع َصر‬
‫��و َيت ُفربما تزول بعض‬ ‫��وى؛ ألهنا إذا ُش ِ‬
‫ويؤخذ ماؤها قبل أن ُت ْش َ‬
‫الخصائص يف هذا الماء‪.‬‬
‫إذن‪ :‬أفادنا الرسول ‪ ‬بهذا الحديث فائدتين‪:‬‬
‫الفائدة األولى‪ :‬أن الكمأة من الم ِّن؛ لسهولة أخذها‪ ،‬وكثرة خيرها‪.‬‬
‫الفائدة الثانية‪ :‬أن ماءها شفاء للعين‪.‬‬
‫والرس��ول ‪ ‬إذا أخربن��ا بم��ا فيه نفع – س��واء كان‬
‫م��ن األمور التجريب َّية‪ ،‬أو م��ن األمور الطبية‪ ،‬أو م��ن أمور العبادة‬
‫خيرا‪ ،‬ولكن‬
‫– فليس المراد بذلك ُم َج َّرد الخرب‪ ،‬وأن نعلم أن فيه ً‬
‫المراد بذلك‪ :‬أن نفعله ونستعمله‪ ،‬وإذا كان َق ْد ًحا فالمراد بذلك‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫أن نتجنَّبه‪ ،‬ونبتعد عنه‪.‬‬
‫الصبِر‪ :‬هو معروف أنه ت��داوى به العين‪ ،‬لكن بمقياس‬
‫تنبي��ه‪َّ :‬‬
‫معل��وم‪ ،‬وهنا يج��ب التحرز من زيادت��ه؛ ألن��ه إذا زاد ربما يعمي‬
‫(‪)2‬‬
‫العين!‪.‬‬

‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪)586/12‬‬


‫((( الشرح الممتع (‪)407/13‬‬

‫‪138‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬فوائد اإلكتحال ‪L‬‬


‫��ول اهَّلل ِ ‪َ ‬و ُه َو‬ ‫ عن عائِ َش��ةَ‪َ ،‬قا َل ِ‬
‫��ت‪ :‬ا ْك َت َح َل َر ُس ُ‬ ‫َ ْ َ‬
‫َصائِ ٌم‪.‬‬
‫قال اب��ن عثيمين ‪ :‬قوله ‪(:‬اكتح��ل) أي‪ :‬وضع كحالً يف‬
‫عينه والكحل معروف‪ ،‬وأحسن ما يكتحل به اإلنسان اإلثمد‪ ،‬فإن‬
‫اإلثمد يصحح النظر‪ ،‬ويقويه‪ ،‬ويجمل العين‪ ،‬ويشد األجفان‪ ،‬ففيه‬
‫مصالح كثيرة‪ ،‬وقد ذكروا أن زرقاء اليمامة – التي كانت تبصر من‬
‫مس��يرة ثالث��ة أيام – ذكروا أهن��م لما قتلوها وج��دوا عروق عينيها‬
‫كلها مملوءة من اإلثمد‪ ،‬وكان النبي ‪ ‬يكتحل به‪.‬‬

‫ ولكن هل اإلثمد المذكور موجود اآلن‪ ،‬أم ال؟‬


‫ق��ال بعض الن��اس‪ :‬إنه يوج��د اإلثمد األصلي‪ ،‬وقي��ل‪ :‬إنه ال‬
‫يوجد‪ ،‬وإنما هذا يشابه لو ُنه لو َنه‪ ،‬والمرجع يف ذلك إلى األطباء‪،‬‬
‫ف��إذا قال��وا‪ :‬إن يف هذا الموجود يف الس��وق مناف��ع كمنافع اإلثمد‬
‫(‪)1‬‬
‫األصلي فليستعمل‪.‬‬

‫((( شرح بلوغ المرام (‪)212/7‬‬

‫‪139‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫جدا للعين‪،‬‬
‫وقال اب��ن عثيمين ‪ :‬الكحل باإلثمد مفي��د ً‬
‫فإنه ُي ِّ‬
‫نشف الرطوبة‪ ،‬ويجلو البصر‪ ،‬ويقوي العين ‪...‬‬
‫وت��را‪ ،‬أي‪ :‬يكتحل ثال ًثا يف كل‬
‫وينبغي لإلنس��ان أن يس��تعمله ً‬
‫عين‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ظاهرا‪ ،‬لكنه ينفعها باطنًا‪.‬‬
‫ً‬ ‫وقال‪ :‬اإلثمد ال يجمل العين‬
‫***‬

‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪)581/12‬‬


‫قال ابن حجر‪ :‬رواه ابن ماجة بإسناد ضعيف‪ ،‬وقال الرتمذي‪ :‬ال يصح يف هذا الباب شيء‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬التداوي باحلجامة ‪L‬‬


‫��م النَّبِ ُّي ‪‬‬ ‫  َع ِن ا ْب ِ‬
‫��ن َع َّب ٍ‬
‫اس ‪َ ،‬ق َال‪ْ :‬‬
‫اح َت َج َ‬
‫َان َح َر ًاما َل ْم ُي ْعطِ ِه‪.‬‬
‫َو َأ ْع َطى ا َّل ِذي َح َج َم ُه‪َ ،‬و َل ْو ك َ‬
‫��ي‬ ‫ت النَّبِ‬‫ُ‬ ‫ع‬ ‫��ال‪ :‬س ِ‬
‫��م‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫‪،‬‬ ‫��د اهَّلل ِ‬
‫ وع��ن جابِ��ر ب��ن عب ِ‬
‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫‪‬‬ ‫َ َ ْ َ َْ‬
‫��ن َأ ْد ِو َيتِك ُْم ‪َ -‬أ ْو‬ ‫َان فِي َش ٍ ِ‬
‫��يء م ْ‬ ‫ْ‬ ‫��ول‪« :‬إِ ْن ك َ‬ ‫‪َ ‬ي ُق ُ‬
‫��ر َط ِة ِم ْح َجمٍ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫��يء م ْن َأ ْد ِو َيتك ُْم ‪َ -‬خ ْي ٌر‪َ ،‬ففي َش ْ‬
‫ُون فِي َش ٍ ِ‬
‫ْ‬ ‫َيك ُ‬
‫ب َأ ْن‬ ‫ِ‬ ‫ار ُت َوافِ ُق َّ‬ ‫��ل‪َ ،‬أ ْو َل ْذ َع ٍة بِنَ ٍ‬
‫��ر َب ِة َع َس ٍ‬
‫ال��دا َء‪َ ،‬و َما ُأح ُّ‬ ‫َأ ْو َش ْ‬
‫(‪)1‬‬
‫ي»‪.‬‬ ‫َأ ْك َت ِو َ‬
‫ق��ال ابن عثيمي��ن ‪ :‬الحجام��ة عبارة عن‪ :‬إخ��راج الدم‬
‫الفاس��د يف الب��دن‪ ،‬وهي نافع��ة‪ ،‬قرهنا النبي ‪ ‬بالعس��ل‬
‫والك��ي؛ وقال‪« :‬الش��فاء يف ثالث» وذكر منها‪« :‬ش��رطة محجم»‬
‫ِّ‬
‫ولها أطباء معروفون‪ ،‬يعرفون من أين يحجمون‪ ،‬ويف أي موضع‪،‬‬
‫ويعرفون هل اإلنس��ان يحتاج إل��ى حجامة أو ال يحتاج‪ ،‬وقد كان‬
‫كثيرا‪ ،‬وإذا اعتادها اإلنس��ان فإنه ال بد أن يفعلها‪،‬‬
‫الن��اس يفعلوهنا ً‬
‫((( رواه البخاري (‪ )5683‬ومسلم (‪)2205‬‬

‫‪141‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ف��إذا ل��م يفعلها كثر عليه ال��دم‪ ،‬وربما يؤثر علي��ه‪ ،‬حتى إن اإلمام‬
‫أحم��د ‪ ‬قال‪" :‬لو هاج ب��ه الدم وهو صائم يف رمضان فله أن‬
‫يحتجم ويفطر"‪.‬‬
‫ثم إن الحجامة لها مواضع معينة يف البدن‪ ،‬ولها أزمنة معينة من‬
‫الش��هر‪ ،‬فال تفعل يف نصف الش��هر‪ ،‬وال يف أول الشهر‪ ،‬وال يف آخر‬
‫الش��هر يعني ال تفعل حين ضعف الهالل من أول الش��هر أو آخره‪،‬‬
‫وال حي��ن امتالئه بالنور؛ ألن فوران الدم يف األجس��ام له صلة بنور‬
‫القمر‪ ،‬فهو يغار يف أول الشهر ويف آخره‪ ،‬وعند وسطه يزداد فورانه‪،‬‬
‫والحجامة يف هذا ويف هذا ليس��ت جي��دة؛ ألهنا يف حال فوران الدم‬
‫ربم��ا يخرج دم كثير من اإلنس��ان يضره‪ ،‬ويف ح��ال انقباضه وغوره‬
‫ربما تك��ون الحجامة مؤثرة؛ ألن الدم يك��ون أنقص‪ ،‬وقد ذكر ابن‬
‫القي��م ‪ ‬يف "زاد المعاد"‪ :‬األوقات التي ينبغي أن يحتجم فيها‬
‫(‪)1‬‬
‫اإلنسان‪ ،‬فمن أراد أن يطلع عليه فليفعل‪.‬‬
‫وق��ال اب��ن عثيمين ‪ :‬ولك��ن يجب ألاَّ ُيباش��ر ذلك إال‬
‫ح��اذق؛ ألهنا خطرة؛ إذ إن الحجامة تفريغ الدم‪ ،‬وهذا يحتاج إلى‬
‫َمن يعرف الدم الذي يمكن تفريغه‪ ،‬والكمية التي يمكن أن ُتفرغ‪.‬‬

‫((( شرح بلوغ المرام (‪)225/10‬‬

‫‪142‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫لك��ن ه��ذا ليس س��نة‪ ،‬بل م��ن احتاج إل��ى الحجام��ة فله أن‬
‫يت��داوى هبا‪ ،‬ومن لم يحتج فال يحتج��م لكن يقول الناس لنا‪ :‬إن‬
‫اإلنس��ان إذا اعتاد الحجامة فال بد أن يحتجم بمعنى‪ :‬أنه إذا جاء‬
‫وقت هيجان ال��دم يف الربيع والصيف فإنه ال يصرب عن الحجامة‬
‫أبدا‪ ،‬بل تصيبه الدوخة‪ ،‬وربما اإلغماء حتى يحتجم‪ ،‬وأما من لم‬
‫ً‬
‫(‪)1‬‬
‫يعتدها فال يهمه‪.‬‬
‫قال ابن عثيمين ‪ :‬قوله ‪« :‬وشرطة محجم»‬
‫يعني‪ :‬الحجامة‪ ،‬والغريب أننا كنا نسمع من ُ‬
‫قبل أن األطباء ينهون‬
‫عن إخراج الدم مطل ًقا‪ ،‬ولكن الواقع أهنم قالوا ذلك جهالً منهم‪،‬‬
‫وإال ف��إن من األمراض ما ال ينفع فيه إال تفريغ الدم‪ ،‬وهذا ش��يء‬
‫ش��هد به الواق��ع‪ ،‬فعلى هذا نق��ول‪ :‬إن ما جاءت به الس��نة يف مثل‬
‫ه��ذه األمور وإن أنكرها من ٌينْكِرها م��ن الناس فال عربة بإنكاره‪،‬‬
‫وسيأيت الوقت الذي ُي ِق ُّر فيه الناس بما جاء يف كتاب اهلل أو صحت‬
‫به سنة رسول اهلل ‪ ‬ألن هذا أمر ُم َؤكَّد‪.‬‬
‫لك��ن يبقى الح��ذر ممن يحجم‪ ،‬فال ُب َّد أن يك��ون حاذ ًقا؛ ألنه‬
‫ق��د يحج��م يف غير موض��ع الحجامة‪ ،‬وق��د يحج��م يف غير وقت‬

‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪)784/5‬‬

‫‪143‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫الحجامة‪ ،‬وقد يحجم يف شرايين ال ُيمكن أن ُتستخدم يف الحجم‪،‬‬


‫فيحتاج إلى إنسان حاذق ألن األمر خطير‪.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬وكيف نعرف أن الذي يحجم حاذق؟‬
‫قلنا‪ :‬يف هذا طريقان لمعرفة الحذق‪:‬‬
‫الطريق األول‪ :‬الدراسة النظر َّية‪.‬‬
‫الطري��ق الثاين‪ :‬الممارس��ة التجريب َّية‪ ،‬فإن الذين مارس��وا مثل‬
‫هذه األشياء ممارس ًة تجريب َّي ًة يكون عندهم من العلم ما ليس عند‬
‫(‪)1‬‬
‫الذين قرؤوه قراء ًة نظرية‪.‬‬

‫هل احلجامة ُتورث النسيان؟‬

‫  ُسئل ‪ :‬أنا شخص أريد الحجامة ولكني سمعت أن‬


‫الحجامة ُتورث النسيان فما رأي فضيلتكم؟‬

‫الس��نِّية‪ ،‬فإذا كان اإلنس��ان عنده‬


‫اجلواب‪ :‬الحجامة من األدوية ُّ‬
‫ٍ‬
‫وحينئذ يع��رض األمر على‬ ‫كثي��ر فاس��د فال بد م��ن الحجام��ة‬ ‫د ٌم‬
‫ٌ‬
‫طبيب مختص ‪...‬أما أهنا ُتورث النسيان فال‪ ،‬كيف ذلك والرسول‬

‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪) 553/12‬‬

‫‪144‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ ‬يبي��ن أهن��ا م��ن األدوي��ة النافع��ة ونقول‪ :‬إهن��ا ُتورث‬


‫النس��يان؟! هذا ليس بصحيح‪ .‬النسيان من أكرب أسبابه معصية اهلل‬
‫‪ ‬كم��ا قال اهلل تعالى‪( :‬ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬
‫ﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔ‬
‫ﯕ ﯖ ﯗ) ‪.‬‬
‫(‪)2( )1‬‬

‫***‬

‫((( [سورة المائدة‪ :‬آية ‪]13‬‬


‫((( [ لقاءات الباب المفتوح ‪]٥١٦/٩‬‬

‫‪145‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬إيقاف دم اجلروح ‪L‬‬


‫ي‪َ ،‬و َس َ‬
‫��أ َل ُه‬ ‫ِِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫  َع ْن َأبِي َح ِ‬
‫الس��اعد َّ‬ ‫��ه َل ْب َن َس�� ْعد َّ‬ ‫ازمٍ‪َ ،‬سم َع َس ْ‬
‫ي ُج ْر ُح‬ ‫وو َ‬‫ي َش��ي ٍء ُد ِ‬ ‫��د ‪ :-‬بِ َأ ِّ‬‫‪-‬و َم��ا َب ْينِي َو َب ْينَ ُه َأ َح ٌ‬
‫��اس َ‬
‫النَّ ُ‬
‫ْ‬
‫��د َأ ْع َل ُم بِ ِه ِمنِّي‪ ،‬ك َ‬
‫َان‬ ‫��ي ‪‬؟ َف َق َال‪َ :‬ما َب ِق َي َأ َح ٌ‬ ‫ِ‬
‫النَّب ِّ‬
‫الد َم‪،‬‬‫��ه فِ ِيه َما ٌء َو َفاطِ َم ُة َتغ ِْس ُل َع ْن َو ْج ِه ِه َّ‬ ‫جيء بِ ُتر ِس ِ‬
‫َعل ٌّي َي ِ ُ ْ‬
‫ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫َف ُأ ِخ َذ َح ِص ٌير َف ُأ ْحرِ َق َف ُح ِش َي بِ ِه ُج ْر ُح ُه‪.‬‬
‫مما ُيوقف‬
‫ق��ال ابن عثيمي��ن ‪ :‬ويف هذا‪ :‬دليل عل��ى أن َّ‬
‫ال��دم ما ُذكر يف ه��ذا الحديث‪ ،‬وذلك بأن ُيؤخذ حصير – أي‪ :‬من‬ ‫َّ‬
‫خوص النخل – و ُيحرق‪ ،‬ثم ُي َدك به الجرح‪ ،‬ف ُي ْم ِس��ك الدم‪ ،‬وهو‬
‫عملنا هذا‪.‬‬ ‫مجرب‪ ،‬فلما كنَّا صغارا ِ‬
‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ُ َ َّ‬
‫الخ َرق‪ ،‬ثم يذرها عل��ى مكان الجرح‬ ‫��رق ِ‬‫وبع��ض الناس ُي ْح ِ‬
‫فيتوق��ف الدم‪ ،‬أو يأخذ ُعش العنكبوت الذي يكون يف الس��قوف‬
‫ضمد به الجرح‪ ،‬ويقف الدم‪ ،‬لك��ن اآلن ظهرت أدوية‬ ‫س��اب ًقا‪ ،‬و ُي َّ‬
‫(‪)2‬‬
‫ُتوقف الدم تما ًما بدون أي مش َّقة‪ ،‬والحمد هلل‪.‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ )3037‬ومسلم (‪)1790‬‬


‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪)736/1‬‬

‫‪146‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫وقال ابن عثيمين ‪ :‬يحرق الحصير ثم يؤخذ رماده و ُي َذ َّر‬


‫على الجرح فيستمسك الدم وهذا شي ٌء مجرب واستمساكه أشد‬
‫(‪)1‬‬
‫من غيره‪.‬‬
‫وقال اب��ن عثيمين ‪ :‬مع أن ال��دم إذا أدركته يف حرارته‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وضغطت على محل َن ْبعه باإلصبع فإنه يتوقف‪.‬‬
‫َ‬

‫ وقال اب��ن عثيمين ‪ :‬لو قال قائ��ل‪ :‬أيهما أفضل‪ :‬أن‬


‫نستعمل هذا‪ ،‬أو أن نستعمل األدوية الجديدة ؟‬
‫فاجلواب‪ :‬الجديدة أفضل؛ ألهنا أنفع‪ ،‬وهذا لم ُي ْف َعل على سبيل‬
‫التع ُّب��د حتى نقول‪ :‬إننا ن َّتبعه وأنه عبادة‪ ،‬إنما هو من باب العالج‪،‬‬
‫وما دام من باب العالج ُّ‬
‫فكل ما كان أنفع فهو أفضل‪ ،‬ونحن نعلم‬
‫أهنم لو كان عندهم من وس��ائل العالج كما عندنا لم يرتكوها‪ ،‬بل‬
‫(‪)3‬‬
‫كانوا يستعملوهنا‪.‬‬
‫***‬
‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪)206/8‬‬
‫((( التعليق على صحيح مسلم (‪)155/9‬‬
‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪) 606/12‬‬

‫‪147‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬التداوي باحلبة السوداء ‪L‬‬


‫ول‪:‬‬‫ت النَّبِ َّي ‪َ ‬ي ُق ُ‬ ‫ عن عائِ َش�� َة ‪َ ‬أنَّها س ِمع ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫��و َدا َء ش�� َفا ٌء م ْن ك ُِّل َداء‪ ،‬إِلاَّ م َن َّ‬
‫السامِ»‬ ‫«إِ َّن َهذه ا ْل َح َّب َة َّ‬
‫الس ْ‬
‫(‪)1‬‬
‫السا ُم؟ َق َال‪« :‬ا ْل َم ْو ُت»‬
‫ت‪َ :‬و َما َّ‬ ‫ُق ْل ُ‬
‫قال ابن عثيمين ‪ :‬الح َّبة السوداء ُي َس ُّموهنا عندنا يف نجد‪:‬‬
‫«السميراء»‪ ،‬وهي قريبة من الكمون‪ ،‬حتى إنك إذا مضغتها ُت ِ‬
‫ح ُّس‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ َ ْ‬
‫الكمون‪.‬‬ ‫الكمون‪ ،‬لكن ُي َف َّرق بينها وبين ُّ‬
‫بطعم ُّ‬
‫وأخرب النبي ‪ ‬بأن فيها ش��فا ًء‪ ،‬يستشفي هبا كثير من‬
‫أحدا من الناس‬
‫جربة‪ ،‬فإن ً‬
‫الن��اس حتى من الدودة الزائدة‪ ،‬فإهنا ُم َّ‬
‫ذهبوا به إلى المستش��فى‪ ،‬وقالوا‪ :‬إن فيه الزائدة‪ ،‬وال ُب َّد من إجراء‬
‫العملية‪ ،‬وطلبوا من والده أن ُيو ِّقع على الموافقة وعدم المسؤلية‪،‬‬
‫وشفي من ليلته‬‫الس��ميراء‪ ،‬وس��قاه إ َّياها‪ُ ،‬‬
‫فأبى‪ ،‬وقال‪ :‬ال أفعل إال ُّ‬
‫فاء من ُك ِّل ٍ‬
‫داء‬ ‫«ش ٌ‬‫بإذن اهلل‪ ،‬وكالم النبي ‪ ‬عام يف قوله‪ِ :‬‬
‫أي دواء؛‬
‫إال من السا ِم» أي‪ :‬الموت‪ ،‬فإذا جاء الموت فإنه ال ينفع ُّ‬

‫((( رواه البخاري (‪ )5687‬ومسلم (‪)2215‬‬

‫‪148‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫لقوله تعال��ى‪( :‬ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ‬


‫ﯳ)(‪ )1‬لك��ن إذا كان اهلل قد َّ‬
‫مد يف أجل اإلنس��ان جعل له س��ب ًبا‪،‬‬
‫كالدواء مثالً‪.‬‬
‫عدة طرق يف استعمالها يعرفها أطباء العرب‪،‬‬
‫وللحبة السوداء َّ‬
‫وهي تختلف بحسب المرض‪.‬‬
‫ف��إن ق��ال قائل‪ :‬عل��ى ه��ذا الحدي��ث ال حاجة إل��ى مراجعة‬
‫الطبيب!!‬
‫قلنا‪ :‬إذا فعل اإلنسان ذلك مؤمنًا هبذا الحديث فسينتفع هبا إن‬
‫شاء اهلل‪.‬‬

‫ ف��إن قال قائل‪ :‬وهل ُتس��تعمل الحبة الس��وداء يف الجروح‬


‫والكسور؟‬
‫فاجل��واب‪ :‬ال؛ ألن الج��روح ُت ْع َت َب��ر مصائ��ب ظاه��ر ًة‪ ،‬تك��ون‬
‫بالدهن‪ ،‬لكن لو ُت ْج َعل يف زيت أو دهن‪ ،‬و ُتطلى هبا الجروح‪ ،‬فال‬
‫ُّ‬
‫ُيستب َعد أن ُت ْش َفى بإذن اهلل‪.‬‬

‫((( [سورة المنافقون‪ :‬آية ‪]11‬‬

‫‪149‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ف��إن ق��ال قائ��ل‪ :‬ه��ل ه��ذا الحدي��ث ُيخص��ص ق��ول النب��ي‬


‫محجم‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وش��رطة‬ ‫ِ‬
‫ش��ربة عس��لٍ ‪،‬‬ ‫‪« :‬الش��فاء يف ٍ‬
‫ثالثة‪:‬‬
‫وك َّي ِة نا ٍر»؟‬
‫َ‬
‫قلنا‪ :‬قوله ‪« :‬الش��فاء يف ٍ‬
‫ثالثة» المراد به‪ :‬بالنس��بة‬
‫لِم��ا ُي��داوون ب��ه‪ ،‬وليس على س��بيل العم��وم‪ً ،‬‬
‫وأيض��ا فقد يكون‬
‫ش��خص ليس عنده عسل‪ ،‬وال شرطة محجم‪ ،‬ويكون عنده الحبة‬
‫(‪)1‬‬
‫السوداء‪ ،‬أو بالعكس‪.‬‬
‫***‬

‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪)559/12‬‬

‫‪150‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬التداوي بألبان اإلبل وأبواهلا ‪L‬‬


‫اج َت َو ُوا‬ ‫َ��اس ِم ْن ُع��ك ٍ‬
‫ْل َأ ْو ُع َر ْينَ َة َف ْ‬
‫ِ‬
‫َ��س‪َ ،‬ق َال‪َ ( :‬قد َم ُأن ٌ‬ ‫  َع ْن َأن ٍ‬
‫��ر ُبوا ِم ْن‬ ‫ِ‬
‫ا ْل َمدينَ َة َف َأ َم َر ُه ُم النَّبِ ُّي ‪ ‬بِل َقاحٍ ‪َ ،‬و َأ ْن َي ْش َ‬
‫ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫َأ ْب َوالِ َها‪َ ،‬و َأ ْل َبانِ َها ‪)...‬‬

‫ق��ال ابن عثيمي��ن ‪ :‬قوله‪« :‬فاجت��ووا المدين��ة» أي‪ :‬لم‬


‫يصح��وا فيها‪ ،‬ب��ل أصاهبم الم��رض‪ .‬فأمره��م النبي ‪‬‬
‫ُّ‬
‫بلقاح وأن يشربوا من أبوالها وألباهنا ‪..‬‬

‫ وكيف ذلك؟ هل يش��ربون اللب��ن وحده والبول وحده‪ ،‬أو‬


‫ُيخلط؟‬
‫نقول‪ :‬المعروف أن��ه ُيخلط‪ ،‬وقد كان الناس يتداوون بذلك‪،‬‬
‫وأكث��ر َمن يتداوى ب��ه َمن ُيصاب ب��داء البطن؛ ألن��ه أحيا ًنا ينتفخ‬
‫ويمتلئ ما ًء يف غير المعدة‪ ،‬وهذا بإذن اهلل من أس��باب الش��فاء إذا‬
‫(‪)2‬‬
‫اس ُت ْع ِمل‪.‬‬
‫((( رواه البخاري (‪)233‬‬
‫=‬ ‫ ‬
‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪)714/1‬‬

‫‪151‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬من منافع النخلة ‪L‬‬


‫��جرِ‬ ‫الش َ‬ ‫  َع ِن ا ْب ِن ُع َم َر‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِّي ‪َ ‬ق َال‪« :‬إِ َّن ِم َن َّ‬
‫��لمِ‪َ ،‬ح ِّد ُثونِي َما‬ ‫َش��جر ًة لاَ يس�� ُق ُط ور ُق َها‪ ،‬وإِن ََّها م َث ُل ا ْلمس ِ‬
‫ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ َْ‬
‫ادي‪َ ،‬ق َال َع ْب ُد اهَّللِ‪:‬‬ ‫ِهي؟» َق َال ‪َ :‬فو َقع النَّاس فِي َش��جرِ ا ْلبو ِ‬
‫َ ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت‪ُ ،‬ث َّم َقا ُلوا‪َ :‬ح ِّد ْثنَا‬ ‫اس�� َت ْح َي ْي ُ‬‫َف َو َق َع في َن ْفس��ي َأن ََّها النَّ ْخ َلةُ‪َ ،‬ف ْ‬
‫(‪)1‬‬
‫«ه َي النَّ ْخ َلةُ»‪.‬‬ ‫ول اهَّللِ؟ َق َال‪ِ :‬‬ ‫َما ِه َي َيا َر ُس َ‬

‫= وقد ذكرت الدكتورة فاتن خورشيد عدة سرطانات نجحت فيها أبوال اإلبل فقالت‪ :‬نجحت أبوال‬
‫اإلبل يف سبعة أنواع من السرطانات‪ :‬سرطان الرئة‪ ،‬والقولون‪ ،‬والكبد‪ ،‬والدماغ‪ ،‬والجلد‪ ،‬والثدي‪،‬‬
‫وسرطان لوكينيا‪.‬‬
‫هذه سبعة أنواع اختربناه يف المعمل على الخالية ليست على اإلنسان‪.‬‬
‫وسئلت‪ :‬هل لحليب اإلبل وأبوالها أثر على البهاق ؟‬
‫ُ‬
‫فأجابت‪ :‬بالنسبة المراهم لها تأثير وهي مراهم فقط من أبوال اإلبل‪ ،‬لكن مشكلة البهاق أن عالجه‬
‫طويل المدى ‪...‬‬
‫ونجح المرهم يف البهاق‪ ،‬والصدفية‪ ،‬واألكزيما مئة يف المئة‪.‬‬
‫وذكرت أن حليب اإلبل عليه أبحاث هندية وصينية كثيرة وأبحث عربية ‪( .‬لقاء ثلوثية التويجري)‪.‬‬
‫وقال ابن سينا يف “القانون”‪ :‬أنفعه بول الجمل األعرابي وهو النجيب‪ ،‬وبول اإلبل ينفع من الحزاز‬
‫غسالً به‪ ،‬ويجلو البهق جدً ا‪ ،‬وبول اإلبل شديد النفع من الخشم‪ ،‬ويفتح سداد المصفاة بقوة شديدة‬
‫جدً ا‪ ،‬وينفع يف االستسقاء وصالبة الطحال‪ ،‬السيما مع لبن اللقاح ‪.‬‬
‫((( رواه البخاري (‪)62‬‬

‫‪152‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ ق��ال اب��ن عثيمين ‪ :‬فإن ق��ال قائل‪ :‬ما وجه مش��ابهة‬


‫النخلة للمسلم؟‬
‫قلن��ا‪ :‬وج��ه المش��اهبة ما يف المس��لم وم��ا يف النخلة م��ن كثرة‬
‫ع��دد المنافع يف النخلة‬
‫الخيرات وكثرة المنافع‪ ،‬ولو أن اإلنس��ان َّ‬
‫لوجد فيها ما يربو على العش��رين أو الثالثين من منافعها الكثيرة‪،‬‬
‫فمن ذلك‪:‬‬
‫‪ -1‬يق��ول الن��اس‪ :‬إن��ه ُيطبخ نواه��ا بدون دق‪ ،‬ويك��ون غذا ًء‬
‫للحيوان‪ ،‬ويزيد يف لبن الماشية‪ ،‬وكان الناس يستعملونه إلى زمن‬
‫قريب‪.‬‬
‫‪ُ -2‬يقال‪ :‬إن الماء المطبوخ الذي هو بمنزلة المرق إذا ش��ربه‬
‫اإلنسان الذي ُيصاب بالضغط فإنه ُي َخ ِّفف الضغط‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫‪ -3‬بع��ض الن��اس إذا أكل بصالً َف َرم خ��وص النخل‪ ،‬وعلكه‬
‫شي ًئا ما‪ ،‬ثم تزول رائحة البصل‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫السواري ُت ْع َمل من النَّ ْبع‪.‬‬
‫‪َّ -4‬‬
‫***‬
‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪)221/1‬‬

‫‪153‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬أنواع الربص وبعض أسبابه ‪L‬‬


‫ق��ال ابن عثيمين ‪ :‬الربص‪ :‬ه��و بياض الجلد‪ ،‬وهو من‬
‫األم��راض التي تك��ون وراثية‪ ،‬وقد تكون لس��بب من األس��باب‪،‬‬
‫ومن أكثر أس��باهبا التخم‪ ،‬وهو أن اإلنسان يمأل بطنه‪ ،‬ويخلط فيه‬
‫من األكل‪ ،‬ولهذا قال ش��يخ اإلس�لام ‪ :‬إذا خاف اإلنس��ان‬
‫بأكله التخمة فاألكل عليه حرام‪ ،‬ولو أنه خبز ولحم‪.‬‬
‫أيضا – الروعة والوحش��ة فإهنا تحدث ذلك‪،‬‬
‫وم��ن أس��بابه – ً‬
‫وقد كان الناس فيما س��بق يسافرون يف الليالي المظلمة المخيفة‪،‬‬
‫فأحيا ًنا يصيب بعضهم هذا البالء‪ ،‬وقد يكون بأمر اهلل‪ ،‬ال ُيعلم له‬
‫(‪)1‬‬
‫سبب ‪...‬‬

‫ وحسب ما نرى أن الربص نوعان‪:‬‬


‫مرضا حقيقة‪ ،‬فينش��أ أول ما ينشأ يف اإلنسان جزء‬
‫برص يعترب ً‬
‫جدا‪ ،‬ثم ينتشر يف الجلد كالجرب نسأل اهلل السالمة‪.‬‬
‫صغيرا ً‬
‫ً‬
‫وقس��م آخر ليس عي ًبا فتجد مثالً الجلد أصابه شيء‪ ،‬إما لذعة‬

‫((( الشرح الممتع (‪)216/12‬‬

‫‪154‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫نار أو جرح أو ما أشبه ذلك‪ ،‬أو أنك ال تدري ما السبب لكنه ليس‬
‫مرض‪ ،‬ف�لا يزيد وال يتغير وال يكاد يخلو من��ه أحد ‪ ...‬والغريب‬
‫– سبحان اهلل – أن هذا المرض(الربص) ال يعدي‪ ،‬ولهذا لو كان‬
‫يع��دي لتمك��ن األطباء م��ن معالجته؛ ألن الم��رض الذي يعدي‪،‬‬
‫يعدي بجراثيمه‪ ،‬وإذا علمت الجراثيم أمكن القضاء عليها‪ ،‬ولهذا‬
‫تجد بعض األحيان‬
‫يكون ه��ذا الرجل خاد ًما ألناس‪ ،‬يطبخ غداءهم وعش��اءهم‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ويالمس أوانيهم‪ ،‬وهم سالمون من هذا المرض‪.‬‬
‫س��بب‬
‫ٌ‬ ‫وق��ال اب��ن عثيمي��ن ‪ :‬فمن ال�برص ما يكون له‬
‫ح��ادث‪ ،‬ال يتعل��ق بالوراث��ة‪ ،‬ومنه م��ا يك��ون وراث ًيا‪...‬وهو الذي‬
‫يكون ش��امالً للجلد ك ِّله‪ ،‬ويكون موجو ًدا مع اإلنس��ان من أصل‬
‫الخلقة ومنه الذي يحدث من الوحشة‪ ،‬أو من تغير المزاج(‪.)2‬‬ ‫ِ‬

‫***‬

‫((( الشرح الممتع (‪)216/12‬‬


‫((( التعليق على المنتقى (‪.)٣١٩/٤‬‬

‫‪155‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬أضرار ضيق النفس واحلزن ‪L‬‬


‫ ق��ال تعال��ى‪( :‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﯓ‬
‫ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ) (‪.)1‬‬
‫الص��در‪ :‬ع��دم انش��راحه‬ ‫ِ‬
‫ق��ال اب��ن عثيمي��ن ‪ :‬وضي��ق َّ‬
‫فطري أن اإلنسان إذا ُخولف فسوف َيضيق‬
‫ٌّ‬ ‫أمر‬
‫وانبس��اطه‪ ،‬وهذا ٌ‬
‫ص��دره‪ ،‬كما كان الرس��ول ‪ ‬يضيق ص��دره‪ ،‬ولكن اهلل‬
‫تعالى ُي َس�� ّلي ُر ُسله؛ لئال تضيق صدورهم وال يحزنوا على هؤالء‬
‫والر ُسل ُيب ِّلغون‬
‫المكذبين؛ ألن لهم يو ًما يحاسبهم اهلل تعالى فيه‪ُّ ،‬‬
‫فقط‪.‬‬
‫الصدر من أسباب حدوث الضغط‪ ،‬ولهذا‬
‫ويقولون‪ :‬إن ضيق َّ‬
‫ينصح��ون المصابين بالضغط بأن ي َت َجنَّ ُب��وا الغضب‪ ،‬وما يحزهنم‬
‫ويضيق ُص ُدورهم فهذا يف الحقيقة هو الواقع؛ ألن الضغط يستلزم‬
‫الصدر‪ ،‬وضيق التن ُّفس‪ ،‬وضيق األرض على اإلنس��ان‪ ،‬فإذا‬ ‫ِ‬
‫ضيق َّ‬
‫عود نفسه‬ ‫ِ‬
‫عرض نفس��ه ل َما يفعل به ذلك ازداد عليه الضغط‪ ،‬فإذا ّ‬
‫ّ‬

‫((( [سورة الشعراء‪ :‬آية ‪]13‬‬

‫‪156‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ُ‬
‫يحصل‬ ‫ِ‬
‫االكرتاث يف الن��وازل؛ فإنه‬ ‫االنبس��اط واالنش��راح وعدم‬
‫ٍ‬
‫س��رور‪ ،‬ال س�� ِّيما إذا كان محتس ًبا ومؤمنًا‬ ‫دائما يف‬
‫كثير ويبقى ً‬
‫خير ٌ‬‫ٌ‬
‫(‪)1‬‬
‫بالقدر‪.‬‬
‫وق��ال الش��يخ ‪ - ‬وه��و يذك��ر ح��االت خ��روج المرأة‬
‫المحادة من المنزل ‪ : -‬أن يكون لحاجة ‪...‬مثل إذا ضاق صدرها‬
‫فإهنا تخرج إلى جارهتا يف البيت لتس��تأنس هبا يف النهار فقط؛ ألن‬
‫(‪)2‬‬
‫أزمة ضيق الصدر قد تتطور إلى مرض نفسي‪.‬‬
‫***‬

‫((( تفسير سورة الشعراء (ص‪) 44 :‬‬


‫((( الشرح الممتع (‪)413/13‬‬

‫‪157‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬من أسباب البكاء ‪L‬‬


‫ت‪َ :‬خ َر ْجنَا َم َع النَّبِ ِّي ‪،‬‬ ‫  َع ْن َعائِ َش�� َة ‪َ ‬قا َل ْ‬
‫ف َأ ْو َقرِي ًب��ا ِمنْ َها‪،‬‬
‫��ج‪َ ،‬ح َّت��ى إِ َذا ُكنَّا بِ َس��رِ َ‬
‫َ��رى إِلاَّ ا ْل َح َّ‬
‫َولاَ ن َ‬
‫��ي النَّبِ ُّي ‪َ ‬و َأنَا َأ ْبكِي‪َ ،‬ف َق َال‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫خ‬‫َ‬ ‫د‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫ت‬‫ُ‬ ‫ض‬‫ْ‬ ‫ِ‬
‫ح‬
‫��م‪َ ،‬ق َال‪« :‬إِ َّن‬
‫ت‪َ :‬ن َع ْ‬ ‫ت‪ُ :‬ق ْل ُ‬‫��ت؟» َي ْعنِ��ي ا ْل َح ْي َضةَ‪َ .‬قا َل ْ‬ ‫«أن َِفس ِ‬
‫َ ْ‬
‫(‪)1‬‬
‫ات آ َد َم ‪»...‬‬ ‫ه َذا َشيء َك َتبه اهَّلل ع َلى بنَ ِ‬
‫ْ ٌ َُ ُ َ َ‬ ‫َ‬
‫قال ابن عثيمين ‪ :‬قولها‪( :‬فدخل علي النبي ‪‬‬
‫وأنا أبكي) فيه دليل على جواز البكاء لإلنسان إذا فاته ما يحب‪ ،‬كما‬
‫أنه يبكي إذا حصل عليه ما يكره‪ ،‬فسبب البكاء‪ :‬إما فوات محبوب‪،‬‬
‫وإما حصول مكروه‪ ،‬وقد يبكي اإلنسان من حصول محبوب كما‬
‫أبي بن كعب ‪ ‬حين قال له النبي ‪« :‬إن اهلل‬ ‫بكى ُّ‬
‫��ماين لك؟ قال‪« :‬نعم»‬
‫أو َس َّ‬
‫أم��رين أن أقرأ عليك (لم يكن) فقال‪َ :‬‬
‫فبكى ‪‬؛ قالوا‪ :‬هذا بكاء من الفرح‪ ،‬فأسباب البكاء متعددة‪.‬‬
‫وذك��ر ‪ ‬م��ن فوائ��د ه��ذا الحدي��ث‪ :‬حس��ن خل��ق الني‬

‫((( رواه مسلم (‪1211‬‬

‫‪158‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ ‬ال��ذي ينبغي أن يتأس��ى به فيه‪ ،‬وهو تس��لية اإلنس��ان‬


‫بما يصيبه من األحزان‪ ،‬فإنه إذا ُس�� ِّلي بذلك ُس ِّري عنه‪ ،‬وزال عنه‬
‫األلم‪ ،‬ووجه التس��لية‪ :‬أنه قال‪« :‬إن هذا ش��ي ٌء كتبه اهلل على بنات‬
‫بك‪ ،‬ومعلوم أن اإلنس��ان يتأس��ى بغيره‪،‬‬‫آدم» يعن��ي‪ :‬ليس خاصا ِ‬
‫ًّ‬
‫ويتس َّلى فلهذا قال لها النبي ‪ ‬ذلك‪ ،‬وتقول الخنساء يف‬
‫رثاء أخيها صخر‪:‬‬
‫ِ‬
‫�ي‬‫�ن َح� ْ�ول� ِ‬
‫��ر ُة ال� َب��اك��ي� َ‬ ‫َف�� َل ْ‬
‫��ولاَ كَ�� ْث َ‬
‫�ت َن ْف ِسي‬
‫�م َل� َق� َت� ْل� ُ‬ ‫َع� َل��ى إِ ْخ��وانِ� ِ‬
‫�ه� ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وم��ا ي�ب� ُك� َ ِ‬
‫�ون م� ْث� َ�ل َأخ��ي َو َل��ك� ْ‬
‫�ن‬ ‫ََ َ ْ‬
‫�س َع��نْ�� ُه بِ��ال � َت� َ�أ ِّس��ي‬
‫ُأ َس�� ِّل��ي ال �نَّ � ْف� َ‬
‫وق��د أش��ار اهلل تعالى إلى هذا المعن��ى يف قوله تعالى‪( :‬ﮆ‬
‫(‪)1‬‬
‫ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ)‬
‫فالع��ادة أن اإلنس��ان إذا اش�ترك معه غيره يف عذاب��ه أو عقابه نفعه‬
‫ذل��ك‪ ،‬وتس�� َّلى به‪ ،‬لكن أه��ل الن��ار ال ينفعهم هذا‪ ،‬نس��أل اهلل أن‬
‫(‪)2‬‬ ‫ُي ِع َ‬
‫يذنا وإياكم منها‪.‬‬
‫((( [سورة الزخرف‪ :‬آية ‪]39‬‬
‫((( التعليق على صحيح مسلم (‪)137/6‬‬

‫‪159‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬فوائد البكاء إذا أتى ما ُيوجبه ‪L‬‬


‫ين َع َلى َأبِي ُس�� َل ْي َم َ‬‫ِ‬
‫ان‪َ ،‬ما َل ْم‬ ‫��ر ‪َ :‬د ْع ُه َّن َي ْبك َ‬ ‫  َق َال ُع َم ُ‬
‫ْ َ َ ْ َ َ (‪)1‬‬
‫َيك ُْن َنق ٌع أ ْو لقلقةٌ‪.‬‬

‫ق��ال ابن عثيمين ‪ :‬ويؤخذ من هذا‪ :‬أنه ال بأس أن يبكي‬


‫اإلنس��ان عل��ى الميت إذا ل��م يكن نياح��ة‪ ،‬لكن هل ع��دم البكاء‬
‫أفضل؟‬

‫اجل��واب‪ :‬هذا يرجع إلى حال اإلنس��ان‪ :‬هل ع��دم بكائه لكونه‬
‫قاس��ي القلب‪ ،‬أو لكونه يتص َّبر ويحتمل؟ لكن إذا أتى اإلنسان ما‬
‫تنفيس��ا عن النفس‪،‬‬
‫ُيوج��ب الب��كاء ينبغي أن يبكي؛ ألن يف البكاء ً‬
‫وإذا لم يب ِ‬
‫ك بقي مغمو ًما‪ ،‬ومن َث َّم قيل‪ :‬ينبغي إذا بكى الصبي ألاَّ‬ ‫َْ‬
‫ُت َس�� ِّكته‪ ،‬بل اترك��ه يقضي هنمته من البكاء؛ لكي ال يبقى يف نفس��ه‬
‫(‪)2‬‬
‫التحسر‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫شيء من‬

‫((( رواه البخاري معل ًقا‪ ،‬كتاب الجنائز (باب ما يكره من النياحة على الميت)‬
‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪)570/4‬‬

‫‪160‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫فوائد البكاء للصيب‪:‬‬


‫وقال ابن عثيمين ‪ :‬البكاء معروف‪ ،‬وله أسباب معروفة‪:‬‬
‫فتارة يكون س��ببه اإليالم والحزن‪ ،‬وتارة يكون سببه عكس ذلك‪،‬‬
‫أي‪ :‬الفرح واالنبساط والسرور‪ ،‬فكم من إنسان بكى حينما ُب ِّش َر‪،‬‬
‫وكم من إنس��ان بكى حينما َحزن‪ ،‬والغالب‪ :‬أنه يكون من الحزن‬
‫واأللم وما أشبه ذلك‪.‬‬

‫كثير؛ ألهنم ال يستطيعون أن يعربوا عن أنفسهم‬


‫وبكاء الصبيان ٌ‬
‫باألل��م أو الح��زن إال هبذه الطريق‪ ،‬وهذه الطريق فطرية يتس��اوى‬
‫فيها بنو آدم كلهم عرهبم وعجمهم‪.‬‬

‫خصوصا‬
‫ً‬ ‫ق��ال أهل العل��م‪ :‬وبكاء الصب��ي فيه فائدة عظيم��ة‪،‬‬
‫الصغ��ار الذي��ن يف المهد؛ يقول��ون‪ :‬ألن الصغار لما ل��م يتمكنوا‬
‫م��ن الس��ير على األق��دام وتحريك ال��دم وفتح األمع��اء جعل اهلل‬
‫ال عن الرياضة بالق��دم واليد‪ ،‬فهو ُي َف ِّتح‬
‫‪ ‬ه��ذا البكاء بد ً‬
‫األمعاء‪ ،‬وينشط الجسم‪ ،‬و ُي ِ‬
‫جري الدم(‪.)1‬‬

‫((( شرح بلوغ المرام (‪.)387/2‬‬

‫‪161‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ التفصيل يف إسكات الطفل إذا بكى‪:‬‬

‫وق��ال اب��ن عثيمي��ن ‪ :‬أما بالنس��بة للصغ��ار الذين فوق‬


‫ذلك‪ ،‬فإن اإلنس��ان يتألم إذا س��معهم يبكون – ال ش��ك – رحم ًة‬
‫هبم وشفقة‪ ،‬لكن‪:‬‬

‫  هل األولى أن يدعهم حتى يس��كتوا وتطيب نفوس��هم من‬


‫البكاء أو األولى أن يهدئهم؟‬

‫اجل��واب‪ :‬أرى – والعل��م عن��د اهلل ‪: -‬إذا كان بكاؤه��م لطلب‬


‫االنتقام‪ ،‬فإهنم يرتكون؛ ألنه ال تطيب نفوس��هم إال هبذا‪ ،‬ولو أنك‬
‫حاولت إسكاهتم انكبتت نفوسهم‪ ،‬أما إذا كان عن ألم ونحو ذلك‬
‫(‪)1‬‬
‫فهنا ينبغي أن تحاول إسكاهتم بكل طريقة‪.‬‬

‫مضرة زجر األطفال‪:‬‬

‫ وق��ال ابن عثيمي��ن ‪ :‬قال تعال��ى (ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬


‫ﮚ)(‪ )2‬داره وأفسح له‪ ،‬ويسر له األمر‪.‬‬

‫((( شرح بلوغ المرام (‪)387/2‬‬


‫((( [سورة الضحى‪ :‬آية ‪]9‬‬

‫‪162‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫أيضا أن نفعل بالصغار فال نقهرهم‪ ،‬فالصغير غير‬


‫وهكذا ينبغي ً‬
‫ممي��ز‪ ،‬فقد يدخل على القوم الكبار من أش��راف البلد ووجهائها‪،‬‬
‫فيكون منه تصرفات غير مسؤولة تجاههم؛ ألنه لم يعقل بعد‪ ،‬وال‬
‫ٌ‬
‫خط��أ‪ ،‬بل عليهم‬ ‫يص��ح للكب��ار أن يزجروهم‪ ،‬ويطردوهم‪ ،‬وهذا‬
‫أن يرتكوه‪ ،‬ويفس��حوا له ليفعل ما يحلو له؛ ألنك إذا قهرته وكب َّته‬
‫ٍ‬
‫نفسية(‪.)1‬‬ ‫تحول ذلك إلى ُع ٍ‬
‫قدة‬ ‫َّ‬
‫***‬

‫((( (دروس وفتاوى الحرمين ‪.)٤٤٨/٥‬‬

‫‪163‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬دواء من أصيب بعني ‪L‬‬


‫��ال‪ :‬لاَ ُر ْق َي َة إِلاَّ ِم ْن َع ْي ٍن‬
‫ان ْب ِن ُح َص ْي ٍن ‪َ ،‬ق َ‬
‫��ر َ‬ ‫ِ‬
‫  َع ْن ع ْم َ‬
‫َأ ْو ُح َم ٍة‪.‬‬
‫قوة خفية تخرج من‬
‫قال ابن عثيمين ‪ :‬والعين‪ :‬عبارة عن َّ‬
‫قلب حاس��د‪ ،‬ال يريد الخير لغيره فيخرج منه هذا الشيء الخبيث‬
‫الحس‪ ،‬وقد‬
‫ِّ‬ ‫و ُيصي��ب المصاب‪ ،‬وهي ح��ق ثابتة يف الش��رع‪ ،‬ويف‬
‫مش��ارا إليها يف قوله تعال��ى‪( :‬ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬
‫ً‬ ‫ج��اءت يف القرآن‬
‫ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ) ‪.‬‬
‫(‪)2( )1‬‬

‫عين أو حمة) العين‪ :‬هي عين‬ ‫وقوله ‪( :‬ال رقية إال مِن ٍ‬
‫الحاس��د‪ ،‬وهي معروفة‪ ،‬والحاسد هو َمن ُملِئ قلبه بمحبة السوء‬
‫غيره‪ ،‬ومن الناس من‬
‫غيره‪ ،‬ويفرح إذا س��يئ ُ‬
‫��ر ُ‬
‫فيغتم إذا ُس َّ‬
‫ُّ‬ ‫للغير‪،‬‬
‫تك��ون نفس��ه خبيث ًة تعت��دي على الغي��ر‪ ،‬فيخرج منها ه��ذا الهواء‬
‫ور َّبما ُي ْهلِكه‪.‬‬
‫المعان‪ُ ،‬‬
‫الخبيث‪ ،‬حتى ُيصيب ُ‬

‫((( [سورة القلم‪ :‬آية ‪]51‬‬


‫((( (شرح البخاري ‪.)٦٣٤/١٢‬‬

‫‪164‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ فإن قال قائل‪ :‬ما صحة ما ُيذكر من أنهم َرصدوا شبه أشعة‬
‫تصدر من العائن؟‬
‫فاجلواب‪ :‬ال أظن ذلك؛ ألن هذه أمور خفية ال ُي ِ‬
‫دركها الخلق‪.‬‬

‫ فإن قال قائل‪ :‬وهل العين تصيب الحيوانات؟‬


‫فاجلواب‪ :‬نع��م‪ُ ،‬تصيب الحيوانات‪ ،‬و ُتصيب الجماد ً‬
‫أيضا‪ ،‬بل‬
‫يس��تطيع‪ ،‬صاحب العين أن يوقف الس��يارة‪ ،‬وهذا ش��يء مشاهد‬
‫و ُم َج َّرب‪.‬‬
‫الم ِعين‪ ،‬و ُيذك��ر أن بعض الناس‬
‫وق��د ُي َؤ ِّثر العائن وإن ل��م َي َر َ‬
‫رأى اله�لال‪ ،‬وكان معه راعي غنم‪ ،‬فلما وصل إلى أصحابه قال‪:‬‬
‫إن الليلة من الشهر‪ ،‬قالوا‪ :‬نحن تراءيناه وال رأيناه‪ ،‬فلما قالوا ذلك‬
‫خاف على نفس��ه‪ ،‬فقال‪ :‬إن الذي رآه ه��و الراعي‪ ،‬والراعي ليس‬
‫وسلِ َم الرجل‪.‬‬
‫وكف الراعي َ‬
‫َّ‬ ‫بحاضر‪ ،‬فأصابوا الراعي بعينهم‪،‬‬

‫ لكن هل تقع العين من الصغير؟‬


‫نق��ول‪ :‬نعم‪ ،‬يمكن أن تقع من��ه‪ ،‬لك��ن إذا كان ُم َم ِّي ًزا‪ ،‬لكن ما‬
‫سمعنا أن الصغار تكون منهم عين‪.‬‬

‫‪165‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫والطريق إلى إزالة هذه المصيبة‪ :‬إما بالقراءة‪ ،‬وهي الرقية وإما‬
‫ب��أن ُيؤ َتى بالعائن فيتوض��أ‪ ،‬و ُيؤخذ ما يتناثر م��ن َوضوئه‪ ،‬و ُيصب‬
‫على رأس المصاب‪ ،‬وعلى ظهره‪ ،‬أو يشرب منه‪ ،‬ف ُيشفى بإذن اهلل‪.‬‬
‫أيضا‪ :‬أنه إذا ُأخذ ش��يء من ثيابه‬ ‫وم��ن المجرب عند الن��اس ً‬
‫��ع يف ماء‪،‬‬ ‫الت��ي تلي جس��ده من فانيل��ة أو طاقي��ة أو غيرها‪ِ ،‬‬
‫ووض َ‬ ‫ُ‬
‫وشربه المصاب‪ ،‬أو ُم ِس َح به‪ ،‬أو ُصب عليه فإنه يربأ بإذن اهلل‪ ،‬ولو‬
‫كان ذلك بعد زمن ما دامت العين باقيةً‪.‬‬
‫��ط من عقاله‪،‬‬‫بلحظة كبعير ُن ِش َ‬
‫ٍ‬ ‫وال�براءة من هذه اإلصابة تأيت‬
‫ويقول��ون‪ :‬إن��ه إذا م��ات العائن يزول أث��ر العي��ن‪ ،‬وال ندري عن‬
‫نائما ذهب يصلي‬
‫صحة ذلك‪ ،‬ولهذا بعض الناس إذا رأى العائن ً‬
‫عليه صالة الجنازة‪ ،‬لكن هذا ال ُيفيد‪،‬‬
‫فإن لم ُيعرف العائن فال عالج حينئذ إال الرقى(‪.)1‬‬
‫وق��ال ابن عثيمي��ن ‪ :‬اعلم أن العين فيها عالج ش��رعي‬
‫وعالج عادي‪ ،‬أما العالج الش��رعي ف��أن يتوضأ العائن‪ ،‬ثم ُيعطي‬
‫��ب على رأس��ه وظهره‪ ،‬ويتمس��ح به‪ ،‬وأ َّم��ا العالج‬
‫المع��ان‪ُ ،‬ي َص ُّ‬
‫الع��ادي ُّ‬
‫فكل ما اعتاده الناس وجربوه‪ ،‬وهذا ُم َج َّرب أن يأخذ من‬

‫((( (شرح البخاري ‪.)٥٧٤/١٢‬‬

‫‪166‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫َعرقه أو من ريقه‪.‬‬

‫ لكن هل ُيشترط إذا أخذ من العائن شيء أال يعلم بذالك؟‬


‫اجلواب‪ :‬ال‪ ،‬ال ُيش�ترط؛ ألن الرس��ول ‪ ‬أمر الرجل‬
‫الذي عان آخر أن يتوضأ‪.‬‬

‫السيء بغيره؟‬
‫ وههنا مسألة‪ :‬هل ُيؤاخذ اإلنسان بالظن ِّ‬
‫ُ‬
‫العمل ال يج��وز إال إذا ُوجدت قرائ ُن؛‬ ‫اجل��واب‪ :‬أن نقول‪ :‬هذا‬
‫ولهذا قال اهلل ‪ ‬يف القرآن‪( :‬ﭘﭙﭚﭛ) (‪ )1‬ولم يقل‪:‬‬
‫إن ك َّله‪ ،‬أو إن الظن إثم؛ ألن بعض الظن ال يكون ً‬
‫إثما‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫ فائدة‪:‬‬
‫ ق��ال ابن عثيمين ‪ :‬فإن ق��ال قائل‪ :‬وهل تكون العين‬
‫صف ًة موروثةً؟‬
‫صاحب العين له أوالد كذلك‪ ،‬ولهذا‬
‫ُ‬ ‫نقول‪ :‬نع��م‪ ،‬فقد يكون‬
‫أشد‬ ‫نس��مع أن هناك ُأ ً‬
‫ناس��ا كان آباؤهم أهل عين‪ ،‬وصار بعضهم َّ‬
‫من آبائهم‪.‬‬
‫((( [سورة الحجرات‪ :‬آية ‪]12‬‬
‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪)554/6‬‬

‫‪167‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ فإن ق��ال قائل‪ :‬وهل هن��اك عالمات ُيع��رف بها المصاب‬


‫بالعين؟‬

‫نقول‪ :‬نعم‪ ،‬فأحيا ًنا ُيش��اهد المصاب بالعي��ن العائن يف منامه‬


‫أنه اعتدى عليه‪ ،‬أو ألقى عليه أفعى‪ ،‬أو ما أش��به ذلك‪ ،‬وأحيا ًنا إذا‬
‫كانت ش��ديدة ُيغمى عليه‪ ،‬وتجده يتكلم بفالن وفالن وهو مغمى‬
‫علي��ه‪ ،‬وأحيا ًنا يكون الرجل الذي أصاب��ه بالعين قد تكلم بكالم‪،‬‬
‫ف َعلِ َم��ه هذا‪ ،‬فعرف أنه أصابه بعينه‪ ،‬فإن ل��م َي ِ‬
‫در من عانه بالتعيين‬
‫يتحرى‪ ،‬وله أن يستغسلهم ك َّلهم؛ ألن االحتياط ال ُّ‬
‫يضر‪.‬‬ ‫فإنه َّ‬
‫وقال ابن عثيمين ‪ :‬قال بعض العلماء‪ :‬ينبغي لإلنس��ان‬
‫ال؛ خو ًفا عليه من العين‪ ،‬وقد ذكر ابن‬
‫ال يزيد نفس��ه جما ً‬
‫الجميل أ َّ‬
‫القي��م ‪ ‬يف (زاد المعاد) أن عثمان ‪ ‬رأى صب ًّيا‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫سودوا ُنون َته لئال ُتصيبه العين‪ ،‬والنونة قالوا‪ :‬إهنا النُّقرة التي تكون‬
‫ِّ‬
‫إما يف العنفقة‪ ،‬أو يف الخد عندما يضحك اإلنسان ينحفر‪ ،‬فإن هذا‬
‫أحد أن يصيبه بالعين(‪.)1‬‬ ‫ُيعطي جما ً‬
‫ال‪ ،‬ف ُيخشى أذا رآه ٌ‬

‫((( (شرح البخاري ‪)٦٣٧/١٢‬‬

‫‪168‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫أمراض ال تنفع فيها األدوية احلسية‪:‬‬


‫وق��ال ابن عثيمين ‪ :‬هناك أم��راض ال ينفع فيها األدوية‬
‫الحسية‪ ،‬مثل األمراض النفسية‪ ،‬فال ينفع فيها إال القراءة‪ ،‬والطبيب‬
‫تجده يكش��ف على المريض عدة مرات ثم يقول‪ :‬ليس فيه شيء‪،‬‬
‫هذا ال ينفع فيه إال القراءة‪ ،‬وليعلم أن الذي يشك يف قراءة القارئ‬
‫أو يف نفثه ال يس��تفيد‪ ،‬لكن ال ندري هل هو يش��ك يف هذا باعتبار‬
‫(‪)1‬‬
‫الدواء الذي هو اآليات‪ ،‬أو باعتبار القارئ‪.‬‬
‫***‬

‫((( تفسير سورة المائدة (‪)٢٨٠/١‬‬

‫‪169‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫بالر َقى ‪L‬‬


‫‪ J‬االستشفاء ُّ‬

‫ث َع َلى‬ ‫َان َينْ ِف ُ‬


‫  َع ْن َعائِ َش�� َة ‪َ ،‬أ َّن النَّبِ َّي ‪ ‬ك َ‬
‫ات‪َ ،‬ف َل َّما َث ُق َل‪،‬‬ ‫ات فِ ِيه بِا ْلمع��و َذ ِ‬ ‫ض ا َّل ِذي َم َ‬ ‫��ه فِي ا ْل َم َر ِ‬ ‫َن ْف ِس ِ‬
‫ُ َ ِّ‬
‫ث َع َل ْي ِه بِ ِه َّن‪َ ،‬و َأ ْم َس ُح بِ َي ِد َن ْف ِس ِه لِ َب َركَتِ َها‪.‬‬
‫ت َأن ِْف ُ‬‫ُكنْ ُ‬
‫ق��ال اب��ن عثيمي��ن ‪ :‬يف ه��ذا الحدي��ث‪ :‬دلي��ل على أن‬
‫��وذات يف‬
‫الرس��ول ‪ ‬كان ينف��ث على نفس��ه هبذه الم َع ِّ‬
‫واحرتازا هبن من الش��يطان الرجيم‪ ،‬بل‬
‫ً‬ ‫المرض؛ استش��فا ًء هب��ن‪،‬‬
‫ومن كل شيء‪.‬‬

‫ شروط الرقية‪:‬‬
‫قال ابن عثيمين ‪ُ :‬يشرتط يف الرقية شروط‪:‬‬
‫الشرط األول‪ :‬ألاَّ تتضمن شركًا‪ ،‬فإن تضمنت شركًا فهي حرام‪،‬‬
‫كما لو كان يدعو الشياطين‪ ،‬أو يدعو األولياء‪ ،‬أو ما أشبه ذلك‪.‬‬
‫الش��رط الثاين‪ :‬أن تكون معلومة المعن��ى‪ ،‬فإن كانت مجهولة‬
‫القارئ إال ُيربر فقط‪ ،‬فإنه ال يجوز حتى‬
‫ُ‬ ‫��مع‬
‫كالطالس��م‪ ،‬أو ال ُي ْس َ‬
‫ُيعرف معناها‪.‬‬
‫‪170‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ وهل نشترط أن تكون باللغة العربية؟‬


‫نق��ول‪ :‬ال‪ ،‬إذا ل��م تكن من القرآن فليس بش��رط‪ ،‬لكن إن كان‬
‫يقرأ على ش��خص عربي فلتكن بالعربية؛ ليفهم ماذا يقرأ عليه به‪،‬‬
‫وإال فليس بالزم‪ ،‬فتجوز ولو بغير العربية‪.‬‬

‫بالرقى يش��مل َّ‬


‫كل‬ ‫ وقال ‪ :‬ف��إن قيل‪ :‬وهل التداوي ُّ‬
‫األمراض؟‬

‫فاجل��واب‪ :‬نع��م‪ ،‬حتى الج��روح‪ ،‬فإن الت��ي ُت َس َّ‬


‫��مى «القوبة» أو‬
‫«النمل��ة» وهي‪ :‬أم��راض جلدية‪ ،‬كأهنا النملة تمش��ي على الجلد‪،‬‬
‫تحك اإلنس��ان بش��دة‪ ،‬وتنفر‪ ،‬وتكون فيها ُحبيبات حمراء‪ ،‬وربما‬
‫تك��ون جوانبها فيها صف��رة‪ ،‬وهي ُت ِ‬
‫ؤذي اإلنس��ان‪ .‬فهذه ينفع فيها‬
‫(‪)1‬‬
‫أن تكت��ب عليها قوله تعالى‪( :‬ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ)‬
‫وال يمضي أسبوع أو أسبوعان إال وقد ج َّفت وذهبت‪ ،‬وهذا شيء‬
‫جرب ُتها أنا‪.‬‬
‫ُم َج َّرب‪ ،‬وقد َّ‬
‫ فإن قال قائل‪ :‬كيف يكتبها وهو سوف يدخل الخالء؟‬
‫يضر؛ ألهنا آية على عضو‪ ،‬وليس��ت قرآ ًنا‪ ،‬وهذا‬
‫قلنا‪ :‬ه��ذا ال ُّ‬
‫((( [سورة البقرة‪ :‬آية ‪]266‬‬

‫‪171‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫(‪)1‬‬
‫كما يكون مع اإلنسان أحيا ًنا كتاب أو نقود‪.‬‬

‫وسئل ‪ :‬ما حكم النقث يف الماء؟‬


‫ ُ‬
‫اجلواب‪ :‬النفث يف الماء على حكمين‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن ي��راد هبذا النفخ التربك بريق النافث‪ ،‬وهذا ال ش��ك‬
‫أنه حرام‪ ،‬ونوع من الش��رك؛ ألن ريق اإلنس��ان ليس س��ببا للربكة‬
‫والشفاء‪ ،‬وال أحد يتربك بآثاره إال محمد رسول اهلل ‪،‬‬
‫أما غيره فال يتربك بآثاره ‪....‬‬
‫الثاين‪ :‬وهو القس��م الثاين من النفث‪ :‬كأن ينفت اإلنسان بريق‬
‫تال فيه القرآن مثل أن يقرأ الفاتحة‪ ،‬والفاتحة رقية‪ ،‬وهي من أعظم‬
‫م��ا يرقى ب��ه على المريض‪ ،‬يرقى هبا يف الم��اء فإن هذا ال بأس به‪،‬‬
‫وقد فعله بعض الس��لف‪ .‬وهو أيضا مجرب ونافع بإذن اهلل‪ ،‬ولقد‬
‫كان النبي ‪ ‬ينفخ يف يديه عن نومه بـ (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ‬
‫ﭕ)‪ ،‬و(ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ)‪ ،‬و(ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ‬
‫ﮄ)‪ ،‬فيمسح هبما وجهه وما استطاع من جسده ‪.)2(‬‬

‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪) 627/12‬‬


‫((( دروس وفتاوى الحرمين (‪.)٥٧٠/١٤‬‬

‫‪172‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ وقال ابن عثيمين ‪ :‬مس��الة‪ :‬هل الماء الذي ُي ْق َرأ فيه‬


‫له حكم الرقية؟‬
‫نقول‪ :‬الظاهر أنه ينفع بإذن اهلل؛ ألنه صح عن السلف‪ ،‬وروى‬
‫أبو داود فيه حدي ًثا عن رس��ول اهلل ‪ ،‬فإذا فعله اإلنسان‬
‫فال بأس‪ ،‬ولكن بشرط أن يغلب على ظنِّه أنه ليس فيه مرض‪ ،‬فإن‬
‫(‪)1‬‬
‫كان فيه مرض ُفربما يزيد ري ُقه هذا المريض ً‬
‫مرضا‪.‬‬

‫وس��ئل ‪ :‬ما هي أفضل الطرق للعالج بالقرآن؟ وما‬


‫ ُ‬
‫صفة الرقية الشرعية؟‬
‫اجلواب‪ :‬أحس��ن ش��يء يقرأ به على المري��ض الفاتحة‪ ،‬فينفث‬
‫اإلنس��ان على المريض ويقرؤها‪ ،‬وهذا من أكرب أس��باب الشفاء‪،‬‬
‫سواء كان المرض عضو ًيا أو ذهن ًيا أو فكر ًيا أو أي شيء‪ .‬فالفاتحة‬
‫ه��ي م��ن أكرب أس��باب العالج‪ ،‬بل ه��ي أفضل ع�لاجٍ يعالج به يف‬
‫القراءة(‪.)2‬‬
‫***‬
‫((( التعليق على البخاري (‪)630/12‬‬
‫((( دروس وفتاوى الحرمين (‪.)٥٧٥/١٤‬‬

‫‪173‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬حقيقة التوكل واجلمع بينه وبني العمل باألسباب ‪L‬‬


‫ قال تعالى‪( :‬ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ) (‪.)1‬‬
‫عمن ِسواه‪.‬‬
‫قال ابن عثيمين ‪ :‬حسبي اهلل‪ ،‬اي‪ :‬كافيني َّ‬
‫وقول��ه‪( :‬ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ) الت��وكل هو االعتماد‬
‫عل��ى اهلل ‪ ‬اعتم��ا ًدا حقيق ًي��ا صاد ًق��ا يف جل��ب المناف��ع ودفع‬
‫المضار مع الثقة به‪ ،‬هذا هو التوكل‪ ،‬وهو من العبادة الخاصة باهلل‬
‫ِّ‬
‫تعالى كما قال اهلل تعالى‪( :‬ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ)(‪ )2‬اي‪:‬‬
‫على اهلل تعالى وحده‪.‬‬

‫ وذكر رمحه اهلل تعاىل فوائد من هذه اآلية ومنها‪:‬‬

‫‪ -1‬وجوب إفراد اهلل تعالى بالتوكل‪.‬‬

‫‪ -2‬وجوب اعتماد اإلنسان على اهلل تعالى لقوله تعالى‪( :‬ﯥ‬


‫ﯦ ﯧ) أي‪ُ :‬قلها باللسان ُم ً‬
‫عقدا إ ّياها بقلبك‪.‬‬

‫((( [سورة الزمر‪ :‬آية ‪]38‬‬


‫((( [سورة آل عمران‪ :‬آية ‪]122‬‬

‫‪174‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ -3‬أن أحق من يتوكل عليه هو اهلل تعالى لقوله تعالى‪( :‬ﯩ‬


‫ﯪ ﯫ ﯬ)‪.‬‬

‫ فإن قال قائل‪ :‬هل تحقيق التوكل ُينايف فعل األسباب؟‬


‫فاجل��واب‪ :‬ال‪ ،‬إال إذا َتع��ذرت األس��باب ولم يب��ق إال التوكل‪،‬‬
‫فحينئذ يكون هو س��بب األسباب‪ ،‬فاإلنسان مأمور بفعل السبب‪،‬‬ ‫ٍ‬

‫مقدورا عليه لم يبق‬


‫ً‬ ‫فإذا فعله ولم ُيفد أو لم يكن الس��بب موجو ًدا‬
‫إال التوكل‪.‬‬

‫ وإن ق��ال‪ :‬م��ا ه��و الدليل عل��ى أن فعل األس��باب ال ُينايف‬


‫التوكل؟‬
‫ٍ‬
‫محمد ‪ ‬فإنه‬ ‫ُقلنا‪ :‬وقوع ذلك من س��يد المتوكلين‬
‫‪ ‬كان يأخ��ذ باألس��باب‪ ،‬فيأكل ليندف��ع عنه الجوع‪،‬‬
‫ويش��رب ليندفع عنه العطش‪ ،‬ويتدرع بال��دروع يف الحرب ليتقي‬
‫بذلك السهام‪ ،‬بل إنه ‪ ‬يف أحد ظاهر بين ِدرعين ألن‬
‫ذلك أق��وى يف الصيانة والحماية‪ ،‬وش��ق الخندق على المدينة يف‬
‫غ��زوة األحزاب من ًع��ا للعدو من دخول المدينة‪ ،‬والش��واهد على‬
‫هذا كثيرة‪.‬‬
‫‪175‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ولكن نقيد األس��باب بأن يثبت كوهنا سب ًبا شر ًعا أو ِح ًسا‪ ،‬فال‬
‫ُبد أن يثبت كوهنا سب ًبا إما عن طريق الشرع‪ ،‬وإما عن طريق الحس‬
‫والتجارب‪ ،‬فأما مجرد توهم كون هذا س��ب ًبا فإن ذلك من الشرك‪،‬‬
‫وانتبهوا لهذه المسألة ‪....‬‬

‫إذن‪ :‬قوله تعالى‪( :‬ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ) ال ينايف فعل‬


‫األسباب‪ ،‬بل األس��باب من التوكل يف الواقع‪ ،‬ولهذا قال عمر بن‬
‫رارا من قدر‬‫ِ‬
‫الخطاب ألبي ُعبيدة بن الجراح ‪ ‬لما قال‪( :‬أف ً‬
‫(‪)1‬‬
‫اهلل ؟) قال‪( :‬نفر من قدر اهلل إلى قدر اهلل) واهلل تعالى أعلم‪.‬‬
‫جدا‪ ،‬فإن أشعرت‬
‫وقال ابن عثيمين ‪ :‬هذه مسألة دقيقة ً‬
‫نفسك بأن هذا سبب محض وأن الذي جعله سب ًبا هو اهلل‪ ،‬وأن اهلل‬
‫ق��ادر على أن يمنع نفوذ هذا الس��بب‪ ،‬وجعل��ت األمر كله إلى اهلل‬
‫‪ ،‬فإن ذلك ال ينايف التوكل‪ ،‬ال أصله وال كماله‪.‬‬
‫أما إذا اعتمدت عليه وعلقت قلبك به‪ ،‬فإن هذا بال ش��ك نوع‬

‫((( تفسير سورة الزمر (‪)280 – 269‬‬


‫‪:‬‬
‫وقال ابن عثيمين ‪ ‬التوكل قال العلماء‪ :‬إنه صدق االعتماد على اهلل‪ :‬أي يعتمد اإلنسان على‬
‫ربه اعتما ًدا صاد ًقا مع الثقة به وحسن الظن‪ ،‬وفعل األسباب هذه أربعة أوصاف‪...‬فإذا اجتمعت هذه‬
‫األوصاف األربعة فهذا هو حقيقة التوكل‪.‬‬

‫‪176‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫من الشرك‪ ،‬إن نسيت اهلل بالكلية – والعياذ باهلل – وجعلت هذا هو‬
‫الذي يجلب لك األمور بنفس��ه فهذا ش��رك أكرب وإال كان أصغر‪،‬‬
‫كثي��را للمرضى‪ ،‬م��ن اعتمادهم عل��ى الطبيب‬
‫ً‬ ‫وم��ن ذلك ما يقع‬
‫اعتما ًدا كل ًيا حتى إنه يشعر يف نفسه أن الشفاء كان منه‪ ،‬وهذا خطر‬
‫عظيم‪ ،‬أما إذا اعتمدت على الطبيب على أنه سبب والمسبب هو‬
‫اهلل ‪ ،‬وأن اهلل تعالى إن قدر لك الشفاء فهو الذي شفاك‪ ،‬وإال‬
‫فالطبيب لن ينفعك وغاية ما هنالك أنني أذهب إلى الطبيب‪ ،‬كما‬
‫أوق��د الن��ار لطهي طعامي مثالً‪ ،‬فهذا ال بأس ب��ه‪ ،‬وال بد أن يكون‬
‫يف القلب شيء من التعلق بمن ينفعه‪ ،‬لكن يجب أن نجعل األول‬
‫(‪)1‬‬
‫واآلخر هو اهلل ‪.‬‬

‫ مسألة‪ :‬هل ينايف كمال التوكل االبتداء بالتداوي باألسباب‬


‫الحس��ية كاألدوي��ة وت��رك الق��راءة الش��رعية واألس��باب‬
‫المعنوية؟‬
‫اجل��واب‪ :‬بعض الناس قد يعدل إلى التداوي باألدوية الحس��ية‬
‫دون القراءة الش��رعية؛ ألهنا ربما تكون أفيد من القراءة عند بعض‬

‫((( تفسير سورة المائدة (‪)277/1‬‬

‫‪177‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫الناس؛ ألن اإلنسان المريض ال يتقبل القراءة‪ ،‬ويكون شاكًا فيها‪،‬‬


‫وإذا كان شاكًا فيها ال تنفعه‪ ،‬أو ال يثق بالقارئ لكن األمور الحسية‬
‫(‪)1‬‬
‫كثيرا‪.‬‬
‫يثق هبا ً‬
‫***‬

‫((( تفسير سورة المائدة (‪)٢٧٩/1‬‬

‫‪178‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬التداوي بالدعاء ‪L‬‬


‫ قال تعال��ى‪( :‬ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ‬
‫ﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﭑ‬
‫ﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜ‬
‫ﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ‬
‫ﭬ ﭭ) (‪.)1‬‬

‫قال ابن عثيمين ‪ :‬قوله تعالى‪ ﴿ :‬ﰂﰃﰄ﴾ أي‪ :‬دعاه‬


‫بص��وت مرتفع؛ ألن الن��داء يكون بالصوت المرتف��ع‪ ،‬والمناجاة‬
‫تكون بالصوت المنخفض‪.‬‬

‫وقوله‪﴿ :‬ﰆ﴾ يعني أصابني‪ ،‬و﴿ ﰇ﴾ هو شيطان الجن‪.‬‬


‫وكان الش��يطان ق��د آذاه‪ ،‬ولكن هل هو إيذاء نفس��ي بأن ألقى‬
‫حس��ي كما قال‬
‫يف قلب��ه الوس��اوس التي أهنكت بدنه‪ ،‬أو أنه إيذاء ّ‬
‫بعضه��م‪ :‬إن الش��يطان َن َف��ث يف جس��ده‪ ،‬حتى أصبح جس��ده كله‬
‫جدري يعني حبو ًبا ضارة‪ ،‬فاهلل أعلم؛ يحتمل هذا وهذا‪.‬‬

‫((( [سورة ص‪ :‬آية ‪]44-41‬‬

‫‪179‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ومس��ه إما أن‬


‫مس أيوب‪َّ ،‬‬
‫عل��ى كل حال الش��يطان هو ال��ذي َّ‬
‫مسا نفس ًيا أو حس ًيا‪.‬‬
‫يكون ً‬
‫ولم��ا نادى ربه ‪ ،‬وتضرع إلي��ه‪ ،‬وعلم أن ال ملجأ من اهلل‬
‫إال إليه‪ ،‬وبعد أن تفرغ قلبه من كل شيء سوى اهلل‪ ،‬جاءه الفرج‪.‬‬

‫وقوله ﴿ﭘﭙﭚﭛ﴾ أي عظة ألصحاب العقول‬


‫﴿ﭖ ﭗ ﴾ ه��ذه خاصة بأيوب وأهله‪﴿ ،‬ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫﴾ عام��ة‪ ،‬يتذكر هب��ا أصحاب العق��ول‪ ،‬يتذكرون ب��أن المصائب‬
‫تكون على الرس��ل وعلى غيرهم‪ ،‬وبأن الشيطان يمكن أن يس ّلط‬
‫على الرس��ول‪ ،‬ويتذكرون هبا أن اإلنس��ان إذا لج��أ إلى ربه‪ ،‬ودعا‬
‫رب��ه‪ ،‬فإن اهلل يجيبه‪ ،‬ويتذك��رون هبا أ ّنه كلما اش��تد الكرب‪ُ ،‬قرب‬
‫الف��رج‪ ،‬وق��ال رس��ول اهلل ‪« : ‬اعلم��وا أن النص��ر مع‬
‫الصبر‪ ،‬وأن الفرج مع الكرب‪ ،‬وأن مع العس��ر يسر ًا» وقال تعالى‪:‬‬
‫(ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ‬
‫ﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫ‬
‫ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ) (‪ )1‬يعن��ي‪ :‬قري��ب من هذه الحال‬

‫((( [سورة البقرة‪ :‬آية ‪.]214‬‬

‫‪180‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫التي وصلت بالرس��ل إلى أن يقولوا‪ :‬متى نصر اهلل؟ يعني يطلبونه‬
‫عجل لنا بالنصر‪ ،‬فقال‬ ‫شو ًقا‪ ،‬ال اس��تبعاد ًا‪ ،‬كأهنم يقولون‪ :‬يا ّ‬
‫رب ّ‬
‫اهلل تعالى‪﴿ :‬ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﴾‪.‬‬

‫ إذاً ذكرى ألولي األلباب فيما يلي‪:‬‬


‫ً‬
‫أوال‪ :‬أن البالء يشمل األنبياء‪.‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬أن الشيطان قد يس ّلط على األنبياء‪.‬‬
‫ثال ًث��ا‪ :‬أن اهلل تعالى يجي��ب دعوة المضطري��ن إليه‪ ،‬إذا صدق‬
‫اإلنسان يف دعوته‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬أنه كلما أشتدت األمور؛ فانتظر الفرج‪ ،‬فهذا أيوب لما‬
‫ً‬
‫اشتد به األمر‪ ،‬ولجأ إلى اهلل‪ ،‬أجاب اهلل تعالى دعاءه‪.‬‬
‫خامس��ا‪ :‬زوال كرب النبي أي��وب ‪ ‬كان على يده‪ ،‬ألن‬
‫ً‬
‫اهلل تعال��ى لم ُينزل ش��فا ًء دون س��بب ظاهر‪ ،‬بل بس��بب هو الذي‬
‫يباش��ره‪ .‬قيل ﴿ﰋ ﰌ ﴾ فضرب برجله فخرج الدواء‪ ،‬وقيل‬
‫له ﴿ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﴾ فاغتس��ل فعالج نفسه إ ًذا هو الذي‬
‫استخرج الدواء وباش��ر العالج وكان عالجه على يده باستخراج‬
‫الدواء واستعمله‪.‬‬
‫‪181‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ثم قال تعالى‪﴿ :‬ﭤﭥﭦ﴾ أي‪ :‬وجدنا أيوب ‪،‬‬


‫صاب��را ‪ ...‬وصرب أيوب ‪ ‬كان صربًا على‬
‫ً‬ ‫يعن��ي ألفيناه‬
‫ق��در اهلل‪ ،‬وهذا ظاهر‪ ،‬ألنه صرب على ما مس��ه من الش��يطان‪ ،‬وكان‬
‫صابرا على‬
‫ً‬ ‫صربًا عن معصية اهلل‪ ،‬ألنه لم يجزع ولم يسخط‪ ،‬وكان‬
‫طاعة اهلل؛ ألنه لجأ إلى اهلل‪ ،‬ودعا اهلل ‪ ‬فأجابه‪.‬‬

‫وأحيا ًن��ا يكون الدواء بالدعاء أنجع بكثير من الدواء الحس��ي‬


‫الم��ادي‪ ،‬وفيما س��بق إذا تعس��رت ال��والدة‪ ،‬يؤتى إلى ش��خص‪،‬‬
‫ويطل��ب من��ه أن يق��رأ للحامل عند تعس��ر ال��والدة فيق��رأ يف ماء‪،‬‬
‫ويذهبون به ويمسحون به ما حول المنطقة‪ ،‬وتشرب منه الحامل‪،‬‬
‫فتضع بدون ألم‪ ،‬وهذا ش��يء مجرب ومشاهد‪ ،‬وهذا أهون بكثير‬
‫من المعالجات باألدوية الحسية المادية(‪.)1‬‬

‫ضرر بعض األدوية يفوق نفعها‪:‬‬

‫المجدي؟‬
‫ مسألة‪ :‬هل يحرم استعمال الدواء غير ُ‬
‫ق��ال ابن عثيمي��ن ‪ :‬ال يحرم االس��تعمال‪ ،‬لكن إذا كان‬

‫((( (تفسير سورة ص ‪.)١٨٣‬‬

‫‪182‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫المضادات الحيوية التي تضر اإلنسان‬


‫ُيؤ ِّدي إلى ضرر مثل بعض ُ‬
‫أكثر مما تنفعه‪ ،‬فإنه إذا لم يجد نف ًعا فهنا يجب عليه أن يمسك حتى‬
‫ل��و قال له الطبيب‪ :‬اس��تمر‪ ،‬وهو لم يجد نف ًع��ا‪ ،‬وهي من األدوية‬
‫(‪)1‬‬
‫المضادات الحيوية‪ ،‬فهي خطر على اإلنسان‪.‬‬
‫التي يسموهنا ُ‬
‫ مسألة‪ :‬هل األدوية الموجودة اآلن هي ثابتة بالتجارب؟‬

‫أيضا؛‬
‫اجل��واب‪ :‬نع��م‪ ،‬وال ش��ك‪ ،‬والمري��ض يعل��م أهن��ا ثابت��ة ً‬
‫ألن��ه واثق بأهل الط��ب‪ ،‬فهو يدري أهنا مفي��دة‪ ،‬فأهل الطب اآلن‬
‫ال يمك��ن أن ينزل��وا للس��وق أدوي��ة إال بع��د أخذ تج��ارب عليها‬
‫الفئران‪ ،‬وعلى األران��ب‪ ،‬وعلى الكالب‪،‬‬ ‫كثي��را فيجربوهنا عل��ى ِ‬
‫ً ُ‬
‫صوصا يف األمراض المستعصية‪ ،‬فال تظن أن الواحد‬
‫ً‬ ‫ويجربوهنا ُخ‬
‫منهم يعجن هذه الحبوب و ُيعطيك إياها ُمباشر ًة!!‬

‫ ف��إن قي��ل‪ :‬لك��ن أحيانًا ال يجد اإلنس��ان نتيج��ة من بعض‬


‫األدوية فماذا يفعل؟‬

‫فاجل��واب‪ :‬يف األص��ل أن ال��دواء ال بد أن يصيب مح�لاً قابالً‪،‬‬

‫((( تفسير سورة الزمر (‪)281‬‬

‫‪183‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ف��إذا ل��م يصب محالً قاب�لاً ما نفع‪ ،‬وه��ذا موجود‪ ،‬حت��ى ِ‬


‫القراءة‬ ‫ُ‬
‫فكثيرا ما تقرأ‬
‫ً‬ ‫س��بب وال ش��ك فيها‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫على المريض التي ثابت أهنا‬
‫على مريض وال يستفيد؛ ألن المحل غير قابل‪ ،‬فتقرأ عليه وتجده‬
‫(‪)1‬‬
‫يقول‪ :‬ما هذا القارئ؟ ليس عنده ِعلم‪.‬‬
‫***‬

‫((( تفسير سورة الزمر (‪)٢٨٠‬‬

‫‪184‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬احلث على تكرار الدواء النافع إذا أوصى به الطبيب ‪L‬‬


‫��ي ‪َ ،‬ف َق َال‪:‬‬ ‫يد‪َ ،‬أ َّن َر ُج�ًل�اً َأ َتى النَّبِ‬ ‫��ع ٍ‬
‫ عن َأبِي س ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫��ق ِه َع َس�ًل�اً »‪ُ .‬ث َّم َأ َتى ال َّثانِ َيةَ‪،‬‬‫َأ ِخي ي ْش�� َتكِي ب ْطنَه‪َ .‬ف َق َال‪« :‬اس ِ‬
‫ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫«اس ِق ِه َع َس اًل»‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫‪:‬‬ ‫َ‬
‫ال‬ ‫ق‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫الثالثة‪،‬‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ا‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫م‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ث‬ ‫»‪.‬‬ ‫ًل�اً‬ ‫�‬‫س‬‫َ‬ ‫ع‬
‫َ‬
‫َف َق َال‪« :‬اس ِق ِ‬
‫ه‬ ‫ْ‬
‫��د َق اهَّللُ َوك ََذ َب َب ْط ُن‬
‫«ص َ‬‫��ت‪َ .‬ف َق َال‪َ :‬‬ ‫ثم أتا ُه فق��ال‪َ :‬ق ْد َف َع ْل ُ‬
‫يك‪ْ ،‬اس ِق ِه َع َس اًل»‪َ .‬ف َس َقا ُه َف َب َر َأ‪.‬‬
‫َأ ِخ َ‬
‫قال ابن عثيمين ‪ :‬يف هذا الحديث ٌ‬
‫دليل على فوائد‪:‬‬
‫منها‪ :‬أن العس��ل ش��فاء للبطن‪ ،‬وأنه نافع النطالق البطن كما‬
‫أرشد أليه النبي ‪.‬‬
‫أيضا‪ :‬أن كل ش��يء ُيفعل‬
‫ومنه��ا‪ :‬تكرار الدواء‪ ،‬و ُيس��تفاد منه ً‬
‫مرة فإنه ُي َك َّرر حتى يحصل‬
‫لرفع البأس أو السوء إذا لم ينفع بأول َّ‬
‫المقص��ود‪ ،‬ومن ذل��ك‪ :‬تك��رار القراءة عل��ى المري��ض‪ ،‬وتكرار‬
‫االستسقاء إذا لم ينزل المطر(‪.)1‬‬
‫***‬
‫((( ( شرح البخاري ‪.)٥٥٥/ ١٢‬‬

‫‪185‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬حكم إكراه املريض على التداوي ‪L‬‬


‫ت‪َ :‬ل َد ْدنَا ُه فِي َم َر ِض ِه‪َ ،‬ف َج َع َل ُي ِش ُير‬
‫ عن عائش��ة ‪َ ‬قا َل ْ‬
‫لدو ِ‬ ‫اهي ُة ا ْلمرِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اء‪َ .‬ف َل َّما‬ ‫ي��ض ل َّ َ‬ ‫إِ َل ْينَ��ا َأ ْن لاَ َت ُل ُّدوني‪َ ،‬ف ُق ْلنَا‪ :‬ك ََر َ َ‬
‫«أ َلم َأنْهكُم َأ ْن َت ُل ُّدونِي؟»‪ُ .‬ق ْل َنا‪ :‬كَر ِ‬
‫اه َي َة ا ْل َمرِ ِ‬
‫يض‬ ‫َ‬ ‫اق َق َال‪ْ َ ْ َ :‬‬ ‫َأ َف َ‬
‫اء‪َ .‬ف َق َال‪« :‬لاَ يب َقى فِي ا ْلبي ِ‬
‫ت َأ َح ٌد إِلاَّ ُل َّد َو َأنَا َأ ْن ُظ ُر‪ ،‬إِلاَّ‬ ‫لدو ِ‬ ‫ِ‬
‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫ل َّ َ‬
‫اس؛ َفإِ َّن ُه َل ْم َي ْش َه ْدك ُْم»‪.‬‬
‫ا ْل َع َّب َ‬
‫ق��ال اب��ن عثيمين ‪ :‬يف ه��ذا الحدي��ث م��ن الفوائد‪ :‬أن‬
‫ذهب به إلى المستشفى أو ما‬ ‫داوى أو ُي َ‬
‫المريض إذا كان يكره أن ُي َ‬
‫أشبه ذلك فإنه ال يجوز أن يفعل به هذا إذا ُأ ِ‬
‫غمي عليه‪ ،‬كما يفعله‬ ‫ُ‬
‫بعض الن��اس اآلن‪ ،‬حيث يكون المريض ق��د هناهم أن يذهبوا به‬
‫غم َي عليه ذهبوا به‪ ،‬وهذا‬‫إلى المستش��فى‪ ،‬فإذا أهنكه الم��رض و ُأ ِ‬
‫ال يج��وز‪ ،‬ألنه تصرف يف اإلنس��ان بغير رضاه‪ ،‬أف��إذا ُأ ِ‬
‫غم َي عليه‬ ‫ُّ‬
‫وغفل عنكم تذهبون به إلى شيء ال يرضاه يف حال إفاقته؟! وهذا‬
‫فيه ش��يء من الجناية على الش��خص‪ ،‬وكذلك لو كان يكره الكي‬
‫وال ُيريده‪ ،‬فإنه ال ُيكوى؛ ألنه ربما يكون يف قلبه ش��يء ال نعرفه‪،‬‬
‫لكن لو كان صب ًّيا فإن الصبي ال إرادة له‪.‬‬
‫‪186‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫وأيضا ربما نقول‪ :‬إذا كان ش��ي ًئا ُمحق ًقا أنه س��ينفع فيه الدواء‪،‬‬
‫ً‬
‫مثل‪ :‬الزائدة وشبهها التي ُيعلم أهنا إن تأخرت مات‪ ،‬وإن ُبودرت‬
‫ُش ِ‬
‫��ف َي بإذن اهلل‪ ،‬فربما يقال‪ :‬إنه ُيفعل به‪ ،‬ألن هذا شيء محقق مئة‬
‫يف المئة ال اختالف فيه(‪.)1‬‬

‫حكم التداوي‪:‬‬
‫وس��ئل ‪ ‬متى يكون التداوي والع�لاج واجبا‪ ،‬ومتى‬
‫ ُ‬
‫يكون مستحبا‪ ،‬ومتى يكون تركه أفضل؟‬

‫اجل��واب‪ :‬القول الراجح يف التداوي أنه ليس فيه ش��يء واجب‪،‬‬


‫ولكنه يس��تحب ويتأكد إذا كان الش��فاء به أقرب من عدم الشفاء‪،‬‬
‫أما إذا تساوى األمران صار العالج مباحا‪ ،‬وإذا لم يعلم يف العالج‬
‫فائدة فرتكه أفضل‪.‬‬

‫ فصارت األقسام ثالثة‪:‬‬


‫األول‪ :‬أن يك��ون فعل��ه أفضل وه��ذا فيها إذا غل��ب على ظنه‬
‫منفعته‪.‬‬

‫((( (شرح البخاري ‪.)٥٨٩/١٢‬‬

‫‪187‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫الثاين‪ :‬أن يكون مباحا إذا تساوى عنده األمران‪.‬‬


‫الثالث‪ :‬أن يكون تركه أفضل إذا لم يغلب على ظنه أنه ينفع‪.‬‬
‫وحت��ى لو تناولت الدواء‪ ،‬فال تجعل الش��فاء م��ن الدواء‪ ،‬بل‬
‫اجعله من الذي خلق الدواء عاجل ألنه كم من دواء نفع واستعمله‬
‫من يستعمله‪ ،‬ولم ينتفع به ألن الشفاء بيد اهلل ‪.)1(‬‬

‫ وقد ُسئل ‪ ‬يف موضع آخر عن حكم التداوي؟‬


‫فأجاب‪ :‬التداوي على أقسام فإذا غلب على الظن نفع الدواء‬
‫مع احتمال الهالك برتكه فالتداوي واجب‪.‬‬
‫وإن غل��ب عل��ى الظن نفع الدواء‪ ،‬ولكن لي��س هناك احتمال‬
‫للهالك برتك الدواء‪ ،‬فالتداوي أفضل‪.‬‬
‫وإن تساوى األمران فرتك التداوي أفضل(‪.)2‬‬
‫™ ™تنبيه‪:‬‬
‫ق��ال ابن عثيمين ‪ :‬وال ش��ك أن��ه فيما يتعل��ق بأمراض‬
‫األب��دان يجب علي��ك العناية ب��أوالدك حتى وإن ل��م يجب على‬

‫((( (دروس وفتاوى الحرمين ‪.)٥٩٩/١٤‬‬


‫((( (مجموع الفتاوى ‪.)١٣/١٧‬‬

‫‪188‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ولي عليه ما‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫مراعاة‬ ‫ن‬‫نفسك؛ ألنك ولي والولي يجب عليه مِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ال يجب عليه من مراعاة نفسه ‪.)1(...‬‬
‫***‬

‫((( شرح بلوغ المرام (‪.)175/3‬‬

‫‪189‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬جراثيم ال يقتلها إال الربد وجراثيم ال يقتلها إال احلر ‪L‬‬


‫ قال تعالى‪( :‬ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ) (‪.)1‬‬
‫ق��ال ابن عثيمين ‪ :‬أي‪ :‬تدخ��ل الليل يف النهار‪ ،‬وتدخل‬
‫النه��ار يف الليل‪ ،‬بمعنى‪ :‬أن الليل يدخل عل��ى النهار‪ ،‬فيزيد الليل‬
‫وينقص النهار‪.‬‬

‫ وقوله‪( :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ)‪:‬‬


‫بالعك��س؛ يدخل النه��ار على اللي��ل‪ ،‬فيطول النه��ار ويقصر‬
‫الليل‪ ،‬وهذا الفعل م��ن األفعال التي ال يقدر عليها إال اهلل وحده‪.‬‬
‫هو الذي يولج الليل يف النهار ويولج النهار يف الليل‪ ،‬ومع هذا فإن‬
‫هذا اإليالج إيالج بحكمة؛ بتدرج‪ ،‬يأيت قليالً قليالً حتى ينتهي ثم‬
‫يع��ود‪ ،‬ولو أن الليل قف��ز من أقصر الليل إل��ى أطوله الختل نظام‬
‫العالم‪ ،‬وفسدت مواقيته‪ ،‬ولكن اهلل ‪ ‬يجعله بالتدريج ليعرف‬
‫الناس أوقاهتم‪ ،‬وينبني أيضًا على هذا اإليالج تغير الفصول؛ فإنه‬
‫إذا طال النهار طال زمن وجود الشمس على سطح األرض فاحرت‬

‫((( [سورة آل عمران‪ :‬آية ‪.]27‬‬

‫‪190‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫الجو‪ ،‬وأيضًا يكون ش��عاع الشمس عموديًا فيكون أشد تأثير ًا يف‬
‫الح��رارة مم��ا إذا كان غي��ر عم��ودي‪ ،‬والعكس بالعكس بالنس��بة‬
‫للشتاء‪ ،‬فيرتتب على هذا اإليالج زمن الفصول‪.‬‬
‫وم��ن رحم��ة اهلل ‪ ‬أن هذا الزم��ن الفصلي ال ي��أيت أيضًا‬
‫دفعة واحدة‪ ،‬ولو انتقل الناس من أحر يوم يف السنة إلى أبرد يوم‪،‬‬
‫لحص��ل ضرر عظيم‪ ،‬وبالعكس كذلك‪ ،‬لكن الرب الرحيم ‪‬‬
‫الحكيم يأيت هبذا الش��يء بت��درج‪ .‬فمن الذي يس��تطيع أن يزيد يف‬
‫الليل س��اعة‪ ،‬أو يف النهار س��اعة‪ ،‬ال أحد يس��تطيع‪ ،‬ل��و اجتمعت‬
‫كل الخالئق على أن يزيدوا س��اعة يف الليل أو س��اعة يف النهار‪ ،‬ما‬
‫استطاعوا إلى ذلك سبيالً‪.‬‬

‫ وقال ابن عثيمين ‪ :‬ومن فوائد هذه اآلية‪:‬‬


‫‪ - 1‬تم��ام ق��درة اهلل ‪ ‬وس��لطانه يف كون��ه يول��ج الليل يف‬
‫النهار‪ ،‬ويولج النهار يف الليل‪.‬‬
‫‪ - ٢‬إثب��ات حكم��ة اهلل؛ ألن هذا اإليالج ل��ه حكمة عظيمة ال‬
‫تقوم مصالح الخلق إال هبا؛ ألنه يرتتب على هذا اإليالج كما قلنا‬
‫اختالف فصول الس��نة الت��ي يرتتب على اختالفها نمو األجس��اد‬
‫‪191‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫والنبات‪ ،‬من النبات ما يكون شتويًا‪ ،‬ومن النبات ما يكون صيفيًا‪.‬‬


‫‪ -٣‬أن هن��اك أش��ياء مؤذية‪ ،‬وهي م��ا ُي َع َّبر عن��ه يف علم الطب‬
‫بالجراثي��م‪ ،‬ال يقتلها إال ش��دة ال�برد‪ ،‬وأخرى ال يقتلها إال ش��دة‬
‫أيضا من حكمة اهلل ‪ ‬المرتتبة‬
‫الحر‪ ،‬وهذا شيء مشاهد‪ .‬وهو ً‬
‫(‪)1‬‬
‫على إيالج الليل يف النهار‪ ،‬وإيالج النهار يف الليل‪.‬‬

‫ وقال تعالى‪( :‬ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ) (‪.)2‬‬

‫ق��ال ابن عثيمي��ن ‪ :‬إيالج الليل يف النه��ار وبالعكس له‬


‫ٍ‬
‫ش��ديد على‬ ‫تأثي��ر عظي��م على الج��و؛ ألن الجو ينقل��ب من ٍ‬
‫بارد‬ ‫ِّ‬ ‫ٌ‬
‫أيضا‪ ،‬معلوم أن هذه‬
‫شديد على طول الزمن ً‬‫ٍ‬ ‫حار‬
‫طول الزمن إلى ٍّ‬
‫الض��ارة ما ال يعلم به إال اهلل‬
‫الحرارة الش��ديدة تقتل من الجراثيم َّ‬
‫‪‬؛ ولهذا نضرب مثالً بس��ي ًطا ُك ُّلنا ُنشاهده‪ :‬البعوض إذا اشتد‬
‫يكث��ر يف الزمن الذي بين‬
‫ُ‬ ‫أثر؛ ولهذا أكثر ما‬
‫الح��ر مات لم يب��ق له ٌ‬
‫الحر والربودة الش��تاء‪ ،‬كذلك ش��دة الربودة ُ‬
‫تقت��ل الجراثيم التي‬
‫تعي��ش عل��ى الح��رارة‪ ،‬وال يعلم هب��ا إال اهلل ‪‬؛ وم��ن َث ّم قال‬

‫((( تفسير سورة آل عمران (‪)167-163/1‬‬


‫((( [سورة فاطر‪ :‬آية ‪]13‬‬

‫‪192‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫أمراضا هم الذين على ِّ‬


‫خط‬ ‫ً‬ ‫العلم��اء ‪ :‬إن أكثر أهل األرض‬
‫االستِواء وما قاربه؛ إذ ليس عندهم شتا ٌء ُ‬
‫يقتل أو صيف حار يقتل‬ ‫ْ‬
‫أيضا‪.‬‬
‫ً‬
‫إذن‪ :‬إي�لاج اللي��ل يف النه��ار فيه عد ُة ِ‬
‫حك��م؛ ولهذا بينه ‪‬‬
‫(‪)1‬‬
‫فقال‪( :‬ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ)‬

‫خير لإلنسان والنبات‪،‬‬


‫وقال ابن عثيمين ‪ :‬شدة الربودة ٌ‬
‫فإن من األمراض والميكروبات ما ال يقتله إال الربد الشديد‪ ،‬كما‬
‫أن منها ما ال يقتله إال الحر الشديد‪ ،‬فاهلل ‪ ‬له ِحكمة فيما يقدر ُه‬
‫يف خلقه‪ ،‬وفيما يش��رعه لهم‪ ،‬فكما أنه ‪ ‬حكيم يف شرعه‪ ،‬فهو‬
‫كذل��ك حكيم يف قدره‪ ،‬ومن لط��ف اهلل ‪ ‬أنه ال تعارض‬
‫بين القضاء والقدر وبين الش��رع فكلما اشتد القضا ُء والقدر خف‬
‫(‪)2‬‬
‫من الشرع ما يناسب تلك الشدة‪.‬‬

‫((( تفسير سورة فاطر (‪)113‬‬


‫((( لقاءات الباب المفتوح (‪( )637/1‬بتصرف يسير) ولكن بالمقارنة بين شدة الربودة وشدة الحرارة‬
‫يتبين أن شدة الربودة تكون أخطر كما قال شيخ اإلسالم ابن تيمية‪ :‬الربد الشديد يوجب الموت‬
‫بخالف الحر‪ ،‬فقد مات خلق من الربد بخالف الحر‪ ،‬فإن الموت منه غير معتاد‪ ،‬ولهذا قال بعض‬
‫العرب (الربد بؤس والحر أذى) [مجموع الفتاوى ‪]١٦٠/١٦‬‬

‫‪193‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫فائدة يف كيفية تكون الثلج والربد‪:‬‬


‫قال ابن عثيمين ‪ :‬الثلج معروف وهو الذي يتس��اقط يف‬
‫البالد الباردة من الجو‪ ،‬يتس��اقط مث��ل القطن‪ ،‬و«الربد» هو المطر‬
‫ثلجا ُصل ًبا ليس كالثلج الذي يتساقط‪ ،‬بل هو صلب‪،‬‬
‫الذي ينعقد ً‬
‫ويقول العلماء هبذا الشأن‪ :‬إن المطر ينزل من السحاب ما ًء‪ ،‬لكنه‬
‫مر هبذه‬ ‫ٍ‬
‫جدا‪ ،‬وهو ين��زل من ُبعد‪ ،‬ف��إذا َّ‬ ‫ج��دا ً‬
‫بطبق��ة ثلجية ً‬ ‫يلتق��ي‬
‫جدا انعقد مباش��ر ًة‪ ،‬وصار بر ًدا‪ ،‬وربما تتالقى‬‫جدا ً‬‫الطبقة الثلجية ً‬
‫كبيرا‪ ،‬ولذلك تجد‬ ‫ٍ‬
‫بعض‪ ،‬فكون بر ًدا ً‬ ‫ُنقط الماء فيضم بعضها إلى‬
‫طبقات؛ ألن أول ٍ‬
‫نقطة تتجمد‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫الربد الكبير مضل ًعا‪ ،‬وتح��س بأنه‬
‫ثم ُتلصق هبا الثانية‪ ،‬ثم الثالثة ثم الرابعة بإذن اهلل ‪.‬‬
‫ولهذا – سبحان اهلل – أكثر ما يكون الثلج يف الخريف أو يف‬
‫جدا‪ ،‬اآلن مثالً يف الطائرات أحيا ًنا‬
‫الربيع؛ ألن الطبقة ال ُعليا باردة ً‬
‫خمس‬ ‫يقول لك الكابتن أو المضيف‪ :‬نحن اآلن يف ٍ‬
‫طبقة برودهتا‬
‫ٌ‬
‫وعش��رون تح��ت الصف��ر‪ ،‬ويف األرض ربما تك��ون أربعين فوق‬
‫آي��ات بينات عظيمة‬
‫ٌ‬ ‫الصف��ر‪ ،‬س��بحان اهلل العظيم !! هذا الجو فيه‬
‫(‪)1‬‬
‫من آيا اهلل تعالى‪.‬‬

‫((( شرح مشكاة المصابيح (‪)39/2‬‬

‫‪194‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫فائدة يف أمر الرعد والصواعق‪:‬‬


‫قال اب��ن عثيمين ‪ :‬علينا أن نعلم أننا إذا س��معنا صوت‬
‫الرعد بعد الربق‪ ،‬فقد نجونا من الصاعقة‪ ،‬فإذا برقت السماء بر ًقا‬
‫َّ‬
‫ش��ديدا ثم رعدت‪ ،‬فهذه الربقة م��ا فيها صاعقة وذلك ألن الضوء‬
‫ً‬
‫يسبق الصوت‪ ،‬وصوت الرعد متأخر‪ ،‬والضوء يسبقه‪ ،‬والصاعقة‬
‫ٍ‬
‫عظيمة‬ ‫ٍ‬
‫كهربائي��ة‬ ‫ٍ‬
‫ش��حنة‬ ‫تك��ون يف نفس الض��وء‪ ،‬وهي عبارة عن‬
‫تحرق ما أصابت وهذا ش��يء مش��اهد‪ ،‬فإذا س��قطت على حيوان‬
‫أو على إنس��ان ُيرى أثر الصعق‪ ،‬وعلى النخيل‪ ،‬وعلى األش��جار‬
‫(‪)1‬‬
‫كذلك تحرق أحيا ًنا‪.‬‬
‫***‬

‫((( دروس الحرمين (‪)447/10‬‬

‫‪195‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬أفضل أوقات السنة للبدن ‪L‬‬


‫ قال تعال��ى‪( :‬ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ‬
‫ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ) (‪.)1‬‬
‫ق��ال اب��ن عثيمي��ن ‪ :‬قوله‪« :‬تب��ارك» مبالغة م��ن الربكة‬
‫لزيادة (التاء)‪.‬‬
‫«بروجا» جمع برج‪.‬‬
‫ً‬ ‫قوله ‪:‬‬
‫قال صاحب الجاللين يف تفسيره‪ [ :‬اثنى عشر – أي الربوج ‪: -‬‬
‫الحم��ل‪ ،‬وال َّث��ور‪ ،‬والجوزاء‪ ،‬والس��رطان‪ ،‬واألس��د‪ُّ ،‬‬
‫والس��ن ُبلة‪،‬‬
‫والدلو‪ ،‬والحوت]‪.‬‬
‫والميزان‪ ،‬والعقرب‪ ،‬والقوس‪ ،‬والجدي‪َّ ،‬‬
‫برجا بدأ المفس��ر ‪‬‬
‫ق��ال اب��ن عثيمين ‪ :‬اثنا عش��ر ً‬
‫– أي صاح��ب الجاللي��ن – بالحمل ألنه وق��ت اعتدال الزمان‬
‫الربيعي؛ ألنه إذا حلت الش��مس أول يو ٍم من برج الحمل تساوى‬
‫الليل والنهار ربي ًعا عند ابتداء برج الحمل‪ ،‬يعني يكون الليل اثنتي‬
‫عشرة ساع ًة ويكون النهار اثنتي عشرة ساعةً‪.‬‬

‫((( [سورة الفرقان‪ :‬آية ‪]61‬‬

‫‪196‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫هن��اك ثالثة ب��روج – الحم��ل والث��ور والج��وزاء – إذا تمت‬


‫الجوزاء وبدأ الس��رطان انتهى الليل يف القصر‪ ،‬والنهار يف الطول‪،‬‬
‫يعن��ي أن الش��مس تنتهي إلى الربوج الش��مالية بعد ه��ذه الثالثة‪:‬‬
‫الحم��ل والث��ور والج��وزاء‪ ،‬ثم بعد ذل��ك تنصرف الش��مس إلى‬
‫الجنوب‪ :‬الس��رطان واألس��د والس��نبلة‪ ،‬ه��ذه الثالث��ة إذا مضت‬
‫تساوى الليل والنهار خري ًفا بعد انتهاء طول النهار‪.‬‬

‫والميزان والعقرب والقوس هذه الثالثة إذا انتهت ينتهي طول‬


‫الليل وقصر النهار‪ ،‬ثم تعود الشمس يف الجدي والدلو والحوت‪،‬‬
‫إذا انتهى الحوت تساوى الليل والنهار ربي ًعا‪.‬‬

‫‪...‬ه��ذه الربوج الش��مس تقطعها يف الس��نة‪ ،‬والقم��ر يقطعها‬


‫يف الش��هر‪ ،‬كل ش��هر يقطع القم��ر هذه الربوج‪ ،‬وله من��ازل‪ٍ :‬‬
‫ثمان‬
‫وعش��رون منزل��ةً‪ ،‬تش��تمل عل��ى ه��ذه ال�بروج االثني عش��ر‪ ،‬أما‬
‫يدل على عظمتها‬
‫الش��مس فإنما تقطعها يف الس��نة‪ .‬وهذه الربوج ّ‬
‫(‪)1‬‬
‫أن اهلل قال‪( :‬ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ)‪.‬‬

‫((( تفسير سورة الفرقان (‪) 260‬‬

‫‪197‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫وق��ال ابن عثيمي��ن ‪ :‬هذه ال�بروج تدور عليه��ا أوقات‬


‫الس��نة من الربيع والصيف والخريف والش��تاء‪ ،‬وكل فصل يكون‬
‫له ثالثة بروج‪.‬‬
‫وأحس��ن الربوج وأنفعه��ا للبدن برج الحمل ال��ذي يكون يف‬
‫أول الربي��ع؛ فإنه أصح ما تكون فيه األجس��ام‪ ،‬ه��ذا من حيث إنه‬
‫صحيحا أو‬
‫ً‬ ‫برج‪ ،‬لكن هناك أشياء تعرتي اإلنسان يكون فيها بدنه‬
‫مريضا حسب الحال‪ ،‬لكن من حيث الزمن أحسن ما يكون‬ ‫يكون ً‬
‫(‪)1‬‬
‫فصل الربيع‪.‬‬
‫وق��ال اب��ن عثيمي��ن ‪ :‬أحس��ن فص��ول الس��نة الربي��ع‪،‬‬
‫وأسوأها الخريف؛ ألنه يأيت بعد الحر‪ ،‬وقد أثر الحر على األبدان‬
‫واألجساد‪ ،‬حتى ذكر ابن القيم ‪ ‬أن ح َّفا ِري القبور يستدينون‬
‫(‪)2‬‬
‫ويجعلون أجل الدين وقت الخريف لكثرة األموات‪.‬‬

‫((( تفسير سورة النساء (‪ )558/1‬وقد أشار ابن النفيس إلى ذلك‪ ،‬وذكر السبب فقال‪ :‬الربيع أصح‬
‫وج َّود الهضم‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫األوقات العتدال هوائه خاصة‪ ،‬واعتداله المناسب بعد برد‪ ،‬قد حصر المواد والقوى‪َ ،‬‬
‫وأكثر الدم والروح‪( .‬شرح الفصول ‪)162‬‬
‫((( التعليق على مسلم (‪ )618/1‬قال ابن النفيس‪ :‬الخريف تكثر فيه األمراض‪ ،‬الختالف الهواء فيه بين‬
‫وحر الظهائر‪ ،‬ولكثرة الفاكهة فيه‪ ،‬وانتقال األبدان إليه عن الصيف المخلخل‬ ‫برد الليل والغدوات‪ّ ،‬‬
‫والمضعف للقوى‪ ،‬المثير لألخالط‪ ،‬وتكون األخالط فيه‪ ،‬يف ظاهر البدن‪ ،‬فإذا جاء الخريف‪،‬‬ ‫للبدن‪ُ ،‬‬
‫حر ظهائره إلى خارج‪ ،‬وتكرار ذلك يف كل يوم‪ ،‬فاحتدت‬ ‫حركها برد ليله وغدواته إلى العمق‪ ،‬ثم ر َّدها ُّ‬
‫خصوصا ويبوسة الهواء تزيدها حدة – فلذلك تكون األمراض فيه أحدُّ مما يف غيره‪ ،‬وأقتل‪،‬‬
‫ً‬ ‫المواد –‬
‫لمصادفة المواد الرديئة الحادة قوى ضعيفة‪( .‬شرح الفصول ‪) 162‬‬

‫‪198‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫وقال ابن عثيمين ‪ :‬الربيع أحس��ن من الخريف‪ ،‬وأنشط‬


‫‪ ...‬ق��ال علي بن أبي طال��ب ‪ ‬فيما ُيروى عنه‪َ « :‬ت َو ُّقوا َّأول ُه‪،‬‬
‫ور ٌق‪ ،‬وإنه ي ْفع ُل باألب َد ِ‬
‫ان‬ ‫و َت َل ُّق��وا آخره‪ ،‬فإن َّأول ُه ُم ْح ِر ٌق وآخ��ر ُه ُم ِ‬
‫ْ‬ ‫َُ َ‬
‫ار» فاألش��جار ُتورق وتنشط وتنمو يف الربيع‪،‬‬ ‫��ج ِ‬ ‫ك ََما َي ْف َع ُل بِ ْ‬
‫األش َ‬
‫وبالعكس يف أول أيام الربد؛ ألن علي بن أبي طالب ‪ ‬يعني‬
‫(‪)1‬‬
‫بقوله‪[ :‬أوله] أي‪َّ :‬أول الربد‪.‬‬
‫وقال ابن عثيمين ‪« :‬س��ع ُد السع ِ‬
‫ود» هو‪ :‬السعد الثالث‬ ‫َ ْ ُّ ُ‬
‫السعداء ال َّثالثِة‪ ،‬وهي ما يسمى عند العامة يف لغتنا (العقرب)‪،‬‬
‫من ُّ‬
‫الذابح‪ ،‬وسعد‬‫الش��تاء؟ سعد َّ‬
‫أتعرفون العقارب التي تقوم يف آخر ِّ‬
‫ِ‬
‫الشتاء‬ ‫فصل‬ ‫ِ‬
‫السعود وبه ينتهي ُ‬ ‫سعد‬ ‫ب َلع‪ ،‬وسعد الس ِ‬
‫��عود‪ ،‬آخرها ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫جيدا بمعنى أنه إذا دخل‬
‫ويدخل فصل الربيع؛ ولهذا يكون طالعه ً‬
‫النجم عند العامة قالوا‪ :‬اآلن أقبل الخير ُ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫هذا‬

‫ تنبيه مهم!!‬
‫فيد سعاد ًة وال‬
‫بالش��ر‪ ،‬فهو ال ُي ُ‬
‫ِّ‬ ‫ليس ألن النجم يأيت بالخير أو‬
‫ِ‬
‫��ماوية بالح��وادث األرضية‪،‬‬ ‫ش��قا ًء‪ ،‬وال عالقة لتغ ُّي ِر األفالك َّ‬
‫الس‬

‫((( التعليق على مسلم (‪)464/5‬‬

‫‪199‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫لكن��ه عالم�� ٌة على ُح ْس ِ‬


‫��ن الفص��ل أو ال َّط ِ‬
‫قس كما يقول��ون باللغة‬
‫(‪)1‬‬
‫الحاضرة‪.‬‬

‫ فائدة‪:‬‬

‫رج ٌ‬
‫��ل من الن��اس‪ :‬يا‬ ‫ق��ال اب��ن عثيمي��ن ‪ :‬قال ل��ي مرة ُ‬
‫ف�لان هذه الش��هور الميالدية أفضل ألهل ال��زرع؛ ألهنا مضبوط ٌة‬
‫ف‪ ،‬فيزرع��ون زرع الصيف‪،‬‬ ‫بالفص��ول‪ ،‬أغس��طس يكون يف الصي ِ‬
‫َّ ْ‬
‫وديس��مرب يكون يف الش��تاء‪ ،‬فيزرعون زرع الش��تاء‪ ،‬لك َّن األش��هر‬
‫العربية تتنقل يف الفصول‪.‬‬
‫قلن��ا‪ :‬الحم��د هلل‪ ،‬إذا كان هذا هو المرا ُد فعندن��ا ما هو أفضل‬
‫��روج قال‪( :‬ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ)‬
‫من هذا‪ ،‬عندنا ال ُب ُ‬
‫وهذه الربوج مضبوط ٌة تما ًما‪ ،‬وهي اثنا عشر ُب ْر ًجا‪َّ ،‬أولها الحمل‪،‬‬
‫الز ْرع‪.‬‬ ‫الحوت‪ .‬وهي معروفةٌ‪ ،‬ف ْلن ِّ‬
‫ُؤر ْخ هبا من أجل َّ‬ ‫ُ‬ ‫وآخرها‬
‫(‪)2‬‬

‫وق��ال اب��ن عثيمي��ن ‪ :‬وق��د اختل��ف الن��اس ه��ل ُيبدأ‬


‫بالحمل ألنه أحس��ن أيام الس��نة‪ ،‬حيث إن فيه االعتدال الربيعي‪،‬‬

‫((( شرح النونية (‪)284/3‬‬


‫((( دروس وفتاوى الحرمين (‪)221/3‬‬

‫‪200‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫الخريفي المعروف‬
‫ِّ‬ ‫أو ُي ْب َدأ بالميزان؛ ألنه هو وقت اعتدال الزمان‬
‫والمشهور‪ .‬واألكثر‪ ...‬أنه ِ‬
‫يبتدئ بما فيه االعتدال الربيعي‪.‬‬

‫لك��ن بعض الناس يبتدئ بالطرف الثاين ويزعم أن هذه طريقة‬


‫الع��رب‪ ،‬واهلل أعل��م‪ ،‬لك��ن ال��ذي أرى أن التقاوي��م أكثره��ا يبدأ‬
‫هبذا‪ ،‬ويقول��ون‪ :‬إن العرب يبتدئون من االعت��دال الخريفي‪ ،‬وإن‬
‫العجم يبتدئون من االعت��دال الربيعي‪ ،‬وكون العجم يبتدئون من‬
‫تؤرخ‬
‫واضح‪ ،‬والعجم – إيران وتوابعها – ِّ‬
‫ٌ‬ ‫االعتدال الربيعي هذا‬
‫ابتداء الس��نة بالحمل؛ ألن السنين عندهم شمسية ويبدأوهنا ب ُبرج‬
‫(‪)1‬‬
‫الحمل‪.‬‬
‫***‬

‫((( تفسير سورة الفرقان (‪)261‬‬

‫‪201‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬اخلروج من أرض ال ُتالئم ‪L‬‬


‫ْل َو ُع َر ْينَ َة‬‫َاسا ‪َ -‬أ ْو ِر َجالاً ‪ِ -‬م ْن ُعك ٍ‬ ‫ِ ٍ‬
‫ عن َأن ََس ْب َن َمالك‪َ ،‬أ َّن ن ً‬
‫��ول اهَّلل ِ ‪َ ‬و َت َك َّل ُموا بِالإْ ِ ْس�َل�اَ مِ‪،‬‬ ‫َق ِدم��وا َع َلى رس ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫يف‪،‬‬ ‫و َقا ُلوا‪ :‬يا َنبِي اهَّللِ‪ ،‬إِنَّا ُكنَّا َأه َل َضرعٍ‪ ،‬و َلم َنكُن َأه َل ِر ٍ‬
‫ْ َ ْ ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ‬
‫��ول اهَّلل ‪‬‬
‫واس�� َتو َخموا ا ْلم ِدينَةَ‪َ ،‬ف َأم��ر َلهم رس ُ ِ‬
‫َ َ ُ ْ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ْ ُ‬
‫��ر ُبوا ِم ْن َأ ْل َبانِ َها‬ ‫ِ ِ‬
‫��راعٍ‪َ ،‬و َأ َم َر ُه ْم َأ ْن َي ْخ ُر ُجوا فيه َف َي ْش َ‬
‫ٍ‬
‫بِ َذ ْود َوبِ َ‬
‫َو َأ ْب َوالِ َها‪.‬‬
‫قال ابن عثيمين ‪ :‬يف هذا الحديث‪ :‬دليل على أنه يجوز‬
‫لإلنسان أن يخرج من األرض التي ال ُتالئمه‪ ،‬إما يف هوائها‪ ،‬أويف‬
‫مائها‪ ،‬أو يف حرارهتا‪ ،‬أو برودهتا‪ ،‬أو ما أشبه ذلك‪ ،‬وال ُيعد هذا من‬
‫الرت ُّفه المنهي عنه‪ ،‬بل هذا كما يلبس اإلنسان ثو ًبا أدفأ من الثوب‬
‫اآلخر‪ ،‬ويأكل طعا ًما أشهى من الطعام اآلخر‪ ،‬ويشرب ما ًء أعذب‬
‫من الماء اآلخر‪ ،‬وكل هذا جائز‪ ،‬وال بأس به(‪.)1‬‬
‫***‬
‫((( [شرح البخاري ‪]٦٠٩/١٢‬‬

‫‪202‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫مسائل ومناقشات يف الطب‬


‫‪ J‬هل العقل يف القلب أم يف الدماغ ‪L‬‬
‫��ول اهَّلل ِ‬
‫ت َر ُس َ‬ ‫ان بن ب ِش��يرٍ ‪ ‬قال‪ :‬س ِ‬
‫��م ْع ُ‬ ‫َ‬ ‫  ع��ن النُّ ْع َم َ ْ َ َ‬
‫��ول‪َ ...« :‬ألاَ وإِ َّن فِ��ي ا ْلجس ِ‬
‫��د ُم ْض َغ ًة إِ َذا‬ ‫‪َ ‬ي ُق ُ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ت َص َل َح ا ْل َج َس ُد ُك ُّل ُه‪َ ،‬وإِ َذا َف َس َد ْت َف َس َد ا ْل َج َس ُد ُك ُّل ُه‪،‬‬ ‫َص َل َح ْ‬
‫ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫ب»‬ ‫َألاَ َوه َي ا ْل َق ْل ُ‬

‫ قال ابن عثيمين ‪ :‬هذا القلب هو ِعبارة عن هذه ال َب ْضعة‬


‫المفكر ومح ُّلها هذه‬
‫من اللحم‪ ،‬أو أن المراد بالقلب ال َعقل ُ‬
‫القطعة من اللحم الثانية‪ ،‬ولكن أين محل العقل؟‬
‫اجل��واب‪ :‬الصحي��ح أن��ه القل��ب‪ ،‬ألن اهلل تعالى ق��ال يف القرآن‬
‫(ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ) (‪.)2‬‬
‫فخ��ص القلب والعق��ل‪ ،‬ولهذا قال اإلم��ام أحمد ‪ :‬إن‬
‫َ‬
‫العقل يف القلب‪ ،‬وله ا َتصال بالدماغ‪.‬‬

‫((( رواه البخاري (‪)52‬‬


‫((( [سورة الحج‪ :‬آية ‪]46‬‬

‫‪203‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ولكنني رأيت كالمًا لش��يخ اإلس�لام ابن تيمية ‪ ‬أقرب‬


‫الطب الحديث يقول‪ :‬إن أصل التفكير يف الدماغ‬ ‫ِ‬ ‫إلى الواقع وإلى‬
‫فهو المفكِر‪ ،‬ثم القلب ُيدبر ويأمر وينهى‪ ،‬فيكون للمخ كال ِ ِسكرتير‬
‫للقلب ُيفكر وينظر‪ ،‬ثم ُيرس��ل إلى القلب‪ ،‬والقلب هو الذي ُيدبر‬
‫يدالن على أن القلب هو الذي ُيدبر‬
‫بال شك‪ ،‬ألن الكتاب والسنة ُ‬
‫كما يف اآلية‪ ،‬وكما قال النبي ‪« :‬أال و إن يف الجس��د‬
‫ُمضغة إذا صلحت صلح الجس��د كله‪ ،‬و إذا فس��دت فسد الجسد‬
‫كله‪ ،،‬أال وهي القلب»‪.‬‬

‫ ولكن االتصال بين المخ والقلب سريع أو بطيء؟‬


‫ص��ور س��رعته‪ ،‬وه��ذا م��ن تم��ام عظمة‬
‫اجل��واب‪ :‬س��ريع‪ ،‬ال َن َت َّ‬
‫المع��دات العظيمة يف ه��ذا البدن‪،‬‬
‫الخال��ق ‪ ،‬حي��ث إن هذه ُ‬
‫معامل وآالت إ ْلكرتونية وأشياء – سبحان اهلل العظيم – إذا بحثها‬
‫اإلنس��ان يجد م��ا قال��ه اهلل ‪( ‬ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮢ‬
‫ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ) ‪.‬‬
‫(‪)2( )1‬‬

‫((( [سورة الذاريات‪ :‬آية ‪]21‬‬


‫((( تفسير سورة األحزاب (‪) 53‬‬

‫‪204‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫خ�لاف بين‬
‫ٌ‬ ‫وق��ال اب��ن عثيمي��ن ‪ :‬وهذه المس��ألة فيها‬
‫العلماء ‪ ‬فمنهم من قال‪ :‬إن محل العقل الدماغ‪ ،‬ومنهم من‬
‫إن محل العقل القلب وأ ْط َل َق‪ ،‬ومنهم من قال‪ :‬محله القلب‬
‫ق��ال‪َّ :‬‬
‫ول��ه اتص��ال بالدماغ‪ ،‬ومنهم م��ن قال‪ :‬محله الدم��اغ لكن القلب‬
‫المصرف المد ِّب��ر؛ وإال فاألصل أن تصور األش��ياء وتخ ُّيلها‬
‫ه��و ِّ‬
‫يف الدم��اغ‪ ،‬فالدماغ للقلب بمنزلة "الس��كرتير" ِّ‬
‫يلخص األش��ياء‬
‫ويعدلها‪ ،‬ثم يقدمها للملك لمعرفة رأيه فيها؛ فالدماغ آلة‬ ‫ِّ‬ ‫ويرتبها‬
‫التصو ِر والتخ ُّيلِ‪ ،‬والقلب آلة ال َّتدبير إذ يقول‪ :‬ن ِّفذ أو ال ُتن ِّفذ‪.‬‬
‫ُّ‬
‫وه��ذا القول األخير ‪...‬ه��و القول الذي تطمئ��ن إليه النفس؛‬
‫فه��ذا القول الذي يجم��ع بين الطب وبي��ن النصوص‪...‬واألطباء‬
‫ال يعرتف��ون بأن العقل يف القلب؛ يقول��ون‪ :‬العقل يف الدماغ‪ ،‬وأن‬
‫الم ُّخ الذي يف الدماغ‪ ،‬وليس القلب هذا إال‬
‫الذي يد ِّبر البدن ه��و ُ‬
‫َّ‬
‫مضخة للدم‪.‬‬

‫ولكن القول الراجح –الذي يجمع بين الطب وبين النصوص –‬


‫محله القلب‪.‬‬
‫هو أن نقول‪ :‬إن العقل َ‬

‫‪205‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ ودليل ذلك من القرآن والسنة‪:‬‬

‫أم��ا م��ن الق��رآن فقول��ه تعال��ى‪( :‬ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ‬


‫ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ) فجع��ل العق��ل بالقلب (ﯨ ﯩ ﯪ‬
‫ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ) فكم��ا أن مح��ل الس��مع األذن‬
‫كذل��ك محل العقل القلب ثم ق��ال‪( :‬ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ‬
‫ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ) فن��ص عل��ى أن العقل بالقلب وأن‬
‫القلب يف الصدر‪ ،‬وهذا نص صريح واضح‪.‬‬
‫وأما من السنة؛ فقول الرسول ‪« ‬أال وإن يف الجسد‬
‫مضغ ًة إذا صلحت صلح الجس��د كله‪ ،‬وإذا فس��دت فسد الجسد‬
‫المدبر ألركان البدن‬
‫صريح بأن ِّ‬
‫ٌ‬ ‫كله‪ ،‬أال وهي القلب» وهذا نص‬
‫هو القلب‪.‬‬
‫المخ إذا اختل اختل كل ما يف اإلنسان‪،‬‬
‫أما األطباء فيقولون‪ :‬إن ُ‬
‫فأحيا ًنا يختل اإلحس��اس‪ ،‬وأحيا ًنا تخت��ل الحركة‪ ،‬وأحيا ًنا يختل‬
‫العقل‪ ،‬حس��ب ما يكون موضع الخلل يف هذا الدماغ ألن الدماغ‬
‫– سبحان اهلل العظيم – ُعروق ُمتشابكة إذا رأيت صورته تقول‪:‬‬
‫س��بحان أحس��ن الخالقين! كل ش��يء من هذه ال ُع��روق له وظيفة‬
‫‪206‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫خاصة ال يش��اركه فيه��ا اآلخر‪ ،‬وه��ذه الوظائف تعم��ل ُمجتمع ًة‬


‫ومتفرقة‪ ،‬وتختل مجتمعة ومتفرقة‪.‬‬
‫وعلى هذا فنقول‪ :‬نحن ُنوافقكم – أيها األطباء – يف أن التصور‬
‫الملِك‬ ‫ٍ‬
‫فسد التصور‪ ،‬وحينئذ يبقى َ‬ ‫يكون يف المخ‪ ،‬فإذا فسد المخ َ‬
‫الذي هو القلب مع َّطالً بدون (س��كرتير) َيدفع له األوراق َّ‬
‫ليقرها‬
‫أو يرفضها‪ ،‬فمعلوم أنه إذا اخت َلت اآللة التي فيها التصور سيختل‬
‫التدبير بال شك‪.‬‬
‫فهذا هو الذي ُيجمع فيه ما جاء يف القرآن والس��نة وبين أقوال‬
‫األطباء اليوم‪ ،‬وقد أش��ار إليه ش��يخ اإلس�لام ابن تيمية ‪ ‬يف‬
‫كالمه‪.‬‬

‫ مسألة‪:‬‬
‫الحكم حس��ب التصور الذي‬
‫تبديل القلب‪ ،‬فإنه س��وف يدفع ُ‬
‫ُدف��ع إليه‪ ،‬فأمر القلب مبني على ما ُرفع إليه‪ ،‬فالدماغ ال ُ‬
‫يختل مع‬
‫القل��ب الجديد‪ ،‬فالقلب يضطر إلى الحكم بما جاءه‪ ،‬وتصورات‬
‫اإلنسان ال تختلف ألن دماغه موجود لم ُيبدل‪.‬‬
‫قدرن��ا أن هناك (س��كرتير ًا) لمدير و (الس��كرتير)‬
‫فمث�لاً‪ :‬إذا َ‬
‫‪207‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫الب��د أن يحكم بما تقتضيه هذه‬


‫َ‬ ‫هو الذي ِ‬
‫يصور األش��ياء والمدير‬
‫التصورات‪ ،‬ثم غ ًيرنا المدير وبقي‪.‬‬
‫(الس��كرتير) ِ‬
‫يصور األش��ياء كما هي بدون اختالف‪ ،‬ثم رفع‬
‫(السكرتير) األوراق على العادة‪ ،‬وقلنا‪ :‬إنه ُيلزم المدير بأن يكون‬
‫الحكم على حس��ب التصور‪ ،‬فإنه ال يختل��ف حكم المدير‪ ،‬ألنه‬
‫ملزم هبذا‪ ،‬مع أن مسألة نقل القلب من شخص آلخر فيها خالف‬
‫ليس هذا موضع ذكره‪.‬‬
‫والمش��كلة إذا كان القل��ب صناعيًا ليس فيه إحس��اس فربما‬
‫نقول يف هذه الصورة‪ :‬ينفرد المخ بالتدبير‪ ،‬ألن كالم الخالق ليس‬
‫مث��ل كالم المخلوق‪ ،‬ومس��ألة التأويل هنا أو ص��رف الكالم عن‬
‫ظاه��ره صعبة جد ًا‪ ،‬وما دام يمكنن��ا أن نجمع ولو على ٍ‬
‫وجه بعيد‬
‫(‪)1‬‬
‫فلنجمع‪.‬‬
‫***‬

‫((( شرح مختصر التحرير (‪)68‬‬

‫‪208‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬احلجر الصحي ‪L‬‬


‫ث‬ ‫ت ُأ َس َام َة ْب َن ز َْي ٍد ُي َح ِّد ُ‬ ‫يم ْب َن َس�� ْع ٍد‪َ ،‬ق َال‪َ :‬س ِم ْع ُ‬ ‫ِ‬
‫ عن إِ ْب َراه َ‬
‫َس�� ْع ًدا‪َ ،‬ع ِن النَّبِي ‪َ ‬ق َال‪« :‬إِ َذا َس ِم ْع ُت ْم بِال َّطا ُع ِ‬
‫ون‬ ‫ِّ‬
‫ض َو َأ ْن ُت ْ‬
‫��م بِ َها َف اَل‬ ‫��أ ْر ٍ‬ ‫��ع بِ َ‬ ‫وه��ا‪َ ،‬وإِ َذا َو َق َ‬
‫ض َف�َل�اَ َت ْد ُخ ُل َ‬ ‫��أ ْر ٍ‬ ‫بِ َ‬
‫(‪)1‬‬
‫َت ْخ ُر ُجوا ِمنْ َها»‪.‬‬
‫ت َر ُس َ‬
‫��ول‬ ‫��م ْع ُ‬ ‫ف ‪ ‬قال س ِ‬ ‫ وعن عب ُد الرحم ِن بن عو ٍ‬
‫َ‬ ‫َ ْ َّ ْ َ ْ ُ َ ْ‬
‫ض َف اَل َت ْق َد ُموا‬ ‫��أ ْر ٍ‬ ‫��م ْع ُت ْم بِ ِه بِ َ‬
‫ول‪« :‬إِ َذا س ِ‬
‫َ‬ ‫اهَّلل ِ ‪َ ‬ي ُق ُ‬
‫ِ (‪)2‬‬
‫ض َو َأ ْن ُت ْم بِ َها َف اَل َت ْخ ُر ُجوا فِ َر ًارا منْ ُه»‬
‫َع َل ْي ِه‪َ ،‬وإِ َذا َو َق َع بِ َأ ْر ٍ‬

‫عدة فوائد‪:‬‬
‫قال ابن عثيمين ‪ :‬يف هذا الحديث َّ‬
‫ومنه��ا‪ :‬أنه ال يج��وز القدوم عل��ى أرض الطاع��ون؛ ألن ذلك‬
‫م��ن قتل النفس‪ ،‬واإللق��اء بالتهلكة‪ ،‬واهلل ‪ ‬يقول‪( :‬ﭹ ﭺ‬
‫ﭻ) (‪ )3‬ويق��ول‪( :‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ) (‪ )4‬فكم��ا أن��ك‬

‫((( رواه البخاري (‪)5728‬‬


‫((( رواه البخاري (‪)5729‬‬
‫((( [سورة النساء‪ :‬آية ‪]29‬‬
‫((( [سورة البقرة‪ :‬آية ‪]195‬‬

‫‪209‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫يضره يجب عليك وجو ًبا‬


‫عما ُّ‬
‫يجب عليك مراعاة طفلك وحماي ُته َّ‬
‫يضرها؛ ألهنا أمانة عندك‪.‬‬
‫مما ُّ‬
‫أوكد مراعا ُة نفسك‪ ،‬وأن تحميها َّ‬
‫مض��رة‪ ،‬فإنه ال‬
‫َّ‬ ‫ويق��اس عل��ى ذلك‪ :‬اإلق��دا ُم عل��ى ِّ‬
‫كل ما فيه‬
‫الم ْه َلكة‬
‫يجوز لإلنس��ان أن يق��دم علي��ه كالمف��ازة – أي األرض َ‬
‫– ألنه ُي َع ِّرض نفسه للخطر‪ ،‬وكالنزول يف بئر ُمتداعية للسقوط‪،‬‬
‫وكش��جرة طويلة ُيخش��ى أن ِّ‬
‫يزل منها‪ ،‬فال يصعده��ا‪ ،‬وعلى هذا‬
‫ِ‬
‫فق ْس‪.‬‬
‫ومنه��ا‪ :‬أن��ه ال يج��وز خ��روج اإلنس��ان م��ن أرض وق��ع فيها‬
‫بأرض وأنتم به��ا فال تخرجوا؛ ِف َر ًارا‬
‫ٍ‬ ‫الطاع��ون؛ لقوله‪« :‬وإذا وقع‬
‫ِمن ُه»‪.‬‬
‫فرارا‬
‫ومنه��ا‪ :‬جواز الخ��روج من أرض الطاعون إذا ل��م يكن ً‬
‫منه‪ ،‬ألنه ليس��ت العلة يف المنع خش��ية االنتشار‪ ،‬بل وليست جزء‬
‫العلة‪ ،‬ولكن العلة الفرار وضعف التوكل‪.‬‬
‫فإن قال قائل‪ :‬لماذا نقول‪ :‬ال يخرج من األرض التي وقع فيها‬
‫فرارا من��ه ولو كان يف مبنى واحرتق فل��ه أن يخرج منه؛‬
‫الطاع��ون ً‬
‫فرارا من النار؟‬
‫ً‬

‫‪210‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫قلن��ا‪ :‬ألنه إن بقي يف ه��ذه المدينة التي أصاهب��ا الطاعون فقد‬


‫ُيصيب��ه الطاع��ون‪ ،‬وق��د ال ُيصيبه‪ ،‬فيرفع��ه اهلل ‪ ‬ولم يمت إال‬
‫نص��ف الن��اس أو ربعهم أو أقل‪ ،‬أما الوقوف للن��ار فإصابة قط ًعا‪،‬‬
‫ُ‬
‫فبينهما فرق واضح‪.‬‬

‫ فإن قال قائل‪ :‬يف حديث أس��امة ‪ ‬السابق قال‪« :‬وإذا‬


‫فرارا‬ ‫ٍ‬
‫بأرض وأنتم بها فال تخرج��وا منها»‪ ،‬ولم يقل‪ً :‬‬ ‫وق��ع‬
‫رارا‬
‫«ف ً‬‫منه‪ ،‬ويف حديث عبدالرحمن بن عوف ‪ ‬قال‪ِ :‬‬
‫منه» فكيف الجمع بينهما؟‬
‫فرارا‬
‫المقيد‪ ،‬ونقول‪ :‬إذا خرج ال ً‬
‫المطلق على ُ‬
‫نق��ول‪ :‬نحمل ُ‬
‫منه فال بأس به (‪.)1‬‬

‫ ضعف االستدالل بهذا احلديث على «احلجر الصحي»‪:‬‬


‫وق��ال ابن عثيمي��ن ‪ :‬وهبذا يتبين ضعف اس��تدالل َمن‬
‫��مى يف علم الطب ب��ـ( الحجر‬ ‫َّ‬
‫اس��تدل هب��ذا الحديث عل��ى ما ُي َس َّ‬
‫الصحي)؛ ألهنم قالوا‪ :‬إن منع الرس��ول ‪ ‬من الخروج‬
‫م��ن أرض وق��ع هبا الطاعون ه��ذا هو الحجر الصح��ي‪ ،‬فنقول يف‬

‫((( التعليق على البخاري (‪.)621/12‬‬

‫‪211‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫الجواب عن هذا‪:‬‬
‫ف��رارا منه‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أوال‪ :‬أن الرس��ول ‪ ‬هن��ى ع��ن الخروج‬
‫وأ َّما إذا خرج اإلنسان ألن حاجته انتهت فإنه يخرج‪.‬‬
‫ثان ًي��ا‪ :‬أن الحجر الصحي إنما يكون على المصاب بالمرض‪،‬‬
‫شخصا‬
‫ً‬ ‫أ َّما السليم من المرض فال وجه للحجر عليه‪ ،‬فإذا ُق ِّدر أن‬
‫وح ِّلل وإذا هو س��الم فال وجه للحجر عليه‪،‬‬
‫جاء من أرض َوبيئة‪ُ ،‬‬
‫فرارا ِمن ُه» سواء ُأصبتم‬
‫والحديث هنا عام يف قوله‪« :‬فال تخرجوا؛ ً‬
‫به‪ ،‬أم لم ُتصابوا‪.‬‬
‫ف��إذا قال قائ��ل‪ :‬ه��م اس��تد ُّلوا هب��ذا الحديث عل��ى الحجر‬
‫الصح��ي؛ ل ُي َب ِّينوا أن دين اإلس�لام قد س��بق ه��ذه القواعد الطبية‬
‫الت��ي يتبجح هبا هؤالء‪ ،‬وهذا مفخرة لإلس�لام‪ ،‬فلماذا ُت ْض ِعفون‬
‫هذه المفخرة‪ ،‬وال ُتوافقوهنم على استداللهم؛ حتى يكون ذلك‬
‫فخرا لإلسالم؟‬
‫ً‬
‫فاجلواب‪ :‬أننا نحن نقول بالعدل‪ ،‬ونقول‪ :‬إذا كان هذا الحديث‬
‫ال ي��دل عل��ى ما ذهبوا إليه من الحجر الصح��ي فقد دل عليه قول‬
‫النب��ي ‪ِ :‬‬
‫«وف َّر من المجذوم كما تفر من األس��د» وأنه‬
‫قي��ل له‪ :‬إن رجالً يف الجي��ش مجذو ًما‪ ،‬فأمر النبي ‪ ‬أن‬
‫‪212‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ُي ْع َطى سهمه‪ ،‬وأن يرجع إلى أهله‪ ،‬وهذا نوع من الحجر الصحي‪،‬‬
‫أ َّما أن ُن َح ِّمل النصوص ما ال تحتمل فهذا ال يجوز لنا‪.‬‬
‫ثم إن الش��رع ُيراعي الصالح القلبي والصحة القلبية أكثر مما‬
‫رارا‬
‫«ف ً‬‫ُيراعي الصالح الجس��مي والصحة الجس��مية‪ ،‬ولهذا قال‪ِ :‬‬
‫ِ‬
‫ِمن�� ُه»؛ ألن الخ��روج م��ن أرض الطاع��ون ف ً‬
‫رارا م��ن الطاعون فيه‬
‫ضعف توكل على اهلل ‪.‬‬

‫ ومن فوائد احلديث‪:‬‬


‫ اس��تدل بع��ض الن��اس به��ذا الحدي��ث على أن��ه ال يجوز‬
‫والجدري‬
‫التطعيم ضد الطاعون كالتطعي��م ضد الكوليرا ُ‬
‫واألمراض األخرى‪ ،‬فهل استدالله بهذا الحديث له وجه؟‬
‫اجلواب‪ :‬إذا كان التطعيم يف أرض لم يقع فيها الوباء‪ ،‬فال يمكن‬
‫أن ُي ْس َت َد َّل هبذا الحديث عليه؛ ألنه لم يقع‪ ،‬والرسول ‪‬‬
‫فرارا ِمنه»‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بأرض وأنتم بها فال تخرجوا؛ ً‬ ‫يقول‪« :‬وإذا وقع‬
‫أم��ا إذا كان التطعي��م يف أرض وق��ع فيه��ا‪ ،‬مث��ل أن يقول��وا‪:‬‬
‫ُو ِج��دت ال ُكولي��را يف مدينة‪ ،‬وظهر فيها إصاب��ات أربع أو خمس‬
‫أو عش��ر إصابات‪ ،‬فهل نق��ول‪ :‬األولى ألاَّ يتطعم‪ ،‬وأن يستس��لم‬
‫‪213‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫للقض��اء والقدر‪ ،‬ف��إن ُق ِّدر أن ُيصاب ُأصي��ب وإال فال‪ ،‬أو نقول‪:‬‬
‫يج��وز أن يتط َّعم‪ ،‬ونقول‪ :‬إن ه��ذا دواء‪ ،‬ونجاحه أكثر من نجاح‬
‫��رد وهم‪ ،‬فيكون االعتم��اد عليه أخف يف‬
‫الف��رار؛ ألن الفرار ُم َج َّ‬
‫جانب التوكل؛ ألن االعتماد على سبب يغلب على الظن نجاحه‬
‫نقصا يف التوكل‪ ،‬لكن االعتماد على س��بب ضعيف ضعف‬
‫ليس ً‬
‫يفر من قدر اهلل ال‬
‫يف التوكل‪ ،‬كاالعتماد على غير س��بب‪ ،‬والذي ُّ‬
‫ينفعه ذلك؟‬
‫نق��ول‪ :‬ه��ذا محل إش��كال‪ ،‬لك��ن ال��ذي يظه��ر‪ :‬أن التداوي‬
‫وتعاطي األس��باب التي ُتوجب الصحة ليس كالفرار؛ ألنه اعتماد‬
‫(‪)1‬‬
‫على أمر واضح جعله اهلل سب ًبا‪ ،‬أما الفرار فقد ال يكون سب ًبا‪.‬‬

‫أهمية الطب التطبيقي‪:‬‬


‫ق��ال اب��ن عثيمين ‪ :‬م��ن أهم م��ا يكون يف دراس��ة الطب‬
‫بحرا يف علم‬
‫التطبيق‪ ،‬فإذا لم يكن عند اإلنسان تطبيق فهو وإن كان ً‬
‫الطب فإن إنتاجه يكون ضعي ًفا‪ ،‬ونحن نعرف ُأ ً‬
‫ناس��ا مارس��وا مهنة‬
‫الطب بالتجارب‪ ،‬وغلبوا كبار األطباء‪ ،‬وصاروا أحسن منهم‪.‬‬

‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪ )620/12‬وانظر كذلك التعليق على صحيح مسلم (‪)406/9‬‬

‫‪214‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫وقد ذكر لي شخص أنه ُأصيب بمرض يف جسمه‪ ،‬وذهب إلى‬


‫الب�لاد األوربية‪ ،‬وعالج‪ ،‬ولم ينتفع‪ ،‬ثم عالجه ش��خص مش��هور‬
‫بالممارس��ة التجريبية يف هذا الموطن من البدن‪ ،‬وعمل له عملية‪،‬‬
‫واس��تخرج المرض‪ُ ،‬‬
‫وش��في هنائ ًيا‪ ،‬وه��ذا أمر ُمش��اهد‪ ،‬وهؤالء‬
‫(‪)1‬‬
‫األطباء العرب إنما أخذ غالبهم طبهم بالتجارب‪.‬‬

‫عمليات وجراحات كانت حمرمة خلطورتها‪:‬‬


‫ق��ال ابن عثيمين ‪ :‬س��تجد يف كت��ب الفقهاء ‪ ‬أنه‬
‫يح��رم قطع البواس��ير؛ ألهنا يف عهدهم خط��ر‪ ،‬أما اآلن فأصبحت‬
‫جدا‪ ،‬وليس فيها خطورة‪ ،‬وتجد يف بعض الكتب أنه يحرم‬
‫س��هلة ً‬
‫خطرا‪ ،‬ربما ينزف‬ ‫َش ُّ‬
‫��ق البطن؛ لخياط الفتق؛ ألن يف ذلك الوقت ً‬
‫ميس��را‪ ،‬وتجد يف كتب‬
‫ً‬ ‫د ًما ويموت‪ ،‬أما اآلن فأصبح األمر س��هالً‬
‫الفقه��اء أن��ه يح��رم قط��ع األصب��ع الزائ��دة يف الي��د أو يف الرجل؛‬
‫فيقولون‪ :‬إن��ه يحرم قطع األصبع الزائ��دة؛ للخطورة التي تكون‪،‬‬
‫أما اآلن فاألمر – وهلل الحمد – س��هل‪ ،‬وعلى هذا فنقول‪ :‬الحكم‬
‫ي��دور مع علته وج��و ًدا وعد ًما‪ ،‬فم��ا دام الخطر ق��د زال فإن هذه‬

‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪)554/12‬‬

‫‪215‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫(‪)1‬‬
‫األشياء التي ذكر العلماء أهنا حرام تكون مباحة وجائزة‪.‬‬

‫يسيرا‬
‫وقال ابن عثيمين ‪ :‬اآلن أصبح قطع البواسير شي ًئا ً‬
‫كأهنا ش��وكة ُنقشت‪ ،‬وكذلك قطع األصبع الزائدة أصبح ليس فيه‬
‫(‪)2‬‬
‫خطر‪.‬‬

‫كتابة الوصفة للمريض بغري لغته!!‬


‫ق��ال ابن عثيمين ‪ :‬هنا ينبغي أن ُنن ِّب��ه على أمر‪ :‬وهو أن‬
‫التعليم��ات الواردة مع األدوية ب ُل ٍ‬
‫غة ال يفهمه��ا الناس‪ ،‬فال ُب َّد من‬
‫وضعها ب ُلغة عربية يفهمها ُ‬
‫الناس‪.‬‬

‫واهلل ‪ ‬عال��ج المرضى بلس��اهنم‪ ،‬وكل وصفة يجعلها‬


‫المعالِجِ ؛ ألن اهلل تعالى يقول‪( :‬ﮖ ﮗ‬
‫اهلل تعالى بِلس��ان هذا ُ‬
‫ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ) (‪ )3‬فأه��ل الجاهلية وأهل‬
‫الش��رك مرض��ى‪ ،‬ودواؤه��م بالوح��ي‪ ،‬فوص��ف ال��دواء بالكتب‬
‫المنزل��ة‪ ،‬والكت��ب المنزلة ب ُلغة القوم المرس��ل إليه��م‪ ،‬إذن كيف‬

‫((( شرح بلوغ المرام (‪)270/11‬‬


‫((( التعليق على الكايف (‪)434/5‬‬
‫((( [سورة إبراهيم‪ :‬آية ‪]4‬‬

‫‪216‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫نحن نجعل هذه الوصفات بلس��ان غير عربي وال ُم ٍ‬


‫بين‪ ،‬ونسلمها‬
‫عظيم‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫لرجل عربي‪ ،‬هذا خطأ‬
‫ُ‬
‫ولذلك ن��رى أنه لو يرتتب خطأ ممن ُأعطي الوصفة بِنا ًء على‬
‫ه��ذا فإن الطبي��ب يضمن‪ ،‬وهذا يف الحقيقة مع األس��ف الش��ديد‬
‫المس��لِمين ويف الع��رب حتى تذاكر الطائرات‬ ‫َب َن ْق ٍ‬
‫ص يف ُ‬ ‫أنه َمرك ُ‬
‫ُيعطون��ك إ َّياها باللغة اإلنجليزية يعني‪ :‬قد تحمل تذكرة يف جيبك‬
‫اآلن‪ ،‬وال ت��دري أهي لك أم لغيرك‪ ،‬وهذا م��ن التقليد الذي يدل‬
‫على ضعف ونقص‪.‬‬

‫فلم��اذا ال نق��ول‪ :‬يجب أن يكون كل ش��يء باللغ��ة العربية ما‬


‫ق��دم لنا يجب أن يكون باللغة العربية‬ ‫ٍ‬
‫ش��يء ُي َّ‬ ‫ُدمنا نعتز ب ُلغتنا فكل‬
‫لكن مع األس��ف مركب النَّ ْقص ٌ‬
‫مرض أشد من مرض السرطان‪،‬‬
‫أبدا إال إذا مات من ُأصيب به‪ ،‬ونش��أ الجيل التالي نشأ ًة‬
‫وال يزول ً‬
‫جديد ًة(‪.)1‬‬
‫***‬
‫((( (الدروس الفقهية ‪.)٤١٦/٣‬‬

‫‪217‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬هل يضمن الطبيب إذا أتلف‪ ،‬وحكم تعلم الطب ‪L‬‬


‫��ول اهَّلل ِ‬
‫ب‪َ ،‬ع ْن َأبِ ِيه‪َ ،‬ع ْن َج ِّد ِه‪َ ،‬أ َّن َر ُس َ‬
‫  َع ْن َع ْمرِو ْب ِن ُش�� َع ْي ٍ‬
‫ب – ولم يكن بالطب معرو ًفا‪-‬‬ ‫«م ْن َت َط َّب َ‬
‫‪َ ‬ق َال‪َ :‬‬
‫ِ (‪)1‬‬
‫نفسا فما دونها َف ُه َو َضام ٌن»‬ ‫فأصاب ً‬
‫ق��ال ابن عثيمي��ن ‪ :‬أي‪ :‬لم يكن معلو ًم��ا عنه التطبيب‪،‬‬
‫ولم يكن بالطب حاذ ًقا‪.‬‬
‫نفسا» يعني أتلفها‪.‬‬
‫قوله ‪« :‬فأصاب ً‬
‫قوله ‪« :‬فما دونها» كإتالف العضو أو الجرح وما‬
‫أشبه ذلك‪.‬‬
‫قوله ‪« :‬فهو ضامن» ذلك ألنه غير مأذون له يف أن‬
‫يتطبب‪.‬‬

‫عالما بالطب أو حاذ ًقا له؟‬


‫ فإذا قال قائل‪ :‬كيف نعرف بكونه ً‬
‫دارسا‪،‬‬
‫قلنا‪ :‬يعرف ذلك بالدراس��ة‪ ،‬أو بالتجارب إذا لم يكن ً‬
‫أما يف الدراس��ة ف��أن يتعلم بمدارس الط��ب‪ ،‬ويتمرن هبا على هذا‬

‫((( ابو داود (‪)٤٥٨٦‬‬

‫‪218‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫و ُيعطى الش��هادة والعلماء ‪ ‬كانوا يس��مون الش��هادة س��اب ًقا‬


‫باإلج��ازة‪ ،‬فإذا ُأعطي اإلج��ازة فهو معروف بالط��ب‪ ،‬وقد يكون‬
‫بالتجارب‪ ،‬وذلك بأن يقرأ على أحد‪ ،‬ويحبس نفس��ه على التمرن‬
‫والتج��ارب يف ع�لاج األم��راض‪ ،‬ويف معرف��ة أدوي��ة األم��راض‬
‫وخواصه��ا‪ ،‬فيتوصل إلى المعرفة فإذا علم بالتجارب أنه إنس��ان‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ يكون‬ ‫ٌ‬
‫ح��اذق والناس يرتددون إليه‪ ،‬ويجدون عنده فائدة‪،‬‬
‫بالط��ب معرو ًفا‪ ،‬فإذا لم يوجد عنده ال إج��ازة نظرية وال تجريبية‬
‫نفسا فما دوهنا‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫فإنه حينئذ يكون ضامنًا إذا أصاب ً‬
‫ وذكر ‪ ‬من فوائد هذا احلديث‪:‬‬
‫نفسا فما‬
‫‪ -1‬أن من تطبب بدون معرفة فإنه يضمن إن أصاب ً‬
‫دوهنا‪ ،‬وهو منطوق الحديث‪ ،‬وعلى هذا فيجب الحذر من إعطاء‬
‫الرتخي��ص يف الط��ب لمن لم يك��ن معرو ًفا به‪ ،‬والح��ذر ً‬
‫أيضا من‬
‫ٍ‬
‫شخص يتطبب ولم يكن معرو ًفا بالطب؛ ألنه ربما ُيهلك‬ ‫مراجعة‬
‫المريض من حيث ال يشعر‪.‬‬
‫‪ -2‬أن الطب مهنة جائزة؛ ألنه ال ضمان على من كان معرو ًفا‬
‫ٍ‬
‫محرم��ة لكان على‬ ‫نفس��ا فم��ا دوهنا ولو كانت‬
‫بالطب إذا أصاب ً‬
‫الطبيب الضمان مطل ًقا‪ ،‬وال شك أن الطب جائز‪ ،‬بل إنه مأمور به‪،‬‬
‫‪219‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫وقد عده بعض الفقهاء من فروض الكفاية‪ ،‬وقال أن القاعدة عنده‬


‫فرض كفاية‪،‬‬
‫أن المصالح العامة التي يحتاج إليها المجتمع عمو ًما ُ‬
‫وأن م��ن ذلك تعلم الطب وصناعة الخش��ب والحديد والبناء وما‬
‫أش��به ذلك‪ ،‬ألن هذا من األمور التي يحت��اج إليها المجتمع‪ ،‬وال‬
‫تندفع حاجة المجتمع إال بتعلمها‪ ،‬ونحن نرى هذا‪.‬‬
‫وأما الذين يش��اركون يف تعلم الطب فهم يش��اركون يف فرض‬
‫كفاية؛ ألن المسلمين ال بد لهم من أحد يداوي مرضاهم وينفعهم‪،‬‬
‫أرضا خصب ًة لمن أراد‬
‫وال سيما يف هذا الوقت الذي أصبح الطب ً‬
‫دع��وة الخل��ق إلى الحق؛ ف��إن الطبيب بحكم حاج��ة المريض له‬
‫يس��تطيع أن يؤث��ر على المري��ض‪ ،‬أكثر مما يس��تطيع أن يؤثر عليه‬
‫محتاج‬
‫ٌ‬ ‫داعي�� ٌة من أفص��ح الدع��اة؛ ألن المري��ض يف هذه الح��ال‬
‫ف وخطير‪ ،‬وال‬ ‫للطبيب‪ ،‬وال س��يما إذا كان للمريض م��رض ُم ْدنِ ٌ‬
‫س��يما إذا حضر أجله ف��إن الطبيب إذا كان موف ًق��ا حاول أن يختم‬
‫محمدا رسول اهلل‪.‬‬
‫ً‬ ‫لهذا المريض بشهادة أن ال إله إال اهلل وأن‬
‫‪ -3‬كمال الدين اإلس�لامي؛ وذلك بإباحة الطب‪ ،‬وتش��جيع‬
‫يتعد أو يفرط‪.‬‬
‫الطبيب الحاذق بأنه ال ضمان عليه إذا لم َّ‬

‫‪220‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫أمرا‬
‫ممارس��ا للط��ب عام��ة‪ ،‬عال��ج ً‬
‫ً‬ ‫ مس��ألة‪ :‬ل��و أن طبي ًب��ا‬
‫تخ ُّص ِص ًيا فتسبب يف أذى للنفس أو ما دونها‪ ،‬فهل يضمن؟‬ ‫َ‬
‫قلن��ا‪ :‬نعم‪ ،‬هذا يضمن؛ ألن الطبيب العام غير مجاز لمعالجة‬
‫األمراض التي تحاج لتخصص‪ ،‬بل له أن يعالج األمراض التي ال‬
‫تحتاج لتخصص‪ ،‬ألنه حاذق فيها‪ ،‬أما أمراض القلب أو الكبد أو‬
‫(‪)1‬‬
‫الجراحة – مثالً – فال‪.‬‬

‫االس��تفادة م��ن أهل الكت��اب يف الصنائع والط��ب‪ ،‬دون الديانات‬


‫واألخالق‪:‬‬
‫عما‬
‫ق��ال ابن عثيمين ‪ :‬ال يجوز أن نس��أل أهل الكتاب َّ‬
‫الصناع‬
‫يتعلق بالديانات‪ ،‬وال باألخالق‪ ،‬وال باآلداب‪ ،‬نعم نسأل ُّ‬
‫منه��م عن صناعتهم؛ لتقدمهم يف الصناعة‪ ،‬وعن الطب؛ لتقدمهم‬
‫يف الطب‪ ،‬بشرط‪ :‬أن نثق هبم؛ ألهنم قد ُيخربوننا بشيء يف الصناعة‬
‫ضد ما تكون فيه المصلحة‪ ،‬وال نأمن‪ ،‬ويبعد – فيما نظ ُّن‪ ،‬والعلم‬
‫عن��د اهلل – أن يخربون��ا بش��يء ُنجاريهم فيه من األس��لحة؛ ألن‬
‫ذلك يعني أهنم ُيعلموننا ما ُنقاتلهم به‪ ،‬وكذلك يف األدوية َي ْب ُعد أن‬

‫((( شرح بلوغ المرام (‪)153 – 148/13‬‬

‫‪221‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ُيعطون��ا ما عندهم؛ ألهنم لو فعلوا ذلك الس��تغنينا عنهم‪ ،‬وهم ال‬


‫ُيريدون أن نستغني عنهم‪.‬‬

‫لك��ن قد نقول‪ :‬حكم مس��ألة الصنائع والطب تخضع إلى كل‬


‫قضي��ة بعينها‪ ،‬فق��د يكون بعضهم عنده من النص��ح الفطري ما ال‬
‫ع��دوا‪ ،‬فينظر إلى كل‬
‫ًّ‬ ‫كافرا أو‬ ‫يمك��ن أن َّ‬
‫يغش يف مهنت��ه وإن كان ً‬
‫(‪)1‬‬
‫قضية بعينها‪.‬‬

‫هل ابن عثيمني ‪ ‬طبيب؟‪:‬‬


‫ق��ال ‪ ‬وهو يتحدث عن تقس��يم األس��باب إلى ش��رعية‬
‫وقدري��ة‪ ،‬وذك��ر من األمثل��ة عل��ى األس��باب القدري��ة‪ ،‬التداوي‬
‫باألس��بيرين فقال‪ :‬وم��ن المعروف اآلن أن بعض األدوية ُيش��فى‬
‫صداع ُيهون عليه‬
‫ٌ‬ ‫هبا المريض‪ ،‬مثالً‪ :‬األس��بيرين‪ ،‬إذا أكله من ب��ه‬
‫قدري‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫الصداع‪ ،‬فهذا السبب‬

‫إذن‪ :‬لي أن أقول‪ :‬إذا أوجعك الرأس فكل أسبيرين؛ بشرط أن‬
‫ٍ‬
‫بطبيب‪ ،‬لكن اس��ألوا‬ ‫لس��ت‬
‫ُ‬ ‫يكون ذلك بعد مراجعة الطبيب‪ ،‬فأنا‬

‫((( التعليق على صحيح البخاري (‪)233/16‬‬

‫‪222‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫ٍ‬
‫حبات منه‪ ،‬وتقولون‪:‬‬ ‫األطب��اء؛ ح َّتى ال يأيت يو ٌم من األيام تأكلون‬
‫ق��ال ابن عثيمين ك��ذا وكذا !! فال بد من مراجع��ة الطبيب يف هذه‬
‫س��بب‬
‫ٌ‬ ‫العقاقي��ر لكنه��ا – ب��إذن اهلل – تش��في م��ن المرض‪ ،‬وهي‬
‫(‪)1‬‬
‫قدري‪.‬‬
‫***‬

‫((( دروس الحرمين (‪)232/11‬‬

‫‪223‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬اخلامتة ‪L‬‬
‫ه��ذا ما تيس��ر جمعه م��ن اإلرش��ادات والفوائ��د الصحية من‬
‫مؤلفات الشيخ ‪ ،‬وأسأل اهلل الكريم أن ينفع هبا كل مستفيد‪،‬‬
‫والحمد هلل رب العالمين والصالة والسالم على نبينا محمد وعلى‬
‫آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين‪.‬‬

‫احلربي‬
‫‪@alharb_722‬‬
‫اإلثنني ‪١٤٤٣/٥/٢‬هـ‬

‫***‬

‫‪224‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫‪ J‬الفهرس ‪L‬‬
‫مقدمة‪5...................................................................................................................................‬‬
‫طريقة ترتيب الرسالة‪7.....................................................................................................‬‬
‫™ ™فوائد شرب املاء على معدة خالية ‪8................................................................................‬‬
‫™ ™معنى حديث‪« :‬ما ُء زمزم ملا ُشرب له» ‪9........................................................................‬‬
‫™نبذ الزبيب يف املاء ‪11........................................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™التحرز من الشرب يف إناء وضع الناس فيه أيديهم ُيضعف املناعة ‪12.........................‬‬ ‫™‬
‫™التحرز من الشرب يف إناء ُشرب فيه ُيضعف املناعة ‪13..................................................‬‬ ‫™‬
‫™عدم التعرض حلرارة الشمس ُيضعف املناعة ‪15............................................................‬‬ ‫™‬
‫™ضرر الرتف ‪16.....................................................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™الشرب بعد األكل مباشرة ‪18.............................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™أفضل اللحوم ُّ‬
‫وألذها ‪20....................................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™ألذ الطيور حل ًما‪21............................................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™ألذ الطرق لتجهيز اللحم ‪22............................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™أفضل جزء من الذبيحة ‪23...............................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™أكل اللحم يقوي البدن ‪24.................................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™ضرر أكل احلار ‪25..............................................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™أضرار ملء البطن بالطعام ‪26..........................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™كلما قلَّت أنواع األطعمة قلَّت األمراض ‪27........................................................................‬‬ ‫™‬
‫™ ™فوائد الشراب احللو بعد الطعام ‪28..................................................................................‬‬

‫‪225‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫™ ُكل ما تشتهيه وال تكره نفسك على ما ال تشتهيه ‪29....................................................‬‬ ‫™‬


‫™إذا اختلفت شهوة الفم وشهوة البطن فماذا ُتقدم؟‪32....................................................‬‬ ‫™‬
‫™التفكري بعمق أثناء الشبع يعسر اهلضم ‪32....................................................................‬‬ ‫™‬
‫عالج لإلمساك‪ ،‬وملني للبطن ‪33.....................................................................................‬‬ ‫™ ٌ‬ ‫™‬
‫™فوائد احلنظل لإلمساك ‪34...............................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™طريقة التغذية الصحيحة اجملمع عليها عند األطباء ‪35.............................................‬‬ ‫™‬
‫™فائدة ‪41..............................................................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™ ™النوم بعد األكل مباشرة ‪43...............................................................................................‬‬
‫™ ™الصحة يف نوم الليل ‪44.....................................................................................................‬‬
‫™ ™أفضلية النوم يف أول الليل‪47...........................................................................................‬‬
‫™جواز النوم نها ًرا‪ ،‬واالتفاق على أن األصح لي ًال ‪48.........................................................‬‬ ‫™‬
‫™النوم على ال ِوسادة‪50........................................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™النوم يف الظالم ‪52...........................................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™النوم على الشق األمين ‪54...............................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™فوائد النوم ‪55...................................................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™فوائد التمر واحلث على اإلفطار به ‪57............................................................................‬‬ ‫™‬
‫™خصائص التمر ومميزاته ‪59............................................................................................‬‬ ‫™‬
‫الس ّم والسحر ‪60...........................................................................................‬‬ ‫™الوقاية من ُ‬ ‫™‬
‫™هل العجوة موجودة اآلن ؟ ‪62.............................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™فوائد التمر واحللوى للدم ‪62...........................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™فوائد التمر للماخض ‪64...................................................................................................‬‬ ‫™‬

‫‪226‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫™ ™فوائد الوالدة الطبيعية‪ ،‬وأضرار القيصرية ‪66..............................................................‬‬


‫™ ™تنبيه مهم!!‪69.................................................................................................................‬‬
‫™ ™نصيحة للمرأة عند الوالدة‪70....................................................................................... :‬‬
‫™أهمية لنب األم (الرضاعة الطبيعية ) ‪72.......................................................................‬‬ ‫™‬
‫™فوائد وأهمية اللبأ للطفل ‪73...........................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™حكم العزل‪ ،‬وأضرار استعمال حبوب منع احلمل ‪74.....................................................‬‬ ‫™‬
‫™مسألة‪ :‬هل حتيض احلامل؟ ‪78.......................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™عالمات دم احليض واالستحاضة ‪79...............................................................................‬‬ ‫™‬
‫™حكم استعمال حبوب منع احليض ‪81...............................................................................‬‬ ‫™‬
‫™إمجاع األطباء على مضرة عقاقري منع احليض ‪84.........................................................‬‬ ‫™‬
‫™حكم مجاع احلائض وأضراره‪86.......................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™ مضرة حبس البول والغائط ‪88.........................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™قاعدة طبية مهمة ‪90........................................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™ضرر سد األنف عند الرعاف ‪91........................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™هل ُيبالغ يف االستنشاق َمن يتضرر به ‪92.......................................................................‬‬ ‫™‬
‫™فوائد االستحداد ‪94...........................................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™اإلجناب يف سن الشباب أكثر ‪96.......................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™فائدة التبول بعد اجلماع‪96........................................................................................... :‬‬ ‫™‬
‫™من أسباب الوسواس و مرض سلس البول ‪97.....................................................................‬‬ ‫™‬
‫™ضرر املُكث بعد قضاء احلاجة ‪98......................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™تدرج اإلنسان بني الضعف والقوة ‪99...............................................................................‬‬ ‫™‬

‫‪227‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫™ ™تأخر التئام الكسور عند كبار السن ‪100..........................................................................‬‬


‫™ ™اجلبائر أفضل من اجلبس ‪100............................................................................................‬‬
‫™فوائد السمك وخصائصه ‪102..............................................................................................‬‬ ‫™‬
‫السمك مع شرب اللنب ‪104...........................................................................................‬‬ ‫™أكل َّ‬ ‫™‬
‫™حلم الضب أل ّذ من السمك!! ‪104.......................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™حكم أكل اجلراد‪ ،‬وفوائده ‪106...........................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™هل ُتفقد فائدة الغذاء بالطبخ؟ ‪108..................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™حيلة ُتذهب رائحة البصل والثوم من الفم فقط ‪109.......................................................‬‬ ‫™‬
‫السواك‪ ،‬والطريقة الصحيحة الستعماله ‪110......................................................‬‬ ‫™فوائد ِّ‬ ‫™‬
‫™كيفية استعمال السواك ‪111...............................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™ضرر التسوك على اللسان ‪112............................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™معاجني األسنان ‪112............................................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™ضرر الدسم على األسنان ‪114............................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™ضرر اجللوس بني الظل والشمس ‪115................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™دواء الزكام‪ ،‬وبعض أنواعه ‪115.........................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™خطورة االلتفات عند العطاس ‪116....................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™دواء الصداع ‪118...................................................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™قاعدة دوائية مفيدة ‪118....................................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™قاعدة طبية ‪119..................................................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™فائدة دوائية ‪119..................................................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™قاعدة دوائية ‪119................................................................................................................‬‬ ‫™‬

‫‪228‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫™حكم التدخني‪ ،‬وأضراره ‪120..............................................................................................‬‬ ‫™‬


‫™أدوية ذات اجلنب ‪124..........................................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™كي خطري !! ‪126..................................................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™عالج جنون ال ِوشرة ‪127.......................................................................................................‬‬ ‫™‬
‫ال َّمى ‪128.................................................................................................................‬‬
‫™عالج حْ ُ‬ ‫™‬
‫™خاصية السبع يف الطب ‪131...............................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™دواء ال ُع ْذ َرة (ال ُع َظ ْيم ) ‪133.................................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™فوائد الكمأة ألمراض العني‪135...........................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™فوائد اإلكتحال ‪139..............................................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™التداوي باحلجامة ‪141.......................................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™هل احلجامة ُتورث النسيان؟ ‪144.....................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™إيقاف دم اجلروح ‪146........................................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™التداوي باحلبة السوداء ‪148..............................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™التداوي بألبان اإلبل وأبواهلا ‪151.....................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™من منافع النخلة ‪152...........................................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™أنواع الربص وبعض أسبابه ‪154...........................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™أضرار ضيق النفس واحلزن ‪156.........................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™من أسباب البكاء ‪158...........................................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™فوائد البكاء إذا أتى ما ُيوجبه ‪160....................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™فوائد البكاء للصيب ‪161......................................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™التفصيل يف إسكات الطفل إذا بكى ‪162.............................................................................‬‬ ‫™‬

‫‪229‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫™مضرة زجر األطفال ‪162......................................................................................................‬‬ ‫™‬


‫™دواء من أصيب بعني ‪164......................................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™فائدة‪167...............................................................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™أمراض ال تنفع فيها األدوية احلسية ‪169.........................................................................‬‬ ‫™‬
‫بالر َقى‪170........................................................................................................‬‬
‫™ ™االستشفاء ُّ‬
‫™ ™شروط الرقية ‪170................................................................................................................‬‬
‫™ ™حقيقة التوكل واجلمع بينه وبني العمل باألسباب ‪174...................................................‬‬
‫™ ™التداوي بالدعاء ‪179..........................................................................................................‬‬
‫™ ™ضرر بعض األدوية يفوق نفعها ‪182.....................................................................................‬‬
‫™احلث على تكرار الدواء النافع إذا أوصى به الطبيب‪185.................................................‬‬ ‫™‬
‫™حكم إكراه املريض على التداوي ‪186.................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™حكم التداوي ‪187................................................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™جراثيم ال يقتلها إال الربد وجراثيم ال يقتلها إال احلر ‪190...........................................‬‬ ‫™‬
‫™فائدة يف كيفية تكون الثلج والربد ‪194..............................................................................‬‬ ‫™‬
‫™فائدة يف أمر الرعد والصواعق ‪195....................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™أفضل أوقات السنة للبدن ‪196............................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™تنبيه مهم!! ‪199................................................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™فائدة‪200...............................................................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™ ™اخلروج من أرض ال ُتالئم‪202.............................................................................................‬‬
‫™ ™مسائل ومناقشات يف الطب ‪203..........................................................................................‬‬
‫™ ™هل العقل يف القلب أم يف الدماغ ‪203.................................................................................‬‬

‫‪230‬‬
‫فوائد وإرشادات يف الطب والصحة‬
‫جمموعة من مؤلفات الشيخ حممد بن صاحل العثيمني رمحه اهلل‬

‫™احلجر الصحي ‪209..............................................................................................................‬‬ ‫™‬


‫™أهمية الطب التطبيقي ‪214...............................................................................................‬‬ ‫™‬
‫™عمليات وجراحات كانت حمرمة خلطورتها ‪215...............................................................‬‬ ‫™‬
‫™كتابة الوصفة للمريض بغري لغته!!‪216...........................................................................‬‬ ‫™‬
‫™هل يضمن الطبيب إذا أتلف‪ ،‬وحكم تعلم الطب ‪218......................................................‬‬ ‫™‬
‫™االستفادة من أهل الكتاب يف الصنائع والطب‪ ،‬دون الديانات واألخالق‪221............... :‬‬ ‫™‬
‫™هل ابن عثيمني ‪ ‬طبيب؟‪222................................................................................ :‬‬ ‫™‬
‫™ ™اخلامتة ‪224.........................................................................................................................‬‬
‫™ ™الفهرس ‪225..........................................................................................................................‬‬
‫***‬

‫‪231‬‬

You might also like