Professional Documents
Culture Documents
عنصر الاختلاس في جريمــة السرقـة
عنصر الاختلاس في جريمــة السرقـة
منذ القدم أبدت الشرائع اإلنسانية اىتمامها بإنزال أشد العقوبات باجلرائم الواقعة على األموال ( ، )1ىاتو اجلرائم تشكل
اعتداء على احلقوق ادلالية لألفراد السيما حق ادللكية الذي يعترب من أىم احلقوق ادلالية.
وغٍت عن البيان ،أن ىذه اجلرائم اليت تقع على ادللكية تنقسم إىل جرائم تكون الغاية منها إتالف مال الغَت والرغبة ُب
االنتقام كجرائم التخريب واحلريق واإلتالف ( ، )2وجرائم تكون الغاية منها االستيالء على مال الغَت ،وترتكب عادة بدافع الطمع
والثراء غَت ادلشروع كجرائم السرقة وخيانة األمانة والنصب.
واجلرائم األخَتة تتشابو من عدة نواحي إىل درجة أنو إىل عهد قريب كانت تسمى بالسرقة ،إذ جتمعها وحدة احملل الذي
تقع عليو ووحدة الغاية ادلستهدفة من ارتكاهبا ،عالوة على أهنا صورة من صور سلب مال الغَت(.)3
فمن ناحية احملل فهو االعتداء على مال منقول شللوك للغَت ( ، )4ومن حيث الركن ادلعنوي صلد أن ىذه اجلرائم جتمعها
صورة واحدة ىي القصد ،فهي جرائم عمدية ويشًتط لتوافر القصد اجلنائي فيها إضافة للقصد العام قصد خاص وىو نية دتلك
الشيء وحرمان مالكو منو بصفة هنائية(.)5
ىذا التقارب الذي جيمع بُت جرائم السرقة وخيانة األمانة ،كان السبب الرئيسي ُب اختالطها ُب التشريعات القددية
واندماجها ُب جردية واحدة تشمل رتيع حاالت االستيالء على مال الغَت خفية ،وىذا ما حدا بالقانون الروماين أن يعتربىا صورا
جلردية واحدة وىي السرقة( ، )6حبيث أصبحت السرقة تشمل األفعال اليت تدخل ُب نطاق خيانة األمانة إذ يعترب سارقا ال فقط من
حلسابو.)7
(
يسلب شيئا من مالكو ،بل وأيضا من يتسلم شيئا من غَته على سبيل األمانة فيتصرف فيو
وعلى ىذا األسـ ــاس ،فقد استعملت عبارة السرقة )) )) volبنفس ادلعٌت الواسع الذي كـ ا ن لكلمة )) )) furtum
الرومانية ،وكان للفظ االختالس نفس مفهوم كلمة )) )) contrectatioفقد كان لفقهاء الرومان نظرة واسعة ُب حتديدىم
دلفهوم السرقة جبميع أركاهنا ،والسيما الركن ادلادي منها الذي مل يعد منحصرا ُب فعل األخذ بل أصبح يشمل رتيع االستيالء على
أشياء الغَت.
وبالرجوع للقانون الفرنسي القدمي ،صلده قد بدا متأثرا بادلفهوم الذي أرساه القانون الروماين للسرقة ،إال أنو بقيام الثورة
الفرنسية وترسيخا دلبدأ شرعية اجلرائم والعقوبات ،أصبحت سياستو العقابية تقوم على مبدأ حتديد اجلرائم حتديدا دقيقا وأفرد ذلا
نصوصا خاصة ،وبناء على ذلك انفصلت جرائم السرقة عن جرائم خيانة األمانة ،بعد أن وضع لكل جردية نصوصا زلددة ألركاهنا
وطرق ارتكاهبا والعقوبات ادلقررة ذلا ( ، )8فأقر بذلك قانون العقوبات الفرنسي لسنة 1810ليضع احلدود الفاصلة بُت ىذه
اجلرائم ،وخص جردية السرقة بالفصل 379من قانون العقوبات الفرنسي بالنص على أن " :السرقة يقًتفها كل من اختلس
بقصد الغش شيئا ليس لو"( ،)9وحدد جردية خيانة األمانة مبقتضى ادلادة 408منو.
إن عدم وضوح العبارات ،اقتضى تدخل الفقو الفرنسي الذي لعب دورا رئيسيا ُب حتديد مفهوم جرائم السرقة وخيانة
األمانة حىت ديكن ضبط نطاقها ودتييزىا عن اجلرائم األخرى.
185
فعلى الرغم من الوحدة بُت ىذه اجلرائم من حيث زلل االعتداء والغرض منو ،فإن ذتة فروقا أساسية تفصل بينها ،وىي
فروق تربز استقالل كل منها إزاء األخرى ،وموضع ىذه الفروق ىو الركن ادلادي وعلى وجو التحديد الفعل اإلجرامي الذي تقوم
بو كل جردية.
فجردية خيانة األمانة يكون ادلال ُب حيازة اجلاين قبل وقوع اجلردية بناء على عقد من عقود األمانة ،ولكنو خيون ىذه
الثقة ويغَت صفتو على ادلال من وديع إىل مالك أي يغَت نيتو للشيء من حيازة ناقصة إىل حيازة كاملة ( ،)10والتسليم ال يتناَب مع
ىذا الفعل وليس نتيجة جرمية بل إنو عمل سابق على العمل اجلرمي وىو تسليم صادر عن إرادة صحيحة .فالركن ادلادي للجردية
يتمثل ُب االختالس وما يعرب عنو أيضا بالتبديد.
أما بالنسبة جلردية السرقة فإن االعتداء يتحقق باختالس ادلنقول ادلملوك للغَت دون رضاه ( ،)11واالختالس ال يعد فقط
أىم عنصر فيها بل وأيضا الركن ادلميز فيها(.)12
وبالرجوع إىل أحكام التشريع اجلزائري يظهر جليا من استقراء نصوصو ،أن أول إشكالية تصادفنا ىي عدم ضبط
مصطلح االختالس وختصيصو جلردية معينة ( ،)13حيث استعمل مشرعنا مصطلح االختالس – دون تعريفو من الناحية القانونية –
للداللة على عدة جرائم تقع على األموال ،بل عمد إىل استعمالو أحيانا ليعرف بو جرائم متنوعة ومتب ــاينة ،كما ىو احلال ُب ادلادة
350من قانون العقوبات حيث تقضي بأن " :كل من اختلس شيئا غَت شللوك لو يعد سارقا " فيكون االختالس حسب ىذه
ادلادة مكونا جلردية السرقة.
أما ادلادة 376من القانون السالف الذكر فتقضي بأن " :كل من اختلس أو بدد " ...ومن ٍب فمصطلح االختالس
حسب ىذه ادلادة يأٌب كمرادف خليانة األمانة.
وقد يطرح سؤال ىنا ،وىو ما الذي دييز بُت جردية السرقة وجردية خيانة األمانة وإن زتل تعريفهما معا مصطلح
االختالس؟ فإذا كان الفقو والقضاء قد كيفا اجلرديتُت تكييفا قانونيا حسب العناصر ادلكونة لكل جردية ،جيعل كل واحدة منهما
متميزة عن األخرى ،فإنو ُب نظرنا يبقى استعمال مصطلح االختالس ُب عدة جرائم متباينة يثَت شيئا من االلتباس ُب التكييف
القانوين لكل جردية.
والشك أنو بالتسليم يتحدد نوع احليازة ما إذا كانت على سبيل احليازة الكاملة ،أم الناقصة ،أم على سبيل اليد
العارضة ،فإذا ما حتدد ذلك تبُت لنا أي من اجلرديتُت انطوت عليها أفعال االختالس ،تبعا لتحديد احلقوق ادلعتدى عليها ىل
وقعت على ادللكية أم على احليازة أم عليهما معا؟.
ويالحظ من استقراء أحكام ادلادة 350من قانون العقوبات اجلزائري أن مشرعنا اىتم بإبراز الركن ادلادي للجردية دون
ركنها ادلعنوي( ،)14وىذا على خالف ادلشرع الفرنسي الذي أشار إىل الركن ادلعنوي ُب ادلادة 379من قانون العقوبات الفرنسي
الصادر بادلرسوم التشريعي ادلنشور ُب 19فرباير 1810وادلعدل بالقانون الصادر ُب 2فرباير 1981إذ يعرف السرقة بأهنا" :
كل من اختلس بسوء قصد شيئا ال ديلكو يكون مسئوال عن سرقتو" ( ،)15ولكن اإلرتاع يسود فقها وقضاء على أن جردية السرقة
جردية عمدية ،تستلزم توافر القصد اجلنائي ،وادلالحظ أن أغلب الفقو متفق على منح مفهوم للسرقة إذ يعرفها جانب من الفقو
بأهنا اختالس بسوء قصد لشيء شللوك للغَت ( ،)16كما يقصد هبا اختالس منقول شللوك للغَت بنية دتلكو ( ،)17كما تعرف بأهنا
االستيالء بنية التملك على مال منقول شللوك للغَت دون رضاه(.)18
إن حتديد مدلول االختالس ادلكون للركن ادلادي ُب السرقة من األمهية مبا كان ُب القانون اجلزائري لسببُت ،أوذلما :ألن
ادلشرع اجلنائي مل يعرف ادلصطلح تشريعيا( ، )19وثانيهما ألن ورود مصطلح االختالس ُب نصوص جنائية أخرى غَت السرقة كجردية
186
االختالس اليت يرتكبها ادلوظفون ( ،)20أو جردية خيانة األمانة ( ،)21طبع مدلول ىذا ادلصطلح بالغموض الذي من شأنو أن يؤدي
حتما إىل اخللط ،لذا يقتضي احلال حتديد مدلول االختالس.
المبحث األول :االختالس استيالء مادي على الشيء
إن فعل االختالس ىو الركن ادلادي ُب جردية السرقة كما يتبُت من صدر ادلادة 350من قانون العقوبات اجلزائري ،ومل
حيدد القانون معٌت االختالس فقد نقل ادلشرع اجلزائري ىذا النص من ادلادة 379من قانون العقوبات الفرنسي نقال يكاد يكون
حرفيا .واجلدير بالذكر أن كلمة اختالس كانت تستخدم ُب الفقو الفرنسي القدمي كمرادف لالصطالح الذي كان يستعملو القانون
الروماين " " Coutrectatioتعبَتا عن كل صور االستيالء على مال الغَت بل وسرقة ادلنفعة(.)22
غَت أنو من نتائج التطور التشريعي منح فعل االختالس كركن ُب جردية السرقة مدلول خاص أكثر حتديدا ،حبيث مل يعد
يشمل كل صورة يكون فيها اغتيال مال الغَت أيا كانت وسيلة اجلاين ُب ذلك ،وإمنا اقتصر فقط على وسيلة معينة ىي نزع مال
الغَت دون رضاء منو(.)23
ومن ذتة يقصد بفعل االختالس ،كل نشاط مادي يهدف إىل نقل شيء بدون وجو حق من الذمة ادلالية للمجٍت عليو
إىل ذمة اجلاين ،فاذلدف الذي يسعى إليو ىذا األخَت ىو إنشاء عالقة ملكية بينو وبُت الشيء ادلسروق ( ،)24فاالختالس ىو
ادلصدر الغَت مشروع لسيطرة اجلاين على الشيء ادلسروق والظهور عليو مبظهر ادلالك ( ،)25وقد حدد ادلشرع الركن ادلادي للسرقة
بأنو االختالس ،وىذا التحديد ىو بيان للفعل الذي تقوم بو اجلردية ،وتدخل ُب كيان ىذا الركن كذلك النتيجة اإلجرامية ذلذا
الفعل وعالقة السببية بينهما(.)26
ومن ادلستقر عليو فقها وقضاء وقانونا أن السرقة اعتداء على ادللكية واحليازة معا ،غَت أنو ثار لدى الفقو اجلنائي تساؤل
حول كيفية حتقق االختالس ،وُب ىذا اإلطار ظهرت لديهم نظريتان األوىل تقليدية تضيق من نطاق فعل االختالس ،أما الثانية
وىي احلديثة فإهنا توسع من نطاقو.
المطلب األول :النظرية التقليدية -االستيالء على المال بحركة مادية-
أصدرت زلكمة النقض الفرنسية حكما ىاما ُب قضية شهَتة تعرف بقضية " ايفونات " " " Yvonnetسنة 1817
قررت فيو أن "االختالس ُب السرقة ىو أخذ مال الغَت بدون رضاه" ( )27وىو نفس موقف الفقو الفرنسي الذي سلكو ُب بادئ
األمر إذ عرف االختالس بأنو " :اعتداء اجلاين على الشيء عن طريق نقلو أو نزعو أو أخذه من اجملٍت عليو وإدخالو إىل حيازة
اجلاين دون علم اجملٍت عليو وبدون رضاه " ( ، )28بقطع النظر عن الوسيلة اليت يتم هبا ىذا النقل أو االنتزاع ،فيستوي أن يتم بفعل
اجلاين مباشرة مستخدما بعض أعضاء جسمو ،أو استخدم إلحداثو وسائل مادية كمغناطيس أو آلة ،أو شخصا معدوم األىلية
فالشرط ىو أن يرتكب اجلاين الفعل ادلؤدي لالختالس بأية طريقة كانت ،ويًتتب على منطق ىذه النظرية نتيجتان:
األوىل :استبعاد وقوع االختالس وحتققو إذا مل يقم اجلاين بنشاط مادي ينقل بو الشيء من حوزة مالكو أو حائزه،
وإدخالو ُب حوزتو منذ البداية ،بل أعدمو ُب مكانو ،فالفعل ُب ىذه احلالة يكون إتالفا وليس اختالسا ( ،)29كما ينتفي االختالس
إذا كان ادلال من األصل موجودا ُب حيازة اجلاين ورفض رده إىل مالكو أو صاحب احلق فيو ،أو تصرف فيو تصرفا ضارا ألنو ال
ينقل ادلال برفضو أو تصرفو وإمنا يستبقيو وبالنقل ال االستبقاء يتحقق االختالس ،وينبغي أن يالحظ أنو إذا كان الشخص الذي
حيوز الشيء قد ختلى عن حيازتو ولو حلظة ٍب اسًتده خلسة بعد ذلك يعترب سارقا ألنو يكون قد نقل الشيء إىل حياز (تو.)30
الثانية :عدم حتقق االختالس وبالتايل عدم وقوع السرقة إذا كان اجملٍت عليو قد سلم الشيء برضائو ،مبعٌت أن يكون
التسليم من ذي صفة على الشيء ،حائزه أو مالكو بإدراكو واختياره ،أما إذا كان الذي سلم الشيء ليس لو صفة عليو ،فإن
187
تسليمو إياه ال ينفي االختالس ،كما ال ينتفي االختالس أيضا حىت ولو كان التسليم من ذي صفة ،ولكن من شخص غَت شليز
وفاقد اإلدراك واالختيار .كما لو كان التسليم من صيب غَت شليز ،أو رلنون أو سكران ،أو كان وليد اإلكراه والتهديد.
فمىت كان التسليم حاصال من ذي صفة ودتيز واختيار ،فإنو ينتفي بو االختالس – ُب منطق النظرية التقليدية -حىت
ولو كان التسليم مشوبا بغلط ،ويستوي ُب ىذا أن يكون الغلط مشًتكا وقع بُت الطرفُت وقت التسليمٍ ،ب تنبو إليو ادلستلم بعد
ذلك ،ولكنو احتفظ بالشيء الذي ُسلم إليو ومل يرده ،وقد يكون الغلط قد وقع من ادلسلم فقط ،وكان ادلستلم عادلا بو وقت
االستالم واستفاد منو ،ومل ينبو الطرف اآلخر إىل حقيقة الواقع( ،)31والغلط قد يكون واقعا ُب الشيء ادلسلم أو ُب بعضو ،كما قد
يكون الغلط واقعا ُب شخصية ادلستلم ،ففي رتيع ىذه األحوال ال ينفي الغلط وقوع التسليم ،وبالتايل ال ديكن اعتبار ادلستلم
سارقا(.)32
ومن ناحية أخرى دينع التسليم من حتقق مدلول االختالس حىت ولو كان حاصال حتت تأثَت الغش ومن قبيل االستالم
بطريق الغش حالة شخص كان يقبض نقودا من آخر ،فأخفى بعضا شلا استلمو ،وأفهم الدافع أن ادلبلغ الزال ناقصا فأعطاه بعضا
آخر ،أو كمن يدعي كذبا ملكية شيء ويستلمو بناءا على ىذا اإلدعاء الكاذب(.)33
المطلب الثاني :نقد النظرية التقليدية
عرفت النظرية التقليدية انتقادات شديدة من قبل الفقو على اعتبار أن منطق ىذه النظرية خيلص إىل استبعاد وقوع
االختالس إذا مل يأت الشخص بنشاط إجيايب يتخذ صورة أخذ أو نزع أو نقل الشيء ،أي مل تصدر عنو حركة مادية يدخل هبا
الشيء أو ادلال ُب حيازتو .وبذلك كان الفقو الفرنسي قدديا يعترب التسليم نافيا لالختالس ُب رتيع احلاالت طادلا أنو حصل بإرادة
صاحب الشيء واختياره شلا أدى ُب العمل إىل نتائج خطَتة ،السيما إذا مل تكن نية اجملٍت عليو تتجو إىل التنازل عن الشيء (،)34
األمر الذي من أجلو اجتو القضاء الفرنسي وأيده الفقو ُب فرنسا إىل استحداث نظرية التسليم االضطراري أو الضروري " La
، " remise nécessaire ou forcéeتقييدا لفكرة التسليم الناُب لالختالس من جهة وقصورىا من جهة أخرى ومؤدى
ىذه النظرية أن التسليم ال ينفي االختالس إذا كانت تتطلبو ضرورة التعامل ومقتضيات األخذ والعطاء ،وعلى ذلك فإذا كان
الغرض من التسليم ىو رلرد دتكُت ادلستلم من االطالع على الشيء ،أو تقليبو للتحقق من جوىره وأمهيتو ٍب رده بعد ذلك إىل
مالكو فهو تسليم وقيت بطبيعتو فإن احتجز ادلستلم الشيء بنية االستيالء عليو ودتلكو وأىب رده إىل صاحبو عد سلتلسا( ،)35باعتبار
أن ىذا التسليم وقع اضطراريا(.)36
تلك ىي فكرة التسليم االضطراري الذي ال ينتفي بو االختالس ،والواقع من األمر أن ىذه الفكرة منتقدة وال تطابق
حقيقة الواقع ُب بعض الصور ،وإن كانت ىذه الفكرة قد قدمت حلوال لبعض ادلسائل احلرجة اليت عرضت على القضاء ،إال أنو
ورغم ذلك ينقصها األساس القانوين السليم ،إذ ال يوجد ُب الواقع ظروف قهرية أو ضرورية بادلعٌت القانوين الدقيق تكره اإلنسان أو
تضطره إىل تسليم مالو رغم إرادتو ،وإمنا يكون مالك الشيء قد سلمو إىل اجلاين لثقتو بو ،كما وأن فكرة " ضرورة التعامل " فكرة
ىائمة تتسع تارة لتشمل وقائع يتفق الفقو على عدم اعتبارىا سرقة لذلك تدخل ادلشرع فجعل منها جردية ملحقة بالسرقة لتجرمي
ما ثار من خالف ُب شأهنا ( ،)37وتقتصر تارة أخرى على استيعاب وقائع الشك ُب كوهنا سرقة ،ومن قبيل الوقائع األوىل ما
تقتضيو ضرورة التعامل مثال بأن يقدم أصحاب ادلطاعم ادلأكوالت وادلشروبات لزبائنهم أوال قبل قبض الثمن ،فإذا تسلل أحد
الزبائن دون أن يدفع حسابو ،فقد كان السائد أن ىذا الفقع ال يعترب سرقة ،ومن قبيل الوقائع الثانية واليت الشك ُب اعتبارىا سرقة
من يناول صديقا لو شيئا ليطلع عليو ،ومع ذلك فلو حجز الصديق الشيء وأىب أن يرده إليو فإنو يعترب سارقا.
وقد انتقدت نظرية التسليم االضطراري بأهنا تضيق ُب بعض تطبيقاهتا من استيعاب ما يعد اختالسا ،كما أهنا تتسع ُب
أحيان أخرى حىت تشمل ماال يعد اختالسا.
188
المبحث الثاني :النظرية الحديثة – نظرية جارسون في االختالس أو األخذ
مل يكن تعريف االختالس بأنو نقل الشيء أو أخذه أو نزعو من مالكو أو حائزه بغَت رضاه حتديدا وافيا ،ومل تكن فكرة
التسليم االضطراري تكفي وتغٍت حلل ادلشاكل اليت يثَتىا العمل ،لذلك اجتهد الفقو ُب وضع تعريف أكثر دقة ومشوال لفكرة
ضالتو.)38
(
االختالس ،فظهرت ُب الفقو اجلنائي نظرية األستاذ الفرنسي "جارسون" اليت وجد فيها القضاء
ويرى ىذا الفقيو أن االختالس ليس مرادفا لألخذ أو النقل أو االنتزاع من الناحية اللغوية ،وأنو يتعُت الربط بينو – أي
بُت االختالس – وبُت فكرة احليازة ُب القانون ادلدين ( ، )39إذ يرى أن االختالس ىو االستيالء على حيازة الشيء بعنصريها ادلادي
وادلعنوي ،دون علم وعلى غَت رضاء مالكو أو حائزه(.)40
فمدلول احليازة عند جارسون سيطرة واقعية وإرادية للحائز على ادلنقول ختولو االنتفاع بو أو تعديل كيانو أو حتطيمو أو
نقلو ،فهي إذن سيطرة إرادية للشخص على الشيء ،فهي حالة واقعية وليست مركزا قانونيا ( ،)41فاحليازة ىي وضع مادي يسيطر
بو الشخص سيطرة فعلية على الشيء(.)42
إن ربط االختالس بنظرية احليازة مكن من جتاوز عدة إشكاالت تثار بصدد االختالس من ناحية أثر التسليم فيو وبيان
مىت يكون نافيا ومىت ال يكون.
المطلب األول :ربط االختالس بنظرية الحيازة
إن ربط احليازة بنظرية االختالس مكن من جتاوز الصعوبات اليت كانت تعًتض القضاء ُب ظل النظرية ادلادية ،إذ كان
ىذا األخَت يبحث ُب طبيعة التسليم ىل ىو تسليم اختياري أو اضطراري حىت يتسٌت لو اإلقرار بتوفر االختالس من عدمو ،إال أنو
بالنظرية اليت قدمها " إميل جارسون " أصبحت احليازة ادلعيار الوحيد الذي يعتمده القضاء ،حبيث يتوفر االختالس كلما وقع
استيالء على احليازة بعنصريها ادلادي وادلعنوي.
ويقصد باالستيالء على احليازة إخراج الشيء من حيازة ادلالك أو احلائز السابق وإدخالو ُب حيازة أخرى سواء كانت
حيازة اجلاين أو غَته ( ، )43شلا يًتتب عليو ضرورة إخراج الشيء من حيازة اجملٍت عليو وإدخالو ُب حيازة أخرى ،فإذا مل يدخلو ُب
حيازة جديدة فإن فعلو ال يعد اختالسا.
كما جيب أن يكون الشيء ُب حيازة أخرى ،غَت حيازة اجلاين لكي يتحقق االختالس ،فإذا ما استوىل على شيء ىو
ُب حيازتو فإنو ال يعد سلتلسا.
ولقد أفضى ربط االختالس باحليازة القانونية إىل عدة تطبيقات ،أمهها أن التسليم الناقل للحيازة الكاملة أو الناقصة ولو
عن غلط ينفي االختالس(ُ ،)44ب حُت إ ّن التسليم جملرد ادلسك ادلادي ال ينفي االختالس.
ولقد أعطى " إميل جارسون " سندا قانونيا بفضلو ديكن اجلزم بكون الفعل يشكل اختالسا أم ال ،فاحليازة ىي أساس
االختالس ،وعليو فلإلدلام بنظرية ىذا الفقيو وتطبيقها على موضوع احلال يتعُت البحث ُب احلاالت اليت يكون فيها االستيالء على
احليازة نافيا لالختالس ،وأيضا احلاالت اليت يكون فيها ىذا االستيالء على احليازة مكونا لالختالس.
الفرع األول :الحاالت التي يكون فيها االستيالء على الحيازة نافيا لالختالس
لقد وقع تعريف االختالس وفق النظرية القانونية بكونو استيالء على حيازة الشيء دون علم ورضا ادلالك أو احلائز
السابق ،فهو استيالء على احليازة بعنصريها ادلادي وادلعنوي.
تبعا لذلك إذا ًب تسليم احليازة من مالكها أو حائزىا الشرعي عن إدراك أو اختيار فإن االختالس ال يتحقق .إال أن
األمر خيتلف ُب حالة ما إذا وقع تسليم احليازة الناقصة من مالكها أو حائزىا بإرادة معتربة قانونا ،فإن االختالس ال يتوفر بل ديكن
189
توفر جردية أخرى ىي جردية خيانة األمانة ،باإلضافة إىل ذلك ،فإن االختالس ال يتوفر ُب حالة التمسك باحليازة ادلتخلى عنها
قبل التسليم.
-1مفهوم الحيازة الكاملة أو الناقصة
طبقا لنظرية الفقيو " جارسون " فإن تسليم احليازة لألجَت سواء كانت كاملة أو ناقصة ينفي االختالس مبعٌت جردية
السرقة ،تبعا لذلك فإنو يتعُت توضيح مفهوم كل من احليازة الكاملة والناقصةٍ ،ب الشروط اليت جيب توفرىا لكي يكون تسليم
احليازة نافيا لالختالس.
إن تسليم احليازة الكاملة أو الناقصة يقتضي نفي االختالس وعليو فإنو جيب حتديد مفهوم كل من احليازة الكاملة
والناقصة
ا -الحيازة التامة أو الكاملة
وادلقصود هبا السيطرة الفعلية على الشيء ومباشرة سلطات ادلالك عليو ،مع نية االستئثار بو والظهور عليو مبظهر ادلالك،
وتفًتض ىذه احليازة أن يكون الشيء ُب حيازة ىذا الشخص حيث يتوافر فيها العنصر ادلادي والعنصر ادلعنوي .فأما العنصر
ادلادي فهو رلموع األفعال ادلادية اليت يباشرىا مالك الشيء عليو كحبس الشيء أو االنتفاع بو أو استعمالو أو نقلو أو حتويلو أو
التصرف فيو أو إعدامو ،وفيما خيص العنصر ادلعنوي ويتمثل ُب نية احلائز ُب االحتفاظ بالشيء واالستئثار بو ،باستعمالو أو
التصرف فيو وكأنو مالكو ،فهو يباشر السلطات على الشيء حلسابو باعتباره أصيال عن نفسو ال نائبا عن غَته ،وباشًتاط نية
التملك تتميز احليازة الكاملة عن الناقصة.
ب -الحيازة الناقصة أو المؤقتة
وتتحصل ىذه احليازة ُب وجود الشيء حتت سيطرة الشخص ُب وضع ديكنو من مزاولة بعض حقوق ادلالك عليو دون
()45
، البعض األخر ،فهو يزاول االستعمال واالستغالل دون أن ديتلك التصرف ُب الشيء ويبقى معًتفا مبلكية ىذا الشيء للغَت
كالعامل الذي يعهد إليو بشيء إلصالحو ،فاحلائز ُب ىذه احلالة وإن كانت لديو بعض مظاىر العنصر ادلادي للحيازة دون أن
يكون لديو قصد امتالكو ،فهو حيوز الشيء حلساب مالكو بناء على عقد يستبعد معو أي ادعاء من جانب احلائز مبلكية ىذا
ادللكية.)46
(
الشيء ،وبعبارة أخرى يكون لو سيطرة فعلية على الشيء مبقتضى العقد ولكن دون االعًتاف لو حبق
إن احليازة الناقصة تتشابو مع احليازة الكاملة ُب كون احلائز ُب احلالتُت لو سلطة فعلية على الشيء ،لكن ما دييز بينهما
أن الركن ادلعنوي ُب احليازة الناقصة يكون منتفيا .وعلى ىذا األساس فإنو إذا وقع تسليم احليازة الكاملة فإن االختالس ال يقوم،
أما إذا وقع تسليم احليازة الناقصة مبقتضى عقد من عقود األمانة وقام اجلاين باالستيالء على العنصر ادلعنوي للحيازة ،فإنو ال يعد
مرتكبا جلردية السرقة.
-2الشروط الواجب توافرىا
حىت يكون اجلاين مرتكبا جلردية السرقة حسب نظرية " إميل جارسون " اليت تقضي بأن االختالس ىو " االستيالء على
حيازة الشيء بعنصريها ادلادي وادلعنوي ُب نفس الوقت ،بدون علم وعلى غَت رضا مالكو أو حائزه السابق" ،شلا يستخلص معو
أن السرقة ال تتحقق إال باالستيالء على احليازة ،فإذا وقع تسليم احليازة فإن االختالس يكون غَت متوفرا ،وبالتايل ال تقوم جردية
السرقة .إن ادلتفق عليو فقها وقضاءً أن التسليم مانع من االختالس ،ىذا ادلبدأ ظل قائما ُب فقو النظرية احلديثة ،من ذلك أن "
جارسون " اعترب أن تسليم احليازة سواء كانت كاملة أو ناقصة ينفي االختالس .فاالختالس ال يتحقق إذا كانت حيازة الشيء قد
صاحبها.)47
(
ًب نقلها شلن لو صفة عليو إىل شخص آخر مل يقم باالستيالء على ىذه احليازة بنفسو ضد إرادة
ففيما خيص تسليم احليازة الكاملة ،فإن حتققها يستوجب توفر عنصرين أحدمها مادي واآلخر معنوي.
190
إن العنصر ادلادي يتمثل ُب خروج الشيء من السيطرة الفعلية للمسلّم إىل السيطرة الفعلية للمتسلم ليمارس عليو رتيع
حقوق ادلالك ،لكن إىل جانب ذلك جيب أن يتوفر معو عنصر معنوي يتمثل ُب إرادة نقل احليازة إىل الغَت ،أي إرادة التخلي عن
احليازة لو(.)48
يًتتب شلا سبق أن جردية السرقة ال تقوم إذا كان ادلسلّم قد رضي بنقل احليازة بعنصريها إىل اجلاين ،وكان قد قبلها ىذا
األخَت ،من ذلك أنو إذا اجتهت إرادة ادلسلّم إىل نقل احليازة إىل ادلتسلّم فإن االختالس ال يتحقق ،وذلك بقطع النظر عن حسن
نية اجلاين أو سواىا.
فإذا كان اجلاين حسن النية فإنو ال يرتكب جردية السرقة ،بصرف النظر عمــا إذا ك ــان نَقل إليو حيـ ازة الشيء ىو ادلـالك
نفسو أو احلـائز ادلؤقت أو رلرد مـاسك الشيء ،تبعـا لذلك فلقد اشًتط "جارسون " حىت ينتج التسليم أثره الناقل للحيازة وبالتايل
الناُب لالختالس ،أن تكون إرادة ادلسلّم مدركة وشليزة وحرة ،ذلك ألن التسليم الصادر عن إكراه ال ينفي االختالس.
كما أن تسليم احليازة الكاملة الصادر عن إرادة حرة وشليزة ينفي االختالس حىت ولو كان نتيجة غلط وقع فيو ادلتسلّم.
من ذلك أن " جارسون " اعترب أن الغلط ىو ناُب لالختالس ،حبيث أن ادلسلم بالرغم من وقوعو ُب الغلط فإن إرادتو قد اجتهت
إىل تسليم احليازة .إن أي غلط ُب الباعث على نقل احليازة ال أمهية لو ،إذ السبب الصحيح يتمثل ُب الرضا ادلتبادل من اجلانبُت
على نقل احليازة ،فمادام التسليم قد ًب بناء على إرادة معتربة قانونا مستهدفا بو نقل احليازة فإنو يرتب أثره سواء وقع الغلط ُب
ذات الشيء أو ُب قيمتو أو ُب شخص ادلتسلم ( ،)49فبالرغم من وقوع اإلرادة ُب الغلط فإنو ال ينفي انصرافها إىل التسليم وىذا
يكفي لنفي االختالس( ،)50وعدم قيام جردية السرقة.
الفرع الثاني :الحاالت التي يكون فيها االستيالء على الحيازة مكونا لالختالس
لقد أفرز تطبيق ربط االختالس بنظرية احليازة القانونية إىل أن االختالس ينحصر ُب االستيالء على حيازة الغَت ،واستنادا
على ذلك ميز " إميل جارسون " بُت احلالة اليت حيصل فيها اجلاين على حيازة الشيء الذي للغَت بنفسو ،فيستويل على حيازتو
بعنصريها ادلادي وادلعنوي واليت يتحقق فيها االختالس ،ما عدا ُب بعض احلاالت كأن يكون الشيء ادلختلس مباحا أو مهمال،
وبُت احلالة اليت حيصل فيها اجلاين على الشيء عن طريق التسليم ،والتسليم ال ينفي االختالس إذا كان اذلدف من وراء التسليم
ىو رلرد ادلسك ادلادي للشيء.
غَت أن تسليم رلرد ادلسك ادلادي ال ينفي االختالس ،إذا كان ىذا التسليم باألخص واقعا مبناسبة عالقة تعاقدية.
-1مفهوم المسك المادي للشيء
إن ادلسك ادلادي للشيء ىو تعبَت دال على طبيعتو ( ،)51إذ ىناك حالة يتصادف فيها وقوع الشيء ماديا بيد شخص
دون أن تكون لو سيطرة ،وال يباشر عليو أي حق من حقوق ادلالك ،فاحليازة باقية للمالك احلائز حيازة كاملة أو ناقصة ،ويسمى
ىذا النوع من احليازة بـ "اليد العارضة" أو "رلرد وضع اليد ادلادي" ( ،)52وىذه احليازة ادلادية تتوافر بوجود الشيء بُت يدي
الشخص دون أن يكون لو احلق ُب مباشرة أي حق من احلقوق ال حلسابو وال حلساب غَته ،فال يتوافر للحيازة أي من عنصريها
ادلادي أو ادلعنوي ( ، )53وال يوصف الشخص الذي وجد ادلال بُت يديو عرضا حائزا لو حيازة تامة أو حيازة ناقصة ،وىو بذلك
ليس لو أي سلطة على ىذا ادلال ،إذ يده على الشيء عارضة ال ختلق حقا وال ترتب التزاما ،وبناءا على ذلك وطادلا أن ىذا النوع
من احليازة ال خيول للحائز على الشيء أي حق من احلقوق ،فإنو ال حيول دون وقوع االختالس ،فإذا استوىل الشخص صاحب
احليازة ادلادية على ادلال الذي ىو حتت يده وتصرف بو فإنو يعد سارقا(.)54
إن اختاذ احليازة أساسا لالختالس ،فرض على فقو القضاء اعتماد نية اجملٍت عليو معيارا لتحديد توفر االختالس من
عدمو ،إذ أصبح يتعُت على القضاء البحث ُب مقصد ادلسلم ،فإذا كان غرضو تسليم رلرد ادلسك ادلادي ،فإن االختالس يتحقق.
191
-2تطبيق فكرة التسليم المادي في إطار تعاقدي
من صور التسليم جملرد ادلسك ادلادي مبناسبة عالقة تعاقدية ،صورة اخلادم وادلخدوم ،فالعالقة اليت تربط بينهما مبوجب
العقد تقتضي أن يقوم ادلخدوم بتسليم اخلادم األشياء حىت يتمكن بواسطتها من أداء اخلدمة ادلنوطة بو .فاخلادم ليس سوى
ماسك لألشياء اليت ترجع دلخدومو دون أن يكون لو أي حق عليها ،فتكون يده على األشياء يد عارضة ألن صاحب ادلال عند
تسليمو لألشياء مل تنصرف إرادتو إىل نقل حيازهتا إىل اخلادم ،فإذا استوىل عليها ىذا األخَت عد سلتلسا ،ألن عملو ال يعدو أن
يكون عمال ماديا وال يصح القول أن اخلادم ُب ىذه األحوال ىو وكيل عن سلدومو ُب حيازة ىذه األشياء ألن استالمها على ىذه
الصورة يتناَب مع ادلعٌت القانوين للوكالة ،وتطبيقا لذلك قضي بأن ادلستخدم الذي يعمل ُب شركة لبيع ادلشغوالت الذىبية تكون
يده على تلك ادلشغوالت يدا عارضة ألهنا مل تسلم لو لتصبح ُب حيازتو ،وإمنا كان سلوال فقط عرضها على الزبائن حتت إشراف
أصحاب الشركة ومراقبتهم ادلستمرة(.)55
أما إذا ثبت أن ادلخدوم قد انصرفت إرادتو إىل نقل األشياء خلادمو على سبيل احليازة الناقصة كما لو أعطاه ماال
ليشًتي شيئا ،فإن اخلادم يعترب وكيال عن سيده وتكون يده على ىذا ادلال يد أمانة ،فإذا استوىل على ادلال كلو أو بعضو يكون
مرتكبا جلردية خيانة أمانة( ،)56طادلا ثبت أن الغرض من التسليم ىو القيام مبباشرة عمل قانوين حلساب ادلخدوم صاحب ادلال.
ويتضح بذلك أن األمر يتطلب ُب كل حالة حتديدا لنوع التسليم ،وىذا التحديد مرهتن مبا إذا كانت قد توافرت إرادة
تغيَت احليازة أم مل تتوافر وىو ما يتعُت فحصو ُب ضوء العالقة بُت ادلسلم وادلتسلم(.)57
والقول نفسو ينطبق على العمال وعلى ادلستخدمُت ُب ادلصانع وادلتاجر ،فاألصل أن ادلعدات واألشياء وضعت حتت
أيديهم لغرض العمل هبا حتت إشراف مؤجرىم الذي مل تكن لو النية من دتكينهم احليازة على ىذه األشياء فإذا ما استوىل العامل
أو الصانع أعترب سلتلسا(.)58
وىكذا يتضح شلا سبق ،أن االختالس ادلرتكب من قبل اجلاين يعد مكونا جلردية السرقة إذا وقع استيالؤه على حيازة
الشيء بعنصريها ادلادي وادلعنوي ُب وقت واحد ،دون رضاء ادلالك أو احلائز السابق ،على أن التسليم فيها يلعب دورا مهما ُب
قيام االختالس من عدمو.
المطلب الثاني :عناصر االختالس
من خالل تعريف جارسون السابق والسائد لالختالس يتبُت جليا أن فكرة االختالس ُب جردية السرقة تقوم على عناصر
ثالث أوذلا سلب احليازة بعنصريها ادلادي وادلعنوي ،وثانيها إهناء ىذه احليازة ،وأخَتا عدم رضاء ادلالك أو احلائز عن ذلك.
الفرع األول :سلب الحيازة
ال يتوافر االختالس إال إذا ًب سلب حيازة الشيء بعنصريها مبوجب نشاط إجيايب يصدر من اجلاين ،وىذا يعٍت أنو جيب
أن يكون فعل اجلاين ىو الذي أهنى احليازة السابقة وأقام احليازة اجلديدة ،فإذا كانت احليازة السابقة قد انتهت دون تدخل من قبل
اجلاين فال يتحقق االختالس حىت ولو استوىل اجلاين على الشيء وإن جاز أن تقوم ُب حقو جردية التقاط األشياء الضائعة بنية
دتلكها( ، )59إذ يتحقق سلب احليازة إذا أخرج السارق الشيء من حيازة اجملٍت عليو وأدخلو ُب حيازة شخص آخر كمن خيتلس
ماال من جيب أحد الركاب ٍب يضعو ُب جيب راكب أخر ،أما إذا اقتصر فعل ادلتهم على إخراج الشيء من حيازة صاحبو دون
أن يدخلو ُب حيازة أخرى فإنو ال يعد سارقا.
()60
مثال ذلك من يطلق طائرا من قفص ليعيد لو حريتو ،كما ال يعد سارقا من يعدم الشيء ُب مكانو وإن يعترب فعلو
إتالفا .إذا جيب أن يكون اجلاين قد أهنى احليازة السابقة وأنشأ حيازة جديدة وبذلك ال تتحقق جردية االختالس ُب ادلثال التايل:
192
فالراعي الذي يرعى قطيع من الغنم وتنظم إليو نعجة تتبع ىذا القطيع وتنقطع صلتها حبائزىا ،فإن استبقاىا لنفسو بعد اكتشافها
حُت وصولو ،ال يعد فعلو اختالسا تقوم بو السرقة ألن راعي الغنم مل يقم بنشاط إجيايب أهنى بو احليازة السابقة.
ويلزم لتحقق سلب احليازة أن يقوم اجلاين بفعل مادي ينقل بو الشيء إىل حيازتو ،أيا كانت الوسيلة ادلستخدمة ُب
ذلك .فكل وسيلة توصل اجلاين إىل إخراج الشيء من حيازة غَته وإدخالو ُب حيازتو يتوافر هبا االختالس ،ويستوي ُب ذلك أن
يقوم اجلاين باستخدام أعضاء جسمو مباشرو كاألخذ باليد ،أو مبجرد الصوت كمن خيتلس حيوانا باستعمال صفَت أو صوت
معُت ،وقد يستعُت بأداة لتحقيق ىذا الغرض كاستعمال خطاف أو فخ أو أي أداة أخرى ،وحىت باستخدام إنسان أخر إذا كان
ىذا اإلنسان حسن النية أو غَت مسئول جنائيا ،كمن حيرض رلنونا على اختالس الشيء أو يطلب من خادم ُب مطعم مناولتو
معطفا معلقا مومها إياه بأنو لو(.)61
ب -إنهاء الحيازة
ال يقع االختالس قانونا إال إذا قام اجلاين بفعل إجيايب بإهناء احليازة السابقة وإنشاء حيازة جديدة ،ويقصد باحليازة ىنا
احليازة الكاملة أو الناقصة اليت تكون لغَت اجلاين ،إذا يشًتط ُب احليازة السابقة ادلعتدى عليها أن تكون لغَت اجلاين ،مهما كانت
صفة الغَت سواء كان شخصا طبيعيا أو شخصا معنويا .فإذا كانت احليازة بيد اجلاين فال يقوم االختالس( ،)62وال يشًتط أن يكون
ىذا الغَت حائزا للشيء بصورة مشروعة ،حيث تتحقق احليازة السابقة حىت ولو كانت حيازة الغَت للشيء ىي نتيجة سرقة ،فإذا
اختلس الغَت الشيء ادلسروق وقعت جردية جديدة يكون فيها السارق السابق رلنيا عليو ُب سرقة جديدة(.)63
كما يلزم أن تكون حيازة غَت اجلاين ادلعتدى عليها إما كاملة وإما ناقصة – على النحو السالف ذكره -أما تسليم اليد
العارضة فال دينع من قيام االختالس إذا استوىل صاحب اليد العارضة على الشيء ،ويقصد بتسليم اليد العارضة ذلك التسليم
الذي يؤدي إىل وجود الشيء ماديا بُت يدي ادلستلم دون أن يكون لو عليو سيطرة أو حق ،أي دون نقل احليازة الكاملة أو
الناقصة إليو ،بل تبقى احليازة دلن سلم الشيء ( ،)64فادلسافر ال يفقد حيازتو حلقيبتو جملرد أن يكلف زتاال بنقلها لو من رصيف
القطار إىل خارجو ،إذ تظل لو السيطرة الفعلية على احلقيبة ،بينما ال يكون للحمال على احلقيبة إال اليد العارضة فإذا اختلسها
كان سارقا ،وإذا اختلسها من احلمال آخر كان سارقا وكان ادلسافر ىو اجملٍت عليو ُب اجلردية ال احلمال.
ىذا ويعترب الشيء ُب حيازة الغَت حىت ولو كان الغَت أودعو جهازا ميكانيكيا من األـجهزة ادلخصصة لبيع ادلشروبات أو
علب السجائر ،اليت تبيع للجمهور إذ تظل احليازة ىنا لصاحبها حىت ولو كان قد تركها ،حيث إن االعتداء عليها يعد اعتداءا
على حيازة الغَت(.)65
ذلك ىو معٌت احليازة اليت يلزم أن ينهيها اجلاين بفعل إجيايب يصدر عنو وإال انتفى االختالس ،فمن يستويل على شيء
فقد حيازتو األوىل دون أن يدخل ُب حيازة حائز جديد ال يكون سلتلسا ومن ٍب ال يكون سارقا ألنو مل ينو حيازة اجملٍت عليو بفعل
إجيايب ،كمن يستويل على األشياء الضائعة ويقصد هبا األموال ادلملوكة اليت ضاعت من صاحبها دون أن يقصد التخلي عنها إذ
تنقطع حيازتو ذلا بالضياع ،ونفس الشيء بالنسبة لألموال ادلًتوكة أو اليت ختلى عنها أصحاهبا ،أما األشياء التائهة وىي األشياء
الضائعة ُب مكان يكون فيو لصاحبها سيطرة فعلية عليو بأكملو كضياع خاًب سيدة ُب منزذلا وكذلك األشياء ادلدفونة مع ادلوتى ُب
مقابرىم فتعترب ُب حيازة الغَت وبالتايل يعد االستيالء عليها اختالسا(.)66
جـ -عدم رضاء الحائز
ال يكفي لقيام االختالس رلرد قيام اجلاين بفعل إجيايب ينهي بو حيازة اجملٍت عليو للشيء ،وإمنا يستوجب أن يقع إهناء
تلك احليازة دون رضاء احلائز ،فإن كان ىذا اإلهناء برضاه انتفى االختالس وانتفت السرقة تبعا لذلك ،وبالرغم من عدم النص
عليو صراحة ُب القانون ( )67فإن السائد لدى الفقو والقضاء أن عدم رضاء اجملٍت عليو – ادلالك أو احلائز السابق -يعترب عنصرا
193
جوىريا لتحقق فعل االختالس الذي تقوم عليو جردية السرقة ،تطبيقا ذلذا يقضي القضاء أن تسليم مفتاح ادلستودع للعامل وأخذه
للبضاعة بدون علم صاحبها يشكل جرم سرقة(.)68
وإذا كان الغالب أن يتم سلب احليازة خلسة أو خفية أي بدون علم اجملٍت عليو ،إال أنو ال تالزم بُت عدم الرضاء وعدم
العلم .فقد يتحقق عدم الرضاء رغم أخذ اجلاين للشيء بعلم اجملٍت عليو كما ىو احلال ُب السرقة باإلكراه ،أو ُب حالة عدم
اعًتاض اجملٍت عليو واستدراجو اجلاين بقصد ضبطو متلبسا باجلردية ،ومع ذلك تقوم جردية السرقة ألن الشرط ىو عدم الرضاء ال
عدم العلم ،وىو شرط كاف بذاتو ،وعلى العكس قد يكون أخذ الشيء بدون علم صاحبو ولكن يثبت من ظروف احلال أنو كان
راض عنو فال يعد الفعل سرقة(.)69
إذا وقع فعل االستيالء برضاء اجملٍت عليو ال تقع جردية السرقة وذلك لتخلف ركن االختالس ،ولكن يشًتط ُب الرضاء أن
يكون سابقا أو معاصرا لسلب احليازة أما إذا كان الحقا عليو فإنو ال ينتج أثره ُب نفي تكييف االختالس عن الفعل وإن جاز أن
يعتد بو القاضي ُب ختفيف عقوبة اجلاين ( ، )70ويشًتط ُب الرضاء اليت تنتفي بو السرقة أن يكون رضاء حقيقيا ،يستوي فيو أن
يكون ىذا الرضاء صرحيا أو ضمنيا.
والشك أن قيام صاحب ادلال بتسليمو إىل شخص آخر ينفي قيام السرقة إن كان ىذا التسليم ناقال للحيازة وصادرا عن
إرادة حرة شليزة ألن مثل ىذا التسليم يدل على رضاء صاحب ادلال عن نقل حيازتو إىل الغَت .لذلك يقتضي األمر ُب ىذا الصدد
بيان التسليم الذي ينتفي بو االختالس الذي تنتفي بو تبعا لذلك السرقة ،وكذلك بيان التسليم الذي ال ينتفي بو االختالس ومن
ٍب تقوم معو جردية السرقة وذلك تباعا.
ونتيجة لذلك ،صلد أن االختالس ُب جردية السرقة ،يعٍت مدلوال قانونيا آخر غَت ادلدلول الذي يعنيو االختالس ُب جردية
خيانة األمانة ،كما وأن ادلشرع اجلزائري ما كان حباجة إىل إعادة استعمال ىذا ادلصطلح بعدما استعملو ُب جردية السرقة ،رغم ما
يوجد من فارق كبَت ُب ادلدلول القانوين لكل منهما.
وبالتايل ،إذا ما ربطنا ادلدلول القانوين بادلدلول اللغوي ،لوجدنا أن كلمة االختالس أبرز للداللة على الركن ادلادي جلردية
السرقة ،ذلك أن االختالس يعٍت لغة أخذ الشيء خلسة ،واخللسة تفيد اخلفية وال تكون اخلفية إال ُب جردية السرقة ،كما تدل أن
ادلال كان ُب حيازة اجملٍت عليو فأخذه اجلاين منو خفية ،أما ُب جردية خيانة األمانة ففيها يسلم ادلال إىل اجلاين الذي خيون الثقة
ادلوضوعة فيو بتغيَت حيازتو الناقصة إىل حيازة كاملة بدون رضا اجملٍت عليو.
194
الهــوامش:
-1طو زكي صافي" ،قانون العقوبات الخاص في ضوء التشريعين اللبناني لعام 1943مع تعديالتو والفرنسي الجديد المعمول بو منذ
،"1994/3/1المؤسسة الحديثة للكتاب ،لم يذكر تاريخ النشر ،ص244..
-2محمد صبحي محمد نجم" ،شرح قانون العقوبات ،القسم الخاص" ،1996 ،ص97..
-3عبد العظيم مرسي وزير" ،الجرائم الواقعة على األموال ،السرقة والنصب وخيانة األمانة" ،دار النهضة العربية ،القاىرة ،1983 ،ص17..
-4محمود نجيب حسني" ،جرائم االعتداء على األموال في قانون العقوبات اللبناني" ،المجلد األول ،منشورات الحلبي الحقوقية ،لبنان،
الطبعة الثالثة ،1998 ،ص17..
-5عادل عبد إبراىيم العاني" ،جرائم االعتداء على األموال في قانون العقوبات ،السرقة ،االحتيال ،إساءة االئتمان" ،مكتبة دار الثقافة
للنشر والتوزيع ،ص11..
-6المصدر نفسو ،ص11..
-7عمر ممدوح مصطفى" ،القانون الروماني" ،دار المعارف ،مصر ،الطبعة الثالثة ،1959 ،ص433..
،2002 -8محمد سعيد نمور" ،شرح قانون العقوبات ،القسم الخاص ،الجزء الثاني ،الجرائم الواقعة على األموال" ،الطبعة األولى،
ص.14.
Voir l’article 379 de Code pénal français : << Qui conque a soustrait 9 -
frauduleusement une chose qui ne lui appartient pas est coupable de vol >>.
-10محمود محمود مصطفى" ،شرح قانون العقوبات -القسم الخاص ،"-دار النهضة العربية ،القاىرة ،الطبعة الثامنة ،1984 ،ص،4.
محمود نجيب حسني ،المرجع السالف الذكر ،ص 26 .وما بعدىا ،فوزية عبد الستار" ،شرح قانون العقوبات ،القسم الخاص" ،دار النهضة
العربية ،القاىرة ،1982ص.657.
-11معوض عبد التواب" ،السرقة واغتصاب السندات والتهديد" ،دار المشرق العربي ،القاىرة ،1988ص7..
-12اسماعيل بن صالح العياري" ،عنصر االختالس في السرقة ،مجلة القضاء والتشريع" ،ديسمبر ،1986ص8..
-13تجدر اإلشارة إلى أن ىذه اإلشكالية مطروحة في جل التشريعات العربية .أنظر في ىذا الرأي عبد الرحمن شكر الجوراني" ،نظرية
االختالس في التشريع العراقي" ،مجلة العدالة العراقية ،العدد الثالث ،1976 ،ص.654.
311من قانون -14على مثال نظيره المصري الذي ركز ىو اآلخر على الجانب الموضوعي للسرقة دون الجانب المعنوي في المادة
العقوبات الذي يعرف السارق بأنو " :كل من اختلس منقوال مملوكا للغير" ،كما يعرفها المشرع اللبناني في المادة 653من قانون العقوبات
بأنها" :أخذ مال الغير المنقول خفية أو عنوة بقصد التملك".
Droit pénal " - F. Goyet : par Marcel Rousselet & Pierre Arpillang & Jacques Patin :15
, 8e édition, Paris, Sirey 1972, P.645."spécial
.6 , Dalloz, Paris, 1988, p.1"Droit pénal spécial" Vouin. Robert : - 16
-17عوض محمد" ،جرائم األشخاص واألموال" ،دار المطبوعات الجامعية ،اإلسكندرية ،لم يذكر تاريخ النشر ،ص.214.
195
-18ممدوح خليل البحر" ،الجرائم الواقعة على األموال في قانون العقوبات اإلماراتي" ،مكتبة الجامعة ،الطبعة األولى ،2009 ،ص.51.
-19على خالف تشريع العقوبات الكويتي الذي يعرف االختالس في المادة 217منو بأنو " :كل فعل يخرج بو الفاعل الشيء من حيازة
غيره دون رضائو ولو عن طريق غلط وقع فيو ىذا الغير ليدخلو بعد ذلك في حيازة أخرى".
-20راجع القانون رقم 01/06المؤرخ في 2006/02/20المتعلق بالفساد ومكافحتو والسيما المادة 27منو.
-21راجع المادة 376من قانون العقوبات الجزائري.
-22العلمي عبد الواحد" ،القانون الجنائي المغربي ،القسم الخاص" ،1996 ،ص 272.وما بعدىا.
-23محمد عبد الغريب " ،جرائم االعتداء على األموال " ،طبعة ،2000-1999ص.8.
-24سمير عبد الغني " ،جرائم االعتداء على المال ،السرقة – النصب – خيانة األمانة " ،دار الكتب القانونية ،طبعة ،2007ص.12.
-25حسني مصطفى " ،جرائم السرقة في ضوء الفقو والقضاء " ،منشأة المعارف باإلسكندرية ،غير مذكور سنة الطبع ،ص.13.
-26محمود نجيب حسني " ،شرح قانون العقوبات ،القسم الخاص " ،دار النهضة العربية ،القاىرة ،الطبعة الثالثة ،1994ص.838.
-27علي عبد القادر القهوجي " ،قانون العقوبات ،القسم الخاص ،جرائم االعتداء على المصلحة العامة وعلى اإلنسان وعلى المال"،
منشورات الحلبي الحقوقية ،لبنان ،2002ص.627.
, 6e éd. libraire du Recueit, "traité théorique de droit pénal français"- Garraud René : 28
Sirey,1916, T.6, No.2373
الشك أن ىذا التعريف قد أسهم في وضع معيار واضح للتمييز بين جريمة السرقة ،وجريمة النصب وخيانة األمانة.
-29محمد عبد الغريب ،جرائم االعتداء على األموال ،2000-1999 ،ص.9.
-30محمد زكي أبو عامر وسليمان عبد المنعم " ،قانون العقوبات الخاص ،المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ،الطبعة الثانية
،1999ص .34.وأنظر كذلك محمد عبد الغريب ،المرجع السابق ،ص.9.
- Garraud René : option citée , No.2094 P 390 et S.31
- Garraud René : option citée, No.2091,P.393.32
-33محمد عبد غريب ،المرجع السابق ،ص.11.
--34سمير عبد الغني ،المرجع السابق ،ص.14.
-35عوض محمد" ،جرائم األشخاص واألموال ،اإلسكندرية " ،دار المطبوعات الجامعية ،لم يذكر تاريخ النشر ،ص.218.
-36مثال ذلك ما قضى بو القضاء الفرنسي انو يعتبر سارقا الصائغ الذي يتسلم من شخص قطعة من الجواىر ليكشف عليها ويخبره عن
ثمنها فيختلس فصوصها أنظر:
Cassation de 2 Juin 1986. Bulletin criminelle No.131.
وكذلك الشخص الذي تطلعو امرأة جاىلة على ورقة مالية ليخبرىا عن قيمتها ،إال أنو استولى عليها ويقول لها أن ال قيمة لهذه الورقة عد ىنا
سارقا أنظر:
Cass. 28 mars 1846, S.1846, 1,328.
-37إذ تدخل المشرع الفرنسي سنة 1873بنص خاص لتجريم ىذا الفعل في المادة 401من قانون العقوبات الفرنسي.
-38ممدوح خليل البحر ،المرجع السابق ،ص57..
-39يعرف الفقو المدني الحيازة بوجو عام بأنها وضع مادي يسيطر بو الشخص سيطرة فعلية على شيء يجوز التعامل فيو ،أو ىي الحالة
الواقعية التي تخول للشخص قدرة أو سلطة مادية على الشيء .أنظر في ىذا الرأي ،علي عبد القادر القهوجي ،المرجع السابق ،ص631..
-40في الواقع يالحظ أن تعريف الفقيو إميل جارسون لالختالس ،وجد مقدماتو في أحكام القضاء الفرنسي ،وعنى بصياغة نظريتو في الحيازة
من خالل تأصيلو لتلك األحكام ،فأحكم صياغتها ،وأرسى قواعدىا وجعل منها معيارا صالحا لتكييف األخذ أو االختالس .أنظر في ىذا
الرأي ،محمد زكي أبو عامر وسليمان عبد المنعم ،المرجع السابق ،ص.38.
-41محمد زكي أبو عامر وسليمان عبد المنعم ،المرجع السابق ،ص.40،41،42.
-42عمرو إبراىيم الوقاد " ،النظرية العامة لالختالس في جرائم المال الخاص " ،أطروحة دكتوراه ،جامعة عين شمس ،1985 ،ص.338.
196
،1970 -43عبد المهيمن بكر" ،القسم الخاص في قانون العقوبات ،جرائم االعتداء على األشخاص واألموال" ،دار النهضة العربية،
ص671..
-44رؤوف عبيد ،المرجع السابق ،ص320..
-45ممدوح خليل البحر ،المرجع السابق ،ص.59.
-46ويالحظ ىنا أن الفقو المدني يقصر معنى الحيازة الناقصة التي يكون مصدرىا أحد الحقوق العينية األخرى دون الحقوق الشخصية،
بينما ىذه الحيازة في القانون الجنائي تشمل إلى جانب ىذه الحقوق ،الحقوق الشخصية كحق المستأجر وحق المستعير وحق المودع لديو.
أنظر علي عبد القادر القهوجي ،المرجع السابق ،ص.632.
, Revue de science "Observation à propos de cass crim 26 avril 1955" - Pierre Bouzat, 47
criminelle et de droit pénal comparé, 1955, p.527.
-2002 -48زينات عبيد" ،تطور مفهوم جريمة السرقة" ،أطروحة دكتوراه دولة ،كلية العلوم القانونية واالجتماعية والسياسية بتونس،
،2003ص126..
,"Observation à propos de cass crim 5 mars 1941 " - Henri Donnedieu de Vabres,49
Revue de science criminelle et de droit pénal comparé, 1941, p.201.
- 50عوض محمد ،المرجع السابق ،ص.230.
-51إسماعيل بن صالح العياري ،المرجع السابق ،ص19..
-52في قضية بين المدعية وىي شركة ( ،)...تملك محال للصياغة في ( ،)...وقد استخدمت المتهم ( )...للعمل لديها ابتداء من سنة
، 1993وقد تفانى ىذا األخير في خدمتها حتى حاز على ثقة أصحابها وأصبح مؤتمنا على موجوداتها ،إال أن المتهم ( )...استغل الثقة
،1993وبصورة متواصلة ،وبشكل يومي، الموضوعة في شخصو وأخذ يسرق أموال الشركة والمجوىرات الموجودة فيها ابتداء من سنة
وعلى دفعات صغيرة ،حتى ال ينكشف أمره ويثير الشبهة حولو ،إذ كان يستغل فرصة انشغال أصحاب الشركة والعمال فيها ليقترب من
صندوق المال ،ويستولي على مبالغ منو ...وجاء في حيثيات القضية أن األموال والقطع الذىبية التي استولى عليها المتهم لم تكن قد سلمت
إليو لتصبح في حيازتو ،وإنما كان يتصرف بها لعرضها على الزبائن أو لنقلها من مكان إلى آخر ،وذلك تحت إشراف أصحاب الشركة
ومراقبتهم المستمرة ،وبالتالي فإن يده كانت موضوعة على ىذه األشياء بمثابة اليد العارضة ولم تنتقل حيازتها إليو ،وعليو فإن استيالءه عليها
،99/264تاريخ ،1999/04/16مذكور في مرجع فؤاد ظاىر، يشكل جرم السرقة .أنظر حكم محكمة جنايات جبل لبنان ،قرار رقم
"جرائم السرقة -اغتصاب العقار -إساءة االئتمان -االختالس -تقليد العالمات الفارقة في ضوء االجتهاد" ،المؤسسة الحديثة للكتاب ،طبعة
،2000ص56،57،58،59..
-53سمير عبد الغني ،المرجع السابق ،ص ،19.ممدوح خليل البحر ،المرجع السابق ،ص.59.
-54ممدوح خليل البحر ،المرجع السابق ،ص.60.
-55علي عبد القادر القهوجي ،المرجع السابق ،ص 648.وما بعدىا.
22 décembre 1962, B.317.. - Cass Crim56
, Revue de science "Observation à propos de cass crim 6 mars 1968 "* Pierre Bouzat,
criminelle et de droit pénal comparé, 1968, p.637.
-57محمود نجيب حسني" ،جرائم االعتداء على األموال في قانون العقوبات اللبناني" ،المرجع السابق ،ص.117.
-58عادل عبد إبراىيم العاني ،المرجع السابق ،ص 32.وما بعدىا.
-59محمد زكي أبو عامر وسليمان عبد المنعم ،المرجع السابق ،ص .42،43 .وأنظر ممدوح خليل البحر ،المرجع السابق ،ص 63 .وما
بعدىا.
-60محمود نجيب حسني " ،دروس في قانون العقوبات ،القسم الخاص " ،الطبعة الثالثة ،1970ص 512.وما بعدىا.
-61علي عبد القادر القهوجي ،المرجع السالف الذكر ،ص .642.وأنظر محمد زكي أبو عامر ،المرجع السالف الذكر ،ص43..
-62محمد زكي أبو عامر وسليمان عبد المنعم ،المرجع السابق ،ص.43.
197
-63محمود محمود مصطفى" ،شرح قانون العقوبات -القسم الخاص ،الطبعة السادسة ،1964 ،دار النهضة ،ص453..
-64علي عبد القادر القهوجي ،المرجع السالف الذكر ،ص .و 643وما بعدىا.
-65ممدوح خليل البحر ،المرجع السالف الذكر ،ص.65.
-66محمد زكي أبو عامر وسليمان عبد المنعم ،المرجع السابق ،ص 44وما بعدىا.
-67وىذا على خالف المشرع اللبناني الذي نص على ىذا الشرط في نص المادة 635عقوبات بعد تعديلو بالمرسوم اإلشتراعي رقم 112
لسنة 1983والتي عرفت السرقة بأنها "أخذ المال خفية أو عنوة" ،إذ أن لفظ "خفية" يفيد عدم العلم الذي يتضمن عدم الرضا في نفس
الوقت ،أما لفظ "عنوة" فيستفاد عدم الرضاء رغم العلم بالسرقة.
1996صفحة .205مذكور في مرجع فؤاد ظاىر، -68أنظر قرار محكمة استئناف بيروت الجزائية ،الغرفة العاشرة ،نشرة قضائية سنة
المرجع السابق ،ص125..
-69علي عبد القادر القهوجي ،المرجع السابق ،ص.654.
- 70ممدوح خليل البحر ،المرجع السابق ،ص 66.وما بعدىا.
198