You are on page 1of 2

‫المحاضرة األول‪ :‬مفهوم الحكم الراشد ودوافع نشأته‬

‫‪ -1‬تعريف الحكم الراشد‪:‬‬


‫أ‪ -‬التعريف اللغوي‪:‬‬
‫ينقسم هذا المصطلح إلى شقين هما‪:‬‬
‫الشق األول‪ :‬الحكم؛ وهو لفظ مأخوذ من الفعل "حكم"‪ ،‬بمعنى قضى‪ ،‬وهو مرادف للهدى والسواء‬
‫والصواب‪ ،‬كما أنه عكس التيه والضالل‪ ،‬فحكم حكما‪ ،‬صار حكيما وتناهى عما يضره‪ ،‬وشئ محكم هو‬
‫شئ ال اختالف فيه وال اضطراب ‪ .‬كذلك‪ ،‬له عدة معاني لغوية في قواميس اللغة العربية‪ ،‬فقد ورد أيضا‪:‬‬
‫الحكم بضم الحاء وتسكين الكاف وضم الميم هو العلم والتفقه‪ ...‬حكم بفتح الحاء وضم حكما أي صار‬
‫حكيما‪ ،‬وحكم بالفتحة تعني قضى‪ ،‬أو قرر‪.‬‬
‫الشق الثاني‪ :‬الرشد؛ عرفه القاموس المحيط بأنه االستقامة وحسن التقدير والسداد في الرأي‪ ،‬التعقل‬
‫والعقالنية والتدبير الجيد لألمور ‪.‬‬
‫واألصل اللغوي للحكم الراشد مأخوذ من الكلمة اليونانية ‪ ، kubernal‬والتي تعني حكم األفراد‬
‫وتسييرهم‪ ،‬ثم من اللغة الالتينية بعد ذلك‪ ،‬أي من كلمة ‪ gubernare‬وتعنى قيادة أو توجيه الباخرة‪ ،‬ثم‬
‫انتقلت إ لى اللغة الفرنسية في القرن الثالث عشر كمرادف لمصطلح "الحكومة‪ ،" Gouvernement‬ثم‬
‫أصبحت ‪ gouvernance‬ومنها جاءت كلمة‪ bonne gouvernance‬وفي اللغة اإلنجليزية ‪good‬‬
‫‪ governance‬وانطالقا من هنا‪ ،‬بدأ تداول وانتشار مفهوم الحكم الراشد من جديد على الساحة الدولية‬
‫خاصة مع صدور تقرير البنك الدولي لسنة ‪ 1989‬حول واقع التنمية في العالم الثالث‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فالتعريف اللغوي للحوكمة أو الحكم الراشد‪ ،‬يعني القدرة على اتخاذ القرارات وممارسة السلطة‬
‫بطريقة جيدة أو صالحة ‪ ،‬تحتكم إلى العقالنية والحكمة وحسن والتدبير والرأي السديد‪.‬‬
‫ب‪ -‬التعريف االصطالحي‪ :‬هناك العديد من االجتهادات في مسألة تعريف الحكم الراشد‪ ،‬ويرجع ذلك‬
‫باألساس إلى اختالف الميادين وتباين المنطلقات الفكرية السياسية‪ ،‬االقتصادية‪ ،‬االجتماعية‪ ،....‬لكن‬
‫نحاول رصد أهم التعريف الخاصة بالحكم الراشد‪:‬‬
‫يعرف البنك الدولي الحكم الراشد بأنه التقاليد والمؤسسات التي من خاللها تتم ممارسة السلطة في‬
‫الدول من أجل الصالح العام‪ ،‬وهذا التعريف يشمل‪:‬‬
‫‪ -‬عملية اختيار القائمين على السلطة ورصدهم واستبدالهم‪.‬‬
‫‪ -‬قدرة الحكومات على إدارة الموارد وتنفيذ السياسات السلمية بفاعلية‪.‬‬
‫‪ -‬احترام كل من المواطنين والدولة للمؤسسات التي تحكم التفاعالت االقتصادية واالجتماعية فيما بينها"‪.‬‬
‫كما وضع برنامج األمم المتحدة اإلنمائي (‪ )1997‬مفهوما أكثر شموال للحكم الراشد كما يلي‪:‬‬
‫"هو ممارسة السلطة االقتصادية والسياسية واإلدارية إلدارة شؤون الدولة على كافة المستويات‪ ،‬ويشمل‬
‫اآلليات والعمليات والمؤسسات التي من خاللها يعبر المواطنون والمجموعات عن مصالحهم ويمارسون‬
‫حقوقهم القانونية ويوفون بالتزاماتهم ويقبلون الوساطة لحل خالفاتهم‪".‬‬
‫ووفقا لتقرير التنمية اإلنسانية العربية (تقرير سنة ‪ ،)2002‬فان الحكم الراشد أو الصالح‪ :‬هو‬
‫الحكم الذي يعزز ويدعم ويصون رفاه اإلنسان‪ ،‬ويقوم على توسيع قدرات البشر وخياراتهم وفرصهم‬
‫وحرياتهم االقتصادية واالجتماعية والسياسية‪ ،‬ويسعى إلى تمثيل كافة فئات الشعب تمثيلها كامال‪ ،‬ال سيما‬
‫األكثر فقرا وتهميشا‪ ،‬وتكون مسؤوولة أمامه لضمان مصالح جميع أفراد الشعب‪.‬‬
‫دوافع نشأة الحكم الراشد‪:‬‬
‫يرجع الباحثين أسباب ظهور مفهوم الحكم الراشد إلى العديد من األسباب منها ما هو عملي ومنها ما هو‬
‫نظري‪ ،‬باإلضافة إلى أن الحكم الراشد ظهر نتيجة التغير الذي طرا في طبيعة دور الحكومة من جهة والى‬
‫التطورات المنهجية من جهة أخرى‪ ،‬إال أنه يمكن تناول األسباب التي أدت إلى ظهوره كاآلتي‪:‬‬

‫الدوافع السياسية‪ :‬هي بروز روح النضال السياسي واالجتماعي النشط‪ ،‬الذي ظهر لدى منظمات‬
‫المجتمع المدني في كل أنحاء العالم ودعوة هذه المنظمات إلى إرساء الديمقراطية والمشاركة في صنع‬
‫القرار العام والحياة السياسية‪.‬‬

‫الدوافع اإلدارية‪ :‬فترجع إلى التغير الحاصل في دور الدولة من فاعل رئيسي في صنع السياسات العامة‬
‫إلى شريك من بين شركاء متعددين في إدارة شؤون الدولة والمجتمع متمثلين في القطاع الخاص‬
‫والشركات والمجتمع المدني‪ ،‬الذين فرضوا المزيد من الرقابة والشفافية ووضع السياسة اإلنمائية للدولة‪.‬‬

‫الدوافع االقتصادية‪:‬‬
‫أ‪-‬األزمة المالية التي واجهتها الدولة وعجزها عن تلبية احتياجات المواطنين‪ ،‬وهذا ما أدى إلى ضرورة‬
‫إشراك القطاع الخاص والمجتمع المدني في عملية التنمية للقضاء على الفقر ونقص التعليم في الدول‬
‫النامية‪.‬‬
‫ب‪-‬االنتقال اإليديولوجي نحو الليبرالية االقتصادية السوق والفردية أعلن كتحدي بالنسبة للدولة إذا فرض‬
‫هذا التحول إعادة تعريف دور الدولة في المجتمع والنظر‬
‫إلى القطاع الخاص كشريك و ليس كخصم‪.‬‬
‫ج‪-‬انتشار ظاهرة الفساد وشيوعها عالميا بصفة غير منطقية واحتاللها رأس قائمة المشاكل التي تعني منها‬
‫الدول النامية نتيجة غياب آلية المساءلة والمحاسبة وعدم توفر عنصر الشفافية في تسيير أمور الدولة‬
‫وشؤون الحكومة‪.‬‬
‫الدوافع االجتماعية‪ :‬فنذكر منها‪:‬‬
‫أ‪ -‬ضعف مستوى التنمية البشرية‪.‬‬
‫ب‪ -‬زيادة الفقر واألمية واألمراض وسوء التغذية‪.‬‬
‫ت‪ -‬انتشار البطالة خاصة في دول العالم الثالث‪.‬‬
‫قائمة المراجع‪:‬‬

‫‪ -‬أزروال يوسف‪ ،‬الحكم الراشد بين األسس النظرية وآليات التطبيق دراسة في الواقع التجربة‬
‫الجزائرية‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الحاج لخضر‪ ،‬باتنة‪.2009 ،‬‬
‫‪ -‬حسن كريم‪ ،‬مفهوم الحكم الصالح‪ ،‬في كتاب إسماعيل الشطي(وآخرون)‪ ،‬الفساد والحكم الصالح في‬
‫البالد العربية‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪2004 ،‬‬
‫‪ -‬حسين عبد القادر‪ ،‬الحكم الراشد في الجزائر وإشكالية التنمية المحلية‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬قسم العلوم‬
‫السياسية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة أبي بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪.2012 ،‬‬
‫‪ -‬سايح بوزيد‪ ،‬دور الحكم الراشد في تحقيق التنمية المستدامة‪ ،‬جامعة ابي بكر بلقايد ‪،‬تلمسان ‪ ،‬كلية‬
‫العلوم االقتصادية وعلوم التيسير‪ ،‬رسالة دكتوراه‪2013 ،‬‬
‫‪ -‬مجمع اللغة العربية بالقاهرة‪ ،‬المعجم الوسيط‪ ،‬ط‪ ،4‬مكتبة الشروق الدولية‪ ،‬القاهرة‪2004. ،‬‬
‫‪ -‬محي الدين الفيروز أبادي‪ ،‬القاموس المحيط‪ ،‬دار الحديث‪ ،‬القاهرة‪.2008 ،‬‬

You might also like