You are on page 1of 42

‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

The condition and its functional significance


in Surat Al-Maida

Assist .Lecturer. Mohsen Taher Iskandar


College of Education for girls
The University of Basrah

Abstract:
The conditional clause consists of two phrases. The first phrase is
called a condition and the second phrase is called sequence to it. This
complete idea is expressed in terms of the condition in which the
condition and the sequence are all based. The phrases of the condition
form one sentence, because the two phrases in the clause are closely
linked by the conditional word which cannot be imagined the
independence of one phrase from the other. In this context, this study
investigated conditional clause, its structure and distribution in
different conditional patterns and its functional significance in Al-
Maida. It was an applied theoretical study to find out the extent of
convergence between the grammar and rules of the grammarians and
the grammatical reality of these holy texts.

972 ‫الصفحة‬ ‫م‬1028 ‫) لسنة‬4-3( ‫) العدد‬46(‫مجلة الخليج العربي المجلد‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫الشرط وداللته الوظيفية في سورة المائدة‬

‫م‪.‬م‪ .‬محسن طاهر اسكندر‬


‫كلية التربية للبنات‪ /‬جامعة البصرة‬
‫المستخلص‪:‬‬
‫الجملة الشرط تتألف من عبارتين ال استقالل إلحداهما عن اآلخر ‪ .‬تسمى العبارة‬
‫األولى شرطاً وتسمى العبارة الثانية جواباً له ‪ ,‬وهذه الفكرة التامة إنما يعبر عنها بجملة‬
‫الشرط التي تعتمد في وجودها الشرط والجواب جميعاً‪ .‬فعبارتا الشرط والجزاء جملة واحدة ‪,‬‬
‫ألن العبارتين في جملة الشرط ترتبطان بواسطة أداة الشرط ارتباطاً وثيقاً‪ ,‬ال يتصور معه‬
‫استقالل إحدى العبارتين عن األخرى‪ .‬وفي هذا السياق تمكن لنا دراسة الموضوع من خالل‬
‫التطرق إلى دراسة جملة الشرط وتركيبها وتوزيعها على انماط شرطية مختلفة وداللتها‬
‫الوظيفية في (سورة المائ دة) فكانت دراسة نظرية تطبيقية لمعرفة مدى االلتقاء بين ما اقره‬
‫النحاة من قواعد واحكام وبين الواقع النحوي لتلك النصوص الشريفة المتضمنة ألسلوب‬
‫الشرط ‪ ,‬تناولت الدراسة طبيعة الجملة الشرطية ‪ ,‬واحكامها ودراسة أدوات الشرط والواردة في‬
‫السورة ‪ ,‬وطبيعتها بين الجازمة وغير الجازمة ‪ ,‬ودراسة اسلوب تقديم جواب الشرط وعدم‬
‫جواز ذلك عند بعض النحاة القدماء والمعاصرين ‪ ,‬ومن ثم تطرقت الى أنماط الجمل‬
‫الشرطية وداللتها الوظيفية في هذه السورة المباركة ‪.‬‬

‫الصفحة ‪982‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫الشرط ‪ :‬أسلوب لغوي ‪ ,‬ينبني – بالتحليل‪-‬على جزأين ‪ ,‬األول ‪ :‬منزل منزلة السبب ‪,‬‬
‫والثاني‪ :‬منزل منزلة المسبب ‪ ,‬يتحقق الثاني إذا تحقق األول ‪ ,‬وينعدم الثاني إذا انعدم‬
‫ضوا اللَّ َه قَ ْر ً‬
‫ضا‬ ‫األول ‪ ,‬ألن وجود الثاني معلق على وجود األول ‪ ,‬كقوله تعالى ‪ ‬إِ ْن تُ ْق ِر ُ‬
‫اع ْف ُه لَ ُك ْم ‪ ‬التغابن‪ 71/‬فجملة الشرط إذن تتألف من عبارتين ال استقالل‬ ‫ض ِ‬
‫س ًنا ُي َ‬
‫َح َ‬
‫اء وهذه‬ ‫إلحداهما عن اآلخر ‪ .‬تسمى العبارة األولى شرط ًا وتسمى العبارة الثانية جواباً أو جز ً‬
‫الفكرة التامة إنما يعبر عنها بجملة الشرط التي تعتمد في وجودها الشرط والجواب جميعاً‪.‬‬
‫وكان عبد القاهر الجرجاني (ت‪117‬هـ) يجعل من الشرط وما عطف عليه جملة واحدة ‪,‬‬
‫فكان يرى الشرط في مجموع الجملتين ‪ ,‬ال في كل واحدة منهما على االنفراد ‪ ,‬وال في واحدة‬
‫دون األخرى فعنده عبارتا الشرط والجزاء جملة واحدة ‪ ,‬ألن العبارتين في جملة الشرط‬
‫ترتبطان بواسطة أداة الشرط ارتباطاً وثيقاً‪ ,‬ال يتصور معه استقالل إحدى العبارتين عن‬
‫(‪)7‬‬
‫وفي هذا السياق تمكن لنا دراسة الموضوع من خالل التطرق إلى دراسة جملة‬ ‫األخرى‪.‬‬
‫الشرط وتركيبها وتوزيعها على انماط شرطية مختلفة وداللتها الوظيفية في (سورة المائدة)‬
‫فكانت دراسة نظرية تطبيقية لمعرفة مدى االلتقاء بين ما اقره النحاة من قواعد واحكام وبين‬
‫الواقع النحوي لتلك النصوص الشريفة المتضمنة ألسلوب الشرط فكانت طبيعة هذا البحث ان‬
‫ينتظم على خمسة محاور ‪:‬‬
‫فالمبحث االول تناولت فيه طبيعة الجملة الشرطية ‪ .‬والمبحث الثاني فقد عني بدراسة احكام‬
‫الجملة الشرطية والمبحث الثالث خصصه لدراسة أدوات الشرط الواردة في السورة ‪ ,‬وطبيعتها‬
‫بين الجازمة وغير الجازمة‪ ,‬والمبحث الرابع تناولت فيه اسلوب تقديم جواب الشرط وعدم‬
‫جواز ذلك عند بعض النحاة القدماء والمعاصرين وآراءهم في ذلك ‪ ,‬أما المبحث الخامس‬
‫فقد عني بأنماط الجمل الشرطية وداللتها في هذه السورة المباركة ‪ .‬وقد اعتمد البحث على‬
‫آراء النحويين واللغويين القدماء والمحدثين ‪ ,‬فاهم المصادر التي اعتمدتها هي كتاب سيبويه‬
‫‪ ,‬والى جانبه كتب اخرى كاألصول في النحو ‪ ,‬والخصائص ‪ ,‬وشرح المفصل ‪ ,‬وشرح‬
‫الكافية‪ ,‬ومغني اللبيب ‪ ,‬واالنصاف في مسائل الخالف ‪ ,‬وشرح األشموني ‪ ,‬والمقتضب ‪.,‬‬

‫الصفحة ‪982‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫وغيرهن من الكتب اما الدراسات اللغوية والنحوية الحديثة فكان لها نصيب آخر في بناء هذا‬
‫البحث منها اللغة العربية معناها ومبناها لتمام حسان ‪ ,‬وفي النحو العربي نقد وتوجيه وقواعد‬
‫وتطبيق للمخزومي‪ ,‬والتركيب اللغوي للشعر العراقي المعاصر لمالك المطلبي ‪ ,‬والنحو‬
‫الوافي لعباس حسن ‪..‬والخ ‪ .‬أما في مجال الدراسات القرآنية فقد استعنت بمصادر منها‬
‫الكشاف للزمخشري ‪ ,‬ومجمع البيان للطبرسي ‪ ,‬والبحر المحيط البي حيان االندلسي ‪ ,‬وروح‬
‫المعاني لشهاب الدين االلوسي ‪ ,‬واالمثل في تفسير كتاب اهلل المنزل للشيخ ناصر الشيرازي‬
‫‪ ,‬وغيرهن‪ .‬واخي ار أسأل اهلل تعالى ان اكون قد وفقت في تقديم شيئا يسي ار لخدمة لغتنا العربية‬
‫وكتاب اهلل العزيز ‪.‬وما توفيقي إال باهلل العلي العظيم ‪.‬‬
‫البحث األول ‪ :‬الجملة الشرطية وادواتها‬
‫تبنى الجملة الشرطية بحسب أداة الشرط على نمطين هما ‪ :‬الشرط بواسطة األداة‬
‫والشرط بدون األداة ‪ ,‬ومن الواضح ان النمط األول هو السائد في الكالم ‪ ,‬وتتكون الجملة‬
‫الشرطية فيه من ثالثة أركان ‪ :‬أداة الشرط ‪ ,‬وفعل الشرط ‪ ,‬وجواب الشرط ‪ .‬وهي جملة‬
‫واحدة وال يتم الكالم إال بالجميع ألن الشرط والجزاء عبارة عن جملتين تربط بينهما األداة ‪,‬‬
‫وبذلك تصبح الجملتان جملة واحدة وال يتم الكالم إال بالجميع ‪ ,‬ألن الشرط والجزاء عبارة عن‬
‫(‪)2‬‬
‫يقول ابن السراج (ت‪673‬هـ) ‪:‬‬ ‫جملتين تربط بينهما األداة وبذلك تصير جملة واحدة ‪.‬‬
‫"والبد للشرط من جواب واال لم يتم الكالم ‪ ,‬وهو نظير المبتدأ الذي ال بد له من خبر‪ .‬نحو‬
‫قولك (أن تأتني آتك) االصل تأتني آتيك فلما دخلت (أن) عقت احداهما باألخرى ‪ ,‬فلو‬
‫(‪)6‬‬
‫واكدت الدراسات‬ ‫قلت (إن تأتني) وسكت ال يكون كالماً حتى تأتي بالجملة األخرى"‪.‬‬
‫الحديثة تقرير تلك المالحظة ورأت ( انك في جملة الشرط إذا اقتصرت على واحدة اخلّلت‬
‫باإلفصاح عما يجول في ذهنك وقصرت عن نقل ما يجول منه الى ذهن السامع ‪ ,‬ألن‬
‫العبارتين في جملة الشرط ترتبطان بواسطة أداة الشرط ارتباطاً وثيقاً ال يتصور معه استقالل‬
‫(‪)1‬‬
‫اتخذت الجملة الشرطية انماطاً واشكاال مرتبطة بالزمن‪ ,‬أما‬ ‫إحدى العبارتين عن األخرى‪.‬‬
‫ادواتها األساسية في الشرط كما جاء في مباحث النحاة‪ ,‬فهي احدى عشرة أداة نسمى (أدوات‬

‫الصفحة ‪989‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫الشرط الجازمة ) وهي (إن ‪ ,‬اذما ‪ ,‬من ‪ ,‬ما ‪ ,‬مهما ‪ ,‬متى ‪ ,‬إيان ‪ ,‬اين ‪ ,‬أنى ‪ ,‬حيثما ‪,‬‬
‫(‪)5‬‬
‫وهناك ادوات اخرى وقع الخالف في‬ ‫أي ) وكلها اسماء ماعدا ( إن و إذما ) فهما حرفان‪.‬‬
‫اعتبارها من حيث انها جازمة عند فريق وغير جازمة عند فريق آخر مثل ( إذا ‪ ,‬لو ‪ ,‬لوال ‪,‬‬
‫كيف ‪ ,‬كلما‪ ..‬الخ ) أما الطائفة األولى من ادوات الشرط الجازمة فقد نظر اليها من خالل‬
‫قرينة الشرط االساسية وهي الجزم ‪ ,‬وان هذه األدوات في العربية هي ( كلمات الشرط‬
‫(‪)1‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫وقد ذكرها ابن مالك (ت‪312‬هـ) في الفيته بقوله‪:‬‬ ‫الجازمة الثابتة االقدام في الشرط)‪.‬‬
‫أي منى إيان أين إذمـــــا‬ ‫واجزم بان ومن وما ومهما‬
‫كان وباقي األدوات اسما‬ ‫وحيثما أنى وحـــــرف واذمـــا‬
‫هذه االدوات بنوعيها الجازمة وغير الجازمة ال تدخل على االسماء وانما تحتاج الى ‪ :‬أما‬
‫فعلين مضارعين او فعلين ماضيين ‪ ,‬أو فعلين مختلفين ‪ ,‬أو جملة اسمية تحل محل الفعل‬
‫الثاني ‪ ,‬ومهما كانت صيغة فعل الشرط أو جوابه فان زمنهما البد ان يتخلص للمستقبل‬
‫(‪)8‬‬
‫فاذا وقع بعدها اسم وفي الغالب ان تكون‬ ‫المحض بسبب وجود أداة الشرط الجازمة ‪.‬‬
‫االداة ( إن ‪ ,‬إذا ) وجب تقدير فعل مناسب يفصل بينهما بحيث تكون األداة داخلة على‬
‫(‪)9‬‬
‫الفعل المقدر ال على االسم الظاهر ‪.‬‬
‫أما طبيعة هذه األدوات فلها دالالت مختلفة فمنها ما وضع في اصله للداللة على ما‬
‫يعقل ‪ ,‬ومنها ما وضع للداللة على األمكنة ‪ ,‬ومنها ما وضع للداللة على األزمنة ‪ ,‬ومنها‬
‫المضاف الذي يصلح لألمور السالفة ‪ ,‬فتدل على احدى المعاني المذكورة على حسب داللة‬
‫األمر المضاف اليه وهي األداة (أي) فتكون للعاقل ‪ ,‬ولغيره ‪ ,‬وللزمان والمكان ‪ ,‬ومنها ما‬
‫تعين اليقين أو الشك‬
‫يخص أما باألمر المتيقن منه أو المضنون ‪ ,‬والقرائن وحدها هي التي ّ‬
‫مع الداللة على الشرطية في كل حالة‪ )71(.‬واذا نظرنا الى أدوات الشرط ‪ ,‬نجد أن (إن) قد‬
‫(‪)77‬‬
‫ورأى النحاة‬ ‫عدت اولى األدوات األساسية في الشرط ‪ ,‬فقد عدها سيبويه (أم الجزاء)‪.‬‬
‫(‪)72‬‬
‫إذ أن جميع اسماء الشرط متضمنة لمعناها ‪,‬‬ ‫(في الجزاء في الحقيقية انما هو بـ (إن)‪.‬‬
‫(‪)76‬‬
‫ان الدائرة‬ ‫حتى ان المغاربة ال يسمون (لوال) شرط وال (لو) إال إذا كانت بمعنى (إن)‪.‬‬

‫الصفحة ‪982‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫الشرطية في العربية تتسع ألدوات تتجاوز اإلحدى عشر اداة التي ذكرت ‪ ,‬وقال النحاة بهذا‬
‫(‪)71‬‬
‫وأدوات‬ ‫ووضعوه تحت تعابير خاصة مثل قولهم ( ادوات رتبت ترتيب كلمات الشرط )‪,‬‬
‫(‪)75‬‬
‫وادوات فيها رائحة الشرط مثل ( كلما) التي سوف يأتي الحديث عنها‬ ‫فيها معنى الشرط)‪,‬‬
‫‪ .‬لذا نجد هناك ظروف تستخدم كأدوات الشرط ويتعامل معها كأدوات لها وظيفة جديدة في‬
‫سياق معين‪ ,‬ومن الطبيعي فمن االستعمال اللغوي تخرج القاعدة اللغوية ثم تقوى وتصح كلما‬
‫ازدادت شواهدها في هذا االستخدام ‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬أحكام الجملة الشرطية‬
‫الجملة الشرطية البد ان تكون جملة فعلية وفعل الشـرط سـواء كـان ماضـيا أم مضـارعا ‪,‬‬
‫امــا جملــة الج ـواب فقــد تكــون فعليــة ‪ ,‬وقــد تكــون اســمية بشــرط اقترانهــا بالفــاء أو مــا يخلفهــا ‪.‬‬
‫ويجب الترتيب بين اجزائها فال يتقدم فعلها وال شيء من معموالتها على فعـل الشـرط ‪ ,‬وكـذلك‬
‫امتنع ان يكون فعل الشرط فعالً ماضياً في المعنى والحقيقة أو يكون فعلهـا طلبيـاً أو جامـداً ‪,‬‬
‫ولــذلك امتنــع ان يكــون مبــدوء بحــرف الســين أو ســوف أو حــرف قســم أو نفــي ‪ ,‬لكنــه وجــد‬
‫ـــم‬ ‫ِ‬ ‫ـــز َل اللَّـ ُ‬
‫ـــم ِب َمــــا أَْنـ َ‬
‫ـــه فَ ُولَئــــ َ ُـ ُ‬ ‫ـــم َي ْح ُكـ ْ‬
‫ـــن لَـ ْ‬
‫مقترنـ ـاً ب ـ ــ(لم) الجازم ــة نحـ ــو قول ــه تعـ ــالى ‪َ ‬و َمـ ْ‬
‫ون‪ ‬المائــدة‪11/‬وقــد اختلــف النحــاة فــي تعيــين األداة العاملــة فــي الجــزم ‪ ,‬فقائــل ‪ :‬إنهــا‬ ‫ـاف ُر َ‬ ‫ا ْل َكـ ِ‬
‫(لم) التصالها بالفعل اتصاالُ مباشـ اًر ‪ ,‬واداة الشـرط مهملـة داخلـة علـى الجملـة ‪ ,‬وقائـل ‪ :‬انهـا‬
‫اداة الشــرط لســبقها و لقوتهــا فكمــا تــهثر فــي زمنــه فتجعلــه للمســتقبل الخــاص تــهثر فــي لفظــه‬
‫فتجزمــه كمــا جزمــت جوابــه ‪ ,‬وخلصــت زمنــه للمســتقبل ‪ .‬وفــي هــذه الحالــة تقتصــر (لــم) علــى‬
‫نفي معناه دون جزمه ‪ ,‬ودون قلب زمنه للماضي واألخذ بهذا الرأي أحسن على الرغم مـن ان‬
‫(‪)73‬‬
‫وفعـل الشـرط‬ ‫الخالف ال قيمة له ألن المضـارع مجـزوم علـى الحـالين والمعنـى ال يتـأثر ‪.‬‬
‫ي ــرد مجزومـ ـاً لفظـ ـاً إن ك ــان مض ــارعاً ومحـ ـالً إن ك ــان ماض ــياً ‪ ,‬وجازم ــه ف ــي الح ــالتين ( أداة‬
‫الشرط) الجازمة ‪.‬‬
‫أمــا ج ـواب الشــرط فقــد يــرد جملــة فعليــة وقــد يــرد جملــة اســمية مقترنــة بالفــاء ال ازئــدة لل ـربط‬
‫ـــــم فَِب َّنـــــ َ أَْنـ َ‬
‫ـــــت ا ْل َع ِزيـ ُ‬
‫ـــــز‬ ‫ِ‬ ‫نح ـ ــو قول ـ ــه تع ـ ــالى ‪‬إِ ْن تُ َعـــــ مذ ْب ُه ْم فَــــــِب َّن ُه ْم ِع َبـ ُ‬
‫ـــــر لَ ُهـ ْ‬
‫ـــــاد َ َوِا ْن تَ ِْف ْ‬

‫الصفحة ‪982‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫ــيم‪‬المائ ــدة‪ 778/‬وم ــن االحكــام الـ ـواردة ف ــي جملــة الش ــرط ه ــو اجتمــاع للشــرط والقســم ‪,‬‬ ‫ِ‬
‫ا ْل َحكـ ُ‬
‫الزَكـاةَ‬ ‫الاـ َ ةَ َويَتَْيـتُم َّ‬
‫ُ‬ ‫ال اللَّ ُه إِمني َم َع ُك ْـم لَ ِـئ ْن أَقَ ْمـتُ ُم َّ‬
‫وحذف جواب احداهما كقوله تعـالى ‪َ ‬وقَ َ‬
‫س ـ مي َئ ِات ُك ْم َوَأل ُْد ِخلَـ َّـن ُك ْم‬
‫س ـ ًنا َألُ َكفمـ َـر َّن َع ـ ْن ُك ْم َ‬
‫ضــا َح َ‬
‫ـه قَ ْر ً‬ ‫ســلِي َو َعَّزْرتُ ُمــو ُ ْم َوأَق َْر ْ‬
‫ضــتُ ُم اللَّـ َ‬ ‫َم ْنــتُ ْم ِب ُر ُ‬
‫َوي َ‬
‫اتُ ‪‬المائدة‪ 72/‬نجـد فعـل الشـرط (أقمـتم) قـد سـبق بـأداة الشـرط (إن) المقترنـة بـالم التوكيـد‬ ‫ج َّن ٍ‬
‫َ‬
‫(ألكفرن) جاء فعالً مضارعاً مهكداً بـالالم والنـون وهـذه الـالم هـي‬ ‫ّ‬ ‫الموطئة للقسم وجواب القسم‬
‫الــدليل علــى أنــه ج ـواب قس ـم ولــيس ج ـواب الشــرط ‪ ,‬وج ـواب الشــرط محــذوف دل عليــه ج ـواب‬
‫القســم او يكــون ج ـواب القســم قــد ســد مســد الج ـوابين ‪ ,‬إذ أنــه إذا اجتمــع شــرط غيــر امتنــاعي‬
‫وقسم فاألصل ان يكون لكل منهما جـواب ‪ ,‬غيـر أن جـواب احـدهما قـد يحـذف اكتفـاء بجـواب‬
‫(‪)71‬‬
‫ثم نجد جواب الشرط الوارد في هـذه اآليـة مقترنـا بالفـاء‬ ‫اآلخر الذي يغني عنه ويدل عليه‪.‬‬
‫والس ــبب ف ــي ذل ــك ه ــو (ان ك ــان الجـ ـزاء امـ ـ اًر أو نهيـ ـاً أو ماض ــياً أو مبت ــدأ وخب ــر فالب ــد م ــن‬
‫(‪)78‬‬
‫الفاء)‪.‬‬
‫(‪)21‬‬
‫شرطاً الن او غير ا لم ينجعل‬ ‫وقرن بالفاء حتما جواب لو جعل‬
‫وعلل ذلك ابن يعيش بقوله ( ان الشرط والجزاء ال يصلح اال بالفعل ‪ ,‬اما الشرط فالنه‬
‫علة وسبب لوجود الثاني وحينما يفتقر الى ما يربطه بما قبله أتوا بالفاء ألنها تفيد االتباع‬
‫وتهذن بان ما بعدها مسبب ما قبلها‪ ,‬إذ ال يوجد هذا المعنى في حروف العطف سوى‬
‫(الفاء) ولذلك خصوها من بين حروف العطف ‪ ,‬ومن اجل ذلك احتاجوا الى (الفاء) في‬
‫(‪)21‬‬
‫الجواب مع األمر و والنهي ‪ ,‬والمبتدأ و الخبر ‪ ,‬وكذلك لو وقع في الجزاء فعل ماض)‬
‫إذن للفاء وظيفة بنائية تعمل على عقد الصلة والربط بين جملة الجواب وجملة الشرط كي ال‬
‫تكون إحداهما مستقلة بمعناها عن األخرى ‪.‬‬
‫المبحث الثالث ‪ :‬أدوات الشرط وأحكامها ‪:‬‬
‫إن الـدائرة الشـرطية فـي العربيـة تتسـع لعـدد مـن األدوات بعضـها ثابتـة األصـالة فـي‬
‫ذكرنا ّ‬
‫تأدية تلك الوظيفة الشرطية ‪ ,‬وبعضها لوحظ تحوله عن معان أخرى ‪ ,‬وله وظـائف اسـتعمالية‬
‫متنوعة ‪ ,‬لكنها سواء في تأديتها الوظيفة الشـرطية الخاصـة فـي التعليـق وربـط الشـرطين ‪ .‬وقـد‬

‫الصفحة ‪982‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫يدخل الترادف والتطابق فيما بينها‪ ,‬وهذا لـه أسـبابه ضـمن السـياق ‪ ,‬ولكنـه يعكـس حقيقـة ثابتـة‬
‫هــي أن تلــك األدوات تشــترك فــي وظيفــة واحــدة ‪ ,‬فــالترادف والتطــابق واضــح فــي جملتــي مــثال‬
‫(إن تــأتني أكرمــك ‪ ,‬وكلم ــا تــأتني أكرمــك ) وفيه ــا تعلقــت جملتــا جـ ـواب الشــرط علــى جملتــي‬
‫الشرط‪ ,‬ولكن الفرق الثانوي المضاف هو التكرار الذي يفيـد التركيـب الثـاني دون األول ‪ ,‬وقـد‬
‫اكتس ــبت ه ــذه القيم ــة الداللي ــة ف ــي التركي ــب الث ــاني م ــن الوظيف ــة الفرعي ــة الت ــي تهديه ــا األداة‬
‫(‪)27‬‬
‫وكــذلك مــع (إن) فتكــون للمحتمــل والمشــكوك ألنهــا ال تــدخل علــى متــيقن ‪ ,‬او قــد‬ ‫(كلمــا)‪.‬‬
‫تــدخل علــى المتــيقن لكونــه مــبهم الزمــان ‪ .‬ومــع (إذا) فيمــا تجتمــع (إن) فــي مواضــعها و(إذا)‬
‫في مواضع (إن) ‪ .‬فالقرائن وحدها هي التـي تعـين اليقـين او الظـن او الشـك او االسـتحالة مـع‬
‫(‪)22‬‬
‫وخالصــة القــول أن (إذا) تســتعمل فيمــا هــو محقــق‬ ‫الداللــة علــى الشــرطية فــي كــل حالــة ‪.‬‬
‫الوق ــوع ‪ ,‬و(إن) تس ــتعمل فيم ــا ه ــو مش ــكوك في ــه‪ .‬وق ــد ذكرن ــا أوج ــه االتف ــاق فيم ــا ب ــين أدوات‬
‫الشــرط الســالفة ‪ ,‬ولكــن هنــاك أوجــه وأمــور تختلــف فيهــا أدوات الشــرط منهــا ‪ :‬االخــتالف فــي‬
‫ناحية االسمية والحرفية ‪ ,‬وهذه أدوات شرط تختلـف فيمـا تـدل عليـه ‪ .‬وعليـه فـ)ن (إن) و(إذا )‬
‫شـــــقَّ ْت‪‬‬
‫ــــماء ان َ‬
‫السـ َ‬‫لالسـ ــتقبال ‪ ,‬أمـ ــا (لـ ــو) فهـ ــي للمضـ ــي ‪ ,‬وكـ ــذلك (إذا) قـ ــال تعـ ــالى ‪‬إِ َذا َّ‬
‫ــماء انفَطَـ َــر ْت‪ ‬االنفط ــار‪ 7/‬وهــو ح ــديث عــن المس ــتقبل وتقــول عنهــا ‪:‬‬ ‫االنشــقاق‪ 7/‬إِ َذا َّ‬
‫السـ َ‬
‫ظرف لما يستقبل من الزمان ‪ .‬ولكن حينما نقول في لو ‪ :‬لو زرتنـي أكرمـك ‪ ,‬فمعنـى هـذا أنـه‬
‫لو كان منك الزيارة في الماضي ‪ ,‬لكـان منـي اإلكـرام ‪ .‬فالشـرط الـذي تـدخل عليـه (لـو) ينبغـي‬
‫(‪)26‬‬
‫إذن ( إن واذا) تش ــتركان ف ــي االس ــتقبال و ( ل ــو) تخ ــتص بالماض ــي ‪,‬‬ ‫إن يك ــون ماض ــيا‬
‫ولكن مع اشتراك (إن) و (إذا) في أمر واحد – وهو الداللة علـى االسـتقبال فـ)ن بينهمـا فرقـا ‪.‬‬
‫وذلك أن فعل الشرط ‪ ,‬إما أن يكون المتكلم جازما بوقوعه او يغلب على ظنه أنه واقـع ‪ ,‬ففـي‬
‫هــاتين الحــالتين تســتعمل (إذا) فتقــول ‪ :‬أتيــك إذا طلعــت الش ـمس فأنــت جــازم بطلــوع الشــمس ‪,‬‬
‫وقد يكون فعل الشرط مشكوكا فيه – والشك تردد النفس بين شيئين – وقد يتـرجح عنـد المـتكلم‬
‫عــدم الوقــوع ‪ .‬وفــي هــاتين الحــالتين – اعنــي حالــة الشــك – تســاوي الوقــوع وعدمــه أو تــرجيح‬
‫عـدم الوقـوع – تسـتعمل (إن) فتقـول‪ :‬إن تجتهـد تـنجح إذا كنـت شـاكاً فـي اجتهـاد المخاطــب ‪,‬‬

‫الصفحة ‪982‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫أو كــان اجتهــاده أم ـ اًر مرجوح ـاً عنــدك‪ .‬إذن نســتعمل (إن) إذا كــان المــتكلم غيــر جــازم بوقــوع‬
‫الشـ ــرط ونسـ ــتعمل (إذا) حـ ــين يكـ ــون المـ ــتكلم جازم ـ ـاً بوقـ ــوع الشـ ــرط ‪ ,‬أو يغلـ ــب علـ ــى ظنـ ــه‬
‫وقوعــه‪ )21(.‬وفــي كتــاب اهلل خيــر مــا يجلــي لنــا هــذه القضــية ‪ ,‬ويقفنــا علــى مــا فيهــا مــن دقــة‬
‫اح ِم ْـل‬ ‫ر‬
‫ـار التَّن ُ‬
‫ـور ُق ْل َنـا ْ‬ ‫وروعة ‪ ,‬وبالغة في التعبير ‪ ,‬نحو قوله تعـالى ‪‬حتى إ َذا َجاء أ َْم ُرَنـا َوفَ َ‬
‫ِف ِ‬
‫سـتَ ِج ُ‬
‫يبوا لَ ُك ْـم‬ ‫يها من ُك ٍّل َزْو َج ْي ِن اثْ َن ْي ِن‪ ‬هود‪ 11/‬وقال تعالى في استعمال (إن) ‪‬فَـِب ْن لَ ْـم َي ْ‬ ‫َ‬
‫ون‪ ‬هــود‪71/‬مــن خــالل‬ ‫ِ‬
‫ســل ُم َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ـاعلَ ُموا أَن َمــا أُْنـ ِـز َل ِبع ْلــم اللــه َوأ ْ‬
‫ـه إال ُـ َـو فَ َهـ ْـل أَْنــتُ ْم ُم ْ‬‫َن َال إلَـ َ‬ ‫فَـ ْ‬
‫المالحظــة فــي النصــوص المــذكورة نجــد اآليــات التــي تصــدرت بـ ـ ( إذا ) تتحــدث عــن مشــهد‬
‫التعبئة عندما حلت اللحظة المرتقبة ( فـ)ذا جـاء أمرنـا ) فلمـا حـدث هـذا (قلنـا‪ :‬احمـل فيهـا مـن‬
‫كــل زوجــين اثنــين ) فهــو واقــع ال محــال ‪ .‬وهكــذا عنــد االســتقراء نجــد أن (إذا) تســتعمل – فــي‬
‫الغالب – في كتاب اهلل لما هو محقق الوقوع ‪ ,‬ولذا يكثر دخولهـا علـى الفعـل الماضـي ‪ .‬أمـا‬
‫اآليات التي تصـدرت ب ـ (إن) نجـدها تتحـدث عـن مشـيئة اهلل وعلمـه بمكونـات الضـمائر ‪ ,‬فهـو‬
‫المجازي عليها والمتصرف فـي مصـائر العبـاد بمـا يشـاء مـن الرحمـة والعـذاب ‪ ..‬واذا أردنـا أن‬
‫نعلـم بمجـال موقـع كـل مـن األداتـين واالطـالع علـى موضـعها لكـي ال نسـتعمل إحـداهما مكـان‬
‫األخرى فانظر إلى قوله تعالى في حديثه عن الخصب والنعمة والجوع والبالء في آل فرعـون‬
‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫َّـرواْ ِب ُم َ‬
‫وسـى َو َمـن‬ ‫سـ مي َئة َيطي ُ‬
‫س َن ُة قَالُواْ لَ َنا َـذه َوِان تُا ْب ُه ْم َ‬ ‫إذ قال تعالى ‪ :‬فَِب َذا َجاءتْ ُه ُم ا ْل َح َ‬
‫ـون‪ ‬األعـراف ‪ 767/‬كيـف دخلـت (إذا)‬ ‫ـه ولَ ِ‬
‫ــك َّن أَ ْكثَ َـرُ ْم الَ َي ْعلَ ُم َ‬ ‫ـائ ُرُ ْم ِع َ‬
‫َّمع ُه أَال إَِّنما طَ ِ‬
‫نـد اللُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫على الماضي ‪ ,‬ألنه محقق الوقـوع ‪ ,‬وذكـرت بجانـب الحسـنة ‪ ,‬وهـي أمـر حاصـل ال محالـة ‪,‬‬
‫ودخلــت (إن) علــى المضــارع وذكــرت بجانــب الســيئة النــادرة الوقــوع ري وال ننســى ســر تعريــف‬
‫لفظة( الحسنة) وتنكير (السيئة) ولنستمع إلـى الزمخشـري ليطلعنـا علـى دقـائق آي الـذكر بقولـه‬
‫((فان قلت‪ ,‬كيف قيل (ف)ذا جاءتهم الحسنة) بـ( إذا) وتعريف الحسنة ‪ ,‬و(إن تصبهم سـيئة) ب ـ‬
‫(إن) وتنكير السيئة ر قلت ‪ ,‬ألن جنس الحسنة وقوعه كالواجب لكثرته واتساعه ‪ ,‬وأمـا السـيئة‬
‫فال تقع إال في الندرة ‪ ,‬وال يقع إال شيء منها ومنه قـول بعضـهم ‪ :‬قـد عـددت أيـام الـبالء فهـل‬
‫(‪)25‬‬
‫ومن األحكام األخرى التي تتعلق بأدوات الشـرط هـو أن أداة الشـرط‬ ‫عددت أيام الرخاءر))‬

‫الصفحة ‪987‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫تكـون مبتـدأ والجملـة الشـرطية تكـون خبـ اًر‪ ,‬وتكــون مـن نـوع الخبـر الـذي ال يـتمم المعنـى بنفســه‬
‫مباشـرة مــع المبتــدأ ‪ ,‬وانمــا يتممــه بمســاعدة شــيء آخــر يتصــل بــه والجملــة الشــرطية ال تتممــه‬
‫(‪)23‬‬
‫ومــن األحكــام األخــرى التــي تخــص أدوات‬ ‫إال بمالحظــة الجملــة الجوابيــة المترتبــة عليهــا‪.‬‬
‫الشرط أنه ال يحذف بعدها فعل الشرط ‪ ,‬مع بقاء فاعله ظاه اًر وبعده الفعل المفسـر للمحـذوف‬
‫‪ ,‬إال إذا كانــت أداة الشــرط (إن و إذا) فيكثــر حذفــه بعــد كــل منهمــا ‪ ,‬حتــى قيــل أن حذفــه فــي‬
‫تلك الصورة بوصـفها السـالف واجـب ولكـن بقـاءه – بـرغم قلتـه – جـائز وذلـك لتعـدد النصـوص‬
‫الواردة به والتي ال تحتاج إلـى تأويـل ‪ ,‬ومـن أمثلـة الحـذف بعـد (إذا) الشـرطية قولـه تعـالى وقـد‬
‫أخرجهــا بعــض النحــاة مــن الشــرط إذا كانــت مســبوقة ب ــ(حتى) ‪ ,‬والص ـواب انهــا شــرطية بــدليل‬
‫ـاب َحتَّــى إِ َذا‬ ‫الرقَـ ِ‬ ‫اقت ـران جوابهــا بالفــاء ‪ ,‬كقولــه تعــالى ‪ ‬فَ ـِب َذا لَ ِقيــتُ ُم الَّـ ِـذ َ‬
‫(‪)21‬‬
‫ب م‬ ‫ضـ ْـر َ‬
‫ين َكفَـ ُـروا فَ َ‬
‫اء‪ ‬محمـد‪ , 1/‬وقولـه تعـالى ‪‬حتـى إِ َذا َأر َْوا َمـا‬ ‫ِ‬
‫اق فَِب َّما َم ًّنا َب ْع ُد َوِا َّما ف َـد ً‬
‫ش ردوا ا ْل َوثَ َ‬
‫أَثْ َخ ْنتُ ُمو ُ ْم فَ ُ‬
‫ف ُج ْن ًـداً ‪ ‬مـريم‪15/‬‬
‫َض َـع ُ‬
‫ش مـر َم َكا ًنـا َوأ ْ‬
‫ون َم ْـن ُ َـو َ‬
‫س َـي ْعلَ ُم َ‬
‫ـاع َة فَ َ‬
‫الس َ‬ ‫ون إِ َّما ا ْل َع َذ َ‬
‫اب َوِا َّمـا َّ‬ ‫وع ُد َ‬
‫ُي َ‬
‫ومن األحكام األخرى التي تتعلق بأدوات الشـرط هـو أن تـدخل عليهـا (مـا) ال ازئـدة ‪ ,‬نحـو ( إذا‬
‫إما) و(متى ما) و(حيثما) و (أينما) وقد ذهب النحاة فيها إلى أنها تهدي غرضين‪:‬‬
‫ما) و( َ‬
‫األول‪ :‬إفــادة اهبهــام والعمــوم ‪ ,‬وتتصــل بهــا (مــا) المزيــدة فتزيــدها إبهامــا‪ .‬نحــو ( ســأزورك إذا‬
‫جن الليل ) فالراجح أن يكون القصد ليل يومك ذاك أما إذا قلـت ( سـأزورك إذا مـا جـن الليـل)‬
‫فانــه ال يتعــين ليــل ذلــك اليــوم ‪ ,‬بــل أصــبح الكــالم يحتمــل الليــالي األخــرى القابلــة ‪ ,‬وذلــك الن‬
‫(‪)28‬‬
‫(ما) أبهمتها ‪.‬‬
‫(‪)29‬‬
‫وجـاء‬ ‫والثاني إفادة التوكيد ‪ ,‬لذا يقول سيبويه إنها تأتي للتوكيد نحو(متى ما تـأتني آتـك)‪.‬‬
‫في المقتضب إنهـا تكـون ازئـدة للتوكيـد فـال يتغيـر الكـالم بهـا عـن عمـل وال معنـى فالتوكيـد فـي‬
‫ه ــذه الح ــروف وف ــي نظائره ــا‪ )65(.‬ومعن ــى التوكي ــد ف ــي ه ــذه الح ــروف اظه ــر م ــن اإلبه ــام ف ــي‬

‫شـ ِه َد َعلَـ ْـي ِه ْم َ‬


‫سـ ْـم ُع ُه ْم‬ ‫االســتعمال القرآنــي فأننــا ال نــرى إبهامــا فــي قولــه ‪‬حتــى إِ َذا َمــا َج ُ‬
‫اءو َــا َ‬
‫ون ‪ ‬فصلت‪21/‬فهذا دليل ظـاهر علـى إنهـا تفيـد التوكيـد ‪,‬‬ ‫ود ُ ْم ِب َما َكا ُنوا َي ْع َملُ َ‬
‫ا ُارُ ْم َو ُجلُ ُ‬
‫َوأ َْب َ‬
‫فشهادة السمع وسائر الجوارح مـن المعـاني القويـة التـي ال يقتضـيها اإلبهـام ‪ .‬وقـد وردت آيـات‬

‫الصفحة ‪988‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫مباركــة فــي ســورة المائــدة متضــمنة طــائفتين مــن ادوات الشــرط الجازمــة وغيــر الجازمــة فكــان‬
‫منها‪:‬‬
‫‪ ( -2‬إن )‬
‫تس ـ ــتعمل (إن) ف ـ ــي المع ـ ــاني المحتمل ـ ــة الوق ـ ــوع والمش ـ ــكوك ف ـ ــي حص ـ ــولها ‪ ,‬والن ـ ــادرة ‪,‬‬
‫والمســتحيلة وســائر االفت ارضــات األخــرى ‪ ,‬فهــي لتعليــق أمــر بغي ـره عموم ـاً‪ .‬وهــي ( أم حــروف‬
‫(‪)61‬‬
‫الشــرط ولهــا مــن التصــرف مــا لــيس لغيرهــا اال ت ارهــا تســتعمل ظــاهرة ومضــمرة مقــدرة )‬
‫وكــذلك ان جميــع أســماء الشــرط متضــمنة لمعناهــا ‪ ,‬واذا نظرنــا إلــى أدوات الشــرط نجــد األداة‬
‫(إن) قــد عــدت أولــى األدوات األساســية فــي الشــرط ‪ ,‬إذ يــرى الخليــل الفراهيــدي (ت‪715‬ه ــ)‬
‫(إنــي أرى حــروف الج ـزاء قــد يتصــرفن فــيكن اســتفهاما ومنهــا مــا يفرقــه (مــا) فــال يكــون فيــه‬
‫(‪)67‬‬
‫وهــي (أم البــاب ) وتجــزم مــا بعــدها فعــل‬ ‫الج ـزاء وهــذه علــى حــال ال تفارقهــا المجــازاة )‪.‬‬
‫الشرط ‪ ,‬اما الجزاء فيختلف فيه فذهب المبرد الى ( ان الجازم للشرط ( إن) وأن وفعـل الشـرط‬
‫(‪)62‬‬
‫‪ ,‬فهــو عنــده كالمبتــدأ والخبــر ‪ ,‬فالعامــل فــي المبتــدأ ال ارفــع لــه‬ ‫جميعــا عمــال فــي الج ـزاء )‬
‫االبتـداء ‪ ,‬والمبتـدأ جميعـاً عمـال فـي الخبـر ‪ ,‬وكـذلك (إن) هـي العاملـة فـي مـا بعـدها مـن فعــل‬
‫(‪)66‬‬
‫وهـي تـدخل علـى جملتـين‬ ‫الشرط ‪ ,‬وفعل الشرط وحرف الشرط جميعـا عمـال فـي الجـزاء ‪.‬‬
‫فعليتـ ــين ‪ ,‬فتجعـ ــل الفعـ ــل الداخلـ ــة عليـ ــه لالسـ ــتقبال وان كـ ــان ماضـ ــياً (‪ ,)61‬وتعلـ ــق احـ ــداهما‬
‫باألخرى وتربط كل واحدة منهما بصاحبتها حتـى ال تنفـرد إحـداهما عـن االخـرى ‪ ,‬وانمـا وجـب‬
‫ان تكــون الجملتــان فعليتــين مــن قبــل ‪ ,‬ألن الشــرط يكــون بمــا لــيس فــي الوجــود ‪ ,‬ويحتمــل ان‬
‫يوجد وان ال يوجد ‪ .‬واالسماء ثابتـة موجـودة ال يصـلح تعليـق وجـود غيرهـا علـى وجودهـا ‪ ,‬وال‬
‫يخل ــو ه ــذان الفع ــالن م ــن ان يكون ــا مض ــارعين ‪ ,‬او ماض ــيين ‪ ,‬او اح ــدهما ماض ــياً واالخ ــر‬
‫مضــارعاً ‪ ,‬فــان كانــا مضــارعين كانــا مجــزومين وظهــر الجــزم فيهمــا ‪ ,‬وان كانــا ماضــيين كانــا‬
‫(‪)65‬‬
‫تس ــتعمل (إن) ف ــي المع ــاني المحتمل ــة‬ ‫مثبت ــين عل ــى حالهم ــا وك ــان الج ــزم فيهم ــا مق ــد اًر‪.‬‬
‫والمشكوك في كونها ألن (أن) إنما مخرجها الظن والتوقع والبد ان يليها الفعل ‪ ,‬واذا لـم يـأت‬
‫بعـ ــدها فعـ ــال فيكـ ــون علـ ــى اضـ ــمار فعـ ــل مقـ ــدر يفس ـ ـره الظـ ــاهر ‪ ,‬ألن الشـ ــرط ال يكـ ــون إال‬

‫الصفحة ‪982‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫ِ‬
‫وســى إِ َّن ف َ‬
‫(‪)63‬‬
‫يهــا‬ ‫باألفعــال‪ .‬ومــن اآليــات التــي تضــمنت هــذه االداة قولــه تعــالى ‪‬قَــالُوا َيــا ُم َ‬
‫ـون‪ ‬المائـدة‬ ‫اخلُ َ‬ ‫ين وِا َّنـا لَ ْـن َن ْـد ُخلَها حتَّـى ي ْخرجـوا ِم ْنهـا فَـِب ْن ي ْخرجـوا ِم ْنهـا فَِب َّنـا َد ِ‬ ‫قَ ْو ًمـا َجب ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُُ‬ ‫َّـار َ َ‬
‫ـه َفلَ ْـن‬‫ـه ِفتْ َنتَ ُ‬ ‫اح َذ ُروا َو َم ْن ُي ِـرِد اللَّ ُ‬
‫‪ , 22/‬وقوله تعـالى ‪‬إِ ْن أُوِتيتُ ْم َ َذا فَ ُخ ُذوهُ َوِا ْن لَ ْم تُ ْؤتَْوهُ فَ ْ‬
‫ـوب ُه ْم لَ ُه ْـم ِفـي الـ رد ْن َيا ِخـ ْزي َولَ ُه ْـم‬ ‫َن ُيطَ مه َـر ُقلُ َ‬ ‫ـه أ ْ‬ ‫ش ْي ًئا أُولَ ِئ َ الَّ ِذ َ‬
‫ين لَ ْم ُي ِـرِد اللَّ ُ‬ ‫تَ ْملِ َ لَ ُه ِم َن اللَّ ِه َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ــاح ُك ْم َب ْيـــ َن ُه ْم أ َْو‬
‫ــاءو َ فَـ ْ‬ ‫فـــي ْاخَخـ َــرِة َعـــ َذاب َعظـــيم ‪ ‬المائــدة ‪ 17/‬وقولــه تعــالى ‪‬فَـــِب ْن َجـ ُ‬
‫ـط إِ َّن اللَّ َ‬
‫ـه‬ ‫اح ُكم ب ْيـ َنهم ِبا ْل ِقس ِ‬ ‫ض َع ْن ُه ْم َوِا ْن تُ ْع ِر ْ‬ ‫َع ِر ْ‬
‫ْ‬ ‫ت فَ ْ ْ َ ُ ْ‬ ‫ش ْي ًئا َوِا ْن َح َك ْم َ‬
‫ضررو َ َ‬ ‫ض َع ْن ُه ْم َفلَ ْن َي ُ‬ ‫أْ‬
‫ين‪‬المائــدة‪ 12/‬نجــد االداة قــد تصــدرت الجملــة الشــرطية فــدخلت علــى الفعــل‬ ‫ـط َ‬ ‫ـب ا ْلم ْق ِسـ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُيحـ ر ُ‬
‫المض ــارع فجزمت ــه ‪ ,‬ودخل ــت عل ــى الفع ــل الماض ــي فحولت ــه ال ــى االس ــتقبال ‪ ,‬واقترن ــت بـ ــ(لم)‬
‫الجازمة فصار الفعل بعدها متجـردا لـزمن المسـتقبل المحـض وبطـل تـأثير (لـم) فـي قلـب زمنـه‬
‫للماضــي ‪ ,‬ومعنــى هــذا ‪ :‬ان (لــم) تقلــب زمــن المضــارع مــن الحــال واالســتقبال الــى الماضــي‬
‫بشرط ان ال تسبقها إحدى ادوات الشرط ‪ ,‬التـي تخلـص زمنـه للمسـتقبل المحـض ‪ ,‬فـ)ن سـبقته‬
‫إحدى االدوات الشرطية لم ينقلب زمنـه الـى الماضـي وصـار التـأثير مقصـو اًر علـى أداة الشـرط‬
‫وحــدها فتخلصــه مــن المســتقبل المحــض كالشــأن فــي االدوات الش ـرطية التــي تجعلــه للمســتقبل‬
‫(‪)61‬‬
‫نجــد اآليــات المتضــمنة لهــذه االداة نجــد جوابهــا فــي الغــالي جــاء مقترن ـاً بالفــاء‬ ‫الخــالص‪.‬‬
‫وألسباب ذكرت سلفاً ‪.‬‬
‫وعند النظر في المواقع التي وجـدت فيهـا ( الفـاء) نجـدها قـد توسـطت بـين أمـرين السـابق‬
‫منهــا هــو العلــة أو الســبب فــي المتــأخر الــذي يليهــا ‪ ,‬ولهــذا ســميت (فــاء الســببية) أي معناهــا‬
‫الداللة على ان ما بعـدها هـو مسـبب عمـا قبلهـا ‪ ,‬وتوصـف (بالجوابيـة) أي انهـا تـدل علـى ان‬
‫(‪)68‬‬
‫وجـاء‬ ‫ما بعدها بمنزلة الجواب لما قبلها ‪ ,‬فمعناها هو الداللـة علـى السـببية والجوابيـة معـاً‪.‬‬
‫(‪)69‬‬
‫بناء (إن) على صيغ تطابق مالحظة سيبويه (ت‪781‬هـ) (الفعل ان يلي إن اولى )‪.‬‬
‫ويختلــف الفعــل فــي الصــيغة الفعليــة ذاتهــا حيــث جــاءت (إن) مــع الفعــل الماضــي فــي اغلــب‬
‫المواضع ‪ ,‬ومع صيغة المضارع في اقلها ‪ ,‬وقد عدت هذه الصـيغة االسـاس فـي دائـرة الشـرط‬
‫(‪)11‬‬
‫التي حددها النحاة لداللتها على المستقبل ولظهور تأثير العامل فيها‪.‬‬

‫الصفحة ‪922‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫‪( -1‬من)‬
‫كنايــة عــن العاقــل ‪ ,‬تــهدي وظيفــة التعليــق وال ـربط بــين عبــارتي الشــرط والج ـواب‪ .‬فتكــون‬
‫شرطاً للعاقل ‪ ,‬قال سيبويه ‪(" :‬من) وهـي للمسـألة عـن األناسـي ‪ ,‬ويكـون بهـا الجـزاء لألناسـي‬
‫‪ ,‬وتكــون بمنزلــة (الــذي) لألناســي"(‪ )17‬ولــو قــال للعقــالء ‪ ,‬أو لــذي العلــم لكــان أجــود ‪ ,‬ف)نهــا‬
‫ف َع ْـن‬ ‫سـتَْن ِك ْ‬‫تستعمل لغير األناسي من العقالء ‪ ,‬فقد تستعمل للمالئكة ‪ ,‬قال تعالى ‪َ ‬و َم ْـن َي ْ‬
‫شـ ُـرُ ْم إِلَ ْيـ ِـه ‪ ‬النســاء‪ ,712/‬واســتعملها للجــن ‪ ,‬إذ قــال تعــالى ‪ ‬فَ َمـ ْـن‬ ‫ســتَ ْك ِب ْر فَ َ‬
‫س َي ْح ُ‬ ‫ِعب َ ِ ِ‬
‫ادتــه َوَي ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ا ًداً‪ ‬الجـن‪ ,9/‬وجـاء فـي المقتضـب ‪ " :‬تقـول فـي (مـن) ( مـن‬ ‫ستَم ِع ْاخ َن َي ِج ْد لَ ُه ش َه ًابا َر َ‬ ‫َي ْ‬
‫يأتني آته)‪ ,‬فال يكون ذلك إال لما يعقل ‪ ,‬ف)ن أردت بها غير ذلك ‪ ,‬لـم يكـن‪ .‬فـ)ن قـال قائـل ‪:‬‬
‫ـاء ۖ فَ ِمـ ْن ُه ْم َم ْـن َي ْم ِشـي َعلَـى َب ْط ِن ِـه َو ِمـ ْن ُه ْم‬
‫َّة ِم ْن م ٍ‬
‫َ‬
‫ق ُك َّل َداب ٍ‬
‫عز وجل ‪َ ‬واللَّ ُه َخلَ َ‬ ‫فقد قال اهلل َ‬
‫َم ْن َي ْم ِشي َعلَى ِر ْجلَ ْي ِن َو ِم ْن ُه ْم َم ْن َي ْم ِشي َعلَى أ َْرَب ٍـع ‪ ‬النـور‪ ,15/‬قيـل إنمـا جـاز هـذا ‪ ,‬ألنـه‬
‫ق ــد خل ــط م ــع اآلدمي ــين غي ــرهم بقول ــه تع ــالى ‪ ‬واهلل خلـــق كـــل دابـــة مـــن مـــاء‪ ‬واذا اخ ــتلط‬
‫(‪)12‬‬
‫المذكوران جرى على أحدهما ما هو لآلخر إذا كان في نفس معناه "‬
‫جاءت(من) متصدرة الجملة الشرطية فـي عـدة مواضـع متفقـة مـع قـرار النحـاة فـي صـدارة‬
‫رتبــة األداة ف ــي الشــرط وق ــد وض ــعت فــي أص ــلها للداللــة عل ــى شـ ــيء يعقــل – غالبــا – فــ)ذا‬
‫تض ــمن معــه معنــى الشــرط صــارت أداة شــرط جازمــة ‪ .‬أمــا الصــيغ التــي تلــت (مــن) فكانــت‬
‫ـه َو ُـ َـو ِفــي‬ ‫ط َع َملُـ ُ‬ ‫ـان فَقَـ ْـد َح ـ ِب َ‬
‫يمـ ِ‬ ‫اه َ‬ ‫ـال اللّــه ‪َ ‬و َمـ ْـن َي ْكفُـ ْـر ِب ِْ‬
‫صــيغة (يفعــل) نحــو قولــه تعــالى قَـ َ‬
‫َم ُنـوا َم ْـن َي ْرتَ َّـد ِمـ ْن ُك ْم‬‫ين ي َ‬ ‫رهـا الَّ ِـذ َ‬‫ين‪ ‬المائدة‪ 5/‬ومثله قوله تعـالى ‪َ ‬يـا أَي َ‬
‫َخرِة ِم َن ا ْل َخ ِ‬
‫اس ِر َ‬ ‫ِ‬
‫ْاخ َ‬
‫َعَّزٍة علَـى ا ْل َك ِ‬ ‫ين أ ِ‬ ‫ره ْم َوُي ِحبروَن ُه أ َِذلَّ ٍة َعلَى ا ْل ُم ْؤ ِم ِن َ‬ ‫ِ‬ ‫ين ِه فَسو َ ِ‬ ‫ع ْن ِد ِ‬
‫ين ‪‬‬ ‫ـاف ِر َ‬ ‫َ‬ ‫ف َي ْتي اللَّ ُه ِبقَ ْوٍم ُيحب ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫ـار َو َمـا‬ ‫ش ِر ْ ِباللَّ ِه فَقَ ْد َحَّرم اللَّ ُه َعلَ ْي ِه ا ْل َج َّنـ َة َومـ َْواهُ َّ‬
‫الن ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫المائدة‪ 51/‬ومثله قوله تعالى ‪َ ‬م ْن ُي ْ‬
‫ـار ‪ ‬المائــدة‪ 12/‬فهــذه الصــيغة عــدت صــيغة أساســية فــي الــدائرة الشــرطية‬ ‫اـ ٍ‬ ‫لِلظَّــالِ ِم َ ِ‬
‫ين مـ ْـن أَْن َ‬
‫لـداللتها علـى المسـتقبل ‪ ,‬وظهـور تـأثير العامـل فيهــا ‪ .‬أمـا الصـيغة األخـرى الـواردة بعـد (مــن)‬
‫ش ُـوا‬
‫فهي نمط ( لم يفعل) أي ‪ :‬فعل الشرط المقترن بـ (لم) الجازمـة ‪ .‬كقولـه تعـالى ‪ ‬فَـ َ تَ ْخ َ‬
‫ـه فَ ُولَ ِئ ـ َ ُـ ُـم‬
‫ـاتي ثَ َم ًنــا َقلِــي ً َو َمـ ْـن لَـ ْـم َي ْح ُكـ ْـم ِب َمــا أَْنـ َـز َل اللَّـ ُ‬
‫شــتَروا ِبيَيـ ِ‬
‫َ‬ ‫شـ ْـو ِن َوَال تَ ْ ُ‬
‫اخ َ‬
‫ـاس َو ْ‬ ‫َّ‬
‫النـ َ‬

‫الصفحة ‪922‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫َّـام َذلِـ َ َكفَّـارةُ أ َْيم ِ‬


‫ـان ُك ْم إِ َذا‬ ‫ايام ثََ ثَ ِة أَي ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ا ْل َك ِ‬
‫َ َ‬ ‫ون‪‬المائدة‪ , 11/‬وقوله تعـالى ‪ ‬فَ َم ْن لَ ْم َيج ْد فَ َ ُ‬ ‫اف ُر َ‬
‫ون‪ ‬المائــدة‪ 89/‬فالصــيغة‬ ‫ـه لَ ُكـ ْـم ي ََي ِاتـ ِـه لَ َعلَّ ُكـ ْـم تَ ْ‬
‫ش ـ ُك ُر َ‬ ‫احفَظُ ـوا أ َْي َمــا َن ُك ْم َك ـ َذلِ َ ُي َب ـ مي ُن اللَّـ ُ‬
‫َحلَ ْفــتُ ْم َو ْ‬
‫الفعليــة التــي تلــت (مــن) كانــت علــى ض ـربين اوال ‪ :‬صــيغة الفعــل الماضــي وكانــت اغلبهــا ‪,‬‬
‫وثانياً‪ :‬صيغة الفعل المضارع وكانت اقلها ‪ ,‬وقد لـوحظ ان جوابهـا فـي الغالـب جـاء مقترنـا ب ـ‬
‫(الفاء) ألسباب ذكرت في الحديث عـن الجملـة الشـرطية واقتـران الجـواب بهـا ‪ ,‬امـا الجـزاء فـي‬
‫ـه ِمـ ْن ُك ْم ُمتَ َع مم ًـدا فَ َج َـزاء‬
‫الا ْي َد َوأَْنتُ ْم ُح ُـرم َو َم ْـن قَتَلَ ُ‬
‫َم ُنوا َال تَ ْقتُلُوا َّ‬ ‫رها الَّ ِذ َ‬
‫ين ي َ‬ ‫قوله تعالى ‪َ ‬يا أَي َ‬
‫طعـام مس ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِم ْث ُل ما قَتَ َل ِم َن َّ ِ‬
‫ين أ َْو‬‫ـاك َ‬ ‫ـارة َ َ ُ َ َ‬ ‫الن َعم َي ْح ُك ُم ِبه َذ َوا َع ْـدل مـ ْن ُك ْم َ ْـد ًيا َبـال َل ا ْل َك ْع َبـة أ َْو َكف َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫اد فَ َي ْنتَق ُم الل ُه م ْن ُه َوالل ُه َعزيـز‬ ‫ف َو َم ْن َع َ‬ ‫سلَ َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال أ َْمره َعفَا الل ُه َع َّما َ‬ ‫وق َوَب َ‬ ‫اما ل َي ُذ َ‬
‫َع ْد ُل َذل َ ا َي ً‬
‫ُذو ا ْن ِتقَ ٍام‪ ‬المائـدة‪ 95/‬هنـا يجـوز ان يـربط بهـا وان ال يـربط ‪ ,‬وتـرك الـربط اكثـر ‪ ,‬فـان كـان‬
‫الجواب صالحا الن يكون شرطا فال حاجة الى ربطه بالفاء ‪ ,‬الن بينهمـا مناسـبة لفظيـة تغنـي‬
‫(‪)16‬‬
‫عن ربطه بها ‪.‬‬
‫‪ ( -3‬إذا )‬
‫وهــي ظــرف لزمــان المســتقبل ‪ ,‬أو أداة تــدل علــى الشــرط تــنهض بمعــان مختلفــة بحســب‬
‫الســياق ‪ ,‬وقــد تنوعــت معــاني ســياقها ‪ ,‬فيــرى أهــل المعــاني أنهــا تســتعمل مــع األمــر المتوقــع‬
‫(‪)11‬‬
‫وهــي مثـل غيرهــا مــن أدوات الشــرط تحتـاج إلــى جملــة شــرطية‬ ‫وقوعـه أو المحتمــل وقوعــه‪.‬‬
‫وأخرى جوابية وتنطبق عليها كل الشروط واإلحكـام الخاصـة بجملتـي الشـرط والجـواب ‪ .‬وهـي‬
‫مثـل (إن) الشـرطية فـي كثـرة دخولهـا علـى األسـماء فـي الظـاهر أمـا فـي الحقيقـة فهمـا داخـالن‬
‫(‪)15‬‬
‫على (فعل مقدر) وجوبا ‪ ,‬ألن أداة الشرط ال تدخل إال على فعل ظاهر أو مقدر‪.‬‬
‫وتختلــف ( إذا) عــن (إن) ألن (إن) تــدخل علــى مــا يشــك فــي حصــوله فــي حــين إن (إذا)‬
‫تدخل على ما هـو محقـق الحصـول ‪ ,‬بـاألمر المتـيقن منـه أو المظنـون ‪ ,‬أي المـرجح حصـوله‬
‫وتحققــه ‪ ,‬ولكــن األول هــو الغالــب ‪ ,‬والق ـرائن وحــدها هــي التــي تعــين اليقــين ‪ ,‬أو الظ ـن ‪ ,‬أو‬
‫(‪)13‬‬
‫وهنــاك مباحــث نحويــة بعضــها دفــع إلــى أن تخــرج (إذا) مــن أدوات‬ ‫الشــك‪ ,‬أو االســتحالة‪.‬‬
‫(‪)11‬‬
‫أو تح ــاول بع ــض المباح ــث األخـ ـرى أن تض ــعف فيه ــا خاص ــيتها الش ــرطية ب ــأن‬ ‫الش ــرط ‪.‬‬

‫الصفحة ‪929‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫الشرط لم يترسخ فيها(‪ , )18‬ومهما يكن من ذلك فان المسـألة ال تتعـدى كونهـا أداة شـرط تـدخل‬
‫عل ــى جملت ــين ‪ ,‬وف ــي الغال ــب أنهم ــا جملت ــين فعليت ــين ‪ ,‬كم ــا نج ــدها أداة ل ــزمن المس ــتقبل ألن‬
‫(‪)19‬‬
‫ولمـا فيهـا‬ ‫الشرط يبنى على المستقبل ( واما (إذا) فلما يسـتقبل مـن الـدهر وفيهـا مجـازة ) ‪.‬‬
‫المج ــازاة ف)نه ــا تقل ــب ال ــزمن الماض ــي للمس ــتقبل‪ )51(.‬وهن ــاك نص ــوص مبارك ــة تض ــمنت (إذا)‬
‫َم ُن ـوا إِ َذا‬
‫ين ي َ‬ ‫رهــا الَّـ ِـذ َ‬
‫وأخــذت داللتهــا علــى الــزمن االســتمراري المتكــرر نحــو قولــه تعــالى ‪َ ‬يــا أَي َ‬
‫ق وامســحوا ِبرء ِ‬
‫وس ـ ُك ْم َوأ َْر ُجلَ ُكـ ْـم إِلَــى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قُمــتُم إِلَــى َّ ِ‬
‫الا ـ َ ة فَا ْغس ـلُوا ُو ُجــو َ ُك ْم َوأ َْيــد َي ُك ْم إِلَــى ا ْل َم َراف ـ ِ َ ْ َ ُ ُ ُ‬ ‫ْ ْ‬
‫ـائ ِط‬
‫ضى أَو علَى سفَ ٍر أَو جاء أَحد ِم ْن ُكم ِم َن ا ْل َِ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ ْ َ َ َ‬ ‫ا ْل َك ْع َب ْي ِن َوِا ْن ُك ْنتُ ْم ُج ُن ًبا فَاطَّ َّه ُروا َوِا ْن ُك ْنتُ ْم َم ْر َ ْ َ‬
‫يدا طَ مي ًبـا‪ ‬المائـدة‪ 3/‬إذ نجـد أن فعلهـا وجوابهـا‬ ‫ا ِـع ً‬
‫ـاء فَتََي َّم ُمـوا َ‬ ‫اء َفلَ ْم تَ ِج ُدوا َم ً‬
‫س َ‬‫ستُ ُم ال من َ‬
‫أ َْو َال َم ْ‬
‫فــي هــذا الــنص المبــارك يقتضــي التك ـرار واالســتمرار فــي كــل لحظــة يقتضــي وقــت الصــالة‬
‫لــدليل شــرعي يوجــب الوضــوء والطهــارة قبــل كــل صــالة ‪ ,‬فهــي عمليــة متكــررة بحســب وقتهــا‬
‫الاـ َ ِة اتَّ َخـ ُذو َا ُـ ُـزًوا َولَ ِع ًبــا‬
‫ـاد ْيتُ ْم إِلَــى َّ‬
‫الــذي أراده اهلل تعــالى لهــا‪ .‬ومثلــه قولــه تعــالى ‪َ ‬وِا َذا َنـ َ‬
‫ـون‪ ‬المائــدة‪ 58/‬اي ان عــادتهم المســتمرة والمتكــررة عنــد األذان الــى‬ ‫َذلِ ـ َ ِب ـ ََّن ُه ْم قَـ ْـوم َال َي ْع ِقلُـ َ‬
‫الصالة فهي لـيس لهـا داللـة زمنيـة ثابتـة علـى الـزمن الماضـي او المسـتقبل واالسـتمراري ‪ ,‬بـل‬
‫أنه زمن سياقي يتنوع بتنوع القرائن اللفظية والمعنوية المتضمنة ‪.‬‬
‫امــا الصــيغ التــي تلــت (إذا) فــي موضــع بحثنــا فكانــت فــي الغالــب صــيغة (فعــل) وهــذا مــا‬
‫يتفــق مــع المباحــث النحويــة علــى حــد قــول المخزومــي " الغالــب فــي (إذا) ان يليهــا فعــل كقولــه‬
‫(‪)57‬‬
‫تعالى ( إذا جاء نصر اهلل والفتح) "‬
‫ادوا ‪ ‬المائــدة‪ , 2/‬ومثلــه قولــه تعــالى‬ ‫اا ـطَ ُ‬ ‫لــذا نجــد ذلــك فــي قولــه تعــالى ‪‬إِ َذا َحلَ ْلــتُ ْم فَ ْ‬
‫ـاب فَـِب َذا َد َخ ْلتُ ُمـوهُ فَـِب َّن ُك ْم‬
‫ـه َعلَ ْي ِه َمـا ْاد ُخلُـوا َعلَ ْـي ِه ُم ا ْل َب َ‬ ‫ون أَْن َع َـم اللَّ ُ‬‫ين َي َخـافُ َ‬ ‫ال َر ُج َ ِن ِم َن الَّ ِذ َ‬
‫((قَ َ‬
‫ـاءو ُك ْم‬ ‫ين‪ ‬المائدة ‪ , 26/‬ومثله قولـه تعـالى ‪َ ‬وِا َذا َج ُ‬ ‫ون َو َعلَى اللَّ ِه فَتََوَّكلُوا إِ ْن ُك ْنتُ ْم ُم ْؤ ِم ِن َ‬
‫َغالِ ُب َ‬
‫ـون ‪ ‬المائـدة‪, 37/‬‬ ‫َعلَ ُـم ِب َمـا َكـا ُنوا َي ْكتُ ُم َ‬ ‫َم َّنا َوقَ ْد َد َخلُوا ِبا ْل ُك ْف ِر َو ُ ْم قَ ْد َخ َر ُجوا ِب ِه َواللَّ ُ‬
‫ـه أ ْ‬ ‫قَالُوا ي َ‬
‫جاء في الطراز إن (أن) إنما يكون ورودهـا فـي األمـور المحتملـة المشـكوك فـي وقوعهـا كقولـه‬
‫ش ْـي ًئاۖ‬
‫ض رـرو َ َ‬ ‫ض َع ْن ُه ْم ۖ َوِا ْن تُ ْع ِر ْ‬
‫ض َع ْن ُه ْم َفلَ ْـن َي ُ‬ ‫َع ِر ْ‬
‫اح ُك ْم َب ْي َن ُه ْم أ َْو أ ْ‬ ‫تعـالى ‪‬فَِب ْن َج ُ‬
‫اءو َ فَ ْ‬

‫الصفحة ‪922‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫ين ‪ ‬المائـدة‪ ,12/‬وأمـا (إذا) ف)نمـا‬ ‫ـب ا ْلم ْق ِس ِ‬


‫ـط َ‬ ‫اح ُكم ب ْي َنهم ِبا ْل ِقس ِط ۖ إِ َّن اللَّ َ ِ‬
‫ـه ُيح ر ُ‬ ‫ْ‬ ‫ت فَ ْ ْ َ ُ ْ‬ ‫َوِا ْن َح َك ْم َ‬
‫تستعمل في األمور المحققة كقوله تعالى ‪ ‬إذا زلزلـت األرض زلزالهـا‪ ..‬وقولـه تعـالى ((إذا‬
‫(‪)52‬‬
‫لـذا يقــول‬ ‫الشـمس كـورت ‪ ))..‬فهـذه األمـور كلهـا محققـة ‪ ,‬فلهـذا حسـن دخـول (إذا) فيهـا "‬
‫الــدكتور علــي فــودة (إن (إذا) تســتعمل فــي معظــم الحــاالت لمعنــى غيــر المعنــى الــذي تســتعمل‬
‫لــه (إن) ‪ ,‬إنهــا تســتعمل فــي األمــور المتيقنــة أو التــي يكثــر وقوعهــا علــى حــين تســتعمل (إن)‬
‫فيما يحتمـل الوقـوع وعدمـه ‪ ,‬أو فـي الـذي يحـدث قلـيالً ‪ ,‬وخيـر مـا يهيـد ذلـك هـو اآليـات التـي‬
‫اجتمعــت فيهــا (إن) و(إذا) مع ـاً ‪ ,‬فقــد اجتمعتــا فــي آيــات يــدرك القــاره لهــا بحســه وضــوح هــذه‬
‫الحقيقــة فــي أكثرهــا)‪ ,)56(.‬وهــذا مــا ذك ـره النحــاة علــى وجــه العمــوم ‪ .‬ف)نهــا تســتعمل للمقطــوع‬
‫بحصـوله والكثيــر الوقـوع بخــالف (إن) التــي أصـلها الشــك واإلبهـام أو هــو اقــل ممـا يســتعمل ب ـ‬
‫(إذا) ‪ ,‬ويب ــدو ذل ــك واض ــحاً ف ــي اس ــتعمال القـ ـرآن الكـ ـريم ‪ .‬أم ــا الص ــيغ الت ــي تل ــت (إذا) ف ــي‬
‫موضوع بحثنا فكانت فـي الغالـب صـيغة (فعـل) وهـذا مـا يتفـق مـع المباحـث النحويـة علـى حـد‬
‫ق ــول ال ــدكتور مه ــدي المخزوم ــي (الغال ــب ف ــي إذا أن يليه ــا (فع ــل))‪ )51(.‬كم ــا نج ــد ان جـ ـواب‬
‫الشــرط محــذوفا فــي بعــض نصــوص تضــمنتها االداة (إذا) وذلــك حينمــا يــدل عليــه دليــل كقولــه‬
‫ــن قَـ ْــبلِ ُك ْم إِ َذا‬
‫ــاب ِم ْ‬ ‫ِ‬
‫ين أُوتُــوا ا ْلكتَـ َ‬ ‫ــن الَّ ِــذ َ‬
‫ات ِمـ َ‬
‫اــ َن ُ‬ ‫ِ‬ ‫ات ِمـ َ‬
‫ــن ا ْل ُم ْؤ ِم َنــات َوا ْل ُم ْح َ‬ ‫اــ َن ُ‬‫تعــالى ‪َ ‬وا ْل ُم ْح َ‬
‫ان فَقَ ْد َحـ ِب َ‬
‫ط‬ ‫يم ِ‬ ‫ان َو َم ْن َي ْكفُْر ِب ِْ‬
‫اه َ‬ ‫ين َوَال ُمتَّ ِخ ِذي أ ْ‬
‫َخ َد ٍ‬ ‫اف ِح َ‬ ‫ين َغ ْير مس ِ‬ ‫ِِ‬
‫ورُ َّن ُم ْحان َ َ ُ َ‬ ‫ُج َ‬
‫يَتَْيتُ ُمو ُ َّن أ ُ‬
‫ين ‪ ‬المائـدة ‪ 5/‬فهنـا جـواب الشـرط محـذوف التقـدير ‪ :‬إذا‬ ‫اس ِـر َ‬‫ـن ا ْل َخ ِ‬ ‫َخ َـرِة ِم َ‬
‫عملُ ُه و ُو ِفي ْاخ ِ‬
‫ََ َ َ‬
‫ت ِحـ َ‬
‫ــين‬ ‫ــد ُك ُم ا ْل َمـ ْــو ُ‬
‫َحـ َ‬ ‫اتيتمــوهن أجــورهن احــل لكــم زواجهــن ‪ ,‬ومثلــه قولــه تعــالى‪ ‬إِ َذا َح َ‬
‫ضـ َــر أ َ‬
‫ــرُك ْم‪ ‬المائ ــدة‪ 713/‬ف ــالجواب مح ــذوف‬ ‫ان ِمـ ْ‬
‫ــن َغ ْيـ ِ‬ ‫ــان َذ َوا َعـ ْــد ٍل ِمـــ ْن ُك ْم أ َْو ي َ‬
‫َخـ َــر ِ‬ ‫اـــي ِ‬
‫َّة اثْ َنـ ِ‬ ‫ا ْلو ِ‬
‫َ‬
‫‪)55(.‬‬
‫تقديره‪:‬إذا حضر احدكم الموت فانتخبوا شاهدين‪.‬‬
‫‪ ( -4‬لو )‬
‫وهــي حــرف امتنــاع المتنــاع ‪ ,‬ومعناهــا امتنــاع وقــوع الج ـزاء المتنــاع الشــرط ‪ ,‬نحــو (لــو‬
‫(‪)53‬‬
‫وتــأتي شــرطية غيــر امتناعيــة نحــو قولــه‬ ‫زرتنــي ألكرمتــك) فــامتنع اإلكـرام المتنــاع الزيــارة‪.‬‬
‫ــون ‪‬‬
‫ضـ َ‬ ‫ــم َع ُه ْم لَتََولَّـ ْــوا َو ُـ ْــم ُم ْع ِر ُ‬
‫َسـ َ‬
‫ــم َع ُه ْم ۖ َولَـ ْــو أ ْ‬
‫َسـ َ‬ ‫ــه ِفـــي ِه ْم َخ ْيـ ًا‬
‫ــر َأل ْ‬ ‫ــم اللَّـ ُ‬ ‫ِ‬
‫تع ــالى ‪َ ‬ولَـ ْــو َعلـ َ‬

‫الصفحة ‪922‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫األنفال‪ 26/‬إذ ال يصـح أن يقـال ‪ :‬امتنـع التـولي المتنـاع اإلسـماع ‪ ,‬بـل هـم متولـون علـى كـل‬
‫حال أسمعهم أم لم يسمعهم ‪ ,‬فهي تدخل علـى جملتـين فتجعـل األولـى شـرطاً والثانيـة جـزاء ‪,‬‬
‫(‪)51‬‬
‫وتفيــد عــدم تحقــق جملتهــا فــ)ذا‬ ‫ولــذا مــن شــأنها أن تــدخل علــى الماضــي فتجعلــه مســتقبال ‪.‬‬
‫قلــت (لــو زرعــت حصــدت) فتفيــد عــدم الحصــاد لعــدم وجــود الــزرع ‪ ,‬هــذا هــو األصــل فــي (لــو)‬
‫وقــد تــدخل علــى المض ـارع ‪ ,‬ودخولهــا عليــه لغــرض بيــاني‪ )58(.‬فهــي حــرف شــرط يــدخل علــى‬
‫(‪)59‬‬
‫جملتــين فتجعــل االولــى شــرطا والثانيــة ج ـزاء ‪ ,‬وتجعــل فعلــه للماضــي وان كــان مســتقبالً ‪.‬‬
‫وردت في هـذه السـورة لتـهدي وظيفتهـا علـى نطـاق واسـع اداة للتمنـي فـي موضـع ‪ ,‬واداة شـرط‬
‫(‪)31‬‬
‫وقـال ابـن‬ ‫في موضع آخر( لو قـد تسـتعمل بمعنـى (إن) لالسـتقبال فحصـل فيهـا التمنـي )‪.‬‬
‫مالك (( هـي (لـو) المصـدرية أغنـت عـن فعـل التمنـي ‪ ,‬وذلـك أنـه أورد قـول الزمخشـري ‪ :‬وقـد‬
‫تجيء(لو) فـي معنـى التمنـي فـي نحـو (لـو تـأتني فتحـدثني) فقـال ‪ :‬إن أراد إن األصـل‪(:‬وردت‬
‫ل ــو ت ــأتيني فتح ــدثني) فح ــذف فع ــل التمن ــي لدالل ــة (لو)علي ــه‪ .‬فأش ــبهت (ليس ــت) ف ــي اإلش ــعار‬
‫(‪)37‬‬
‫ويرى الدكتور المخزومي فيها أن(لو‪ :‬أداة شرط فيما ال يتوقـع حدوثـه أو‬ ‫بمعنى التمني))‪.‬‬
‫(‪)32‬‬
‫لــذا ذكرهــا احــد البــاحثين فــي‬ ‫فيمــا يمتنــع تحققــه أو فيمــا هــو محــال أو مــن قبيــل المحــال)‬
‫معرض كالمه بأنها قد وضعت فـي األصـل للداللـة علـى التمنـي حينمـا يكـون األمـر مسـتحيال‬
‫(‪)36‬‬
‫وأشير لهـا بـأن معناهـا الشـرط ‪,‬‬ ‫أو في حكم المستحيل ‪ ,‬ثم استعملت للداللة على الشرط‪.‬‬
‫ألن الثــاني يوقــف وجــوده علــى وجــود األول ‪ ,‬فــاألول ســبب وعلــة لوجــود الثــاني كمــا كــان ذلــك‬
‫في (إن) ومن ورودها في مجال بحثنا هذا تالحظ أنها ‪-:‬‬
‫اوال ‪ :‬دخل ــت عل ــى الجمل ــة الفعلي ــة والص ــيغ الت ــي تليه ــا ه ــي ص ــيغة (فع ــل) وه ــذا م ــا يتف ــق‬
‫والمالحظــة التــي ذهبــت إلــى أن الغلبــة فيهــا دخولهــا علــى الفعــل المــا ضــي ‪ ,‬نحــو قولــه تعــالى‬
‫اح َدةً َولَ ِك ْن لِ َيْبلُ َو ُك ْم ِفي َما يَتَـا ُك ْم ‪‬المائـدة‪ 18/‬وقولـه تعـالى َولَ ْـو‬ ‫ُم ًة و ِ‬
‫اء اللَّ ُه لَ َج َعلَ ُك ْم أ َّ َ‬
‫ش َ‬ ‫‪َ ‬ولَ ْو َ‬
‫ِ‬ ‫ون ِباللَّ ِه َو َّ‬
‫ـاء‪ ‬المائـدة ‪ 87/‬وثانيـاً‪ :‬دخولهـا‬ ‫الن ِب مي َو َما أُْن ِز َل إِلَ ْيه َما اتَّ َخـ ُذو ُ ْم أ َْولِ َي َ‬ ‫َكا ُنوا ُي ْؤ ِم ُن َ‬
‫ض‬‫َن لَ ُه ْـم َمـا ِفـي ْاأل َْر ِ‬ ‫على (إن) واسمها وخبرها ‪ .‬نحو قوله تعـالى ‪ ‬إِ َّن الَّ ِـذ َ‬
‫ين َكفَ ُـروا لَ ْـو أ َّ‬
‫امـ ِـة َمــا تُقُمبـ َـل ِم ـ ْن ُه ْم َولَ ُهـ ْـم َع ـ َذاب أَلِــيم ‪‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ـه معـ ُ ِ‬
‫ـه ل َي ْفتَـ ُـدوا ِبــه مـ ْـن َع ـ َذاب َيـ ْـوِم ا ْلق َي َ‬ ‫يعــا َو ِم ْثلَـ ُ َ َ‬
‫ِ‬
‫َجم ً‬

‫الصفحة ‪922‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫المائــدة‪ 63/‬وقــد اختلــف النحــاة فــي هــذه الحالــة‪,‬فقيل‪:‬هي باقيــة علــى اختصاصــها و(ان) ومــا‬
‫دخلـ ــت عليـ ــه فـ ــي موضـ ــع رفـ ــع فاعـ ــل بفعـ ــل محـ ــذوف تقـ ــديره (ثبت)‪,‬وقيـ ــل ازلـ ــت (لـ ــو) عـ ــن‬
‫االختصاص و (ان) وما دخلت عليه في موضع رفع مبتـدأ والخبـر محـذوف تقـديره (ثابـت) او‬
‫( ثبت) أو ما يناسب السياق ‪ ,‬إذ التقدير‪:‬لو ثبـت كـون مـا فـي االرض جميعـاً لهـم ومثلـه معـه‬
‫ليفتدوا به ‪ )31(.‬والبـد ل ـ (لـو) هـذه مـن جـواب‪ ,‬وجوابها‪:‬امـا فعـل مـاض او مضـارع منفـي بــ(لم)‬
‫َم ُنـوا‬ ‫ِ ِ‬ ‫فاذا كان جوابها مثبتاً فألكثر اقترانه بـالالم‪ )35(.‬نحـو قولـه تعـالى ‪َ ‬ولَ ْـو أ َّ‬
‫َن أَ ْ َـل ا ْلكتَـاب ي َ‬
‫ـيم‪ ‬المائـدة ‪ 35/‬ومثلـه قولـه تعـالى ‪َ ‬ولَ ْـو‬ ‫الن ِع ِ‬
‫ات َّ‬ ‫واتَّقَوا لَ َكفَّرَنا ع ْنهم س مي َئ ِات ِهم وَأل َْد َخ ْل َنا ُم ج َّن ِ‬
‫ْ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ َ ُْ َ‬ ‫َ ْ‬
‫اه ْن ِجيـ َـل َو َمــا أُْنـ ِـز َل إِلَـ ْـي ِه ْم ِمـ ْـن َرمب ِهـ ْـم َألَ َكلُ ـوا ِمـ ْـن فَـ ْـوِق ِه ْم ‪ ‬المائــدة‪33/‬‬
‫ـاموا التَّـ ْـو َارةَ َو ِْ‬ ‫َّ‬
‫أَن ُهـ ْـم أَقَـ ُ‬
‫فتقديره‪ :‬لو ثبت أنهم أقـاموا التـوراة ‪ ,‬ولـبعض النحـاة رأي حسـن فـي مجـيء هـذه الـالم الواقعـة‬
‫في جواب (لو) الشرطية في قوله (لكفرنا – ألكلوا) حيـث أن هـذه الـالم تسـمى (الم التسـويف)‬
‫إذ إنها تفيد التأجيل والتأخير والتمهل ‪ ,‬ألنهـا تـدل علـى أن تحقـق الجـواب سـيتأخر عـن تحقـق‬
‫الشــرط زمنـاً طــويالً ‪ .‬وعــدم مجيئهــا يــدل علــى تحقــق الجـواب ســيتأخر عــن تحقــق الشــرط زمنـاً‬
‫يســي اًر قصــير المهلــة بالنســبة للمــدة الســالفة ‪ ,‬فتحقــق الج ـواب فــي الحــالتين متــأخر عــن تحقــق‬
‫الشــرط كالشــأن فــي الج ـواب دائمــا لكــن مجــيء الــالم معــه دليــل علــى أنــه ســيتأخر كثي ـ اًر ‪ ,‬وان‬
‫(‪)33‬‬
‫وهنالـك رأي آخـر البـن األثيـر يقـول فيـه ( ال‬ ‫مهلته ستطول بالنسبة له حين يكون خالياً ‪.‬‬
‫مجيء ذلك إال لضـرب مـن المبالغـة ‪ ,‬وفائـدتها فـي التـأليف انـه عبـر عـن أمـر يعـز وجـوده أو‬
‫ــاء لَ َج َع ْل َنـــاهُ‬
‫شـ ُ‬ ‫فع ــل يعظ ــم إحداث ــه ووقوع ــه ج ــيء به ــا ‪ ,‬فم ــن ه ــذا الب ــاب قول ــه تع ــالى ( لَـ ْــو َن َ‬
‫(‪)38‬‬
‫اما)الواقعة‪ )31(.)35/‬وذهب آخرون إلى أنها لتأكيـد ارتبـاط إحـدى الجملتـين بـاألخرى‪.‬‬ ‫ُحطَ ً‬
‫وذهب بعضهم أن الالم الواقعة فـي جـواب القسـم فقولـك (لـو زرتنـي ألكرمتـك) فـي تقـدير(واهلل‬
‫(‪)11‬‬ ‫(‪)39‬‬
‫وقسم ذهب إلى أنها زائدة مهكدة وذلك لجواز سقوطها‬ ‫لو زرتني ألكرمتك)‪.‬‬
‫‪(-5‬كلما)‬
‫أداة لهـا فـي مفهــوم الـزمن ‪ ,‬فهـي بمــا تفيـد مـن تكـرار الحـدث تفيـد تكـرار الـزمن أو الــزمن‬
‫(‪)17‬‬
‫تصدرت (كلما) في جملتهـا الشـرطية فـي موضـوع بحثنـا فـي آيتـين مبـاركتين‬ ‫االستمراري‪.‬‬

‫الصفحة ‪922‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫وقد فتح سيبويه الكـالم عنهـا بقولـه ( ومثـل ذلـك كلمـا تـأتني أتيـك )فاآلتيـان صـلة ل ـ (مـا) كأنـه‬
‫(‪)12‬‬
‫وقــد ســلكت المباحــث النحويــة فــي (كلمــا ) مــن بعــد اتجــاهين األول‬ ‫قــال كــل اتيانــك آتيــك)‪.‬‬
‫يحللهــا علــى األســاس ذاتــه ‪ .‬والثــاني ‪ :‬لــم يتجــاوز ذلــك التحليــل ولكنــه يلمــح للشــرط الــذي هــو‬
‫(‪)16‬‬
‫من ذهب في االتجاه الثاني مكي بن طالب القيسي في ( مشـكل إعـراب القرآن)علـى‬ ‫فيها‪.‬‬
‫(‪)11‬‬
‫ان كلما نصب على الظرف فيها معنى الشرط ‪.‬‬
‫(‪)15‬‬
‫او انهـا (ظـرف‬ ‫وفي (كلما) آراء منها ‪( :‬كلما) أداة شرط او هي فيها رائحـة الشـرط ‪.‬‬
‫(‪)13‬‬
‫فعلـى هـذا التحليـل يكـون قولـه‬ ‫يفيد التكرار من (كل) و من (ما) النكرة التي بمعنى وقـت)‪.‬‬
‫ـار لِ ْل َحـ ْـر ِب أَ ْطفَ َ َــا اللَّـ ُ‬
‫ـه)) المائــدة‪ 31/‬علــى تقــدير ‪ :‬كــل وقــت اوقــدوا‬ ‫تعـالى ‪ُ ‬كلَّ َمــا أ َْوقَـ ُـدوا َنـ ًا‬
‫فيه نا ار ‪ ..‬اما الدراسات المعاصرة فقد أرى عبد العليم ابراهيم في ( النحـو الـوظيفي) ان (كـل)‬
‫ظرف زمـان منصـوب و(مـا) مصـدرية ‪ ,‬ومـا والفعـل بعـدها فـي تأويـل مصـدر مضـاف اليهـا ‪,‬‬
‫(‪)11‬‬
‫امــا الصــيغة التــي تلتهــا فكانــت صــيغة‬ ‫وهــي ظــرف زمــان للتعمــيم وتفيــد الشــرط والتك ـرار‪.‬‬
‫(فعــل) وقــد اتفقــت مــع مالحظــة النحــاة والدارســين مــن ان تاليهــا ال يكــون إال فع ـالً ماضــيا ‪,‬‬ ‫َ‬
‫ـار لِ ْل َحـ ْـر ِب أَ ْطفَ َ َــا‬
‫وكــذلك يكــون جوابهــا فعــال ماضــياً‪ .‬نحــو قولــه تعــالى ‪ُ ‬كلَّ َمــا أ َْوقَـ ُـدوا َنـ ًا‬
‫)‬ ‫‪18‬‬ ‫(‬

‫اللَّ ُه‪ ‬المائدة‪ 31/‬جاء فعل الشرط فعـالً ماضـيا ( اوقـدوا) وكـذلك جوابهـا (اطفأهـا) ومثلـه قولـه‬
‫ـون‪ ‬المائـدة‪11/‬‬ ‫ـه ْم فَ ِريقًـا َك َّـذ ُبوا َوفَ ِريقًـا َي ْقتُلُ َ‬
‫سُ‬ ‫سول ِب َما َال تَ ْه َـو أَْنفُ ُ‬ ‫تعالى ‪ُ ‬كلَّ َما َج َ‬
‫اء ُ ْم َر ُ‬
‫في اآلية نوع من االلتفات البليغ بقوله ( فريقاً كذبوا وفريقـاً يقتلـون ) هـو االلتفـات مـن االخبـار‬
‫بالفعــل الماضــي الــى االخبــار بالفعــل المضــارع ‪ ,‬وهــذا مــن ادق االمــور ‪ ,‬حيــث جــاء بالفعــل‬
‫الماضي اوال فقرر ام ار وقع ‪ ,‬ثم جاء بلفظ ( يقتلون) على حكاية الحـال الماضـية اتسـتفظاعا‬
‫(‪)19‬‬
‫للفعل واستحضا ار لتلك الصورة الشنيعة للتعجب منها واستخالص العبرة في مطاويها‪.‬‬
‫‪ ( -6‬لما )‬
‫وه ــي م ــن أدوات الش ــرط غي ــر الجازم ــة تخ ــتص بالماض ــي ‪ ,‬فتقتض ــي جملتــين ‪ ,‬وجــدت‬
‫(‪)81‬‬
‫وقي ــل ‪ :‬فيه ــا ح ــرف وج ــود لوج ــود ‪ ,‬وبعض ــهم يق ــول‪ :‬ح ــرف‬ ‫ثانيهم ــا عن ــد وج ــود أوالهم ــا‪.‬‬
‫(‪)82‬‬
‫وجوب لوجوب‪ )87( .‬وعدها سيبويه بمنزلة ( لو) أنها تقع لألمر الـذي قـد وقـع لوقـوع غيـره‪.‬‬

‫الصفحة ‪927‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫واختلــف النحــاة بــين كونهــا (ظرفــا) أو أنهــا (حــرف) فــذهب ابــن هشــام إلــى أنهــا ظــرف بمعنــى‬
‫ف ــي ح ــين إن م ــذهب س ــيبويه أنه ــا ح ــرف(‪ , )81‬وذكره ــا بعض ــهم إنه ــا تس ــمى (لم ــا‬ ‫(‪)86‬‬
‫(ح ــين)‬
‫(‪)83‬‬ ‫(‪)85‬‬
‫أو هــي أداة رابطــة لوجــود‬ ‫أوهــي (ظــرف وضــع موضــع كلمــة الشــرط )‪.‬‬ ‫التعليقيــة) ‪.‬‬
‫(‪)81‬‬
‫وحمل ( ابن خروف) (ت‪371‬هـ) كـالم سـيبويه ( لألمـر قـد وقـع لوقـوع‬ ‫شيء بوجود غيره‪.‬‬
‫غي ـره) علــى انــه ( شــرط فــي الماضــي كـ ـ (لــو)‪,‬اال ان االولــى انتفــاء الثــاني ‪ ,‬و(لمــا) لثبــوت‬
‫شـ ِه ً‬
‫ـت َعلَ ْـي ِه ْم َ‬
‫(‪)88‬‬
‫يدا‬ ‫االول)‪ .‬وردت هذه األداة وقد تلتهـا صـيغة (فعـل)‪,‬نحو قولـه تعـالى‪َ ‬و ُك ْن ُ‬
‫ـب َعلَـ ْـي ِه ْم‪ ‬المائـدة‪ 771 /‬فهنــا (لمـا) اســم شــرط‬‫الرِقيـ َ‬
‫ـت َّ‬ ‫ـت ِفــي ِه ْم َفلَ َّمــا تَـ َـوفَّ ْيتَِني ُك ْنـ َ‬
‫ـت أَْنـ َ‬ ‫َمـا ُد ْمـ ُ‬
‫(‪)89‬‬
‫غيــر جــازم مبنــي علــى الســكون فــي محــل نصــب علــى الظرفيــة الزمانيــة بمعنــى (حــين) ‪.‬‬
‫وهنــا تتفــق مــع مــن ذهــب الــى ظرفيتها‪,‬امــا فعــل الشــرط(توفيتني) فقــد جــاء فعــال ماض ــيا‪,‬اما‬
‫ج وابها (كنت) فهو فعل ماض وهذا ما يتفق مع مـا عليـه اغلـب اراء النحـاة بـأن (جوابهـا فعـال‬
‫(‪)91‬‬
‫ماضيا اتفاقا)‪.‬‬
‫المبحث الرابع ‪ :‬تقديم جواب الشرط‬
‫يقتضي الترتيب المهلف للجملة الشرطية ان تتصـدر األداة فـي تركيبهـا ليعـرف منـذ البـدء‬
‫ان المتحــدث يريــد التعليــق ثــم تليهــا عبــارة الشــرط التــي تضــم الحــدث المعلــق عليــه ‪ ,‬ومــن ثــم‬
‫عبــارة جـواب الشــرط التــي تضــم الحــدث المعلــق ‪ .‬ففــي هــذا النظــام تتصــدر أداة الشــرط الجملــة‬
‫الشــرطية‪ ,‬ومفهــوم الصــدارة ألداة الشــرط فــي مباحــث النحــو م ـرتبط بمــنه العمــل النحــوي فــال‬
‫يتقـدم علــى األداة عامــل يـهثر فيهــا ‪ ,‬قــال سـيبويه هــذا بــاب مـا تكــون األســماء التـي يجــزى بهــا‬
‫(‪)97‬‬
‫والجانــب االخــر‬ ‫بمنزلــة الــذي ‪ ,‬وذلــك قولــك ‪ :‬ان مــن يــأتني آتيــه وكــان مــن يــأتني آتيــه ‪..‬‬
‫الــذي ي ـرتبط بمفهــوم الصــدارة عنــد النحــويين هــو (ان أداة الشــرط تقتضــي فعلــين وانهــا عاملــة‬
‫فيهما جميعا جازمة لهما وال تعمل ادوات الشرط إال فيما تأخر عنهـا ألنهـا عامـل ضـعيف فـال‬
‫(‪)92‬‬
‫واشــار ســيبويه الــى انــه لــم يجــز تــأخير اداة‬ ‫يجــوز حينئــذ ان يتقــدم ج ـواب الشــرط عليهــا )‪.‬‬
‫الشــرط الجازمــة فــي الجملــة الشــرطية فقــال( نقــول آتــي مــن يــأتني ‪ ,‬واقــول مــا تقــول وذلــك انــه‬
‫قبيح ان تهخر حرف الجزاء إذا جزم مـا بعـده فـ)ذا قلـت ( اتـي اتـاني) فأنـت بالخيـار ان شـئت‬

‫الصفحة ‪928‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫(‪)96‬‬
‫أمـا ابــن جنــي فقــد ذهــب الــى جـواز‬ ‫كانـت اتــاني صــلة وان شــئت كانــت بمنزلتهــا فــي (إن)‪.‬‬
‫تقديم ما يدل على جواب الشرط اذا كان فعل الشرط ماضياً ‪ ,‬قال ف)نما قولك (اقـوم إن قمـت)‬
‫فــان قولــك اقــوم لــيس جواب ـاً للشــرط دال علــى الج ـواب ‪ ,‬أمــا إذا كــان الفعــل فــي جملــة الشــرط‬
‫مضارعاً فذهب الى انه " ال يجوز تقديم الجواب على المجاب أال تراك ال تقول اقـم ان تقـم ‪,‬‬
‫(‪)91‬‬
‫وعلل ذلك بان جواب الشرط مجزوم بنفس الشرط ‪ ,‬ومحال تقديم المجزوم على جازمه"‪.‬‬
‫اضــاف الــدكتور المخزومــي الــى ذلــك ان نظــام الجملــة فــي الشــرط عــادة مــا تتصــدر فيــه‬
‫االداة ويليهـا فعـل الشـرط ثــم الجـواب ‪ ,‬وسـنرى إن هــذا النظـام لـيس ثابتـاً فقــد يطـ أر عليـه شــيء‬
‫مــن التغييــر بتقــديم عبــارة الج ـواب عــن االداة كقولنــا ‪ :‬ازورك إن تزورنــي ويقــدم الج ـواب فــال‬
‫ان (إن) فــي الشـرط عامــل ضــعيف ال يقــوى علــى العمــل فــي‬ ‫تفـوت الداللــة علــى الشــرط ‪ ,‬أمــا ّ‬
‫المتقـ ــدم ‪ ,‬فكـ ــالم متهافـ ــت ال يلتفـ ــت اليـ ــه ألن تصـ ــور وجـ ــود العامـ ــل فـ ــي اللغـ ــة باطـ ــل مـ ــن‬
‫(‪)95‬‬
‫أمــا الد ارســات المعاصـرة فكــان لهــا أريــان فــي ذلــك ‪ .‬الـرأي األول ‪ :‬اصــحاب هــذا‬ ‫أساســه)‪.‬‬
‫ال ـرأي لــم تخــرج مالحظــاتهم فــي هــذا الجانــب عــن اطــار مــا الحظــه النحــاة بعــدم تقــديم جملــة‬
‫ج ـواب الشــرط علــى االداة ‪ ,‬فتبقــى عنــدهم أن تكــون الصــدارة لهــا (ألداة الشــرط الصــدارة فــي‬
‫(‪)93‬‬
‫جملتها فال يصح ان يسـبقها شـيء مـن جملـة الشـرط وال جملـة الجـواب وال مـن متعلقاتهـا)‪.‬‬
‫الـــرأي الثـــاني ‪ :‬اص ــحاب ه ــذا الـ ـرأي أج ــازوا قض ــية التق ــديم ف ــي جمل ــة جـ ـواب الشــرط ‪ ,‬فق ــال‬
‫الدكتور المخزومي (وقد يتغير نظام (الجملـة الشـرطية) بتقـديم عبـارة الجـواب علـى أداة الشـرط‬
‫فتبقى الداللة ويبقى االسلوب ‪ ,‬ولم نشعر بعد هذا ان بنا حاجة الـى تقـدير جـواب يفتـرض انـه‬
‫(‪)91‬‬
‫وقــد ماثــل هــذا‬ ‫محــذوف لداللــة مــا قبــل االداة مــن ك ـالم عليــه كمــا كــان النحــاة يفعلــون )‪.‬‬
‫ال ـرأي معاصــر آخــر بقولــه ( ان النحــاة قــد اضــطروا إزاء نصــوص ورد فيهــا مــا يخــالف قاعــدة‬
‫الصــدارة ‪ ,‬فاضــطروا الــى اللجــوء للتأويــل ‪ ,‬ولكــن هــذا التأويــل ال يكفــي لتخلــيص القاعــدة مــن‬
‫التنــاقض )(‪ )98‬وقــد مـ ّـر علينــا رأي جمهــور البصـريين بــأن ج ـواب الشــرط يــرد محــذوفا وجوب ـاً ‪,‬‬
‫لداللة المتقدم عليه وليس المتقدم بجواب ‪ ,‬ألن األداة غير محذوفة والمتقدم هـو جـواب الشـرط‬
‫‪ ,‬فأداة الشرط لها صدر الكالم ‪ ,‬فال يتقدم عليها الجواب ‪ ,‬أما الكوفيون والمبرد فيـذهبون الـى‬

‫الصفحة ‪922‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫(‪)99‬‬
‫ومــن خــالل ق ـراءة النصــوص الـواردة يتبــين لنــا ان مــا تقــدم‬ ‫أن المتقــدم هــو ج ـواب الشــرط ‪.‬‬
‫ّ‬
‫علــى األداة يمكــن ان نعــده جملــة جـواب الشــرط ‪ ,‬ولــيس دلــيال عليــه ‪ ,‬ألن اغلــب ســور القـرآن‬
‫الكريم ال تخلو من ظاهرة التقديم والتأخير بأنواعه واساليبه المختلفة ‪.‬‬
‫أمــا االســباب التــي دعــت الــى تقــديم ج ـواب الشــرط فهــي كثي ـرة ‪,‬منهــا ألنــه هــو األغنــى‬
‫واألهم لدى المتكلم ‪ ,‬أو ألسباب بالغية توجب التقديم ‪ ,‬فمن خالل عمليـة اسـتقراء النصـوص‬
‫ـن اللَّ ِـه َ‬
‫ش ْـي ًئا إِ ْن‬ ‫الواردة في هذه اسورة المباركة تبين لنا مثال قولـه تعـالى ‪ُ ‬ق ْـل فَ َم ْـن َي ْملِـ ُ ِم َ‬
‫يعـا ‪ ‬المائـدة‪ 71/‬فهنـا تقـدم جـواب‬ ‫ُم ُه وم ْن ِفـي ْاألَر ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اد أ ْ ِ‬
‫ض َجم ً‬ ‫ْ‬ ‫يح ْاب َن َم ْرَي َم َوأ َّ َ َ‬
‫َن ُي ْهل َ ا ْل َمس َ‬ ‫أ ََر َ‬
‫الشرط قوله ( فمن يملك من اهلل شيئاً) على أداة الشـرط وفعلهـا ‪ ,‬ومثلـه قولـه تعـالى ‪َ ‬و َعلَـى‬
‫ين‪ ‬المائ ــدة‪ 26/‬فهن ــا تق ــدم الجـ ـواب ( فتوكلـ ـوا ) ألهميت ــه ‪ ,‬ألن‬ ‫ــؤ ِم ِن َ‬
‫ــه فَتََوَّكلُـــوا إِ ْن ُك ْنـــتُ ْم ُمـ ْ‬ ‫اللَّـ ِ‬
‫ين ‪‬‬ ‫ـــؤ ِم ِن َ‬
‫ــه إِ ْن ُك ْنـــتُ ْم ُم ْ‬‫التوك ــل عل ــى اهلل مفت ــاح اإليم ــان ‪ .‬ومثل ــه قول ــه تع ــالى ‪َ ‬واتَّقُـــوا اللَّـ َ‬
‫شـ َـرِة‬
‫ـام َع َ‬ ‫المائــدة‪ 51/‬تقــديره (ان كنــتم مــهمنين فــاتقوا اهلل) ومثلــه قولــه تعــالى ‪‬فَ َكفَّ َارتُـ ُ ِ‬
‫ـه إ ْط َعـ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ـط مــا تُ ْط ِعمـ َ ِ‬ ‫ين ِمـ ْـن أَو ِ‬ ‫مسـ ِ‬
‫سـ َـوتُ ُه ْم أ َْو تَ ْح ِريـ ُـر َرقَ َبــة فَ َمـ ْـن لَـ ْـم َيجـ ْـد فَاـ َـي ُ‬
‫ام‬ ‫ـون أَ ْ لــي ُك ْم أ َْو ك ْ‬ ‫ُ‬ ‫سـ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ـاك َ‬ ‫َ َ‬
‫ـان ُك ْم إِ َذا َحلَ ْفــتُ ْم ‪ ‬المائــدة‪ 89/‬فجـواب الشــرط تقــدم علــى فعلــه تقــديره‬ ‫ـام َذلِـ َ َكفَّــارةُ أ َْيمـ ِ‬ ‫ثََ ثَـ ِـة أ ََّيـ ٍ‬
‫َ َ‬
‫َم ُنـوا َعلَ ْـي ُك ْم‬‫ين ي َ‬‫رهـا الَّ ِـذ َ‬ ‫(إذا حلفتم فكفارته اطعام عشـرة مسـاكين ‪ )..‬ومثلـه قولـه تعـالى ‪َ ‬يـا أَي َ‬
‫ض َّل إِ َذا ا ْ تَ َد ْيتُ ْم ‪‬المائدة‪715/‬‬ ‫ضررُك ْم َم ْن َ‬ ‫س ُك ْم َال َي ُ‬ ‫أَْنفُ َ‬
‫عنــد مالحظــة جملــة الشــرط نجــدها كانــت فع ـالً ماضــياً ‪ ,‬وهنــا يمكــن ان يتقــدم ج ـواب‬
‫الشرط على فعله ‪ ,‬فان سيبويه يشترط ان تكون جملة الشرط فعلية فعلها ماض لفظاً ومعنـى‪,‬‬
‫وتابعـه فـي هـذا النحـاة ( ان يكـون فعـل الشــرط ماضـياً لفظـاً ومعنـى بحسـب اصـله ‪ ,‬أو معنــى‬
‫فقــط كالمض ــارع المســبوق ب ـ ـ (لــم) هن ــا يمكــن ان يتق ــدم الج ـواب ‪ ,‬ف ــان لــم يك ــن فعــل الشــرط‬
‫ماضـياً بـل كـان فعـالً مضـارعاً لفظـاً ومعنـى ‪ ,‬لـم يصـلح فـي األرجـح حـذف الجملـة الجوابيــة ‪,‬‬
‫إال ان يس ـ ــد مس ـ ــدها جمل ـ ــة أخ ـ ــرى بع ـ ــدها ت ـ ــدل عليه ـ ــا ‪ ,‬وال يس ـ ــتقيم المعن ـ ــى بجعله ـ ــا ه ـ ــي‬
‫(‪)711‬‬
‫الجواب)‬
‫المبحث الخامس‪ :‬األنماط الشرطية وداللتها ‪:‬‬

‫الصفحة ‪222‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫ذكرنا في ما تقدم أن األداة الشرطية ال تدخل على األسـماء وانمـا تحتـاج إلـى أفعـال ف)مـا‬
‫إلــى فعلــين مضــارعين فتجــزم لفظهمــا مباشـرة إن كانــا معـربين ومحلهمــا إن كانــا مبنيــين ‪ ,‬وامــا‬
‫إل ــى فعلـ ــين ماضـ ــيين يحـ ــالن محـ ــل المض ــارعين وتجزمهمـ ــا األداة محـ ــال ‪ ,‬وامـ ــا إلـ ــى فعلـ ــين‬
‫مختلفــين فتجــزم المضــارع منهمــا ‪ ,‬وتجــزم محــل الماضــي وامــا جملــة اســمية تحــل محــل فعــل‬
‫المض ــارع الث ــاني ‪ ,‬وال يمك ــن أن يح ــل مح ــل األول ش ــيء ‪ ,‬الن األول الب ــد أن يك ــون فع ـ ـالً‬
‫مض ــارعاً أو ماض ــياً ‪ .‬وم ــن خ ــالل عرض ــنا أله ــم األنم ــاط الش ــرطية الـ ـواردة ف ــي ه ــذه الس ــورة‬
‫المباركـة البــد لنـا ان نــدرس داللتهــا الوظيفيـة للكشــف عـن داللتهــا ومعانيهــا فـي الســياق ضــمن‬
‫تركيبة النمط الشرطي ومعرفـة الغايـة التـي أراد اهلل تعـالى ان يبينهـا لنـا مـن خـالل ذلـك ‪ .‬فمـن‬
‫تلك االنماط الشرطية الواردة ما يأتي ‪:‬‬
‫النمط األول‬
‫تتكــون صــورته مــن ‪ :‬أداة الشــرط ش فعــل الشــرط (فعــل مــاض) ش ج ـواب الشــرط ( فعــل‬
‫َم َّنــا َوقَـ ْـد َد َخلُ ـوا ِبــا ْل ُك ْف ِر َو ُـ ْـم قَـ ْـد َخ َر ُج ـوا ِب ـ ِه‪‬‬
‫ـاءو ُك ْم قَــالُوا ي َ‬
‫مــاض) نحــو قولــه تعــالى ‪َ ‬وِا َذا َجـ ُ‬
‫ار لِ ْل َح ْر ِب أَ ْطفَ َ َا اللَّ ُهَ ‪ ‬المائدة‪ 31/‬وقولـه تعـالى‬ ‫المائدة‪ 37/‬ومثله قوله تعالى ‪ُ ‬كلَّ َما أ َْوقَ ُدوا َن ًا‬
‫اح َدةً َولَ ِك ْن لِ َيْبلُ َو ُك ْم ِفي َمـا يَتَـا ُك ْم‪ ‬المائـدة‪ 18/‬يـرى سـيبويه ذلـك‬ ‫ُم ًة و ِ‬
‫اء اللَّ ُه لَ َج َعلَ ُك ْم أ َّ َ‬
‫ش َ‬‫‪َ ‬ولَ ْو َ‬
‫((فأحسـن الكــالم أن يكـون الجـواب (افعـل) ألنــه نظيـره مــن الفعـل ‪ ,‬واذا قــال ( فعلـت) فأحســن‬
‫(‪)717‬‬
‫ففي هذا النمط يتفق فعل الشرط مع جوابـه وهـذه‬ ‫الكالم أن تقول ( فعلت ) ألنه مثله))‬
‫الصـورة وردت بشــكل متكـرر فــي آيـات بحثنــا ‪ ,‬وقـد عــرض ابـن جنــي (ت‪692‬هــ) لهــذا الــنمط‬
‫المتكون من فعلين ماضيين في محاولة لتوضيح الفرق بينـه وبـين الـنمط الشـرطي المكـون مـن‬
‫جملتين فعليتين فعلهما مضارع بقوله ((ألن الشرط معلوم انه ال يصح إال مع االستقبال يعنـي‬
‫(الفعل المضـارع ) جئـت بلفـظ الماضـي الواجـب تحقيقـا لألمـر وتثبيتـا لـه أي ‪ :‬أنـه وعـد مـوفي‬
‫(‪)712‬‬
‫وهذا يعني إن صـيغة الفعـل الماضـي‬ ‫به ال محالة كما أن الماضي واجب ال محالة ‪))..‬‬
‫تفقــد داللتهــا الزمنيــة فــي الشــرط متطــابق فــي الداللــة هــذه مــع صــيغة المضــارع ‪ ,‬والتعبيــر فــي‬
‫الصــيغتين لكــل واحــد منهــا داللــة خاصــة بــه ‪ ,‬وقــد التفــت إلــى ذلــك عبــد القــاهر الجرجــاني‬

‫الصفحة ‪222‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫(ت‪117‬هـ) بقوله (( إنـا ال نعلـم شـيئا يبتغيـه النـاظم بنظمـه غيـر أن ينظـر فـي وجـوه كـل بـاب‬
‫وفروقه فينظر في الخبـر‪ ..‬وفـي الشـرط والجـزاء ‪ ,‬إلـى الوجـوه التـي ت ارهـا فـي قولـك (إن تخـرج‬
‫اخ ــرج ) و(إن تخ ــرج فأن ــا خ ــارج ) و ( وأن ــا خ ــارج إن خرج ــت ) ‪ ...‬فيع ــرف لك ــل م ــن ذل ــك‬
‫(‪)716‬‬
‫وتـابع ابـن جنـي المعاصـرين فـي تفسـيرهم الفـروق‬ ‫موضعه ويجيء بـه حيـث ينبغـي لـه))‬
‫الدالليـة بـين األنمـاط الشــرطية الفعليـة ‪ .‬فـذكر الـدكتور مصــطفى جـواد (إن الفعـل المعبـر عنــه‬
‫بفعل الشرط إذا كثر حدوثه استعمل الماضي ‪ ,‬واذا قل حدوثـه اسـتعمل المضـارع ‪ ,‬فالماضـي‬
‫(‪)711‬‬
‫ويقتــرب ذلــك‬ ‫أولــى بــالكثير ألنــه كالحــادث ‪ ,‬والمضــارع أولــى بالقليــل ألنــه لــم يحــدث )‪.‬‬
‫م ــن رأي ال ــدكتور المخزوم ــي بقول ــه ( أن المـ ــتكلم باس ــتعمال ص ــيغة الماض ــي ي ــوهم الســـامع‬
‫(‪)715‬‬
‫ثم إن الفعـل الماضـي فـي هـذه اآليـة يجـزم محـالً ألنـه‬ ‫برجحان احد الطرفين على اآلخر)‬
‫محمول علـى المضـارع المجـزوم لفظـاً فيكـون مبنيـاً كالشـأن فـي األفعـال الماضـية ‪ ,‬ولكنـه فـي‬
‫(‪)713‬‬
‫باسـتقراء هـذا الـنمط نجـد الصـورة قـد عبـرت‬ ‫محل جزم ألنه فعل الشرط أو فعل الجـواب‪.‬‬
‫عن ارتباط بالزمن الماضي‪ ,‬وعند حدث مضى ‪ ,‬ومن ثم هذا الـنمط يحتـوي علـى خصـائص‬
‫بنائية وداللية‪ ,‬فعند فحص الظـواهر اللغويـة المتصـلة بهـذا الـنمط فـي موضـوع بحثنـا فـي قولـه‬
‫‪‬ولــو شــاء اهلل لجعلكــم أمــة واحــدة ‪‬المائــدة‪ 18/‬فــان المعنــى الــذي عبــر عنــه ســبحانه مــن‬
‫خالل هذه الصورة النمطية هو ان اهلل تعالى لو شاء اجتماعكم على االسـالم ألجبـركم عليـه ‪,‬‬
‫إذ انه لو اراد ان يجعل من جميع ابنـاء البشـر أمـة واحـدة تتبـع دينـاً واحـداً وشـرعة واحـدة لقـدر‬
‫عل ــى ذل ــك ‪ ,‬ولك ــن ه ــذا االم ــر يتن ــافى م ــع ق ــانون التكام ــل الت ــدريجي وحرك ــة م ارح ــل التربي ــة‬
‫المختلفــة (‪ )711‬أمــا الداللــة المعنويــة التــي اشــار اليهــا البــاري عـ ّـز وجــل فــي قولــه تعــالى ‪َ ‬وِا َذا‬
‫َم َّنا َوقَ ْد َد َخلُـوا ِبـا ْل ُك ْف ِر ‪‬المائـدة‪ 37/‬مـن هـذا الـنمط يتبـين لنـا ان جماعـة مـن‬ ‫اءو ُك ْم قَالُوا ي َ‬
‫َج ُ‬
‫اليهــود يــدخلون علــى رســول اهلل فيظهــرون لــه االيمــان نفاقــا لكــنهم يخرجــون بكفــرهم كمــا دخلـوا‬
‫فيه ‪ ,‬ولم يتعلقوا في شيء مما سمعوا مـن تـذكير او موعظـة ‪ ,‬ومعنـى (هـم) فـي اآليـة للتأكيـد‬
‫(‪)718‬‬
‫امـا الداللـة المعنويـة فـي قولـه تعـالى ‪ ‬كلمـا أوقـدوا نـا ار للحـرب‬ ‫في إضافة الكفر الـيهم ‪.‬‬
‫أطف ا اهلل‪ ‬المائدة‪ 31/‬حيـث اشـارت الـى الجهـود والمسـاعي التـي كـان يبـذلها اليهـود لتـأجي‬

‫الصفحة ‪229‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫ني ـران الحــرب المــدمرة والماحقــة بالمســلمين ولكــن عنايــة اهلل ولطفــه بهــم انقــذهم منهــا ‪ ,‬فكلمــا‬
‫أرادوا محاربة غلبوا من قبل اهلل تعالى‪ .‬فكلما افادت استم اررية فعلهم الشنيع‪.‬‬
‫النمط الثاني‬
‫وقــد جمعنــا فيــه ص ـورتين االولــى تتكــون صــورته مــن ‪ :‬أداة الشــرط ش فعــل الشــرط (فعــل‬
‫مض ــارع) ش ج ـ ـواب الشـ ــرط (فعـ ــل مضـ ــارع مثب ــت )‪ ,‬امـ ــا الصـ ــورة الثانيـ ــة تتكـ ــون مـ ــن ‪ :‬أداة‬
‫الشــرط ش فعــل الشــرط ( فعــل مضــارع) ش ج ـواب الشــرط ( فعــل مضــارع منفــي )‪ ,‬ولكــل مــن‬
‫ـن اللَّ ِـه‬
‫ـه ِم َ‬‫ـه َفلَ ْـن تَ ْملِـ َ لَ ُ‬
‫ـه ِفتْ َنتَ ُ‬
‫الصورتين داللة خاصة بها ‪ .‬نحو قولـه تعـالى ‪َ ‬و َم ْـن ُي ِـرِد اللَّ ُ‬
‫ش ْـي ًئا‪ ‬المائـدة‪12/‬‬ ‫ض رـرو َ َ‬ ‫ض َعـ ْن ُه ْم َفلَ ْـن َي ُ‬ ‫ش ْي ًئا‪ ‬المائدة‪ 17/‬ومثله قزلـه تعـالى ‪َ ‬وِا ْن تُ ْع ِـر ْ‬ ‫َ‬
‫سـ َلُوا َع ْن َهـا ِح َ‬
‫ـين ُي َن َّـز ُل ا ْلقُ ْـري ُ‬
‫َن‬ ‫اء إِ ْن تُْب َـد لَ ُك ْـم تَ ُ‬
‫س ْـؤ ُك ْم َوِا ْن تَ ْ‬ ‫ش َي َ‬
‫س َلُوا َع ْن أَ ْ‬
‫وقوله تعالى ‪َ ‬ال تَ ْ‬
‫تُْبـ َـد لَ ُكـ ْـم َعفَــا اللَّـ ُ‬
‫ـه َع ْن َهــا ‪ ‬المائــدة‪ 717/‬إن هــذا التركيــب المكــون مــن فعلــين مضــارعين عــده‬
‫النحاة التركيب األساس في الشرط ‪ ,‬وهو في سياق أدوات الشرط الجازمـة وصـيغة المضـارعة‬
‫الدالة علـى المسـتقبل ويكـون فيهـا الفعـل مجزومـاً ‪ .‬وهنـاك رأي للـدكتور المخزومـي يـذهب فيـه‬
‫(‪)719‬‬
‫وقـد‬ ‫((إن الشرط خلو من الداللة على الزمان أكان علـى (يفعـل) أم علـى (فعـل ) ‪.))...‬‬
‫بنــي علــى هــذا ال ـرأي جــزم المضــارع فــي الجملــة الشــرطية (( فلمــا كانــت صــيغة (يفعــل) فــي‬
‫الشرط ال داللة لها على الزمان جزمت ألنه صيغة (يفعل) إما أن تدل على الحاضر فترفـع ‪,‬‬
‫أو تـدل علــى المسـتقبل فتنصــب ‪ ,‬فــ)ذا دلـت علــى غيــر الحاضـر والمســتقبل لــم يكـن فيهــا غيــر‬
‫الجزم ‪ ,‬وصار الجزم شـركة بـين (يفعـل) الدالـة علـى الماضـي نحـو ( لـم يفعـل) و(لمـا يفعـل )‬
‫(‪)771‬‬
‫أم ــا الدالل ــة‬ ‫و (ال يفع ــل) الت ــي ال ت ــدل عل ــى الزم ــان البت ــة ك ــالتي بع ــد أدوات الش ــرط))‪.‬‬
‫المعنويــة التــي انصــرف إليهــا هــذا الــنمط فتوزعــت بــين النصــح واإلرشــاد والحكمــة مــع داللــة‬
‫ـن اللَّ ِـه‬
‫ـه ِم َ‬
‫الحدث على االستمرار والتردد‪ ,‬ففي قوله تعـالى ‪َ ‬و َم ْن ُي ِرِد اللَّ ُه ِفتْ َنتَ ُه َفلَ ْن تَ ْملِ َ لَ ُ‬
‫ش ْي ًئا‪ ‬المائدة‪ 17 /‬فالمعنى الذي يريد ان يهكده اهلل تعالى من خـالل هـذا الـنمط ‪ ,‬هـو ان اهلل‬ ‫َ‬
‫حينم ــا يري ــد ع ــذاب الم ــرء أو اختب ــاره ليفتض ــح فل ــن تس ــتطيع ل ــه م ــن اهلل ش ــيئا فــي دفعــه ألن ــه‬
‫اسـتحق بـذلك عــذاب اهلل ‪ .‬ولـم تعــد تنفـع فيـه شــفاعة الشـافعين ‪ ,‬وقــال الزمخشـري (ت‪568‬هــ)‬

‫الصفحة ‪222‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫(‪)777‬‬
‫أمـا‬ ‫(ومن يرد اهلل فتنته ) تركه مفتونا مخذوالً فلن يستطع له مـن لطـف اهلل وتوفيقـه شـيئا‪.‬‬
‫في قوله تعالى ‪ ‬إن تعرض عنهم فلـن يضـرو شـيئاً ‪ ‬المائـدة‪ 12/‬اراد اهلل تعـالى ان يخبـر‬
‫النبي (ص) من خالل هذه الصورة النمطية بان ههالء اليهود إذا عادوك إلعراضك عـنهم فـان‬
‫اهلل يعصــمك مــنهم ‪ ,‬إذ نجــد فــي هــذه الــنمط صــورة النصــح واإلرشــاد االلهــي لنبيــه الكـريم مــن‬
‫هـهالء اليهــود حيــث يتحــاكمون اليــه لطلــب األيســر و األهــون علــيهم ‪ ,‬فــان اعــرض عــنهم شــق‬
‫(‪)772‬‬
‫رهــا‬
‫امــا قولــه تعــالى ‪َ ‬يــا أَي َ‬ ‫علــيهم ‪ ,‬وكــانوا خلقــاء بــأن يعــادوه ويضــروه فآمنــه اهلل مــنهم ‪.‬‬
‫سـ ْـؤ ُك ْم ‪ ‬المائــدة‪ 717/‬هنــا الداللــة الشــرطية‬ ‫اء إِ ْن تُْبـ َـد لَ ُكـ ْـم تَ ُ‬
‫شـ َـي َ‬
‫س ـ َلُوا َعـ ْـن أَ ْ‬
‫َم ُن ـوا َال تَ ْ‬ ‫الَّـ ِـذ َ‬
‫ين ي َ‬
‫أفادت عـن كـالم مسـتأنف مسـوق للنهـي عـن كثـرة السـهال عـن أمـور ال تعنـيهم ‪ ,‬آلن التكليـف‬
‫(‪)776‬‬
‫بها مما يشق على النفوس ‪ ,‬وفي ذلك من السمو ما هو حري باالتعاظ والتأدب ‪.‬‬
‫النمط الثالث‬
‫وتتكــون صــورته مــن ‪ :‬أداة الشــرط ش فعــل الشــرط (فعــل مــاض) ش ج ـواب الشــرط (فعــل‬
‫ـه ِمـ ْن ُك ْم‬
‫الاـ ْـي َد َوأَْنــتُ ْم ُحـ ُـرم َو َمـ ْـن قَتَلَـ ُ‬
‫َم ُنـوا َال تَ ْقتُلُـوا َّ‬ ‫رهــا الَّـ ِـذ َ‬
‫ين ي َ‬ ‫مضـارع) نحــو قولــه تعــالى‪َ ‬يــا أَي َ‬
‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫متَع مم ًدا فَ َج َزاء ِم ْث ُل ما قَتَ َل ِم َن َّ ِ‬
‫ـام‬
‫ـارة طَ َع ُ‬ ‫الن َعم َي ْح ُك ُم ِبه َذ َوا َع ْدل م ْن ُك ْم َ ْد ًيا َباللَ ا ْل َك ْع َبـة أ َْو َكف َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫ــام‪‬‬‫ــه َع ِزيـــز ُذو ا ْن ِتقَـ ٍ‬ ‫ــه َواللَّـ ُ‬‫ــه ِم ْنـ ُ‬
‫ــاد فَ َي ْنـــتَ ِق ُم اللَّـ ُ‬
‫ــن َعـ َ‬‫َو َمـ ْ‬ ‫اما‬ ‫ِ ِ‬ ‫مسـ ِ‬
‫ين أَ ْو َعـ ْــد ُل َذلـــ َ اـ َــي ً‬
‫ــاك َ‬ ‫َ َ‬
‫ـن‬ ‫ِ‬
‫ـيض مـ َ‬ ‫ِ‬
‫َع ُيـ َن ُه ْم تَفـ ُ‬ ‫ســول تَـ َـر أ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ســم ُعوا َمــا أُْنـ ِـز َل إِلَــى َّ‬ ‫ِ‬
‫الر ُ‬ ‫المائــدة‪ 95/‬ومثلــه قولــه تعــالى ‪َ ‬وِا َذا َ‬
‫ق ‪ ‬المائـدة‪ 86/‬نجـد فعـل الشـرط جـاء ماضـياً وجـواب الشـرط جـاء‬ ‫َّم ِع ِم َّما َع َرفُـوا ِم َ‬
‫ـن ا ْل َحـ م‬ ‫الد ْ‬
‫فعال مضارعاً مرفوعا في اآليتين‪ ,‬وقد ذكر سيبويه في قوله ( وقد تقول اتيتنـي آتيـك أي آتيـك‬
‫(‪)771‬‬
‫فهـو أجــاز رفـع المضــارع بعـد الماضــي وجعلـه علــى نيـة تقديمــه علـى الفعــل‬ ‫ان أتيتنـي )‪.‬‬
‫الماضي ‪.‬ان األصل ان يكـون المضـارع فـي الجـواب مجزومـا ‪ ,‬ولكـن يصـح جزمـه ورفعـه ان‬
‫ك ــان فع ــل الش ــرط ماض ــياً لفظـ ـاً ومعن ــى ‪ ,‬أو معن ــى فق ــط كالمض ــارع المج ــزوم ب ـ ـ (ل ــم) فك ــال‬
‫(‪)775‬‬
‫أي‪ :‬إذا كان الشرط ماضياً والجـزاء مضـارعاً ‪ ,‬جـاز‬ ‫الضبطين حسن ولكن الجزم أحسن‪.‬‬
‫جــزم الج ـزاء ورفعــه وكالهمــا حســن ‪ .‬وهنــاك رأي لســيبويه تابعــه بعــض أئمــة النحــو يقــول (إن‬
‫المضــارع المرف ــوع بع ــد فع ــل الشــرط الماض ــي – مث ــل ‪ :‬إن رأتن ــي تمي ـ ‪,‬ل عن ــي ‪ ,...‬ل ــيس ه ــو‬

‫الصفحة ‪222‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫جواب الشرط ‪ ,‬وانما هو دليـل علـى الجـواب ‪ ,‬وتسـميته بـالجواب ‪ :‬تسـاهل ‪ ,‬أو مجـاز لداللتـه‬
‫علــى الجـواب ‪ ,‬والجـواب الحقيقــي محــذوف ‪ ,‬وهــذا المضــارع المرفــوع قــد تــأخر مــع فاعلــه عــن‬
‫موض ــعهما األص ــلي ال ــذي يس ــبق أداة الش ــرط واألص ــل عن ــده ‪ :‬تمي ــل عن ــي إن رأتن ــي تم ــل ‪.‬‬
‫فــالجواب محــذوف دل عليــه جملــة ‪ (:‬تميــل عنــي)‪ .‬وهــذه الجملــة المتقدمــة علــى أداة الشــرط قــد‬
‫تركـت موضــعها وجــاءت متــأخرة عــن الجملــة الشـرطية ‪ ,‬ففــي الكــالم أمـران ‪ ,‬حــذف الجـواب ‪,‬‬
‫وتــأخير مــا يــدل عليــه ‪ .‬وعلـى هــذا ال يجــوز جــزم مــا عطــف علــى هــذا المضــارع ‪ ,‬ويجــوز أن‬
‫(‪)773‬‬
‫أمـا‬ ‫يفسر ناصباً لالسم الذي قد يكون قبـل األداة ‪ ,‬مثـل ‪ :‬محمـد إن جـاء أكرمـه وأرعـاه ‪.‬‬
‫الكوفيون فيرون إن المضارع وما يتصل به هـو الجـواب ولكـن علـى تقـدير (الفـاء) التـي تـدخل‬
‫على الجواب أحيانا‪ ,‬فتقوم فـي إفـادة الـربط بـين جملتـي الشـرط والجـواب مقـام جـزم الفعـل ‪ ,‬وال‬
‫يجزم معها الفعل استغناء المحذوف وخبره هي الجواب الشرط في محـل جـزم ‪ ,‬ويجـب عنـدهم‬
‫رفع المضارع في هذه الصورة ألن المضـارع واقـع فـي حيـز (فـاء) الـربط علـى الصـورة السـالفة‬
‫واجب الرفع بالرغم من ان الفاء هنا مقـدرة ‪ ,‬سـواء كـان فعـل الشـرط ماضـيا نحـو قولـه تعـالى‬
‫(ومــن عــاد فينــتقم اهلل منــه ) أم مضــارعا كقولــه تعــالى (( مــن يــهمن بربــه فــال يخــاف بخسـاً وال‬
‫رهق ـاً)) الجــن‪ 76/‬ففــي الكــالم عنــدهم حــذف (الفــاء) وتقــدير وجودهــا وحــذف المبتــدأ وتكــوين‬
‫جملة منه ومن خبره تعرب جواب الشـرط ‪ ,‬وجملـة الجـواب فـي محـل جـزم ‪ ,‬وهنـاك رأي ثالـث‬
‫ملخصــه‪:‬أن الفعــل المضــارع مرفــوع ال لســبب ممــا ذكــر ‪ ,‬ولكــن ألن ( أداة ) الشــرط لــم يظهــر‬
‫لهــا تــأثير فــي لفظــه ألنهــا عجــزت عــن التــأثير فــي لفــظ فعــل الشــرط الماضــي فضــعفت عــن‬
‫(‪)771‬‬
‫وعنـد النظـر الـى الظـواهر اللغويـة الـواردة‬ ‫الوصول الى المضـارع لتـأثر فـي لفظـه ايضـاً‪.‬‬
‫في هذا النمط ف)نا نجـده فـي قولـه تعـالى ((ومـن عـاد فينـتقم اهلل منـه واهلل عزيـز ذو انتقـام))‬
‫المائدة‪ 95/‬هـو ان مـن لـم يعـتن بهـذه التحـذيرات المتكـررة ولـم يلتفـت الـى أحكـام الكفـارة وكـرر‬
‫مخالفتــه لحكــم الصــيد وهــو محــرم فلــيس عليــه كفــارة وان اهلل ينــتقم منــه ‪ ,‬قــال ابــن عبــاس ( ان‬
‫(‪)778‬‬
‫امــا فــي قولــه تعــالى ‪َ ‬وِا َذا‬ ‫كفــارة عليــه وينــتقم اهلل منــه)‪.‬‬ ‫كـان متعمــدا عالمـاً ب)ح ارمــه فــال‬
‫‪ ‬المائـدة‪ 86/‬إذ جـيء بهـذه‬ ‫َّم ِع‬ ‫ـيض ِم َ‬
‫ـن الـد ْ‬ ‫َع ُيـ َن ُه ْم تَ ِف ُ‬
‫أْ‬ ‫س ِ‬
‫ول تََر‬ ‫س ِم ُعوا َما أُْن ِز َل إِلَى َّ‬
‫الر ُ‬ ‫َ‬

‫الصفحة ‪222‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫الصــورة النمطيــة لتبــين رقــة قلــوب قــوم انقطع ـوا لعبــادة اهلل مخلصــين لــه فهــم فــي شــدة خشــيتهم‬
‫مسارعتهم لقبول الحق وعدم تأبيهم عنه ‪ ,‬وترى اعيـنهم تفـيض مـن الـدمع والفـيض انصـباب‬
‫عن امتالء للمبالغة او جعلت اعينهم من فرط البكاء كأنها تفيض بنفسها ‪ ,‬فهنـا بـرزت اهميـة‬
‫الج ـواب فــي هــذا الجملــة مــن التركيــب الشــرطي ‪ ,‬إذ ان فــيض الــدمع ابتــدأ وانشــأ مــن معرفــة‬
‫(‪)779‬‬
‫الحق‪ ,‬وكان من اجله وسببه أي انهم عرفوا الحق فأبكاهم ‪.‬‬
‫النمط الرابع‬
‫وتتكون صورته من ‪ :‬أداة الشرط ش فعل الشرط (فعل مضارع) ش جواب الشرط (فعل‬
‫ان فَقَ ْد َح ِبطَ َع َملُ ُه ‪ ‬المائدة‪ 5/‬ومثله قوله تعالى‬
‫يم ِ‬ ‫ِب ِْ‬
‫اه َ‬
‫ماضي) نحو قوله تعالى ‪َ ‬و َم ْن َي ْكفُْر‬
‫ش ِر ْ ِباللَّ ِه فَقَ ْد َحَّرَم اللَّ ُه َع َل ْي ِه‬
‫ا ْل َج َّن َةا‪ ‬المائدة‪ 12/‬نجد في هذا النمط ان فعل الشرط‬ ‫‪َ ‬م ْن ُي ْ‬
‫(يكفر) و( يشرك) جاء فعالً مضارعاً مجزوماً بـ (من) في اآليتين ‪ ,‬وقوله (حبط) و(حرم)‬
‫جواب الشرط جاء فعالً ماضياً مبني على الفتح في محل جزم ‪.‬وجواب الشرط في اآليتين‬
‫مقترناً بالفاء (فان كان ماضياً لفظاً ومعنى فالجواب اقترانه بالفاء على تقدير (قد) قبله ان لم‬
‫تكن ظاهرة لتقربه من الحال القريب من االستقبال ‪..‬ان قصد بالماضي الذي معناه المستقبل‬
‫وعد أو وعيد جاز اقتانه بالفاء على تقدي (قد) أجراء له مجرى الماضي لفظاً ومعنى‬
‫للمبالغة في تحقق وقوعه ‪ ,‬وانه بمنزلة ما وقع ‪ )721(.‬أن صورة هذا النمط قليل ورودها ‪,‬‬
‫َخرِة ِم َن ا ْل َخ ِ‬
‫اس ِرين ‪‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ان فَقَ ْد َح ِب َ‬
‫يم ِ‬ ‫ومنه قوله تعالى ‪َ ‬و َم ْن َي ْكفُ ْر ِب ِْ‬
‫ط َع َملُ ُه َو ُ َو في ْاخ َ‬ ‫اه َ‬
‫المائدة‪ 5/‬حيث جيء بهذه الصورة ألن فعل الشرط له داللة استمرار وتردد بينما نجد جوابه‬
‫يفيد داللة القطع والثبوت ‪ ,‬لذا نجد ان اهلل تعالى اراد ان يبين من خالل هذا النمط هو‬
‫شرائع اإلسالم وان الكفر به هو انكاره وقد جيء بجواب الشرط الدال على ان عمله يكون‬
‫قطعاً باطال وقال الزمخشري ( ومن يكفر باإليمان ) أي بشرائع االسالم‪ )727(.‬ونلمح مثل‬
‫الن ُار َو َما لِلظَّالِ ِم َ‬
‫ين‬ ‫ش ِر ْ ِباللَّ ِه فَقَ ْد َحَّرم اللَّ ُه َعلَ ْي ِه ا ْل َج َّن َة َوم َْواهُ َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫هذا في قوله تعالى ‪َ ‬م ْن ُي ْ‬
‫اا ٍر‪ ‬المائدة‪ 12/‬إذ ان اهلل تعالى وعد المشركين بحرمانهم من الجنة ألنهم جعلوا اهلل‬ ‫ِ‬
‫م ْن أَْن َ‬
‫الالمحدود من جميع الجهات متحدا مع مخلوق محدد من جميعها ‪ ,‬وان يصفوا الخالق‬

‫الصفحة ‪222‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫اء‪ ‬النساء‪18/‬‬ ‫َن ُي ْش َر َك بِه َوَي ْغف ُر َما ُد َ‬
‫ون َذل َك ل َم ْن َي َش ُ‬ ‫بصفات المخلوق ‪‬إِ َّن الل َه َال َي ْغف ُر أ ْ‬
‫فجواب الشرط هنا جاء معب ًار في اآليتين الكريمتين عن مسألة ثابتة في مصير من يشرك‬
‫باهلل تعالى ‪ ,‬أو من يكفر بشرائع دينه فال ناصر له وال مساعد فيما افترى وتقول على اهلل‬
‫سبحانه وتعالى ‪..‬‬
‫النمط الخامس‬
‫وتتكون صورته من ‪ :‬أداة الشرط ش فعل الشرط (فعل ماض) ش جواب الشرط (فعل‬
‫رها الَّ ِذ َ‬
‫ين‬ ‫طلبي) كقوله تعالى ‪‬واذا حللتم فااطادوا ‪ ‬المائدة‪ 2/‬ومثله قوله تعالى ‪َ ‬يا أَي َ‬
‫ق وامسحوا ِبرء ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يَم ُنوا إِ َذا قُمتُم إِلَى َّ ِ‬
‫وس ُك ْم َوأ َْر ُجلَ ُك ْم‬ ‫الا َ ة فَا ْغسلُوا ُو ُجو َ ُك ْم َوأ َْيد َي ُك ْم إِ َلى ا ْل َم َراف ِ َ ْ َ ُ ُ ُ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ‬
‫َحد ِم ْن ُك ْم ِم َن‬ ‫سفَ ٍر أ َْو َج َ‬
‫اء أ َ‬ ‫ضى أ َْو َعلَى َ‬ ‫إِلَى ا ْل َك ْع َب ْي ِن َوِا ْن ُك ْنتُ ْم ُج ُن ًبا فَاطَّ َّه ُروا َوِا ْن ُك ْنتُ ْم َم ْر َ‬
‫س ُحوا ِب ُو ُجو ِ ُك ْم َوأ َْي ِدي ُك ْم‬ ‫اء َفلَ ْم تَ ِج ُدوا‬
‫ام َ‬ ‫يدا طَ مي ًبا فَ ْ‬
‫س َ‬ ‫ا ِع ً‬
‫ستُ ُم ال من َ‬
‫اء فَتََي َّم ُموا َ‬ ‫َم ً‬
‫ِِ‬
‫ا ْل َِائط أ َْو َال َم ْ‬
‫ط مه َرُك ْم َوِل ُي ِت َّم ِن ْع َمتَ ُه َعلَ ْي ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْم‬
‫يد لِ ُي َ‬
‫َح َر ٍج َولَ ِك ْن ُي ِر ُ‬
‫يد اللَّ ُه لِ َي ْج َع َل َع َل ْي ُك ْم ِم ْن‬‫ِم ْن ُه َما ُي ِر ُ‬
‫ون‪ ‬المائدة‪ 3/‬نجد ان افعال الشرط جاءت فعل ماضية وجوابها جاءت افعال طلبية‬ ‫ش ُك ُر َ‬
‫تَ ْ‬
‫مقترنة بالفاء ألنها جاءت بصيغة األمر ‪ .‬وهذا النمط ورد بصورة متكررة في هذه السورة‬
‫ون إِ ْن أُوِتيتُ ْم َ َذا فَ ُخ ُذوهُ َوِا ْن لَ ْم تُ ْؤتَْوهُ فَ ْ‬
‫اح َذ ُروا ‪‬‬ ‫المباركة نجده في قوله تعالى ‪َ ‬يقُولُ َ‬
‫المائدة‪ 17/‬ان الجملة الشرطية الواردة في هذا النمط في اآلية الثانية من هذه السورة المباركة‬
‫خصصت حكم حرمة الصيد بوقت االحرام فقط ‪ ,‬واعلنت ان الخروج من حال اإلحرام ايذان‬
‫بجواز الصيد ‪ ,‬وهذا ما اكده الطبرسي (ت‪518‬هـ) في مجمع البيان معناه إذا حللتم من‬
‫(‪)722‬‬
‫احرامكم فاصطادوا فيها الصيد الذي نهيتم عنه ان شئتم حينئذ ألن سبب المحرم قد زال‪.‬‬
‫َم ُنوا إِ َذا قُ ْمتُ ْم إِ َلى‬ ‫ين ي َ‬ ‫رها الَّ ِذ َ‬ ‫اما الداللة الشرطية التي أفادها هذا النمط في قوله تعالى ‪َ ‬يا أَي َ‬
‫ق وامسحوا ِبرء ِ‬
‫وس ُك ْم َوأ َْر ُجلَ ُك ْم إِلَى ا ْل َك ْع َب ْي ِن َوِا ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫الا َ ة فَا ْغسلُوا ُو ُجو َ ُك ْم َوأ َْيد َي ُك ْم إِلَى ا ْل َم َراف ِ َ ْ َ ُ ُ ُ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ضى أَو علَى سفَ ٍر أَو جاء أ ِ‬
‫ستُ ُم‬‫َحد م ْن ُك ْم م َن ا ْل َِائط أ َْو َال َم ْ‬ ‫َ ْ َ َ َ‬ ‫ُك ْنتُ ْم ُج ُن ًبا فَاطَّ َّه ُروا َوِا ْن ُك ْنتُ ْم َم ْر َ ْ َ‬
‫يد اللَّ ُه‬‫س ُحوا ِب ُو ُجو ِ ُك ْم َوأ َْي ِدي ُك ْم ِم ْن ُه َما ُي ِر ُ‬ ‫ام َ‬ ‫يدا طَ مي ًبا فَ ْ‬ ‫ا ِع ً‬‫اء فَتََي َّم ُموا َ‬ ‫اء َفلَ ْم تَ ِج ُدوا َم ً‬ ‫س َ‬ ‫ال من َ‬
‫ون‪ ‬المائدة‪3/‬‬ ‫يد لِ ُيطَ مه َرُك ْم َولِ ُي ِت َّم ِن ْع َمتَ ُه َع َل ْي ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْم تَ ْ‬
‫ش ُك ُر َ‬ ‫لِ َي ْج َع َل َع َل ْي ُك ْم ِم ْن َح َر ٍج َولَ ِك ْن ُي ِر ُ‬

‫الصفحة ‪227‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫هي تعبير عن فعل اإلرادة عند القيام الى الصالة فعبر عن ارادة الفعل المسبب عنها‬
‫لإليجاز والت نبيه على ان من اراد العبادة ينبغي له ان يبادر اليها ‪ ,‬وقيل معنى (قمتم الى‬
‫الصالة ) قصدتموها ألن من توجه الى شيء وقام اليه كان قاصدا له ‪ ,‬فعبر عن القصد له‬
‫بالقيام اليه ‪ ,‬وظاهر اآلية يدل على ان الوضوء واجب على كل من قام الى الصالة إذا‬
‫كنتم محدثين الحدث االصغ ر ‪ ,‬أما اذا كنتم محدثين الحدث االكبر فيجب غسل جميع‬
‫الجسد (إذا قمتم الى الصالة) وفي الجنابة ( وان كنتم مرضى ) ألن ( إذا) تدخل على‬
‫الكائن أو منتظر ال محالة و(أن) تدخل على أمر ربما كان وربما ال يكون ‪ ,‬والقيام الى‬
‫(‪)726‬‬
‫فهنا نجد ان الشرط‬ ‫الصالة مالزم والجنابة ليس بمالزمة ‪ ,‬فهنا قد توجد او ال توجد‪.‬‬
‫والجواب قد افاد حكماً شرعياً في الوضوء والطهارة ثم عاد إلتمام الجملة المعلقة في نهاية‬
‫اآلية فقال (( فتيمموا صعيدا طيباً)) أما الداللة الوظيفية التي اشارة اليها هذا النمط في قوله‬
‫ون إِ ْن أُوِتيتُ ْم َ َذا فَ ُخ ُذوهُ َوِا ْن لَ ْم تُ ْؤتَْوهُ فَ ْ‬
‫اح َذ ُروا‪‬المائدة‪ 17/‬هي انها افادت حكم‬ ‫تعالى ‪َ ‬يقُولُ َ‬
‫المحرف المزال عن مواضعه فخذوه‬
‫ّ‬ ‫ههالء اليهود ‪ ,‬فقال الزمخشري عنهم ‪ :‬ان أوتيتم هذا‬
‫واعلموا أنه الحق واعملوا به‪ )721(.‬واضاف ابو حيان قولهم ‪ :‬ان افتاكم محمد بخالفه‬
‫(‪)725‬‬
‫فاحذروا واياكم من قبوله فهو الباطل ‪ ,‬وقيل ‪ ..‬فاحذروا ان تعملوا بقوله السديد ‪.‬‬
‫النمط السادس‬
‫وقــد تتكــون صــورته مــن ‪:‬أداة الشــرط ش فعــل الشــرط (فعــل مضــارع مثبــت أو منفــي) ش‬
‫ج ـواب الشــرط جملــة اســمية‪ .‬ومــن صــور هــذا الــنمط الشــرطي اقت ـران ج ـواب الشــرط بـ ـ (الفــاء)‬
‫الرابطــة التــي تفيــد ربــط وتقويــة الجملــة الشــرطية ولكــي ال تكــون جملــة احــدهما مســتقلة بمعناهــا‬
‫عن األخرى بعد زوال الجزم الذي كان يربط بينهما ‪ ,‬فهي للربط المحض الدال علـى التعليـل‪,‬‬
‫ول ــيس للعط ــف وال لغيـ ـره ‪ .‬فله ــا وظيف ــة بنائي ــة وه ــي عق ــد الص ــلة ‪ ,‬والـ ـربط ب ــين أجـ ـزاء جمل ــة‬
‫الشرط‪ .‬أي إذا كـان الجـواب ال يصـلح أن يكـون شـرطا وجـب اقت ارنـه بالفـاء ‪ ,‬وان هـذه (الفـاء)‬
‫تأتي للتعليل وال يكون الجواب إال بها‪ .‬ومن اآليات التي وردت فـي هـذه الصـورة النمطيـة قولـه‬
‫ـون‪ ‬المائـدة‪ 22/‬ومثلـه قولـه تعـالى‬ ‫تعالى ‪ ‬حتَّى ي ْخرجوا ِم ْنها فَـِب ْن ي ْخرجـوا ِم ْنهـا فَِب َّنـا َد ِ‬
‫اخلُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُُ‬

‫الصفحة ‪228‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫يم )) المائدة‪ 778/‬ومثلـه قولـه‬ ‫ِ‬ ‫اد َ َوِا ْن تَ ِْ ِف ْر لَ ُه ْم فَِب َّن َ أَْن َ‬
‫ت ا ْل َع ِز ُ‬ ‫‪‬إِ ْن تُ َع مذ ْب ُه ْم فَِب َّن ُه ْم ِع َب ُ‬
‫يز ا ْل َحك ُ‬
‫ُع مذ ُب ُ‬ ‫ِ‬ ‫ال اللَّ ُ‬
‫ـه َعـ َذ ًاباَ‪ ‬المائـدة‪775/‬‬ ‫ـه إِمنـي ُم َنمزلُ َهـا َعلَ ْـي ُك ْم فَ َم ْـن َي ْكفُ ْـر َب ْع ُـد مـ ْن ُك ْم فَـِب مني أ َ‬ ‫تعالى ‪‬قَ َ‬
‫ــــز َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ــــه ورســـــولَ ُه والَّـ ِ‬
‫ــــم‬ ‫َم ُنـــــوا فَـــــِب َّن حـ ْ َ‬
‫ب اللـــــه ُـ ُ‬ ‫ين ي َ‬
‫ــــذ َ‬ ‫َ‬ ‫ــــو َّل اللَّـ َ َ َ ُ‬ ‫ــــن َيتَـ َ‬‫ومثلـ ــه قولـ ــه تعـ ــالى ‪َ ‬و َمـ ْ‬
‫ون‪‬المائــدة‪ 53/‬ان الجملــة الشــرطية ال ـواردة فــي هــذا الــنمط مــن اآليــة ‪ 22‬افــادت داللــة‬ ‫ا ْل َِــالِ ُب َ‬
‫معنويــة واضــحة بــين شــرط وج ـزاء حيــث اشــارت الــى تص ـريح باالمتنــاع التــام مــن ان يقــاتلوا‬
‫الجبابرة وبذلك كان النفي بـ(لن) ومعنى (حتى يخرجوا منهـا) بقتـال غيرنـا ‪ ,‬او بسـبب يخـرجهم‬
‫اهلل به فيخرجون ( فان يخرجون منها فانا داخلون) وهذا توجيه منهم ألنفسهم بخـروج الجبـارين‬
‫منها ‪ ,‬إذ علقوا دخولهم على شـرط ممكـن وقوعـه ‪ ,‬وهـذا يـدل علـى نكوصـهم عـن القتـال مـن‬
‫(‪)723‬‬
‫أمـا الداللـة الوظيفيـة التـي اشـارت لهـا اآليـة‬ ‫ركبـه اهلل فـيهم)‪.‬‬
‫خور الطبيعـة والجـبن الـذي ّ‬
‫سولَ ُه ) المائدة‪ 53/‬ضمن هذا النمط فقد اشار ابـو حيـان الـى ان جـواب‬ ‫( َو َم ْن َيتََو َّل اللَّ َه َو َر ُ‬
‫(مــن) محــذوف احتمــاالً لداللــة مــا بعــده عليــه أي‪ :‬يكــن مــن حــزب اهلل ويغلــب ‪ ,‬ويحتمــل ان‬
‫يكـ ــون الج ـ ـواب (فـ ــان حـ ــزب اهلل هـ ــم الغـ ــالبون) جملـ ــة اسـ ــمية‪ .‬أي الـ ــذي يتـ ــولى اهلل ورسـ ــوله‬
‫(‪)721‬‬
‫غالب‪.‬‬
‫ال اللَّ ُه إِ مني ُم َنمزلُ َها َعلَ ْي ُك ْم فَ َم ْن َي ْكفُْر )‬
‫أما الداللة الوظيفية التي اشارت لها اآلية ‪‬قَ َ‬
‫المائدة‪ 775/‬هو ان اهلل تعالى حين انزل مائدة من السماء شرط عليهم شرط المتعارف في‬
‫(‪)728‬‬
‫أما الداللة التي اشار لها قوله‬ ‫االمم انه من يكفر بعد آية االقتراع عذب اشد العذاب ‪.‬‬
‫‪ ‬المائدة‪ 778/‬قال الزمخشري (فانهم عبادك) والذين‬ ‫تعالى ‪ ‬إِ ْن تُ َع مذ ْب ُه ْم فَِب َّن ُه ْم ِع َب ُ‬
‫اد َ‬
‫عذبتهم جاحدين آلياتك مكذبين ألنبيائك ( وان تغفر لهم فانك انت العزيز الحكيم) القوي‬
‫على الثواب والعقاب ‪ ,‬والحكيم الذي ال يثيب و ال يعاقب إال عن حكمة وصواب‪ ,‬وهنا‬
‫العزيز الحكيم يجمع الشرطين ‪ ,‬أي ان تغفر لهم فانت عزيز حكيم ‪ ,‬وان تعذبهم فانت عزيز‬
‫(‪)729‬‬
‫واضاف العالمة االلوسي ان قوله‬ ‫حكيم في األمرين كالهما من التعذيب والغفران‪.‬‬
‫تعالى (ان تعذبهم فانهم عبادك) على معنى ان تعذبهم لم يلحقك بتعذيبهم اعتراض ‪ ,‬ألنك‬
‫المالك المطلق لهم ‪ ,‬و ال اعتراض على المالك المطلق فيما يفعله في ملكه ‪ ,‬وقيل على‬

‫الصفحة ‪222‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫معنى ‪ :‬ان تعذبهم لم يستطع احد منهم على دفع ذلك عن نفسه النهم عبادك االرقاء في‬
‫اسر ملكك ‪ ,‬وماذا تبلغ قدرة العبد في جنب قدرة مالكه ‪ ,‬وقيل ‪ :‬ان تعذبهم فانهم يستحقون‬
‫ذلك النهم عبادك وقد عبدوا غيرك ‪ ,‬وقوله ( وان تغفر لهم فانك انت العزيز الحكيم) أي‪:‬‬
‫فان تغفر لهم ما كان منهم ال يلحقك عجز بذلك و ال استقباح فانك القوي القادر على جميع‬
‫المقدورات التي من جملتها الثواب والعقاب الحكيم الذي ال يرد وال يفعل إال ما فيه الحكمة‬
‫َي ْح ُك ْم‬ ‫‪ )761(.‬وفي بعض االحيان ورد فعل الشرط مجزوما بـ (لم) نحو قوله تعالى (( َو َم ْن لَ ْم‬
‫َبلَّ ِْ َت‬ ‫ون‪ ‬المائدة‪ 11/‬ومثله قوله تعالى ‪َ ‬وِا ْن لَ ْم تَ ْف َع ْل فَ َما‬ ‫ِبما أَْن َز َل اللَّ ُه فَ ُولَ ِئ َ ُم ا ْل َك ِ‬
‫اف ُر َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ا َيام ثََ ثَ ِة أَي ٍ‬
‫ِ ِ‬
‫َّام ‪ ‬المائدة‪89/‬‬ ‫سالَتَ ُه‪ ‬المائدة‪ 31/‬وقوله تعالى ‪‬فَ َم ْن لَ ْم َيج ْد فَ ُ‬ ‫ِر َ‬
‫النمط السابع‬
‫تتكون صورته من ‪ :‬أداة الشرط ش فعل الشرط (فعل ماض) ش جواب الشرط ( جملة‬
‫اسمية) ومن صور هذا النمط الشرطي اقتران جواب الشرط بـ (الفاء) الرابطة التي تفيد ربط‬
‫وتقوية الجملة الشرطية ولكي ال تكون جملة احدهما مستقلة بمعناها عن األخرى بعد زوال‬
‫الجزم الذي كان يربط بينهما ‪ ,‬فهي للربط المحض الدال على التعليل ‪ .‬فلهذه الفاء وظيفة‬
‫بنائية وهي عقد الصلة ‪ ,‬والربط بين أجزاء جملة الشرط ‪ .‬أي إذا كان الجواب ال يصلح أن‬
‫يكون شرطاً وجب اقترانه بالفاء ‪ ,‬وقد الحظ الخليل بن احمد الفراهيدي (ت ‪711‬هـ) ان‬
‫اقتران الفاء بجملة الجواب سبب في تغاير طبيعة الجمل التي تنهض عليها حتى ال تنصرف‬
‫(‪)767‬‬
‫يأخذ سيبويه بنظرية‬ ‫جملة جواب الشرط الى االستئناف بدال من التعليق بجملة الشرط ‪.‬‬
‫المشاكلة بين الصيغ التي تقع في التركيب الشرطي ‪ ,‬وهذه المشاكلة اساسية جدا‪ ,‬لكونها‬
‫إحدى القرائن في ربط جملتين فقدتا خصائصهما األولى وك ّونتا جملة مركبة لها سمات‬
‫وخصائص بنائية وداللية جديدة ‪ ,‬وعندما تتعرض هذه المشاكلة الى صدع تأتي (فاء) الربط‬
‫(‪)762‬‬
‫أما عباس حسن فقد اعطاها وظيفة الربط المعنوي بين جملتي الشرط‬ ‫في محاولة لرأبه‪.‬‬
‫وذلك ان (هذه الفاء زائدة للربط المحض الدال على التعليل وليس للعطف وال لغيره ‪ ,‬وال تفيد‬
‫معنى اال عقد الصلة ومجرد الربط المعنوي بين جملة الجواب وجملة الشرط ‪ ,‬كي ال تكون‬

‫الصفحة ‪222‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫إحداهما مستقلة بمعناها عن االخرى بعد زوال الجزم الذي كان يربط بينهما)‪ )766( .‬ومن‬
‫اضطَُّر ِفي م ْخما ٍة َغ ْير متَج ِان ٍ‬
‫ف ِِه ثٍْم‬ ‫اآليات التي وردت في هذا النمط قوله تعالى ‪ ‬فَ َم ِن ْ‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ت إِلَ َّي َي َد َ ِلتَ ْقتُلَ ِني َما أََنا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فَِب َّن اللَّ َه َغفُور َرحيم ‪ ‬المائدة‪ 6/‬ومثله قوله تعالى ‪‬لَئ ْن َب َ‬
‫س ْط َ‬
‫ين ‪ ‬المائدة‪ 28/‬ومثله قوله‬ ‫ب ا ْل َعالَ ِم َ‬
‫اف اللَّ َه َر َّ‬ ‫َخ ُ‬ ‫ي إِلَ ْي َ ِألَقْتُلَ َ إِمني أ َ‬ ‫ٍِ ِ‬
‫ِب َباسط َيد َ‬
‫وب َعلَ ْي ِه ‪ ‬المائدة‪69/‬‬ ‫َالَ َح فَِب َّن اللَّ َه َيتُ ُ‬
‫ِ ِِ‬ ‫تعالى ‪‬فَم ْن تَ ِ‬
‫اب م ْن َب ْعد ظُ ْلمه َوأ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫إذن تلك أهم األنماط الشرطية وداللتها الوظيفية الواردة ‪ ,‬والمتكررة في هذه السورة‬
‫المباركة ‪ ,‬فقد تبين من خالل بحثنا المتواضع ( الشرط وداللته الوظيفية في سورة المائدة )‬
‫تبين من ذلك مفهوم الشرط ‪ ,‬وصوره البيانية والمعاني الوظيفية التي أشارت لها من خالل‬
‫تشريع احكام او بيان علة ‪ ,‬او تفسير مدلول آية ‪ ,‬من خالل تلك األنماط التي وردت‬
‫عليها ‪ .‬كما توصلنا إلى المعاني الوظيفية لبعض أدوات الشرط وداللتها وكيفية استعمالها‬
‫في الشرط لتهدي وظيفتي الربط والتعليق بين عبارتي الشرط والجزاء ‪ ..‬ومن خالل عملية‬
‫االستقراء لتلك النصوص المتضمنة اسلوب الشرط اتضح لنا مدى االلتقاء بين ما اقره النحاة‬
‫من قواعد واحكام وبين الواقع النحوي لتلك النصوص لذا تضمن بحثنا جانبين في التحليل‬
‫النحوي للشرط في هذه السورة المباركة احدهما نظري واآلخر تطبيقي‪ .‬فاعتمد األول على‬
‫آراء النحويين وبعض المفسرين في توجيه التراكيب الواردة في هذا االسلوب ‪ ,‬وعني الجانب‬
‫التطبيقي بتقصي تلك الظواهر والتراكيب النحوية الواردة ‪ .‬وتبين لنا ان الجملة الشرطية في‬
‫سورة المائدة قد حافظت على نظامها إال في بعض اآليات المباركة حصل فيها تقديم جواب‬
‫الشرط على فعله ألسباب ذكرناها ‪ ,‬وتبين لنا ان الداللة الزمنية في الجملة الشرطية غير‬
‫محددة فهي زمن سياقي يقع على جميع اقسام الزمن وجهاته و وان االدوات الشرطية ( إن ‪,‬‬
‫إذا ‪ ,‬لو ) قد شكلت الحجم األكبر في موضع بحثنا ‪ ,‬وهذا ما يتفق مع اآلراء النحوية التي‬
‫عدت تلم األدوات الثالثة أساسية في الشرط ‪.‬وختاماً أرجو من اهلل إن يوفقني فيما ذهبت‬
‫إليه ‪ ,‬ومن اهلل السداد والتوفيق‪.‬‬

‫الصفحة ‪222‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫الهوامش‪:‬‬
‫‪ -7‬دالئل االعجاز ‪789‬‬
‫‪ -2‬مغني اللبيب ‪93/7‬‬
‫‪ -6‬األصول في النحو ‪ , 785/2‬شرح المفصل ‪753/8‬‬
‫‪ -1‬في النحو العربي ‪ -‬نقد وتوجيه ‪285‬‬
‫‪ -5‬قطر الندى ‪ , 285‬النحو الوافي ‪671/1‬‬
‫‪ -3‬الكافية ‪72/7‬‬
‫‪ -1‬شرح ابن عقيل ‪657 /2‬‬
‫‪-8‬النحو الوافي ‪678 /1‬‬
‫‪ -9‬المصدر نفسه ‪621/1‬‬
‫‪ -71‬ينظر‪ :‬مغني اللبيب ‪613 /2‬‬
‫‪ -77‬الكتاب ‪761 /7‬‬
‫‪ -72‬األصول ‪731/2‬‬
‫‪ -76‬ينظر‪ :‬شرح األشموني ‪29/1‬‬
‫‪ -71‬الكافية ‪777/2‬‬
‫‪ -75‬الجنى الداني ‪568‬‬
‫‪ -73‬النحو الوافي ‪676 /1‬‬
‫‪ -71‬المصدر نفسه ‪631 /1‬‬
‫المفصل ‪2/9‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -78‬شرح‬
‫‪ -79‬شرح ابن عقيل ‪615 /2‬‬
‫المفصل ‪6/9‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -21‬شرح‬
‫‪ -27‬ينظر التركيب اللغوي ‪11‬‬
‫‪ -22‬ينظر شرح المفصل ‪2/9‬‬
‫ينظر البالغة فنونها وافنانها ‪256‬‬ ‫‪-26‬‬

‫الصفحة ‪229‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫‪ -21‬ينظر المصدر نفسه ‪251‬‬


‫‪ -25‬الكشاف ‪ , 769 /2‬البالغة فنونها وافنانها ‪256‬‬
‫‪ -23‬ينظر النحو الوافي ‪663/1‬‬
‫‪ -21‬ينظر البرهان ‪ , 791/1‬ومعاني النحو – فاضل السامرائي ‪51/1‬‬
‫المفصل ‪33 /2‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -28‬ينظر‬
‫‪ -29‬ينظر الكتاب ‪615 /2‬‬
‫‪ -61‬ينظر الجملة العربية ‪211‬‬
‫‪ -67‬الكتاب‪36 /6‬‬
‫‪ -62‬شرح المصل ‪17 /1‬‬
‫‪ -66‬المقتضب ‪53/2‬‬
‫‪ -61‬شرح المفصل ‪17/1‬‬
‫‪ -65‬المصدر نفسه ‪755 /8‬‬
‫‪ -63‬االنصاف ‪321 /2‬‬
‫‪ -61‬شرح المفصل ‪9/9‬‬
‫‪ -68‬ينظر النحو الوافي ‪2/1‬‬
‫‪ -69‬الكتاب ‪761 /7‬‬
‫‪ -11‬االصول في النحو ‪731 /2‬‬
‫‪ -17‬الكتاب ‪619 /2‬‬
‫‪ -12‬المقتضب ‪57-51 /2‬‬
‫‪ -16‬ينظر شرح ابن عقيل ‪615 /2‬‬
‫‪ -11‬ينظر االيضاح ‪88 /7‬‬
‫‪ -15‬النحو الوافي ‪666 /1‬‬
‫‪ -13‬ينظر المصدر نفسه ‪625 /1‬‬
‫‪ -11‬ينظر الخصائص ‪ , 711/7‬والتركيب اللغوي ‪88‬‬
‫‪ -18‬ينظر الكافية ‪ , 777/6‬واللغة العربية معناها ومبناها ‪772‬‬

‫الصفحة ‪222‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫‪ -19‬الكتاب ‪262/1‬‬
‫‪ -51‬ينظر التركيب اللغوي ‪89‬‬
‫‪ -57‬في النحو العربي ‪ -‬قواعد وتطبيق ‪722‬‬
‫‪ -52‬الطراز ‪211 /6‬‬
‫‪ -56‬الشرط بان واذا في القرآن – بحث في مجلة كلية اآلداب ‪/‬جامعة الرياض – مجلد الرابع‬
‫للسنة السابعة‬
‫‪ -51‬في النحو العربي – قواعد وتطبيق ‪722‬‬
‫‪ -55‬بالغة القرآن الكريم ‪733 – 79/6‬‬
‫‪ -53‬معاني النحو ‪13 /1‬‬
‫المفصل ‪755 /8‬‬‫ّ‬ ‫‪ -51‬ينظر شرح‬
‫‪ -58‬ينظر البالغة فنونها وافنانها ‪635‬‬
‫‪ -59‬ينظر شرح المفصل ‪755 /8‬‬
‫‪ -31‬ينظر المصدر نفسه ‪77 /9‬‬
‫‪ -37‬مغني اللبيب ‪266 /7‬‬
‫‪ -32‬في النحو العربي – نقد وتوجيه ‪297‬‬
‫‪ -36‬التركيب اللغوي في الشعر العراقي ‪99‬‬
‫‪ -31‬ينظر البحر المحيط ‪ , 181 /6‬بالغة القرآن ‪722 /6‬‬
‫‪ -35‬ينظر شرح ابن عقيل ‪689 /2‬‬
‫‪ -33‬النحو الوافي ‪111 /1‬‬
‫‪ -31‬الجامع الكبير ‪255 /7‬‬
‫المفصل ‪221 /2‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -38‬ينظر‬
‫‪ -39‬ينظر مغني اللبيب ‪265 /7‬‬
‫‪ -11‬ينظر شرح ابن يعيش ‪26/9‬‬
‫‪ -17‬ينظر التركيب اللغوي في الشعر العراقي ‪775‬‬
‫‪ -12‬الكتاب ‪712 /6‬‬

‫الصفحة ‪222‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫‪ -16‬التركيب اللغوي في الشعر العراقي ‪775‬‬


‫‪ -11‬مشكل اعراب القرآن ‪82 /7‬‬
‫‪ -15‬شرح الكافية ‪771 /2‬‬
‫‪ -13‬همع الهوامع ‪11/ 2‬‬
‫‪ -11‬النحو الوظيفي ‪212‬‬
‫‪ -18‬ينظر همع الهوامع ‪11 /2‬‬
‫‪ -19‬البحر المحيط ‪512 /6‬‬
‫‪ -81‬ينظر مغني اللبيب ‪281 /7‬‬
‫‪ -87‬ينظر المصدر نفسه ‪281 /7‬‬
‫‪ -82‬ينظر الكتاب ‪261 /2‬‬
‫‪ -86‬مغني اللبيب ‪216 /2‬‬
‫‪ -81‬الكتاب ‪221 /2‬‬
‫‪ -85‬المصدر نفسه ‪275 / 2‬‬
‫‪ -83‬الجنى الداني ‪568‬‬
‫‪ -81‬شرح الكافية ‪721/ 2‬‬
‫‪ -88‬المصدر نفسه ‪721/2‬‬
‫‪ -89‬بالغة القرآن الكريم ‪271 /6‬‬
‫‪ -91‬مغني اللبيب ‪281 /7‬‬
‫‪ -97‬الكتاب ‪17 /6‬‬
‫‪ -92‬االنصاف ‪ , 328 /2‬في النحو العربي – نقد وتوجيه ‪227‬‬
‫‪ -96‬الكتاب ‪11 /6‬‬
‫‪ -91‬الخصائص ‪691 – 689 /2‬‬
‫‪ -95‬في النحو العربي – نقد وتوجيه ‪227‬‬
‫‪ -93‬النحو الوافي ‪627/1‬‬
‫‪ -91‬في النحو العربي – نقد وتوجيه ‪289‬‬

‫الصفحة ‪222‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫‪ -98‬اصول التفكير النحوي ‪265‬‬


‫‪ -99‬ينظر التصريح ‪252 /2‬‬
‫‪ -711‬ينظر شرح الكافية ‪ , 258 /2‬النحو الوافي ‪616 /1‬‬
‫‪ -717‬الكتاب ‪97 /6‬‬
‫‪ -712‬الخصائص ‪661 /6‬‬
‫‪ -716‬دالئل االعجاز ‪31‬‬
‫‪ -711‬المباحث اللغوية في العراق ‪18‬‬
‫‪ -715‬في النحو العربي نقد ونوجيه ‪293‬‬
‫‪ -713‬النحو الوافي ‪651 /1‬‬
‫‪ -711‬ينظر كنز الدقائق ‪ , 778 /1‬االمثل في تفسير كتاب اهلل المنزل ‪21/1‬‬
‫‪ -718‬البحر المحيط ‪562 /6‬‬
‫‪ -719‬في النحو العربي – نقد وتوجيه ‪293‬‬
‫‪ -771‬المصدر نفسه ‪611‬‬
‫‪ -777‬الكشاف ‪361 /7‬‬
‫‪ -772‬البحر المحيط ‪ , 512 /6‬وكنز الدقائق ‪713 /1‬‬
‫‪ -776‬ينظر اعراب القران الكريم ‪617 /2‬‬
‫‪ -771‬الكتاب ‪38 /6‬‬
‫‪ -775‬ينظر النحو الوافي ‪658 /1‬‬
‫‪ -773‬ينظر شرح ابن عقيل ‪ , 616 /2‬النحو الوافي ‪659/1‬‬
‫‪ -771‬ينظر البحر المحيط ‪ , 25 /1‬االمثل في تفسير كتاب اهلل المنزل ‪783 /1‬‬
‫‪ -778‬ينظر البحر المحيط ‪ , 1 /1‬كنز الدقائق ‪783/1‬‬
‫‪ -779‬ينظر النحو الوافي ‪651/1‬‬
‫‪ -721‬الكشاف ‪318/7‬‬
‫‪ -727‬ينظر بحر المحيط ‪ , 516 /6‬االمثل في تفسير كتاب اهلل المنزل ‪11 /1‬‬
‫‪ -722‬ينظر مجمع البيان ‪227 /6‬‬

‫الصفحة ‪222‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫‪ -726‬ينظر البحر المحيط ‪119 /6‬‬


‫‪ -721‬الكشاف ‪321/7‬‬
‫‪ -725‬البحر الحيط ‪37/1‬‬
‫‪ -723‬ينظر الكشاف ‪ , 319/7‬والبحر المحيط ‪523/6‬‬
‫‪ -721‬ينظر البحر المحيط ‪37 /1‬‬
‫‪ -728‬ينظر المصدر نفسه ‪37/1‬‬
‫‪ -729‬ينظر روح المعاني ‪91 /1‬‬
‫‪ -761‬ينظر اعراب القرآن ‪622 /2‬‬
‫‪ -767‬ينظر الكتاب ‪ , 31 /6‬والتركيب اللغوي في الشعر العراقي ‪252‬‬
‫‪ -762‬ينظر الكتاب ‪671 /1 – 36/6‬‬
‫‪ -766‬النحو الوافي ‪611 /1‬‬

‫الماادر والمراجع‪:‬‬
‫‪ -7‬اعراب القران ‪ /‬محيي الدين الدرويش ‪ /‬دار ابن كثير ‪ /‬دمشق –بيروت ط‪9‬‬
‫‪7121‬هـ‪2116/‬م‬
‫‪ -2‬اصول التفكير النحوي ‪ /‬علي ابو المكارم ‪ /‬منشورات الجامعة الليبية ‪ /‬كلية‬
‫التربية‪7916/‬م‬
‫‪ -6‬االصول في النحو ‪ /‬ابو بكر السراج‪/‬تحقيق عبد الحسين الفتلي ‪/‬مهسسة الرسالة‪ /‬بيروت‬
‫– لبنان ‪7999‬م‬
‫‪ -1‬االمثل في تفسير كتاب اهلل المنزل ‪ /‬الشيخ ناصر مكارم الشيرازي‪ /‬دار احياء الكتب‬
‫العربية ‪ /‬بيروت ‪ 2115‬م‬
‫‪ -5‬االيضاح في علوم البالغة ‪ /‬الخطيب القزويني‪/‬نحقيق لجنة من االساتذة ‪ /‬مكتبة المثنى‪/‬‬
‫بغداد (د‪-‬ت)‬
‫‪ -3‬االنصاف في مسائل الخالف ‪/‬كمال الدين ابو البركات االنباري ت‪/‬محمد محيي الدين‬
‫عبد الحميد القاهرة‪7937‬‬

‫الصفحة ‪227‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫‪ -1‬البحر المحيط ‪/‬ابو حيان االندلسي ‪/‬تحقيق الشيخ عادل عبد الموجود‪ /‬دار الكتب العلمية‪/‬‬
‫بيروت ط‪2111 /1‬‬
‫‪ -8‬بالغة القرآن الكريم ‪ /‬بهجت عبد الواحد الشيخلي ‪ /‬مكتبة وندريس ‪/‬عمان – االردن‬
‫‪7122‬هـ ‪2117/‬م‬
‫‪ -9‬البرهان في علوم القران ‪ /‬بدر الدين الزركشي ‪ /‬تحقيق محمد ابو الفضل إبراهيم ط‪7‬‬
‫مصر ‪7915‬م‪.‬‬
‫‪ -71‬البالغة فنونها وأفنانها ‪ /‬فاضل حسن عباس‪ /‬دار الفرقان للنشر والتوزيع‪/‬عمان – األردن‬
‫‪2115‬م‪.‬‬
‫‪ -77‬التركيب اللغوي للشعر العراقي المعاصر‪ /‬مالك يوسف المطلبي‪ /‬و ازرة الثقافة‬
‫األعالم‪ /‬بغداد ‪7983‬م‬
‫‪ -72‬التفسير الكبير ومفاتيح الغيب ‪ /‬فخر الدين الرازي (ت‪313‬ه)‪/‬دار إحياء التراث العربي‪/‬‬
‫بيروت‪-‬لبنان ‪7129‬ه‪2118/‬م‬
‫‪ -76‬تفسير الكشاف‪ /‬أبو القاسم جار اهلل الزمخشري (ت ‪ 568‬هـ) تحقيق محمد عبد السالم‬
‫شاهين‪ /‬دار الكتب العلمية بيروت – لبنان ط‪ 7121 1‬هـ ‪ 2113 /‬م‬
‫‪ -71‬تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن‪ /‬أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي‬
‫(ت‪518‬ه)‪ /‬دار المرتضى – بيروت – لبنان ‪7121‬ه‪2113/‬م‬
‫‪ -75‬الجامع الكبير في صناعة المنظوم من الكالم والمنثور‪/‬عز الدين بن األثير (ت‪631‬ه)‬
‫تحقيق عبد الحميد الهنداوي ‪ -‬دار اآلفاق العربية للنشر والتوزيع – القاهرة ‪ -‬مصر ‪7128‬ه‪-‬‬
‫‪2111‬م‬
‫‪ -73‬جامع الدروس العربية ‪ /‬الشيخ مصطفى الغالييني ‪ /‬نحقيق سالم شمس الدين ‪ /‬دار‬
‫الفكر للطباعة والنشر ‪7125‬هـ‪2117/‬م‬
‫‪ -71‬الجملة العربية‪ /‬فاضل صالح السامرائي ‪ /‬دار الفكر ط‪ 6‬عمان – األردن ‪7161‬ه‪-‬‬
‫‪2119‬م‬
‫‪ -78‬الجنى الداني في حروف المعاني ‪/‬حسين بن قاسم المرادي(ت‪119‬ه)‪ /‬تحقيق طه‬
‫محسن ‪ /‬مهسسة دار الكتب للطباعة والنشر ‪ /‬جامعة الموصل ‪7693‬ه ‪7913-‬م‬

‫الصفحة ‪228‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫‪ -79‬الخصائص‪/‬أبو الفتح بن جني ‪ /‬تحقيق محمد علي النجار‪/‬الطبعة الثانية‬


‫المصورة‪/‬بغداد‪7991‬م‬
‫‪ -21‬دالئل األعجاز‪/‬عبد القاهر الجرجاني‪/‬تحقيق محمد رشيد رضا‪/‬دار المعرفة‬
‫بيروت‪/‬لبنان‪7981‬م‬
‫‪ -27‬روح المعاني في تفسير القران والسبع المثاني ‪ /‬شهاب الدين االلوسي ‪ /‬تحقيق‪/‬دار‬
‫احياء التراث العربي‪7127/‬هـ‬
‫‪ -22‬شرح األشموني‪/‬علي بن محمد ابو الحسن نور الدين‪/‬تحقيق محمد محيي الدين عبد‬
‫الحميد‪ /‬مصر القاهرة ‪7955‬م‬
‫‪ -26‬شرح ابن عقيل ‪ /‬بهاء الدين بن عقيل ‪/‬تحقيق ‪ /‬محيي الدين عبد الحميد ‪/‬‬
‫القاهرة‪7981/‬‬
‫‪ -21‬شرح الكافية ألبن الحاجب ‪ /‬رضا الدين بن اسحاق االستراباذي‪/‬دار الكتب‬
‫العلمية‪/‬بيروت – لبنان (د_ت)‬
‫‪ -25‬شرح المفصل‪ /‬يعيش بن علي بن يعيش(ت‪316‬ه) صححه وعلق عليه مشيخة‬
‫األزهر‪/‬الطباعة المنيرية ‪ /‬مصر‬
‫‪ -23‬الطراز‪ /‬يحيى بن حمزة بن إبراهيم العلوي (ت ‪ 119‬هـ) ‪ /‬تحقيق عبد الحميد الهنداوي ‪/‬‬
‫المكتبة العصرية للطباعة والنشر ‪ /‬بيروت – لبنان ‪ 7126 /‬هـ ‪ 2112-‬م‬
‫‪ -21‬في ظالل القرآن‪ /‬سيد قطب ‪ /‬دار الشروق ‪ -‬القاهرة – مصرة ‪7125‬ه‪2111-‬م‬
‫‪ -28‬في النحو العربي نقد وتوجيه‪ /‬مهدي المخزومي‪/‬دار الرائد العربي‪ /‬بيروت – لبنان ط‪-2‬‬
‫‪7983‬م‬
‫‪ -29‬قطر الندى ‪/‬أبو هشام األنصاري ‪ /‬تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ‪/‬‬
‫القاهرة‪7936/‬م‬
‫‪ -61‬الكافية في النحو ‪/‬عثمان بن عمر بن أبي بكر يونس أبو عمرو بن الحاجب‬
‫(ت‪313‬ه)‪ /‬تحقيق صالح عبد العظيم الشاعر‪/‬مكتبة البشرى ‪ -‬كراتشي ‪2177‬م‬
‫‪ -67‬الكتاب‪ /‬لسيبويه – تحقيق عبد السالم محمد هارون‪ -‬مصر ‪7911 /‬م‬

‫الصفحة ‪222‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬


‫الشـــرط وداللتــه الوظيـــفية يف ســــورة املائـــدة‬

‫‪ -62‬كنز الدقائق وبحر الغرائب ‪ /‬محمد بن رضا القمي المشهدي‪ /‬تحقيق حسن دركاهي ‪/‬دار‬
‫الغدير ‪ /‬قم ‪2116‬م‬
‫‪ -66‬اللغة العربية معناها ومبناها‪ /‬تمام حسان ‪ /‬الهيأة المصرية العامة للكتاب ط‪ -2‬مصر‬
‫‪7919‬م‬
‫‪ -61‬المفصل في علم العربية ‪ /‬ألبي القاسم جار اهلل الزمخشري – الدار الجيل‪-‬بيروت‬
‫‪7626‬ه‬
‫‪ -65‬المقتضب‪ /‬أبو العباس المبرد ‪ /‬تحقيق محمد عبد الخالق عظيمة – القاهرة ‪7683‬ه‬
‫‪ -63‬معاني النحو‪ /‬فاضل صالح السامرائي ‪ /‬مطبعة التعليم العالي – الموصل ‪7989 /‬‬
‫‪ -61‬مغني اللبيب ‪/‬ابن هشام األنصاري ‪ /‬تح‪ /‬محمد محيي الدين عبد الحميد – مطبعة‬
‫المدني – القاهرة (د‪.‬ت)‬
‫‪ -68‬النحو الوافي‪ /‬عباس حسن ‪ /‬مطبعة دار المعارف ‪ /‬مصر‪ -‬الطبعة الخامسة – القاهرة‬
‫‪7915‬م‬
‫‪ -69‬النحو الوظيفي ‪ /‬عبد العليم إبراهيم ‪ /‬دار المعارف بمصر ط‪ 6‬القاهرة ‪7913‬م‬
‫‪ -11‬همع الهوامع ‪ /‬جالل الدين السيوطي‪/‬تحقيق عبد السالم محمد هارون‪/‬دار البحوث‬
‫العلمية – الكويت ‪7915‬م‬

‫الصفحة ‪292‬‬ ‫مجلة الخليج العربي المجلد(‪ )46‬العدد (‪ )4-3‬لسنة ‪1028‬م‬

You might also like