You are on page 1of 13

‫الصفحة‪003-003 :‬‬ ‫السنة‪ :‬سبتمبر‪0702‬‬ ‫املجلد‪ 70 :‬عدد‪70 :‬‬ ‫جسور املعرفة )‪(Djoussour El-maaréfa‬‬

‫النظرية التعليمية الجزائرية في مشروع عبد الرحمان الحاج صالح‪ ،‬وأثرها في املناهج املعتمدة‬
‫‪The Algerian educational theory in the project of Abd al-Rahman al-Hajj Saleh, and its‬‬
‫‪.impact on the approved curricula‬‬

‫‪‬‬
‫مصطفى طويل‬
‫‪mustapha1964touil2014@gmail.com‬‬ ‫جامعة حسيبة بن بوعلي الشلف (الجزائر)‬

‫تاريخ االراا ‪ 0808/81/81‬تاريخ القبو ‪ 0808/80/80‬تاريخ النشر‪0808/80/02‬‬

‫الملخص‪:‬‬
‫يف هذه الورقة البحثية أتناو النظرية التعليمية اجلزائرية من خال منوذج عبد الرمحان احلاج صاحل الذي‬
‫أاس هلا مبقا له حتت عنوان "أثر اللسانيات يف النهوض مبستوى مدراي اللغة العربية"‪ ،‬وأعمل على تبيان أهم‬
‫األاس املعرفية والنظرية والتطبيقية للنظرية التعليمية‪ ،‬وما ااوقها من تطبيقات متنوعة رصدت املناهج والطرائق‬
‫واألهداف‪ ،‬وكذا ضبط الدعائم اليت طبقها على العربية‪ ،‬من وجهة علمية وتربوية كانت التعليميات تدعو إليها‬
‫آنذاك‪ ،‬وهل ااتطاعت أن تتجاوز الظروف اليت ظهرت فيها من جهة ومن جهة أخرى التطورات العاملية يف جما‬
‫الديداكتيك‪.‬‬
‫الكلمات المفتاحية‪ :‬النظرية التعليمية اجلزائرية؛ الديداكتيك؛ عبد الرمحان احلاج صاحل‪.‬‬
‫‪Abstract :‬‬
‫‪In this article, I begin the Algerian educational theory through the model of‬‬
‫‪Abderrahmane El Haj Saleh, which he founded in his article entitled "The impact of‬‬
‫‪linguistics in improving the level of teachers of the Arabic language ", and I work to show the‬‬
‫‪cognitive, theoretical and applied bases of didactic theory, as well as the foundations that it‬‬
‫‪applied to Arabic, from the scientific and educational point of view, which has been called by‬‬
‫‪the educational system to the time, and if it could go beyond the conditions that appeared on‬‬
‫‪the one hand, and on the other hand the world progress in the field of didactics.‬‬
‫‪Keywords: Algerian educational theory; didactic; Abdul Rahman Al-Haj Saleh‬‬

‫من الصعب على أي دارس أن يقدم حكما مسبقا على أمر ما انطالقا من الكم املعريف املنتشر بني يديه‪،‬‬
‫وباخلصوص إذا كان مشتتا ومتفرقا بني ثنايا الدرااات اليت قام هبا فرد أو تكفلت هبا العصبة من الباحثني‪ ،‬قلت‬
‫من الصعب أن يتصور أن مثّة نظرية ما‪ ،‬وباخلصوص إذا تعلق األمر مبجا علوم الرتبية وما انبثق منها من‬
‫بيداغوجيات‪ ،‬وما ااتقرت عليه مما يعرف بالتعليميات بعد السبعينيات من القرن املاضي‪ ،‬هذا احلقل املعريف‬

‫املؤلف املرال‬ ‫‪‬‬

‫‪328‬‬
‫النظرية التعليمية الجزائرية في مشروع عبد الرحمان الحاج صالح‪ ،‬وأثرها في املناهج املعتمدة‬
‫مصطفى طويل‬

‫هم األمم والبلدان‪ ،‬ألنه السبيل األوحد لبناء وصناعة منظومة تربوية متكاملة حتقق‬
‫ببعديه النظري والتطبيقي أصبح ّ‬
‫الغايات واملرامي اجلسيمة اليت مت ّكن ألصحاهبا يف مساء عامل التقدم احلضاري بشقيه املادي العلمي التكنولوجي‬
‫واملعنوي القيمي هذا األخري الذي يستمد من مرجعياته احلضارية الطارفة والتليدة‪.‬‬
‫التعليمية علم ترفده علوم كثرية و ختصصات غفرية‪ ،‬ألنه يشكل العصب األاااي اليت تتأاس عليه‬
‫السيااات الرتبوية‪ ،‬والتعليمية املتكاملة يف شىت بقاع العامل يف عصرنا ‪ ،‬أكثر مما كان عند القدماء ألنه كان يشكل‬
‫لديهم جمرد هم تعليمي تعلّمي‪ .‬وابب هذا االهتمام املتزايد هو نظام العوملة اليت يفرض على الكل التكتالت‬
‫لكي تتعاون فيما بينها أخذا وعطاء‪.‬‬
‫يف هذه املقالة أحاو أن أجيب على مجلة من األائلة الكبرية واملشكلة للتأايس إىل اهلدف الذي أنوي‬
‫الوصو إليه‪ ،‬وهو أن للجزائر نظرية تعليمية متميزة‪ ،‬بالرغم مما تعيشه من تعثرات واضطرابات مقارنة مبا هو عند‬
‫غزة الفلسطينية على ابيل التمثيل ال‬ ‫بعض البلدان من جتارب أثبتت جناحات مبهرة‪ ،‬كما هو يف انغافورة‪ ،‬بل يف ّ‬
‫احلصر‪.‬‬
‫وهذه األائلة هي‪ :‬ماذا يقصد بالنظرية التعليمية يف دائرة مفهوم النظرية املعرفية؟ وهل للجزائر نظرية تعليمية‪،‬‬
‫وما هي املرتكزات اليت اعتمدت عليها؟ وهل هي يف مستوى النظريات التعليمية العاملية‪ ،‬وهل هلا صدى يف‬
‫اآلخر؟ وما هي أاباب اخللل الذي يعرتي الواقع الرتبوي التعليمي يف اجلزائر ؟ أهو النعدام نظرية معاصرة متكاملة‬
‫تأخذ بيد معدي املناهج؟‬
‫قبل‪،‬‬
‫لقد اخرتت ملقاليت مجلة من العناصر أحاو أن أضمنها اإلجابة على خمتلف األائلة اليت طرحتها من ُ‬
‫وهي‪:‬‬
‫‪ -8‬مفهوم النظرية التعليمية يف دائرة مفهوم النظرية املعرفية‪.‬‬
‫‪ -0‬النظرية اجلزائرية الديداكتيكية‪ ،‬من خال أعما الشيخ عبد الرمحان احلاج صاحل‪:‬‬
‫‪ -3‬إمدادات النظرية يف أعما طلبة الشيخ عبد الرمحان احلاج صاحل‪ ،‬وتسويقها إىل اخلارج ‪.‬‬
‫‪ -0‬النظرية التعليمية اجلزائرية وتطبيقاهتا يف الربامج واملناهج اجلزائرية املتعاقبة‪.‬‬
‫‪ -1‬مفهوم النظرية التعليمة في دائرة النظرية المعرفية‪:‬‬
‫قبل تعريف النظرية التعليمية يتوجب علينا تقدمي تعريف علمي للنظرية ابستيميا‪ ،‬فهذا "زايس" يوضح نقال عن‬
‫العامل "كري لنجر أن النظرية هي" جمموعة من املفاهيم والتعريفات واالفرتاضات املرتابطة اليت تقدم نظرة نظامية إىل‬
‫كل منها‪ ،‬والعالقات بني هذه املتغريات هبدف وصف هذه الظواهر‬ ‫الظواهر يتم فيها حتديد املتغريات اليت تؤثر يف ّ‬
‫وشرحها والتنبؤ هبا‪ ،‬وكل نظرية هلا ثالث وظائف هي‪ :‬الوصف والتنبؤ والتفسري"‬
‫‪1‬‬

‫‪329‬‬
‫النظرية التعليمية الجزائرية في مشروع عبد الرحمان الحاج صالح‪ ،‬وأثرها في املناهج املعتمدة‬
‫مصطفى طويل‬

‫تكون جمموعة متسقة‬ ‫أو هي " بناء عقلي يتوق إىل ربط أكرب عدد من الظواهر املالحظة بقوانني خاصة ّ‬
‫حيكمها مبدأ عام هو مبدأ التفسري ‪ ،‬وميكن متثّلها كمجموعة من املفاهيم األاااية وجمموعة من املسلمات‬
‫‪2‬‬
‫تستنتج منها النتائج التفسريية للنظرية‪".‬‬
‫هذا يف إطار النظرية املعرفية العامة‪ ،‬وإذا أردنا احلديث عن النظرية التعليمية‪ ،‬فال شك أننا نلج عامل‬
‫الديداكتيك الذي صار علما قائما بذاته يف مطلع السبعينيات من القرن املاضي‪ ،‬وقد عرف بتعريفات كثرية‬
‫اصطفي منها ما ميثل حلقته األخرية اليت ااتجمعت تعريفا ااتخلص علميته‪ ،‬فهذا برواو يعرفه بأنه" الدرااة‬
‫العلمية لتنظيم وضعيات التعلم ليحقق التلميذ من خالهلا أهدافا معرفية عقلية أو وجدانية أو نفسية حركية‪"...‬‬
‫وأما التعريفات اليت تنظر إليه كنظرية عامة مواعة‪ -‬فهو الذي يهمنا يف هذا املقام باعتبار الديداكتيك علما من‬
‫علوم الرتبية له قواعده ونظرياته‪ ،‬يعىن بالعملية التعليمية التعلمية‪ ،‬ويقدم املعلومات وكل املعطيات الضرورية‬
‫للتخطيط ‪ ،‬يرتبط أاااا باملواد الدرااية من حيث املضمون‪ ،‬والتخطيط هلا وفق احلاجات واألهداف والقوانني‬
‫العامة للتعليم‪ ،‬وكذا الواائل وطرق التبليغ والتقومي‪.‬‬
‫وما دام موضوعنا يتعلق باملناهج التعليمية جيدر بنا أن نلتفت إىل نظرية املنهج اليت تعرف بالنظرية الرتبوية على‬
‫أهنا" جمموعة من املصطلحات واالفرتاضات املرتابطة منطقيا‪ ،‬واليت متثل نظرة علمية نظامية إىل الظواهر الرتبوية‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫والنظرية الرتبوية تصف الظواهر‪ ،‬وتتنبأ هبا وتشرحها وتفسرها‪ ،‬كما أهنا يف توجيه العمل‪ ،‬واختاذ القرار‪"...‬‬
‫لكي نستكنه أهم القضايا التعليمية اليت تؤطر النظرية التعليمية يتوجب علينا أن نطرح مجلة من التساؤالت‬
‫من أمهها‪:‬‬
‫‪ -‬ما طبيعة اجملتمع الذي ايوضع له املنهاج ؟‬
‫‪ -‬ما طبيعة املتعلم املقصود بالعملية التعليمية‪ /‬التعلّمية ؟‬
‫‪ -‬ما طبيعة املعرفة ‪ -‬احملتوى املالئم للمتعلم‪ -‬املراد تعلّمها ؟‬
‫‪ -‬ما الذي ينبغي أن تكون عليه األهداف الرتبوية املختلفة ؟‬
‫‪ -‬وما هو املنهاج املالئم‪ ،‬وما هو تصميمه ؟‬
‫البداية تكون من تقدمي تعريف ولو واصف‪ ،‬ال كحد أو رام ألنه يتعذر ذلك على الضبط‪ ،‬ومن أهم‬
‫التعريفات احلديثة للمنهج " وهو جمموع اخلربات املخططة اليت هتيؤها اهليئات وتقدمها للمدراة قصد تقدميها إىل‬
‫املتعلمني‪ ،‬اواء أكان ذلك جيري يف داخل املدراة‪ ،‬أو يف خارجها‪ ،‬لغرض حتقيق النمو الشامل لشخصية املتعلم‬
‫يف اجملا العقلي‪ ،‬واجلسمي والوجداين‪ ،‬وغري ذلك‪ ،‬لبناء تلك الشخصية مبوجب أهداف تربوية حمددة‪ ،‬وخطّة‬
‫‪4‬‬
‫علمية تؤدي إىل تعديل الوك املتعلّم‪".‬‬

‫‪329‬‬
‫الصفحة‪003-003 :‬‬ ‫السنة‪ :‬سبتمبر‪0702‬‬ ‫املجلد‪ 70 :‬عدد‪70 :‬‬ ‫جسور املعرفة )‪(Djoussour El-maaréfa‬‬

‫‪ -2‬النظرية الجزائرية الديداكتيكية‪ ،‬من خالل أعمال الشيخ عبد الرحمان الحاج صالح‪:‬‬
‫ختوف كبري ‪ ،‬وذلك ألين أعلم بأن تقدمي مثل هذا احلكم على أعما‬ ‫احلقيقة أين تناولت هذا العنصر على ّ‬
‫حمدودة للعامل عبد الرمحان احلاج صاحل بأهنا تشكل نظرية ‪ ،‬ومل يقل هبا أحد يع ّد جمازفة علمية ولكن الذي قواين‬
‫على ذلك أمران يقينان مها‪:‬‬
‫أن للعامل اجلزائري عبد الرمحان احلاج صاحل مقاال طويال ومتميّزا ألّفه يف بداية السبعينيات من القرن املاضي‬
‫بعنوان‪ :‬أثر اللسانيات يف النهوض مبستوى مدر اللغة العربية‪ .‬وهذه الفرتة متثل التأايس احلقيقي للديداكتيك‬
‫الذي انسلخ من رحم اللسانيات التطبيقية‪ ،‬وااتطاع أن يضبط العملية التعليمية‪ /‬التعلمية أكثر مما كانت عليه‬
‫البيداغوجيات آنذاك‪ .‬وهذا املقا وضع األاس احلقيقية للعملية التعلّمية" التعلم ال التعليم" وهو باملقابل ميثل يف‬
‫نظري العالج احلقيقي للمرض الذي تعاين منه منظومتنا الرتبوية والتعليمية‪ ،‬ألن املعلّم إىل غاية اليوم ما زا مل‬
‫يُنهض به ال علميا وال بيداغوجيا‪ ،‬وما جنده من إملاعات فردية فهي ال تعكس حقا منظومة متزنة متكاملة‪ ،‬ولو‬
‫بلغت هذه النماذج خمتربات العامل املتقدم‪.‬‬
‫وكأين هبذا املقا يؤاس ملصدر العملية التعلمية وهو املعلم وكيف يتم النهوض به علميا‪ ،‬وقبل ذلك‬
‫بيداغوجيا ديداكتيكيا‪ ،‬والواقع هو الذي ينطق بذلك‪.‬‬
‫واألمر الثاين يتمثّل يف تقدميه ملقالت كثرية ختدم املنظومة الرتبوية ويف مقدمتها ثالث مقاالت هي‪" :‬األاس‬
‫العلمية واللغوية لبناء مناهج اللغة العربية يف التعليم ما قبل اجلامعي" ومقا " األاس العلمية لتطوير تدريس اللغة‬
‫‪5‬‬
‫العربية" ومقا " علم تدريس اللغات والبحث العلمي يف منهجية الدرس اللغوي"‪.‬‬
‫ولعل قائال يقو ‪ :‬إن هذه املقاالت تتعلق تطبيقاهتا باللغة العربية والتعليم أنشطته متنوعة االختصاصات من‬
‫رياضيات وطبيعيات واجتماعيات وغريها فأقو ‪ :‬هذه مقاالت نظرت إىل اللغة ومناهجها باعتبارها علما‪ ،‬والعلم‬
‫يضبط مبقاييس علم ية ميكن أن نسقطها على كل األنشطة األخرى‪ ،‬والعمل الديداكتيكي‪ ،‬مبادئ‪ ،‬ومناهج‪،‬‬
‫وإجراءات تطبيقية وهذا هو اللب الذي تتأاس عليه العملية التعلمية التعليمية‪ ،‬فقط ما خيدمه يف املتعلم‬
‫كمحصلة يغطي جوانب منتظمة تشكل كالّ متكامال ‪.‬‬
‫يف هذا املقا دعا إىل ضرورة التطلّع إىل النظريات العلمية‪ ،‬ومناهج التحليل والواائل املختلفة للّحاق بالركب‬
‫وحل مشاكلنا‪ ،‬خاصة تلك اليت خرجت يف أحدث صورها‪ ،‬وباخلصوص يف علوم اللسان وصناعة تعليم اللغات‪.‬‬ ‫ّ‬
‫أبرز العالقة القائمة بني العلم وتطبيقاته" أي بني النظرية والتطبيق وما أحوجنا إىل هذا النهج‪ ،‬وهو باملقابل‬
‫و َ‬
‫يقدم نقدا للكثري من النظريات اليت مل تقدم جناعة كبرية ملا وضعت يف حمك التطبيق‪ ،‬وروجعت يف بعض جوانبها‬
‫ّ‬
‫وهنا قدم تعريفا دقيقا لنظرية االجنازات" املعرفية" وهي‪ ":‬اليت تعتمد على جمموعة متمااكة من املبادئ العلمية‬
‫ممر األجيا " وأضاف منبّها إىل عدم نسيان" أن الكيفية اليت تستغل‬
‫فتستوحي مادهتا وحمتواها مما يثبته العلم على ّ‬
‫هبا القوانني اليت يكتشفها العلم والنظريات اليت يقيمها هي نفسها تكون موضوعا للبحث العلمي" وهو الذي‬

‫‪330‬‬
‫النظرية التعليمية الجزائرية في مشروع عبد الرحمان الحاج صالح‪ ،‬وأثرها في املناهج املعتمدة‬
‫مصطفى طويل‬

‫يسمى بالبحث العلمي التطبيقي يف زماننا" وقد أشار إىل أمر مهم وهو الذي عدمناه" وهو أن العلم إذا قطع عن‬
‫الواقع ومل ختترب نتائجه على حمك التطبيق‪ ،‬فسيبقى جمرد فلسفة‪ ،‬كما أن التطبيقات إذا أبقيت على أوضاعها‬
‫األوىل ومل يدخل على أاسها النظرية أي جتديد وأي تطوير فيكون مآهلا اجلمود والروتني‪ ،‬والبحث العلمي واحد‬
‫‪6‬‬
‫اواء ما كان يرمي إليه هو اكتشاف أارار األحداث أم كيفية ااتغال هذه األارار يف خمتلف ميادين احلياة"‬
‫تتمسك باملتحقق من النظريات ال جمرد التهافت‬
‫هذا التنظري هو حقا ما حنن حباجة إليه ألنه يكفل لألمة أن ّ‬
‫على كل ما يلوح يف أفق البحث ولو مل يثبت جدارته‪.‬مث بني أمهية اجلانب التطبيقي الذي يعرض النتائج النظرية‬
‫يف حمك الواقع‪ .‬وهذان النهجان كالمها علمي‪ ،‬غري أن أوهلما يكتشف أارار األحداث‪ ،‬وأما ثانيهما فهو املشتغل‬
‫على كيفية ااتغال هذه األارار يف واقع احلياة‪.‬‬
‫مث وضع يده بلسما على اجلرح الذي جيب عالجه‪ ،‬وهو‪ ":‬أن البحث اجلماعي املتفاعل املمنهج املنتظم هو‬
‫الذي يك فل يف امليادين التطبيقية املتداخلة النتائج االجيابية واحللو الناجعة يف تعليم اللغات اواء أكانت من‬
‫‪7‬‬
‫منشأ الطفل أو مما يكتسبه بعد من اللغات األجنبية‪".‬‬
‫وهذه الرؤية تق ّدم نظرية عامة متمااكة يف كيفية اكتساب الطفل ملختلف املهارات اجلسدية والذهنية اليت‬
‫منوه يف اجملتمع الذي ينتمي إليه‪ ،‬وما امللكة اللغوية إالّ جزء واحد من تلك املهارات‬‫تفرضها عليه بيئته‪ ،‬بل بقاؤه و ّ‬
‫ان الطفولة‪".‬‬
‫الكثرية اليت هو جمرب على اكتساهبا يف ّ‬
‫وقد ق ّدم للمدرس يف هذا الشأن املبادئ التالية‪:‬‬
‫‪ -8‬ضرورة اإلملام مبا ج ّد يف صعيد البحث اللساين‪.‬‬
‫‪ -0‬تقدمي ظواهر اللسان من منظور اللسانيات احلديثة‪.‬‬
‫‪ -3‬اإلملام باللسانيات الرتبوية كبحث تطبيقي لعلمي اللسان والرتبية‪.‬‬
‫وهذه املبادئ حتقق التمكن من امللكة اللغوية األصيلة‪ ،‬وامللكة الوظيفية احلقيقية‪ ،‬هذه األخرية هي ملكة تعليم‬
‫اللغة اهلدف األمسى بالنسبة إليه‪.‬‬
‫مث قدم ب عد ذلك أهم املشاكل اليت تتعرض هلا اللسانيات الرتبوية‪ .‬وهذا قصد اإلجابة عن ماذا جيب أن نعلّم؟‬
‫وكيف جيب أن نعلمه؟‬
‫وتطرق إىل ثالث قضايا مهمة تع ّد حقا دعائم املناهج اليت تركز على ما يتحقق يف عناصر املثلث‬ ‫ّ‬
‫الديداكتيكي وهي‪ -8 :‬النظر يف حمتوى اللغة اليت تعلّم للمتعلم‪.‬‬
‫‪ -0‬النظر يف حمتوى الطريقة اليت تبلغ احملتوى‪.‬‬
‫املدرس هلذه الطرق وكيفية تطبيقه هلا‪.‬‬
‫‪ -3‬النظر يف تأدية ّ‬
‫وبعد ذلك تعرض إىل حقائق ثابتة طالب بضرورة مراعاهتا‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫‪331‬‬
‫الصفحة‪003-003 :‬‬ ‫السنة‪ :‬سبتمبر‪0702‬‬ ‫املجلد‪ 70 :‬عدد‪70 :‬‬ ‫جسور املعرفة )‪(Djoussour El-maaréfa‬‬

‫أ‪ -‬ليس كل ما يف اللغة من األلفاظ والرتاكيب ‪ ،‬وما تد عليه من املعاين يالئم الطفل أو املراهق‪ ،‬يف‬
‫معني من أطوار ارتقائه‪ ،‬ومنوه ‪.‬‬
‫طور ّ‬
‫ب‪ -‬ال حيتاج املتعلم إىل كل ما هو ثابت يف اللغة للتعبري عن أغراضه‪.‬‬
‫ج‪ -‬ال ميكن للمتعلم أن يتجاوز أثناء درااته للغة يف مرحلة معينة حدا أقصى من املفردات والرتاكيب‪،‬‬
‫حىت تصيبه التخمة الذاكرية‪.‬‬
‫كما وكيفا‪ ،‬وقد ربطه‬ ‫وباملقابل يصف الوضع الراهن الذي هو عليه تعليمنا للمادة اللغوية‪ ،‬ووصفه باملرتدي‪ّ ،‬‬
‫جمرد لغة متعلّمة مصطنعة‪ ،‬أو تلك اللغة اليت‬ ‫بالتوظيف احلقيقي يف حياة الطفل اليومية اليت يعيشها‪ ،‬كي ال تكون ّ‬
‫زالت مسمياهتا‪ ،‬ومسّاها بـاملادة اللغوية العقمى‪.‬‬
‫وقد ضبط يف هذا الشأن أهم املقاييس اليت تعتمد الختيار املادة اللغوية‪ ،‬على مستوى األلفاظ والرتاكيب‬
‫الوظيفية‪.‬وح ّدد الغاية من اختيار املادة اللغوية ‪ ،‬وهو‪ :‬حتصيل مهارة لسانية" تتمثل يف القدرة الكبرية على التعبري‬
‫الدقيق عن مجيع األغراض‪ ،‬ومجيع ما تقتضيه احلياة العصرية‪.‬أي حتصيل عدد كبري من اللفظ الكايف لس ّد حاجياته‬
‫التبليغية بأكمل وجه‪.‬‬
‫خطاطة مقاييس اختيار األلفاظ‪ .‬إن اختيار األلفاظ تتعلق جبانبني منها ما يتعلّق باملريب‪ ،‬ومنها ما يتعلق باملريب‬
‫واللساين‪.‬‬
‫مقاييس اختيار األلفاظ‬

‫ما يتعلق بالمربي واللساني‬ ‫ما يتعلق بالمربي‬

‫‪ -‬المظهر اللفظي‪.‬‬ ‫‪ -1‬إحصاء المفاهيم التي يحتاج إليها المتعلّم‪،‬‬


‫‪ -‬المظهر الداللي‪.‬‬ ‫وتحديدها تحديدا علميا‪.‬‬
‫‪ -‬المظهر النفساني االجتماعي‪.‬‬ ‫‪ -2‬ثم المقارنة بين هذه الشبكة من المفاهيم‪ ،‬وما‬
‫وقد أكد على ضرورة ترتيب هذه المقاييس‬ ‫يعرض بالفعل على المتعلم في الكتب وشتى المواد‬
‫بحسب أهميتها‪.‬‬ ‫الدراسية‪ ،‬لتقييمه واكتشاف نقائصه من الوجهين‬
‫النفسي واالجتماعي التربوي‪ .‬وهذا الرصيد هو الذي‬
‫ينبني عليه مصير اللفظ من االستعمال‪.‬‬

‫مناذج تطبيقية لرتتيب املقاييس يف حقل اللغة العربية‪ ".‬على نشاطي التعبري والكتابة"‬

‫‪332‬‬
‫النظرية التعليمية الجزائرية في مشروع عبد الرحمان الحاج صالح‪ ،‬وأثرها في املناهج املعتمدة‬
‫مصطفى طويل‬

‫‪ -8‬عدم اللبس على قدر اإلمكان‪.‬‬


‫‪ -0‬كثرة االاتعما ‪.‬‬
‫‪ -3‬اعتدا املخارج وخفتها على اللسان‪.‬‬
‫وأما فيما يتعلق بالبحث عن طريقة تبليغ املعلومات اللغوية‪ ،‬وكيفية إكساب املتعلم امللكة اللغوية الكافية‪ ،‬فقد‬
‫قدم موارد تدريس اللغات‪ ،‬ولغة املنشأ‪ ،‬فألفاها تتوزع على ثالثة موارد أاااية‪ ،‬هي‪:‬‬

‫الميدان التربوي اللغوي الذي يجري‬ ‫‪ -‬ميدان آفات التعبير كالحبسة‬ ‫‪ -‬البحث في ميدان كيفية‬
‫بإجراء التجارب التربوي فيختبر على‬ ‫والحكلة وغيرها‪.‬‬ ‫اكتساب الطفل للغة آبائه‪،‬‬
‫أسس علمية في عين المكان‪.‬‬ ‫ومحيطه ثم ارتقاء هذه المهارة‪.‬‬

‫وأما الكيفية اليت يتم هبا اقتناء اإلنسان للملكة اللغوية فهو عمل علماء النفس‪ ،‬وعلماء اللسان واألطباء‪.‬‬
‫أما كيفية اقتناء اإلنسان "املتعلم" للملكة اللغوية فهو عمل علماء النفس وعلماء اللسان واألطباء‪.‬‬
‫أهم املعلومات املوضوعية‪:‬‬
‫‪ -‬النطق وفق ما تدركه أذنه من األصوات اللغوية‪.‬‬
‫‪ -‬أن ينتهي الطفل إىل اكتساب أهم املخارج اليت حتتوي عليها لغة أبويه‪.‬‬
‫‪ -‬إدراك العالقات البنوية فيما بني الكلم ليكون قادرا على التحليل والتمييز‪.‬‬
‫وهذه القضايا تع ّد من املبادئ العامة والقصد منها تشكل مرحلتني متمايزتني‪ ،‬وثانيتهما تبىن على األوىل‪.‬‬

‫مرحلتا االكتساب األولية في األطوار األولى‬

‫مرحلة اكتساب مهارة التعبير البليغ ‪ ،‬ويركز‬ ‫مرحلة االكتساب التدريجي للملكة‬
‫فيها على طريقة التحصيل اآللية الالشعورية‪.‬‬ ‫اللغوية األساسية‪.‬‬

‫وهذه املبادئ ال تش ّكل إال باالعتماد على مقاييس التخطيط والرتتيب والتدريج للعناصر اليت تقدم للمتعلم‬
‫وأما مقاييس التبليغ التعليمي والرتايخ وخلق العادات السليمة‪ ،‬فإن حاصلها النهائي فهو حتقيق املزاوجة بني‪:‬‬
‫‪ -‬إكساب املتعلم آلليات الكالم‪.‬‬
‫‪ -‬آليات اإلدراك للعناصر اللغوية وفهم مدلوالهتا‪.‬‬
‫‪333‬‬
‫الصفحة‪003-003 :‬‬ ‫السنة‪ :‬سبتمبر‪0702‬‬ ‫املجلد‪ 70 :‬عدد‪70 :‬‬ ‫جسور املعرفة )‪(Djoussour El-maaréfa‬‬

‫آليات ضبط وحتقيق االكتساب آلليات الكالم‪ ،‬وإدراك العناصر اللغوية وفهم دالالهتا‪.‬‬
‫‪ -‬على مستوى املنطوق واملسموع يتحقق " اإلدراك‪ +‬الفهم"‬
‫‪ -‬على مستوى املكتوب احملرر " القراءة"‬
‫وحمصل ذلك القدرة على التعبري يف مستوى التعبري الشفاهي الذي يأيت يف املرتبة األوىل‪ ،‬مع العلم أن املشافهة‬
‫ّ‬
‫تسبق القراءة والكتابة‪ ،‬و يف الوقت نفسه أابقية اإلدراك على التعبري‪ ،‬وأما التعبري الكتايب فيمثّل التعبري الفين فهو‬
‫مرحلة تالية لإلدراك‪.‬‬
‫القراءة‪.‬‬
‫اشرتط الباحث للقراءة أن تتميز النصوص باخلصائص التالية‪:‬‬
‫‪ -‬أن تكون مالئمة للموضوع املخطط له‪.‬‬
‫‪ -‬وإذا مل تتوافر فما على املعلم إال حترير نصوص من إبداعه‪ ،‬بشرط أن تراعى فيها شروط االنتقاء‬
‫والرتتيب‪.‬‬
‫وهذان النشاطان يعمالن على إثارة اإلدراك املباشر من نفس املتعلم وضرورة الربط بني احلااتني السمعية‬
‫والبصرية ‪ ،‬أو أكثر من حااة‪ ،‬وذلك جلعل املتعلم مكتسبا ملهارته بنفسه ويكون املعلم مرشدا ومنسقا ومصححا‬
‫هلذا العمل االكتسايب‪.‬‬
‫واخلالصة أن هذه الشرعة‪ ،‬وهذا املنهج ميثالن مهًّا تربويا عرفه الناس منذ زمان" وإن كان غري معمو به بطريقة‬
‫منتظمة"‪ 8‬إمنا اجلديد أو على األقل ما يتناااه أكثر الناس هو ضرورة االنتقاء والتخطيط والرتتيب للمادة اللغوية‪،‬‬
‫والتمسك الشديد مبا تقتضيه هذه األشياء بدون هتاون من الضبط والتدقيق والتنسيق بالنسبة للعمليات التعليمية‪.‬‬
‫نظرية الرتايخ اهلدف منها هو املتعلم‪ ،‬هذا العنصر الذي ركز عليه كثريا يف مقا املنهاج وأاسه العلمية يف‬
‫خضم دائرة تعليم اللغات مبا فيها لغة املنشأ‪.‬‬
‫ولعل ابب الرتكيز على املتعلم هو نظرته االاتشرافية اليت قالت هبا الكثري من النظريات بعد السبعينيات"‬
‫الفرتة اليت وضع فيها أاس النظرية التعليمية احلديثة يف اجلزائر" ‪.‬‬
‫ار النجاح يف تعليم اللغات ينحصر يف الرتكيز على املتعلم‪ ،‬ال على‬‫من احلقائق اليت ركز عليها املتعلّم‪ ،‬ألن ّ‬
‫املادة املعرفية اللغوية على حدة‪ ،‬ومعزولة عن املتعلم أي على معرفة احتياجاته احلقيقية‪ ،‬وهي ختتلف باختالف‬
‫السن واملستوى العقلي‪ ،‬وكذلك املهنة وأنواع األنشطة املنوطة بالفرد يف حياته وغري ذلك‪.‬‬
‫وقد اعترب العناية باملتعلم والتفطن إىل احتياجاته أصل األصو ومبدأها العام‪.‬‬
‫وألجل هذا أعطى عناية فائقة لنظرية الرتايخ يف اكتساب امللكة اللغوية‪ ،‬ورأى أن العمل الرتايخي متوقف‬
‫على تعويد املتعلم على وصل عمله التعبريي مبا تدركه األذن يف مستوى األداء لألصوات واملباين‪ .‬وذلك لتحصيل‬

‫‪334‬‬
‫النظرية التعليمية الجزائرية في مشروع عبد الرحمان الحاج صالح‪ ،‬وأثرها في املناهج املعتمدة‬
‫مصطفى طويل‬

‫املراقبة الذاتية بكيف ية آلية‪ ،‬أي بتصحيح ارجتاعي مستمر ‪ ،‬وهلذا عالقة بالتصحيح الفوري لألخطاء من قبل‬
‫املعلّم‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى يقتضي العمل الرتايخي عمليات اإليصا أن تقسم الصعوبة إىل أقصى درجة ممكنة‪،‬‬
‫فاملقياس ههنا هو" أالّ يتناو التدريب الواحد أكثر من صعوبة واحدة" أما بالنسبة لإليصا فأالّ يتناو الدرس‬
‫‪9‬‬
‫الواحد إالّ عددا حمدودا جدا من العناصر اجلديدة مفردات كانت أم صيغا إفرادية وتركيبية"‬
‫وقد تناو خمتلف أشكا التدريب البنوي‪ ،‬وخاصة ّبني كيف يتم التصرف يف البىن اجلديدة اليت مل تراخ بعد‬
‫يف ااتعما املتعلم‪.‬‬
‫وأحل على ضرورة التكثيف من األعما الرتايخية وال ايما إذا كان بطريقة " املماراة املمنهجة املنتظمة غري‬
‫الفوضوية‪ ....‬ويرى كما هو عند كل اللسانيني الرتبويني أن قسطها من الدرااة جيب أن يكون أوفر بكثري من‬
‫حصة العرض وااليصا ‪ ...‬وأن ال تقل عن نسبة ثالثة أرباع الدرااة‪ ...‬بل يرى وبدون مبالغة بأن العمل‬
‫‪10‬‬
‫االكتسايب للغة كلّه مترس ورياضة‪".‬‬
‫وقبل أن يتحدث عن الوضع االصطالحي الداليل الذي جيب أن يستغل يف املرحلة التالية لألطوار األوىل فرق‬
‫بني اللسان كملكة وهو ما يركز عليه يف البداية التعلمية‪ ،‬وبني اللسان كظاهرة اجتماعية‪ ،‬وبني علم اللسان كنظرية‬
‫حتقيقية هلذه الظاهرة من جهة ولتلك امللكة من جهة أخرى‪.‬‬
‫نقد العامل الطرائق التقليدية كاالاتقرائية والقيااية‪ ،‬وبني نقائصها على التمارين‪ ،‬منها‪ :‬ما يتعلق باحلفظ ومنها‬
‫ما خيص التحليل والرتكيب‪.‬‬
‫التصرف يف البىن يف ذاهتا‪ .‬ألهنم كلهم يعتنون بتحفيظ التلميذ‬
‫وبني بأن املربني ال يعتنون بالتمارين اليت ُحتكم ّ‬ ‫ّ‬
‫وبني أن دور التمارين ال خيرج عن ثالثة أشياء هي‪:‬‬
‫ااتئناس املتعلم مبا يتناوله من املعطيات اجلديدة ‪ .‬وحفظه للصيغ اجلامدة السماعية‪ .‬وتزويده مبا حيتاجه يف‬
‫املستقبل من جوامع الكلم‪ ،‬ومن آيات وأحاديث للتذكري واالحتجاج‪ .‬وهذه التمارين تسمى متارين بنوية هلا‬
‫‪11‬‬
‫مقاييسها املعروفة‪.‬‬

‫‪ -3‬إمدادات النظرية في أعمال طلبة الشيخ عبد الرحمان الحاج صالح‪.‬‬


‫بناء على ما مر بنا حيق لنا أن نعترب بأن الشيخ عبد الرمحان احلاج صاحل ليس لسانيا فقط‪ ،‬وليس صاحب‬
‫النظرية اخلليلية احلديثة وإمنا هو صاحب نظرية تعليمية متكاملة حتددت مالحمها مع مقا أثر اللسانيات يف‬
‫النهوض مبستوى مدراي اللغة العربية‪ ،‬حبيث طبق أحسن ما بلغته النظريات اللسانية من بنوية وتوليدية حتويلية‪،‬‬
‫وضمنها باألفكار األملعية ‪333‬املبتكرة عند أجدادنا كاجلاحظ وابن خلذون وما ورد يف مقدمات الكتب النحوية‬ ‫ّ‬
‫التعليمية اجلادة كالتوضيح للزبيدي‪ ،‬والضروري يف النحو البن رشد‪ ،‬وغري ذلك‪...‬‬
‫‪335‬‬
‫الصفحة‪003-003 :‬‬ ‫السنة‪ :‬سبتمبر‪0702‬‬ ‫املجلد‪ 70 :‬عدد‪70 :‬‬ ‫جسور املعرفة )‪(Djoussour El-maaréfa‬‬

‫وال شك أن هذه األفكار كانت اائدة يف أوااط طلبته الذين جلسوا يف حلقات درواه‪ ،‬قد ختصص الكثري‬
‫منهم يف التعليميات‪ ،‬كما الشأن بالنسبة للباحثني كخولة طالب اإلبراهيمي وحممد صاري‪ ،‬والطاهر لوصيف‪،‬‬
‫وغريهم من الطلبة‪ ،‬باإلضافة إىل الباحثني الذين تأثروا بأفكاره‪ ،‬وعملوا على تسويقها إىل البلدان اليت اشتغلوا هبا‬
‫ويف صدارهتا دو اخلليج اليت عرفت هنضة علمية بفضل اجلزائريني واملغاربة‪ ،‬وباألخص يف الشأن البيداغوجي‪.‬‬

‫‪ -4‬النظرية التعليمية الجزائرية وتطبيقاتها في البرامج والمناهج الجزائرية المتعاقبة‪.‬‬


‫إن املتفحص يف خمتلف الربامج التعليمية وما تالها من مناهج ابتداء من ماي ‪ 8090‬ومنهاج انة‬
‫‪ 8003‬مايدرك أن ما كان يركز عليه هو املادة املعرفية مبختلف أنواعها األدبية واللغوية والثقافية‪ ،‬وأما اجلانب‬
‫التكويين واملنهجي فقد كان مهمال‪ .‬ألن النظرة السائدة آنذاك هي تقليدية حمضة‪ ،‬وقد متّ االنتباه إليها يف منهاج‬
‫‪ 8000‬الذي يعترب منهاجا انتقاليا‪ ،‬وقد ااتعري له اام" الكرييكيلوم" وهو مصطلح خاص باملربجمني" وقصد به"‬
‫‪12‬‬
‫املنهاج الذي يتناو جمموعة من األعما املخططة من أجل القيام بالتعليم والتكوين"‬
‫وأما منهاج ‪ 8003‬فقد روعيت فيه املطالب اجلديدة للمنهاج اليت كانت مهملة يف برنامج"ماي ‪"8000‬‬

‫المطالب الجديدة للمنهاج‬

‫إدراج المطالب‬ ‫إدراج المطالب المنهجية‬ ‫المطالب المعرفية كان قد‬


‫البيداغوجية في‬ ‫ومحصلته "تصور منهاج التعليم‬ ‫ركز عليها في البرنامج‬
‫النشاطات التربوية‬ ‫الثانوي عن طريق التفكير‬ ‫السابق" ماي ‪1992‬‬
‫فسح المجال‬ ‫باألهداف‬
‫للمجموعات التربوية‬ ‫وذلك عن ترجمة األهداف العامة‬
‫من أجل االسهام في‬ ‫إلى معارف وقدرات ومهارات‬
‫اتخاذ القرار‬ ‫وسلوكات قصد التحكم في اللغة‬
‫والمشاركة بفعالية‪.....‬‬ ‫واكتساب ثقافة عامة أدبية‪.‬‬

‫‪336‬‬
‫النظرية التعليمية الجزائرية في مشروع عبد الرحمان الحاج صالح‪ ،‬وأثرها في املناهج املعتمدة‬
‫مصطفى طويل‬

‫وأما منهاج جويلية ‪ 8003‬فقد ظهرت فيه مستجدات جعلتهم خيرجون من مفهوم الربنامج إىل مفهوم املنهاج‬
‫متاما بعد عبور املرحلة االنتقالية‪ ،‬وقد ختلي عن مقاربة األهداف‪ ،‬واعتمدت مقاربة الكفاءات ‪ ،‬واليت هي امتداد‬
‫‪13‬‬
‫للمقارب ة باألهداف ومتحيص إلطارها املنهجي والعلمي‪".‬‬
‫وهذه املقاربة جتعل من املتعلم حمورا أااايا هلا‪ ،‬وتعمل على إشراكه يف مسؤؤلية قيادة وتنفيذ عملية التعلم وأن‬
‫يكون قادرا على تثمني جتاربه السابقة‪ ،‬ويعمل دوما على توايع آفاقها‪ ،‬وما األاتاذ إال منشط وليس ملقنا‪ ،‬وهو‬
‫‪14‬‬
‫بذل ك يسهل عملية التعلم وحيفز على اجلهد واالبتكار‪ ،‬والتقومي ألجل تقدم مسار التعلم لدى املتعلم‪.‬‬
‫اخلالصة‪ :‬إن ما يدعو إليه هذا املنهاج يف رصده للمالمح العامة للتخرج هي نفسها اليت ذكرها الشيخ عبد‬
‫الرمحان احلاج صاحل قبل ثالثني انة‪ ،‬ومنها‪ :‬إيصا املعارف األاااية وتكوين السلوكات‪ ،‬وتعلم ما جيعله مندجما‬
‫يف واط اجملتمع‪ ،‬والتحكم يف الكثري من الكفاءات‪ ،‬خاصة الكفاءات ذات الطابع االتصايل‪.‬‬

‫النتيجة‪:‬‬
‫ضمنه الشيخ عبد الرمحان احلاج صاحل يف مقاله‪ ،‬هو مشروع متكامل‬ ‫تبني لنا أن ما ّ‬‫بعد عقد مقارنة بسيطة ّ‬
‫لنظرية تعلمية أاسها علمية أل نه ااتثمر خمتلف معطيات العلوم اليت أفادت منها اللسانيات التطبيقية من علم‬
‫النفس وعلم االجتماع والبيداغوجيا‪ ،‬والعلوم اإلنسانية باإلضافة إىل معرفته الوااعة والعميقة بالنظريات اللسانية‬
‫اجلديدة ألنه آنذاك مل يتقوع يف فناء البنوية‪ ،‬وما ذلك إال ألنه كان ذا فكر علمي معاصر‪ ،‬باإلضافة إىل خربته‬
‫الوااعة ومعرفته بالرتاث العريب وخاصة اللساين منه األصيل الذي نظر إىل اللغة كااتعما ال جمرد بىن شكلية ال‬
‫صلة هلا باللغة التواصلية‪.‬‬
‫أنا أعتقد بأن مشروع الشيخ عبد الرمحان احلاج صاحل مازا يف حاجة إىل من يعيد النظر فيه من هذا املنظور‬
‫الديداكتيكي املنبين على أاس علمية ثايتة‪ ،‬وهذه الثوابت ال عالقة للتغري هبا‪ ،‬وأما املتحوالت فهي أصال تدور‬
‫حو فلك الثوابث‪ ،‬وأنا أعتقد بأن التفكري األاااي الذي جيب أن ميس العملية التعلمية هو املعلّم‪ ،‬وألجل هذا‬
‫كتب مقالته"أثر اللسانيات يف النهوض مبستوى مدراي اللغة العربية" وجعل فيها كما يف أيامنا أن املعلم هو‬
‫الذي يتلقى الربامج واملناهج‪ ،‬وهو احللقة بينها وبني التلميذ‪ ،‬فالتلميذ يتحرك بتوجيهاته‪ ،‬واملادة املعرفية هو املصفاة‬
‫اليت مترر عربها ما يستحقه املتعلم‪ ،‬وإذا ما عدمنا هذا العنصر‪ ،‬فسنبقى يف مفرتق الطرق ال نعرف اي اجتاه يسلك‬
‫التعلم واملتعلم‪ ،‬واتضيع األهداف‪ ،‬وتتالشى الكفاءات‪ ،‬وال ندري ماذا ايكون مصري اجليل األو واجليل الذي‬
‫ااتنسخه يف هذه األيام‪ ،‬وال ندري كيف ايكون حا املقاربات اليت خيبؤها لنا املستقبل يف منظومتنا‪.‬‬

‫‪337‬‬
‫الصفحة‪003-003 :‬‬ ‫السنة‪ :‬سبتمبر‪0702‬‬ ‫املجلد‪ 70 :‬عدد‪70 :‬‬ ‫جسور املعرفة )‪(Djoussour El-maaréfa‬‬

‫المراجع‪:‬‬
‫‪ -8‬حبوث ودرااات يف علوم اللسان‪.‬لعبد الرمحان احلاج صاحل‪ ،‬منشورات اجملمع اجلزائري للغة العربية‪.‬‬
‫‪ -0‬حبوث ودرااات يف اللسانيات العربية‪ ،‬لعبد الرمحان احلاج صاحل‪ ،‬منشورات اجملمع اجلزائري للغة العربية‪.‬‬
‫‪ -3‬حتليل حمتوى مناهج اللغة العربية رؤية نظرية تطبيقية‪ ،‬عبد الرمحان اهلامشي وحمسن علي عطية‪ ،‬دار صفاء‬
‫للنشر والتوزيع عمان‪ ،‬ط‪.0880 8:‬‬
‫‪ -0‬ختطيط املناهج املعاصرة‪ ،‬عاد أبو العز االمة‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬عمان الطبعة‪8‬‬
‫‪.0881‬‬
‫‪ -3‬اللسانيات العربية‪ ،‬عبدالقادر الفااي الفهري‪ ،‬منشورات عويدات‪ ،‬بريوت‪ ،‬باريس‪،‬ط‪.8013 8:‬‬
‫‪ -9‬مقدمة ابن خلدون‪،‬دار الفكر بريوت‪،‬ط‪.0888 .8:‬‬
‫‪ -2‬ا ملنهاج التكاملي حملمد عيسى الطيطي و شاهر ذيب أبو شريح‪ ،‬دار جرير للنشر عمان‪،‬ط‪.0882 8:‬‬

‫الوثائق الرتبوية‪:‬‬
‫‪ -‬برنامج وزارة الرتبية ماي ‪.8000‬‬
‫‪ -‬منهاج وزارة الرتبية ماي ‪.8003‬‬
‫‪ -‬منهاج وزارة الرتبية جويلية ‪0883‬‬

‫‪ -1‬ختطيط املناهج املعاصرة‪ ،‬عاد أبو العز االمة‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬عمان ط‪ ،0881 8:‬ص‪.92:‬‬
‫‪ -2‬اللسانيات العربية ‪ ،‬عبد القادر فااي الفهري‪ ،‬منشورات عويدات‪ ،‬بريوت باريسن ط‪ ،8013 8:‬ص‪83.:‬‬
‫‪ -3‬السابق‪ ،‬ص‪.90:‬‬
‫‪ -4‬نفسه‪ ،‬ص‪ " 38:‬بتصرف طفيف"‬
‫‪ -5‬انظر كتاب حبوث ودرااات يف اللسانيات العربية ‪ ،‬عبد الرمحان احلاج صاحل‪ ،‬اجلزء األو ‪.‬‬
‫‪ -6‬انظر حبوث يف علوم اللسان‪ ،‬لعبد الرمحان احلاج صاحل‪821 ،‬و‪.820‬‬
‫‪ - 7‬نفسه‪ ،‬ص‪.818:‬‬
‫‪ -1‬انظر مقدمة ابن خلدون‪ ،‬من خال فصوله العشرة اليت عقدها للقضايا التعليمية اليت كانت مبادرة من ابن خلدون الصالح‬
‫أوضاع التعليم املرتدية يف عصره‪.‬‬
‫‪ -9‬انظر حبوث و درااات يف علوم اللسان‪ ،‬ص‪.030:‬‬

‫‪338‬‬
‫النظرية التعليمية الجزائرية في مشروع عبد الرحمان الحاج صالح‪ ،‬وأثرها في املناهج املعتمدة‬
‫مصطفى طويل‬

‫‪ -10‬نفسه‪،‬ص‪.030 :‬‬
‫‪ -11‬نفسه‪،‬ص‪031:‬و ‪.030‬‬
‫‪ 12‬انظر برنامج األدب العريب‪ ،‬وزارة الرتبية‪ ،‬ماي ‪ 8000‬ص‪.82:‬‬
‫‪ 13‬انظر منهاج جويلية ‪ ،0883‬ص‪.0:‬‬
‫‪ 14‬نفسه‪ ،‬ص‪.3:‬‬

‫‪339‬‬

You might also like