You are on page 1of 21

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫عنوان المداخلة‪ :‬مشكلة العنف الممارس على المرأة الجزائرية‪ :‬دراسة ميدانية‬
‫(والية وهــران أنموذجا)‬
‫الدكتورة شميسة خلوي‬

‫األول حول المجتمع واألزمات االجتماعية المعاصرة‬


‫في إطار‪ :‬الملتقى الدولي َّ‬

‫يومي ‪ 62-62‬نوفمبر ‪ 6310‬م‬


‫جامعة حسيبة بن بوعلي‬
‫الشلف ‪ -‬الجزائر‬
‫كلية العلوم االجتماعية واإلنسانية‬
‫قسم العلوم االجتماعية‬

‫َّللاُ َعَلى سِّيّد َنا م َح َّمٍد َخاتَ ّم َّ‬


‫صَّلى َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّّّ‬
‫النّبِّي َ‬
‫ين‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫بسم هللا الرحمن الرحيم‪َ ،‬واْل َح ْمُد ِلِل َر ِّب اْل َعاَلم َ‬
‫ين‪َ ،‬و َ‬
‫ّ‬ ‫ّّ‬
‫َما َب ْعُد‪:‬‬
‫ين‪ ،‬أ َّ‬‫الطيّب َ‬
‫وص ْحّبه ِ‬
‫َو َعَلى آله َ‬
‫مميزة في كل المجاالت‪ ،‬أثبتت كفاءتها على‬ ‫أت مكانة َّ‬
‫وتبو ْ‬
‫دت مناصب مرموقة في المجتمع َّ‬ ‫َّ‬
‫تقل ْ‬
‫حققته من إنجازات يبقى الحديث عن‬ ‫ّ‬
‫جل المستويات‪ ،‬تلك هي المرأة الجزائرية‪ ،‬ولكن رغم كل ما َّ‬
‫ِ‬
‫الممارس عليها من ّقبل‬
‫َ‬ ‫ولعل العنف‬
‫الصميم حديثا حتميا‪َّ ،‬‬ ‫المشكالت االجتماعية التي تمسها في َّ‬
‫ومتابعة‪ ،‬نظ ار لما يترتَّب عن هذا الفعل من آثار‬ ‫َّ‬
‫الرجل يبقى مدار بحث واستقصاء ومحط جدل ُ‬
‫ّ‬
‫مدمرة على المجتمع َّ‬
‫كافة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وال تعد ظاهرة العنف ضد المرأة مشكلة محلية َّ‬
‫تتعلق ببلدنا فحسب‪ ،‬واَّنما هي ظاهرة عالمية‬

‫طرية ِّ‬
‫تبين أن سبع نساء‬ ‫أفادت هيئة األمم المتحدة أن البيانات الُق ْ‬
‫ْ‬ ‫تتفاوت من مجتمع آلخر‪ ،‬فقد‬
‫َّ‬
‫تعرضهن للعنف البدني و‪/‬أو الجنسي في مرحلة ما‬ ‫أبلغ َن عن‬
‫من أصل عشر نساء في العالم ْ‬

‫~‪~1‬‬
‫(‪)1‬‬
‫َّ‬
‫تعرضهن للعنف أكثر وما خفي كان‬ ‫من حياتهن ‪ ،‬وال رْيب أن النساء اللواتي لم ُيبلّغن عن‬
‫َ‬
‫أعظم!‬
‫لحقا بها ضر ار ماديا والمتمّثِل‬
‫ويمكننا وصف هذه الظاهرة بأنها سلوك عدواني يستهدف المرأة م ّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫حد القتل‪ ،‬أو‬ ‫في العنف الجسدي على شاكلة الجرح العمدي والضرب واالغتصاب وقد يصل ِ‬
‫ّ‬
‫كالسب والشتم والقذف واإلهانة والتحرش‬
‫ِ‬ ‫يكون ضر ار معنويا والمتمّثِل في العنف َّ‬
‫النفسي‬
‫الجنسي‪ ،‬ناهيك عن العنف الفكري الذي يدعو إلى تثبيت أفكار سلبية حيال المرأة وترسيخها مما‬
‫ّ‬
‫التعدي على المرأة‪ ،‬وعنف إعالمي يجعل من الجسد األنثوي‬ ‫ّ‬
‫يؤسس بوجه أو بآخر لمشروعية ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫للسلع والمنتجات‪ ،‬وما أكثر ذلك!‬ ‫ّ‬
‫مروجا ناجحا ِ‬
‫ِ‬
‫فلماذا تسليط األضواء على العنف الذي يطال األنثى؟‬
‫لقد أكدت إحدى الدراسات الميدانية على المستوى العربي(‪ )2‬أن ثالثة أرباع ِّ‬
‫عينة َّ‬
‫الضحايا في‬

‫العنف األسري من اإلناث‪ ،‬بينما كانت نسبة الذكور من بين مرتكبي العنف العائلي يصل إلى‬
‫(‪ )٪09‬واألمر نفسه بالنسبة للجزائر‪ ،‬فالظاهرة رجالية والضحية هي األنثى‪.‬‬
‫حبك هذا البحث من‬
‫حاولت االنطالق في ْ‬
‫ُ‬ ‫وليس التنظير وحده لهذه الظاهرة هو بغيتي‪ ،‬إذ‬
‫المسجلة من طرف الشرطة الجزائرية على مستوى والية وهران لسنة ‪2902‬م‪،‬‬
‫َّ‬ ‫اإلحصاءات‬

‫كأساس تطبيقي ِّ‬


‫يعبر عن الواقع ويصفه‪ ،‬ومن ثمة محاولة الوقوف عند أهم اإلشكاالت المتمحورة‬
‫حول العنف ضد المرأة في الجزائر على وجه التحديد‪ ،‬وعربيا بشكل عام نظ ار لتقارب المجتمعات‬
‫العربية‪ ،‬وهذا عبر اإلجابة عن التساؤالت التالية‪:‬‬
‫‪ – 0‬ما هي الوضعية االجتماعية للنساء المتعرضات أكثر من غيرها للعنف؟‬
‫‪ – 2‬هل ِّ‬
‫يشكل المستوى العلمي للمرأة ومنصب عملها عامال ينقص من استهدافها من طرف‬
‫الرجل؟‬
‫‪ – 3‬من هو ّ‬
‫المعنف الذي َّ‬
‫تصدر القائمة في االعتداء على المرأة؟‬ ‫ِ‬
‫‪ – 4‬لم ال تقوم كل امرأة جزائرية معنَّفة باإلبالغ عن َّ‬
‫التعدي الذي وقع عليها؟‬

‫(‪ )1‬عن منظمة األمم املتحدة‪ ،‬تقرير األمني العام للجنة وضع املرأة‪ ،‬الدورة السابعة واخلمسون‪ ،‬املوسوم بـ (منع العنف ضد النساء‬
‫والفتيات) ‪ 51-4‬مارس ‪.3152‬‬
‫(‪ )6‬الدراسة عن‪ :‬أكادميية انيف العربية للعلوم األمنية (‪5991‬م) ينظر‪ :‬عباس أبو شامة عبد احملمود وحممد األمني البشري‪ ،‬العنف‬
‫األسري يف ظل العوملة‪ ،‬ط‪ ،5‬الرايض‪5431 ،‬ه‪3111 ،‬م‪.23 ،‬‬
‫~‪~2‬‬
‫‪ – 5‬أي أنواع العنف أكثر ُممارسة على المرأة الجزائرية؟‬
‫‪ – 6‬ما هي أسباب هذا العنف؟‬
‫‪ – 7‬إلى أي مدى ُيمكننا تجريم العنف الممارس على المرأة في الجزائر؟‬
‫‪ – 8‬هل تزَايد العنف أم انحصر بمقارنة إحصاءات الشرطة العام (‪2900‬م) والعام (‪2902‬م)‬
‫في مدينة تعد ثاني والية من حيث األهمية بالجزائر؟‬
‫ّ‬
‫للحد من ظاهرة العنف في مجتمعنا الجزائري أو إنقاصها انطالقا من‬
‫‪ – 0‬ما الحلول المقترحة ِ‬
‫دراسة اإلحصاءات المرفقة بالبحث؟‬
‫عيناتها من وهران‪ ،‬واختيارنا لهذه‬ ‫وليكن حديثنا بدءا بعرض اإلحصاءات التي ارتأينا أن تكون ِّ‬
‫ّ‬
‫نقدمه ضمن الدراسة‪ ،‬كان نتيجة األهمية التي تتميَّز بها الوالية‬
‫الوالية الجزائرية كنموذج تطبيقي ِ‬
‫ومدى تعبيرها عن التغير االجتماعي في المجتمع الجزائري بما في ذلك بروز مظاهر مختلفة‬
‫ساهمت في تكون أزمات اجتماعية معاصرة‪.‬‬
‫فوهران تعد ثاني أكبر مدن الجزائر بعد العاصمة‪ ،‬تقع في شمال غرب الجزائر على ضفة البحر‬
‫األبيض المتوسط‪ ،‬تبلغ مساحتها ‪ 2.020‬كلم‪ ، 2‬وبلغ عدد سكان الوالية حسب إحصاءات سنة‬
‫(‪)1‬‬
‫‪2997‬م بـ ‪ 0.382.089‬نسمة‪َّ ،‬‬
‫موزعين على تسع دوائر وستة وعشرون بلدية ‪ ،‬وهذا ُيعطيها‬

‫أهمية بالغة في المنحى التطبيقي من الدراسة كما أسلفنا الذكر‪.‬‬


‫وعلى هذا األساس يمكننا عرض اإلحصاءات لالنطالق في التحليل االجتماعي (السوسيولجي)‬
‫للمتابعة الشهرية لعدد حاالت العنف ضد المرأة‬
‫للظاهرة‪ ،‬وفي الوثيقة التالية (الشكل‪ )0:‬عرض ُ‬
‫المسجلة لدى مصالح األمن لوالية وهران خالل سنة ‪2902‬م‪ ،‬بحيث ُس ِّجلت (‪ )884‬حالة عنف‬
‫و َّ‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ ،‬والمالحظ أن عدد حاالت‬ ‫ضد النساء من مختلف األعمار والمستويات العائلية واالجتماعية‬

‫االعتداء على المرأة ال تقل عن خمسة وخمسين حالة كل شهر‪ ،‬مما يعني حالة اعتداء واحدة‬
‫يوميا على أقل تقدير‪.‬‬

‫(‪ )1‬عن إحصاءات وزارة الداخلية واجلماعات احمللية‪.‬‬


‫(‪ )6‬مت احلصول على اإلحصاءات الواردة يف البحث من مركز األمن الوالئي لوالية وهران‪.‬‬
‫~‪~3‬‬
‫فما هي يا ترى أسباب العنف المرتكب ضد المرأة؟‬
‫إذا وقفنا عند أهم األسباب التي تؤدي إلى ايذاء المرأة وممارسة العنف عليها‪ ،‬فإننا ُنلفيها كثيرة‬
‫الضحية‪ ،‬لذلك نبسط الحديث عن الوضعية‬
‫َّ‬ ‫ّ‬
‫ومتنوعة‪ ،‬لكنها مرتبطة حتما بالرجل المعتدي والمرأة‬
‫ِ‬
‫ضحية لعنف الرجل‪ ،‬وكذا الرجل المعتدي‪ ،‬لنصل إلى أسباب هذه‬‫َّ‬ ‫وقعت‬
‫ْ‬ ‫العامة للمرأة التي‬
‫الظاهرة السلبية‪.‬‬
‫لقد أشارت إحصاءات األمن الوالئي لوهران أن المرأة المتزوجة هي من تعاني من عنف الرجل‬
‫أكثر من غيرها من حيث الحالة العائلية‪ ،‬وأن المرأة الماكثة بالبيت والتي ليس لها دخل مادي‬
‫تتعرض بصفة أكثر العتداء الرجل‪ ،‬وغالبا ما يكون العنف الممارس ضد المرأة عنفا‬
‫هي التي َّ‬
‫جسديا بالضرب والجرح العمدي‪ ،‬ويحتل الرجل األجنبي َّأول المراتب من حيث االعتداء على‬
‫المرأة‪ ،‬ويليه الزوج من حيث قرابته بالمرأة المعتدى عليها وبفارق ليس بكبير‪ ،‬مما يجعلنا نقف‬
‫المسجلة باألرقام‬
‫َّ‬ ‫أمام ظاهرة عنف داخل األسرة وخارجها‪ ،‬وفي ما يلي رصد ألعلى النسب‬
‫و َّ‬
‫الممثلة في (الشكل‪:)2:‬‬

‫~‪~4‬‬
‫بينما ِّ‬
‫تؤكد اإلحصاءات نفسها أن النساء األقل تعرضا للعنف هن من فئة الطالبات من حيث‬
‫الوضعية االجتماعية‪ ،‬واألرامل من حيث الحالة العائلية‪ ،‬بينما نجد أن األب يحتل النسبة األدنى‬
‫من حيث االعتداء على بناته مقارنة بقرابة الرجال المعتدين بالنساء ضحايا العنف‪ ،‬في حين يعد‬
‫الفعل المخل بالحياء آخر ما ِّ‬
‫يفكر فيه الرجل حين يشرع في االعتداء على امرأة‪ ،‬وفي ما يلي‬
‫اإلحصاءات باألرقام ممثلة في (الشكل‪:)93 :‬‬

‫الجنح المرتكبة ضد المرأة فنجدها‬ ‫َّ‬


‫واذا اطلعنا على اإلحصاءات باحثين عن أنواع المخالفات و ُ‬
‫محصورة في الضرب والجرح العمدي وسوء المعاملة والتحرش الجنسي‪ ،‬بنسب متفاوتة َّ‬
‫تصدرت‬
‫فيها المخالفة األولى بـ(‪ )407‬حالة اعتداء‪ ،‬أي ما نسبته (‪ )٪ 82‬من مجموع االعتداءات التي‬
‫َّ‬
‫الموضحة أدناه في (الشكل‪:)4‬‬ ‫طالت المرأة‪ ،‬وهي‬

‫~‪~5‬‬
‫الملفت لالنتباه أن الرجال‬ ‫ّ‬ ‫في حين َّ‬
‫الضحية والرجل المعتدي‪ ،‬و ُ‬
‫َّ‬ ‫الصالت بين المرأة‬
‫تعددت ِ‬
‫األجانب عن المرأة الواقعة ضحية العنف قد بلغوا عددا ال ُيستهان به مقارنة بالبقية‪ ،‬إ ْذ وصل‬
‫عددهم (‪ )266‬رجال أجنبيا‪ ،‬وان أضفنا إلى العدد‪ :‬األصدقاء الرجال والخ َّ‬
‫طاب الذين ُيعدون‬ ‫ُ‬
‫أجانب وال تربطهم صلة رحم بالضحية‪ ،‬فإن هذا يعني ُقرابة نصف عدد المعتدين خالل السنة‪،‬‬
‫بالمقابل اعتبر الزوج في المقام الثاني بـ (‪ )005‬حالة اعتداء‪ ،‬لتنخفض النسبة بعد ذلك َّ‬
‫وتوزع‬
‫بين أفراد األسرة واألقارب‪ ،‬وكامل اإلحصاءات عبر الرسم البياني الممثل في (الشكل‪:)5‬‬

‫أما إن قارنا إحصاءات سنة ‪2900‬م وسنة ‪2902‬م فنجد تراجعا واضحا لحاالت العنف المسجلة‬
‫على مستوى الوالية‪ ،‬حيث نجد (‪ )720‬حالة لسنة ‪2900‬م‪ ،‬و(‪ )638‬حالة لسنة ‪2902‬م‪،‬‬
‫ونالحظ كيف أن نسبة العنف قد تراجعت نزوال بفارق يقارب المائة‪ ،‬مما يدل على جهود مصالح‬
‫مفصلة باألرقام‪،‬‬
‫األمن والوعي الذي بدأ ينتشر بين النساء والرجال معا‪ ،‬وفي ما يلي مقارنة َّ‬
‫َّ‬
‫موضحة في (الشكل‪:)6‬‬

‫~‪~6‬‬
‫الضحية والرجل المعتدي في مجتمعنا؟‬
‫َّ‬ ‫فيا ترى ماذا تعني هذه األرقام بالنظر للمرأة‬
‫ولما كانت‬
‫إن هذه اإلحصاءات تعكس لنا دوافع هذا العنف وما يساعده على البروز واالنتشار‪َّ ،‬‬
‫معالجة وتجنب الوقوع في الجريمة ‪-‬مهما كانت‪ -‬ال تتم إال بمعرفة أسبابها فإننا نحاول حصرها‬
‫في نقاط بعينها‪ ،‬وهذه الدوافع إما تكون ذاتية لها عالقة بالمعتدي أو بالمرأة الضحية‪ ،‬أو دوافع‬
‫خارجية تؤّثِر على المعتدي والضحية معا‪ ،‬والتي نذكرها تباعا في ما يلي‪:‬‬
‫المعتدي‪:‬‬ ‫َّ‬
‫‪ – 0‬ما تعلق بالرجل ُ‬
‫أ‪ -‬الموروث الديني الخاطئ المتعِلّق بمفهوم الَقوامة أو حق الرجل في ضرب زوجته‪:‬‬

‫لعل هذه الصفات كثي ار‬


‫طاعة مطلقة‪ ،‬تنفيذ لألوامر‪ ،‬حق التسلط‪ ،‬تأديب مستمر‪ ،‬سلب للرأي ‪َّ ...‬‬
‫ما ُيمارسها الزوج تحت غطاء الدين‪ ،‬والتعليل‪ :‬إنه حق الَقوامة َّ‬
‫الشرعي وحق ضرب الزوجات‪،‬‬
‫وهي حقوق منحها التشريع الرباني للرجل‪.‬‬
‫فهل هذا هو المعنى الحقيقي لمفهوم الَقوامة والضرب؟ وهل هذه الحقوق من دواعي االعتداء على‬
‫يتعدى على زوجته؟‬ ‫يسب أو يضرب أو َّ‬ ‫تخول للرجل أن َّ‬ ‫النساء؟ وهل ّ‬
‫ِ‬
‫ال‬ ‫للرجل على زوجته بدليل قوله عز وجل‪ِّ ﴿ :‬‬
‫الر َج ُ‬ ‫لقد جعل التَّشريع اإلسالمي الَقوامة الشرعيَّة َّ‬
‫ض َوّب َما أ َْنَفُقوا ّم ْن أ َْم َوالّ ّه ْم﴾ [النساء‪.]34 :‬‬ ‫ضهم َعَلى َب ْع ٍ‬ ‫ّ‬
‫النس ّ‬
‫اء ّب َما َف َّ‬
‫َّللاُ َب ْع َ ُ ْ‬
‫ض َل َّ‬ ‫امو َن َعَلى ِ َ‬
‫َق َّو ُ‬
‫وصونا لها ولشؤونها‪،‬‬
‫ْ‬ ‫قيّما على شؤون زوجته ُحكما ورعاية‬
‫والَقوامة الزوجية هي أن يكون الزوج ِ‬
‫الرجل قِّيم على‬
‫فهي إذن تكليف للزوج وتشريف للزوجة‪ ،‬يقول ابن كثير في تفسير الَقوامة‪َّ « :‬‬
‫َي هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها َو ُم َؤِّدبها إذا اعو َّج ْت»‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫المرأة‪ ،‬أ ْ‬
‫حدد سببين أساسيين للَقوامة هما‪ :‬التَّفضيل‬ ‫الشارع الحكيم قد َّ‬ ‫توضح كيف أن َّ‬ ‫ّ‬
‫السابقة ِ‬ ‫واآلية َّ‬
‫ض﴾ إذ معلوم ما‬‫ضهم َعَلى َب ْع ٍ‬
‫َّللاُ َب ْع َ ُ ْ‬ ‫فأما التَّفضيل فصريح في قوله تعالى‪ّ﴿ :‬ب َما َف َّ‬
‫ض َل َّ‬ ‫واإلنفاق‪َّ ،‬‬
‫ورجحان العقل وحسن‬ ‫يتَّصف به الرجال من مؤهالت فطرية ْأودعها هللا فيهم‪ ،‬من قوة البدن ُ‬
‫التَّدبير من جهة‪ ،‬وهذا على عكس النساء اللواتي ُجبلن على الرقة والِلّين‪ ،‬ثم ما يختص به الرجال‬
‫ّ‬ ‫من أمور َّ‬
‫النساء كالجهاد وشهود صالة الجماعة والوالية مثال‪.‬‬‫الشرع دون ِ‬

‫(‪ )1‬ابن كثري‪ ،‬تفسري القرآن العظيم‪ ،‬سورة النساء‪ ،24 :‬حتقيق‪ :‬حسني مشس الدين‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬منشورات حممد علي‬
‫بيضون‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪5459 ،5‬هـ ‪.311/3 ،311/3 ،‬‬
‫~‪~7‬‬
‫أ َْم َوالّ ّه ْم﴾ ومفاده َّ‬
‫أن اإلنفاق من مهام‬ ‫فجلي أيضا في قوله تعالى‪َ ﴿ :‬وّب َما أ َْنَفُقوا ّم ْن‬
‫ٌّ‬ ‫أما اإلنفاق‬
‫و َّ‬
‫مأكل ومشرب وملبس ومسكن وغير‬ ‫يكلف بإعطاء المهر لزوجته والنفقة عليها من‬ ‫الزوج‪ ،‬إذ َّ‬

‫فقير وزوجته غنية‪ ،‬فهو يكد لجلب الرزق وتوفير الحياة الكريمة ألسرته‪ ،‬فال‬
‫ذلك‪ ،‬ولو كان الرجل ًا‬
‫قيّما على المرأة‪.‬‬
‫َغ ْرو بعد ما ذكرنا أن يكون الرجل ِ‬
‫لعل الحياد عنها هو أهم األسباب التي َّأدت‬
‫ط وقيود شرعية‪َّ ،‬‬
‫قيد هللا عز وجل الَقوامة بضواب َ‬
‫وقد َّ‬
‫إلى انتشار الفهم الخاطئ للَقوامة‪ ،‬أهمها‪ :‬مراعاة حقوق المرأة من مهر ونفقة ومعاشرة بالمعروف‬
‫واإلنصاف في استخدام حق الَقوامة‪ ،‬فال يظلم الرجل وال َّ‬
‫يتعدى على من جمعه بها ميثاق غليظ‪.‬‬
‫مشجبا يعِّلق عليه ايذائه لزوجته جسديا أو‬
‫يتفرد بها الرجل‪ ،‬و ْ‬
‫إذن‪ ،‬الَقوامة ليست سلطة استبدادية َّ‬
‫معنويا‪ ،‬بل إن الَقوامة من صلب توزيع األدوار الفطرية في األسرة‪ ،‬وهي أن يقود الرجل أسرته‬
‫وزوجته إلى جانبه‪ ،‬وهل ُيعقل أن تصل سفينة َّبر األمان دون ُرَّبان؟‬
‫حق الَقوامة التي أساء الكثير من الرجال فهمها‪ ،‬فماذا عن استعمال الحق اآلخر المتمّثِل‬
‫هذا عن ِّ‬
‫في جواز ضرب الزوجات من منطلق تأديب الزوجة َّ‬
‫الناشز؟‬
‫إنه من أحكام النكاح والية الزوج على تأديب زوجته إن كانت ناشزا‪ ،‬والنشوز في اصطالح َّ‬
‫الشرع‬
‫الن ْش ّز‪ ،‬وهو االرتفاع‪َّ ،‬‬
‫فكأنها‬ ‫هو‪« :‬معصية الزوج فيما فرض هللا عليها من طاعته‪ ،‬مأخوذ من َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫عما فرض هللا عليها من طاعته» ‪.‬‬ ‫وتعالت َّ‬
‫ْ‬ ‫ْارتفعت‬

‫وه َّن ّفي‬ ‫وه َّن َو ْ‬


‫اه ُج ُر ُ‬ ‫ظ ُ‬ ‫الالّتي تَ َخاُفو َن‬
‫وزُه َّن َف ّع ُ‬
‫ُن ُش َ‬ ‫وعن تأديب الزوجة الناشز يقول تعالى‪﴿ :‬و َّ‬
‫َ‬
‫ير (‪﴾)34‬‬ ‫ان َعلّيًّا َكّب ًا‬ ‫ّإ َّن َّ‬
‫َّللاَ َك َ‬ ‫ط ْع َن ُك ْم َف َال تَ ْب ُغوا َعَل ْي ّه َّن َسّب ً‬
‫يال‬ ‫وه َّن َفّإ ْن أَ َ‬
‫اض ّرُب ُ‬ ‫ض ّ‬
‫اج ّع َو ْ‬ ‫اْل َم َ‬
‫وه َّن﴾ ويْل ُوون عنق اآلية‬ ‫اض ّرُب ُ‬‫﴿و ْ‬ ‫َّ‬
‫[النساء‪ ،]34:‬والعجيب أن يتلقف الكثير من األزواج لفظة َ‬
‫متناسين ما قبلها وما بعدها!‬
‫ولنا وقفة مع هذه المراحل وصوال إلى الضرب‪:‬‬
‫إن رحلة التأديب تبدأ بالوعظ ثم يليه الهجر ثم يليه الضرب‪ ،‬فأما الوعظ فاألصل فيه قوله تعالى‪:‬‬
‫وه َّن﴾ والوعظ هو نصح يرتكز على أسلوب الترغيب والترهيب‪ ،‬فإن كانت الزوجة غافلة‬
‫ظ ُ‬‫﴿َف ّع ُ‬
‫ذكرها زوجها بغفلتها‪ ،‬وان كانت عاصية زجرها‪ ،‬على أن ال يكون الوعظ جملة في ساعة من‬ ‫َّ‬

‫نهار وتُطوى الصفحة‪ ،‬بل هي مرحلة زمنية يجب أن تُستنفذ كاملة‪.‬‬

‫(‪ )1‬ابن قدامة‪ ،‬املغين‪ ،‬مكتبة القاهرة‪5211 : ،‬هـ ‪5911/‬م‪.251/1 ،‬‬


‫~‪~8‬‬
‫وصور الوعظ في هذه المرحلة هي أن يقول الزوج لزوجته كالما يدل على ثواب طاعته وعقوبة‬
‫مخالفته‪ ،‬و ِّ‬
‫يذكرها بما أوجبه هللا عليها من حقوق‪ ،‬مستدال بما جاء في القرآن الكريم وفي‬
‫الصحيحين مما يناسب الموقف‪ ،‬فيكون الوعظ إذن بين ترغيب في العودة إلى جادة الصواب‬
‫وترهيب بعقاب اإلصرار على النشوز‪ ،‬والمتمّثِل في عقاب الدنيا من هجر ثم ضرب وسقوط النفقة‬
‫أو القسم‪ ،‬ناهيك عن عقاب اآلخرة لعدم طاعة الزوج بالمعروف‪ ،‬فإن استقام حال المرأة وتراجعت‬
‫عن تقصيرها في حق زوجها عاد للود صفاؤه وللبيت هناؤه‪.‬‬
‫وحال أسلوب الوعظ دون إصالحها‪ ،‬فهنا يحق للزوج أن ينتقل‬
‫َ‬ ‫واذا لم يستقم سلوك المرأة َّ‬
‫الناشز‬
‫لألسلوب الثاني للمعالجة واإلصالح‪ ،‬وهو الهجر –دون الضرب‪ -‬واألصل في الهجر قوله تعالى‪:‬‬
‫الهجر هو القطع‪ ،‬وهو على وجهين‪ :‬هجر في الكالم على أن ال‬ ‫وه َّن ّفي اْلم َ ّ‬
‫ضاج ّع﴾ و ْ‬ ‫َ‬ ‫اه ُج ُر ُ‬
‫﴿ َو ْ‬
‫يتعدى ثالثة أيام بلياليها‪ ،‬وهجر في المضجع كأن يولي الزوج زوجته ظهره حال االضطجاع‪ ،‬أو‬ ‫َّ‬
‫أن يمتنع عن جماعها‪.‬‬
‫أما إذا استفحل األمر‪ ،‬ولم يفد الوعظ ابتداء ثم الهجر ثانيا‪ ،‬يحق للزوج أن يلجأ لألسلوب الثالث‬

‫اض ّرُب ُ‬
‫وه َّن﴾ ورأس المشكلة هنا في ثالثة أقطاب‪:‬‬ ‫وهو الضرب استنادا لقوله تعالى‪َ ﴿ :‬و ْ‬
‫قصد أو جهل وجوب الترتيب في التأديب وانتقل للضرب رأسا‪ ،‬أو‬
‫فإما نجد الرجل وقد تناسى عن ْ‬
‫أنه احترم ترتيب وسائل التأديب ولم يحترم ضوابط الضرب‪ ،‬أو أنه خرق الترتيب والضوابط معا‪.‬‬
‫إذ ال ينتقل الزوج في عالج مشكلة نشوز زوجته من مرحلة إلى ما بعدها إال بعد استيفائها‪ ،‬ألن‬
‫ّ‬
‫العطف في اآلية ال يفيد الجمع‪ ،‬وفي هذا يقول الرازي ِ‬
‫مفس ار اآلية القرآنية‪« :‬الذي يدل عليه أنه‬
‫تعالى ابتدأ بالوعظ‪ ،‬ثم ترَّقى منه إلى الهجران في المضاجع‪ ،‬ثم ترَّقى منه إلى َّ‬
‫الضرب‪ ،‬وذلك‬
‫ّ‬
‫األخف وجب االكتفاء به‪ ،‬ولم‬ ‫تنبيه يجري مجرى التَّصريح في أنه مهما حصل الغرض بالطريق‬
‫ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫َي ُجز اإلقدام على الطريق األشق» ‪.‬‬

‫إذن‪ ،‬عند تحقق استجابة الزوجة في المرحلة األولى أو الثانية فإن الزوج ال يتجاوزها‪ ،‬فإن‬
‫ان َعلّيًّا َكّب ًا‬
‫ير‬ ‫يال ّإ َّن َّ‬
‫َّللاَ َك َ‬ ‫ط ْع َن ُك ْم َف َال تَْب ُغوا َعَل ْي ّه َّن َسّب ً‬
‫تجاوزها فقد ظلم‪ ،‬لقول عز وجل‪َ﴿ :‬فّإ ْن أَ َ‬
‫(‪.﴾)34‬‬

‫(‪ )1‬فخر الدين الرازي‪ ،‬مفاتيح الغيب‪ ،‬ط‪ ،2‬دار إحياء الرتاث العريب‪ ،‬بريوت‪5431 ،‬ه‪.13/51 ،‬‬
‫~‪~9‬‬
‫فالمشكلة إذن هي ممارسة الزوج لحق الضرب‪ ،‬والقفز إليه دون استخدام وسيلة الوعظ والهجر‪،‬‬
‫بل االنحراف واقع في األساليب التأديبية الثالث‪ ،‬فإن وصل الزوج إلى مرحلة الضرب فإنه‬
‫يمارس هذه المعالجة بعيدا عن الضوابط الشرعية!‬
‫َّ‬
‫استحقت الضرب فعال‪ ،‬فإن الرجل في هذه الحالة‬ ‫وقد اتَّفق وأجمع أهل العلم أن المرأة الناشز إذا‬
‫ويوقفه فور امتثال المرأة لطاعة زوجها‪.‬‬ ‫مبرح‪ُ ،‬‬
‫ضرب تأديب غير ِ‬
‫َ‬ ‫يلتزم بضوابط شرعية‪ ،‬فيكون‬
‫جاء في الموسوعة الفقهية‪ « :‬يجب أن يكون الضرب غير مب ّرٍح‪ ،‬وغير م ْد ٍم‪ ،‬وأن ي َّ‬
‫توقى فيه‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َِ‬
‫(‪)1‬‬
‫اإلتالف» ‪ ،‬فأين هم من يقفون عند هذه‬
‫الم ُخوفة؛ ألن المقصود منه التأديب ال ْ‬
‫الوجه واألماكن َ‬
‫َّ‬
‫الضوابط‪ ،‬وقد أصبح الضرب ضرب تعذيب ال ضرب تأديب؟ وأين المعاشرة بالمعروف التي أمر‬
‫وف﴾[النساء‪]00 :‬؟‬‫اشروه َّن ّباْلمعر ّ‬
‫ّ‬
‫َ ُْ‬ ‫بها هللا عز وجل في قوله تعالى‪َ ﴿ :‬و َع ُ ُ‬
‫ّ‬
‫ويشوه‬ ‫ِّ‬
‫المبرح الذي يكسر الضلع‬ ‫إن ما نالحظه عيانا هو اعتداء الرجل على المرأة بالضرب‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫ويسبب العاهات المستديمة أحيانا‪ ،‬فال يترك المعتدي الضحيَّة إال وقد زلزل مفاصلها وَق َر َت‬‫الوجه ِّ‬
‫جلدها حتى ظهرت عليه ألوان قوس قزح‪ ،‬وقد َي ْبرد غليله بعد أن ينفث ما في صدره من حقد‬
‫وانتقام وهوى عابر أو حين يرى ُجرح تلك الضعيفة وقد انفطر دما! مما ُيجبر المرأة الضحيَّة على‬
‫يهينه َّن إال‬
‫ُ‬ ‫كرم ُه َّن إال كريم وال‬
‫الذهاب إلى المستشفى للعالج‪ ،‬فال نقول في هذه الحالة إال‪ :‬ال ُي ُ‬
‫لئيم‪ ،‬وهل بعد الضرب إهانة؟!‬
‫فصلنا تحت إطار (التقويم برفق)‪ ،‬فكيف تكون الحال إذا كان‬
‫فإذا كان األمر على هذه الحال مما َّ‬
‫الضرب دون حاجة لتقويم؟‬
‫والملفت للنظر إنه رغم إباحة ضرب الزوجة الناشز اعتمادا على النص القرآني السالف الذكر إال‬
‫إبقاء للمودة والرحمة في حياة الزوجين ومن‬
‫أن الترفع عن ضرب الزوجات ابتداء أفضل‪ ،‬وهذا ً‬
‫منطلق المعاملة بالتي هي أحسن‪ ،‬ولنا في رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أسوة حسنة‪ ،‬تروي‬
‫ام َأرًَة‪َ ،‬وَال‬ ‫ّ ّّ‬ ‫صَّلى هللاُ َعَل ْي ّه‬
‫َّ‬
‫َو َسل َم َش ْيًئا َقط ب َيده‪َ ،‬وَال ْ‬
‫ّ‬
‫ول هللا َ‬
‫ض َر َب َرُس ُ‬
‫عائشة رضي هللا عنها‪َ « :‬ما َ‬
‫يل هللاّ» ‪ ،‬فأين نحن من تطبيق هذه التعاليم السمحة التي َّ‬ ‫خ ّادما‪ّ ،‬إ َّال أَن يج ّ‬
‫(‪)2‬‬ ‫اه َد ّفي سّب ّ‬
‫نص‬ ‫َ‬ ‫ْ َُ‬ ‫َ ً‬
‫عليها ديننا؟‬

‫(‪ )1‬املوسوعة الفقهية الكويتية‪ ،‬وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية‪ ،‬الكويت‪ ،‬ط‪ ،3‬دار السالسل‪ ،‬الكويت‪.34/51 ،‬‬
‫(‪ )6‬روي احلديث عن عائشة رضي هللا عنها‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫لبنان‪.5154/14 ،‬‬
‫~ ‪~ 10‬‬
‫شماعة للقول أن اإلسالم ظلم المرأة وهو‬
‫وهذه وقفة ال بد منها لكل من يجعل من تعاليم اإلسالم َّ‬
‫سبب اعتداء الرجل عليها‪ ،‬ولكل من يضع اإلسالم محل شبهة على أنه مصدر تشريعي جعل من‬
‫كرم اإلسالم المرأة‪ ،‬وانما الشيء بالشيء‬
‫المرأة لقمة سائغة للرجل‪ ،‬ولسنا هنا في محل بيان كيف َّ‬
‫ُيذكر‪ ،‬ويكفي أن نثير هذه التساؤالت‪:‬‬
‫منهن‬
‫للمتعة والتسلية عند اليونان‪ ،‬بل كانت المرأة ُ‬
‫بنات حواء في ما مضى تمتهن وتُتخذن ُ‬
‫كانت ُ‬

‫تُباع وتُشترى ِّ‬


‫كأي متاع صالح للبيع!‬

‫الحرق‬ ‫ولم يختلف األمر عند الهنود‪ ،‬فقد َح َرموا المرأة من ِّ‬
‫حق العيش بعد ممات زوجها‪ ،‬فكان ْ‬
‫مصيرها!‬

‫ونظر النصارى في أمر هذا الكائن‪ ،‬ورفعوا السؤال‪ :‬أتُراها المرأة إنسان حقا؟ ليخرجوا بقرار‪ :‬إنها‬
‫إنسان‪ ،‬لكنها مخلوقة لخدمة الرجل!‬

‫حملوها ذنب الغواية!‬


‫أما اليهود فقد َّ‬

‫يرث زوجة أبيه مثلما يرث دابَّته! إن بقيت على قيد الحياة ولم يئدها‬ ‫وعند العرب كان ابن َّ‬
‫الزوج ُ‬
‫حية!‬
‫والدها ِ‬

‫الحق في الحياة ؟‬
‫َّ‬ ‫منح المرأة‬
‫فمن َ‬

‫وكرمها وأعلى شأنها؟‬


‫الغبن‪َّ ،‬‬
‫ومن رفع عنها ُ‬

‫تتزوج؟ وعلى‬
‫تتزوج‪ ،‬وعلى إخوانها إذا لم َّ‬
‫حق النفقة وجعلها واجبة على والدها حتى َّ‬
‫ومن منحها َّ‬
‫زوجها بعد زواجها؟ وعلى أبنائها حتى مماتها؟‬

‫الحق في الموافقة على الخاطب أو رفضه؟‬


‫َّ‬ ‫من رفع قدرها وأعطاها‬

‫من جعل لها ّذ َّمة مالية مستقلة عن الرجل؟ وجعل لها ًّ‬
‫حقا في اإلرث بما يناسب وظيفتها األنثوية‬
‫في المجتمع؟‬

‫ُما؟‬ ‫َّ‬
‫ومن حث على ُحسن معاملتها والرفق بها‪ ،‬صغيرة وكبيرة‪ ،‬بنتا وزوجة وأختا وأ ِ‬

‫القدر‪.‬‬ ‫دين هللا القويم الذي جعلها محفوظة الحقوق ُ‬


‫مصونة ْ‬ ‫إنه اإلسالم‪ ،‬إنه ُ‬
‫~ ‪~ 11‬‬
‫ال ننكر مظاهر الظلم‪ ،‬وال أشكال القهر التي تُ َّ‬
‫سلط على أخواتنا هنا وهناك‪ ،‬ال ننكر وجود من‬
‫يسلبون بعض حقوقها جها ار ويعتدون عليها‪ ،‬وباسم الدين أحيانا!‬

‫بكل م اررة أقول‪ :‬إنه المجتمع المسلم حينما يزيغ عن غير ما رسم َّ‬
‫الشرع له‪ ،‬إن كانت المرأة‬ ‫َ‬
‫ظلمت وسلبت حقوقها وأهينت واعتدي عليها باسم اإلسالم‪ ،‬فذاك حيف من الرجل والمجتمع‪،‬‬
‫ُ‬
‫محرماً‪.‬‬
‫حرم الظلم على نفسه وجعله بين العباد َّ‬
‫واإلسالم بريء منه‪ ،‬فاهلل ِ‬

‫المرتقب الذي به تعود المرأة لسالف عهدها‪ ،‬يشمل تغيي ار‬


‫اجعنا الحضاري‪ ،‬والتغيير ُ‬ ‫إنها نتائج تر ُ‬
‫ُم ٍة‪ ،‬القضيَّة هي انحراف المسلمين‬
‫كليا‪ ،‬يمس جميع مناحي الحياة‪ ،‬فالقضيَّة إذن‪ ،‬هي قضية أ ِ‬
‫عن حقيقة دينهم ومنهج ربهم‪ ،‬نساء كانوا أو رجاال‪.‬‬

‫ِّ‬
‫وليفكر الرجل في‬ ‫فال مجال إذن ّ‬
‫التِخاذ شرع هللا ُحجة ُي ِّ‬
‫برر الرجل بها هذا النوع من العنف‪،‬‬
‫السبب الرئيس الذي جعله يعتدي على المرأة‪.‬‬

‫ب‪ -‬الموروث االجتماعي الخاطئ المتعِّلق بمفهوم الرجولة أو تقليد اآلباء‪:‬‬

‫الرجولة وما أدراك ما الرجولة!‬


‫دندن حولها الرجال ليثبتوا أن الرجولة من صفاتهم!‬
‫وما أكثر ما ُي ْ‬
‫ولكن‪ ،‬هل إثبات الرجولة يكون بالرفق أم بالعنف؟‬
‫الرجولة هي طيب الخصال وحميد الفعال‪ ،‬هي سريان للفضيلة وانحصار للرذيلة‪ ،‬هي القدرة على‬
‫مجاهدة النفس في أوقات الضعف والهوى‪ ،‬وعلى ْقدر هذه الصفات تكون رجولة الذكر!‬
‫(‪)1‬‬ ‫ّ‬
‫ِّ‬
‫المميزة للرجل» ‪ ،‬ومن شيم الرجال الصبر‬ ‫الصَفات‬
‫ورد في معجم الوسيط‪« :‬الرجولة‪َ :‬ك َمال ِ‬
‫الصفح عنهن وكظم الغيظ اآلتي من طريقهن‪ ،‬ومعاملتهن بالتي هي أحسن‪ ،‬وهذا‬
‫على النساء و َّ‬
‫(‪)2‬‬
‫َهلّي» ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫من كمال الخلق‪ ،‬يقول الرسول صلى هللا عله وسلم‪« :‬خيركم خيركم ّأل ّ ّ‬
‫َهله َوأ ََنا َخ ْي ُرُك ْم أل ْ‬
‫َ ُْ ُ ْ َ ُْ ُ ْ ْ‬

‫(‪ )1‬معجم الوسيط‪( ،‬إبراهيم مصطفى‪ ،‬أمحد الزايت‪ ،‬حامد عبد القادر‪ ،‬حممد النجار) جممع اللغة العربية ابلقاهرة‪ ،‬دار الدعوة‪،‬‬
‫ابب الراء‪.223/5 ،‬‬
‫(‪ )6‬روي احلديث عن عائشة رضي هللا عنها‪ ،‬سنن ابن ماجة‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬دار إحياء الكتب العربية‪ ،‬فيصل‬
‫صحح احلديث الشيخ األلباين يف صحيح اجلامع‪.131/5 ،‬‬
‫عيسى البايب احلليب‪َّ ،121/5 ،‬‬
‫~ ‪~ 12‬‬
‫األوصال رجال‪،‬‬ ‫ّ ّ‬ ‫َّ‬
‫فهذه هي الرجولة الحقة! وليس كل من كان ُم ْستَ ْحكم الخْلقة طويل القامة َف ْعم ْ‬
‫ونبتت لحيته رجال‪.‬‬‫ْ‬ ‫طر شاربه‬ ‫وليس كل من َّ‬
‫اشتد عوده و َّ‬
‫فهل من كمال الصفات التعدي على الزوجة أو األم أو البنت أو األخت باسم الرجولة؟‬
‫إنها المفاهيم الخاطئة التي َّ‬
‫تشربها الرجل من بيئته عن مفهوم الرجولة‪ ،‬بدءا من أسرته‪ ،‬ثم من‬
‫المشوهة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫المجتمع الذي تربي فيه‪ ،‬بيد أن ديننا هو أحق ّ‬
‫باالتِباع من هذه المفاهيم االجتماعية‬ ‫ْ‬
‫فوا أسفاه على من يعتبر هيبة الرجل تُزرع بيد من حديد تمتد نحو حليلته ركال وصفعا‪ ،‬وبلسان‬
‫بذيئ ينطلق نحو أخته سبا وشتما!‬
‫قربها منه‪ ،‬ومعاملتها بعنف تنِّفرها وتبعدها‬
‫أال يعلم الرجل أن معاملة المرأة بالحسنى تُؤنسها وت ِّ‬
‫منه‪ ،‬سوى أن تكون المرأة عنيدة شرسة الطباع بعيدة عن فطرتها‪.‬‬
‫إن الطفل الذي يترْعرع في أسرة تُشاهد فيها األم مغلوب ًة على أمرها‪ ،‬تُهان وتُشتم وتُضرب‪ ،‬ال‬
‫ِ‬
‫محالة أنه يتأثَّر بمشاهداته‪ ،‬وفي غالب األحيان يكون مقِّلدا لما رآه حينما يكبر بعد أن يكتسب‬
‫وتتكرر المأساة وتستمر!‬
‫َّ‬ ‫هذه الصفة صغي ار‪،‬‬
‫في هذه الحالة يجد الرجل الذي عاش في مثل ذاك المحيط في األب قدوة‪ ،‬ببساطة‪ :‬يتَّبع ما ألفى‬
‫عليه أباه‪ ،‬أو لو كان أباه مخطئا؟!‬
‫أكل ما نراه نقِلّده شأننا في ذلك‬
‫وحيال هذا التقليد األعمى نقول‪ :‬أين الرويَّة وأين إعمال الفكر؟ ُ‬
‫الشر والنفع‬ ‫وكرمه‪ ،‬وجعله ِّ‬
‫يميز به بين الخير و ِ‬ ‫شأن من ال عقل له‪ ،‬وقد جعل هللا لإلنسان عقال َّ‬
‫و ِّ‬
‫الضر؟!‬
‫ج‪ -‬الحاالت النفسية المتعِلّقة بشخصية الرجل ّ‬
‫المعنف‪:‬‬
‫ِ‬

‫ّ‬
‫المعنف كغيره من األشخاص يتَّسم بصفات خاصة به تتبلور على ضوئها شخصيته‪،‬‬ ‫إن الرجل‬
‫ِ‬
‫تكوّن تركيبته النفسية‪ ،‬على شاكلة محاولته جبر‬
‫وقد يلجأ للعنف نظ ار لبعض الصفات التي ِ‬
‫النقص في شخصيته‪ ،‬بحيث ينعكس هذا النقص على شكل فعل عدائي تجاه من هو أضعف‬
‫منه‪ ،‬ولن يجد غير المرأة التي قد تكون زوجة أو أختا لتحقيق توازنه النفسي وليثبت َّأنه األقوى!‬
‫وقد تكون هذه الصفة النفسية ناتجة عن رد فعل نجاح الطرف اآلخر‪ ،‬فمعلوم أن كل من َّ‬
‫حقق‬
‫وكثير من التقدير‪ ،‬لكن الحال ليس‬
‫ا‬ ‫ممن يستحقون الشكر‬
‫نجاحا في مجال من المجاالت فإنه َّ‬
‫تفوقت ونجحت ال تجد إال الذم والقدح‪ ،‬وال‬
‫نفسه بالنسبة لكثير من األسر‪ ،‬حيث نجد المرأة التي َّ‬

‫~ ‪~ 13‬‬
‫العدواني إال إذا ربطناه بسلوك الغيرة والخوف من تفوق الطرف اآلخر‪،‬‬‫سبيل لتفسير هذا السلوك ُ‬
‫الناجحة في حياتها العملية ضحية لها‪.‬‬ ‫ّ‬
‫المتفوقة و َّ‬ ‫والذي يظهر على شكل أفعال عنف تكون المرأة‬
‫ِ‬
‫ليتها كانت غيرة ايجابية تجعل من نجاح الزوجة حاف از لمنافسة شريفة‪ ،‬لقلنا طوبى لها من غيرة!‬
‫يتحول فيها اإلحساس إلى عنف‪ ،‬وتكون فيه الغيرة َّ‬
‫هدامة‪ ،‬ألننا‬ ‫لكن في الحالة التي ُنناقشها َّ‬
‫يتقبل فكرة تفوق زوجته عليه‪ ،‬فال يجد أمامه غير عضالت‬
‫الزلنا في مجتمع يصعب للرجل أن َّ‬
‫يداوي بها ُعقده النفسية‪ ،‬حتى أننا نجده يستغل أدنى خطأ وأبسط تقصير لخلق مشاجرات كالمية‬
‫تسبق العنف الفعلي‪.‬‬
‫ْ‬
‫متفوقة على أخيها أو تتمتَّع بمركز اجتماعي أفضل منه‪َّ ،‬‬
‫مما‬ ‫واألمر هو نفسه إذا كانت األخت ّ‬
‫ِ‬
‫إن‬
‫ويتحول الشعور كسابقه إلى عنف‪ ،‬خصوصا ْ‬ ‫َّ‬ ‫ُيحدث شعور الدونية والغيرة معا عند الرجل‪،‬‬
‫تلقى الرجل نظرات احتقار أو شفقة من المجتمع وقورن الحال بالحال!‬
‫ّ‬
‫المعنف تتمثَّل في اللذة من خالل السيطرة على الطرف اآلخر‬ ‫وقد نلفي صفة أخرى في شخصية‬
‫ِ‬
‫الهيمنة عليه‪ ،‬فنجده يضرب ليحصل على المتعة ويشتم لحاجة في نفسه‪ ،‬فيصبح هذا السلوك‬ ‫و ْ‬
‫ِّ‬
‫المتضررة األولى هنا كما في قبلها هي المرأة!‬
‫عادة‪ ،‬و‬
‫د‪ -‬اإلدمان على الخمور والمخدرات‪:‬‬

‫كم هي كثيرة حوادث العنف التي يكون شرب الخمور أو تناول المخدرات سببا لها!‬
‫ف سبب هذا النوع من العنف بـ ( تخدير العقول اإلرادي)!‬ ‫َّ ّ‬
‫بل لعلنا نص ُ‬
‫آدم ميزة العقل‪ ،‬يقول عز من قائل‪َ ﴿ :‬وَلَق ْد َك َّرْم َنا َبّني َآد َم‬ ‫ال خالف أن هللا عز وجل منح بني‬
‫ضْلناهم عَلى َكّثي ٍر ّم َّمن خَلْقنا تَْف ّ‬ ‫َّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ضيالً﴾‬ ‫ْ َ َ‬ ‫م ْن الطِّي َبات َوَف َّ َ ُ ْ َ‬ ‫اه ْم في اْل َب ِّر َواْل َب ْح ّر َوَرَزْق َن ُ‬
‫اه ْم‬ ‫َو َح َمْل َن ُ‬
‫بالعقل الذي هو ُعمدةُ‬ ‫ّ‬ ‫التفضيل َّإنما كان‬ ‫تفسير اآلية‪«:‬‬ ‫[اإلسراء‪ ،]79 :‬يقول القرطبي في‬
‫ُ‬
‫ّ‬ ‫(‪)1‬‬
‫التكليف» ‪ ،‬فما بالنا بمن يحاول العبث بعقله‪ ،‬بل وأكثر من ذلك‪ :‬تدمير جسده واذهاب ماله‬

‫وافساد عالقاته؟‬
‫ّ‬
‫المخدر بعقول أربابها!‬ ‫الم ْسكر رياضها‪ ،‬وعبث‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫فكم تفككت من أسر بعدما دخل ُ‬

‫(‪ )1‬القرطيب‪ ،‬تفسري القرطيب (اجلامع ألحكام القرآن)‪ ،‬حتقيق‪ :‬أمحد الربدوين وإبراهيم أطفيش‪ ،‬ط‪ ،3‬دار الكتب املصرية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪5214‬هـ ‪ 5914 -‬م‪.394/51 ،‬‬
‫~ ‪~ 14‬‬
‫إننا ال ننتظر من الزوج أو االبن أو األب الذي ُيعاقر الخمرة أو المخدرات ويعود مغيَّب العقل إلى‬
‫بيته‪ ،‬سوى اعتداء وشتما وضربا في من يجد أمامه‪ ،‬كيف ال وقد ُحجب عقله‪ ،‬وأصبح مثله مثل‬
‫َّ‬
‫الدابة تسير في األرض!‬
‫اغتصبت‪...‬ورَّبما‬
‫َ‬ ‫بت‪...‬‬
‫‪...‬ضر َ‬
‫تمت َ‬‫سكرته إال وخبر الصدمة يطرق سمعه‪َ :‬ش َ‬
‫وقد ال يستفيق من ْ‬
‫تلت‪ ،‬ألن الخمرة وما ينضوي تحتها من ُم ْسكر‪ ،‬ببساطة هي‪ :‬مفتاح كل شر! وغالبا ما تكون‬
‫َق َ‬
‫احتوتها جدران دون أمان!‬
‫الضحية األولى هي‪ :‬المرأة التي تسكن تحت سقف بيته‪ ،‬وقد َ‬
‫أما إن لم يجد المدمن ماالً يشتري به تلك السموم‪ ،‬فإن َّ‬
‫الحل هو العنف أيضا بحيث يحاول إفراغ‬ ‫ِ‬
‫شحنة غضبه في زوجته التي ال حول لها وال قوة‪ ،‬أو ُيطالبها بالمال غصبا‪ ،‬إن كانت عاملة‬
‫وينتهي األمر بالضرب وتستمر المعاناة‪.‬‬
‫العقوق‪:‬‬
‫د‪ُ -‬‬
‫المسجل على األمهات من‬
‫َّ‬ ‫إن من مفاجآت اإلحصاءات الواردة في بداية المداخلة هو العنف‬
‫طرف أبنائهن‪ ،‬والذي ُعَّد بـ (‪ )50‬حالة!‬
‫أتصور وجود كلمة (حرام) أو (عيب) في‬ ‫ّ‬
‫أمه‪ ،‬ال‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫َّ‬ ‫من أضله هواه وأغواه شيطانه ورفع يده على ِ‬ ‫إن ْ‬
‫وهن‪ ،‬ورَّبته صغي ار؟!‬
‫وهنا على ْ‬
‫يتعدى على من حملته ْ‬ ‫قاموسه‪ ،‬واال كيف َّ‬
‫الضرب هو أشنع أنواع العقوق‪ ،‬فإذا كان رفع الصوت على األم عقوقا في حِّقها‪ ،‬فكيف برفع‬
‫إن َّ‬
‫َّ‬
‫اليد؟‬
‫ُف) ‪-‬الذي هو أدنى مرتبة من كل كالم جارح‪ -‬بحق الوالدين يعد‬ ‫ٍ‬
‫بل إن مجرد التفوه بكلمة (أ ِ‬
‫يما﴾‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬
‫ُف َوَال تَ ْن َه ْرُه َما َوُق ْل َل ُه َما َق ْوًال َكر ً‬
‫عقوقا بحقهما‪ ،‬مصداقا لقوله تعالى‪َ﴿ :‬ف َال تَُق ْل َل ُه َما أ ِ‬
‫[اإلسراء‪.]23 :‬‬
‫األولى في مثل هذه الحاالت‬
‫يشفع لالبن سوء سلوك والدته وانحرافها كتبرير للضرب‪ ،‬بل ْ‬
‫وال ْ‬
‫النصح والموعظة بالتي هي أحسن واالستعانة بأهل الصالح إلصالح اعوجاج سلوك األم‪ ،‬إذا‬
‫كانت فعال كذلك‪.‬‬
‫وهذا النوع من االعتداء يكون إما عقوقا مباش ار أو عقوقا تحت تأثير المخدرات أو الخمور مثال‪.‬‬

‫~ ‪~ 15‬‬
‫ه‪ -‬التأثر بالوسائل الخارجية‪:‬‬

‫إن الرجل ليس كائنا يعيش بمعزل عن المجتمع‪ ،‬بل هو جزء منه يتأثَّر به ويؤّثِر فيه سلبا وايجابا‪،‬‬
‫تعرضه‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ومن هنا‪ ،‬فقد يتأثر الرجل بما يراه من عنف في محيطه وداخل مجتمعه‪ ،‬أو قد يتأثر بما ْ‬
‫ّ‬
‫وتشجع عليه‪ ،‬فقد «أكدت بعض الدراسات على‬ ‫وسائل اإلعالم المختلفة من مشاهد تُ ّ‬
‫روج للعنف‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وجود عالقة بين وسائل اإلعالم والسلوك اإلجرامي‪ ،‬وذلك من خالل عرضها للصور اإلجرامية‬
‫مشوقا يسلط األضواء على بعض أنواع اإلجرام ويغري بارتكابها»(‪َّ ،)1‬‬
‫فيتولد العنف‬ ‫عرضا مغريا ّ‬
‫ِ‬
‫لديه صغي ار ويكبر معه‪ ،‬أو كبي ار فيتقبَّله‪ ،‬إلى أن يكون طرفا فيه‪.‬‬
‫و‪ -‬الضغوط النفسية والمشاكل الشخصية‪:‬‬

‫كثيرة هي الضغوط النَّفسية والمشاكل التي َّ‬


‫ولدها عصر السرعة‪ ،‬ضغوط في البيت ومكان العمل‪،‬‬
‫فيتحول الشعور‬
‫َّ‬ ‫أحس الزوج في لحظات من حياته بالعجز‪،‬‬
‫ضغوط من كل نوع‪ ،‬خصوصا إن َّ‬
‫إلى أذى ُيلحقه بزوجته‪ ،‬قد يكون الفقر أو َّ‬
‫الد ْين أو تسلط رئيسه في العمل‪ ،‬وما إلى ذلك‪ ،‬وقد‬
‫ّ‬
‫السحري إلثبات َّ‬
‫الذات‬ ‫تكون ضغوطا لها عالقة به مباشرة كعجز جنسي أو غيره‪ ،‬فيكون الحل ِ‬
‫ويحول ضعفه إلى قوة يؤذي بها شريكته‪.‬‬ ‫هو العنف ّ‬
‫ِ‬
‫‪ –2‬ما َّ‬
‫تعلق بالمرأة المعتدى عليها‪:‬‬
‫أ‪ -‬الموروث الديني واالجتماعي الخاطئ المتمّثِل في جهل المرأة بالحقوق والواجبات الزوجية‪:‬‬
‫ليعلم كل طرف ما له وما عليه‪،‬‬ ‫لقد بيَّن ديننا الحنيف حقوق وواجبات كل من الزوج والزوجة‪ْ ،‬‬
‫ّ‬
‫وف ولّ ّلرج ّ‬
‫ال َعَل ْي ّه َّن َد َر َجة﴾ [البقرة‪ ،]228 :‬وان في‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ َّ ّ‬
‫يقول تعالى‪َ ﴿ :‬وَل ُه َّن م ْث ُل الذي َعَل ْيه َّن باْل َم ْع ُر َ ِ َ‬
‫لغبن كبير ينال الفرد والمجتمع‪ ،‬فإدراك المرأة لمكانتها ودورها كزوجة‪،‬‬ ‫جهل الواجبات والحقوق ُ‬
‫أقرها الدين ومنحها إياها‪ ،‬وبالمقابل تكون واعية‬
‫يجعلها قادرة أكثر على الدفاع عن حقوقها التي َّ‬
‫بواجباتها تجاه زوجها‪.‬‬
‫حق كامل في كل ما يفعله‪ ،‬بل الزوج والزوجة شريكان‬
‫إ ْذ ليست هناك طاعة مطلقة للزوج و ٌّ‬
‫ّ‬
‫يكونان نواة المجتمع‪ ،‬وكل واحد منهما يقوم بدوره في جو من التفاهم حينا والتغاضي عن األخطاء‬
‫ِ‬
‫الركب وال َّ‬
‫يتوقف‪.‬‬ ‫والمسامحة حينا آخر كي يمشي َّ‬
‫ب‪ -‬الحاالت النفسية المتعِلّقة بشخصية المرأة المعتدى عليها‪:‬‬

‫(‪ )1‬خالد بن سعود البشر‪ ،‬أفالم العنف واإلابحة وعالقتهما ابجلرمية‪ ،‬ط‪ ،5‬الرايض‪5431 ،‬ه‪3111 ،‬م‪.19 ،‬‬
‫~ ‪~ 16‬‬
‫حاالت نفسية تلك التي تؤّثِر سلبا على الزوجة‪ ،‬فيتمادى الزوج في عنفه ويجعله حقا ُمكتسبا‪ ،‬من‬
‫ذلك ضعف شخصية المرأة واهتزاز ثقتها بنفسها‪ ،‬وقد تكون هذه الصفة هي حب َّ‬
‫الشريك لدرجة‬
‫الرفض‪ ،‬وقد يكون الخوف من‬
‫الرضوخ لكل ما يصدر منه دون مناقشة أو رد فعل يدل على َّ‬
‫تفكك األسرة والطالق ألن مصير المرأة التي تعلن رفضها للعنف أو تبِلّغ عن زوجها المعتدي‬
‫يكون مجهوال‪ ،‬وان ما يقره المجتمع من أعراف ولو كانت بالية خاطئة لسلطان كبير على الناس‪،‬‬
‫فرؤية المجتمع المرأة مطلقة يعني وابل اللَّوم‪ ،‬كل اللوم عليها دون الرجل‪ ،‬فنجد الزوجة المغلوبة‬
‫ُ‬
‫يحس أحد بمعاناتها ويصير الكبت حينها أم ار محِّف از‬
‫على أمرها تتقبَّل واقعها وتتأقلم معه دون أن َّ‬
‫للرجل ليعتدي أكثر‪.‬‬
‫وهذا ما يجيب عن السؤال‪ :‬لم ال تقوم كل امرأة جزائرية معنَّفة باإلبالغ عن َّ‬
‫التعدي الذي وقع‬
‫عليها؟‬
‫ولهذا أيضا فإن اإلحصاءات الواردة هي ما ُس ِّجل كبالغ َّ‬
‫تشجعت الضحية وقامت به‪ ،‬واال فإن‬
‫العدد أكبر والمآسي أكثر والنتائج أخطر!‬
‫الموجهة للرجل المعتدي على المرأة‪ ،‬دون أن نذكر ما‬
‫المؤسسة و ِ‬
‫َّ‬ ‫وحر ٌّي بنا أن ال ُننهي ّاتِهاماتنا‬
‫قد يكون للمرأة من دور في جلب الضر لنفسها‪ ،‬وذلك يكون بإصرارها على اعوجاجها‪ ،‬وجعلها‬
‫لزوجها يستنفذ كل محاوالت اإلصالح‪ ،‬وقد يكون األمر من نفسها أو مما ورثته من تربية خاطئة‬
‫أو بوجود من ِّ‬
‫يحرضها على الخروج عن طاعة الزوج‪ ،‬وفي كل األحوال ليست بالقاصرة لكي ال‬
‫تعلم ما يجب وما ال يجب‪ ،‬ما يضر وما ينفع‪.‬‬
‫ولعلنا نشير ها هنا إلى (الطامة الكبرى) وهو وجود عنف أسري مقلوب الفطرة‪ ،‬بحيث تعتدي‬
‫الزوجة على زوجها فيصير الزوج ضحية والمرأة معتدية!‬
‫‪ – 2‬ما َّ‬
‫تعلق بالمعتدي والضحية معاً‪:‬‬

‫المحرمة‪:‬‬
‫َّ‬ ‫أ‪ -‬االختالط والعالقات‬
‫مما يندى له الجبين هو وجود عدد من الحاالت ُس ِّجل المعتدي فيها على المرأة تحت خانة‬
‫إن َّ‬
‫(الخاطب) أو(العشيق) أو(أحد األقارب)!‬
‫ّ‬
‫الصفة األولى وال الثانية وال حتى الثالثة تكسر طبيعة العالقة بين الرجل والمرأة التي رسمها‬
‫فال ِ‬
‫وتخول للرجل االختالط بامرأة أجنبية عنه حتى يصل األمر إلى الضرب؟‬ ‫ّ‬
‫لنا شرع ربنا‪ِ ،‬‬

‫~ ‪~ 17‬‬
‫الصديق‬
‫فالخاطب أو ما تربطه صلة رحم بالمرأة من غير محارمها أجنبي عن المرأة‪ ،‬فما بالنا ب َّ‬
‫أو العشيق!‬
‫وبلغة األرقام نجد (‪ )363‬حالة اعتداء على المرأة من طرف غير المحارم‪ ،‬و(‪ )285‬حالة اعتداء‬
‫من المحارم أنفسهم‪.‬‬
‫فمن المخطئ في هذه الحالة؟‬
‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ان﴾‬ ‫ص َنات َغ ْي َر ُم َس ّاف َحات َوالَ ُمتَّ ّخ َذات أ ْ‬
‫َخ َد ٍ‬
‫يقول عز وجل عن النساء المؤمنات‪ُ ﴿ :‬م ْح َ‬
‫ّ‬ ‫ّّ‬ ‫ّّ‬
‫ان﴾‬ ‫ين َوالَ ُمتَّ ّخذي أ ْ‬
‫َخ َد ٍ‬ ‫ين َغ ْي َر ُم َسافح َ‬ ‫حق الرجال المؤمنين‪ُ ﴿ :‬م ْحصن َ‬‫[النساء‪ ]25:‬وقال في ِّ‬
‫الصّديق‪َّ ،‬‬
‫فالعفة وعدم ّاتِخاذ الخالن والخليالت‬ ‫األخ َذان من ّ‬
‫الخ ْذن‪ ،‬وهو‪ :‬الخليل أو َّ‬ ‫[المائدة‪ ]5 :‬و ْ‬
‫شرط اإلحصان لكال الطرفين‪ ،‬فمن أين يأتي الضرب إذا لم يكن هناك لقاء بين الجنسين وكسر‬
‫القول‪( :‬ذاك الرجل أجنبي عني)؟!‬
‫ب‪ -‬البعد عن األخالق اإلسالمية‪:‬‬

‫الجنح المرتكبة في ِّ‬


‫حق النساء انطالقا من إحصاءات‬ ‫إن نظرة عامة على أنواع المخالفات و ُ‬
‫ِ‬
‫المعاملة إضافة إلى‬
‫فصلنا فيه سابقا‪ ،‬نجد ما ُيعرف بسوء ُ‬
‫الدراسة‪ ،‬وناهيك عن الضرب الذي َّ‬
‫التحرش الجنسي‪ ،‬وليس فيهما من أخالق اإلسالم شيئا!‬
‫إن القصد بسوء المعاملة هو توجيه الكالم البذيء أو عدم االحترام والتقدير أو االستهزاء‬
‫واالستخفاف أو السب والشتم‪ ،‬وغير ذلك كثير‪ ،‬وكلها تعني باختصار انعدام األخالق اإلسالمية‪.‬‬
‫أما التحرش الجنسي فهو –وان َّ‬
‫تعددت مظاهره‪ -‬خدش للفطرة السليمة‪ ،‬وانحصار لرداء الحياء‪،‬‬
‫واثارة محرمة للغرائز والرغبات‪ ،‬وفي هذا كل البعد عن األخالق اإلسالمية التي تدعو إلى العفة‬
‫ومكارم األخالق‪.‬‬
‫قد يكون التحرش الجنسي بحركات كنظرات ثاقبة تذيب الحياء‪ ،‬أو لفظيا بإطالق كلمات نحو‬
‫ٍ‬
‫تعد صريح على شرف‬
‫المرأة توحي إلى ذلك أو تحرشا جسديا باللمس أو محاولة المداعبة وهو ِ‬
‫المرأة‪.‬‬
‫وكثيرات هن ضحايا هذه الظاهرة الغريبة عن مجتمعاتنا‪ ،‬سواء في مكان العمل أو مكان الدراسة‬
‫أو في وسائل النقل‪ ،‬أو حتى في الشارع‪.‬‬

‫~ ‪~ 18‬‬
‫والمسؤولية هنا مشتركة بين الطرفين‪ ،‬على أن ال تحاول المرأة ابتداء عرض محاسنها ليراه من‬
‫ودب‪ ،‬فمن تعرض جسدها بألوان الطيف وألبسة ال تكاد تغطيها‪ ،‬ال أراها إال تجلب األنظار‬
‫هب َّ‬
‫َّ‬
‫فلم تشتكي من التحرش إذن؟‬‫إليها وتثير غرائز من حولها‪َ ،‬‬
‫وال أرى في ذلك الشاب الذي أصغى لغريزته إال نقصا في دينه وُبعدا عن قوله تعالى‪ُ﴿ :‬ق ْل‬
‫ص ّارّه ْم﴾ [النور‪.]39 :‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّّ‬
‫لْل ُم ْؤمني َن َي ُغضوا م ْن أ َْب َ‬
‫‪ -‬نتائج العنف ضد المرأة‪:‬‬
‫إن العنف كظاهرة سلبية يشهدها المجتمع لها آثار وخيمة على الفرد والمجتمع معا‪ ،‬وقد حاولنا‬
‫تلخيصها في ما يلي‪:‬‬
‫َّ‬
‫المعنفة‪ ،‬وكذا لدى األبناء الذي يعيشون في أسرة يكثر فيها‬ ‫‪ -0‬تولد مشاكل نفسية لدى المرأة‬
‫تعنيف المرأة‪ ،‬وقد تصبح أمراضا نفسية‪.‬‬
‫‪ -2‬انهيار صورة األم أمام األوالد إذا أهينت أو ضربت من طرف األب وهم حضور‪.‬‬
‫‪ -3‬ترسبات فكرية خاطئة يكتسبها األطفال من مشاهداتهم داخل األسرة التي َّ‬
‫تعنف فيها والدتهم‬
‫من قبل والدهم‪ ،‬والتي تصبح عادات سلوكية خاطئة فيما بعد‪.‬‬
‫‪ -4‬الضرر الجسدي الذي قد يصل إلى العاهات وتشويه أعضاء الضحية‪.‬‬
‫‪ -5‬تفكك األسرة إذا استحال العيش إلى جحيم وعولج مشكل العنف بالطالق‪.‬‬
‫‪ -‬الحلول المقترحة‪:‬‬

‫يتَّضح لنا َّ‬


‫مما َّ‬
‫قدمناه في هذه المداخلة‪ ،‬أن العنف ظاهرة اجتماعية أفرزتها ظروف الحياة التي‬
‫ثمة ال بد من وضع اليد على‬
‫نعيشها وما اكتنفها من تغيرات على جميع المستويات‪ ،‬ومن َّ‬
‫الحلول الممكنة تصديا لهذه الظاهرة‪ ،‬وان بداية حل أي مشكلة هو االعتراف بكونها مشكلة حقا‪،‬‬
‫َّ‬
‫المسلط‬ ‫لها دوافع وأسباب‪ ،‬ولها حلول أيضا‪ ،‬وعليه نقترح في ضوء ما ذكرناه آنفا عن العنف‬
‫على المرأة مجموعة من الحلول التي نراها ممكنة التطبيق‪ ،‬إذا أخذ األمر بجدية‪:‬‬
‫الصحيح‪ ،‬فال تُحفظ كرامة المرأة‬
‫‪ - 0‬العودة إلى تعاليم شرعنا الحنيف وفهمها على الوجه َّ‬
‫إال في إطار التطبيق الصحيح لديننا القويم‪.‬‬
‫‪ - 2‬تكثيف الحمالت اإلعالمية عبر مختلف وسائل اإلعالم‪ ،‬للتنبيه على هذه الظاهرة‬
‫وعواقبها الوخيمة على المجتمع‪ ،‬وتبيين حقوق الزوجين في إطار المؤسسة الزوجية‪.‬‬

‫~ ‪~ 19‬‬
‫رجل‬ ‫الصاعد الذي سيكون فيه ُ‬
‫ولد اليوم َ‬ ‫‪ - 3‬وكذا في المؤسسات التعليمية توعي ًة للجيل َّ‬
‫الغد وفتاةُ اليوم امرأة الغد‪.‬‬
‫‪ - 4‬وكذا في المساجد عبر تخصيص مجال في خطب الجمعة للحديث عن اآليات التي‬
‫يتَّخذها الرجال ذريعة للعنف‪ ،‬بشرحها وبسط الحديث فيها‪ ،‬مع تقديم َّ‬
‫النموذج النبوي في‬
‫معاملة نسائه عليه الصالة والسالم‪ ،‬ليكون قدوة ُيحتذى بها‪.‬‬
‫بالمقبلين على الزواج‬
‫‪ - 5‬وكذا عبر دورات تدريبية‪ ،‬خصوصا إن استحدثت دورات خاصة ُ‬
‫من الجنسين‪.‬‬
‫‪ - 6‬استحداث أقسام في العيادات العامة تختص باإلرشاد األسري والقانوني والنفسي للمرأة‬
‫بمجرد بدأ المشكلة‪ ،‬من أجل تجاوزها‪.‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫المعنفة‪ ،‬تلجأ لها المرأة مستشيرة‬
‫‪ - 7‬فتح قنوات الحوار في األسرة وتعزيزه بين الزوجين‪ ،‬وبين األبوين واألوالد‪ ،‬وبين األوالد‬
‫فيما بينهم‪ ،‬ألن الحوار هو الذي يبسط أمامنا وجهات النظر‪ ،‬وهو الطريقة المثلى التي‬
‫المخطئ على التفكر والتأمل‪ ،‬فلربما عاد للصواب وأناب ونظر لحاله ثم تدبَّر‬
‫تحمل ُ‬
‫فتنبَّه!‬
‫‪ - 8‬إجراء الدراسات واألبحاث واقامة الندوات والملتقيات حول ظاهرة العنف في مجتمعنا‪،‬‬
‫لبسط مختلف االقتراحات الجادة‪.‬‬
‫‪ - 0‬تجريم العنف األسري‪ ،‬عن طريق تسليط عقوبات ردعية على المعتدي‪.‬‬
‫‪ - 09‬القيام بحمالت توعية على المستوى الوطني‪ ،‬من أجل نشر الوعي بضرورة محاصرة‬
‫هذه الظاهرة‪.‬‬

‫الصفح والترفع عن أذى النساء لغة الشهم الرؤوف‬


‫وقبل الختام أقول‪ :‬إن العنف لغة العاجز‪ ،‬و َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫تزوج من امرأة من‬ ‫بمن يعول‪ ،‬وا َّن من أجمل ما قر ُ‬
‫أت في هذا الباب‪ ،‬قول ُشريح القاضي ‪ ،‬وقد َّ‬

‫بني تميم تُدعى زينب‪:‬‬


‫أض ّر ُب َزْي َنبـا‬ ‫ين‬ ‫َّ ّ ّ ّ‬ ‫أرَيت ّرجاال ي ّ ن ّ‬
‫ْ‬ ‫اءهم *** َف ُشلـت َيميني ح َ‬ ‫ضرُبو َ ن َس َ‬
‫َُْ َ َ ْ‬
‫ّم ْن ُه َّن َك ْوَكبا‬ ‫النساء َكو ّ‬
‫اك ُب *** ّإ َذا َ‬
‫طَل َع ْت َل ْم َي ْب َق‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫َوَزْي َن ُب َش ْمس و ِ َ‬

‫(‪ )1‬ابن عساكر‪ ،‬اتريخ دمشق‪ ،‬حتقيق ودراسة‪ :‬حمب الدين العمروي‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع‪5451 ،‬ه‪5991/‬م‪،‬‬
‫‪. 12/32‬‬
‫~ ‪~ 20‬‬
‫فليت شعري من يحدو ْ‬
‫حدوه؟!‬
‫الحمية!‬
‫بقية‪ ،‬من أهل الصالح والخير و َّ‬
‫ال‪ ،‬بل أقول‪ :‬ال زال في الرجال َّ‬
‫وختاما أستحضر ما قاله نبينا الكريم عليه صلوات من ربي وسالم في خطبة الوداع كآخر وصية‬
‫(‪)1‬‬
‫اء َخ ْي ًار» ‪ ،‬فهال أدرك الرجل ْقدر الوصية؟ وكان خير خلف‬ ‫ّ ّ‬
‫النس ّ‬
‫صوا ب ِ َ‬
‫استَ ْو ُ‬
‫للبشرية‪ْ ... « :‬‬
‫لخير سلف؟‬
‫وآخر دعوانا أن الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬وصلى هللا وسلم‬
‫والحمد هلل الذي بنعمته تتم الصالحات‪ُ ،‬‬
‫ومن تّبعه بإحسان إلى يوم الدين‪.‬‬
‫وصحبه أجمعين‪َ ،‬‬
‫على خاتم النبيين‪ ،‬وعلى آله َ‬

‫(‪ )1‬البخاري‪ ،‬كتاب النكاح‪ ،‬ابب الوصاة ابلنساء‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد زهري بن انصر الناصر‪ 31/1 ،‬ومسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب‬
‫الرضاع‪ ،‬ابب الوصية ابلنساء‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد فؤاد عبد الباقي‪.5195/3 ،‬‬
‫~ ‪~ 21‬‬

You might also like