You are on page 1of 94

‫الجمهورية الجسائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي و البحث العلمي‬


‫جامعة زيان عاشور – الجلفة –‬
‫كلية العلوم الاجتماعية و إلاوساهية‬
‫قسم علم الاجتماع والديموغرافيا‬

‫تخصص عمـ اجتماع التنظيـ و العمؿ‬


‫السنة األولى ماستر‬

‫ٍطجىعخ ٍقرر ٍقُبش‬


‫ّظرَبد اىزْظٌُ‬

‫الرصيد‪ 5 :‬المعامؿ‪ 2 :‬التقييـ‪ :‬إمتحاف كتابي ‪ +‬مراقبة مستمرة‬ ‫السداسي‪ :‬األوؿ‬

‫إعداد ‪ :‬د ‪ .‬محمدي عبد القادر‬

‫املوسم الجامعي ‪2022-2021 :‬‬

‫‪1‬‬
‫ٍذبضرح افززبدُخ‬

‫توطئة‪:‬‬

‫اىتـ ميداف عمـ اجتماع التنظيـ بتطبيؽ نظريات عمـ االجتماع ومناىجو وأدواتو التصورية‬

‫في دراسة التنظيمات ذات األنماط المختمفة واألىداؼ المتباينة ويستمد ىذا الميداف أىميتو‬

‫مف ارتباطو الوثيؽ بالنظرية العامة في عمـ االجتماع‪ ،‬ومف أىمية التنظيمات كمواقع‬

‫استراتيجية أو مجتمعات صغيرة‪ ،‬يمكف اختبار ىذىالنظريات في نطاقيا‪ .‬وتستند دراسات ىذا‬

‫‪M.‬‬ ‫الميداف أساسا عمى األسس النظرية التي قدميا عالـ االجتماع األلماني ماكس فيبر‪،‬‬

‫‪Weber‬في دراستو لمبيروقراطية و التحميبلت االجتماعية لمقوة والسمطة في المجتمع‪ ،‬وكافة‬

‫‪1‬‬
‫التعديبلت التي أدخمت عمى نموذجو المثالي البيروقراطي ‪.‬‬

‫كما اىتـ عمـ اجتماع التنظيـ باألسموب الذي تترابط بو الميف بيدؼ وضع إطار الييكؿ‬

‫ظواىر‬ ‫التنظيمي لمبناء االجتماعي والعمؿ عمى تحقيؽ التكيؼ بيف األىداؼ المتغيرة و‬

‫‪1‬‬
‫طلعت إبراهيم لطفي‪،‬علم اجتماع التنظيم ‪،‬دار غريب ‪،‬مصر‪ ،2007 ،‬ص‪.19‬‬

‫‪1‬‬
‫الصراع التي قد تنشأ خبلؿ مرحمة التكيؼ لؤلوضاع الجديدة ‪ -‬وفي ضوء ما سبؽ‪ ،‬يمكف‬

‫القوؿ بأنو يمكف اعتبار عمـ اجتماع التنظيـ أحد المياديف المستقمة نسبيا في عمـ االجتماع‪،‬‬

‫وذلؾ عمى الرغـ مف وجود االرتباط الواضح واالعتماد المتبادؿ بيف ىذا الميداف وبيف غيره‬

‫مف مياديف الدراسة في عمـ االجتماع‪ ،‬وخاصة ميداني عمـ االجتماع الصناعي وعمـ‬

‫‪2‬‬
‫االجتماع الميني‪.‬‬

‫مفيوـ التنظيـ ‪:‬‬

‫)‪(C. Cooley‬كاف أوؿ مف استخدـ‬ ‫تشارلز كولي‪،‬‬ ‫عمى الرغـ مف أف العالـ األمريكي‬

‫‪Social‬‬ ‫‪Primary group‬في كتابة عف التنظيـ االجتماعي‬ ‫مفيوـ الجماعة األولية‬

‫‪Organization‬الذي أصدره عاـ ‪ 1909‬إال أف كولي‪ ،‬لـ يقـ بصياغة مفيوـ الجماعة‬

‫الثانوية ‪Secondary group‬وقد ذكر القميؿ حوؿ ىذا المفيوـ‪ .‬ومف ثـ قاـ عمماء‬

‫االجتماع بصياغة مفيومات أخرى تناسب طبيعة الجماعة الثانوية‪ ،‬منيا مفيوما‬

‫‪3‬‬
‫التنظيـ‪Organization‬والبيروقراطية‪. Bureaucracy ".‬‬

‫وقد تختمؼ مسميات التنظيـ‪ ،‬لكف جوىرىا واحد ال يتغير‪ ،‬فقد يستخدـ البعض مصطمح‬

‫(البروقراطية) لئلشارة إلى المعنى الذي يقصد بمصطمح (التنظيـ)‪ ،‬وقد يميؿ البعض اآلخر‬

‫إلى استخداـ مصطمحات محددة مثؿ (المؤسسة) أو (المنظمة)‪ ،‬ولكنياتشير أيضا إلى‬

‫‪4‬‬
‫‪..‬‬ ‫المعنى الذي يقصده مصطمحا «التنظيـ» و «البيروقراطية»‬

‫‪2‬‬
‫طلعت إبراهيم لطفي‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪3‬‬
‫كمال عبد الحميد الزيات‪ ،‬علم االجتماع المهني‪ ،‬مدخل نظري‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مكتبة الشرق‪ ،1980 ،‬ص‪. 72‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Bernard Philips, Socilogy: From Concepts to Practice, MC Graw-Hill Bilk C. 1979, P 333‬‬
‫في طلعت إبراهيم لطفي‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪2‬‬
‫‪Etzioni.A‬لمفيوـ التنظيـ ‪،‬وفي ىذا‬ ‫نجد أف مف أشيرالتعريفات تعريؼ (أميتايإتزيوني)‪،‬‬

‫الصدد يعرفالتنظيـ بأنو " وحدة اجتماعية تـ إنشاؤىا مف أجؿ تحقيؽ ىدؼ معيف" ‪ .‬ويرى‬

‫إتزيوني " أف التنظيـ عندما ينشأ تكوف لو أىداؼ واحتياجات تتعارض أحيانا مع أىداؼ‬

‫‪5‬‬
‫واحتياجات أعضاء ىذا التنظيـ‪".‬‬

‫ونجد أف أىـ ما يميز التنظيمات اعتمادىا عمى التقسيـ الدقيؽ لمعمؿ‪ ،‬والقوة‪ ،‬وتحديد‬

‫مسئوليات االتصاؿ‪ ،‬ووجود مركز أو أكثر مف مراكز القوة يتولى ميمة مراقبة أعماؿ التنظيـ‬

‫وتوجييو نحو تحقيؽ أىدافو‪ ،‬وضماف الحركة داخؿ بناء التنظيـ‪ ،‬وذلؾ مف خبلؿ تغيير‬

‫مراكز األعضاء‪ ،‬وانضماـ أعضاء جدد تتوافر فييـ صفات وخصائص مف أىميا التخصص‬

‫والخبرة الفنية‪ ،‬ونبلحظ أف ىذه الخصائص التي تميز التنظيمات لـ تظير تمقائيا في سياؽ‬

‫التفاعؿ االجتماعي‪ ،‬وانما تـ تحديدىا بطريقة عمدية‪ .‬أي أف خصائص التنظيـ قد تحددت‬

‫بصورة رسمية‪ ،‬ولذلؾ يستخدـ مصطمح التنظيـ الرسمي لئلشارة إلى ىذا النوع مف التنظيـ‪.‬‬

‫ومف ثـ يكوف التأسيس الرسمي لتحقيؽ ىدؼ محدد ىو المعيار الذي يميز دراستنا‬

‫لمتنظيمات عف دراسة التنظيـ االجتماعي (الوحدات اؿبوجو عاـ‪ 6.‬و منو فإف التنظيـ الرسمي‬

‫(المنظمات) تتميز عف الجماعات االجتماعية بالقصدية (في اليدؼ) و العمدية( في‬

‫االنخراط) وىما أساس الرسمية ‪ ....‬ومع ذلؾ فإف التنظيمات تحمؿ في داخميا تنظيمات‬

‫غير رسمية أيضا ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫‪AmitaiEtzioni, Modern Organization, N.J Englewood Cliffes, Prentice Hall, 1964.p. 3‬‬
‫في طلعت إبراهيم لطفي ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫‪6‬‬
‫محمد علي محمد ‪،‬مجتمع المصنع‪ :‬دراسة في علم اجتماع التنظيم ‪ ،‬االسكندرية ‪ :‬ا‪-‬لهيئة المصرية العامة للكتاب ‪ ،1979 ،‬ص ص ‪. 463-462‬‬

‫‪3‬‬
‫‪7‬‬
‫بعض تنميطات التنظيمات ‪:‬‬

‫‪ ‬تنميطإتزيوني|صنؼ إتزيوني التنظيمات حسب عبلقات االمتثاؿ إلى ثبلثة أنماط عمى‬

‫النحو التالي‪:‬‬

‫‪:‬وىي تمؾ التنظيمات التي تفرض العضوية فييا عمى‬ ‫‪ .1‬التنظيمات القيرية أو الممزمة‬

‫األفراد بالقوة‪ ،‬ومف أمثمة ىذه التنظيمات السجونوالمستشفيات العقمية ‪.‬‬

‫‪ .2‬التنظيمات النفعية ‪:‬وىي تمؾ التنظيمات التي يتـ إنشاؤىا مف أجؿ تحقيؽ أىداؼ وقوائد‬

‫عممية‪ ،‬ومف أمثمتيا التنظيمات الصناعية والتجارية‪ ،‬والجامعات ‪.‬‬

‫‪ .3‬التنظيمات االختيارية‪:‬وىي تمؾ التنظيمات التي يمتحؽ بيا األفراد باختيارىـ ويتركونيا‬

‫بإرادتيـ الحرة‪ ،‬ومف أمثمة ىذه التنظيمات‪ ،‬النوادي‪ ،‬ودور العبادة‪ .‬ونبلحظ أف التنظيمات‬

‫النفعية تقع في مركز متوسط بيف التنظيمات القيرية والتنظيمات االختيارية‪ ،‬وذلؾ نظ ار‬

‫ألف العضوية في ىذه التنظيمات ال تعتبر إجبارية تماما‪ ،‬كما أنيا ال تعتبر اختيارية‬

‫تماما‪.‬‬

‫إف ىذه األنماط الثبلثة مف التنظيمات ال توجد دائما مستقمة عف بعضيا البعض فقد يجمع‬

‫تنظيـ معيف بيف أكثر مف نمط مف ىذه األنماط التنظيمية السالفة الذكر ‪.‬‬

‫‪ ‬تنميط بيتربالو و ريتشارد سكوت | صنفا التنظيمات عمى أساس المستفيد األوؿ مف‬

‫األنشطة التنظيمية أي عمى أساس سؤاؿ بسيط مؤداء مف المستفيد؟ أي مف المستفيد‬


‫‪7‬‬
‫طلعت إبراهيم لطفي‪،‬مرجع سابق‪ ،‬صص ‪.29-28‬‬

‫‪4‬‬
‫األوؿ مف األنشطة التنظيمية وطبقا لئلجابة عمى ىذا السؤاؿ السابؽ‪ ،‬تـ تصنيؼ‬

‫التنظيمات إلى أربعة أنماط‪:‬‬

‫‪ .1‬تنظيمات المنفعة المتبادلة‪ :‬وفيو يكوف المستفيد األوؿ مف أنشطة التنظيـ ىـ‬

‫األعضاء‪ ،‬ومف أمثمة ىذه التنظيمات‪ :‬األحزاب السياسية‪ ،‬واالتحادات‪ ،‬والنوادي‪،‬‬

‫والييئات المينية‪ ،‬والتنظيمات الدينية‪ .‬ونجد أف المشكمة األساسية التي تواجو ىذه‬

‫التنظيمات‪ ،‬ىي مشكمة ضبط سموؾ األعضاء داخؿ ىذه‪ ،‬التي تعتبر العضوية فييا‬

‫اختيارية ‪.‬‬

‫‪ .2‬تنظيمات العمؿ ‪ :‬وفييا يكوف المستفيد األوؿ ىـ المبلؾ‪ ،‬ومف أمثمة ىذه التنظيمات‪،‬‬

‫المصانع‪ ،‬والبنوؾ‪ ،‬وشركات التأميف‪ .‬ونجد أف أىـ المشكبلت التي تواجو مثؿ ىذه‬

‫التنظيمات تتمثؿ في كيفية تحقيؽ األرباح عف طريؽ الحصوؿ عمى أكبر عائد ممكف‬

‫بأقؿ تكمفة ممكنة‬

‫‪ .3‬تنظيمات الخدمة‪ :‬وفييا يكوف المستفيد األوؿ ىـ العمبلء‪ ،‬ومف أمثمتيا‪ ،‬المستشفيات‪،‬‬

‫ومؤسسات الرعاية االجتماعية‪ ،‬والمدارس‪ .‬ومف المشكبلت األساسية في ىذه‬

‫التنظيمات مشكمة رفع مستوى الكفاءة المينية لمعامميف فييذه التنظيمات حتى يمكنيـ‬

‫االرتفاع بمستوى الرعاية التي تقدـ لمعمبلء‪.‬‬

‫‪ .4‬تنظيمات المصمحة العامة‪ :‬وفييا يكوف المستفيد األوؿ مف أنشطة التنظيـ ىو‬

‫الجميور بوجو عاـ‪ ،‬ومف أمثمتيا التنظيمات العسكرية‪ ،‬وتنظيمات الشرطة واإلطفاء‪،‬‬

‫‪5‬‬
‫ونجد أف مثؿ ىذه التنظيمات تعمؿ تحت رقابة الجميور‪ ،‬لذلؾ يجب أف تعمؿ عمى‬

‫رفع كفاءتيا حتى يمكنيا إشباع احتياجات الجميور‪.‬‬

‫مف أوجو النقد التي يمكف أف يتعرض ليا ىذا التنميط السابؽ‪ ،‬أنو قد يكوف مف الصعب‬

‫تحديد المستفيد األوؿ أو األساسي مف األنشطة التي يؤدييا التنظيـ ‪ .‬لذلؾ قد يصعب أحيانا‬

‫استخداـ مثؿ ىذا التنميط‪.‬‬

‫‪ ‬تنميط التنظيمات عمى أساس وظائفيا إستننباطا مف أعماؿ تالكوتبارسونز‪:‬‬

‫تأثر بعض الميتميف بشئوف التنظيـ بالتحميؿ البنائي الوظيفي‪ ،‬وما أطمؽ عميو بارسونز‬

‫الشروط أو المتطمبات الوظيفية‪ ،‬فحاولوا تنميط التنظيمات عمى أساس وظائفيا‪ .‬فشكؿ‬

‫التنظيـ تتـ رؤيتو كما يحدده الدور الذي يمعبو بالنسبة لمنسؽ االجتماعي ككؿ أكثر مما‬

‫تحدده أىداؼ أعضائو‪. .‬وعمى ذلؾ يمكف تقسيـ التنظيمات عمى أساس وظائفيا إلى أربعة‬

‫ألنماط عمى النحو التالي ‪:‬‬

‫‪ .1‬التنظيمات التي تيدؼ إلى تحقيؽ التكيؼ ‪ :‬ومف أمثمتيا تنظيمات العمؿ ‪.‬‬

‫‪ .2‬التنظيمات التي تواجو متطمب تحقيؽ اليدؼ ‪ :‬ومف أمثمتيا التنظيمات العسكرية ‪.‬‬

‫‪ .3‬التنظيمات التي تيدؼ إلى تحقيؽ التكامؿ ومف أمثمياالمستشفيات ‪.‬‬

‫‪ .4‬التنظيمات التي تيدؼ إلى ضبط أو خفض التوتر ومف أمثمتيا التنظيمات الدينية التي‬

‫تيدؼ إلى المحافظة عمى أنماط القيـ األساسية ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫انًهف األول‬
‫انًرحهت األونى ‪1930-1900‬‬
‫االرجبهبد اىنالضُنُخ اىَُنبُّنُخ‬
‫‪ ‬رذعٍ ثأُ اىعقالُّخ ٍطيقخ‬
‫ئقزصبدٌ‬
‫ا‬ ‫‪ ‬رري اهفرد رجال‬
‫‪ ‬رعزجر اىعبٍو آىخ‬

‫اعتمدت المدرسة الكالسيكية بنظرياتيا واتجاىاتيا الفكرية المختمفة عددا مف االفتراضات‬

‫حوؿ المنظمات والناس‪ ،‬أىميا‪:8‬‬

‫‪ .1‬نظرت إلى اإلنساف نظرة ساذجة محدودة‪ ،‬واعتبرتو كائنا اقتصاديا‪ ،‬أي أنو يمكف‬

‫التأثير عمى سموكو عف طريؽ األجور والحوافز المادية فقط‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫حسين حريم ‪،‬إدارة المنظمات (منظور كلي)‪ ،‬عمان‪ ،‬دار الحامد للنشر‪ ،2003 ،‬ص ‪. 20‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ .2‬نظرت إلى المنظمة عمى أنيا تعمؿ في محيط مغمؽ وال تتفػاعؿ مع البيئػةالخاجية‪ ،‬التي‬

‫تعمؿ فييا‪ ،‬و أف ىذه البيئة ىادئة ومستقرة ‪.‬‬

‫‪ .3‬اعتبرت أف أعماؿ المنظمات معروفة وذات طبيعة روتينية بسيطة‪.‬‬

‫‪ .4‬اعتمدت معيار الكفاءة اإلنتاجية )‪ (Efficiency‬فقط لمحكػـ عمػى نجػاح المنظمة ‪.‬‬

‫‪ .5‬رأت أف ىناؾ أسموبا أمثؿ ألداء العمؿ يمكف تطبيقو عالمياً ‪.‬‬

‫‪ ‬أىـ منظري البيروقراطية ‪:‬‬

‫‪ ‬ماكس فيبر‬

‫‪ ‬فردريؾ تيمور‬

‫‪ ‬ىنري فايوؿ‬

‫‪8‬‬
‫اىَذبضرح اىثبُّخ‬
‫فردرَل رُيىر‬
‫‪ّ ‬ظرَخ اإلدارح اىعيَُخ‬

‫بدأ تايمور )‪( Taylor‬حياتو العممية في‬

‫مصنع بيت لحـ لمفوالذ في بنسمفانيا الواليات‬

‫المتحدة األمريكية وتدرج في العمؿ مف عامػؿ إلػى ميندس ‪ .‬حيث حصؿ عمى شيادة‬

‫باليندسة الميكانيكية عف طريؽ المراسمة ثـ وبعد أف تقاعد مف العمؿ ألؼ كتاباً عف التجارب‬

‫‪ .1911‬فقد الحظ تايمور تدنى معدؿ‬ ‫التي قاـ بيا سػماه ((مبػػادىء اإلدارة العمميػة))‬

‫اإلنتاجية وعدـ مبلءمة األدوات المستخدمة في اإلنتاج‪ ،‬وعدـ وجود نظاـ ثابت ومعروؼ‬

‫لتغذية اآلالت عمى خطوط اإلنتاج ‪.9‬‬

‫‪10‬‬
‫‪ ‬ولمتأكد مف صحة ىذه االفتراضات قاـ بعدة تجارب منيا‪:‬‬

‫تجربة رفع الكتؿ المعدنية ‪ :‬قاـ تيمر بأخذ الضوء األخضر مف إدارة المصنع‬ ‫‪.I‬‬

‫لبلستغناء عف العماؿ غيػر المناسبيف و توظيؼ عماؿ أكثر تناسباً مع األعماؿ بدالً‬

‫منيـ (و ىذا لمتحقؽ مف صحة اإلفتراض بتدني معدؿ اإلنتاجيػة لمعػامميف )‪ .‬و بعد‬

‫‪9‬‬
‫قاسم القريوتي ‪ ،‬نظرية المنظمة ‪،‬عمان ‪ ،‬دار وائل للنشر ‪ ، 2008 ،‬ص ‪. 76‬‬
‫‪10‬‬
‫قاسم القريوتي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ص ‪. 77-76‬‬

‫‪9‬‬
‫ذلؾ قاـ بقيػاس اإلنتاجيػة ليكسؼ أنيا تضاعفت عدة مرات باستخداـ نصؼ وقت العمؿ‬

‫‪.‬و بذلؾ أكد عمى ضرورة اىتماـ اإلدارة باختيار العامميف المناسبيف لؤلعماؿ التي‬

‫يقوموف بيا‪ ،‬وعدـ االعتماد عمى معدالت اإلنتاج المتعارؼ عمييا والتي ال تقوـ عمى‬

‫أسس عممية ‪.‬‬

‫تجربة مبلءمة األدوات المستخدمة باإلنتاج ‪:‬‬ ‫‪.II‬‬

‫الحظ تيمر أيضاً أف األدوات المستخدمة مف قبؿ العماؿ في رفع الكتػؿ المعدنية‬

‫والخامات المختمفة في المصنع أدوات يجمبيا العماؿ أنفسيـ ‪ ،‬يستعممونيا لمختمؼ‬

‫األعماؿ سواء أكانت الخامات التي يرفعونيا ثقيمة أـ خفيفة‪ .‬ولذلؾ قرر أف يستبدؿ تمؾ‬

‫األدوات بأدوات تتناسب مع طبيعة المواد التي يتعامؿ معيا العماؿ مما أدى إلى حدوث‬

‫تغير ىائؿ في حجـ اإلنتاجية ‪ .‬وقد استخمص مف ذلؾ ضرورة أف تتحمؿ اإلدارة مسئولية‬

‫تحديد األدوات المستخدمة في اإلنتاج والقياـ بتدريب العماؿ عمى استعماليا‪.‬‬

‫تجربة تغذية اآلالت‪:‬‬ ‫‪.III‬‬

‫الحظ تيمرأف تعامؿ العامميف مػع اآلالت وادخػاؿ عناصػر اإلنتػاجيتـ بطرؽ عشوائية تختمؼ‬

‫مف عامػؿ آلخػر ممػا يستوجب تصميـ نظاـ موحد لمتعامؿ مع اآلالت وتدريب العماؿ عمى‬

‫العمؿ وفقػاً لذلؾ‪ ،‬وقد أدى ذلؾ إلى زيادة اإلنتاج بشكؿ ممحوظ ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫‪(Principles of‬‬ ‫وعمى ضوء ىذه التجارب قاـ تيمربنشر كتابو “مبػادىء اإلدارة العممية‬

‫)‪ ،Scientific Management‬ضمف فيو المباديء األساسيةالواجب عمى المديريف العمؿ‬

‫‪11‬‬
‫وفقاً ليا وىي‪:‬‬

‫‪ ‬ضرورة استبداؿ الطرؽ التقميدية في العمؿ والقائمة عمى التخميف لتحديد معدؿ اإلنتاجية‬

‫بطرؽ عممية تعتمد عمى الدراسة العممية لكؿ خطوات العمؿ‪.‬‬

‫ضرورة أف تتحمؿ اإلدارة مسئولية اختيار العامميف وتدريبيـ عمػى الطػرقالمناسبة ألداء‬ ‫‪‬‬

‫األعماؿ ‪.‬‬

‫‪ ‬ضرورة تعاوف اإلدارة والعامميف لتحقيؽ األىداؼ التنظيمية ‪.‬‬

‫‪ ‬ضرورة توزيع المسئولية عف العمؿ بيف اإلدارة والعامميف بحيث تقوـ اإلدارة بعممية‬

‫التخطيط واإلشراؼ‪ ،‬بينما يقوـ العماؿ بالتنفيذ‪.‬‬

‫وقد كانت ىذه المبادي‪ ،‬عمى ما يبدو فييا مف بساطة في الوقت الحاضر ثورة في حينيا‬

‫بالنسبة لوظيفة المدير أو المشرؼ ‪ ،‬حيث أصبح مف واجبو العمػؿ عمى اكتشاؼ الطريقة‬

‫المثمى ألداء كؿ خطوة مف خطوات العمؿ ‪ ،‬والعمػؿ عمػى اختيار العامميف بدقة وعمى أساس‬

‫الكفاءة ‪ ،‬ومف ثـ تحفيزىـ عمى أساس اإلنجازات التي يقدمونيا لمعمؿ ‪.12‬‬

‫لذلؾ توصؼ نظرية تايمر ((بنظرية اآللة )) ألنيػا أغفمت آدمية الفرد أو العامؿ اإلنساني‬

‫داخؿ التنظيـ‪ ،‬واعتبرت الفرد كاآللة مف منظور اقتصادي محض يقوـ عمى استغبلؿ أقصي‬

‫‪11‬‬
‫قاسم القريوتي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ص ‪. 78-77‬‬
‫‪12‬‬
‫قاسم القريوتي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 78‬‬

‫‪11‬‬
‫طاقة فيزيقية لديو في العمؿ‪ .‬ويتحقؽ االستغبلؿ األمثؿ ليذه الطاقة مف خبلؿ تصميـ اآللة‬

‫ليكوف بالكيفية التػي تحقػؽ ىػذا االستغبلؿ‪ .‬لذلؾ اىتـ تيمور وأتباعو بدراسة الوقت‬

‫والحركة‪ .‬و وضػع أفضؿ فنوف الحركة الفيزيقية لآللة ذاتيا لتحقيؽ االستغبلؿ األمثؿ لمطاقة‬

‫الفيزيقية مف الفرد (‪.13) ,Dubin1976: 18‬‬

‫‪ ‬كما أوردت ((اعتماد عالـ )) أف نظرية اإلدارة العممية عند تيمورتنيض عمى المبادئ‬

‫‪14‬‬
‫اآلتية‪:‬‬

‫‪ .1‬تجػريد الفرد في موقع العمؿ مف كؿ إحساس باالستقبللية ‪Autonomy‬أو المشاركة بالػرأي‬

‫في العممية اإلنتاجية‪ ،‬ويتحدد أداء الواجب التنظيمي لمفرد (العامػؿ) بثبلث ممارسات‬

‫تعتمد عمى ما تمقاه مف تدريبات مسبقة عمى أدائيا والممارسات الثبلث لدور العامؿ ىي‪:‬‬

‫(ا) المتابعة الفنية لسير العمميات اإلنتاجية بواسطة اآللة ومف خبلؿ الجداوؿ الخاصة‬

‫بذلؾ‪( .‬ب) التعرؼ عمى ما ترسمو اآللة مف إشارات أو عبلمات أثناء تشغيؿ المادة‬

‫الخاـ‪ ،‬والتصرؼ حياليا وفؽ ما تعممو العامؿ وتدرب عميو‪( .‬ج) القياـ بتغذية‬

‫‪Feedback‬اآللة قبؿ بدء مرحمة التشغيؿ األولي وعقب انتياء كؿ مرحمة أو عممية‬

‫تشغيؿ‪.‬‬

‫‪ .2‬االمتثاؿ الكامؿ مف جانب العماؿ ألوامر اإلدارة وتعميماتيا ‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫اعتماد عالم‪،‬اجالل اسماعيل حلمي‪ ،‬المرجع السابق ‪،‬ص‪. 33‬‬
‫‪14‬‬
‫اعتماد عالم‪،‬اجالل اسماعيل حلمي‪ ،‬المرجع السابق ‪،‬صص ‪34-33‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ .3‬ربط الحوافز والمكاسب المادية التي يجنييا العامؿ باإلنتاج‪ ،‬وحتىبل يترؾ الفرد العمؿ إذا‬

‫ما تييأت لو ظروؼ مادية أفضؿ‪ ،‬ولكي يضمف التنظيـ بقاءه واستم ارره‪ ،‬يمزـ أف يحد –‬

‫قدر االستطاعة – مف فرص إقامة عبلقات إنسانية في موقع العمػؿ مػع اإللتزاـ بفكرة‬

‫الحتمية التقنية ‪techeologicalDeterminism‬كضرورة لبقاء التنظيـ االجتماعي‪ ،‬لذلؾ‬

‫أوصت نظرية اإلدارة العممية بضرورة التحكـ في جوانب العبلقة االعتمادية بيف الواجب‬

‫التنظيمي والفرد المكمؼ بو مف خبلؿ مقترحات خاصة بترتيبات إدارية ونظـ مالية‬

‫لؤلجور والحوافز‪ ،‬وأف يكوف لمتنظيـ بفية فوقية تتصؼ بتدرج ىرمي لمسمطة تنيض عمى‬

‫تصميـ يحقؽ التنسيؽ بيف العناصر المسئولة عف أداء العمػؿ مػع الربط فيما بينيا‬

‫ومقاومة التباينات المتوقع حدوثيا بيف العناصر بعضيا البعض‪ ،‬ومقاومة قنوات الربط‬

‫االجتماعية التي قد يحدثيا األفراد فيما بينيـ‪. ) Davis and Taylor)1976: 388 ( ،‬‬

‫‪ Position‬داخؿ التنظيـ‬ ‫‪ .4‬قياـ التنظيـ عمى األعماؿ والمياـ الرسمية ويعتبر المركز‬

‫الوحدة األساسية لمتنظيـ‪.‬‬

‫‪ .5‬ضرورة أف يتكيؼ األفراد مع متطمبات التنظيـ‪ ،‬ويتـ االستغناء عف كؿ مف لـ يستطع‬

‫تمبية تمؾ المتطمبات‪.‬‬

‫‪ .6‬اختيار القيادات التنظيمية مف خبلؿ المنافسة القائمة عمى الجدارة واالستحقاؽ‪ ،‬واتجػاه‬

‫األوامر والتعميمات مف أعمى إلى أسفؿ لمعامؿ دوف أف ترجع عكسيا‪ .‬وتعتبػر التقارير‬

‫‪13‬‬
‫الخاصة بإنجاز العمؿ‪ ،‬الشكؿ األوحد لبلتصااللرأسي مف أسفؿ إلى أعمى ( ‪1960: 54‬‬

‫‪. )Pfiffner and Sherwood,‬‬

‫‪ .7‬التخصص وتقسيـ العمؿ مرتبطاف يرفع الكفاءة اإلنتاجية ‪.‬‬

‫ولكػي تجمؿ األسس السابقة تقوؿ إنيا تعتبر الفرد كاآللة حيث ارتبط بنظرية اإلدارة العممية‬

‫"‪" "Economic man‬وىو اصطبلح يغفؿ تماما البعد‬ ‫بمصطمح "الرجؿ االقتصادي‬

‫اإلنساني لمشخصية بينما يركز عمى البعد الفيزيقي بشكؿ كامؿ ‪.15‬‬

‫‪15‬‬
‫اعتماد عالم‪،‬اجالل اسماعيل حلمي‪ ،‬المرجع السابق ‪،‬ص‪. 34‬‬

‫‪14‬‬
‫اىَذبضرح اىثبىثخ‬
‫هْرٌ فبَىه‬
‫‪ّ ‬ظرَخ ٍجبدئ اإلدارح‬

‫يختمؼ ىنريفايولعف تايمورفي الخمفية العممية ‪ ،‬فيو لػـ يبدأ حياتو العممية عامبلً ‪ ،‬بؿ مدي اًر‬

‫في أحد الشركات في بمده فرنسا ‪ ،‬وقد تعمـ مف خبرتو أف ىناؾ مبادىء إدارية يجب‬

‫مراعاتيا لمحصوؿ عمى إنتاج أفضؿ ‪ .‬و رأى أف ىذه المباديء قابمة لمتطبيؽ في كافة‬

‫المجاالت وعمى كؿ المستويات ‪ .‬وجد فايوألربعة عشر مبدءااعتبر أف تطبيقيا أساساً ميماً‬

‫لزيادة اإلنتاج‪ ،‬وىذىالمباديء ىي ‪:‬‬

‫‪ .1‬تقسيـ العمؿ عمى أساس التخصص واعتبار ذلؾ آلية الزمة لزيادة اإلنتػاج و إتقانو ‪.‬‬

‫‪ .2‬توازف السمطات مع المسئوليات وعدـ اإلخبلؿ بيذا التوازف ‪.‬‬

‫‪ .3‬االنضباط وااللتزاـ مما يعني احتراـ الموظفيف لمقواعد والتعميمات‪.‬‬

‫‪ .4‬وحدة األوامر ويعني ذلؾ أف يكوف ىناؾ مدير واحد مسئوؿ عف توجيػيالنشاطات‬

‫التنظيمية التي تخدـ ىدفاً واحداً‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫‪ .5‬أولوية مصمحة العمؿ عمى المصالح الفردية ‪.‬‬

‫‪ .6‬ضرورة دفع أجور عادلة لمعامميف‪.‬‬

‫‪ .7‬إتباع درجة مناسبة مف المركزية والبلمركزية ‪.‬‬

‫‪ .8‬التسمسؿ الرئاسي بما يضمف ربط كؿ مستوى إداري بمستوى إداري أعمى‪.‬‬

‫‪ .9‬التمسؾ بالنظاـ كأساس لمعمؿ والتعامؿ مع الناس ‪.‬‬

‫‪ .10‬ضرورة االستقرار الوظيفي لمعامميف مف خبلؿ التخطيط لمقوى العاممة‪.‬‬

‫‪ .11‬تشجيع المبادرة الفردية‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ .12‬تشجيع روح الفريؽ‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫قاسم القريوتي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬صص ‪. 79-78‬‬

‫‪16‬‬
‫اىَذبضرح اىراثعخ‬
‫ٍبمص فُجر‬
‫‪ ‬اىَْىرج اىَثبىٍ ىيجُروقراطُخ‬

‫‪17‬‬
‫‪:‬‬ ‫البيروقراطية مف النشأة إلى النقد‬

‫يرجع شيوع البيروقراطية" إلى قرنيف أو أكثر مف الزمف‪ .‬إذ تشير الوثائؽ التاريخية إلى‬

‫أنيا استخدمت عاـ ‪ 1764‬مف قبؿ الفيمسوؼ الفرنسي الباروف دي جريػـ ليصػؼ بيا‬

‫النظاـ الحكومي الفرنسي‪ ،‬وقد أدخمت في قاموس األكاديمية الفرنسية لتعني القوة والنفوذ‬

‫الذي يتمتع بو قادة ورؤساء الحكومات والييئات التنفيذية في الدولة ‪ .‬ومنو انتقمت إلى‬

‫القواميس والموسوعات األخرى ‪ .‬أمػا ظيورىا الفعمي التطبيقي فقديـ جدا ألنيا تقترف‬

‫بالنظـ الحاكمة في الحضارات القديمة كما سبؽ وأوضحنا في الفصؿ السابؽ ‪ .‬إف التتبع‬

‫الفكري لما كتػػب عػف مضموف البيروقراطية المتمثؿ بقػوة الدولة ونظاميا ‪ ،‬يمكف البدء بػو‬

‫مػف أفبلطػوف الػذي اعتبر العدالة اليدؼ لمحياة الفاضمة‪ ،‬ومف واجب الدولة أف تثبت‬

‫أركاف العدالة‪ .‬ويتـ ذلؾ حيف يمارس كػؿ شخص وظيفتو التي تناسب قدراتو ومواىبو‬

‫‪17‬‬
‫عامر الكبيسي ‪ ،‬التنظيم االداري الحكومي بين التقليد و المعاصرة ‪ :‬الفكر التنظيمي ‪،‬سوريا ‪ ،‬دار الرضا للنشر ‪ ،2004 ،‬ص ص ‪. 83-78‬‬

‫‪17‬‬
‫‪.‬فاقترح الطبقات المينية الثبلث التي تحتاجيا الدولة وىي حسب ىرمو التنظيمي ‪:‬‬

‫الصناع و المحاربوف والحكاـ ليكونوا عماد مدينتو الفاضمة‪.‬‬

‫ومع أف العديد مف الفبلسفة وعمماء السياسة وعمماء االجتماع ىـ الذيف ساىموا في بمورة‬

‫الفكر التنظيمي والسياسي لمدولة إال أف الذيف كتبوا عف البيروقراطية ووقفوا عندىا ىـ‬

‫ماركس وموسكاوروبرت مشيمز‪ .‬وقد جاءت نظرية ماكس فيبر تتويجا لمجيود الفكرية‬

‫التي تناولت البيروقراطية بالدراسة والتحميؿ ‪ .‬وقد يتعذر ىنا الخوض في تفاصيؿ المسيرة‬

‫الفكرية لمبيروقراطية‪ ،‬وما نشر عنيا أو نقؿ عف فبلسفة الفكر السياسي واالجتماعي غير‬

‫أننا سنكتفي باإلشارة إلى أىـ ىؤالء ونقتبس بعضاً مف مقوالتيـ أو نوجزىا لتكوف خمفية‬

‫نصؿ منيا إلى الفكر البيروقراطيالمعاصر‪.‬‬

‫واذا ما تجاوزنا إسيامات الفبلسفة اليونانييف الكبار الذيف سبقت اإلشارة لبعضيـ في‬

‫‪ )1831 - 1770‬يأتي في مقدمة‬ ‫الفصؿ األوؿ‪ ،‬فإف الفيمسوؼ األلماني ىيجػؿ (‬

‫الفبلسفة المنظريف لمبيروقراطية ولػو أنػو لػـ يقؼ عندىا إال في إطار تناولو لمدولة ‪ .‬ففي‬

‫كتابو فمسفة الحؽ عد ىيجؿ الموظفيف واألعواف الذيف يساعدوف الممؾ في أداء ميامو‬

‫بأنيـ أداة عقبلنية وضرورية الستمرار واستقرار الحكـ‪ ،‬واف توجياتيـ وميوليـ تعكس‬

‫عقائدية الطبقة الحاكمة التي تخدميا‪ ،‬وكذلؾ فإف البيروقراطيػة تعػد كالجسر الذي يربط‬

‫القاعدة بالقمة‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫أما كارؿ ماركس ( ‪ )1883 - 1818‬فقػد قػبؿ فػي صػبػاه آراء ىيجػؿ القائمػة بػأف‬

‫البيروقراط يخدموف عامة الناس ‪ ،‬ويمثموف المصمحة العامة لكنو انقمب فيما بعد عمى‬

‫موقفو وأوصمتو تحميبلتو لمقوؿ بأف مصمحة الحكاـ ومصالحيـ تصبح بديمة أو متقدمة‬

‫عمى مصمحة الدولة والمجتمع‪ .‬وأف مواقعيـ السمطوية ستجعميـ قادريف عمى استغبلؿ‬

‫نفوذىـ و تثبيت امتيازاتيـ ‪ ،‬وبالتالي تدفعيـ إلى معاداة التغيير أو الثورة عمى النظاـ‬

‫والسمطة ‪ ،‬وىـ بذلؾ يخدموف أنفسيـ والسمطة الحاكمة ويعيقوف الديمقراطية"‪.‬‬

‫فالبيروقراطية عند مارکس شأنيا شأف أي طبقة تاريخية تمر بالضرورة بمرحمتيف‪ :‬مرحمة‬

‫يبرز فييا طابعيا الثوري الدافع لقوى اإلنتاج ‪ ،‬ومرحمة يتأكد فييا طابعيا المحافظ‬

‫الرجعي حيف يصبح وجودىا عقبة أماـ تطور القوى المنتجة ‪ ،‬ويتـ ذلؾ حيف تستجمع‬

‫البيروقراطية مف المكاسب والمغانـ أكثر مما تحتاجو أو تستطيع احتواءه فتصبح منتفعة‬

‫ومستغمة لغيرىا ‪.‬‬

‫‪ ‬معنى البيروقراطية وتعريفيا ‪:‬‬

‫عرؼ موسكا البيروقراطية عاـ ‪ 1859‬في كتابو "عمـ السياسة بأنيا نظاـ معقد يضػـ‬

‫عدداً مف الموظفيف الحكومييف‪ ،‬وكاف موسكا قد فرؽ بيف نوعيف مف الحكومات ‪:‬‬

‫اإلقطاعيةوالبيروقراطية ‪ .‬فالدولة البيروقراطية ىي التي تتميز بالتخصص وبالمركزية ‪.‬‬

‫وعرفيا ميشيمز عاـ ‪ 1911‬في كتابو "األحزاب السياسية" بأنيا التنظيـ"األوليجاركي"‬

‫الذي يضـ أقمية تحكـ وأغمبية تخضع لؤلقمية‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫أما فيبر فمـ يعرؼ البيروقراطية بكممات‪ ،‬وانما تكمـ عف المعالـ التي تميز المنظمة‬

‫البيروقراطية ‪ .‬ومنيا يتضح أنو يطمقيا عمى المنظمة الواسعة والكبيرة التي تعتمد إدارتيا‬

‫عمى السمطة القانونية ذات الطابع العقمي الرشيد في إصدار األوامر‪ ،‬و عدىا النموذج‬

‫المثالي لمتنظيـ‪.‬‬

‫وتوالت التعريفات المعطاة لمبيروقراطية فاألكاديميوف والعمماء المختصوف ظموا يتعامموف‬

‫معيا عمى أنيا أحد نماذج التنظيـ التي تيدؼ إلى تحقيؽ االستقرار والكفاءة اإلدارية‬

‫والدقة والسرعة في اإلنجاز ‪ ،‬لكنيـ بدأوا يتعرضوف لقصورىا ولئلنحرافات التي قد تنجـ‬

‫عنيا ‪ .‬أما المواطنوف العاديوف فقد بدؤوا يتعامموف معيا وكأنيا ظاىرة سمبية أو نمط‬

‫تنظيمي يؤكد حكـ الموظفيف واستعبلءىـ‪ .‬وقد تأثر بعض عمماء السياسة واالجتماع بيذه‬

‫النظرة السمبية لمبيروقراطية‪ ،‬ومف ىؤالء (ىػارولد السكي) الذي عرفيا في دائرة المعارؼ‬

‫لمعموـ االجتماعية بأنيا "النظاـ الحكومي الذي يشرؼ عمى إدارتو عدد مف الموظفيف‬

‫ممف ليـ قدر مف القوة تمكنيـ مف التحكـ في حريات المواطنيف المدنييف " ‪.‬‬

‫وىذه التعريفات العممية والعامية ال تمغي التعريؼ المغوي لمكممة التي تعني بالمغة البلتينية‬

‫اإلدارة مف وراء المكتب ‪ ،‬وال تطمس التعريؼ المحايد الذي تستخدـ فيو حاليا مف قبؿ‬

‫أغمب المؤلفيف والكتاب حيف يطمقونيا عمى النظاـ اإلداري الحكومي‪ ،‬وىـ موظفو الدولة‬

‫سواء أكانوا متطوريف أو متخمفيف‪ ،‬فالمفظة بذلؾ تعني النظاـ اإلداري لمدولةوال تعكس أي‬

‫صفة إيجابية أو سمبية‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ ‬ماكس فيبر والنموذج المثالي (‪: ) 1920- 1864‬‬

‫فيبر ىو شخصية ألمانية درس القانوف وتعمؽ في الفمسفة واالقتصاد وعمـ االجتماع‪،‬‬

‫ونشر كتابو األوؿ عف الرأسمالية والبروتستانتية ‪ ،‬واشتير بكتابو الثاني نظرية التنظيـ‬

‫االجتماعي واالقتصادي الذي نشر بعد موتو ‪ .‬بعد فيبرصػاحب النظرية البيروقراطية‬

‫التقميدية بعد أف أطمقيا عمى كؿ تنظيـ إداري لو خصائص محددة سواء أكانت منظمة أو‬

‫دولة ‪ .‬وكاف قصده مف بناء النظرية أف يجعؿ منيا أداة إلجراء الدراسات المقارنة حوؿ‬

‫التنظيمات اإلدارية التاريخية‪ ،‬و أف يشخص المنظمات الرسمية التي تبلئـ المجتمعات‬

‫الحديثة ‪.‬‬

‫اعتمد فيبر مصطمح القوة أو السمطة أساسا لنظريتو ‪ .‬و القوةعنده تعني قدرة شخص‬

‫معيف في فرض إرادتو عمى اآلخريف ‪ .‬وقد فرؽ بيف ثبلثة أنواع مف السمطة ‪:‬‬

‫‪ .1‬السمطة الكارزمية وتقدـ الوالء المطمؽ لشخصية بطولية خارقة تجعؿ الرعية تستمـ‬

‫وتمتثؿ لسمطانو ‪.‬فالتنظيـ ىنا يتسـ بعدـ االستقرار ويدار مف قبؿ قمة مف األفراد‬

‫المقربيف لو والذيف يقوموف بدور الوسطاء مع الجميور ‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫‪ .2‬السمطة التقميدية وتستمد شرعيتيا مف األعراؼ والعادات والتقاليد والتراث واحتراـ‬

‫الماضي‪ ،‬والتنظيـ ىػنا إما أف يكوف وراثيا (ممكي أو مشيخي) او إقطاعي‪ ،‬وفي‬

‫الحالتيف تكوف اإلدارة تحكمية ولكف في نطاؽ الموروث ‪.‬‬

‫‪ .3‬السمطة القانونية وتقوـ عمى أساس عقبلني وتصاغ في شكؿ قواعػد ومعايير‬

‫موضوعية ورسمية‪ ،‬ويعتمد الحاكـ في إدارتو ىنا عمى السمطة المفوضة لو بالقانوف‬

‫والتي تمزـ األتباع بطاعتيا بحكـ القانوف وليس بحكـ الصفات الشخصية أو االحتراـ‬

‫الموروث‪ .‬وقد أطمؽ عمى التنظيـ اإلداري المطبػؽ ليذا النوع مف السمطة " التنظيـ‬

‫البيروقراطي " ‪.‬‬

‫وقد وقؼ عند ىذا النوع مف المجتمعات والتنظيمات المطبقة لمبيروقراطية وىي غالبا‬

‫المجتمعات الغربية التي عايشيا وشيدىا‪ ،‬فحدد خصائصيا سواء أكانت عمى صعيد‬

‫الدولة أو في المجاالت التخصصية التعميمية واالقتصادية واإلدارية فيي تظير حيف‬

‫يظير اقتصاد النقػود ويزوؿ نظاـ اإلقطاع ‪ ،‬ويكبر حجـ المجتمعات وتنمو الرأسمالية ‪،‬‬

‫وتتعقد الحياة‪ ،‬وتفصؿ الممكية عف اإلدارة ويعتمد عمى الموائح والتشريعات الرسمية‬

‫لتنميط العبلقات والتصرفات‪ ،‬وأطمؽ عمى ىذا النوع مف التنظيـ " النموذج المثالي " الذي‬

‫يطمح إلى تحوؿ المجتمعات نحوه ‪.‬‬

‫ويرى فيبر أف حركة التاريخ تسير نحو العقبلنية والرشد ‪ ،‬وأف الصراع بيف الكارزماتية‬

‫والشرعية ىو صراع بيف اإللياـ والروتيف‪ .‬فاإللياـ قوة ثورية تظير في المجتمع تمقائيا‬

‫‪22‬‬
‫تبمغ النظـ االجتماعية القائمة أعمى مراحؿ الجمود فتطرح نظرة مبتكرة لمحياة ‪ .‬ولكػف‬

‫سرعاف ما تتحوؿ الكازرما إلى روتيف حيف ينتيي عيد القائد المميـ ‪ ،‬فيضطر خمفاؤه إلى‬

‫تأكيد النظاـ وااللتزاـ بالقواعد العقمية‪ ،‬وعندىػا يظير التنظيـ البير وقراطي بديبلً لؤلسموب‬

‫التمقائي في األداء‪ .‬وقػد يػنفػرد البيروقراطي ‪ ،‬حيف يحقػؽ مكانة سياسية في المجتمع‬

‫بالسمطة ‪ ،‬ويحرر نفسػو مػف القػيػود فيحػوؿ التنظيـ البيروقراطي لخدمتو‪ .‬فيظير الصراع‬

‫مرة أخرى بينو وبيف البيروقراط المتضمعيف بالمعرفة الفنية المتخصصة‪ ،‬فيفقد‬

‫الذينتنقصيـ الخبرة الفنية القدرة عمى السيطرة الكاممة عمى التنظيـ ‪ .‬وقػد تنبػو فيبر‬

‫لبعض النتائج السمبية التي ستصاحب التحوؿ نحو البيروقراطية ‪ ،‬ولذلؾ فإنو لـ يؤكد‬

‫حتميتو ألف الحياة غنية بما يشجع عمييا وبما يحوؿ دونيا‪ .‬ولكنػو قػاؿ إف التنظيـ‬

‫البيروقراطي يستطيع أف يقوـ بوظائفو الحقيقية لصالح أولئؾ الذيف يعرفوف كيؼ يراقبونو‬

‫بطريقة فاعمة‪.‬‬

‫‪ ‬ونوجز ىنا أىـ خصائص النموذج المثالي البيروقراطي عند ماكس فيبر ‪:‬‬

‫‪ .1‬توزيع أعماؿ التنظيـ وتقسيميا في شكؿ واجبات رسمية مع ضماف التخصص‬

‫والخبرةالفنية لمموظفيف ‪.‬‬

‫‪ .2‬توضع الوظائؼ عمى سمـ ىرمي متدرج بجعؿ كؿ موظؼ مسؤوالً عف مساعدييوعف‬

‫ق ارراتو ‪ ،‬وتتحدد سمطة الرؤساء وفؽ قواعد واضحة ‪.‬‬

‫‪ .3‬توثيؽ القواعد واإلجراءات الضابطة لؤلفعاؿ ولمق اررات ولبلتصاالت تحريرياً ورسميا‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫‪ .4‬يعتمد في التعييف عمى الميارات الفنية والتعميـ الرسمي وتستبعد االرتباطات‬

‫السياسيةواألسرية وتعتمد األقدمية أساساً لمترقي عند تساوي األداء والكفاءة ‪.‬‬

‫‪ .5‬فصػؿ اإلدارة عف الممكية فالعامموف في المنظمة ال يمتمكوف وسائؿ العمؿ أو اإلنتاج ‪،‬‬

‫ولكنيـ يتقاضوف المرتبات النقدية مقابؿ عمميـ ‪ .‬كما أف األفراد ال يمتمكوف المناصب‬

‫أو المكاتب ‪ ،‬فتولي الوظائؼ ال يكوف بالوراثة وال باالنتخاب‬

‫‪ ‬تمخيصا ‪:‬‬

‫يتوقؼ تكامؿ البيروقراطية ومستوى أدائيا عمى توافر ىذه الشروط ودرجات تحققيا ‪ ،‬وعمى‬

‫‪ ...‬مف‬ ‫اعتماد المعرفة كأساس لممارسة العمؿ واعتماد الشرعية في ممارسة الصبلحية‬

‫الطبيعي أف ييتـ الغربيوف والرأسماليوف بالنظرية البيروقراطية لماكس فيبر وأف يترجموا كتبو‬

‫مف األلمانية ويكرسوا جيدىـ لمتبشير بيا والتشجيع عمى نقدىا‪ ،‬فقد أرادوا مف خبلليا صرؼ‬

‫النظر عف مفيوـ ماركس الذي تكمـ عف الصراع الطبقي و وزواؿ البيروقراطية وبناء الطبقة‬

‫الواحدة التي تممؾ كؿ شيء‪ ،‬وعندىا تحؿ الدولة نفسيا لتتولى الطبقة العاممة التي تضـ‬

‫الجميع محميا‪.‬‬

‫كما أف نظرية فيبر خففت مف آراء ((مشيمز)) الناقدة لمديمقراطية مف خبلؿ دراستو لمحزب‬

‫االشتراكي األلماني الذي يدعي اإللتزاـ بالديمقراطية ‪ ،‬فوجد أف ديمقراطيتو قد تمثمت في حكـ‬

‫‪24‬‬
‫األقمية واغتراب بقية أعضاء التنظيـ عما‬
‫اىَذبضرح اىخبٍطخ‬
‫ّقذ اىرؤَخاىنالضُنُخ فٍ اإلدارح‬ ‫يدور فيو فأسماىا ((األوليجاركية))‪.‬‬
‫وٍب رررت عْه ٍِ رذىه فنرٌ‬
‫واألوليجاركيةىي النظاـ الذي تستغؿ فيو‬

‫الصفوة أو النخبة القميمة األكثرية مف‬

‫عامة الناس‪ ،‬واعتبرىا حتمية النسجاميا‬

‫مع الطبائع البشرية ‪ .‬وكاف مشيمز يدعـ‬

‫نظريػة مػاركػس الػذي رأى بأف المصالح‬

‫االقتصادية ىي المحدد الرئيسي لمسموؾ‬

‫اإلنساني في المجتمع الرأسمالي‪ .‬لكنو دعا إلى نشر التعميـ وتثقيؼ الجماىير لممارسة النقد‬

‫عمى القادة ومراقبتيـ ليحدوا مف االتجاه نحواألوليجاركية ‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫‪18‬‬
‫‪ ‬نقد الرؤية الكالسيكية في اإلدارة‪:‬‬

‫قدـ رواد المدرسة الكبلسيكية في اإلدارة مقترحات عديدة ىدفيا تحقيؽ المستوي األمػثؿ مف‬

‫اإلنتاجية والكفاءة التنظيمية‪ .‬وتتمثؿ القضايا محور االىتماـ الرئيسي في النظػرية اإلدارية‬

‫في‪ :‬التخصص وتقسيـ العمؿ‪ ،‬والتدرج اليرمي لمسمطة السظيمية‪ ،‬وتفويض السمطة‪ ،‬ونطاؽ‬

‫الضيط‪ ،‬وترتيب الوحدات الفرعية التي يتألؼ منيا التنظيـ ‪ ..‬وثػواجو النظرية الكبلسيكية في‬

‫اإلدارة انتقادات في جوانب كثيرة مف أىميا )‪: (Hall, 1977:42,43‬‬

‫‪ .1‬تجاىػؿ عوامؿ خارجية مؤثرة عند الحديث عف الكفاية واإلنتاجية مثؿ العمالة التنظيمية‬

‫ومدى توافرىا في البيئة الخارجية‪ ،‬والقيود المفروضة مف قبؿ تشريعات العمؿ واتفاقيات‬

‫النقابات العمالية‪.‬‬

‫‪ .2‬تتأثر التخصصية داخؿ أي تنظيـ بالثقافة العامة لمبيئة المحيطة بو‪ ،‬وىذا ما لـ تتعرض‬

‫لو النظرية اإلدارية ‪.‬‬

‫‪ .3‬تجاىػؿ دوافػع األفراد ومشاعرىـ في كؿ مستويات العمالة التنظيمية‪ ،‬عمى اقتػراض أف‬

‫العماؿ يمثموف امتدادا لمماكينات التي يعمموف عمييا وأنيـ مجرد أدوات ينفذوف العمؿ‬

‫المطموب منيـ وفؽ تعميمات مفصمة وواضحة مف قبؿ المستويات اإلشرافية ‪.‬‬

‫‪ .4‬وجػود نمط رسػمي متدرج مف السمطة يبدأ مف أعمى مستوى إداري عبر مستويات إشرافية‬

‫متتالية وفي ىذا تجاىؿ لمقيادات غير الرسمية‪.‬‬


‫‪18‬‬
‫اعتماد عالم‪،‬اجالل اسماعيل حلمي‪ ،‬المرجع السابق ‪،‬ص‪.36‬‬

‫‪26‬‬
‫‪ .5‬تنيض النظرية الكبلسيكية لئلدارة عمى رؤية التنظيـ باعتبارىا نسقا مغمقا‪ ،‬ومف ثـ فإف‬

‫اإلطار التصوري ليا يشوبو الكثير مف نقاط الضعؼ التي تتصؼ بيا مداخؿ النسؽ‬

‫المغمؽ‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ ‬أىـ تحوالت النظرية التنظيمية ‪ ،‬مف الكالسيكية إلى الحديثة ‪:‬‬

‫تميزت النظريات التقميدية (الكبلسيكية) لممنظمة توكيدىا عمى الجوانب الرسمية في العبلقات‬

‫التنظيمية السائدة في المنظمة مثؿ التخصص‪ ،‬وتقسيـ العمؿ‪ ،‬والرشد (أو العقبلنية)‪،‬‬

‫والييكؿ التنظيمي‪ ،‬والسمطة‪ ،‬ونطاؽ االشراؼ‪ ،‬وغيرىا مف االفتراضات الفكرية التي أولتػيػا‬

‫اىتماماً كبي اًر‪ ،‬وحاولت جاىدة تفسير سعي المنظمة نحو تحقيؽ أىدافيا‪...‬‬

‫أما المدرسة االنسػانيػة (الػسمػوكػيػة)‪ ،‬التي أعقبتيا في الظيور‪ ،‬مف الناحية التػاريخيػة‪ ،‬فػقػد‬

‫حاولت تدارؾ ىذا التفريط في العبلقات اإلنسانية مف خبلؿ االىتماـ بالجوانب غير الرسمية‬

‫وأولت عناية خاصة لمعنصر البشري‪ .‬فقد أكدت عمى ضرورة تكييؼ البنية التنظيػمػيػة بمػا‬

‫ينسجـ ومتطمبات الفرد‪ ،‬وعمى الحوافر المعنوية‪ ،‬ودور جماعات العمؿ في المنظمة في اطار‬

‫اإلنفتاح عمى المؤثرات البيئية ‪.‬‬

‫وباستمرار تطور الفكر اإلنساني في مجاالت نظرية المنظمة‪ ،‬وظيرت بوادر جديدة مف‬

‫خبلؿ دراسات وبحوث جديدة ‪...‬مثؿ نظرية ((ىربرت سايموف)) التي ترى أف التنظيـ يقوـ‬

‫عمى أساس اتخاذ الق اررات في سعيو لتحقيؽ األىداؼ كما أشار إلى أىمية عممية اتخاذ‬

‫الق اررات والمؤشرات التي تتفاعؿ معيا وسبؿ تحقيؽ المنظمة لؤلىداؼ(مبينا محدودية‬
‫‪19‬‬
‫خليل محمد حسن الشماع و خظير كاظم محمود ‪،‬نظرية المنظمة ‪ ،‬دار المسيرة ‪ ،‬عمان ‪ ،2005 ،‬ص ص ‪. 82-81‬‬

‫‪27‬‬
‫العقبلنية )‪ ...‬وأكد ((شستر برناد)) ىو االخر عمى ضرورة وضع أسس جديدة تتناسب مع‬

‫اعػتػبػار المنظمة نظاماً اجتماعياً ىادفاً يقوـ عمى النشاط التعاوني بيف األفراد وأعتبر عنصر‬

‫الرغبة األساس في تحقيؽ األىداؼ ‪ .‬وقد شارؾ ىؤالء الباحثيف في صياغػة (( األثر‬

‫البيئي))وأبػرزوا أىمية النظاـ المفتوح وامكانات اسػتػخػدامػو في تفسير سموؾ المنظمات‬

‫الساعية لتحقيؽ أىدافيا في ظؿ المعطيات البيئة ومتغيراتيا المختمفة‪ ،‬وفي اطار منظور‬

‫يستوعب التفاعؿ المتبادؿ بيف المنظمة والبيئة‪ ،‬كما أف االتجاىات الكمية التي اكػدتيا مدرسة‬

‫إتخاذ الق اررات‪ ،‬ومحاولة اعتماد النموذج الرياضي و اإلحصائي في إدارة المنظمة ‪ ،‬و توجيو‬

‫االنتباه إلى ضرورة إدراؾ دور األثر البيئي ومتغيرات المناخ التنظيمي ‪ ...‬و تبعتيا‬

‫توجيات فكرية حديثة في نظرية المنظمة‪ ،‬ال بد مف اإلشارة إلييا كالمدخؿ النظمي (مدرسة‬

‫النظـ) ‪ ،‬والمدخؿ الموقفي (أو الشرطي)‪ ،‬والمدخؿ المتكامؿ‪ ،‬ومدخؿ التغير والتطوير‬

‫التنظيمي‪ ،‬اضافة إلى نظرية (‪ )Z‬اليابانية‪...... ،‬‬

‫‪28‬‬
‫اىَيف اىثبٍّ ‪:‬‬
‫فٍ أعقبة اىَرديخ اىنالضُنُخ‬
‫‪ ‬فُأرثعُُْبربىقرُ اىعشرَِ‬
‫‪ ‬عيَبء ٍِ اىجْبئُخ اىىظُفُخَْزقذوُ‬
‫اىَْىرج اىَثبىٍ ىيجُروقراطُخ‬

‫‪29‬‬
‫‪....‬انطبلقاً مف االفتراضات السابقة طػورت المدرسة الكبلسيكية أفكارىػا ومفاىيميا ‪ ....‬كما‬

‫ظير امتدادا ليا عمماء مف البنائية الوظيفية ناقديف أو معدليف ‪ ،‬لكف متأخريف زمنيا عف‬

‫ىذه المرحمة ‪:‬‬

‫‪ .1‬تالكوتبارسونز ‪ :‬التنظيـ نسؽ إجتماعي‬

‫‪ .2‬شستر برنارد ‪ :‬التنظيـ نسؽ تعاوني‬

‫‪ .3‬أميتايإيتزيوني ‪ :‬نمط السمطة تحدده األىداؼ التنظيمية‬

‫‪ .4‬روبرت ميرتوف ‪ :‬النتائج البلوظيفية (السمبية) لمبيروقراطية‬

‫‪ .5‬فيميب سمزنؾ ‪ :‬تداعيات تفويض السمطة‬

‫‪ .6‬ألفف جولدنر ‪ :‬قواعد البيروقراطية النيابية‬

‫‪ .7‬بيتر ببلو ‪ :‬ديناميكية البيروقراطية في المجتمع الحديث‬

‫‪30‬‬
‫انًحاضرة انطادضت‬
‫تانكىتبارضىَس‬
‫‪ ‬تحهيم انتُظيى عهى أضاش‬
‫أَه َطق إجتًاعي نه‬
‫يتطهباث وظيفيت‬

‫عموما لقد ظيرت تحميالت بارسونز‬

‫التنظيمية في إطار تحميمي و بنائي وظيفي ربط فييا أفكاره النظرية بمبلحظاتو الواقعية‪،‬‬

‫مستخدما مفاىيما وتصورات ىامة و مميزة تربط التنظيـ بالفرد والبيئة الخارجية ‪...‬‬

‫يشير "بارسونز" في كتابو "النسؽ االجتماعي ‪"Social System‬لعػدد مف النقاط المرجعية‬

‫اليامة والعناصر البنائية لمنسؽ االجتماعي و إف كنػا نجػد مماثمة واضحة بيف استخداـ‬

‫مفيوـ النسؽ والتنظيـ لديو ‪ .‬فيوضح أف النسؽ االجتماعي يتكوف مف عدة نقاط ىامة تكوف‬

‫بمثابة عناصر بنائية ىي‪:‬‬

‫‪ .1‬تنبنياألنساؽ االجتماعية أساساً عمى الفعؿ ونبلحظ أف كؿ فعؿ بمثابة بناء في النسؽ‬

‫االجتماعي وجزء مف عممية التفاعؿ الداخمية ‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ .2‬يتكوف البناء النسقي مف عبلقات معقدة‪ ،‬ويظير ذلؾ في إطار ما يعرؼ بأنساؽ المكانة‬

‫و الدور حيث يتحدد وضع كؿ فرد حسب دوره و مكانتو التي يشغميا تنظيمياً ‪.‬‬

‫‪ .3‬يعتبر الفاعؿ (الفرد) جزءاً ىاماً مف البناء النسقي التنظيمي‪.‬‬

‫و يحمؿ بارسونز عدة متطمبات وظيفية داخؿ النسؽ في صورة متطمبات اثناف منيا ييتماف‬

‫بالعناصر الخارجية لمنسؽ االجتماعي (المواءمة وتحقيؽ اليدؼ) واألخػراف ( التكامؿ و‬

‫الكموف) و يتركزاف حػوؿ استقرار أو توازف النسؽ الداخمي‪ ،‬واف كاف ذلؾ يتحدد في إطار‬

‫‪20‬‬
‫‪.‬‬ ‫النسؽ القيمي وتكامؿ األفراد مع األنساؽ الثقافية المعيارية‬

‫‪20‬‬
‫‪Parsons, T.The Social System, London: Routledge Kegan Paul Ltd 1970, p. 24-36‬‬
‫في عبد هللا عبد الرحمن ‪،‬علم اجتماع التنظيم ‪،‬دار المعرفة ‪ ،‬مصر‪ ،2003 ،‬ص ص ‪348-347‬‬

‫‪32‬‬
‫اىَذبضرحاىطبثعخ‬
‫شطزر ثرّبرد‬
‫‪ ‬اىَْظَخ ّظبً اجزَبعٍ رعبوٍّ‬
‫‪ ‬رذقُق اىزىازُ اىزْظٍَُ شرط‬
‫ىيجقبء‬
‫‪ ‬أهَُخاالرصبه‬
‫‪ ‬أهَُخاىزْظٌُ غُر اىرضٍَ‬

‫شستر برنارد | األنظمة اإلجتماعية التعاونيةالالرسمية ‪:‬‬

‫يعود الفضؿ برناردفي التأكيد عمى ضرورة النظر لمتنظيـ عمى أنو كياف تعاوني ال يعتمد فقط‬

‫عمى السمطة الرسمية الممنوحة لمرئيس فػي إصدار األوامر و ال عمى التيديد بتوقيع‬

‫العقوبات وغير ذلؾ مف الحوافز السمبية ‪ .‬فقد أكد برنارد عمى أف السمطة الحقيقية لممدير ال‬

‫تعتمد فقط عمى حقو فػي إصػدار األوامر ‪ ،‬بؿ عمى رغبة المرؤوسيف في قبوؿ قيادتو‬

‫والتعاوف معو ‪ ،‬ومف ىنا جاء التأكيد عمى أىمية التنظيـ غير الرسمي بػشكؿ يفػوؽ أىمية‬

‫التنظيـ الرسمي ‪ ،‬وعمى أف يكوف دور المدير دور القائػد لمفريػؽ الػذي يحرص جاىداً عمى‬

‫تسييؿ عممية االتصاالت ‪ ،‬وتحفيز المرؤوسيف بمختمػؼ الطرؽ وخاصة استعماؿ الحوافز‬

‫المعنوية ليبذلوا أقصى طاقاتيـ‪ .‬وقد ركز برناردعمى فكرة التوازف التنظيمي وضرورة أف تدرؾ‬

‫‪33‬‬
‫اإلدارة أف العامػؿ ال يمكنو أف يعطيمممنظمة إال إذا اعتقد أنو يتمقػى حػوافز عادلػةلقاء ما‬

‫يقدمو ليػا ‪ .‬و أف أي إخبلؿ بيذا التوازف سيعني تدني رغبة العامؿ في بذؿ طاقتو القصوى‬

‫في العمػؿ‪ .‬وقد اعتمد برناردفي أفكاره ىذه عمى خبرتػو كمػدير فػي شػركة نيوجرسي بؿ‬

‫وشركة )‪ (AT & T‬لبلتصاالت ‪ ،‬وقدـ خبلصة تمؾ الخبرة في كتابو الموسوـ وظائؼ المدير‬

‫‪21‬‬
‫‪.‬‬

‫ولذا فإف الحقيقة التي أبرزتيا نظرية النظاـ التعاوني‪ ،‬أثناء توكيدىا عمى أىمية التنظيـ غير‬

‫الرسمي‪ ،‬ىي أف التنظيـ الرسمي مف شأنو أف يسيـ في بناء عبلقات غير رسمية ت فبع مف‬

‫داخؿ األطر التركيبية لمعبلقات الرسمية السائدة في المنظمة‪ ،‬أي أنو ال بد أف تراعي‬

‫اإلدارات المسؤولة أىمية استثمار األبعاد التي يحققيا التنظيـ غير الرسمي التي يمكف‬

‫ايجازىا بما يأتي (السممي ‪:22 )179 - 1975‬‬

‫تنمية وتدعيـ االتصاالت بيف أعضاء المنظمة وأجزائيا ‪.‬‬ ‫‪.1‬‬

‫تحقيؽ التماسؾ والترابط بيف أجزاء التنظيـ الرسمي ‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫تحقيؽ الشعور بالتكامؿ الشخصي واحتراـ الذات وحرية االختيار بالنسبة‬ ‫‪.3‬‬

‫ألعضاء التنظيـ الرسمي‪.‬‬

‫تناولت نظرية برنارد القوى البشرية بأىمية استثنائية في معرض التوكيد عمى أسس التعاوف‬

‫اليادؼ في المنظمات المختمفة‪ .‬ويمعب عنص ار االتصاؿ والتفاعؿ بيف األفراد دو اًر كبي اًر في‬

‫‪21‬‬
‫محمد قاسم القريوتي ‪ ،‬نظرية المنظمة و التنظيم ‪،‬عمان ‪،‬دار وائل للنشر ‪ ، 2008 ،‬ص ‪. 85‬‬
‫‪22‬‬
‫خليل محمد حسن الشماع و خضير كاضم محمود‪ ،‬نظرية المنظمة ‪،‬عمان ‪ ،‬دار المسيرة ‪ ، 2000 ،‬ص‪. 91‬‬

‫‪34‬‬
‫مجاؿ تحقيؽ أىداؼ المنظمة كما أف التعاوف بيف األفراد ال يمكف أف يحقؽ أىداؼ المنظمة‬

‫بكفاءة عالية إال إذا اقترف بمجموعة مف المغريات أو الحوافز التي تشجع اإلبداع واإلبتكار‬

‫لدى أعضاء المنظمة‪ ،‬وأكد برنارد عمى حقيقة أساسية مفادىا ضرورة خمؽ جػوانب التوازف‬

‫بيف الحوافر المعطاة لؤلفراد وامكانية إسياميـ الفعاؿ في المنظمة وقػد قسـ برنارد المغريات‬

‫التي تقدميا المنظمة لؤلفراد كما يمي ‪:‬‬

‫اؿحػوافػر المادية كػالنػقػود وغيرىا مف الحوافز العينيػ ػػة ذات القيـ المغرية‬ ‫أ‪.‬‬

‫في تشجيع إسيامات األفراد في تحقيؽ أىداؼ المنظمة‬

‫الحوافز المعنوية كفرص التػقػدـ والترقية‪ ،‬والوصوؿ لممراكز العميا في‬ ‫ب‪.‬‬

‫المنظمة وتقدير الجيود‪ ،‬والوالء لممنظمة ‪.‬‬

‫ظروؼ العمؿ المادية التي تتبلئـ مع رغبات وطموحات األفراد‪.‬‬ ‫ت‪.‬‬

‫حػوافز اإلرتباط الجماعي وشعور اإلنتماء إلى جماعة العمؿ‪.‬‬ ‫ث‪.‬‬

‫حػوافػز المشاركة في اتخاذ الق اررات واإلسياـ فيو ‪.‬‬ ‫ج‪.‬‬

‫وال تحقؽ ىذه الحػوافػز أثرىا اإليجابي إال إذا اقترنت بعػوامػؿ التناسؽ والتكامؿ بيف‬

‫اإلسيامات والمردودات المتحققة منيا‪ .‬وغػالبػاً مػا تمجأ اإلدارة إلى ترويج مثؿ ىذه المغريات‬

‫وتوكيد أىميتيا ‪.23‬‬

‫‪23‬‬
‫خليل محمد حسن الشماع و خضير كاضم محمود ‪،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 92‬‬

‫‪35‬‬
‫اىَذبضرحاىثبٍْخ‬
‫أٍُزبَبَزسَىٍّ‬
‫‪ٍ ‬خبىفخ فُجر فٍ رَُْظ‬
‫اىطيطخ و االٍزثبه‬
‫‪ًَ ‬ط االيتثال يتبع ًَط‬
‫انطهطت و ًَط انطهطت‬
‫تىجهه األهذاف انتُظيًيت‬

‫أميتاي ايتزيوني | تنميط التنظيمات عمى أساس عالقات االمتثاؿ و أنماط السمطة ‪:24‬‬

‫وفي ىذا الصدد فجد أف ايتزيوني ‪ A. Etzion‬قد وضع نموذجا لتنميط التنظيمات عمى‬

‫أساس عبلقات االمتثاؿ ‪ Compliance‬أي عمى أساس الطريقة التي يتصرؼ بيا أعضاء‬

‫المستوى التنظيمي األدنى في مواجية السمطة داخؿ التنظيـ (نمط االمتثاؿ يتبع نمط السمطة‬

‫و نمط السمطة توجيو األىداؼ التنظيمية )‪ .‬ويرى إيتزيوني أف ىناؾ ثبلثة أنماط مف السمطة‬

‫يقابميا ثبلثة أنماط مف االمتثاؿ ‪ .‬فيناؾ نمط السمطة القيرية الذي يستخدـ العقاب البدني‬

‫ويقابمو نمط االمتثاؿ اإلغترابي‪ ،‬وىناؾ نمط السمطة الذي يستخدـ المكافآت ويقابمو نمط‬

‫االمتثاؿ الحسابي أو النفعي‪ ،‬وأخي ار ىناؾ نمط السمطة الذي يستخدـ اإلقناع و المكافآت‬

‫‪24‬‬
‫طلعت ابراهيم ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ص ‪. 28-27‬‬

‫‪36‬‬
‫الرمزية ويقابمو نمط االمتثاؿ األخبلقي ‪ .‬وىذه األشكاؿ الثبلثة مف عبلقات االمتثاؿ ىي‬

‫األشكاؿ الشائعة التي يتكرر حدوثيا مف الناحية العممية بالنسبة لغيرىا مف عبلقات االمتثاؿ ‪.‬‬

‫وفي ضوء ما سبؽ‪ ،‬قاـ إيتزيوني‪ ،‬بتصنيؼ التنظيمات حسب عبلقات االمتثاؿ إلى ثبلثة‬

‫أنماط عمى النحو التالي‪:‬‬

‫‪ .1‬التنظيمات القيرية أو الممزمة ‪Coerciveorganizations:‬وىي تمؾ التنظيمات التي‬


‫تفرض العضوية فييا عمى األفراد بالقوة‪ ،‬ومف أمثمة ىذه التنظيمات السجوف‬
‫والمستشفيات العقمية‪.‬‬

‫‪ .2‬التنظيمات النفعية ‪Utilitarianorganizations:‬وىي تمؾ التنظيمات التي يتـ إنشاؤىا‬


‫مف أجؿ تحقيؽ أىداؼ وفوائد عممية‪ ،‬ومف أمثمتيا التنظيمات الصناعية و التجارية‪،‬‬
‫والجامعات‪.‬‬

‫‪ .3‬التنظيمات االختيارية ‪Voluntaryorganizations :‬وىي تمؾ التنظيمات التي يمتحؽ‬


‫بيا األفراد باختيارىـ ويتركونيا بإرادتيـ الحرة‪ ،‬ومف أمثمة ىذه التنظيمات‪ ،‬النوادي‪،‬‬
‫ودور العبادة‪.‬‬

‫و نبلحظ أف التنظيمات النفعية تقع في مركز متوسط بيف التنظيمات القيرية والتنظيمات‬

‫االختيارية‪ ،‬وذلؾ نظ ار ألف العضوية في ىذه التنظيمات ال تعتبر إجبارية تماما‪ ،‬كما أنيا ال‬

‫تعتبر اختيارية تماما‪ .‬إف ىذه األنماط الثبلثة مف التنظيمات ال توجد دائما مستقمة عف‬

‫بعضيا البعض‪ . .‬و قد يجمع تنظيـ معيف بيف أكثر مف نمط مف ىذه األنماط التنظيمية‬

‫السالفة الذكر ‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫اىَذبضرح اهادضعح‬
‫روثرد ٍُررىُ‬
‫‪ّ ‬قذ اىَْىرج اىَثبىٍ‬
‫ىيجُروقراطُخ‬
‫‪ ‬اىْزبئجبىالوظُفُخ(اىطيجُخ‬
‫) ىيجُروقراطُخ‬

‫كشؼ ميرتوف عف بعض جوانب البيروقراطية‬

‫التي لـ يحسب ليا فيػبر حسػابا كاليرمية‬

‫والرسمية والرشد والتخصص التي افترض أنيا تحقؽ الكفاءة العالية والدقة في األداء‪ ...‬لكف‬

‫ميرتوف يرى خبلؼ ىذا فيي قد تكوف بنفس الوقت معوقة لممرونة ولمفاعمية ‪ ،‬وىذا يعني أف‬

‫‪Dysfuctional‬أي‬ ‫لكؿ نظاـ اجتماعي أو إداري نتائج وظيفية إيجابية وأخرى ال وظيفية‬

‫سمبية‪.25‬‬

‫يعتبر روبرت ميرتوف مف عمماء البنائية الوظيفية‪ .‬بيد أنو لـ ينتيج نيجيـ في استخداـ‬

‫المماثمة العضوية في الدراسة التحميمية لمتنظيـ‪ .‬بؿ قدـ تصو ار نظريا ميما‪ ،‬تمثؿ في تطوير‬

‫نظرية متوسطة المدى‪ ،‬وتقوـ النظرية عمى ثبلثة مفاىيـ وامتدادىا – في تحميؿ التنظيـ‬

‫ىي‪ )1(:‬الوظائؼ الكامنةمقابؿ الوظائؼ الظاىرة‪ )2 ( ،‬المعوقات الوظيفيةمقابؿ الوظائؼ‪،‬‬

‫‪25‬‬
‫عامر الكبيسي ‪،‬التنظيم اإلداري و الحكومي ‪ :‬الفكر التنظيمي ‪،‬دار الرضا للنشر ‪ ،‬سورية ‪ ، 2004 ،‬ص‪. 83‬‬

‫‪38‬‬
‫(‪)3‬البدائؿ الوظيفيةمقابؿ الفرضية التقميدية التي تزعـ أف أي مجتمع ال يستطيع أداء وظائفو‬

‫بشكؿ أفضؿ مما ىو قائـ إال في ظؿ أنماط جديدة مف العبلقات ‪.26‬‬

‫حاوؿ ميرتوف أف يربط بيف الفعؿ واالستجابة األفراد التنظيـ في ظؿ ظروؼ متغيرة‪،‬‬

‫واستخمص مف ذلؾ الفكرة الرئيسية األولى لنموذج المعوقات الوظيفية‪ ،‬وباختصار تنيض‬

‫الفكرة األساسية لمنموذج عمى أف أعضاء التنظيـ يستجيبوف بطريقة ثابتة في المواقؼ‬

‫المماثمة دوف مراعاة لمتغير بيف موقؼ وأخر ‪ ،‬ونتيجةليػذا الجمػود وعدـ المرونة في عبلقة‬

‫الفعؿ واالستجابة‪ ،‬تنشأ نتائج غير رشيدة ‪ .‬وعمىمستوى التنظيـ‪ ،‬أوضح ميرتوف أف األفعاؿ‬

‫الناجحة في الماضي عمى أساس مػف التدريب والميارة‪ ،‬يمكف أف تسفر عف استحابات غير‬

‫مبلئمة في ظؿ ظروؼ متغيرة (جديدة) ‪.27‬‬

‫إضػافة لمجمػود وعدـ المرونة في عبلقة الفعؿ واالستجابة لمسموؾ التنظيمي الرشيد‪ ،‬انتقد‬

‫ميرتوف قصور مناقشات فيبر بشأف الترشيد والكفاءة التعميمية في الحد الذي يمكف أف يبمغو‬

‫التنظيـ في تحقيقيا‪ .‬وىذا أمر غير مقبوؿ‪.‬إذ أف واقع التنظيـ يقتضي وجود حدود لكؿ مف‬

‫الكفاية‪ ،‬والخبرة‪ ،‬والدقة‪ ،‬والصدؽ‪ ،‬وكما ينسحب ىػذا القوؿ عمى التنظيـ ككؿ‪ ،‬فإنو ينسحب‬

‫عمى األفراد‪ ،‬فعندما يمارس التنظيـ أنماطا مف الضغط عمى أفراده فإنو يحدث عف قصد‬

‫لضماف التزاميـ بقواعد محػددة مػف السموؾ مع ضماف والئيـ لمتنظيـ وتحقيؽ أعمى درجة مف‬

‫الرشادة والنظاـ ( ‪ . ) ,Dunkerly. 1972 27 : 28‬مف ىنا تبرز أىمية الضبط وحاجة‬

‫‪26‬‬
‫اعتماد عالم و إجالل حلمي ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪. 63‬‬
‫‪27‬‬
‫اعتماد عالم و إجالل حلمي ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪. 64‬‬

‫‪39‬‬
‫اإلدارة الماسة إليو حتى تضمف ثبات السموؾ التنظيمي مع إمكانية التنبؤ بو‪ ،‬وبناء عمى ذلؾ‬

‫فإف تحقيؽ المطمبيف يستمزـ استمرار الرقابة والمتابعة في تنفيذ القواعد الرسمية واإلجراءات‬

‫المقننة نظاميا‪ ،‬التي سوؼ تفضي إلى النتائج التالية كما رتبيا ميرتوف ‪:28‬‬

‫أ‪ .‬إنحسار العبلقات غير الرسمية‪ ،‬ألف التنظيـ البيروقراطي يمثؿ مجموعة مف العبلقات‬

‫القائمة بيف الوظائؼ أو األدوار‪ ،‬وتكوف االستجابة بيف األفراد أساس األوضاع الرسمية‬

‫التي يشغمونيا داخؿ التنظيـ‪ ،‬ويحدث الصراع داخؿ التنظيـ ضمف إطار محدد تماما ‪.‬‬

‫ب‪ .‬ازدياداستدماجأعضاء التنظيـ لقواعد وتعميمات التنظيـ التػي تقنف كوسػائؿ لتحقيؽ أىدافو‬

‫ومف ثـ فإف ذلؾ يجعؿ ليا قيمة إيجابية مستقمة عف أىداؼ التنظيـ ذاتو‪ ،‬ويقصد‬

‫باالستدماج ىنا أنو في ظؿ استم اررية التأكيد عمى اإللتزاـ بالنظاـ والشعور القوي بو‪ ،‬قد‬

‫يحدث تحوؿ في مشاعر األفػراد نحو التنظيـ إلى اإلىتماـ بتفصيبلت ما يقوموف بو مف‬

‫عمؿ وفؽ ما تحدده القواعد الرسمية‪ ،‬ومف ثـ تتحوؿ القواعد مف مجرد وسائؿ إلى غاية‬

‫في ذاتيػا‪ ،‬ويحدث استبداؿ األىداؼ‪ .‬الذي يترتب عميو ‪ -‬في ظؿ التأكيد عمى اإلمتثاؿ‬

‫واإلتباع الكمي لمقواعد أف يتوحد (يتماىى) الفرد معيا مما يجعمو قاد ار عمى الدفاع عف‬

‫نفسو مف خبلؿ استدماجو الجيد لمقواعد وتطويعيا بما يخدـ تحقيؽ أغراضو الخاصة‬

‫(‪) ,Dunkerle1971: 28‬‬

‫مف خبلؿ ذلؾ التحميؿ الواعي يرىميرتوف أف البنية التنظيمية تحمؿ في داخميػا مثيرات الخمؿ‬

‫الوظيفي ‪ .‬كما تؤدي إلى انخفاض الكفاءة التنظيمية‪ ،‬ويبدو ىذا االستخبلص لمبرتونمف‬
‫‪28‬‬
‫اعتماد عالم و إجالل حلمي ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬صص ‪. 64‬‬

‫‪40‬‬
‫خبلؿ تحميمو الوظيفي لبعض الخصائص البيروقراطية عند ماكس فيبر‪ ،‬عمى النحو‬

‫التالي‪:29‬‬

‫‪ .1‬تقسيـ العمؿ‪ :‬قد يؤدي تقسيـ العمؿ إلى أف يصبح الفرد غير قادر عمى معرفة ماىػو‬

‫اليدؼ الفعمػي األمثؿ لمتنظيـ‪ ،‬األمر الذي يفضي بالفرد إلى اإلحساس باإلغتراب ليس‬

‫فقط عما يقوـ بو مف عمؿ بؿ عف التنظيـ ككؿ‪.‬‬

‫‪ .2‬تدرج السمطة‪ :‬تستخدـ ىذه الخاصية داخؿ البيروقراطية لتؤكد عمى تحكـ المكتب األعمى‬

‫في المكتب األدنى وتوجييو مف قبؿ المستويات األعمى‪ ،‬كما توضح التنسيؽ بيف‬

‫األنشطة داخؿ التنظيـ إلنجاز أىدافو‪ .‬وتتمثؿ مظاىرىا في تركز المعرفة الفنية والخبرة‬

‫المتخصصة عند قمة التنظيـ (اإلدارة العميا) ويعػد ىػذا األمر مقبوال إذا تواجد التنظيـ في‬

‫ظروؼ بيئية مستقرة‪.‬أما إذا كانت الظروؼ غير مستقرة فقد ال تتحقؽ الكفاءة التنظيمية‬

‫في حالة تركز الخبرة المتخصصة عند قمة التنظيـ‪ .‬في ىذه الحالة قد يحدث خمؿ‬

‫وظيفي مف خبلؿ إصرار مف ىـ في قمة التنظيـ عمى وجوب اإلمتثاؿ ألوامرىـ مف‬

‫جانب المرؤوسيف‪.‬‬

‫‪ .3‬القواعد المجردة‪ :‬مف فرضيات نمط فيير المثالي البيروقراطية‪ ،‬أف القواعد تتواجد لتغطي‬

‫جميع المواقؼ الممكنة التي قد تظير فيما بعد‪ ،‬وأف لكؿ موقؼ أساليبو المفروضة‬

‫نظاميا ‪.‬بحيث تقمؿ مف فرص اتخاذ األفراد لق اررات عبر رشيدة‪ .‬إال أنو قد تظير مواقؼ‬

‫يطوع فييا الفرد القواعد وفقا لما تتيحو لو حرية التصرؼ في تمؾ المواقؼ‪ ،‬فقد يستخدـ‬

‫‪29‬‬
‫اعتماد عالم و إجالل حلمي ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪. 65‬‬

‫‪41‬‬
‫الفرد تمؾ القواعد كمظمة واقية لو يدافع بيا عف موقفو‪ ،‬أو قد يمتزـ بيا حرفيا إذا اقتضت‬

‫الضرورة ذلؾ‪ ،‬في ىذه الحالة‪ ،‬يكوف الفرد أماـ ثبلث بدائؿ في مواجية الموقؼ‪.‬البديؿ‬

‫األوؿ‪ :‬أف يستخدـ الفرد مف القواعد ما قد يناسب الموقؼ‪ ،‬والبديؿ الثاني‪ :‬أف يحيؿ الفرد‬

‫المشكمة إلى رئيسو المباشر‪ .‬أما البديؿ األخير‪ :‬فيو أف يبادر الفرد باتحاد القرار ‪-‬‬

‫المناسب مف وجو نظره ‪ -‬لمواجية الموقؼ‪ ،‬وال يخمو التصرؼ األخيػر ‪ -‬مف وجية نظر‬

‫ميرتوف ‪ -‬مف حدوث معوقات وظيفية و انخفاض الكفاية التنظيمية ( ‪29(Dunherley,‬‬

‫‪.1972 28 and‬‬

‫و ىنا تظير مشكمة التوازف بيف النتائج اإليجابية والسمبية لمخصائص البيروقراطية ويضرب‬

‫ميرتوف األمثمة عمى ذلؾ ومنيا قولو ‪(( :‬حيف يتقدـ مواطف بالشكوى عمى الموظؼ‬

‫البيروقراطي متظمماً مف سموكو نجد أف الوظؼ يتمسؾ بالمزيد مف اإلجراءات الرسمية لعرقمة‬

‫الشكوى والتستر عمى سموكو السيئ )) ‪.‬ولذلؾ يرى أف الغرض الوظيفي لمتنظيـ البيروقراطي‬

‫ىو تنميط السموؾ الوظيفي لمعامميف وتسييؿ التنبؤ بتصرفاتيـ ‪ .‬أما النتائج البل وظيفية فيي‬

‫عػدـ المرونة واعاقة المبادأة ‪ .‬فتنميط الييكؿ أو إجراءات الترقيات حسب األقدمية قد‬

‫يتسبب في نتائج وآثار نفسية لػدى األفراد‪ ،‬وىذا يستمزـ مراعاة البعد السايكولوجي والصفات‬

‫الشخصية لؤلفراد وتأثيرىا عمى تصرفاتيـ غير الرشيدة ‪ .‬وبذلؾ يوضح ميرتوف أف البناء‬

‫البيروقراطي يمزـ الموظؼ باالنضباط وااللتزاـ بنمطياتسموكية تتطمبيا أىداؼ المنظمة‪ ،‬لكف‬

‫اآلليات الرقابية البيروقراطية يتعذر عمييا ضبط كؿ أنماط السموؾ البيروقراطي ‪ ،‬وخاصة‬

‫‪42‬‬
‫عند تعارضيا مع أىداؼ األفراد أنفسيـ مما يؤدي إلى التنازع والتناقض بيف القواعد الرسمية‬

‫واألنماط السموكية الفعمية ‪ ،‬وىذا يؤدي بدوره إلى وضع قواعد رسمية جديدة مف قبؿ المنظمة‬

‫لتنميط السموؾ وضبط الحاالت المتمردة في القواعد السابقة ‪ .‬فتؤدي ىذه إلى تقييد‬

‫التصرفات والحريات أو إلى المزيد مف التمرد ‪ .‬وىكذا يصور لنا ميرتوف عجز التنظيـ‬

‫البيروقراطي عف استيعاب العديد مف المتغيرات واآلليات االجتماعية والنفسية الفاعمة في‬

‫‪30‬‬
‫حياة المنظمات واألفراد ‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫عامر الكبيسي ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 84‬‬

‫‪43‬‬
‫اىَذبضرحاىعبشرح‬
‫فُيُتضوزُّل‬
‫‪ ‬رفىَض اىطيطخ‬
‫‪ ‬اىضغىط اىفردَخ واىجُئُخعيً‬
‫اىَْظَخ اىجُروقراطُخ‬

‫يتفؽ سمزنيكمع ميرتوف حوؿ النتائج غير‬

‫المتوقعة لمبيروقراطية‪ ،‬ويضيؼ إف التنظيمات الرسمية ‪،‬عمى غرار ما توضحو نظرية فيبر ‪،‬‬

‫ال يمكنيا وقؼ السموؾ البلعقبلني لؤلفراد كردة فعؿ تجاه الضغوط التي تمارسيا البيئة‬

‫الخارجية عمى المنظمة ‪ ،‬وكذلؾ فإف البيروقراطية تغفبللحاجات واألىداؼ الفردية والفرعية‬

‫المتعارضة مع أىداؼ التنظيـ‪ .‬فالمنظمات عموما ىي أنساؽ إقتصادية تحتاج إلى توظيؼ‬

‫الموارد بكفاءة وفاعمية‪ .‬وىي في نفس الوقت أنساؽ إجتماعية تعاونية‪ ،‬فالييكؿ الرسمي الذي‬

‫يحكـ المتغيرات االقتصادية ال يستطيع مراقبة وضبط المتغيرات االجتماعية بما فييا قيـ‬

‫األفراد واتجاىاتيـ وحاجاتيـ الشخصية ‪.31‬و يريسمزنيؾ أف البيروقراطية تواجو دائما الحاجة‬

‫ويض السمطة )‪ ، (deligation of authority‬لؤلنساؽ الفرعية داخؿ التنظيـ‪ ،‬نظ ار‬


‫إلى تؼ‬

‫لتعقد مياـ اإلدارة‪ ،‬وتعدد مسئوليتيا‪ .‬غير أف ذلؾ التفويض يؤدي إلى تمييع األىداؼ العامة‬

‫لمتنظيـ‪ ،‬ألف وحداتو الفرعية سوؼ نتجو أكثر فأكثر نحو تحقيؽ أىدافيا الخاصة‪ ،‬واعتبارىا‬

‫‪31‬‬
‫عامر الكبيسي ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 84‬‬

‫‪44‬‬
‫غايات في حد ذاتيا‪ .‬ويتطمب ذلؾ بالضرورة استعادة مركزية الضبط واإلدارة‪ ،‬ثـ تبدأ الدائرة‬

‫‪32‬‬
‫مف جديد‪.‬‬

‫وقد اعتمد «سمزنيؾ‪ ،‬في تطوير نظريتو وأفكاره النظرية السالفة الذكر‪ ،‬عمى دراسة امبيريقية‬

‫‪))Tennessee ValleyAuthority‬وىي إحدى‬ ‫أجراىا عمى منظمة ((التنس فالی))‪(( ،‬‬

‫المنظمات األمريكية‪ ،‬التي تيدؼ إلى رفع مستوى المعيشة في بعض المناطؽ القروية‪ ،‬وذلؾ‬

‫مف خبلؿ تقديـ عدد مف الخدمات مثؿ‪ :‬تنظيـ الري‪ ،‬وتدعيـ القوة الكيربائية‪ ،‬وتوزيع‬

‫المخصبات‪ ،‬وتطوير الممارسات الزراعية عف طريؽ اإلرشاد الزراعي‪ .‬غير أف الصفوة‬

‫المتعممة مف الفبلحيف في تمؾ المناطؽ‪ ،‬قد مارست مجموعة مف الضغوط عمى سياسة‬

‫التنظيـ‪ ،‬مما أدى في نياية األمر إلى تعديؿ األىداؼ األساسية لممنظمة‪ ،‬لكي تتوافؽ مع‬

‫ظروؼ تمؾ المجتمعات‪ ،‬مما يشير إلى أف بناء المجتمع المحمى يمكف أف يمارس ضغوطا‬

‫مف شأنيا أف تعدؿ مف أىداؼ التنظيـ ‪ .‬وقد قاـ سمزنيؾ بدراسة ىذه المنظمة بوصفيا‬

‫تنظيما ديموقراطيا يعبر عف مكاسب تحققت خبلؿ ىذه الفترة بإدخاؿ مشروعات إصبلحية‬

‫عديدة‪ ،‬وحينما اىتـ سمزنيؾ بدراسة مشكمة الديموقراطية داخؿ التنظيـ‪ ،‬وجد نفسو قريبا مف‬

‫دراسة ((ميتشيمز))‪ ،‬ألنو أوضح تطور األوليجاركية البيروقراطية ونموىا وكشؼ عف تسترىا‬

‫وراء قناع زائؼ مف الديموقراطية‪ ،‬وقد بدأ سمزنيؾ بافتراض التسميـ بوجود ضغوط‬

‫بيروقراطية‪ ،‬ثـ بدأ بعد ذلؾ في البحث عف الطريقة التي مف خبلليا يمارس الناس ضبطا‬

‫‪32‬‬
‫‪P Selznick, "Foundation of the Theory of Organization American Socialogical Review, vol. (1) 31, 1948, P 30‬‬
‫في طلعت إبراهيم‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪. 159‬‬

‫‪45‬‬
‫ومراقبة ذاتية ‪.33‬ىذا وقد اىتـ سمزنيؾ ببحث الجانب التنظيمي لممعوقات الوظيفية‪ ،‬فأوضح‬

‫النتائج المترتبة عمى تراكـ ىذه المعوقات‪ ،‬وكشؼ عف وجود ميكانيزميف استخدمتيما منظمة‬

‫«التنس فالي»‪ ،‬فمقد لجأت المنظمة إلى استقطاب البارزيف مف األعضاء في المجتمع‬

‫المحمي وأشركتيـ في إدارة التنظيـ‪ ،‬بحيث جعمت مسئولية اتحاذ القرار مسئولية مشتركة بيف‬

‫أعضاء التنظيـ ورجاؿ المجتمع المحمي‪ ،‬وبذلؾ تفادت المنظمة اليجوـ الذي قد يشنو رجاؿ‬

‫المجتمع المحمي عمى سياسة المنظمة ونشاطاتيا‪ .‬ثـ لجأت المنظمة بعد ذلؾ إلى نشر‬

‫أيديولوجية خاصة بيا‪ ،‬بحيث تضمف تحقيؽ القدر األدنى الضروري مف اإلمتثاؿ لقواعد‬

‫‪34‬‬
‫التنظيـ والوالء لسياستو‪.‬‬

‫ويرى «سمزنيؾ‪ ،‬أف ىناؾ حاجات مختمفة لؤلنساؽ‪ ،‬مف بينيا‪ ،‬الحاجة إلى مشاركة أعضاء‬

‫التنظيـ ومعاونتيـ ‪ .‬ثـ حاوؿ دراسة مدى إشباع التنظيـ ليذه الحاجات‪ ،‬فكشؼ أف وحدات‬

‫التنظيـ الفرعية تقاوـ وتعارض كؿ األمور التي ال تخداـ أغراضيا الخاصة‪ ،‬كما حاوؿ‬

‫«سمزنيؾ» تفسير السموؾ التنظيمي في ضوء دافعية األفراد‪ ،‬أو بارجاع ىذه الدافعية إلى‬

‫حاجات األفراد‪ ،‬ويؤكد «سمرنيؾ»‪ ،‬أنو يجب أف نحمؿ السموؾ التنظيمي في ضوء استجابة‬

‫التنظيـ لحاجات األفراد وتمبيتو ليا ‪ .‬وقد أوضح «سمزنيؾ‪ ،‬أف التنظيـ قد يمجأ إلى رسـ‬

‫استراتيجيات ناجحة مؤقتة مثؿ المجوء إلى إشراؾ الجماعات التي تشكؿ تيديدا لمتنظيـ في‬

‫إدارتو‪ ،‬ولكنو كشؼ عف أف ىذه االستراتيجية قد تخمؽ بطبيعتيا مشكبلت أخرى تتعمؽ‬

‫‪33‬‬
‫طلعت إبراهيم‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬صص ‪. 160-159‬‬
‫‪34‬‬
‫طلعت إبراهيم‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪. 161-160‬‬

‫‪46‬‬
‫بالجانب الشرعي لمتنظيـ ‪.35‬ويوضح سيمزنيؾ مف خبلؿ دراستو الميدانية لييئة وادي تنس‬

‫‪TVA‬أف انحرافات األفراد عف قواعد السموؾ الرسمي غالبا ما تنتشر بيف أفراد الجماعات‬

‫غير الرسمية داخؿ التنظيـ فنصبح ليا قوة القواعد الرسمية ‪ ،‬أي أف البلرسمية تصبح وكأنيا‬

‫مؤسسية‪ ،institutionalized‬وقد تكوف ليا نتائج سمبية أو إيحابية لممنظمة ولؤلفراد‪ .‬ويقترح‬

‫سمزنيؾ عدداً مف المستمزمات ‪Imperatives‬أو الضرورات الستمرار التنظيمات الرسمية‬

‫وبنفس الوقت لمتخمص مف الستاتيكية والجمود فييا ‪:‬‬

‫‪ .1‬ضماف األمف لممنظمة مف خبلؿ تنسيؽ عبلقتيا بالبيئة الخارجية المحيطة بيا ‪.‬‬

‫‪ .2‬إستقرار خطوط اإلتصاؿ والتفويض لمعبلقات ‪.‬‬

‫‪ .3‬اإلعتراؼ بالعبلقات غير الرسمية داخؿ المنظمة بيف األفراد والجماعات ‪ .‬واحتياجاتيا‬
‫والعمؿ عمى توفيرىا ‪.‬‬

‫‪ .4‬النظر لممنظمة عمى أنيا نسؽ تعاوني وبناء اجتماعي توافقي يضمف المصالحة بيف‬
‫أىداؼ األفراد والجماعات واألىداؼ الرسمية والبيئة ‪.‬‬

‫ولكي تحقػؽ المنظمات وأفرادىػا األىػداؼ والغايػات البػد مػف مراعاة الوسائؿ ‪.‬وبذلؾ ينتيي‬

‫إلى اتياـ البيروقراطية رغـ ما فييا مف إيجابيات بأنيا تغفػؿ عػدداً مف المتغيرات وتعجز عف‬

‫تحقيؽ الديناميكية وحؿ الصراع الديمكتيكي بيف المصالح والقػوى العاممة في المنظمة أو‬

‫‪36‬‬
‫المتفاعمة معيا‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫السيد الحسيني‪ ،‬النظرية اإلجتماعية و دراسة التنظيم ‪،‬القاهرة ‪ ،‬دار المعارف ‪ ، 1985 ،‬ص‪94-92‬‬
‫‪36‬‬
‫طلعت إبراهيم‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪. 159‬‬

‫‪47‬‬
‫اىَذبضرح اىذبدَخ عشرح‬
‫أىفِ جىىذّر‬
‫‪ ‬قىاعذ اىجُروقراطُخ‬
‫اىُْبثُخ‬

‫حاوؿ (ألفف جولدنر) )‪ (A. Gouldner‬اختبار بعض متضمنات نظرية «فيبر» واقعيا‬

‫خاصة مقولة«فيبر» (بأف فاعمية السمطة القانونية تتوقؼ عمى طريقة وضع القواعد القانونية‬

‫باإلتفاؽ أو باإلجبار أو بكمييما‪ ،‬عمى أساس أف ىذه القواعد تتفؽ مع القيـ الرشيدة ‪.....)37‬‬

‫وقد أورد جولدنرنتائج ىذا اإلختبار في كتابو «أنماط البيروقراطية في الصناعة» حيث‬

‫ذىبإلى أف «فيبر» قد خمط بيف نمطيف مف أنماط السمطة القانونية ووضعيما كما لو كانا‬

‫نمطا واحدا‪ .‬النمط األوؿ ىو الذي يمكف أف يطمؽ عميو البيروقراطية النيابيةوفيو توضع‬

‫القواعد القانونية باإلتفاؽ بيف الرئيس والمرءوس‪ ،‬وبذلؾ يعكس ىذا النمط رضا اإلدارة‬

‫والعماؿ (يخفض التوتر و يحد مف الصراع)‪ ،‬ويرتكز عمى أسس ديموقراطية(و يعتبر شرعيا‬

‫‪37‬‬
‫‪-Weber, Max, The Theory of Social and Economic Organization, Trans,Henderson, A. & Parsons, T. (ed.) N. Y.‬‬
‫‪Oxfrd University Press, 1947, p. 329.‬‬
‫في طلعت إبراهيم‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪. 152‬‬

‫‪48‬‬
‫مف قبؿ الطرفيف )‪ .‬وأما النمط الثاني‪ ،‬فيو ما يمكف أف يطمؽ عميو البيروقراطية العقابية أو‬

‫الجزائية‪،‬وفيو تعرض القواعد عمى األفراد ‪ .38‬أي أف السمطة تقوـ بفرض ىذا النمط مف‬

‫البيروقراطية‪ ،‬ومف ثـ يستمد شرعيتو مف جانب واحد فقط ىو اإلدارة ‪.39‬‬

‫و يتضح مما سبؽ‪ ،‬أف جولدنر قد كشؼ عف أف ىناؾ بعض الخمط فيما تضمنتو نظرية‬

‫فيبر‪ ،‬إذ إنو لـ يميز بيف القواعد القانونية التي تفرضيا السمطة‪ ،‬وبيف تمؾ القواعد التي يتـ‬

‫اإلتفاؽ عمييا بيف الرئيس والمرؤوس ‪ ،‬وذلؾ عمى الرغـ مف أف طريقة وضع ىذه القواعد‬

‫تؤثر في فاعمية السمطة القانونية‪ ،‬أو في فاعمية ((السمطة البيروقراطية))كما يسمييا جولدنر‪.‬‬

‫‪40‬‬

‫قاـ جولدنر بدراسة ميدانية لمؤسسة تنقسـ إلى وحدتيف إحداىما منجـ لمجبس واألخرى مصنع‬

‫األلواح الجدارية التي تعتمد عمى الجبس‪ .‬فوجد اختبلفات كبيرة في درجة التبقرط في كؿ مف‬

‫المنجـ والمصنع‪ .‬فالتدرج أو التسمسؿ في السمطة كاف (في المنجـ )أقؿ تطورا‪ ،‬وتقسيـ‬

‫العمؿ ومجاالت الكفاءة كانت أقؿ وضوحا‪ ،‬فقد كاف القميؿ مف التركيز عمى القواعد‬

‫واإلجراءات الرسمية وأقؿ االشخصانية في كؿ مف العبلقات بيف العماؿ وبيف المشرفيف‪.‬ففي‬

‫الحاالت التي يطمب فييا عماؿ المناجـ المساعدة ناد ار ما ما يتبعوف القنوات المعيودة‬

‫لمحصوؿ عمى األوامر لتوجيو اآلخريف لمساعدتيـ ‪ .‬ببساطة‪ ،‬يطمب عماؿ المنجـ المساعدة‬

‫مف زمبلئيـ‪ ،‬ألف الواجبات الرسمية غير محددة بدقة ووضوح‪ .‬فالمناوبة يتـ اإلتفاؽ بينيـ‬

‫‪38‬‬
‫‪A.wGouldner, patterns of Industrial Barraucracy, Glencoe III, The Fee Pres 1954.P 24.‬‬
‫‪39‬‬
‫طلعت إبراهيم‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪. 152‬‬
‫‪40‬‬
‫‪ibid, P. 20‬‬
‫في طلعت إبراهيم‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪. 152‬‬

‫‪49‬‬
‫حوليا‪ ،‬ويقوموف بإصبلح الماكنات رغـ أنيا جزء مف عمؿ الميندسيف‪.‬كما أف مدة و توقيت‬

‫تناوؿ الطعاـ غير محددة بدقة‪ .‬فقد قبؿ المشرفوف (مف العماؿ) العمؿ بالتعاوف والتناغـ مع‬

‫التنظيـ الرسمي‪ ،‬فتكونت بينيـ عبلقات ودية ولـ يعطوا أىمية لمكانة اإلشراؼ الرسمية ‪.41‬‬

‫وقد لخص أحد عماؿ المناجـ القدماء الوضعية كما يمي ‪":‬عندنا ىنا ال توجد أوامر‪ ،‬فنحف‬

‫أسياد أنفسنا"‪ .‬فقد أعزى جولدنراإلختبلؼ في درجة التبقرط بيف عماؿ المنجـ والمصنع إلى‬

‫أف ظروؼ العمؿ في المنجـ كاف فييا التنبؤ أقؿ‪ :‬فعماؿ المنجـ لـ تكف لدييـ المعمومات‬

‫الكافية حوؿ مقدار الجبس المتوفر كما ال يستطيعوف التنبؤ باألخطار المختمفة التي‬

‫يتعرضوف ليا كاالنييارات‪ .‬في ىذه الحاالت ال يوجد أي قدر مف اإلجراءات الرسمية‬

‫تستطيع التحكـ والمراقبة في ىذه العوامؿ ‪.‬لذا تعود عماؿ المنجـ عمى القياـ باتخاذ ق اررات‬

‫حوؿ القضايا التي ال يمكف أف تكوف محكومة حص ار باإلجراءات الرسمية مثؿ استراتيجيات‬

‫الحفر واستخراج الجبس واسناد السقؼ‪ ،‬وأف المشاكؿ التي تعترضيـ ال تتبع نفس األنماط‬

‫القياسية‪.‬ومجموعة اإلجراءات المعدة مسبقا تصبح غير الئقة لقضاياىـ‪ .‬بالمقابؿ‪ ،‬عممية‬

‫إنتاج األلواح الجدارية في المصنع اتبعت طريقة روتينية‪ ،‬فتقسيـ العمؿ محدد بدقة ووضوح‬

‫واإلجراءات معينة و محددة‪ ،‬وكؿ العمميات قابمة لمتنبؤ( أي قمة الضبط البيروقراطي)‬

‫‪.42‬حيث وجد جولدنر أف كبل مف الرؤساء والمرءوسيف(في المصنع) كانوا يستخدموف ىذه‬

‫الػقػواعػد ألىداؼ مختمفة‪ ،‬إذ يستخدميا الرؤساء بيدؼ العقاب‪ ،‬ويستخدميا المرءوسوف كأداة‬

‫‪41‬‬
‫رابح كعباش ‪،‬علم اجتماع التنظيم ‪،‬مخبر علم اجتماع االتصال جامعة قسنطينة ‪،‬الجزائر ‪ ، 2006 ،‬ص ‪176-175‬‬
‫‪42‬‬
‫رابح كعباش ‪،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 176‬‬

‫‪50‬‬
‫لممساومة‪ .‬أي أف ىذا النمط مف القواعد البيروقراطية قد ينطوي عمى وجود بعض المعوقات‬

‫الوظيفية أو الصراعات ‪،‬ألف القيـ المستندة إليو ال تمقى قبوال مف كؿ عضو في التنظيـ‪،‬‬

‫‪43‬‬
‫عكس ما ىو عميو الحاؿ بالنسبة لمقواعد البيروقراطية النيابية (في المنجـ ) ‪.‬‬

‫ىذا ويذىب جولدنر إلى أف التنظيـ الذي يعتمد عمى نمط البيروقراطية النيابية‪ ،‬يمجأ إلى‬

‫تزويد العامميف فيو بالتعميـ والثقافة المتخصصة والتدريب (و ىو أحسف ما يكوف في البيئة‬

‫غير المستقرة أو الخطرة والتي يصعب فييا التنبؤ )‪ .‬وغالبا ما يرجع اإلنحراؼ عف القواعد‬

‫البيروقراطية النيابية إلى جيؿ العامميف وعدـ إلماميـ بيذه القواعد التي تمقى قبوال عاما مف‬

‫جميع األفراد الذيف اتفقوا عمى وضعياإبتداءا‪.44‬‬

‫كما يتضح مما سبؽ‪ ،‬أف جولدنر قد ميز بيف نمطيف مف أنماط البيروقراطية الصناعية‪ ،‬مما‬

‫ممكنو مف األخذ بوجية نظر متفائمة في مقابؿ تمؾ النظرة المتشائمة التي ذىب إلييا كؿ مف‬

‫«فيبر» و«ميتشيمز»‪ ،‬الذيف بالغا في أىمية الضغوط التي يفرضيا التنظيـ عمى ممارسة‬

‫الديموقراطية‪ ،‬متجاىميف بذلؾ تمؾ الضغوط األخرى التي قد تعمؿ عمى تحقيؽ األىداؼ‬

‫‪45‬‬
‫الديموقراطية داخؿ التنظيـ‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫طلعت إبراهيم‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪. 153‬‬
‫‪44‬‬
‫‪ibid, P.24‬‬
‫في طلعت إبراهيم‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪. 153‬‬
‫‪45‬‬
‫طلعت إبراهيم‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪. 153‬‬

‫‪51‬‬
‫اىَذبضرح اىثبُّخ عشرح‬
‫ثُزر ثالو‬
‫‪ ‬اىجُروقراطُخ اىذَْبٍنُخ‬
‫‪ ‬اىجُروقراطُخ و‬
‫اىذََقراطُخ‬

‫‪46‬‬
‫‪ :‬نشر (( ببلو )) كتابو‬ ‫نظرية بيتر بالو‬

‫‪1986‬‬ ‫األوؿ عاـ ‪ 1953‬وأسماه ((ديناميكية البيروقراطية)) ‪ .‬ونشر كتابو الثاني عاـ‬

‫وأسماء ((البيروقراطية في المجتمع الحديث)) ‪ ،‬وفي الكتابيف نقد البيروقراطية المثالية‪،‬‬

‫وشكؾ في بعض فرضياتيا ‪ ،‬كما وأوضح بعض اآلثار السمبية الناجمة عنيا‪ ...‬فاإلجراءات‬

‫والقواعػد النػمػطيػة الرسمية التي تضعيا المنظمة ‪ ،‬ال يمكػف أف تسمح باستيعاب الحاجات‬

‫الكامنة أو غير المتوقعة ‪ ،‬سواء لؤلفراد أو لممنظمة‪ .‬واف إمكانية قياـ المنظمة البيروقراطية‬

‫بيئة أخرى ‪ ،‬كما أ ف تجدد القيـ‬ ‫أو نجاحيا في بعض المجتمعات ال يضمف نجاحيا في‬

‫والمفاىيـ الحضارية يفرض عمى المنظمات تجديد وسائميا وأساليبيا ‪ .‬ومف األفكار التي‬

‫التكيؼ ‪Adaptation‬وقد شرحو‬ ‫يطرحيا بػبلو لتطوير البيروقراطية وتعديميا مصطمح‬

‫فكرة الرقابة الذاتية بديبلً‬ ‫بالتفصيؿ ‪ ،‬ممي از التكيؼ التمقائي والتكيؼ المخطط ‪ ،‬ويطرح‬

‫لمرقابة واإلشراؼ المباشر‪ ،‬ويشير بوعي إلى تقوية روابػط الػوالء واالنتماء لممنظمات‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫الكبيسي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ص ‪. 89-88‬‬

‫‪52‬‬
‫وفي كتابو الثاني تساءؿ عف آثار شيوع المنظمات البيروقراطية في المجتمعات الحديثة عمى‬

‫المؤسسات الديمقراطية ‪ .‬وأوضح كيؼ أف البيروقراطيات الجامدة والمثاليةتشكؿ خط ارً عمى‬

‫الحريات الديمقراطية ‪ ،‬غير أنو أكد بنفس الوقت أىميتيا لبناء المجتمع الديمقراطي ‪.‬‬

‫فاألىداؼ الديمقراطية مستحيمة التحقؽ دوف مشاركة المنظمات البيروقراطية المترجمة ليا‪....‬‬

‫أما الخطر البيروقراطي فيتمثؿ في خمقيا لمتفاوت بيف الصبلحيات المعطاة عبر سمميا‬

‫اليرمي‪ ،‬إذ تمنح قمة مف األفراد جػؿ الصبلحيات‪ ،‬وتحرـ الغالبية منيـ مف التمتع بيا ‪.‬‬

‫وانتيى ببلو إلى القوؿ ‪ :‬إف البيروقراطية تعد تحديا لمديمقراطية وليست مقوضا ليا‪ .‬والبد مف‬

‫إيجاد الوسائؿ الديمقراطية لمسيطرة عمييا قبؿ أف تصيرنا عبيداً ليا ‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫اىَيف اىثبىث ‪:‬‬
‫اىَرديخ اىثبَُخ‪1960-1930‬‬
‫‪ ‬اىَذرضخاىطيىمُخ‬
‫‪ ‬اىعبٍو‬
‫ئّطبُ و ىُص آىخ‬

‫إذا كانت المدرسة الكبلسيكية قد ركزت عمى جوانب تقسيـ العمؿ‪ ،‬والتخصص‪ ،‬والتسمسؿ‬

‫الرئاسي‪ ،‬والسمطة و التنسيؽ وغيرىا فيما يتعمؽ بتنظيػـ العمػؿ‪ ،‬وأىممػت العنصر اإلنساني‪،‬‬

‫فإف المدرسة السموكية قد ركزت بدورىػا عمػى سػموؾ األفراد والجماعات وأىممت الجوانب‬

‫‪54‬‬
‫التنظيمية األخرى مثؿ تصميـ األعمػاؿ‪،‬‬
‫اىَذبضرح اىثبىثخ عشرح‬
‫ئىزىُ ٍبَى‬ ‫واإلجػراءات والتقنيات والعبلقات الوظيفية‬
‫‪ ‬درمخ اىعالقبربالّطبُّخو‬
‫الكمية في المنظمة وغيرىػا‪ ،‬ويرى أحػد‬
‫رجبرة هبوثىرُ‬
‫الكتػاب أف الكبلسيكييف قد درسوا “المنظمات‬

‫بدوف أناس “ بينمػا السػموكيوف درسػوا‬

‫‪.47‬‬ ‫“أناسػاً بػػدوف منظم ػػات “‬

‫أىـ روادىا ‪:‬‬

‫‪ ‬حركة العبلقات االنسانية ‪ :‬إلتوف مايو و تجارب ىاوثورف‪.‬‬

‫‪ ‬ماري باركر فولميت و المشاركة في السمطة‬

‫‪ ‬حركة العبلقات اإلنسانية الجديدة ‪:‬‬

‫‪ ‬دوجبلس مكجريجور ‪.‬‬

‫‪ ‬أبراىاـ ماسمو‪.‬‬

‫‪ ‬فريدريؾ ىيرزبرغ ‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫حسين حريم ‪،‬إدارة المنظمات (منظور كلي)‪ ،‬عمان‪ ،‬دار الحامد للنشر‪ ،2003 ،‬ص ‪. 29‬‬

‫‪55‬‬
‫‪48‬‬
‫‪:‬‬ ‫إلتوف مايو و تجارب ىاوثورف‬

‫تحولت النظرة لمتنظيمات في ىذه المرحمة مف كونيا كيانات ميكانيكية إلى كيانات اجتماعية‬

‫عضوية‪ .‬حيث دخؿ عمى الخط عمماء النفس وعممػاء االجتمػاع والعموـ السموكية المختمفة‪.‬‬

‫إف العنواف الرئيس ليذه المرحمة ىو مدرسة العبلقػات اإلنسانية التي ال ترى في التنظيمات‬

‫آالت جامدة يثبت فييا األفراد ‪ ،‬وال قطع غيار يمكف استبداليا بسيولة وانما كيانات إنسانية‬

‫تتكوف مف مياـ وبشر‪ .‬ويمكف توثيػؽ الجيود البحثية في ىذه المرحمة تحت عناويف رئيسة‬

‫وىػي ‪ :‬تجػارب مػصنع ىوثورنالمرحمة األولى والمرحمة الثانية‪.....‬و امتدادا ليا ظير عمماء‬

‫آخروف في نفس التوجو اإلنساني ‪ ،‬لكف متأخريف زمنيا‪.‬‬

‫تجارب ىاوثورف‬ ‫‪‬‬

‫في المرحمة األولى‪:‬‬

‫سميت تجارب ىوثورف بيذا االسـ ألنيا أجريت في مصانع ىوثورف فػي شركة وسترف‬

‫‪-1924‬‬ ‫إليكتريؾ في والية إلينوي في الواليات المتحدة األمريكية ‪ ،‬وذلؾ في الفترة ما بيف‬

‫‪ 1927‬والتي استمرت إلى الثبلثينػات ‪ .‬وقػد كػانػت تمػؾ الدراسات امتداداً لتجارب فردريؾ‬
‫‪48‬‬
‫قاسم القريوتي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ص ‪.84-81‬‬

‫‪56‬‬
‫تيمر)‪ ، (Taylor‬حيث ركزت بداية عمى العوامؿ المادية والطبيعية التي تتعمؽ باإلجياد ‪،‬‬

‫واألجور ‪ ،‬والظروؼ المحيطة بمكاف العمؿ وأثرىا عمى اإلنتاج وليس عمى العوامؿ النفسية‬

‫واالجتماعية التي تـ تناوليا الحقاًومف تمؾ التجارب ‪:‬‬

‫‪ ‬تجربة اإلضاءة‪ :‬قاـ فريؽ العمؿ البحثي القائـ عمى تمؾ التجربة ‪ ،‬وبناءاً عمى االقتػراض‬

‫بأف تحسيف ظروؼ العمؿ الطبيعية مف إضاءة وتيوية يؤثر عمى اإلنتاجية ‪ ،‬بعمػؿ‬

‫تجارب عمى مجموعة مف العامميف في أحد ورشات مصانع ىوثورف ‪ ،‬حيث تػـ تقسيـ‬

‫جماعات العمؿ إلى جماعات ضبط وجماعات تجريبية ‪ ،‬وتـ تجريب عػدة مستويات مف‬

‫اإلضاءة‪ ،‬مف إضاءة غير جيدة إلى إضاءة عادية ‪ ،‬والى إضاءة جيدة ‪ .‬وتـ في كؿ‬

‫مرحمة قياس إنتاجية العامميف في المجموعات التجريبية تحت الظروؼ المختمفة‪ ،‬ولدىشة‬

‫فريؽ العمؿ لـ يكف ىناؾ فروقاً ذات معنى في مستويات اإلنتاج مما استدعى مف فريؽ‬

‫البحث االنتقاؿ إلى تجربة أخرى بيدؼ التثبت مف فرضية ثانية تتصؿ أيضاً بأىمية‬

‫الظروؼ المادية وىي أثر اإلرىاؽ والتعػب الػجػسميعمى اإلنتاجية ‪.‬‬

‫‪ ‬تجربة جدولة العمؿ ‪ :‬قاـ الفريؽ البحثي القائـ عمى التجربة بتوزيع أوقات العمؿ مف‬

‫خػبلؿ تغييػر فترات الراحة التي بأخذىا العماؿ عدة مرات ‪ ،‬بحيث اختمفت في كؿ مرة‬

‫الفتػرة التي يقضييا العماؿ في العمؿ قبؿ أخذ فترة راحة ‪ ،‬وذلؾ لمبلحظة عبلقػة ذلػؾ‬

‫باإلنتاج مع طوؿ أو قصر فترات العمؿ المختمفة ‪ .‬وقد الحظ الباحثوف أيضاً وبعد قياس‬

‫اإلنتاجية في مختمؼ األوضاع أنو لـ يحصؿ تغيير كاؼ في اإلنتاجية يفػسر وجود‬

‫‪57‬‬
‫عبلقة بيف الشعور بالتعب واإلنتاجية ‪ ،‬ولذلؾ انتقؿ فريؽ البحث إلى فحص فرضية ثالثة‬

‫وىي العبلقة بيف الحوافز المادية الممثمة باألجور والحوافز وبيف زيادة اإلنتاجية ‪.‬‬

‫‪ ‬تجربة األجور‪:‬قاـ فريؽ العمؿ البحثي بإنشاء نظاـ لمحوافز يتـ مف خبللو إعطػاء حػوافز‬

‫لمجماعات التي تنجز وحدات عمؿ إضافية ‪ ،‬وتـ قياس اإلنتاجية قبؿ وبعد تطبيػؽ‬

‫الحوافز ‪ ،‬ولـ يبلحظ فريؽ البحث أيضاً فروقاً حقيقية في مستويات اإلنتاجية بشكؿ كاؼ‬

‫‪ .‬لقد شكمت ىذه النتػائج فػي التجارب الثبلث مفاجأة لفريؽ البحث جعميا توجو اىتماماتيا‬

‫إلى وجية جديدة وىي التوجو نحو العامميف مباشرة لمتعرؼ عمى سر ىذه النتائج‬

‫‪ ‬تجارب مصنع ىورثورف تدخؿ مرحمة جديدة ‪:‬‬

‫في ىذه المرحمة مف الدراسة انضمإلى فريؽ البحث أحد األساتذة مػف جامعػة في ىارفارد‬

‫وىو إلتوف مايو )‪ (Elton Mayo‬حيث ترأس فريؽ البحػث فػي شػركة وسترف الكتريؾ بصفتو‬

‫‪ 1932-1927‬تـ خبلليا‬ ‫استشارياً ‪ ،‬واستمرت الجيود البحثية حوالي خمس سنوات مف‬

‫القياـ بعدة تجارب ركزت عمى التعرؼ عمى ما يريده العماؿ وما يفكروف بو‪ ،‬ومف ىذه‬

‫التجارب‪:‬‬

‫‪ ‬تجربة المقابالت ‪:‬توجو فريؽ البحث في ىذه التجربة مباشرة لمعامميف ممف تـ إجراء‬

‫التجػارب السابقة عمييـ لمتعرؼ عمى السر الذي يكمف وراء الثبات النسبي لوتيرة اإلنتاج‬

‫رغـ التغير في العوامؿ المتصمة باإلضاءة ‪ ،‬واإلجياد الجسمي واألجور التي كانت تبرر‬

‫وجود اختبلؼ في اإلنتاجية‪ .‬وقد بينت المقاببلت مع العامميف أف العوامؿ المسئولة عف‬

‫‪58‬‬
‫الثبات في اإلنتاجية أمور نفسية ومعنوية تتصؿ بما كاف يدور في أذىاف العماؿ مف‬

‫أفكار وتوقعات‪ .‬حيث إعتقد أولئؾ العماؿ أف ىناؾ شيئاً ما وراء ىذه التجارب مما يوجب‬

‫عمييـ أف يحرصوا عمى تثبيت اإلنتاجية حتى ال تتأثر مصالحيـ سمبياً‪ .‬وقد دؿ ذلؾ‬

‫عمى أف العوامؿ النفسية وليس العوامؿ المادية ذات أثر كبيػر عمػى اإلنتاجية‪ .‬واستزادة‬

‫في المعمومات طمب فريؽ البحث مػف العػامميف أف يحػددوا مختمؼ األمور التي تزعجيـ‬

‫في العمؿ مف حيث العبلقات ‪ ،‬وأسموب اإلشػراؼ المفضؿ لدييـ‪ .‬وحتى يتيقف فريؽ‬

‫البحث مف صحة المعمومات التي تـ جمعيا تػـ القياـ مبلحظة السموؾ الجماعي‬

‫تجربة مالحظة السموؾ الجماعي ‪ :‬قاـ فريؽ البحث ولمتيقف مف المعمومات التي تـ‬ ‫‪‬‬

‫جمعيا عف طريؽ المقاببلت بمبلحظة ميدانية لسموؾ العامميف أثناء العمؿ وسجموا‬

‫مبلحظات عمى أسموب العمؿ‪ ،‬وديناميكية عمؿ الجماعات كما رأوىا عمى أرض الواقع ‪.‬‬

‫وقد تبيف لفريؽ البحث عدة أمورأىميا‪:‬‬

‫‪ .1.‬أىمية الحوافز المعنوية مثؿ نمط اإلشراؼ ‪ ،‬والعبلقات الطيبة عمى اإلنتاجيػةبشكؿ‬

‫يساوي إف لـ يزد عمى أىمية الحوافز المادية‬

‫‪ .2.‬التعرؼ عمى أثر الجماعات غير الرسمية عمى اإلنتاجية ‪ ،‬إذ أف ليذه الجماعات ما‬

‫يحافظ عمى مصمحتيا ‪ .‬إذ يمكف لمجماعة أف تؤثر سمباً أو إيجاباً عمى إنتاجيػة‬

‫العامميف بما ترى فيو مصمحة لمجماعة ككؿ ‪ ،‬وتمارس الجماعة ضغطاً عمى العامؿ‬

‫الكسوؿ ليرفع إنتاجيتو ‪ ،‬وعمى الموظؼ المنتج بشكؿ كبير وشاذ عف المجموعػة‬

‫‪59‬‬
‫لمتمشي مع المستوى العاـ أو معدؿ اإلنتاجية الذي تعتبره مقبوال ‪ ،‬حتػى ال تتػأثر‬

‫الجماعة سمباً بسبب التطرؼ في أي مف االتجاىيف ‪.‬‬

‫باختصار‪:‬‬

‫شكمت ىذه التجارب تأثي اًر كبي اًر عمى نظرية التنظيـ مؤكػدة عمى أنسنة التنظيـ ‪ ،‬ولفتت‬

‫أنظار الباحثيف واإلدارييف إلػى أثػر القيـ واالتجاىات ونمط العبلقات عمى اإلنتاجية وأصبح‬

‫ىناؾ تأكيد عمى النواحي اإلنسانية التي أصبح مطموباً مف المديريف والمشرفيف أف يعطوىػا‬

‫مػزيػداً مػف االىتماـ‪ .‬فقد ولى عيد النظر لمتنظيـ كآلة جامدة يتوجب عمى العامميف التكيؼ‬

‫مػع متطمباتيا بشكؿ تمقائي ‪ ،‬بؿ أصبح االىتماـ واضحاً بػضرورة إعػادة تصميـ الوظائؼ‬

‫بشكؿ يتناسب مع رغبات وقدرات العامميف باعتبارىـ العنصر األىـ فػي أي تنظيـ ‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫اىَذبضرح اىراثعخ عشرح‬
‫ٍبرٌ ثبرمر فىىيُذ‬
‫‪ ‬اىَشبرمخ فٍ اىطيطخ‬

‫ماري باركر فولميت | المشاركة في السمطة ‪:‬‬

‫ركزت (( فولميت)) عمى الجماعة أكثر مف تركيزىا عمى الفرد‪ ،‬واىتمت في كتاباتيا‬

‫بالمشاركة‪ ،‬والتعاوف‪ ،‬واالتصاؿ‪ ،‬والتنسيؽ‪ ،‬والمشاركة في السمطة‪ ،‬والمفيوـ األخػير ‪-‬‬

‫مشاركة األفراد في السمطة – يعتبر خروجا واضحاً عف المبادئ األساسية لممدرسة‬

‫الكبلسيكية ‪.‬‬

‫و فيما يتعمؽ بالجماعة قد اىتمت بكيفية تكويف الجماعات وكيؼ تعمػؿ ىػذه الجماعات‪،‬‬

‫وكيؼ أف مشاركة المرؤوسيف يمكف أف تسيـ في نجاح المنظمة‪ .‬كما أنيا ركزت عمى أىمية‬

‫التنسيؽ واعتبرتو ميمة حيوية وأساسية لئلدارة الفعالة الكفأة‪ ...‬كما اقترحت مجموعة مف‬

‫‪49‬‬
‫المبادئ العامة لممساعدة في تحقيؽ التنسيؽ ‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫حسين حريم ‪،‬إدارة المنظمات (منظور كلي)‪ ،‬عمان‪ ،‬دار الحامد للنشر‪ ،2003 ،‬ص ص ‪. 27-26:‬‬

‫‪61‬‬
‫اىَذبضرح اىخبٍطخعشرح‬
‫درمخاىعالقبربإلّطبُّخ‬
‫اىجذَذح‬
‫‪ .1‬دوجالش ٍنجرَجىر‬
‫‪ .2‬أثراهبً ٍبضيى‪.‬‬
‫‪ .3‬فرَذرَل هُرزثرغ‬

‫دوجالس‬ ‫‪.1‬‬

‫مكجريجور‪|50‬نظريتي ‪X‬و ‪:y‬‬

‫‪X‬‬ ‫اقترح مكجريجور وجود فمسفتيف و وجيتي نظر مختمفتيف بشأف اإلنساف‪ :‬األولى نظرية‬

‫وىي سمبية‪ ،‬والثانية النظرية ‪ y‬وىي إيجابية‪ ،‬واستنتج مكجريجور أف افتراضات المدير بشأف‬

‫اآلخريف ليا تأثير كبير عمى الطريقة التي يعامميـ بيا‪.‬تتضمف نظرية ‪ X‬أربعة افتراضات ‪:‬‬

‫العامؿ ال يحب العمؿ‪ ،‬ويحاوؿ تجنب العمؿ ‪،‬كمما أمكف ذلؾ‪.‬‬ ‫أ‪.‬‬

‫بما أف العامؿ يكره العمؿ‪ ،‬يجب إرغامو‪ ،‬أو السيطرة عميػو‪ ،‬أو تيديده‬ ‫ب‪.‬‬

‫بالعقاب‪ ،‬مف أجؿ تحقيؽ األىداؼ المرغوبة ‪..‬‬

‫العامؿ يبتعد عف المسؤولية ويرغب في التوجيو الرسمي‪ ،‬كمما أمكنو‬ ‫ت‪.‬‬

‫ذلؾ‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫حسين حريم ‪،‬إدارة المنظمات (منظور كلي)‪ ،‬عمان‪ ،‬دار الحامد للنشر‪ ،2003 ،‬ص ص‪. 28-27‬‬

‫‪62‬‬
‫معظـ العامميف يضعوف االستقرار واألماف فوؽ كؿ اعتبار فالعػامؿ‬ ‫ث‪.‬‬

‫يرتبػط بالعمؿ‪ ،‬و لكنو ال يظير إال طموحاً ضئيبلً ‪.‬‬

‫وقد اقترح مكجريجور أربعة افتراضات أخرى أطمؽ عمييا نظرية ‪ y‬بالمقارنػةمع االفتراضات‬

‫السمبية بشأف اإلنساف‪:‬‬

‫العامؿ يحب العمؿ مثؿ حبو لمعب والراحة ‪.‬‬ ‫أ‪.‬‬

‫يمارس الناس توجييا ورقابة ذاتية إذا ما التزموا باألىداؼ ‪.‬‬ ‫ب‪.‬‬

‫الفرد العادي قادر عمى أف يتعمـ قبوؿ المسؤولية‪ ،‬وحتى السعي ليا‪.‬‬ ‫ت‪.‬‬

‫الناس بصفة عامة لدييـ قدرات كاممة ‪ .‬و مقدرة عمى اتخاذ ق اررات‬ ‫ث‪.‬‬

‫جيػدة ‪.‬وليست تمؾ القدرات بالضرورة محصورة فقط في أولئؾ الذيػف يشػغمونوظائؼ قيادية‬

‫‪.‬‬

‫وقد فضؿ مكجريجور افتراضات نظرية ‪ Y‬واقترح أف توجػو المديريػف فػي تصميـ المنظمات‬

‫وتحفيز مرؤوسييـ‪ .‬ويمكف أف يعزى الحماس الكبير( لممشاركة في اتخاذ الق اررات‪ ،‬وايجاد‬

‫أعمػاؿ تتضمػف المسؤولية والتحدي لمعامميف‪ ،‬وتطوير عبلقات جيدة في الجماعة)‪ ،‬فػػي أوائػؿ‬

‫الستينيات مف القرف الماضي ‪ ،‬إلى تبني افت ارضػاتنظرية ‪. Y‬‬

‫أبراىاـ ماسمو| ىرـ الحاجات ‪:51‬‬ ‫‪.2‬‬

‫‪51‬‬
‫حسين حريم ‪،‬إدارة المنظمات (منظور كلي)‪ ،‬عمان‪ ،‬دار الحامد للنشر‪ ،2003 ،‬ص ص ‪. 29-28‬‬

‫‪63‬‬
‫وقد أسيـ بشكؿ ممحوظ في نظرية الدافعية اإلنسانية‪ ،‬مف خبلؿ نظريػة سػمـ الحاجات ‪.‬حيث‬

‫صنؼ حاجات اإلنساف إلى خمس مجموعات مرتبة عمى شكؿ سمـ تأتي في قاعدتو‬

‫الحاجات الفسيولوجية‪ ،‬تمييا حاجػات األمػاف واالستقرار‪ ،‬ثـ حاجات االنتماء‪ ،‬فحاجات‬

‫اإلحتراـ أو المكانة‪ ،‬وأخي ار تأتي حاجػات تحقيؽ الذات في أعمى السمـ‪ .‬فاإلنساف ييتـ أوال‬

‫بإشباع الحاجات الفسيولوجية‪ ،‬ثـ حاجات األمػػاف وىكػذا‪ ...‬فالحاجات غير المشبعة تؤثر في‬

‫سموؾ الفرد‪ ،‬واذا ما تـ إشباع حاجة يتوقؼ تأثيرىػا عمى سموؾ الفرد‪.‬‬

‫فريدريؾ ىيرزبرغ | نظرية ذات العاممينفي الدافعية ‪:52‬‬ ‫‪.3‬‬

‫عوامؿ‬ ‫وىو صاحب نظرية ذات العاممينفي الدافعية‪ .‬وقسـ عوامؿ العمؿ إلى مجموعتيف‪:‬‬

‫الصيانةوىي إف لػـ تتوافػر تسبب عدـ الرضا لمفرد‪ ،‬وتتعمؽ ىذه العوامؿ بظروؼ العمؿ (مثؿ‬

‫عوامػؿ‬ ‫ظػروؼ العمػؿ‪ ،‬الراتب‪ ،‬نوع اإلشراؼ‪ ،‬وغيرىا)‪ ،‬أمػا العوامؿ الثانيػة فػيي‬

‫الدافعيػةوىي إذا توافرت تسبب الرضا وتحفز الفرد إلى مزيػد مػف العمػؿ والجيد‪ ،‬وتتعمؽ ىذه‬

‫العوامؿ بجوىر العمؿ (االعتراؼ‪ ،‬الترقية‪ ،‬التطور وغيرىا)‪ ....‬وقد استنتج بأف إثراء|إغناء‬

‫العمؿ ىو أساس الدافعية‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫حسين حريم ‪،‬إدارة المنظمات (منظور كلي)‪ ،‬عمان‪ ،‬دار الحامد للنشر‪ ،2003 ،‬ص ‪. 29‬‬

‫‪64‬‬
‫انًهف انرابع‬
‫انًرحهت انثانثت ‪1980-1960 :‬‬
‫اإلرجبهبد اىذذَثخ‬

‫‪ .1‬هرثررطبََِ‪ّ :‬ظرَخ صْع اىقرار‬


‫‪ .2‬ىىرّص و ىىرظ ‪ :‬اىَذرضخ اىَىقفُخ‬
‫‪ .3‬مبرس و مبُ ‪ّ :‬ظرَخ اىْظٌ‬

‫‪ ‬أهٌ ٍجبدئهب ‪:‬‬

‫‪ ‬اىعقالُّخ ٍذذودح‬
‫‪ ‬ىُص هْبك دو وادذ و ودُذ‬
‫ىَشنالد اىزْظٌُ‬
‫‪ ‬اىَْظَخ ّظبً ٍفزىح‬
‫‪ ‬اىعبٍو هى أهٌ اىَىارد‬

‫‪65‬‬
‫اىَذبضرح اىثبىثخ عشرح‬
‫هرثردضبََِو جَُص ٍبرظ‬
‫‪ّ ‬ظرَخ صْع اىقرار‬
‫‪ ‬ثعذ ‪1960‬‬

‫يريسايمنأف القرار ‪ -‬في ضوء نظرية اتخاذ القرار – يعتبر محصمة يستخمصيا الفرد مف‬

‫بيف مجموعة مف البدائبللمتاحة‪ ،‬لكي يتمكف مف حؿ المشكبلت التي تواجو تحقيؽ األىداؼ‬

‫التنظيمية‪ ،‬أي أف القرار ىو وسيمة لتحقيؽ أىداؼ التنظيـ ‪ .‬بؿ إف سايمف ذىب إلى أبعد‬

‫مف ذلؾ‪ ،‬فيرى أف عممية صنع القرار ىي محور أي تنظيـ ‪.53‬‬

‫حيث أف کتاب ((المنظمات)) لممؤلفيف الذي صدر عاـ ‪ 1958‬يعد نقطة تحوؿ في‬

‫الفكر التنظيمي ألنو استوعب جؿ نظريات التنظيـ الكبلسيكية والمحدثة و وضع حجر‬

‫‪53‬‬
‫‪H, Simon, Administrative Behavior, N. Y. 1961. P. 102.‬‬
‫في طلعت إبراهيم‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪156‬‬

‫‪66‬‬
‫األساس لفكر التنظيـ المعاصر في نظريتو الموسومة ب(( نظرية صنع القرار )) أو‬

‫((النظرية النظمية واإلدراكية))‪.‬‬

‫فمنطمقات النظرية وفقت بيف المتغيرات المادية والمتغيرات النفسية‪ ،‬وأضافت ليا‬

‫‪54‬‬
‫‪:‬‬ ‫العمميات اإلدراكية‪ .‬وسنوجز المفاىيـ األساسية لنظريتيما التنظيمية كما يمي‬

‫نظاـ ‪ System‬لمعالقات االجتماعية المترابطة الصادرة مف‬ ‫‪ .1‬إف المنظمة عبارة عف‬

‫األفراد والجماعات الذيف يستمموف مقابؿ ما يعطوف‪.‬‬

‫‪ .2‬إف استمرارىـ قائـ ماداـ نفعيـ يزيد عمى عطائيـ وفقاً لمعاييرىـ القيمية (حد الرضا)‪.‬‬

‫‪ .3‬إف عطاء األفراد والجماعات لممنظمة ىي المدخبلت التي تمكنيا مف تقديـ المستحقات‬

‫المجزية ليـ ‪ .‬واف استمرار المنظمة يتوقؼ عمى قدرتيا في توفير ما تدفعو لمعامميف‬

‫مقابؿ ما ينجزونو ليا‪.‬‬

‫التوازف‪Equilibrium‬يجب أف تظؿ قائمة مف وجية نظر‬ ‫‪ .4‬ىذا يعني أف حالة مف‬

‫المنظمة ومف وجية نظر األفراد والجماعات بيف ما يأخذونو وما يعطونو ‪ ،‬واف أي‬

‫انسحاب أو خمؿ في طرفي المعادلة يستمزـ إعادة توزيعممحفاظ عمى التوازف والبقاء ‪.‬‬

‫‪ .5‬والتوازف بيف األخذ والعطاء يرتبط بنوعيف مف الق اررات ‪ ،‬أحدىما حوؿ استمرار البقاء‬

‫والمشاركة أو االنسحاب وترؾ المنظمة ‪ .‬أما الثاني فيتعمػؽ بػالكـ والنوع الذي سيعطيو‬

‫لممنظمة في حالة البقاء‪ ،‬ولكؿ مف الق اررات ىذه متغيرات و عوامؿ داخمية و خارجية‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫عامر الكبيسي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ص ‪. 113-111 :‬‬

‫‪67‬‬
‫‪ .6‬واذا كانت النظريات الكبلسيكية تفترض الرشػد والعقبلنية لدى األفراد والجماعات الختيار‬

‫الق اررات التي تحقؽ ليـ أعمى العوائد‪ ،‬فإف ىذه النظرية ترى تعػذر تحقؽ ذلػؾ لدى‬

‫األفراد‪ ،‬فيـ كبشر ال يمكنيـ استحضار جميع البدائؿ الممكنة‪ ،‬واف استحضروىا فبل‬

‫يمكنيـ التنبؤ بكؿ احتماالت وقوعيا‪ ،‬وال المفاضمة بيف نتائجيا وفؽ معايير وأسػػس‬

‫موضوعية رشيدة بمعزؿ عف االعتبارات النفسية والقيمية والحضارية‪ ...‬فبدالً مف البحػث‬

‫عف أقصىالعوائد (النفع و المصمحة ) فإف الق اررات يكفييا أف تكوف مرضية‪.‬‬

‫‪ .7‬و ألف الرضػى مػف جػانب المنظمػة أو مػف األفراد يرتب ػط ػ بمػػدى الطمػوحو ألف األخير‬

‫يتعرض لمتغيير كمما زادت قدرات األفراد عمى تحقيؽ النتائج األفضؿ المرتبطة بزيادة‬

‫‪ .‬و اإلبداع بدوره يستمزـ إعادة‬ ‫عطائيـ ‪ ،‬فإف بحثيمسيخمؽ أماميـ فرص اإلبداع‬

‫توزيع بيف العطاء واألخذ ‪ .‬وىكذا تصبح المنظمات عالماً معقداً في متغيراتو وفي قػواه‬

‫الفاعمة مما يجعمو مستعصياً عمى أية نظرية جامدة أو مثالية أو معيارية‪.‬ألف أي‬

‫تغيير داخؿ المنظمة أو في بيئتيا الخارجية أو في مواقؼ أفرادىا العامميف فييا‬

‫سيجعؿ مف برامجيا الحالية غير مرضية ‪ ،‬والتحقيؽ الرضى تبحث المنظمة عف تغير‬

‫برامجيا وتجديدىا‪ ،‬وعندىا تحتاج إلى موازنة جديده بيف الخطاء واألخذ وىكذا تستمر‬

‫الحاؿ في حياة المنظمات المعاصرة ‪.‬‬

‫‪ .8‬الفرد عند سايموف يبحث ىو أيضا عف تحقيؽ أىدافو واشباع طموحاتو مف خبلؿ‬

‫المنظمة عمى الرغـ مف أف ىذه األىداؼ قد ال تنسجـ مع أىداؼ المنظمة ‪ .‬و لكف حيف‬

‫‪68‬‬
‫يوضع الفرد في مواقؼ تنظيمية ضاغطة ‪ ،‬فإنو يستجيب ليا إمػا عػبػر قػ اررات روتينية‬

‫إف كانت الضغوط مكررة و معادة ‪ ،‬أو إنو يقؼ أماميا بتأف إف كانت المشكمة مستجدة ‪.‬‬

‫وىذا ىو الفارؽ بيف الق اررات المبرمجة وغير المبرمجة ‪ .‬واذا كانت الق اررات المبرمجة‬

‫تحقؽ اإلستقرار لممنظمة ‪ ،‬فإف الق اررات غير المبرمجػة تقود إلى التغيير ‪ .‬والتغيير‬

‫يستمزـ اإلبداع الذي ييدؼ إلى إعادة االستقرار والعودة مرة أخرى إلى الق اررات‬

‫المبرمجة‪.‬‬

‫وقد رأى سايموف أف التنظيمات تعتمد عمى أسموبيف لتقسيـ العمؿ والتخصص‪ ،‬فمنيا‬

‫أف ىناؾ نوعيف‬ ‫التخصص الرأسي الذي ينقسـ فيو العمؿ عمى أساس القوة‪ .‬ومف ذلؾ نجد‬

‫مف الوظائؼ تتمثؿ األولى في األداء والثانية في اتخاذ القرار‪ ،‬وبيذا يتحدد دور الفرد‬

‫حسب مكانتو ‪ .‬فكمما ارتفعت مكانتو في التنظيـ ‪ ،‬كمما زاد اسيامو في عممية اتخاذ القرار‪،‬‬

‫وكمما انخفضت مكانتو في التنظيـ زاد إسيامو في األداء الفعمي و نقص إسيامو في صنع‬

‫القرار داخؿ التنظيـ ‪ .‬وتمثؿ التنظيمات الرسمية أبنية التخاذ الق اررات‪ ،‬ألف طبيعة التنظيـ‬

‫تحدد لكؿ فردما ينبغي أف يتخذه مف ق اررات و يوضح لو أنواع التأثيرات التي يمكف أف‬

‫يتعرض ليا ‪ .‬فإذا كانت وظيفة اإلدارة العميا ىي وضع الخطوط العريضة لمسياسة العامة‪،‬‬

‫فاإلدارة الوسطى وظيفتيا تحويؿ ىذه السياسات إلى ق اررات‪ ،‬وتبقى وظيفة اإلشراؼ عمى‬

‫‪55‬‬
‫تنفيذ ىذه الق اررات مف مياـ اإلدارة الدنيا ‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫عبد الهادي الجوهريو براهيم أبو الغار ‪ ،‬دراسات في علم اجتماع اإلدارة ‪ ،‬دراسات نهضة الشرق ‪ ،‬القاهرة ‪ ، 1980 ،‬ص‪.78:‬‬

‫‪69‬‬
‫قرار انتماء‬ ‫‪ ....‬أخي ار نبلحظ أف ىذا التفسير الذي ذىب إليو «سايمف» – ألسباب‬

‫الفرد لمتنظيـ ومشاركتو فيو – يفترض السمبية في أعضاء التنظيـ‪ ،‬وأف ىؤالء األعضاء‬

‫أدوات سمبية بصفة مبدئية‪ ،‬قادرة عمى القياـ بالعمؿ وقبوؿ التوجييات‪ ،‬ولكنيا ال تبادر ‪...‬‬

‫و عميو فإف نظرية سايمف ال تخرج عف توجيات المدرسة الكبلسيكية الميكانيكية ( عقبلنية‬

‫الرجؿ االقتصادي) و التي كانت محؿ انتقاد‪ ،‬لكنو (سايمف) أبدع مقولة محدودية العقالنية‬

‫( تحدىا العوامؿ المذكورة أعبله ) و تبنى أىمية الحوافز المعنوية ( جعميا تضاىي الحوافز‬

‫المادية )‪ ....‬و مف إضافات سايمف الى تراث النظرية الكبلسيكية نذكر أيضا تأكيده و زميمو‬

‫((مارش )) عمى إمكانية حدوث الصراع ‪ .‬حيث يشير إلى نوعيف أساسييف مف الصراعات‬

‫تتمثؿ في ‪ :‬صراع داخؿ الفرد ذاتو‪ ،‬وصراع بيف الفرد وغيره مف األفراد داخؿ التنظيـ‪ .‬ويتـ‬

‫رد فعؿ التنظيـ في مواجية ىذه الصراعات عف طريؽ أربع عمميات ىي‪ :‬حؿ المشكبلت‪،‬‬

‫‪56‬‬
‫‪.‬‬ ‫واإلقناع‪ ،‬والمساومة ‪ ،‬والمناورات السياسية‬

‫‪56‬‬
‫‪James Marsh and H. Simon, Organizations, N. Y:John Wiley and Sons, Inc. 1918, PP. 110-112‬‬
‫في طلعت إبراهيم‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪159‬‬

‫‪70‬‬
‫انًحاضرة انرابعت عشرة‬
‫ّظرَخ اىَىقف‬
‫‪ ‬ثرّس و ضزىمر‬
‫‪ ‬ىىرّص وىىرظ‬
‫‪ ‬ثعذ ‪1960‬‬

‫اؿنظرية الموقفية|لورنس ولورش‪:57‬‬

‫تعطي نظرية الموقؼ لممنظمة مرونة كبيرة في التعامؿ مع العامميف فييا‪ ،‬أو مع المتعامميف‬

‫‪X‬و‪، Y‬‬ ‫مع البيئة التي تعمؿ وسطىا ‪ .‬فبعد أف طرح مكريجور بديميف لمتعامؿ ىما نظريتي‬

‫فإف أصحاب ىذه النظرية يطرحوف بدائؿ متعددة ‪ ،‬وكأنيـ يريدوف القوؿ إنو ‪ :‬ال توجد‬

‫نظرية واحدة يمكف أف تصػمػـ لػكػؿ المنظمات أو لممنظمة الواحدة عمى مػدى المواقؼ‬

‫والظروؼ‪ ...‬إذا لكؿ موقؼ نظريتو ولكؿ ظرؼ قراره ولكؿ حادث حديثو ‪ .‬والبد مف تطابؽ‬

‫الموقؼ مع التصرؼ أو مواءمة التصرؼ مع الموقؼ ‪ .‬فالبيروقراطية الفيبريػة قػد تصمح‬

‫لممنظمة (س) والتي تعمؿ في إنتاج الزجاج و التي تضـ خمسة آالؼ عامؿ كؿ منيـ‬

‫يعرؼ واجبو المحدد ‪ .‬لكف المنظمة (ص) التي تعمؿ في إجراء البحوث والدراسات الميدانية‬

‫‪57‬‬
‫عامرالكبيسي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ص ‪.117-115‬‬

‫‪71‬‬
‫والمختبرية ال يمكنيا أف تكوف بيروقراطية بأي حػاؿ مػف األحواؿ ‪ ،‬فما عمييا إال أف تأخذ‬

‫نظرية ‪ Y‬التي تفترض في الفرد حب العمؿ وميمو لئلبداع لتحقيؽ الذات‪ .‬وعميو فإف نظرية‬

‫الموقؼ الموقؼ انطمقت مف الفكرة القائمة بأنو ال توجد طريقة واحدة لبناء اليياكؿ التنظيمية‬

‫و رسـ العبلقات بيف الرؤساء والمرؤوسيف تعد األفضؿ دوما ‪ .‬و لكنيا ترى أف كؿ شيء‬

‫يعتمد عمى الظروؼ ‪ .‬و تختمؼ اآلراء المبررة ليذه النظرية باختبلؼ أنصارىا ‪ .‬فأنصار‬

‫النظاـ الطبيعي يروف أت التنظيـ ينبغي أف ال يكوف نمطيا و ال رشيدا أو معقوليا‪ .‬ألف ذلؾ‬

‫يعني أف األىداؼ التنظيمية ثابتة و محددة مف طرؼ القيادات أو النخبة‪ .‬و الصحيح ىو أف‬

‫يترؾ لمبيئة تقرير أولوية األىداؼ حسب ظروفيا لتبقى المنظمة حية ‪.‬‬

‫ويرى أنصار النظاـ الطبيعي أف المنظمة نظاـ لمتفاعؿ اإلنساني القابؿ لمتكيؼ والتغير‬

‫حسب ما تتطمب أجواؤه المحيطة وظروفو الخاصة وحسب الظروؼ المفروضة عميو‪ .‬وقد‬

‫أظيرت الدراسة الميدانية التي أجراىا برنز و ستولكر عمى ‪ 100‬شركة ناجحة في بريطانيا‬

‫أف ىياكميا التنظيمية كانت مختمفة بدرجات كبيرة مع أف جميعيا كانت فعالة و كفأة ‪ .‬و‬

‫الحظ أف االختبلؼ في اليياكؿ التنظيمية كاف ممحوظا كمما كانت البيئات التنظيمية مختمفة‪.‬‬

‫وقد أتممورنس و لػورش ما جاءت بو النظرية الموقفية عمى يد أنصار النظاـ الطبيعي‬

‫فطرحا كتابيما الموسوـ بالمنظمة والبيئة ‪ ،‬متسائميف عف نمط التنظيـ األفضػؿ الػذي يمكنو‬

‫‪ .‬و قد اختا ار‬ ‫التفاعؿ مع كؿ أنواع الظروؼ االقتصادية والسوقية في البيئة المحيطة‬

‫صناعات ببلستيكية معروفة بآدائيا الجيد ‪ ،‬وأخرى أقؿ شيرة منيا ‪ .‬ودرسا أثر البيئة‬

‫‪72‬‬
‫ومتطمباتيا عمى ىذا األداء ‪ ،‬و حاوال تطبيؽ النتائج عمى منظمات صناعية في مياديف‬

‫أخرى لممقارنة بينيا واكتشاؼ العبلقات و صياغة التعميمات عف مطالب البيئة و أثرىا‬

‫عمى واقع المنظمات وحالتيا ‪ .‬كما انتقبل إلى بيئات مختمفة أخرى ‪ ،‬و اختا ار منظمات‬

‫المتغيرات المعرفة العممية والتقنيات‬ ‫صناعية مختمفة أيضػاً مركزيف جؿ اىتماميـ عمى‬

‫التكنولوجية ومتطمبات السوؽ في ىذه البيئات ‪ ،‬واستخدما أسموب االستمارات والمقاببلت‬

‫مع القيادات والعامميف لجمع المعمومات ‪ ،‬إضافة إلى مبلحظاتيما ومعايشتيما الميدانية ‪.‬‬

‫وانتييا إلى أف منظمات الصناعات الببلستيكية و منظمات الصناعات الغذائية ومنظمات‬

‫صناعات الحاويات تختمؼ في ظروفيا البيئية ‪ ،‬وأنيا قد تميزت عف بعضيا البعض في‬

‫طبيعة الوحدات المتخصصة في مياـ التوحيد والتنسيؽ بسبب حاجػة كػؿ قطاع إلى نمط‬

‫مختمؼ في طبيعة االنتشار واالمتداد ‪ .‬فالصناعات الببلستيكية تميزت بتغير تكنولوجيتيا‬

‫العالمية ‪ ،‬والصناعات الغذائية تميزت بتغير معتدؿ‪ ،‬أما صناعات الحاويات فتميزت بتغير‬

‫و في‬ ‫منخفض و بطيء في تكنولوجيتيا سواء مف حيث اإلنتاج أو العمميات المستخدمة‪.‬‬

‫ضوء دراستيما تـ تصنيؼ البيئات المدروسة وفقاً لدرجة التأكد و وفقاً لمستوى التنوع ‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫انًحاضرة انخايطت عشرة‬
‫ّظرَخ اىْظٌ‬
‫‪ ‬ئَطزِ‬
‫‪ ‬مبرس و مبُ‬
‫‪ ‬ثعذ ‪1960‬‬

‫نظرية النظـ (إيستف) ‪( ،‬كاتز و كاف ) ‪:58‬‬

‫في الوقت الذي عدت المنظمة نظاماً مغمقا في الفكر التقميدي‪ ..‬و قد شارؾ في بمورة‬

‫مذاىبيا وعاصرىا عدد مف عمماء االجتماع والسياسة واإلدارة ‪ ،‬نذكر منيـ‬

‫تالکوتبارسونزوديفد ايستف و كاتز و كاف و شيف و المنظمة وفقاً ليذه النظرية كياف معقد‬

‫التركيب وكؿ مكوف مف أجزاء ‪ ،‬بؿ ىي نظاـ مف النظـ الفرعية المترابطة والمتفاعمة ‪ .‬و إف‬

‫المنظمات الفاعمة في مجتمع ما تعد مجموعػة نظػـ تسيـ في تكويف النظاـ العاـ‪ .‬وتساعد‬

‫النظرة النظميػة ىػذه عمى إعطاء األجزاء و المكونات اىميتيا ‪ .‬كما تؤكد عمى ضرورة‬

‫توحدىا وتفاعميا لبناء النظاـ األعقد الػذي تكوف مخرجاتو أىـ و أكبر مف مخرجات أي جزء‬

‫‪58‬‬
‫عامر الكبيسي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ص ‪. 120-118‬‬

‫‪74‬‬
‫منو ‪ .‬كما تبرز ىذه النظرية أىمية البيئة الخارجية أو المحيط الذي تعمؿ فيو المنظمة ‪،‬‬

‫وتؤكد عمى ضرورة األخذ منو والعطاء لو لضماف التقدـ ‪.‬‬

‫‪ ‬العناصر الرئيسية (وفقاً ليذه النظرية) التي تدرس المنظمة مف خالليا ‪:‬‬

‫‪ .1‬المدخالت ‪ :‬وىي الموارد التي تحصؿ عمييا المنظمة مف بيئتيا الخارجية وتتمثؿ في‬

‫الطاقات البشرية والمادية والدعـ المادي والمعنوي‪ ،‬وما تقدمو النظـ السياسية و‬

‫االقتصادية واالجتماعيػة مػف منػاخ وظروؼ‪ ،‬ومتغيرات تؤثر عمى المنظمة ‪.‬‬

‫‪ .2‬العممية ‪ :‬ونقصد بيا مجموعة األنشطة التي توظؼ الطاقة المتاحة لتحويؿ المدخبلت‬

‫إلى مخرجات ‪ .‬فاإلنتاج والتمويؿ والصيانة والتدريب والتوظيؼ والتركيب كميا أنشطة‬

‫تكمؿ العممية‪.‬‬

‫‪ .3‬المخرجات ‪:‬و ىي حصيمة العممية والناتج الذي تفرزه المنظمة لمبيئة والمتمثؿ في السمع‬

‫والخدمات والنتاج العممي أو اإلبداعي أو الترفييي‪ ،‬وغيرىا مف العوائد التي تقدميا المنظمات‬

‫عمى اختبلؼ أنشطتيا ‪.‬‬

‫‪ .4‬التغذية العكسية ‪ :‬وتعني إيصاؿ المخرجات لممجتمع كمردود يقابؿ المدخبلت المقدمة‬

‫‪.‬و عمييا يتوقؼ التقدـ الذي ينجـ عف أداء المنظمات‪ ،‬وفي ضوئيا يتقرر حجـ الزيادة‬

‫في المدخبلت المستقبمية‪.‬‬

‫‪ ‬خصائص النظاـ المفتوح حسب کاتز و كاف ‪ :‬يمخصانو في تسع خصائص ىي ‪:‬‬

‫‪75‬‬
‫(‪ )1‬استقباؿ الطاقة ( ‪ )2‬إخضاعيا لمعمميات ( ‪ )3‬تحويميا إلى مخرجات ( ‪ )4‬تناغـ األحداث‬

‫وتداورىا ( ‪ )5‬التعرض لمتقادـ و اإلندثار ( ‪ )6‬المدخبلت المعموماتية والتغذية الداخمية ( ‪)7‬‬

‫اإلستقرار والديناميكية (‪ )8‬االنتشار واالمتداد (‪ )9‬ضماف االنتياء إلى حالة التوازف‪.‬‬

‫‪ ‬شروط استمرار حياة المنظمة ‪ :‬وتطرح ىذه النظرية مصطمحات ومفاىيـ عديدة لتحميؿ‬

‫المنظمات وتقييـ آدائيا فاستمرار المنظمة واستقرارىا يتوقؼ عمى نوعيف مف التوازف و‬

‫مدى فعالية نظاـ المعموماتية واالتصاالت الراجعة‪:‬‬

‫‪ .1‬التوازف الداخمي بيف أجزاء النظاـ و عناصره لتخفيؼ الصراع و التناقض لمحػد الػذي‬

‫يسمح بالتوافؽ والتفاعؿ اإليجابي واإلبداعي ‪.‬‬

‫‪ .2‬التوازف الخارجي مع القوى والمتغيرات المجتمعية‪ ،‬وتحقيؽ التناسؽ مع األىداؼ‬

‫الكمية ورفد النظاـ بالمخرجات التي تزيد مف قدرتو عمى تطوير طاقتو المحولة إلى‬

‫مدخبلت‪.‬‬

‫‪ .3‬كما تطرح مفيوـ المعموماتية واالتصاالت الراجعة وتطوير نظـ المتابعة والرقابة‬

‫لتصحيح االنحرافات وربط الخطط بالتقويـ والتنفيذ بالمتابعة ‪ .‬و البحث عف أدوات‬

‫لقياس النتائج وربط الكمفة بالعائد وغيرىا مف األساليب الكمية التي تبمورت فيما بعد‬

‫بما يسمى بحوث العمميات‪.‬‬

‫‪ ‬وقد أو جز (کاست و روزنويؾ) خصائص النظاـ العاـ و التي تبدو مقبولة وسائدة في‬

‫أوساط المعنييف بيذا االتجاه فيما يمي ‪:‬‬

‫‪76‬‬
‫‪ .1‬إف النظاـ يضـ مجموعة مف النظـ الفرعية التي تتكوف بدورىػا مػف أجػزاء مترابطة و‬

‫عناصر متداخمة سواء أكاف ذلؾ النظاـ آليا أو بيولوجيا أو اجتماعياً‪ ،‬فبل نظاـ بدوف‬

‫أجزاء أو عناصر تكونو‪.‬‬

‫‪ .2‬إف النظاـ يعد كبل وكميو ‪Holisan‬ليس مجرد جمع مف األجزاء‪ ,‬فالشمولية أو الكمية ىي‬

‫عكس التجزئة أو العنصرية‪ ،‬والمجموع لو خصائصو المختمفة عف خصائص األجزاء ‪.‬‬

‫‪ .3‬والنظـ قد تكوف مغمقة أو مفتوحة ‪..‬النظـ المفتوحة ىي التي تتبادؿ فييا المعمومات‬

‫والطاقة واألشياء المادية مع بيئتيا المحيطة‪ .‬وتعد النظـ االجتماعية والبيولوجية مفتوحة‬

‫و مع ذلؾ فإف االنفتاح‬ ‫بطبيعتيا ‪ ،‬أما النظيـ اآللية فقد تكوف مفتوحة أو مغمقة ‪.‬‬

‫واالنغالؽ النظـ يعد نسبيا و ليس مطمقا ‪ ،‬و قد يكوف مناسبا لبعض النظـ و في‬

‫بعض البيئات ‪.‬‬

‫‪ .4‬إف بعض النظـ المفتوحة تعد تحويمية لكونيا تحوؿ المدخبلت إلى مخرجات‪ .‬فيي‬

‫تستقبؿ المدخبلت مف بيئتيا لتحوليا إلى مخرجات‬

‫‪ .5‬ولكؿ نظاـ حدود‪ ،‬تفصمو عف بيئتو‪ ،‬ومصطمح الحدود يساعدنا في التمييز بيف النظـ‬

‫المغمقة والمفتوحة‪ ،‬والحدود قد تكوف مادية أو عضوية‪ ،‬لكنيا في النظـ االجتماعية و‬

‫منيا المنظمات يتعذر تعريفيا فيي إما تكوف جامدة أو مرنة ‪.‬‬

‫‪ .6‬وتتعرض النظـ المغمقة عادة لبلندثار واستنزاؼ الطاقة و التي قد تتزايد حتى ينيار‬

‫النظاـ أو ينحؿ‪ .‬والميؿ نحو تعاظـ االندثار و تسارعو سببو الخمؿ و الفوضى‪ ،‬أو‬

‫‪77‬‬
‫نقص الموارد أو العجز في تحويؿ المدخبلت إلى مخرجات‪ ،‬وىو ما يسمى باالندثار أو‬

‫االستنزاؼ السمبي ‪ NegativeEntropy‬و ينتيي النظاـ عادة بالوت ‪ .‬و في النظـ‬

‫المغمقة يعد التغير في االندثار إيجابيا عمى الدواـ أما في النظـ البيولوجية واالجتماعية‬

‫فإف االندثار يمكف الحد منو و ربما تحويمو إلى اندثار سمبي‪ ،‬و ىو عممية تكامؿ و‬

‫تحويؿ مواردىا إلى النظاـ الذي يستورد موارده مف البيئة ‪.‬‬

‫‪ .7‬حالة التوازف واستمرار التعادؿ الستاتيكي‪ ،‬تكاد تكوف سمة النظـ المغمقة ‪ ،‬وىي تؤدي‬

‫عادة إلى االستنزاؼ السمبي ثـ الوفاة‪ .‬أما النظـ المفتوحة فيي التي تحقؽ التوازف‬

‫الديناميكي و االعتمالية الذاتية مع تنافذ و تبادؿ الطاقة والمعمومات واألشياء‬

‫‪ .8‬التغذية العكسية والتي تكوف إيجابية أو سمبية وتسمى الذاتية أو االتصاؿ‬

‫التمقائي ‪. CYBERNETCS‬‬

‫‪ .9‬تعددية األىداؼ المنشودة لؤلفراد والجماعات و البيئة ‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫انًحاضرة انطادضت عشرة‬
‫ٍذخو اىْطق االجزَبعٍ – اىزقٍْ‬
‫‪ ‬عالقخ اىْطق اىزقزٍ ثبىْطق‬
‫االجزَبعٍ‬
‫‪ ‬دراضخ عالقخ اىزقُْخ ثبىزْظٌُ‬
‫فٍ ثُئبد ٍزغُرح‬
‫‪ ٍِ ‬روادهب ‪:‬‬
‫‪ ‬ئََرٌ و ررضذ‬
‫‪ ‬جىاُ وودوارد‬
‫‪ ‬ثرّس و ضزىمر‬

‫‪59‬‬
‫‪:‬‬ ‫مدخؿ النسؽ االجتماعي – التقني‬

‫معيد تافيستوؾ‬ ‫في أواخر الخمسينات مف القرف العشريف أمكف لفريؽ مف الباحثيف في‬

‫لمعبلقات اإلنسانية أف يستخمصوا عددا مف الفرضيات األساسية ‪ ،‬التػي أجػريت عمػى مناجـ‬

‫‪ . 1958-1950‬و كػونت ىػذه الفرضيات في مجموعيا ما‬ ‫الفحـ خبلؿ الفترة ما بيف‬

‫يعرؼ بالمدخؿ االجتماعي التقني في دراسة التنظيـ ‪ ،‬و ظيور مصطمح األنساقاالجتماعية‬

‫‪59‬‬
‫اعتماد عالم ‪،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ص ‪. 67-66‬‬

‫‪79‬‬
‫إمري ‪ Emery‬و تريست‬ ‫بدايػة مػف إسيامات‬ ‫التقنية ‪socio Technical system‬‬

‫‪. (Dubin, 1976: 22)1969-1960‬‬

‫إزاء االعتماد المتزايد مف جانب التنظيمات االقتصادية عمى التقنية بأنماطيا المتنوعة‬

‫والمركبة‪ ،‬ازداد اىتماـ عمماء االجتماع بيذه الظاىرة و حاولوا معرفة مدى تأثيرىا في تحديد‬

‫الخصائص البنائية والتنظيمية لممشروعات االقتصادية و لـ يتوقؼ اىتماـ العمماء عند ىذا‬

‫المجاؿ مف الرؤية التحميمية‪ ،‬بؿ حاولوا دراسة عبلقة التقنية بالتنظيـ في بيئات متغيرة ‪ .‬و‬

‫حوؿ ىذه العبلقة الدينامية بيف التقنية والبنية التنظيمية أثيرت تساؤالت حوؿ مدى تحقيؽ‬

‫التوازف و االستقرار لمتنظيـ كما تناقشيا نظػرية األنساؽ ‪ .‬لذلؾ يمكف القوؿ اف عمماء مدخؿ‬

‫‪: 100‬‬ ‫النسؽ االجتماعي التقني انطمقوا مف مقوالت نظرية النسؽ االجتماعي (‬

‫‪. ) Silverman1971‬‬

‫الفرضيات األساسية لمدخؿ النسؽ االجتماعي ‪ -‬التقني ‪:‬‬

‫‪ .1‬تقوـ الفكرة األساسية ليذا المدخؿ و ببساطة شديدة عمى افتراض أف الفرد ال يعيش في‬

‫عالـ اجتماعي تقني داخؿ التنظيـ الرسمي فقط ‪ ،‬بؿ وخارجو ‪ .‬لذلؾ يجب أف يوجد‬

‫توازف مناسب بيف البيئتيف (الداخمية والخارجية) بما يحقؽ لمفرد اإلحساس بالرضا‬

‫والضبط ‪.‬‬

‫‪ .2‬تمثؿ مقولة إنجاز الميمة األساسية لمتنظيـ الفرضية األساسية الثانية التي يجب أف‬

‫تصمـ مػف أجميػا المكونات التقنية االجتماعية لمنسؽ الكمي (التنظيـ)‪ .‬و يعتبر النمط‬

‫‪80‬‬
‫التقني الدقيؽ والمبلئـ لتحقيؽ الميمة األساسية متغي ار كما ىو الحاؿ بالنسبة لمبنية‬

‫االجتماعية التي تتواءـ معو في شكؿ إندماجي ‪ ،‬بحيث يقوـ تصميـ العمؿ عمييما دوف‬

‫أفضمية أو أسبقية ألحدىما عمى اآلخر‪ .‬و أف نجاح التنظيـ في تحقيؽ ىدفو يعتمد‬

‫اعتمادا جوىريا عمى مدى التوافؽ المستمر الذي يحققو بيف الحاجات اإلنسانية وأداء‬

‫الميمة األساسية لمتنظيـ ‪ .‬ويتمثؿ اليدؼ األساسي في المياـ‬

‫األساسية‪PrimaryTasks‬التي يجب عمى التنظيـ القياـ بيا حتى يضمف بقاءه و‬

‫استم ارريتو ‪) 1971Silvermin : 117 ( .‬‬

‫‪ .3‬يقوـ النسؽ االجتماعي التقني عمى دور الجماعات المستقمة نسبيا في األداء الكمي‬

‫لمميمة بأقؿ قدر مف التداخؿ بيف أفراد المجموعة الذيف يجمعيـ حيز مكاني معيف (سواء‬

‫عمى مستوي اإلدارة أو في موقع اإلنتاج بيف العماؿ ‪) Waston1980, 219 ( .‬‬

‫‪ .4‬تشبو التنظيمات بالكائنات العضوية الحية (المماثمة العضوية)‪.‬‬

‫تأسيسا عمى الفرضيات السابقة ‪ ،‬تتبمور المشكمة البحثية الرئيسية لمدخؿ النسؽ االجتماعي‬

‫التقني في دراسة األداء الكؼء ألي ميمة أساسية لمتنظيـ في ارتباطيا بمتطمبات التقنية‬

‫واألفراد كأعضاء في التنظيـ فضبل عف البيئة الخارجية ‪ .‬و مف المنظور التحميمي‪ ،‬يفترض‬

‫عمماء ىذا المدخؿ ضرورة االرتباط القوي بيف متغيرات ثبلثة جوىرية ىي‪ :‬التقنية و السوؽ‬

‫(البيئة الخارجية) وحاجات األفراد كأعضاء داخؿ التنظيـ‪ ،‬وأف تمؾ العبلقة تحدد الشكؿ‬

‫التنظيمي‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫انًهف انخايص‬
‫انُظرياث انًعاصرة (بعذ ‪)1980‬‬
‫‪ ‬انتحهيم االضتراتيجي ‪ :‬ييشال‬
‫كروزييه‬
‫‪ ‬انى دخم انثقافي ‪ :‬ويهياو أوتشي‬
‫‪ ‬بُاء انهىيت في انتُظيى ‪ :‬ريُى‬
‫ضاَطىنيى‬

‫‪82‬‬
‫انًحاضرة الضابعة عشرة‬
‫ٍُشبه مروزَُه‬
‫‪ ‬اىزذيُو االضزرارُجٍ‬
‫ىظبهرح اىجُروقراطُخ‬
‫‪ٍْ ‬طقخ اىشل ٍصذر ٍِ‬
‫ٍصبدر اىطيطخ‬

‫ميشاؿ كروزييو ‪ /‬التحميؿ االستراتيجي‬

‫‪60‬‬
‫‪: 1977‬‬ ‫لظاىرة البيروقراطية‬

‫حمؿ كروزييو ظاىرة السمطة داخؿ التنظيـ وبيف أف عبلقات السمطة داخؿ التنظيـ ال تتوقؼ‬

‫عند العبلقات الرسمية التسمسمية حيث بيف أف الفاعميف في الموقؼ البيروقراطي قد تنقصيـ‬

‫الفعالية والمبادرات بسبب القوانيف التي ال يمكف أف تتوقع كؿ المواقؼ وىو ما يسمح لمبعض‬

‫بأخذ جزء مف السمطة خارج أو باإلضافة إلى ما تسمح بو القوانيف‪ ،‬فكؿ موظؼ يحاوؿ‬

‫" ‪"Sources d'incertitude ou Zone d'ombre‬‬ ‫استرجاع بعض "مساحات الظؿ‬

‫لممارسة التأثير وتطوير استراتيجيات ليصبح عامبل فاعبل في التنظيـ ‪ .‬بالمقابؿ يحاوؿ‬

‫التنظيـ وضع قوانيف جديدة لمحد مف ىذه السمطة التي ال تخضع لممراقبة ‪ ،‬تضاؼ ىذه‬

‫القوانيف الجديدة إلى القوانيف السابقة لتصبح معرقمة وىو ما يترتب عنو روتيف مضر بفعالية‬

‫‪60‬‬
‫عبدالكريم بوحفص ‪ ،‬تطور الفكر التنظيمي ‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪ ،‬الجزائر ‪ ،2017 ،‬ص ص ‪. 249-248‬‬

‫‪83‬‬
‫العامؿ‪ .‬يستنتج ميشيؿ كروزيو مف ىذا التحميؿ أف البيروقراطية تنظيـ ال يمكف أف يصحح‬

‫أخطاءه‪.‬‬

‫‪L'acteur et le‬‬ ‫رفض كروزييو وفريدبرغ فكرة العامؿ السمبي‪ ،‬وحاوؿ كروزييو في كتابو‬

‫"‪ système‬أف يبيف الدور الفاعؿ لمعامؿ برفضو النموذج البيروقراطي القائـ حسبو عمى‬

‫عبلقات السمطة التي تمنع التنظيـ مف القضاء عمى االضطرابات وتتجاىؿ تأثير العبلقات‬

‫واالستراتيجيات التي يمكف أف يطورىا العامؿ كونو عامبل فاعبل في التنظيـ‪ .‬يرى كروزييو‬

‫وفريدبرع في ىذا الصدد أف العامؿ ال يستجيب سمبيا لمحيطو بؿ يتصرؼ كعنصر فعاؿ في‬

‫التنظيـ إذ يحاوؿ االستفادة مف عممو ومركزه ومنو فإف السمطة الحقيقة لمفرد داخؿ التنظيـ‬

‫تتمثؿ في قدرتو عمى استغبلؿ مناطؽ االرتياب أو الشؾ في محيطو‪ .‬توجد في كؿ‬

‫تنظيمثغرات او معارؼ أو قدرات مفقودة أو لـ يحددىا التنظيـ بدقة فمثبل ال توجد آجاؿ‬

‫زمنية إلصبلح العطب في اآلالت أو أف التنظيـ ال يحدد حجـ الرقابة التي يمارسيا المشرؼ‬

‫)‪ (L'acteur‬ىو مف‬ ‫عمى العماؿ ‪ .‬ومف ىنا فإف العامؿ الفاعؿ أو الفاعؿ االستراتيجي‬

‫يستفيد مف ىذه الثغرات والنقائص ويتحكـ فييا لممارسة نفوذه عمى اآلخريف وتحقيؽ أىدافو‬

‫فيو يكتسب ىامش حرية أكبر‪ ،‬أي استقبللية أكبر تزيد مف قدرتو عمى إخفاء نواياه‪ .‬يقيـ‬

‫كوف نسقا معدال ألنماط االتصاؿ‬


‫العماؿ مف أجؿ ذلؾ عبلقات مبنية عمى التعامؿ اليومي تُ َ‬

‫الرسمي التي يفرضيا التنظيـ الرسمي وىو نسؽ مبنى عمى التفاعؿ االجتماعي اليومي‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫قد ال تتطابؽ السمطة التي يكتسبيا العماؿ مف خبلؿ التفاعؿ االجتماعي اليومي مع السمطة‬

‫‪)1977‬‬ ‫التنظيمية ‪.‬وقد يكوف مصدرىا التمتع بكفاءة معينة وىو ما عرفو كروزيييوفريدبرغ(‬

‫بسمطة الخبير أو التحكـ في المعمومات أو القدرة عمى االتصاؿ‪ .‬مف ىذا المنطمؽ ميز‬

‫كروزبييوفريدبرغ أربعة مصادر لمسمطة ىي‪:‬‬

‫‪ .1‬سمطة الخبير‪.‬‬

‫‪ .2‬السمطة المرتبطة بالتحكـ في المعمومات واالتصاؿ‪.‬‬

‫‪ .3‬السمطة الرسمية التي يخوليا التنظيـ لصاحب المركز‪.‬‬

‫‪ .4‬السمطة المرتبطة بالقدرة عمى التحكـ واستعماؿ "مناطؽ الظؿ أو الشؾ" التي تعطى‬

‫صاحبيا النفوذ واالستقبللية ‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫انًحاضرة انثايُت عشرة‬
‫وَيُبً أورشٍ‬
‫اىْظرَخ » ‪« Z‬‬
‫‪ ‬رذذَذ ثقبفخ اىَإضطخ‬
‫‪ ‬فزخ االرصبه‬
‫‪ٍ ‬شبرمخ واضعخ ىيعَبه فٍ ارخبر‬
‫اىقرار‬

‫ويمياـ أوتشي ‪ /‬النظرية‪:« Z »61‬‬

‫تعرؼ العالـ عمى نماذج تسيير المؤسسات اليابانية وتسيير المواد البشرية فييا بفضؿ أعماؿ‬

‫الباحث األمريكي ولياـ اوتشي بالدرجة األولى والباحث األمريكي ويمياـ إيدوارد ديمينغ‬

‫والمسير الياباني تايشيأوىنو وىو الياباني الوحيد الذي ساىـ في ظيور وتطور النموذج‬

‫الياباني في التسيير‪ .‬والمبلحظ أف النموذج الياباني ال يقوـ عمى نظريات وانما عمى إجراءات‬

‫عممية ساىمت في تفوؽ المؤسسات اليابانية عمى نظيراتيا األمريكية‪ .‬تنبو اوتشي في‬

‫السنوات ‪ 1980‬إلى أف الشركات اليابانية تحقؽ معدالت إنتاجية أكبر مقارنة بالشركات‬

‫االمريكية ومف ىنا عكؼ عمى تحديد أسباب ىذا التفوؽ قصد إعادة بعث االقتصاد‬

‫األمريكي‪ .‬الحظ أف تطور إنتاجية الشركات اليابانية يعود لبراعتيا في إدارة العنصر البشري‬

‫‪61‬‬
‫عبدالكريم بوحفص ‪ ،‬تطور الفكر التنظيمي ‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪ ،‬الجزائر ‪ ،2017 ،‬ص ص ‪. 263-257‬‬

‫‪86‬‬
‫وليس لمسياسات االستثمارية والنقدية التي تتبعيا‪ .‬أقاـ اوتشي مناظرة بيف الشركات اليابانية‬

‫والشركات االمريكية ووضعيا في اطار واحد كما يظير في الجدوؿ‪ .‬أطمؽ اوتشي المختصر‬

‫)‪(a‬عمى نمط اإلدارة االمريكية والمختصر( ‪ )j‬عمى نمط اإلدارة اليابانية‪ ،‬وتبيف لو مف خبلؿ‬

‫ىذه المناظرة أف بعض الشركات االمريكية التي حققت معدالت إنتاجية مرتفعة تتميز‬

‫بالصفات الحسفة لكؿ مف النمطيف السابقيف في أسموب إدارتيا وقد أطمؽ اوتشي عمى ىذا‬

‫األسموب الثالث مختصر (‪.)z‬‬

‫مقارنة بيف النمط الياباني في التسيير والنمط األمريكي ‪:‬‬

‫المؤسسات األمريكية‬ ‫المؤسسات اليابانية‬

‫التوظيؼ المؤقت‬ ‫التوظيؼ مدى الحياة‬

‫سرعة التقييـ والترقية‬ ‫بطء التقييـ والترقية‬

‫مسيرة مينية متخصصة‬ ‫مسيرة مينية غير متخصصة‬

‫إجراءات مراقبة ظاىرة‬ ‫إجراءات مراقبة ضمنية‬

‫اتخاذ الق اررات فرديا‬ ‫اتخاذ الق اررات جماعيا‬

‫الفائدة المحدودة‬ ‫الفائدة العامة‬

‫قبؿ الحديث عف النمط )‪ (z‬في التسيير يجدر بنا التذكير بأف النموذج الياباني ‪...‬حيث تركز‬

‫اإلدارة اليابانية عمى خمسة محاور رئيسة وىي ‪ :‬العنصر البشري‪ ،‬وديمقراطية اإلدارة‪،‬‬

‫‪87‬‬
‫والمناخ التنظيمي وبيئة العمؿ‪ ،‬وجودة االنتاج‪ ...‬و مف أىـ المباديء الناتجة عف ىذه‬

‫المحاور نجد‪ :‬مشاركة جميع العماؿ في عممية صنع القرار و تشجيعيـ عمى االبتكار و‬

‫االبداع ‪.‬‬

‫مباديء النظرية"‪: "Z‬‬

‫تضع النظرية "‪ "Z‬ثقة كبيرة في عماليا حتى يكوف ىذا النمط مف التسيير بالمشاركة فعاال‪.‬‬

‫تقترح ىذه النظرية أيضا مشاركة العماؿ في اتخاذ الق اررات اليامة في التنظيـ ومف أجؿ ذلؾ‬

‫يجب أف تعطى ليـ المعمومات حوؿ مختمؼ رىانات المؤسسة‪ ،‬ويجب أف يتمتعوا بالكفاءات‬

‫التخاذ الق اررات ‪ .‬يشير ويمياـ أوشي إلى أف اإلدارة تقمؿ في بعض األحياف مف قدرة العماؿ‬

‫لممشاركة الفعالة في اتخاذ الق اررات اليامة‪ ،‬وليذا فإنو يقترح أف يتحوؿ العماؿ مف‬

‫متخصصيف إلى عماؿ بكفاءات عامة (بمعنى موسعة)‪ ،‬وزيادة معارفيـ حوؿ المؤسسة‬

‫وحوؿ سياقات دوراف العمؿ والتكويف المتواصؿ‪ .‬تكوف الترقية في المؤسسات التي تطبؽ نمط‬

‫التسيير مف النوع " ‪ " Z‬بطيئة كوف العماؿ يقضوف وقتا أطوؿ لتعمـ طرؽ سير المؤسسة‬

‫ورىاناتيا‪ .‬يمكف تمخيص النظرية " ‪ "Z‬في المبادئ العشرة التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬تحديد ثقافة التنظيـ مع التزاـ قوي إلدارة التنظيـ‪.‬‬

‫‪ .2‬وضع ىياكؿ ومحفزات تتناسب وثقافة المؤسسة‪.‬‬

‫‪ .3‬تطوير تقنيات االتصاؿ لتدفؽ المعمومات األساسية مف المستويات الدنيا إلى المستويات‬

‫العميا لمتنظيـ‪ ،‬واالعتراؼ بإمكانية حدوث الخطأ‬

‫‪88‬‬
‫‪ .4‬وضع أىداؼ تنظيمية واضحة‪ ،‬ونقميا إلى جميع العامميف واشراكيـ في اتخاذ القرار‪.‬‬

‫‪ .5‬التقميؿ مف دوراف العماؿ بمحاولة إدماج العماؿ في المؤسسة ونقؿ الموظؼ مف وظيفة‬

‫إلى أخرى داخؿ نفس المستوى االداري ‪.‬‬

‫‪ .6‬اعتماد سياؽ تقييـ وترقية بطيء‪.‬‬

‫‪ .7‬توسيع إمكانيات التطور الميني‪.‬‬

‫‪ .8‬تشجيع العبلقات المباشرة بيف العماؿ واإلدارة بتقميؿ مستويات اإلشراؼ‪ ،‬واالىتماـ‬

‫بحاجات العامميف ورغباتيـ وطموحيـ باعتبار أف ىناؾ تفاعؿ طبيعي بيف العمؿ والحياة‬

‫االجتماعية‪ ،‬ليذا فالتنظيـ يشبو العائمة مف ناحية عبلقة العامميف ببعضيـ البعض‪.‬‬

‫‪ .9‬األخذ بعيف االعتبار الفائدة العامة بالتركيز عمى فريؽ العمؿ بدال مف التركيز عمى الفرد‪.‬‬

‫‪ .10‬التوظيؼ مدى الحياة‪.‬‬

‫اعتبا ار ليذه الخصائص فإف نظرية " ‪ " Z‬تمثؿ امتدادا لنظرية "‪ "X‬و "‪ "Y‬لمباحث ماجريجر‬

‫وتقترب مف نظرية ويمياـ ديمينغ‪ .‬تسعى نظرية " ‪ " Z‬إلى ابراز أىمية الوالء الذي تظيره اليد‬

‫العاممة التي تبقى في المؤسسة طيمة مسيرتيا المينية ‪.‬فكمما وصؿ العامؿ إلى مستوى تسيير‬

‫أعمى ‪،‬كاف أعمـ مف أي كاف بسير المؤسسة وبتاريخيا واجراءات العمؿ فييا‪ ،‬ويصبح بدوره‬

‫قاد ار عمى تطبيؽ مبادئ التسيير حسب النظرية " ‪ " Z‬مع العماؿ الجدد‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫انًحاضرة الاثشعت عشرة‬
‫ريُىضاَطىنيى‬
‫‪ ‬انهىيت انُابعت يٍ‬
‫ظروف انشغمتعُي أٌ‬
‫انتُظيى هى عبارة عٍ‬
‫عًهيت تعهى ثقافي‬

‫رينو سانسوليو|التنظيـ كعممية تعمـ‬

‫‪62‬‬
‫‪:‬‬ ‫ثقافي‬

‫يرى رينوسانسوليو ‪SainsaulieuRenaud‬أف التنظيـ ىو ذلؾ الوسط االجتماعي الذي‬

‫‪identite an‬‬ ‫يكتسب فيو الفرد ىوية اجتماعية‪ ،‬وىذه اليوية النابعة مف ظروؼ الشغؿ‬

‫‪ ،‬ىي عبارة عف عممية تعمـ ثقافي في الشغؿ ‪apprentissage culturel au‬‬ ‫‪travail‬‬

‫و تتجسد في أربعة أنماط مف السموؾ أو الثقافة المتباينة ‪:‬‬ ‫‪travail‬‬

‫‪ ،fusion‬أو النمط الجماىيري الذي يتمثؿ في االنصيار داخؿ‬ ‫‪ .1‬نمط أو ثقافة االلتحاـ‬

‫الجماعة عف طريؽ المحاكاة واالمتثاؿ لمعايير و قواعد الفئة التي ينتمي إلييا الفرد‪،‬‬

‫‪62‬‬
‫‪R. Sainsaulieu, L'identité au travail, Presses de la Fondation: Nationale des Sciences Politiques, Paris, 1977,‬‬
‫‪p.436‬‬
‫في لحبيب معمري ‪ ،‬التنظيم في النظرية السوسيولوجية ‪ ،‬دار ما بعد الحداثة ‪ ،‬المغرب ‪ ،2009 ،‬ص ص ‪. 127-125‬‬

‫‪90‬‬
‫والتضامنمع أعضاء ىذه الفئة‪ ،‬والخضوع لسمطة الرئيس أو الزعيـ‪ .‬ويتحسد ىذا النمط‬

‫في فئة العماؿ المتخصصيف ‪.‬‬

‫‪ .2‬نمط أو ثقافة التفاوض ‪negociation‬الذي نجده عند المينييف ذوي التأىيؿ العالي‪ ،‬وعند‬

‫األطر العاممة في اإلنتاج‪،‬والذيف يسعوف باستمرار إلى تأكيد خصوصيتيـ عمى أرض‬

‫الواقع‪ ،‬والتفاوض حوؿ تحالفيـ واالعتراؼ الذي يحضوف بو اجتماعيا‪ ،‬نظ ار لكفاءاتيـ و‬

‫مسؤولياتيـ المتعددة ‪.‬‬

‫‪ .3‬نمط أو ثقافة االنسجاـ مع اآلخر ‪ ،affinités‬الذي يعبر عف تمؾ العبلقات اإلنسانية‬

‫القائمة ليس عمى أشكاؿ التضامف واالنتماء إلى جماعات معينة‪ ،‬بؿ عمى المودة‬

‫واالنسجاـ والتواصؿ العاطفي والدخوؿ في شبكة مف العبلقات الخاصة بيف الزمبلء أو‬

‫مع بعض الرؤساء أحيانا‪.‬‬

‫‪ .4‬نمط أو ثقافة االنكماش ‪ ، retrait‬الذي يجعؿ بعض األعضاء يبتعدوف عف كؿ التزاـ في‬

‫العبلقات الجماعية أو الوالء لجماعات أو لعبلقات بيشخصية معينة ‪ .‬كما يحدث عادة‬

‫داخؿ التنظيـ ‪ .‬وىذا النوع مف التصرؼ ال يعني أف التراجع واالنكماش يتولداف عف‬

‫عجز سيكولوجي أو شيء مف القبيؿ‪ .‬إف األمر يتعمؽ بسموؾ شائع في التنظيمات حيث‬

‫نجده عند النساء‪ ،‬والعماؿ المؤىميف‪ ،‬والعماؿ الشباب‪ ،‬والمستخدميف والعماؿ المياجريف‪،‬‬

‫والعماؿ المنحدريف مف البادية‪ ،‬ألف ىذه الفئات تولي أىمية أكبر لمحياة التي تمارسيا‬

‫خارج التنظيـ ‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫إف اليوية االجتماعية تظير مف خبلؿ ىذه األنماط األربعة التي قاـ بتحميميا رينو‬

‫سانسوليوبناءا عمى الفوارؽ الموجودة بيف مختمؼ الفئات التي يتشكؿ منيا التنظيـ‪ ،‬فيذا‬

‫األخير ىو عبارة عف وسط غير متجانس نظ ار لمكفاءات والخصوصيات التي تميز كؿ فئة‬

‫مف الفئات العاممة داخؿ التنظيـ‪ .‬كما أنو‪ ،‬مف جية أخرى‪ ،‬عبارة عف وسط يعكس مستوى‬

‫التطور الذي حققو المجتمع عبر التاريخ ‪ .‬فاليوية االجتماعية عند رينو سانسوليو تتجمى‬

‫في طبيعة التنظيـ التي تعكس خصوصيات المرحمة التاريخية التي يمر منيا‪ ،‬وذلؾ طبقا‬

‫لمعايير االنتماء والصراع واإلنجاز والمسار في المينة التي تحدد أنماط بناء اليوية في‬

‫الشغؿ‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫قبئَخ اىَراجع‬

‫‪ .1‬إعتماد عبلـ و جبلؿ حممي ‪ ،‬عمـ اجتماع التنظيـ ‪ ،‬مكتبة االنجمو المصرية ‪.2013 ،‬‬
‫‪ .2‬حسيف حريـ ‪،‬إدارة المنظمات (منظور كمي)‪ ،‬عماف‪ ،‬دار الحامد لمنشر‪2003،‬‬
‫‪ .3‬خميؿ محمد حسف الشماع و خظير كاظـ محمود ‪،‬نظرية المنظمة ‪ ،‬دار المسيرة ‪ ،‬عماف ‪2005 ،‬‬
‫‪ .4‬طمعت إبراىيـ لطفي‪،‬عمـ اجتماع التنظيـ ‪،‬دار غريب ‪،‬مصر‪.2007،‬‬
‫‪ .5‬كماؿ عبد الحميد الزيات‪ ،‬عمـ االجتماع الميني‪ ،‬مدخؿ نظري‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مكتبة الشرؽ‪.1980 ،‬‬
‫‪ .6‬لحبيب معمري ‪ ،‬التنظيـ في النظرية السوسيولوجية ‪ ،‬دار ما بعد الحداثة ‪ ،‬المغرب ‪2009 ،‬‬
‫‪ .7‬محمد عمي محمد ‪،‬مجتمع المصنع‪ :‬دراسة في عمـ اجتماع التنظيـ ‪ ،‬االسكندرية ‪ :‬الييئة المصرية‬
‫العامة لمكتاب ‪.1979،‬‬
‫‪ .8‬قاسـ القريوتي ‪ ،‬نظرية المنظمة ‪،‬عماف ‪ ،‬دار وائؿ لمنشر ‪. 2008 ،‬‬
‫‪ .9‬عامر الكبيسي ‪ ،‬التنظيـ االداري الحكومي بيف التقميد و المعاصرة ‪ :‬الفكر التنظيمي ‪،‬سوريا ‪ ،‬دار‬
‫الرضا لمنشر ‪.2004 ،‬‬
‫السيد الحسيني‪ ،‬النظرية اإلجتماعية و دراسة التنظيـ ‪،‬القاىرة ‪ ،‬دار المعارؼ ‪.1985،‬‬ ‫‪.10‬‬
‫رابح كعباش ‪،‬عمـ اجتماع التنظيـ ‪،‬مخبر عمـ اجتماع االتصاؿ جامعة قسنطينة ‪،‬الجزائر ‪2006،‬‬ ‫‪.11‬‬
‫عبد اهلل عبد الرحمف ‪،‬عمـ اجتماع التنظيـ ‪،‬دار المعرفة ‪ ،‬مصر‪.2003،‬‬ ‫‪.12‬‬
‫عبد اليادي الجوىري و براىيـ أبو الغار ‪ ،‬دراسات في عمـ اجتماع اإلدارة ‪ ،‬دراسات نيضة‬ ‫‪.13‬‬
‫الشرؽ ‪ ،‬القاىرة ‪. 1980،‬‬

‫عبدالكريـ بوحفص ‪ ،‬تطور الفكر التنظيمي ‪ ،‬ديواف المطبوعات الجامعية ‪ ،‬الجزائر ‪. 2017،‬‬ ‫‪.14‬‬

‫‪93‬‬

You might also like