You are on page 1of 3

‫ذ‪ .

‬عبد الصبور لكرمات‬


‫‪1‬‬

‫كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬


‫المحاضرة ‪6‬‬
‫أسس علم اإلجتماع‬
‫‪2020-2021‬‬
‫‪S1‬‬
‫ذ‪ .‬عبد الصبور لكرمات‬
‫إميل دوركايم والمنظور الوظيفي‪.‬‬

‫وسيته‬
‫حياته ر‬ ‫إميل دوركايم‬
‫عاش ما بين ‪ 1858‬و‪.1917‬‬ ‫‪‬‬
‫عالم اجتماع فرنسي من مؤسسي علم‬ ‫‪‬‬
‫االجتماع الحديث‬ ‫كل مجتمع هو مجتمع أخالقي وتكون هذه‬
‫يعتبر من الفرنسيين األوائل الذين‬ ‫‪‬‬ ‫الخاصية أكثر بروزا في المجتمعات‬
‫اشتغلوا بمنطق أكاديمي‪.‬‬ ‫المنظمة‪ .‬وبما أن الفرد ال يكتفي بذاته‪،‬‬
‫تأثر بفلسفة األنوار‪ ،‬قرأ لهنري‬ ‫‪‬‬ ‫فهو يتلقى من المجتمع كل ما هو ضروري‬
‫برجسون ولكارل ماركس‪ ،‬كما تأثر‬ ‫بالنسبة إليه‪ ،‬كما أنه يشتغل من أجل‬
‫بفكر سان سيمون وبرواد الفلسفة‬ ‫المجتمع‪ .‬هكذا يتولد لديه شعور قوي‬
‫الوضعية‪.‬‬ ‫بحالة التبعية للمجتمع‪.‬‬
‫اشتغل على دراسة الظواهر االجتماعية‬ ‫‪‬‬
‫دراسة وضعية غايتها البحث عن‬
‫القوانين المفسرة لحدوث الظواهر‬ ‫‪David Emile Durkheim‬‬

‫كتاباته‬

‫مجتمع‪: Société ،‬‬

‫يدل المفهوم عىل المجموع الذي‬


‫يتم داخله إدماج حياة كل الناس‪،‬‬
‫وتدخل فيها اهتماماتهم ورغباتهم‬
‫المجتمع كائن يعلو علينا‪ ....‬يعمل على تكويننا خلقيا‪،‬‬ ‫يشي‬
‫وأفعالهم‪ ،‬فالمجتمع‪ ،‬بذلك ر‬
‫دوركايم والتربية األخالقية‬ ‫إىل القوة المحركة لألفراد من جهة‪،‬‬
‫والقوة المتحكمة فيهم‪ ،‬بواسطة‬
‫المؤسسات‪ .‬إ‪ .‬دوركايم‬
‫ذ‪ .‬عبد الصبور لكرمات‬
‫‪2‬‬

‫االجتماع من منظور وظيفي‬


‫في تقسيم العمل‬
‫تحيل فكرة االجتماع عند إميل دوركايم عىل المجتمع بوصفه المجموع الذي يتم داخله‬ ‫مؤسسة‬
‫إدماج حياة كل الناس‪ ،‬وتدخل فيها اهتماماتهم ورغباتهم وأفعالهم‪ .‬فالمجتمع‪ ،‬بذلك ر‬
‫يشي‬ ‫‪Institution:‬صورة‬
‫إىل القوة المحركة لألفراد من جهة‪ ،‬والقوة المتحكمة فيهم‪ ،‬بواسطة المؤسسات (مؤسسة‬ ‫خاصة لتنظيم مجموع‬
‫ه عالقة تبعية وخضوع‬ ‫اللغة‪ ،‬مؤسسة الزواج‪...... ،‬الخ)‪ .‬ومن تم فعالقة الفرد بالمجتمع ي‬ ‫الوظائف العمومية‬
‫يتلف من المجتمع كل ما هو ضوري بالنسبة إليه‬ ‫عىل اعتبار أن الفرد ال يكتف بذاته‪ ،‬فهو ى‬ ‫لمجتمع ما‪ ،‬وهي‬
‫ي‬
‫كما أنه يشتغل من أجل المجتمع وهكذا يتولد لديه شعور قوي بحالة التبعية للمجتمع‪،‬‬ ‫مقابل كل معطى‬
‫طبيعي‪ .‬إنه مفهوم‬
‫ويتعود عىل تقدير نفسه عىل أساس أنه جزء من كل أو عضو داخل بنية عضوية‪.‬‬
‫يدل على كل ما أقامه‬
‫االجتماع من سؤال مركزي‬ ‫الشهية حول تقسيم العمل‬
‫ر‬ ‫لقد انطلق دوركايم يف أطروحته‬ ‫اإلنسان من بنيات‬
‫ي‬
‫الوع‬ ‫ر‬
‫هو كيف يقيم مجتمع من األفراد مجتمعا؟ وكيف ينجزون الشط الضوري أي‬ ‫أساسية تعمل على‬
‫ي‬ ‫تنظيم حياة المجتمع‬
‫مختلفي من التضامن‬
‫ر‬ ‫نمطي‬
‫ر‬ ‫تميي ربي‬
‫االجتماع؟ ولإلجابة أقام ر‬
‫ي‬ ‫الضوري لوجودهم‬
‫انطالقا من قوانين أو‬
‫اآلىل والتضامن العضوي يف األول يكون األفراد متشابهون يف المشاعر‬ ‫وهما التضامن ي‬
‫واألحاسيس و ى‬ ‫تقاليد محددة‪.‬‬
‫يشيكون يف نفس القيم ومتفقون عىل نفس المبادئ واألشياء المقدسة‪.‬‬
‫المعط‪ ،‬اتجاهات نظرية يف‬
‫ي‬ ‫يحكمهم التجانس وليس التباين أو التغاير (عبد الباسط عبد‬
‫ويشي دوركايم إىل أنه وبفعل الكثافة االجتماعية وتطور أنماط االتصال‬ ‫ر‬ ‫علم االجتماع)‬
‫اآلىل إىل التضامن العضوي القائم‬
‫االجتماع للعمل تم االنتقال من التضامن ي‬ ‫ي‬ ‫والتقسيم‬
‫تقسيم‬ ‫المفض إىل التكامل واالتفاق عىل تحقيق التكامل والذي رآه‬
‫ي‬ ‫أساسا عىل التباين والتغاير‬
‫العمل‬ ‫دوركايم شبيها بتكامل أعضاء الجسم المختلفة يف أدوارها والمتكاملة يف وظائفها‪ .‬وتبعا‬
‫أساس‬ ‫الت أجراها دوركايم ربي الحياة االجتماعية والحياة العضوية‪ ،‬يقول راد‬ ‫ى‬
‫لعالقة المماثلة ي‬
‫للتعاون‬ ‫يعتي أول من أقام المماثلة البيولوجية ربي المجتمع والحياة‬‫كليف براون‪ ،‬بأن دوركايم ر‬
‫اإليجابي‬ ‫الوظيف للمجتمع الذي يمثله دوركايم وقبله‬ ‫أساس للمنظور‬ ‫العضوية وذاك محدد‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫أوغست كونت‪.‬‬
‫الوظيفة‪ :‬الدور الذي‬
‫وظيف‬
‫ي‬ ‫تعبي‬
‫ه ر‬ ‫تعبي عن بناء عضوي فكذلك الحياة االجتماعية ي‬ ‫ه ر‬ ‫بما أن حياة الكائن ي‬ ‫يؤديه النشاط الجزئي‬
‫ى‬
‫االجتماع‪ .‬ويرى دوركايم يف هذا الباب بأن المجتمع نظام معقد تعمل شت‬ ‫عن البناء‬ ‫في إطار النشاط الكلي‬
‫ي‬
‫الوظيف وذلك من أجل تحقيق االستقرار والتضامن ربي مكوناته‪.‬‬ ‫أجزائه وفق مبدأ التساند‬ ‫الذي ينتمي إليه‪،‬‬
‫ي‬
‫لقد استخدم دوركايم المماثلة العضوية للمقارنة ربي عمل المجتمع والحياة العضوية‬ ‫الوظيفة هي الدور الذي‬
‫المجتمع‬ ‫فأجزاء المجتمع تعمل سويا وبصورة متناسقة كما تعمل أعضاء الجسم ر‬ ‫يلعبه الجزء في إطار‬
‫البشي فكل‬
‫الكل ويحقق التساند‬
‫بنية كلية‬ ‫ممارسة سواء تلك المرتبطة بالمعتقدات الدينية أو العادات االجتماعية إنما ترتبط أشد‬ ‫والتكامل بين األجزاء‬
‫تتألف من‬ ‫االرتباط بأشكال أخرى من الممارسة والتوليف ربي مخرجات مجموع هذه الممارسات‪،‬‬ ‫المشكلة للكل‪.‬‬
‫مجموعة من‬ ‫المجتمع‪ .‬عموما يمكن القول بأن‬ ‫والت تؤدي إىل ضمان ديمومة االستقرار والتوازن‬ ‫ى‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫األجزاء‬ ‫الوظيف عند إميل دوركايم‪ ،‬هو وحدة كلية أو لنقل نسق‬ ‫المجتمع وانطالقا من المنظور‬
‫ي‬
‫المحكومة‬
‫الكىل‪ .‬المجتمع‬
‫يحتوي عىل مجموعة من األجزاء كل واحد منها يؤدي دور يف إطار النسق ي‬
‫بمبدأ التساند‬
‫كىل متكامل يتكون من أجزاء تعتمد عىل بعضها البعض‪ .‬ال يمكن فهم أي جزء من‬ ‫نظام ي‬
‫الوظيفي‬
‫النظام مثل المؤسسات االجتماعية إال باإلشارة إىل نظام المجتمع ككل‪ ،‬تشكل‬ ‫ي‬ ‫أجزاء الكل‬
‫المؤسسات جزءا منه‪ .‬ومادام الجزء يقوم بوظيفة من أجل المحافظة عىل الكل وحفظ‬
‫توازنه‪ ،‬بذلك تكون العالقة ربي الجزء والكل عالقة وظيفية‪ .‬إن االعتماد المتبادل ربي‬
‫وظيف إذ أن األجزاء تعزز بعضها البعض وتتطابق مع بعضها‬
‫ي‬ ‫األجزاء يف حد ذاته هو اعتماد‬
‫المشيكة تعمل األجزاء عىل المحافظة عىل الكل المكون للمجتمع‪.‬‬ ‫ى‬ ‫وب هذه المطابقة‬
‫ذ‪ .‬عبد الصبور لكرمات‬
‫‪3‬‬

‫االجتماع والمنظور الوظيفي‬


‫في التربية والدمج االجتماعي‬
‫تبف‬‫لقد بي دوركايم من خالل مجموع كتاباته أن الفرد عضو ف مجتمع وأن هذه العالقة ى‬
‫ي‬ ‫ر‬
‫وه عملية ترتبط يف‬ ‫االجتماع‪ ،‬أي دمج الفرد يف إطار الكل‪ .‬ي‬
‫ي‬ ‫مؤسسة عىل فكرة الدمج‬
‫والت تعمل‬‫ى‬ ‫ى‬
‫جوهرها بفعل اليبية الموكول إىل المؤسسات االجتماعية األولية والثانوية‪ ،‬ي‬
‫ويشي دوركايم‬
‫ر‬ ‫القيم من أجل الحفاظ عىل استمرارية المجتمع وتوازنه‪.‬‬ ‫ي‬ ‫عىل تمرير النظام‬
‫ى‬ ‫التربية هي فعل‬
‫األخالف ودوره يف الحفاظ عىل النظام واالستقرار يف‬
‫ي‬ ‫يف هذا الباب إىل أهمية اإلجماع‬ ‫يمارسه الجيل‬
‫والت تسهم يف صيانة التماسك‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫المجتمع‪ .‬ويتجىل اإلجماع‬
‫األخالف يف تقاسم نفس القيم ي‬
‫ي‬ ‫الراشد على الذين‬
‫ى‬ ‫ى‬
‫األخالف تتدخل اليبية‬ ‫االجتماع كما يقول دوركايم‪ .‬ولتحقيق فكرة االجماع حول النسق‬ ‫لم ينضجوا بعد‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫غي‬‫المعايي األخالقية من جيل راشد لجيل ر‬
‫ر‬ ‫والت تعمل عىل نقل‬ ‫والمؤسسة االجتماعية‪ ،‬ى‬ ‫للحياة‬
‫ي‬
‫راشد‪.‬‬ ‫االجتماعية‪،‬‬
‫هدفها هو إيجاد‬
‫يرى دوركايم أن المؤسسة االجتماعية‪ ،‬كمؤسسة أولية تعت بالتنشئة االجتماعية‪ ،‬ومن‬ ‫وتنمية الحاالت‬
‫الفيزيقية‪ ،‬الفكرية‬
‫فه تعمل عىل تمرير المعارف‬ ‫المفروض أن تؤدي مجموعة من األدوار السوسيوتربوية‪ .‬ي‬
‫فه مطالبة بممارسة نوع من الرقابة‬ ‫واألخالقية لدى‬
‫وف نفس الوقت ي‬ ‫لألجيال بطريقة منظمة وموجهة‪ ،‬ي‬ ‫الطفل‪ ،‬والتي‬
‫الجمع‪ ،‬للحفاظ عىل منظومة القيم‪ .‬وهو األمر‬ ‫ي‬ ‫الضمي‬
‫ر‬ ‫عي قوة‬ ‫االجتماعية عىل األفراد ر‬
‫يطالب بها‬
‫مشوع تربوي يعمل عىل ترسيخ أسس‬ ‫الذي يستدع‪ ،‬وفقا للتصور الدوركايم‪ ،‬وضع ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫المجتمع السياسي‬
‫لليبية يقوم عىل‬‫الهوية الجمعية‪ Identité Collective .‬هذه الرؤية تعكس لمنظور كىل ى‬
‫ي‬ ‫في كليته والوسط‬
‫والمعايي االجتماعية والتكريس لروح االنضباط‪ ،‬من‬ ‫ر‬ ‫احيام القيم‬ ‫احيام المصلحة العامة‪ ،‬ى‬ ‫ى‬ ‫الخاص الذي‬
‫اليبية الخلقية‪ ،‬ال بد من‬‫هنا ومن أجل فهم جيد لسوسيولوجيا دوركايم وتحديدا ف مجال ى‬ ‫يوجه إليه‪.‬‬
‫ي‬
‫حت‬ ‫واليبية ى‬
‫"اليبية األخالقية" ى‬ ‫الرجوع إىل النصوص األساسية التالية " علم االجتماع ى‬ ‫إميل دوركايم‬
‫اليبية طبيعتها ودورها والذي‬ ‫اليبية‪ .‬ف نص له ‪ 1911‬بعنوان " ى‬ ‫يتست لنا تحديد غايات ى‬
‫ي‬
‫اليبية والسوسيولوجيا نجده يؤكد عىل أن " كل مجتمع منظور إليه‬ ‫ظهر ف مؤلف دوركايم ى‬
‫ي‬
‫ى‬ ‫‪.‬‬
‫يف لحظة محددة من تطوره يملك نظاما لليبية يفرض نفسه عىل األفراد" فكل مجتمع‬
‫ينبع أن يكون من وجهة نظر فكرية‬ ‫ي‬ ‫يثبت أو يقر لنفسه " مثاال معينا لإلنسان" ولما‬
‫اليبية نفسها إذ ال يمكن لمجتمع أن يعيش أو‬ ‫وفييائية وأخالقية‪ ،‬وهذا المثال هو قطب ى‬ ‫ر‬
‫يحت‪ ،‬إال إذا كان ربي أعضائه تجانس كاف‪ ،‬ليصبح هذا الفعل بوابة لتحقيق التجانس‬ ‫ر‬
‫إن هذه الضروب‬ ‫كل الناس يتلقون‬
‫داخل المجتمع‪.‬‬
‫من السلوك‬ ‫من السابقين لهم‬
‫والتفكير توجد‬ ‫ى‬
‫الت‬ ‫ى‬ ‫تعاليم مفكر فيها‬
‫يقول علينا أن نتعلم كيف نثبت مقدما يف نفس الطفل المالمح المشيكة األساسية‪ ،‬ي‬
‫خارج الفرد‬ ‫اجتماع‪ .‬لهذا‬ ‫اليبية يتحرك الكائن الفردي نحو كائن‬ ‫تتطلبها الحياة الجماعية‪ .‬فبواسطة ى‬ ‫وهي نفس التعاليم‬
‫نتلقاها عن‬ ‫ي‬
‫تقتض تنشئة اجتماعية منهجية للجيل الشاب وقد وضح كيف أن الغاية من هذه‬ ‫ى‬
‫فاليبية‬ ‫التي تنقل‬
‫طريق التربية‬ ‫ي‬ ‫النماذج المعقدة‬
‫وتأمي‬ ‫تقني‬ ‫التنشئة االجتماعية المتمثلة ف ى‬
‫وتمتاز بقوة‬ ‫ر‬ ‫اليبية‪ ،‬إنما تحيل عىل حاجة كل مجتمع إىل ر‬ ‫ي‬ ‫للسلوك‪ ،‬التي تنقل‬
‫آمرة قاهرة‬ ‫قواعد رشوط وجوده وبقائه‪ .‬وإذا كانت هذه التنشئة تبدأ مند الوالدة وتعتمد يف قلب‬ ‫من جيل آلخر‪.‬‬
‫أكي تنسيقا بالشكل الذي تصبح فيه هذه المدرسة المكان‬ ‫األشة‪ ،‬فإنها تكون ف المدرسة ر‬
‫ي‬ ‫رالف لنتون‪،‬‬
‫المركزي لالستمرارية االجتماعية‪ ،‬حينما يتعلق األمر بنقل القيم والمعارف من مجتمع‬
‫األساس الثقافي‬
‫الكبار للصغار‪ .‬إن المجتمع هو الذي يرسم للفرد مناهج حياته ويحدد له كيف يسلك‬
‫للشخصية‪1977 .‬‬
‫والت عمل‬ ‫ويختار بصورة طبيعية‪ ،‬اختيار يكون موافقا ومطابقا للقاعدة المرسومة ى‬
‫ي‬
‫حي عمل عىل تكويننا خلقيا‪.‬‬ ‫المجتمع عىل بثها فينا ر‬

You might also like