Professional Documents
Culture Documents
النظرية التعليمية الجزائرية في مشروع عبد الرحمان الحاج صالح ،وأثرها في املناهج املعتمدة
The Algerian educational theory in the project of Abd al-Rahman al-Hajj Saleh, and its
.impact on the approved curricula
مصطفى طويل
mustapha1964touil2014@gmail.com جامعة حسيبة بن بوعلي الشلف (الجزائر)
الملخص:
يف هذه الورقة البحثية أتناو النظرية التعليمية اجلزائرية من خال منوذج عبد الرمحان احلاج صاحل الذي
أاس هلا مبقا له حتت عنوان "أثر اللسانيات يف النهوض مبستوى مدراي اللغة العربية" ،وأعمل على تبيان أهم
األاس املعرفية والنظرية والتطبيقية للنظرية التعليمية ،وما ااوقها من تطبيقات متنوعة رصدت املناهج والطرائق
واألهداف ،وكذا ضبط الدعائم اليت طبقها على العربية ،من وجهة علمية وتربوية كانت التعليميات تدعو إليها
آنذاك ،وهل ااتطاعت أن تتجاوز الظروف اليت ظهرت فيها من جهة ومن جهة أخرى التطورات العاملية يف جما
الديداكتيك.
الكلمات المفتاحية :النظرية التعليمية اجلزائرية؛ الديداكتيك؛ عبد الرمحان احلاج صاحل.
Abstract :
In this article, I begin the Algerian educational theory through the model of
Abderrahmane El Haj Saleh, which he founded in his article entitled "The impact of
linguistics in improving the level of teachers of the Arabic language ", and I work to show the
cognitive, theoretical and applied bases of didactic theory, as well as the foundations that it
applied to Arabic, from the scientific and educational point of view, which has been called by
the educational system to the time, and if it could go beyond the conditions that appeared on
the one hand, and on the other hand the world progress in the field of didactics.
Keywords: Algerian educational theory; didactic; Abdul Rahman Al-Haj Saleh
من الصعب على أي دارس أن يقدم حكما مسبقا على أمر ما انطالقا من الكم املعريف املنتشر بني يديه،
وباخلصوص إذا كان مشتتا ومتفرقا بني ثنايا الدرااات اليت قام هبا فرد أو تكفلت هبا العصبة من الباحثني ،قلت
من الصعب أن يتصور أن مثّة نظرية ما ،وباخلصوص إذا تعلق األمر مبجا علوم الرتبية وما انبثق منها من
بيداغوجيات ،وما ااتقرت عليه مما يعرف بالتعليميات بعد السبعينيات من القرن املاضي ،هذا احلقل املعريف
328
النظرية التعليمية الجزائرية في مشروع عبد الرحمان الحاج صالح ،وأثرها في املناهج املعتمدة
مصطفى طويل
هم األمم والبلدان ،ألنه السبيل األوحد لبناء وصناعة منظومة تربوية متكاملة حتقق
ببعديه النظري والتطبيقي أصبح ّ
الغايات واملرامي اجلسيمة اليت مت ّكن ألصحاهبا يف مساء عامل التقدم احلضاري بشقيه املادي العلمي التكنولوجي
واملعنوي القيمي هذا األخري الذي يستمد من مرجعياته احلضارية الطارفة والتليدة.
التعليمية علم ترفده علوم كثرية و ختصصات غفرية ،ألنه يشكل العصب األاااي اليت تتأاس عليه
السيااات الرتبوية ،والتعليمية املتكاملة يف شىت بقاع العامل يف عصرنا ،أكثر مما كان عند القدماء ألنه كان يشكل
لديهم جمرد هم تعليمي تعلّمي .وابب هذا االهتمام املتزايد هو نظام العوملة اليت يفرض على الكل التكتالت
لكي تتعاون فيما بينها أخذا وعطاء.
يف هذه املقالة أحاو أن أجيب على مجلة من األائلة الكبرية واملشكلة للتأايس إىل اهلدف الذي أنوي
الوصو إليه ،وهو أن للجزائر نظرية تعليمية متميزة ،بالرغم مما تعيشه من تعثرات واضطرابات مقارنة مبا هو عند
غزة الفلسطينية على ابيل التمثيل ال بعض البلدان من جتارب أثبتت جناحات مبهرة ،كما هو يف انغافورة ،بل يف ّ
احلصر.
وهذه األائلة هي :ماذا يقصد بالنظرية التعليمية يف دائرة مفهوم النظرية املعرفية؟ وهل للجزائر نظرية تعليمية،
وما هي املرتكزات اليت اعتمدت عليها؟ وهل هي يف مستوى النظريات التعليمية العاملية ،وهل هلا صدى يف
اآلخر؟ وما هي أاباب اخللل الذي يعرتي الواقع الرتبوي التعليمي يف اجلزائر ؟ أهو النعدام نظرية معاصرة متكاملة
تأخذ بيد معدي املناهج؟
قبل،
لقد اخرتت ملقاليت مجلة من العناصر أحاو أن أضمنها اإلجابة على خمتلف األائلة اليت طرحتها من ُ
وهي:
-8مفهوم النظرية التعليمية يف دائرة مفهوم النظرية املعرفية.
-0النظرية اجلزائرية الديداكتيكية ،من خال أعما الشيخ عبد الرمحان احلاج صاحل:
-3إمدادات النظرية يف أعما طلبة الشيخ عبد الرمحان احلاج صاحل ،وتسويقها إىل اخلارج .
-0النظرية التعليمية اجلزائرية وتطبيقاهتا يف الربامج واملناهج اجلزائرية املتعاقبة.
-1مفهوم النظرية التعليمة في دائرة النظرية المعرفية:
قبل تعريف النظرية التعليمية يتوجب علينا تقدمي تعريف علمي للنظرية ابستيميا ،فهذا "زايس" يوضح نقال عن
العامل "كري لنجر أن النظرية هي" جمموعة من املفاهيم والتعريفات واالفرتاضات املرتابطة اليت تقدم نظرة نظامية إىل
كل منها ،والعالقات بني هذه املتغريات هبدف وصف هذه الظواهر الظواهر يتم فيها حتديد املتغريات اليت تؤثر يف ّ
وشرحها والتنبؤ هبا ،وكل نظرية هلا ثالث وظائف هي :الوصف والتنبؤ والتفسري"
1
329
النظرية التعليمية الجزائرية في مشروع عبد الرحمان الحاج صالح ،وأثرها في املناهج املعتمدة
مصطفى طويل
تكون جمموعة متسقة أو هي " بناء عقلي يتوق إىل ربط أكرب عدد من الظواهر املالحظة بقوانني خاصة ّ
حيكمها مبدأ عام هو مبدأ التفسري ،وميكن متثّلها كمجموعة من املفاهيم األاااية وجمموعة من املسلمات
2
تستنتج منها النتائج التفسريية للنظرية".
هذا يف إطار النظرية املعرفية العامة ،وإذا أردنا احلديث عن النظرية التعليمية ،فال شك أننا نلج عامل
الديداكتيك الذي صار علما قائما بذاته يف مطلع السبعينيات من القرن املاضي ،وقد عرف بتعريفات كثرية
اصطفي منها ما ميثل حلقته األخرية اليت ااتجمعت تعريفا ااتخلص علميته ،فهذا برواو يعرفه بأنه" الدرااة
العلمية لتنظيم وضعيات التعلم ليحقق التلميذ من خالهلا أهدافا معرفية عقلية أو وجدانية أو نفسية حركية"...
وأما التعريفات اليت تنظر إليه كنظرية عامة مواعة -فهو الذي يهمنا يف هذا املقام باعتبار الديداكتيك علما من
علوم الرتبية له قواعده ونظرياته ،يعىن بالعملية التعليمية التعلمية ،ويقدم املعلومات وكل املعطيات الضرورية
للتخطيط ،يرتبط أاااا باملواد الدرااية من حيث املضمون ،والتخطيط هلا وفق احلاجات واألهداف والقوانني
العامة للتعليم ،وكذا الواائل وطرق التبليغ والتقومي.
وما دام موضوعنا يتعلق باملناهج التعليمية جيدر بنا أن نلتفت إىل نظرية املنهج اليت تعرف بالنظرية الرتبوية على
أهنا" جمموعة من املصطلحات واالفرتاضات املرتابطة منطقيا ،واليت متثل نظرة علمية نظامية إىل الظواهر الرتبوية،
3
والنظرية الرتبوية تصف الظواهر ،وتتنبأ هبا وتشرحها وتفسرها ،كما أهنا يف توجيه العمل ،واختاذ القرار"...
لكي نستكنه أهم القضايا التعليمية اليت تؤطر النظرية التعليمية يتوجب علينا أن نطرح مجلة من التساؤالت
من أمهها:
-ما طبيعة اجملتمع الذي ايوضع له املنهاج ؟
-ما طبيعة املتعلم املقصود بالعملية التعليمية /التعلّمية ؟
-ما طبيعة املعرفة -احملتوى املالئم للمتعلم -املراد تعلّمها ؟
-ما الذي ينبغي أن تكون عليه األهداف الرتبوية املختلفة ؟
-وما هو املنهاج املالئم ،وما هو تصميمه ؟
البداية تكون من تقدمي تعريف ولو واصف ،ال كحد أو رام ألنه يتعذر ذلك على الضبط ،ومن أهم
التعريفات احلديثة للمنهج " وهو جمموع اخلربات املخططة اليت هتيؤها اهليئات وتقدمها للمدراة قصد تقدميها إىل
املتعلمني ،اواء أكان ذلك جيري يف داخل املدراة ،أو يف خارجها ،لغرض حتقيق النمو الشامل لشخصية املتعلم
يف اجملا العقلي ،واجلسمي والوجداين ،وغري ذلك ،لبناء تلك الشخصية مبوجب أهداف تربوية حمددة ،وخطّة
4
علمية تؤدي إىل تعديل الوك املتعلّم".
329
الصفحة003-003 : السنة :سبتمبر0702 املجلد 70 :عدد70 : جسور املعرفة )(Djoussour El-maaréfa
-2النظرية الجزائرية الديداكتيكية ،من خالل أعمال الشيخ عبد الرحمان الحاج صالح:
ختوف كبري ،وذلك ألين أعلم بأن تقدمي مثل هذا احلكم على أعما احلقيقة أين تناولت هذا العنصر على ّ
حمدودة للعامل عبد الرمحان احلاج صاحل بأهنا تشكل نظرية ،ومل يقل هبا أحد يع ّد جمازفة علمية ولكن الذي قواين
على ذلك أمران يقينان مها:
أن للعامل اجلزائري عبد الرمحان احلاج صاحل مقاال طويال ومتميّزا ألّفه يف بداية السبعينيات من القرن املاضي
بعنوان :أثر اللسانيات يف النهوض مبستوى مدر اللغة العربية .وهذه الفرتة متثل التأايس احلقيقي للديداكتيك
الذي انسلخ من رحم اللسانيات التطبيقية ،وااتطاع أن يضبط العملية التعليمية /التعلمية أكثر مما كانت عليه
البيداغوجيات آنذاك .وهذا املقا وضع األاس احلقيقية للعملية التعلّمية" التعلم ال التعليم" وهو باملقابل ميثل يف
نظري العالج احلقيقي للمرض الذي تعاين منه منظومتنا الرتبوية والتعليمية ،ألن املعلّم إىل غاية اليوم ما زا مل
يُنهض به ال علميا وال بيداغوجيا ،وما جنده من إملاعات فردية فهي ال تعكس حقا منظومة متزنة متكاملة ،ولو
بلغت هذه النماذج خمتربات العامل املتقدم.
وكأين هبذا املقا يؤاس ملصدر العملية التعلمية وهو املعلم وكيف يتم النهوض به علميا ،وقبل ذلك
بيداغوجيا ديداكتيكيا ،والواقع هو الذي ينطق بذلك.
واألمر الثاين يتمثّل يف تقدميه ملقالت كثرية ختدم املنظومة الرتبوية ويف مقدمتها ثالث مقاالت هي" :األاس
العلمية واللغوية لبناء مناهج اللغة العربية يف التعليم ما قبل اجلامعي" ومقا " األاس العلمية لتطوير تدريس اللغة
5
العربية" ومقا " علم تدريس اللغات والبحث العلمي يف منهجية الدرس اللغوي".
ولعل قائال يقو :إن هذه املقاالت تتعلق تطبيقاهتا باللغة العربية والتعليم أنشطته متنوعة االختصاصات من
رياضيات وطبيعيات واجتماعيات وغريها فأقو :هذه مقاالت نظرت إىل اللغة ومناهجها باعتبارها علما ،والعلم
يضبط مبقاييس علم ية ميكن أن نسقطها على كل األنشطة األخرى ،والعمل الديداكتيكي ،مبادئ ،ومناهج،
وإجراءات تطبيقية وهذا هو اللب الذي تتأاس عليه العملية التعلمية التعليمية ،فقط ما خيدمه يف املتعلم
كمحصلة يغطي جوانب منتظمة تشكل كالّ متكامال .
يف هذا املقا دعا إىل ضرورة التطلّع إىل النظريات العلمية ،ومناهج التحليل والواائل املختلفة للّحاق بالركب
وحل مشاكلنا ،خاصة تلك اليت خرجت يف أحدث صورها ،وباخلصوص يف علوم اللسان وصناعة تعليم اللغات. ّ
أبرز العالقة القائمة بني العلم وتطبيقاته" أي بني النظرية والتطبيق وما أحوجنا إىل هذا النهج ،وهو باملقابل
و َ
يقدم نقدا للكثري من النظريات اليت مل تقدم جناعة كبرية ملا وضعت يف حمك التطبيق ،وروجعت يف بعض جوانبها
ّ
وهنا قدم تعريفا دقيقا لنظرية االجنازات" املعرفية" وهي ":اليت تعتمد على جمموعة متمااكة من املبادئ العلمية
ممر األجيا " وأضاف منبّها إىل عدم نسيان" أن الكيفية اليت تستغل
فتستوحي مادهتا وحمتواها مما يثبته العلم على ّ
هبا القوانني اليت يكتشفها العلم والنظريات اليت يقيمها هي نفسها تكون موضوعا للبحث العلمي" وهو الذي
330
النظرية التعليمية الجزائرية في مشروع عبد الرحمان الحاج صالح ،وأثرها في املناهج املعتمدة
مصطفى طويل
يسمى بالبحث العلمي التطبيقي يف زماننا" وقد أشار إىل أمر مهم وهو الذي عدمناه" وهو أن العلم إذا قطع عن
الواقع ومل ختترب نتائجه على حمك التطبيق ،فسيبقى جمرد فلسفة ،كما أن التطبيقات إذا أبقيت على أوضاعها
األوىل ومل يدخل على أاسها النظرية أي جتديد وأي تطوير فيكون مآهلا اجلمود والروتني ،والبحث العلمي واحد
6
اواء ما كان يرمي إليه هو اكتشاف أارار األحداث أم كيفية ااتغال هذه األارار يف خمتلف ميادين احلياة"
تتمسك باملتحقق من النظريات ال جمرد التهافت
هذا التنظري هو حقا ما حنن حباجة إليه ألنه يكفل لألمة أن ّ
على كل ما يلوح يف أفق البحث ولو مل يثبت جدارته.مث بني أمهية اجلانب التطبيقي الذي يعرض النتائج النظرية
يف حمك الواقع .وهذان النهجان كالمها علمي ،غري أن أوهلما يكتشف أارار األحداث ،وأما ثانيهما فهو املشتغل
على كيفية ااتغال هذه األارار يف واقع احلياة.
مث وضع يده بلسما على اجلرح الذي جيب عالجه ،وهو ":أن البحث اجلماعي املتفاعل املمنهج املنتظم هو
الذي يك فل يف امليادين التطبيقية املتداخلة النتائج االجيابية واحللو الناجعة يف تعليم اللغات اواء أكانت من
7
منشأ الطفل أو مما يكتسبه بعد من اللغات األجنبية".
وهذه الرؤية تق ّدم نظرية عامة متمااكة يف كيفية اكتساب الطفل ملختلف املهارات اجلسدية والذهنية اليت
منوه يف اجملتمع الذي ينتمي إليه ،وما امللكة اللغوية إالّ جزء واحد من تلك املهاراتتفرضها عليه بيئته ،بل بقاؤه و ّ
ان الطفولة".
الكثرية اليت هو جمرب على اكتساهبا يف ّ
وقد ق ّدم للمدرس يف هذا الشأن املبادئ التالية:
-8ضرورة اإلملام مبا ج ّد يف صعيد البحث اللساين.
-0تقدمي ظواهر اللسان من منظور اللسانيات احلديثة.
-3اإلملام باللسانيات الرتبوية كبحث تطبيقي لعلمي اللسان والرتبية.
وهذه املبادئ حتقق التمكن من امللكة اللغوية األصيلة ،وامللكة الوظيفية احلقيقية ،هذه األخرية هي ملكة تعليم
اللغة اهلدف األمسى بالنسبة إليه.
مث قدم ب عد ذلك أهم املشاكل اليت تتعرض هلا اللسانيات الرتبوية .وهذا قصد اإلجابة عن ماذا جيب أن نعلّم؟
وكيف جيب أن نعلمه؟
وتطرق إىل ثالث قضايا مهمة تع ّد حقا دعائم املناهج اليت تركز على ما يتحقق يف عناصر املثلث ّ
الديداكتيكي وهي -8 :النظر يف حمتوى اللغة اليت تعلّم للمتعلم.
-0النظر يف حمتوى الطريقة اليت تبلغ احملتوى.
املدرس هلذه الطرق وكيفية تطبيقه هلا.
-3النظر يف تأدية ّ
وبعد ذلك تعرض إىل حقائق ثابتة طالب بضرورة مراعاهتا ،وهي:
331
الصفحة003-003 : السنة :سبتمبر0702 املجلد 70 :عدد70 : جسور املعرفة )(Djoussour El-maaréfa
أ -ليس كل ما يف اللغة من األلفاظ والرتاكيب ،وما تد عليه من املعاين يالئم الطفل أو املراهق ،يف
معني من أطوار ارتقائه ،ومنوه .
طور ّ
ب -ال حيتاج املتعلم إىل كل ما هو ثابت يف اللغة للتعبري عن أغراضه.
ج -ال ميكن للمتعلم أن يتجاوز أثناء درااته للغة يف مرحلة معينة حدا أقصى من املفردات والرتاكيب،
حىت تصيبه التخمة الذاكرية.
كما وكيفا ،وقد ربطه وباملقابل يصف الوضع الراهن الذي هو عليه تعليمنا للمادة اللغوية ،ووصفه باملرتديّ ،
جمرد لغة متعلّمة مصطنعة ،أو تلك اللغة اليت بالتوظيف احلقيقي يف حياة الطفل اليومية اليت يعيشها ،كي ال تكون ّ
زالت مسمياهتا ،ومسّاها بـاملادة اللغوية العقمى.
وقد ضبط يف هذا الشأن أهم املقاييس اليت تعتمد الختيار املادة اللغوية ،على مستوى األلفاظ والرتاكيب
الوظيفية.وح ّدد الغاية من اختيار املادة اللغوية ،وهو :حتصيل مهارة لسانية" تتمثل يف القدرة الكبرية على التعبري
الدقيق عن مجيع األغراض ،ومجيع ما تقتضيه احلياة العصرية.أي حتصيل عدد كبري من اللفظ الكايف لس ّد حاجياته
التبليغية بأكمل وجه.
خطاطة مقاييس اختيار األلفاظ .إن اختيار األلفاظ تتعلق جبانبني منها ما يتعلّق باملريب ،ومنها ما يتعلق باملريب
واللساين.
مقاييس اختيار األلفاظ
مناذج تطبيقية لرتتيب املقاييس يف حقل اللغة العربية ".على نشاطي التعبري والكتابة"
332
النظرية التعليمية الجزائرية في مشروع عبد الرحمان الحاج صالح ،وأثرها في املناهج املعتمدة
مصطفى طويل
الميدان التربوي اللغوي الذي يجري -ميدان آفات التعبير كالحبسة -البحث في ميدان كيفية
بإجراء التجارب التربوي فيختبر على والحكلة وغيرها. اكتساب الطفل للغة آبائه،
أسس علمية في عين المكان. ومحيطه ثم ارتقاء هذه المهارة.
وأما الكيفية اليت يتم هبا اقتناء اإلنسان للملكة اللغوية فهو عمل علماء النفس ،وعلماء اللسان واألطباء.
أما كيفية اقتناء اإلنسان "املتعلم" للملكة اللغوية فهو عمل علماء النفس وعلماء اللسان واألطباء.
أهم املعلومات املوضوعية:
-النطق وفق ما تدركه أذنه من األصوات اللغوية.
-أن ينتهي الطفل إىل اكتساب أهم املخارج اليت حتتوي عليها لغة أبويه.
-إدراك العالقات البنوية فيما بني الكلم ليكون قادرا على التحليل والتمييز.
وهذه القضايا تع ّد من املبادئ العامة والقصد منها تشكل مرحلتني متمايزتني ،وثانيتهما تبىن على األوىل.
مرحلة اكتساب مهارة التعبير البليغ ،ويركز مرحلة االكتساب التدريجي للملكة
فيها على طريقة التحصيل اآللية الالشعورية. اللغوية األساسية.
وهذه املبادئ ال تش ّكل إال باالعتماد على مقاييس التخطيط والرتتيب والتدريج للعناصر اليت تقدم للمتعلم
وأما مقاييس التبليغ التعليمي والرتايخ وخلق العادات السليمة ،فإن حاصلها النهائي فهو حتقيق املزاوجة بني:
-إكساب املتعلم آلليات الكالم.
-آليات اإلدراك للعناصر اللغوية وفهم مدلوالهتا.
333
الصفحة003-003 : السنة :سبتمبر0702 املجلد 70 :عدد70 : جسور املعرفة )(Djoussour El-maaréfa
آليات ضبط وحتقيق االكتساب آلليات الكالم ،وإدراك العناصر اللغوية وفهم دالالهتا.
-على مستوى املنطوق واملسموع يتحقق " اإلدراك +الفهم"
-على مستوى املكتوب احملرر " القراءة"
وحمصل ذلك القدرة على التعبري يف مستوى التعبري الشفاهي الذي يأيت يف املرتبة األوىل ،مع العلم أن املشافهة
ّ
تسبق القراءة والكتابة ،و يف الوقت نفسه أابقية اإلدراك على التعبري ،وأما التعبري الكتايب فيمثّل التعبري الفين فهو
مرحلة تالية لإلدراك.
القراءة.
اشرتط الباحث للقراءة أن تتميز النصوص باخلصائص التالية:
-أن تكون مالئمة للموضوع املخطط له.
-وإذا مل تتوافر فما على املعلم إال حترير نصوص من إبداعه ،بشرط أن تراعى فيها شروط االنتقاء
والرتتيب.
وهذان النشاطان يعمالن على إثارة اإلدراك املباشر من نفس املتعلم وضرورة الربط بني احلااتني السمعية
والبصرية ،أو أكثر من حااة ،وذلك جلعل املتعلم مكتسبا ملهارته بنفسه ويكون املعلم مرشدا ومنسقا ومصححا
هلذا العمل االكتسايب.
واخلالصة أن هذه الشرعة ،وهذا املنهج ميثالن مهًّا تربويا عرفه الناس منذ زمان" وإن كان غري معمو به بطريقة
منتظمة" 8إمنا اجلديد أو على األقل ما يتناااه أكثر الناس هو ضرورة االنتقاء والتخطيط والرتتيب للمادة اللغوية،
والتمسك الشديد مبا تقتضيه هذه األشياء بدون هتاون من الضبط والتدقيق والتنسيق بالنسبة للعمليات التعليمية.
نظرية الرتايخ اهلدف منها هو املتعلم ،هذا العنصر الذي ركز عليه كثريا يف مقا املنهاج وأاسه العلمية يف
خضم دائرة تعليم اللغات مبا فيها لغة املنشأ.
ولعل ابب الرتكيز على املتعلم هو نظرته االاتشرافية اليت قالت هبا الكثري من النظريات بعد السبعينيات"
الفرتة اليت وضع فيها أاس النظرية التعليمية احلديثة يف اجلزائر" .
ار النجاح يف تعليم اللغات ينحصر يف الرتكيز على املتعلم ،ال علىمن احلقائق اليت ركز عليها املتعلّم ،ألن ّ
املادة املعرفية اللغوية على حدة ،ومعزولة عن املتعلم أي على معرفة احتياجاته احلقيقية ،وهي ختتلف باختالف
السن واملستوى العقلي ،وكذلك املهنة وأنواع األنشطة املنوطة بالفرد يف حياته وغري ذلك.
وقد اعترب العناية باملتعلم والتفطن إىل احتياجاته أصل األصو ومبدأها العام.
وألجل هذا أعطى عناية فائقة لنظرية الرتايخ يف اكتساب امللكة اللغوية ،ورأى أن العمل الرتايخي متوقف
على تعويد املتعلم على وصل عمله التعبريي مبا تدركه األذن يف مستوى األداء لألصوات واملباين .وذلك لتحصيل
334
النظرية التعليمية الجزائرية في مشروع عبد الرحمان الحاج صالح ،وأثرها في املناهج املعتمدة
مصطفى طويل
املراقبة الذاتية بكيف ية آلية ،أي بتصحيح ارجتاعي مستمر ،وهلذا عالقة بالتصحيح الفوري لألخطاء من قبل
املعلّم.
ومن جهة أخرى يقتضي العمل الرتايخي عمليات اإليصا أن تقسم الصعوبة إىل أقصى درجة ممكنة،
فاملقياس ههنا هو" أالّ يتناو التدريب الواحد أكثر من صعوبة واحدة" أما بالنسبة لإليصا فأالّ يتناو الدرس
9
الواحد إالّ عددا حمدودا جدا من العناصر اجلديدة مفردات كانت أم صيغا إفرادية وتركيبية"
وقد تناو خمتلف أشكا التدريب البنوي ،وخاصة ّبني كيف يتم التصرف يف البىن اجلديدة اليت مل تراخ بعد
يف ااتعما املتعلم.
وأحل على ضرورة التكثيف من األعما الرتايخية وال ايما إذا كان بطريقة " املماراة املمنهجة املنتظمة غري
الفوضوية ....ويرى كما هو عند كل اللسانيني الرتبويني أن قسطها من الدرااة جيب أن يكون أوفر بكثري من
حصة العرض وااليصا ...وأن ال تقل عن نسبة ثالثة أرباع الدرااة ...بل يرى وبدون مبالغة بأن العمل
10
االكتسايب للغة كلّه مترس ورياضة".
وقبل أن يتحدث عن الوضع االصطالحي الداليل الذي جيب أن يستغل يف املرحلة التالية لألطوار األوىل فرق
بني اللسان كملكة وهو ما يركز عليه يف البداية التعلمية ،وبني اللسان كظاهرة اجتماعية ،وبني علم اللسان كنظرية
حتقيقية هلذه الظاهرة من جهة ولتلك امللكة من جهة أخرى.
نقد العامل الطرائق التقليدية كاالاتقرائية والقيااية ،وبني نقائصها على التمارين ،منها :ما يتعلق باحلفظ ومنها
ما خيص التحليل والرتكيب.
التصرف يف البىن يف ذاهتا .ألهنم كلهم يعتنون بتحفيظ التلميذ
وبني بأن املربني ال يعتنون بالتمارين اليت ُحتكم ّ ّ
وبني أن دور التمارين ال خيرج عن ثالثة أشياء هي:
ااتئناس املتعلم مبا يتناوله من املعطيات اجلديدة .وحفظه للصيغ اجلامدة السماعية .وتزويده مبا حيتاجه يف
املستقبل من جوامع الكلم ،ومن آيات وأحاديث للتذكري واالحتجاج .وهذه التمارين تسمى متارين بنوية هلا
11
مقاييسها املعروفة.
وال شك أن هذه األفكار كانت اائدة يف أوااط طلبته الذين جلسوا يف حلقات درواه ،قد ختصص الكثري
منهم يف التعليميات ،كما الشأن بالنسبة للباحثني كخولة طالب اإلبراهيمي وحممد صاري ،والطاهر لوصيف،
وغريهم من الطلبة ،باإلضافة إىل الباحثني الذين تأثروا بأفكاره ،وعملوا على تسويقها إىل البلدان اليت اشتغلوا هبا
ويف صدارهتا دو اخلليج اليت عرفت هنضة علمية بفضل اجلزائريني واملغاربة ،وباألخص يف الشأن البيداغوجي.
336
النظرية التعليمية الجزائرية في مشروع عبد الرحمان الحاج صالح ،وأثرها في املناهج املعتمدة
مصطفى طويل
وأما منهاج جويلية 8003فقد ظهرت فيه مستجدات جعلتهم خيرجون من مفهوم الربنامج إىل مفهوم املنهاج
متاما بعد عبور املرحلة االنتقالية ،وقد ختلي عن مقاربة األهداف ،واعتمدت مقاربة الكفاءات ،واليت هي امتداد
13
للمقارب ة باألهداف ومتحيص إلطارها املنهجي والعلمي".
وهذه املقاربة جتعل من املتعلم حمورا أااايا هلا ،وتعمل على إشراكه يف مسؤؤلية قيادة وتنفيذ عملية التعلم وأن
يكون قادرا على تثمني جتاربه السابقة ،ويعمل دوما على توايع آفاقها ،وما األاتاذ إال منشط وليس ملقنا ،وهو
14
بذل ك يسهل عملية التعلم وحيفز على اجلهد واالبتكار ،والتقومي ألجل تقدم مسار التعلم لدى املتعلم.
اخلالصة :إن ما يدعو إليه هذا املنهاج يف رصده للمالمح العامة للتخرج هي نفسها اليت ذكرها الشيخ عبد
الرمحان احلاج صاحل قبل ثالثني انة ،ومنها :إيصا املعارف األاااية وتكوين السلوكات ،وتعلم ما جيعله مندجما
يف واط اجملتمع ،والتحكم يف الكثري من الكفاءات ،خاصة الكفاءات ذات الطابع االتصايل.
النتيجة:
ضمنه الشيخ عبد الرمحان احلاج صاحل يف مقاله ،هو مشروع متكامل تبني لنا أن ما ّبعد عقد مقارنة بسيطة ّ
لنظرية تعلمية أاسها علمية أل نه ااتثمر خمتلف معطيات العلوم اليت أفادت منها اللسانيات التطبيقية من علم
النفس وعلم االجتماع والبيداغوجيا ،والعلوم اإلنسانية باإلضافة إىل معرفته الوااعة والعميقة بالنظريات اللسانية
اجلديدة ألنه آنذاك مل يتقوع يف فناء البنوية ،وما ذلك إال ألنه كان ذا فكر علمي معاصر ،باإلضافة إىل خربته
الوااعة ومعرفته بالرتاث العريب وخاصة اللساين منه األصيل الذي نظر إىل اللغة كااتعما ال جمرد بىن شكلية ال
صلة هلا باللغة التواصلية.
أنا أعتقد بأن مشروع الشيخ عبد الرمحان احلاج صاحل مازا يف حاجة إىل من يعيد النظر فيه من هذا املنظور
الديداكتيكي املنبين على أاس علمية ثايتة ،وهذه الثوابت ال عالقة للتغري هبا ،وأما املتحوالت فهي أصال تدور
حو فلك الثوابث ،وأنا أعتقد بأن التفكري األاااي الذي جيب أن ميس العملية التعلمية هو املعلّم ،وألجل هذا
كتب مقالته"أثر اللسانيات يف النهوض مبستوى مدراي اللغة العربية" وجعل فيها كما يف أيامنا أن املعلم هو
الذي يتلقى الربامج واملناهج ،وهو احللقة بينها وبني التلميذ ،فالتلميذ يتحرك بتوجيهاته ،واملادة املعرفية هو املصفاة
اليت مترر عربها ما يستحقه املتعلم ،وإذا ما عدمنا هذا العنصر ،فسنبقى يف مفرتق الطرق ال نعرف اي اجتاه يسلك
التعلم واملتعلم ،واتضيع األهداف ،وتتالشى الكفاءات ،وال ندري ماذا ايكون مصري اجليل األو واجليل الذي
ااتنسخه يف هذه األيام ،وال ندري كيف ايكون حا املقاربات اليت خيبؤها لنا املستقبل يف منظومتنا.
337
الصفحة003-003 : السنة :سبتمبر0702 املجلد 70 :عدد70 : جسور املعرفة )(Djoussour El-maaréfa
المراجع:
-8حبوث ودرااات يف علوم اللسان.لعبد الرمحان احلاج صاحل ،منشورات اجملمع اجلزائري للغة العربية.
-0حبوث ودرااات يف اللسانيات العربية ،لعبد الرمحان احلاج صاحل ،منشورات اجملمع اجلزائري للغة العربية.
-3حتليل حمتوى مناهج اللغة العربية رؤية نظرية تطبيقية ،عبد الرمحان اهلامشي وحمسن علي عطية ،دار صفاء
للنشر والتوزيع عمان ،ط.0880 8:
-0ختطيط املناهج املعاصرة ،عاد أبو العز االمة ،دار الثقافة ،عمان الطبعة8
.0881
-3اللسانيات العربية ،عبدالقادر الفااي الفهري ،منشورات عويدات ،بريوت ،باريس،ط.8013 8:
-9مقدمة ابن خلدون،دار الفكر بريوت،ط.0888 .8:
-2ا ملنهاج التكاملي حملمد عيسى الطيطي و شاهر ذيب أبو شريح ،دار جرير للنشر عمان،ط.0882 8:
الوثائق الرتبوية:
-برنامج وزارة الرتبية ماي .8000
-منهاج وزارة الرتبية ماي .8003
-منهاج وزارة الرتبية جويلية 0883
-1ختطيط املناهج املعاصرة ،عاد أبو العز االمة ،دار الثقافة ،عمان ط ،0881 8:ص.92:
-2اللسانيات العربية ،عبد القادر فااي الفهري ،منشورات عويدات ،بريوت باريسن ط ،8013 8:ص83.:
-3السابق ،ص.90:
-4نفسه ،ص " 38:بتصرف طفيف"
-5انظر كتاب حبوث ودرااات يف اللسانيات العربية ،عبد الرمحان احلاج صاحل ،اجلزء األو .
-6انظر حبوث يف علوم اللسان ،لعبد الرمحان احلاج صاحل821 ،و.820
- 7نفسه ،ص.818:
-1انظر مقدمة ابن خلدون ،من خال فصوله العشرة اليت عقدها للقضايا التعليمية اليت كانت مبادرة من ابن خلدون الصالح
أوضاع التعليم املرتدية يف عصره.
-9انظر حبوث و درااات يف علوم اللسان ،ص.030:
338
النظرية التعليمية الجزائرية في مشروع عبد الرحمان الحاج صالح ،وأثرها في املناهج املعتمدة
مصطفى طويل
-10نفسه،ص.030 :
-11نفسه،ص031:و .030
12انظر برنامج األدب العريب ،وزارة الرتبية ،ماي 8000ص.82:
13انظر منهاج جويلية ،0883ص.0:
14نفسه ،ص.3:
339