You are on page 1of 30

‫مقدمة‪ :‬اثير‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم والصالة والسالم على أشرف المرسلين‪،‬‬


‫إن الموضوع األساسي لعلم الداللة هو "المعنى" وللمعنى أهمية كبيرة بالنسبة للغة‪،‬‬
‫فبدون المعنى التكون هناك لغة‪ ،‬وللمعنى دور كبير في التحليل اللغوي‪ ،‬كالتحليل‬
‫الفونيمي‪ ،‬وتطبيقات علم اللغة مثل طرق االتصال وتعليم اللغة والترجمة‪ ،‬واكتساب‬
‫اللغة‪.‬‬
‫"علم الداللة" ألحمد مختار‪ ،‬يتناول وجهة النظر اللغوية وغير اللغوية‪ ،‬ويركز على‬
‫الدراسة الداللية وهو المعاني المعجمية‪.‬‬

‫يحتوي هذا الكتاب على أربعة أبواب تتضمن عدة فصول‪،‬‬


‫التعريف بعلم الداللة ونظرة تاريخية عنه في القديم والحديث‪ ،‬والوحدة الداللية‬
‫وتعريفها واختالف وجهات النظر حولها‪ ،‬ثم أنواع المعنى عند علماء الداللة‪،‬‬
‫وقياس المعنى وصوره‪.‬‬
‫ثم يقدم لنا مناهج ونظريات متعددة في دراسة المعنى‪ ،‬مثل النظريتان اإلشارية‬
‫والتصورية‪ ،‬النظرية السلوكية‪ ،‬ونظرية السياق‪ ،‬ونظرية الحقول الداللية‪ ،‬والنظرية‬
‫التحليلية‪ ،‬ومناهج أخرى لتحديد المعنى‪ ،‬مثل توضيح المعنى بذكر مرادفه‪،‬‬
‫وتعدد المعنى ومشكالته‪ ،‬كالمشترك اللفظي‪ ،‬والترادف‪ ،‬واألضداد‪.‬‬
‫وأخيرا دراسة تغير المعنى ومشكالته‪ ،‬ومشكالت الداللة في الترجمة بين لغتين‪،‬‬
‫ً‬
‫مثل االستخدامات المجازية‪ ،‬اختالف المألوفات الثقافية واالجتماعية‪ ،‬وغيرها‪.‬‬

‫مؤلف كتاب "علم الداللة" هو أحمد مختار عمر‪ ،‬ولد عام ‪ ١٩٣٣‬في القاهرة‪ ،‬هو‬
‫معجمي ولغوي مصري‪ ،‬كان أستاذًا سابقًا للغة العربية في كلية دار العلوم في‬
‫جامعة القاهرة‪ ،‬وله العديد من المؤلفات المهمة‪ ،‬منها علم الداللة‪ ،‬واللغة واللون‪،‬‬
‫وتاريخ اللغة العربية‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫سا بكلية دار العلوم جامعة القاهرة‪ ،‬وغيرها من الكليات‬ ‫عمل معيدًا ثم مدر ً‬
‫والجامعات في الوطن العربي‪.‬‬
‫وعضوا في هيئة معجم البابطين‬
‫ً‬ ‫مستشارا للجنة المعجم العربي األساسي‪،‬‬
‫ً‬ ‫كان‬
‫للشعراء العرب المعاصرين‪.‬‬
‫حصل على جائزة التحقيق العلمي‪ ،‬ومجمع اللغة العربية في تحقيق النصوص‪،‬‬
‫وجائزة في الدراسات اللغوية‪.‬‬
‫توفي في القاهرة عام ‪٢٠٠٣‬‬
‫الباب األول‪:‬‬
‫الفصل األول والثاني – أصايل‬
‫الفصل الثالث والرابع – إشراق‬
‫الفصل الخامس – أصايل‬

‫الفصل األول ‪ :‬أصايل‬


‫التعريف بعلم الداللة واسماؤه ‪:‬‬
‫أُطلقت عليه عدة أسماء في اللغة العربية بعضهم يسميه علم الداللة وبعضهم يسميه‬
‫علم المعنى وبعضهم يسميه السيمانتيك أخذًا من الكلمة االنجليزية ‪،‬‬
‫تعريفه‪:‬‬
‫يعرفه بعضهم بأنه العلم الذي يدرس المعنى ‪ ،‬او ذلك الفرع الذي يدرس الشروط‬
‫قادرا على حمل المعنى ‪.‬‬
‫الواجب توافرها في الرمز حتى يكون ً‬
‫موضوعه‪:‬‬
‫التعريف األخير يستلزم ان يكون موضوع علم الداللة أي شيء او كل شيء يقوم‬
‫بدور العالمة او الرمز ‪ ،‬وهذه العالمات او الرموز قد تكون عالمات على الطريق‬
‫وقد تكون إشارة باليد ً‬
‫مثال أو قد تكون كلمات و ُجمل‪،‬‬

‫أهتم علم الداللة بدراسة الرموز وانظمتها حتى ماكان منها خارج نطاق اللغة ولكنه‬
‫ركز على اللغة من بين أنظمة الرموز بإعتبارها ذات اهمية خاصة بالنسبة لإلنسان‪،‬‬
‫أما الرمز قد عرفه البعض بأنه‪ :‬مثير بديل يستدعي لنفسه نفس اإلستجابة التي قد‬
‫يستدعيها شيء آخر عند حضوره‪.‬‬
‫لذلك قيل إن الكلمات رموز ألنها تمثل شيئًا غير نفسها وعرفت اللغة بأنها نظام من‬
‫الرموز الصوتية المعرفية‪.‬‬

‫وهناك رموز لغوية و غير لغوية ‪ ،‬الغير لغوية مثل سماع الجرس في تجربة‬
‫(بافلوف) فالجرس قد استدعى شيئًا غير نفسه بدليل ان الكلب حين يسمع الجرس‬
‫اليتوجه إليه ولكن الى مكان الطعام ‪ ،‬اما الرمز اللغوي تجربة سائق السيارة‬
‫والعائق (شخص يقود السيارة فيجد امامه الفتة مكتوبًا عليها الطريق مغلق ‪،‬‬
‫فيستدير بمجرد رؤيته ويعود إذًا الالفتة استدعت شيئًا غير نفسها وهي بديل استدعى‬
‫لنفسه نفس االستجابة التي قد تستدعيها رؤية العائق)‬

‫علم الداللة و علوم اللغة ‪:‬‬


‫اليمكن فصل علم الداللة عن غيره من فروع اللغة فكل منهم يستعين باآلخر ألداء‬
‫وظيفته‪ ،‬ومن الجوانب المهمة التي البد ان يقوم بمالحظاتها الشخص حتى يحدد‬
‫معنى الحدث الكالمي ‪:‬‬
‫‪ -1‬مالحظة الجانب الصوتي الذي قد يؤثر على المعنى مثل وضع صوت مكان‬
‫آخر ‪ ،‬ومثل التنغيم والنبر ‪.‬‬
‫‪ -2‬دراسة التركيب الصرفي للكلمة وبيان المعنى الذي تؤديه صيغتها‪.‬‬
‫‪ -3‬مراعاة الجانب النحوي لكل كلمة داخل الجملة‪.‬‬
‫‪ -4‬بيان المعاني المفردة للكلمات ‪ ،‬وهو مايعرف باسم المعنى المعجمي‪.‬‬
‫‪ -5‬دراسة التعبيرات التي ال يكشف معناها بمجرد تفسير كل كلمة من كلماتها والتي‬
‫اليمكن ترجمتها حرفيًا من لغة إلى لغة ‪.‬‬

‫علم الداللة وعلم الرموز‪:‬‬


‫تذكر معاجم المصطلحات اللغوية ان علم الرموز هو الدراسة العلمية للرموز‬
‫اللغوية و الغير لغوية باعتبارها أدوات إتصال ‪،‬‬
‫ويعرفه دي سوسير بأنه العلم الذي يدرس الرموز بصفة عامة ويعد علم اللغة أحد‬
‫فروعه‪.‬‬
‫كثيرا من فروع علم اللغة وبخاصة الداللة و النحو األسلوب‪.‬‬
‫ً‬ ‫وعلم الرموز يضم‬

‫علم الداللة و العلوم األخرى‪:‬‬


‫ربما كان ارتباط علم الداللة بالفلسفة و المنطق أكثر من ارتباطه بأي فرع آخر من‬
‫فروع المعرفة ‪ ،‬أخذ السيمانتيك يحتل مكانة تدريجية في علم اللغة الى ان تم في‬
‫السنوات االخيرة وضع السيمانتيك في مكانه مركزية في الدراسة اللغوية ‪،‬‬
‫ويلي علوم الفلسفة في االهتمام بالدالالت علم النفس الذي عالج الجانب الذاتي للغة‬
‫(اهتم علماء النفس باإلدراك) حيث كان اإلدراك ظاهرة فردية فقد طوروا وسائل‬
‫ليعرفوا بها كيف يختلف الناس في إدراكهم للكلمات‪،‬او في تحديد مالمحها الداللية‪.‬‬
‫ويلخص (‪ )leech‬القضية كلها في قوله ‪ :‬السيمانتيك نقطة التقاء ألنواع من التفكير‬
‫والمناهج مثل الفلسفة و علم النفس وعلم اللغة وإن اختلفت اهتمامات كل الختالف‬
‫نقطة البداية‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬أصايل‬


‫نظرة تاريخية‪:‬‬
‫‪ -1‬في القديم ‪ :‬تعرض الفالسفة اليونانيون من قديم الزمان في بحوثهم و مناقشاتهم‬
‫لموضوعات تعد من صميم علم الداللة ‪،‬ومعنى هذا ان الدراسة الداللية قديمة قدم‬
‫التفكير اإلنساني ومواكبة لتقدمه وتطوره‪.‬‬

‫وقد تكلم أرسطو مثال عن الفرق بين الصوت والمعنى‪ ،‬وميز بين أمور ثالثة هي‪:‬‬
‫‪ -1‬األشياء في العالم الخارجي‪.‬‬
‫‪ -2‬التصورات = المعاني‪.‬‬
‫‪ -3‬األصوات = الرموز او الكلمات‪.‬‬
‫كان تمييزه بين الكالم الخارجي والكالم الموجود في العقل األساس لمعظم نظريات‬
‫المعنى في العالم الغربي خالل العصور الوسطى‪.‬‬
‫ولم يكن الهنود أقل اهتما ًما بمباحث الداللة من اليونان ‪ ،‬فقد عالجوا كثير من‬
‫المباحث التي ترتبط بفهم طبيعة المفردات والجمل ‪ ،‬ومن الموضوعات التي‬
‫ناقشوها‪:‬‬
‫‪ -1‬نشأة اللغة ‪ :‬اختلفت فيها وجهات نظرهم بين اعتبار اللغة قديمة وهبه إلهية‬
‫وليست من صنع البشر ‪ ،‬واعتبارها من إختراع االنسان ونتائج نشاطه الفكري ‪.‬‬

‫‪ -2‬العالقة بين اللفظ و المعنى ‪ :‬جذب هذا الموضوع الهنود قبل ان يجذب اليونانيين‬
‫وقد تعددت حوله اآلراء ‪.‬‬

‫‪ -3‬أنواع الدالالت للكلمة ‪ :‬صرح النحاة الهنود بوجود أربعة أقسام للدالالت تبعا‬
‫لعدد األصناف الموجودة في الكون‪ ،‬هذه األقسام هي‪:‬‬
‫‪-‬قسم يدل على مدلول عام او شامل ( رجل )‪.‬‬
‫‪-‬قسم يدل على كيفية ( طويل )‪.‬‬
‫‪-‬قسم يدل على حدث ( جاء )‪.‬‬
‫قسم يدل على ذات (محمد)‪.‬‬

‫‪ -4‬مسائل متفرقة ‪:‬‬


‫أشار الهنود الى كثير من النقاط التي مازال يعترف بها علم اللغة الحديث مثل‪:‬‬
‫‪-‬اهمية السياق في إيضاح المعنى‬
‫‪ -‬وجود الترادف و المشترك اللفظي كظاهرة عامة في اللغات‬
‫‪ -‬دور القياس والمجاز في تغيير المعنى‬

‫كان البحث في دالالت الكلمات من اهم مالفت اللغويين العرب وأثار إهتمامهم ‪،‬‬
‫وتعد األعمال اللغوية المبكرة عند العرب من مباحث علم الداللة مثل ‪:‬تسجيل معاني‬
‫الغريب في القرآن الكريم ومثل الحديث عن مجاز القرآن ‪.‬‬
‫‪ #‬تنوعت اهتمامات العرب بعد ذلك فغطت جوانب كثيرة من الدراسة الداللية ‪:‬‬
‫‪ -1‬اهتمام اللغويين التي تمثلت في محاولة ابن فارس الرائدة في معجمة(المقاييس)‪.‬‬
‫‪ -2‬محاولة الزمخشري الناجحة في معجمة(اساس البالغة) التفرقة بين المعاني‬
‫الحقيقية و المجازية‪.‬‬

‫الفصل الثالث – إشراق‬


‫الوحدة الداللية‬
‫يختلف علماء اللغة المحدثون في تعريف الوحدة الداللية ‪ ،‬وفي المصطلح‬
‫العلمي الذي يطلقونه عليها ‪ .‬فمنهم من أطلق عليها مصطلح ‪، Semantic unit‬‬
‫وهو المصطلح الذي اخترنا ترجمته العربية عنوانا ً لهذا الفصل ‪ .‬ومنهم من أطلق‬
‫عليها مصطلح ‪ ، Sememe‬وهو مصطلح دخل علم اللغة أول مرة عام ‪١٩٠٨‬‬
‫على يد اللغوي السويدي ‪ Adolf Noreen‬ودخل علم اللغة األمريكي على يد‬
‫بلومفيلد عام ‪)١١١٩٢٦‬‬
‫وتختلف وجهات النظر اللغوية حول تعريف الوحدة الداللية ‪ .‬فمنهم من‬
‫قال إنها ‪ :‬الوحدة الصغرى للمعنى ‪ .‬ومنهم من قال إنها ‪ :‬تجمع من المالمح‬
‫التمييزية‪ ،‬ومنهم من قال إنها ‪ :‬أي امتداد من الكالم يعكس تباينا ً داللياً(‪)٢‬‬
‫وإذا كان بعضهم قد اعتبر الوحدة الداللية هي النص‬

‫وطبقا ً لما قاله ‪ Nida‬فإن أي امتداد من الكالم من مستوى المورفيم ‪ -‬بل مما‬
‫دون هذا المستوى ـ إلى الكالم المنطوق كله يمكن أن يتحدث عنه من جانبين ‪ :‬إما‬
‫كوحدة معجمية ‪ Lexical unit‬أو كوحدة داللية ‪ . Semantic unit‬فحينما يكون‬
‫التركيز على صيغة معنية يكون المرء متحدثا ً عن وحدة معجمية ‪ ،‬ولكن حينما‬
‫يكون‬
‫التركيز على معنى هذه الصيغة يمكن للمرء أن يستعمل ما يسمى بالوحدة الداللية‬
‫وقد قسم ‪ Nida‬الوحدة الداللية إلى أربعة أقسام رئيسية هي‬
‫‪ - 1‬الكلمة المفردة‬
‫‪ ٢‬ـ أكبر من كلة ( تركيب ) ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ أصغر من كلمة ( مورفيم متصل ) ‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ أصغر من مورفيم ( صوت مفرد ) ‪.‬‬
‫ويمكن التمثيل لها بالشكل اآلتي بعد إضافة وحدة الجملة كذلك ‪:‬‬
‫الجملة‬
‫الكلمة‬
‫المورفيم المتصل‬
‫الصوت المفرد‬
‫أصغر‬

‫وتعد الكلمة المفردة أهم الوحدات الداللية ألنها تشكل أهم مستوى أساسي‬
‫للوحدات الداللية حتى اعتبرها بعضهم الوحدة الداللية الصغرى ‪.‬‬
‫أما الوحدات الداللية األكثر شمولية وهي المتركبة من وحدات على مستوى‬
‫الكلمة فنعني بها تلك العبارات التي ال يفهم معناها الكلي بمجرد فهـم معانـي‬
‫مفرداتها وضم هذه المعاني بعضها إلى بعض ‪ .‬وفي هذه الحالة يوصف المعنى بأنه‬
‫تعبيري‪. idiomatic‬‬
‫ويدخل تحت هذه الوحدة األنواع الثالثة اآلتية ‪:‬‬
‫أ ـ التعبير ‪idiom‬‬
‫ب ـ التركيب الموحد ‪unitary complex‬‬
‫حـ ـ المركب ‪ Composite‬أو التعبير المركب ‪.composite expression‬فمثال‬
‫النوع‬
‫األول كل التعبيرات المكونة من تجمع من الكلمات يملك معاني حرفية ومعنى‬
‫غير حرفي مثل التعبير العربي ‪ :‬ضرب كفا بكف الذي يحمل معنى « تحير»‬
‫والتعبير اإلنجليزي ‪ Spill the beans :‬التي تعنى « يوضح ‪ ،‬أو يكشف » ‪.‬‬
‫أما التركيب الموحد فهو غير الكلمة المركبة ‪ Complex word‬التي يعنى بها‬
‫الكلمة المكونة من مورفيم حر باإلضافة إلى مورفيم متصل أو أكثر ‪ ،‬أو المكونة‬
‫من‬
‫مورفيمين متصلين أو أكثر (‪ . )1‬وقد عرف ‪ Nida‬التركيب الموحد بأنه ما يتكون‬
‫من‬
‫اثنين أو أكثر من الصيغ الحرة ‪ ،‬أو ما يتكون من مجموعة كلمات يتصرف تجمعها‬
‫ككل بطريقة مختلفة عن الطبقة الداللية للكلمة الرئيسية ‪. head word :‬‬
‫ومثال ذلك ‪ ( pine apple :‬أناناس ) فهو ليس نوعا ً من التفاح ‪ .‬ومثلـه‬
‫البيت األبيض ‪ White House :‬الذي ال يشير إلى مبنى ‪ ،‬ولكن إلى مؤسسة‬
‫سياسية ‪ .‬وعلى هذا فحين يصنف دالليا ال يمكن وضعه مع الكلمات التي تدل على‬
‫اإلقامة مثل فيال ـ كوخ ـ بيت ـ قصر ‪ . .‬ولكن يجب أن يوضع ضمن المجال الذي‬
‫يتعلق بالمؤسسات الحكومية مثل ‪Supreme Court Senate House‬‬
‫وأما المركبات ‪ ،‬أو التعبيرات المركبة فتختلف عن التركيبات الموحدة في أن‬
‫‪،‬‬
‫‪...‬‬
‫الكلمة الرئيسية فيها ما تزال تنتمي إلى نفس مجالها الداللي مثـل ‪Field work‬‬
‫ومثل ‪. house-boat‬‬
‫ا‬
‫وأما الجملة فيعتبرها بعض اللغويين من أهم وحدات المعنى ‪ ،‬بل ويعتبرها‬
‫بعضهم أهم من الكلمة نفسها ‪ .‬وعند هؤالء ال يوجد معنى منفصل للكلمة ‪،‬‬
‫وإنما معناها في الجملة التي ترد فيها ‪ .‬فإذا قلت إن كلمة أو عبارة تحمل معنى ‪،‬‬
‫فهذا يعني أن هناك جمالً تقع فيها الكلمة أو العبارة ‪ ،‬وهذه الجمل تحمل معنى ‪.‬‬
‫أما الوحدة الداللية التي تعد أقل من كلمة فتتمثل في المورفيم المتصـل(‪)1‬‬
‫ويشمل ذلك السوابق واللواحق ‪ .‬فاألولى مثل أحرف المضارعة ـ السين للداللة‬
‫على االستقبال ‪ re -‬في )‪ . reestablish remark (3‬والثانية مثل الضمائر‬
‫المتصلة‬
‫ومثل الالحقة ‪ -ly‬کا في ‪ friendly :‬و ‪ ness‬في ‪darkness :‬‬
‫أما الوحدة الداللية التي تعد أقل من مورفيم فمثل داللة الضمة على المتكلم‬
‫والفتحة على المخاطب والكسرة على المخاطبة في الضمائر ‪ :‬كتبت ـ كتبت ـ كتبت‬
‫ومثل داللة الضمة على البداوة والكسرة على الحضارة في اللغة العربية ‪ .‬فإذا‬
‫رويت‬
‫لنا كلمة بروايتين ‪ ،‬إحداها تشتمل على ضم في موضع معين من هذه الكلمة ‪،‬‬
‫والرواية األخرى تتضمن الكسر في نفس الموضع من الكلمة رجحنا أن الصيغة‬
‫المشتملة على الضم تنتمي إلى البيئة البدوية وأن المشتملة على الكسر تنتمي إلى‬
‫البيئة‬
‫الحضارية ‪ .‬ومن‬
‫أمثلة ذلك في اللهجات الحديثة ‪ ( :‬زهق ) التي تنطق بضمتين أو‬
‫بكسرتين ‪ ،‬و ( صغر ) و ( صبر ) ‪ .‬ومن اللهجات القديمة ‪ « :‬أسـوة » التـي‬
‫تنطق بضم الهمزة وبكسرها ‪ ،‬وبها قريء في القرآن الكريم ‪ ،‬وكذلك « قدوة »‬
‫بضم القاف وكسرها وهما روايتان ذكرتها المعاجم العربية ‪ .‬يقول الدكتـور‬
‫إبراهيم أنيس ‪ « :‬مالت القبائل البدوية بوجه عام إلى مقياس اللين الخلفي المسمى‬
‫بالضمة ألنه مظهر من مظاهر الخشونة البدوية ‪ .‬فحيث كسرت القبائل المستحضرة‬
‫وجدنا القبائل البدوية تضم ‪ .‬والكسر والضم من الناحية الصوتية متشابهان ألنها‬
‫من أصوات اللين الضيقة »‬
‫ومثل هذا يقال عن ميل البداوة إلى األصـوات الشديدة ‪ ،‬والحضارة إلى‬
‫األصوات الرخوة مثل فاضت نفسـه ( صـوت شديد ) وفاظـت نفسـه ( صـوت‬
‫رخو ) ‪ ،‬وميل البداوة إلى األصوات المجهورة والحضارة إلى األصوات المهموسة‬
‫‪،‬‬
‫كقراءة ابن مسعود « عتى حين » في « حتى حين »(‪)1‬‬
‫وفي اللغة اإلنجليزية وبعض اللغات األخرى قد ترتبط العلة األمامية العالية‬
‫( الكسرة ) بمعنى النوعية الصغيرة وترتبط العلة الخلفية العالية ( الضمـة ) بمعنى‬
‫الضخامة‬
‫أمثلة ذلك ‪ clunk‬و ‪ ( clink‬األول مرتبط بمعنى الطقطقة والثاني‬
‫‪ .‬ومن‬
‫بمعنى الطنين ) وكذلك كلمتا ‪ tip‬و ‪ bit‬االنجليزيتان ‪ ،‬وكلمة ‪ petit‬الفرنسية(‪)٢‬‬
‫‪.‬‬

‫الفصل الرابع – إشراق‬


‫أنواع المعنى‬
‫بعض الناس قد يظن أنه يكفي لبيان معنى الكلمة الرجوع الى المعجم‬
‫ومعرفة المعنى أو المعاني المدونة فيه ‪ .‬وإذا كان هذا كافيا بالنسبة لبعض الكلمات ‪،‬‬
‫فهو غير كاف بالنسبة لكثير غيرها‪ .‬ومن أجل هذا فرق عالء الداللة بين أنواع من‬
‫المعنى ال بد من مالحظتها قبل التحديد النهائي لمعاني الكلمات‪ .‬ورغم اختالف‬
‫العلماء في حصر أنواع المعنى فإننا نرى أن األنواع الخمسة اآلتية هي أهمها ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ المعنى األساسي أو األولى أو المركزي ويسمى أحيانا المعنى التصوري أو‬
‫المفهومي ‪ ، coceptual meaning‬أو اإلدراكي ‪ . Cognitive‬وهذا المعنى هو‬
‫العامل الرئيسي لالتصال اللغوي ‪ ،‬والممثل الحقيقي للوظيفة األساسية للغة ‪ ،‬وهي‬
‫التفاهم ونقل األفكار ‪ .‬ومن الشرط العتبار متكلمين بلغة معينة أن يكونوا‬
‫متقاسمين للمعنى األساسي ‪ .‬ويملك هذا النوع من المعنى تنظيما مركبـا راقيا من‬
‫نوع يمكن مقارنته بالتنظيمات المشابهة على المستويات الفونولوجية والنحوية‬
‫‪-2‬المعنى االضافي‬
‫‪-3‬المعنى االسلوبي‬
‫‪ -4‬المعنى النفسي‬
‫‪ -5‬المعنى االيحائي يندرج تحت التأثير الصوتي ‪-‬التأثير الصرفي ‪-‬التأثير الداللي ‪-‬‬

‫الفصل الخامس – أصايل‬


‫قياس المعنى‪.‬‬
‫استخدم اللغويون وعلماء النفس صورا من قياس المعنى لتحقيق عدة أغراض منها‪:‬‬
‫‪ -1‬قياس المعنى األساسي للكلمات المتضادة‪.‬‬
‫‪ -2‬قياس التمايزات واالخالفات في المعاني النفسية الداخلية عند االفراد بالنسبة الى‬
‫المفاهيم المختلفة‪.‬‬
‫‪ -3‬قياس ردود األفعال الفسيولوجية التي تعد استجابات لمثيرات لغوية معينة‪.‬‬
‫‪ -4‬قياس معاني األحداث (كالضحك و التكلم والكتابة) والصفات (كالذكاء و الطول)‬
‫على معيار معين لتحديد مايمكن ان يتالءم معها في الجملة‪.‬‬

‫منهج القياس البد ان يقيم بموجب المعايير اآلتية‪:‬‬


‫‪ -1‬الموضوعية والبعد عن التأثر بآراء الباحث الخاصة‪.‬‬
‫‪ -2‬الثبات بأن يكون في حدود هامش الخطأ المسموح به حينما تكرر نفس‬
‫المواصفات‪.‬‬
‫‪ -3‬الصدق‪.‬‬
‫‪ -4‬الحساسية و التمايز ‪ ،‬اي ان تكون قادرة على إظهار أي تمييز دقيق في المعنى‬
‫كما يحدث في اإلتصال‪.‬‬
‫‪ -5‬قابلية المقارنة والتطبيق على مجال واسع من الظواهر داخل الحقل‪.‬‬
‫‪ -6‬المنفعة بأال تكون معقدة‪.‬‬
‫الباب الثاني‪:‬‬
‫الفصل األول – أثير‬
‫الفصل الثاني – أصايل‬
‫الفصل الثالث – ابتهال‬
‫الفصل الرابع – إشراق‬
‫الفصل الخامس – أريام‬
‫الفصل السادس – لؤلؤة‬

‫الفصل األول ‪ :‬النظريتان اإلشارية والتصورية – أثير‬


‫‪ - ١‬النظرية اإلشارية‪:‬‬
‫تتكون من ‪ ٣‬أقسام وهي الفكرة أو المرجع‪ ،‬والشيء الخارجي المشار إليه‪ ،‬والرمز‬
‫أو الكلمة للشيء المشار إليه‪.‬‬
‫أوجدن وريتشارد أول من طور هذه النظرية‪ ،‬ويوضحان أنه التوجد هناك عالقة‬
‫بين الكلمة كرمز‪ ،‬والشيء الخارجي الذي تعبر عنه‪" ،‬مثل كلمة طاولة هي ليس لها‬
‫عالقة بهذا الشيء ولكن اتفقوا على أن يكون هكذا اسمها"‬
‫النظرية اإلشارية تعني أن معنى الكلمة هو إشارتها إلى شيء غير نفسها‪.‬‬
‫سا‪ ،‬قد يكون‬ ‫وأصحاب هذه النظرية يقولون أن المشار إليه اليجب أن يكون محسو ً‬
‫كيفية أو حدثًا أو فكرة تجريدية‪.‬‬
‫وقد يكون المشار إليه غير محدد‪ ،‬مثل كلمة "قلم" هي التشير إلى قلم معين ألنها‬
‫تُطلق على أي قلم‪.‬‬
‫‪ -‬هناك من اعترض على هذه النظرية بأنها تدرس الظاهرة اللغوية خارج إطار‬
‫اللغة‪ ،‬وأن معنى الشيء غير ذاته‪ ،‬فمعنى كلمة "تفاحة" ليس هو "التفاحة"‬
‫التفاحة يمكن أن تؤكل ولكن المعنى اليؤكل‪.‬‬
‫‪ - ٢‬النظرية التصورية‪:‬‬
‫وجدت هذه النظرية عند الفيلسوف اإلنجليزي "جون" الذي يقول (استعمال الكلمات‬
‫يجب أن يكون اإلشارة الحساسة إلى األفكار‪ ،‬واألفكار التي تمثلها تعد مغزاها‬
‫المباشر الخاص)‪.‬‬
‫تعتبر هذه النظرية "اللغة" وسيلة لتوصيل األفكار‪.‬‬
‫وتقتضي بالنسبة لكل تعبير لغوي "أن يملك فكرة" ‪ ،‬وهذه الفكرة يجب أن تكون‬
‫حاضرة في ذهن المتكلم‪ ،‬وأن التعبير يجب أن يستدعي نفس الفكرة في عقل‬
‫السامع‪.‬‬
‫تركز هذه النظرية على األفكار الموجودة في عقول المتكلمين والسامعين بقصد‬
‫تحديد معنى الكلمة‪ ،‬أو مايعنيه المتكلم بكلمة استعملها في مناسبة معينة‪.‬‬
‫والحقت هذه النظرية رفض لمعظم المناهج الحديثة‪ ،‬التي اتجهت إلى جعل المعنى‬
‫أكثر موضوعية وعلمية‬

‫الفصل الثاني ‪ :‬أصايل‬


‫الفصل الثاني‪ :‬النظرية السلوكية ‪.‬‬
‫تركز هذه النظرية على ما يستلزمه استعمال اللغة‪ ،‬وتعطي اهتمامها للجانب الممكن‬
‫مالحظته عالنية ‪ ،‬وهي بهذا تخالف النظرية التصورية التي تركز على الفكرة او‬
‫التصور‪.‬‬
‫النظرية السلوكية تقوم على جملة أسس منها ‪:‬‬
‫‪ -1‬التشكك في كل المصطلحات الذهنية مثل العقل و التصور والفكرة ‪.‬‬
‫‪ -2‬اتجاهها إلى تقليص دور الغرائز والدوافع والقدرات الفطرية األخرى ‪.‬‬
‫‪ -3‬اتجاهها اآللي أو الحتمي الذي يرى أن كل شيء في العالم محكوم بقوانين‬
‫الطبيعة‪.‬‬
‫‪ -4‬انه يمكن وصف السلوك عند السلوكيين على انه نوع من االستجابات لمثيرات‬
‫ما تقدمها البيئة‪.‬‬

‫الفصل الثالث نظرية السياق ‪ :‬ابتهال‬

‫عرفت مدرسة لندن بما سمي بالمنهج السياقي أو المنهج العلمي‪ ،‬وكان زعيم هذا‬
‫هذا االتجاه فيرث الذي وضع تأكيدا على الوظيفة االجتماعية للغة‪ ،‬كما ضم االتجاه‬
‫أسماء مثل ‪ Halliday :‬و‪ Mc Intosh‬و ‪ sinclair‬و ‪ ، mitcheII‬وعد ليونز أحد‬
‫التطورين الهامين المرتبطين بفيرت (( نظرية السياقية للمعنى )) ‪.‬‬

‫ومعنى الكلمة عند أصحاب هذه النظرية هو (( استعمالها في اللغة )) ولهذا يصرح‬
‫فيرث بأنه المعنى ال ينكشف إال من خالل تسييق الوحدة اللغوية ‪ ،‬أي وضعها في‬
‫سياقات مختلفة ويقول أصحاب هذه النظرية في شرح وجهة نظرهم ‪(:‬معظم‬
‫الواحدات الداللية تقع في مجاورة وحدات أخرى ‪ ،‬وإن معاني هذه الواحدات ال‬
‫يمكن وصفها أو تحديد إال بمالحظة الواحدات األخرى التي تقع مجاورة لها )‪ ،‬ومن‬
‫اجل تركيزهم على سياقات اللغوية التي ترد فيها الكلمة وأهمية البحث عن‬
‫ارتباطات الكلمة بالكلمات اآلخرى نفوا أن يكون الطريق إلى معنى الكلمة هو رؤية‬
‫إليه ‪.‬‬
‫وعلى هذا فدارسة معاني الكلمات تتطلب تحليال للسياقات والمواقف التي ترد فيها‪،‬‬
‫حتى ماكان منها غير لغوي ‪ ،‬ومعنى الكلمة وعلى هذا يتعدل تبعا لتعدد السياقات‬
‫التي تقع فيها ‪ ،‬أو بعبارة أخرى تبعا لتوزعها اللغوي ‪.‬‬

‫وقد اقترح عامر تقسيما للسياق ذا أربع شعب يشمل‪:‬‬


‫‪ -١‬السياق اللغوي‪.‬‬
‫‪ -٢‬السياق العاطفي‪.‬‬
‫‪ -٣‬السياق الموقف‪.‬‬
‫‪ -٤‬السياق الثقافي‪.‬‬

‫أما السياق اللغوي فيمكن التمثيل له بكلمة ‪ good‬االنجليزيه (ومثلها كلمة حسن‬
‫العربية أو زين العامية) التي تقع في سياقات لغوية متنوعة وصفا لـ‪:‬‬
‫‪ -١‬أشخاص‪ :‬رجل ‪ -‬ولد‪.‬‬
‫‪ -٢‬أشياء مؤقتة‪ :‬وقت ‪ -‬يوم ‪ -‬رحلة‪.‬‬
‫‪ -٣‬مقادير‪ :‬ملح ‪ -‬دقيق ‪ -‬هواء ‪ -‬ماء‪.‬‬

‫فإذا وردت في سياق لغوي مع كلمة ((رجل)) كانت تعني الناحية الخلفية‪ ،‬وإذا‬
‫وردت وصفا لطبيب مثال كانت تعني التفوق في األداء (وليس الناحية األخالقية)‪.‬‬

‫وإذا وردت وصفا للمقادير كان معناها الصفاء والنقاوة وهكذا‪..‬‬


‫كما يمكن التمثيل له بكلمة (يد) التي ترد في سياقات متنوعة منها‪:‬‬
‫‪ -١‬سقط في (يد)‪ :‬ندم‪.‬‬
‫‪ -٢‬مالي بد (يد)‪ :‬أي قوة‪.‬‬
‫‪ -٣‬فالن طويل اليد‪ :‬إذا كان سمحا‪.‬‬
‫‪(-٤‬يد) الطائر‪ :‬جناحه‪.‬‬
‫ه‪( -‬يد) الدهر‪ :‬مد زمانه‪.‬‬
‫‪( -٦‬يد) الريح‪ :‬سلطانها‪.‬‬

‫وأما السياق العاطفي فيحدد درجة القوة والضعف في االنفعال‪ ،‬مما يقتضي تأكيدا أو‬
‫مبالغة أو اعتداال‪ ،‬فكلمة ‪ Love‬االنجليزية غير كلمة ‪ like‬رغم اشتراكهما في أصل‬
‫المعنى وهو الحب وكلمة يكره العربية غير كلمة يبغض رغم اشتراكهما في أصل‬
‫المعنى كذلك‪.‬‬

‫أما السياق الثقافي فيقتضي تحديد المحيط الثقافي او االجتماعي الذي يمكن أن‬
‫تستخدم فيه الكلمة فكلمة مثل ‪ looking glass‬تعتبر في بريطانيا عالمة على‬
‫الطبقة االجتماعية العليا بالنسبة لكلمة ‪ mirror‬وكذلك كلمة ‪ rich‬بالنسبة لكلمة‬
‫‪ wealthy‬وكلمة (عقيلته) تعد في العربية المعاصرة عالمة على الطبقة االجتماعية‬
‫المتميزة بالنسبة لكلمة ((زوجته )) مثال ‪.‬‬

‫ولم تكن االنثروبولوجيا وحدها التي ايدت االتجاه السياقي‪ ،‬فقد جاء التأييد كذلك من‬
‫جانب الفلسفة‪ ،‬فقد أيد الفيلسوف ‪ Wittgenstein‬في كتابه (الذي نشره عام ‪١٩٥٣‬‬
‫بعد وفاة مؤلفه) كون معنى الكلمة هو استعمالها في اللغة ويقوب برتراند راسل‬
‫((الكلمة تحمل معنى غامضا لدرجة ما ولكن معنى يكتشف فقط عن طريق‬
‫مالحظته استعماله االستعمالي يأتي أوال ‪ ،‬وحيث يتقطر المعنى عنه ‪.‬‬

‫وكذلك جاء لتأييد من علم النفس حيث أيد كثير من علماء النفس النظرة السياقية أو‬
‫القرينة‪.‬‬

‫كما أن اللغويين من اعتبر المنهج السياقي خطوة تمهيديه للمنهج التحليلي ومن‬
‫هؤالء ‪ uiimann‬الذي صرح بأن ((المعجمي يجب أوال أن يالحظ كل كلمة في‬
‫سياقها (كما ترد في الحديث أو النص المكتوب) بمعنى أننا يجب أن ندرسها في‬
‫واقع عملي (أي في كالم) ثم نستخلص من هذه األحداث الواقعية العامل المشترك‬
‫العام ونسجله وعلى أنه المعنى للكلمة‪.‬‬
‫ولهذا فان أولمان كان حريصا عل التنبيه على ان المنهجين التحليلي والسياقي ليسا‬
‫متضاربين كال مع األخر‪ ،‬وانما يمثالن خطوتين متتالين في نفس االتجاه‪.‬‬
‫ولعل أهم ميزات يتمتع بها المنهج السياقي‪:‬‬
‫‪ -1‬أنه على حد تعبير أولمان يجعل المعنى سهل االنقياد للمالحظة والتحليل‬
‫الموضوعي‪ ،‬وعلى حد تعبير فيرث أنه يبعد عن فحص الحاالت العقلية الداخلية‬
‫التي تعد لغزا مهما حاولنا تفسيرها‪ ،‬لم ويعالج الكلمات باعتبارها أحداثا وأفعاال‬
‫وعادات تقبل الموضوعية والمالحظة في حياة الجماعة المحيطة بنا‪.‬‬
‫‪ -2‬أنه لم يخرج في تحليله اللغوي عن دائرة اللغة‪ ،‬وبذا نجا من النقد الموجه الى‬
‫جميع المناهج السابقة (االشاري – التصوري – السلوكي ) ‪ ,‬وهو النقد الذي عبر‬
‫عنه عقلة بقوله ((مشكلة اتجاهات أوجدن وريتشاردز وبلومفيلد في دراسة المعنى‬
‫أن كال منهم حاول شرح السيمانتيك على ضوء متطلبات عملية أخرى ))‪ ,‬وقوله‬
‫((ان البحث عن تفسير للظاهرة اللغوية خارج اطار اللغة يشبه البحث عن منفذ‬
‫للخروج من حجرة ليس لها نوافذ وال أبواب‪ ,‬المطلوب منا أن نقنع بتقص ما هو‬
‫داخل الحجرة أي أن ندرس العالقات داخل اللغة ))‪.‬‬

‫ومع هذا فقد وجهت عدة اعتراضات على هذه النظرية‪ ،‬منها‪:‬‬
‫أن فيرث لم يقدم نظرية شاملة للتركيب اللغوي‪ ،‬واكتفى فقط بتقديم نظرية‬ ‫•‬
‫للسيمانتيك مع أم المعنى يجب أن يعتبر مركبا من العالقات السياقية‪ ،‬ومن األصوات‬
‫والنحو المعجم والسيمانتيك ‪.‬‬
‫لم يكن فيرث محددا في استخدامه للمصطلح السياق مع أهميته‪ ،‬كما كان‬ ‫•‬
‫حديثه عن الموقف غامضا غير واضح‪.‬‬

‫ان هذا المنهج ال يفيد من تصادفه كلمة ما عجز السياق عن إيضاح‬ ‫•‬
‫معناها‪،‬فلن يفيد الباحث الذي يريد أن يتتبع استعماالت الكلمة ‪ ,‬واستخداماتها العلمية‬
‫في التعبيرات المختلفة ‪.‬‬

‫وأهم ما يميز هذه النظرية أو هذا االتجاه ما يأتي‪:‬‬


‫‪ -1‬انه ال يهتم من بين األنواع السياق اال السياق اللغوي أو السياق اللفظي‪،‬أي‬
‫ببيان مجموعة الكلمات التي تنتظم معها الكلمة موضوع الدراسة فلكلمة ‪night‬‬
‫ترد في تجمع مع ‪ dark‬وكلمة ‪ day‬تأتي في تجمع مع ‪. sunny‬‬
‫ولما كان من المعتاد أن تنتظم الكلمة مع اكثر من مجموعة‪ ،‬وان تقع في أكثر من‬
‫سياق لغوي فقد ظهر مصطلح ((الوقوع المشترك)) ووضع‬
‫فيرث ما سماه اختبار الوقوعية أو الرصفية الذي يقوم على أساس تبديل المفردات‬
‫المعجمية أو تبديل أنواع السياق اللغوي الصدار االحكام ‪,‬‬
‫ولعل ممن األمثلة الهامة التي مثل بها أصحاب هذه النظرية التمثيل بكلمتي‬
‫‪ strong , powerful‬فكل اللفظين ينتظم مع‬
‫‪ Argument‬ولكنهما ال يتقاسمان نفس السياقات اللغوية األخرى‪ ,‬فكلمة‬
‫‪powerful‬تنظم مع ‪ cat‬مثال و‪strong‬مع ‪ tea‬مثال‪.‬‬
‫‪ -2‬انه يهتم ببيان الخصائص النحوية والصرفية‪ ،‬ويستخدمها في تحديد السياقات‬
‫التي تقع فيها الكلمة‪ ،‬فلفظ ‪ cat‬مثال يقع بعد ‪ the‬التعريفية مثال ‪:‬‬
‫‪.The …. caught the mouse‬‬

‫أو بعد ضمير لملكية مثل ‪:‬‬


‫‪.… I bought fish for my‬‬
‫هناك فرق بين التحليل الرصفي والتحليل النحوي ففي حين يعالج النحوي‬
‫((مجموعات الكلمات)) (اسم ‪/‬فعل‪/‬صفة) التي يحوي االف الكلمات التي ليس لها‬
‫عالقات متبادلة ذات أهمية داللية يعالج الرصف الكلمات المفردة التي لها عالقة‬
‫متبادلة ذات أهمية داللية‪.‬‬
‫‪ -3‬أنه ال يعتبر الجملة املة المعنى اال إذا صيغت طبقا لقواعد وراعت توافق‬
‫الوقوع بين مفردات الجملة‪ ،‬وتقبلها أبناء اللغة وفسروها تفسيرا مالئما وهو ما‬
‫اطلق عليه اسم التقبلية‪.‬‬
‫وقد اعتبر بعضهم التحليل الرصفي غاية في ذاته وذكر ان قائمة الكلمات المتراصفة‬
‫مع كل كلمة تعد جزءا من معناها‪.‬‬
‫وهناك مميزات تحققها هذه النظرية منها‪:‬‬
‫‪ -1‬انها تعطينا معيارا لتمييز الهوم نيمي من الكلمات المفردة ذات المجال المحدد‬
‫من المعنى فالهوم نيمي مفردات تتفق نطقا‪ ،‬ولكن تقع في مجموعات مختلفة من‬
‫الرصف‪.‬‬
‫‪ -2‬انها يمكن ان تساعد في تحديد التعبيرات فاذا كان لفظ يقع في صحبة اخر‬
‫دائما فمن الممكن ان يستخدم هذا التوافق في الوقوع كمعيار العتبار هذا التجمع‬
‫مفردة معجمية واحدة‪.‬‬
‫‪ -3‬أنها تحدد مجاالت الترابط واالنتظام بالنسبة لكل كلمة مما يعني تحديد‬
‫استعماالت هذه الكلمة في اللغة‪ ،‬وتحديد هذه المجاالت يساعد على كشف الخالف‬
‫بين ما يعد في اللغات‪ ،‬ألنه من النادر ان تأخذ الكلمات التي تعتبر مترادفا في‬
‫اللغات‪ ،‬ألنه من النادر ان تأخذ الكلمات التي تعتبر مترادفه في لغة أخرى نفس‬
‫السياق او التجمع اللغوي المماثل ‪ ,‬وهو امر الزم لمن يريد استخدام اللغة او يريد‬
‫تعلمها او يشتغل بالترجمة من لغة الى أخرى‪.‬‬
‫‪ -4‬وكما استخدمت النظرية في كشف الخالف بين المترادفات في اللغات‬
‫استخدامها ‪ duBois‬لتمييز المترادفات في داخل اللغة الواحدة على أساس بيان‬
‫توزيع كل منها‪.‬‬
‫ان طرق الرصف تمييز بصفة العلمية‪ ،‬ولذا تتسم بالدقة والموضوعية وكما قال أحد‬
‫اتباع مدرسة ‪:firth‬‬
‫(المعيار الشكلي للرصف يعتبر معيارا حماسا ألنه أكثر موضوعية ودقة وقابلية‬
‫للمالحظة)‪.‬‬

‫الفصل الرابع – إشراق‬

‫نظرية الحقول الداللية(‪)1‬‬


‫‪ - 1‬مفهوم النظرية‬
‫هو الحقل الداللي أو الحقل المعجمي‬
‫مجموعة من الكلمات ترتبط دالالتها ‪ ،‬وتوضع عادة تحت لفظ عام يجمعها ‪ .‬مثال‬
‫ذلك كلمات األلوان في اللغة العربية ‪ .‬فهي تقع تحت المصطلح العام و لـون »‬
‫وتضم ألفاظا ً مثل ‪ :‬أحمـر ـ ازرق ـ أصفـر ـ أخضر ـ أبيض ‪. .‬‬

‫وقد وسع بعضهم مفهوم الحقل الداللي ليشمل األنواع األتية ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ الكليات المترادفة والكلمات المتضادة‪ .‬وقد كان ‪ A. Jolles‬أول من اعتبر‬
‫ألفاظ المترادف والتضاد من الحقول الداللية ‪.‬‬
‫‪ ٢‬ـ األوزان االشتقاقية ‪ ،‬وأطلق عليها اسم الحقـول الـداللية الصرفية ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ أجزاء الكالم وتصنيفاتها النحوية ‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ الحقول السنتجاتية وتشمـل مجموعـات‬

‫الكليات التي تترابط عن طريق االستعمال ‪ ،‬ولكنها ال تقع أبدأ في نفس الموقع‬
‫النحوي ‪ .‬وقد كان ‪ W. Porzig‬أول من درس هذه الحقول ‪ ،‬وذلك حين وجـه‬
‫اهتمامه إلى كليات مثل ‪:‬‬
‫كلب ‪ -‬نباح ‪.‬‬
‫فرس ‪ -‬صهيل ‪.‬‬
‫زهر ـ تفتح ‪.‬‬
‫طعام ‪ -‬يقدم ‪.‬‬
‫يمشي ‪ -‬قدم ‪.‬‬

‫ويقسم بعضهم العالقات بين كليات الحقل السنتجاتي إلى نوعين ‪:‬‬
‫أ ـ الوقوع المشترك ‪.‬‬
‫ب ـ التنافر ‪.‬‬

‫‪ - ٢‬نظرة تاريخية‬
‫مـال التركيببيون األمريكيون المتأثرون ببلومفيلد إلى تجاهـل دراسـة‬
‫المعجم ‪ ،‬ألنه ـ في نظرهم ـ يعالج مفردات توصف بأنها غير تركيبية ‪ ،‬أو ـ على‬
‫األقل ـ يبدو التسيب في تركيبيتها‬
‫وحتى النحاة التوليديون التحويليون المبكرون اعتبروا المعجـم جزءا ً من‬
‫النحو ‪ ،‬وأعطوا أهمية ضئيلة لمعاني الكلمات والجمل ‪.‬‬
‫ولكن بدأ اهتمام التركيبيين بدراسة المعجم منذ استنبط السيمانتيك التركيبي‬
‫فكرة الحقل الداللي أو الحقل المعجمي ؛ باعتبار أن هذه الفكرة تعطي مفردات‬
‫اللغة شكالً تركيبيا ً ‪ .‬فكالت كل لغة ـ طبقا ً لهذه الفكرة ـ تصنف في مجموعات‬
‫‪-‬‬
‫‪-‬‬
‫ينتمي كل منها إلى حقل داللي معين ‪ .‬وعناصر كل حقل يحـدد كل منهـا معنى‬
‫اآلخر ‪ ،‬ويستمد قيمته من مركزه داخل النظام‬
‫ولم تتبلور فكرة الحقول الداللية إال في العشرينات والثالثينات من هذالقرن على‬
‫أيدي علماء سويسريين وألمان‬

‫‪ ٣‬ـ معجم الحقول الداللية‬


‫قادت نظرية الحقول أو المجاالت إلى التفكير في عمل معجم كامل يضم‬
‫كافة الحقول الموجودة في اللغة ‪ ،‬وتقدم فيه المفردات داخل كل حقل على أساس‬
‫تفريعي تسلسلي ‪ .‬وتبذل اآلن محاوالت كثيرة لتصنيف معاجم للغات ولهجـات‬
‫هي الحقول الطبيعية مثل أسماء األشجار والحيوانات ‪ . .‬واالصطناعية مثل أسماء‬
‫رتب الجيش وأحزاء اآلالت‬

‫‪ 4‬ـ أسس المعجم المصنف‬


‫يقوم عمل معجم مصنف للمفاهيم على أساسين ها ‪:‬‬
‫أ ـ وضع قائمة بمفردات اللغة‬
‫ب ـ تصنيف هذه المفردات بحسب المجاالت أو المفاهيم التي تتناولها‬
‫وال صعوبة في الوصول إلى قائمة المفردات ‪ ،‬سواء بدأنا بها ‪ ،‬ثم صنفناها‬
‫إلى مفاهيم ‪ ،‬أو بدأنا بتصور المفاهيم داخل اللغة ثم قمنا بوضع قائمة بمفردات كل‬
‫مفهوم أو مجال ‪ .‬ولكن المشكلة التي تواجه واضعي هذه المعاجم تتمثل في ثالثة‬
‫أشياء هي‪:‬‬
‫أ ـ حصر الحقول أو المفاهيم الموجودة في اللغة وتصنيفها‬
‫ب ـ التمييز بين الكلمات األساسية والكليات الهامشية داخل الحقل‬
‫ح ـ تحديد العالقات بين الكلمات داخل كل حقل ‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫وسنتناول هذه المشكالت بالترتيب على النحو السابق ‪:‬‬
‫‪.‬‬
‫أ ـ تصنيف المفاهيم ‪:‬‬
‫يقول ‪ ( : Chomsky‬إن من الهام وضع " ر للمفاهيم الممكنة‬
‫ويقـول ‪ Stork‬و ‪ « : Widdowson‬السيمانتيك ال يهتم فقط بإطالق األسماء ‪.‬‬
‫فاألهم من ذلك طريقة تصنيف األشياء التي سنعطيها األسماء ‪.‬‬
‫وقد أسهم اللغويون األنثروبولوجيون في تقدم نظرية الحقول عن طريق‬
‫التصنيفات العامة التي قاموا بها في مجاالت ثقافية متنوعة ‪ ،‬كما أن منهم من قاموا‬
‫بدراسات ترتكز على أساس سؤال الشخص أن يصنف األلفاظ داخل مجال ما وذلك‬
‫من أجل تحديد التفريعات في داخل التركيب المعجمي ‪ .‬وهذه التفريعات‬
‫تكشف عن تصور المتكلم لكيفية تنظيم األشياء الموجودة في العالم من حولنا ـ طائر‬
‫ـ صقر ـ حمامة‬
‫ـ عثة ـ بعوض ‪ -‬بق ‪. . .‬‬
‫ـ دب ـ ذئب ‪ -‬ثعلب‬
‫ـ حيوان ـ بقرة ـ خنزير ـ حمار ـ خروف ـ فرس‬
‫ـ وبر ـ صوف‬
‫‪ -‬جناح ‪ -‬ذيل ـ قرن ‪. .‬‬

‫الفصل الخامس – أريام‬


‫الفصل السادس – لؤلؤة‬
‫مناهج أخرى ‪:‬‬
‫هناك جملة من الطرق األخرى لتحديد المعنى أو توضيحة ‪ ،‬سنكتفي بالتناول‬
‫السريع لبعضها ‪:‬‬
‫‪ -١‬طريقة توضيح المعنى بذكر مرادفه ‪ ،‬او اقرب لفظ اليه ‪ ،‬وتصلح هذه الطريقة‬
‫اكثر عند شرح الكلمات االجنبية ‪ ،‬وفي المعاجم المزدوجة اللغة ‪ ،‬واقرب معجم‬
‫عربي لهذه الطريقة ( القاموس المحيط ) للفيروز ابادي ‪.‬‬

‫‪ -٢‬طريقة تحديد المعنى وتوضيحة ببيان خصائص الشي المعرف ‪ ،‬او بوضع‬
‫تعريف له ‪.‬‬
‫مثال على ذلك تعريف العدسة بأنها (قطعة من الزجاج او المادة الشفافة محصورة‬
‫بين سطحين معينين‪ ،‬عن طريقها يتجمع الشعاع الضوئي او يتفرق ) فقد عرفت‬
‫العدسة اوال بأنها قطعة زجاج او مادة شفافة ‪ ،‬ثم ميزت عن سائر القطع المماثلة‬
‫ببيان شكلها واستعمالها ‪.‬‬

‫‪ ٣‬ـ كما ان من الممكن تعريف الشيء بذكر افراده ‪ ،‬وهذه الطريقة سهلة جدا حين‬
‫يكون للشيء فرد واحد مثل التوابل والحيوانات المفترسة‬

‫واهم ماتتميز به هذه الطريقة أنها تحدد بدقة مجاالت استعمال الكلمة ‪ ،‬ولذا فإنها‬
‫تستخدم عادة في الوثائق القانونية حين يكون مجال التطبيق للكلمة واجب الوضوح ‪،‬‬
‫فكلمة ( األقرباء المتالصقون ) قد تثير جدال وبخاصة في مجاالت اإلرث والنفقة‬
‫والزواج وااللتزام ‪ ..‬ولذا فإ ن القوانين التي تستعمل هذه الكلمة تحدد المراد كأن‬
‫تقول ‪ :‬األم ‪ -‬األب ‪ -‬االبن ‪ -‬البنت ‪ -‬االخ ‪ -‬االخت )‬
‫الباب الثالث‪:‬‬
‫الفصل األول – لؤلؤة‬
‫الفصل الثاني – أريام‬
‫الفصل الثالث – لؤلؤة‬

‫الفصل األول – لؤلؤة‬


‫المشترك اللفظي‬
‫أ‪ -‬عند القدامى‬
‫يأتي القدامى فيه ‪:‬‬
‫ظهرت في اللغة العربية منذ وقت مبكر كتب كثيرة تعالج ظاهرة المشترك اللفظي‬
‫وهو اللفظ الذي يحمل أكثر من معنى ‪.‬‬
‫أ‪ -‬فمنه ما اتجه إلى دراسته في القرآن الكريم ‪.‬‬
‫واقدم ماوصلنا من كتب يدخل تحت النوع األول‬
‫وهناك كتاب آخر من الكتب المبكرة التي وصلتنا عالج قضية المشترك اللفظي في‬
‫القرآن الكريم ولكن تحت عنوان مختلف‪،‬‬
‫ذلك هو كتاب المبرد المسمى (كتاب ماانفق لفظه واختلف معناه من القرآن المجيد )‬
‫‪.‬‬
‫اشترط المبرد في كتابه إلى الكلمة التي يوردها أن يكون القرآن الكريم قد استعملها‬
‫بمعانيها او بمعنييها ‪ -‬يبدو أن هذا وذاك قد قيدا المؤلف كثيرا ‪ ،‬ولذا النجد في‬
‫الكتاب مما يدخل تحت العنوان سوى كلمات قليلة جدا قد التتجاوز أصابع اليد‬
‫الواحدة ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬ومنه مااتجه إلى دراسته في الحديث النبوي الشريف ‪.‬‬


‫لم يصلنا منه سوى كتاب واحد ( كتاب األجناس من كالم العرب وما اشتبه في اللفظ‬
‫واختلف في المعنى ) ألبي عبيد القاسم بن سالم (ت ‪٢٢٤‬هـ )وهو ليس كبير الحجم‬
‫‪ ،‬واالكتفاء في معظم األحيان بذكر الكلمة ومعناها دون ذكر مثالها أو اقتباس شاهد‬
‫عليها ‪ ،‬ماعدا أمثلة قليلة من القرآن ‪ ،‬وأمثلة نادرة من الحديث‪.‬‬

‫ج‪ -‬ومنه مااتجه إلى دراسته في اللغة العربية ككل ‪.‬‬


‫وقد وصلنا في هذا النوع كتابا اأبي العميثل وكراع ‪،‬‬
‫كتاب كراع ( علي بن الحسن الهنائي ) فيحمل اسم ( المنجد في اللغة )‪،‬‬
‫وقد بدأ الكتاب بمقدمة قصيرة تحدثت عن منهج المؤلف ‪ ،‬وتال ذلك المادة اللغوية‬
‫موزعة على أبواب ستة على النحو اآلتي‪:‬‬
‫الباب ‪ : ١‬في ذكر أعضاء البدن من الرأس إلى القدم ‪.‬‬
‫الباب ‪ : ٢‬في ذكر صنوف الحيوان من الناس والسباع والبهائم‬
‫الباب ‪ :٣‬في ذكر الطير ‪ ،‬الصوائد منها‬
‫الباب ‪ :٤‬في ذكر السالح وماقاربه‬
‫الباب ‪ :٥‬في ذكر السماء وما يليها‬
‫الباب ‪ :٦‬في ذكر األرض وما عليها‬

‫مفهوم المشترك اللفظي عند القدماء ‪:‬‬


‫قال السيوطي ‪ :‬وقد حده أهل االصول بأنه اللغظ الواحد الدال على معنيين مختلفين‬
‫فأكثر داللة على سواء عند أهل تلك اللغة ‪.‬‬
‫وعرفه اآلملي ‪ :‬هو وضع اللفظ الواحد مادة وهيئة بإزاء معنيين متغايرين أو اكثر ‪.‬‬
‫ومن إستقراء األمثلة التي ذكرها اللغويون للمشترك اللفظي يتبين أنه يتحقق عندنا‬
‫تؤدي كلمة ما أكثر من معنى من غير النظر إلى ‪:‬‬
‫‪ -١‬ما إذا كانت هناك عالقة بين المعنيين أو ال ‪،‬‬
‫مثل كلمة بعصوصه التي تعني دويبه صغيرة لها بريق من بياضها وتطلق كذلك‬
‫على الصبي الصغير لضعفه ‪ ،‬ومثل كلمة البشرة التي تعني فيه الحقيقة جلد اإلنسان‬
‫وتستعمل كذلك لعالقة مشابهة بمعنى النبات ‪ ،‬وأيضًا مثل كلمة األرض التي ذكر‬
‫كراع من معانيها ‪ :‬قوائم الدابة ‪ -‬الزكام ‪ -‬الرعدة ‪.‬‬

‫‪ -٢‬ما أذا كان المعنيين متضادين أو ال ‪ .‬فاألول مثل قولهم ( البثر )للعطاء الكثير أو‬
‫القليل ‪ ،‬وفرع في الجبل اذا صعد وانحدر ‪ ،‬وجلل للكبير والصغير ‪ ،‬وجون لألسود‬
‫واألبيض ‪.‬‬

‫‪ -٣‬ما إذا كان المعنيان متوزعين بين لهجتين ‪ ،‬أو مستعملين في لهجة واحدة ‪،‬‬
‫فاألول مثل كلمة السرحان التي تعني األسد في لهجة هذيل والذئب عند عامة العرب‬
‫‪ ،‬والسليط التي تعني عند أهل اليمن دهن السمسم ‪ ،‬والزيت عند عامة العرب‪.‬‬

‫أسباب المشترك اللفظي عند القدماء ‪:‬‬

‫بتحليل كلمات المشترك اللفظي التي وردت في كتاب (المجد) لكراع يتبين أن‬
‫أسباب المشترك اللفظي كثيرة منها‪:‬‬
‫‪ -١‬االسباب الداخلية‬
‫فهو ينقسم إلى ‪ -١ /‬تغير في النطق ‪ -٢‬تغير في المعنى‬
‫‪ -٢‬االسباب الخارجية ‪ :‬وهي اختالف البيئة ‪.‬‬

‫وعند المحدثين ‪:‬‬


‫ومن انواع المشترك اللفظي عند المحدثين ‪:‬‬
‫‪ -‬وجود معنى مركزي للفظ تدور حوله عدة معاني فرعية أو هامشيه ‪.‬‬
‫مثل ‪ :‬كلمة ‪ coat‬في األمثلة اآلتية ‪:‬‬
‫‪.a- Bill put on his coat‬‬
‫‪.b- The dog has a thick coat of fur‬‬
‫‪.c- The house has a fresh coat of paint‬‬
‫فمعنى ‪ coat‬تختلف في هذه الجمل‬
‫فاألولى ‪ :‬تنتمي لمجموعة الجاكيت ‪ -‬البلوفر‬
‫والثانية ‪ :‬تنتمي لمجموعة جلد ‪ -‬ريش‬

‫الفصل الثاني – أريام‬


‫االضداد‬
‫عندما نتحدث عن االضداد ال نعني ما يعنيه العلماء المحدثين من وجود لفظان‬
‫يختلفان نطقا ً ويتضادان بالمعنى بل هو اللفظ المعنى المستعمل في معنيين متضادين‬
‫‪ ،‬باالضافة انه لم يكن مهما ً او شغل اهتمام العلماء‬

‫التأليف باالضداد‬
‫من ألف باالضداد عدة علماء ومن ضمنهم ‪..‬‬
‫‪ -١‬ابن االنباري( ‪)٣٢٨‬هـ‬
‫‪-٢‬االصمعي (‪)٢١٦‬هـ‬
‫‪-٣‬ابو حاتم (‪)٢٥٥‬هـ‬
‫‪ -٤‬ابن السكيت( ‪ )٢٤٤‬هـ‬
‫‪ -٥‬قطرب (‪)٢٠٦‬هـ‬
‫والكثير غيرهم من العلماء‬

‫االضداد بين المثبتين والمنكرين ‪ :‬اختلف العلماء في وجود هذا النوع ف منهم من‬
‫انكره ومنهم من اثبته‬
‫احد شيوخ ابن سيده ( انكره)‬

‫االضداد بين المضيقين والموسعين‪:‬يتفاوتون بها من حيث المبالغه منهم من بالغ في‬
‫التوسيع ومنهم من بالغ في التضييق ‪.‬‬
‫اما المبالغين في التضييق اغلبهم من المحدثين‬
‫المبالغين في التوسيع ف منهم ابن االنباري وابو حاتم وقطرب‬

‫موقف المحدثين ‪:‬‬


‫نرى هنا انهم يتشابهون او نجد بينهم نفس الخالف الذي حدث بين القدماء والقضية‬
‫تعتبر اكثر تشعبا ً عند المحدثين واشد اثارة للجدل الرتباطها من ناحية بتعريف‬
‫المعنى‬
‫الفصل الثالث – لؤلؤة‬
‫الترادف‬
‫تعرض كثير من الدارسين لظاهرة الترادف من وجهة نظر القدماء ‪ ،‬ولكن قل منهم‬
‫من تناولها من وجهة النظر اللغوية الحديثة ‪.‬‬
‫موقف القدماء من الترادف ‪:‬‬
‫اشار سيبويه الى ظاهرة الترادف ‪ ،‬كما اشار اليها ابن جني تحت اسم ( تعادي‬
‫االمثلة وتالقي المعاني ) ومثل لها بالخليقة والسجية والطبيعة والغريزة والسليقة ‪،‬‬
‫وعرف الفخر الرازي الترادف بقوله ( هو االلفاظ المفردة الدالة على شيء واحد‬
‫باعتبار واحد )‬
‫ويبدو أن من أقدم الكتب العربية التي حملت إسم الترادف كان كتاب أبي الحسن‬
‫علي بن عيسى الرماني وعنوانه ‪:‬كتاب األلفاظ المترادفة والمتقاربة في المعنى ‪.‬‬

‫وقد اختلف اللغويون العرب القدماء اختالفًا واس ًعا في إثبات هذه الظاهرة أو إنكار‬
‫وجودها في اللغة العربية ‪:‬‬
‫أ‪ -‬ففريق أثبت وجود الظاهرة‪ ،‬واجتح لوجودها ومنهم األصفهاني الذي كان يرى أن‬
‫الترادف الحقيقي هو مايوجد في اللهجة الواحدة ‪ ،‬أما ماكان من لهجتين فليس من‬
‫الترادف‬

‫ب‪ -‬وهناك فريق آخر كان ينكر الترادف ‪ ،‬وعلى رأسهم ثعلب‪.‬‬
‫الباب الرابع‪:‬‬

‫الفصل األول – أثير‬


‫الفصل الثاني – ابتهال‬

‫االفصل األول – أثير‬

‫تغير المعنى‪:‬‬
‫في القرن التاسع عشر حاول العلماء تقعيد التغيرات التي تحدث للمعنى‪ ،‬وتصنيفها‬
‫على أسس منطقية‪ ،‬ومن أهم ما شغل علماء اللغة موضوع تغير المعنى‪ ،‬وصور‬
‫هذا التغير وأسباب حدوثه‪.‬‬
‫إن تغير المعنى بسبب تطور اللغة عبر الزمن‪ ،‬واكتسابها معنى آخر‪ ،‬وتغير المعنى‬
‫هو تغير الكلمات لمعانيها‪ ،‬وهو يمس جانب اللفظ بصورة أساسية‪.‬‬

‫ً‬
‫أوال ‪ :‬أسباب تغير المعنى‪:‬‬
‫‪ - ١‬ظهور الحاجة‪ ،‬مثل أن يلجأ أبناء اللغة إلى األلفاظ القديمة ذات دالالت مندثرة‪،‬‬
‫فيحيون بعضها ويطلقونه على مستحدثاتهم‪.‬‬
‫لمعان حديثة ولذا يتغير المعنى‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫بمعنى استعمال ألفا ً‬
‫ظا قديمة‬
‫ومثّل إبراهيم أنيس لذلك بكلمات وهي "المدفع والدبابة والسيارة وغيرها"‬
‫وتتم عن طريق الهيئات والمجامع اللغوية‪ ،‬أو األدباء والكُتّاب والشعراء‪.‬‬

‫‪ - ٢‬التطور االجتماعي والثقافي‪ ،‬مثل اتفاق مجموعة فرعية ذات ثقافة مختلفة على‬
‫استخدام ألفاظ معينة في دالالت تحددها‪ ،‬تتماشى مع األشياء والتجارب والمفاهيم‬
‫المالئمة لمهنها أو ثقافتها‪ ،‬وقد يؤدي هذا إلى نشوء لغة خاصة‪.‬‬
‫ومثل االستمرار في استخدام اللفظ ذي المدلول القديم وإطالقه على مدلول حديث‬
‫لإلحساس باستمرار الوظيفة رغم االختالف في الشكل‪.‬‬
‫أشرحه* مثل كلمة سفينة‪ ،‬هي كلمة قديمة لكن شكل السفن قدي ًما يختلف عن شكلها‬
‫حديثًا‪ ،‬من حيث اختالف الحجم والتركيب والخواص وغيرها‪.‬‬

‫‪ - ٣‬المشاعر العاطفية والنفسية‪ ،‬مثل تنهى بعض اللغات عن استخدام بعض الكلمات‬
‫لما لها من إيحاءات مكروهة‪ ،‬ويعرف بـ "الالمساس"‬
‫وهو اليغير المعنى ولكن المصطلح البديل قد يكون له معنى قديم‪ ،‬مما يؤدي إلى‬
‫تغير داللة اللفظ‪.‬‬

‫‪ - ٤‬االنحراف اللغوي‪ ،‬قد ينحرف معنى الكلمة إلى معنى قريب أو مشابه له‪ ،‬نتيجة‬
‫سوء الفهم أو االلتباس أو الغموض‪ ،‬ويعد هذا من باب المجاز‪.‬‬
‫مثل االنحراف اللغوي عند األطفال‪ ،‬قد يطلق الطفل على الكنبة سرير‪ ،‬ويخلط بين‬
‫أنواع الطيور فالحمامة يسميها عصفور‪.‬‬

‫‪ - ٥‬االنتقال المجازي‪ ،‬عادة ً يتم بدون قصد وبهدف سد فجوة معجمية‪ ،‬مثل قولنا‬
‫ً‬
‫رجال وعينًا حقيقية‪.‬‬ ‫رجل الكرسي‪ ،‬وعين اإلبرة هي ليست‬
‫وقد يشيع االستعمال المجازي فيصبح للفظ معنيان‪.‬‬

‫‪ - ٦‬االبتداع‪ ،‬ويكون عند أصحاب المهارة في الكالم كالشعراء واألدباء‪ ،‬وعند‬


‫المجامع اللغوية والهيئات العلمية‪.‬‬

‫ثانيًا ‪ :‬أشكال تغير المعنى‪ ،‬هناك أشكال متعددة لتغير المعنى منها‪:‬‬
‫‪ - ١‬توسيع المعنى‪ ،‬يكون عند االنتقال من معنى خاص إلى عام‪ ،‬بمعنى أنه يصبح‬
‫استعمال الكلمة أوسع من قبل‪.‬‬
‫مثل كلمة تفاحة قد يطلقها الطفل على كل شيء مستدير ويشبه التفاحة‪ ،‬مثل البرتقالة‬
‫والكُرة‪.‬‬

‫‪ - ٢‬تضييق المعنى‪ ،‬هو تحديد معاني الكلمات وتقليلها‪ ،‬مثل كلمة "حرامي" هي في‬
‫األصل نسبةً إلى الحرام‪ ،‬ثم تخصصت داللتها واستعملت بمعنى اللص‪.‬‬
‫‪ - ٣‬نقل المعنى‪ ،‬االنتقال يكون عندما يتعادل المعنيان أو إذا كانا اليختلفان من جهة‬
‫العموم والخصوص‪ ،‬وهذا النوع عكس النوعين السابقين ويتم بصورة قصدية‬
‫لغرض أدبي غالبًا‪ ،‬ومن أمثلته‪ ،‬كلمة "شنب" كانت تعني في القديم جمال الثغر‬
‫وصفاء األسنان‪ ،‬وفي االستعمال الحديث بمعنى الشارب‪.‬‬

‫‪ - ٤‬المبالغة‪ ،‬مثل الشعارات المذهبية واالصطالحات الخادعة التي تستغلها أجهزة‬


‫الدعاية بشكل سيء‪ ،‬مثل قولنا "هو سعيد بشكل مخيف" ‪" ،‬رائع بكل بساطة"‪ ،‬هذه‬
‫التعبيرات تفقد جدتها وتصبح مبتذلة وبالية وتحل محلها تعبيرات أخرى‪.‬‬

‫الفصل الثاني – ابتهال‬

‫هناك مشكلة أساسية في عملية الترجمة بين اللغتين وهي محاولة إيجاد لفظ ما في‬
‫لغة ما مطابق للفظ اخر في اللغة أخرى ‪,‬وهذا يفترض من البداية تطابق اللغتين في‬
‫التصنيف وفي الخليفات الثقافية واالجتماعية وفي مجازاتها واستخدامها اللغوية ‪,‬‬
‫وفي اخليتها وتصوراتها ‪ ,‬وهو ال يتحقق ومن المستحيل تحققه مطلقا ‪ ,‬واختلف‬
‫اللغوين المحدثون في هذا مع ارسطوا الذي يرى ان المعاني تتقابل تماما من لغة‬
‫الى لغة ‪ ,‬بمعنى ان أي كلمة باللغة يمكن ان نجد لها مرادفها مطابقا في اللغة‬
‫األخرى ‪,‬فاذا كان االختالف موجود بين الفرد والفرد من أبناء نفس اللغة ‪,‬بل بين‬
‫الفرد ونفسه من موقف الى موقف ومن حالة الى حالة فانه موجود والشك بين‬
‫اللهجة واللهجة وبين اللغة واللغة ‪.‬‬
‫ويتفرع عن هذه المشكلة األساسية مشكالت جزئية او تطبيقه كثيرة نرى أن من‬
‫أهمها ما يأتي‪:‬‬
‫اختالف المجال الداللي للفظين يبدوان مترادفين في اللغة‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫اختالف التوزيع السياقي لكلمتين تبدوان في اللغتين‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫االستخدامات المجازية‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫اختالف التصنيفات الجزئية‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫التلطف ي التعبير واالمساس‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫اإليحاء والجرس الصوتي‪.‬‬ ‫‪-6‬‬

‫يشتمل اختالف المجال الداللي ماياتي‪:‬‬ ‫‪-‬‬


‫اتساع مدلول الكلمة في لغة ما وضيقة في لغة أخرى‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫استخدام الكلمات في أكثر من معنى في لغة وفي معنى واحد في اللغة‬ ‫ب‪-‬‬
‫األخرى‪.‬‬
‫وأكثر ما يتضح النوع األول في مجال األلوان حيث تمتد رقعة األلوان دون فاصل‬
‫طبيعي وال حدود متدرجة من األحمر حتى البنفسجي‪ ،‬واي فصل البد من يتسم‬
‫التحكم‪ ،‬وتتبع كل لغة طريقة خاصة في التقسيم ‪,‬ونتيجة لهذا نجد ان بعض اللغات‬
‫تعبر عن لونين بلفظ واحد‪ ,‬وبعضها يضع اكثر من لفظ لدرجات من الون الواحد‪,‬‬
‫تعبير العرب عن درجات الحمرة بألفاظ مثل (ارجوان) للشديد الحمرة ‪ ,‬وبهرمان‬
‫لما دونه بشيء من الحمرة من اطالقهم للفظ (المفدم)على المشبع حمرة ‪ ,‬والمضرج‬
‫دونه ‪,‬والمورد بعده ‪.‬‬
‫وامثلة ذلك أيضا الكلمات‪:‬‬
‫(طويل) التي يقابلها في اإلنجليزية ‪ , long‬ولكل منهما استخدامه الخاص‬ ‫‪-1‬‬
‫‪ ,‬وكثيرا ما يحدث الخلط بين مستخدمي اللفظين االنجليزيين من العرب‬
‫فيضعون احدهما مكان االخر‪.‬‬
‫(مشغول) في العربية التي يقابلها في اإلنجليزية ‪ ،busy‬وكثيرا ما يخلط‬ ‫‪-2‬‬
‫بينهما العرب فيصفون التليفون مثال بانه ‪.busy‬‬

‫اختالف التوزيع السياقي لكلمتين تبدوان مترادفين‪:‬‬ ‫‪-‬‬


‫يختلف هذا عن السابق في ان اللفظين يعدان مترادفين في اللغتين في معناهما العام‪،‬‬
‫ولكنهما يختلفان في تطبيقات االستعمال او في السياقات اللغوية التي يردان فيها‪.‬‬
‫االستخدامات المجازية‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫لما كانت اللغات ال تتطابق في االستخدامات المجازية لأللفاظ والتعبيرات فان‬
‫الترجمة الي استخدام مجازي ال يصح ان تكون حرفية واال بعد المعجم عن روح‬
‫اللغة‪ ،‬مثال ذلك‬
‫كلمة ‪ soup‬اإلنجليزية يقابلها كلمة (حساء) العربية‪ ،‬ولكننا نجد الكلمة في‬
‫اإلنجليزية تستخدم استخدما مجازيا في تعبير يدل على الوقوع في مازق او مشكلة‪،‬‬
‫كان يقال عن شخص مثال انه‪ in the soup‬مستوحية في ذلك صورة الرجل‬
‫األبيض حين كان يقع في ايدي اكلي لحوم البشر ويضعونه في الماء على النار‪.‬‬
‫اختالف التصنيفات الجزئية‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫يتصور كثير من اللغويين اللغات على انها مجموعة من االبعاد او االمتدادات التي‬
‫توجد او يوجد معظمها بصورة مشتركة في اللغات من اللغويين من سار خطوة الى‬
‫االمام فحاول حصر هذه االبعاد او االمتدادات او ما سماه بالمجاالت او حقول‬
‫الداللية عن طريق تصنيفات عامة قام بها ‪.‬‬
‫وقد قدم هؤالء تصنيفهم العام للموجودات في العالم من حولنا‪ ،‬واقاموه على أساس‬
‫من الوظيفة‪ ،‬او الحجم‪ ،‬او الشكل‪ ،‬او اللون‪...‬‬
‫وهم بعد مناداتهم بوجود اطر من المفاهيم العالمية المشتركة بين كل لغات البشر‬
‫يعترفون بان اللغات تختلف في االختيار من بين هذه المجموعات وفي التصنيف‬
‫الجزئي داخل كل مجموعة‪.‬‬
‫واختالف التصنيف الجزئي امر طبيعي في كل اللغات حتى في الظواهر العامة‬
‫المشتركة فكل اللغات تستخدم الجهاز النطقي بصورة متشابهة‪ ،‬ولكنها تختلف في‬
‫علمية انتقاء األصوات التي توظفها نتيجة الختالفها في تحديد في امان انتاجها وفي‬
‫كل اللغات تركب كلمات ومقاطع من األصوات ولكنها تختلف في اختياراتها ‪ ,‬وفي‬
‫طرق تركيبها تبعا النتقاداتها وال توجد لغة في العالم تستوعب كل إمكانيات الجهاز‬
‫النطقي ‪ ,‬او كل إمكانيات تشكيل الكلمات واال لناء بحمل هذا وذاك البشر ‪ ,‬ولذا‬
‫تقول كل لغة بعمليه انتقاء على مسافات متباعدة حتى يسهل على اللغة أداء وظيفتها‬
‫‪ ,‬ويمكن للمتكلمين ان يتفاهموا بحد ادنى من الجهد ‪ ,‬ومثال هذا يمكن ان يقال عن‬
‫اختالف اللغات في التصنيفات الجزئية داخل الحقل الداللي الواحد‪ ,‬فكل اللغات‬
‫تنتقي ولكن االنتقاء قد يتطابق في نقطة وقد يتخالف فيه نقطة أخرى فاذا حدث‬
‫التطابق كان الترجمة او النقل من اللغة الى اللغة األخرى امرا سهال واذا لم يحدث‬
‫ظهرت المشكلة ‪.‬‬
‫ومن أوضح األمثلة على اختالف اللغات في تصنيفاتها الجزئية الحقالن االتيان‪:‬‬
‫حقل الحرارة والبرودة‪ ،‬وحقل األلوان‪.‬‬
‫أما بالنسبة أللفاظ الحرارة والبرودة فان اللغة اإلنجليزية تشمل على كلمات كثيرة‬
‫مثل‪:‬‬
‫‪Freezing‬‬
‫‪Icy‬‬ ‫التجمد‬
‫‪Frigid‬‬
‫‪Chilly‬‬
‫‪Cool‬‬ ‫البرودة‬
‫‪Cold‬‬
‫‪Frash‬‬
‫‪Mild‬‬ ‫االعتدال‬
‫‪Madidate‬‬
‫وتتضارب المعاجم اإلنجليزية العربية في تحديد مدلوالت هذه االلفاظ‪ ،‬وال تكاد‬
‫تظفر منها شيء اذا اردت ان ترتبها مع غيرها من الكلمات ترتيبا تنازليا حسب‬
‫درجة الحرارة او البرودة وخير مثال على االضطراب ما ذكر صاحب المورد امام‬
‫لفظ‪ frigid‬انه‪ :‬القارس – والفاتر وامام ‪ cool‬انه الفاتر والبارد باعتدال فهل معنى‬
‫هذا ان ‪ frigid ,cool‬مترادفان في اإلنجليزية ؟ وهل معنى هذا ان القارس والفاتر‬
‫مترادفان في العربية؟‬
‫وأما بالنسبة أللفاظ األلوان فإننا يجب أن نتخيل أوال رقعة األلوان أو مجموعة‬
‫الطيف في شكل متصل متدرج يبدأ باأللوان ذات الموجات العالية (األحمر )وينتهي‬
‫باأللوان ذات الموجات المنخفضة (البنفسجي ) ‪ ,‬وأنه ال توجد محطات أو مواقف‬
‫أو مناطق طبيعية لرسم الحدود على هذا االمتداد ‪ ,‬ولذا يجب أن نأخذ في االعتبار‬
‫ان كل محاولة للقيام بذلك تعد نوعا من التحكم أو نوعا من الرغبة في تبني منهج‬
‫دقيق يكثر من الوقفات وتخطيط الحدود فتكثر االلفاظ تبعا لذلك ‪,‬أو منهج متسع‬
‫يباعد بين الوقفات حتى تقدر العين العادية على اإلحساس بها فتقل االلفاظ تبعا ذلك‬
‫وقد وجد برلين وكي بإحصاء مبني على عشرين لغة مختلفة أن االلفاظ األساسية‬
‫لأللوان تبلغ ‪ 11‬لفظا تختارها من بينها اللغات وهذه األلفاظ هي‪:‬‬
‫األبيض – األسود‪ -‬األحمر ‪-‬األخضر ‪-‬األخضر – األصفر – األزرق ‪ 0‬البني‪.‬‬
‫واذا كانت معقدة بالنسبة أللفاظ األلوان األساسية فهي اكثر تعقدا بالنسبة أللفاظ‬
‫األلوان الثانوية‪ ،‬فاذا كانت األولى قليلة العدد ال تتجاوز االحد عشر لفظا‪ ،‬فاذا الثانية‬
‫ال تكاد تقع تحت حصر‪ ،‬وقد وأوصل بعضهم عدد األلوان الممكنة الى بضعة‬
‫ماليين ‪ ,‬ولكن تبين أن العين العادية يمكنها أن تميز حوالي ‪ 180‬درجة من اللون ‪,‬‬
‫معنى هذا أن أي معجم ثنائي اللغة ال بد أن يحوي قرابة هذا العدد من ألفاظ‬
‫األلوان ‪.‬‬
‫وحدد المؤلفان شروط المعجم الحديث لأللوان بما يأتي‪:‬‬
‫يجب أن يقرن كل اسم يدل على لون بنموذج لوني توضيحي‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫منع التداخل بين األلوان مناطق األلوان‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪ -3‬تقسيم األلوان الى مناطق عامة مثل االزرق والبني والرمادي واالحمر ‪ ...‬ثم‬
‫معالجة كل مجموعة تتعلق باللون العام في مكان واحد‪.‬‬
‫يجب أن يقدم المعجم الوسيلة لالنتقال من االسم الى اللون ‪ ,‬ومن اللون الى‬ ‫‪-4‬‬
‫االسم ‪.‬‬
‫وماتزال اللغة العربية في حاجة إلى معجم أحادي اللغة لأللوان‪ ،‬وآخر ثنائي اللغة‬
‫يسير على نفس المنوال‪.‬‬
‫وينتج على اختالف ذلك التصنيفات الجزئية ظاهرتان هما‪:‬‬
‫التزيد والحشو‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫الفجوة المعجمية‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫التلطف في التعبير والالمساس ‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫توجد في بعض اللغات حساسية نحو ألفاظ معينة ربما ارتبطت ببعض المعاني التي‬
‫ال يحسن التعبير عنها بصراحة‪ ،‬ولذا تتجنبها وتستعمل بدلها ألفاظا أخرى أقل‬
‫صراحة‪ ،‬ويوصف اللفظ المفضل بأنه من باب ((التلطف في التعبير))‬
‫وكثير ماال ينتبه أصحاب المعاجم والمترجمون هذه النقطة فيضعون اللفظ في مقابل‬
‫اللفظ االخر دون أن يساووا بينهما في درجة التلطف أو الالمساس مما قد يوقع من‬
‫يعتمد على المعجم في ورطة‪.‬‬
‫ومن امثلة ذلك أيضا كلمة قرص (دواء) حيث تضع المعاجم في مقابلها كلمة ‪pill‬‬
‫دون ان ينتبه الى الحساسية في استخدام اللفظ اإلنجليزي االن‪ ،‬فبعد ان شاع‬
‫استعمال ‪ pill‬في أقراص منع الحمل صار محرر والصحف يخشون عبارة مثل‪:‬‬
‫‪..the pill is safe, says Dr.X‬‬
‫ويفضلون عليها كلمة ‪tablet‬‬
‫ومن أمثلة التلطف والالمساس في اللغتين العربية واالنجليزية‪:‬‬
‫‪ -1‬التعبير عن المرأة الحامل في اإلنجليزية بكلمة ‪ pregnant‬وال تكاد تسمعه‬
‫في اللغة المؤدبة‪ ،‬ونظيره في العربية كلمة(حبلى) التي ال تكاد تسمعها في اللغة‬
‫المؤدية التي استعاضت عنها كلمة (حامل)‪.‬‬
‫كما تكثر في التعبير عن أماكن قضاء الحاجة‪ ،‬فهي في اإلنجليزية‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪,Restroom, toilet, W.C, lavatory. powder room‬‬
‫‪.Cloakroom‬‬
‫وهي في بالعربية‪:‬‬
‫الكنيف المرحاض دورة المياه‪ ،‬التواليت‪ ،‬الحمام‪ ،‬بيت الراحة‪ ،‬بيت األدب‪ ،‬الميضة‪.‬‬
‫‪ -3‬من التلطف اطالقهم على الشعوب المختلفة في اول مرة اسم ‪ backward‬او‬
‫‪ underdeveloped‬ثم العدول عن ذلك على سبيل التلطف الى ‪less‬‬
‫‪developed‬‬
‫اإليحاء والجرس الصوتي‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫وهذه المشكلة ال يمكن للمعاجم التقليدية ان تعالجها بحال من األحوال وذلك لسببين‪:‬‬
‫األول‪ :‬الن حلها يعتمد على السياق الذي ترد فيه الكلمة‪ ،‬وعلى الشحنة االيحائية‬
‫التي تحملها وعلى الجرس الموسيقى الذي تؤديه وعلى توافقها الصوتي مع ما‬
‫يجاورها من كلمات‪ ،‬وهي أمور ادخل في باب األسلوب منها في باب المعجم‬
‫ويفطن اليها االدباء والشعراء اكثرهم من غيرهم‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬الن المعاجم التقليدية تركز على ما يسمى بالمعنى الرئيسي أو األساسي الذي‬
‫يعد العامل الرئيسي لالتصال اللغوي‪ ،‬والممثل الحقيقي للوظيفة األساسية للغة وتغفل‬
‫جوانب أخرى من المعنى مثل‪:‬‬
‫المعنى اإلضافي او العرضي‪ ،‬والمعنى االيحائي‪ ،‬والمعنى االسلوبي‪ ،‬والمعنى‬
‫النفسي‪.‬‬
‫اختالف المألوف الثقافية واالجتماعية لكلتا اللغتين‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫هناك من المعاني ما يعكس عادات او مألوفات اجتماعية في بيئة ما فتعبر عنها تلك‬
‫البيئة بكلمات في اللغة‪ ،‬في حين أن إيجاد مقابل لها في اللغة األخرى قد يكون‬
‫مستحيال أو غير مطابق‪.‬‬
‫بل ان اللغويين من يعمم هذا الحكم ويرى أن المعنى يتضمن مجتمع اللغة وأنه نمط‬
‫اجتماعي يجب أن يوصف فقط باعتبار وظيفة في المجتمع‪.‬‬
‫فكلمة مثل ‪ wife‬ال يمكن ان تترجم بكلمة واحدة في اللغة العربية المعاصرة الن‬
‫مقابلها بالعربية قد تكون‪ :‬المدام‪ ،‬الجماعة‪ ،‬الست‪ ،‬مراتي‪ ،‬زوجتي‪ ،‬المرة‪ ..‬حين‬
‫حديث المتكلم عن نفسه وقد تكون‪ :‬عقيلته – حرمته‪ -‬زوجته‪ -‬الست – المدام‪ ..‬حين‬
‫التحدث عن الغير أو الغير‪.‬‬
‫ويبدو أثر العامل الثقافي واالجتماعي في تفاوت اللغات في اهتمامها بمجال داللي‬
‫دون اخر تبعا الرتباطها بهذا المجال أو ذاك وتبعا إلحساسها بأهمية أحد الحقول‬
‫اللغوية في البيئة المعينة أو عدم أهميته‪.‬‬
‫ويمكن التمثيل لذلك بحاالت داللية مثل‪:‬‬
‫ألفاظ مقاعد الجلوس في اإلنجليزية‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫الفاظ الطهي في الفرنسية‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫الفاظ السيف أو الجمل في اللغة العربية القديمة‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ألفاظ الثلج في لغة االسكيمو‪.‬‬ ‫‪-4‬‬

You might also like