Professional Documents
Culture Documents
هو تخصص شيق ،ولفهم تطوره علينا الغوص في تاريخ غني بالنظريات والتجارب واالكتشافات.
يعود تاريخ علم النفس االجتماعي إلى القرن التاسع عشر ،عندما بدأ الفالسفة والمفكرون في استكشاف
مسائل تتعلق بالعالقات بين األفراد والمجتمع .ومن المهم أن نشير أن مصطلح "علم النفس االجتماعي" لم
مستخدما في ذلك الوقت ،ألنه لم يتم تحديده بوضوح بعد .حيث ظهرت أفكار حول علم النفس
ً يكن
االجتماعي تدريجياً من خالل مختلف التخصصات مثل الفلسفة وعلم االجتماع وعلم النفس.
ومن بين أهم المساهمات في هذا المجال ما قدمه العالم الفرنسي غوستاف لو بون "،" Gustave Le Bon
مع كتابه "علم النفس للجماهير" عام .5981حيث استعرض كيفية تغيير سلوك األفراد عندما يتجمعون في
حشد جماهيري .وأكد أنه عندما يتجمع األفراد في مجموعة ،يمكن أن يتبنوا سلوكاً مختلفاً عن سلوكهم
العادي ،وذلك تحت تأثير العواطف والهستيريا الجماعية والسذاجة والتأثير المتبادل.
وهناك من مؤرخين من ينسب نشأة علم النفس االجتماعي إلى العالم فرنسي المختص في علم اإلجرام تارد
» وذلك سنة 5989بعدما ركز على " العامل النفسي المميز للعالقات االجتماعية" رافضا "TARDE
التفسير االجتماعي للعالم دوركايم .أي ركز هذا المفكر على أهمية التفاعل الموجود بين األفراد في بناء
العالقات االجتماعية والذي يتم بين الناس بفضل ميكانيزمات نفسية مثل "المحاكاة" ورفض مصطلح
"العالقات االجتماعية" فاستبدله بمفهوم "العالقات اإلنسانية المتبادلة".
ظهور علم النفس االجتماعي كتخصص مستقل في بداية القرن العشرين وكانت فترة لبناء األسس ،حيث
قدم الباحثون مساهمات أساسية في فهم السلوك البشري في المجتمع .من بين هؤالء الباحثين الرائدين كان
بارزا في تحديد أحد أهم المفاهيم الرئيسية في هذا المجال وهو "ديناميات كورت ليون الذي قدم لعب ً
دورا ً
المجموعة".
" جامعة مولود معمري " دروس األستاذ مزياني
ولكن البداية الحقيقية لهذا التخصص ظهر في الواليات المتحدة سنة 5899مع الباحث روس
" "Rossمع نشر كتابه "علم النفس االجتماعي" والباحث ماك دوقال " " Mc Dougallوكتابه "مقدمة
في علم النفس االجتماعي" حيث كانت هذه الكتب أولى األعمال التي قامت بتجميع األبحاث والمفاهيم
المتعلقة بعلم النفس االجتماعي وهو الذي جعلهما يعرفان فيما بعد كرواد لهذا التخصص.
كان للحرب العالمية الثانية تأثير كبير على تطور علم النفس االجتماعي .تم استدعاء علماء نفس
اجتماعيين لدراسة قضايا تتعلق بالدعاية ،واالنقياد للسلطة ،وسلوك المجموعة .فمثال أظهرت أبحاث ستانلي
ميلجرام "" Stanley Milgramحول االنقياد للسلطة كيف يمكن أن يتسبب التأثير السلطوي في جعل
األفراد يتصرفون بطرق تتعارض مع أخالقهم.
حيث هدفت تجربة ميلجرام إلى فهم إلى أي مدى كان األفراد على استعداد لالمتثال للسلطة ،حتى وإن
كانت أفعالهم تسبب في تسبب المعاناة لآلخرين.
التجربة "تم طلب من المشاركين توجيه صدمات كهربائية متزايدة لمشارك آخر (الذي كان في الواقع ممثل)
في حالة قام بإعطاء إجابة غير صحيحة لسلسلة من األسئلة .أظهرت النتائج مدهشة :معظم المشاركين
استمروا في توجيه الصدمات حتى وإن كان الشخص الذي أمامهم يبدو أنه يعاني بشدة .هذا كشف عن
قدرة السلطة على التأثير على األفراد وإقناعهم بارتكاب أفعال تتعارض مع أخالقهم وقيمهم".
تميزت سنوات الستينات بحركات اجتماعية مثل حركة حقوق اإلنسان وحركة حقوق المرأة .جلبت هذه
ايدا بعلم النفس
اهتماما متز ً
ً الحركات إلى الواجهة قضايا التحيز ،والتمييز ،والظلم االجتماعي ،مما أثار
االجتماعي .استكشفت األبحاث جذور وآثار العنصرية والجنسية.
مثال :حركة حقوق السود في الواليات المتحدة ،بقيادة شخصيات ملهمة مثل مارتن لوثر كينغ جونيور ،وحركة
حقوق النساء ،التي وضعت األسس للمساواة بين الجنسين .حيث قدمت الدراسات حول تكوين االتجاهات
" جامعة مولود معمري " دروس األستاذ مزياني
نظرة على كيفية اكتساب األحكام المسبقة وتعزيزها من خالل التعلم االجتماعي وعملية التحسين .سلط علم
أيضا على أهمية الصور النمطية والتعميمات البسيطة حول الفئات ،وكيف يمكن
النفس االجتماعي الضوء ً
أيضا بفحص كيف تؤثر وسائل اإلعالم والثقافة الشعبية على إدراك الفئات
أن تسهم في التمييز .قام الباحثون ً
األقلية ،مما قد يؤدي في بعض األحيان إلى تعزيز األحكام المسبقة القائمة.
مع مرور الزمن ،تنوع علم النفس االجتماعي ليشمل مجموعة متنوعة من مجاالت الدراسة ،مثل علم النفس
االجتماعي للصحة ،وعلم النفس االجتماعي السياسي ،وعلم النفس االجتماعي البيئي ،وعلم النفس
االجتماعي الثقافي .سمح هذا التنوع بتطبيق مفاهيم علم النفس االجتماعي على مجموعة متنوعة من السياقات
والمشاكل االجتماعية.