You are on page 1of 4

‫اإلنجيل‬ ‫الـ ـ ـ ـن ـ ـ ـشـ ـ ــرة‬

‫(لوقا ‪)10-1 :19‬‬

‫مجتاز في أريحا‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫في ذلك الزمان‪ ،‬فيما يسوع‬ ‫العدد ‪2023/4‬‬
‫َّ‬
‫ئيسا على العشارين وكان‬ ‫إذا برجل اسمه َّزكا كان ر ً‬
‫يسوع َمن هو‪ ،‬فلم يكن‬ ‫َ‬ ‫يلتمس أن يرى‬ ‫ًّ‬
‫غنيا‪ ،‬وكان ِّ‬
‫قصير القامة‪َّ .‬‬
‫فتقدم‬ ‫َ‬ ‫ألنه كان‬ ‫يستطيع من الجمع َّ‬ ‫األحد ‪ 22‬كانون الثاني ‪2023‬‬
‫ألنه كان م ِّزم ًعا أن‬ ‫جميزة َلينظ َره َّ‬ ‫مسرعا وص ِّع َد إلى َّ‬
‫ً‬
‫َ َ‬ ‫جتاز بها‪َّ .‬‬ ‫ي َ‬
‫فلما انتهى يسوع إلى املوضع‪ ،‬رفع ط ْرفه‬ ‫تذكار ّ‬
‫فرآه فقال له‪« :‬يا َّزكا أسرع انز ْل‪ ،‬فال َ‬ ‫الرسول تيموثاوس‬
‫يوم ينبغي لي أن‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ّ‬
‫َّ‬ ‫ً‬ ‫َ ِّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫والشهيد أنستاسيوس الفارس ّي‬
‫فرحا‪ .‬فلما رأى‬ ‫وقبله ِّ‬ ‫أمكث في بيتك»‪ .‬فأسرع ونزل ِّ‬
‫تذمروا قائلين‪َّ « :‬إنه دخل ليح َّل عند‬ ‫الجميع ذلك َّ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬
‫ليسوع‪« :‬هاءنذا يا رب‬ ‫رجل خاطئ»‪ .‬فوقف زكا وقال‬ ‫اللحن السابع‬
‫َ ْ‬ ‫َ ْ َ‬
‫صف أموالي‪ ،‬وإن كنت قد غ َبنت‬ ‫أعطي املساكين ِّن‬ ‫الس َحرالعاشر‬
‫إنجيل َّ‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫أحدا في ش يء أرد أربعة أضعاف»‪ ،‬فقال له يسوع‪:‬‬
‫ألنه هو‬ ‫حصل الخالص لهذا البيت‪َّ ،‬‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫« َ‬
‫اليوم قد‬ ‫الرسالة‬‫ّ‬
‫ِّ‬
‫ابن البشر َّإنما أتى ليطل َب‬ ‫ألن َ‬ ‫أيضا ابن إبراهيم‪َّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫(‪1‬تيموثاوس ‪)15-9 :4‬‬
‫ص ما قد هلك»‪.‬‬ ‫ويخل َ‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫بكل‬‫ِّ‬ ‫وجديرة‬ ‫الكلمة‬ ‫هي‬ ‫صادقة‬ ‫يا إخوة‪،‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫جاءنا على‬
‫َ‬
‫عير ألنا ألقينا ر َ‬ ‫َّ‬ ‫فإنا لهذا نتعب ون َّ‬ ‫َقبول‪َّ ،‬‬
‫زكا العشار‬
‫اس أجمعين‪ ،‬وال‬ ‫مخلص الن ِّ‬ ‫الحي الذي هو ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫هللا‬‫ِّ‬
‫مقطع من إنجيل‬‫ٌ‬ ‫يقرأ على مسامعنا اليوم‬ ‫يسته ْن ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫أحد‬ ‫وعلم به‪ .‬ال ِّ‬ ‫ص بهذا ِّ‬ ‫ِّسيما املؤمنين‪ .‬فو ِّ‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫لوقا (‪ ،)10-1 :19‬يتحدث عن لقاء الرب يسوع بزكا‬ ‫الكالم والتصر ِّف‬ ‫ِّ‬ ‫للمؤمنين في‬ ‫بفتو ِّت َك‪ ،‬بل ك ْن مثاال‬ ‫َّ‬
‫العشار‪ ،‬ذاك َّ‬
‫الرجل الغني الذي سمع بمرور الرب‬ ‫اءة إلى‬ ‫واظ ْب على القر ِّ‬ ‫واإليمان والعفاف‪ِّ ،‬‬ ‫ِّ‬
‫َّ‬
‫واملحب ِّة‬
‫في أريحا فأراد أن يراه‪ ،‬وألنه كان قصير القامة‪،‬‬ ‫والتعليم‪ ،‬وال ت ِّهم ِّل‬ ‫حين قدومي وعلى الوعظ َّ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫يزة كان الرب ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫مزمعا أن يمر بها‪ ،‬إذ إن زكا‬ ‫تسلق جم‬ ‫بوضع أيدي‬ ‫املوهبة التي فيك‪ ،‬التي أوتيتها بنبوة‪،‬‬
‫ً ِّ نَ‬ ‫ْ‬ ‫الكهنة‪َّ .‬‬
‫لم يستطع أن يراه من كثرة الجموع‪ .‬غير أن الرب‬ ‫عاكفا ليكو‬ ‫تأم ْل فـي ذلك‪ ،‬وكن عليه ِّ‬
‫يسوع بادره بدعوته إلى النزول عن َّ‬
‫الجميزة ألنه يريد‬ ‫كل ش يء‪.‬‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫تقدمك ظاهرا في ِّ‬
‫أن يمكث عنده‪ .‬بعد ذلك وقف زكا في حضرة الرب‬

‫‪1‬‬
‫معرفة وصايا هللا من جهة أخرى‪ ،‬حتى يستطيع‬ ‫علنا أنه سيوزع أمواله على املساكين‪ ،‬أي‬ ‫يسوع م ً‬
‫رؤية الرب يسوع‪ ،‬أي معرفته على حقيقته‪.‬‬ ‫الفقراء‪.‬‬
‫ً‬
‫مقابل إصرار زكا على تجاوز الصعوبات‪،‬‬ ‫أوال‪ ،‬ال بد من اإلشارة إلى أن هذا املقطع‬
‫كانت دعوة الرب يسوع له‪ ،‬ففي كل مرة يسعى‬ ‫يأتي بعد حادثة عدم قدرة الرئيس الغني على‬
‫ً‬
‫اإلنسان ملعرفة الرب حقيقة‪ ،‬يبادره الرب بالدعوة‬ ‫تحقيق وصية الرب يسوع بتوزيع أمواله على‬
‫إلى السلوك في وصاياه‪ .‬من هنا‪ ،‬نفهم موقف زكا‬ ‫الفقراء واتباع يسوع‪ ،‬وحادثة شفاء األعمى بعد‬
‫عندما بادر إلى اإلعالن عن تخليه عن أمواله ليكون‬ ‫الرحمة إلى الرب يسوع ابن داود‬ ‫إلحاحه على طلب َّ‬
‫مع الرب (‪.)8 :19‬‬ ‫(‪27-18 :18‬؛ ‪ ،)43-35‬األمر الذي يبين نية‬
‫يلفتنا أمران‪ :‬إستخدام األفعال في صيغة‬ ‫اإلنجيلي لوقا بإظهار عظمة موقف زكا العشار‬
‫الحاضر‪ ،‬وكمية األموال َّ‬ ‫ً‬
‫مقابلة مع موقف َّ‬
‫املوزعة‪ .‬إن استخدام‬ ‫الرئيس الغني‪.‬‬
‫الفعل بصيغة الحاضر في اللغة اليونانية‪ ،‬التي‬ ‫ثمة عنصران يشير إليهما اإلنجيلي كانا‬
‫كتب فيها لوقا إنجيله‪ ،‬يعني استمرارية الفعل‪،‬‬ ‫يمنعان زكا من التعرف على الرب يسوع‪ :‬الجموع‬
‫فعندما يقول زكا «ها أنا يا رب أعطي نصف أموالي‬ ‫وقصر القامة (‪ .)3 :19‬لقد شكلت «الجموع» في‬
‫للمساكين‪ ...‬أر ّد أربعة أضعاف» (‪ ،)8 :19‬يقصد‬ ‫سلبيا‪ ،‬وقد ارتبط بها‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫عنصرا‬ ‫الكتاب املقدس‬
‫بذلك أنه ابتدأ بفعل ذلك وهو مستمر على هذا‬ ‫موضوع الجهل واملصلحة وعدم القدرة على‬
‫املنوال‪ .‬من جهة أخرى إذا حسبنا نصف أمواله‬ ‫التمييز‪ :‬فالجموع تتبع الرب يسوع ألنه يطعمها‪،‬‬
‫(للمساكين) وأربعة أضعاف أخرى (ملن وش ى بهم أو‬ ‫صلبه بعد‬ ‫وهي ال تعرف حقيقته‪ ،‬ال بل تطلب َ‬
‫ً‬
‫غشهم‪ ،‬وهذا ما كان عادة يفعله العشارون) يعني‬ ‫تحريض الفريسيين لهم‪ .‬من هنا‪ ،‬ال يمكن لإلنسان‬
‫تقريبا كل ثروته‪ ،‬فيكون بذلك قد‬ ‫ً‬ ‫هذا أنه يوزع‬ ‫أن يعرف حقيقة الرب يسوع إذا بقي بين الجموع‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫حقق ما لم يستطع الرئيس الغني فعله (‪،)23 :18‬‬ ‫مباشرا له‪ ،‬األمر الذي‬ ‫بل عليه أن يصير تلميذا‬
‫األمر الذي دفع بالرب يسوع إلى إعالن خالصه هو‬ ‫أشار إليه الرب في آخر إنجيل متى عندما دعا‬
‫َ‬
‫وأهل بيته (‪.)9 :19‬‬ ‫تالميذه إلى تلمذة جميع األمم (مت ‪ ،)19 :28‬أي أن‬
‫َ‬
‫تدعونا الكنيسة املقدسة‪ ،‬من خالل هذا‬ ‫يجعلوا من األمم تالميذ للرب يسوع‪ .‬أما من جهة ما‬
‫املقطع اإلنجيلي‪ ،‬إلى التشبه بزكا العشار‪ ،‬وال َّسعي‬ ‫يختص بقصر القامة‪ ،‬فالترجمة الحرفية للعبارة‬
‫إلى مالقاة الرب يسوع الذي بدوره يالقينا في نصف‬ ‫اليونانية تعني «صغير السن»‪ ،‬أي غير ناضج‪،‬‬
‫الطريق ويأتي ليمكث معنا‪ ،‬حينئذ تكون نتيجة‬ ‫بمعنى أنه ال يعرف الوصايا اإللهية‪ ،‬بعكس الرئيس‬
‫ذلك سعينا إلى إتمام وصاياه اإللهية وإعالن الرب‬ ‫الغني الذي كان يعرفها منذ حداثته (‪ .)21 :18‬كان‬
‫خالصنا‪.‬‬ ‫َ‬
‫العنصرين‪ ،‬ودفع الجهل‬ ‫ال بد لزكا من تجاوز هذين‬
‫واملصالح الشخصية عنه من جهة‪ ،‬والنمو في‬
‫‪2‬‬
‫تكفيرا عن‬ ‫ً‬ ‫حاجزا أمامه‪ .‬لذلك‪ ،‬يرى في الذبائح‬ ‫ً‬ ‫سراإلفخار ّ‬
‫ستيا (‪)3‬‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫العمل‬ ‫ذنوبه وعودة إلى هللا‪ .‬أصبحت الذبيحة‬
‫َّ‬
‫الطبيعي األبرز لإلنسان‪ ،‬وهي جوهر حياته بالذات‪.‬‬ ‫‪ +‬التقدمة‪:‬‬
‫يقول األب ألكسندر شميمن‪« :‬اإلنسان كائن‬ ‫يقول الرسول بولس‪« :‬ألنني تسلمت من‬
‫أيضا‪ ،‬أن الرب يسوع‪ ،‬في الليلة‬‫الرب ما سلمتكم ً‬
‫ذبائحي ألنه في الحب يجد ذاته‪ ،‬والحب ذبائحي‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫خبزا وشكر فكسر وقال‪ :‬خذوا‬ ‫التي أسلم فيها‪ ،‬أخذ ً‬
‫الطبع‪ :‬يضع قيمة الحياة ومعناها في اآلخر وإياها‬ ‫ِّ‬
‫يعطيه‪ ،‬وهو‪ ،‬بهذا العطاء وهذه الذبيحة‪ ،‬يجد‬ ‫كلوا هذا هو جسدي املكسور من أجلكم‪ .‬إصنعوا‬
‫لحياته معنى ً‬ ‫ْ‬
‫وفرحا»‪.‬‬ ‫هذا ِّلذكري» (‪1‬كو ‪ .)24-23 :11‬إحدى أهم‬
‫تدل عبارة «خبز التقدمة» (‪)Prosphora‬‬ ‫التقاليد األرثوذكسية األصيلة أن يحمل املؤمن‬
‫ستعمل الخبز فقط ألنه رمز‬ ‫على «تقدمة هلل»‪ .‬ال ي َ‬ ‫القربان (الخبز) إلى هيكل الرب ليقدمه الكاهن على‬
‫للمسيح‪-‬خبز الحياة النازل من السماء (يو ‪،)51 :6‬‬ ‫املذبح ويذكر أسماء األحياء واألموات املختصين به‪.‬‬
‫بل ألن الخبز يمثل الحياة ً‬ ‫أمر‬ ‫ست َ‬
‫خد َمة للذبيحة اإللهية ٌ‬ ‫تقديم القرابين امل َ‬
‫أيضا‪ ،‬هو عصب الحياة‪.‬‬
‫علينا أن نأكل الخبز لنستمر في الحياة‪ ،‬وهذا‬ ‫جوهري وأساس ي في الكنيسة‪ .‬إنها تقدمة شكر هلل‬
‫َ‬
‫املفهوم مهم وواضح بالنسبة إلى مجتمعنا الشرقي‪،‬‬ ‫على ما أعطانا‪ .‬أال ي َس َّمى القداس اإللهي «سر‬
‫أساسيا من غذائنا‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫عنصرا‬ ‫حيث يشكل الخبز‬ ‫الشكر» أو «اإلفخارستيا» (باليونانية)؟ عبر‬
‫كل حياتنا‬‫القرابين‪ ،‬نقدم أنفسنا هلل كما نقدم َّ‬
‫اليومي‪.‬‬
‫َ‬
‫والعالم الذي نعيش فيه‪ .‬فما معنى هذا الكالم؟‬
‫هكذا‪ ،‬بتقديم الخبز والخمر‪ ،‬نقدم ذوا ِّتنا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫عبر تقديمنا الخبز والخمر‪ ،‬هذه التقدمة‬
‫والعالم أجمع‪ .‬إنها تقدمة‬ ‫إلى هللا‪ ،‬نقدم له حياتنا‬
‫محبتنا هلل‪ ،‬والكاهن يقبل تقدمتنا ويضعها على‬ ‫البشرية املتواضعة‪ ،‬نؤدي أحد أقدم الطقوس‬
‫املذبح املقدس‪ ،‬وهذا يعني قبول هللا لتقدمتنا ( ٌ‬
‫جزء‬ ‫البدائية البشرية‪ .‬كل إنسان‪ ،‬منذ فجر الخليقة‪،‬‬
‫من هذه التقدمة يعاد لنا على شكل مناولة مقدسة‪:‬‬ ‫كان يشعر بضرورة تقديم أفضل ما لديه هلل‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫جزءا مما أعطانا‪ ،‬لهذا‬ ‫جسد ودم الرب)‪ .‬نقدم هلل ً‬ ‫ليشكره على كل ما أعطاه‪ .‬ألم يخلقنا هللا كهنة‬
‫نقدمها‬ ‫نقول في القداس اإللهي‪« :‬التي لك مما لك ِّ‬ ‫لنقيم سر الحياة ونحول الحياة إلى حياة في هللا‬
‫َ‬ ‫وشركة مع هللا‪ .‬لكننا فقدنا هذه النعمة مع‬
‫لك عن كل ش يء ومن جهة كل ش يء»‪ .‬نقدم تقدمة‬
‫َ‬
‫وعقلنا َ‬ ‫الخبز والخمر واضعين فيها َ‬ ‫السقوط‪ ،‬ثم استعدناها مع يسوع املسيح‪ ،‬لذا‬
‫وقلبنا‬ ‫نفسنا‬
‫وجسدنا وكل ما لنا لتوضع على صينية‬ ‫َ‬ ‫وحنا‬‫ور َ‬ ‫علينا أن نقوم بمهامنا الكهنوتية ونقدم الذبيحة‬
‫التقدمة على مذبح الرب‪ .‬علينا إفراغ قلبنا في‬ ‫هلل‪ .‬اإلنسان لديه عطش دائم إلى هللا‪« :‬عطشت‬
‫الكأس مع الخمر‪ ،‬حيث نضع كل رجائنا ومخاوفنا‬ ‫نفس ي إلى هللا‪ ،‬إلى اإلله الحي» (مز ‪ ،)2 :42‬وهو‬
‫وأفراحنا وأحزاننا ومحبتنا واحترامنا والتزامنا‪ .‬كل‬ ‫يبتغي هللا ويريد االتحاد به‪ ،‬لكن الخطيئة تبقى‬
‫‪3‬‬
‫تاليا فإن ذبيحتنا التي نقدمها‬ ‫الذبائح األخرى‪ً ،‬‬ ‫هذا يذهب إلى هللا بصورة تقدمة‪ ،‬وهنا تكمن‬
‫أمرنا يسوع بأن «نصنعها لذكره»‪،‬‬ ‫اليوم‪ ،‬والتي َ‬ ‫مشاركتنا في الذبيحة‪ :‬يصبح للتقدمة معنى عندما‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫نقدم أنفسنا‪ ،‬وإال فإنها ال تعني ً‬
‫ليست جديدة ومختلفة عن ذبيحة الرب يسوع‪.‬‬ ‫شيئا‪ .‬من هنا‪،‬‬
‫ً‬
‫نطلب إلى يسوع أن يقدمها إلى هللا اآلب‪ ،‬ألننا بيسوع‬ ‫التشديد على أن التقدمة يجب أن تكون صادرة منا‬
‫ً‬
‫املسيح «لنا قدو ٌم إلى اآلب» (أف ‪ .)18 :2‬لذلك‪،‬‬ ‫فعال‪ .‬لذا‪ ،‬في الكنيسة األولى‪ ،‬كما في املاض ي‬
‫أثناء تحضير الذبيحة‪ ،‬يقول الكاهن وهو يقتطع‬ ‫القريب‪ ،‬وعى املؤمنون هذه الحقيقة‪ ،‬فكانوا‬
‫َّ‬
‫الحمل‪« :‬مثل خروف سيق إلى الذبح‪ ،‬ومثل َح َمل‬ ‫يعجنون الخبز «بعرق جبينهم» ويتعبون بعصر‬
‫بريء من العيب‪ ...‬يرفع حمل هللا‪ ...‬يذبح حمل هللا‬ ‫تعبيرا عن مشاركتهم‬ ‫الخمر ليقدموهما إلى الهيكل ً‬
‫ألجل خطايا العالم»‪.‬‬ ‫الفعلية بالتقدمة‪ .‬أما َم ْن لم يكن قاد ًرا على تقديم‬
‫ش يء‪ ،‬كاأليتام والفقراء‪ ،‬فكانوا يساهمون في‬
‫النبع‪ ،‬وبذلك يقدمون َ‬
‫تعب‬ ‫التقدمة عبر جلب مياه َّ‬
‫ً‬
‫أجسادهم ذبيحة‪.‬‬
‫مهم أن نعي أننا‪ ،‬حين نقدم هذه القرابين‪،‬‬
‫إنما نفعل ذلك في املسيح‪ ،‬ألنه من دونه ال معنى‬
‫َّ‬
‫واملقرب والقابل‬ ‫املقرب‬
‫لذبيحتنا‪ .‬املسيح هو « ِّ‬
‫واملوزع»‪ .‬فرادة اإلفخارستيا تكمن في أن ما نقربه‬ ‫َّ‬
‫هو املسيح‪ ،‬الخبز والخمر اللذان سيتحوالن إلى‬
‫جسده ودمه‪ ،‬لكن الذي يقربهما هو يسوع‪ .‬كيف؟‬
‫في العهد القديم‪ ،‬كانوا يقدمون ذبائح‬
‫تكفيرية‪ ،‬لكنها لم تكن تدمر الخطيئة وتستعيد‬
‫الوحدة الكاملة مع هللا‪ ،‬بدليل أن رئيس الكهنة كان‬
‫يقدم سن ًّويا ذبائح عن الخطايا (عب ‪.)10-1 :10‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫لكن يسوع قرب ذبيحة جسده «مرة واحدة إلى‬
‫أيقونة َّ‬
‫الرسول تيموثاوس‬ ‫األبد» ومحا َّ‬
‫صك الخطيئة املكتوب علينا‪ ،‬ألن‬
‫ذبيحته كانت تحت ناموس املحبة ال ناموس‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األبرشية‬ ‫لإلطالع على أخبار‬
‫ِّ‬ ‫الشريعة والقانون‪ .‬هكذا أحب هللا الناس حتى‬
‫ً‬ ‫أرسل ابنه الوحيد « ً‬
‫مولودا تحت‬ ‫مولودا من امرأة‪،‬‬
‫الناموس‪ ،‬ليفتدي الذين تحت الناموس لننال‬
‫‪www.facebook.com/metbei‬‬ ‫بذبيحة يسوع أبطلت كل‬ ‫ِّ‬ ‫التبني» (غل ‪.)5-4 :4‬‬
‫‪4‬‬

You might also like