You are on page 1of 11

‫ردمد‪0712-7171:‬‬ ‫المجلد ‪ 5‬العدد ‪ 75‬سبتمبر ‪0272‬‬ ‫التعليمية‬

‫النقل الديداكتيكي‬
‫‪Didactics Transposition‬‬
‫تاريخ القبول‪8102-07-26 :‬‬ ‫تاريخ إلارسال‪8102-06-11 :‬‬
‫الدكتورة‪ :‬بوخاتمي زهرة‬
‫أستاذة محاضرة –ب‪-‬‬
‫كلية آلاداب واللغات والفنون‬
‫جامعة جياللي ليابس سيدي بلعباس ‪ -‬الجزائر‬
‫الملخص‪:‬‬
‫يستحوذ مفهوم النقل الديداكتيكي أو التحويل الديداكتيكي على أنه نقل املعرفة من فضائها العلمي اخلالص إىل‬
‫فضاء املمارسة الرتبوية لتناسب خصوصيات املتعلمني النفسية وتستجيب حلاجاهتم عن طريق تكييفها وفق وضعيات‬
‫تعلّمية‪.‬‬
‫فهو على غرار مفهوم التمثالت يكتسي أمهية إجرائية بالغة يف حقل ديداكتيك العلوم‪ ،‬فعملية االنتقال من حمتوى‬
‫معريف حمدد‬
‫إىل شكل ديداكتيكي نقال ديداكتيكيا باملعىن الضيّق‪ ،‬لكن الدراسة العلمية لصريورة النقل الديداكتيكي تفرض أن يُتخ ّذ‬
‫النقل الديداكتيكي باملعىن الواسع‪ :‬من موضوع املعرفة إىل املوضوع امل َعد للتدريس إىل موضوع التدريس‪ ،‬فتصري املعرفة بذلك‬
‫ُ‬
‫صاحلة للتعلم من قبل املتعلّم‪.‬‬
‫ما نصبو ليه من خالل هذه املقاربة البحثية اجلوس يف مسارب إشكاليات عديدة تتعلق فيما تتعلق بالتساؤالت‬
‫اآلتية‪:‬‬
‫‪ ‬ما هو النقل الديداكتيكي؟‬
‫‪ ‬كيف تتم هذه العملية؟‬
‫‪ ‬وما هي أوجه املوارد املعرفية املستحضرة آناء القيام بالنقل الديداكتيكي؟‬
‫‪ ‬إىل أي مدى يسهم النقل الديداكتيكي يف تبليغ املعرفة ومن مث يف إجناح العملية التعلمية‪/‬التعليمية؟‬
‫تلك أسئلة وأخرى نصبو ملباحثة قضاياها وحماولة اإلجابة عنها‪.‬‬
‫الكلمات المفاتيح‪ :‬املعلم‪ ،‬املتعلم‪ ،‬الديداكتيك‪ ،‬النقل الديداكتيكي‪ ،‬التحويل الديداكتيكي‪ ،‬التمثالت‪ ،‬العملية‬
‫التعليمية‪/‬التعلمية‪ ،‬املعرفة‪ ،‬الدرس‪.... ،‬‬
‫‪Summary:‬‬
‫‪The concept of pedagogical transfer or conversion is assumed to be the transfer of‬‬
‫‪knowledge from its pure scientific space to the space of educational practice to suit the‬‬
‫‪specificities of the psychological learners and respond to their needs by adapting them according‬‬
‫‪to learning situations.‬‬
‫‪It is like the concept of representations that is of great procedural importance in the‬‬
‫‪field of Didactic science, the process of transition from specific knowledge content‬‬

‫زهرة بوخاتمي‬ ‫‪51‬‬


‫ردمد‪0712-7171:‬‬ ‫المجلد ‪ 5‬العدد ‪ 75‬سبتمبر ‪0272‬‬ ‫التعليمية‬
‫‪But the scientific study of the process of dyadic transmission dictates that the‬‬
‫‪interdisciplinary transfer be taken in the broad sense: from the subject of knowledge to the‬‬
‫‪subject prepared for teaching to the subject of teaching, so that knowledge becomes valid for‬‬
‫‪learning by the learner.‬‬
‫‪What we aspire to through this research approach gnar in the paths of many‬‬
‫‪problems related to the questions related to the following:‬‬
‫?‪•What is ADHD‬‬
‫•‬ ‫?‪How this process is done‬‬
‫‪•What are the aspects of knowledge resources that are being prepared for the purpose‬‬
‫?‪of carrying out dynamic transport‬‬
‫‪•To what extent does the interdisciplinary transfer contribute to the transmission of‬‬
‫?‪knowledge and thus to the success of the learning / learning process‬‬
‫‪These are questions and others we seek to discuss their issues and try to answer them.‬‬
‫‪Key words: teacher, learner, dialectic, pedagogical transfer, pedagogical conversion,‬‬
‫‪representations, educational / learning process, knowledge, lesson.... ,‬‬
‫تمهيد‪:‬‬
‫أمست الكفاءات مطلبا رئيسا يستدعيه سوق العمل‪ ،‬لذا مل يتوان عن شق طريق له يف كل اجملاالت املهنية‪،‬‬
‫ملا كانت الشهادات العلمية متثل جواز الولوج إىل عامل الشغل‪،‬أمست الكفاءة تأشرية ذلك‪ ،‬فهي ال مناص مقصد كل‬
‫دارس يأمل فتح أبواب حياة هينة مشاكلها وصعاهبا أمامه‪ ،‬إذ الكفاءات اليت سيحققها كفيلة مبنحه القدرة على جتاوز‬
‫وحل املشاكل اليت تعرتضه‪.‬‬
‫تستدعي الكفاءة التعليمية عدة موارد على رأسها املعرفة‪،‬ما أزنا إىل مباحثة قضية هامة تتعلق بالعالقة القائمة‬
‫بني املعرفة والكفاءة‪ ،‬ثقفنا أنفسنا حينئذ نتساءل‪ :‬ما القرينة الالزمة بني تدريس املعارف ومقاربة الكفاءات يف العملية‬
‫التعلمية‪/‬التعليمية؟‬
‫تعد قضية البحث يف العالئقية القائمة بني املعرفة اجلاهزة كمورد أساسي وبني وجهها التعلمي‪ /‬التعليمي الذي تبنّته‬
‫بعد أن أجري عليها حتويل أو نقل أكادميي إشكاال مفاهيميا يستدعي ضرورة إناطته باهتمام بالغ‪ ،‬فقد رمست املعرفة‬
‫جهازا مفاهيميا تتشابك فيه املفاهيم والطرائق والكيفيات بعد أن وجلت عاملا انفجرت فيه مناهلها واتسعت‪ ،‬مما أفضى‬
‫إىل تضييق الباحث والدارس وقتا وذهنا واهتماما لإلحاطة هبا‪ ،‬وتعداد سبلها‪.‬‬
‫ترتبط املعارف أميا ارتباط بالسياق الذي ترد فيه‪ ،‬إذ ميكن وصفها بالبناء غري املكتمل‪ ،‬والقابل دوما للتغيري‬
‫والتعديل إذا ما متّ تغيري السياق‪ ،‬لقد أصبح من الضرورة مبكان االهتمام ببحث قضية حتويل تلك املعارف من الواقع إىل‬
‫معلومات قابلة للدراسة‪ ،‬وكذا حتويل أو نقل املعارف من املدرسة لتجسيدها واالستفادة منها يف الواقع‪.‬‬
‫إن عمليات النقل الديداكتيكي تعىن بتيسري عملية متثل املعارف لدى املتعلم وحسن التصرف فيها‪ /‬واملعلم يفتقر إىل‬
‫اإلجراءات ا لتخطيطية خللق وضعيات تعلمية تتبىن سياقات معرفية متعددة‪ ،‬مما يؤزنا ال مناص إىل التساؤالت اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬هل يتعني على املدرس خلق وضعيات النقل؟ بتعبري آخر هل يتعني عليه ممارسة نزع سياقات املعارف وإعادة بناء‬
‫سياقات جديدة ؟‬

‫زهرة بوخاتمي‬ ‫‪52‬‬


‫ردمد‪0712-7171:‬‬ ‫المجلد ‪ 5‬العدد ‪ 75‬سبتمبر ‪0272‬‬ ‫التعليمية‬
‫أوال‪:‬مفهوم النقل الديداكتيكي‪:‬‬
‫شل كفاءات خرجيي اجلامعات والثانويات إىل‬
‫يعاين التعليم العريب بصفة عامة واجلزائري بصفة خاصة من وهن ّ‬
‫سوق العمل‪ ،‬وتفاديه منوط ال حمالة بضرورة جتويده‪ ،‬والغاية اليت يرومها ذلك خترج متعلمني قادرين على توظيف‬
‫مكتسباهتم املدرسية خارج املدرسة‪.‬‬
‫حيتل مفهوم النقل الديداكتيكي موقعا مركزيا يف ديداكتيك العلوم حتديدا‪،‬لقد برز هذا املصطلح إىل الوجود ألول مرة‬
‫يف حقل ديداكتيك الرياضيات مع إيف شوفالر ‪ Yves Chevallard‬أول من حنته وطبقه يف تدريس الرياضيات‬
‫بعد معاينة واستقراء التغريات اليت تطرأ على مفهوم املسافة ‪ notion de distance‬بني حلظتني زمنيتني حلظة‬
‫‪6091‬حني وقع إدراجه كمعرفة علمية ‪ savoir savont‬من قبل موريس فريشي‪ ،‬مثّ حلظة ‪6096‬م عندما أدرج يف‬
‫مقرر اهلندسة‪ ،6‬ومل يلبث أن استثمر الحقا يف جمال البيولوجيا من طرف ‪ M.Develay‬و ‪G.Rumelhard‬‬
‫خالل دراستهما ملوضوع الذاكرة و مفاهيم علم الوراثة‪.‬‬
‫يتعلق مفهوم النقل الديداكتيكي عند بعضهم باملعلم من حيث نقل املعرفة من عاملها التجريدي اخلام إىل العامل‬
‫التعليمي ‪ ،‬أي من وجودها بالقوة إىل وجودها بالفعل‪ ،‬فيما يتعلق عند البعض اآلخر باملتعلم‪ ،‬إذ جياري مفهومه التمثالت‬
‫الذهنية اخلالصة اليت جيريها هذا األخري‪.‬‬
‫أ‪ /‬النقل الديداكتيكي للمعارف الخام إلى البيئة التعليمية‪:‬‬
‫يعرف النقل الديداكتيكي على أنه نقل املعرفة من جماهلا العلمي اخلالص إىل فضاء املمارسة الرتبوية لتتناسب‬ ‫ّ‬
‫وخصوصيات املتعلمني النفسية وتستجيب حلاجاهتم عن طريق تكيفها وفق الوضعيات التعليمية‪/‬التعلمية‪.‬‬
‫يتم التخطيط للنقل الديداكتيكي على النحو اآليت‪:2‬‬
‫موضوع التمثالت‬ ‫موضوع التعليم‬ ‫الموضوع الواجب تعليمه‬ ‫موضوع المعرفة‬
‫موضوع املعرفة حييل على البيئة اخلالصة اليت حتتويها‪ ،‬حيث تتسم بالتجريد والتعقيد والتحول املستمر‪ ،‬فيمكن حينئذ أن‬ ‫‪‬‬
‫نسمها باملعرفة املفتوحة‪.‬‬
‫املوضوع الواجب تعليمه يعىن باملعرفة املغلقة اليت حيددها املنهاج‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫موضوع التعليم‪ :‬ويتمثل يف املعرفة املتداولة داخل البيئة الصفية‪ ،‬وتكون مستقاة من املعارف اليت حددها املنهاج‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫معني‪ ،‬هلا عمل‬
‫التمثالت‪ :‬تعين األحكام أو األفكار املسبقة واألولية‪،‬واليت يكوهنا املتعلم حول موضوع ما أو شخص ّ‬ ‫‪‬‬
‫على التأثري يف موضوع تعليمي جديد‪ ،‬مما يؤثر حتما على مردودية املتعلم وكيفية حتليله للمحتوى الدراسي املقرتح عليه من‬
‫أجل توظيف العمليات الذهنية ‪ ،‬واإلسرتاتيجية التعلمية واملوارد الالزمة إلجناز املهمة املنوطة به‪ ،‬أال وهي حل املشاكل‬
‫معتمدا يف ذلك على تعلمه الذايت‪ ،‬مستحضرا متثالته ومعارفه ومكتسباته السابقة‪.‬‬

‫زهرة بوخاتمي‬ ‫‪53‬‬


‫ردمد‪0712-7171:‬‬ ‫المجلد ‪ 5‬العدد ‪ 75‬سبتمبر ‪0272‬‬ ‫التعليمية‬
‫ب‪/‬النقل الديداكتيكي للمعارف المدرسية إلى الواقع(التمثل التعليمي)‪:‬‬
‫ويعىن بع دم مالءمة الكفاءات املعرفية للمتعلمني واليت يفرتض أن يكونوا قد اكتسبوها من خالل املمارسات‬
‫الرتبوية يف البيئات الصفية‪،‬مع ما تتطلبه مهنة التدريس‪ ،‬ما يدفعنا للتساؤل حول متانة التمفصل بني املعرفة النظرية وحتوالهتا‬
‫الديداكتيكية(النقل الديداكتيكي)‪.‬‬
‫جياري النقل الديداكتيكي يف مفهومه معىن التمثالت‪ ،‬إذ يعرفها على أهنا‪" :‬استحضار األشخاص أو األشياء‬
‫إىل الذاكرة أو إىل الذهن‪ ،‬إذ هي صريورة معرفية ونتاجا هلذه يف نفس اآلن‪ ،‬كما أن التمثالت قد تكون منطا من أمناط‬
‫التفسري والتأويل‪ ،‬إذ لكل منا إطارا مرجعيا يستند إليه يف تفسري املعطيات اخلارجية والعالقة بني الصريورة واملعرفة هي‬
‫‪3‬‬
‫عالقة تكوينية يف رأي بوربوالن"‬
‫يعرتف محد اهلل أجبارة أن التمثالت حتيط‪ " :‬مبرحلة التفكري التصوري‪ ،‬فهي هبذا املعىن وحدة الصور واملفاهيم‬
‫والتفسريات املعطاة للمواضيع واألشياء املعيشة‪ ،‬يف ليست فقط حسب –موسكو فيشي‪ -‬انعكاسا مباشرا للموضوع‬
‫املدرك واملعيش أو شكال من التفكري امللموس بل هي كل هذه األشياء "‪ ،4‬فعندما يكون املوضوع املدروس غري بصري‪،‬‬
‫يقوم املتعلم هه نا بعمليات ذهنية يستحضر من خالهلا بعض مميزات ذلك املوضوع‪ ،‬مما ميكن "من افرتاض وجود نسق أو‬
‫نظام رمزي أو غري رمزي يساعد على إجناز هذه املهمة وبالتايل إنتاج التمثالت"‪ ،5‬فالتمثل عملية فكرية تصورية ذات‬
‫كينونة دائمة مرافقة لإلنسان‪ ،‬عىن بالصور واملفاهيم والتفسريات املعةرة عن املواضيع واألشياء‪.‬‬
‫لذا على املتعلم أن يكرس كل نشاطاته الفكرية حبيوية وانتظام‪:‬‬
‫"‪-‬ينظم املعرفة ويزينها بالطرق اليت تساعده على الفهم واالستيعاب‬
‫‪-‬يصوغ املشكلة بدقة لكي يصوغ األبدال املناسبة‬
‫‪-‬حيصل على املعرفة واخلةرة الالزمة من أمكنتها املناسبة من مراجع‪ ،‬كتب‪ ،‬الكتاب املدرسي املقرر‪.‬‬
‫‪-‬التدفق الذهين لعدد كبري من األبدال‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪-‬اختاذ القرار بعدد من األبدال املناسبة‪ ،‬وحتديد املعيار الذي متّ وفقه تبنيها كإبدال مناسبة‪".‬‬
‫فمسألة نقل املعارف من املسائل الشاذة اليت واجهت املدرسة بالنقد‪ ،‬فقد أمسى املتعلمون ال جييدون استعمال‬
‫الكثري من معارفهم وحىت املستوعبة من قبلهم خارج البيئة الصفية‪ ،‬أما خارجها يبدو املتعلم وكأنه مل يتعلم شيئا قط‪ ،‬فهو‬
‫"مل ينقل معارفه"‪ ،‬ترمي عملية النقل إىل‪" :‬التماثالت بني ع ّدة أوضاع وعلى قدرة الذات على معرفة التشاهبات القائمة‬
‫‪9‬‬
‫بني البنيات‪ ،‬يف ظل تنوع املظاهر‪"...‬‬
‫إن فكرة تكوين متعلم يدرس‪ ،‬يفقه درسه‪ ،‬ويستطيع استعمال معارفه املكتسبة خارج قسمه الدراسي ضمن‬
‫سياقات أخرى جيب أن تتبوأ املرتبة األوىل ضمن غايات التدريس‪ ،‬فاالهتمام بالنقل الديداكتيكي جيب أن يسبق التعلم‪،‬‬
‫والعكس فكر طاحل ينبغي دثره‪ ،‬فمسعى البيداغوجيات احلديثة يروم استعمال املعارف "‪"SAVIOR FAIRE‬‬
‫وليس حتصيل املعارف اليت تندثر عن العقل مبجرد إجناز االمتحانات‪.‬‬

‫زهرة بوخاتمي‬ ‫‪54‬‬


‫ردمد‪0712-7171:‬‬ ‫المجلد ‪ 5‬العدد ‪ 75‬سبتمبر ‪0272‬‬ ‫التعليمية‬
‫وكمثال على ذلك يف ظل التدريس بالكفاءات مادة الرياضيات للسنة األوىل‪ ،‬خبصوص عملية اجلمع‪،‬يتم تعليم‬
‫املتعلمني ع ّد األرقام‪ ،‬مث اجلمع ما بني األعداد‪ ،‬بدء األرقام مث مجع األعداد ذات رقمني مث ذات ثالث أرقام إىل غري ذلك‪.‬‬
‫‪. =6+8/ . =5+4‬‬
‫بعد ذلك يتم إدماج وضعيات تعلمية جديدة يف عملية اجلمع من خالل تغيري املعطيات‪:‬‬
‫‪5 = 2 + . / 69= .+ 9‬‬
‫فبمجرد تكرار وتكثيف مثل هذه العمليات وتعدد الوضعيات التعليمية انطالقا من تغيري املعطيات وحماولة ربطها‬ ‫ّ‬
‫بالواقع ميسي املتعلم متمكنا من توظيفها خارج البيئة الصفية إذا ما واجه مشكلة موازية‪.‬كأن يةرمج املتعلم وضعية واقعية‬
‫داخل البيئة الصفية‪ ،‬على سبيل املثال جيعل متعلما ما بائعا‪ ،‬متعلما آخر مشرت‪ ،‬ويضع سلعة ما رمبا كراسا أو مقلمة أو‬
‫حىت حلوى للبيع‪ ،‬وجيعلهم ميثلون مسرحية تتم من خالهلا عملية بيع وشراء باستعمال نقود حقيقية‪ ،‬كم السعر؟ كم‬
‫حمل حوار ما بني املتعلمني‪ ،‬مما ميكن حىت املتعلمني الضعفاء من‬
‫أعطيتين؟ وكم سأرجع لك؟ تلك أسئلة وأخرى ستكون ّ‬
‫فهم التمرين‪ ،‬على عكس لو متّ تقدميه جافّا معتمدا على عملية الع ّد باألصابع فقط رمبا ينحصر الفهم على التالميذ‬
‫النجباء فقط‪.‬‬
‫وإذا أخذنا مثاال آخر عن منو النبات‪ ،‬فاستحداث وضعية تعلّمية تعتمد على التجريب أحسن من التنظري بال منازع‪،‬‬
‫إذا ما طولب املتعلم بإحضار بذور ‪،‬أصيص‪ ،‬تراب‪ ،‬ماء‪ .... ،‬مث يطالب بعملية زرع تلك البذور متابعة منوها‪ ،‬يتم تعليمه‬
‫كيفية احلفاظ عليها‪ ،‬مثّ تتم استحداث وضعيات أخرى لنباتات تتطلب درجات حمددة من اإلضاءة‪ ،‬أو نباتات يف حاجة‬
‫إىل األمسدة ويطالب املتعلم بالعناية هبا ستولّد يف ذاته ثراء فكري حول كيفية االعتناء بالنباتات أكثر مما يتم منحه معارف‬
‫جاهزة خامة‪.‬‬
‫واألمر نفسه يسري على بقية امليادين‪.‬‬
‫ثانيا‪ /‬النقل وبعض المفاهيم المجاورة له‪:‬‬
‫ثقفنا مفاهيم أساسية جماورة ملفهوم النقل البيداغوجي وهي‪ :‬التطبيق‪ ،‬التعميم‪ ،‬التعبئة والتحويل‪...‬‬
‫‪ ‬النقل والتحويل‪:‬‬
‫قبل أن نلج احلديث عن املفاهيم اجملاورة ملفهوم النقل الديداكتيكي وجب أوال التحدث عن بنية مصطلح النقل‬
‫ضمن النسق املعريف‪ ،‬إن استعارة النقل من طبيعة فيزيائية ومكانية‪ ،‬تستدعي معرفة منبثقة داخل زمان ومكان‪ ،‬يتم نقلها‬
‫إىل زمان ومكان آخرين‪ ،‬واليت تعد (األزمنة واألمكنة) سياقات وأوضاع ميكن تصورها بشكل متساو‪ ،‬ومن مث يتم الربط‬
‫بني أزمنة وأمكنة متمايزة‪ ،‬تتعلق إحداها بامليالد واألخرى باالستعمال‪.‬إن استعارة النقل ال تستدعي أي حتول بل حركة‬
‫فقط‪ ،‬لذا كان من األنسب أن نستعمل مصطلح حتول املعارف‪ ،‬واألمر ذاته ينطبق على التحويل‪.8‬‬
‫إن العمل على حتويل املعارف من قبل املتعلم يستوجب أن يكون "ميتامعرفيا"‪ ،‬مما جيزي املعلم على توجيه املتعلم‬
‫حنو بناء معارف ميتامعرفية‪ ،0‬فيمسي بذلك فاعال ومراقبا لفعله التعلمي من أجل جتويده وجعله قابال للتحويل‪.‬ومن أمثلة‬

‫زهرة بوخاتمي‬ ‫‪55‬‬


‫ردمد‪0712-7171:‬‬ ‫المجلد ‪ 5‬العدد ‪ 75‬سبتمبر ‪0272‬‬ ‫التعليمية‬
‫حل معروف على وضع مل تسبق جماهبته‪ ،‬فقط للتشابه الكائن بني الوضعيتني من حيث‬ ‫ذلك أن يقوم املتعلم بتطبيق ّ‬
‫اهليكلة وخمتلفتني من حيث املعطيات متّ حتويل احلل املناسب للوضعية األوىل للوضعية الثانية‪.‬‬
‫تبني‬
‫تتجرد معارفنا من األوضاع اليت بنيت ضمنها‪ ،‬وتستقر داخل أدمغتنا على شكل شبكات عصبية معقدة‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫السيكولوجيا املعرفية أن هذه املعارف " هي يف الغالب عالقة بقوة داخل الذاكرة الشمولية للوضعيات اليت صيغت فيها‬
‫واألفعال والقرارات اليت أوحت هبا‪ ،‬لذلك يقال أهنا حمددة سياقيا"‪ ،69‬مما يشكل عائقا أمام إعادة استثمار املعارف‬
‫يستدعي ذلك ضرورة النزوع حنو تعلم التجريد‪ 66‬من خالل ختزين جزء من املعارف‬ ‫املكتسبة ضمن سياقات أخرى‪.‬‬
‫جمرد قابل إلعادة بناء سياقه عمليا‪.‬‬
‫جمردة من سياقها يف الذاكرة على املدى البعيد بشكل ّ‬
‫‪ ‬التحويل والتجنيد‪:‬‬
‫إن التحويل والتجنيد كنايتان إلشكالية واحدة تتعلق بتوظيف احملصالت أو املكتسبات يف وضعيات ختتلف‬
‫عن وضعيات التكوين‪ ،62‬فالكناية عن التحويل تنطلق من التكوين وتبحث عن إمكانية إعادة استثماره يف جمال آخر‬
‫مستقبال مما يفرض علينا استحداث وضعيات خاصة للتحويل‪ ،‬ألنه يتم بطريقة تلقائية ‪،‬لذلك ينبغي منح التلميذ فرصة‬
‫لبناء أوسع وأمنت املعارف املمكنة‪.‬‬
‫أما الكناية عن جتنيد املوارد املعرفية ألهنا تنطلق من وضعية معقدة وترقى إىل مستوى املوارد املقصودة ‪،‬مذكرة‬
‫بظروف انبنائها خارج السياق‪،‬ألن العملية املعقدة تستلزم جتنيد حجم كبري من املوارد املعرفية النامجة عن ظروف وسياقات‬
‫خمتلفة ‪،‬متكن هذه السيطرة شبه الكلية على حقل املعارف املصحوبة بقدرة حتليلية وجتريدية كبرية متكن صاحبها من جتنيد‬
‫هذه املعارف من دون التدرب على حتويلها‪.‬يقول موهوب حروش يف هذا الصدد‪":‬عبارة التجنيد تبدو يف رأيي مواتية أكثر‬
‫من استعارة التحويل للداللة على الكفاءة ‪،‬هذه االستعارة تبدو أيضا أعم من التحويل وأكثر ديناميكية وأكثر مراعاة للدور‬
‫النشيط الذي يلعبه املتعلم وملقاصده حني يةرهن على كفاءته لتجنيد تعلماته‪ ،‬فاملتعلم ميتلك املعرفة وجيندها أي يضعها‬
‫حتت تصرفه ويلجأ إليها عند احلاجة ‪،‬فالتجنيد إذن هو قدرة على تفعيل املعارف املكتسبة استجابة على الفور للقيام عن‬
‫دراية مبا هو مطلوب منه فعله ألن كلمة التوظيف مل تعد كافية لتفعيل الكفاءة"‪،63‬فالكفاءة باعتبارها قدرة كامنة تدمج‬
‫قدرة اإلنسان على تكييف أفعاله وعباراته مع عدد من املواقف وحتدد كقدرة األحداث والتكييف‪.‬‬
‫أشكال التحويل‪:‬‬
‫أشكال التحويل صنفان‪:64‬‬
‫‪ ‬التحويل العمودي‪ :‬والذي جيري يف امليدان ذاته‪.‬‬
‫‪ ‬التحويل األفقي‪ :‬والذي يتمثّل يف إنشاء معرفة أو إجادة املمارسة يف وضع يتعلّق مبواد أخرى أو جماالت أخرى غري جمال‬
‫التعلّم‪ ،‬ويكون بذلك عبارة عن القدرة على استخدام املعارف وإجادة املمارسة املكتسبة يف مجيع األوضاع حيث يكون‬
‫وجيها وعفويا‪.‬‬
‫التطبيق ‪ :APPLICATION‬أعم مفهوما من النقل والتحويل‪ ،‬إذ يتبىن مفهوم "استعمال املعطيات‬ ‫‪‬‬
‫اجملردة يف وضع خاص وملموس‪ ،‬هذه املعطيات اخلاصة قد تكون أفكارا امة أو قواعد إجرائية أو طرقا مألوفة"‪،65‬‬
‫اخلاصة ّ‬
‫ّ‬

‫زهرة بوخاتمي‬ ‫‪56‬‬


‫ردمد‪0712-7171:‬‬ ‫المجلد ‪ 5‬العدد ‪ 75‬سبتمبر ‪0272‬‬ ‫التعليمية‬
‫حل مهمة ما‪ ،‬ففي املدرسة ميكن اعتبار التمارين يف الرياضيات مثال‬ ‫بتعبري آخر يعين استخدام وسائل خاصة يف ّ‬
‫كتطبيقات خالصة وبسيطة‪ ،‬وليس نشاطا للتحويل فاملتعلم يعتاد إجناز متارين كثرية‪ :‬إنه يطبّق الغوريتمات‪ ،‬ميارس تلقائيات‬
‫حيول إالّ قليال‪ ،‬فعندما نعمل على اكتساب معرفة جديدة وتطوير كفاية ما‪ ،‬فإن التفاعل الناشئ اجتاه هذه‬ ‫ما‪ ،‬لكنّه ال ّ‬
‫املعطيات‪ ،‬يكون هو إعادة استعماهلا يف سياق مطابق للذي متّ فيه ذلك االكتساب‪ ،‬وهنا يتعلق األمر بالتطبيق‪.61‬‬
‫‪ ‬التعميم ‪ :GENERALISATION‬ميثل أساس اكتساب املفاهيم وإمكانيات التجريد‪" ،‬وتأيت أمهية هذه‬
‫السريورة يف تفعيل الذكاء ‪..‬نتيجة تفاعل سريورة الفهم اليت تثري هبا سريوريت التحليل والرتكيب‪ ،‬بوصف هذه األخرية متثّل‬
‫الزمن القوي للفعل العقلي واألنشطة الذهنية العليا‪ ،‬وهو الذي ميثل كذلك موضوع معظم أحباث املدارس املعرفية‬
‫‪ ،cognitive‬حلظة االستدالل العقلي‪ ،‬أو حلظة تأسيس الفرضيات‪ ،‬وبالتايل النشاط اإلبداعي (إجياد علّة أو سبب) ‪،‬‬
‫واملنطقي ( الربط العقالين بني السبب والنتيجة) بعبارة أخرى ‪ ...‬نكون بإزاء التعميم عندما يؤخذ بعني االعتبار أوجه‬
‫التشابه بني وضعيتني لتحويل تعلم ما‪ ،‬وعليه يتحدد مفهوم التحويل كعملية تطبيق حل معلوم ّإزاء وضعية غري مسبوقة‬
‫‪69‬‬
‫قطعا"‬
‫‪ ‬التعبئة ‪ :mobilisation‬وتعين "توجيه جمموع عمليات ذهنية معقدة‪ ،‬حيث يف مواجهتها بوضعيات ما حتول‬
‫املعارف بدل العمل على نقلها وعليه يف إطار هذا املفهوم يتعني الوقوف على كيمياء أو خيمياء للمعارف وليس على‬
‫فيزياء هلا"‪ ، 68‬إن استعارة التعبئة تبدو أكثر مالءمة‪ ،‬وال تعين فقط االستعمال والتطبيق‪ ،‬وإمنا تتسع أكثر من ذلك لتشمل‬
‫ال تمييز والدمج والتعميم أو التخصيص‪ ،‬والرتكيب والتنظيم والتنسيق‪ ،‬فهي تعمل على حتويل املعارف بإيصاهلا يف ظل‬
‫أوضاع معينة‪ ،‬ما يؤكد لنا فكرة كيمياء املعارف‪،‬على عكس ما تصبو إليه فيزياء املعارف‪.‬‬
‫إن عملية التعبئة تسعى يف مضمار عامل الشغل إىل جتاوز حقل السيكولوجيا املعرفية التجريبية لتتجه بشكل سليم إىل‬
‫متوضع املعرفة والفعل‪ .‬ميثل ذلك الغاية النهائية اليت رومها املدرسة‪ ،‬فالرغبة "يف أن تكون املعارف املكتسبة باملدرسة‬
‫مستعملة يف سياقات أخرى ال تنفصل عن الفكرة اليت مفادها أن املدرسة موجودة لكي هتيئ للحياة باملعىن الواسع‬
‫للكلمة‪ ،‬وهبذا املعىن سيكون نقل املعارف دوم مبثابة واجهة للمدرسة"‪ ،60‬يرمي ذلك إىل ضرورة دفع التلميذ إىل محل‬
‫معارف مستوعبة بالقسم‪ ،‬من أجل استعماهلا خارج املدرسة‪.‬‬
‫ثالثا‪/‬مراحل النقل الديداكتيكي‪ :‬يعرف النقل الديداكتيكي على أنه جمموع التحوالت اليت تطرأ على معرفة معينة يف‬
‫جماهلا العامل من أجل حتويلها إىل معرفة تعليمية قابلة للتدريس‪ ،‬فاملعارف العاملة وكما بق احلديث عنها املعارف املنتجة من‬
‫طرف املختصني و الباحثني و تتضمن مفاهيم و معارف جمردة يستحيل إدراكها من طرف التلميذ‪.‬واملعارف املراد تدريسها‬
‫واليت تتمثل يف الةرامج الرمسية املسطرة‪ ،‬و هي يف جمموعها مستقاة من املعرفة العاملة‪.‬مث املعارف املدرسة واملتمثلة يف كل ما‬
‫يقدمه املدرس لتالمذته عةر وضعيات ديداكتيكية معينة و وسائل تعليمية حمددة مما يعكس املنهاج الدراسي الفعلي‪.‬‬
‫المعرفة‬ ‫المعرفة‬ ‫المعرفة المعدة للتدريس‬ ‫المعرفة العالمة‬
‫المستوعبة‬ ‫المدرسة‬ ‫(نصوص و مقاالت علمية متخصصة )‬
‫التلميذ‬ ‫المدرس‬ ‫واضعي البرامج‬ ‫باحثون‪ ،‬متخصصون‪ ،‬علماء‬

‫زهرة بوخاتمي‬ ‫‪57‬‬


‫ردمد‪0712-7171:‬‬ ‫المجلد ‪ 5‬العدد ‪ 75‬سبتمبر ‪0272‬‬ ‫التعليمية‬

‫عملية النقل الديداكتيكي‪:‬‬


‫يعمل النقل الديداكتيكي على نقل املعرفة من فضائها العلمي اخلالص إىل فضاء املمارسة الرتبوية لتناسب‬
‫خصوصيات املتعلمني النفسية وتستجيب حلاجاهتم عن طريق تكييفها وفق الوضعيات التعليمية – التعلمية‪.‬ومن أجل‬
‫حتقيق ذلك وجب أن تتم هذه العملية عةر مراحل ثالث هي‪:‬‬
‫‪ ‬اختيار املعرفة وتبسيطها حىت تكون يف متناول املتعلمني مع ضرورة مراعاة الفروق الفردية‪.‬‬
‫‪ ‬اختيار لغة مناسبة ملستويات املتعلمني‪.‬‬
‫‪ ‬عملية عرض احملتوى التعليمي‪ ،‬والذي ينبغي أن يراعي‪:‬‬
‫‪ ‬اإلنتقال من املعلوم إىل اجملهول‪.‬‬
‫‪ ‬اعتماد مبدأ التدرج (من املعارف البسيطة إىل املركبة مث املعقدة)‬
‫تتيح هذه املعاجلة الديداكتيكية بناء املعارف على تدرج حمكم لعملية التعلم وعلى تبسيط مناسب يوفر للمتعلم‬
‫فرصة إثراء خةرته وهيكلتها مع امتالك جرأة االجتهاد واالبتكار ‪ ,‬مما يؤسس للتكوين الذايت واالستقاللية يف اكتشاف‬
‫املعرفة ‪ ،‬خاصة إذا اتسعت لتبعج البيئات التكوينية خارج املدرسية (املكتبات العامة‪,‬نوادي االنرتنيت‪,‬اإلدارات‬
‫العمومية‪. )...‬‬
‫إن عملية النقل الديداكتيكي تسعى إىل دمج املفاهيم و املعارف العاملة يف حقل املعرفة املدرسية‪ ،‬إال‬
‫أنه ينبغي مراعاة املمارسات االجتماعية املرجعية ( حاجيات‪ ،‬قيم…) و اقرتاح أنشطة تعليمية منبثقة من‬
‫الوسط السوسيوثقايف للمستهدفني‪ ،‬إن عمل املدرس ينحصر يف حتويل املعرفة املعدة للتدريس إىل معرفة مدرسية موازاة مع‬
‫عمل املتعلم و هو بذلك مطالب بتحليل املعرفة املراد تدريسها من خالل‪:‬‬
‫‪1‬حتديد املفاهيم األساسية و فرز املفاهيم و املعارف…‬
‫‪2‬حتديد الشبكة املفهومية بالنسبة لكل مفهوم مدمج…(هلدف تنظيم احملتوى)‬
‫‪3‬مراعاة مستوى صياغة املفاهيم للفئة املستهدفة‪.‬‬
‫‪4‬ضبط تاريخ املفاهيم املراد تدريسها‪.‬‬
‫‪5‬مراعاة متثالت التلميذ و معارفه املتناثرة غري الدقيقة و استثمارها و إعادة بناءها من جديد‪.‬‬
‫‪6‬اإلملام بالعوائق اإلبستمولوجية املتعلقة باملفاهيم املسطرة‪.‬‬
‫‪7‬بلورة املعارف املنهجية على شكل كفايات و قدرات…‬
‫‪8‬اختيار الوضعيات التعليمية املالئمة…‬
‫‪ 9‬جتنب تقدمي املعرفة اجلاهزة املعطلة لقدرات التالميذ و السعي إىل استدراج املتعلم للمسامهة يف بناء املعرفة بنفسه من‬
‫خالل هتيئ مشاكل للحل و جعلها موضوعا للتعلم و الكتساب خةرات جديدة و هكذا ميكن احلديث عن‬
‫سريورة إنتاجية للمعرفة و كأن التلميذ اكتشفها ألول مرة…‬

‫زهرة بوخاتمي‬ ‫‪58‬‬


‫ردمد‪0712-7171:‬‬ ‫المجلد ‪ 5‬العدد ‪ 75‬سبتمبر ‪0272‬‬ ‫التعليمية‬
‫رابعا‪/‬مظاهر النقل الديداكتيكي‪:‬‬
‫تتسم املعرفة العاملة بالتعقيد و التطور‪ 29‬فهي عبارة عن أجوبة على أسئلة مطروحة أو مقدمة‪ ،‬إن هذه األسئلة‬
‫تكون أحيانا عويصة أو معقدة…كما تعد نتيجة لبحث معني مستمر و متتابع داخل جمال حمدد و فرتة معينة ‪،‬إن مهمة‬
‫انتقاء و اختيار املادة التعليمية املناسبة القابلة للتدريس ليس باألمر السهل إذ تنتج عنه تبعات تتمظهر يف تغريات تطرأ‬
‫على املعرفة العاملة و هي‪:‬‬
‫‪ ‬إزالة الشخصنة و تجريد المعرفة من الرواسب الذاتية‪:‬‬
‫ترتبط املعارف ال حمالة بزمان ومكان نشأهتا وتكوهنا‪ ،‬ودراستها والعمل على نقلها يستوجب ضرورة جتريدها بإزالة‬
‫شخصنتها من خالل حذف التعليالت الشخصية الذاتية و اخللفيات النظرية اإليديولوجية و األخطاء و املسالك املتعرجة‬
‫و الطويلة‪ ،‬فضال عن استبعاد الرتددات و العوائق اإلبستمولوجية و احلوافز الشخصية املرتبطة بالباحث أو اجملتمع ( فوراء‬
‫البحث يف مرض السيدا مثال تكمن دوافع مادية و حوافز اجتماعية معلومة‪.‬‬
‫‪ ‬إزالة بلورة المعرفة‪:‬‬
‫تتسم املعرفة العلمية بالتكامل و النسقية ( الوحدة ) و ينتج عن جتزيئها و تفكيكها هلدف‬
‫تدريسها تشويه هلا‪ ،‬مما يؤثر على فهمها يف مشوليتها وهذا ما يعاب على املواد الدراسية‪.‬‬
‫‪ ‬إزالة سياق المعرفة ‪ /‬تجريدها من سياقها‪:‬‬
‫تتمثل يف حذف القانون االبستمولوجي للمعرفة العاملة و تغيري تارخيها و سريورهتا الداخلية‪ ،‬و جتريدها من‬
‫املشكل الذي كانت تعاجله فضال عن البحث يف السياق العام الذي ترمي إليه ‪،‬فاملفاهيم العلمية ال تأخذ معناها إال داخل‬
‫سياقها و من هنا تتجلى أمهية اعتماد تاريخ العلوم حىت يدرك املستهدفون وظيفة العلم و كيفية تطور املعرفة‪.‬‬
‫‪ ‬التبرمج‬
‫ينبغي عند بناء مقرر دراسي مراعاة مستويات صياغة املفاهيم للمراحل النفسية ومستويات اإلدراك املعريف للمتعلم‪،‬‬
‫فاملعرفة املدرسة مبنية و مقدمة وفق تطور الزمن‪ ،‬و نعين بالتطور داخل الزمن الوقت األساسي للتعليم و التحصيل‪ ،‬و إذا‬
‫مل يتحقق التعلم احملدد لسن معينة فنستنتج إما فشل التلميذ أو املدرس‪ ،‬أو بصيغة قصوى فشل املنظومة الرتبوية‬
‫خامسا‪/‬المعلم والمتعلم والنقل الديداكتيكي‪:‬‬
‫ينبغي على املعلم أن يتجاوز فكرة " ترك املتعلمني يكونون مفاهيمهم انطالقا من املالحظات التدريبات والتجارب‬
‫الفصلية أو املخةرية فقط‪...‬إن األمر يتعلق بتحريض املتعلم على ممارسة نشاط تعبوي‪ ،‬ولتحقيق هذا التحريض يكفي أن‬
‫حنرك حوافزه اجتاه املسألة اليت يطلب منه معاجلتها‪ ،‬أو على األقل نقوم بتوجيهه حنوها"‪ ،26‬لذا على املعلم أن حياول‬
‫إكساب املتعلمني الكفاءات األساسية اليت جتيز هلم التحكم يف تعلمهم واالنتقال إىل مستوى أعلى من الفهم والتفكري‪،‬‬
‫فهو مطالب متاما بإجراء تعديالت على متثالهتم وتوظيفها لتقرييبهم من موضوع التعلم‪ ،‬وإدماجهم يف الوضعيات التعلمية‪،‬‬
‫يتمحور دوره بذلك حول مساعدة املتعلمني يف حل مشاكلهم اليت يواجهوهنا من خالل تزويدهم مبواقف متكن املتعلم من‬

‫زهرة بوخاتمي‬ ‫‪59‬‬


‫ردمد‪0712-7171:‬‬ ‫المجلد ‪ 5‬العدد ‪ 75‬سبتمبر ‪0272‬‬ ‫التعليمية‬
‫بالتعود على زرع‬
‫تعبئة معارفه اجلديدة الختبار مدى إجرائيتها وحدودها‪.‬إذ حيس املتعلم من خالل هذه املواقف اجلديدة ّ‬
‫معارف جديدة‪ ،‬كما جتعله يتدرب أكثر على مراجعة معارفه الستعماهلا فيما يكون بصدد تعلّمه‬
‫مما يستوجب على املتعلم أن يدمج معارفه وقدراته معتمدا على متثالته وعملياته الذهنية‪ ،‬يقوم املتعلم ههنا ببناء‬
‫معارفه‪ ،‬هذا املبدأ الذي تزكيه املقاربة البنائية(املقاربة بالكفاءات)‪ ،‬فاملتعلم النشيط الذكي حيسن تشغيل متثالته حلل‬
‫وضعيات جديدة‪.‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫يفجر أمامنا مشكال عويصا جابه املدرسة منذ األزل‪ ،‬ومبباحثته وحماولة تفعيله يف‬
‫إن مفهوم النقل الديداكتيكي ّ‬
‫خضم املقاربة بالكفاءات نتجه أكثر حنو تنظيم اجلهاز املفاهيمي للمشاكل التعليمية التعلمية‪ ،‬فذلك املفهوم بناء مؤقت‪،‬‬
‫تكمن قيمته يف االستعمال‪ ،‬ويتم قياسه حبسب خصوبته النظرية وليس حبسب حقيقته املطلقة‪.‬‬
‫ميكن تشبيه العقل البشري باحلاسوب‪ ،‬إذ يتم نقل املعلومات من حميط إىل ذاكرة عمل‪ ،‬ومن هذه األخرية إىل‬
‫ذاكرة على املدى البعيد‪ ،‬مث يقوم بقلب العملية يف اللحظة اليت يكون فيها الةرنامج يف حاجة إىل هذه املعلومة ويسعى إىل‬
‫اسرتجاعها‪.‬وباملثل بالنسبة للعملية التعليمية التعلمية‪ ،‬ينبغي التأكيد على كيمياء املعارف برتحيل تلك الدرايات ومتثيلها‬
‫بدل التأكيد على فيزياء الدرايات املعرفية‪.‬وكذا االهتمام أكثر بتوطني موضوع التعلم خارج البيئة الصفية‪ ،‬خاصة عامل‬
‫الشغل بوصفه اإلطار األوسع للتفاعل الرمزي املتبادل‪.‬‬
‫إن ال نقل الديداكتيكي جيب أن يسبق التعلم‪ ،‬والعكس فكر طاحل ينبغي دثره‪ ،‬إذ يتوجب انتقاء معارف مدرسية‬
‫قابلة للتحويل‪ ،‬والذي يسنح جبعلها قادرة على مواجهة وضعيات أكثر تعقيدا‪.‬‬
‫تتطلب أجرأة النقل الديداكتيكي ضمن املمارسة التعليمية والتعلمية على حد سواء ضرورة بناء ثقافة النقل ‪.‬‬
‫فكيف يتم منح التعلم معىن ما وهو ال يستطيع تعدي أفق املدرسة؟‬
‫التوثيقات‪:‬‬
‫ينظر العريب سليماين‪ :‬التواصل الرتبوي مدخل جلودة الرتبية والتعليم‪ ،،‬نداكوم ديزايرن‪ ،‬املغرب‪ ،‬ص(‪.)08-09‬‬ ‫‪-6‬‬
‫‪2-‬‬ ‫?‪VOIR http://www.startimes.com/f.aspx‬‬
‫‪-3‬العريب أسليماين‪ :‬التواصل الرتبوي مدخل جلودة الرتبية والتعليم ص‪.625‬‬
‫‪ -4‬محد اهلل جبارة‪ :‬مؤشرات كفايات املدرس من صياغات الكفايات إىل وضعية املطابقة‪ ،‬مطبعة النجاح‪ ،‬املغرب‪ ،2990 ،‬ط‪ ،6‬ص‪.45‬‬
‫‪-5‬م ن‪ ،‬ص ن‪.‬‬
‫‪-1‬حيي حممد نبهان‪ :‬مهارة التدريس‪ ،‬اليازوري‪ ،‬األردن‪ ،2998 ،‬ص‪.636‬‬
‫‪-9‬جواكيم دولز وآخرون‪ :‬لغز الكفايات يف الرتبية‪ ،‬تر عز الدين اخلطايب‪ /‬عبد الكرمي غريب‪ ،‬منشورات عامل الرتبية‪ ،‬املغرب‪ ،2995 ،‬ط‪ ،6‬ص‪.41‬‬
‫‪ -8‬م ن‪،‬ص‪.52‬‬
‫أما عن تعريف التحويل‪:‬‬
‫التحويل لغة يقال حولوا عنها حتويال وحوال ‪ :‬قال األزهري والتحويل مصدر حقيقي من حولت واحلول اسم يقوم مقام املصدر ‪،‬قال اهلل عز وجل "ال‬
‫يبغون عنها حوال"أي حتويال‪،‬وقال الزجاج ال يريدون عنها حتوال‪.‬عن ابن منظور ‪ :‬لسان العرب ‪،‬تح أمحد حيدر ‪،‬دار الكتب العلمية‪،‬لبنان‬
‫‪،‬ج‪،2‬ص‪.480‬أما اصطالحا يعين " انتقال جمموعة من القيم واملفاهيم األدبية من طابع معني إىل طابع آخر خيالف السمة الغالبة على الطابع‬

‫زهرة بوخاتمي‬ ‫‪60‬‬


‫ردمد‪0712-7171:‬‬ ‫المجلد ‪ 5‬العدد ‪ 75‬سبتمبر ‪0272‬‬ ‫التعليمية‬
‫األول"عن مسري سعيد حجازي ‪:‬كتاب معجم املصطلحات احلديثة يف علم النفس واالجتماع ونظرية املعرفة ‪،‬دار الكتب العلمية‪،‬لبنان‬
‫‪،2995،‬ص‪.611‬‬
‫‪-0‬االشتغال باملعارف امليتامعرفية يعين إمكانية إعادة استعماهلا يف سياق آخر‪ ،‬ومن مث األخذ باحلسبان سريورات التحكم يف النشاط( تنبؤ‪ ،‬تعديل‬
‫ذايت‪ ،‬تقومي‪ ).‬من خالل وعي منتظم‪.‬‬
‫‪ -69‬م ن‪ ،‬ص‪.52‬‬
‫‪-66‬التجريد ‪Abstraction:‬‬
‫عرفه ابن منظور على أنه‪":‬التعرية من الثياب ‪....‬التجريد التعري" مأخوذ عن ابن منظور ‪ :‬لسان العرب‪، ،‬تح أمحد حيدر ‪،‬دار الكتب‬ ‫لغة ‪ّ :‬‬
‫العلمية‪،‬لبنان ‪،‬ج‪ ،2‬ص‪.88‬‬
‫ّأما اصطالحا‪ :‬فهو عبارة عن "استخراج املاهيات ذهنيا من املوجودات واالرتفاع هبا من احملسوسات واجلزئيات إىل األمور الكلية والشاملة" عن حممد‬
‫محود وآخرون ‪ :‬اللغة العربية الدليل املنهجي لتحليل النصوص السنة الثانية من سلك البكالوريا‪ ،‬توب إديسيون‪ ،‬املغرب ‪،2998،‬ط‪ ،6‬ص‪.298‬‬
‫ويعرفه شاكر عطية قنديل يف معجمه‪ ":‬هو أن ينتزع املتكلم من أمر ذي صفة أمرا آخر مثله يف تلك الصفة مبالغة يف كماهلا من املنتزع منه حىت أنه‬ ‫ّ‬
‫قد صار منها حبيث ميكن أن ينتزع منه موصوف آخر هبا" شاكر عطية قنديل ‪:‬املعجم الطاليب ‪،‬دار النهضة العربية‪ ،‬لبنان ‪،‬ط‪،6‬ص‪.39‬‬
‫أما سعيد عيد العزيز فرياه‪ ":‬إن عملية اكتساب املعاين تبدأ باملفردات احملسوسة وتنتهي باألفكار العامة واجملردة ‪،‬فالفرد يعرف طعم احللو عن طريق‬
‫اللسان ولكنه يكون معىن جمردا يف ذهنه عن معىن العذوبة الذي يعجبه على كل شيء ذي طعم حلو " سعيد عبد العزيز ‪:‬تعلم التفكري ومهاراته‬
‫تدريبات وتطبيقات عملية ‪،‬دار الثقافة ‪،‬األردن ‪،2990،‬ط‪،6‬ص‪.39‬‬
‫‪ -62‬ينظر املقاربة بالكفاءات ‪،‬سلسلة من قضايا الرتبية ‪،‬ع‪،34‬املركز الوطين للوثائق الرتبوية ‪،‬اجلزائر ‪،2993،‬ص‪91‬‬
‫‪ -63‬موهوب حروش‪:‬ملاذا تستخفنا الكفاءات؟ الندوة الدولية لرؤساء اجملموعات املتخصصة‪ ،‬وزارة الرتبية الوطنية‪ ،‬اجلزائر‪ ،2996 ،‬ص‪.98‬‬
‫‪ -64‬ينظر بدر الدين بن تريدي‪ :‬قاموس الرتبية احلديث‪ ،‬اجمللس األعلى للغة العربية‪ ،‬اجلزائر‪ ،2969 ،‬ص‪.699‬‬
‫‪ -65‬م ن‪ ،‬ص‪.366‬‬
‫‪ -61‬ينظر أمحد أوزي وآخرون‪ :‬التدريس بالكفايات رهان على جودة التعليم‪ ،‬مطبعة النّجاح‪ ،‬املغرب‪ ،2999 ،‬ط‪،6‬ص‪.81‬‬
‫‪ -69‬أمحد أوزي وآخرون‪ :‬التدريس بالكفايات رهان على جودة التعليم ‪ ،‬ص ‪.89‬‬
‫‪ -68‬م ن‪ ،‬ص ن‪.‬‬
‫‪-60‬جواكيم دولز وآخرون‪:‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.48‬‬
‫‪29- voir http://cfijdida.over-blog.com/article-transposition-didactique-110934117.html‬‬
‫‪ -26‬بارتراند ‪:y Bertrand‬النظريات الرتبوية املعاصرة‪،‬تر حممد بوعالق‪ ،‬مكتبة دار األمان‪ ،‬املغرب‪ ،2999،‬ط‪ ،6‬ص‪.06‬‬

‫زهرة بوخاتمي‬ ‫‪61‬‬

You might also like