Professional Documents
Culture Documents
الثقافة التنظيمية
الثقافة التنظيمية
تحتم ظـروف الوقـت الراهـن بمتغيراتـه المختلفـة بـذل المزيـد مـن الجهـد النجـاز األعمـال ومسـايرة
المتغيـرات السـريعة والمتالحقـة فــي كافـة المجاالت ،وحتتـاج المجتمعـات إلـى التفاعـل مـع االحـداث
والمسـتجدات بصـورة فوريـة ،وهنـا تلعـبً الثقافـة دورا رئيسـا فــي فهـم واسـتيعاب المتغيـرات والقـدرة
علـى التفاعـل مـع تلـك المتغيـرات ،فالثقافـة هـي مجموعـة المفاهيـم االساسـية التـي يشـترك فيهـا المجتمـع،
حيـث تتكـون مـن أنمـاط وطـرق فــي التفكيـر والشـعور وردود الفعـل التي تكتسـبها اللغـة والرمـوز وتخلـق
وألن المنظمـات هـي جـزء ال يتجـزأ مـن المجتمـع ،فهـي تتشـكل مـن أفـراده وتتأثـر مبتغيراتـه ،فنجـد أن
مـا يحملـه مجمـوع أفـراد المنظمـة الواحـدة مـن قيـم وعـادات وتقاليـد يتـم نقلـه بصـورة أو بأخـرى إلـى
داخـل المنظمـة ،وبالتالـي فـإن تفاعـلُ شـكل فــي النهايـة الثقافـة المميـزة للمنظمـة ،ولهـذا ُتعـد المنظمـة
وحـدة العاملـين ومشـاركتهم لتلـك العـادات والتقاليـد في اجتماعيـة تسـتقي ثقافتهـا مـن الثقافـة السـائدة فــي
المجتمـع.
وفــي ضـوء مـا تقـدم ،جنـد أن ثقافـة المنظمـةُ تثـل القيـم والمعتقـدات التـي تم ترسـيخها ونشـرها مـن قبـل
المؤسسين االصليـن لهـا ،فهـي ُتشـكل فــي النهايـة تصـورات وسـلوكيات العامليـن واتجاهاتهـم
وتصرفاتهـم ،والتـي بدورهـا ربمـاً تنعكــس ســلبيا أو إيجابيــا علــى جميــع عمليــات وأنشــطة المنظمــة،
كمــا أنهــا تتحكــم ف ــي قــدرة العاملـيـن علــى فهــم السياســات االداريــة الداخليــة ،وتنفيــذ التوجهــات
1
ومـن الجديـر بالذكـر ،أن الثقافـة التنظيميـة تختـص بتحديـد السـياق العـام لكافـة العمليـات واالنشـطة التـي
تقـوم بهـاً المنظمـة ،وهـو مـا يجعلهـا تلعـب دورا رئيسـا فــي جناحهـا أو فشـلها ،حيـث يؤكـد العديـد مـن
العلمـاء والباحثين ومسـؤولي الشـركات والمؤسسـات أنـه ال يوجـد نمـوذج تنظيمـي ثقافــي واحـد يناسـب
ففـي حيـن أن الثقافـة التنظيميـة هـي مفهـوم واسـع ،فـإن تأثيرهـا يمكـن قياسـه فــي الواقـع ،حيـث كشـف
تقريـر صـدر عـن « » SHRMعـام 2019أن تكلفـة دوران الموظفيـن -بسـبب الثقافـة غيـر الجيـدة
فــي مكان العمـل -تـجاوزت 223مليـار دوالر علـى مـدى السـنوات الخمـس الماضيـة فــي الواليـات
المتحـدة االمريكيـة وحدهـا ،وهـي ُتعـد الخسـائر المباشـرة التـي كان يتعيـن علـى أصحـاب العمـل تحملهـا
بسـبب الفشـل فــي خلـق بيئـة مناسـبة يشـعر فيها الموظفين بأنهم محترمـون ومسـموعون .
لـذا؛ يسـعى القـادة فــي المنظمـات والمؤسسـات الناجحـة إلـى نشـر وترسـيخ ثقافاتهـم كل يـوم ويبذلـون
قصـارى جهدهـم اليصــال هوياتهــم الثقافيــة للموظفــين ،وينبــع حرصهــم هــذا مــن أن الثقافــة التنظيميــة
الجيــدة تــؤدي إلــى االهتمــام بالعنصــر البشــري؛ لــذا تســعى المنظمــة إلــى إيج ــاد آليــات يتــم مــن خاللهــا
تهيئــة الفــرص الكافيــة للعاملـيـن لتنميــة وتطــوير قدراتهـم ومهاراتهـم ،وتحقيـق نـوع مـن االنسـجام بـين
وفــي إطـار مـا سـبق ،تهتـم هـذه الدراسـة بالتعـرف علـى مفهـوم الثقافـة التنظيميـة ونظرياتها .
2
المطلب االول :مفهوم الثقافة التنظيمية
تعـددت التعريفـات التـي تناولـت مفهـوم الثقافـة التنظيميـة ،وهـو األمـر الـذي يعكـس مـدى اتسـاع وتعقـد
هـذا المفهـوم وتنـوع دالالتـه ،ولعـل التعريـف األكثـر شـيوعا هـو تعريـف شـاين ( ،)2010الـذي اعتبـرٍ
الثقافـة التنظيميـة قـوة اجتماعيـة غيـر مرئيـة إلـى حـد كبيـر ،ذات تأثيـر عـال ،وعلـى هـذا عرفهـا بأنهـا
1
"هـي القـوة غيـر المرئيـة التـي تدفـع المنظمـة نحـو أهـداف محـددة أو شـيء معيـن فــي اتجـاه محـدد
وقـد تمت االشـارة أيضـا إلـى أنهـا هـي "مزيـج يشـمل المعتقـدات ،واأليديولوجيـا ،واللغـة ،والطقـوس،
والقيـم ،واألعــراف ،والتقاليــد التــي تقــود كل الســلوكيات الداخليــة للمنظمــة ،ســواء فرديــة أو جماعيــة أو
تعاونيــة"
وقــد عرفــت أيضــا بأنهــا "إطــار معرف ــي مكــون مــن االتجاهــات والقيــم ومعاييــر الســلوك والتوقعــات
التــي يتقاســمها العاملـون فــي المنظمـة ،وتتأصـل أي ثقافـة علـى مجموعـة مـن الخصائـص األساسـية التـي
يعتبر هوفستاد "" Hofsted Creetفي تعريفه للثقافة التنظيمية :على انها برمجة فكرية جماعية خاصة
بمجموعة اجتماعية معينة اتجاه بيئة معينة ،حيث يبحث عن التالؤم أو التكيف معها يتضح أن الثقافة
التنظيمية أحد عناصر البيئة الداخلية للمنظمة ،محصلة للعالقات االجتماعية المتكررة بين العاملين،
1هوجــان وكـوت2014 ،؛ شـاين Schein ، 2010). 2010 ،؛ Homburg and Pflesser ، 2000؛، 2014
2جرينبــرج وبــارون ، 2010 ،ص627
3
والتي تشكل أنماط سلوكية لنظام االجتماعي التنظيمي ،وتكيف أعضاءها معها من خالل تلك البرمجة
الفكرية *.
تعتبر نظريات الثقافة التنظيمية مجموعة من النظريات التي تهتم بدراسة كيفية تأثير الثقافة على سلوك
وأداء األفراد في المؤسسات .تركز هذه النظريات على القيم والعقائد والعادات والسلوكيات التي تشكل
الثقافة التنظيمية ،وكيف يمكن أن تؤثر هذه العوامل على األداء العام للمنظمة .إليك بعض النظريات
تعد نظرية األبعاد الثقافية لهوفستيد هي إطار للتواصل بين الثقافات ،تم تطويره بواسطة جيرت
هوفستيد .يصف فيها هوفستيد تأثير ثقافة المجتمع على قيم أعضائه ،وكيفية ارتباط هذه القيم بالسلوك
3
اإلنساني ،باستخدام هيكل مشتق من تحليل العوامل.
طور هوفستيد نموذجه األصلي كنتيجة الستخدام منهجية تحليل العوامل لفحص نتائج إستطالع
إستقاصائي عالمي لقيم الموظفين العاملين في شركة IBMبين عامي 1967و .1973وقد تم تطوير
تلك النظرية منذ ذلك الحين .اقترحت النظرية األصلية منذ بدايتها أربعة أبعاد يمكن من خاللها تحليل
القيم الثقافية للثقافات األخرى عبر أربعة أبعاد وهي :الفردية -الجماعية؛ تجنب الغموض؛ مسافة
السلطة (ويشير إلى قوة التسلسل الهرمي االجتماعي) والبعد األنوثي الذكري (توجيه المهام مقابل توجه
3
Tomei، Lawrence (2014). Effects of information capitalism and globalisation on teaching؛Adeoye، Blessing
مؤرشف من األصل في .17-12-2019اطلع عليه بتاريخ and learning. Pennsylvania: Information Science Reference.
21-10-2015.
4
الشخص) .قاد البحث المستقل في هونغ كونغ شركة العالم هوفستيد Hofstedeإلى إضافة ُبعد خامس،
وهو التوجه طويل األجل ،لتغطية جوانب القيم التي لم يتم مناقشتها في النموذج األصلي .في عام
قد إنبثق من نظرية األبعاد االجتماعية التي أسسها هوفستيد مجموعة من التقاليد البحثية في علم النفس
بين الثقافات ،كما تم االعتماد عليه من قبل الباحثين والمستشارين في العديد من المجاالت المتعلقة
باألعمال التجارية واالتصاالت الدولية .تم استخدام النظرية على نطاق واسع في العديد من المجاالت
كنموذج للبحث ،وخاصة في علم النفس بين الثقافات واإلدارة الدولية والتواصل بين الثقافات والتي
سيتم تفصيلها الحقا .ال تزال هذه النظرية مصدرُا رئيسيا في المجاالت الثقافية .لقد ألهمت عدًد ا من
دراسات القيم الثقافية الرئيسية األخرى ،فضًال عن البحث في الجوانب المتنوعة للثقافة ،مثل المعتقدات
4
االجتماعية
هي واحدة من النظريات الرائدة في هذا المجال .إدغار شين ،الذي يعد من أبرز باحثي ومستشاري
اإلدارة التنظيمية ،قدم العديد من المساهمات في فهم كيفية تكوين وتأثير الثقافة في المؤسسات .نظريته
حول الثقافة التنظيمية تركز على فهم الثقافة كنظام من الرموز والرموز المشتركة ،وتحديد األبعاد التي
4
Tavakoli، Sadjad (2019). "Cross-Cultural؛ Habibi، Jafar؛ Fazli، MohammadAmin؛Annamoradnejad، Issa
Studies Using Social Networks Data". IEEE Transactions on Computational Social Systems: 1–10.
.مؤرشف من األصل في DOI:10.1109/TCSS.2019.2919666. ISSN:2329-924X. 06-07-2019
5
تقوم هذه النظرية على أساس مفاده :ماهي الثقافة؟ ? what is cultureولقد حللت هذه النظرية متغير
وممكن توضيح هذه المستويات أكثر تفصيال كما أشار إليها Scheinعلى النحو التالي:
مستوى الماديات :تتمثل في :التكنولوجياء ،الفنون ،اآلداب ،األنماط السلوكية المرئية -1
والمسموعة.
-2مستوى القيم :يتم التعرف عليها من البيئة المادية:ويمكن التعرف عليها من خالل اتفاق الجماعة.
-3مستوى االفتراضات األساسية :العالقة مع البيئة ،طبيعة الواقع والزمان والمكان ،طبيعة الطبائع
فى كثابه 1992الكالسيكي :الثقافة والقيادة التنظيمية .يحرف شين الثقافة بمجموعة " :أنماط |
الفتراضات البسيطة المشتركة الثى تحلمها المجموعة بينما تحل مشاكلها مع التكيف الخارجي والتكامل
الداخلي»
والتى تعمل بشكل جيد كافى لكى تعتبر صحيحة .ولتعليم األعضاء الجدد كطريق صحيح لإلدراك.
6
فى 1996نشر حديث لشين يعرف الثقافة التنظيمية على آنها :الغروض الضمدية األساسية حول
كيف يكون الحالم وكيف جب آن تكون مجموعة الداس المشاركة فيه والئي تقرر تصورائهم .أفكارهم»
فى 1992شين يحترف بأن -حتى بالدراسة الجادة -نحن يمكن فط أن تسلى تصريحات عن عناص
الثقافة .فتحن ال تستطيع توضيح الثقافة فى مجموعه : .التكرار .التحليل المشابه للحالفة العالجية بين
5
عالم نفسائي ومريض.
ركزت هذه النظرية في معالجتها للثقافة التنظيمية على العوامل البيئية الداخلية والخارجية؛ إذ يركز
البعد الداخلي على تبني المنظمة ثقافة تميل إلى االستقرار واتجاهها نحو االنجاز والشعور بتطوير
المهنة واالنجازية» أما البعد الخارجي فيقصد به مدى التكيف والتفاعل الدائم والمستمر مع البيئة
الخارجية؛ واالتسام بالمرونة واإلبداع والقدرة على المخاطرة» كل هذه العناصر تعمل مجتمعة لتكون
عامل ضغط على نشوء الثقافة أو تغيرها أو والدة ثقافات فرعية جديدة ومن خالل التفاعل يتم تبني
6
التجديد أو تغير النسيج الثقاقي للمؤسسة.
انطلقت هذه النظرية من نقطة أساسية مفادها:أن الثقافة التنظيمية تنشأ نتيجة تفاعل الوظائف
التنظيمية» القواعد واإلجراءات) إذا تنتقل سمات الثقافة التنظيمية والّي تشكلها اإلدارة العليا طبعا
5
كتاب Edgard Schein - Organizational Culture and Leadership
6عبد هللا بن عطية الزهراني :أثر الثقافة التنظيمية على أداء العاملين؛ أطروحة دكتوراه في إدارة األعمال» المملكة العربية
السعودية. 2007ص36
7
(كيف يخططون أو يحفزون أو براقبون؟) إلى طبيعة األداء ونوع الهيكل التنظيمي ومن خالل وجهة
7
نظر نظرية التفاعل التنظيمي نجد أن المؤسسة هي التي تشكل نوع الثقافة التظيمية.
الخاتمة :
في ختام الحديث حول الثقافة التنظيمية ،يظهر بوضوح أن الثقافة تلعب دوًر ا حاسًم ا في توجيه وتحديد
سلوك األفراد داخل المنظمة .إن بناء ثقافة تنظيمية قوية يمكن أن يكون عاماًل محورًيا في تحقيق
تعكس القيم والمعتقدات في الثقافة التنظيمية هوية المنظمة وتوجهها االستراتيجي .إذا تم تحديدها
وتعزيزها بشكل فّع ال ،فإن الثقافة تصبح محرًك ا لالبتكار والتفوق .على العكس ،إذا لم يتم إدارتها
بعناية ،فإن االختالفات الثقافية قد تؤدي إلى توترات داخلية وتقويض أهداف المؤسسة.
تحتاج المنظمات إلى تعزيز قيم الشفافية والتواصل الفّع ال لضمان فهم جميع أفراد الفريق للثقافة
التنظيمية وتكاملهم فيها .كما يتطلب األمر تعزيز التنوع والشمول لضمان تمثيل جميع األصوات
في الختام ،يجب أن تكون الثقافة التنظيمية محفًز ا للتطور والتحسين المستمر .يتعين على القادة تشجيع
االبتكار والتعلم المستمر ،وتعزيز بيئة تشجع على تبني التحديث والمرونة .إن االستثمار في بناء ثقافة
8
قوية وصحية يشكل استثماًر ا استراتيجًي ا يسهم في نجاح المنظمة في مواجهة تحديات المستقبل وتحقيق
.التفوق المستمر
: المراجع
Homburg and Pflesser ، ؛Schein ، 2010). 2010 ،؛ شـاين2014 ،هوجــان وكـوت
، 2014 ؛2000
أثر الثقافة التنظيمية على أداء العاملين؛ أطروحة دكتوراه في:عبد اهلل بن عطية الزهراني
: المراجع االجنبية
10