‫سنة ‪ 3‬إعالم‬ ‫مقياس الصحافة المتخصصة المكتوبة وااللكترونية‬ ‫د‪ /‬شايب الدراع وليد‬

‫المحاضرة رقم ‪ :03‬مدخل إلى الصحافة المتخصصة‪.‬‬

‫مفهوم الصحافة المتخصصة‪:‬‬

‫إن التقدم المضطرد في الحياة المدنية‪ ،‬وتزايد أعداد المتعممين في العقود األخيرة‪ ،‬وارتفاع وتيرة‬
‫التقدم العممي في كافة مجاالت الحياة اإلنسانية‪ ،‬برز االىتمام بالتخصصات العامة والدقيقة في كل‬
‫مجاالت العموم وااداب والفنون‪ ،‬وكان ظيور الصحافة أحد أأكال التقدم اإلنساني إوانجا از حضارياً‪.‬‬

‫ى بأصحاب‬ ‫لم تعد الصحافة بأكميا الذي ظير يمبي حاجات األفراد والجماعات‪ ،‬مما حد‬
‫الصحف ووكاالت األنباء ووسائل اإلعالم إلى مواكبة التطور الحاصل وألن الصحافة أصالً تعتبر عمماً‬
‫إلى مواكبة العصر وتنوعت‬ ‫إنسانياً إضافة إلى كونيا صناعة ومينة وىواية اتجيت أي الصحافة‪-‬‬
‫اىتماماتيا وبالتالي ‪ .‬ألوانيا حيث ظيرت الصحافة المتخصصة تمبية لحاجات القراء والميتمين‪.‬‬

‫اتجو العالم منذ عقود نحو التخصص الذي أصبح سمة من سمات العصر‪ .‬والصحافة كغيرىا من‬
‫الفنون والصناعات والمين تأثرت بيذا التوجو ‪ -‬وىي صفات متعددة تتميز بيا دخمت عالم التخصص‪،‬‬
‫فيناك الصحافة التي تيتم بالمرأة أو الطفل أو الفنون وااداب أو العموم أو اليوايات المتعددة‪ .. .‬وىكذا‪،‬‬
‫ويتفرع عن كل نوع من ىذه التخصصات فروع أكثر تخصصاً يتولد عنيا فروع أخرى أديدة التخصص‬
‫جعميا تأمل كل جوانب الحياة المختمفة واالىتمامات اإلنسانية المتعددة‪ ،‬والتي تتباين من مجتمع إلى‬
‫آخر‪.‬‬
‫وأصبح لمصحافة المتخصصة جميورىا الذي يختمف عن جميور الصحافة العامة‪ ،‬إواذا كان‬
‫جميور الصحافة المتخصصة أقل عدداً من جميور الصحافة العامة فيو أكثر اىتماماً وتنوعاً‪ .‬وليذا‬
‫ازداد حجم اإلعالنات فييا وجذبت الصحافة المتخصصة إعالنات لم تتوفر لمصحافة العامة‪ .‬كما أضافت‬
‫فنوناً جديدة في اإلخراج والتحرير الصحفي حتى يتالءم مع نوع التخصص ويمبي رغبات جميور ىذه‬
‫الصحافة‪ .‬ثم عادت الصحافة المتخصصة إلى الساحة من جديد مع التطور اإلنساني والتقدم العممي منذ‬
‫أواخر القرن التاسع عأر وبداية القرن العأرين‪ ،‬فالصحافة المتخصصة إذا ليست وليدة العصر‪ ،‬ولكن‬
‫التقدم العممي والتطور النوعي في السكان وتعدد الثقافات واالىتمامات وانتأار التعميم أدى إلى تأكيد دور‬
‫الصحافة المتخصصة ووظيفتيا حتى أصبحت عمى درجة عالية من التقدم واالنتأار‪.‬‬
 ‫سنة ‪ 3‬إعالم‬ ‫مقياس الصحافة المتخصصة المكتوبة وااللكترونية‬ ‫د‪ /‬شايب الدراع وليد‬

‫‪-‬تعريف الصحافة المتخصصة‪:‬‬

‫يمكن تعريف الصحافة المتخصصة بأنيا الصحيفة أو المجمة أو الدورية التي تعطي أكبر قدر‬
‫من اىتماميا لفرع واحد من فروع التخصصات التي ييتم بيا نوع معين من القراء بحيث يكون كل أو‬
‫معظم نأاطيا في جميع األخبار والتحميالت وكتابة المقاالت والتحقيقات وغيرىا من فنون الكتابة‬
‫الصحفية يدور حول ىذا الفرع‪ ،‬وقد يعطي ىذا النوع من الصحف نسبة قميمة من اىتمامو لموضوع غير‬
‫الموضوع الذي تخصص فيو كأن تكون مجمة تعنى باألدب وتكتب موضوعاً واحداً من بين عأرات‬
‫الموضوعات عن السياسة وىذا االستثناء ال ينفي عن الصحيفة كونيا متخصصة‪.‬‬

‫كما يمكن تعريف الصحافة المتخصصة بأنيا الصحافة التي تعنى بجانب واحد من اىتمامات‬
‫القراء في التطمع نحو المعرفة واالستزادة منيا‪ ،‬وىي ليست صحافة العامة أو المجتمع كمو‪ ،‬إوانما ىي‬
‫قاصرة عمى قطاع معين من القراء‪ ،‬ومن الصعب حصر أنواع التخصصات إذ أنو ينسحب عمى كافة‬
‫فروع المعرفة وكل فرع من ىذه الفروع يتفرع عنو فروع أصغر‪ ،‬ومن ىذه الفروع األصغر تتولد جزئيات‬
‫أدق وىكذا‪ ،‬فالصحافة الزراعية مثالً ىي في حد ذاتيا نوع من التخصص لكن يتفرع عنيا فروع أخرى في‬
‫مجال زراعة الحبوب أو زراعة الخض اروات أو الفاكية وىكذا‪ ،‬ولكل فرع من ىذه الفروع توجد صحف‬
‫ودوريات تيتم بيا‪.‬‬
‫باختصار فإن الصحافة المتخصصة تعنى بجانب واحد في اىتمامات الجميور القارئ وتقديم‬
‫المعرفة لو في ىذا المجال‪ ،‬وىي بالتالي ليست عامة إال بالقدر الذي تتسع بو الأريحة المستيدفة‪ ،‬ومع‬
‫التطور العممي والحضاري ظيرت الصحف والدوريات التي تتناول الموضوعات الدقيقة وتحصر اىتماميا‬
‫بيا‪.‬‬
 ‫سنة ‪ 3‬إعالم‬ ‫مقياس الصحافة المتخصصة المكتوبة وااللكترونية‬ ‫د‪ /‬شايب الدراع وليد‬

‫تاريخ فكرة التخصص‪ :‬يعود تاريخ فكرة التخصص العممي االف السنين‪ ،‬حيث بدأت ىذه الفكرة تتطور‬
‫يجيا عبر التاريخ‪ .‬ويمكن تمخيص تاريخ ىذه الفكرة كما يمي‪:‬‬
‫تدر ً‬
‫حيث‬ ‫‪ ‬العصور القديمة‪ :‬في العصور القديمة‪ ،‬لم يكن ىناك تخصص عممي بالمعنى الحديث‪.‬‬
‫كان العمماء والفالسفة في مصر القديمة وبالد ما بين النيرين واليونان القديمة كانوا يقومون بدور‬
‫وسياسيا‪.‬‬
‫ً‬ ‫وعالما‬
‫ً‬ ‫مثال‪ ،‬أرسطو كان فيمسوفًا‬
‫متعدد االختصاصات‪ً .‬‬
‫‪ ‬وخالل العصور الوسطى ‪ ،‬بدأت الجامعات تظير في أوروبا وغيرىا‪ ،‬وبدأ التخصص األكاديمي‬
‫في التطور‪ .‬تم تقديم دروس مختمفة في الفمك والطب والفمسفة ولكن بقي األمر في نطاق ضيق‪.‬‬
‫‪ ‬العصر الحديث‪ :‬في القرون األخيرة‪ ،‬أيدت التخصصات العممية نقمة نوعية في النمو‪ .‬بدأ‬
‫العمماء يتخصصون في مجاالت محددة مثل الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا‪ .‬وظيرت مؤسسات‬
‫أبحاث متخصصة‪.‬‬
‫أيد القرن العأرين الثورة األكبر في ما تعمق‬ ‫‪ ‬من القرن العشرين إلى الوقت الحاضر‪:‬‬
‫بالتخصصات العممية بفضل التقدم التكنولوجي‪ .‬ظيرت تخصصات جديدة مثل عموم الكمبيوتر‬
‫وتعقيدا‪ .‬ىناك‬
‫ً‬ ‫تخصصا‬
‫ً‬ ‫واليندسة الوراثية‪ .‬وفي العصر الحديث‪ ،‬أصبح التخصص العممي أكثر‬
‫جدا مثل عمم األحياء الجزيئي وعمم البيانات وعمم النانوتكنولوجي‪ .‬وىكذا يمكن‬
‫تخصصات دقيقة ً‬
‫القول أن تطور فكرة التخصص العممي بدأت من مجاالت أاممة ومتعددة االختصاصات إلى‬
‫تخصصات عممية دقيقة تيدف إلى فيم واستكأاف جوانب معينة من العالم الطبيعي والمجتمع‪.‬‬
‫حيويا في التقدم العممي والتكنولوجي الحديث‪.‬‬
‫دور ً‬‫تمعب ىذه التخصصات ًا‬

‫ىناك مجموعة من األسباب التي أدت إلى انتأار‬ ‫‪ -‬أسباب إنتشار فكرة التخصص العممي والمهني‪:‬‬
‫فكرة التخصص العممي والميني‪.‬‬

‫ايدا لمخبراء المتخصصين‬

‫احتياجا متز ً‬
‫ً‬ ‫‪-1‬الثورة الصناعية‪ :‬في القرن الثامن عأر‪ ،‬خمقت الثورة الصناعية‬
‫في مجاالت مثل اليندسة وعموم الكيمياء والفيزياء‪ .‬تم تأسيس مدارس ىندسية وتقنية لتدريب الخبراء‬
‫الالزمين لمصناعة والتكنولوجيا‪.‬‬
‫تقدما ىائالً في مجال التكنولوجيا والعموم‪ .‬ىذا التطور أدى إلى زيادة‬
‫‪-2‬تطور التقنية‪ :‬أيد العالم ً‬
‫ىذه التكنولوجيا واالبتكارات الجديدة في مختمف‬ ‫الحاجة إلى خبراء متخصصين لفيم وتطبيق‬
‫التخصصات‪.‬‬
 ‫سنة ‪ 3‬إعالم‬ ‫مقياس الصحافة المتخصصة المكتوبة وااللكترونية‬ ‫د‪ /‬شايب الدراع وليد‬

‫‪-3‬زيادة حجم المعرفة‪ :‬توسع المعرفة اإلنسانية بأكل كبير في مختمف المجاالت‪ .‬ىذا الزيادة في حجم‬
‫المعرفة أدى إلى ضرورة تخصص األفراد ليكونوا قادرين عمى تحقيق التقدم واإلنتاجية وفيم التفاصيل‬
‫الكثيرة لمتخصص‪.‬‬
‫‪-4‬اتساع مجاالت العمل‪ :‬ظيور مجاالت عمل جديدة وتنوعيا‪ ،‬مثل تكنولوجيا المعمومات والتصميم‬
‫الجرافيكي وتطوير البرمجيات‪ ،‬أدى إلى توظيف متخصصين في ىذه المجاالت لتمبية االحتياجات‬
‫المتزايدة لمسوق‪.‬‬
‫عم لت مؤسسات التعميم العالي لتوفير برامج تعميمية متخصصة تناسب‬ ‫‪ -5‬تطور التعميم العالي‪:‬‬
‫احتياجات السوق وتمكن الطالب من اختيار تخصصات ومجاالت دراسية متعددة‪.‬‬
‫‪-6‬التحول االقتصادي‪ :‬في االقتصاد الحديث‪ ،‬تعتمد الأركات والمؤسسات عمى فرق عمل متخصصة‬
‫لتحقيق التميز في مجاالت معينة ولتمبية احتياجات العمالء‪ .‬كذلك مع تحول االقتصاد من الصناعات‬
‫التقميدية إلى االقتصاد الرقمي والخدمات‪ ،‬زاد الطمب عمى خبراء في مجاالت مثل التحميل البياني وعمم‬
‫البيانات والتسويق الرقمي‪.‬‬
‫‪-7‬تنوع المجتمع ‪ :‬بزيادة تنوع المجتمعات‪ ،‬زادت احتياجاتيا إلى متخصصين يمتمكون خمفيات وثقافات‬
‫متنوعة لفيم وخدمة مجتمعاتيم بأكل أفضل‪.‬‬
‫‪-8‬التحديات العالمية‪ :‬ظيرت تحديات عالمية لم تكن مطروحة لمن قبمنا من األمم مثل ‪ :‬تغير المناخ‬
‫واألمن السيبراني واألمراض الجديدة تتطمب تخصصات محددة لمعمل عمى حل ىذه المأكالت المعقدة‪.‬‬

‫‪-‬تأثير الثورة الصناعية ورؤؤ س األموال في التوجه نحو التخصص‪ :‬ساىمت الثورة الصناعية ورؤوس‬
‫األموال في دعم فكرة التوجو نحو االختصاص من خالل‪:‬‬

‫حاسما في تمويل األبحاث والتطوير التكنولوجي‪ ،‬وىو ما‬

‫ً‬ ‫دور‬
‫‪-1‬تمويل البحث والتطوير‪ :‬لعب رأس المال ًا‬
‫عاليا‪( .‬البحث في‬
‫تخصصا ً‬
‫ً‬ ‫يمكن أن يؤدي إلى تقدم في المعرفة العممية وظيور مجاالت جديدة تتطمب‬
‫مجال تطوير الكمبيوتر والدعم الذي توفره المؤسسات المتخصصة ىو الذي خمق العديد من المجاالت في‬
‫البحث) وىو سبب التطور الكبير في ىذا المجال‪.‬‬

‫‪-2‬تحسين التكنولوجيا‪ :‬الثورة الصناعية تعزز التطور التكنولوجي‪ ،‬مما يحتاج إلى خبراء ومتخصصين في‬
‫مجموعة متنوعة من المجاالت العممية واليندسية لتصميم وتطوير تمك التكنولوجيا‪.‬‬
 ‫سنة ‪ 3‬إعالم‬ ‫مقياس الصحافة المتخصصة المكتوبة وااللكترونية‬ ‫د‪ /‬شايب الدراع وليد‬

‫‪-3‬تكوين القوى العاممة‪ :‬يسيم التخصص العممي والميني في تأىيل القوى العاممة بميارات متخصصة‬
‫تتناسب مع تقدم التكنولوجيا‪ ،‬مما يزيد من قيمة العمل واإلنتاجية‪.‬‬