‫نظريات االتصال‬

‫‪ 223‬تصل‬

‫د‪ .‬هالة بن علي برناط‬

‫نظريات االتصال‬
‫المحاضرة األولى‬
 ‫مقدمة‬
‫في هذا المقرر سنتعرف على نظريات‬
‫االتصال‪ ،‬وتحديدا نظريات االتصال‬
‫الجماهيري‪ ،‬بمعنى نظريات وسائل اإلعالم‬

‫كما سنتعرف على تطور وسائل اإلعالم‬

‫وأهميتها في المجتمع‪ ،‬وسندرس الطرق‬
‫التي تؤثر بها وسائل اإلعالم على األفراد‬
‫والمجتمعات‪.‬‬
 ‫مفهوم االتصال‬

‫ولكن قبل أن نتعرف على (نظريات االتصال الجماهيري)‪ ،‬مهم‬

‫أن نقف على (مفهوم االتصال) بشكل عام وأهميته وأنواعه‬
‫ومستوياته‪.‬‬
‫ولذلك سوف نلقي نظرة سريعة على أهمية االتصال‪ ،‬وتعاريف‬
‫االتصال‪ ،‬ومستويات االتصال‪ ،‬قبل أن ندخل في موضوع‬
‫(نظريات اإلعالم) بشكل خاص‪.‬‬
 ‫أهمية االتصال‬
‫في بداية كتاب (وسائل االتصال) يطرح‬
‫الدكتور راكان حبيب هذا السؤال‪:‬‬

‫ما عالقة اإلنسان باالتصال ؟‬

‫وهل يستطيع اإلنسان أن يعيش بدون اتصال ؟‬

‫واإلجابة على هذا السؤال طبعًا أن اإلنسان ال يستطيع الحياة‬
‫بدون إتصال‪.‬‬
‫ولذلك يقول د‪ .‬راكان حبيب أن تعريف اإلتصال هو‪:‬‬

‫االتصال هو نشاط إنساني يمارسه االنسان في كل لحظة من‬

‫حياته اليومية‪ .‬ينقل بواسطته رغباته ومشاعره ومطالبه إلى‬
‫الناس اآلخرين‪ ،‬ثم يختار لها الوسائل الممكنة التي تحقق تلك‬
‫الرغبات بصورة ناجحة وفعالة‪.‬‬
 ‫ويضيف الدكتور حبيب‪:‬‬

‫على سبيل االفتراض‪ ،‬لو راقب االنسان نشاطه اليومي منذ‬

‫اللحظة التي يستيقظ فيها من نومه في الصباح إلى اللحظة التي‬
‫يعود فيها مرة أخرى إلى النوم ليًال‪ ،‬لوجد حياته كلها عبارة عن‬
‫نشاط ‪ ..‬وإلكتشف أن حجما كبيرًا من النشاط هو اتصال قد يصل‬
‫إلى ‪ %70‬من من مجموع نشاطه اليومي‪.‬‬
 ‫ويتابع د‪ .‬حبيب‪:‬‬
‫فاالنسان في الحياة اليومية يرى ‪ ..‬يتكلم ‪..‬يقرأ ‪ ..‬يسمع ‪ ..‬يكتب‬
‫وأيضًا يحس ويشعر ‪ ..‬وفي محيط العائلة‪ ،‬يتكلم ويناقش ويضحك‬
‫ويسمع ويستجيب لآلخرين‪.‬‬

‫ويستمر هذا االتصال في محيط الدراسة والعمل‪ ،‬أو عندما يراجع‬

‫الطبيب‪ ،‬أو عند التسوق‪ .‬وأيضًا عند مشاهدة التلفزيون واالستماع‬
‫للراديو أو قراءة الجرائد أو تصفح االنترنت‪.‬‬
 ‫ومما يعزز أهمية دور االتصال‬
‫في حياة االنسان المعاصر الثورة‬
‫االتصالية التي يعيشها العالم حِاليًا‪.‬‬
 ‫تعريف (دانس والرسن ‪:)Dance and Larson‬‬

‫كل سلوك يعد اتصال‪.‬‬

‫وكما نالحظ‪ ،‬فإن تعريف (دانس والرسن) واسع جدًا‪ ،‬ويشمل‬

‫جميع السلوكيات اإلنسانية على أساس أنها إتصال‪ ،‬وال يحدده‬
‫بمواقف أو وسائل معينة‪.‬‬
 ‫تعريف (ستيفن ليتل جون ‪:)Stephen Littlejohn‬‬

‫االتصال هو تفاعل اجتماعي رمزي‪.‬‬

‫أما هذا التعريف فهو يحدد السلوك بأنه إجتماعي‪ ،‬أي أنه يحدث‬
‫بين أفراد في المجتمع‪ ،‬وكذلك بأنه رمزي أي يستخدم الرموز‪،‬‬
‫مثل اللغة والحركات واإلشارات وغيرها‪.‬‬
 ‫تعريف (بيرنارد بيرلسون ‪:)Bernard Berelson‬‬

‫االتصال هو نقل المعلومات واألفكار والمشاعر والمهارات‬

‫وغيرها‪ ،‬بإستخدام الرموز مثل الكلمات والصور واألشكال‬
‫وغيرها‪.‬‬

‫وهذا التعريف يحدد بشكل أكبر نوعية المحتوى الذي ينتقل من‬
‫طرف إلى آخر‪ ،‬ويحدد أمثلة على األدوات واألشكال المستخدمة‬
‫في اإلتصال‪.‬‬
‫تعريف شامل‬
‫من خالل التعريفات السابقة يمكن‬
‫الخروج بتصور شامل لمفهوم االتصال‬
‫كما يلي‪:‬‬
‫كلمة إتصال معناها األساسي هو إيجاد‬
‫رابط بين طرفين‪ .‬فاإلتصال هو ترابط‬
‫بين طرفين من خالل التقاسم والمشاركة‬
‫بالمعلومات واألفكار عن طريق الكالم‬
‫أو الكتابة أو غيرها من وسائل اإلتصال‪.‬‬
 ‫تعريف شامل لالتصال‬
‫اإلتصال هو تبادل األفكار والمعلومات والمشاعر على شكل‬
‫إشارات أو رسائل‪ ،‬عن طريق وسائل مناسبة‪ ،‬بما يتيح لألفراد‬
‫والجماعات تحقيق أهدافهم مثل نشر المعلومات أو طلب‬
‫المعلومات أو اإلقناع أو التعبير عن المشاعر‪ .‬ويشمل االتصال‬
‫عدة وسائل وأساليب من أهمها الكالم والكتابة ولغة الجسد‬
‫ومهارات اإللقاء والتعامل بالرموز األخرى مثل الرسوم واأللوان‬
‫والدراما والموسيقى وغيرها‪.‬‬
‫الخالصة‬
‫تعرفنا على أهمية اإلتصال‪ ،‬ومفهوم‬
‫اإلتصال‪ ،‬وبعض أهم تعاريف‬
‫اإلتصال‪.‬‬
‫وفي المحاضرة القادمة سنتعرف على‬
‫نشأة وسائل االتصال حتى نتمكن من‬
‫طرح مسألة ظهور نظريات االتصال‬
 ‫نظريات االتصال‬
‫المحاضرة الثانية‬
‫تاريخ موجز لوسائل اإلتصال‬
‫تاريخ موجز لوسائل االتصال‬
‫بعد أن تعرفنا على االتصال من خالل التعاريف‪،‬‬
‫سنبدأ بالتعرف على (نظريات اإلتصال)‬
‫وخصوصًا (اإلتصال الجماهيري) أي بإختصار‬
‫(نظريات اإلعالم)‪.‬‬

‫وفي البداية‪ ،‬من المفيد سرد تاريخ موجز وسريع‬

‫لنشأة وتطور وسائل اإلتصال الجماهيري‪ ،‬لنتمكن‬
‫بعدها من الحديث عن ظهور (نظريات االتصال‬
‫الجماهيري)‪.‬‬
 ‫أوًال‪ :‬الطباعة‬
‫من الصحيح القول أن اإلنسان كان منذ البداية‬
‫يستخدم االتصال خاصة اللغة الشفهية‬
‫واإلشارات والنقوش البسيطة‪.‬‬
‫وصحيح أن اإلنسان طّو ر الكتابة وإخترع‬
‫الحروف األبجدية وهو اختراع مهم للكتابة‬
‫وتوثيق العلوم واآلداب واألديان‪.‬‬
‫كما تطورت خالل قرون كتابة الكتب‬
‫المنسوخة يدويًا‪ ،‬لكن االختراع األهم في‬
‫ظهور اإلتصال الجماهيري هو الطباعة‪.‬‬
 ‫تم إختراع الطباعة على يد المخترع األلماني‬
‫يوحنا جوتنبرج في عام ‪1450‬م تقرييًا‪.‬‬

‫وعن طريق الطباعة‪ ،‬إنتشرت المعرفة بالقراءة‬

‫والكتابة لدى الكثير من الناس في أنحاء عديدة‬
‫يوحنا جوتنبرج‬
‫والعلمي‬ ‫الديني‬ ‫الوعي‬ ‫وانتشر‬ ‫العالم‪،‬‬ ‫من‬
‫والسياسي‪ .‬وأصبح الكتاب المطبوع أول وسيلة مخترع الطباعة‬
‫إتصال جماهيرية‪.‬‬
 ‫ثم ظهرت الجرائد والمجالت لتزيد من‬
‫إنتشار االتصال الجماهيري تدريجيًا عبر‬
‫العصور‪.‬‬

‫إذًا‪ ،‬الطباعة هي المرحلة األولى‪ ،‬والثورة‬

‫الحقيقة في تاريخ تطور اإلتصال‬
‫الجماهيري‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬التصوير الفوتوغرافي‬
‫كان يصاحب الطباعة صور مرسومة يدويًا‬
‫أحيانًا أو منقوشة على ألواح خشبية‪ ،‬ليتم‬
‫طباعتها إلى جانب النص المكتوب في‬
‫الكتب والصحف والمجالت‪.‬‬
 ‫ثم جاء اختراع التصوير الفوتوغرافي‬
‫على يد المخترع الفرنسي (جوزيف‬
‫نيبس) ‪ Joseph Niepce‬في عام‬
‫‪1826‬م‪ ،‬أي بعد أكثر من ثالثة قرون‬
‫من اختراع الطباعة‪ .‬ثم تطورت‬
‫بداية التصوير الفوتوغرافي‬ ‫أساليب التصوير الفوتوغرافي على يد‬
‫العديد من المخترعين‪.‬‬
 ‫من اشهرهم المخترع األمريكي جورج‬
‫إيستمان ‪ George Eastman‬الذي أنشأ‬
‫شركة كوداك ‪ Kodak‬الشهيرة‪.‬‬
‫وتطورت أجهزة التصوير من األبيض‬
‫واألسود إلى الملون‪ ،‬ثم إلى التصوير‬
‫الفوري‪ ،‬ثم أخيرًا إلى التصوير الرقمي‬
‫(ديجتال‪ ) digital‬الذي ال يحتاج إلى فيلم‬
‫داخل الكاميرا‪ ،‬ويعتمد فقط على تخزين‬
‫الصور على أقراص داخل الكاميرا‪.‬‬
 ‫يستخدم التصوير الفوتوغرافي في‬
‫توثيق األحداث بما يسمى (التصوير‬
‫الصحفي‪ ) photojournalism‬وكثير‬
‫من أحداث العالم تم توثيقها بالصور‬
‫الصحفية قبل ظهور السينما‬
‫والتلفزيون‪.‬‬

‫خبر غرق التايتانك‬

‫في النيويورك تايمز‬
 ‫باإلضافة إلى ذلك أصبح التصوير‬
‫الفوتوغرافي أداة توثيق وتسلية أيضًا‬
‫للشخص العادي‪ .‬وحاليًا إنتشرت ظاهرة‬
‫التصوير عن طريق الهواتف المحمولة‬
‫المزودة بكاميرا للتصوير الثابت والفيديو‪.‬‬
‫وهناك مواقع وتطبيقات متخصصة على‬
‫اإلنترنت لعرض الصور الشخصية مثل‬
‫فليكر ‪ Flickr‬وإنستجرام ‪Instagram‬‬
‫وغيرها‪.‬‬
 ‫ثالثًا‪ :‬التلغراف‬
‫اخترع األمريكي (سامويل مورس‬
‫‪ ) Samuel Morse‬في عام ‪1837‬م طريقة‬
‫إلرسال المعلومات‪ ،‬وهي في البداية نغمات‪،‬‬
‫ثم اصبحت كلمات مكتوبة عبر األسالك‬
‫الكهربائية‪ .‬وكان ذلك هو بداية اإلتصال‬
‫الفوري عن بعد‪ ،‬وبداية المراسل الصحفي‬
‫بين المدن والدول‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬الهاتف (التليفون)‬
‫ثم جاء اختراع الهاتف عام ‪1876‬م‬
‫على يد المخترع األمريكي (إلكساندر‬
‫جراهام بل ‪Alexander Graham‬‬
‫‪ ،)Bell‬ليتمكن الناس من الحديث‬
‫صوتيًا عبر األسالك‪ ،‬وعبر مسافات‬
‫بعيدة ألول مرة‪.‬‬
‫وتطور الهاتف ليكون وسيلة‪ ،‬ليس لنقل الصوت‬
‫والمحادثات‪ ،‬فقط بل لنقل المعلومات من طرف‬
‫إلى آخر مثل أجهزة التيلكس والفاكس‪ ،‬ثم‬
‫كوسيلة لإلتصال عبر اإلنترنت‪.‬‬

‫من ناحية أخرى‪ ،‬تم اختراع الهاتف المحمول‬

‫(الجوال)‪ ،‬الذي يتيح للناس اإلتصال من أي‬
‫مكان إلى أي مكان آخر‪ ،‬بدون الحاجة لشبكة‬
‫هاتف سلكية‪.‬‬
 ‫وتستخدم الهواتف الجوالة في االتصال الصوتي‪،‬‬
‫وفي إرسال الرسائل المكتوبة والمصورة‪،‬‬
‫واإلستماع لإلذاعات‪ ،‬والدخول لإلنترنت‪ .‬كما أنها‬
‫تستخدم في التصوير كما ذكرنا‪.‬‬

‫وأحيانًا تكون المعلومات والصور التي يرسلها‬

‫األشخاص العاديون إلى وسائل اإلعالم مصادر‬
‫أخبار هامة‪ .‬وهذا ما يطلق عليه أحيانًا (صحافة‬
‫المواطن‪.) Citizen Journalism‬‬
 ‫خامسًا‪ :‬اإلذاعة‬
‫بدأ اإلرسال بالراديو (اإلرسال‬
‫الالسلكي) على شكل تجارب في نهاية‬
‫القرن التاسع عشر على يد كثير من‬
‫المخترعين‪ ،‬ومن أشهرهم األلماني‬
‫رودولف هيرتز ‪ Hertz‬واإليطالي‬
‫ماركوني‬
‫ماركوني ‪. Marconi‬‬
‫في عام ‪1906‬م قام األمريكي ريجينالد‬
‫فيسندن ‪ Fissenden‬بإذاعة الموسيقى‬
‫والكالم ألول مرة ألجهزة األستقبال‪.‬‬
‫وظهرت أول محطة إذاعة تجارية في‬
‫مدينة بيتسبرغ في والية بنسلفينيا في‬
‫أمريكا بإسم ‪ KDKA‬عام ‪1920‬م‪.‬‬
 ‫بعد ذلك تطور البث اإلذاعي على شكلين‪:‬‬

‫النمط التجاري الذي نشأ في أمريكا‪.‬‬

‫والنمط الحكومي الذي نشأ في بريطانيا‪.‬‬

‫وإستمر هذا التصنيف حتى بعد اختراع التلفزيون‪ .‬وجميع‬

‫محطات اإلذاعة والتلفزيون في العالم اليوم تتبع إما النموذج‬
‫األمريكي التجاري‪ ،‬أو النموذج البريطاني الحكومي (ويسمى‬
‫أيضًا النموذج العمومي ‪.)public‬‬
 ‫بعد ظهور التلفزيون‪ ،‬حاولت محطات اإلذاعة‪،‬‬
‫خاصة في أمريكا وأوروبا منافسته واإلبقاء على‬
‫مستمعيها‪ ،‬ونجحت في ذلك‪ ،‬عن طريق التنويع‬
‫والتخصص في بث البرامج والموسيقى واألخبار‪.‬‬
‫اإلذاعة اآلن تصل إلى الجمهور عبر الهواء من‬
‫خالل موجات ‪ AM‬و‪ ،FM‬وكذلك من خالل‬
‫األقمار الصناعية‪ ،‬واإلنترنت‪ ،‬والهواتف الذكية‪.‬‬
‫سادسًا‪ :‬السينما‬
‫كان هناك اختراعات أولية في تاريخ السينما‬
‫على شكل علب‪ ،‬أو أسطوانات ذات حركة‬
‫دائرية‪ ،‬تعطي المشاهد إيحاء بحركة‬
‫الصورة‪.‬‬

‫منها لعبة (الثوماتروب ‪)Thaumatrope‬‬

‫وكذلك المنظار الدائري (زوتروب‬

‫(‪Zoetrope‬‬
 ‫ولكن االختراع المهم جاء على يد المصور‬
‫البريطاني (إدوارد مويبردج) ‪Eadweard‬‬
‫‪ ،Muybridge‬الذي كان يصور الحيوانات‬
‫والطيور في حركة مستمرة‪ ،‬أي بعدة لقطات‬
‫متتالية‪ .‬وأكتشف أن عملية عرض هذه الصور‬
‫إدوارد مويبردج‬ ‫المتتالية بسرعة توهم العين بأن الحيوان أو‬
‫الطائر يتحرك على الشاشة‪.‬‬
 ‫وأشهر لقطاته التي أدت إلى هذا اإلكتشاف هي عندما قام‬
‫بتصوير حصان يجري‪ ،‬من خالل ‪ 12‬كاميرا متتالية على خط‬
‫جري الحصان‪.‬‬
 ‫بعد ذلك توالت االختراعات في مجال‬
‫التصوير والعرض السينمائي‪ .‬ونجح‬
‫بذلك كل من المخترع األمريكي (توماس‬
‫أديسون ‪) Thomas Edison‬‬

‫واألخوين (أوجست ولويس لوميير‬

‫‪.)Auguste and Louis Lumiere‬‬
 ‫ثم إنتشرت األفالم القصيرة الصامتة‪،‬‬
‫التي بدأت كمشاهد قصيرة بدون‬
‫قصة أو معنى‪ ،‬ثم تطورت إلى قصص‬
‫قصيرة درامية وكوميدية‪.‬‬
‫وإشتهر في ذلك الوقت الكوميدي‬
‫الصامت (شارلي شابلن‪Charlie‬‬
‫‪ ،) Chaplin‬وكان نجمًا عالميًا في‬
‫وقته‪.‬‬

‫شارلي شابلن‬
 ‫ومع ظهور السينما وانتشارها‬
‫وشعبيتها‪ ،‬خاصة لدى الشباب وصغار‬
‫السن‪ ،‬ظهر تخوف من آثارها السلبية‬
‫على النشء وتربيتهم‪.‬‬
‫فظهر في ذلك الوقت قوانين للرقابة‬
‫ومواثيق شرف لصناعة السينما‪.‬‬
‫وظهرت أيضًا بعض البحوث التي‬
‫حاولت أن تدرس وتقيس أثر السينما‬
‫على الجمهور خاصة صغار السن‪.‬‬
 ‫حاليًا‪ ،‬تلقى السينما واألفالم السينمائية الدرامية‬
‫والوثائقية روجًا كبيرًا في أنحاء العالم‪.‬‬
‫ويدعم ذلك تقنيات اإلعالم الجديد‪ ،‬مثل الكاميرات‬
‫الرقمية الخفيفة الحمل‪ ،‬والتي ال تحتاج إلى أفالم‬
‫وتحميض‪ ،‬بل يتم التصوير والمونتاج من خالل‬
‫أجهزة رقمية‪.‬‬
‫وكذلك تنتشر بسهولة وبسرعة من خالل مواقع‬
‫اإلنترنت التي من أشهرها (يوتيوب ‪.)Youtube‬‬
 ‫سابعًا‪ :‬التلفزيون‬
‫ليس هناك مخترع واحد للتلفزيون‪ ،‬بل ساهم‬
‫العديد من األشخاص‪ ،‬من عدة دول‪ ،‬في‬
‫صناعة هذا الجهاز‪ .‬فكان هناك مخترعون في‬
‫بريطانيا وروسيا وأمريكا‪.‬‬

‫بدأ البث الرسمي للتلفزيون في بريطاني عام‬

‫‪1936‬م‪ .‬وفي امريكا‪ ،‬بدأت تجارب البث في‬
‫عام ‪1939‬م‪ .‬وتوقف البث التلفزيوني في‬
‫الدولتين بسبب الحرب العالمية الثانية‪.‬‬
 ‫بعد نهاية الحرب العالمية الثانية‪ ،‬عام‬
‫‪1945‬م‪ ،‬بدأ اإلنتشار السريع للتلفزيون‪.‬‬
‫واستفاد التلفزيون من الوسائل التي‬
‫جاءت قبله (السينما واإلذاعة‬
‫والصحافة)‪ .‬فظهرت في التلفزيون‬
‫المذيع األمريكي الشهير‬ ‫األخبار والدراما والموسيقى وبرامج‬
‫والتر كرونكايت‬ ‫المسابقات وغيرها‪.‬‬
 ‫ومنذ البداية تقريبًا إهتم علماء اإلتصال وعلماء‬
‫النفس واإلجتماع بدراسة أثر التلفزيون على‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫فاهتموا بأثر البرامج العنيفة على األطفال‬
‫والشباب‪ ،‬وأثر األخبار واإلنحياز في الرأي في‬
‫القضايا السياسية واإلجتماعية‪ ،‬وأثر اإلعالنات‪،‬‬
‫وتشويه الحقائق في األفالم والمسلسالت‪،‬‬
‫والترويج للسلوكيات الضارة مثل التدخين‬
‫والمخدرات‪ ،‬وغير ذلك من القضايا‪ .‬باإلضافة إلى‬
‫دراسة اآلثار اإليجابية للتلفزيون‪ ،‬مثل البرامج‬
‫التعليمية والفقرات التوعوية وغير ذلك‪.‬‬
‫ثامنًا‪ :‬اإلنترنت واإلعالم الجديد‬
‫وهو اإلتصال القائم على وسائل‬
‫اإلتصال الحديثة‪ ،‬وهي الكمبيوتر‬
‫وشبكات اإلتصال واإلنترنت وأجهزة‬
‫الهاتف المحمولة (الجواالت)‪.‬‬
‫وقد صاحبت اإلعالم الجديد‬
‫استخدامات جديدة للجمهور مما زاد‬
‫من اهتمام الباحثين بهذا المجال‬
‫الخالصة‬
‫في هذه المحاضرة‪ ،‬تعرفنا على‬
‫تاريخ نشأة وسائل اإلتصال‬
‫الجماهيري (وسائل اإلعالم)‬
‫بمختلف أنواعها تمهيدًا لمناقشة‬
‫ظهور(نظريات اإلتصال‬
‫الجماهيري) في المحاضرة القادمة‪.‬‬
 ‫نظريات االتصال‬
‫المحاضرة الثالثة‬
‫نشأة وتطور نظريات االتصال الجماهيري‬
‫نشأة وتطور نظريات االتصال الجماهيري‬
‫يمكن تقسيم تاريخ نظريات اإلتصال الجماهيري إلى أربعة‬
‫مراحل كالتالي‪:‬‬

‫‪ -1‬نظريات األثر القوي‪.‬‬

‫‪ -2‬نظريات األثر الضعيف‪.‬‬
‫‪ -3‬الرجوع إلى نظريات األثر القوي‪.‬‬
‫‪ -4‬نظريات اإلعالم الجديد‪.‬‬
 ‫المرحلة األولى‪ :‬نظريات األثر القوي‬
‫أهم وأشهر عالم إتصال يمثل هذه المرحلة‬
‫هو (هارولد الزويل ‪)Harold Lasswel‬‬
‫(عاش بين ‪1978 – 1902‬م)‪ .‬وهو أحد‬
‫المؤسسين المهمين لعلم اإلتصال‪ .‬تخرج‬
‫من جامعة شيكاغو‪ ،‬ثم أصبح استاذًا فيها‪.‬‬

‫هارولد الزويل‬
 ‫عمل في مجال الدعاية السياسة اثناء الحرب‬
‫العالمية الثانية كعضو في هيئة دراسة اإلعالم‬
‫أثناء الحرب التابعة للحكومة األمريكية‪ .‬وهذا‬
‫جعله يهتم بدراسة وتحليل الدعاية وأثرها‪،‬‬
‫فكانت محل اهتمامه بعد نهاية الحرب‪ .‬ثم‬
‫عمل أستاذًا في جامعة ييل ‪ Yale‬إلى أن تقاعد‬
‫عام ‪1970‬م‬
‫هارولد الزويل‬
‫قدم (الزويل) نموذجه الشهير لالتصال على شكل (خمسة أسئلة)‬
‫هي‪:‬‬

‫من؟ يقول ماذا؟ بأي وسيلة؟ لمن؟ وماهو األثر؟‬

‫وبذلك يكون الزويل حدد العناصر الخمسة التي تتكون منها‬

‫عملية اإلتصال (وبالذات اإلتصال الجماهيري)‪ ،‬وفتح الطريق‬
‫لدراسة االتصال الجماهيري على شكل خمسة أجزاء كالتالي‪:‬‬
 ‫‪ -1‬المصدر‪:‬‬
‫وهي دراسة المصدر (القائم باالتصال)‪ ،‬من حيث كونه شخص‬
‫أو مؤسسة‪ .‬ويتعلق بذلك دراسة مصداقية المصدر‪ ،‬ومكانته في‬
‫المجتمع‪ .‬وكذلك دراسة طرق تمويل المصدر‪ ،‬هل هي تجارية أم‬
‫غير ربحية‪ ،‬وعالقة المؤسسة اإلعالمية بغيرها من المؤسسات‬
‫في المجتمع‪ ،‬مثل الشركات األخرى‪ ،‬واألجهزة الحكومية‪،‬‬
‫والجهات التشريعية والقانونية‪ ،‬والمؤسسات التعليمية‪ ،‬وقضية‬
‫اإلحتكار اإلعالمي‪.‬‬
 ‫‪ -2‬الرسالة‪:‬‬
‫وهي دراسة محتوى الرسالة‪ ،‬وطريقة تصميمها وصياغتها‬
‫وشكلها‪ ،‬ومدى جاذبيتها وإستراتيجيات اإلقناع فيها‪ .‬وكذلك ما‬
‫تعكسه من مفاهيم وصور ذهنية عن المجتمع وأفراد المجتمع‬
‫وقضايا المجتمع‪ ،‬هل هي صور سلبية أم إيجابية ؟ وكذلك‬
‫المحتوى العنيف‪ ،‬والمحتوى اإلباحي لبعض األفالم والمسلسالت‬
‫واألغاني‪ ،‬وما شابه ذلك‪.‬‬
 ‫‪ -3‬الوسيلة‪:‬‬
‫وهي دراسة أنواع الوسائل‪ ،‬مثل الكتب والجرائد واإلذاعة‬
‫والتلفزيون والسينما إلخ‪ .‬وما هي أوجه التشابه واإلختالف بينها‪.‬‬
‫وماهي الحواس التي تخاطبها الوسيلة (مثًال اإلذاعة تخاطب‬
‫السمع‪ ،‬والجريدة تخاطب النظر‪ ،‬والتلفزيون يخاطب النظر‬
‫والسمع معًا ‪ ...‬إلخ)‪.‬‬
 ‫‪ -4‬الجمهور‪:‬‬
‫وهو دراسة الجمهور من حيث موقعه الجغرافي‪ ،‬وخصائصه‬
‫الديموغرافية الشخصية (مثل اإلختالفات في العمر والجنس‬
‫والمستوى اإلجتماعي واإلقتصادي والمستوى التعليمي وغيرها)‪.‬‬
‫ومدى قابلية الجمهور للتلقي والفهم واإلستيعاب‪ ،‬ومتى وكيف‬
‫يتأثر هذا الجمهور بالرسالة اإلعالمية‪.‬‬
 ‫‪ -5‬األثر‪:‬‬
‫وهو دراسة أثر الرسالة اإلعالمية على الجمهور‪ ،‬وهل هو قوي‬
‫وسريع ومباشر‪ ،‬أم ضعيف وغير مباشر؟ وهل تحقق هدف‬
‫المصدر؟ أم أن هناك آثار جانبية أو عكسية حصلت دون وعي‬
‫المصدر؟‬
 ‫أهمية نظرية الزويل‪:‬‬
‫نالحظ هنا أن (هارولد الزويل) ركز على عملية اإلقناع والتأثير‬
‫في عملية االتصال‪ .‬بمعنى أن هدف اإلتصال األساسي في نظر‬
‫الزويل هو اإلقناع والتأثير‪ ،‬خصوصًا الهتماماته بالدعاية‬
‫السياسية أثناء الحرب‪ ،‬وأثرها القوي في ذلك الوقت‪ .‬وبناء على‬
‫ذلك‪ ،‬نشأ أول منظور لوسائل االتصال الجماهيري يرى أن‬
‫اإلعالم هدفه اإلقناع والتأثير‪ ،‬وأن الجمهور قابل للتأثر بسهولة‪،‬‬
‫نتيجة لقوة نفوذ وسائل اإلعالم الجديدة في ذلك الوقت‪ ،‬مثل‬
‫الصحف والراديو والسينما‪.‬‬
 ‫وظائف اإلتصال‬
‫ومن ناحية ثانية‪ ،‬تحدث الزويل عن عملية اإلتصال بشكل أشمل‪،‬‬
‫من حيث كون اإلتصال أداة مهمة في ضبط وتنظيم المجتمع‪.‬‬
‫ولذلك طرح الزويل مسألة وظائف االتصال في المجتمع‪ .‬أي‬
‫معرفة ما هي المهام التي يقوم بها االتصال في المجتمع‪ ،‬أو‬
‫بإختصار‪ :‬ما هي فائدة اإلتصال للمجتمع ؟‬
‫حدد هارولد الزويل ثالث وظائف لإلتصال تساعد‪ ،‬من وجهة‬
‫نظره ‪،‬على إستقرار المجتمع وإستمراريته هي‪:‬‬
 ‫‪ -1‬مراقبة البيئة‪:‬‬
‫والمقصود هو اإلطالع على األخبار‪ ،‬سواء عن طريق وسائل‬
‫اإلعالم‪ ،‬أو األشخاص اآلخرين لالطمئنان على البيئة المحيطة‪،‬‬
‫وهل هناك أي خطر يجب اإلنتباه له ؟ قد تكون هذه المخاطر‬
‫فعلية محسوسة‪ ،‬مثل الحروب والكوارث الطبيعية‪ ،‬أو إرتفاع‬
‫األسعار‪ ،‬أو تكون مخاطر غير محسوسة مثل قضايا إجتماعية‬
‫تؤثر على العادات والتقاليد وقد تؤثر على إستقرار المجتمع‪.‬‬
 ‫‪ -2‬الترابط اإلجتماعي‪:‬‬
‫وهو ربط أجزاء المجتمع ببعضها البعض عن طريق التواصل‬
‫بين األشخاص والجماعات‪ ،‬وعن طريق بث المعلومات واألفكار‬
‫في وسائل اإلعالم‪ ،‬التي تساعد على شرح وتوضيح وترسيخ قيم‬
‫المجتمع‪.‬‬
 ‫• ‪ -3‬نقل التراث من جيل إلى آخر‪:‬‬
‫• يحتاج أي مجتمع لكي يكون مستقرًا أن ينقل عاداته وتقاليده‬
‫وتراثه الديني والفكري إلى األجيال الجديدة‪ .‬ويتم ذلك عن‬
‫طريق اإلتصال بواسطة األسرة والمدرسة والمؤسسات‬
‫الدينية‪ ،‬وكذلك وسائل اإلتصال الجماهيري‪.‬‬
 ‫الخلل الوظيفي‪:‬‬
‫وإضاف هارولد الزويل أن هذه الوظائف قد ال تكون إيجابية دائمًا‪،‬‬
‫فقد يكون هناك جوانب سلبية للوظائف‪ ،‬مثًال قد ال يقوم االتصال‬
‫ووسائل اإلعالم بتأدية الوظيفة على الوجه الصحيح ويسمى ذلك‬
‫(الخلل الوظيفي)‪.‬‬
‫مثًال‪ ،‬عندما تقدم وسائل اإلعالم أخبارًا غير صحيحة أو منحازة‪،‬‬
‫أو يكون هناك مسلسالت وأفالم تروج لسلوكيات سلبية وضارة‪ ،‬أو‬
‫أن الجمهور نفسه يتابع مواد التسلية بكثرة على حساب المواد‬
‫التعليمية والتثقيفية المفيدة‪.‬‬
 ‫وظائف أخرى لالتصال واإلعالم‬
‫وإستكماًال لشرح وظائف االتصال واإلعالم التي قدمها هارولد‬
‫الزويل‪ ،‬أضاف إثنان من علماء اإلتصال وظيفتين أخريتين إلى‬
‫الوظائف الثالث التي ذكرها الزويل‪.‬‬

‫ليكون المجموع (خمس وظائف)على النحو التالي‪:‬‬

 ‫‪ -4‬الترفيه والتسلية‪:‬‬
‫أضاف عالم اإلتصال (تشارلز رايت ‪ )Charles Wright‬وظيفة‬
‫أخرى هي الترفيه والتسلية‪ ،‬خاصة على المستوى الفردي‪ ،‬حيث‬
‫يحتاج الفرد لهذه الوظيفة لإلسترخاء والهروب من ضغوط‬
‫الحياة‪ ،‬وبالتالي تخفيف التوتر في الحياة اإلجتماعية‪.‬‬
 ‫‪ -5‬التعبئة (بمعنى الحمالت اإلعالمية)‪:‬‬
‫أضاف عالم اإلتصال (دينس ماكويل) وظيفة التعبئة‪ ،‬بمعنى بث‬
‫حمالت إعالمية إلثارة حماس الجمهور نحو قضية معينة وحثهم‬
‫على سلوكيات هادفة في عدة مجاالت‪ ،‬مثل الحمالت السياسية‪،‬‬
‫والتنمية اإلقتصادية‪ ،‬والتوعية اإلجتماعية أثناء الحرب وأثناء‬
‫األزمات الصحية‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬
‫الخالصة‬
‫في هذه المحاضرة‪ ،‬تعرفنا على‬
‫بداية اإلهتمام بدراسة وتحليل‬
‫وسائل اإلعالم‪ ،‬وبداية ظهور‬
‫نظريات اإلتصال الجماهيري‪،‬‬
‫وتطورها على أربعة مراحل‪.‬‬
‫وتحدثنا عن وظائف اإلتصال‪.‬‬
 ‫نظريات االتصال‬
‫المحاضرة الرابعة‬
‫تابع نظرية األثر القوي‬
 ‫مفهوم المجتمع الجماهيري‬
‫مع بداية القرن العشرين‪ ،‬كانت هناك تحوالت كبيرة في المجتمع‬
‫الغربي‪ ،‬هي التحول من مجتمع تقليدي (زراعي) إلى مجتمع‬
‫حديث (صناعي)‪ ،‬وبدأت التحوالت من بداية (الثورة الصناعية)‪.‬‬
‫ثم ظهر مصطلح المجتمع الجماهيري ‪ Mass Society‬كمصطلح‬
‫في الدراسات اإلجتماعية والسياسية ثم اإلتصالية‪.‬‬
 ‫صفات المجتمع الجماهيري‬
‫ليس المقصود بالمجتمع الجماهيري هو كثرة العدد فقط‪،‬‬
‫فالمجتمع الهندي‪ ،‬مثًال‪ ،‬كثير من حيث عدد السكان‪ ،‬ولكنه مجتمع‬
‫ال يزال تقليدي‪ ،‬بمعنى أنه لم يمر بظواهر الثورة الصناعية التي‬
‫حدثت في أوروبا الغربية وأمريكا‪.‬‬
‫وكما جاء في كتاب (نظريات اإلعالم) للدكتور حسن عماد‬
‫مكاوى‪ ،‬هناك صفات للمجتمع الجماهيري‪ ،‬كما يلي‪:‬‬
 ‫يتصف المجتمع الجماهيري بالخصائص التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬يتسم األفراد في المجتمع الجماهيري بالعزلة عن اآلخرين‪.‬‬

‫‪ -2‬يسود انعدام المشاعر الشخصية عند التفاعل مع اآلخرين‪.‬‬
‫‪ -3‬يتحرر األفراد من االلتزامات اإلجتماعية العامة‪.‬‬
‫دور وسائل االتصال في المجتمع الجماهيري‬
‫إنسان العصر الحديث يشعر بالوحدة والضياع والقلق‪ ،‬فيلجأ إلى‬
‫وسائل االتصال الجماهيرية كبديل للجماعات والعالقات األسرية‬
‫التي فقدها‪ .‬ووسائل اإلعالم تساعده على التخلص من مشاعر‬
‫التوتر والقلق الذي يشعر به‪ .‬لذلك‪ ،‬يقال أن وسائل اإلعالم هي‬
‫(مخدر) أو (مسكن) للجماهير‪.‬‬
 ‫الحرب العالمية األولى والدعاية‬
‫باإلضافة إلى خصائص المجتمع الجماهيري التي ذكرنا‪ ،‬لعبت‬
‫الحرب العالمية األولى دورًا في نشأة نظرية اإلعالم القوي‪.‬‬
‫ففي بداية القرن العشرين خاضت أوروبا‪ ،‬ثم أمريكا الحرب‬
‫العالمية األولى (‪1918 – 1914‬م)‪.‬‬
 ‫احتاجت الحكومات إلى رفع‬
‫الروح المعنوية للجنود والشعوب‬
‫بشكل عام‪ ،‬واستخدمت الدعاية‬
‫بكل وسائلها‪ ،‬مثل الجرائد‬
‫والصور والملصقات والسينما‬
‫والتسجيالت الصوتية والخطب‬
‫والكتب‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
 ‫الرسائل اإلعالمية كطلقات سحرية‬
‫كان اإلعتقاد السائد أن أثر الدعاية قوي وموحد‪.‬‬
‫والفكرة األساسية هي ‪:‬‬
‫‪ -1‬الرسائل اإلعالمية تصل إلى جميع األفراد بطريقة متشابهة‪.‬‬
‫‪ -2‬أن اإلستجابات فورية ومباشرة‪.‬‬
‫‪ -3‬الجماهير عبارة عن ذرات منفصلة مكونة من ماليين القراء‬
‫والمستمعين والمشاهدين‪.‬وينطبق عليهم مفهوم (اإلستجابة‬
‫الشرطية)‪ ،‬بمعنى إستجابة حتمية موحدة‪.‬‬
 ‫مفهوم اإلستجابة الشرطية‬
‫إشتهر العالم الروسي (إيفان بافلوف ‪Ivan‬‬
‫‪ )Pavlov‬بتجاربه إلثبات مفهوم‬
‫(اإلستجابة الشرطية)‪ .‬وهي التجارب التي‬
‫أجراها على الحيوانات في المختبر‪.‬‬

‫إيفان بافلوف‬
‫‪Ivan Pavlov‬‬
 ‫في إحدى التجارب الشهيرة‪ ،‬مثًال‪،‬‬
‫يدق بافلوف جرسا‪ ،‬ثم يقدم قطعة‬
‫لحم لكلب في المختبر‪ ،‬فيربط الكلب‬
‫بين صوت الجرس وتقديم الطعام‪.‬‬
‫وبعد فترة‪ ،‬عندما يسمع الكلب‬
‫الجرس‪ ،‬فإن لعابه يسيل توقعًا‬
‫لوجود طعام‪.‬‬
 ‫نموذج اإلستجابة الشرطية‬
‫وهذا يسمى (اإلستجابة الشرطية)‪ ،‬أي أن الحيوان‬
‫يتولد لديه إستجابة شرطية وضرورية للمثير‬
‫الذي يسمعه أو يراه‪ ،‬وال يستطيع مقاومة ذلك‪.‬‬
‫نظرية األثر القوي هي نظرية مثير وإستجابة‬
‫يقول جون بتنر ‪:John Bittner‬‬

‫نظرية األثر القوي والموحد تنظر إلى جماهير وسائل اإلتصال‪:‬‬

‫‪ -1‬كمجموعات من أشخاص غير معروفين‪.‬‬
‫‪ -2‬لهم أنماط حياة منفصلة‪.‬‬
‫‪ -3‬يتأثرون بشكل فردي لمختلف الوسائل التي يتعرضون لها‪.‬‬
‫‪ -4‬أي أنها تجربة فردية وليست جماعية‪.‬‬
 ‫نظرية األثر القوي والموحد تقول‬
‫بأن تجربة التعرض لإلعالم فردية وليست جماعية‬
 ‫الرصاصة السحرية والحقنة تحت الجلد‬
‫لذلك (نظرية األثر القوي) والموحد يطلق عليها تسميات مثل‪:‬‬
‫نظرية (الرصاصة السحرية) ‪Magic Bullet‬‬
‫بمعنى أن اإلعالم ينطلق مثل الرصاصة‬
‫ويصيب الهدف‪.‬‬

‫أونظرية (الحقنة أو اإلبرة تحت الجلد)‬

‫‪ Hypodermic Needle‬بمعنى أن اإلعالم‬
‫يسري في الجسم مثل الحقنة الطبية‪.‬‬
 ‫خالصة نظرية األثر القوي‬
‫تقوم النظرية على إفتراضين أساسيين‪:‬‬

‫‪ -1‬أن الناس يستقبلون الرسائل بشكل مباشر‪ ،‬وليس من خالل‬

‫وسائل أخرى‪ .‬أي أن النظرية ال تضع في االعتبار التأثير‬
‫المحتمل ألشخاص آخرين‪.‬‬

‫‪ -2‬أن رد الفعل حيال وسائل اإلعالم يتم بشكل فردي‪ ،‬أي أن‬
‫النظرية ال تضع في اإلعتبار إحتمال تأثير الجماعة على الفرد‪.‬‬
 ‫ظهور نظريات األثر الضعيف‬
‫كانت النظرة األولى للجمهور تتعامل مع األفراد وكأنهم‬
‫ذرات منفصلة‪ ،‬ويتصلون باإلعالم مباشرة‪.‬لم يكن هناك‬
‫إهتمام بالعالقات الشخصية‪ ،‬مثل العالقات األسرية‬
‫والعالقة باألصدقاء إلخ‪.‬‬
‫ثم ظهرت نظريات تهتم بدراسة دور البيئة اإلجتماعية في‬
‫تأثير وسائل اإلعالم‪.‬‬
‫وأول هذه النظريات تسمى (نظرية تدفق المعلومات على‬
‫مرحلتين)‪.‬‬
 ‫نظرية تدفق االتصال على مرحلتين‬
‫‪Two Step Flow of Communication‬‬

‫هي النظرية التي تدرس أثر وسائل اإلعالم وتأثير‬

‫اإلتصال الشخصي معًا‪.‬‬
‫األثر المباشر‬
‫القوي‬

‫تدفق المعلومات‬
‫على مرحلتين‬
 ‫كيف ظهرت النظرية؟‬
‫أثناء حملة إنتخابات الرئاسة األمريكية‬
‫لعام ‪1944‬م‪ ،‬قام (بول الزرسفيلد)‬
‫و(برنارد بيرلسون) و(هيزل جوديت)‬
‫بدراسة ظهرت في كتاب بإسم‬
‫(إختيار الشعب‪ :‬كيف يدلي الناخب‬
‫برأيه في اإلنتخابات الرئاسية)‪.‬‬

‫دراسة (إختيار الشعب)‬

 ‫المشرف على دراسة (إختيار الشعب‬
‫‪ )The People’s Choice‬هو العالم‬
‫األمريكي الشهير (بول الزرسفيلد ‪Paul‬‬
‫‪ ،)Lazarsfeld‬وهو أحد المؤسسين‬
‫المهمين لعلم اإلتصال‪ .‬وقد هاجر من‬
‫النمسا وأنشأ مراكز بحوث علمية في‬
‫بول الزرسفيلد‬ ‫أمريكا‪ ،‬كان لها دور كبير في تطور علم‬
‫‪Paul Lazarsfeld‬‬ ‫اإلجتماع وعلم اإلتصال‪.‬‬
‫أهم نتائج الدراسة‬
‫‪ -1‬أن عملية تكوين الرأي اإلنتخابي‬
‫ليست عملية فردية‪ ،‬ولكنها عملية‬
‫جماعية‪.‬‬

‫‪ -2‬األفراد يشاركون الجماعات التي‬

‫ينتمون إليها في النقاش والحوار‪ ،‬وأن‬
‫اإلتصال الشخصي كان العامل المؤثر‪.‬‬
‫‪ -3‬كشفت الدراسة عن مفهوم‬
‫(قادة الرأي)‪ ،‬وهم يتعرضون‬
‫لوسائل اإلتصال أكثر من‬
‫غيرهم‪ ،‬ويحرصون على نقل‬
‫مضمونها إلى غيرهم‪.‬‬
 ‫‪ -4‬الكثير من األفراد ال يحصلون‬
‫على معلوماتهم من وسائل اإلعالم‬
‫مباشرة‪ ،‬ولكن من خالل قادة الرأي‪.‬‬
 ‫أهمية دراسة (إختيار الشعب)‬
‫من خالل دراسة (إختيار الشعب)‪ ،‬ظهرت نتائج هامة جدًا أثرت‬
‫على تطور نظريات االتصال‪ ،‬وأهمها‪:‬‬
‫‪ -1‬أهمية االتصال الشخصي‪.‬‬
‫‪ -2‬أهمية قادة الرأي‪.‬‬
‫‪ -3‬ظهور نظرية (تدفق المعلومات على مرحلتين)‬
‫دراسة (التأثير الشخصي)‬
‫بعد حوالي عشر سنوات من ظهور‬
‫دراسة (إختيار الشعب)‪ ،‬صدرت‬
‫دراسة أخرى تؤكد نفس النظرية‪.‬‬

‫قام بها (كاتز والزرسفليد) وظهرت في‬

‫كتاب بعنوان (التأثير الشخصي)‬
‫‪Personal Influence‬‬
‫دراسة (التأثير الشخصي) قام بها (إليهو‬
‫كاتز‪ )Elihu Katz‬و(بول الزرسفيلد‬
‫‪)Paul Lazarsfeld‬‬

‫شملت الدراسة ‪ 800‬إمرأة من سكان‬

‫مدينة (ديكيتور) في والية إلينوي‪.‬‬

‫هدفها التعرف على قرارات الشراء‬

‫واإلستهالك‪.‬‬
‫خالصة نظرية (تدفق المعلومات على مرحلتين)‬

‫قدم (إليهو كاتز) عام ‪1957‬م أربعة‬

‫فروض للنظرية‪:‬‬

‫‪ -1‬قادة الرأي‪ ،‬والناس الذين يتأثرون‬

‫بهم‪ ،‬ينتمون إلى نفس الجماعة‪.‬‬
‫إليهو كاتز‬
‫‪Elihu Katz‬‬ ‫‪ -2‬إن قادة الرأي واألتباع يمكن أن‬
‫يتبادلوا األدوار في ظروف مختلفة‪.‬‬
 ‫‪ -3‬يكون قادة الرأي أكثر تعرضًا‬
‫واتصاًال بوسائل اإلعالم فيما يتعلق‬
‫بتخصصهم‪.‬‬

‫‪ -4‬أهمية العالقات الشخصية وأنها‬

‫وسيلة إتصال ووسيلة ضغط إجتماعي‪.‬‬
‫‪ -5‬بناء على الدراسات السابقة‪ ،‬اتضح للكثير من العلماء أن أثر‬
‫اإلعالم ليس مباشرًا‪ ،‬وقويًا‪ ،‬وموحدًا‪ ،‬بل هو في الغالب غير‬
‫مباشر‪ ،‬وغير موحد‪ ،‬وضعيف‪.‬‬
‫الخالصة‬
‫في هذه المحاضرة‪ ،‬تعرفنا على‬
‫نظريات األثر القوي لوسائل‬
‫اإلعالم‪ ،‬ثم ظهور نظريات األثر‬
‫الضعيف لوسائل االعالم‪ .‬وفي‬
‫المحاضرة التالية سنتعرف على‬
‫المزيد من أمثلة نظريات اإلعالم‪.‬‬