You are on page 1of 3

‫" جامعة مولود معمري "‬ ‫دروس األستاذ مزياني‬

‫مفهوم علم النفس االجتماعي‬


‫‪-3‬نشأة وتطور مفهوم علم النفس االجتماعي‬

‫هو تخصص شيق‪ ،‬ولفهم تطوره علينا الغوص في تاريخ غني بالنظريات والتجارب واالكتشافات‪.‬‬

‫‪-1-3‬أصول علم النفس االجتماعي‬

‫يعود تاريخ علم النفس االجتماعي إلى القرن التاسع عشر‪ ،‬عندما بدأ الفالسفة والمفكرون في استكشاف‬
‫مسائل تتعلق بالعالقات بين األفراد والمجتمع‪ .‬ومن المهم أن نشير أن مصطلح "علم النفس االجتماعي" لم‬
‫مستخدما في ذلك الوقت‪ ،‬ألنه لم يتم تحديده بوضوح بعد‪ .‬حيث ظهرت أفكار حول علم النفس‬
‫ً‬ ‫يكن‬
‫االجتماعي تدريجياً من خالل مختلف التخصصات مثل الفلسفة وعلم االجتماع وعلم النفس‪.‬‬

‫ومن بين أهم المساهمات في هذا المجال ما قدمه العالم الفرنسي غوستاف لو بون "‪،" Gustave Le Bon‬‬
‫مع كتابه "علم النفس للجماهير" عام ‪ .5981‬حيث استعرض كيفية تغيير سلوك األفراد عندما يتجمعون في‬
‫حشد جماهيري‪ .‬وأكد أنه عندما يتجمع األفراد في مجموعة‪ ،‬يمكن أن يتبنوا سلوكاً مختلفاً عن سلوكهم‬
‫العادي‪ ،‬وذلك تحت تأثير العواطف والهستيريا الجماعية والسذاجة والتأثير المتبادل‪.‬‬

‫وهناك من مؤرخين من ينسب نشأة علم النفس االجتماعي إلى العالم فرنسي المختص في علم اإلجرام تارد‬
‫» وذلك سنة ‪ 5989‬بعدما ركز على " العامل النفسي المميز للعالقات االجتماعية" رافضا‬ ‫"‪TARDE‬‬

‫التفسير االجتماعي للعالم دوركايم‪ .‬أي ركز هذا المفكر على أهمية التفاعل الموجود بين األفراد في بناء‬
‫العالقات االجتماعية والذي يتم بين الناس بفضل ميكانيزمات نفسية مثل "المحاكاة" ورفض مصطلح‬
‫"العالقات االجتماعية" فاستبدله بمفهوم "العالقات اإلنسانية المتبادلة"‪.‬‬

‫‪-2-3‬عصر الرواد (البدايات)‬

‫ظهور علم النفس االجتماعي كتخصص مستقل في بداية القرن العشرين وكانت فترة لبناء األسس‪ ،‬حيث‬
‫قدم الباحثون مساهمات أساسية في فهم السلوك البشري في المجتمع‪ .‬من بين هؤالء الباحثين الرائدين كان‬
‫بارزا في تحديد أحد أهم المفاهيم الرئيسية في هذا المجال وهو "ديناميات‬ ‫كورت ليون الذي قدم لعب ً‬
‫دورا ً‬
‫المجموعة"‪.‬‬
‫" جامعة مولود معمري "‬ ‫دروس األستاذ مزياني‬

‫ولكن البداية الحقيقية لهذا التخصص ظهر في الواليات المتحدة سنة ‪ 5899‬مع الباحث روس‬
‫"‪ "Ross‬مع نشر كتابه "علم النفس االجتماعي" والباحث ماك دوقال "‪ " Mc Dougall‬وكتابه "مقدمة‬
‫في علم النفس االجتماعي" حيث كانت هذه الكتب أولى األعمال التي قامت بتجميع األبحاث والمفاهيم‬
‫المتعلقة بعلم النفس االجتماعي وهو الذي جعلهما يعرفان فيما بعد كرواد لهذا التخصص‪.‬‬

‫‪-3-3‬تأثير الحرب العالمية الثانية‬

‫كان للحرب العالمية الثانية تأثير كبير على تطور علم النفس االجتماعي‪ .‬تم استدعاء علماء نفس‬
‫اجتماعيين لدراسة قضايا تتعلق بالدعاية‪ ،‬واالنقياد للسلطة‪ ،‬وسلوك المجموعة‪ .‬فمثال أظهرت أبحاث ستانلي‬
‫ميلجرام "‪" Stanley Milgram‬حول االنقياد للسلطة كيف يمكن أن يتسبب التأثير السلطوي في جعل‬
‫األفراد يتصرفون بطرق تتعارض مع أخالقهم‪.‬‬

‫حيث هدفت تجربة ميلجرام إلى فهم إلى أي مدى كان األفراد على استعداد لالمتثال للسلطة‪ ،‬حتى وإن‬
‫كانت أفعالهم تسبب في تسبب المعاناة لآلخرين‪.‬‬

‫التجربة "تم طلب من المشاركين توجيه صدمات كهربائية متزايدة لمشارك آخر (الذي كان في الواقع ممثل)‬
‫في حالة قام بإعطاء إجابة غير صحيحة لسلسلة من األسئلة‪ .‬أظهرت النتائج مدهشة‪ :‬معظم المشاركين‬
‫استمروا في توجيه الصدمات حتى وإن كان الشخص الذي أمامهم يبدو أنه يعاني بشدة‪ .‬هذا كشف عن‬
‫قدرة السلطة على التأثير على األفراد وإقناعهم بارتكاب أفعال تتعارض مع أخالقهم وقيمهم‪".‬‬

‫ايدا فيما يتعلق‬


‫اهتماما متز ً‬
‫ً‬ ‫أيضا استخداماً كبيراً للدعاية‪ ،‬مما أثار‬
‫كما شهدت الحرب العالمية الثانية ً‬
‫بكيفية نقل األفكار وكيفية تأثيرها على السلوك‪ .‬درس علماء النفس االجتماعيين تقنيات اإلقناع واآلليات وراء‬
‫نشر رسائل الحرب لفهم أفضل كيف يمكن أن تؤثر الخطب والصور على األفراد‪.‬‬

‫‪-4-3‬حركات التغيير االجتماعي في الستينات‬

‫تميزت سنوات الستينات بحركات اجتماعية مثل حركة حقوق اإلنسان وحركة حقوق المرأة‪ .‬جلبت هذه‬
‫ايدا بعلم النفس‬
‫اهتماما متز ً‬
‫ً‬ ‫الحركات إلى الواجهة قضايا التحيز‪ ،‬والتمييز‪ ،‬والظلم االجتماعي‪ ،‬مما أثار‬
‫االجتماعي‪ .‬استكشفت األبحاث جذور وآثار العنصرية والجنسية‪.‬‬

‫مثال‪ :‬حركة حقوق السود في الواليات المتحدة‪ ،‬بقيادة شخصيات ملهمة مثل مارتن لوثر كينغ جونيور‪ ،‬وحركة‬
‫حقوق النساء‪ ،‬التي وضعت األسس للمساواة بين الجنسين‪ .‬حيث قدمت الدراسات حول تكوين االتجاهات‬
‫" جامعة مولود معمري "‬ ‫دروس األستاذ مزياني‬

‫نظرة على كيفية اكتساب األحكام المسبقة وتعزيزها من خالل التعلم االجتماعي وعملية التحسين‪ .‬سلط علم‬
‫أيضا على أهمية الصور النمطية والتعميمات البسيطة حول الفئات‪ ،‬وكيف يمكن‬
‫النفس االجتماعي الضوء ً‬
‫أيضا بفحص كيف تؤثر وسائل اإلعالم والثقافة الشعبية على إدراك الفئات‬
‫أن تسهم في التمييز‪ .‬قام الباحثون ً‬
‫األقلية‪ ،‬مما قد يؤدي في بعض األحيان إلى تعزيز األحكام المسبقة القائمة‪.‬‬

‫‪-5-3‬توسيع مجاالت الدراسة‬

‫مع مرور الزمن‪ ،‬تنوع علم النفس االجتماعي ليشمل مجموعة متنوعة من مجاالت الدراسة‪ ،‬مثل علم النفس‬
‫االجتماعي للصحة‪ ،‬وعلم النفس االجتماعي السياسي‪ ،‬وعلم النفس االجتماعي البيئي‪ ،‬وعلم النفس‬
‫االجتماعي الثقافي‪ .‬سمح هذا التنوع بتطبيق مفاهيم علم النفس االجتماعي على مجموعة متنوعة من السياقات‬
‫والمشاكل االجتماعية‪.‬‬

‫‪-6-3‬العصر الرقمي والتحديات الجديدة‬

‫فرصا جديدة للبحث في علم النفس االجتماعي‪ .‬فتحت وسائل التواصل‬


‫جلب العصر الرقمي تحديات و ً‬
‫االجتماعي واالتصال عبر اإلنترنت مجاالت بحث جديدة‪ ،‬بما في ذلك دراسة التفاعالت االجتماعية عبر‬
‫اإلنترنت‪ ،‬ومكافحة التضليل‪ ،‬وديناميات المجموعات على المنصات الرقمية‪.‬‬

You might also like