‫تقصيم جرائم األموال‪:‬‬

‫خص ص المش رع المغ ربي لج رائم االعت داء على على األم وال الب اب التاس ع في‬
‫الق انون الجن ائي في الفص ول من (‪ )505_607‬ويض م ه ذا الب اب تس عة ف روع‬
‫ويتعلق األول بالسرقات وانتزاع األموال والفرع الث اني في النص ب وإص دار ش يك‬
‫دون رصيد والفرع الث الث في خيان ة األمان ة والتمل ك ب دون ح ق وك دا في جريم ة‬
‫التفالس و اإلعتداء على األمالك العقارية وإخفاء األشياء وغس ل األم وال ‪،‬وك دا في‬
‫التخريب و التعيب و االتالف وفي بعض االعتداءات على الملكية األدبية و الفنية ‪.‬‬
‫نالحظ من خالل التحري الدقيق في تقسيم جرائم االعتداء على األموال وما ي رد من‬
‫مالحظات هو تفصيلي وال يعيبها في إجمالها ‪،‬وإن كنا نالحظ أن تقسيم هذه الج رائم‬
‫يتفرع على ثالثة أنواع عينية وشخصية ومعنوية ‪ .‬وعلى أساس هذا التقس يم الثالثي‬
‫للحقوق يمكن تقسيم هذه الجرائم ‪ .‬فمنها ما ينال باالعت داء حق ًا عيني ا وبال ذات ح ق‬
‫الملكي ة ومث ال ذل ك ج رائم الس رقة واالحتي ال وخيان ة األمان ة واله دم والتخ ريب‬
‫واغتصاب العقار والتعدي على المزروعات والحيوانات وآالت الزراع ة ومنه ا م ا‬
‫ينال االعتداء حقًا شخصيًا كجرائم االفالس والغش واالضرار بالدائن في المعامالت‬
‫ومنها ما ينال باالعت داء حق ًا معنوي ًا كج رائم االعت داء على الملكي ة األدبي ة والفني ة‬
‫‪1‬‬
‫والتقليد‪.‬‬
‫وألهمية حقوق الملكية واالهتمام الكبير الذي نالته فإنها تنقسم إلى نوعين وهما‪:‬‬
‫األول ويشمل الجرائم ال تي ته دف إلى االس تيالء على أم وال الغ ير والغ رض من‬
‫ارتكابه ا الطم ع واإلث راء غ ير المش روع‪ ،‬وي دخل ض من ه ذه المجموع ة ج رائم‬
‫(السرقة والنصب وخيانة األمانة وإعطاء شيك بدون رصيد) ‪.‬‬
‫أما النوع الثاني فيتضمن الجرائم التي تهدف إلى إتالف مال الغ ير وت دفع ارتكابه ا‬
‫الرغبة في االنتقام وي دخل ض منها ج رائم (الح رق والتخ ريب والتع ييب واإلتالف‬
‫وقتل المواشي والحيوانات المختلفة وإتالف المزروعات )‪.‬‬
‫ضابط ه ذا التقس يم ذو ش قين ش ق م ادي متعل ق بت أثير الفع ل الج رمي على ذم تي‬
‫المجرم والمجني عليه‪ ،‬وما اذا ك ان ينط وي على إث راء االولى‪ ،‬أم يقتص ر فحس ب‬
‫على االضرار بالثاني‪ .‬والشق المعنوي لهذا الضابط متعلق بنية المجرم وقت اقترافه‬
‫جريمته‪ ،‬وما اذا كانت قد اتجهت الى اثرائه‪ ،‬أي اتجهت الى تملك مال يملكه غ يره‪،‬‬
‫أم اتجهت فحسب الى االض رار ب المجني علي ه بحرمان ه من مال ه أو انق اص قيمت ه‬
‫دون أن يقابل ذلك ازدياد في االموال التي يحوزها المجرم‪.‬‬

‫‪ - 1‬د‪ .‬محمود نجيب حسني‪ ،‬جرائم االعتداء على األموال‪ ،‬منشورات الحلبي لحقوقية‪ ،‬طبعة ثالثة جديدة ( معدلة و منقحة )‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫ووفقا لهذا الضابط‪ ،‬فإن جرائم السرقة واالحتيال واساءة االئتمان تحسب بين ج رائم‬
‫اإلثراء‪ ،‬اذ يسعى مقترفها الى تملك المال الذي يس رقه أو يتس لمه احتي اال أو يس يء‬
‫في شأنه االمانة‪ ،‬وإذا تمت الجريمة قان نتيجتها تنط وي ‪ -‬ول و في ص ورة مؤقت ة ‪-‬‬
‫على زيادة في االموال التي يحوزها‪ ،‬أي اتساع في النطاق الذي يباش ر في ه س لطاته‬
‫المالية‪ ،‬ويعني ذلك في الغالب أن تزداد مغانمه المالية ‪ .‬أما جرائم الهدم والتخ ريب‬
‫والتع دي على المزروع ات والحيوان ات وآالت الزراع ة‪ ،‬فهي من قبي ل ج رائم‬
‫اإلضرار‪ ،‬ألنه يس عى مقترفه ا الى افق ار المج ني علي ه فحس ب دون أن يس عى الى‬
‫مغنم مالي مقابل‪ ،‬وحين تتم الجريمة ف ان نتيجته ا تنط وي على انق اص لم ا يح وزه‬
‫المجني عليه من مال أو هبوط بقيمته دون أن تقابل ذلك زي ادة فيم ا يح وزه المج رم‬
‫‪2‬‬
‫من أموال‪.‬‬
‫ولكن يجب أن نالحظ أن جرائم االثراء تنطوي في الوقت ذاته على افـقـار للمج ني‬
‫عليه‪ ،‬ألن اثراء المجرم يكون بالضرورة على حسابه‪ ،‬ومن ثم تتمخض التفرق ة بين‬
‫الفئتين السابقتين من الجرائم عن أن أوالهما هي جرائم افق ار واث راء مع ًا فـي حين‬
‫أن ثانيتهما هي جرائم افقار فحسب‪ .‬ويعني ذلك أن ثمة ما هو مشترك بينهم ا‪ ،‬وه و‬
‫افقار المجنى عليه‪ ،‬وثمة ما تتميز به الفئة األولى‪ ،‬وهو اثراء المجرم‪.‬‬
‫لهذا التمييز أهمي ة جوهري ة في الدراس ة ب النظر الى االختالف الش امل بين الفئ تين‬
‫الجرميتين من حيث االحكام التي تخضع لها جرائم كل منهما‪:‬‬
‫فموضوع االعتداء في الفئة األولى هو المنقول أساسا‪ ،‬وهو في الفئة الثانية قد يك ون‬
‫عقارا أو منق وال‪ ،‬ب ل ان العق ار ق د يب دو في بعض النص وص المقص ود أص ال من‬
‫الحماية‪ ،‬والفع ل الج رمي يختل ف فيهم ا‪ ،‬اذ يح رص المج رم في الفئ ة األولى على‬
‫المحافظة على كيان الشيء وقيمته كي يتحقق له بذلك اإلث راء ال ذي يري ده‪ ،‬ومن ثم‬
‫يتميز الفعل بخص ائص معين ة تكف ل ل ه أن يك ون غ ير مض ر بالش يء وخص ائص‬
‫أخرى تكفل له أن يكون من شأنه ضم ذلك الشيء الى حيازة المجرم‪ .‬وعلى الخالف‬
‫من ذلك‪ ،‬فإن الفعل الجرمي في الفئة الثانية هو بطبيعت ه اتالف أو تش ويه للش يء او‬
‫‪3‬‬
‫انقاص من قيمته‪.‬‬
‫وتتطلب ج رائم الفئ ة األولى وال تي من بين عناص رها المعنوي ة «ني ة التمل ك» في‬
‫حين ال محل لهذه النية بين عناصر جرائم الفئة الثانية‪.‬‬

‫‪ -2‬د‪ .‬محمود نجيب حسني‪ ،‬مس ص ‪.19‬‬

‫‪ -3‬د‪ .‬محمود نجيب حسني‪ ،‬م س ص ‪.20‬‬