Professional Documents
Culture Documents
Linguistics 4th Generation
Linguistics 4th Generation
يسر المجلة الدولية في هندسة اللغة العربية واللسانيات العامة :التواصل اللساني أن تعود
إلى قرائه* **ا بحل* **ة جدي* **دة لتخ* **وض تجرب* **ة رائ* **دة في مج* **ال الدراس* **ات اللغوي* **ة الرقمي* **ة
(لسانيات الجيل الرابع) التي ال تتوقف عن التطور ومعانقة التراكم المع**رفي ال**ذي س**يؤدي
حتم* **ا إلى مجتم* **ع المعرف* **ة ،ه* **ذا المجتم* **ع ال* **ذي ينم* **و ويتط* **ور ب* **البحث في اللغ* **ة األم
للش**عوب ،ونحن في عالمن**ا الع**ربي م**ا أحوجن**ا إلى الترك**يز على لغتن**ا لنؤهله**ا كي تص**بح
وس **يلة فعال **ة لتك **وين الق **وى العامل **ة في مختل **ف حق **ول المعرف **ة وتمكينه **ا من تق **ديمها
لش**عوبها بلغ**ة العص**ر؛ فال يخفى على أح**د الي**وم ال**دور ال**ذي تق**وم ب**ه التقان**ة الحديث**ة في
زيادة النمو االقتصادي الذي يتجاوز بكثير – حسب خ**براء االقتص*اد – ال**دور ال**ذي تق**وم
ب**ه الثقاف**ة والفن واألدب ،وال يمكن أن نبل**غ ه*ذه الغاي**ة إذا ك**انت قوان**ا العامل**ة في مج*ال
المعرف**ة تتعام**ل م**ع ه*ذه التقان**ة بلغ**ة غ*ير لغته*ا الوطني*ة .إال أن ه*ذه ال**دعوة ال تتع**ارض م**ع
إتق**ان ه**ذه الق**وى العامل**ة في مج**ال المعرف**ة للغ**ات األجنبي**ة ،ح**تى وإن ك**ان ه**ذا اإلتق**ان
يصنف في باب االستهالك ،أما اإلنتاج المعرفي فيكون من ش**أن اللغ**ة األم ،مم**ا يحتم على
باحثينا التركيز على توصيف هذه اللغة بأدوات معرفية جديدة ،تؤهل لغ**ة الض**اد للمش**اركة
في اقتص**اد اللغ**ة الم**ؤدي حتم**ا إلى اقتص**اد المعرف**ة ،وه**ذا ال يمكن أن ينجح إال إذا تب**نى
الباحثون رقمنتها على كافة الصعد.
يوج**د في ال**دول العربي**ة ع**دد كب**ير من الجامع**ات ،وفي ك**ل جامع**ة يوج**د اك**ثر من قس**م
للغ **ة العربي **ة وآدابه **ا ،باإلض **افة إلى مراك **ز بحثي **ة تهتم باللغ **ة العربي **ة ،إال أن أي **ا من ه **ذه
األقسام وتلك المراكز ال تركز على توصيف العربية رقميا ،إال فيم*ا ن**در ،وق**د يك**ون أح**د
األسباب وراء ه*ذا إهم*ال التعليم بغ*ير اللغ*ة األم في أغلب الجامع*ات ،خاص*ة تعليم العل*وم
الص**لبة ،مم**ا يحص**ر ه**ذه اللغ**ة في زاوي**ة ض**يقة ،تك**ون ثانوي**ة في أغلبه**ا ،اآلداب ،وبعض
تخصصات العلوم اإلنسانية ،مما يبعدها عن دخول معترك التقانة والرقمنة ،وبالت**الي يبع**دها
5
لسانيات مجتمع المعرفة
عن اإلسهام في تنمية المجتمع معرفيا ،مم*ا ي*ؤخر ولوج*ه مجتم*ع المعرف*ة ،ه*ذا على ال*رغم
من وج**ود أقس**ام للس**انيات العربي**ة والعام**ة في أك**ثر من مؤسس**ة أكاديمي**ة ،يرك**ز معظمه**ا
على التكوين النظري ،والتجريدي غالبا ،مع استثناء بعض المؤسسات الحكومية التي تنف**ق
على رقمنة اللغة العربي*ة ،وهي قليل*ة ،وم*ا تنتج*ه ه*ذه المؤسس*ات من المع*ارف بلغ*ة الض*اد
ال يكاد يتجاوز %2من مجموع البحوث الرقمية المنجزة عن اللغة العربية في العالم ،أما
ما تبقى من البحوث بلغة الضاد فيذهب ،في معظمه ،في اتجاه الجمود ،كونه يتن**اول اللغ**ة
العربي **ة على ش **كل أح **افير إركيولوجي **ة ال تف **ك طالس **يمها إال بص **عوبة ،حيث يتم تن **اول
معظم علوم اآللة بأدوات نحتت في الزمن العتيق.
6
لسانيات الجيل الرابع
إلى االقتص**اد اللغ**وي ال**ذي يب**نى علي**ه اقتص**اد المعرف**ة ،ال يمكن أن يتم عن طري**ق البحث
اللساني النظري ،المبني في أغلبه ،إما على حطام الرؤى العتيقة الضاربة في الق*دم ،أو على
نظريات مغرقة في التجريد والتسطيح المعرفي الذي أصبح اليوم ،وبعد ما بق**رب من أربع**ة
عق**ود من البحث اللس**اني بجمي**ع توجهات**ه ،ي**دور في حلق**ة مفرغ**ة ،كم**ا ال يمكن أن يب**نى
على الشعارات التي ترفع هنا وهناك في الدعوة إلى حماية لغة الضاد من معت**دين مفترض**ين
عليها يقضون أيامهم في تهديم صرح لغة الضاد .إن حماية العربية يجب أن تك**ون ب**أدوات
حديث**ة في مق**دمتها بن**اء نم**اذج رقمي**ة تؤس**س قاع**دة لس**انيات الجي**ل الراب**ع ،وه**و الجي**ل
ال**ذي س**يؤهل اللغ**ة العربي**ة ل**دخول الع**الم ال**رقمي الواس**ع ال**ذي يع**د ال**ركن األس**اس في
اقتصاد المعرفة بكل مستلزماته ،واي عمل يخرج عن هذا النط**اق قاص*دا حماي**ة ه*ذه اللغ*ة
س **يكون ض **ربا من العبث ،ومن مقوم **ات ه**ذا العبث االس **تمرار في اإلنف **اق على البح **وث
التي تسير عكس التيار المعرفي الذي يتجه إليه العالم الرقمي اليوم.
لقد مرت اللس*انيات العربي*ة ب**أربع مراح*ل متتابع*ة زمني*ا ،ونفس*ر ه*ذا االنتق*ال من جي*ل إلى
آخر ب**التطور ال**ذي يعرف**ه اكتش*اف الظ**واهر العلمي*ة ،فالبش*رية تتط*ور بن*اء على م*ا تكتش*فه
في ملك**وت اهلل من الظ**واهر ،وليس فق**ط ألن العلم**اء يرغب**ون في التط**ور المع**رفي ،فلك**ل
مرحلة علمية أدواتها العلمية التي تتناول بها وصف الظواهر الطبيعية ،وكلما أدرك اإلنسان
أن األدوات ال**تي طوره**ا ليش**تغل به**ا في البحث العلمي أص**بحت غ**ير ق**ادرة على تحقي**ق
طموحه المع*رفي ص*اغ أدوات جدي**دة تمكن*ه من اخ**تراق الع*الم ووص*ف ظ**واهره ،ومن ثم
فإن االنتقال من جيل لساني إلى آخر يتماشى مع التطور المعرفي العام ال**ذي يعرف**ه البحث
العلمي ،وليس عيبا أن تنتق*ل النم*اذج المعرفي*ة من مرحل*ة إلى أخ*رى ،ب*ل العيب أن تس*تمر
في ممارسة البحث بأدوات عقيم*ة معرفي*ا ،علم*ا أن ه*ذا ه*و دي*دن الكث*يرين من لغويين*ا في
الجامع**ات العربي**ة إلى الي**وم ،ول**ذلك جئن**ا بالتقس**يم المت**درج لألجي**ال اللس**انية ،علم**ا أن
مفهوم الجيل ال تع*ني إطالق*ا ع*دد الس*نوات بق*در م*ا يع*ني تط*ور المع*ارف العلمي*ة المتعلق*ة
بمعالجة نظام اللغة العربية:
.1الجيل األول :في البداية كانت األنح*اء العربي*ة التقليدي**ة بك*ل توجهاته*ا ال*تي في ع*داد
المنهج المعي **اري ،فبع **د أن اس **تقر للعربي **ة نم **وذج لغ **وي نظ **ري متكام **ل ،ش **امال جمي **ع
القض**ايا الك**برى في عل**وم اآلل**ة ،دخ**ل في الجزئ**ات ال**تي ال تنتهي ،فظه**رت خالف**ات في
7
لسانيات مجتمع المعرفة
وجهات النظر بين النحاة ،بعض*ها ذو ط*ابع شخص*ي ،وبعض*ها اآلخ*ر ذو ط*ابع م*ذهبي ،مم*ا
جع **ل بعض الفالس **فة ال **ذين خ **بروا عن كثب أدوات عل **وم اآلل **ة بــ" :العل **وم الظني **ة" وق **د
انتقل النموذج اللغوي العربي إلى التطبيق على مجاالت اخرى مثل علم األص**ول والتفس**ير
وغيره**ا ،وق **د اش **تغلت ه**ذه اآللي **ات بش**كل جي **د على نظ **ام العربي **ة من جمي **ع الج **وانب
الشكلية والمضمونية ،إلى أن استنفذت أدواتها اإلجرائية فأصبحت تكرر نفسها ،ج**اء ه*ذا
التكرار على شكل مت*ون وش*روح المت*ون وش*روح الش*روح ،مم*ا ف*رض عليه*ا التوق*ف عن
العطاء لتعرف الدراسات اللغوية نوعا من الجمود المعرفي غير المنتج.
.2الجي* **ل الث* **اني :في ف* **ترة الحق* **ة ،وبالض* **بط في عص* **ر النهض* **ة ،ظه* **رت الدراس* **ات
الفيلولوجي**ة والمقارن**ة بين اللغ**ات الهن**دو-أوروبي**ة ،خاص**ة السنس**كريتية ،ه**ذا فض**ال عن
الدراس**ات ال**تي أحيت فق**ه اللغ**ة من منظ**ور جدي**د ،فظه**ر في عالمن**ا الع**ربي من يطب**ق ه*ذا
التوج **ه على اللغ **ة العربي **ة ،حيث تش **كلت ف **رق بحثي **ة تف **رغت للبحث في أص **ول اللغ **ة
العربي**ة ،ومقارنهت**ا بأخواته**ا من اللغ**ات الس**امية ،على غ**رار م**ا ك**انت تق**وم ب**ه الدراس**ات
المقارن* **ة في دول كث* **يرة ،خاص* **ة في ال* **دول اآلس* **يوية .إال أن ه* **ذه الدراس* **ات لم ت* **ترك
نموذجا علميا يمكن االجيال الالحقة من تداوله على أوسع نطاق ،كما هو شأن الدراس*ات
العربي**ة القديم**ة ،وذل**ك لنض**وب اإلط**ار الم**رجعي ال**ذي ق**امت علي**ه ،وم**ع ه**ذا النض**وب
النظري ما زالت بعض الدول العربية تطلق اسم "أصول اللغة" ،على كلي**ات وأقس**ام علمي**ة
في رح**اب جامعاته**ا ،ب**ل م**ا زالت بعض ه**ذه المؤسس**ات "األكاديمي**ة" تخ**رج ب**احثين في
ه**ذا المج**ال ،م**ع تطعيم**ه بمقتض**يات النم**وذج الع**ربي الكالس**يكي ال**ذي انتعش في ه**ذه
المؤسس **ات إلى ح **د الوق **وف في وج **ه أي تط **ور علمي جدي **د من ش **أنه أن يغ **ير النظ **رة
العلمي**ة الس**ائدة .إال أن الع**الم الع**ربي لم يع**رف في ه**ذه الف**ترة دراس**ات ترب**ط بين اللغ**ة
ومتكلميه* **ا من مختل* **ف الطبق* **ات االجتماعي* **ة كم* **ا ك* **ان األم* **ر عن* **د األوروب* **يين ،لكنهم
انص **رفوا إلى البحث في المت **ون المخطوط **ة المتراكم **ة في المكتب **ات العربي **ة والعالمي **ة،
ف**انبروا لتحقيقه**ا والتعلي**ق عليه**ا ،فتش**كلت ف**رق من الب**احثين المتخصص**ين في التحقي**ق
ال**ذي ي**دخل ض**من البحث في فق**ه اللغ**ة ،ال**ذي يختل**ف عن الفيلولجي**ا كم**ا ع**رفت عن**د
الغربيين وكما تمثلها بعض الباحثين العرب.
.3الجيل الثالث :ومع بداية القرن العش*رين ظه*رت الدراس*ات اللس*انية بمعناه*ا الوص*في،
8
لسانيات الجيل الرابع
أو م **ا اص **بح يص **طلح علي **ه ب **المنهج الب **نيوي ال **ذي يق **وم على فلس **فة جدي **دة ته **دف إلى
وص**ف الظ**واهر الطبيعي**ة من حيث الش**كل ،وتق**ديمها كم**ا هي دون تفس**ير ،ومن ض**منها
اللغ***ة ال* **تي فص **ل موض **وعها عن أي م***ؤثرات خارجي***ة ،فأص **بح مص **طلح "علم اللغ **ة" ذا
موضوع محدد يتمثل في دراسة النظام اللغوي بعيدا عن المؤثرات الخارجي**ة ،ومن ض**منها
المتكلم باللغ**ة نفس**ه .فك**ان أن تقمص ع**دد كب**ير من باحثين**ا شخص**يات مؤص**لة للنم**وذج
الب**نيوي المطب**ق على نظ**ام لغ**ة الض**اد ،فج**اء إنت**اج كث**ير يجم**ع بين الغث والس**مين ،وفي**ه
الكثير من الغث الذي ال يقدم وال يؤخر في وصف الظواهر اللسانية العربية ،إلى أن أصبح
لدينا ركام من المؤلفات في هذا التوجه الذي امتد تأثيره إلى األدب ،فتفرغ الكث**يرون إلى
تحلي**ل النص**وص بنيوي**ا من**تزعين بعض األدوات من س**ياقها العلمي وتطبيقه**ا على نص**وص
عربية أصبح أكثرها غير قابل للقراءة .لم تقف هذه الموجة عند هذا الحد ب**ل تجاوزت**ه إلى
الدراس **ات الس **يميائية والس **يميولوجية والتداولي **ة وهلم ج **را ،وهي جميعه **ا من إف **رازات
المرحل**ة ال **تي ازده**ر فيه**ا ه**ذا الن **وع من المعالج**ة عن **د الغرب **يين ،فه**ل وف **ق باحثون **ا في
تقمص شخصيات البنيويين ؟ ذاك س*ؤال ن*ترك اإلجاب*ة عن*ه لغيرن*ا ،إال أن ال*ذي نؤك*د علي*ه
ه **و أن مرحل **ة البنيوي **ة بك **ل تفريعاته **ا لم تع **د ق **ادرة على العط **اء نظ **را لنض **وب أدواته **ا
اإلجرائية ولقلة مردودها المعرفي على باحثينا الشباب التواق إلى المعرفة العلمي**ة الجدي**دة
المبنية على العقالنية في التفكير؛
وكرد فعل على توقف النموذج البنيوي عن العطاء في تعامله م**ع اللغ*ات الطبيعي**ة ،وعج*زه
الت**ام عن تفس**ير الظ**واهر اللغوي**ة ،ش**ق التولي**ديون طريق**ا جدي**دا وض**ع في**ه أس**س معالج**ة
تفس* **يرية لظ* **اهرة اللغ* **ة أوال ،حيث انتق* **ل بالنق* **اش من األداء ال* **ذي ال يمكن أن يتج* **اوز
إمكاني* **ة الوص***ف إلى تفس***ير الظ* **واهر اللغوي* **ة عام* **ة ،من خالل البحث عن أص **ول البن* **اء
اللغوي في الكفاي*ة ،نتج عن ه*ذا التوج*ه نم*اذج لس*انية جدي*دة تح*اكي ق*درة اإلنس*ان على
إبداع اللغة ،حيث تدرج هذا االتجاه في نم*اذج لس*انية ب*دأت من س*نة ،1957لتنتهي م*ع
نهاية الثمانيني*ات من الق*رن الماض*ي ويخفت نوره*ا ويج*ف معينه*ا المع*رفي ،وذل**ك بس*بب
توقف أدواته*ا اإلجرائي*ة عن العط*اء ،وهي ال*تي ك*انت تع*ول عليه*ا كث*يرا في ال*دفع بالعم*ل
اللساني إلى م*ا ه*و أك**ثر ،فلم تتمكن ،خالف**ا لمنطلقه*ا ال**ذي ب**دأت ب*ه ،من مواكب*ة التط**ور
ال**رقمي ال**ذي يه**دف إلى وض**ع نم**وذج تجري**بي ق**ادر على نق**ل اآللي**ات ال**تي تش**تغل به**ا
9
لسانيات مجتمع المعرفة
كفاي**ة المتكلمين إلى المج**ال ال**رقمي ،خاص**ة في ص**يغته البرمجي**ة المتقدم**ة ،فك**ان ال ب**د
لهذا النظر اللساني أن يتوق*ف عن العط*اء العلمي والرض*وخ لألم*ر الواق*ع ،ه*ذا على ال*رغم
من المجهودات الكب*يرة ال**تي ب**ذلها ب**احثون مغارب**ة في بن*اء ص*رح لس*انيات عربي*ة جدي**دة،
إال أنها كان ال بد أن تتوقف لتفسح المجال للجي**ل الراب**ع من البحث اللس*اني ال**ذي يتج**ه
بالبحث في اللغة منحى آخر يواكب التطور المعرفي الحاضر والمستقبلي.
.4الجي **ل الراب **ع :إذا ك **ان خ **براء العل**وم الص**لية يجمع **ون على أن اللس**انيات تع**د العلم
األك **ثر تجريبي **ة من العل **وم التجريبي **ة نفس **ها ،كونه **ا تق **وم على أس **س ص **ورية تجم **ع بين
النظري**ة والتط**بيق ،وإذا ك**ان خ**براء الحاس**وب ق**د حقق**وا االكتف**اء المع**رفي ال**ذي انتق**ل
بالحاس*وب من التعلم إلى التعليم ،حيث أص*بح يمث*ل مص*درا للمعرف*ة بجمي*ع أنواعه*ا ،ف*إن
ه**ذا التوص**يف يع**د أساس**ا لبن**اء نم**وذج لس**اني ع**ربي جدي**د نطل**ق علي**ه لس**انيات الجي**ل
الراب**ع ،وه*و النم*وذج ال**ذي يق**وم أساس**ا لمجتم**ع المعرف**ة ،ال**ذي ال من**اص من عب**وره ع**بر
قن*اة اللغ*ة ،والمقص*ود هن*ا لغ*ة الض*اد ال*تي تع*د من أك*ثر اللغ*ات اس*تجابة للحوس*بة ،كونه*ا
تق **وم على خوارزمي **ات ص **ورية مض **بوطة في اتج **اهي التولي **د والتحلي **ل ،مم **ا ييس **ر بن **اء
نموذج هندسي لهذه اللغة ،وبما ان البحث في اللغات الطبيعية أصبح متوجها نحو الطريقة
ال**تي ت**درج به*ا المع**ارف العلمي**ة في التقان**ة الجديدةـ أي الرقمن**ة ،ف**إن أي بحث في اللغ**ة،
والعربي*ة خاص*ة ،يج*ري خ**ارج ه*ذه المنظوم**ة س**يكون ع*ديم الفائ**دة ،إن لم يكن ض*ربا من
العبث ،ل**ذلك فإنن**ا نج**زم أن أي بحث في اللغ**ة العربي**ة ال يتأس**س على فهم عمي**ق ألس**س
الرقمن **ة ال **تي تنظ **ر إلى اللغ **ة على أنه**ا منظوم **ة من الخوارزمي **ات واألتمت **ات والمع **ادالت
المتدرجة المنتجة للمتواليات اللسانية الدالة والدالالت المؤطرة للمعارف ،سيكون دورانا
في حلق**ات مفرغ**ة ،بمع**نى أن البحث ال**رقمي في اللغ**ة ،أو هندس**ة اللغ**ة ،يجب أن يص**ب
في تطوير برامج حاس*وبية يعي*د وص*ف اللغ*ة رقمي*ا لتتج*اوب م*ع متطلب*ات اآلل*ة ،ألن اللغ*ة
في جوهرها منظومة من البرامج الرياضية المخزنة في الكفاية ،وليست مخزونا عبثيا يغرف
من**ه األداء ،ومن ثم فق**د أص**بح على لس**اني الي**وم ،ال**ذي ه**و لس**اني المس**تقبل ال**رقمي ،أن
يكون متمكنا من المبادئ الرياضية والحاسوبية في جانبه*ا ال**برمجي خاص*ة ،كي يتمكن من
جع**ل اللغ**ة تق**وم ب**دورها الفع**ال في إنت**اج المعرف**ة ونقله**ا لألجي**ال القادم**ة ال**تي لن تتعام**ل
بالطرق العتيقة ،وهذا يتطلب الوقوف في وجه التوجهات اللس*انية التقليدي*ة الس*ائدة ،ب*دءا
10
لسانيات الجيل الرابع
ب**النحو الق**ديم ،إلى النح**و التولي**دي ال**ذي أص**بح بنتج العقم المع**رفي بك**ل أبع**اده ،م**رورا
بمخلف**ات النظ**ر الب**نيوي بك**ل تجليات**ه ال**تي تعرفه*ا الس*احة اللس*انية العربي**ة ال**تي م**ا زالت
اغ**رق الس**احة بأش**باه اللس**انيين ،وعلى ال**دول العربي**ة ،إن هي أرادت أن ت**رقى بلغته**ا إلى
مص*اف اللغ*ات العالمي*ة وأن تت*دارك الفج*وة الرقمي*ة العميق*ة م*ع الع*الم المتق*دم ،أن توق*ف
اإلنفاق على مناهج لسانية انتهى عمره*ا االفتراض*ي ،وأن تش*رع من*ذ اآلن في تأص*يل بحث
علمي جدي **د يق **وم على العقالني **ة الرقمي **ة في التع **اطي م **ع نظ **ام اللغ **ة العربي **ة من منظ **ور
جدي**د ،وب**ذلك س**تتطور مناهجه*ا التعليمي*ة ،وس**تتمكن من االنخ*راط في المنظوم**ة العالمي*ة
لنقل المعارف بلغة الضاد .ولتوضيح المقصود من هندسة اللغ**ة ،ولالنتق**ال به*ذا من الكالم
من الحديث النظ**ري إلى اإلط**ار العملي أش**ير إلى بعض منج*زات هندس**ة اللغ*ة العربي**ة ال**تي
تحققت إلى اليوم ،ومن ضمنها هذا الع*دد من المجل*ة وم*ا س**يليه من األع*داد قريب*ا إن ش**اء
اهلل:
-المحل**ل الص**رفي للغ**ة العربي**ة ،وق**د أنج**ز على أي**دي خ**براء في هندس**ة اللغ**ة ،وهم من
خ**يرة الب**احثين في ه**ذا المج**ال في المغ**رب ،ومن ش**أن ه**ذا العم**ل الجب**ار أن يس**تغل في
جميع التطبيق*ات ال**تي س*تجعل العربي*ة تنخ*رط في ع*الم الرقمن*ة ،ب**دءا بالترجم*ة اآللي*ة ،إلى
تقان**ة تع**رف المح**ارف والكلم*ات بص*ريا ،OCRم**رورا بالحكوم**ة اإللكتروني**ة ال**تي تق**وم
على أنطولوجي * **ا اللغ * **ة ،فمحرك * **ات البحث على الش* **ابكة ،فالمحل * **ل النح * **وي ،وال * **ويب
ال **داللي ،وهلم ج **را ،دع **ك من بن **اء قواع **د البيان **ات واس **ترجاعها آلي **ا ،والتلخيص اآللي
للنص*وص ،وبن**اء المع**اجم اإللكتروني**ة ،فه**ذه مج**االت تطبيقي**ة من ش**أن تطويره*ا أن يمكن
الباحثين من التعامل حاسوبيا م*ع المحت*وى ال**رقمي على الش*ابكة ،دون أن أش*ير إلى ال**دور
المرك* **زي للمحل* **ل الص* **رفي في البرمج* **ة الس* **حابية Claud Programmingال* **تي
توظ***ف المك***ان االفتراض **ي ،مس **تغنية عن المك***ان بمعن***اه الفيزي **ائي ،في إنت **اج المع **ارف
الكوني**ة ،إن توظي**ف ه**ذه المج**االت النظري**ة الرقمي**ة وتل**ك التطبيق**ات العملي**ة في رقمن**ة
اللغة العربية هي التي ستؤهل مجتمعاتنا العربية إلى االنتقال السريع إلى مجتمع المعرفة.
-المحل*ل النح*وي ،وه*و مش*روع كب*ير وطم*وح في طريق*ه إلى اإلنج*از ،تعم*ل في*ه عق*ول
خ**برت البحث اللس**اني التجري**بي الحاس**وبي عن كثب ،ومن ش**أن ه**ذا المحل**ل أن يت**ولى
11
لسانيات مجتمع المعرفة
التدقيق اآللي لمخرجات الترجمة اآللية وتعرف النصوص بصريا وتنفي*ذ مش*روع محرك**ات
البحث على الش* **ابكة ،ولع* **ل من أيس* **ر مهم* **ات المحل* **ل النح* **وي إنت* **اج ب* **رامج الت* **دقيق
النح **وي للنص**وص ال **تي نكتبه **ا بمح **رر الكلم**ات ،كم**ا أن دوره كب **ير ومرك **زي في بن **اء
برامج تعليمية تفاعلية جديدة تنقل نظ**ام اللغ*ة إلى النشء ،بط**رق يس*يرة ومبس*طة .أم*ا دوره
في تخ**زين البيان**ات واس**ترجاعها فال ين**اظره أي دور ق**امت ب**ه اللس**انيات التقليدي**ة ،ومن
ضمنها اللسانيات التوليدية التي م**ا زال جيش من الش*باب ي**ركض وراءه*ا ،دون أن يتمكن
أح**دهم أو فري**ق منهم من بن**اء ب**رامج تعليمي**ة تفاعلي**ة تق**دم المع**ارف اللغوي**ة لمن يطلبه**ا،
سواء من العرب أو من سواهم من متكلمي اللغات األجنبية.
-أنطواوجي*ا اللغ*ة ،والمقص*ود به*ا ش*بكة العالق*ات الداللي*ة بين مع*اني المف*ردات اللغوي*ة،
حيث يمكن للحاس* **وب الرب* **ط بين الحق* **ول الداللي* **ة وتق* **ديم المعلوم* **ات المتماث* **ل منه* **ا
والمتق**ارب والمتش**ابه ،وأيض**ا المتض**اد ،اختص**ارا لل**وقت والجه**د ،والم**ال ،مم**ا س**يمكن
المجتمعات العربية من بناء حكومة إلكترونية قائمة على أس**س علمي*ة تتج*اوز بكث**ير م**ا ه*و
متعارف عليه عن هذا المصطلح في عالمنا العربي ،وسيأتي الوقت الذي سنعرف في*ه به*ذا
المفهوم الذي نش*تغل علي*ه ض*من فري**ق ع*المي متخص*ص في هندس**ة اللغ*ة العربي*ة ،كم*ا أن
م**ؤتمرات علمي**ة كث**يرة أص**بحت تعق**د له**ذا المفه**وم ال**ذي س**يمكن العربي**ة من ح**ل أعق**د
القضايا في بنائها االستراتيجي في مستوييه االقتصادي والمعرفي.
ال أري **د أن أطي **ل في س **رد منج **زات الهندس **ة اللس **انية العربي **ة ،وم **ا ينتظره **ا تحقيق **ه في
البحث اللس **اني الجدي **د ،تكفي ق **راءة ه **ذا الع **دد المخص **ص لبعض القض **ايا ال **تي ت **دخل
ض **من المنج **زات الحديث **ة ،ليتض **ح حجم الس **ؤولية الملق **اة على لس **انيي الي **وم والغ **د من
شبابنا المتخصص في هندسة اللغة ،حيث إن ابواب**ا كث**يرة في مج**ال البحث العلمي س**تفتح
أم**امهم لل**دفع بالعربي**ة إلى االنخ**راط في المنظوم**ة الكوني**ة من البحث العلمي .نحن ننتظ**ر
من شبابنا أن يطور األبحاث العلمية ال*تي ستس*هم في س*د الفج*وة الرقمي*ة بينن*ا وبين الع*الم
المتق*دم ،وذل*ك بالعم*ل في مج*ال البرمج*ة الس*حابية ،ال**تي أص*بحت تمث*ل التح*دي األك**بر
إلدراج العربي*ة في المنظوم*ة العالمي*ة ،ننتظ**ر من*ه أن يعم*ل في تط**وير العربي*ة على الش*ابكة،
من خالل تط**وير ب**رامج رقمي**ة تتع**اطى م**ع العربي**ة بك**ل يس**ر ،لكن ه**ذا يتطلب من باحثين**ا
12
لسانيات الجيل الرابع
الشباب ومن حكوماتنا الحالية التوج*ه ب*اليحث العلمي في مج*ال العربي*ة إلى هندس*ة اللغ*ة،
والقط **ع م **ع الممارس **ات العتيق **ة ال **تي م **ا زال يق **وم به **ا جيش من الب **احثين ال **ذين بمألون
الس**احة األكاديمي**ة المغربي**ة ب**أطر غ**ير ق**ادرة على تط**وير لغته**ا ،أقص**ى م**ا تفعل**ه ه**و رف**ع
الش*عارات بحماي**ة اللغ**ة العربي**ة دون الق**درة على الرف**ع من أدائه**ا ال**رقمي ض**من المنظوم**ة
الدولية من البحث العلمي.
قد يتبادر إلى ال**ذهن الس*ؤال الت*الي :لم*اذا نكتب باإلنجليزي**ة عن اللغ*ة العربي*ة وبغيره*ا من
اللغات األجنبية وال نكتب باللغة العربية ،أليس في هذا تتناقض بين مقدمة المقال ونتائجه،
أجيب بأن األمر ال يتعلق بالكتابة بلغة أجنبية عن العربية بقدر ما يتعلق بندرة وج**ود ب**احثين
ع**رب ق**ادرين على الكتاب**ة العلمي**ة بلغ**ة الض**اد الس**ليمة في ه**ذا المج**ال البح**ثي الجدي**د،
فجل الذين كتبوا في هذا الع*دد ،وربم*ا األع*داد القادم*ة ،ليس*وا لس*انيين تقلي*ديين ،فال هم
من التولي**ديين ومن ج**اراهم ،وال هم من الب**احثين في النح**و الق**ديم أو م**ا ي**دور في فلك**ه،
إنهم جبش من الب* **احثين في هندس* **ة اللغ* **ة العربي* **ة ال* **تي تزده* **ر – م* **ع األس* **ف – خ* **ارج
الجغرافي* **ا العربي* **ة ،وينتم* **ون إلى أك* **بر مراك* **ز البحث العالمي* **ة ال* **تي وف* **رت لهم الم* **ال
واإلمكان**ات ليبحث*وا في اللغ*ة العربي*ة ،خاص*ة بع*د أن ت**بين لهم أن نظ*ام ه*ذه اللغ*ة ،خالف**ا
ألنظم* **ة اللغ* **ات الطبيعي* **ة في الع* **الم ،ه* **و األك* **ثر اس* **تجابة لتط* **بيق مع* **ارفهم العلمي* **ة في
الرياض**يات والحاس**وبيات والمنط **ق وهلم ج**را ،وه**ذه معض**لة أخ **رى نواجهه**ا في عالمن**ا
الع**ربي ،ف**إلى عه**د ق**ريب ك**ان الب**احثون في اللس**انيات العربي**ة يح**اربون الجي**ل الع**تيق من
أجل إثبات الذات من خالل إدخ**ال ه*ذا التخص*ص إلى الجامع*ات العربي*ة ،وه*ا نحن أوالء
م*ا ن**زال نح*ارب من أج**ل توف**ير الم*وارد المالي*ة والمعنوي**ة لإلنف*اق على البحث في هندس**ة
اللغ **ة العربي **ة ،فكي **ف س **نطلب من ب **احث ع **ربي أو غ **ير ع **ربي في هندس **ة اللغ **ة العربي **ة،
ت*وافرت ل*ه إمكان*ات البحث في لغ*ة الض*اد خ*ارج عق*ر داره*ا ،ان يكتب به*ذه اللغ*ة بحوث*ا
علمية دقيقة في هندسة اللغة العربية ،هذا في الوقت الذي ما تزال مقوم**ات البحث العلمي
في مختل**ف أجي**ال اللس*انيات العربي**ة عن**دنا مج**رد ش**عارات غ*ير ق**ادرة على أن ت**ترجم إلى
واق**ع عملي يخ**دم هويتن**ا وي**دفع به**ا إلى االنح**راط في المنظوم**ة العالمي**ة إلنت**اج المع**ارف
المتط **ورة .ليس عيب **ا أن نكتب عن العربي **ة بغ **ير حرفه **ا ،ب **ل أص **ل العيب يكمن في نق **ل
المعارف العلمية إلى أبنائنا العرب بغير لغتهم ،فإذا كانت العلوم الص*لبة في عالمن*ا الع*ربي،
13
لسانيات مجتمع المعرفة
باستثناء التجربة السورية ،تلقن بغير العربية في عقر داره*ا فكي**ف س**يطلب من الب**احثين –
عرب**ا وغ**ير ع**رب – يقيم**ون خ**ارج ال**وطن الع**ربي أن يكتب**وا بالعربي**ة عن نظامه**ا اللس**اني
ال **رقمي ،علم **ا أن البح **وث العلمي **ة تموله **ا دول غ **ير عربي **ة تف **رض على المس **تفيدين من
دعمها الكتابة بلغتها.
هذا العدد:
ه*ذا الع**دد من مجل**ة التواصل اللساني ال**ذي يحم*ل عن**وان "إدماج المعارف اللسانية
في عملي ة النع رف البص ري اآللي على الكلم ات والنص وص العربي ة" ،يع **د لبن **ة
جديدة تضاف إلى ما تحقق للعربية في مجال هندسة اللغ**ة العربي**ة ،وه*و يغطي جانب**ا مهم*ا
من البحث اللساني ذي العالقة المباش*رة بالص*ناعة التكنولوجي*ة ال*تي أص*بحت مطلب*ا مهم*ا
في بن**اء المع**ارف الجدي**دة المتعلق**ة بأنظم**ة اللغ**ات الطبيعي**ة ،ويتعل**ق األم**ر بتقان**ة التع**رف
البص**ري Optical recognitionعلى المح**ارف والكلم**ات والنص**وص ال**تي تنتج
عن عملي**ة المس**ح الض**وئي للوث**ائق العربي**ة ،المطب**وع منه**ا والمخط**وط بالي**د ،وهي تقان**ة
جدي**دة ت**دخل مباش**رة في مج**ال ال**ذكاء الص**ناعي أو الص**نعي ،وه**و م**ا تؤك**ده األبح**اث
المنش**ورة في ه**ذا الع**دد الخ**اص ،ال**تي ق**دمت في م**ؤتمر دولي عق**د ح**ول ه**ذا المح**ور
العلمي الدقيق سنة 2005في ت**ونس تحت مس*مى International Conference
) ، on Machine Intelligence (ICMI’05ش**ارك في*ه خ**براء متخصص*ون في
هذا التخصص العلمي الدقيق الذي يرتبط مباشرة بالمجال الص*ناعي ال**ذي يخ**دم قطاع*ات
كبيرة في المجتمع ،وه*ذا ي*دل على أن هندس*ة اللغ*ة أخ*رجت البحث اللس*اني من تقوقع*ه
النظ**ري لينخ**رط في مج**االت تخ**دم اإلنس**ان في بع**ده المع**رفي المتط**ور والمتج**دد ،بل**ه
البعد االقتصادي.
يضم هذا الع*دد 22من البح*وث المنتق*اة بعناي*ة من ذاك الم*ؤتمر ،وهي تمث*ل نس*بة %50
من مجم**وع البح**وث ال **تي ق **دمت في**ه ،وقب **ل أن تع**رف طريقه**ا للنش**ر في ه**ذه المجل**ة
الدولية المحكمة خضعت للتحكيم العلمي الدولي الدقيق ،تولى ه*ذه المهم*ة باحث*ان لهم*ا
باع طويل في هندسة اللغة العربية ،وهما :جوزبف ديشي ،وسالم كانون ،أم**ا مص*ادر ه*ذه
البح * **وث فيت * **وزع كم * **ا يلي 10 :من فرنس * **ا ،و 5من األردن ،و 2من الجزائ * **ر ،و 2من
الص **ين ،وبحث واح **د من ت **ونس ،ه **ذا التن **وع في مص **ادر البح **وث يؤك **د على الط **ابع
ال **دولي للبحث في هندس**ة اللغ**ة العربي**ة ،وعلى ال **رغم من مض**ي أك **ثر من س**ت س**نوات
14
لسانيات الجيل الرابع
على ه**ذه البح **وث ف **إن قيمته **ا العلمي **ة م **ا ت **زال كب **يرة في مج **ال التع **رف البص**ري على
أجزاء مهم*ة من المنطوم*ة اللس*انية العربي*ة ،كونه*ا تؤس**س لص*ناعة تكنولوجيي*ة تحت*اج إلى
وقت أطول لتنفيذها في مخابر البحث الهندسي الحاسوبي في جانبي**ه ال**برمجي والعت**ادي.
تنتظم هذه البحوث في أربعة أقسام متكاملة:
يركز القسم األول على الجانب النظري لتقانة إدماج المعارف في تقانة التع**رف البص**ري،
وهي تهيء األرض **ية العلمي **ة للبح **وث التطبيقي **ة ال **تي س **ترد في الفص **ول الالحق **ة ،منه **ا
التركيز على آلي*ات تع*رف النص*وص المطبوع*ة م*ع الترك**يز على المس*توى المورفول**وجي،
وبحث آخر يركز على أهمية الموارد اللسانية ،والمعجمية منها بخاص**ة ،في تقان**ة التع**رف
بوصفها أدوات أساسية في بناء البرامج الحاسوبية المستخدمة في هذه التقانة.
يضم القسم الثاني بحوثا علمية تتعلق بالموارد اللسانية :مع*اجم ومت*ون لغوي**ة تمث*ل العربي*ة
النموذجية ،حيث يتضح أن تقعيد الموارد المعجمي**ة أص*بح مهم*ة مركزي**ة في ه*ذه التقان**ة،
ليس فق**ط بس**بب التماس**ك ال**داخلي للغ**ة العربي**ة ،ولكن أيض**ا بس**بب خل**ق التماس**ك م**ع
أنطمة لغات أخرى في سياق التع*دد اللغ*وي ال*ذي أص*بح واقع*ا علمي*ا ملموس*ا الي*وم .وفي
ه**ذا الص**دد يق**دم أح**د الب**احثين تجربت**ه العلمي**ة في بن**اء المعجم األلم**اني الع**ربي والع**ربي
األلم**اني المنج**ز في جامع**ة رادب**ول بهولن**دا ،والجامع**ة الكاثوليكي**ة ببلجيك**ا ،وه**و معجم
يتض**من م**داخل مش**فرة يص**ل ع**ددها إلى عش**ر ماليين م**دخل من اللع**ة العربي**ة .وفي ه**ذا
الس* **ياق المعجمي يق * **دم مجموع* **ة من الب * **احثين الم* **ورد المعجمي الض* **خم الموس * **وم بـ:
DIINAR.1الذي تمت معالجته من منظور الغموض المورف-معجمي في اللغة العربي**ة،
حيث يت*بين أن أنواع*ا كث*يرة من الغم*وض ال يمكن فكه*ا بتش*كيل الم*داخل ،إال من خالل
المستوى الصرفي.
وأم * **ا القس * **م الث * **الث في * **دور ح * **ول مح * **ور البحث عن المعلوم * **ة في النص * **وص العربي * **ة
الممسوحة ضوئيا ،ويمتد هذا المحور ليشمل إدارة المعارف في عملي*ة الفهرس**ة المتع*ددة
اللغات ،مع التركيز على المسار المعرفي Cognitionالذي تثيره عملية الفهرسة ورص**د
المفاهيم األساسية بهدف تمثي**ل أو تلخيص الوث**ائق المتع*ددة اللغ*ات .يش*مل ه*ذا المح*ور
أيض**ا ع**رض تجرب**ة مخت**بر هندس**ة المعرف**ة المتع**دد اللغ**ات والملتمي**ديا ،ال**ذي يرك**ز على
البحث عن نقط**ة التق**اطع بين أنظم**ة البحث عن المعلوم**ة ال**تي ترب**ط بين العربي**ة واللغ**ات
األخ**رى منه**ا الص**ينية والفرنس**ية واإلجليزي**ة واأللماني**ة واإلس**بانية ،حيث يتم البحث عن
المعلوم **ة في النص **وص العربي **ة غ **ير المش **كولة .وفي المح **ور ذات **ه يق **دم بعض الب **احثين
خوارزمي*ة ض*غط النص انطالق**ا من البني*ة الص*رفية للغ**ة العربي**ة ،ومن خالل تحلي*ل الزوائ**د
15
لسانيات مجتمع المعرفة
ال **تي تلح **ق بالكلم **ات العربي **ة ،مطبق **ا المنهج اإلحص **ائي في المعالج **ة ،أم **ا متن الدراس **ة
فيق**وم على النص**وص العربي**ة المتمثل**ة في الكت**اب المدرس**ي للطلب**ة الع**رب .وفي الس**ياق
نفس **ه يق***دم مجموع **ة من الب***احثين مش **روعا علمي***ا ح***ول رص **د المف **ردات العربي **ة في
مخرج**ات التع**رف الض*وئي ،مطبقين في ذل**ك المنهج اللس*اني الق**ائم على اإلحص*اء ،وق**د
شمل البحث المستويين الصرفي والتركيبي باعتماد المنهج االحتمالي :الجذور التي تتولد
منه**ا الكلم**ات والقيم اإلس**نادية دون إهم**ال عالق**ة ك**ل ذل**ك بلوح**ة المف**اتييح والح**روف
واالصوات.
ينتهي العدد بالقس*م الراب*ع ويتض*من بحوث*ا علمي*ة دقيق*ة ترك*ز على تقان*ة تع*رف المح*ارف
بص*ريا OCRوهي مهم*ة ش**اقة علمي**ا ،حيث تم الترك**يز على التع**رف البص*ري اآللي على
العالم**ات الفرعي**ة في الخ**ط الع**ربي المكت**وب بالي**د ،مطبق**ا في ذل**ك األدوات اإلجرائي**ة
التي يوظفها المنطق العائم.
يتبين من هذا التقديم المقتضب لمحتوى العدد أن البحث اللساني لم يعد منصبا على
القضايا الشكلية أو المضمونية التي ركزت عليها األجيال اللسانية السابقة ،فقد أصبح
البحث اللساني الجديد يؤسس لبناء نماذج لسانية رقمية تعمق فهمنا لطبيعة لغتنا
وتمكينها من خدمة المجتمع الرقمي ،فقد أسهمت هذه اللسانيات في تطوير برامج
حاسوبية للترجمة اآللية التي تلعب دورا اقتصاديا كبيرا من خالل توفيرها الوقت
والجهد ،وفي تطوير أنطولوجيا اللغات الطبيعية التي تعد األساس اللساني لبرامج
الحكومة اإللكترونية التي توفر على المجتمع اإلنفاق في اقتناء الورق والمكان ،فجعلت
المواطن يخدم نفسه بنفسه ،هذا فضال عن دورها الكبير في تمكين اإلنسان العادي
الحصول على خدمات فورية وفي وقت قياسي ،وال يفوتني هنا أن أعرج على دور
األنطولوجيا في تطوير محركات البحث على الشابكة التي توفر على الباحثين في
مختلف صنوف المعرفة الوقت والجهد والمال للوصول إلى المعلومة التي يرغبون فيها
في وقت قياسي وبالمجان ،أما في الجانب التعليمي فال أحد يجهل اليوم في هذا العالم
الرقمي الذي ما زلنا – نحن العرب – على هامشه الدور الكبير الذي تقوم به تقانة
التعليم االفتراضي أو التعليم عن بعد ،حيث بدأ العالم يتخلص من االعتماد تدريجيا على
الورق في نقل المعارف ،وقد شرعت دول كثيرة في توفير مبالغ كثيرة كانت تصرفها
على اقتناء الورق والحبر وما يدخل في مجالهما من خدمات وتوزيع وتخزين ،إلخ ،.هذا
فضال عن كونها تلغي األحمال الثقيلة التي تقصم ظهر التالميذ وهم يتوجهون إلى
16
لسانيات الجيل الرابع
المدارس ،أما عن المردود البيداغوجي للتعليم االفتراضي فحدث وال حرج ،فله من
الفوائد ما ال يحدها إال الحلم.
لمثل هذه الموضوعات ،وغيرها الكثير ،ستتفرغ مجلة التواصل اللساني لتأسيس جيل
جديد من المعارف المبنية على الرقمنة ،ساعية إلى خدمة لغة الضاد من خالل ما تتميز به
عن بقية اللغات ،كونها اللغة األكثر اسجابة للحوسبة .فبعد تقديم بعض األعداد التعريفية
برقمنة العربية ،سعيا إلى إقناع المعنيين بالشأن الرقمي في الوطن العربي بمردودها
االقتصادي واالجتماعي والمعرفي ،ستخصص أعدادا ممتازة لمحاور محددة ،وهكذا فإن
العدد القادم سيضم عددا من األبحاث العلمية التي تقدم بها خبراء في هندسة اللغة
العربية من مختلف دول العالم إلى المؤتمر الدولي حول المعالجة اآللية للغة العربية
المعقود في الرباط ،CITAL''12والعدد الذي بعده سيضم األبحاث التي ستقدم في
المؤتمر الدولي Innovation''12الذي سينظم في دولة اإلمارات العربية المتحدة،
كما أن عددا الحقا سيكون مخصصا ألعمال منظمة األلكسو عن المعالجة اآللية للغة
العربية ،وبعد هذا العدد ستشرع المجلة في سياسة المحاور العلمية ،سيكون هناك عدد
خاص باألنطولوجيا العربية ،سيتلوه عدد خاص عن التعليم االفتراضي ،وهناك محاور
أخرى في الطريق إلى التحديد والضبط إن شاء اهلل.
17