You are on page 1of 6

‫ذ‪ .

‬عبد الصبور لكرمات‬


‫‪1‬‬

‫كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬


‫المحاضرة ‪6‬‬
‫أسس علم اإلجتماع‬ ‫و‪7‬‬

‫‪2020-2021‬‬
‫‪S1‬‬
‫ذ‪ .‬عبد الصبور لكرمات‬
‫إميل دوركايم والمنظور الوظيفي‪.‬‬

‫وسيته‬
‫حياته ر‬ ‫إميل دوركايم‬
‫عاش ما بين ‪ 1858‬و‪.1917‬‬ ‫‪‬‬
‫عالم اجتماع فرنسي من مؤسسي علم‬ ‫‪‬‬
‫االجتماع الحديث‬ ‫كل مجتمع هو مجتمع أخالقي وتكون هذه‬
‫يعتبر من الفرنسيين األوائل الذين‬ ‫‪‬‬ ‫الخاصية أكثر بروزا في المجتمعات‬
‫اشتغلوا بمنطق أكاديمي‪.‬‬ ‫المنظمة‪ .‬وبما أن الفرد ال يكتفي بذاته‪،‬‬
‫تأثر بفلسفة األنوار‪ ،‬قرألهنري برجسون‬ ‫‪‬‬ ‫فهو يتلقى من المجتمع كل ما هو ضروري‬
‫ولكارل ماركس‪ ،‬كما تأثر بفكر سان‬ ‫بالنسبة إليه‪ ،‬كما أنه يشتغل من أجل‬
‫سيمون وبرواد الفلسفة الوضعية‪.‬‬ ‫المجتمع‪ .‬هكذا يتولد لديه شعور قوي‬
‫اشتغل على دراسة الظواهر االجتماعية‬ ‫‪‬‬ ‫بحالة التبعية للمجتمع‪.‬‬
‫دراسة وضعية غايتها البحث عن‬
‫القوانين المفسرة لحدوث الظواهر‬
‫‪David Emile Durkheim‬‬

‫كتاباته‬

‫مجتمع‪: Société ،‬‬

‫يدل المفهوم عىل المجموع الذي‬


‫يتم داخله إدماج حياة كل الناس‪،‬‬
‫وتدخل فيها اهتماماتهم ورغباتهم‬
‫المجتمع كائن يعلو علينا‪ ....‬يعمل على تكويننا خلقيا‪،‬‬ ‫يشي‬
‫وأفعالهم‪ ،‬فالمجتمع‪ ،‬بذلك ر‬
‫دوركايم والتربية األخالقية‬ ‫إىل القوة المحركة لألفراد من جهة‪،‬‬
‫والقوة المتحكمة فيهم‪ ،‬بواسطة‬
‫المؤسسات‪ .‬إ‪ .‬دوركايم‬
‫ذ‪ .‬عبد الصبور لكرمات‬
‫‪2‬‬

‫االجتماع من منظور وظيفي‬


‫في تقسيم العمل‬
‫تحيل فكرة االجتماع عند إميل دوركايم عىل المجتمع بوصفه المجموع الذي يتم داخله‬ ‫مؤسسة‬
‫إدماج حياة كل الناس‪ ،‬وتدخل فيها اهتماماتهم ورغباتهم وأفعالهم‪ .‬فالمجتمع‪ ،‬بذلك ر‬
‫يشي‬ ‫‪Institution:‬صورة‬
‫إىل القوة المحركة لألفراد من جهة‪ ،‬والقوة المتحكمة فيهم‪ ،‬بواسطة المؤسسات (مؤسسة‬ ‫خاصة لتنظيم مجموع‬
‫الوظائف العمومية‬
‫ه عالقة تبعية وخضوع‬ ‫اللغة‪ ،‬مؤسسة الزواج‪...... ،‬الخ)‪ .‬ومن تم فعالقة الفرد بالمجتمع ي‬
‫يتلف من المجتمع كل ما هو ضوري بالنسبة إليه‬ ‫عىل اعتبار أن الفرد ال يكتف بذاته‪ ،‬فهو ى‬ ‫لمجتمع ما‪ ،‬وهي‬
‫ي‬ ‫مقابل كل معطى‬
‫كما أنه يشتغل من أجل المجتمع وهكذا يتولد لديه شعور قوي بحالة التبعية للمجتمع‪،‬‬
‫طبيعي‪ .‬إنه مفهوم‬
‫ويتعود عىل تقدير نفسه عىل أساس أنه جزء من كل أو عضو داخل بنية عضوية‪.‬‬ ‫يدل على كل ما أقامه‬
‫االجتماع من سؤال مركزي‬ ‫الشهية حول تقسيم العمل‬ ‫لقد انطلق دوركايم يف أطروحته‬ ‫اإلنسان من بنيات‬
‫ي‬ ‫ر‬
‫ر‬ ‫أساسية تعمل على‬
‫الوع‬
‫ي‬ ‫هو كيف يقيم مجتمع من األفراد مجتمعا؟ وكيف ينجزون الشط الضوري أي‬
‫تنظيم حياة المجتمع‬
‫مختلفي من التضامن‬
‫ر‬ ‫نمطي‬
‫ر‬ ‫تميي ربي‬
‫االجتماع؟ ولإلجابة أقام ر‬
‫ي‬ ‫الضوري لوجودهم‬ ‫انطالقا من قوانين أو‬
‫اآلىل والتضامن العضوي يف األول يكون األفراد متشابهون يف المشاعر‬ ‫وهما التضامن ي‬ ‫تقاليد محددة‪.‬‬
‫يشيكون يف نفس القيم ومتفقون عىل نفس المبادئ واألشياء المقدسة‪.‬‬ ‫واألحاسيس و ى‬
‫المعط‪ ،‬اتجاهات نظرية يف‬
‫ي‬ ‫يحكمهم التجانس وليس التباين أو التغاير (عبد الباسط عبد‬
‫ويشي دوركايم إىل أنه وبفعل الكافة االجتماعية وتطور أنماط االتصال‬ ‫ر‬ ‫علم االجتماع)‬
‫اآلىل إىل التضامن العضوي القائم‬
‫االجتماع للعمل تم االنتقال من التضامن ي‬ ‫ي‬ ‫والتقسيم‬
‫تقسيم‬ ‫المفض إىل التكامل واالتفاق عىل تحقيق التكامل والذي رآه‬
‫ي‬ ‫أساسا عىل التباين والتغاير‬
‫العمل‬ ‫دوركايم شبيها بتكامل أعضاء الجسم المختلفة يف أدوارها والمتكاملة يف وظائفها‪ .‬وتبعا‬
‫أساس‬ ‫الت أجراها دوركايم ربي الحياة االجتماعية والحياة العضوية‪ ،‬يقول راد‬ ‫ى‬
‫لعالقة المماثلة ي‬
‫للتعاون‬ ‫يعتي أول من أقام المماثلة البيولوجية ربي المجتمع والحياة‬‫كليف براون‪ ،‬بأن دوركايم ر‬
‫اإليجابي‬ ‫الوظيف للمجتمع الذي يمثله دوركايم وقبله‬ ‫أساس للمنظور‬ ‫العضوية وذاك محدد‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫أوغست كونت‪.‬‬
‫الوظيفة‪ :‬الدور الذي‬
‫وظيف‬
‫ي‬ ‫تعبي‬
‫ه ر‬ ‫تعبي عن بناء عضوي فكذلك الحياة االجتماعية ي‬ ‫ه ر‬ ‫بما أن حياة الكائن ي‬ ‫يؤديه النشاط الجزئي‬
‫ى‬
‫االجتماع‪ .‬ويرى دوركايم يف هذا الباب بأن المجتمع نظام معقد تعمل شت‬ ‫عن البناء‬ ‫في إطار النشاط الكلي‬
‫ي‬
‫الوظيف وذلك من أجل تحقيق االستقرار والتضامن ربي مكوناته‪.‬‬ ‫أجزائه وفق مبدأ التساند‬ ‫الذي ينتمي إليه‪،‬‬
‫ي‬
‫لقد استخدم دوركايم المماثلة العضوية للمقارنة ربي عمل المجتمع والحياة العضوية‬ ‫الوظيفة هي الدور الذي‬
‫المجتمع‬ ‫فأجزاء المجتمع تعمل سويا وبصورة متناسقة كما تعمل أعضاء الجسم ر‬ ‫يلعبه الجزء في إطار‬
‫البشي فكل‬
‫الكل ويحقق التساند‬
‫بنية كلية‬ ‫ممارسة سواء تلك المرتبطة بالمعتقدات الدينية أو العادات االجتماعية إنما ترتبط أشد‬ ‫والتكامل بين األجزاء‬
‫تتألف من‬ ‫االرتباط بأشكال أخرى من الممارسة والتوليف ربي مخرجات مجموع هذه الممارسات‪،‬‬ ‫المشكلة للكل‪.‬‬
‫مجموعة من‬ ‫المجتمع‪ .‬عموما يمكن القول بأن‬ ‫والت تؤدي إىل ضمان ديمومة االستقرار والتوازن‬ ‫ى‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫األجزاء‬ ‫الوظيف عند إميل دوركايم‪ ،‬هو وحدة كلية أو لنقل نسق‬ ‫المجتمع وانطالقا من المنظور‬
‫ي‬
‫المحكومة‬
‫الكىل‪ .‬المجتمع‬
‫يحتوي عىل مجموعة من األجزاء كل واحد منها يؤدي دور يف إطار النسق ي‬
‫بمبدأ التساند‬
‫كىل متكامل يتكون من أجزاء تعتمد عىل بعضها البعض‪ .‬ال يمكن فهم أي جزء من‬ ‫نظام ي‬
‫الوظيفي‬
‫الت‬ ‫ى‬
‫النظام مثل المؤسسات االجتماعية إال باإلشارة إىل نظام المجتمع ككل ي‬ ‫ي‬ ‫أجزاء الكل‬
‫تشكل هذه المؤسسات جزءا من‪ .‬الجزء يقوم بوظيفة من أجل المحافظة عىل الكل وحفظ‬
‫توازنه‪ .‬وبذلك تكون العالقة ربي الجزء والكل عالقة وظيفية‪ .‬إن االعتماد المتبادل ربي‬
‫وظيف إذ أن األجزاء تعزز بعضها البعض وتتطابق مع بعضها‬‫ي‬ ‫األجزاء يف حد ذاته هو اعتماد‬
‫المشيكة تعمل األجزاء عىل المحافظة عىل الكل المكون للمجتمع‪.‬‬‫ى‬ ‫وب هذه المطابقة‬
‫ذ‪ .‬عبد الصبور لكرمات‬
‫‪3‬‬

‫االجتماع والمنظور الوظيفي‬


‫في التربية والدمج االجتماعي‬
‫تبف‬‫لقد بي دوركايم من خالل مجموع كتاباته أن الفرد عضو ف مجتمع وأن هذه العالقة ى‬
‫ي‬ ‫ر‬
‫وه عملية ترتبط يف‬ ‫االجتماع‪ ،‬أي دمج الفرد يف إطار الكل‪ .‬ي‬
‫ي‬ ‫مؤسسة عىل فكرة الدمج‬
‫والت تعمل‬‫ى‬ ‫ى‬
‫جوهرها بفعل اليبية الموكول إىل المؤسسات االجتماعية األولية والثانوية‪ ،‬ي‬
‫ويشي دوركايم‬
‫ر‬ ‫القيم من أجل الحفاظ عىل استمرارية المجتمع وتوازنه‪.‬‬ ‫ي‬ ‫عىل تمرير النظام‬
‫ى‬ ‫التربية هي فعل‬
‫األخالف ودوره يف الحفاظ عىل النظام واالستقرار يف‬
‫ي‬ ‫يف هذا الباب إىل أهمية اإلجماع‬ ‫يمارسه الجيل‬
‫والت تسهم يف صيانة التماسك‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫المجتمع‪ .‬ويتجىل اإلجماع‬
‫األخالف يف تقاسم نفس القيم ي‬
‫ي‬ ‫الراشد على الذين‬
‫ى‬ ‫ى‬
‫األخالف تتدخل اليبية‬ ‫االجتماع كما يقول دوركايم‪ .‬ولتحقيق فكرة االجماع حول النسق‬ ‫لم ينضجوا بعد‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫غي‬‫المعايي األخالقية من جيل راشد لجيل ر‬
‫ر‬ ‫والت تعمل عىل نقل‬ ‫والمؤسسة االجتماعية‪ ،‬ى‬ ‫للحياة‬
‫ي‬
‫راشد‪.‬‬ ‫االجتماعية‪،‬‬
‫هدفها هو إيجاد‬
‫يرى دوركايم أن المؤسسة االجتماعية‪ ،‬كمؤسسة أولية تعت بالتنشئة االجتماعية‪ ،‬ومن‬ ‫وتنمية الحاالت‬
‫الفيزيقية‪ ،‬الفكرية‬
‫فه تعمل عىل تمرير المعارف‬ ‫المفروض أن تؤدي مجموعة من األدوار السوسيوتربوية‪ .‬ي‬
‫فه مطالبة بممارسة نوع من الرقابة‬ ‫واألخالقية لدى‬
‫وف نفس الوقت ي‬ ‫لألجيال بطريقة منظمة وموجهة‪ ،‬ي‬ ‫الطفل‪ ،‬والتي‬
‫الجمع‪ ،‬للحفاظ عىل منظومة القيم‪ .‬وهو األمر‬ ‫ي‬ ‫الضمي‬
‫ر‬ ‫عي قوة‬ ‫االجتماعية عىل األفراد ر‬
‫يطالب بها‬
‫مشوع تربوي يعمل عىل ترسيخ أسس‬ ‫الذي يستدع‪ ،‬وفقا للتصور الدوركايم‪ ،‬وضع ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫المجتمع السياسي‬
‫لليبية يقوم عىل‬‫الهوية الجمعية‪ Identité Collective .‬هذه الرؤية تعكس لمنظور كىل ى‬
‫ي‬ ‫في كليته والوسط‬
‫والمعايي االجتماعية والتكريس لروح االنضباط‪ ،‬من‬ ‫ر‬ ‫احيام القيم‬ ‫احيام المصلحة العامة‪ ،‬ى‬ ‫ى‬ ‫الخاص الذي‬
‫اليبية الخلقية‪ ،‬ال بد من‬‫هنا ومن أجل فهم جيد لسوسيولوجيا دوركايم وتحديدا ف مجال ى‬ ‫يوجه إليه‪.‬‬
‫ي‬
‫حت‬ ‫واليبية ى‬
‫"اليبية األخالقية" ى‬ ‫الرجوع إىل النصوص األساسية التالية " علم االجتماع ى‬ ‫إميل دوركايم‬
‫اليبية طبيعتها ودورها والذي‬ ‫اليبية‪ .‬ف نص له ‪ 1911‬بعنوان " ى‬ ‫يتست لنا تحديد غايات ى‬
‫ي‬
‫اليبية والسوسيولوجيا نجده يؤكد عىل أن " كل مجتمع منظور إليه‬ ‫ظهر ف مؤلف دوركايم ى‬
‫ي‬
‫ى‬ ‫‪.‬‬
‫يف لحظة محددة من تطوره يملك نظاما لليبية يفرض نفسه عىل األفراد" فكل مجتمع‬
‫ينبع أن يكون من وجهة نظر فكرية‬ ‫ي‬ ‫يثبت أو يقر لنفسه " مثاال معينا لإلنسان" ولما‬
‫اليبية نفسها إذ ال يمكن لمجتمع أن يعيش أو‬ ‫وفييائية وأخالقية‪ ،‬وهذا المثال هو قطب ى‬ ‫ر‬
‫يحت‪ ،‬إال إذا كان ربي أعضائه تجانس كاف‪ ،‬ليصبح هذا الفعل بوابة لتحقيق التجانس‬ ‫ر‬
‫إن هذه الضروب‬ ‫كل الناس يتلقون‬
‫داخل المجتمع‪.‬‬
‫من السلوك‬ ‫من السابقين لهم‬
‫والتفكير توجد‬ ‫ى‬
‫الت‬ ‫ى‬ ‫تعاليم مفكر فيها‬
‫يقول علينا أن نتعلم كيف نثبت مقدما يف نفس الطفل المالمح المشيكة األساسية‪ ،‬ي‬
‫خارج الفرد‬ ‫اجتماع‪ .‬لهذا‬ ‫اليبية يتحرك الكائن الفردي نحو كائن‬ ‫تتطلبها الحياة الجماعية‪ .‬فبواسطة ى‬ ‫وهي نفس التعاليم‬
‫نتلقاها عن‬ ‫ي‬
‫تقتض تنشئة اجتماعية منهجية للجيل الشاب وقد وضح كيف أن الغاية من هذه‬ ‫ى‬
‫فاليبية‬ ‫التي النماذج‬
‫طريق التربية‬ ‫ي‬ ‫المعقدة للسلوك‪،‬‬
‫وتأمي‬ ‫تقني‬ ‫التنشئة االجتماعية المتمثلة ف ى‬
‫وتمتاز بقوة‬ ‫ر‬ ‫اليبية‪ ،‬إنما تحيل عىل حاجة كل مجتمع إىل ر‬ ‫ي‬ ‫التي تنقل من جيل‬
‫آمرة قاهرة‬ ‫قواعد رشوط وجوده وبقائه‪ .‬وإذا كانت هذه التنشئة تبدأ مند الوالدة وتعتمد يف قلب‬ ‫آلخر‪.‬‬
‫أكي تنسيقا بالشكل الذي تصبح فيه هذه المدرسة المكان‬ ‫األشة‪ ،‬فإنها تكون ف المدرسة ر‬
‫ي‬ ‫رالف لنتون‪،‬‬
‫المركزي لالستمرارية االجتماعية‪ ،‬حينما يتعلق األمر بنقل القيم والمعارف من مجتمع‬
‫األساس الثقافي‬
‫الكبار للصغار‪ .‬إن المجتمع هو الذي يرسم للفرد مناهج حياته ويحدد له كيف يسلك‬
‫للشخصية‪1977 .‬‬
‫والت عمل‬ ‫ويختار بصورة طبيعية‪ ،‬اختيار يكون موافقا ومطابقا للقاعدة المرسومة ى‬
‫ي‬
‫حي عمل عىل تكويننا خلقيا‪.‬‬ ‫المجتمع عىل بثها فينا ر‬
‫ذ‪ .‬عبد الصبور لكرمات‬
‫‪4‬‬

‫ر ي‬
‫السوسيولوج عند إميل دوركايم‬ ‫المنهج‬

‫عن علم االجتماع‬


‫علم االجتماع = علم‬
‫العلم= منهج وموضوع‬
‫أخد دوركايم على نفسه أن يقيم علما اجتماعيا واقعيا مختلفا عن فلسفة‬
‫التاريخ وعن النظر المجرد في ماهية المجتمع‪ .‬علم اجتماعي يقتصر غرضه‬
‫على استكشاف القوانين التي تربط ظواهر اجتماعية معينة بظواهر أخرى‬
‫معينة‪ .‬كما يرتبط االنتحار أو تقسيم العمل بقوانين مفسرة يمكن الوصول‬
‫إليها وذلك باستخدام المناهج المألوفة في العلوم الطبيعية والتي ترجع إلى‬
‫منهج سوسيولوجي يقوم على‬ ‫المالحظة واالستقراء مع ما يقتضيه علم االجتماع والظاهرة االجتماعية من‬
‫المالحظة والتفسير العلمين‬ ‫تعديل على المالحظة وتحديدا إعمال المالحظة المستندة على التاريخ‬
‫منهج‬ ‫المقارن‪.‬‬
‫دوركايم أراد لعلم االجتماع أن يكون علما قائما بذاته علم يحكمه مبدأ‬
‫التخصص‪ .‬يقول إن علم االجتماع ال يستطيع أن يصبح علما إال بتخليه عن‬
‫الطروحات التي تعمل على الدراسة الشاملة للواقع االجتماعي وذلك بالتركيز‬
‫على األجزاء‪ ،‬العناصر الجزئية‪ .‬وقد أيد فكرة التخصص التي دعا إليها‬
‫أوغست كونت فعلم االجتماع يجب في تصوره أن يتخصص في دراسة النظم‬
‫الظواهر االجتماعية بوصفها‬ ‫والعمليات والوقائع االجتماعية‪ .‬وتبعا لذلك فقد عرف علم االجتماع بأنه العلم‬
‫أشياء تدرس من الخارج في‬ ‫موضوع‬ ‫الذي يعنى بدراسة المجتمعات وتحديدا الظواهر االجتماعية‪ ،‬بوصفها وقائع‬
‫انفصال تام عن األفراد الواعين‬ ‫إجتماعية‪ .‬وقد عمل دوركايم على تحديد الظاهرة االجتماعية وتشخيصها‬
‫بوصفها الموضوع األساسي لعلم االجتماع‪.‬‬

‫كي تكون هناك سوسيولوجيا في نظر‬


‫دوركايم‪ ،‬يجب توفر شرطين‪:‬‬
‫أن يكون لهذا العلم موضوع خاص به‪،‬‬
‫متميز عن مواضيع العلوم األخرى‪ .‬وأن‬
‫يكون هذا الموضوع قابال للمالحظة‬
‫والتفسير بطريقة مشابهة للطريقة التي‬
‫نالحظ ونفسر بها وقائع كل العلوم‬
‫األخرى‪.‬‬
‫يقول إميل دوركايم‬

‫الواقعة االجتماعية هي كل طريقة في الفعل‪ ،‬ثابتة أوال‪ ،‬وقادرة‬


‫على ممارسة إكراه خارجي على الفرد‪ ،‬وثانيا تكون عامة في‬
‫المجتمع ومستقلة عن كل المظاهر الفردية‪.‬‬
‫‪R. Aron. Les étapes de pensée‬‬
‫‪sociologiques‬‬ ‫إميل دوركايم‪ ،‬قواعد المنهج السوسيولوجي‬
‫ذ‪ .‬عبد الصبور لكرمات‬
‫‪5‬‬

‫ر ي‬
‫السوسيولوج عند إميل دوركايم‬ ‫قواعد المنهج‬

‫يصف دوركايم علم االجتماع بأنه علم دراسة المجتمعات وتحديدا الظواهر‬
‫االجتماعية وقد عمل عىل تحديد الظاهرة االجتماعية وتشخيصها بوصفها الموضوع‬ ‫الواقعة االجتماعية‬
‫األساس لعلم االجتماع‪ .‬يقول دوركايم يف كتابه قواعد المنهج يف علم االجتماع‪،‬‬ ‫هي كل طريقة في‬
‫ي‬
‫ى‬ ‫الفعل‪ ،‬ثابتة أوال‪،‬‬
‫الت تتناسب مع دراسة‬ ‫يجب علينا أن نعلم قبل البدء يف البحث عن الطريقة ي‬
‫ى‬ ‫وقادرة على ممارسة‬
‫الت يطلق عليها الناس هذا االسم‪.‬‬ ‫الظواهر االجتماعية‪ ،‬حقيقة الظواهر االجتماعية ي‬ ‫إكراه خارجي على‬
‫يؤكد دوركايم بأن جميع المجتمعات‪ ،‬تحتوي يف الواقع عىل طائفة محددة من‬ ‫الفرد‪ ،‬وثانيا تكون‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫عامة في المجتمع‬
‫الت تدرسها العلوم الطبيعية بصفة جوهرية‪ " .‬ي‬
‫إنت‬ ‫تتمي عن الظواهر ي‬‫الت ر‬ ‫الظواهر‪ ،‬ي‬
‫بواجت كأخ أو زوج أو مواطن‪ ..‬أقوم بأداء واجبات خارجية حدها العرف‬ ‫حي أقوم‬ ‫ومستقلة عن كل‬
‫ري‬ ‫ر‬
‫المظاهر الفردية ‪.‬‬
‫عواطف الشخصية‪...‬‬ ‫ي‬ ‫والقانون وعىل الرغم من أن هذه الواجبات ال تتعارض مع‬
‫ى‬
‫والت تلقيتها‬ ‫إميل دوركايم ‪،‬‬
‫عىل قوتها القهرية ي‬ ‫فإن هذه الحقيقة تظل خارج ع شعوري بها‪ ،‬تفرض ي‬ ‫قواعد المنهج‬
‫والتفكي واإلحساس كلها‬ ‫اليبية" لقد ربي دوركايم كيف أن طرق الفعل‬ ‫عن طريق ى‬
‫ر‬
‫السوسيولوجي‬
‫وع األفراد وتتمتع يف اآلن ذاته بقوة‬ ‫فه توجد خارج ي‬ ‫تشتغل باستقالل عن الفرد ي‬
‫المتمية‬
‫ر‬ ‫إلزامية وقهرية تجعلها تفرض نفسها عىل الفرد‪ .‬إنها نظام من الوقائع‬
‫والجيية تفرض نفسها عىل الذوات الفردية‪.‬‬ ‫ر‬ ‫بخاصية الخارجية والعمومية والقهرية‬
‫تتمي‬
‫األساس لعلم االجتماع‪ ،‬ر‬ ‫ي‬ ‫يؤكد دوركايم بأن الوقائع االجتماعية تشكل الموضوع‬
‫إن الظواهر‬
‫ائ أو ما يسميه‬ ‫ر ي‬
‫الخارج الذي تمارسه عىل األفراد انطالقا من النظام الجز ي‬ ‫بإكراهها‬ ‫االجتماعية تشكل‬
‫سيجموند فرويد بثنائية الثواب والعقاب‪.‬‬ ‫أشياء‪ ،‬ويجب أن‬
‫تدرس كأشياء‪...‬ألن‬
‫ر ي‬
‫السوسيولوج للظاهرة االجتماعية موضوع علم االجتماع يقر‬ ‫ارتباطا بهذا التحديد‬ ‫كل ما يعطى لنا أو‬
‫السوسيولوج ى‬
‫يفيض أن ينطلق من فرضية أن كل ظاهرة‬ ‫ر ي‬ ‫دوركايم بأن المنهج‬ ‫يفرض نفسه على‬
‫ينبع‬ ‫المالحظة يعتبر في‬
‫المتغيات المرتبطة معا ترابطا نسقيا لذلك ي‬ ‫ر‬ ‫ه عبارة عن عدد من‬ ‫اجتماعية ي‬
‫ى‬ ‫عداد األشياء‪...‬‬
‫علم‬
‫القواني‬
‫ر‬ ‫والت تمكننا من استخالص‬ ‫ي‬ ‫توظيف مجموعة من األساليب العلمية‬
‫وإذن يجب علينا أن‬
‫االجتماع‬ ‫العلم الذي يتحدث عنه إميل دوركايم‬‫ي‬ ‫سي هذه الظواهر‪ .‬األسلوب‬ ‫المتحكمة يف ر‬ ‫ندرس الظواهر‬
‫علم يحكمه‬ ‫العلم والذي يبدأ بالمالحظة الواقعية ليمر منها إىل تطوير الفروض‬ ‫ي‬ ‫يرتبط بالنهج‬ ‫االجتماعية في ذاتها‬
‫مبدأ‬ ‫علم محكم‪ .‬ينظر‬ ‫المستندة عىل لغة القياس بحيث يتم اختبارها باتباع منهج‬ ‫في انفصال تام عن‬
‫ي‬
‫التخصص‬ ‫األفراد الواعين‬
‫العلم والذي يستند‬
‫ي‬ ‫ر ي‬
‫السوسيولوج باعتباره السبيل أو طريق البحث‬ ‫دوركايم للمنهج‬
‫الذين يتمثلونها‬
‫إىل مقولة رئيسية مفادها أن الظواهر االجتماعية ومكوناتها والعالقات بينها موجودة‬ ‫فكريا‪ ،‬ينبغي أن‬
‫بشكل مستقل عن الفرد وآرائه واتجاهاته وتصوراته‪ .‬منهج يستند يف تصور دوركايم‬ ‫ندرسها من الخارج‬
‫مبت عىل المالحظة والتجربة بمفهومها الواسع‬ ‫االمييقية أي أنه ي‬ ‫ر‬ ‫عىل االختبارية‬ ‫كأشياء منفصلة‬
‫منهج يوظف النظرية لتوضيح مسارات الفكر‪ ،‬كما يهدف يف نهاية المطاف إىل تطوير‬ ‫عنا‪ ...‬إن هذه‬
‫القاعدة تنطبق على‬
‫اكم‪ ،‬بحيث يعمد إىل االستفادة من التجارب والنتائج السابقة‬ ‫وبناء النظرية‪ .‬منهج تر ي‬ ‫الواقع االجتماعي‬
‫موضوع‪ ،‬بحيث تدرس الظاهرة عىل طبيعتها وبحسب‬ ‫ي‬ ‫يف تطوير نتائج الحقة‪.‬‬ ‫برمته وبدون‬
‫الواقع‪.‬‬
‫ي‬ ‫تشخيصها المادي‬ ‫استثناء‪.‬‬

‫كغيه من العلوم بمشكلة أو معضلة‪ ،‬توجد أمام الباحث أي‬


‫أوال يبدأ علم االجتماع ر‬ ‫دوركايم قواعد‬
‫المنهج‬
‫يثي انتباهه‪ ،‬ليتحول إىل موضوع للمالحظة‪ .‬تولد يف ذهن الباحث‬
‫موقف غامض ر‬
‫السوسيولوجي‬
‫ذ‪ .‬عبد الصبور لكرمات‬
‫‪6‬‬

‫حية تقود إىل حالة قلق‪ ،‬قد ينتج عنها رغبة ملحة يف تفهم المعضلة وتوضيح‬ ‫ر‬
‫الموقف‪ .‬يجاهد الباحث منقبا فيما يراه من معرفة سواء منشورة أو موجودة عند‬
‫ينته الباحث من خالل كل ذلك‬ ‫خيته ومعلوماته‪.‬‬
‫الت تكون ضمن ر‬ ‫ى‬
‫ي‬ ‫الغي أو تلك ي‬
‫ر‬
‫الت يسع إىل التحقق منها‬ ‫ى‬
‫العقىل إىل وضع الفروض ي‬ ‫ي‬ ‫وتبعا لعملية االستدالل‬
‫ى‬
‫امييقيا‪ .‬يؤدي فحص العالقات الفرضية إىل رفض أو قبول الفروض ي‬
‫الت تقود عملية‬ ‫ر‬
‫ى‬
‫البحث‪ ،‬عملية الفحص تقين عند إميل دوركايم باالختبارية وما تقوم عليه من‬
‫عيائ‪ .‬الوقائع االختبارية‬
‫معايشة الوقائع المتشخصة بمادتها أي ذات الوجود ال ي‬
‫الت يتحدث عنها دوركايم تمكننا من فحص‬ ‫ى‬
‫يعت أن االختبارية ي‬
‫وقائع مشاهدة وهذا ي‬
‫الوثائق والبيانات واالحصائيات فحصا موضوعيا يقع ضمن إطار االختبارية وما‬
‫يستلزمه من بذل الجهد للتأكد من صحة وقائع اجتماعية واستخالصها لذاتها‬
‫وتنقيتها من الشوائب الذاتية واألحكام القيمية‪.‬‬

You might also like