You are on page 1of 16

‫(*)‬

‫المعجم التاريخي للغة العربية في ضوء متغيّرات األلفية‬


‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫تمهيد ‪:‬‬
‫‪ ‬‬
‫استهالل ‪:‬‬
‫‪ ‬‬
‫رقي‬
‫تش ّكل املعجم ات التارخيية للغ ات‪ ،‬مظه راً للتف ّوق احلض اري واإلب داع الثق ايف وال ّ‬
‫اللغ وي‪ ،‬باعتبارها س ّجالت لتط ّور اللغة عرب العص ور‪ ،‬وأوعية للت اريخ الفك ري لألمة الناطقة‬
‫منو اللغة من الن واحي كاف ة‪ ،‬على مس توى املعىَن والداللة‬
‫هبذه اللغة أو تل ك‪ ،‬على أس اس أن ّ‬
‫متر هبا األمم‪ .‬ول ذلك ك ان ت اريخ اللغ ة‪ ،‬هو‬‫والس ياق‪ ،‬إمنا يعكس األط وار التارخيية اليت ّ‬
‫التاريخ الفكري والثقايف باملفهوم العام لألمم والشعوب اليت تنطق بتلك اللغة‪.‬‬
‫والتوس ع‬
‫ّ‬ ‫ض ُع املعجم ات التارخيية للغ ات‪ ،‬يف اجلمل ة‪ ،‬يأيت على رأس مراحل النضج‬
‫َو َو ْ‬
‫تتجمع من الكتب اليت تُعىَن‬
‫واالمتداد‪ ،‬ويقوم على أساس من الذخرية املعجمية اللغوية‪ ،‬اليت ّ‬
‫بشرح معاين الكلمة‪ ،‬ومرتادفاهتا‪ ،‬وأبنيتها الصرفية وتراكيبها النحوية‪ ،‬وأصوهلا‪ ،‬واستعماالهتا‪،‬‬
‫وغريبه ا‪ ،‬وش واهدها‪ .‬ذلك أن الت أريخ للغة من اللغ ات هو حص يلة ت راكم ال ثروة اللغوي ة‪،‬‬
‫والتص ّرف فيها واس تثمارها مبنهج علمي‪ .‬وهو عملية ال تتم على النحو ال ذي يفي بالقصد‬
‫وحي ّقق اهلدف‪ ،‬إالَّ إذا ت وافرت ش روط موض وعية ي أيت يف املقدمة منه ا‪ ،‬تط ّور اجملتمع علمي اً‬
‫بالتطور احلضاري الذي يتح ّقق يف بيئة هذه‬
‫ّ‬ ‫وثقافياً‪ .‬ولذلك اقرتن وضع املعجم التارخيي للغة‬
‫اللغ ة‪ ،‬حبيث ك ان ظه ور املعجم الت ارخيي للغ ٍة م ا‪ ،‬تعب رياً عن ب زوغ عصر النهض ة‪ ،‬كما هو‬
‫واضح متام اً يف ت اريخ أوروبا املعاص ر‪ ،‬حيث ص در معجم أكادميية كروسا اإليطالية يف ع ام‬
‫‪1612‬م‪ ،‬وص در معجم األكادميية الفرنس ية بني ع َام ْي ‪1638‬م و‪1694‬م‪ ،‬وص در معجم‬
‫وبسرت األم ريكي يف ع ام ‪1828‬م‪ .‬وه ذه املراحل هي اليت ك انت منطلق اً للنهضة يف تلك‬
‫البلدان‪.‬‬
‫ولقد راود التفكري يف وضع املعجم الت ارخيي للغة العربية مُح اة الض اد منذ العقد الث الث من‬
‫الق رن العش رين‪ ،‬إىل أن ق َّر ع زم جممعنا على الش روع يف وضع األسس املتينة للخ روج هبذا‬
‫أهم‬
‫نص مرس وم إنش اء جممعنا على أن من ّ‬‫املش روع من ط ور التفكري إىل ط ور التنفي ذ‪ .‬فقد َّ‬
‫أغراضه أن يقوم بوضع معجم تارخيي للغة العربية على الطراز احلديث‪ ،‬لذلك عُين اجملمعيون‬
‫منذ الس نة األوىل لنش أة اجملمع بت أليف ه ذا املعجم‪ ،‬ومن أجل ذلك تك ونت جلنة لتحديد‬
‫الرئيس ة ملا ينبغي أن يك ون عليه املعجم الت ارخيي(‪ .)1‬ولكن الظ روف‬
‫َ‬ ‫خطته ورسم املع امل‬
‫حالت دون الشروع يف إجناز هذا املشروع الثقايف الضخم إىل اآلن‪ .‬وأما ما أصدره اجملمع‪،‬‬
‫فهو املعجم الوس يط ال ذي ص در يف طبعته األوىل يف س نة‪1962  ‬م ‪ ‬يف جمل دين‪ ،‬واملعجم‬
‫خمص ص للمدارس الثانوية‪ ،‬واملعجم الكبري الذي صدر اجلزء األول منه‬
‫الوجيز يف جزء واحد ّ‬
‫يف س نة ‪1970‬م‪ ،‬وص در اجلزء الس ابع يف س نة ‪ 2006‬م‪ ،‬إىل ج انب ثالثني معجم اً‬
‫للمص طلحات العلمي ة‪ ،‬ومعجم ألف اظ الق رآن الك رمي ال ذي ص در اجلزء األول منه يف س نة‬
‫‪1953‬م‪ ،‬واجلزء اخلامس يف س نة ‪1970‬م‪ ،‬ومعجم ألف اظ احلض ارة احلديثة ومص طلحات‬
‫الفن ون‪ ،‬واملعجم الفلس في ال ذي ص در يف س نة ‪ 1979‬م‪ .‬ولست أدري على وجه التفص يل‬
‫ما املوانع اليت حالت وال تزال حتول دون البدء يف وضع املعجم التارخيي(‪.)2‬‬
‫‪ ‬‬
‫❊‪❊   ❊   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫اللغة صورة من حياتنا‪:‬‬
‫ملا ك ان املعجم التارخيي للغة ما هو ذلك املعجم الذي يتناول تاريخ حياة ك ّل كلمة‬
‫نص وردت به الكلم ة‪ ،‬ف إن ه ذا املعجم يس ّجل لنا‬
‫من كلم ات اللغ ة‪ ،‬يس ّجل لنا مثالً أول ّ‬
‫أيض اً حي اة األمة الناطقة هبذه اللغ ة‪ .‬وإذا ك انت األلف اظ كالبش ر‪ ،‬تب دأ ك ّل كلمة حياهتا‬
‫وتعيش ومتوت‪ ،‬ولكن حي اة األلف اظ أك ثر تف اؤالً من حي اة البش ر‪ ،‬فهن اك كلم ات عاشت‬
‫آالف الس نني‪ ،‬وألف اظ مل يق در هلا ط ول البق اء (‪ .)3‬فت اريخ اللغة هو األمة اليت تنطق هبا‪،‬‬
‫ب على مس رح حياهتا من أح داث ووق ائع وما‬
‫وهو الوع اء ال ذي يس ّجل حض ارهتا وما تَع اقَ َ‬
‫حتوالت وزوابع‪.‬‬
‫عاشته من ّ‬
‫واللغة مؤسسة اجتماعية على اعتبار أهنا موضوعةٌ للتفاهم بني الناس طبق اً ملا ذهب إليه كثري‬
‫من علم اء االجتم اع‪ ،‬فهي إذن من ض من املؤسس ات اليت يتناوهلا االجتم اعيون ب البحث‬
‫كالعائلة‪ ،‬والدين‪ ،‬واملؤسسات االقتصادية‪ ،‬والعلوم‪ ،‬والفنون الرفيعة‪ ،‬والطباعة‪ ،‬والربيد‪ ،‬وغري‬
‫ذلك من املؤسسات القدمية أو املستجدة‪ .‬ويقول علماء اجتماعيون آخرون ؛ َّ‬
‫إن اللغة ليست‬
‫من قبيل املؤسسات االجتماعية‪ ،‬ألهنا ختتلف عن مجيع املؤسسات اليت ذكرنا أمساءها اختالف اً‬
‫تتم مباش رة بني املتف امهني دون أن حتت اج إىل‬
‫بيّن اً‪ ،‬من جهة أن اللغة وس ائر أس اليب التف اهم ّ‬
‫إن اللغة مؤسسة اجتماعية مبعىن من املع اين‪،‬‬‫خمتصني يتوس طون فيه ا(‪ .)4‬ويف كلتا احلالتني‪ ،‬ف َّ‬
‫لكل مؤسسة تاريخ‪،‬‬
‫التطور مثلها مثل املؤسسات االجتماعية‪ .‬وملا كان ّ‬
‫أي أهنا ختضع لسنة ّ‬
‫َّ‬
‫فإن تاريخ اللغة هو الذي يعكس األصالة التارخيية ألمة من األمم‪.‬‬
‫بأي مثن‪ ،‬للتأثري يف اللغة‬ ‫َّ‬
‫إن اللغة العربية لغة وعي‪ ،‬ولغة شهادة‪ .‬وينبغي إنقاذها سليمةً ِّ‬
‫الدولية املس تقبلة‪ .‬واللغة العربية بوجه خ اص‪ ،‬هي ش هادة دولية يرجع تارخيها إىل ثالثة عشر‬
‫تزودان الدارس هلما بنظرة جديدة إىل‬ ‫قرن اً (‪ .)5‬واللغة العربية واحلضارة العربية اإلسالمية‪ّ ،‬‬
‫الع امل‪ .‬وقد دعا املستش رق الفرنسي ه نري لوس ل‪ ،‬حكومة بالده يوم اً م ا‪ ،‬إىل ت دريس اللغة‬
‫العربية يف املدارس الفرنس ية‪ ،‬ألهنا ‪ -‬كما ق ال ‪ « -‬تكشف للتالميذ ش يئاً فش يئاً تص وراً‬
‫جديداً للعامل »‪ .‬إذ قال يف مقال له نشره يف جريدة (لوموند) ‪ « :‬الواجب على من يتولون‬
‫أمر الثقافة يف فرنسا أن يص نعوا بالنس بة إىل الع رب ما يص نعه أس اتذة الت اريخ بالنس بة إىل‬
‫أوروبا‪ .‬جيب أن يعلموا األطفال الفرنسيني شيئاً من الذخرية اهلائلة من احلضارة العربية‪َّ .‬‬
‫إن‬
‫دراسة الق رآن‪ ،‬ولو ك انت س طحية‪ ،‬تكشف للتالميذ ش يئاً فش يئاً تص وراً جدي داً للع امل‪،‬‬
‫وال دين اإلس المي يس ري يف حض ارة الق رآن كلّه ا‪ .‬وتلك ظ اهرة قد جتوهلت كث رياً‪ .‬ف إذا‬
‫تعمقناه (أي القرآن) استطعنا أن نفهم إىل ح ّد كبري ما جيري يف العامل العريب يف أيامنا هذه‬
‫» (‪.)6‬‬
‫لقد وجدت لدى األستاذ عباس حممود العقاد‪ ،‬عضو اجملمع يرمحه اللَّه‪ ،‬كالم اً نفيس اً‬
‫عن ش ّدة اللُّحمة اليت تربط اللغة العربية باألمة الناطقة هبا‪ ،‬أحب أن أنقله هن ا‪ ،‬إذ يق ول يف‬
‫مع رض تص ّديه للم ؤامرة على اللغة العربية ‪َّ :‬‬
‫»إن احلملة على اللغة يف األقط ار األخ رى‪ ،‬إمنا‬
‫هي محلة على لس اهنا أو على أدهبا ومثرات تفكريها على أبعد االحتم ال‪ .‬ولكن احلملة على‬
‫كل شيء يعنينا وعلى كل تقليد من تقاليدنا االجتماعية والدينية‪ ،‬وعلى‬
‫لغتنا حنن محل ةٌ على ّ‬
‫اللس ان والفكر والض مري يف ض ربة واح دة‪ ،‬ألن زوال اللغة يف أك ثر األمم يُبقيها جبميع‬
‫مقوماهتا غري ألفاظها‪ ،‬ولكن زوال اللغة العربية ال يُبقي للعريب أو املسلم قواماً مييّزه عن سائر‬
‫ّ‬
‫األق وام‪ ،‬وال يعص مه أن ي ذوب يف غم ار األمم‪ ،‬فال تبقى له باقية من بي ان وال ع رف وال‬
‫معرفة وال إميان«(‪.)7‬‬
‫أما الشيخ أمني اخلويل‪ ،‬عضو اجملمع يرمحه اللَّه‪ ،‬فوجدته يقول عن اللغة العربية ‪» :‬إهنا‬

‫أشد املظاهر احليوية ليناً‪ ،‬وأقلُّها تصلّباً وحتجراً‪ ،‬وأطوعها ّ‬


‫للتطور‪ ،‬وقدماؤنا أنفسهم يدركون‬ ‫ُّ‬
‫ه ذا واض حاً حني يتح دثون عن هتذيب اللغة وعوامل ه‪ ،‬وحني يق ررون أن ِ‬
‫االس تعمال حييي‬
‫وحتول اللسان‪ ،‬وما إىل ذلك من دالئل‬
‫ومييت‪ ،‬ويقبح وحيسن‪ ،‬وحني يصفون تداخل اللغات ّ‬
‫الشعور بتأثّر اللغة باحلياة تأثّراً قويّاً«(‪.)8‬‬
‫إن اللغة‪ ‬من حيث هي ظاهرةٌ اجتماعيةٌ تنشط وتقوى وفق نشاط جمتمعها‪ ،‬وما له من‬ ‫َّ‬
‫ق ّوة خلوض غم ار واقع احلي اة وفتح آف اق املس تقبل‪ ،‬وهي تفرت وتض عف إذا ما ف رتت حركة‬
‫ه ذا اجملتم ع‪ ،‬وب دا ع اجزاً عن ح ّل ما يعرتضه من مش كالت‪ ،‬ورفع ما يواجهه من حت ّديات‪.‬‬
‫إن اللغة تكتسب كينونتها وتكتسي حيويته ا‪ ،‬بق در ما يك ون للن اطقني هبا‬ ‫ومن مث‪ ،‬ف َّ‬
‫لبث احلياة فيها‪ ،‬وإبقاء هذه احلياة متواصلةً فيها ودائمة‪ ،‬ال يعرتضها‬
‫والكاتبني من إمكانات‪ّ ،‬‬
‫أي جديد تعيش ه‪ ،‬مهما يكن ه ذا اجلديد ؛ ممّا جيعل اللغة يف حقيقته ا‪،‬‬ ‫ع ائق يف التعبري عن ّ‬
‫صدى يعكس واقع الذين يتوسلون هبا يف شؤوهنم العامة واخلاصة (‪.)9‬‬
‫وألن اللغة من خلق الفكر‪ ،‬وألهنا خلقت خصيص اً لتيسري التبادل املادي والفكري مع‬
‫التطور أيض اً‪ ،‬وهي صورة صادقة‬
‫التطور‪ ،‬فاللغة اليت تسايره دائمة ّ‬
‫اجملتمع‪ ،‬وألن اجملتمع دائم ّ‬
‫حلضارته‪ ،‬فاملعجم اللغوي ألمة ما‪ ،‬هو يف الوقت نفسه صورة خملصة ملا تعرفه هذه األمة يف‬
‫حياهتا اليومية‪ ،‬وكياهنا االقتصادي والسياسي‪ ،‬وسلوكها الديين واألخالقي‪ ،‬وتقدمها العلمي‬
‫والفين(‪.)10‬‬
‫تطورنا عرب‬
‫فاللغة العربية إذن ص ورة من حياتن ا‪ ،‬تعرّب عن ذواتن ا‪ ،‬وتس ّجل مفرداهتا ّ‬
‫األزمان‪ .‬وتاريخ اللغة العربية‪ ،‬هبذا االعتبار‪ ،‬هو تاريخ األمة العربية اإلسالمية قاطبة‪ ،‬وذلك‬
‫الرتب اط اللغ ات الوطنية للش عوب اإلس المية بلغة الض اد من ع ّدة وج وه‪ ،‬ممّا هو معل وم يف‬
‫إن تط ّور اللغة العربية يعكس تط ّور حياتن ا‪ ،‬والعكس‬ ‫حقل علم اللغة املق ارن‪ .‬ول ذلك ف َّ‬
‫صحيح‪ ،‬ممّا جيعل من التأريخ للغة عرب تعاقب األحقاب‪ ،‬تسجيالً لتاريخ أمتنا‪.‬‬
‫ومن هنا تظهر لنا األمهية القص وى للمعجم الت ارخيي للغة العربية ال ذي آن األوان‬
‫ليع رف طريقه إىل ص دور أجزائه تباع اً‪ ،‬بتض افر جه ود اجملامع اللغوية العربية مجيع اً دون‬
‫استثناء‪ ،‬ألن هذا املشروع الضخم هو أكرب من أن ينهض به جممع واحد جبهود أعضائه‪ ،‬مع‬
‫االع رتاف هلم بالكف اءة العالية وبالق درة على اإلجناز‪ .‬ولست أرى يف ذلك خبس اً حبق جممعنا‬
‫أو تش كيكاً يف قدرات ه‪ .‬ولكن طبيعة العمل ومقتض يات ص ناعة املعجم يف ح ّد ذاهتا‪ ،‬تل زم‬
‫اعي يف إط ار أوس ع‪ ،‬إلجناز ه ذا املش روع‪ ،‬يف املدة الزمنية املعقول ة‪ .‬وليس أنسب‬
‫العمل اجلم َّ‬
‫َ‬
‫يتم ذلك يف إطار احتاد اجملامع العربية‪ ،‬على أن يتوىل جممعنا مهام التنسيق واإلشراف‬‫من أن ّ‬
‫واملتابعة‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫❊‪❊   ❊   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫المعجم التاريخي للغة العربية أمام التح ّديات ‪:‬‬
‫تَداخ ُل فيه عل وم كث رية ؛ عل وم اللغة واألدب‬
‫ض ُع املعجم الت ارخيي للغة العربية َت َ‬
‫َو ْ‬
‫والت اريخ والفلس فة‪ ،‬وعل وم النفس واالجتم اع والسياسة والق انون واالقتص اد‪ ،‬والعل وم‬
‫العس كرية‪ ،‬وعل وم الطب والص يدلة‪ ،‬وعل وم الفلك والزراع ة‪ ،‬إىل غريها من العل وم‪َّ .‬‬
‫ألن‬
‫املشروع وإن كان لغوي اً‪ ،‬فإنه يف حقيقة األمر‪ ،‬متع ّدد الوجوه‪ ،‬حبسبان أن التأريخ للغة هو‬
‫تأريخ للحياة العامة يف تطورات مسريهتا منذ أن نطق الناس هبذه اللغة أو تلك‪ .‬فإذا كانت‬
‫املعجم ات اليت ظه رت باللغة العربية قد ق امت أساس اً على تص نيف املادة اللغوية اليت مجعت‬
‫يف الق رن الث اين للهج رة‪ ،‬ف َّ‬
‫إن ذلك يعين أن ت اريخ اللغة العربية توقف عند املرحلة اليت انتهى‬
‫إليها (لس ان الع رب) البن منظ ور‪ ،‬أو (ت اج الع روس من ج واهر الق اموس) للزبي دي‪ .‬ومن‬
‫املعلوم أن (لسان العرب) ضمَّ ما تناثر يف املعاجم املختلفة‪ ،‬فحشد كل ما وجده يف هتذيب‬
‫اللغة لألزه ري (ت ‪ ،)370‬والص حاح للج وهري (ت ‪ ،)405‬واحملكم البن س يده (ت‬
‫‪ ،)448‬وغري ذلك من املع اجم‪ .‬وعلى ال رغم من ه ذا‪ ،‬فال ميثل (لس ان الع رب) بأجزائه‬
‫العش رين كل م ادة اللغة العربية يف عصر املؤلف (الق رن الس ابع اهلج ري) (‪ .)11‬وإذا أض فنا‬
‫إىل ه ذا الرص يد الض خم (ت اج الع روس) بأجزائه األربعني‪ ،‬وال ذي هو أض خم معجم للغة‬
‫العربية ص در بعد (لس ان الع رب) من حيث وف رة املادة اللغوي ة‪ ،‬ومن حيث احلجم أيض اً‪،‬‬
‫ص ِّن ُفهُ يف منتصف القرن الثاين عشر اهلجري‪ ،‬مث أضفنا إىل اللسان والتاج‬
‫والذي انتهى منه ُم َ‬
‫ما ص در من معجم ات للغة العربية ط وال الق رنني التاسع عشر والعش رين امليالديني‪ ،‬وهي‬
‫ت قيم ةً وجود ًة‪ ،‬وخباصة املعجم الوسيط جبزأيه وما صدر حىت اآلن من املعجم‬‫َاو ُ‬
‫كثرية َتَتف َ‬
‫الكبري جملمع اللغة العربية بالق اهرة‪ ،‬نك ون أم ام حص يلة غنية واف رة الغىن من حيث املادة‬
‫اللغوية‪ ،‬تصلح أن تكون ُمنطلقاً للمعجم التارخيي الذي حنن بصدده‪.‬‬
‫وعلى الرغم ممّا نشره بعض َس َدنَة اللغة العربية من تعقيبات وتصحيحات على املعجم‬
‫الوس يط ال ذي حيت وي على ‪ 30‬ألف م ادة وعلى ملي ون كلم ة‪ ،‬فإنه وبش هادة أحد فرس ان‬
‫اللغة العربية يف الغرب اإلسالمي (من أحسن ما ألف من املعاجم العربية‪ ،‬زياد ًة على أنه من‬
‫أدقها وأمجعها لكلم ات اللغة العربية احلديثة والقدمية اليت يتوقف عليها طالب العلم ورواد‬
‫اللغة) (‪ .)12‬ولذلك يصح ِ‬
‫االنطالق ممّا أجنزه جممع اللغة العربية بالقاهرة واإلضافة إليه‪ ،‬مع‬ ‫ّ‬
‫التطور‪.‬‬
‫مراعاة مقتضيات ّ‬
‫تَوازى‬
‫وهنا يط رح س ؤال ن راه س ؤاالً مفص لياً يف س ياق ه ذا املوض وع‪ ،‬وهو ‪ :‬هل َي َ‬
‫العمل يف (املعجم الكبري) مع العمل يف (املعجم التارخيي للغة العربية ) ؟‪ ،‬أم هل يكون وضع‬
‫يتم على حس اب املعجم الكبري ؟‪ .‬إن مش روعية ه ذا الس ؤال ت أيت من‬
‫املعجم الت ارخيي س ّ‬
‫جه تني ‪ :‬أوالمها أن العمل يف املعجم الكبري يسري حىت اآلن ببط ء ش ديد‪ ،‬بش كل الفت‬
‫للنظ ر‪ ،‬حبيث وصل آخر ج زء ص در من ه‪ ،‬إىل ح رف (د)‪ ،‬وبينما ص در اجلزء األول يف س نة‬
‫‪ 1970‬م‪ ،‬ف َّ‬
‫إن اجلزء الس ابع ص در س نة ‪ 2006‬م‪ .‬وهو آخر ما ص در من ه‪ .‬وثانيتهما أن‬
‫التجربة األوىل يف عمل املعجم الت ارخيي واليت ُأجهض ت‪ ،‬دلَّت على أن األس لوب ال ذي اتبع‬
‫تطوراً وأقدر وفاء بالغرض‪.‬‬
‫منذ البدء مل يكن سليماً‪ ،‬ممّا يقتضي أسلوباً جديداً أكثر ّ‬
‫التطورات املتالحقة اليت عرفها العامل يف الثلث األخري من القرن العشرين ومع بداية‬
‫إن ّ‬ ‫َّ‬
‫تضخ ٌم غري مسبوق يف مفردات اللغة‪ ،‬أو ما كان‬ ‫العشرية األوىل من القرن اجلديد‪ ،‬نتج عنها ّ‬
‫يسميه بألفاظ احلضارة‪ .‬فقد اتسع حجم هذه‬ ‫أستاذنا حممود تيمور عضو اجملمع‪ ،‬يرمحه اللَّه‪ّ ،‬‬
‫لالنفج ار املع ريف‪ ،‬يف جماالت العل وم والتِقانة والفن ون‬
‫األلف اظ مبا يف وق التص ور‪ ،‬نتيجة ِ‬
‫ّ‬
‫واآلداب مجيع اً‪ ،‬ويف نظم احلياة وأمناط العيش‪ ،‬ويف طبيعة حياة اجملتمعات اإلنسانية من ش ىَّت‬
‫الن واحي‪ ،‬ويف اجملال السياسي ويف الس جال الفك ري واملذهيب‪ .‬وهو األمر ال ذي يتجلّى لن ا‪ ‬‬
‫بص ورة واض حة يف الطبع ات اجلدي دة من معجم ات اللغ ات العاملية احليّ ة‪ ،‬خاصة اللغ ات‬
‫اإلجنليزية واإلسبانية والصينية والروسية واألملانية والفرنسية والربتغالية واليابانية واإليطالية‪ ،‬اليت‬
‫تطور مستمر وجتديد دائم‪،‬‬ ‫ُّ‬
‫تعد اللغات األكثر استخداماً يف العامل (‪ .)13‬فهذه املعجمات يف ّ‬
‫تواكب كل طبعة منها األلفاظ اجلديدة يف جممل فروع املعرفة‪.‬‬
‫بأي لغة كان‪ ،‬صناعةً ثقيل ةً باملعايري العلمية‪ ،‬وتأيت صناعة‬
‫لقد أصبحت صناعة املعجم ّ‬
‫املعجم الت ارخيي يف املقدمة منه ا‪ ،‬ألهَّن ا تتطلب تتبّع مس ار تط ور اس تخدامات األلف اظ‪،‬‬
‫والوق وف على دالالهتا اليت تتغرّي من زمن إىل آخ ر‪ ،‬خصوص اً يف العق دين املاض يني الل ذين‬
‫زادت فيهما وت رية املتغرّي ات يف مجيع اجملاالت‪ ،‬لدرجة أن ألفاظ اً كث رية يف اللغة العربي ة‪،‬‬
‫وبصورة خاصة يف جمال االص طالحات العلمية واأللف اظ الديني ة‪ ،‬قد ع رفت يف عص رنا ه ذا‪،‬‬
‫حتوالً عميق اً يف املعىن والدالل ة‪ ،‬حبيث انقلب بعض ها من النقيض إىل النقيض‪ .‬إذ ك انت يف‬
‫ّ‬
‫األصل ش ريفة املع ىن‪ ،‬فأص بحت مث ار الش بهة ألس باب كث رية‪ ،‬ليس هنا جمال ل ذكرها‪ ،‬وإن‬
‫كانت ال تغيب عن ذهن القارئ واملستمع‪.‬‬
‫وتنوع مواده‪،‬‬
‫إن املعجم العريب املعاصر‪ ،‬على تع ّدد أمسائه ّ‬‫ولست يف حاجة إىل القول َّ‬
‫دون ه ذه املعجم ات اللغوية استقص اءً للجديد ومواكبة للمتغرّي ات‪ .‬أق ول ه ذا دون أن أن ال‬
‫من قيمة املعجم الوس يط واملعجم الكب ري‪ ،‬ومن معجم ات عربية أخ رى ظه رت يف العق ود‬
‫اخلمسة األخرية‪ ،‬منها ما هو باللغة العربية‪ ،‬ومنها ما هو بالعربية مع إحدى اللغات األجنبية‪،‬‬
‫متخصص يف فرع من فروع املعرفة ومرتجم إىل لغتني على األقل‪ ،‬غالب اً‬
‫ّ‬ ‫ومنها ما هو معجم‬
‫ما تكون ان اإلجنليزية والفرنس ية (‪ .)14‬وليس قص دي أن أكشف هنا عن بعض ج وانب‬
‫الضعف يف جمال (التعريب)‪ ،‬وإمنا أريد أن أقول َّ‬
‫إن حجم األلفاظ اجلديدة والكلمات املبتكرة‬
‫ِ‬
‫واالص طالحات املس تحدثة اليت يعرفها الع امل الي وم‪ ،‬أكرب بدرجة مذهل ة‪ ،‬من ق درات جمامع‬
‫اللغة العربية على مواكبة هذا ِ‬
‫االنفجار اللغوي‪.‬‬
‫إن هناك تداخالً بني املعجم التارخيي واملعجم اللغوي على مستوى املنهج‪ ،‬وعلى مستوى‬ ‫َّ‬
‫َّق معه‬
‫َل العمل يف املعجمني على النحو الذي َيتَ َحق ُ‬
‫البنية الفنية‪ ،‬يف آن واحد‪ ،‬ممّا يتطلب أن َيتَكام َ‬
‫يتم العمل إالَّ يف إط اره ؛ ألنه ما دام‬ ‫ِ‬
‫االنس جام والتناس ق‪ .‬ولكن ه ذا ليس هو الوضع ال ذي ال ّ‬
‫املعجم الكبري للغة العربية مل يكتم ل‪ ،‬وليس مثة أمل يف أن يكتمل يف املس تقبل املنظ ور‪ ،‬فال‬
‫مندوحة لنا عن الش روع يف وضع املعجم الت ارخيي على أس اس ما َيتَوا َفَر ل دينا من معجم ات للغة‬
‫العربية خمتلفة األل وان حىت ه ذه املرحل ة‪ ،‬وإن كنا قد خالفنا يف ذلك املنهج ال ذي س لكه واض عو‬
‫املعجمات التارخيية للغات العاملية احليّة‪.‬‬
‫بانتهاج هذا األسلوب نكون قد ذللنا عقبة كؤوداً وواجهنا حت ّدياً أولي اً‪ ،‬ومتهدت السبل‬
‫أمامنا للتغلّب على التح ّديات األخ رى اليت تع رتض املعجم الت ارخيي للغة العربي ة‪ ،‬ومنها الربط‬
‫بني الت اريخ اللغ وي وبني املرحلة املعاص رة اليت جنتازه ا‪ .‬وهو األمر ال ذي يتصل باجملال الزمين‬
‫لت أريخ اللغ ة‪ .‬ممّا يط رح ه ذا الس ؤال ‪ :‬هل نقف عند املرحلة اليت انتهت إليها كتابة املعجم‬
‫نتوس ع يف اجملال الزمين حىت نبلغ يف ش رح مع اين األلف اظ ودالالهتا املرحلة‬
‫اللغ وي ؟‪ ،‬أم َّ‬
‫املعاصرة ؟ (‪.)15‬‬
‫َّ‬
‫إن استيعاب ألفاظ احلياة احلديثة واحلضارة العصرية والعلم والتكنولوجيا يف املعجم التارخيي‪،‬‬
‫يتطلب االستفادة من مجيع ما صدر من معجمات عربية يف القدمي واحلديث‪ .‬ولكن االستفادة‬
‫لن تك ون كاملة ما مل يؤخذ يف االعتب ار اعتم اد الرؤية الش مولية اليت تقضي مبتابعة اخلط‬
‫لتطور اللغة منذ ظهور اللفظ إىل يومنا هذا‪ .‬ومع ذلك البد من االعرتاف أن اهلدف‬
‫الزماين ّ‬
‫ومفص ل حلض ارتنا وأفكارنا ومفاهيمنا وتص ّوراتنا ومقوالتنا‬
‫َّ‬ ‫ليس هو كتابة ت اريخ ش امل‬
‫ومواقفنا ورؤانا للع امل‪ ،‬انطالق اً من ألف اظ اللغ ة‪ ،‬على اعتب ار أن األلف اظ هي اليت تعكس‬
‫تطورها‬
‫بصدق حضارة اجملتمع ال ذي يتكلمها وفك َره وثقافتَه‪ .‬ومعلوم أن حض ارتنا مل يقف ّ‬
‫شرقت هذه‬
‫عند املرحلة الزمنية القصرية اليت توقفت عندها املعجمات اللغوية القدمية‪ ،‬بل لقد ّ‬
‫وعمرت قرون اً طويلة واستقرت يف بيئات متنوعة‬
‫وغربت بعد القرن الثالث اهلجري ّ‬‫احلضارة َّ‬
‫اخلص وبة واملن اخ‪ ،‬واس تفادت من ثقاف ات وجتارب ال حصر هلا‪ .‬ك ّل ذلك ك ان ُيعرّب عنه‬
‫بواسطة اللغة‪ .‬فالذي يريد أن يتتبّع تاريخ مستعملي اللغة وحضارهتم يف سائر األطوار‪ ،‬عليه‬
‫أن يستقرئ تاريخ ألفاظهم يف مجيع تلك األطوار أيضاً (‪.)16‬‬
‫دون ت اريخ األمة العربية اإلس المية من خالل كتابة‬
‫ووجه التح ّدي هنا أننا ال نس تطيع أن ن ّ‬
‫املعجم التارخيي للغة العربية‪ ،‬باملعىن العام الذي يتبادر إىل األذهان‪ .‬ولكننا نستطيع أن نتعاون‬
‫يف كتابة ه ذا املعجم من منطلق أن لك ّل عصر فح واه‪ ،‬مبعىن أن الفص حى ليست مقص ورة‬
‫على عصر حم ّدد‪ ،‬إذ أن لك ّل عصر فص احته اخلاص ة‪ ،‬وه ذا يعين أن لك ّل عصر معجمه‬
‫وألفاظه اليت يعرّب هبا عن ثقافت ه‪ ،‬وعن األدوات واملف اهيم احلض ارية اليت يس تخدمها‪ .‬وه ذا‬
‫يقودنا إىل الق ول إن ت اريخ اللغة العربية مل يتوقف عند الق رن الث الث أو الرابع اهلج ري‪،‬‬
‫والعرب مل ينقرضوا بعد ذلك العصر‪ ،‬بل ازداد عددهم ارتفاع اً‪ ،‬وازدادت املساحة اجلغرافية‬
‫اليت حيتلوهنا فوق الكرة األرضية اتساعاً (‪.)17‬‬
‫وه ذه مس ألة منهجية نراها ذات اعتب ار وأمهي ة‪ ،‬ألهنا تض عنا أم ام حق ائق الواق ع‪ ،‬وتكبح فينا‬
‫مجوح اخلي ال ؛ ف املعجم الت ارخيي للغة العربية جيب أن يتّسم بالواقعي ة‪ ،‬وتُ راعى فيه طبيعة‬
‫العص ر‪ ،‬فال يتوقف عند احلدود ال ذي ت وقفت فيها املعجم ات القدمية واحلديث ة‪ ،‬وال ي ذهب‬
‫صَرنَة) اللغة‪ ،‬ولكنه يُعىن بالتأريخ للغة يف حدود املمكن‪ ،‬ويف توازن وظيفي دقيق‬
‫(ع ْ‬
‫بعيداً يف َ‬
‫بني احلرص على ث وابت اللغة وال تزام الض وابط‪ ،‬وبني مراع اة حق ائق ك ّل عصر على ح دة‪،‬‬
‫خصوص اً عص رنا ال راهن‪ .‬وميكن الق ول إن اللغة العربية يف األلفية الثالثة دخلت مرحلة‬
‫جديدة‪ ،‬وإن وترية تغيري معاين األلفاظ هي اليوم أسرع من ذي قبل‪ .‬فلقد عرفت السنوات‬
‫تطوراً غري معهود يف اللغة العربية حتديداً‪ ،‬نظراً إىل تص ّدر‬
‫اخلمس األخرية‪ ،‬على سبيل املثال‪ّ ،‬‬
‫الع امل الع ريب اإلس المي واجهة األح داث يف ه ذه املرحل ة‪ .‬وب ذلك يك ون ت دوين تط ّور اللغة‬
‫العربية يف هذا العصر‪ ،‬مسألة جديرة باالعتبار ألسباب كثرية‪ ،‬منها طبيعة اهلجمة اليت تواجه‬
‫األمة يف هذه املرحلة من التاريخ على ش ىَّت املستويات‪ ،‬مبا يف ذلك املستوى اللغوي‪ ،‬وتَزايُ ُد‬
‫الض غوط اليت تتع َّرض هلا اللغة العربية من ج راء ِ‬
‫االنتش ار املطّ رد لش بكة اإلن رتنيت ‪ ،‬وأم ام‬
‫حت ّديات تط ّور العل وم والتكنولوجيا وانفج ار املعرفة وتن امي املعلوماتية ونظم اإلدارة اجلدي دة‪،‬‬
‫وزحف اإلعالم املرئي مبا حيمله من آث ار س لبية على الفص حى‪ .‬وه ذا الوضع يش ّكل يف ح ّد‬
‫ذاته حت ّدياً خطرياً أمام واضعي املعجم التارخيي للغة العربية‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫متغيّرات األلفية الثالثة وانعكاساتها على المعجم التاريخي ‪:‬‬
‫خنلص من ذلك كلِّه إىل ما يس ّميه بعض الب احثني (األبع اد اللغوية لظ اهرة العوملة) ؛ فس واء‬
‫كانت العوملة وفاق اً أم صراعاً‪ ،‬فاللغة ‪ -‬يف كلتا احلالتني ‪ -‬شأن خطري‪ ،‬فإن كانت (وفاق اً)‪،‬‬
‫فاللغة ذات شأن جليل يف حوار الثقافات‪ ،‬حيث من املتوقع أن يتخذ أنصار العوملة من علوم‬
‫يقرون باخلصوصيات الثقافية لألمم‬ ‫ِ‬
‫(الع ْولَميُ ون) ال ّ‬
‫اللغة مرتكزاً أساساً لعوملة الثقافة‪ ،‬فهؤالء َ‬
‫والش عوب‪ ،‬ويقف ون بش ّدة ض ّد النس بية الثقافي ة‪ ،‬والنس بية اللغوية بالت ايل‪ ،‬وهم بال شك‬
‫درج مجيع اللغ ات اإلنس انية يف إط ار‬
‫س يجدون ض التهم يف التنظري اللغ وي احلديث‪ ،‬حيث تت ّ‬
‫النظرية العامة للغ ة‪ .‬أما إذا ك انت العوملة (ص راعاً)‪ ،‬ف إن معىن ذلك س يادة لغة من لغ ات‬
‫الدول املهيمنة يف العالقات التجارية ِ‬
‫واالقتصادية‪ ،‬وما يستتبع ذلك من سيادة ثقافتها وقيمها‬
‫اخلاصة‪ ،‬ممّا يُفضي إىل هتميش اللغات الوطنية واحتوائها (‪.)18‬‬
‫وحنن ننظر إىل ه ذه العوملة اللغوي ة‪ ،‬ال من ناحية تأثرياهتا على اللغة العربية باعتبارها لس اناً‬
‫وهوي ةً ثقافي ةً فحس ب‪ ،‬ولكن من حيث إهنا تتس بَّب يف إرب اك عملية ت أريخ اللغ ة‪ .‬ألننا هنا‬
‫بصدد بيان التح ّديات اليت تواجه املعجم التارخيي للغة العربية‪ ،‬ال بإزاء التح ّديات اليت تواجه‬
‫الض اد من حيث هي لغة فحس ب‪ .‬وه ذا اخلطر َيتَع اظَ ُم يف ه ذه املرحلة من األلفية الثالث ة‪.‬‬
‫املؤش رات ت ُّ‬
‫دل على أنه س يزيد تفاقم اً يف املس تقبل املنظ ور‪ ،‬ما مل تتح ّرك مهم ح راس‬ ‫وكل ّ‬
‫اللغة العربية ومحاهتا لتف ادي اخلط ر‪ ،‬وللتقليل من انعكاس اته وتأثرياته الس لبية‪ .‬ألن مش اكل‬
‫كث رية ستنشأ يف اجملال اللغ وي بص ورة عام ة‪ ،‬مع تن امي ظ اهرة العوملة اللغوية والثقافي ة‪ .‬وهنا‬
‫البد من التأكيد على أن تقوية نسيج اللغة العربية وتطوير نظمها وأنساقها‪ ،‬وتيسري تدريسها‬
‫التطور الذي يشمل احلياة اإلنسانية املعاصرة‪ ،‬من شأن‬
‫لألجيال الناشئة‪ ،‬وتطويعها ملقتضيات ّ‬
‫ذلك كلِّه أن يساعد على اخلروج من األزمة الثقافية اللغوية احلضارية احلالية‪ ،‬وسيكون لذلك‬
‫كلِّه تأثريه يف تيسري العمل يف املعجم التارخيي للغة العربية‪.‬‬
‫وسيكون الشروع يف تنفيذ هذا املشروع الثقايف املهم‪ ،‬يف إطار تضافر اجلهود وتعاون اجملامع‬
‫العربية‪ ،‬يف ضوء هذه التح ّديات املتالحقة‪ ،‬إحدى الوسائل الفعالة لتعزيز حضور اللغة العربية‬
‫يف الس احة الدولي ة‪ ،‬ولتقوية مركزها على املس تويات مجيع اً‪ .‬فتلك هي الس بيل لتج اوز‬
‫صعوبات املرحلة‪ ،‬وللتجاوب مع متغرّي ات األلفية‪ ،‬ولبلوغ الغاية اليت نسعى هلا‪.‬‬
‫وهنا أرى أن من الض روري أن أنبّه إىل مس ألة مهم ة‪ ،‬وهي أن االس تغراق يف وضع املعجم‬
‫الت ارخيي للغة العربي ة‪ ،‬ال ميكن أن يتم يف من أى عن التج اوب مع متغرّي ات العص ر‪ ،‬وال أن‬
‫يص رفنا االش تغال هبذا املعجم عن ِ‬
‫االن دماج لغوي اً يف عص رنا ؛ ألننا إن فعلنا ذل ك‪ ،‬س نكون‬
‫كمن انع زل عن الواقع وس جن نفسه يف قض ايا الت اريخ‪ .‬وه ذا اختي ار ال يص ّح منهجيّ اً‪ ،‬ألن‬
‫أي جمال من اجملاالت‪ ،‬ال منلك أن‬ ‫حي فينا‪ ،‬وألننا حينما نشتغل بقضايا التاريخ‪ ،‬يف ّ‬
‫التاريخ ٌّ‬
‫ننفصل عن حياتن ا‪ .‬وال ميكن أن نفهم الت اريخ‪ ،‬ما مل نفهم حاض رنا ونعي واقعن ا‪ .‬وال شك‬
‫أن وضع معجم ت ارخيي‪ ،‬هو وإن ك ان حبث اً يف ت اريخ اللغ ة‪ ،‬فإنه عمل من أجل احلاضر‬
‫واملستقبل‪.‬‬
‫وممّا يس اعد على العمل يف ه ذا املش روع يف أج واء مش جعة ومالئم ة‪ ،‬أن واقع اللغة العربية‬
‫يتحسن باطّراد‪ ،‬على الرغم ممّا قد يسجله عليها بعض املهتمني من ضعف وتراجع‪ .‬وحنن هنا‬‫ّ‬
‫يردده األستاذ الدكتور شوقي ضيف‪ ،‬يرمحه اللَّه‪ ،‬ويؤكد عليه باستمرار‬
‫نذهب إىل ما كان ّ‬
‫يف كتاباته وحماض راته‪ ،‬من أن اللغة العربية تعيش الي وم أزهى عص ورها‪ ،‬حبكم ِ‬
‫االمت داد‬
‫واالنتشار الواسعني هلا‪ ،‬ممّا ال يق اس مبا كان عليه حاهلا فيما مضى‪ ،‬نتيج ةً ِالزده ار اإلعالم‬
‫ِ‬
‫السمعي والبصري‪ ،‬و ِالنتشار الصحافة على نطاق واسع‪ ،‬ويكفي أن نشرات األخبار يف مجيع‬
‫احملط ات اإلذاعية والتلفزية والفض ائيات بال اس تثناء تق دم باللغة العربي ة‪ ،‬إض افة إىل ال ربامج‬
‫الثقافية والسياس ية ِ‬
‫واالقتص ادية والعلمية اليت تق دم أيض اً باللغة العربي ة‪ .‬وه ذا وضع مل تعرفه‬
‫اللغة العربية يف املاضي الق ريب والبعي د‪ ،‬وهو ما يش جع على وضع املعجم الت ارخيي للغة‬
‫العربية‪ ،‬بل جيعل من هذا املشروع مشروعاً ثقافي اً يعلو قدره فوق مجيع املشروعات الثقافية‬
‫األخرى‪.‬‬
‫واخلالصة أن املعجم التارخيي جيب أن يكون قائماً على العناية باألصول‪ ،‬مث الفروع عن هذه‬
‫األصول‪ ،‬وهذا ال يعين أنه يسرد املسرية التارخيية منذ نشأهتا بل والدهتا إىل هنايتها‪ ،‬وال أريد‬
‫بـ (النهاية) املوت والفناء‪ ،‬وإن يكن هذا من األمور احلاصلة يف مجهرة من األلفاظ اليت عفا‬
‫عليها الزمن‪ ،‬أو قل قد انتفت احلاجة إليها (‪.)19‬‬
‫ومن املعل وم أن لك ّل كلمة من الكلم ات يف العربي ة‪ ،‬كما هي احلال يف ك ّل لغ ة‪( ،‬س رية‬
‫حي اة) ‪ ..‬وه ذه الس رية ختضع لظ روف ع ّدة‪ ،‬وتك ون حاجة من حاج ات املع ربني‪ .‬ومن هنا‬
‫ك انت الكلمة حمكومة حباج ات‪ ،‬ما تين ت زداد يوم اً بعد ي وم‪ ،‬على أن ه ذا اجلديد من‬
‫احلاج ات‪ ،‬ال خيلق من اللفظ ش يئاً من الع دم‪ ،‬بل إ َّن املع ربني يكون ون مس وقني إىل البحث‬
‫عما ل ديهم من اللف ظ‪ ،‬فيعمل ون فيه النظ ر‪ ،‬حىت يك ون هلم اجلدي ُد يف األبنية اليت عرفوها يف‬
‫ّ‬
‫العربية (‪.)20‬‬
‫ولعلنا نس تطيع أن نق ول إن اللغة العربية أص بحت الي وم لغة عاملي ة‪ ،‬وإن كنا ال نغفل أن‬
‫ازده ار اللغة مره و ٌن بتق دم الن اطقني هبا يف اجملاالت كاف ة‪ ،‬وهو ما مل يتحقق بالق در املأمول‬
‫املرغ وب فيه حىت اآلن‪ .‬وليس ٍ‬
‫خباف أن مقي اس انتش ار العربية أو ت داوهلا ال يق وم على ع دد‬
‫املتكلمني هبا‪ ،‬أو زي ادة ع ددهم‪ ،‬بق در ما يق وم على رصد الوظ ائف اليت تق وم هبا العربية يف‬
‫وبأي مستوى‬
‫وألي أغراض‪ّ ،‬‬
‫هذا اخلصوص‪ ،‬وحتديداً جماالت االتصال اليت يُتحدث هبا فيها‪ّ ،‬‬
‫من الكفاءة (‪. )21‬‬
‫وال بد من اإلش ارة يف ه ذا الس ياق إىل َّ‬
‫أن اللغة العربية حتتل الدرجة السادسة بني اللغ ات‬
‫واألور ِدية واإلسبانية والروسية‪ ،‬والدرجة الثامنة عشرة‬
‫ْ‬ ‫األكثر تداوالً بعد الصينية واإلجنليزية‬
‫يف الرتمجة‪.‬‬
‫وه ذا الوضع (املريح) ال ذي تعيشه اللغة العربي ة‪ ،‬ال يقلّل من الص عوبات اليت تع رتض وضع‬
‫ويلح على ض رورة‬
‫املعجم الت ارخيي للغتن ا‪ ،‬ولكنه يزيد من ه ذه الص عوبات‪ ،‬بق در ما يؤكد ّ‬
‫الش روع يف تنفيذ ه ذا املش روع احلض اري الكبري ‪ ،‬لتلبية احتياج ات األلفية الثالثة ومتطلب ات‬
‫النمو يف اجملاالت كافة‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ ‬‬
‫ــــــــ‬
‫(❊)‪  ‬حبث ق ّدم إىل املؤمتر ‪ 72‬جملمع اللغة العربية بالقاهرة‪ ،‬يوم ‪ 22‬مارس ‪ 2006‬م‪.‬‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬إبراهيم مدكور‪ ،‬جممع اللغة العربية يف ثالثني عاماً‪ ،‬صفحة ‪ ، 62 :‬القاهرة‪1962 ،‬‬
‫م‪ .‬وجاء يف املادة (‪ ،)2‬الفقرة (ب) من مرسوم بإنشاء جممع اللغة العربية بالقاهرة‪ ،‬الصادر‬
‫يف س نة ‪1932‬م ما يلي ‪» :‬أن يق وم بوضع معجم ت ارخيي للغة العربي ة‪ ،‬وأن ينشر أحباث اً‬
‫دقيقة يف تاريخ بعض الكلمات‪ ،‬وتغرّي مدلوالهتا«‪.‬‬
‫(‪ )2‬يُ ورد ال دكتور عبد املنعم الدس وقي اجلميعي‪ ،‬يف كتابه "جممع اللغة العربية ‪ :‬دراسة‬
‫تارخيي ة"‪ ،‬الص فحات ‪( ،44 - 48  :‬مركز وث ائق ت اريخ مصر املعاص رة ‪ :‬مصر النهضة ‪:‬‬
‫ٍ‬
‫معلومات مهم ةً عن اخلطوات األوىل اليت‬ ‫اهليئة املصرية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪ 1982 ،‬م)‪.‬‬
‫قطعت يف إع داد املعجم الت ارخيي‪ ،‬وعن العقب ات اليت ص ادفت العمل يف ه ذا املش روع‪،‬‬
‫وكذلك جند يف كتاب الدكتور شوقي ضيف (جممع اللغة العربية يف مخسني عام اً ‪1984 :‬‬
‫‪ 1934 -‬م)‪ ،‬الصفحات ‪ ،151 - 155 :‬معلومات مفصلة عن هذا املعجم‪.‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬حممود فهمي حجازي‪ ،‬علم اللغة بني الرتاث واملناهج احلديثة‪ ،‬صفحة ‪ ،96 :‬اهليئة‬
‫املصرية العامة للتأليف والنشر‪ ،‬القاهرة‪ 1970 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )4‬عالل الفاس ي‪ ،‬من أجل تفاعل لغ وي‪ ،‬ص فحة ‪ ،32 :‬إص دار مؤسسة عالل الفاس ي‪،‬‬
‫الرباط‪ 2005 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )5‬ل وي ماس ينيون ‪" :‬املؤلف ات الص غرى"‪ ،‬ص فحة ‪ 625 :‬ــ بالفرنس ية ــ ‪ ،‬ب ريوت‪ ،‬دار‬
‫املعارف‪ 1963 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )6‬هنري لوسل‪ ،‬جريدة (لوموند) الفرنسية‪ ،‬باريس‪ 3 ،‬سبتمرب ‪ 1964‬م‪ .‬نقالً عن (فلسفة‬
‫اللغة العربية)‪ ،‬للدكتور عثمان أمني‪ ،‬الدار املصرية للتأليف والرتمجة‪ ،‬القاهرة‪ 1965 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )7‬عباس حممود العقاد‪ ،‬أشتات جمتمعات يف اللغة واألدب‪ ،‬صفحة ‪ ،127 :‬دار املعارف‪،‬‬
‫القاهرة‪ 1963 ،‬م‪.‬‬
‫اهج التجديد يف النحو والبالغة والتفسري واألدب‪ ،‬اجلزء‪  ‬العاشر من‬ ‫(‪ )8‬أمني اخلويل‪ ،‬من‬
‫األعمال الكاملة‪ ،‬صفحة ‪ ،17 :‬اهليئة املصرية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪ 1995 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )9‬د‪ .‬عب اس اجلراري‪ ،‬اإلص الح املنش ود‪ ،‬فصل (اللغة العربية ‪ :‬واقع حيت اج إىل تط وير)‪،‬‬
‫صفحة ‪ ، 143 :‬منشورات النادي اجلراري‪ ،‬رقم ‪ ،33 :‬الرباط‪ 2005 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )10‬د‪ .‬حسن ظاظا‪ ،‬اللسان واإلنسان ‪ :‬مدخل إىل معرفة اللغة‪ ،‬صفحة ‪ ،93 :‬دار القلم‬
‫‪ ،‬الدار الدمشقية‪ ،‬دمشق ‪ -‬بريوت ‪ :‬الطبعة الثانية‪ 1990 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )11‬د‪ .‬حممود فهمي حجازي‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬صفحة ‪.84 :‬‬
‫(‪ )12‬عالل الفاسي‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬صفحة ‪.122 :‬‬
‫(‪ )13‬توجد يف العامل اليوم حوايل ستة آالف لغة منطوقة‪ ،‬يرى الباحثون أن نصفها مهدَّد‬
‫ِ‬
‫باالنقراض‪ ،‬وتؤ ّكد إحصائيات اليونسكو أن ‪ 96‬يف املائة من هذه اللغات ال ينطق هبا إالَّ =‬
‫‪ 4‬يف املائة من أهل األرض‪ .‬ففي أفريقيا على سبيل املثال ألف ومثامنائة لغة مهدَّدة باالندثار‪.‬‬
‫بكل منها مليون أو أكثر من البشر‪،‬ومن بني هذه‬‫ومن اللغات احليّة أكثر من مائة لغة يتكلّم ّ‬
‫اللغ ات املائ ة‪ ،‬توجد تسع عش رة لغة يتكلّم بك ّل منها ما يف وق مخسني ملي ون نس مة‪ ،‬ومنها‬
‫اللغة العربية واللغات املشار إليها أعاله‪.‬‬
‫(‪ )14‬أصدر مكتب تنسيق التعريب التابع للمنظمة العربية للرتبية والثقافة والعلوم‪ ،‬حىت شهر‬
‫(ف رباير ‪ 2006‬م)‪ ،‬أربعني (‪ )40‬معجم اً‪ ،‬يف السلس لة األوىل اليت ك ان أول ما ص در منها‬
‫معجم املستدرك يف التعريب (عريب ‪  -‬فرنسي)‪ ،‬يف سنة ‪ 1963‬م‪ ،‬وواحداً وأربعني (‪)41‬‬
‫معجم اً‪ ،‬يف السلس لة الثانية اليت أول ما ص در منها معجم احلي وان (ع ريب ‪  -‬فرنسي ‪-‬‬
‫إجنل يزي) يف س نة ‪ 1976‬م ‪ ،‬وواح داً وثالثني (‪ )31‬معجم اً‪ ،‬ض من "سلس لة املع اجم‬
‫املوحدة" اليت كان أوهلا "املعجم املوحد ملصطلحات اللسانيات" (إجنليزي ‪  -‬فرنسي ‪ -‬عريب)‬
‫ال ذي ص در يف س نة ‪ 1989 ‬م ‪ ،‬وآخرها (املعجم املوحد ملص طلحات تقان ات األغذية‬
‫(إجنل يزي‪ /‬فرنس ي‪ /‬ع ريب) وص در يف سنة ‪ 2004‬م‪ .‬وتوجد عش رة (‪ )10‬مع اجم يف انتظ ار‬
‫مصادقة املؤمتر العام لأللكسو عليها‪ .‬وهو جه ٌد كبري حُي مد للقائمني بشؤون هذا املكتب‪ ،‬منذ‬
‫تأسيسه على يد األستاذ العالمة عبد العزيز بن عبد اللَّه‪.‬‬
‫(‪ )15‬على س بيل املث ال‪ ،‬لفظ (أص ويل) يف املعجم الوس يط‪ ،‬يع ّرف كما يلي ‪( :‬األص ول ‪:‬‬
‫أص ول العل وم ‪ :‬قواع دها اليت تبىن عليها األحك ام‪ .‬والنس بة أص ويل)‪ ،‬بينما لفظ (األص ويل)‬
‫متت بسبب‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫اليوم له معان أخرى‪ ،‬إضافة إىل املعىن األصلي‪ ،‬حبيث صار املعىن مرادف اً ملعان ال ّ‬
‫إىل األصل‪ .‬وهكذا دواليك‪.‬‬
‫العلي الودغ ريي‪ ،‬دراس ات معجمية ‪ :‬حنو ق اموس ع ريب ت ارخيي وقض ايا‬
‫(‪ )16‬ال دكتور عبد ّ‬
‫أخرى‪ ،‬صفحة ‪ ،39 :‬الدار البيضاء‪ 2001 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )17‬املصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.36 :‬‬
‫علي‪ ،‬الثقافة العربية وعصر املعلوم ات‪ :‬رؤية ملس تقبل اخلط اب الثق ايف‬
‫(‪ )18‬ال دكتور نبيل ّ‬
‫الع ريب‪ ،‬الص فحتان ‪ ،232 - 233 :‬سلس لة (ع امل املعرف ة)‪ ،‬ع دد ‪ ،265 :‬اجمللس الوطين‬
‫للثقافة والفنون واآلداب‪ ،‬الكويت‪ 2001 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )19‬د‪ .‬إبراهيم السامرائي‪ ،‬يف شرف العربية‪ ،‬صفحة ‪ ،138 :‬سلسلة (كتاب األمة)‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،42 :‬قطر‪ 1994 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )20‬د‪ .‬إبراهيم السامرائي‪ ،‬املصدر نفسه‪.‬‬
‫(‪ )21‬فلوريان كوملاس‪ ،‬اللغة واالقتصاد‪ ،‬ترمجة أمحد عوض‪ ،‬مراجعة عبد السالم رضوان‪،‬‬
‫صفحة ‪ ،255 :‬سلسلة (عامل املعرفة)‪ ،‬عدد ‪ ،263 :‬اجمللس الوطين للثقافة والفنون واآلداب‪،‬‬
‫الكويت‪2000 ،‬م‬

You might also like