Professional Documents
Culture Documents
مقياس مدخل الى الاعلام والاتصال 12
مقياس مدخل الى الاعلام والاتصال 12
املحاضرة12 :
وسائل االتصال الجماهيري وتأثيراتها في الواقع االجتماعي
مقدمة :لقد أصبحت وسائل اإلعالم جزًء ا ال يتجزأ من حياتنا اليومية ،وأدت دوًر ا بارًز ا في تطور
االتصال وتقدمه ،وفتحت املجال واسًع ا لتدفق املعلومات وانسياب املعرفة إلى كل أنحاء العالم،
وقربت املسافات بين البشر ،وخلقت حضارة إنسانية جديدة.
وبسبب تنامي دور وسائل اإلعالم ،وحدوث تطورات تقنية هائلة على هذه الوسائل ،خاصة منذ
تسعينات القرن املاضي ،أنجز العلماء والباحثون دراسات مكثفة حول دور هذه الوسائل ومختلف
مؤثراتها ،وسوف نناقش أبرز القضايا املتعلقة بوسائل اإلعالم وذلك فيما يلي:
.1تعريف وسائل االتصال الجماهيري وتصنيفاتها:
يشير مصطلح وسائل االتصال الجماهيري Mass Mediaبوجه عام إلى كل الوسائط (األدوات أو
الوسائل) غير الشخصية لالتصال ،التي عن طريقها تنقل كل املعلومات السمعية البصرية بشكل
مباشر إلى الجماهير ،وتشمل وسائل االتصال الراديو والتليفزيون والصحف واملجالت والكتب ،ومن
الجدير بالذكر أن املصطلح هو اختصار لعبارة" :األدوات املستخدمة في االتصال مع الجماهير"
ولهذا ،فإن هذا التعريف يتضمن جانبين األول متصل بالوسائل الفنية للنقل واالتصال ،والثاني
متصل بالجمهور ،وفي هذا الصدد يذهب بعض الباحثين إلى القول بأن األعضاء الذين يكونون
الجمهور ليسوا كثيرين وغير متجانسين فقط ،بل إنهم يستجيبون أيًض ا لكل وسيلة من وسائل
االتصال كأفراد منفصلين.
ّت ّت
ُ . 2م كّو نات عملية اال صال تتكّو ن عملّي ة اال صال من أربع عناصر]٢[:
ّت ّك ّش ّط ُمل
ا رِس لُ :ي مِّث ل ال رف األول ،وهو ال خص الذي يقوم بالتح م في عملّي ة اال صال من خالل إرسال
الّر سالة بطريقة ما.
ّط ُمل ّش ّث ّط ُمل
ا ستقِب لُ :ي مِّث ل ال رف ال اني ،وهو ال خص الذي يقوم باستقبال الّر سائل ا رَس لة من ال رف
ّط ّت ّك ًا ُمل
األول (ا رِس ل) ،وال يكون ُم تح م في عملّي ة اال صال كال رف األول
ُمل ُمل ّث ّط ُت
.الّر سالة :مِّث ل ال رف ال الث ،وهي عبارة عن كلمات أو إشارات يتّم نقلها من ا رِس ل إلى ا ستقِب ل
ّت ّت
خالل عملّي ة اال صال ،وي بع ذلك رّد ة فعل
مقياس :مدخل الى االعالم واالتصال
بن معمر بوخضرة
ُمل ّت
.وسيلة اال صال :وهي عبارة عن األداة التي يتّم من خاللها نقل الّر سائل واإلشارات من ا رِس ل إلى
ُمل
ا ستقِب ل من أجل الوصول إلى الهدف املطلوب من عملّي ة الّت واصل
.3أهم وسائل االتصال الجماهيري:
يوجد العديد من وسائل االتصال الجماهيري ،إال أن أهمها وأكثرها تأثيًر ا وإقناًع ا يتمثل في ثالث
وسائل أساسية:
-الوسائل املقروءة (الصحافة واملطبوعات بشكل عام).
-الوسائل املسموعة (الراديو).
-الوسائل املسموعة – املرئية (التليفزيون -السينما).
أوال .الوسائل املقروءة (املطبوعة):
كانت الكلمة ـ وما تزال ـ من الدعائم األساسية التي تعتمد عليها عملية االتصال ،وقد ظلت الكلمة
قاصرة إلى حد بعيد حتى اخترعت الطباعة ،فأعلت من شأن الكلمة املكتوبة في اإلعالم والتعليم ،ثم
كان ابتكار اإلذاعة ،فبلغت الكلمة املنطوقة قمة التأثير ،وخلصتها من كل معوقات انتشارها.ويكاد
يجمع العلماء واملفكرون على أن الكلمة هى القوة التى تستحضر الفكرة ،وبدون الكلمة ال نستطيع
أن نملك نواصي األفكار واملشاعر والدوافع ،فالرموز هي العمود الفقري لالتصال ،وبدونها ال يمكن
لالتصال أن يحقق جميع أغراضه ،وقد عبر حكماء العرب قديًم ا عن أهمية الكلمة ،وذلك في الحكمة
املأثورة الواردة عنهم والتي تقول" :إن من البيان لسحًر ا".
يقول املفكر اإلسـالمي الكبير مالك بن نبي(**)" " : 1973 - 1905إن الكلمة ملن روح القدس ،إنها
تساهم إلى حد بعيد في خلق الظاهرة االجتماعية ،فهي ذات وقع شـديد في ضمير الفرد ،إذ تدخل إلى
سـويداء قلبه ،فتستقر معانيها فيه ،لتحوله إلى إنسـان ذي مبدأ ورسالة .فالكلمة يطلقها إنسـان ،
تسـتطيع أن تكون عامـال من العوامل االجتماعية حين تثير عواصف في النفوس تغير األوضاع
العاملية.
تعد الطباعة احد أبرز اإلبتكارات البشرية في كل العصور ،وكان إنتاج الكتب قبل ظهور الطباعة
ًا
يتم عن طريق النسخ اليدوي ،ومع أن العديد من هذه الكتب القديمة كانت تعتبر تحف فنية
ًا
عظيمة ،إال أن عملية النسخ اليدوي غالب ما كانت عرضة لحدوث أخطاء ،وكان عدد الكتب املتاحة
ًا
محدود للغاية ،ولم يكن يستطع امتالكها سوى القادرين وذوي النفوذ والوفرة املالية ،وقد أحدثت
ًا ًال
الطباعة تغيير مذه ،حيث أصبح من املمكن إنتاج آالف النسخ من الكتاب الواحد بقدر كبير من
الدقة والسرعة.
مقياس :مدخل الى االعالم واالتصال
بن معمر بوخضرة
وبداية االتصال املطبوع تعود إلى منتصف القرن الخامس عشر ،حينما اخترع يوحنا جوتنبرج (
)1468 - 1398املطبعة ذات الحروف املعدنية ،واستطاع أن يطبع الكتاب املقدس عام ،1455
واالختالف الواضح بين االتصال قبل هذا التاريخ وبعده يتمثل في أن اإلنسان نجح في صنع آلة قادرة
على إعطاء صورة مطابقة من الرسائل التي يتم تبادلها في االتصال املواجهي أو الشخصي ،ومنذ
محاولة جوتنبرج طبع اإلنجيل بالحروف املنفصلة ،ولم يكن في دار الطباعة إال صاحبها ،حدثت
تطورات عديدة أدت إلى نشأة الصحافة وتطورها سريًع ا.
فقد ظهرت الفكرة األساسية للصحيفة في وقت مبكر بعض الشيء في انجلترا وأمريكا ،وقد تأسست
صحافة املستعمرات األمريكية قبل سنوات من قيام الواليات املتحدة كدولة جديدة ،وعندما
توفرت الوسائل الكفيلة بإصدار جريدة رخيصة الثمن للتوزيع على نطاق واسع ،وعندما تم تطوير
الجوانب الفنية الخاصة بسرعة الطبع والتوزيع ،ظهرت الصحافة الجماهيرية التي عرفت باسم
ًا ًا
“صحيفة البنس” إشارة إلى أن ثمنها ال يتجاوز بنس واحد ،وقد حدث ذلك في مدينة نيويورك ،وقد
ًا ًا
حققت هذه الصحيفة الجماهيرية نجاح كبير ،وخالل سنوات قليلة انتشرت في أجزاء عديدة من
العالم.
والواقع أن بداية الصحافة كانت بداية متواضعة حيث كان صاحب املطبعة يكتب األخبار في وريقة
أو عدة وريقات ويوزعها على بعض الشخصيات الغنية ذات النفوذ الكبير واملتعطشة إلى معرفة أهم
األحداث ،ثم تطور األمر حينما أخذ أصحاب املطابع في تعيين مساعدين لهم في داخل الدار
وخارجها ،وخالل القرنين الخامس عشر والسادس عشر ظهرت مكاتب إخبارية حسنة التنظيم ظلت
تعمل لحساب هؤالء ـ الذين كانوا يسمون تجار األخبار ـ طوال هذه الفترة.
ولعب إنشاء مرفق البريد دوًر ا مؤثًر ا في تطور الصحافة ،فقد ارتبط تطوره بتطور الصحافة ،ومشى
معها جنًب ا إلى جنب ،وقد ظهرت الخدمة البريدية في فرنسا عام ،1464وفي انجلترا عام ،1478وقد
كان الغرض من إنشاء ذلك املرفق جمع الخطابات والصور في مكان معين ونقلها بسرعة وانتظام إلى
املرسل إليه ،نظير أجر معين ،وكان البريد ينقل بواسطة رسل -سعاة -محددين لحساب أفراد
معينين.
يتضح إذن أن الطباعة والبريد كانا بمثابة األساس الراسخ لنشأة ذلك البنيان الضخم والكيان الفذ
املسمى الصحافة ،The Pressكذلك كانت ثمة صلة وثيقة بين الصحافة والتقدم الذي أصاب العلوم
والفنون ،والصناعة والتجارة في كل مرحلة من املراحل التي مرت بها الصحافة خالل تطورها.
فقد كان لظهور الوسائل العلمية الحديثة أثر كبير في انتشار الصحافة بين األمم وتطورها ،فقد
مقياس :مدخل الى االعالم واالتصال
بن معمر بوخضرة
وفرت الثورة الصناعية املطبعة البخارية ،ثم املطبعة الكهربائية ،وبعد أن كانت الصحف في بدء
نشأتها مقصورة على الخاصة من الناس ،زاد انتشارها بين العامة ،وظهرت أشكال جديدة من الفن
الصحفي ،كالطباعة باأللوان ،والتصوير الفوتوغرافي ،وظهور األنظمة الحديثة للتوزيع ،واستخدام
الوسائل السريعة كالطائرات في نقل الصحف ،كما أدى استغالل الصحف في اإلعالن إلى تخفيض
أسعارها ،مما زاد توزيعها وانتشارها ،وخلقت هذه الظروف ما يعرف باالتصال الجماهيري الذي
وفر وسائل اإلعالم بأسعار في متناول الرجل العادي.
ًا
وفي نهاية القرن التاسع عشر ،أصبح واضح لرواد علم اإلجتماع في ذلك الحين أن وسائل اإلعالم
املطبوعة (الكتب والصحف واملجالت) تقوم بأحدث تغييرات جذرية في الظروف اإلنسانية ،وعلى
سبيل املثال أكد عالم اإلجتماع األمريكي “تشارلز هورتون كولى” في عام 1909أن وسائل اإلعالم
ًا
املطبوعة كانت أكثر تأثير من حيث قدرتها على التعبير ونقل األخبار واملشاعر على نطاق واسع،
والتغلب على املسافة من خالل سرعتها في الوصول إلى القارئ ،وكذلك من خالل خاصية اإلنتشار
والوصول إلى جميع الطبقات ،وكان من الواضح أن عصر اإلتصال الجماهيري سوف يلغي حدود
العزلة بين الناس في العالم ،وسوف يحقق تغييرات كبيرة في تنظيم وعمل املجتمع ،وكما قال
“كولى” ” :إن اإلعالم الجديد يمثل ثورة في جميع مراحل الحياة ،في التجارة والسياسة والتعليم،
وحتى في األمور اإلجتماعية والثرثرة”.
ثانيا :وسيلة االتصال املسموعة (اإلذاعة):
تعود التجارب األولى التي أجريت من أجل نقل الصوت عبر األثير إلى حوالي عام ،1890وفي 14
ديسمبر 1901نجح ماركوني في إتمام أول إرسال السلكي ،ولكن اإلذاعة لم تصبح حقيقة واقعة إال
ُأ
في عام .1920وتعد الواليات املتحدة الدولة األولى التى جريت فيها أول تجارب فى هذا الحقل وتبعتها
من قريب بريطانيا وفرنسا وأملانيا ،ونشطت استراليا وكندا في هذا املضمار في تاريخ يعتبر مبكًر ا
نسبًي ا.
ففي عام 1920بدأ الدكتور فرانك كونراد املهندس في شركة "ويستنجهاوس" Westinghouseفي
بنسلفانيا بتشغيل محطة راديو تليفون الهواة ،واعتاد كونراد إذاعة املوسيقى املحلية املسجلة
ونتائج املباريات الرياضية ،وقد أثار ذلك اهتماًم ا شديًد ا من جانب الصحافة التي كتبت تقارير
صحفية عن ذلك االختراع ،وتم صناعة أجهزة استقبال ثمن الجهاز عشرة دوالرات ،وقد بدأت هذه
املحطة تذيع برامج منتظمة في 2نوفمبر ،1920ووافق افتتاحها إجراء انتخابات الرئاسة ،وخالل
األشهر األولى لتشغيل املحطة أذاعت وصًف ا صوتًي ا ملباريات في املالكمة والبيسبول ،كما أذاعت
مقياس :مدخل الى االعالم واالتصال
بن معمر بوخضرة
الشعائر الدينية من الكنائس.
وتم إنشاء هيئة اإلذاعة البريطانية B. B. Cفي عام ،1924وبدأ البث اإلذاعي في فرنسا عام ،1921
وفي أملانيا ،1923وما إن انتهت سنة 1924حتى كانت هناك محطة إذاعة واحدة على األقل في كل بلد
متقدم ،وفي عام 1935بلغ عدد محطات اإلذاعة في العالم حوالي 1200محطة ،ووصل العدد في عام
1960إلى أكثر من 7500محطة .وقد أنشئت اإلذاعة املصرية في عام .1934
وقد ظلت الكلمة املنطوقة محدودة االنتشار ،حتى اختراع اإلذاعة ،فحررتها من قيود املكان ،ومن
كل ما يعوق انتشارها ...ومنذ ذلك الحين أصبح للكلمة الشفهية املنطوقة سحرها وقوتها اإليحائية،
فهي تعد من أقوى الوسائل في التأثير على الجماهير ،حيث تصل إليهم في كل زمان وأي مكان كما
تتسم الرسالة بإمكانية تسجيلها وإذاعتها أكثر من مرة ،وفي كل مرة تكتسب قوة إضافية ،مما يجعل
لها تأثيرها الفعال على مستمعيها.
مالحظة :بالنسبة الى املراجع يجب الرجوع املحاضرات االولى