‫ان التطور الهائل الذي عرفته تكنولوجيا اإلعالم و االتصال في‬

‫المجتمعات الحديثة اقتضى ضرورة التفكير في إعادة صياغة‬

‫العديد من المفاهيم السائدة السابقة من اجل استيعاب العناصر‬
‫المستجدة الناتجة عن هذا التطور ‪ .‬و هو ما ادى الى تطور مفهوم‬
‫جمهور وسائل اإلعالم الجماهيرية السيما في صياغته الشكلية ‪.‬‬
‫و عليه ‪ ,‬فإن مفهوم جمهور وسائل اإلعالم يعنى به في‬
‫االستعماالت الحديثة على انه مجموع األشخاص الذين تتوفر فيهم‬
‫مواصفات معينة يشتركون من خاللها في التعرض إلى رسائل‬
‫إعالمية تبثها وتنشرها وسائل اعالمية على اختالفها سواء كانت‬
‫صحيفة مكتوبة ورقية اوالكترونية‪ ،‬إذاعة اوالتلفزيون ‪ ،‬عالوة‬
‫على هذا يمكن اضافة جمهور السينما وحتى المسرح في ظل‬
‫بعض الشروط ‪.‬‬

‫و يجدر االشارة الى ان مفهوم جمهور وسائل االعالم لم يتكون‬

‫دفعة واحدة وإنما مر بمراحل تاريخية اسهمت في بلورته و اضافة‬
‫عناصر جديدة على خصائصه ‪ ,‬و التي يمكن ايجازها في مايلي ‪:‬‬
‫• المرحلة االولى و يمثلها اختراع الطباعة في القرن ال ‪ 15‬و‬
‫الذي اسفر بدوره عن اصدار الدوريات و المنشورات الورقية و‬
‫هو ما ادى بدوره الى بروز جمهور القراء ‪ .‬و لقد عرفت هذه‬
‫المرحلة تكوين مفهوم أولي يعرف بالجمهور العام ‪.‬‬
‫• ثاني مرحلة مثلتها الثورة الصناعية و كذا ما افرزته هذه االخيرة‬
‫من افرازات اجتماعية أسهمت في تطور الصحافة الورقية و‬
‫تسويقها من خالل اعطاءها دفعا قويا للطباعة ‪.‬‬
‫• اما المرحلة الثالثة فقدعرفت ظهور وسائل االتصال الحديثة ‪,‬‬
‫االذاعة في العشرينات و التلفزيون في الخمسينات التي اسهمت في‬
‫تسهيل عملية استقبال فحوى الرسالة االتصالية بين االفراد و‬
‫المرسل ‪ .‬و بالتالي ظهور جمهور المستمعين و المشاهدين‪.‬‬
‫• في المقام الرابع ‪ ,‬نذكر بروز نظريات الديمقراطية و كذا توسيع‬
‫مهام وظائف وسائل االتصال الجماهيري و بروز اقتصاد السوق‬
‫الحرة بحيث اصبح المجتمع مدركا بأهمية االعالم ودوره في كل‬
‫مجاالت الحياة و الوعي و ايضا بخطورته ‪ .‬و لقد تغير الجمهور‬
‫اذ لم يعد مجرد قراء للصحف و مستمعين لالذاعة او مشاهدين‬
‫للتفزيون ‪ ,‬الى مستهلكين للسلع والخدمات وناخبين و نتيجة لذلك‬
‫بروز مفهومي جمهور الناخبين وجمهورالسوق ‪.‬‬
‫• اما المرحلة الخامسة فترتبط ارتباطا وثيقا بثورة تكنولوجيات‬
‫االتصال الحديثة و االنفجار االكتروني التي ادت الى ظهور‬
‫تغييرات على مستوى مجموعة المفاهيم المرتبطة بمفهوم الجمهور‬
‫و كذا ظهور مصطلحات جديدة مثل جمهور الويب ‪ ,‬الجهور‬
‫االلكتروني ‪ ...‬بحيث اصبح الجمهور قادرا على التواجد في كل‬
‫زمان و مكان دون الحاجة الى التنقل ‪.‬‬
 ‫‪.‬‬

‫المفهوم الكمي للجمهور ( تقسيم كلوس )‬

‫يمكن القول ان الجمهورمن مفهومه العددي هو مجموع الشخاص‬

‫الذين يحملون مجموعة خصائص تهم المرسل للرسالة االعالمية‬
‫بحيث يتعرضون ويتفاعلون مع فحوى الرسائل المقدمة ‪.‬‬
‫‪ -‬يعتبر كلوس من اهم المختصين في دراسات االتصال‬
‫الجماهيري الذين يعيبون على المفهوم العددي للجمهور لكونه‬
‫يتجاهل التمايز بين أفراد الجمهور و يكتفي بالتركيز على الكمية‬
‫كغاية في ذاتها‪ .‬اذ قام هذا اخيرا في نهاية الستينيات و تحديدا سنة‬
‫‪ 1968‬باوضع اوجه مفارقات بين مختلف درجات مساهمات‬
‫الجمهور في العملية االتصالية و التي حددها في ‪ 4‬انماط ‪:‬‬
‫• ( الجمهور المفترض(‪( : )Audience Supposed‬‬
‫و هو مجموع السكان المالكين لوسائل مادية وتقنية يستطيعون من‬
‫خاللها تلقي الرسائل االعالمية لوسيلة معينة ؛ سواء كان تلفزيون‬
‫اذاعة او صحيفة ‪.‬‬
‫• (الجمهور الفعلي) (‪)Audience Effective‬‬
‫و هم االشخاص المواظبون على استقبال العرض االعالمي من‬
‫مشاهدين أو مستمعين لحصة تلفزيونية أو إذاعية معينة أو قراء‬
‫لصحيفة معينة ‪.‬‬
 ‫• الجمهور المستهدف (‪): Audience Exposed‬‬
‫و هممجموع االشخاص االشخاص الذين تلقوا المادة االعالمية‬
‫بغظ النظرعن موقفهم منها سواء استجابوا أو تجاهلوها لعدم‬
‫تطابقها مع اهتماماتهم الفكرية واالعالمية و كذا قيمهم الثقافية‬
‫ومعتقداتهم الدينية ‪.‬‬
‫• الجمهور النشط (‪(: )Audience Active‬‬
‫و هم االشخاص الذين يستجيبون للرسائل االعالمية و يتفاعلون‬
‫معها سواء باإاليجاب‪ ،‬كالجمهور المستهدف من خالل االعالنات‬
‫التجارية ‪ ،‬أو بالسلب كالجمهور الذي يحاول المرسل كسب وده أو‬
‫على االقل ضمان حياده‪.‬‬