أقمنا في يوم الثالثاء 7/10/2023بعنوان اللغة والهوية وكانت الندوة تدور حول خمسة مواضيع أساسية ,تحدث فيها زمالئي عن ماهية اللغة والهوية وكيفية ارتباطهما ومدى تأثر اللغة بالهوية والهوية باللغةُ .بنيت محاور الندوة على مراجع متنوعة وعديدة ,وقبل اإلعداد غاص المتحاورون إلى أعماق الموضوع في رحلة عميقة الستخراج المعلومات من سبر أغوار الكتب وكان ربانهم في هذه الرحلة هو ما يلمسونه من وواقع الشباب المتأثر بالحضارة المادية الغربية التي رمت بهويتها العالمية بهدف خلق عالم موحد بثقافة واحدة ولغة واحدة وهوية واحدة .ال يكاد الواحد في هذا اليوم أن يتكلم كلمة فصيحة أو يلقي بيت شعر أو يستشهد بمثل من أمثال العرب حتى يرى الوجوه حوله حائرة مستغربة من ما قال وكأنهم ال يتحدثون العربية ,وما أرى سببًا لمثل هذه الظاهرة إال بعد الناس عن كتب العرب األوائل مثل الجاحظ والمبرد وابن المقفع وغيرهم ,فرأيت أن يكون محوري هو تقديم بسيط لعلم من هؤالء األعالم واستشهاد وتحليل ألحد نصوصه التي تتحدث عن اللغة والهوية .أعددت لهذه الندوة تعريفًا بسيطًا للجاحظ والذي استقيته من ما كتبه المؤرخ المصري والمؤلف الشهير الراحل عبد السالم هارون في مقدمة تحقيقه لكتاب الحيوان عن الجاحظ .وتناولت مراحل حياته المختلفة وأشرت إلى شدة مالحظته وحذقه ,وأوردت بعض الشواهد واألمثال من كتابه الحيوان .ثم انتقلت إلى رسالة من رسائل الجاحظ سميت برسالة مناقب الترك .تحدث فيها عن طباع جميع شعوب األرض من زوايًا عجيبة ,وربط طباع الشعوب بلغاتهم وثقافاتهم وعاداتهم وتقاليدهم ,فبنيت على ما ذكر نموذجًا يصح الستشفاف أثر اللغة على الهوية .العرب العاربة وهم من نسل إسماعيل الذين جاوروا قبيلة جرهم وتحدثوا بلغتهم واعتادوا عادتهم هم مثال واضح للعيان على ما يمكن للغة أن تغيره في الهوية وكيف أن اللغة تحمل حزمة ثقافية كاملة ال تكاد تنفك عنها. وعلى النقيض من المثال أبناء إسحاق وهم أبناء عمومة العرب العاربة ,ويرى فيهم الناظر اختالفًا جوهريًا هائًال على شتى األصعدة والمقاييس المختلفة ,وما أرجع هذا إال الختالف اللغة .وختمت بقراءة بسيطة من هذه الرسالة بهدف إسماع الحاضرين شيئًأ من اللغة العالية للجاح.